نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٦

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار0%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 398

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 398
المشاهدات: 208523
تحميل: 7242


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 398 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 208523 / تحميل: 7242
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء 16

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

إمامته وقبول طاعته »(١) .

أقول:

فكذا لفظ « الولي » في « حديث الولاية » بلا فرقٍ فارق.

(٣٣)

قول عمر: أصبحت اليوم ولي كلّ مؤمن

وأخرج ابن كثير في عداد فضائل الإمامعليه‌السلام الحديث التالي:

« قال عبدالرزاق: أنا معمر، عن علي بن زيد بن جدعان، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - حتى نزلنا عند غدير خم، بعث منادياً ينادي، فلما اجتمعنا قال: ألست أولى بكم من انفسكم؟ قلنا بلى يا رسول الله! قال: ألست أولى بكم من امهاتكم؟ قلنا بلى يا رسول الله! قال: ألست أولى بكم من آبائكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: ألست ألست ألست؟ قلنا بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه. فقال عمر بن الخطّاب. هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت اليوم ولي كلّ مؤمن.

وكذا رواه ابن ماجة من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جد عان.

ورواه أبو يعلى الموصلي عن هدبة بن خالد »(٢) .

__________________

(١). تذكرة الخواص: ٣٨.

(٢). البد اية والنهاية ٧ / ٣٤٩

٣٦١

أقول:

ولقد ثبت - في محلّه - أنّ المراد من « المولى » في حديث الغدير هو « الإمام » فكذا « الولي » وإذا كان كذلك كان المراد من « الولي » في « حديث الولاية » هو « الإمام » بلا كلام.

(٣٤)

معنى: « علي منّي وأنا منه » في حديث الولاية

لقد جاء في أكثر طرق حديث الولاية جملة « علي منّي وأنا منه ».

وممّن روى ذلك:

أبو بكر بن أبي شيبة.

وأحمد بن حنبل.

وأبو عيسى الترمذي.

وأبو عبدالرحمن النسائي.

والحسن بن سفيان.

وأبو يعلى الموصلي.

ومحمّد بن جرير الطبري.

وأبو حاتم ابن حبان.

وأبو السعادات ابن الأثير الجزري.

وشهاب الدين ابن حجر العسقلاني.

٣٦٢

وجلال الدين السيوطي.

وهذه الجملة تؤيّد معنى الحديث وتؤكّده. وبيان ذلك:

لقد أخرج الترمذي: « حدّثنا الحسن بن عرفة، حدثنا إسماعيل بن عيّاش، عن عبدالله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن راشد، عن يعلى بن مرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: حسين منّي وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبَّ حسيناً، حسين سبط من الأسباط »(١) .

وقال الطّيبي بشرح هذا الحديث: « قوله: حسين منّي وأنا من حسين.

كأنّه صلّى الله عليه وسلّم علم بنور الوحي ما سيحدث بينه وبين القوم، فخصّه بالذكر وبيّن أنّهما كالشيء الواحد في وجوب المحبّة وحرمة التعرّض والمحاربة، وأكّد ذلك بقوله: أحبّ الله من أحبّ حسيناً، فإنّ محبته محبّة الرسول ومحبّة الرسول محبّة الله. والسبط بكسر السين ولد الولد، أي: من هو أولاد أولادي، أكّد به البعضيّة وقرّرها »(٢) .

أقول:

ونفس هذه التقرير آتٍ في « علي منّي وأنا منه » حرفاً بحرف، فيكون الإمامعليه‌السلام مساوياً للنبي عليه وآله الصلاة والسلام في وجوب المحبة وحرمة المخالفة.

وإذا ثبت ذلك ثبتت العصمة والأفضليّة، وهما يستلزمان الإمامة والخلافة.

__________________

(١). صحيح الترمذي ٥ / ٦٥٨.

(٢). الكاشف - شرح المشكاة - مخطوط.

٣٦٣

كما أنّ هذه الجملة قرينة على أن المعنى في « وليّكم من بعدي » هو الإمام والخليفة، والله الموفّق.

