تذكرة الفقهاء الجزء ١٣

تذكرة الفقهاء15%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-389-6
الصفحات: 400

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 400 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 125420 / تحميل: 5208
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٨٩-٦
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

بمنى دون مكة(١) ، فإن لم يتمكن منها صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو عند أهله(٢) ، والأحوط الاولى أن تكون متواليات(٣) .

ويجري هذا الحكم في من أفاض من عرفات نسياناً أو جهلا منه بالحكم، فيجب عليه الرجوع بعد العلم أوالتذكر، فإن لم يرجع حينئذ فعليه الكفارة على الاحوط(٤) .

مسألة ٢٧٦: إن جملة من مناسك الحج كالوقوف في عرفات وفي المزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى، بما أن لها أياما وليالي خاصة من شهر ذي الحجة الحرام، فوظيفة المكلف أن يتحرى رؤية هلال هذا الشهر ليتسنى له الإتيان بمناسك حجه في أوقاتها.

وإذا ثبت الهلال عند قاضي الديار المقدسة، وحكم على طبقه،

____________________

رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس، قال: عليه بدنة ينحرها يوم النحر، فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو في أهله.

(١) كما هو ظاهر صحيحة ضريس، اذ قولهعليه‌السلام «ينحرها يوم النحر» كناية عن النحر في منى والقرينة واضحة فتدبر.

(٢) للصحيحة المتقدمة.

(٣) خروجا عن خلاف المحقق في الشرائع وصاحب الجواهر.

(٤) وجه الاحتياط أن موضوع الكفارة في النصوص الافاضة العمدية، وبإطلاقها قد تكون شاملة للمقام وهو لايخلو من قوة.

٢٤١

وفرض مخالفته للموازين الشرعية، فقد يقال بحجيته حكمه في حق من يحتمل مطابقته مع الواقع، فيلزمه متابعته وترتيب آثار ثبوت الهلال فيما يرتبط بمناسك حجه من الوقوفين وغيرهما، فإذا فعل ذلك حكم بصحة حجه وإلا كان محكوما بالفساد.

بل قد يقال بالاجتزاء بمتابعة حكمه حتى فيما لم يحتمل مطابقته مع الواقع في خصوص ماتقتضي التقية الجري على وفقه.

ولكن كلا القولين في غاية الإشكال(١) ، وعلى هذا فإن تيسر للمكلف أداء أعمال الحج في أوقاتها الخاصة حسبما تقتضيه الطرق المقررة لثبوت الهلال وأتى بها صح حجه مطلقا على الأظهر.

وإن لم يأت بها كذلك - ولو لعذر - فإن ترك أيضا اتباع رأي القاضي في الوقوفين فلا شك في فساد حجه، وأما مع اتباعه ففي صحة حجه إشكال.

____________________

(١) للقصور في دلالة النصوص، وجزم السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته بالاجزاء في صورة احتمال المخالفة، وفصل بعض الاساتذة في صورة العلم بالخلاف بين كون التقية مستوعبة للوقت او لا، فيجزي في الاول دون الثاني وله شواهد في باب الصلاة، ويمكن استشعار الصحة مطلقا من معتبرة ابي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام قال: الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس والصوم يوم يصوم الناس.

٢٤٢

الوقوف في المزدلفة

وهو الثالث من واجبات حجّ التمتع.

والمزدلفة اسم لمكان يقال له: المشعر الحرام، وحدّ الموقف من المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسر، وهذه كلها حدود المشعر وليست بموقف إلا عند الزحام وضيق الموقف، فإنه يجوز حينئذ الارتفاع الى المأزمين(١) .

مسألة ٢٧٧: يجب على الحاجّ - بعد الإفاضة من عرفات - أن يبيت شطرا من ليلة العيد بمزدلفة حتى يصبح بها، والاحوط أن يبقى فيها إلى طلوع الشمس(٢) ، وإن كان الاظهر جواز الإفاضة منها إلى وادي

____________________

(١) ففي موثقة سماعة قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : إذا كثر الناس بمنى وضاقت عليهم كيف يصنعون ؟ فقال: يرتفعون إلى وادي محسر، قلت: فإذا كثر الناس بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون ؟ قال: يرتفعون إلى المأزمين، قلت: فإذا كانوا بالموقف وكثروا وضاق عليهم كيف يصنعون ؟ فقال: يرتفعون إلى الجبل.

(٢) تبعا للاكثر.

٢٤٣

محسر قبل الطلوع بقليل(١) .

نعم لايجوز تجاوز الوادي إلى منى قبل أن تطلع الشمس(٢) .

مسألة ٢٧٨: الوقوف في تمام الوقت المذكور وإن كان واجباً في حال الاختيار إلا أن الركن منه هو الوقوف في الجملة.

فإذا وقف بالمزدلفة مقدارا من ليلة العيد ثم أفاض قبل طلوع الفجر صح حجه على الاظهر وعليه كفارة شاة إن كان عالماً، وإن كان جاهلا فلا شيء عليه(٣) .

____________________

(١) تشهد له صحيحة هشام عنهعليه‌السلام قال: لاتجاوز وادي محسر حتى تطلع الشمس »، وفي موثقة اسحاق قال: سألت أبا ابراهيمعليه‌السلام أي ساعة أحب إليك أن أفيض من جمع ؟ قال: قبل أن تطلع الشمس بقليل فهو أحب الساعات إليّ، قلت: فان مكثنا حتى تطلع الشمس ؟ قال: لابأس »، ومثلها صحيحة معاوية بن حكيم، وعن ابن مهزيار عمن حدثه عن حماد عن جميل عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ينبغي للإمام أن يقف بجمع حتى تطلع الشمس وسائر الناس إن شاءوا عجلوا وإن شاءوا أخروا »، وفي صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام قال: ثم أفض حيث يشرق لك ثبير وترى الابل مواضع أخفافها.

(٢) كما هو مقتضي صحيحة هشام.

(٣) تدل عليه صحيحة مسمع عن ابي ابراهيمعليه‌السلام في رجل

=

٢٤٤

وإذا وقف مقدارا مما بين الطلوعين ولم يقف الباقي ولو متعمداً صح حجه أيضا ولاكفارة عليه وإن كان آثما(١) .

مسألة ٢٧٩: يستثنى من وجوب الوقوف بالمزدلفة بالمقدار المتقدم الخائف والصبيان والنساء والضعفاء - كالشيوخ والمرضى - ومن يتولى شؤونهم، فإنه يجوز لهؤلاء الاكتفاء بالوقوف فيها ليلة العيد والإفاضة منها إلى منى قبل طلوع الفجر(٢) .

مسألة ٢٨٠: يعتبر في الوقوف بالمزدلفة نية القربة والخلوص(٣) ، كما يعتبر فيه أن يكون عن قصد نظير مامر في الوقوف بعرفات.

مسألة ٢٨١: من لم يدرك الوقوف الاختياري - الوقوف في الليل والوقوف فيما بين الطلوعين - في المزدلفة لنسيان أولعذر آخر أجزأه

____________________

=

وقف مع الناس بجمع، ثم أفاض قبل أن يفيض الناس، قال: إن كان جاهلا فلا شيء عليه، وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة» وهي كما ترى ظاهر في وجوب الكفارة على من أفاض قبل الفجر مطلقا حتى الجاهل، لوجه المقابلة فتدبر.

(١) اما عدم الكفارة فلعدم الدليل، واما الاثم فلترك الواجب.

(٢) بلا خلاف في ذلك لجملة من النصوص.

(٣) لكونها عبادة متقومة بذلك.

٢٤٥

الوقوف الاضطراري(١) - الوقوف قليلا فيما بين طلوع الشمس الى زوالها يوم العيد - ولو تركه عمداً فسد حجه(٢) .

إدراك الوقوفين أو أحدهما

تقدم أن كلاً من الوقوفين - الوقوف في عرفات والوقوف في المزدلفة - ينقسم الى قسمين: اختياري واضطراري، فإذا أدرك المكلف الاختياري من الوقوفين كليهما فلا إشكال، وإن فاته ذلك لعذر فله صور:

الاولى: أن لايدرك شيئا من الوقوفين - الاختياري منهما والاضطراري - أصلا، ففي هذه الصورة يبطل حجه ويجب عليه الإتيان بعمرة مفردة بنفس إحرام الحج(٣) .

وإذا كان حجه حجة الإسلام وجب عليه اداء الحج بعد ذلك

____________________

(١) بلا خلاف في ذلك للنصوص.

(٢) لتركه الركن بترك بدله الاضطراري.

