تذكرة الفقهاء الجزء ١٣

تذكرة الفقهاء15%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-389-6
الصفحات: 400

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 400 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 125219 / تحميل: 5205
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٨٩-٦
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

تَذْكِرَةُ الْفُقَهاء

الجزء الثالث عشر

تأليْفُ : العَلّامِةَ الحِليْ

٢

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

٤

٥

تنبيه

بعد الانتهاء من تحقيق المجلّد الثاني عشر من كتابتذكرة الفقهاء وجدنا ثلاث نسخ خطّيّة أُخرى بخطّ النسخ من الكتاب محفوظة في مركز إحياء التراث الإسلامي ، اعتمدناها في عملنا التحقيقي من المجلّد الثالث عشر ، وهي كما يلي :

١ - نسخة برقم ٦١٥ ، وتشتمل على الجزء الثامن من كتاب الديون الى نهاية الجزء الحادي عشر ، ويعود تاريخ نسخها الى شهر ذي القعدة من سنة ١٢٥٧ ه- وقد رمزنا لها بحرف « ث».

٢ - نسخة برقم ٧٩٤ ، وتشتمل على الجزء التاسع من بداية الرهن الى الجزء الرابع عشر نهاية كتاب الوصايا ، وتاريخ نسخها أواخر شعبان من سنة ١٢٦٤ ه- ، وقد رمزنا لها بحرف « ر ».

٣ - نسخة برقم ٢٤٧ ، وتشتمل على الحزء الثاني عشر من كتاب الاجارة الى نهاية الكتاب ، وهي مباحث كتاب النكاح ، ويعود تاريخ نسخها الى سنة ٩٧٠ ه- ، وقد رمزنا لها بحرف « ص ».

واذ نجدّد الشكر الى كلّ مَنْ ساهم في تحقيق هذا الكتاب والذين ذُكرت أسماؤهم في مقدّمة التحقيق لا بدّ الإشادة بجهود الأخ الفاضل حكمت حكيمي ؛ لمساهمته في تحقيق الأجزاء الأخيرة من الكتاب ، سائلين المولى عزّ و جلّ أن يوفّقنا لمراضيه ، والحمد الله ربّ العالمين.

مؤسسة آل البيتعليهم‌السلام لإحياء التراث

٦

٧

كتاب الديون و توابعها

وفيه مقاصد :

المقصد الأوّل : في الديون و أحكامها.

و فيه فصول:

الأوّل : في مطلق الدَّيْن

مسألة ١ : تكره الاستدانة كراهةً شديدة مع عدم الحاجة.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « إيّاكم والدَّيْن فإنّه مذلّة بالنهار ومهمّة(١) بالليل ، وقضاء في الدنيا وقضاء في الآخرة »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « نعوذ بالله من غلبة الدَّيْن وغلبة الرجال وبوار الأيِّم(٣) »(٤) .

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ومذلّة » بدل « ومهمّة » وما أثبتناه من المصدر. وهمّه الأمر همّاً ومهمّةً : حزنه ، كأهمّه فاهتمّ. القاموس المحيط ٤ : ١٩٢.

(٢) الكافي ٥ : ٩٥ / ١١ ، الفقيه ٣ : ١١١ / ٤٦٨ ، علل الشرائع ٥٢٧ ( الباب ٣١٢ ) الحديث ٢.

(٣) أي : كسادها ، من بارت السوق إذا كسدت ، والأيّم : التي لا زوج لها وهي مع ذلك لا يرغب فيها أحد. النهاية لابن الأثير ١ : ١٦١ « بور ».

(٤) التهذيب ٦ : ١٨٣ / ٣٧٧.

٨

وقال معاوية بن وهب للصادقعليه‌السلام : إنّه ذُكر لنا أنّ رجلاً من الأنصار مات وعليه ديناران فلم يصلّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه وقال : « صلّوا على صاحبكم » حتى ضمنهما بعض قرابته ، فقال الصادقعليه‌السلام : « ذلك الحقّ » ثمّ قال : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما فعل ذلك ليتّعظوا ، وليردّ بعضهم على بعض ، ولئلّا يستخفّوا بالدين ، وقد مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه دَيْنٌ ، ومات الحسنعليه‌السلام وعليه دَيْنٌ ، وقتل الحسينعليه‌السلام وعليه دَيْنٌ »(١) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « كلّ ذنب يكفّره القتل في سبيل الله عزّ وجلّ إلّا الدَّيْن لا كفّارة له إلّا أداؤه أو يقضي صاحبه أو يعفو الذي له الحقّ »(٢) .

مسألة ٢ : وتخفّ الكراهة مع الحاجة ، فإن اشتدّت ، زالت.

ولو خاف التلف ولا وجه له إلّا الاستدانة ، وجبت.

قال الرضاعليه‌السلام : « مَنْ طلب هذا الرزق من حلّه ليعود به على عياله ونفسه كان كالمجاهد في سبيل الله عزّ وجلّ ، فإن غُلب عليه فليستدن على الله عزّ وجلّ وعلى رسوله ما يقوت به عياله ، فإن مات ولم يقضه ، كان على الإمام قضاؤه ، فإن لم يقضه ، كان عليه وزره ، إنّ الله تعالى يقول :( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ ) (٣) فهو فقير مسكين مغرم »(٤) .

مسألة ٣ : ويكره له الانقطاع عن طلب الرزق ومنع صاحب الدَّيْن دَيْنه.

قال أبو تمامة(٥) للجوادعليه‌السلام : إنّي اُريد أن ألزم مكة والمدينة وعليَّ

____________________

(١) الكافي ٥ : ٩٣ / ٢ ، التهذيب ٦ : ١٨٣ - ١٨٤ / ٣٧٨.

(٢) الكافي ٥ : ٩٤ / ٦ ، الخصال : ١٢ / ٤٢ ، علل الشرائع : ٥٢٨ ( الباب ٣١٢ ) ح ٤ ، التهذيب ٦ : ١٨٤ / ٣٨٠.

(٣) التوبة : ٦٠.

(٤) الكافي ٥ : ٩٣ / ٣ ، التهذيب ٦ : ١٨٤ / ٣٨١.

(٥) في الفقيه : « أبو ثمامة » بالثاء المثلّثة.

٩

دَيْنٌ فما تقول؟ فقال : « ارجع إلى مؤدّى دَيْنك ، وانظر أن تلقى الله عزّ وجلّ وليس عليك دَيْنٌ ، إنّ المؤمن لا يخون »(١) .

مسألة ٤ : ولو احتاج إلى الدَّيْن وكان له مَنْ يقوم مقامه في الأداء بعد موته ، جاز له الاستدانة من غير كراهية.

وكذا إذا كان له وفاء ، جاز له الاستدانة.

ولو لم يكن وتمكّن من سؤال الناس ، كان أولى من الاستدانة.

قال سلمة : سألت الصادقَعليه‌السلام : الرجل منّا يكون عنده الشي‌ء يتبلّغ به وعليه دَيْنٌ ، أيطعمه عياله حتى يأتي الله عزّ وجلّ أمره فيقضي دَيْنه ، أو يستقرض على ظهره في خبث الزمان وشدّة المكاسب ، أو يقبل الصدقة؟ قال : « يقضي ممّا عنده دَيْنه ، ولا يأكل أموال الناس إلّا وعنده ما يؤدّي إليهم حقوقهم ، إنّ الله تعالى يقول :( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ ) (٢) ولا يستقرض على ظهره إلّا وعنده وفاء ، ولو طاف على أبواب الناس يردّوه باللقمة واللقمتين والتمرة والتمرتين إلّا أن يكون له وليّ يقضي من بعده ، ليس منّا مَنْ يموت إلّا جعل الله عزّ وجلّ له وليّاً يقوم في عدته ودَيْنه فيقضي عِدته ودَيْنه »(٣) .

مسألة ٥ : ويجب على المستدين نيّة القضاء ؛ لأنّه واجب.

قال الصادقعليه‌السلام « مَنْ كان عليه دَيْنٌ ينوي قضاءه كان معه من الله عزّ وجلّ حافظان يعينانه على الأداء عن أمامه(٤) ، فإن قصرت(٥) نيّته عن

____________________

(١) الكافي ٥ : ٩٤ / ٩ ، الفقيه ٣ : ١١١ ١١٢ / ٤٧٢ ، التهذيب ٦ : ١٨٤ ١٨٥ / ٣٨٢.

(٢) النساء : ٢٩.

(٣) التهذيب ٦ : ١٨٥ / ٣٨٣ ، الكافي ٥ : ٩٥ ٩٦ / ٢ ، وفيه عن سماعة ، وبتفاوت في بعض الألفاظ فيهما.

(٤) في المصادر : « أمانته ». بدل«أمامه».

(٥) في «س» والتذيب : « قصر».

١٠

الأداء قصّرا عنه من المعونة بقدر ما نقّص من نيّته »(١) .

إذا ثبت هذا ، فإذا قضي الدَّيْن عن الميّت برئت ذمّته.

قال الوليد بن صبيح : جاء رجل إلى الصادقعليه‌السلام يدّعي على المعلّى بن خنيس دَيْناً عليه وقال : ذهب بحقّي ، فقال له الصادقعليه‌السلام : « ذهب بحقّك الذي قتله » ثمّ قال للوليد : « قُمْ إلى الرجل فاقضه حقّه فإنّي أُريد أن تبرد عليه جلدته(٢) وإن كان بارداً »(٣) .

مسألة ٦ : ويكره النزول على المديون ؛ لما فيه من الإضرار به ، فإن فَعَل ، فلا يزيد على ثلاثة أيّام ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام كره أن ينزل الرجل على الرجل وله عليه دَيْنٌ وإن كان وزنها(٤) له ثلاثة أيّام(٥) .

وسأل سماعةُ الصادقَعليه‌السلام عن الرجل ينزل على الرجل وله عليه دَيْنٌ أيأكل من طعامه؟ قال : « نعم ، يأكل من طعامه ثلاثة أيّام ثمّ لا يأكل بعد ذلك شيئاً »(٦) .

وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام أنّه كره للرجل أن ينزل غلى غريمه ، قال : « لا يأكل من طعامه ولا يشرب من شرابه ولا يعلف(٧) من علفه »(٨) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ٩٥ / ١ ، الفقيه ٣ : ١١٢ / ٤٧٣ ، التهذيب ٦ : ١٨٥ / ٣٨٤.