(٣٥)

أحاديث أخرجها الحاكم وغيره واستشهد بها والد الدهلوي وقرّر معناها

وقال شاه وليّ الله والد ( الدهلوي ) في مآثر أمير المؤمنينعليه‌السلام ما حاصله معرّباً:

« لقد حصل له مقام عظيم جدّاً من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعبَّر عنه بـ « اخوّة الرسول » و« الموالاة » وبلفظ « الوصي » و« الوارث » وأمثالها:

أخرج الحاكم عن ابن عبّاس: إنّ صلّى الله عليه وسلّم قال: أيّكم يتولّاني في الدنيا والآخرة؟ فقال لكلّ رجلٍ منهم: أيّكم يتولّاني في الدنيا والآخرة؟ فقال حتى مرّ على أكثرهم فقال عليّ: أنا أتولّاك في الدنيا والآخرة. فقال: أنت وليّي في الدنيا والآخرة.

وقد مرَّ تفصيل هذا الحديث برواية النسائي.

وأخرج الحاكم عن ابن عبّاس قال: كان علي يقول في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّ الله يقول( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذْ هدانا الله، والله لئن مات أو قتل لاُقاتلنّ على ما قاتل عليه حتى أموت، والله إني لأخوه ووليّه وابن عمّه ووارث علمه، فمن أحق به منّي؟

٣٦٤

وأخرج الحاكم عن أبي إسحاق قال: سألت قثم بن العباس: كيف ورث علي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دونكم؟ قال: لأنّه كان أوّلنا به لحوقاً وأشدّنا به لزوقاً.

وبهذا البيان يظهر فساد رأي فريقين أحدهما مفرّط والآخر مفرِط، يقول أحدهما: النصرة كانت من باب الحميّة لا عن إخلاص، والآخر يقول: الاُخوة في النسب من شروط استحقاق الخلافة»(١) .

أقول:

إنا نستدل بقولهعليه‌السلام : « والله إنّي لأخوه فمن أحق به منّي؟ » حيث أنّه فرّع نفي أحقيّة أحد به منه على كونه: أخاه ووليّه ووارثه.

فللولاية - إذن - معنىً رفيع جليل يختص بهعليه‌السلام ويثبت أحقيته بالنبيّ عليه وآله الصلاة والسلام

فكذا « الولاية » في « حديث الولاية »

وهكذا تسقط دعوى أحقيّة فلان وفلان بالخلافة عن رسول الله.

(٣٦)

حديث بعث الأنبياء على الولاية لعلي

ومن الأحاديث المعتبرة المتفق عليها بين الفريقين: حديث السؤال ليلة المعراج من الأنبياء « بماذا بعثتم؟ فقالوا: بعثنا على شهادة أنْ لا إله إلّا الله،

__________________

(١). إزالة الخفا في سيرة الخلفاء. باب سيرة أمير المؤمنين. مآثره.

٣٦٥

وعلى الإقرار بنبوّتك والولاية لعلي بن أبي طالب ».

قال السيّد شهاب الدين أحمد: « عن أبي هريرة -رضي‌الله‌عنه - قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لمـّا اُسري بي ليلة المعراج فاجتمع عليَّ الأنبياء في السماء، فأوحى الله إليَّ: سلهم - يا محمّد - بماذا بعثتم؟ فقالوا: بعثنا على شهادة أنْ لا إله إلّا الله وعلى الإقرار بنبوّتك والولاية لعلي بن أبي طالب.

أورده الشيخ المرتضى العارف الربّاني السيد شرف الدين علي الهمداني في بعض تصانيفه وقال: رواه الحافظ أبو نعيم »(١) .

ورواه الشيخ عبدالوهاب في ( تفسيره ) عن الحافظ أبي نعيم عن أبي هريرة كذلك.

وقال شمس الدين الجيلاني النوربخشي في كتابه ( مفاتيح الإعجاز - شرح كلشن راز )(٢) ما حاصله أنّه: « لمـّا غربت شمس النبوة كان من جانب المغرب - الذي هو طرف الولاية - ظهور سرّ ولاية المرتضى إذْ:

إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي.

وأيضاً: أنا اُقاتل على تنزيل القرآن وعلي يقاتل على تأويل القرآن.

وأيضاً: يا أبا بكر، كفّي وكفّ علي في العدل سواء.

