تذكرة الفقهاء الجزء ١٣

تذكرة الفقهاء10%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-389-6
الصفحات: 400

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 400 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 125394 / تحميل: 5207
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٨٩-٦
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

« مَنْ باع عبداً وله مالٌ فمالُه للبائع إلّا أن يشترطه المبتاع »(١) .

وقد رواه الخاصّة - في الصحيح - عن محمّد بن مسلم عن الباقر أو الصادقعليهما‌السلام قال : سألته عن رجل باع مملوكاً فوجد له مالاً ، فقال : « المال للبائع إنّما باع نفسه إلّا أن يكون شرط عليه أنّ ما كان من مال أو متاع فهو له »(٦) ولو ملكه العبد لم يكن للبائع ، فلمّا جَعَله للبائع دلّ على أنّ العبد لم‌ يملك ، وثبت بذلك أنّ الإضافة مجاز.

ويفارق الحُرّ ؛ لأنّه غير مملوك.

وملك النكاح ؛ لأنّه موضع حاجة وضرورة ؛ لأنّه لا يستباح في غير ملك. ولأنّه لمـّا ملكه لم يملك السيّد إزالة يده عنه ، بخلاف المال.

والفائدة في القولين تظهر في الزكاة ، فإن قلنا : يملك ، فلا زكاة ؛ لضعف ملكه ، إذ لمولاه انتزاعه منه متى شاء. وإن قلنا : لا يملك ، وجبت الزكاة على المولى.

وإذا ملّكه جاريةً وقلنا : يملك ، استباح وطأها ، وإلّا فلا.

ويكفّر بالمال إن قلنا : يملك ، وإلّا بالصوم.

البحث الثاني : في المأذون له في الاستدانة.

مسألة ٥٨ : يجوز للسيّد أن يأذن لعبده في الاستدانة والتجارة وسائر التصرّفات إجماعاً. ولأنّه صحيح العبارة ، وإنّما مُنع من التصرّف لحقّ السيّد ، فإذا أمره ، زال المانع.

إذا ثبت هذا ، فإذا أذن له في الاستدانة ، فإن استدان للمولى بإذنه ، كان الضمان على المولى؛ لأنّه المستدين في الحقيقة ، والمملوك نائبه.

____________________

(١) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٦٨ / ٣٤٣٣ و ٣٤٣٥ ، سنن النسائي ٧ : ٢٩٧ ، مسند أحمد ٢ : ٧٣ / ٤٥٣٨.

(٢) الكافي ٥ : ٢١٣ ( باب المملوك يباع ) ح ٢ ، التهذيب ٧ : ٧١ / ٣٠٦.

٦١

وإن استدان لنفسه بإذن المولى ، فإن استبقاه مملوكاً أو باعه ، فالضمان على المولى أيضاً ؛ لأنّه بإذنه دفع المالك ماله إليه.

ولما رواه أبو بصير عن الباقرعليه‌السلام ، قال : قلت له : الرجل يأذن لمملوكه في التجارة فيصير عليه دَيْن ، قال : « إن كان أذن له أن يستدين فالدَّيْن على مولاه ، وإن لم يكن أذن له أن يستدين فلا شي‌ء على المولى ، ويستسعى العبد في الدَّيْن »(١) .

مسألة ٥٩ : لو أعتقه مولاه وقد أذن له في الاستدانة فاستدان ، فالأقرب إلزام العبد بما استدانه ؛ لأنّه أخرجه في مصلحته ، فكان عليه أداؤه ، بخلاف ما لو باعه مولاه أو استبقاه ؛ لأنّ التفريط من المولى بإذنه ، وعدم تمكن صاحب المال من أخذه.

ولما رواه عثمان بن عيسى عن ظريف الأكفاني قال : كان أذن لغلامٍ له في الشراء والبيع فأفلس ولزمه دَيْنٌ فأُخذ بذلك الدَّيْن الذي عليه ، وليس يساوي ثمنه ما عليه من الدَّيْن ، قال : فقال الصادقعليه‌السلام : « إن بعته لزمك ، وإن أعتقته لم يلزمك » فعتقه ولم يلزمه شي‌ء(٢) .

ويحتمل إلزام المولى ؛ لأنّه أذن له في الاستدانة ، فكأنّه قد أذن له في إتلاف مال الغير ، ولا شي‌ء للعبد حالة الإذن ، فتضمّن ذلك الالتزام بما يسدينه ، وهذا هو المشهور.

مسألة ٦٠ : لو استدان العبد بإذن المولى ثمّ مات المولى وعليه ديون وقصرت التركة عن الديون ، قُسّمت التركة على دَيْن المولى ودَيْن العبد بالنسبة ؛ لأنّهما معاً يستحقّان في ذمّة المولى.

ولما رواه زرارة ، قالت : سألتُ الباقرَعليه‌السلام : عن رجل مات وترك عليه

____________________

(١) الكافي ٥ : ٣٠٣ / ٣ ، التهذيب ٦ : ٢٠٠ / ٤٤٥ ، الاستبصار ٣ : ١١ - ١٢ / ٣١.

(٢) الكافي ٥ : ٣٠٣ / ١ ، التهذيب ٦ : ١٩٩ / ٤٤٣ ، الاستبصار ٣ : ١١ / ٢٩.

٦٢

دَيْناً وترك عبداً له مال في التجارة وولداً وفي يد العبد مال ومتاع وعليه دَيْنٌ استدانه العبد في حياة سيّده في تجارة ، فإنّ الورثة وغرماء الميّت اختصموا فيما في يد العبد من المال والمتاع وفي رقبة العبد ، فقال‌ « أرى أن ليس للورثة سبيل على رقبة العبد ، ولا على ما في يده من المتاع والمال إلّا أن يضمنوا(١) دَيْن الغرماء جميعاً ، فيكون العبد وما في يديه للورثة ، فإن أبوا كان العبد وما في يديه للغرماء ، يقوّم العبد وما في يديه من المال ثمّ يقسّم ذلك بينهم بالحصص ، فإن عجز قيمة العبد وما في يديه عن أموال الغرماء رجعوا على الورثة فيما بقي لهم إن كان الميّت ترك شيئاً » قال : « فإن فضل من قيمة العبد وما كان في يديه عن دَيْن الغرماء ردّه على الورثة »(٢) .

مسألة ٦١ : لو أذن المولى لعبده في الشراء للعبد ، صحّ.

والأقرب أنّه لا يملكه العبد ، فحينئذٍ يملكه المولى ؛ لاستحالة ملكٍ لا مالك له ، ولكن للعبد استباحة التصرّف والوطي لو كان أمةً لا من حيث الملك ، بل لاستلزامه الإذن.

إذا عرفت هذا ، فليس الإذن في الاستدانة للمملوك إذناً لمملوك المأذون ؛ لاختصاصه بالمأذون، فلا يتعدّى إلى غيره بالأصل.

ولا بدّ في إذن الاستدانة من التصريح ، فلا يكفي السكوت لو رآه يستدين ، ولا ترك الإنكار.

أمّا أمر صاحبَ المال بالإدانة لعبده ، فالأقرب أنّه إذن للعبد ، فيستبيح العبد التصرّفَ ، ويتعلّق الضمان بالمولى ، بل هو أبلغ من الإذن للعبد فيه.

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة بدل « يضمنوا » : « يظهر » والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(٢) الكافي ٥ : ٣٠٣ / ٢ ، التهذيب ٦ : ١٩٩ - ٢٠٠ / ٤٤٤ ، الاستبصار ٣ : ١١ / ٣٠.

٦٣

البحث الثالث : في المأذون له في التجارة.

والنظر فيه يتعلّق بأُمور ثلاثة :

الأوّل: فيما يجوز له من التصرّفات.

مسألة ٦٢ : إذا أذن السيّد لعبده في التجارة ، اقتصر على ما حدّه له ، ولا يجوز له التعدّي إلى غيره ، سواء كان في جنس ما يشتريه ويبيعه أو في القدر أو في السفر إلى موضعٍ. وإن عمّم له ، جاز ، ولم يختصّ الإذن بشي‌ء من الأنواع دون شي‌ء.

ويستفيد المأذون له في التجارة بالإذن كلّ ما يندرج تحت اسم التجارة أو كان من لوازمها وتوابعها ، كنشر الثوب وطيّه ، وحمل المتاع إلى المنزل والسوق ، والردّ بالعيب ، والمخاصمة في العهدة ونحوها ، فلا يستفيد به غير ذلك ، فليس له النكاح ؛ لأنّ الإذن تعلّق بالتجارة ، وهي لا تتناول النكاح ، فيبقى على أصالة المنع ، وكما أنّ المأذون له في النكاح ليس له أن يتّجر ، كذا بالعكس ؛ لأنّ كلّ واحدٍ منهما لا يندرج تحت اسم الآخَر.

مسألة ٦٣ : ليس للمأذون في التجارة أن يؤاجر نفسه ؛ لأنّه لا يملك التصرّف في رقبة فكذا في منفعة ، وهو قول أكثر الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : إنّه يملك ذلك(٢) . وبه قال أبو حنيفة(٣) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٥٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٩ ، الوسيط ٣ : ١٩٦ ، الوجيز ١ : ١٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٣ ، منهاج الطالبين : ١٠٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ٤ ، المغني ٥ : ٢٠٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٣.