(٢) في المصدر : « جلده ».

(٣) الكافي ٥ : ٩٤ / ٨ ، التهذيب ٦ : ١٨٦ / ٣٨٦ بتفاوت يسير.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « بديها » بدل « وزنها » وفي الكافي « صرّها ». وما أثبتناه من التهذيب.

(٥) التهذيب ٦ : ١٨٨ / ٣٩٣ ، الكافي ٥ : ١٠٢ ( باب النزول على الغريم ) الحديث ١.

(٦) الكافي ٥ : ١٠٢ ( باب النزول على الغريم ) الحديث ٢ ، الفقيه ٣ : ١١٥ / ٤٩١ ، التهذيب ٦ : ٢٠٤ / ٤٦٣.

(٧) كذا ، في المصدر : « ولا يعتلف ».

(٨) التهذيب ٦ : ٢٠٤ / ٤٦٥.

١١

مسألة ٧ : ولا ينبغي للرجل أن يحبس الدَّيْن عن صاحبه مخافة الفقر ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « مَنْ حبس حقّ امرئ مسلم وهو يقدر أن يعطيه إيّاه مخافة إن خرج ذلك الحقّ من يديه أن يفتقر كان الله أقدر على أن يفقره منه أن يغني نفسه بحبس ذلك الحقّ »(١) .

وينبغي للمديون السعي في قضاء الدَّيْن ، وأن يترك الإسراف في النفقة ، وأن يقنع بالقصد ، ولا يجب عليه أن يضيّق على نفسه ، بل يكون بين ذلك قواماً.

ويستحبّ لصاحب الدَّيْن الإرفاق بالمديون ، وترك الاستقصاء في مطالبته ومحاسبته ؛ لما رواه حمّاد بن عثمان قال : دخل على الصادقعليه‌السلام رجل من أصحابه فشكا إليه رجلاً من أصحابه ، فلم يلبث أن جاء المشكو ، فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ما لأخيك فلان يشكوك؟ » فقال له : يشكوني أن استقضيت حقّي ، قال : فجلس مغضباً ثمّ قال : « كأنّك إذا استقضيت حقّك لم تسئ ، أرأيتك ما حكاه الله تعالى فقال ( يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ )(٢) إنّما خافوا أن يجوز الله عليهم؟ لا والله ما خافوا إلاّ الاستقضاء ، فسمّاه الله تعالى سوء الحساب ، فمن استقضى فقد أساء »(٣) .

ويستحبّ لصاحب الدَّيْن إبراء المديون إذا مات معسراً.

قال إبراهيم(٤) بن عبد الحميد للصادقعليه‌السلام : إنّ لعبد الرحمن بن سيابة دَيْناً على رجل قد مات وكلّمناه على أن يحلّله فأبى ، قال : « ويحه أما يعلم أنّ

____________________

(١) التهذيب ٦ : ١٨٩ / ٣٩٩.

(٢) الرعد : ٢١.

(٣) التهذيب ٦ : ١٩٤ / ٤٢٥.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة بدل إبراهيم « أبو تميم » وهي تصحيف. وما أثبتناه كما في المصدر.

١٢

له بكلّ درهم عشرةً إذا حلّله ، فإن لم يحلّله فإنّما له بدل درهم درهم(١) »(٢) .

وينبغي لصاحب الدَّيْن احتساب ما يهديه إليه المديون ممّا لم تجر عادته بهديّة مثله له - من الدَّيْن ؛ لأنّ رجلاً أتى عليّاًعليه‌السلام ، قال : إنّ لي علي رجل دَيْناً فأهدى إليَّ ، قال : قال : « احسبه من دَيْنك »(٣) .

مسألة ٨ : لو التجأ المديون إلى الحرم ، لم تجز مطالبته فيه ، بل يُضيَّق عليه في المطعم والمشرب إلى أن يخرج ويُطالَب حينئذٍ ، وكذا إن وجب عليه حدّ فالتجأ إليه ؛ لقوله تعالى :( وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) (٤) .

ولأنّ سماعة بن مهران سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل لي عليه مال فغاب عنّي زماناً فرأيته يطوف حول الكعبة فأتقضاه؟ قال : قال : « لا تسلّم عليه(٦) ولا تروّعه حتى يخرج من الحرم»(٦) .

أمّا لو استدان فيه ، فالوجه : جواز المطالبة فيه ، كالحدود.

ولو غاب المديون ، قضى عنه وكيله إن كان له وكيل ، وإلّا قضاه الحاكم ؛ لما رواه محمّد بن مسلم عن الباقرعليه‌السلام قال : « الغائب يقضى عنه إذا قامت البيّنة عليه ، ويُباع ماله ويقضى عنه وهو غائب ، ويكون الغائب على حجّته إذا قدم ، ولا يدفع المال إلى‌الذي أقام البيّنة إلّا بكفلاء إذا لم يكن مليّاً »(٧) .

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « بدرهم » بدل « درهم » وما أثبتناه كما في المصدر.

(٢) التهذيب ٦ : ١٩٥ / ٤٢٧.

(٣) الكافي ٥ : ١٠٣ ( باب هديّة الغريم ) الحديث ١ ، التهذيب ٦ : ١٩ / ٤٠٤ ، الإستبصار ٣ : ٩ / ٢٣.

(٤) آل عمران : ٩٧.

(٥) في « ي » : « لا ، ولا تسلّم عليه » وفي الكافي بدون حرف الواو.

(٦) الكافي ٤ : ٢٤١ ( باب في مَنْ رأى غريمه في الحرم ) الحديث ١ ، التهذيب ٦ : ١٩٤ / ٤٢٣.

(٧) الكافي ٥ : ١٠٢ ( باب إذا التوى الذي ) الحديث ٢ ، التهذيب ٦ : ١٩١ / ٤١٣.

١٣

الفصل الثاني : في القضاء‌

مسألة ٩ : يجب على المديون المبادرة إلى قضاء الدَّيْن ، ولا يحلّ تأخيره مع حلوله وتمكّنه من الأداء ومطالبة صاحب الدَّيْن ، فإن أخّر والحال هذه ، كان عاصياً ، ووجب على الحاكم حبسه ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام قال : « كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يحبس الرجل إذا التوى على غرمائه ، ثمّ يأمر فيقسّم ماله بينهم بالحصص ، فإن أبى باعه فقسّمه بينهم ، يعني ماله »(١) .

إذا ثبت هذا ، فلو أصرّ على الالتواء ، كان فاسقاً لا تُقبل شهادته ، ولا تصحّ صلاته في أوّل الوقت ، بل إذا تضيّق ، ولا يصحّ منه فعل شي‌ء من الواجبات الموسّعة المنافية للقضاء في أوّل أوقاتها ، وكذا غير الديون من الحقوق الواجبة كالزكاة والخمس وإن لم يطالب بها الحاكم ؛ لأنّ أربابها في العادة مطالبون.

مسألة ١٠ : لو مات المديون ولم يتمكّن من القضاء ولم يخلّف شيئاً البتّة ، لم يكن معاقباً إذا لم ينفقه في المعصية وكان في عزمه القضاءُ. ولو أنفقه في المعصية أو لم يكن في عزمه القضاءُ ، كان مأثوماً.

قال عبد الغفّار الجازي : سألت الصادقَعليه‌السلام : عن رجل مات وعليه دَيْنٌ ، قال : « إن كان على بدنه أنفقه من غير فساد ، لم يؤاخذه الله عزّ وجلّ إذا علم من نيّته الأداء إلاّ مَنْ كان لا يريد أن يؤدّي عن أمانته فهو بمنزلة

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٠٢ ( باب إذا التوى الذي ) ح ١ ، التهذيب ٦ : ١٩١ / ٤١٢ ، الاستبصار ٣ : ٧ / ١٥.

١٤

السارق ، وكذلك الزكاة أيضاً ، وكذلك مَن استحلّ أن يذهب بمهور‌ النساء »(١) .

مسألة ١١ : إذا طُولب المديون بالدَّيْن الحالّ أو المؤجَّل بعد حلوله وكان متمكّناً من القضاء ، وجب عليه ، ويجب عليه دفع جميع ما يملكه ، عدا دار السكنى وعبد الخدمة وفرس لا ركوب وقوت يوم وليلة له ولعياله.

ولا يجوز بيع دار السكنى عند علمائنا أجمع خلافاً للعامّة(٢) - لأنّ في ذلك إضراراً بالمديون ؛ إذ لا بدّ له من مسكن ، فإنّ الإنسان مدنيّ بالطبع لا يمكنه أن يعيش بغير مسكن ، فأشبه النفقة التي تُقدم على الدَّيْن.

وقال زرارة للصادقعليه‌السلام : إنّ لي على رجل ديناً قد أراد أن يبيع داره فيعطيني ، قال : فقال أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام : « اُعيذك بالله أن تخرجه من ظلّ رأسه ، اُعيذك بالله أن تخرجه من ظلّ رأسه »(٣) .

وروى إبراهيم بن هاشم أنّ محمّد بن أبي عمير كان رجلاً بزّازاً فذهب ماله وافتقر ، وكان له على رجل عشرة الاف درهم فباع داراً له كان يسكنها بعشرة آلاف درهم ، وحمل المال إلى بابه ، فخرج إليه محمّد بن أبي عمير فقال : ما هذا؟ قال : هذا مالك الذي لك عليّ ، قال : ورثته؟ قال : لا ، قال : وُهب لك؟ قال : لا ، قال : فهل هو ثمن ضيعة بعتها؟ قال : لا ، قال : فما هو؟ قال : بعت داري التي أسكنها لأقضي دَيْني ، فقال محمّد بن‌ أبي عمير : حدّثني ذريح المحاربي عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال : « لا يخرج

____________________

(١) التهذيب ٦ : ١٩١ / ٤١١.

(٢) مختصر المزني : ١٠٤ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٢٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٠ ، المغني ٤ : ٥٣٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٣٦.

(٣) التهذيب ٦ : ١٨٧ / ٣٩٠ ، الاستبصار ٣ : ٦ / ١٣.

١٥

الرجل من مسقط رأسه بالدَّيْن » ارفعها فلا حاجة لي فيها ، والله إنّي لمحتاج في وقتي هذا إلى درهمٍ واحد ، وما يدخل ملكي منها درهم واحد(١) .

وفي وجهٍ لبعض الشافعية(٢) مثل ما قلناه.

