تحف العقول

تحف العقول0%

تحف العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 520

تحف العقول

مؤلف: ابن شعبة الحراني
تصنيف:

الصفحات: 520
المشاهدات: 183036
تحميل: 11478

توضيحات:

تحف العقول
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 520 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 183036 / تحميل: 11478
الحجم الحجم الحجم
تحف العقول

تحف العقول

مؤلف:
العربية

غدا. وإنما نحن فروع لاصول قد مضت، فما بقاء الفروع بعد أصولها.

أيها الناس إنكم إن آثرتم الدنيا على الآخرة أسرعتم إجابتها إلى العرض الادنى ورحلت مطايا آمالكم إلى الغاية القصوى، تورد مناهل عاقبتها الندم وتذيقكم ما فعلت بالامم الخالية والقرون الماضية من تغير الحالات وتكون المثلات.

وقالعليه‌السلام : الصلاة قربان كل تقي، والحج جهاد كل ضعيف، ولكل شئ زكاة وزكاة البدن الصيام، وأفضل عمل المرء انتظاره فرج الله، والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر، ومن أيقن بالخلف جاد بالعطية، استنزلوا الرزق بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة، وما عال امرء اقتصد.

والتقدير نصف العيش، والتودد نصف العقل. والهم نصف الهرم، وقلة العيال أحد اليسارين، ومن أحزن والديه عقهما، ومن ضرب بيده على فخذه عند المصيبة حبط أجره، والصنيعة لا تكون صنيعة إلا عند ذي حسب أو دين، والله ينزل الصبر على قدر المصيبة، فيمن قدر رزقه الله ومن بذر حرمه الله، والامانة تجر الرزق، والخيانة تجر الفقر، ولو أراد الله بالنملة صلاحا ما أنبت [ لها ] جناحا.

وقالعليه‌السلام : متاع الدنيا حطام وتراثها كباب، بلغتها أفضل من أثرتها. وقلعتها أركن من طمأنينتها(١) ، حكم بالفاقة على مكثرها. واعين بالراحة من رغب عنها، من راقه رواؤها(٢) أعقبت ناظريه كمها(٣) . ومن استشعر شغفها ملات قلبه أشجانا، لهن رقص على سويداء قلبه كرقيص الزبدة على أعراض المدرجة(٤) هم يحزنه وهم

____________________

(١) الحطام - كغراب -: ما تكسر من يبيس النبات. والكباب - كغراب - الكثير من الابل والغنم والتراب والطين اللازب وامثالها. والبلغة: الكفاف. والاثرة - كقصبة -: الاختيار واختصاص المرء بالشئ دون غيره. والقلعة: الرحلة.

(٢) في بعض النسخ [ من راقه زبرجها ] وفى بعضها [ من فاقه رواها ].

وراقه الشى: أعجبه و الرواء - بضم الراء -: حسن المنظر، والزبرج: الزينة وكل شئ حسن والذهب.

(٣) الكمه محركه - : العمى.

(٤) في بعض النسخ [ من استشعف برواؤها ] والشعف - محركة -: الولوع وشدة التعلق و غلبة الحب. وفى بعض نسخ الحديث والنهج [ ومن استشعر الشعف بها ].

والاشجان: الاحزان: والرقص الغليان والاضطراب واستعارعليه‌السلام لفظ الرقص لتعاقب الاحزان والهموم واضطرابهما في قلبه. والزبدة ما يستخرج من اللبن بالمخض.

ومختار هذا الكلام في النهج مع اختلاف.

٢٢١

يشغله(١) كذلك حتى يؤخذ بكظمه ويقطع أبهراه ويلقى هاما للقضاء، طريحا هينا على الله مداه(٢) وعلى الابرار ملقاه(٣) وإنما ينظر المؤمن إلى الدنيا بعين الاعتبار ويقتات منها ببطن الاضطرار ويسمع فيها النفث(٤) .

وقالعليه‌السلام : تعلموا الحلم فإن الحلم خليل المؤمن ووزيره والعلم دليله والرفق أخوه والعقل رفيقه والصبر أمير جنوده.

وقالعليه‌السلام لرجل تجاوز الحد في التقشف(٥) : يا هذا أما سمعت قول الله:( وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّکَ فَحَدِّثْ ) (٦) فو الله لابتذالك نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالكها بالمقال.

وقال لابنه الحسنعليهما‌السلام : اوصيك بتقوى الله وإقام الصلاة لوقتها وإيتاء الزكاة عند محلها.