(٣) نصاً واجماعاً.

٢٤٦

فيما اذا كانت استطاعته باقية أو كان الحج مستقراً في ذمته(١) .

الثانية: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات والاضطراري في المزدلفة.

الثالثة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في عرفات والاختياري في المزدلفة.

ففي هاتين الصورتين يصحّ حجه بلا إشكال(٢) .

الرابعة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في كل من عرفات والمزدلفة، والاظهر في هذه الصورة صحة حجه(٣) ، وإن كان الاحوط إعادته(٤) بعد ذلك كما في الحالة المتقدمة في الصورة الاولى(٥) .

____________________

(١) ووجهه ظاهر.

(٢) للنص والاجماع.

(٣) لقولهعليه‌السلام في صحيحة العطار: إذا أدرك الحاج عرفات قبل طلوع الفجر، فأقبل من عرفات ولم يدرك الناس بجمع ووجدهم قد أفاضوا، فليقف قليلا بالمشعر الحرام وليلحق الناس بمنى ولاشيء عليه.

(٤) والظاهر أنه لاوجه لهذا الاحتياط، إلا أن يكون خروجا عن خلاف من تردد او حكم بالبطلان.

(٥) اذا كانت استطاعته باقية او كان الحج مستقرا عليه.

٢٤٧

الخامسة: أن يدرك الوقوف الاختياري في المزدلفة فقط، ففي هذه الصورةيصح حجه أيضا(١) .

السادسة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في المزدلفة فقط والاظهر في هذه الصورة بطلان الحج(٢) وانقلابه الى عمرة مفردة.

____________________

(١) بلا خلاف في ذلك وتدل عليه جملة من النصوص منها صحيحة معاوية المتقدمة.

(٢) كما هو المشهور، لجملة من النصوص الصريحة الصحيحة، وفي قبالها طائفة اخرى تدل على الصحة بالاطلاق، فيرفع اليد عنها تقديما للنص على الظاهر، اذ لسان الثانية «من ادرك المشعر يوم النحر قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج» فبإطلاقها تشمل من لم يدرك عرفات اصلا، اما لسان الاولى ففي صحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل يأتي بعدما يفيض الناس من عرفات، فقال: ان كان في مهل حتى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها، ثم يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا، فلايتم حجه حتى يأتي عرفات، وإن قدم رجل وقد فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام فإن الله تعالى أعذر لعبده فقد تم حجه اذا ادرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل أن يفيض الناس، فان لم يدرك المشعر الحرام، فقد فاته الحج فليجعلها عمرة مفردة وعليه الحج من قابل » وهى ناصة على بطلان من أدرك المشعر الاضطراري كما لايخفي.

وذهب بعض الاساتذة الى التفصيل بين حج التمتع والافراد، فذهب الى

=

٢٤٨

السابعة: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات فقط، والأظهر في هذه الصورة أيضا بطلان الحج(١) فينقلب حجه الى

____________________

=

الصحة في الاول والبطلان في الثاني، لكون أدلة الصحة بعضها صريح في التمتع والاخر مطلق، وأدلة البطلان بعضها مقيد بالافراد والاخر مطلق من حيث نوعية الحج، ففي صحيحة حريز قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل مفرد للحج فاته الموقفان جميعا، فقال له الى طلوع الشمس يوم النحر فان طلعت الشمس من يوم النحر فليس له حج ويجعلها عمرة وعليه الحج من قابل » ومثلها رواية اسحاق.

وفي صحيحة جميل: من أدرك المشعر يوم النحر قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج، ومن ادرك يوم عرفة قبل زوال الشمس فقد أدرك المتعة.

(١) خلافا للمشهور والمعروف بين الاصحاب، وفي الجواهر نفى الخلاف المحقق في صحة الاجتزاء به بل في المنتهى أنه موضع وفاق، تبعا لعدة من النصوص.

ففي صحيحة الخثعمي عن ابي عبداللهعليه‌السلام أنه قال في رجل لم يقف بالمزدلفة ولم يبت بها حتى أتي منى، قال: ألم ير الناس؟ ألم ينكر منى حين دخلها ؟ قلت: فإنه جهل ذلك، قال: يرجع، قلت: إن ذلك قد فاته، قال: لابأس.

وفي صحيحة معاوية قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : مملوك اعتق يوم عرفة ؟ قال: إذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحج»، وفي صحيحته

=

٢٤٩

العمرة المفردة، ويستثنى من ذلك ما إذا مر بمزدلفة في الوقت الاختياري في طريقه الى منى، ولكن لم يقصد الوقوف بها جهلا منه بالحكم، فإنه لايبعد صحة حجه حينئذ إذا كان قد ذكر الله تعالى عند مروره بها(١) .

____________________

=

الاخرى عنهعليه‌السلام في مملوك اعتق يوم عرفة، قال: اذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحج، وإن فاته الموقفان فقد فاته الحج، ويتم حجه ويستأنف حجة الإسلام فيما بعد » فدلالتها صريحة بل نص في اجزاء أحد الموقفين ولاخصوصية قطعا للعبد اذ قولهعليه‌السلام «اذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحج » حكم كلي أحد موارده العبد المعتوق ليلة عرفة.

أما قولهعليه‌السلام في حسنة الحلبي « اذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحج » فهو قابل للتقييد، أو الحمل على أن الانسان اذ قدم وقد فاتته المزدلفة فقد فاته الحج بخلاف ما اذا قدم وقد فاته عرفات فإن الحج لايفوت بفواته، فهي في مقام تحديد آخر مايمكن أن يدرك به الحج، فما عليه المشهور هو المعتمد خلافا للعلامة وغيره من المعاصرين، والله العالم.

(١) ففي صحيحة ابن حكيم قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : أصلحك الله الرجل الاعجمي والمرأة الضعيفة تكونان مع الجمال الاعرابي، فإذا أفاض بهم من عرفات مر بهم كما هو إلى منى لم ينزل بهم جمعا، قال: أليس قد صلوا بها، فقد أجزأهم، قلت: فإن لم يصلوا بها ؟ قال: فذكروا الله فيها، فإن كانوا ذكروا الله فيها فقد أجزأهم.

٢٥٠

الثامنة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في عرفات فقط، ففي هذه الصورة يبطل حجه(١) وينقلب الى العمرة المفردة.

منى وواجباتها

يجب على الحاج بعد الوقوف في المزدلفة الإفاضة الى منى، لاداء الأعمال الواجبة هناك، وهي كما نذكرها تفصيلا ثلاثة:

١ - رمي جمرة العقبة

الرابع - من واجبات الحج -: رمي جمرة العقبة يوم النحر ويعتبر فيه أمور:

١ - نية القربة والخلوص.

٢ - أن يكون الرمي بسبع حصيات، ولايجزىء الأقل من ذلك، كما لايجزىء رمي غيرها من الأجسام.

٣ - أن يكون رمي الحصيات واحد بعد واحدة، فلا يجزىء

____________________

(١) لعدم الدليل على الصحة.

٢٥١

رمي اثنتين أو أكثر مرة واحدة.

٤ - أن تصل الحصيات إلى الجمرة فلا يحسب مالا يصل(١) .

٥ - أن يكون وصولها الى الجمرة بسبب الرمي، فلا يجزىء وضعها عليها(٢) .

٦ - أن يكون كل من الاصابة والرمي بفعله(٣) ، فلو كانت الحصاة بيده فصدمه حيوان أو انسان وألقيت إلى الجمرة لم يكف، وكذا لو ألقاها فوقعت على حيوان أو انسان فتحرك فحصلت الإصابة بحركته(٤) .

نعم، إذا لاقت الحصاة في طريقها شيئا ثم أصابت الجمرة - ولو بصدمته كما لو وقعت على أرض صلبة فطفرت فأصابتها - فالظاهر الإجزاء(٥) .

____________________

(١) نصاً واجماعاً وسيرةً في كل مامر.

(٢) لعدم تحقق الرمي.

(٣) ووجه واضح.

(٤) ففي صحيحة معاوية: اذا رميت بحصاة فوقعت في محمل فأعد مكانها.

(٥) تشهد له صحيحة معاوية وفيها: وإن اصابت انساناً أو جملاً ثم وقعت على الجمار أجزأك.

٢٥٢

٧ - أن يكون الرمي بيده(١) ، فلو رمى الحصيات بفمه أو رجله لم يجزئه، وكذا لو رماها بآلة - كالمقلاع - على الاحوط(٢) .