ثمّ اعترض العامّة على أنفسهم بأنّ مَنْ وجبت عليه الكفّارة لا يباع عليه مسكنه وخادمه ، فما الفرق؟

وأجابوا بأنّ حقوق الله تعالى وجبت على سبيل المساهلة والرفق ، وحقوق الآدميّين على سبيل المشاحّة. ولأنّ الكفّارة لها بدل ينتقل إليه ، والدَّيْن بخلافه. ولأنّ حقوق الله تعالى لم تجب على سبيل المعاوضة ، وحقوق الآدميّين وجبت(٣) على سبيل المعاوضة ، فكانت آكد ، ولهذا لو وجب حقّ الله تعالى على سبيل العوض مثل أن يتلف شيئاً من الزكاة ، فإنّه يباع فيه مسكنه ، ولهذا يباع مسكنه في نفقة الزوجة دون نفقة الأقارب(٤) .

وهو ممنوع ، ولهذا جوّزنا له أخذ الزكاة مع المسكن والخادم ، فكان في حكم الفقير.

مسألة ١٢ : ولو كانت دار غلّة ، جاز بيعها في الدَّيْن كغيرها من أمواله ؛ إذ لا سكنى فيها.

وقال مسعدة بن صدق : سمعت الصادقعليه‌السلام وسُئل عن رجل عليه دَيْنٌ وله نصيب في دار وهي تغلّ غلّة فربما بلغت غلّتها قوته وربّما لم تبلغ‌

____________________

(١) الفقيه ٣ : ١١٧ ١١٨ / ٥٠١ ، التهذيب ٦ : ١٩٨ / ٤٤١.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٣٢٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٠.

(٣) في « ي » : « تجب » بدل « وجبت ».

(٤) راجع : الحاوي الكبير ٦ : ٣٢٨ ، والتهذيب - للبغوي - ٤ : ١٠٦ ، والعزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢.

١٦

حتى يستدين ، فإن هو باع الدار وقضى دَيْنه بقي لا دار له ، فقال : « إن كان في داره ما يقضي به دَيْنه ويفضل منها ما يكفيه وعياله فليبع الدار ، وإلّا فلا »(١) .

مسألة ١٣ : وكذا لا يباع خادمه إذا كان من أهل الاخدام ؛ للحاجة إليه - خلافاً للعامّة لما قلناه في الدار.

ولما رواه الحلبي - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام (٢) قال : « لا تباع الدار ولا الجارية في الدَّيْن ، وذلك أنّه لا بُدَّ للرجل من ظلٍّ يسكنه وخادم يخدمه »(٣) .

وفيه وجهٌ للشافعيّة : أنّه لا يباع إذا كان لائقاً به(٤) ، كما اخترناه.

وفي وجهٍ آخَر : أنّه يباع هو والمسكن(٥) .كما قلناه.

وثالثٍ : أنّه يباع الخادم دون المسكن(٦) .

وكذا لا يباع عليه فرس الركوب.

ولو كان له خادمان ، بيع أحدهما ؛ لاندفاع الضرورة بالآخر.

وكذا لو كان سكناه فضلة يستغني عنها ، وجب بيع تلك الفضلة ؛ لعدم الضرورة إليها ، ولحديث مسعدة ، وقد سبق(٧) .

____________________

(١) التهذيب ٦ : ١٩٨ / ٤٤٠ ، الاستبصار ٣ : ٧ / ١٦.

(٢) مختصر المزني : ١٠٤ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٢٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٠.

(٣) الكافي ٥ : ٩٦ / ٣ ، التهذيب ٦ : ١٨٦ / ٣٨٧ ، الاستبصار ٣ : ٦ / ١٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٠.

(٥) مختصر المزني : ١٠٤ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٢٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٠ ، منهاج الطالبين : ١٢١.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٠.

(٧) في ص ١٥ - ١٦ ، صدر المسألة ١٢.

١٧

ولا يكلَّف بيع داره وشراء أدون إذا كانت داره بقدر كفايته. وكذا لا يكلَّف بيع خادمه وشراء أدون ، ولا بيع فرسه وشراء أدون ؛ للأصل ، وعموم النهي عن بيع هذه الأشياء.

قال ابن بابويه : كان شيخنا محمّد بن الحسن يروي أنّه إذا كانت الدار واسعةً يكتفي صاحبها ببعضها ، فعليه أن يسكن منها ما يحتاج إليه ، ويقضي ببعضها دَيْنه ، وكذا إن كفته دار بدون ثمنها ، باعها واشترى من ثمنها داراً يسكنها ، ويقضي بباقي الثمن دَيْنه(١) .

نعم لو كانت دار السكنى وعبد الخدمة أو فرس الركوب أو ثوبه الذي يلبسه رهناً ، جاز بيعه ، كما أنّه لو باشر بيع هذه الأشياء باختياره ، جاز قبض ثمنه كذا هنا.

مسألة ١٤ : إذا غاب صاحب الدَّيْن ، وجب على المديون نيّة القضاء إذا وجده ، وأن يعزل دَيْنه عند وفاته أو يوصي به ليوصل إلى مالكه إن وجد أو إلى وارثه.

ولو جهله ، اجتهد في طلبه ، فإن أيس منه ، قيل : يتصدّق به عنه(٢) .

وإذا علم الله تعالى منه نيّة الأداء ، لم يكن عليه إثم ؛ لما رواه زرارة قال : سألت الباقرَعليه‌السلام [ عن ](٣) الرجل يكون عليه الدَّيْن لا يقدر على صاحبه ولا على وليّ له ولا يدري بأي أرض هو ، قال : « لا جناح عليه بعد‌ أن يعلم الله تعالى منه أنّ نيّته الأداء »(٤) .

____________________

(١) الفقيه ٣ : ١١٨ / ٥٠٢.

(٢) قال به الشيخ الطوسي في النهاية : ٣٠٧.

(٣) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٤) التهذيب ٦ : ١٨٨ / ٣٩٥.

١٨

وسئل الصادقعليه‌السلام عن رجل كان له على رجل حقٌّ ففُقد ولا يدري أحيّ هو أم ميّت ولا يعرف له وارث ولا نسيب(١) ولا بلد ، قال : « اطلبه » قال : إنّ ذلك قد طال فأُصدّق به؟ قال : « اطلبه »(٢) .

وهذه الرواية صحيحة السند ، وهي تدلّ من حيث المفهوم على منع الصدقة ، ووجوب الطلب دائماً.

ولو كفل الوليّ حال موت المديون المالَ ، سقط ذمّة المديون مع رضا الغرماء ؛ لرواية إسحاق بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يكون عليه دَيْن فحضره(٣) الموت فيقول وليّه : عليَّ دَيْنك ، قال : « يبرئه ذلك وإن لم يوفه وليّه من بعده » وقال : « أرجو أن لا يأثم ، وإنّما إثمه على الذي يحبسه »(٤) .

وفي الصحيح عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يموت وعليه دَيْنٌ فيضمنه ضامن للغرماء ، فقال : « إذا رضي به الغرماء فقد برئت ذمّة الميّت »(٥) .

مسألة ١٥ : لا تحلّ مطالبة المعسر ولا حبسه ولا ملازمته ، عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك(٦) - لقوله تعالى : ‌( وَإِنْ كانَ ذُو

____________________

(١) في المصدر : « نسب ».

(٢) التهذيب ٦ : ١٨٨ / ٣٩٦.

(٣) في « ث ، س » والطبعة الحجريّة : « فيحضره ».

(٤) التهذيب ٦ : ١٨٨ / ٣٩٧.

(٥) الكافي ٥ : ٩٩ ( باب أنّه إذا مات الرجل حلّ دَيْنه ) الحديث ٢ ، الفقيه ٣ : ١١٦ / ٤٩٧ ، التهذيب ٦ : ١٨٧ / ٣٩٢.

(٦) الحاوي الكبير ٦ : ٣٣٢ ، حلية العلماء ٤ : ٤٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٢ ، المغني ٤ : ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٠ ، المعونة ٢ : ١١٨٣ ، الذخيرة ٨ : ١٥٩ ، التلقين ٢ : ٤٢٩.

١٩

عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) (١) .

ولقول الباقرعليه‌السلام : « إنّ علياًعليه‌السلام كان يحبس في الدَّيْن ، فإذا تبيّن له إفلاس وحاجة خلّى سبيله حتى يستفيد مالاً »(٢) .

ولأنّ مَنْ ليس له مطالبته ليس له ملازمته ، كما لو كان دَيْنه مؤجَّلاً.

وقال أبو حنيفة : إذا ثبت إعساره وخلّاه الحاكم ، كان للغرماء ملازمته ، إلّا أنّهم لا يمنعونه من الاكتساب ، فإذا رجع إلى بيته فإن أذن لهم في الدخول دخلوا معه ، وإن لم يأذن لهم ، منعوه من الدخول ؛ لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لصاحب الحقّ اليد واللسان »(٣) ويريد باليد الملازمة(٤) .

وهو محمول على الموسر ؛ لما تقدّم.

إذا تقرّر هذا ، فإن طُولب المعسر وخاف الحبس أو الإلزام إن اعترف ، جاز له الإنكار للدَّيْن والحلف على انتفائه ، ويجب عليه التورية ، ونيّة القضاء مع المكنة.

مسألة ١٦ : ولو استدانت الزوجة النفقةَ الواجبة ، وجب على الزوج دفع عوضه ؛ لأنّه في الحقيقة دَيْنٌ عليه.

ولما رواه الباقرعليه‌السلام قال : « قال عليّعليه‌السلام المرأة تستدين على زوجها‌ وهو غائب ، فقال : يقضي عنها ما استدانت بالمعروف »(٥) .

____________________

(١) البقرة : ٢٨٠.

(٢) التهذيب ٦ : ٢٩٩ / ٨٣٤ ، الاستبصار ٣ : ٤٧ / ١٥٦.

(٣) الكامل - لابن عدي - ٦ : ٢٢٨١.

(٤) بدائع الصنائع ٧ : ١٧٣ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٨٦ ، المعونة ٢ : ١١٨٣ ، الذخيرة ٨ : ١٥٩ ، حلية العلماء ٤ : ٤٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦ ، المغني ٤ : ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٠.