واوصيك بمغفرة الذنب وكظم الغيظ وصلة الرحم والحلم عند الجاهل والتفقه في الدين والتثبت في الامر والتعهد للقرآن وحسن الجوار والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتناب الفواحش كلها في كل ما عصي الله فيه.

وقالعليه‌السلام : قوام الدنيا بأربعة: بعالم مستعمل لعلمه. وبغني باذل لمعروفه. وبجاهل لا يتكبر أن يتعلم. وبفقير لا يبيع آخرته بدنيا غيره. وإذا عطل العالم علمه وأمسك الغني معروفه وتكبر الجاهل أن يتعلم وباع الفقير آخرته بدنيا غيره فعليهم الثبور.

وقالعليه‌السلام : من استطاع أن يمنع نفسه من أربعة أشياء فهو خليق بأن لا ينزل

____________________

(١) في بعض النسخ [ هم يعمره وهم يسفره ].

(٢) الكظم - بالضم والتحريك -: مخرج النفس.

والابهران: العرقان اللذان يخرجان من القلب.

والهامة: الجثة.

والمدى: الغاية والمنتهى.

وفى النهج [ هينا على الله فناؤه وعلى الاخوان القاؤه ] أى طرحه في قبره.

(٣) الملقى: الموضع.

(٤) يقتات في بعض النسخ [ بقيات ] وهو تصحيف من النساخ.

وفى النهج [ ويسمع فيها باذن المقت والابغاض ].

ولعله هو الصحيح.

(٥) تقشف الرجل في لباسه اذا لم يتعاهد النظافة.

(٦) سورة الضحى آية ١١.

٢٢٢

به مكروه أبدا، قيل: وما هن يا أمير المؤمنين؟ قال: العجلة واللجاجة والعجب والتواني.

وقالعليه‌السلام : اعلموا عباد الله أن التقوى حصن حصين والفجور حصن ذليل. لا يمنع أهله ولا يحرز من جأ إليه، ألا وبالتقوى تقطع حمة الخطايا(١) وبالصبر على طاعة الله ينال ثواب الله. وباليقين تدرك الغاية القصوى.

عباد الله إن الله لم يحظر على أوليائه ما فيه نجاتهم(٢) إذ دلهم عليه ولم يقنطهم من رحمته لعصيانهم إياه إن تابوا إليه.

وقال الصمت حكم، والسكوت سلامة، والكتمان طرف من السعادة.

وقالعليه‌السلام : تذل الامور للمقدور حتى تصير الآفة في التدبير(٣) .

وقالعليه‌السلام : لا تتم مروة الرجل حتى يتفقه [ في دينه ] ويقتصد في معيشته ويصبر على النائبة إذا نزلت به ويستعذب مرارة إخوانه.

وسئلعليه‌السلام ما المروة؟ فقال: لا تفعل شيئا في السر تستحيي منه في العلانية.

وقالعليه‌السلام : الاستغفار مع الاصرار ذنوب مجددة.

وقالعليه‌السلام : سكنوا في أنفسكم معرفة ما تعبدون حتى ينفعكم ما تحركون من الجوارح بعبادة من تعرفون.

وقالعليه‌السلام : المستأكل بدينه حظه من دينه ما يأكله.

وقالعليه‌السلام : الايمان قول مقبول(٤) وعمل معمول وعرفان بال‍ [ م‍ ] - عقول.

وقالعليه‌السلام : الايمان على أربعة أركان التوكل على الله والتفويض إلى الله والتسليم لامر الله والرضى بقضاء الله وأركان الكفر أربعة: الرغبة والرهبة والغضب والشهوة(٥) .

وقالعليه‌السلام : من زهد في الدنيا ولم يجزع من ذلها ولم ينافس في عزها(٦)

____________________

(١) الحمه: السم.

وحمة البرد: شدته.

(٢) لم يحظر: لم يمنع.

وفى بعض النسخ [ ما فيه تجارتهم ] (٣) وفى النهج [ تذل الامور للمقادير حتى يكون الحتف في التدبير ].

وأيضا في موضع آخر منه [ يغلب المقدار على التقدير حتى تكون الآفة في التدبير ].

والتقدير: القياس.

(٤) وفى بعض النسخ [ مقول ].

(٥) في الكافى ج ٢ ص ٤٧، ٢٨٩ بتقديم وتأخير.

(٦) نافس فلانا في الامر: فاخره وباراه فيه.

٢٢٣

هداه الله بغير هداية من مخلوق وعلمه بغير تعليم وأثبت الحكمة في صدره وأجراها على لسانه.