٨ - أن يكون الرمي بين طلوع الشمس وغروبها(٣) ، ويجزىء للنساء وسائر من رخص لهم الإفاضة من المشعر في الليل أن يرموا بالليل (ليلة العيد).

* مسألة ٢٨٢: من يتولى شؤون المعذورين والنساء اذا استغني عن مرافقته لهم في نهار يوم العيد بمقدار الرمي لم يجزئه الرمي ليلا(٤) .

____________________

(١) لانصراف الرمي إليه وهو القدر المتيقن، مؤيدا ببعض النصوص، ففي مصححة أبي بصير قال: قال ابو عبداللهعليه‌السلام : خذ حصى الجمار بيدك اليسرى وارم باليمنى »، وفي صحيحة البزنطي عن ابي الحسنعليه‌السلام قال: حصى الجمار تكون مثل الأنملة - الى ان قال - تخذفهن خذفا وتضعها على الإبهام وتدفعها بظفر السبابة.

(٢) وجه التوقف صدق الرمي باليد، مع مخالفتها للسيرة الجارية والعادة المتبعة من زمان المعصومين الى الان.

(٣) نصاً واجماعاً.

(٤) لعدم العذر الموجب لجواز الرمي ليلا.

٢٥٣

مسألة ٢٨٣: إذا شك في الاصابة وعدمها بنى على العدم(١) إلا مع التجاوز عن المحل، كما إذا كان الشك بعد الذبح أو الحلق أو بعد دخول الليل(٢) .

مسألة ٢٨٤: يعتبر في الحصيات أمران:

١ - أن تكون من الحرم سوى المسجد الحرام ومسجد الخيف(٣) ، والافضل أخذها من المشعر(٤) .

٢ - أن تكون أبكاراً على الاحوط(٥) ، بمعنى أن لاتكون

____________________

(١) اذ الاصل عدم الاصابة.

(٢) لقاعدة الفراغ وكذا التجاوز.

(٣) لقولهعليه‌السلام في معتبرة حنان: يجزيك أن تأخذ حصى الجمار من الحرم كله، إلا من المسجد الحرام ومسجد الخيف.

(٤) لقولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية: خذ حصى الجمار من جمع، وإن أخذته من رحلك بمنى أجزأك.

(٥) بلاخلاف وقد ادعي عليه الاجماع، وتدل عليه عدة من النصوص:

ففي مرسلة حريز عمن أخبره عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته من أين ينبغي أخذ حصى الجمار ؟ قال: لاتأخذ من موضعين: من خارج الحرم ومن حصى الجمار، ولابأس بأخذه من سائر الحرم.

وفي حسنة عبد الاعلى عنهعليه‌السلام في حديث: لاتأخذ من حصى

=

٢٥٤

مستعملة في الرمي قبل ذلك، ويستحب فيها أن تكون ملوّنة ومنقّطة ورخوة، وإن يكون حجمها بمقدار أنملة، وإن يكون الرامي راجلا، وعلى طهارة(١) .

مسألة ٢٨٥: إذا زيد على الجمرة في ارتفاعها ففي الاجتزاء برمي المقدار الزائد اشكال(٢) ، فالاحوط أن يرمي المقدار الذي كان سابقا، فإن لم يتمكن من ذلك رمى المقدار الزائد بنفسه واستناب شخصا آخر لرمي المقدار المزيد عليه، ولافرق في ذلك بين العالم

____________________

=

الجمار » وزاد عليه الصدوق «الذي قد رمي».

وحيث ان هذه النصوص على مذاق الاعلام ضعيفة السند وعدم انجبار الرواية بعمل المشهور فالمقام يقتضي الاحتياط.

(١) كل ذلك تبعاً لجملة من النصوص فراجع.

(٢) الظاهر من جملة من الروايات ان الواجب هو رمي موضع الجمرة الذي تمثل فيه الشيطان لابراهيمعليه‌السلام ، فرمي المقدار الزائد على ماكان يصدق عليه أنه رمي لموضع الجمرة، إذ البناء ماهو إلا رمز لهذا الشعار وإنه في هذا الموضع لافي آخر، مضافا الى تجدد البناء مرات عديدة طوال التاريخ - بل في عصر الائمةعليهم‌السلام - وهذا امر لايمكن ان ينكر، إذ استمرار عملية الرمي يستلزم منه تهشم الجمرة في السنة الواحدة فضلا عن السنوات المتعاقبة، ولم نر في اسئلة الرواة مايثير الشك في ذلك.

٢٥٥

والجاهل والناسي.

* مسألة ٢٨٦: الجدار الخلفي لجمرةالعقبة الذي أزيل أخيراً لايجتزى به على الاحوط إن لم يكن أقوى(١) .

* مسألة ٢٨٧: لايعتبر الكون في منى عند القيام برمي جمرة العقبة، فلا مانع من الوقوف حال الرمي بعيداً عنها من جهة وجهها(٢) ، بل يستحب أن يقف الرامي بعيداً بمقدار عشرة أذرع أو خمسة عشر ذراعاً.

مسألة ٢٨٨: إذا لم يرم يوم العيد لعارض من نسيان أو جهل بالحكم أو غيرهما لزمه التدارك متى ارتفع العارض(٣) ، ولو كان

____________________

(١) وذهب السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته الى الاجتزاء.

(٢) لعدم إشتراطه في النصوص.

(٣) تشهد له صحيحة معاوية قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام ماقولك في امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتى نفرت الى مكة ؟ قال: فلترجع ولترم الجمار، كما كانت ترمي والرجل كذلك » ومقتضى اطلاق وجوب الرجوع للرمي وإن كان بعد ايام التشريق، وذهب المشهور بل لم ينقل الخلاف من وجوب الرجوع مادامت لم تنقضي ايام التشريق، تمسكاً بحسنة عمر بن يزيد عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتى تمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها من قابل، فان لم يحج رمى عنه

=

٢٥٦

ارتفاعه في الليل أخر التدارك الى النهار، إذا لم يكن ممن رخص له الرمي ليلا كماسيأتي في رمي الجمار.

والظاهر وجوب التدارك عند ارتفاع العارض مادام الحاج بمنى، بل وفي مكة، حتى ولو كان ذلك بعد اليوم الثالث عشر، وإن كان الأحوط في هذه الصورة أن يعيد الرمي في السنة القادمة بنفسه إن حج أوبنائبه إن لم يحج(١) .

وإذا ارتفع العارض بعد خروجه من مكة فلا يجب عليه الرجوع(٢) ، بل يرمي في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه على الاحوط

____________________

=

وليه، فإن لم يكن له ولي استعان برجل من المسلمين يرمي عنه، فانه لايكون رمي الجمار إلا في أيام التشريق » وتوقف بعض الاعلام فيها لضعف سندها لوجود محمد بن عمر بن يزيد وهو لم يوثق، لكن يمكن اعتبار حاله لانه من اصحابنا المصنفين وقد ذكره الشيخ والنجاشي مع عدم طعن الاخير فيه وهو من أمارات الحسن اذ من دأبه الطعن او المدح.

(١) خروجا عن خلاف المشهور، وعملا بإطلاق صحيحة معاوية.

(٢) تشهد له صحيحة معاوية وفيها: فان نسيها حتى اتى مكة، قال: يرجع فيرمي متفرقا يفصل بين كل رميتين بساعة، قلت: فانه نسي أو جهل حتى فاته وخرج، قال: ليس عليه أن يعيد.

٢٥٧

الاولى(١) .

مسألة ٢٨٩: إذا لم يرم يوم العيد نسياناً أو جهلاً، فعلم أو تذكر بعد الطواف فتداركه لم تجب عليه إعادة الطواف(٢) ، وإن كانت الإعادة أحوط(٣) .

وأما اذا كان الترك لعارض آخر - سوى الجهل او النسيان - فالظاهر بطلان طوافه، فيجب عليه أن يعيده بعد تدارك الرمي(٤) .

٢ - الذبح أو النحر في منى

وهو الخامس من واجبات حج التمتع.

ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، وعدم تقديمه على نهار يوم العيد إلا للخائف ن فإنه يجوز له الذبح والنحر في ليلته(٥) ، ويجب

____________________

(١) لحسنة ابن يزيد وإطلاق صحيحه معاوية المتقدمة.

(٢) لعدم الامر به في النصوص.

(٣) رعاية للترتيب.

(٤) لاخلاله بالترتيب الواجب.

(٥) لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابن سنان: لا بأس أن يرمي الخائف بالليل ويضحي ويفيض بالليل.

٢٥٨

الإتيان به بعد الرمي على الاحوط(١) ، ولكن لو قدمه عليه جهلا أو نسيانا صح ولم يحتج إلى الاعادة(٢) .