(٥) التهذيب ٦ : ١٩٤ - ١٩٥ / ٤٢٦.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وضعتْ إلاّ على يحيى بن زَكريّا والحسين بن عليِّعليهم‌السلام، قلت: أيّ شيء كان بكاؤها؟ قال: كانت إذا استقبلت بثوب وقع على الثَّوب شبه أثر البراغيث من الدَّم ».

١٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن الفضل(*) ، عن حنان « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما تقول في زيارة قبر أبي عبدالله الحسينعليه‌السلام ؛ فإنّه بلغنا عن بعضهم أنّها تَعدِلُ حَجّة وعُمرة؟ قال: لا تعجب بالقول هذا كلّه(١) ، ولكن زُرْه ولا تجفه فإنَّه سيِّد الشُّهداء؛ وسيِّد شَباب أهل الجنّة، وشبيهه يحيى بن زَكريّا وعليهما بكتِ السّماء والأرض ».

حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصَفّار، عن عبدالصَّمد بن محمّد، عن حَنان بن سَدير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله سواء.

حدَّثني أبي - رحمه الله تعالى - وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حَنان بن سَدير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

١٤ - وبهذا الإسناد عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى - عن غير واحدٍ - عن جعفر بن بَشير، عن حمّاد، عن عامِر بن مِعقَل، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: كان قاتل يحيى بن زكريّا ولد زنا، وقاتل الحسينعليه‌السلام ولد زنا، ولم تبكِ السّماء عَلى أحدٍ إلاّ عليهما، قال: قلت: وكيف تبكي؟ قال: تطلع الشَّمس في حمرة، وتغيب في حمرة ».

حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيّ، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير بإسناده مثله.

١٥ - وحدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين - رحمهما الله - جميعاً، عن سعد بن

__________________

١ - في بعض النّسخ، وفي البحار: « لا تعجب، ما أصاب مَن يقول هذا كلّه ». وقال المجلسي ( ره ) -: قوله: « ما أصاب » محمولٌ على التّقيّة.

* - فيه كلام، راجع ص ٣٠٥.

١٠١

عبدالله، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن عبدالله بن هِلال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: إنَّ السَّماء بَكَتْ على الحسين بن عليٍّ ويحيى بن زَكريّا، ولم تبكِ على أحدٍ غيرهما، قلت: وما بُكاؤها؟ قال: مَكثوا أربعين يوماً تطلع الشّمس بحُمْرَة وتَغرُب بحُمرَة، قلت: فذاك بُكاؤها؟ قال: نَعَم ».

١٦ - وعنهما، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن البرقيِّ محمّد بن خالد، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسنيِّ، عن الحسن بن الحكم النَّخَعيِّ، عن كثير بن شِهاب الحارثيّ « قال: بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنينعليه‌السلام في الرُّحْبَة إذ طلع الحسين عليه فضَحِك عليُّعليه‌السلام ضَحْكاً حتى بَدَتْ نَواجِذُه، ثمَّ قال: إنّ الله ذكر قوماً وقال: «فَما بَكَتْ عَلَيْهمُ السَّماءُ وَالأرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرينَ »، والّذي فَلَق الحبَّةَ وبرَأ النَّسَمَةَ ليُقتلنَّ هذا ولتبكينّ عليه السَّماء والأرض ».

١٧ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن البرقيِّ، عن عبدالعظيم الحسنيِّ، عن الحسن(١) ، عن أبي سَلَمَة « قال: قال جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : ما بكتِ السَّماء والأرض إلاّ على يحيى بن زَكريّا والحسينعليهم‌السلام ».

١٨ - حدَّثني أبي؛ وأخي - رحمهما الله - عن أحمدَ بن إدريس؛ ومحمّد بن يحيى جميعاً، عن العَمْرَكي بن عليٍّ البوفكيِّ قال: حدَّثنا يحيى - وكان في خدمة أبي جعفر الثّانيعليه‌السلام - عن عليِّ(٢) ، عن صَفوانَ الجمّال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته في طريق المدينة - ونحن نُريد المكّة - فقلت: يا ابن رسول الله ما لي أراك كئيباً حَزيناً مُنْكسراً؟! فقال: لو تسمع ما أسمع لشَغَلَك عن مسألتي، قلت: فما الَّذي تَسمَعُ؟! قال: ابتهال الملائِكة إلى اللهِ(٣) عزَّوجلَّ على قَتَلةِ أمير المؤمنين وقتلة الحسينعليهما‌السلام ، ونوح الجنّ وبُكاء الملائكة الَّذين حوله وشدَّة

__________________

١ - الظّاهر هو ابن الوشّاء، أو المراد ما تقدّم « ابن الحكم النّخعيّ »، والأوّل أظهر، وأبو سلمة هو سالم بن مُكرم.

٢ - كأنّه ابن الحكم الكوفيّ الثّقة.

٣ - ابتهل إلى الله: تضرّع ودعا.

١٠٢

جَزعِهم، فمن يتهنّأ مع هذا بطعام أو بشراب أو نوم؟!! - وذكر الحديث - ».

١٩ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقيِّ، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسنيِّ العَلويّ، عن الحسن بن الحكم النّخعيِّ، عن كثير ابن شِهاب الحارثيِّ « قال: بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنينعليه‌السلام بالرُّحْبة إذ طلع الحسينعليه‌السلام قال: فضحك عليٌّعليه‌السلام حتّى بَدَتْ نَواجذه، ثمَّ قال: إنّ الله ذكر قوماً فقال: «فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأرضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ »، والَّذي فَلَق الحَبّة وبَرَأ النَّسَمَة لَيقتلنَّ هذا ولتبكينَّ عليه السّماء والأرض »(١) .

٢٠ - وعنه، عن نَصر بن مُزاحم، عن عُمَرَ بن سعد(٢) قال: حدَّثني أبو مُعْشر، عن الزُّهْريّ « قال: لمّا قتل الحسينعليه‌السلام أمطرتِ السّماء دماً ». وقال عمر بن سعد: وحدَّثني أبو مَعْشَر، عن الزَّهريّ « قال: لمّا قتل الحسينعليه‌السلام لم يبق في بيت المَقْدِس حَصاةٌ إلاّ وجد تحتها دمٌ عَبيط ».

٢١ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن(٣) محمّد بن الحسن بن مَهزيار(٤) ، عن أبيه، عن عليِّ بن مَهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن فَضالَة بن أيّوبَ، عن داودَ ابن فَرْقَد « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: كان الَّذي قَتَلَ الحسينَ بنَ عليٍّعليهما‌السلام ولد زنا، والَّذي قَتل يحيى بن زَكريّا ولد زنا، وقال: احمرَّتِ السَّماء حين قُتل الحسين بن عليٍّ سنة، ثمّ قال: بَكتِ السَّماء والأرض على الحسين بن عليٍّ وعلى يحيى بن زَكريّا، وحُمرتها بُكاؤها ».

* * * * *

__________________

١ - تقدّم الخبر آنفاً بتفاوت يسير تحت رقم ١٦.

٢ - تقدّم ذكره في ص ٧١، وأبو مَعشَر هو يوسف بن يزيد البرّاء العطّار، المعنون في تهذيب التّهذيب.

٣ - كذا في النّسخ والبحار، والظّاهر تصحيف الواو بـ « عن ».

٤ - هو محمّد بن الحسن بن عليّ بن مهزيار.

١٠٣

الباب التّاسع والعشرون

( نوح الجنِّ على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن نصر بن مُزاحِم، عن عُمَرَ بنِ سعد، عن عَمرو بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت، عن اُمّ سلمة زوجة النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله قالتْ: ما سمعت نوح الجنّ منذ قبض الله نبيَّه إلاّ اللَّيلة، ولا أراني إلاّ وقد أصبت بابني الحسين، قالتْ: وجاءت الجنّيَّة منهم وهي تقول:

أيا عَينايّ فَانْهَمِلا بِجهْدٍ

فَمنْ يَبْكي عَلى الشُّهداء بَعْدي

عَلى رَهْطٍ تُقُودُهُمُ المنايا

إلى مُتَجبِّرٍ مِنْ نَسْلِ عَبْد (١)

٢ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن إبراهيم بن عُقْبَة، عن أحمدَ بن عَمرو بن مسلم، عن المَيثميّ(٢) « قال: خمسة من أهل الكوفة أرادوا نصر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام فمرُّوا(٣) بقرية يقال لها: شاهيّ(٤) إذ أقبل عليهم رَجلان: شيخٌ وشابٌّ فسلّما عليهم، قال: فقال الشّيخ: أنا رَجلٌ من الجنّ وهذا ابن أخي أردنا نَصرَ هذا الرَّجل المظلوم، قال: فقال لهم الشّيخ الجنّي: قد رَأيت رأياً، فقال الفتية الإنسيّون: وما هذا الرَّأي الَّذي رأيت؟ قال: رأيت أن أطير فآتيكم بخبر القوم فتذهبون على بصيرة، فقالوا له: نِعْمَ ما

__________________

١ - في أمالي الصّدوق: « في ملك عبد ». وقوله: « فانهملا » فيه: « فانهملي ».

٢ - كان من أولاد ميثم التّمّار، وهو أحمد بن الحسن بن إسماعيل، مِن أصحاب الكاظمعليه‌السلام ، وهو ثقة.

٣ - في البحار: « فعرّسوا ».

٤ - قال العلاّمة الأمينيرحمه‌الله : « شاهي » موضع بقرب القادسيّة، وأظنّها تنسب إلى شاه بن شاه بن لان بن نريمان الّذي هبط إلى تلك الدّيار بأمر كسرى بن هرمز لمحاربة الأتراك النّازلة بها.