وأيضاً: أنا وعلي من شجرةٍ واحدة والناس من أشجار شتّى.

وأيضاً: قسّمت الحكمة عشرة أجزاء فاعطي علي تسعة والناس جزءاً واحداً.

__________________

(١). توضيح الدلائل على تصحيح الفضائل - مخطوط.

(٢). ذكره كاشف الظنون ٢ / ١٧٥٥.

٣٦٦

وأيضاً: اُوصي من آمن بي وصدّقني بولاية علي بن أبي طالب، فمن تولاّه فقد تولّاني ومن تولّاني فقد تولّى الله.

وأيضاً: لمـّا اُسري بي ليلة المعراج فاجتمع عليّ الأنبياء في السماء، فأوحى الله تعالى إليَّ: سلهم - يا محمّد - بماذا بعثتم؟ فقالوا: بعثنا على شهادة أن لا إله إلّا الله، وعلى الإقرار بنبوّتك والولاية لعلي بن أبي طالب ».

والمراد من « الولاية » في هذا الحديث - بقرينة ذكر الرسالة قبلها - هو « الإمامة » فكذا المراد منها في « حديث الولاية ».

ولو فرض حمل « الولاية » - في حديث المعراج - على المحبّة كان الحديث دالاً على الأفضلية، وهي تستلزم « الإمامة ».

أقول:

هذا، ولا يخفى أنّ حديث بعث الأنبياء على ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام - الدالّ على أفضليّته من جميع الأنبياء عدا نبيّنا الكريم - قد أخرجه:

* الحاكم النيسابوري، قال:

« فأمّا ابن المنكدر عن جابر فليس يرويه غير محمّد بن سوقة، وعنه أبو عقيل، وعنه خلّاد بن يحيى.

حدثني أبو الحسن محمّد بن المظفّر الحافظ قال حدثنا عبدالله بن محمّد بن غزوان، قال ثنا علي بن جابر، قال ثنا محمّد بن خالد بن عبدالله، قال ثنا محمّد بن فضيل، قال ثنا محمّد بن سوقة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبدالله قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:

يا عبدالله أتاني ملك فقال: يا محمّد( وَاسألْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ

٣٦٧

رُسُلِنا ) (١) على ما بعثوا؟ قال [ قلت: على ما بعثوا؟ ] قال: على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب.

قال الحاكم: تفرّد به علي بن جابر، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن فضيل، ولم نكتبه إلّاعن ابن مظفّر، وهو عندنا حافظ ثقة مأمون »(١) .

* والثعلبي:

« أخبرنا [ أبو عبدالله ] الحسين بن محمّد [ بن الحسين ] الدينوري، حدّثنا أبو الفتح محمّد بن الحسين الأزدي الموصلي، حدّثنا عبدالله بن محمّد بن غزوان البغدادي، حدّثنا علي بن جابر، حدّثنا محمّد بن خالد بن عبدالله ومحمّد بن إسماعيل قالا: حدّثنا محمّد بن فضيل، عن محمّد بن سوقة، عن إبراهيم عن علقمة، عن عبدالله بن مسعود قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أتاني ملك فقال: يا محمّد، سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ قال قلت: على ما بعثوا؟ قال: على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب »(٢) .

* والخطيب الخوارزمي:

« وأخبرني شهردار هذا - إجازةً - قال: أخبرنا أحمد بن خلف - إجازةً - قال: حدّثنا الحاكم قال: حدّثنا محمّد بن المظفّر الحافظ قال: حدّثنا »(٣) .

* البدخشاني:

« أخرج عبدالرزاق الرّسعني(٣) عن عبدالله بن مسعود -رضي‌الله‌عنه -

__________________

(١). معرفة علوم الحديث: ٩٦.

(٢). تفسير الثعلبي - مخطو ط.

(٣). مناقب علي بن أبي طالب: ٣١٢.

(٤). المتوفى سنة ٦٦١، محدّث، مفسّر، متكلّم، فقيه، أديب. تذكرة الحفّاظ ٤ / ٢٣٥.

٣٦٨

قال قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أتاني ملك »(١) .