(٣) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٨٨ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٩٥ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٥ : =

٦٤

وهل له إجارة أموال التجارة ، كالعبيد والدوابّ؟ الأقرب : اتّباع العادة في ذلك.

وللشافعيّة وجهان :

أحدهما : المنع ، كما أنّه لا يؤاجر نفسه.

والثاني : الجواز ؛ لاعتياد التّجار ذلك. ولأنّ المنفعة من فوائد المال ، فيملك العقد عليها كالصوف واللبن. ولأنّ ذلك أنفع للمالك ، فيكون محسناً به ، فلا سبيل عليه ؛ لقوله تعالى :( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (١) (٢) .

مسألة ٦٤ : لو أذن له السيّد في التجارة في نوع من المال ، لم يصر مأذوناً في سائر الأنواع وكذا لو أذن له في التجارة شهراً أو سنةً ، لم يكن مأذوناً بعد تلك المدّة ، عند علمائنا وبه قال الشافعي -(٣) اقتصاراً بالإذن على مورده ؛ لعدم تناوله غير ذلك النوع.

وقال أبو حنيفة : إنّ الإذن في نوع يقتضي الإذن في غيره ، وكذا الإذن في التجارة مدّةً يقتضي تعميم الأقارب ؛ لأنّ في الإذن في نوعٍ أو مدّة غروراً للناس ؛ لأنّهم يحسبونه مأذوناً له في كلّ نوع ، والغرور من المغرور صدر حيث بنى الأمر على التخمين ولم يفحص في البحث عن حاله ، كما‌

____________________

= ٦ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٥٩ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٥٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٦ ، المغني ٥ : ٢٠٠.

(١) التوبة : ٩١.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٥٥ ، الوسيط ٣ : ١٩٦ ١٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٣ ٢٢٤.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٤.

٦٥

أنّه لو لم يأذن لعبده في التجارة فعامل العبد فتوهّم الغير الإذنَ ، لم يلزم المولى حكمٌ ، كذا هنا(١) .

واعلم أنّ أبا حنيفة سلّم أنّه لو دفع المولى إليه ألفاً ليشتري به شيئاً ، لا يصير مأذوناً له في التجارة(٢) .

ولو دفع إلى ألفاً وقال : اتّجر فيه فله أن يشتري بعين ما دفع إليه وبقدره في الذّمة لا يزيد عليه.

ولو قال : اجعله رأس مالك وتصرّفْ واتّجر فيه ، فله أن يشتري بأكثر من القدر المدفوع إليه.

مسألة ٦٥ : لو أذن لعبده في التجارة وكان للمأذون عبد ، لم يكن لعبد المأذون التجارة ، ولا للمأذون أن يأذن له إلّا بإذن مولاه ؛ لأنّ المولى إنّما اعتمد على نظر المأذون ، فلم يكن له أن يتجاوزه بالاستنابة ، كالتوكيل ، وبه قال الشافعي(٣) .

وقال أبو حنيفة : إنّ للمأذون أن يأذن لعبده في التجارة(٤) .

وليس بمعتمد.

ولو أذن له السيّد في ذلك ففَعَل ، جاز ، ثمّ ينعزل مأذون المأذون بعزل السيّد له أو للمأذون ، سواء انتزعه من يد المأذون أو لا ، وبه قال الشافعي(٥) .

____________________

(١) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٨٦ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٥ : ٥ و ٩ و ١٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٦.

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٨٥ - ٢٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٦.

(٣) الوسيط ٣ : ١٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٦.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٤.

٦٦

وقال أبو حنيفة : إذا لم ينتزعه ، لم ينعزل(١) .

وهل للمأذون أن يوكّل غيره في آحاد التصرّفات؟ الأولى المنع ؛ لأنّ السيّد لم يرض بتصرّف غيره.

وللشافعيّة وجهان ، هذا أحدهما. والثاني : أنّ له ذلك ؛ لأنّها تصدر عن نظره ، وإنّما الممتنع أن يقيم غيره مقام نفسه(٢) .

والمعتمد : الأوّل.

مسألة ٦٦ : ليس للمأذون التصدّق ، إلّا مع علم انتفاء كراهيّة المولى ، ولا ينفق على نفسه من مال التجارة ؛ لأنّه ملك لسيّده.

وعند أبي حنيفة له ذلك(٣) .

والشافعي(٤) وافقنا على ما قلناه.

ولا يتّخذ الدعوة للمجهزين(٥) .

ولا يعامل سيّده بيعاً وشراءً ؛ لأنّ تصرّفه لسيّده ، بخلاف المكاتب يتصرّف لا لسيّده ، وبه قال الشافعي(٦) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز : ٤ : ٣٦٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٦ - ٣٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٤.

(٣) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٨٨ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٩٧ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٦٠ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ٥ ، الوجيز ١ : ١٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٥٦.

(٤) الوسيط ٣ : ١٩٦ ، الوجيز ١ : ١٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٤.

(٥) قال المطرزي في المغرب ١ : ١٠١ : والمجاز عند العامّة : الغليّ من التّجار. وكأنّه اُريد المجهز ، وهو الذي يبعث التّجار بالجهاز ، وهو فاخر المتاع ، أو يسافر به ، فحُرّف إلى المجاهز.

(٦) الوجيز ١ : ١٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٧ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٥٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٤.

٦٧

وقال أبو حنيفة : له أن يعامل سيّده(١) .

وربما قيّد بعض الشافعيّة ذلك بما إذا ركبته الديون(٢) .

مسألة ٦٧ : لو احتطب المأذون له في التجارة أو اصطاد أو قَبِل الوصيّة أو أخذ من معدن أو مباح ، لم ينضمّ إلى مال التجارة ، فليس له التصرّف فيه إلّا بإذن مولاه ؛ لأنّه مال اكتسبه بغير التجارة ، فيكون للسيّد ، والسيّد لم يأذن له في التصرّف فيه ولا سلّمه إليه ليكون رأس المال ، وبه قال بعض الشافعيّة(٣) .

وقال بعضهم : له ذلك ؛ لأنّه من جملة أكسابه(٤) (٥) .

وهو غير دالّ على الغرض ؛ إذ الكسب لا ينافي المنع.

مسألة ٦٨ : وفي انعزال المأذون بالإباق نظر ، أقربه ذلك ، قضاءً للعادة ، فإنّ خروجه عن طاعة مولاه يؤذن بكراهة المولى لتصرّفه حيث خروج عن الأمانة ، وبه قال أبو حنيفة(٦) .

ويحتمل أن لا ينعزل بالإباق ، بل له التصرّف في البلد الذي خرج إليه ، إلّا إذا خصّ السيّد الإذن بهذا البلد ؛ لأنّ الإباق عصيان ، فلا يوجب‌

____________________

(١) الوجيز ١ : ١٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٧.

(٣) الوسيط ٣ : ١٩٦ ، الوجيز ١ : ١٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٤.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « اكتسابه ». وما أثبتناه من المصادر.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٤.

(٦) الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٦٢ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ٧ ، الوجيز ١ : ١٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٧ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦١ - ٣٦٢ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٥٥٦ ، المغني ٥ : ٢٠٠.

٦٨

الحجر ، كما لو عصى السيّد من وجهٍ آخَر.

والفرق ظاهر ؛ فإنّ قهر المولى على نفسه بالإباق يقتضي قهره على ما بيده ، فلا يناسب الإذن له في التصرّف فيه.

ولو أذن لجاريته في التجارة ثمّ استولدها ، ففيه هذا الخلاف. ولا خلاف في أنّ له أن يأذن لمستولدته في التجارة(١) .

وعندنا لو أذن لجاريته في التجارة ثمّ استولدها ، لم يبطل الإذن.

مسألة ٦٩ : لو شاهد عبده يبيع ويشتري فسكت عنه ولم ينكر عليه ولم يظهر منه أثر الاختيار ، لم يصر مأذوناً له في التجارة - وبه قال الشافعي(٢) - كما لو رآه ينكح فسكت ، لم يكن مأذوناً له في النكاح ، كذا هنا.

وقال أبو حنيفة : إنّه يكون مأذوناً له في التجارة بمجرّد السكوت(٣) .

مسألة ٧٠ : لو ركبت المأذونَ الديونُ ، لم يزل ملك سيّده عمّا في يده ، فلو تصرّف فيه المولى ببيعٍ أو هبةٍ أو إعتاقٍ بإذن المأذون والغرماء ، جاز ، فيكون الدَّيْن في ذمّة العبد.

فإن أذن العبد دون الغرماء ، لم يجز عند الشافعي(٤) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٥.

(٢) الوجيز ١ : ١٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٧ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٥ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٢٨٦ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٩٢ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ٣ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٥ : ١١ ، المغني ٥ : ٢٠٠.

(٣) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٨٦ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٩٢ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٥ : ١١ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ٣ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٥٨ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٨ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٥٥٦ ، الوجيز ١ : ١٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٧.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٥.