١٠٤

رأيتَ، قال: فغابَ يومه وليلته، فلمّا كان من الغد إذا هم بصَوتٍ يسمعونه ولا يَرَونَ الشّخص وهو يقول:

وَاللهِ ما جِئتُكُمْ حَتّى بَصُرْتُ بِهِ

بِالطَّفِّ مُنْعَفَر الخَدَّينِ مَنحُورا

وَحَولَهُ فِتْيَةٌ تَدْمي نُحورُهُم

مِثْلَ المصابيح يَملُونَ (١) الدُّجى نُورا

وَقَدْ حَثَثْتُ قَلوصي (٢) كَيْ اُصادِفَهم

مِن قَبْلِ ما أنْ يُلاقُوا الخُرُدُ الحُورا (٣)

كان الحُسَينُ سِراجاً يُسْتَضاءُ بِهِ

اللهُ يَعْلم أنّي لم أقُلِ زُورا

مجاوِراً لِرَسُولِ اللهِ في غُرَفٍ

وَلِلْبَتول (٤) وَلِلطَّيّارِ مَسْرُورا

 فأجابه بعض الفِتْية من الإنسِيّين يقول:

اذْهَبْ فلا زالَ قَبرٌ أنْتَ ساكِنُهُ

إلى القِيامَةِ يَسْقَى الْغَيث ممطُورا

وَقَدْ سَلَكْتُ سَبيلاً أنْتَ سالِكُهُ

وَقَدْ شَرِبْتُ بكَأسٍ كانَ مَغْزورا (٥)

وفِتْيَةٌ فَرَّغُوا لله أنْفُسَهُم

وفارَقُوا المالَ والأحْبابَ والدُّورا

 ٣ - حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم، عن سَلَمة بن الخطّاب قال: حدّثني عُمَرُ بن سعد؛ وعَمروُ بنُ ثابت، عن أبي زياد القَندي (٦) « قال: كان

__________________

١ - في مجالس المفيد: « يعلون ».

٢ - القلوص: بالفتح -: النّاقة الطّويلة القوائم، خاصّ بالإناث.

٣ - قال الفيروزآبادي: « الخَرِيدُ، وبِهَاءٍ، والخَرودُ: البِكْر لم تُمْسَس، أو الخَفِرَةُ الطَّويلةُ السُّكوتِ، الخافِضَةُ الصَّوتِ المُتَسَتَّرَةُ، والجمع: خَرائِد وخُرُد و [خُرَّد] » وقال الشّارح في التّاج: الأخيرة ( يعني خُرَّد ) نادرة، لاُنّ فعيلة لا تجمع على فُعَّل. وفي البحار - نقلاً عن أمالي الشّيخ ومجالس المفيد « الحرد » - بالحاء المهملة -، وله بيان راجع ج ٤٥ ص ٢٤٠.

٤ - في مجالس المفيد: « وللوصيّ ».

٥ - في القاموس: « الغَزير: الكثير من كلّ شي ء، ومن الآبار والينابيع: الكثيرة الماء ». وفي بعض النّسخ: « مغروراً » بالرّاء المهملة. وما في المتن مثل ما في البحار.

٦ - كذا في النّسخ، وفي مجمع الزّوائد الهيثميّ: « عن أبي جناب الكلبيّ » مكان « عن أبي زياد القنديّ »، وفيه: « قال: حدّثني الجصّاصون قالوا: كنّا إذا خرجنا إلى الجبّان باللَّيل عند مقتل الحسين سمعنا الجنّ ينوحون عليه ويقولون: مسح الرّسول - إلخ ».

١٠٥

الجَصّاصون (١) يسمعون نَوحَ الجنِّ حين قُتل الحسينعليه‌السلام في السَّحر بالجَبّانَة (٢) وهم يقولون:

مَسَحَ الرَّسُولُ جَبينَهُ

فَلَهُ بَريقٌ في الخدُود

أبَواهُ مِنْ عُلْيا قُرَيْشٍ

جَدُّهُ خَيرُ الجدُودِ

 ٤ - حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سَلَمة بن الخطّاب قال: قال عُمَرُ بن سعد: حدَّثني الوليد بن غَسّان - عمّن حدَّثه - « قال: كانت الجنّ تنوح على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام تقول:

لمنِ الاُبْياتُ بِالطَّفِّ عَلى كُرْه بَنينه

تلك أبياتُ الحسين يَتَجاوَبْنَ الرَّنيِنَه (٣)

٥ - حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سَلَمة قال: حدَّثني أيّوب بن سليمانَ بن أيّوب الفَزاري(٤) ، عن عليِّ بن الحَزَوَّر(٥) « قال: سمعت ليلى وهي تقول: سمعت نوح الجنّ على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام وهي تقول:

يا عينُ جُودي بالدُّمُوعِ فإنَّما

يَبْكي الحَزِينُ بِحُرْقَةٍ وتَفَجَّع

يا عَينُ ألْهاكَ الرِّقابُ بِطيبةٍ

مِنْ ذِكْرِ آل مُحَمَّدٍ وَتَوجّع

باتَتْ ثَلاثاً بالصَّعيدِ جُسُومُهُمْ

بَين الوُحوشِ وكُلُّهم في مَصْرَع

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن نَصر بن مُزاحم، عن عبدالرَّحمن بن أبي حمّاد، عن أبي ليلى الواسِطيّ، عن

__________________

١ - الجصّ - بفتح الموحّدة وكسرها -: ما تُطلى به البيوت، والجصّاص: عامله.

٢ - الجبّانة - بالفتح ثمّ التّشديد -؛ والجبّان في الأصل الصّحراء، وأهل الكوفة يسمّون المقابر جبّانة كما يسمّيها أهل البصرة المقبرة، وبالكوفة محالّ تسمّى بهذا الاسم وتضاف إلى القبائل. ( المعجم ).

٣ - الرَّنين: الصّوت مطلقاً وقيل: الصّوت مع بكاء، وفي أساس البلاغة: سمعت له رنّة ورَنيناً، أي صيحة حزينة.

٤ - نسبة إلى حيٍّ من غَطَفان أبوها فَزارة بن ذُبيان.

٥ - الحَزَوَّر - بالحاء المهملة والزّاي المفتوحتين، والواو المشدّدة بعدها راء -.

١٠٦

عبدالله بن حَسّان الكِنانيّ قال: بَكتِ الجنُّ على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام فقالت:

ماذا تَقُولونَ إذْ قالَ النَّبي لَكم

ماذا فَعلْتم وَأنْتم آخِرُ الاُمم؟

بأهْلِ بَيْتي وإخْواني ومَكْرُمَتي

مِنْ بَين أسْرى وَقَتْلى ضُرِّجُوا بِدَم؟

٧ - حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم قال: حدَّثني سَلَمةُ قال: حدَّثني عليُّ بن الحسن(١) ، عن مُعَمّر بن خَلاّد، عن أبي الحسن الرّضاعليه‌السلام « قال: بينما الحسينعليه‌السلام يسير في جوف اللّيل وهو متوجّه إلى العِراق وإذا برجل يَرتجز ويقول:؛

وحدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن مُعمّر بن خلاّد، عن الرّضاعليه‌السلام ، مثل ألفاظ سَلَمَةَ، قال: وهو يقول:

يا ناقَتي لا تَذْعَري مِنْ زَجْري

وشَمِّري قَبْل طُلُوعِ الْفَجر

بِخَيرِ رُكْبانٍ وخَيْر سَفْرِ

حتّى تَحلّى بِكَريمِ النّجْر

بماجِد الجدِّ رَحيبِ الصَّدْرِ

أتى بِهِ اللهُ (٢) لِخير أمر

 ثَمَّتَ أبقاهُ بقاءَ الدَّهْر

سَأمْضي وما بِالمَوتِ عارٌ عَلى الْفَتى

إذا ما نَوى حَقّاً وجَاهَد مُسْلِماً

وآسَى الرِّجالَ الصّالِحينَ بنَفسِه

وفارَقَ مَبْثوراً وخالَفَ مُجْرماً

فَإنْ عِشْتُ لَمْ أنْدَم وَإنْ مِتُّ لَمْ اُلَم

كَفى بِكَ ذُلا أنْ تَعيشَ وَترْغَماً (٣)

٨ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف، عن محمّد بن يحيى المُعاذيِّ قال: حدَّثني الحسين(٤) بن موسى الأصمّ، عن عَمرو، عن جابر(٥) ، عن محمّد بن عليّعليهما‌السلام « قال: لمّا همَّ الحسينعليه‌السلام « قال: لمّا همَّ الحسينعليه‌السلام بالشُّخوص من المدينة أقْبَلَتْ نساءُ بني عبدالمطّلب فاجتمعن للنِّياحة مشى فيهنِّ

__________________

١ - الظّاهر هو ابن فضّال.

٢ - كذا في النّسخ، ولعلّ الصّواب: « أثابه الله ».

٣ - في بعض النّسخ: « كفى بك موتاً أن تذلّ وتغرماً ».

٤ - في بعض النّسخ، « الحسن ».

٥ - هو جابر بن يزيد الجعفيّ الكوفيّ، وراويه هو عمرو بن شمر الجعفيّ الكوفيّ.

١٠٧

الحسينعليه‌السلام فقال: أنشدكنّ الله أن تبدين هذا الأمر معصية لله ولرسوله، فقالت له نِساء بني عبدالمطّلب: فلمن نستبقي النِّياحة والبُكاء فهو عندنا كيوم مات فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليٌّ، وفاطمةُ ورقيّةُ وزينبُ واُمُّ كلثوم (١) ؟!! فننشدك الله جعلنا الله فِداك من الموت، يا حبيب الأبرار من أهل القبور، وأقبلتْ بعض عَمَاته تبكي وتقول: اشهد يا حسين لقد سمعتُ الجنَّ ناحَتْ بنَوحِك وهم يقولون:

فإنَّ قَتيلَ الطَّفِّ مِن آلِ هاشِم

أذلَّ رِقاباً مِنْ قُرَيْش فَذَلت

حَبيبُ رَسولِ اللهِ لم يَكُ فاحِشاً

أبانَتْ مُصيبَتُكَ الاُنوفَ وَجَلَّت

 وقلن أيضاً:

بَكُّوا (٢) حُسَيناً سَيِّداً

وَلِقَتْلِهِ شابَ الشَّعَر

وَلِقَتْلِهِ زَلْزَلتم

وَلِقَتْلِهِ انْخَسَفَ القَمَر (٣)

وَاحْمَرَّت آفاقُ السَّماءِ

مِنَ الْعَشيَّةِ وَالسَّحَر

وَتَغَبّرَتْ شَمْسُ الْبِلاد

بهم واظلَمَتِ الْكُوَر (٤)

ذاكَ ابنُ فاطمةَ المُصابُ

بِهِ الخَلائقُ والبَشَر

أورَثْتنا ذُلا بِهِ

جَدّعَ الاُنوفُ مَعَ الغَرَر

 ٩ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن يحيى المُعاذيّ، عن عبّاد بن يعقوبَ، عن عَمرو بن ثابت، عن عمرِ[و] بن عِكرِمَة قال: أصبحنا صَبيحة(٥) قتل الحسينعليه‌السلام بالمدينة فإذا مولى لنا يقول: سمعنا البارِحَةَ مُنادياً ينادي ويقول:

أيُّها القاتِلونَ ظلماً (٦) حُسَيناً

أبْشِرُوا بالْعَذابِ والتَّنْكيل

__________________

١ - كلّهنّ بنات رسول الله صلوات الله عليه وعليهنّ.