وقال البدخشاني: « أخرج ابن مردويه عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد -رضي‌الله‌عنه - في قوله تعالى:( وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ) قال: هو علي بن أبي طالب، عرضت ولايته على إبراهيمعليه‌السلام فقال: اللّهم اجعله من ذريّتي، ففعل الله ذلك »(٢) .

* والقندوزي:

« الموفّق بن أحمد، والحمويني، وأبو نعيم الحافظ، بأسانيدهم عن ابن مسعود -رضي‌الله‌عنه - قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لمـّا عرج بي إلى السماء انتهى بي السَّير مع جبرئيل إلى السّماء الرابعة فرأيت بيتاً من ياقوت أحمر، فقال جبرئيل: هذا البيت المعمور، قم يا محمّد فصلّ إليه. قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: جمع الله النبيّين فصفّوا ورائي صفّاً فصلّيت بهم، فلمـّا سلّمت أتاني آتٍ من عند ربي فقال: يا محمّد، ربّك يقرؤك السلام ويقول لك: سل الرسل على ماذا أرسلتهم من قبلك. فقلت: معاشر الرسل، على ماذا بعثكم ربي قبلي؟ فقالت الرسل: على نبوّتك وولاية علي بن أبي طالب، وهو وقوله تعالى:( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ) الآية. أيضاً: رواه الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما »(٣) .

__________________

(١). مفتاح النجا - مخطوط.

(٢). مفتاح النجا - مخطوط.

(٣). ينابيع المودّة ١ / ٢٤٣.

٣٦٩

هذا، وقال العلّامة الحلّي:

« السادس عشر - روى ابن عبدالبرّ وغيره من السنّة في قوله تعالى:( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ) قال: إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم ليلة اُسري به جمع الله بينه وبين الأنبياء ثمّ قال له: سلهم يا محمّد على ماذا بعثتم؟ قالوا: بعثنا على شهادة أنْ لا إله إلّا الله وعلى الإقرار بنبوتك والولاية لعلي بن أبي طالب ».

فقال ابن روزبهان في جوابه:

« أقول: ليس هذا من رواية أهل السنّة وظاهر الآية آبٍ عن هذا، لأنّ تمام الآية:( وَاسْألْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ) . والمراد: إنّ إجماع الأنبياء واقع على التوحيد ونفي الشرك، وهذا النقل من المناكير. وإنْ صحّ فلا يثبت به النص الذي هو المدّعى، لِما علمت أن الولاية تطلق على معانٍ كثيرة ».

فقال السيّد التستري في الردّ عليه:

« أقول: الرواية مذكورة بأدنى تغيير في اللفظ في تفسير النيسابوري عن الثعلبي حيث قال: وعن ابن مسعود: إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: أتاني ملك فقال: يا محمّد، سَلْ من أرسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ قال قلت: على ما بعثتم؟ قالوا: على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب.

رواه الثعلبي، ولكنه لا يطابق قوله سبحانه:( أَجَعَلْنا ) الآية. انتهى.

وقد ظهر بما نقلناه: أن الرواية من روايات أهل السنّة، وأنّ المناقشة التي ذكرها الناصب قد أخذها من النيسابوري، وهي - مع وصمة الانتحال - ضعيفة،

٣٧٠

إذْ يمكن أنْ يكون الجعل في الجملة الإستفهامية بمعنى الحكم كما صرّح به النيسابوري آخراً، ويكون الجملة حكايةً عن قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتأكيداً لما اُضمر في الكلام من الإقرار ببعثهم على الشهادة المذكورة، بأنْ يكون المعنى: إن الشهادة المذكورة لا يمكن التوقّف فيها إلّالمن جعل من دون الرحمن آلهةً يعبدون. ونظير هذا الإضمار واقع في القرآن في قوله تعالى:( أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا ) (١) فإنّ المراد - كما ذكره النيسابوري وغيره - فأرسلوني إليه لأسأله ومروني باستفتائه، فأرسلوه إلى يوسف فأتاه فقال:( يُوسُفُ ) الآية.

غاية الأمر: أنْ يكون ما نحن فيه من الآية - لخفاء القرينة على تعيين المحذوف - من المتشابه الذي لا يعلم معناه إلّابتوقيف من الله تعالى على لسان رسوله. وهذا لا يقدح في مطابقة قوله سبحانه:( أَجَعَلْنا ) الآية، لِما روي في شأن النزول.