٦٩

وإن أذن الغرماء دون العبد ، فللشافعيّة وجهان(١) .

وقال أبو حنيفة : إذا ركبته الديون ، يزول ملك السيّد عمّا في يده ، ولا يدخل في ملك الغرماء(٢) .

وهو يستلزم المحال ، وهو وجود ملكٍ لا مالك له.

والأقرب : أنّ ما في يده لمولاه ، ويصحّ تصرّفه فيه بجميع أنواع التصرّفات ، ولا اعتراض للمولى ولا الغرماء.

مسألة ٧١ : لو أقرّ العبد المأذون بديون المعاملة ، ففي قبوله إشكال ينشأ من أنّه يملك ذلك فيملك الإقرار به ، ومن أنّه إقرار في حقّ المولى.

والمعتمد : الثاني.

وقالت الشافعيّة : إنّه يُقبل ، ولا فرق بين أن يُقرّ بها لأجنبيّ أو لولده أو لأبيه(٣) .

وقال أبو حنيفة : لا يُقبل إقراره لهما(٤) .

أمّا لو أقرّ بغير دَيْن المعاملة فإنّه غير نافذ ، وكذا لو أقرّ المأذون ؛ لأنّه إقرار في حقّ المولى.

مسألة ٧٢ : إذا أقرّ العبد بجناية توجب القصاص أو الدية ، أو أقرّ بحدٍّ أو تعزير ، لم يُقبل إقراره في حقّ مولاه بمعنى أنّه لا يقتصّ منه ما دام مملوكاً ، ولا يطالب بالمال ولا بالحدّ ولا بالتعزير ، سواء كان مأذوناً له في‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٥.

(٢) الهداية - للمرغيناني - ٤ : ٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٦٣ ، الوجيز ١ : ١٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٨.

(٣) الوجيز ١ : ١٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٥.

(٤) المبسوط - للسرخسي - ٢٥ : ٨٠ ، الوجيز ١ : ١٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٨.

٧٠

التجارة والاستدانة أو لا - وبه قال زفر والمزني وداوُد الظاهري وابن جرير الطبري(١) لأنّه إقرار في حقّ المولى. ولأنّه يسقط حقّ السيّد به ، فأشبه إقراره بالخطأ.

وقال أبو حنيفة والشافعي ومالك : يُقبل إقراره بما يوجب القصاص ، ويكون للمقرّ له استيفاؤه؛ لأنّ ما لا يُقبل فيه إقرار السيّد على العبد يُقبل إقرار العبد فيه كالطلاق ، بخلاف جناية الخطأ ؛ لأنّ العبد تلحقه التهمة في ذلك ، ولهذا يُقبل إقرار السيّد بها ، وفي مسألتنا لا تلحقه التهمة ؛ لأنّه يتلف بذلك نفسه ، ولهذا يُقبل إقرار المرأة بالقتل وإن تضمّن إبطال حقّ الزوج ، ولا يُقبل بما يحرمها عليه مع سلامتها(٢) .

ونمنع عموميّة أنّ ما لا يُقبل فيه إقرار السيّد يُقبل فيه إقرار العبد. والتمسّك بالإطلاق تمسّكٌ بأمرٍ جزئيّ لا يدلّ على الحكم الكلّي.

وقال أحمد : يُقبل إقراره فيما دون النفس ، ولا يُقبل في النفس ؛ لما روي عن أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام أنّه قطع عبداً بإقراره(٣) .

____________________

(١) المغني ٤ : ٣٢٣ ، و ٥ : ٢٧٣ ٢٧٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٨٠ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٤ : ٢٩٩ ، الهداية للمرغيناني ٤ : ١٦٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٧٢ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٥٦٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٦.

(٢) المغني ٥ : ٢٧٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٨٠ ، الهداية للمرغيناني ٤ : ١٦٩ ، المبسوط للسرخسي ٩ : ١٠٠ ، الام ٦ : ٢١٧ ، المهذّب للشيرازي ٢ : ٣٤٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٧٢ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٥٦٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦١ ، و ٨ : ٣٢٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٦ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٥٨٢ ، التفريع ٢ : ٢٣١.

(٣) المغني ٤ : ٣٢٣ ، و ٥ : ٢٧٣ ٢٧٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٧٩ ٢٨٠ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٤ : ٢٩٩ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧٧.

٧١

ونحن نمنع ذلك ، وإنّما قطعه بالبيّنة.

إذا ثبت هذا ، فإن اُعتق نفذ إقراره ، وطُولب بمقتضاه.

وإن أقرّ بجناية الخطأ ، فعندنا لا يُقبل إقراره في حقّ مولاه على ما تقدّم.

وقال الشافعي(١) هنا بقولنا.

ويتعلّق الإقرار بذمّته يتبع به إذا اُعتق وأيسر ، بخلاف المحجور عليه للسفه إذا أقرّ بالجناية ، فإنّه لا يلزم لا حال الحجر ولا بعد فكّه ؛ لأنّا أبطلنا إقراره لسفهه فلا نلزمه إيّاه ؛ لأنّ ذلك تضييع لماله الذي حفظناه بالحجر ، والعبد رشيد ، وإنّما رددنا إقراره لحقّ سيّده ، فإذا زال حقّه وملك المال ، ألزمناه حقّ إقراره.

مسألة ٧٣ : لو أقرّ العبد بسرقة سواء كان مأذوناً أو لا ، لم ينفذ إقراره في حقّ مولاه ؛ لأنّه إقرار على الغير ، فإن اُعتق ، اُلزم بمقتضاه ، سواء كانت السرقة ممّا توجب القطع أو لا ، كالسرقة من غير حرز أو لما دون النصاب ويكون المقرّ به في ذمّته تالفاً أو باقياً ؛ لأنّه متّهم في إقراره.

وقال الشافعي : إن كانت السرقة لا توجب القطع ، لم يُقبل في حقّ المولى ، ويتبع العبد بها بعد العتق. وإن أوجبت القطع ، صحّ إقراره في وجوب القطع عليه ، كما يصّح فيما يوجب القصاص(٢) .

وأمّا المسروق فإن كان تالفاً ، فهل يصّح إقراره ويتعلّق برقبته ، أو‌ يكون في ذمّته؟ للشافعيّة قولان(٣) :

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣٤٥.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣٤٥ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٥٦٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٦.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٣٤٥ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٥٦٠ ، حلية العلماء ٨ : =

٧٢

أحدهما : أنّه يصحّ ، ويتعلّق برقبته ؛ لأنّ إقراره متضمّن للعقوبة ، فلا تهمة فيه ، كما لو أقرّ بجناية العمد ، فإنّه يصحّ ، وإن كان الوليّ إذا عفا وجب المال في رقبته.

والثاني : لا يجب في رقبته ، وإنّما يتعلّق بذمّته ؛ لأنّه إقرار بالمال ، فأشبه ما لا يجب به القطع. ويفارق الإقرار بالقصاص ؛ لإقراره بالعقوبة ، وإنّما يصير مالاً بعفو الولي واختياره ، وهنا يُقر(١) بالمال. ألا ترى أنّه إذا أقام المسروق منه شاهداً وامرأتين ، ثبت المال دون القطع ، ولو شهد بقتل العمد شاهد وامرأتان ، لم تثبت العقوبة ولا الدية ، فإن رجع عن إقراره ، سقط القطع ، ويتعلّق المسروق بذمّته قولاً واحداً ؛ لأنّ التهمة تلحقه الآن.

وإن كانت العين المسروقة قائمةً ، فإن كانت في يد السيّد وأنكر السيّد ، قُدّم قوله مع اليمين ، وأوجب إقرار العبد القطع ، ولا يجب به ردّ العين ، وإنّما يثبت بدلها في ذمّته ، كالحُرّ إذا أقرّ بسرقة عين في يد مَنْ يدّعيها لنفسه ، فإنّه يُقطع ولا يردّ ويغرمها.

وإن كانت في يد العبد ، اختلفوا في ذلك على طريقين :

قال ابن سريج في ردّ ذلك قولين ، كما لو كانت العين تالفةً(٢) .

وقال غيره : لا تردّ العين قولاً واحداً ؛ لأنّ يده كيد سيّده ، ولو كانت في يد سيّده لم تردّ. ولأنّ هذا يؤدّي إلى أن يُقبل إقراره في أكثر من قيمته ، وهو أن تكون العين أكثر منه قيمةً(٣) .

وهذا كلّه عندنا بالطل ، وإنّ إقراره لا ينفذ لا في المال ولا في القطع.

____________________

= ٣٢٦ ٣٢٧ ، الوجيز ١ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧٧ - ٢٧٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٦.

(١) في « س ، ي » : « أقرّ ».

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ٣٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧٨.

(٣) الحاوي الكبير ٥ : ٣٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٦.

٧٣

إذا ثبت هذا ، فإنّ الشافعيّة قالوا : إنّه يُقطع ، ولا تردّ العين ، وبه قال مالك وأحمد(١) .

وقال أبو حنيفة : لا يُقطع ولا تردّ العين - وهو مذهبنا - لأنّ العين يُحكم بأنّها للسيّد ، ولا يجوز أن يُقطع في ملك سيّده(٢) .