٢ - في بعض النّسخ: « أبكي ».

٣ - في جلّ النّسخ: « انكسف القمر ».

٤ - المراد بالشّمس ضياؤها لا اصلها، والكور جمع كورة، وهي البقعة الّتي جمع فيها المساكن والقرى.

٥ - في جلّ النّسخ: « ليلة ».

٦ - في جلّ النّسخ: « جهلاً ».

١٠٨

كلُّ أهلِ السَّماءِ يَدعُو عَلَيكم

مِن نَبيٍّ ومَلأَكٍ وَقَبيل

قد لُعِنْتم عَلى لِسانِ ابن داوُ

دَ وذي الرُّوح (١) حامل الإنجيل

١٠ - حدّثني حكيم بن داودَ بن حكيم، عن سَلَمةَ بنِ الخطّاب قال: حدَّثني عبدالله بن محمّد بن سِنان، عن عبدالله بن القاسم بن الحارث، عن داودَ الرَّقيّ قال: حدَّثتْني جدَّتي أنَّ الجنّ لمّا قتل الحسينعليه‌السلام بَكَتْ عليه بهذه الأبيات:

يا عَينُ جُودي بالعِبَر وابكي فقد حَقّ الخبر

أبكي ابنَ فاطمةَ الَّذي وَرَد الفُراتَ فما صدَر(٢)

الجِنُّ تَبْكي شَجْوَها(٣) لما اُتي مِنْهُ الخَبَر

قُتِلَ الحسينُ وَرَهْطُهُ تَعْساً لِذلِكَ(٤) مِنْ خبر

فلأبْكينَّكَ حُرقَةً عِنْدَ العِشاء وبالسَّحر

ولأبينَّك ما جَرى عِرقٌ وما حمل الشَّجر

* * * * *

الباب الثّلاثون

( دعاء الحمام ولعْنها على قاتل الحسين عليه السلام)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسين بن يَزيدَ النَّوفَليِّ، عن إسماعيلَ بن أبي زياد السَّكونيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: اتّخذوا الحمام الرَّاعبيّة في بيوتكم(٥) ، فإنّها تلعن قَتلةَ الحسينعليه‌السلام ».

٢ - حدَّثني أبي؛ وأخي؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن جميعاً، عن أحمدَ بن إدريس بن أحمد، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي

__________________

١ - كذا، وفي التّواريخ و « مثير الأحزان » لابن نما: « ابن داوود وموسى وحامل الإنجيل ».

٢ - أي لم يرجع.

٣ - الشّجو: الهمّ والحزن.

٤ - التَّعْس: الهلاك.

٥ - المراد بالرّاعبيّة الحمامة، وهي ترعب في صوتها ترعيباً.

١٠٩

حمزةَ، عن صَندل (١) ، عن داودَ بن فَرْقَد « قال: كنت جالساً في بيت أبي عبداللهعليه‌السلام فنظرت إلى الحمام الرَّاعي يُقَرقِر (٢) طَويلاً، فنظر إليَّ أبو عبداللهعليه‌السلام فقال: يا داودُ أتدري ما يقول هذا الطّير؟ قلت: لا جُعلتُ فِداك، قال: تدعو على على قَتَلة الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ، فاتّخذوه في منازلكم ».

وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ بإسناده مثله.

الباب الحادي والثّلاثون

( نَوح البوم (٣) ومصيبتها على الحسين عليه السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بنِ الوليد؛ وجماعةُ مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى بن عُبَيد، عن صفوانَ بن يحيى، عن الحسين بن أبي غُنْدَر، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سَمعتُه يقول في البومة، قال: هل أحدٌ منكم رآها بالنّهار، قيل له: لا، تَكاد تظهر بالنّهار ولا تظهر إلاّ ليلاً، قال: أما إنّها لم تزل تأوي العمران أبداً، فلمّا أن قتل الحسينعليه‌السلام آلت على نفسها أن لا تأوي العُمْران ابداً ولا تأوي إلاّ الخراب، فلا تزال نهارها صائمة حزينة حتّى يجنّها اللّيل فإذا جنّها اللّيل ( كذا ) فلا تزال ترنّم على الحسينعليه‌السلام حتّى تصبح ».

٢ - حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم، عن سَلَمة بن أبي الخطّاب، عن الحسين بن عليِّ بن صاعد البَربَريِّ قيّماً لقبر الرّضاعليه‌السلام قال: حدَّثني أبي « قال: دخلتُ على الرِّضاعليه‌السلام فقال لي: تَرى هذه البوم ما يقول النّاس؟ قال: قلت: جُعِلتُ فِداك جِئنا نَسألك، فقال: هذه البومة كانت(٤) على عهد جدِّي

__________________

١ - في بعض النّسخ: « صفوان ».

٢ - قرقرت الحمامة والدّجاجة: ردّدت صوتها.

٣ - البوم طائر الظّلام، وهي بالفارسية: « جغد ».

٤ - في البحار: « دخلت على الرّضا عليه السلام فقال لي: ما يقول النّاس؟ قال: قلت: جعلت فداك جئنا نسألك، قال: فقال لي: ترى هذه البومة كانت - إلخ ».

١١٠

رَسولِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تأوي المنازل والقصور والدُّور، وكانت إذا أكل النّاس الطّعام تطير وتقع أمامَهم، فيرمى إليها بالطّعام وتسقي وترجع إلى مكانها، فلمّا قتل الحسينعليه‌السلام خرجت من العُمران إلى الخراب والجبال والبراري، وقالت: بئس الاُمّة أنتم! قتلتم ابن بنت نبيّكم، ولا آمنكم على نفسي ».

٣ - حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال - عن رجل - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ البوم لتصوم النّهار فإذا أفطرت تدلّهت(١) على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام حتّى تصبح ».

٤ - حدّثني عليُّ بن الحسين بن موسى، عن سعد بن عبدالله، عن موسى بن عُمَرَ، عن الحسن بن عليِّ، الميثميِّ(٢) « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا يعقوب(٣) رأيت بومةً بالنّهار تنفّس قطّ، فقال: لا، قال: وتدري لم ذلك؟ قال: لا، قال: لأنّها تظلُّ يومها صائمة على ما رزقها الله، فإذا جَنّها اللّيل أفطرت على ما رُزقت، ثمَّ لم تزل ترنّم على الحسين بن عليّعليهما‌السلام حتى تصبح ».

الباب الثّاني والثّلاثون

( ثواب مَن بكى على الحسين بن علي عليهما السلام)

١ - حدِّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: أيّما مؤمنٍ دمعتْ عَيناه لقتل الحسين

__________________

١ - قال في القاموس: « الدَّلْه، ويحرّك، والدلُوه: ذَهاب الفُؤاد من هَمٍّ ونحوه. ودَلَّهه العِشْقُ تَدْليهاً فتَدَلَّه » وفي جلّ النّسخ: « اندبت »، وما في المتن مثل ما في البحار.

٢ - في جلّ نسخ الكتاب: « عن الحسن بن علي الميثمي »، والصّواب ما في المتن.

٣ - كأنّه ابن شعيب بن ميثم الأسديّ الثّقة.

١١١

ابن عليٍّعليهما‌السلام دمعةً حتّى تسيل على خدِّه بوَّأه الله بها في الجنّة غُرفاً يسكنها أحقاباً، وأيّما مؤمن دَمَعَتْ عيناه حتّى تسيل على خَدِّه فينا لاُذى مسّنا مِن عَدوِّنا في الدُّنيا بوَّأه الله بها في الجنّة مبوَّأ صِدقٍ، وأيّما مؤمنٍ مَسَّه أذىً فينا فَدَمَعَتْ عيناه حتّى تسيل على خَدِّه مِن مَضَاضةِ (١) ما اُوذِي فينا صرَّف اللهُ عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة مِن سَخطه والنّار ».

٢ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: إنَّ البكاء والجزع مكروهٌ للعبد في كلِّ ما جزع ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، فإنّه فيه مأجورٌ ».

٣ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين الزَّيّات، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبة، عن أبي هارون المكفوف « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام - في حديث طويل له -: ومَن ذُكِر الحسينُعليه‌السلام عنده فخرج مِن عينه مِن الدُّموع مقدار جناح ذُباب كان ثوابه على الله عزَّوجلَّ ولم يرض له بدون الجنّة ».

٤ - حكيم بن داود بن حكيم، عن سلمة بن الخطاب قال: حدثنا بكار بن أحمد القسام؛ والحسن بن عبدالواحد، عن مخول بن إبراهيم، عن الربيع ابن منذر، عن أبيه « قال: سمعت علي بن الحسينعليهما‌السلام يقول: من قطرت عيناه فينا قطرةً ودمعت عيناه فينا دمعةً بوّأه الله بها في الجنة غُرَفاً يسكنها أحقاباً وأحقاباً ».

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن حمزة بن عليَّ الأشعريّ، عن الحسن بن معاوية بن وَهب - عمّن حدّثه - عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان عليُّ بن الحسينعليه‌السلام يقول: - وذكر مثل حديث محمّد بن جعفر الرَّزَّاز سواء(٢) .

__________________

١ - المَضاضَة - بالفتح -: وجع المصيبة. ( البحار ).

٢ - أي ما تقدّم تحت رقم ١.

١١٢

٥ - حدّثني محمّد بن جعفر القُرشيِّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن عليٍّ، عن ابن أبي عُمَير، عن عليِّ بن المغيرة، عن أبي عُمارة المنشِد « قال: ما ذكر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام عند أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام في يومٍ قطّ فرُئي أبو عبداللهعليه‌السلام في ذلك اليوم متبسِّماً قطّ إلى اللَّيل ».