ويجب أن يكون الذبح أو النحر بمنى(٣) ، وإن لم يمكن ذلك لكثرة الحجاج وضيق منى عن استيعاب جميعهم، فلا يبعد جواز الذبح أو النحر بوادي محسر(٤) ، وإن كان الاحوط تركه مالم يحرز

____________________

(١) ذهب الشيخ في الخلاف وابو الصلاح في الكافي وابن ابي عقيل وابن ادريس الى استحباب الترتيب بين اعمال منى الثلاثة، وقرّبه العلامة في المختلف، تمسكا بصحيحة ابن سنان قال: سألته عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحي، قال: لابأس وليس عليه شيء ولايعودن.

وذهب الاكثر الى وجوب الترتيب للروايات البيانية التي ظاهرها ذلك وسيأتي بيانه في الحلق والتقصير فراجع.

(٢) نصاً واجماعاً.

(٣) نصاً واجماعاً.

(٤) تشهد له موثقة سماعة قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : إذا كثر الناس بمنى وضاقت عليهم كيف يصنعون ؟ فقال: يرتفعون إلى وادي محسر، قلت: فإذا كثر الناس بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون ؟ قال: يرتفعون إلى المأزمين، قلت: فإذا كانوا بالموقف وكثروا وضاق عليهم كيف يصنعون ؟ فقال: يرتفعون إلى الجبل.

فإذا جاز الوقوف والمبيت بوادي محسر بدلا عن منى في ظرف الضيق

=

٢٥٩

عدم التمكن من الذبح أو النحر بمنى الى آخر أيام التشريق(١) .

مسألة ٢٩٠: الأحوط أن يكون الذبح أو النحر يوم العيد، وإن كان الاقوى جواز تأخيره إلى آخر أيام التشريق(٢) ، والأحوط عدم الذبح في الليل مطلقا(٣) حتى الليالي المتوسطات بين أيام التشريق إلا

____________________

=

جاز ترتيب بقية الاحكام من الذبح والحلق، إذ الضيق كما يتحقق من الوقوف والمبيت بها يتحقق أيضا من الذبح فيها كما لايخفي، بل لعله اكثر مصداقية من المبيت لكثرة ماكان يضحى من الانعام الثلاثة في يوم العيد وهذه الكثرة تتطلب مساحات كبيرة من أرض منى.

(١) لعله لجواز تأخير الذبح الى اخر ايام التشريق اختيارا.

(٢) وذهب الشيخ في النهاية والمبسوط والمصباح الى ان وقت النحر او الذبح طول ذي الحجة، ومثله في الغنية والسرائر وهو ظاهر المهذب، لاطلاقات الادلة ومفهوم الشرط في حسنة الكرخي عن أبي عبداللهعليه‌السلام في رجل قدم بهديه مكة في العشر، فقال: إن كان هديا واجبا فلا ينحره إلا بمنى، وإن كان ليس بواجب فلينحره بمكة إن شاء، وإن كان قد أشعره أو قلده فلا ينحره إلا يوم الاضحى »، وصريح صحيحة ابي بصير عن أحدهماعليهما‌السلام قال: سألته عن رجل تمتع فلم يجد مايهدي، حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة، أيذبح أو يصوم، قال: بل يصوم، فإن أيام الذبح قد مضت»، مضافا إلى القصور في ادلة التعيين.

(٣) بل الظاهر ذلك، لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابن سنان: لابأس

٢٦٠

قبل أن يستوفي حقّه منه ، فإذا استوفاه منه ، كان مضموناً عليه. ولو فضل منه فضلة ، فالأقرب : أنّها أمانة.

ولو قال : وفيه دراهم خُذْه(١) بدراهمك ، وكانت الدراهم التي فيه مجهولةَ القدر ، أو كانت أكثر من دراهمه ، لم يملكه ، ودخل في ضمانه بحكم الشراء الفاسد. وإن كانت معلومةً وبقدر حقّه ، ملَكه.

ج - لو قال : خُذْ هذا العبد بحقّك ، ولم يكن سَلَماً فقَبِل ، ملَكه. وإن لم يقبل وأخذه ، دخل في ضمانه بحكم الشراء الفاسد.

مسألة ١٨٠ : إذا احتاج الرهن إلى مؤونة يبقى بها الرهن - كنفقة العبد وكسوته وعلف الدابّة - كانت على الراهن ؛ لما رواه العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « الرهن من راهنه ، له غُنْمه ، وعليه غُرْمه »(٢) .

قولهعليه‌السلام : « من راهنه » أي : من ضمان راهنه.

ومن طريق الخاصّة : قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الظهر يُركب إذا كان مرهوناً ، وعلى الذي يركبه نفقته ، والدَّرُّ يُشرب إذا كان مرهوناً ، وعلى الذي يشرب نفقته »(٣) .

وقد قلنا : إنّ المرتهن ممنوع من التصرّف ، وإنّ المنافع للراهن ، فتكون نفقته عليه.

وفي معناه سقي الأشجار ومؤونة الجذاذ وتجفيف الأثمار واُجرة‌ الإصطبل والبيت الذي يُحفظ فيه المتاع المرهون إذا لم يتبرّع به المرتهن أو

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة و الحجريّة : « خذ ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) ورد نصّه في المغني ٤ : ٤٦٨ ، ونحوه في سنن الدارقطني ٣ : ٣٣ / ١٢٣ ، وسنن البيهقي ٦ : ٣٩ ، و التمهيد - لابن عبد البر - ٦ : ٤٢٦ ، و ٤٣٠.

(٣) الفقيه ٣ : ١٩٥ / ٨٨٦ ، التهذيب ٧ : ١٧ ١٧٦ / ٧٧٥.

٢٦١

العَدْل ، خلافاً لأبي حنيفة في اُجرة الإصطبل والبيت(١) واُجرة مَنْ يردّ العبد من الإباق ، وما أشبه ذلك(٢) .

إذا عرفت هذا ، فهل يُجبر الراهن على أداء هذه المؤونة حتى يقوم بها من خالص ماله؟ للشافعيّة وجهان :

أحدهما : أنّه يُجبر لتبقى وثيقة المرتهن.

والثاني : أنّه لا يُجبر عند الامتناع ، بل يبيع القاضي جزءاً من المرهون بحسب الحاجة ، فلو كانت تستوعب الرهن قبل الأجل ، فعلى الثاني يلحق بما يفسد قبل الأجل ، فيباع ويُجعل ثمنه رهناً(٢) .

قيل عليه : هذا إمّا أن يلحق بمالا يتسارع إليه الفساد ثمّ عرض ما أفسده ، أو بما يتسارع إليه الفساد. والأوّل باطل ؛ لأنّ العارض هناك اتّفاقي غير متوقّع ، والحاجة إلى المؤونة معلومة متحقّقة. وإن كان الثاني ، لزم إثبات الخلاف المذكور في رهن ما يتسارع إليه الفساد في رهن كلّ ما يحتاج إلى نفقة أو مكان يحفظ فيه(٣) .

وعلى الأوّل - وهو الأصحّ عندهم - لو لم يكن للراهن شي‌ء أو لم يكن حاضراً ، باع الحاكم جزءاً من المرهون ، واكترى به بيتاً يحفظ فيه الرهن(٤) .

وأمّا المؤونة الزائدة فيمكن أن يقال : حكمها حكم ما لو هرب‌

____________________

(١) تحفة الفقهاء ٣ : ٤٤ ، بدائع الصنائع ٦ : ١٥١ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ١٣٠ و ١٣١ ،الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٧ ، المغني ٤ : ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٤١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٥ - ٥٠٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٣٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٣٢.

٢٦٢

الجمّال وترك الجِمال المستأجرة أو عجز عن الإنفاق عليها.

مسألة ١٨١ : يجوز للراهن أن يفعل بالمرهون ما فيه مصلحته ، وليس للمرتهن منعه منه ، كفصد العبد وحجامته والمعالجة بالأدوية والمراهم ، لكن لا يُجبر عليها ، بخلاف النفقة ، وهو أحد وجهي الشافعيّة(١) .

ثمّ إن كانت المداواة ممّا يرجى نفعه ولا يُخاف غائلته ، جاز : وإن كان ممّا يخاف ، فالأقوى عدم المنع أيضاً منه ، ويكتفى بأنّ الغالب منه السلامة.