وقال محمّد : يُقطع وتردّ العين ؛ لأنّه إنّما أقرّ بسرقة العين ، فإذا أوجبنا القطع فيها وجب ردّها(٣) .

واحتجّ الشافعي بأنّه أقرّ بسرقة عينٍ هي ملكٌ لغيره في الظاهر ، فوجب أن يُقبل إقراره في القطع دون العين ، كما لو أقرّ الحُرّ بسرقة مال في يد غيره(٤) .

ونمنع أنّها ملك الغير ، بل هي ملك السيّد.

تذنيب : لو صدّق المولى العبد في إقراره بما يوجب القصاص أو الحدّ ، قُبِل ، واستوفي من العبد ما يقتضيه إقراره.

مسألة ٧٤ : مَنْ عامَل المأذونَ وهو لا يعرف رقّه ، صحّ تصرّفه ، ولا يشترط علمه بحاله.

ولو عرف رقّه ، لم يجز له معاملته ، إلّا أن يعرف إذن السيّد.

ولا يكفي قول العبد : أنا مأذون ؛ لأنّ الأصل عدم الإذن ، فأشبه ما إذا‌ زعم الراهن إذن المرتهن في بيع المرهون. ولأنّه مدّعٍ لنفسه ، فلا تُقبل دعواه إلّا ببيّنة ، وبه قال الشافعي(٥) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ٣٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧٨ ، المغني ٤ : ٣٢٤ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٥٨٢.

(٢) المغني ٤ : ٣٢٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧٨.

(٣) اُنظر : الحاوي الكبير ٥ : ٣٧٤.

(٤) المغني ٤ : ٣٢٤.

(٥) الوسيط ٣ : ١٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٦.

٧٤

وقال أبو حنيفة : يكفي قول العبد ، كما يكفي قول الوكيل(١) .

قالت الشافعيّة : بينهما فرق ؛ لأنّ في الوكيل لا حاجة إلى دعوى الوكالة ، بل تجوز معاملته بناءً على ظاهر الحال وإن لم يدّع شيئاً ، وهنا بخلافه(٢) .

وإنّما يُعرف كونه مأذوناً إمّا بسماع الإذن من السيّد أو ببيّنة تقوم عليه.

ولو شاع في الناس كونه مأذوناً ، فوجهان ، أصحّهما عندهم : يكتفى به(٣) أيضاً ؛ لأنّ إقامة البيّنة لكلّ معاملٍ ممّا يعسر(٤) .

والوجه عندي : عدم الاكتفاء ، والعسر يندفع بإثبات ذلك عند الحاكم.

ولو عرف كونه مأذوناً ثمّ قال العبد : حجر عليَّ السيّد ، لم يعامل.

فإن قال السيّد : لم أحجر عليه ، فوجهان للشافعيّة:

أصحّهما عندهم : أنّه لا يعامل أيضاً ؛ لأنّه العاقد ، والعقد باطل بزعمه.

والثاني : أنّه يجوز معاملته - وهو مذهبنا ، وبه قال أبو حنيفة - اعتماداً‌ على قول السيّد(٥) .

مسألة ٧٥ : لو عامل المأذونَ مَنْ عرف رقَّه ولم يعرف إذنه ثمّ بانَ كونه مأذوناً ، صحّت المعاملة ؛ لظهور الإذن المقتضي لصحّتها ، وليس العلم

____________________

(١) الوسيط ٣ : ١٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٨.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٨.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فيه » بدل « به ». والصحيح ما أثبتناه.

(٤) الوسيط ٣ : ١٩٧ ، الوجيز ١ : ١٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٦ ، منهاج الطالبين ٣ : ١٠٩.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٦.

٧٥

به شرطاً في الصحّة ، بل في العلم بها.

وقالت الشافعيّة : إنّه يلحق بما إذا باع مال أبيه على ظنّ أنّه حيّ فبانَ ميّتاً(١) .

ويقرب منه قولان للشافعيّة فيما إذا كذب مدّعي الوكالة ثمّ عاملة ثمّ ظهر صدق دعوى الوكيل في الوكالة(٢) .

وكلّ هذا عندنا يقع صحيحاً ؛ لما قلناه من أنّ العلم شرط في العلم.

ولو عرف كونه مأذوناً فعامَلَه ثمّ امتنع من التسليم إلى أن يقع الإشهاد على الإذن ، فله ذلك ، خوفاً من خطر إنكار السيّد ، كما لو صدق مدّعي الوكالة بقبض الحقّ ثمّ امتنع من التسليم حتى يشهد الموكّل على الوكالة.

وهل يجوز معاملة مَنْ لا يعرف رقّه وحُرّيّته؟ الأقرب ذلك ؛ لأنّ الأصل الحُرّيّة وعدم الحجر ، وهو أحد قولي الشافعيّة. والثاني : المنع ؛ لأنّ الأصل بقاء الحجر الثابت عليه بالصغر(٣) .

مسألة ٧٦ : إذا أطلق له الإذن في الشراء ، انصرف إلى النقد ، فإن أذن له في النسيئة ، جاز ، فيثبت الثمن في ذمّة المولى ، وليس له الاستدانة إلّا مع ضرورة التجارة المأذون له فيها ، فيلزم الدَّيْن المولى ؛ لأنّ الإذن في الشي‌ء يستلزم الإذن فيما لا يتمّ ذلك الشي‌ء إلّا به.

أمّا لو استدان لغير مصلحة التجارة ، فإنّه لا يلزم المولى ، بل يتبع به بعد العتق ، فإن اُعتق اُخذ منه ، وإلّا ضاع.

ولا يستسعى على رأي ؛ لأنّ في ذلك إضراراً بالمولى ، فكان المؤدّي المولى.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٦.

(٢ و٣ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٦.

٧٦

النظر الثاني : في العهدة.

مسألة ٧٧ : إذا باع المأذون سلعةً وقبض الثمن فظهرت السلعة مستحقّةً وقد تلف الثمن في يد العبد ، فللمشتري الرجوع ببدله على السيّد ؛ لأنّ العقد له والعبد نائب عنه وعبارته مستعارة ، فكأنّه البائع والقابض للثمن ، وهو أحد قولي الشافعيّة. وفي الثاني : يرجع المشتري على العبد ببدله ؛ لأنّه المباشر للعقد(١) .

ولم قولان آخَران :

أحدهما : أنّه لا يرجع على العبد ولا السيّد ؛ لأنّ السيّد بالإذن قد أعطاه استقلالاً ، فشرط من معاملة قصر الطمع عن يده وذمّته(٢) .

والثاني : أنّه إن كان في يد العبد وفاء ، فلا يطالَب السيّد ؛ لحصول غرض المشتري ، وإلّا طُولب السيّد(٣) .

وقال ابن سريج : إن كان السيّد قد دفع إليه عين ماله وقال : بِعْها وخُذْ ثمنها واتّجر فيه ، أو قال : اشتر هذه السلعة وبِعْها واتّجر في ثمنها ، ففَعَل ثمّ‌ ظهر الاستحقاق وطالَبه المشتري بالثمن ، فله أن يطالب السيّد بقضاء الدَّيْن عنه ؛ لأنّه أوقعه في هذه الغرامة. وإن اشترى باختياره سلعةً وباعها ثمّ ظهر الاستحقاق ، فلا(٤) .

مسألة ٧٨ : المأذون له في التجارة إذا اشترى شيئاً للتجارة ، طُولب

____________________

(١) الوسيط ٣ : ١٩٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٦ - ٢٢٧.

(٢) كذا ، في العزيز شرح الوجيز : « فشرط من يعامله قصر الطمع على يده وذمّته ».

(٣) الوسيط ٣ : ١٩٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٧.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٧.

٧٧

السيّد بالثمن ؛ لأنّه نائب عنه ووكيل له.

وللشافعيّة الأوجُه الثلاثة(١) السابقة في المسألة السابقة.

والوجه الأوّل والثاني جاريان في عامل القراض مع ربّ المال ؛ لتنزيل ربّ المال العهدة على المال المعيّن(٢) .

ولو دفع شخص إلى وكيله مالاً وقال : اشتر لي عبداً وأدِّ هذا في ثمنه ، فاشترى الوكيل ، ففي مطالبة الموكّل بالثمن عند الشافعيّة طريقان :

أحدهما : أنّه يطالَب ، ولا حكم لهذا التعيين مع الوكيل ؛ لأنّ الوكيل سفير محض ، والمأذون مملوكه يلزمه الامتثال والتزام(٣) ما يلزمه السيّد ذمّته.

وأحسنهما عندهم : طرد القولين فيه(٤) .

والوجه : أن نقول : إن كان الموكّل قد عيّن المدفوع في الثمنيّة في العقد فاشترى الوكيل به ، لم يطالَب الموكّل. وإن لم يدفعه ، بطل الشراء إن سمّى الموكّل ؛ لمخالفته أمره ، وإن لم يسمّه ، وقع الشراء له ، وكان عليه الثمن ، فلا يطالَب الموكّل. وإن لم يكن قد عيّن المدفوع في الثمنيّة في‌ العقد ، كان للبائع مطالبة الموكّل.