٦ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حماد البصريّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن مِسْمَع بن عبدالملك كِرْدين البصريّ « قال: قال لي أبو عبداللهعليه‌السلام : يا مِسْمَع أنت مِن أهل العِراق؛ أما تأتي قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قلت: لا؛ أنا رَجلٌ مشهورٌ عند أهل البصرة، وعندنا مَن يتّبع هوى هذا الخليفة، وعدوّنا كثير مِن أهل القبائل مِن النُّصّاب وغيرهم، ولستُ آمنهم أنْ يرفعوا حالي عند ولد سليمان(١) فيُمثِّلون بي(٢) ، قال لي: أفما تذكر ما صنع به؟ قلت: نعم، قال: فتجزع؟ قلت: إي والله وأستعبر لذلك حتّى يرى أهلي أثر ذلك عليَّ فأمتنع مِن الطّعام حتّى يستبين ذلك في وَجهي، قال: رحِمَ الله دَمعتَك، أما إنّك مِن الَّذين يُعدُّون مِن أهل الجزع لنا، والّذينَ يَفرحون لِفَرحِنا ويحزنون لِحُزننا ويخافون لَخوْفنا ويأمنون إذا أمنّا، أما إنّك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيّتهم ملكَ الموت بك، وما يلقّونك به مِن البشارة أفضل، ولملك الموت أرقّ عليك وأشدُّ رَحمةً لك من الاُمّ الشّفيقة على ولدها، قال: ثمَّ استعبر واستعبرتُ معه، فقال: الحمد للهِ الّذي فضّلنا على خلقِه بالرَّحمة وخصَّنا أهل البيت بالرَّحمة، يا مِسمَع إنَّ الأرض والسَّماء لتبكي مُنذُ قُتل أمير المؤمنينعليه‌السلام رَحمةً لنا، وما بكى لنا مِن الملائكة أكثر وما رَقأتْ دُموع الملائكة منذ قُتلنا، وما بكى أحدٌ رَحمةً لنا ولما لقينا إلاّ رحمه الله قبل أن تخرج الدَّمعة من عينه، فإذا سالَتْ دُموعُه على خَدِّه، فلو أنَّ قطرةً مِن دُموعِه سَقَطتْ في جهنَّم لأطْفَئتْ حَرَّها حتّى لا

__________________

١ - يعني سليمان بن عبدالملك، والمراد ولده حاكم الكوفة.

٢ - مثّل بفلان أي نكّله، وصنع به صنيعاً يحذّر غيره.

١١٣

يوجد لها حَرٌّ، وإنّ الموجع لنا قلبه ليفرح يوم يرانا عند مَوته فرحَةً لا تزال تلك الفرْحَة في قلبه حتّى يرد علينا الحوض، وإنّ الكوثر ليفرح بمحبِّنا إذا ورد عليه حتّى أنّه ليذيقه مِن ضروب الطَّعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه، يا مِسْمع مَن شرب منه شَربةً لم يظمأ بعدها أبداً، ولم يستق بعدها أبداً، وهو في بَرْدِ الكافور وريح المِسْك وطعم الزَّنجبيل، أحلى مِن العَسل، وألين مِن الزَّبد، وأصْفى مِن الدَّمع، وأذكى مِن العَنبر يخرج من تَسْنيم (١) ، ويمرُّ بأنهار الجِنان يجري على رَضْراض (٢) الدُّرِّ والياقوت، فيه من القِدْحان أكثرُ من عدد نجوم السَّماء، يوجد ريحه مِن مَسيرةِ ألف عام، قِدْحانه مِن الذَّهب والفِضّة وألوان الجوهر، يفوح في وجه الشّارب منه كلُّ فائحة حتّى يقول الشّارب منه: يا ليتني تركت ههنا لا أبغي بهذا بَدلاً، ولا عنه تَحويلاً، أما إنّك يا [ابن] كِرْدين ممّن تروي منه، وما مِن عَين بَكتْ لنا إلاّ نَعِمَتْ بالنّظر إلى الكوثر وسُقِيتْ منه (٣) ، وأنَّ الشَّارب منه ممّن أحبَّنا ليعطى مِن اللَّذَّة والطَّعم والشَّهوة له أكثر ممّا يعطاه مَن هو دونه في حُبِّنا.

وإنْ على الكوثر أمير المؤمنينعليه‌السلام وفي يده عصاً مِن عَوسَج يحطم بها أعداءَنا، فيقول الرَّجل منهم: إنّي أشهد الشَّهادتين، فيقول: انطلقْ إلى إمامك فلانٍ فاسأله أنْ يشفع لك، فيقول: تبرَّأ منّي إمامي الَّذي تذكره، فيقول: ارجع إلى ورائِك فقلْ للَّذي كنتَ تتولاّه وتقدِّمه على الخلق فاسأله إذ كان خير الخلق عِندَك أن يشفعَ لك، فإنَّ خيرَ الخلق مَن يَشفَع(٤) ، فيقول: إنّي اُهلك عَطَشاً، فيقول له: زادكَ اللهُ ظَمأُ وزادَكَ اللهُ عَطَشاً.

قلت: جُعِلتُ فِداك وكيف يقدر على الدُّنوّ مِن الحوض ولم يقدر عليه

__________________

١ - هو عين في الجنّه وهو أشرف شراب في الجنّة. ( مجمع البيان ).

٢ - الرّضراض: الحصاء، أو الصِّغار منها.

٣ - إسناد السَّقْي إلى العين مجازيٌّ لسببيّتها لذلك. ( البحار ).

٤ - في بعض النّسخ: « حقيقٌ أن لا يردّ إذا شفع ».

١١٤

غيره؟ فقال: ورع عن أشياء قبيحةٍ، وكفّ عن شتمنا [أهل البيت] إذا ذكرنا، وترك أشياء اجترء عليها غيره، وليس ذلك لِحبّنا ولا لِهوى منه لنا، ولكن ذلك لشدَّة اجتهاده في عبادته وتَدَيُّنه ولما قد شغل نفسه به عن ذكر النّاس، فأمّا قلبه فمنافق ودينه النَّصب واتّباع أهل النَّصب وولاية الماضينَ وتقدُّمه لهما على كلِّ أحدٍ ».

٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن عبدالله بن بُكَير الاُرجانيِّ(١) . وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبدالله بن زُرارة، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن عبدالله بن بُكَير « قال: حَجَجْتُ مع أبي عبداللهعليه‌السلام - في حديث طويل(٢) - فقلت: ياابن رسول الله لو نُبِش قبرُ الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام هل كان يُصابُ في قبره شيءٌ؟ فقال: ياابن بُكَير ما أعظم مسائِلُك، إنَّ الحسينعليه‌السلام مع أبيه واُمّه وأخيه في منزل رَسول اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه يُرزقون ويحبون(٣) وأنّه لعَلى يمين العَرش متعلّق ( كذا ) يقول: يارَبِّ أنْجزْ لي ما وَعَدتَني، وإنّه لينظر إلى زُوَّاره، وأنّه أعرف بهم وبأسمائهم وأسماءِ آبائهم وما في رِحالهم من أحَدِهم بولده، وأنّه لينظر إلى مَن يبكيه فيستغفر له ويسأل أباه الاستغفار له، ويقول: أيّها الباكي

__________________

١ - قال العلاّمة الأمينّيرحمه‌الله : أرّجان بفتح أوّله وتشديد ثانيه تارة، وبالتّخفيف اُخرى -: مدينة مِن بلاد فارِس، وفي بعض النّسخ: « ارحمانيّ »، وأظنّه تصحيف أرْخُمانيّ - بالفتح ثم السكون وضم الخاء المعجمة -: بلدة من مدن فارس. و « عبدالله بن بكير » أو « عبدالله بن بكر » - كما في بعض النسخ - ليس هو من ولد أعين، وله ابن اسمه الحسين ابن عبدالله الأرجانيّ.

٢ - سيأتي الخبر بتمامه في باب نوادر الزّيارات تحت رقم ٢.

٣ - فيه سقط، والسّاقط قوله: « كما يرزقون، فلو نُبِشَ في أيّامه لوُجِدَ، وأمّا اليوم فهو حيُّ عند ربّه يرزق وينظر إلى مُعَسكَره، وينظر إلى العرش متى يؤمر أن يحمله - إلخ ». كما يأتي في النّوادر.

١١٥

لَو عَلِمتَ ما أعدّ اللهُ لك لَفَرِحْتَ أكثر ممّا حَزِنْتَ، وإنّه ليستغفر له مِن كلِّ ذنبٍ وخطيئةٍ ».

٨ - حدَّثني حكيم بن داود، عن سَلَمةَ، عن يعقوبَ بن يزيدَ، عن ابن أبي عُمير، عن بكر بن محمّد، عن فُضيل بن يَسار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن ذُكِرنا عندَه ففاضَتْ عَيناه ولو مثل جَناح بَعُوضةٍ(١) غُفِرَ له ذنوبُه ولو كانت مِثلَ زَبَد البَحر ».

حدَّثني محمّد بن عبدالله، عن أبيه، عن أحمدَ بنِ أبي عبدالله البَرقيِّ، عن أبيه، عن بَكرِ بنِ محمّد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

٩ - حدَّثني حكيم بن داود، عن سَلَمة بن الخطّاب، عن الحسن بن عليِّ، عن العَلاء بن رَزين القَلاّء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: أيّما مؤمنٍ دَمَعَتْ عيناه لِقَتلِ الحسينعليه‌السلام دَمْعَةً حتّى تَسيل على خَدِّه بَوَّأه الله بها غُرفاً في الجنّة يَسكنها أحقاباً ».

١٠ - وعنه، عن سَلَمَةَ، عن عليِّ بن سَيف، عن بَكر بن محمّد، عن فَضَيل بن فَضالة(٢) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن ذُكِرْنا عِنده ففاضَتْ عَيناه حرَّم اللهُ وَجْهَه على النّار ».

الباب الثّالث والثّلاثون

( مَن قال في الحسين عليه السلام شعراً فبكى وأبْكى)

١ - حدَّثنا أبو العبّاس القُرشيُّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبَة، عن أبي هارونَ المكفوف « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا أبا هارون أنشدني في الحسينعليه‌السلام ؟ قال: فأنشدته فبكى،

__________________

١ - في بعض النّسخ: « مثل جناح ذُباب ».

٢ - عدَّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السلام، وقال: « الفضيل بن فضالة التّغلبيّ، كوفيّ ». وفي بعض النّسخ: « عن فضيل؛ وفضالة، عن أبي عبدالله عليه السلام ».