وللشافعيّة وجهان ، ويجريان في قطع اليد المتآكلة إذا كان في قطعها وتركها خطر ، فإن كان الخطر في الترك دون القطع ، فله القطع ، وليس له قطع سِلْعَة(٢) ولا إصبع لا خطر في تركها إذا خِيف منه ضرر. وإن كان الغالب فيه السلامة ، ففيه الخلاف(٣) .

وله أن يختن العبد والأمة في وقت اعتدال الهواء إن كان يندمل قبل حلول الأجل ؛ لأنّه أمر لا بُدَّ منه ، الغالب فيه السلامة. وإن لم يندمل وكان فيه نقص ، لم يجز. وكذا لو كان به عارض يخاف معه من الختان.

وللراهن تأبير النخل المرهونة.

ولو ازدحمت وقال أهل الخبرة : تحويلها أنفع ؛ جاز تحويلها.

وكذا لو رأوا قطع البعض لصلاح الأكثر.

وما يُقطع منها أو يجفّ فهو مرهون ، بخلاف ما يحدث من السعف

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٣٣.

(٢) السِّلْعة : الضواة ، وهي زيادة تحدث في الجسد مثل الغُدّة. لسان العرب‌ ٨ : ١٦٠ « سلع ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٣٣.

٢٦٣

ويجفّ ، فإنّ الراهن مختصّ به ، وينزّل منزلة النماء.

ولا يمنع من رعي الماشية في وقت الأمن ، وتؤوى ليلاً إلى يد المرتهن أو العَدْل.

ولو أراد الراهن أن يبعد لطلب الرعي وبالقرب ما يكفيها ، فللمرتهن المنع ، وإلّا فلا.

وتؤوى إلى يد عَدْلٍ يتّفقان عليه أو ينصبه الحاكم.

ولو أراد المرتهن ذلك وليس بالقرب ما يكفي ، لم يُمنع.

وكذا لو أراد نقل المتاع من بيتٍ ليس بحرزٍ إلى حرزٍ.

ولو نَبا(١) بهما المكان وأرادا الانتقال ، فإن كان إلى أرضٍ واحدة ، فلا إشكال ، وإلّا جُعلت الماشية مع الراهن ، ويحتاط ليلاً ، كما تقدّم.

____________________

(١) نبا به منزله وفراشه : لم يوافقْه. ونبَتْ بي تلك الأرض : لم أجد بها قراراً. لسان العرب ١٥ : ٣٠٢ « نبا ».

٢٦٤

٢٦٥

الفصل الخامس : في وضع الرهن على يد العَدْل‌

مسألة ١٨٢ : يجوز أن يشترط المتراهنان وضع الرهن على يد أحدهما أو ثالثٍ غيرهما‌ ، سواء تعدّد أو اتّحد ؛ عملاً بقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(١) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ ذلك العَدْل يكون وكيلاً للمرتهن نائباً عنه في القبض ، فمتى قبضه صحّ قبضه - وبه قال علماؤنا ، وجماعة الفقهاء ، منهم : عطاء وعمرو بن دينار ومالك والثوري وابن المبارك والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأحمد وأصحاب الرأي(٢) - لأنّه قبض في عقدٍ ، فجاز فيه التوكيل ، كسائر القبوض.

وقال الحكم والحارث العكلي وقتادة وداوُد وابن أبي ليلى : لا يكون مقبوضاً بذلك ؛ لأنّ القبض من تمام العقد يتعلّق بأحد المتعاقدين ، كالإيجاب والقبول(٣) .

والفرق بينه وبين القبول : أنّ الإيجاب إذا كان لشخصٍ كان القبول منه ؛ لأنّه مخاطَب. ولو كلّ في الإيجاب والقبول قبل أن يوجب له ، صحّ.

وما ذكروه ينتقض بالقبض في البيع فيما يعتبر القبض فيه.

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٢) المغني ٤ : ٤١٨ - ٤١٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٤٨.

(٣) المغني ٤ : ٤١٨ ٤١٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٤٨.

٢٦٦

إذا عرفت هذا ، فإنّه يجوز أن يجعلا الرهن على يد مَنْ يجوز‌ توكيله ، وهو جائز التصرّف ، سواء مسلماً أو كافراً ، عَدْلاً أو فاسقاً ، ذكراً كان أو اُنثى.

ولا يجوز أن يكون صبيّاً ؛ لأنّه غير جائز التصرّف مطلقاً ، فإن فعلا ذلك ، كان قبضه وعدم قبضه واحداً.

ولا يجوز أن يكون عبداً بغير إذن سيّده ؛ لأنّ منافع العبد لسيّده ، ولا يجوز تضييعها في الحفظ بغير إذنه ، فإن أذن مولاه ، جاز.

وأمّا المكاتب فإن كان بجُعْلٍ ، جاز ؛ لأنّه مكتسب ، وهو سائغ له بغير إذن السيّد. وإن كان بغير جُعْلٍ ، لم يجز ؛ لأنّه التبرّع بمنافعه.

مسألة ١٨٣ : لو شرط جَعْل الرهن على يد عَدْلٍ وشرطا له أن يبيعه عند حلول الحقّ ، صحّ؛ لأنّ ذلك [ يكون ] توكيلاً(١) في البيع منجّزاً ، وإنّما الشرط في التصرّف. وصحّ بيعه ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد(٢) .

وإن عزل الراهن العَدْلَ عن البيع ، قال الشيخرحمه‌الله : لا ينعزل ، ولا تنفسخ وكالته ، وكان له بيع الرهن(٣) - وبه قال أبو حنيفة ومالك(٤) - لأنّ وكالته صارت من حقوق الرهن ، فلم يكن للراهن إسقاطها(٥) ، كسائر‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة و الحجرية : « ولأنّ ذلك توكيلاً ». والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

(٢) الهداية - للمرغيناني - ٤ : ١٤٢ ، الوسيط ٣ : ٥٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٢٩ ، المغني ٤ : ٤٢٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٥٤.

(٣) الخلاف ٣ : ٢٤٣ ، المسألة ٤١ ، المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢١٧.

(٤) المبسوط - للسرخسي - ٢١ : ٧٩ - ٨٠ ، بدائع الصنائع ٦ : ١٥١ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ١٤٢ ، حلية العلماء ٤ : ٤٣٢ العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠١ ، المغني ٤ : ٤٢٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٥٤.

(٥) في النسخ الخطّيّة و الحجريّة : « إسقاطه ». والظاهر ما أثبتناه.

٢٦٧

حقوقه.

وقال الشافعي وأحمد : يصحّ العزل ، ولا يملك البيع ؛ لأنّ الوكالة عقد جائز ، فلم يلزم العاقد المقام عليها ، كسائر الوكالات.

قالوا : وكونه من حقوق الرهن لا يمنع بقاءه على جوازه ، كما أنّ الرهن إذا شُرط في البيع لا يصير لازماً قبل القبض ، فإن عزله عن البيع ، فعلى صحّة العزل يكون للمرتهن فسخ البيع الذي جعل الرهن ثمنه ، كما لو امتنع الراهن من تسليم الرهن المشروط في البيع(١) .

هذا إذا كانت الوكالة شرطاً في عقد الرهن ، ولو شرطاها بعده ، انفسخت بعزل الموكّل والوكيل إجماعاً.

وأمّا إن عزله المرتهن ، فلا ينعزل ، قاله الشيخ(٢) - وبه قال أحمد والشافعي في أحد قوليه(٣) - لأنّ العدل وكيل الراهن ؛ إذ المرهون ملكه ، ولو انفرد بتوكيله صحّ ، فلم ينعزل بعزل غيره.

والثاني : له عزله(٤) ، على معنى أنّ لكلّ واحدٍ منهما منعه من البيع ؛ لأنّ المرتهن له أن يمنعه من البيع ، لأنّ البيع إنّما يستحقّ بمطالبته ، فإذا لم يطالب بالبيع ومنعه منه ، لم يجز ، فأمّا أن يكون ذلك فسخاً فلا.

مسألة ١٨٤ : إذا وضعا الرهن عند عَدْلٍ وشرطا أن يبيعه عند المحلّ ، جاز.

قال الشيخرحمه‌الله : وليس للعَدْل أن يبيعه حتى يستأذن المرتهن بإذنٍ‌

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ٤٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٢٩ ، المغني ٤ : ٤٢٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٥٤ - ٤٥٥.

(٢) الخلاف ٣ : ٢٤٣ ، المسألة ٤٢ ، المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢١٧.

(٣ و ٤ ) المغني ٤ : ٤٢٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٥٥ ، حلية العلماء ٤ : ٤٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٢٩.