فلا مناقشة ولا شيء من المناكير. وإنّما المنكر هذا الشقي الناهق الذي يذهب إلى كلّ زيف زاهق، وينعق مع كلّ ناعق، ويلحس فضلات المتأخرين، ويزعم أن ما ذكروه آخر كلامٍ في مقاصد الدين »(١) .

__________________

(١). إحقاق الحق وإزهاق الباطل ٣ / ١٤٤ - ١٤٧.

٣٧١

(٣٧)

حديث عرض النبوّة والولاية على السماوات والأرض

قال الخطيب الخوارزمي المكّي:

« أنبأني الإمام الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطّار الهمداني(١) والإمام الأجل نجم الدين أبو منصور محمّد بن الحسين بن محمّد البغدادي قال: أنبأني الشريف الأجل الأوحد نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمّد بن علي الزينبي، عن الإمام محمّد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان: حدّثنا سهل بن أحمد، عن أبي جعفر محمّد بن جرير الطبري، عن هنّاد بن السرّي، عن محمّد بن هشام، عن سعيد بن أبي سعيد، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّ الله تعالى لمـّا خلق السّماوات والأرض دعاهنّ فأجبنه، فعرض عليهنَّ نبوّتي وولاية علي بن أبي طالب فقبلتاهما، ثمّ خلق الخلق وفوّض إلينا أمر الدين، فالسعيد من سعد بنا، والشقي من شقي بنا، نحن المحلّلون لحلاله، والمحرّمون لحرامه »(٢) .

__________________

(١). هو: الإمام الحافظ المقرئ العلّامة شيخ الإسلام، كان إماماً في الحديث وفروعه، قال أبوسعد السمعاني: حافظ متقن ومقرئ فاضل، حسن السيرة، جميل الأمر، توفي سنة ٥٦٩، سير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٠ ملخّصاً.

(٢). مناقب علي بن أبي طالب: ١٣٤.

٣٧٢

(٣٨)

حديث إقتران الإسلام والقرآن والولاية

ورووا حديثاً عن أمير المؤمنينعليه‌السلام بتفسير:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ ) (١) ، جاءت « الولاية » فيه بمعنى « الإمامة » بالقطع واليقين:

قال النسفي: « وقال علي -رضي‌الله‌عنه - هذه آية من كتاب الله تعالى ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل أحد بها بعدي: كان لي دينار فصرفته، فكنت إذا ناجيته تصدّقت بدرهم وسألت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - عشر مسائل فأجابني عنها، قلت: يا رسول الله:

ما الوفاء؟

قال: التوحيد وشهادة أنْ لا إله إلّا الله.

قلت: وما الفساد؟

قال: الكفر والشرك بالله.

قلت: وما الحق؟

قال: الإسلام والقرآن والولاية إذا انتهت إليك.

قلت: وما الحيلة؟

قال: ترك الحيلة.

قلت: وما عليَّ؟

قال: طاعة الله وطاعة رسوله.

٣٧٣

قلت: وكيف أدعو الله تعالى؟

قال: بالصّدق واليقين.

قلت: وماذا أسأل الله؟

قال: العافية.

قلت: وما أصنع لنجاة نفسي؟

قال: كل حلالاً وقل صدقاً.

قلت: وما السّرور.

قال: الجنّة.

قلت: وما الرّاحة؟

قال: لقاء الله.

فلمـّا فرغت منها نزل نسخها »(١) .

وتجد هذا الحديث بتفسير الآية في ( تفسير الزاهدي ) وفي ( البحر الموّاج ) تفسير ملك العلماء الهندي. وأيضاً في ( معارج العلى في مناقب المرتضى ) عن الزّاهدي.

أقول: فهذا الحديث يدل دلالةً واضحة على إمامة أمير المؤمنين، و« الولاية » فيه بمعنى « الإمامة » بالقطع اليقين، فكذا في « حديث الولاية » فإنّ الحديث يفسّر بعضه بعضاً.

__________________

(١). تفسير النسفى - هامش الخا زن : ٤ / ٢٤٢.