مسألة ٧٩ : إذا توجّهت المطالبة على العبد ، لم تسقط ، ولا تندفع عنه بعتقه ، لكن في رجوعه بالمغروم بعد العتق للشافعيّة وجهان :

أحدهما : يرجع ؛ لانقطاع استحقاق السيّد بالعتق.

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٧.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « إلزام ». والصحيح ما أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٧.

٧٨

وأظهرهما عندهم : لا يرجع ؛ لأنّ المؤدّي بعد العتق كالمستحقّ بالتصرّف السابق على الرقّ ، وهذا كالخلاف في السيّد إذا أعتق العبد - الذي آجره - في أثناء مدّة الإجارة هل يرجع بأجرة مثله للمدّة الواقعة بعد العتق؟(١)

مسألة ٨٠ : لو سلّم إلى عبده ألفاً للتجارة فاشترى بالعين شيئاً ثمّ تلف الألف في يده ، انفسخ العقد ، كما لو تلف المبيع قبل القبض.

وإن اشترى في الذمّة على عزم صرف الألف في الثمن ، فالأقرب : أنّه لا يجب على السيّد دفع البدل ؛ لأنّه أذن بالمعاملة بما دفعه ، وهو ينصرف إلى الشراء بالعين ، لكنّ السيّد إن دفع ألفاً آخَر ، أمضى العقد ، وإلّا فللبائع فسخ العقد ، وهو أحد أقوال الشافعيّة.

والثاني : أنّه ينفسخ بالعقد ، كما لو اشترى بالعين ؛ لأنّ المولى حصر إذنه في التصرّف في ذلك الألف وقد فات محلّ الإذن ، فبطل البيع.

والثالث : أنّه يجب على السيّد ألفٌ آخَر ؛ لأنّ العقد وقع له ، والثمن غير متعيّن ، فعليه الوفاء بإتمامه(٢) .

ولا بأس به إن كان السيّد قد أطلق له ذلك ، بل هو المتعيّن حينئذٍ ، وإلّا فالوجه ما قلناه.

وللشافعيّة وجهٌ رابع ، وهو : أن يكون الثمن في كسب العبد(٣) .

وكذا لو دفع إلى عامل القراض ألفاً للقراض ، فاشترى العامل بمالٍ في الذمّة وتلف الألف عنده ، هل يجب على ربّ المال ألفٌ آخَر ، أو

____________________

(١) الوسيط ٣ : ٢٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٧.

(٢ و ٣ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٧.

٧٩

ينقلب العقد إلى العامل؟ إن قلنا بالأوّل ، فعلى السيّد ألفٌ آخَر. وإن قلنا بالثاني ، انفسخ العقد.

وإذا قلنا على السيّد ألفٌ آخَر ، فهل للعبد أن يتصرّف فيه بالإذن السابق ، أم لا بدّ من إذنٍ جديد؟ فيه وجهان كالوجهين في أنّه إذا أخرج ألفاً آخَر في صورة القراض ، فرأس المال ألفٌ أو ألفان؟ إن قلنا : ألفٌ ، فلا بدّ من إذنٍ جديد. وإن قلنا : ألفان ، كفى الإذن السابق.

والألف الجديد إنّما يطالب به البائع دون العبد ، ولا شكّ أنّ العبد لا يمدّ يده إلى ألف من مال السيّد وأنّه لا يتصرّف فيما قبضه البائع ، وإنّما تظهر فائدة الخلاف فيما إذا ارتفع العقد بسببٍ من الأسباب ورجع الألف.

مسألة ٨١ : إذا اتّجر المأذون وحصل عليه ديون وفي يده مال وكان الذي استدانه في مصلحة التجارة ، قُضيت ديونه ممّا في يده ، وإن شاء المولى دفع من عنده. وإن لم يكن بقي في يده شي‌ء ، فإنّ الديون تكون(١) في ذمّته يُتبع بها إذا أُعتق وأيسر إن صرفها في غير مصلحة التجارة.

والشافعيّة أطلقوا وقالوا : لا يتعلّق برقبته وبه قال مالك لأنّه دَيْنٌ ثبت على العبد برضا مَنْ له الدَّيْن ، فوجب أن لا يتعلّق برقبته ، كما لو استقرض بغير إذن سيّده(٢) .

وقال أبو حنيفة : يُباع العبد فيه إذا طالَبه الغرماء ببيعه ؛ لأنّه دَيْنٌ تعلّق بالعبد بإذن سيّده ، فوجب أن يباع فيه ، كما لو رهنه(٣) .

____________________

(١) في « ي » : « تبقي » بدل « تكون ».

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٧ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦٢ ، الوسيط ٣ : ٢٠٢ ، الوجيز ١ : ١٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٧ - ٢٢٨ ، المدوّنة الكبرى ٥ : ٢٤٥ - ٢٥٦ ، المغني ٤ : ٣٢٢.

(٣) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٩٠ ، المغني ٤ : ٣٢٢ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦٢ ، الوجيز ١ : ١٥٢ ، الوسيط ٣ : ٢٠٢.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

التي يحرم منهالعمرة التمتع - ومر بيانها - نعم، إذا كان المكلف في مكة وأراد الإتيان بالعمرة المفردة جاز له أن يحرم من أدنى الحلّ، كالحديبية والجعرانة والتنعيم، ولا يجب عليه الرجوع الى المواقيت والإحرام منها(١) ، ويستثنى من ذلك من أفسد عمرته المفردة بالجماع قبل السعي، فإنه يجب عليه الاحرام للعمرة المعادة من أحد المواقيت، ولايجزيه الاحرام من أدنى الحل على الاحوط، كما مر توضيحه في المسألة ٩٠.

مسألة ٣٩٩: لايجوز دخول مكة بل ولادخول الحرم إلا محرما(٢) ، فمن أراد الدخول فيهما في غير أشهر الحج وجب عليه

____________________

(١) فقد أحرم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد رجوعه من الطائف من الجعرانة.

(٢) لعدة من النصوص، ففي صحيحة ابن مسلم قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام هل يدخل الرجل الحرم (مكة) بغير إحرام ؟ قال: « لا، إلا مريضا او من به بطن » وفي صحيحة عاصم عنهعليه‌السلام : « يدخل الحرم احد إلا محرما ؟ قال: لا، إلا مريض أو مبطون » وفي مستطرفات السرائر نقلا عن كتاب جميل عن بعض اصحابه عن احدهماعليهما‌السلام في الرجل يخرج من الحرم الى بعض حاجته ثم يرجع من يومه، قال: « لابأس بأن يدخل بغير احرام» وفي مرسلة البختري وابان عن رجل عنهعليه‌السلام في الرجل يخرج

=

٣٦١

أن يحرم للعمرة المفردة، ويستثنى من ذلك من يتكرر منه الدخول والخروج لحاجة كالحطاب والحشاش ونحوهما(١) ، وكذلك من خرج من مكة بعد إتمامه أعمال عمرة التمتع والحج، أو بعد العمرة المفردة فإنه يجوز له العود إليها من دون إحرام قبل مضي الشهر الذي أدى فيه عمرته، وتقدم حكم الخارج من مكة بعد عمرة التمتع وقبل الحج في المسألة ١٠.

* مسألة ٤٠٠: إذا أتى بالعمرة المفردة نيابة عن الغير، وخرج من مكة ورجع قبل مضي الشهر الذي أدى فيه العمرة، فهل يجوز له

____________________

=

في الحاجة من الحرم، قال: « إن رجع في الشهر الذي خرج فيه دخل بغير إحرام، وإن دخل في غيره دخل بإحرام »، وما في المعتمد من أن المراد من دخول الحرم هو دخول مكة لعدم الريب في عدم وجوب الاحرام لمن كانت له حاجة في الحرم ولم يرد النسك، ودعوى أن القدسية والمزية والحرمة لمكة بخصوصها، خلاف ظاهر النصوص وإن القدسية والمزية لمكة أولا وبالذات وللحرم، وإلا ماوجه تسميته بذلك.

(١) كما هو مفاد بعض النصوص.

* اذا تكرر خروجه يوميا أو ثلاث او أربع مرات في الاسبوع لم يلزمه الاحرام للدخول.

٣٦٢

العود من دون إحرام، فيه إشكال والاحوط تجديد الاحرام(١) .

* مسألة ٤٠١: الظاهر أن دخول الحرم أو مكة بلا إحرام حرام حدوثا(٢) لابقاءً، فإذا دخلهما بغير إحرام عمداً او لعذر لايجب عليه الخروج فوراً.

مسألة ٤٠٢: من أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج وبقي في مكة إلى يوم التروية وقصد الحج كانت عمرته متعة(٣) ، فيأتي بحج التمتع، ولافرق في ذلك بين الحج الواجب والمندوب.

* لكن كل ذلك بشرط عدم الخروج من مكة - ولو الى جدة - بعد الاتيان بالعمرة المفردة الى يوم التروية، فإذا خرج منها لاتكون متعة.