١١٦

فقال: أنشدني كما تنشدون - يعني بالرّقّة - قال: فأنشدته:

امْرُرْ عَلى جَدَثِ (١) الحسينِ

فَقُلْ لأعْظُمِهِ الزَّكيَّة

 قال: فبكى، ثمَّ قال: زِدْني، قال: فأنشدته القصيدة الاُخْرى، قال: فبكى، وسمعتُ البكاء مِن خلفِ السَّتر، قال: فلمّا فرغتُ قال لي: يا أبا هارون مَن أنشد في الحسين شِعراً فبكى وأبكى عَشْراً كُتبتْ لهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين شِعراً فبكى وأبكى خمسةً كُتبت لهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى واحداً كُتبتْ لهما الجنّة، ومَن ذكر الحسينعليه‌السلام عنده فخَرج مِن عينه مِن الدُّموع مِقدار جَناح ذُباب كان ثوابه على الله، ولم يَرضَ له بدون الجنّة ».

٢ - حدَّثني أبو العبّاس(٢) ، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن عليِّ بن أبي عثمان، عن الحسن بن عليِّ بن أبي المغيرة، عن أبي عُمارة المُنْشِد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال لي: يا أبا عُمارة أنْشِدْني في الحسينعليه‌السلام ، قال: فأنشدته فبكى، ثمَّ أنشدته فبكى، ثمّ أنشدته فبكى، قال: فوالله ما زلتُ أُنشِدُه ويبكي حتّى سَمعتُ البكاء مِن الدَّار، فقال لي: يا أبا عُمارة مَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فأبكى خمسينَ فله الجنَّة، ومَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فأبكى أربعين فلَه الجنّة، ومَن أنشد في الحسين شِعراً فأبكى ثلاثين فلَهُ الجنة، ومَن أنشَدَ في الحسينِ شِعراً فأبكى عشرين فلَه الجنّة، ومن أنشدَ في الحسين شِعراً فأبكى عشرة فلَه الجنّة، ومَن أنشَدَ في الحسينعليه‌السلام شِعراً فأبكى واحِداً فله الجنّة، ومَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فبكى فلَه الجنّة، ومَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فتباكى فلَه الجنّة ».

٣ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي عُمَير، عن عبدالله بن حسّان، عن ابن أبي شعبة(٣) ، عن عبدالله بن غالب « قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام فأنشدته مَرْثِيةَ الحسينعليه‌السلام ، فلمّا انتهيتُ إلى هذا الموضع:

لَبلِيَّة تَسقو حُسَيناً

بمَسقاةِ الثَّرى غَير التُّرابِ

 فصاحت باكية من وراء السّتر: واأبتاه!!! ».

__________________

١ - الجدث: القبر.

٢ - يعني الرّزّاز.

٣ - هو عبيدالله بن علي بن أبي شعبة الحلبيّ.

١١٧

٤ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبَة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أنشَدَ في الحسينعليه‌السلام بيت شعرٍ فبكى وأبكى عشرةً فله ولهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى وأبكى تسعةً فله ولهم الجنّة، فلم يزل حتّى قال: مَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى - وأظنّه قال: أو تباكى - فله الجنّة ».

٥ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيلَ، عن صالح بن عُقْبَة، عن أبي هارونَ المكفوف « قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام فقال لي: أنشِدْني، فأنشدتُه، فقال: لا؛ كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره، قال: فأنشدته:

أُمْرُرُ عَلى جَدَثِ الحُسَينِ

فَقُل لأعْظُمِهِ الزَّكيَّةِ

قال: فلمّا بكى أمسكت أنا، فقال: مُرَّ، فمررت، قال: ثمَّ قال: زِدني زِدني، قال: فأنشدته:

يا مَريمُ قُومي فانْدُبي مَولاكِ

وَعَلى الحُسَين فأسْعِدي بِبُكاكِ

قال: فبكى وتهايج النّساء!! قال: فلمّا أن سَكتن قال لي: يا أبا هارون مَن أنشد في الحسينعليه‌السلام فأبكى عشرة فله الجنّة، ثمَّ جعل ينقّص واحِداً واحِداً حتّى بلغ الواحد، فقال: من أنشد في الحسين فأبكى واحِداً فله الجنّة، ثمّ قال: مَن ذَكرَه فبكى فله الجنّة ».

٦ - وروي عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: لكلِّ شيءٍ ثواب إلاّ الدَّمعة فينا »(١) .

٧ - حدّثني محمّد بن أحمد بن الحسين العسكريّ، عن الحسن بن عليِّ بن مهزيار، عن أبيه، عن محمّد بن سِنان، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أنشد في الحسين بيتَ شعرٍ فبكى وأبكى

__________________

١ - أي ثواب معيّن إلاّ الدّمعة فينا، فلها ثواب لا يعلم حدّه، وذلك كناية عن كثرة الثَواب. وفي البحار: « لكلّ سرّ - إلخ » وله بيان راجع ج ٤٤ ص ٢٨٧.

١١٨

عشرةً فله ولهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى وأبكى تسعةً فله ولهم الجنّة، فلم يزل حتّى قال: مَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى - وأظنّه قال: أو تباكى - فله الجنّة ».

الباب الرّابع والثّلاثون

( ثواب مَن شَرِب الماءَ وذَكر الحسين عليه السلام ولعنَ قاتلَه)

١ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيُّ، عن محمّد بن الحسين، عن الخشّاب، عن عليِّ بن حَسّان، عن عبدالرَّحمن بن كثير، عن داودَ الرَّقّيّ « قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام إذ استسقى الماءَ، فلمّا شربه رأيته قد استعبر واغْرَورَقتْ عَيناه بدُمُوعِه، ثمَّ قال لي: يا داودُ لعن الله قاتل الحسين، فما مِن عبدٍ شرب الماءَ فذكر الحسينعليه‌السلام ولعنَ قاتله إلاّ كتب الله له مائة ألف حَسَنةٍ، وحطّ عنه مائة ألف سيّئةٍ، ورفع له مائة ألف درجةٍ، وكأنّما أعتق مائة ألف نَسَمةٍ، وحَشَره الله تعالى يوم القيامة ثلجَ الفُؤاد(١) ».

حدَّثني محمّد بن يعقوبَ، عن عليِّ بن محمّد، عن سَهل بن زياد، عن جعفر بن إبراهيم الحَضرَميّ، عن سعد بن سعد مثله(٢) .

الباب الخامس والثّلاثون

( بكاء « عليّ بن الحسين » على « الحسين بن علي » عليهم السلام)

١ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن جماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أبي داود المُسترق - عن بعض أصحابنا - عن

__________________

١ - أي مطمئنّة.

٢ - فيه كلام، راجع البحار ج ٤٤ ص ٣٠٣ و ٣٠٤. والخبر مذكور في الكافي ج ٦ ص ٣٩١ وسنده غير ما ذكر في الكتاب، وكذا في البحار.

١١٩

أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: بكى عليُّ بن الحسين على أبيه حسين بن عليٍّ صلوات الله عليهما عشرين سَنَة - أو أربعين سَنَة(١) -، وما وضع بين يديه طعاماً إلاّ بكى على الحسين حتّى قال له مولى له: جُعلتُ فِداك يا ابن رَسول الله إنّي أخاف عليك أن تكون مِن الهالِكين، قال: «إنَّما أشْكُو بَثِّي وَحُزْني إلى اللهِ وأعْلمُ مِنَ اللهِ ما لا يَعْلَمُون (٢) »، إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة إلاّ خَنَقَتني العَبرة(٣) لذلك ».

٢ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزَّيّات، عن عليِّ بن أسباط، عن إسماعيلَ بن منصور - عن بعض أصحابنا - « قال: أشرف مولى لعليِّ بن الحسينعليهما‌السلام وهو في سقيفة له ساجدٌ يبكي، فقال له: يا مولاي يا عليَّ بن الحسين أما آنَ لِحُزنك أن ينقضي؟ فرفع رأسَه إليه وقال: ويلك - أو ثَكَلَتكَ اُمُّك - [والله] لقد شكى يعقوبُ إلى رَبّه في أقلّ ممّا رأيت حتّى قال: « يا أسَفى عَلى يُوسُفَ(٤) »، إنّه فَقَدَ ابْناً واحِداً، وأنا رَأيت أبي وجماعة أهل بيتي يُذبَّحون حَولي، قال: وكان عليُّ بن الحسينعليهما‌السلام يميل إلى ولد عقيل، فقيل له: ما بالك تميل إلى بني عَمّك هؤلاء دون آل جعفر؟ فقال: إنّي أذكر يومهم مع أبي عبدالله الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام فأرقّ لهم »(٥) .

__________________

١ - الشّكّ من الرّاوي. وعاش السّجّاد بعد أبيهعليهما‌السلام ٣٤ سنة.

٢ - يوسف: ٨٦. وهو قول يعقوبعليه‌السلام حين قال ولده: «تَالله تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى تَكُونَ حَرَضاً أوْ تَكُونَ مِنَ الهلكينَ *قال إنّما أشكو - الآية ». وقال في المجمع: قيل: البث ما أبداه والحزن ما أخفاه.

٣ - خنقه خنقاً عصر حلقه حتى يموت.

٤ - يوسف: ٨٤.

٥ - الّذين قتلوا مع الحسينعليه‌السلام مِن أولاد عقيل ستّة بل سبعة، وهم: ١ - عبدالرّحمن بن عقيل واُمّه اُمّ ولد، ٢ - جعفر بن عقيل، واُمّه اُمّ الثّغر بنت عامر، ٣ - عبدالله بن عقيل، واُمّه اُمّ ولد. ٤ - محمّد بن مسلم بن عقيل، واُمّه اُمّ ولد، ٥ - عبدالله بن مسلم، واُمّه رقية بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام ،

٦ - محمّد بن أبي سعيد الأحول ابن عقيل، اُمّه اُمّ ولد، وهؤلاء مع مسلم بن عقيل صاروا سبعة، وأمّا من أولاد جعفر بن أبي طالب المقتول بكربلاء ثلاثة، وهم: عون بن عبدالله بن جعفر، واُمّه زينب عليها السلام، محمّد وعبيدالله ابنا عبدالله بن جعفر، واُمّهما خوصاء. ثمّ إنّ عقيل عاش معدماً، وعبدالله بن جعفر بخلافه، كما في الإصابة لابن حجر وغيرها.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400