٣٧٤

ترجمة النسفي

والنسفي - عبدالله بن أحمد المتوفى سنة: ٧٠١ - فقيه، مفسر، متكلّم، أصولي، له مؤلَّفات، منها: تفسيره المشهور، المنار في علم الاُصول، ترجم له وأثنى عليه كبار العلماء راجع:

١ - الدرر الكامنة ٢ / ٢٤٧

٢ - الجواهر المضيّة ١ / ٢٧٠

٣ - الفوائد البهيّة: ١٠١

قال الحافظ ابن حجر:

« عبدالله بن أحمد بن محمود النسفي، علّامة الدنيا، أبو البركات، ذكره الحافظ عبدالقادر في طبقاته فقال: أحد الزهاد المتأخرين، صاحب التصانيف المفيدة توفي سنة ٧٠١ ».

وذكر كاشف الظنون ٢ / ١٦٤٠ تفسيره فقال:

« مدارك التنزيل وحقائق التأويل، في التفسير، للإمام حافظ الدين عبدالله بن أحمد النسفي، المتوفى سنة ٧٠١ وهو كتاب وسط في التأويلات، جامع لوجوه الإعراب والقراءات، متضمّناً لدقائق علم البديع والإشارات، حالياً بأقاويل أهل السنّة والجماعة، خالياً عن أباطيل أهل البدع والضلالة، ليس بالطويل الممل ولا بالقصير المخل. اختصره الشيخ زين الدين أبو محمّد عبدالرحمن بن أبي بكر ابن العيني وزاد فيه ».

٣٧٥

(٣٩)

ألفاظ في حديث الولاية دالّة على الإمامة

ثم إنَّ في ألفاظ حديث الولاية كلماتٍ وجملاً، بعضها يدل على عصمة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وبعضها على مساواته النبي، وبعضها على الأفضليّة. ولمـّا كان قوله صلّى الله عليه وسلّم « إنّ عليّاً ولي كلّ مؤمنٍ من بعدي » مقترناً بشيء من ذلك، كان قوله هذا دالاً بالضرورة على وجوب الإطاعة والأولوية بالتصرّف.

وقد روى حديث الولاية المشتمل على ما أشرنا جماعة من الأعلام، أمثال:

أحمد بن حنبل.

ومحمّد بن جرير الطبري.

وأبي القاسم الطبراني.

وابن عبدالبر القرطبي.

وابن اُسبوع الأندلسي.

قال الوصّابي اليمني - بعد نقل الحديث عن بريدة -:

« وعنهرضي‌الله‌عنه في رواية اُخرى: إن خالد بن الوليد قال: اغتنمها يا بريدة، فأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم ما صنع. فقدمت ودخلت المسجد ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم في منزل، وناس من أصحابه على بابه، فقالوا: ما الخبر يا بريدة؟ فقلت: خيراً، فتح الله على المسلمين. قالوا: ما أقدمك؟

٣٧٦

فقلت: جارية أخذها علي من الخمس، فجئت لأبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قالوا: فأخبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فإنّه يسقط من عينه، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسمع الكلام، فخرج مغضباً فقال:

ما بال القوم ينتقصون عليّاً! من أبغض عليّاً فقد أبغضني ومن فارق عليّاً فقد فارقني. إنّ عليّاً منّي وأنا منه، خُلِقَ من طينتي وخُلِقتُ من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذريّة بعضها من بعض والله سميع عليم.

يا بريدة! أما علمت أنّ لعلي أكثر من الجارية التي أخذ؟ فإنّه وليّكم بعدي!

أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار، وابن اُسبوع الأندلسي في الشفاء »(١) .

وقال العجيلي:

« وممّا وقع لبريدة وكان مع علي في اليمن، فقدم مغضباً عليه وأراد شكايته بجاريةٍ أخذها من الخمس، فقيل له: أخبره يسقط علي من عينه - ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسمع كلامهم من وراء الباب - فخرج مغضباً وقال:

ما بال أقوامٍ يبغضون علياً؟! من أبغض عليّاً فقد أبغضني ومن فارق عليّاً فقد فارقني. إنّ علياً منّي وأنا منه، خُلِقَ من طينتي، وخُلِقتُ من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذريّة بعضها من بعض، والله سميع عليم.