____________________

(١) اذ الفصل المعتبر بين العمرتين فيما اذا كان عن نفسه، مع امكان واحتمال شمول النصوص الدالة على عدم الحاجة الى الاحرام إذا رجع في نفس الشهر للمقام أيضا.

(٢) اذ هو غاية مايستفاد من النصوص فراجع.

(٣) كما هو مقتضى الروايات وقد مر بعضها.

٣٦٣

أحكام المصدود

مسألة ٤٠٣: المصدود: هو الذي منعه العدو أو نحوه من الوصول الى الاماكن المقدسة لأداء مناسك الحج أو العمرة بعد تلبسه بالإحرام.

مسألة ٤٠٤: المصدود في العمرة المفردة إذا كان سائقا للهدي جاز له التحلل من إحرامه بذبح هديه أو نحره في موضع الصد(١) .

وإذا لم يكن سائقا وأراد التحلل لزمه تحصيل الهدي وذبحه أونحره، ولايتحلل بدونه على الاحوط(٢) .

____________________

(١) ففي موثقة زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: المصدود يذبح حيث صد ويرجع صاحبه فيأتي النساء.

(٢) كما هو مذهب الاكثر كما في المدارك والمفاتيح والذخيرة والرياض، بل في الغنية والمنتهى إجماعنا عليه، لقوله تعالى ( وأتموا الحج والعمرة فان احصرتم فما استيسر من الهدي ) وموثقة زرارة المتقدمة، وفعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لما صده المشركون يوم الحديبية، وذهب والصدوقان وابن إدريس الى التحلل بدونه، لاختصاص الآية بالاحصار وعدم دلالتها صراحة على الوجوب، ومع التنزل يختص ذلك بمن ساق الهدي، وأما

=

٣٦٤

والاحوط لزوما ضم الحلق أو التقصير إلى الذبح أو النحر في كلتا الصورتين(١) .

____________________

=

موثقة زرارة وغيرها فكذلك تقيّد بما اذا ساق الهدي وإلا فيتخير بين الحلق والتقصير، كما يشير إليه مارواه علي بن ابراهيم بسند صحيح من أمر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه بنحر ماساقوه معهم من الابل وحلق رؤوسهم وأما من لم يسق فخيره بين الحلق والتقصير، فعن الصادقعليه‌السلام قال - في حديث طويل -: فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله تعظيماً للبدن رحم الله المحلّقين، وقال قوم لم يسوقوا البدن: يارسول الله والمقصرين ؟ لان من لم يسق هدياً لم يجب عليه الحلق، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثانياً رحم الله المحلقين الذين لم يسوقوا الهدي، فقالوا يارسول الله والمقصرين، فقال: رحم الله المقصرين»، ولعله منشأ الاحتياط والله العالم.

(١) تبعا للشهيدين في الدروس والروضة والمسالك جمعا بين الاخبار، ففي رواية حمران عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين صدّ بالحديبية قصّر وأحلّ ونحر ثم انصرف منها ولم يجب عليه الحلق حتى يقضي النسك، فأما المحصور فإنما يكون عليه التقصير.

وفي صحيحة رفاعة عن ابي عبد اللهعليه‌السلام قال: خرج الحسينعليه‌السلام معتمرا وقد ساق بدنة حتى انتهى الى السفيا فبرسم فحلق شعر رأسه ونحرها مكانه.

=

٣٦٥

وأما المصدود في عمرة التمتع، فإن كان مصدودا عن الحج ايضا فحكمه ماتقدم، وإلا - كما لو منع من الوصول الى البيت الحرام قبل الوقوفين خاصة - فلا يبعد انقلاب وظيفته الى حج الافراد(١) .

مسألة ٤٠٥: المصدود في حج التمتع إن كان مصدوداً عن الموقفين او عن الموقف بالمشعر خاصة، فالأحوط أن يطوف ويسعى ويحلق رأسه ويذبح شاة فيتحلل من إحرامه(٢) .

____________________

=

وفي موثقة الفضل بن يونس قال: سألته عن رجل عرض له سلطان فأخذه ظالما له يوم عرفة قبل أن يعرف، فبعث به إلى مكة فحبسه، فلما كان يوم النحر خلى سبيله كيف يصنع ؟ فقال: يلحق فيقف بجمع، ثم ينصرف الى منى فيرمي ويذبح ويحلق ولاشيء عليه، قلت: فإن خلى عنه يوم النفر كيف يصنع ؟ قال: هذا مصدود عن الحج إن كان دخل متمتعا بالعمرة الى الحج فليطف بالبيت اسبوعا، ثم يسعى اسبوعا ويحلق رأسه ويذبح شاة، فإن كان مفردا للحج فليس عليه ذبح ولاشيء عليه.

وعن الشيخ في النهاية وظاهر الشرائع والنافع، بل المنسوب الى الاكثر كما في الرياض عدم توقف التحلّل عليهما أصلا قصورا في مقتضى الادلة.

(١) لشمول بعض أدلة الانقلاب له كما لايخفي فراجع.

(٢) كما هو مقتضى موثقة الفضل المتقدمة فانها ظاهرة على التبدل الى العمرة المفردة إذ الطواف والسعي والحلق من اعمالها، ووجوب الذبح لالكونه عمرة مفردة حتى يشكل بعدم القائل وإنما تطبيقا لقولهعليه‌السلام

=

٣٦٦

وإن كان مصدودا عن الطواف والسعي فقط - بأن منع من الذهاب الى المطاف والمسعى - فعندئذ ان لم يكن متمكنا من الاستنابة وأراد التحلل، فالاحوط أن يذبح أو ينحر هديا ويضم إليه الحلق او التقصير(١) .

وإن كان متمكنا من الاستنابة فلا يبعد جواز الاكتفاء بها(٢) ، فيستنيب لطوافه وسعيه ويأتي هو بصلاة الطواف بعد طواف النائب.

وإن كان مصدودا عن الوصول الى منى لأداء مناسكها فوقتئذ إن كان متمكنا من الاستنابة استناب للرمي والذبح او النحر(٣) ، ثم حلق أو قصر ويبعث بشعره الى منى مع الإمكان، ويأتي ببقية المناسك.

____________________

=

في صحيحة زرارة «المصدود يذبح حيث صد»، وحيث ادعي الاجماع واتفاق الاصحاب كما في الجواهر على انه بالخيار بين التحلل بالذبح او البقاء على الاحرام حتى يفوت الموقفان ويتحلل بعمرة مفردة فالاحتياط في محله والله العالم.

(١) لصدق الصد حينئذٍ.

(٢) لحكومة أدلة الاستنابة على الصد كما لايخفي، وذهب في المعتمد الى قصور أدلة النيابة عن الشمول للمقام، مؤكداً كلامه بعدم المورد لعنوان المصدود لو قيل بشمولها، ولعل في كلامه مواضع للنظر والله العالم.

(٣) لتحقق العذر ومعه فعليه الاستنابة.

٣٦٧

وإن لم يكن متمكنا من الاستنابة سقط عنه الذبح والنحر فيصوم بدلا عن الهدي(١) ، كما يسقط عنه الرمي أيضا - وإن كان الاحوط الإتيان به فى السنة القادمة بنفسه إن حج او بنائبه إن لم يحج - ثم يأتي بسائر المناسك من الحلق أو التقصير وأعمال مكة، فيتحلل بعد هذه كلها من جميع مايحرم عليه حتى النساء من دون حاجة الى شيء آخر.

مسألة ٤٠٦: المصدود من الحج أو العمرة إذا تحلل من إحرامه بذبح الهدي لم يجزئه ذلك عنهما(٢) ، فلو كان قاصداً أداء حجة الإسلام فصُد عنها وتحلّل بذبح الهدي، وجب عليه الإتيان بها لاحقا إذا بقيت استطاعته أو كان الحج مستقراً في ذمته.

مسألة ٤٠٧: إذا صُدّ عن الرجوع إلى منى للمبيت ورمي الجمار لم يضره ذلك بصحة حجه(٣) ، ولايجري عليه حكم المصدود، فيستنيب للرمي إن امكنه في سنته، وإلا قضاه في العام القابل بنفسه إن حج أو بنائبه إن لم يحج على الاحوط الاولى(٤) .

____________________

(١) لاشتراط الذبح في منى، فتنتقل وظيفته الى فاقد الهدي.

(٢) اذ مقتضى ادلة الصدّ هو التحلل لا الاجزاء والاكتفاء والبدلية.

(٣) بلا خلاف في ذلك.

(٤) وقد تقدم فراجع.

٣٦٨

مسألة ٤٠٨: لافرق في الهدي المذكور بين أن يكون بدنة أو بقرة أو شاة، ولو لم يتمكن منه فالاحوط أن يصوم بدلا عنه عشرة أيام(١) .

مسألة ٤٠٩: إذا جامع المحرم للحج امرأته قبل الوقوف بالمزدلفة فوجب عليه إتمامه وإعادته - كما سبق في تروك الإحرام - ثم صُدّ عن الإتمام جرى عليه حكم المصدود(٢) ، ولكن تلزمه كفارة الجماع زائدا على هدي التحلل(٣) .