٢٦٨

مجدَّد(١) - وهو أحد قولي الشافعي ، وبه قال أحمد(٢) - لأنّ البيع لحقه ، فإذا لم يطالب به ، لم يجز بيعه ، بل يراجع ليعرف أنّه مطالِبٌ أو مهمل أو مبرئ.

والثاني : أنّه لا يراجع ؛ لأنّ غرضه توفية الحقّ(٣) .

وأمّا الراهن فقال الشيخعليه‌السلام : لا يشترط تجديد إذنه ولا مراجعته ثانياً عند البيع(٤) - وهو أحد قولي الشافعي(٥) - لأنّ الأصل دوام الإذن الأوّل.

والثاني : أنّه يشترط تجديد إذنه ؛ لأنّه قد يكون له غرض في استبقاء المرهون ويريد قضاء الحقّ من غيره وإبقاء الرهن لنفسه(٦) .

ولو مات الراهن أو المرتهن ، بطلت الوكالة.

وإذا قلنا : إنّ الوكيل لا ينعزل بعزل المرتهن ، فلو عاد إلى الإذن ، جاز البيع ، ولم يشترط تجديد توكيل من الراهن.

قال بعض الشافعيّة : مساق هذا أنّه لو عزله الراهن ثمّ عاد ووكّل ، افتقر إلى إذنٍ جديد للمرتهن ، ويلزم عليه أن يقال : لا يعتدّ بإذن المرتهن قبل توكيل الراهن(٧) .

ولو وضعا الرهن على يد عَدْلٍ فمات ، فإنّ اتّفق الراهن والمرتهن‌

____________________

(١) الخلاف ٣ : ٢٤٤ ، المسألة ٤٣ ، المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢١٧.

(٢) حلية العلماء ٤ : ٤٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٢٩ ، المغني ٤ : ٤٢٣ - ٤٢٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٥٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٢٩.

(٤) الخلاف ٣ : ٢٤٤ ، المسألة ٤٣ ، المبسوط للطوسي ٢ : ٢١٧ ٢١٨.

(٥ و ٦ ) حلية العلماء ٤ : ٤٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٢٩.

(٧) الوسيط ٣ : ٥٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٣٠.

٢٦٩

على كونه في يد عَدْلٍ آخَر أو في يد أحدهما ، كان لهما. وان اختلفا ، كان للحاكم أن يضعه عند عَدْلٍ يرتضيه.

ولو كان الرهن في يد المرتهن فمات ، فالرهن بحاله ، فإن رضي الراهن أن يكون في يد ورثة المرتهن ، كان في أيديهم إن اختاروا. وإن أبى ذلك ، لم يُجبر على تركه في أيديهم ؛ لأنّه لم يرض إلّا بأمانة المرتهن دون ورثته ، ويضعه الحاكم عند مَنْ يراه.

مسألة ١٨٥ : يد العَدْل يد أمانةٍ متطوّع بحفظه ، فلو اتّفقا على نقله من يده ، كان لهما ؛ لأنّ الحقّ لهما. وان اختلفا فيه فطالَب أحدهما بالنقل وامتنع الآخَر ، لم ينقل ؛ لأنّهما قد رضيا بأمانته ورضيا بنيابته عنهما في حفظه ، فلا يجوز لأحدهما أن ينفرد وإخراجه من يده.

ولو أراد العَدْل ردَّ الرهن فإن كانا حاضرَيْن ، كان له ذلك ، وعليهما قبوله منه ؛ لأنّه أمين متطوّع بحفظه ، فلا يلزمه المقام على ذلك ، فإذا قبضاه فقد بري‌ء العدْل من حفظه. وإن امتنعا من أخذه ، رفع أمرهما إلى الحاكم ليُجبرهما على [ تسلّمه ](١) فإن امتنعا أو استترا ، نصب الحاكم أميناً يقبضه منه لهما ؛ لأنّ للحاكم ولايةً على الممتنع من حقٍّ عليه.

ولو ردّه العَدْل على الحاكم قبل أن يردّه عليهما وقبل امتناعهما من قبضه ، لم يكن له ذلك ، وكان ضامناً ، وكان الحاكم ضامناً أيضاً ؛ لأنّ الحاكم لا ولاية له على غير الممتنع.

وليس للعَدْل أن يدفع الرهن إلى غير المتراهنين مع حضورهما وإمكان الإيصال إليهما ، وكذا لو دفعه العَدْل إلى ثقةٍ أمينٍ مع وجودهما ،

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « ج » والطبعة الحجريّة : « تسليمه ». والظاهر ما أثبتناه.

٢٧٠

فإنّه يضمن ، ويضمن القابض أيضاً ؛ لأنّه لا يجوز له أن يُخرجه من يده إلى‌ غير المتراهنين ، وليس للعَدْل القابض قبضه ، فضمنه ؛ لأنّه قبضه بغير حقٍّ ، فلزمه الضمان.

ولو دفعه إلى أحد المتراهنين ، فإنّهما يضمنان أيضاً ؛ لأنّه وكيل لهما في حفظه ، فلم يجز له تسليمه إلى أحدهما دون صاحبه ، فإذا سلّمه ، ضمن ، وضمن القابض ؛ لأنّه قبض ما لا يجوز له قبضه.

ولو امتنعا من القبض وليس هناك حاكم فتركه عند ثقةٍ ، جاز ولا ضمان.

ولو امتنع أحدهما فدفعه إلى الآخَر ، ضمن.

والفرق بينهما أنّ العَدْل يمسكه لهما ، فإذا دفعه إلى أحدهما ، كان ماسكاً لنفسه ، فلم يجز.

ولو كانا غائبين فإن كان للعَدْل عذرٌ في الامتناع من بقائه في يده - كسفرٍ عزم عليه ، أو مرضٍ خاف منه ، أو غير ذلك - دفعه إلى الحاكم ، وقبضه الحاكم عنهما ، أو نصب عَدْلاً يقبضه لهما. وإن لم يجد حاكماً ، جاز له أن يودعه عند ثقةٍ ، ولا ضمان على أحدهما.

فإن أودعه عند ثقةٍ مع وجود الحاكم ، فالأقرب : الضمان ؛ لأنّ الولاية في مال الغائب إلى الحاكم.

وللشافعيّة وجهان(١) .

وإن لم يكن له عذرٌ ، قال الشيخرحمه‌الله : لم يجز له تسليمه إلى

____________________

(١) المهذب - للشيرازي - ١ : ٣٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٩٩ و ٧ : ٢٩٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٢٦ ، و ٥ : ٢٩.

٢٧١

الحاكم(١) . وهو جيّد.

وفصّل الشافعي فقال : إن كانت غيبتهما طويلةً - وهو السفر الذي يقصر فيه الصلاة - فإنّ الحاكم يقبضه عنهما ، ولا يلجئه إلى حفظه ، وإن لم يجد حاكماً ، أودعه عند ثقة أو أمين : وإن كانت المسافة قصيرةً ، فهو كما لو كانا حاضرَين(٢) .

وإن كان أحدهما غائباً والآخَر حاضراً ، لم يجز تسليمه إلى الحاضر ، وكان كما لو كانا غائبين.

وليس له قسمته وإعطاء الحاضر نصفه ، بخلاف ما لو أودع اثنان وديعةً عند ثالثٍ وغاب أحدهما الآخَر فطالَب ، فإنّ الحاكم يقسّمها بينه وبين الغائب ؛ لأنّ المودعين ما لكان ظاهراً ؛ لثبوت يدهما معاً عليها ، فقسّمها الحاكم ، وهنا الملك لأحدهما وللآخَر حقّ الوثيقة ، وذلك لا يمكن قسمته ، فاختلفا.

مسألة ١٨٦ : لو جعلا الرهن على يد عَدْلين ، جاز إجماعاً ، ولهما إمساكه ، ولا يجوز لأحدها الانفراد بحفظه. فإن سلّمه أحدها إلى الآخَر ، ضمن النصف ؛ لأنّه القدر الذي تعدّى فيه. ولأنّ الراهن لم يرض بأمانة أحدهما ، وإنّما رضي بأمانتهما جميعاً ، فلا يجوز لأحدها أن ينفرد بحفظه.

ويحتمل عندي أن يكون عليهما معاً ضمان الكلّ.

وليس لهما أن يقتسما الرهن وإن كان ممّا يمكن قسمته من غير ضرر ، مثل الطعام والزيت ، وهذا أحد وجهي الشافعيّة.

____________________

(١) الخلاف ٣ : ٢٤٧ ، المسألة ٤٩ ، المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢٢١.

(٢) راجع : المغني ٤ : ٤٢٢ ، والشرح الكبير ٤ : ٤٥٠.