__________________

(١). الإكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء - مخطوط.

٣٧٧

يا بريدة! أما علمت أن لعليّ أكثر من الجارية التي أخذها؟ »(١) .

وقال القندوزي الحنفي:

« وأخرج أحمد عن عمرو الأسلمي - وكان من أصحاب الحديبيّة - خرج مع علي إلى اليمن، فرأى منه جفوةً، فلمـّا قدم المدينة أذاع شكايته، فقال له النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: والله لقد آذيتني. قال: أعوذ بالله أنْ اُوذيك يا رسول الله! فقال: من آذى عليّاً فقد آذاني ».

وزاد ابن عبدالبر: من أحبّ عليّاً فقد أحبني ومن أبغض علياً فقد أبغضني ومن آذى عليّاً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله.

وكذلك وقع لبريدة، إنّه كان مع علي في اليمن، فقدم المدينة مغضباً عليه، وأراد شكايته بجاريةٍ أخذها من الخمس، فقالوا له: أخبره ليسقط علي من عينيه، ورسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يسمع من وراء الباب، فخرج مغضباً فقال: ما بال أقوام يبغضون عليّاً! من أبغض عليّاً فقد أبغضني ومن فارق علياً فقد فارقني، إنّ عليّاً منّي وأنا منه، خُلِق من طينتي وخُلِقتُ من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

يا بريدة! أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذها.

أخرجه الطبراني ».

__________________

(١). ذخيرة المآل - شرح عقد جواهر اللآل - مخطوط.

(٢). ينابيع المودة ٢ / ١٥٥.

٣٧٨

أقول:

ففي هذا الحديث:

« من فارق علياً فقد فارقني ».

وهذا مفيدٌ للعصمة بكلّ وضوح.

ومن مصادر روايته أيضاً:

المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٣ ح ٤٦٢٤ عن أبي ذر عنه صلّى الله عليه وسلّم وقال: « صحيح الإسناد ».

مجمع الزوائد ٩ / ١٣٥ عن البزار عن أبي ذر، وقال: « رجاله ثقات ».

ويوجد في مصادر اخرى عن غيره من الصحابة.

وفيه:

« إنّ علياً منّي وأنا منه ».

وقد عرفت معناه، على ضوء كلام الطيّبي بشرح: حسين منّي وأنا من حسين.

وحديث « علي مني وأنا من علي » من أصحّ الأحاديث:

أخرجه أحمد في المسند ٤ / ١٦٥.

والترمذي في صحيحه ٥ / ٥٩٤.

والنسائي في الخصائص: ٨٧.

وابن ماجة في سننه ١ / ٤٤.

وأسانيدهم صحيحة بلا كلام.

٣٧٩

وفيه:

« خُلِقَ من طينتي ».

وهو يدل على المساواة، والأفضليّة من جميع الخلائق عدا النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وسلّم.

وأخرج حديث خلق رسول الله وأمير المؤمنينعليهما‌السلام من طينة واحدة:

الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء ١ / ٨٦.

والحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ٢ / ٩٥.

وكذا غيرهما من الأئمة الأعلام.

فمعاذ الله من سقوط نفس النبي منعين النبي!! فليمت الحاقدون بغيظهم!!

(٤٠)

سياق الحديث يأبى الحمل على الحبّ والنصرة

ثم إنّ الحديث دالٌ على أنّ المراد من « الولاية » فيه هو « الأولوية بالتصرف » دون غيره من معاني الولاية. لأنّ الواقعة هي: شكوى بريدة وغيره من الإمام إلى النبي بسبب تصرّفه في الجارية، فانتهزوها واغتنموها فرصةً لإظهار بغضهم وعدائهم، فأيّ مناسبةٍ لأنْ يقال في جوابهم: إنّ علياً محبّ المؤمنين وناصرهم! لأن كون الرجل ناصراً ومحبّاً لا يستلزم السّكوت عنه إذا فعل عملاً قبيحاً، لكنّ كون الرجل إماماً ووليّاً للأمر يكشف عن صحّة جميع

٣٨٠