أحكام المحصور

مسألة ٤١٠: المحصور: هو الذي يمنعه المرض أو نحوه عن

____________________

(١) ففي صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام في المحصور ولم يسق الهدي، قال: ينسك ويرجع، قيل: فإن لم يجد هدياً ؟ قال: يصوم » ووجه التوقف أن الصحيحة واردة في المحصور لا المصدود والقول بإشتراكهما في الاحكام مطلقا بحاجة الى دليل، مضافا الى مامر من تقريب عدم وجوب الهدي على المصدود في العمرة المفردة اذا لم يسق الهدي.

(٢) لوجوب إتمام الحجة المرتكب فيها الجرم، سواء قلنا بفسادها او أن الثانية عقوبة عليه.

(٣) عقوبة له.

٣٦٩

الوصول إلى الاماكن المقدّسة لأداء أعمال العمرة أو الحج بعد تلبسه بالإحرام.

مسألة ٤١١: المحصور إذا كان محصوراً في العمرة المفردة أو عمرة التمتع وأراد التحلّل، فوظيفته أن يبعث هدياً أو ثمنه ويواعد أصحابه أن يذبحوه أو ينحره بمكة في وقت معين، فإذا جاء الوقت قصّر أو حلق وتحلل في مكانه(١) .

وإذا لم يكن متمكناً من بعث الهدي أو ثمنه لفقد من يبعثه معه، جاز أن يذبح أو ينحر في مكانه ويتحلل(٢) .

____________________

(١) ففي صحيحة معاوية قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن رجل أحصر فبعث بالهدي، فقال: « يواعد أصحابه ميعاداً، فان كان في حج فمحل الهدي يوم النحر، وإذا كان يوم النحر فليقصر من رأسه، ولايجب عليه الحلق حتى يقضي مناسكه، وإن كان عمرة فلينتظر مقدار دخول أصحابه مكة والساعة التي يعدهم فيها فإذا كان تلك الساعة قصر وأحل » ومثلها دلالة موثقة زرعة.

(٢) لعدة من النصوص التي ظاهرها ذبح الهدي محل الاحصار المحمولة على صورة تعذر بعثه الى مكة او منى، ففي صحيحة رفاعة عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: « خرج الحسينعليه‌السلام معتمراً وقد ساق بدنة حتى انتهى إلى السقيا فبرسم فحلق شعر رأسه ونحرها مكانه » وفي صحيحة

=

٣٧٠

وإن كان محصوراً في الحج، فوظيفته ماتقدم، إلا أن مكان الذبح أو النحر لهديه منى، وزمانه يوم النحر(١) .

وتحلل المحصور في الموارد المتقدمة إنما هو من غير النساء، وأما منها فلا يتحلل إلا بعد الإتيان بالطواف والسعي بين الصفا والمروة في حج أو عمرة(٢) .

مسألة ٤١٢: إذا مرض المعتمر فبعث هدياً ثم خف مرضه وتمكن

____________________

=

معاوية عنهعليه‌السلام في المحصور ولم يسق الهدي، قال: ينسك ويرجع، فإن لم يجد ثمن هدي صام.

(١) كما هو مقتضى صحيحة وموثقة معاوية وزرعة المتقدمتان.

(٢) تشهد له صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام قال: « المحصور غير المصدود، وقال: المحصور هو المريض والمصدود هو الذي يرده المشركون كما ردوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس من مرض، والمصدود تحل له النساء والمحصور لاتحل له النساء »، وفي صحيحته الاخرى في حصر الحسينعليه‌السلام قال: أرأيت حين برىء من وجعه قبل أن يخرج الى العمرة حلت له النساء ؟ قال: لاتحل له النساء حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة، قلت فما بال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين رجع من الحديبية حلّت له النساء ولم يطف بالبيت، قال: ليسا سواء، كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مصدودا والحسين محصوراً.

٣٧١

من مواصلة السير والوصول إلى مكة قبل أن يذبح أو ينحر هديه لزمه ذلك، فإن كان عمرته مفردة فوظيفته إتمامها ولاشيء عليه.

وإن كانت عمرة التمتع، فإن تمكن من اتمام أعمالها قبل زوال الشمس من يوم عرفة فلا إشكال(١) ، وإلا فالظاهر انقلاب حجه إلى الإفرد(٢) .

وكذلك الحال - في كلا الصورتين - لو لم يبعث بالهدي وصبر حتى خفّ مرضه وتمكن من مواصلة السير.

مسألة ٤١٣: إذا مرض الحاج فبعث بهديه، وبعد ذلك خف المرض، فإن ظن إدراك الحج وجب عليه الالتحاق(٣) ، وحينئذ فإن

____________________

(١) تدل عليه صحيحة زرارة عن ابي جعفرعليه‌السلام قال: إن أحصر الرجل بعث بهديه، فإذا أفاق ووجد في نفسه خفة فليمض إن ظن أنه يدرك الناس، فإن قدم مكة قبل أن ينحر الهدي فليقم على إحرامه حتى يفرغ من جميع المناسك، ولينحر هديه، ولاشيء عليه وإن قدم مكة وقد نحر هديه فإن عليه الحج من قابل والعمرة.

(٢) لكون عمرة التمتع مغياة بزوال الشمس يوم عرفة، فإذا لم يتمكن من أدائها قبل ذلك شملته أدلة الانقلاب المتقدمة في المسألة ١٣.

(٣) لوجوب اتمام النسك، والفرض انه متمكن، مضافا الى ظهور صحيحة زرارة المتقدمة.

٣٧٢

أدرك الموقفين أو الوقوف بالمشعر خاصة - حسبما تقدم - فقد أدرك الحج، فيأتي بمناسكه وينحر أو يذبح هديه(١) .

وإلا فإن لم يذبح أو ينحر عنه قبل وصوله انقلب حجه إلى العمرة المفردة(٢) ، وإن ذبح أو نحر عنه، قصر أو حلق وتحلل من غير النساء، وأما منها فلا يتحلل إلا أن يأتي بالطواف والسعي في حج أو عمرة(٣) .

مسألة ٤١٤: إذا أحصر الحاج من الطواف والسعي، بأن منعه المرض أو نحوه من الوصول الى المطاف والمسعى، جاز له أن يستنيب لهما(٤) ويأتي هو بصلاة الطواف بعد طواف النائب.

وإذا أحصر عن الذهاب الى منى وأداء مناسكها استناب للرمي والذبح(٥) ،

____________________

(١) وليس عليه الحج من قابل.

(٢) لعدة من النصوص الدالة على انقلاب الوظيفة الى العمرة المفردة عند عدم ادراك الحج مطلقا.

(٣) وقد مر في المسألة الثانية من الباب فراجع.

(٤) لعدة من النصوص، منها صحيحة حريز عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: المريض المغلوب والمغمى عليه يرمى عنه ويطاف عنه.

(٥) اذ المباشرة في الرمي شرط في ظرف القدرة، أما الذبح فتجوز

=

٣٧٣

ثم حلق أو قصر ويبعث بشعره إلى منى مع إلامكان(١) ، ويأتي بسائر المناسك فيتم حجه.

مسألة ٤١٥: إذا أحصر الرجل فبعث بهديه، ثم آذاه رأسه قبل أن يبلغ الهدي محله، جاز له ان يحلق، فإذا حلق وجب عليه أن يذبح شاة في محله أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين، لكل مسكين مُدّان(٢) .

مسألة ٤١٦: المحصور في الحج أو العمرة إذا بعث بالهدي وتحلل من إحرامه لم يجزئه ذلك عنهما، فلو كان قاصداً أداء حجة الاسلام فأحصر، فبعث بهديه وتحلل، وجب عليه الإتيان بها لاحقا إذا بقيت الاستطاعة أو كان الحج مستقراً في ذمته(٣) .

____________________

=

الاستنابة مطلقا.

(١) وقد تقدم بيانه فراجع.

(٢) تدل عليه صحيحة زرارة عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: إذا أحصر الرجل فبعث بهديه فآذاه رأسه قبل أن ينحر هديه فانه يذبح شاة في المكان الذي أحصر فيه أو يصوم أو يتصدق على ستة مساكين والصوم ثلاثة أيام والصدقة نصف صاع لكل مسكين.

(٣) لصحيحة البزنطي قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن محرم انكسرت ساقه، أي شيء يكون لحاله ؟ وأي شيء عليه ؟ قال: هو حلال من

٣٧٤

مسألة ٤١٧: المحصور إذا لم يجد هديا ولاثمنه صام عشرة أيام بدلا منه(١) .

مسألة ٤١٨: إذا تعذّر على المحرم مواصلة السير إلى الأماكن المقدسة لأداء مناسك العمرة أو الحج لمانع آخر غير الصد والإحصار، فإن كان معتمراً بعمرة مفردة جاز له التحلل في مكانه بذبح هديه مع ضم الحلق أو التقصير إليه على الاحوط.

وكذلك إذا كان معتمراً بعمرة التمتع ولم يمكنه إدراك الحج أيضا، وإلا فالظاهر انقلاب وظيفته إلى حج الإفراد.