٢٧٢

وفي الآخَر : يجوز أن يدفعه أحدهما إلى الآخَر ؛ لأنّ اجتماعهما على حفظه ممّا يشقّ عليهما ويتعذّر ، فحمل الأمر على أنّ لكلّ واحدٍ منهما‌ الحفظ(١) .

وهو ممنوع ؛ لإمكان جَعْله في محرز لهما لكلّ واحدٍ منهما عليه قُفْلٌ.

وقال أبو حنيفة : إن كان ممّا لا ينقسم ، جاز لكلّ واحدٍ منهما إمساك جميعه. وإن كان ممّا يمكن قسمته ، لم يجز ، بل يقتسمانه(٢) .

وقال أبو يوسف ومحمّد : يجوز أن يضعاه في يد أحدهما بكلّ حال(٣) .

احتجّ أبو حنيفة بأنّه إذا كان ممّا ينقسم فقَبْضُ أحد النصفين لا يكون شرطاً في الآخَر ؛ لأنّه ممّا لا يستحقّ عليه بدل ، كما لو وهب لرجل عينين فقَبِل إحداهما ، بخلاف البيع ، فإذا ثبت لأحدهما إمساك نصفه ، لم يُسلّم إلى غيره.

وعلى القول الثاني للشافعيّة - وهو جواز دفع أحدهما إلى الآخَر - لو كان ممّا ينقسم فقسّماه بينهما ، جاز ، وانفرد كلّ واحدٍ منهما بحفظ ما في يده ، فإن أراد أحدهما أن يردّ ما في يده إلى الآخَر ، فوجهان :

أحدهما : يجوز ؛ لأنّه كان يجوز لكلٍّ منهما أن ينفرد بحفظ جميعه.

والثاني : لا يجوز ؛ لأنّه لمـّا اقتسماه بينهما صار في يد كلّ واحدٍ

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣١٧ ، حلية العلماء ٤ : ٤٢٩ - ٤٣٠ ، المغني ٤ : ٤١٩ - ٤٢٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٤٩.

(٢ و ٣ ) المبسوط - للسرخسي - ٢١ : ٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ٤٣٠ ، المغني ٤ : ٤٢٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٤٩.

٢٧٣

ما ينفرد(١) بحفظه ، فلم يكن له ردّه إلى غيره. ولأنّ قبل القسمة جاز ذلك ؛ لحصول المشقّة ، وبعد القسمة زالت المشقّة(٢) .

مسألة ١٨٧ : لو جني على الرهن في يد العَدْل ، وجبت قيمته على الجاني ، وكانت رهناً. وللعَدْل حفظها ؛ لأنّها بدل الرهن ، وله إمساك الرهن وحفظه ، والقيمة قائمة مقامه. وبطلت وكالته في بيع العين بتلفها ، فلا تتعلّق الوكالة بالقيمة ، بل تبطل ؛ لأنّ الوكالة كانت في العين دون قيمتها ، وبطلت الوكالة ؛ لأنّها لم تصر من حقوق الرهن ، وإنّما هي باقية على جوازها ، ولهذا للراهن الرجوعُ ، بخلاف إمساك العَدْل الرهنَ.

ولو كان الرهن في يد العَدْل فقبضه المرتهن ، وجب عليه ردّه إليه ؛ لأنّ الراهن لم يرض بتسليمه إليه ، فإذا ردّه إلى العَدْل ، زال عنه الضمان.

ولو كان الرهن في يد المرتهن فتعدّى فيه ثمّ أزال التعدّي أو سافر به ثمّ ردّه ، لم يزل عنه الضمان ؛ لأنّ استئمانه بطل بذلك ، فلم يعتد بفعله ، ولا تعود الأمانة إلّا بأن يرجع إلى صاحبه ثمّ يردّه إليه أو إلى وكيله أو يبرئه من ضمانه.

ولو غصب المرتهن الرهنَ من يد العَدْل ، ضمنه ، فإن ردّه إليه ، زال الضمان ؛ لأنّه قد ردّه إلى وكيله.

ولو اقترض ذمّيّ من مسلمٍ مالاً ورهن عنده خمراً وجعله على يد ذمّيّ ، لم يصح الرهن ، فإذا حلّ الحقّ وباعها الذمّي العَدْل وجاء بالثمن ،

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة و الحجريّة : « صار ما في يد كلّ واحدٍ ينفرد ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣١٧ ، حلية العلماء ٤ : ٤٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٢٦.

٢٧٤

قال الشيخرحمه‌الله : جاز له أخذه ، ولا يُجبر عليه(١) .

وللشافعي في إجبار المسلم قبض الثمن وجهان : أحدهما : لا يُجبر ؛لأنّه قد تعيّن ثمن الخمر ، وذلك غير مملوك. والثاني : يُجبر ؛ لأنّ أهل الذمّة إذا تقابضوا في العقود الفاسدة جرى مجرى الصحيحة ، فيقال : إمّا أن تقبض ، وإمّا أن تبرئ(٢) .

وإن جعلها على يد مسلم فباعها عند محلّ الحقّ أو باعها الذمّيّ من مسلمٍ ، لم يُجبر المرتهن على قبول الثمن ؛ لأنّ البيع فاسد لا يُقرّان عليه ، ولا حكم له.

مسألة ١٨٨ : إذا أذن الراهن والمرتهن للعَدْل في بيع الرهن ، فإن عيّنا له قدراً أو جنساً ، لم يجز له أن يعدل عمّا ذكراه إلى أقلّ ؛ لأنّ الحقّ لهما لا شي‌ء للعَدْل فيه.

فإن أطلقا البيع ، جاز له البيع بثمن المثل حالّاً بنقد البلد ، وبه قال الشافعي(٣) ، خلافاً لأبي حنيفة ؛ فإنّه جوّز أن يبيعه ولو بدرهمٍ واحد ؛ لإطلاق الأوّل(٤) .

ليس جيّداً ؛ لأنّ الإطلاق محمول على المعتاد المتعارف بين الناس ، وهو هنا مقيّد بما قلناه.

فإن باعه العَدْل بدون ثمن المثل ، فإن كان بقدر ما يتغابن به الناس ، فالأقوى : الجواز ؛ لأنّه مندرج تحت المتعارف. وإن كان بأزيد ممّا يتغابن به الناس ، لم يصح ، مثل أن يكون الرهن يساوي مائة درهم ويتغابن الناس

____________________

(١) الخلاف ٣ : ٢٤٨ ، المسألة ٥٢ ، المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢٢٣.

(٢) حلية العلماء ٤ : ٤٦٠.

(٣ و ٤ ) المغني ٤ : ٤٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٥٢.

٢٧٥

فيه بخمسة دراهم ، فباعه العَدْل بثمانين ، بطل ، ورجع الراهن في العين إن كانت باقيةً ، وإن كانت تالفةً ، كان له الرجوع على أيّهما شاء.

فإن رجع على المشتري ، رجع بقيمتها ، ولا يردّ المشتري على‌العَدْل. وإن رجع على العَدْل ، رجع بجميع القيمة ؛ لأنّه أخرج العين من يده على وجهٍ يجز له ، فضمن جميع قيمتها ، وصار كما لو أتلفها ، فإنّه يرجع عليه بجميع القيمة ، وهو أصحّ قولي الشافعي.

والثاني : أنّه يرجع عليه نقص من ثمن مثلها الذي يتغابن به الناس ، فيرجع بالباقي على المشتري ؛ لأنّ ذلك هو القدر الذي فرّط فيه ، فإنّه لو باعها بما يتغابن الناس بمثله ، نفذ بيعه ، ويلزم عليه المشتري ؛ لأنّه لو اشتراه بما يتغابن الناس عليه(١) لم يرجع عليه بشي‌ء ، ومع هذا يجب عليه جميع القيمة(٢) .

وكذا لو أوجبنا تعميم العطاء في الزكاة وأعطى بعض الأصناف الزكاةَ وحرّم بعضاً ، فكم يضمن؟ للشافعيّة وجهان :

أحدهما : القدر الذي لو أعطاهم في الابتداء جاز ؛ لأنّ التفضيل جائز.

والثاني : يضمن بقدر ما يخصّهم إذا سوّى بين العدد(٣) . وكذا لو قالوا(٤) في الاُضحية(٥) .

____________________

(١) كذا ، والظاهر : « بمثله » بدل « عليه ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٣١.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢١٨ ، الوجيز ١ : ٢٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٤٠٨ ، روضة الطالبين ٢ : ١٩١ - ١٩٢.

(٤) كذا ، والظاهر : « وكذا قالوا ».

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٧ ، المجموع ٨ : ٤١٦ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١١٨ ، =

٢٧٦

فأمّا إذا باعه بثمن مثله أو بما يتغابن الناس بمثله ، صحّ البيع.

وإن باعه العَدْل بغير نقد البلد أو باعه بثمن مؤجَّل ، لم يصحّ البيع ، ويجب ردّ العين ، فإن كانت باقيةً ، استرجعها ، وإن كانت تالفةً ، رجع بقيمتها على مَنْ شاء منهما ، فإن رجع على العَدْل ، رجع العَدْل على المشتري ؛ لأنّ التلف كان في يده ، وإن رجع على المشتري ، لم يرجع على العَدْل.

مسألة ١٨٩ : إذا باع العَدْل بثمن المثل أو بما يتغابن به الناس ، صحّ البيع ؛ لأنّ ما يتغابن به الناس لا يمكن الاحتراز عنه ، وهو يقع لأهل الخبرة والبصيرة ، والمرجع في ذلك إليهم.

فإن جاء بعد البيع مَنْ زاد في ثمنه ، فإن كان بعد لزوم البيع وانقطاع الخيار بينهما ، لم يعتد بهذه الزيادة ؛ لأنّه لا يجوز له قبولها ، ولا يملك فسخ البيع في هذه الحال.

وإن كان ذلك من زمن الخير مثل أن يكون قبل التفرّق عن المجلس أو في زمن خيار الشرط ، فإنّه يجوز له قبول الزيادة ، وفسخ العقد ، فإن لم يقبل الزيادة ، لم ينفسخ العقد ، قاله الشيخ(١) رحمه‌الله ؛ لأنّ العقد قد صحّ ، وهذه الزيادة مظنونة ، فلا ينفسخ بها العقد ، وهو أحد قولي الشافعي.

وقال في الآخَر : إنّه ينفسخ ؛ لأنّه مأمور بالاحتياط ، وحالة الخيار بمنزلة حال العقد ، ولو دفع إليه زيادة في حالة العقد وباع بالنقصان لم يصح بيعه وإن كان قد باع بثمن المثل ، فكذا هنا(٢) .

____________________

= حلية العلماء ٣ : ٣٧٦ ، الوجيز ٢ : ٢١٤ ، العزيز شرح الوجيز ١٢ : ١٠٩ ، روضة الطالبين ٢ : ٤١٩.

(١) الخلاف ٣ : ٢٤٥ ، المسألة ٤٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٣١ - ٣٣٢.

٢٧٧

فلو بدا للراغب فإن كان قبل التمكّن من البيع منه ، فالبيع الأوّل بحاله. وإن كان بعده ، فقد ارتفع ذلك البيع ، فلا بدّ من بيعٍ جديد.

وقال بعض الشافعيّة : إذا بدا له ، كان البيع بحاله ، كما لو بذل الابن الطاعة لأبيه في الحجّ وجعلناه مستطيعاً به ثمّ رجع عن الطاعة قبل أن يحجّ أهل بلده ، عرفنا عدم الوجوب(١) .

ولو لم يفسح العَدْل البيعَ الأوّل وباع من الراغب ، ففي كونه فسخاً لذلك البيع ثمّ في صحّته خلاف تقدّم.

ولهم خلاف في أنّ الوكيل بالبيع لو باع ثمّ فسخ البيع هل يتمكّن من البيع مرّةً اُخرى؟(٢) .

مسألة ١٩٠ : إذا باع العَدْل الرهنَ بإذنهما ، فالثمن يكون أمانةً في يده لا ضمان عليه فيه إجماعاً ، ويكون من ضمان الراهن إلى أن يتسلّمه المرتهن ، فإن تلف في يده من غير تفريطٍ ، لم يسقط من دَيْن المرتهن شي‌ء - وبه قال الشافعي وأحمد(٣) - لأنّ العَدْل وكيل الراهن في البيع ، والثمن ملكه ، وهو أمين له في قبضه ، فإذا تلف ، كان من ضمانه ، كسائر الأُمناء.

وقال أبو حنيفة ومالك : يكون من ضمان المرتهن(٤) .

أمّا أبو حنفية فبناه على أصله من أنّ الرهن مضمون على المرتهن والثمن بدله ، فيكون مضموناً.

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٣٢.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٤٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٣٠ ، المغني ٤ : ٤٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٥٢.

(٤) حلية العلماء ٤ : ٤٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٢ ، المغني ٤ : ٤٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٥٢.

٢٧٨

وليس بجيّد ؛ لما عرفت من أنّ الرهن أمانة.

وأمّا مالك فإنّه يقول : البيع حقّ للمرتهن ، وهو تابع لحقّه ، والثمن‌ يكون للمرتهن ، ويبرأ الراهن ببيع الرهن.

وقوله : « الثمن يكون للمرتهن » ليس بصحيح ؛ لأنّه بدل الرهن ، وإنّما تعلّق حقّ المرتهن باستيفاء الثمن منه ؛ لما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « الرهن من راهنه »(١) بمعنى من ضمان راهنه ، وهذه عادة العرب في حذف المضاف.

ولو باع العَدْل وتلف الثمن في يده من غير تفريطٍ ثمّ خرج الرهن مستحقّاً ، فإن كان العَدْل قد أعلم المشتري أنّه وكيل الراهن ، فإنّ العهدة على الراهن ، وكذا كلّ وكيلٍ باع مالَ غيره وبه قال الشافعي وأحمد(٢) لأنّه نائبه في عقدٍ عن غيره ، فلم يلزمه الضمان ، كأمين الحاكم وسائر الوكلاء.

ولا يكون العَدْل طريقاً للضمان في أصحّ وجهي الشافعيّة ؛ لأنّه نائب الحاكم ، والحاكم لا يطالب فكذا نائبه.

والثاني : يكون طريقاً ، كالوكيل والوصي(٣) .

وقال أبو حنيفة : العهدة على الوكيل ، ويرجع على الراهن. وبنى ذلك على أنّ حقوق العهدة تتعلّق - عنده - بالوكيل(٤) .

____________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ٢٦٠ ، الهامش (٢)

(٢) المغني ٤ : ٤٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٥٢.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٣٠.

(٤) بدائع الصنائع ٦ : ١٤٩ ، حلية العلماء ٤ : ٤٦١ ، المغني ٤ : ٤٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٥٢.

٢٧٩

وهو ممنوع على ما يأتي في الوكالة.

وقال مالك : لا عهدة على العَدْل ، ولكن يرجع المشتري على المرتهن ، ويعود دَيْنه في ذمّة الراهن كما كان ؛ لأنّ البيع وقع للمرتهن‌ بمطالبته واستحقاقه ، وكانت العهدة عليه ، كالموكّل(١) .

وقد بيّنّا أنّه نائب عن الراهن وكيلٌ له دون المرتهن.

ولو خرج مستحقّاً بعد ما دفع الثمن إلى المرتهن ، فإنّ للمشتري أن يرجع على الراهن(٢) ، وبه قال الشافعي(٣) .

وقال أبو حنيفة : يرجع على العَدْل ويرجع العَدْل على المرتهن أو على الراهن أيّهما شاء(٤) .

وإن كان المشتري ردّه عليه بعيبٍ ، لم يكن له الرجوعُ على المرتهن ؛ لأنّه قبضه بحقٍّ ، وإنّما يرجع على الراهن.

وإن كان العَدْل حين باعه لم يُعلم المشتري أنّه وكيل ، كان للمشتري الرجوعُ عليه ، ويرجع هو على الراهن إن أقرّ بذلك أو قامت به بيّنة ، وإن أنكر ذلك ، كان القولُ قولَ العَدْل مع يمينه ، فإن نكل عن اليمين ، حلف المشتري ، ويرجع عليه ، ولم يرجع هو على الراهن ؛ لأنّه مُقرٌّ بأنّه ظلمه.

مسألة ١٩١ : لو باع العَدْل وقبض الثمن ثمّ ادّعى تلفه في يده من غير تفريطٍ ، فالقول قوله مع اليمين ، ولا يكلَّف إقامة البيّنة على ذلك ؛ لأنّه أمين ، ويتعذّر عليه إقامة البيّنة على ذلك ، فإن كلّفناه البيّنة ، شقّ عليه ،

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ٤٦٢.

(٢) في المغني والشرح الكبير : « المرتهن » بدل « الراهن ».

(٣) المغني ٤ : ٤٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٥٢.

(٤) بدائع الصنائع ٦ : ١٤٩ ، المغني ٤ : ٤٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٥٢.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400