وإذا كان حاجا وقد تعذر عليه إدراك الموقفين أو الموقف في المشعر خاصة، فعليه أن يتحلل من إحرامه بعمرة مفردة.

____________________

=

كل شيء... قال: أصلحك الله ماتقول في الحج ؟ قال: لابد أن يحج من قابل » وفي صحيحة حمزة بن حمران أنه سألة أبا عبداللهعليه‌السلام عن الذي يقول: حلني حيث حبستني، فقال: هو حل حيث حبسه، قال أو لم يقل، ولايسقط الاشتراط عنه الحج من قابل » وفي صحيحة رفاعة عنهعليه‌السلام قال: سألته عن الرجل يشترط وهو ينوي المتعة فيحصر هل يجزيه أن لايحج من قابل ؟ قال: يحج من قابل » وغيرها من النصوص، مضافا الى أن أدلة الاحصار وكذا الصد هي للتحلل لا للاجزاء.

(١) لصحيحة معاوية المتقدمة والتي موردها المحصور فراجع.

٣٧٥

وإذا تعذر عليه الوصول الى المطاف والمسعى لأداء الطواف والسعي، أو لم يتمكن من الذهاب إلى منى للاتيان بمناسكها فحكمه ماتقدم في المسألة ٤١٤.

* مسألة ٤١٩: من أصابه عارض صحي اثناء ادائه لطواف العمرة المفردة فأرجع الى بلده، فإن كان بعد إتمام الشوط الرابع فلا يبعد الاجتزاء بالنيابة في بقية الاشواط وكذا في السعي ويأتي هو بصلاة الطواف بعد طواف النائب ويحلق أو يقصر بعد سعيه ويستنيب لطواف النساء ويأتي بصلاته، فيحل من إحرامه تماما، وأما إذا كان قبل ذلك ففي خروجه من الاحرام من دون العود الى مكة والاتيان باعمال عمرته تأمل وإشكال(١) .

* مسألة ٤٢٠: من اصابته سكتة قلبية أثناء ادائه طواف عمرة التمتع فان كان وضعه الصحي لايسمح له بالبقاء في مكة لتكميل مناسك عمرته ولو بالاستنابة ثم الاحرام للحج وادراك الوقوفين بالمقدار الذي يصح به الحج، فالظاهر جريان أحكام المحصور عليه، وإلا فان رجع الى بلده وكان ذلك باختياره فلا يبعد بطلان

____________________

(١) وقد تقدم في المسألة ٤٠ الجزم بوجوب الرجوع واكمال العمرة المفردة لمن تركها.

٣٧٦

إحرامه وإن كان آثما في ذلك(١) ، وأما اذا كان رجوعه من دون ارادته واختياره فالاقرب جريان حكم المصدود عليه.

* مسألة ٤٢١: إذا احرم لعمرة التمتع ثم اغمي عليه فان احتمل أن يفيق من غيبوبته ويدرك الحج - بأن يدرك اختياري المشعر أو اضطراريه مع اختياري عرفة أو اضطراريه - اتخذ الولي من ينوب عنه فى الطواف وصلاته والسعي(٢) ثم يقصر شيئا من شعره فيحل من احرام عمرته، وفي يوم التروية الاحوط أن يحرم عنه الولي - اي يلبي عنه - ويجنبه محرمات الاحرام، ويذهب الى الموقفين فإن افاق هناك فالاحوط أن يجدد الاحرام بنفسه ولو من موضعه ان لم يتمكن من الذهاب الى مكة(٣) ، فإن ادرك الحج - بإدراك ماتقدم - يأتي ببقية مناسكه، وإن عاد الى الغيبوبة قبل الاتيان بها استناب له الولي من

____________________

(١) راجع ماقلناه عند الشروع في كيفية الاحرام.

(٢) لدلالة جملة من النصوص على مشروعية الطواف عن المغمى عليه، وهو وفق مقتضى القاعدة، اذ الحكم الاولي أن يطوف الانسان بالبيت وبين الصفا والمروة بنفسه، فإن لم يقدر فبمعونة الاخرين إعانة ثم حملا، وإن لم يقدر طيف وسعي عنه.

(٣) وقد تقدم فيمن نسى او جهل الاحرام من مكة حتى خرج منها الى عرفات، فراجع.

٣٧٧

يأتي بها عنه، واما اذا لم يفق حتى فات عنه الوقوفان بطل حجه.

* مسألة ٤٢٢: إذا اتى بعمرة التمتع ثم عرض له مايوجب الخوف على نفسه من الاتيان بالحج أو خاف أن يصاب بضرر بليغ، فإن كان خوفه عقلائياً لم يجب عليه الاتمام(١) ، والاحوط ان يجعلها عمرة مفردة فيأتي بطواف النساء.

مسألة ٤٢٣: ذكر جماعة من الفقهاء: أن الحاج او المعتمر إذا لم يكن سائقا للهدي، واشترط في إحرامه على ربه تعالى أن يحله حيث حبسه، فعرض له عارض - من عدو أو مرض أو غيرهما - حبسه عن الوصول الى البيت الحرام أو الموقفين، كان أثر هذا الاشتراط أنه يحل بمجرد الحبس من جميع ما للتحلل من إحرامه، كما لايجب عليه الطواف والسعي للتحلل من النساء إذا كان محصوراً.

وهذا القول وإن كان لايخلو من قوة(٢) ، إلا أن الاحوط لزوما

____________________

(١) السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين.

(٢) بل لعله المتعيّن، وإليه ذهب المرتضى وابن ادريس مع دعوى الاجماع، تمسكاً بصحيحة ذريح عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن رجل تمتع بالعمرة الى الحج، واحصر بعد ما أحرم، كيف يصنع ؟ قال: فقال:

=

٣٧٨

=

أو اشترط على ربه قبل أن يحرم أن يحله الله عند عارض عرض له من أمر الله؟ فقلت: بل قد اشترط ذلك، قال: فليرجع الى أهله حلالا لا احرام عليه، إن الله أحق من وفي بما اشترط عليه، قلت: افعليه الحج من قابل ؟ قال: لا » فهي دالة على التحلل بمجرد الاحصار بلا تعرض للهدي، إذ لو كان واجبا لذكرهعليه‌السلام لكونه في مقام البيان.

وصحيحة البزنطي قال: سألت ابا الحسنعليه‌السلام عن محرم انكسرت ساقه، أي شيء يكون حاله ؟ وأي شيء عله ؟ قال: هو حلال من كل شيء، فقلت: ومن النساء والثياب والطيب ؟ فقال: نعم من جميع ما يحرم على المحرم، قال: أما بلغك قول أبي عبداللهعليه‌السلام : حلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت عليّ، قلت: أصلحك الله ماتقول في الحج ؟ قال: لابد أن يحج من قابل.

ويويدهما ماورد في جملة من الصحاح في كتاب الاعتكاف من وجوب الاتمام اذا اعتكف يومين إلا اذا اشترط على ربه فله ان يفسخ، كصحيحة محمد بن مسلم وابي ولاد الحناط، وفي صحيحة ابي بصير عنهعليه‌السلام في حديث: وينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يحرم» وفي صحيحة ابن يزيد عنهعليه‌السلام قال: واشترط على ربّك في اعتكافك كما تشترط في احرامك أن يحلك من اعتكافك عند عارض إن عرض لك من علة تنزل بك من أمر الله تعالى.

وقيل: أن فائدة الاشتراط جواز التحلل من غير تربص الى ان يبلغ الهدي محله، وهو ظاهر المحقق في الشرائح وصريحه في النافع، ويدفعه قوله عليه

=

٣٧٩

مراعاة ماسبق ذكره في المسائل المتقدمة في كيفية التحلل عند الحصر والصد، وعدم ترتيب الأثر المذكور على اشتراط التحلل.

***

إلى هنا فرغنا من واجبات الحج، فلنشرع الان في آدابه، وقد ذكر الفقهاء من الاداب مالاتسعه هذه الرسالة فنقتصر على يسير منها.

وليعلم أن استحباب جملة من المذكورات مبتنٍ على قاعدة

____________________

=

السلام « فليرجع الى أهله حلالا لا إحرام عليه ».

وقيل: أن فائدته سقوط الحج عنه فى العام القابل، وهو المحكي عن الشيخ في يالتهذيب، لذيل الصحيحة المتقدمة، وتقابلها عدة من الصحاح فلابد من رفع اليد عن ذيلها.

وقيل: أن الفائدة ادراك الثواب بذكره في عقد الاحرام، وهو الذي يظهر من الشهيد في المسالك قال: - بعد أن ذكر ان سقوط الهدي في غير السائق، وتعجيل التحلل فمخصوص بالمحصر دون المصدود، وسقوط القضاء فمخصوص بالمتمتع - ومن الجائز كونه تعبداً، أو دعاءً مأمورا به يترتب على فعله الثواب.

وذهب الشيخ وابن الجنيد والعلامة في المختلف والمنتهى الى عدم سقوط الهدي، تمسكا بإطلاق قوله تعالى ( فإن احصرتم فما استيسر من الهدي )، وفيه أنه مقيد بصحيحتي ذريح والبزنطي المتقدمين.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400