وقالعليه‌السلام : إن لله عبادا عاملوه بخالص من سره، فشكر لهم بخالص من شكره، فأولئك تمر صحفهم يوم القيامة فرغا، فإذا وقفوا بين يديه ملاها لهم من سر ما أسروا إليه.

وقالعليه‌السلام : ذللوا أخلاقكم بالمحاسن. وقودوها إلى المكارم. وعودوا أنفسكم الحلم واصبروا على الايثار على أنفسكم فيما تجمدون عنه ولا تداقوا الناس وزنا بوزن(٢) . وعظموا أقداركم بالتغافل عن الدني من الامور. وأمسكوا رمق الضعيف(٣) بجاهكم وبالمعونة له إن عجزتم عما رجاه عندكم. ولا تكونوا باحثين عما غاب عنكم(٤) فيكثر غائبكم(٥) . وتحفظوا من الكذب، فإنه من أدنى الاخلاق قدرا وهو نوع عن الفحش وضرب من الدناء‌ة. وتكرموا بالتعامي عن الاستقصاء - وروي بالتعامس من الاستقصاء -(٦) .

وقالعليه‌السلام : كفى بالاجل حرزا. إنه ليس أحد من الناس إلا ومعه حفظة من الله يحفظونه أن لا يتردى في بئر ولا يقع عليه حائط ولا يصيبه سبع، فإذا جاء أجله خلوا بينه وبين أجله.

____________________

(١) فرغا أى خاليا فارغا.

(٢) أى لا تحاسبهم بالدقة في الامور ولا تستقصهم فيها.

(٣) في بعض النسخ [ من الضعيف ].

والجاه: القدر والشرف.

(٤) في بعض النسخ [ بحانين ].

(٥) في بعض النسخ [ فيكبر غائبكم ].

(٦) تعامى فلان: اظهر من نفسه العمى والمراد التغافل عنه.

والتعامس: التغافل.

٢٢٤

[ بسم الله الرحمن الرحيم ] وروى عن الامام السبط التقى أبى محمد الحسن بن على صلوات الله عليهما ورحمته وبركاته في طوال هذه المعانى في أجوبته عن مسائل سأله عنها امير المؤمنينعليه‌السلام أو غيره في معان مختلفة(١) قيل لهعليه‌السلام : ما الزهد؟ قال: الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا: قيل: فما الحلم؟ قال: كظم الغيظ وملك النفس.

قيل: ما السداد؟ قال: دفع المنكر بالمعروف قيل: فما الشرف؟ قال: اصطناع العشيرة وحمل الجريرة.

قيل: فما النجدة؟(٢) قال: الذب عن الجار والصبر في المواطن والاقدام عند الكريهة.

قيل: فما المجد؟ قال: أن تعطي في الغرم(٣) وأن تعفو عن الجرم.

قيل: فما المروة؟ قال: حفظ الدين وإعزاز النفس ولين الكنف(٤) وتعهد الصنيعة وأداء الحقوق والتحبب إلى الناس.

قيل: فما الكرم؟ قال: الابتداء بالعطية قبل المسألة وإطعام الطعام في المحل(٥) قيل: فما الدنيئة؟ قال: النظر في اليسير ومنع الحقير.

قيل: فما اللؤم؟ قال: قلة الندى وأن ينطق بالخنى(٦) .

قيل: فما السماح؟ قال: البذل في السراء والضراء.

قيل: فما الشح؟ قال: أن ترى ما في يديك شرفا وما أنفقته تلفا.

قيل: فما الاخاء؟ قال: الاخاء في الشدة والرخاء.

قيل: فما الجبن؟ قال: الجرأة على الصديق والنكول عن العدو.

قيل: فما الغنى؟ قال: رضى النفس بما قسم لها وإن قل.

قيل: فما الفقر؟ قال: شره النفس

____________________

(١) روى الصدوقرحمه‌الله شطرا منه في معانى الاخبار ص ١١٣ وابونعيم في الحلية ج ٢ ص ٣٦ ونقله ابن صباغ في الفصول المهمة ص ١٦٤ وابن كثير في تاريخه ج ٨ ص ٣٩ والبستانى في دائرة المعارف ج ٧ ص ٣٩.

(٢) اصطناع العشيرة: الاحسان إليهم. والجريرة: الذنب والجناية. والنجدة: الشجاعة والشدة والبأس.

(٣) الغرم - بتقديم المعجمة المضمومة: ما يلزم اداؤه.

(٤) الكنف - محركة -: الجانب والناحية. وكنف الانسان: حضنه والعضدان والصدر.

وقوله: وتعهد الصنيعة أى اصلاحها وانماؤها.

(٥) المحل - بالفتح -: الشدة والجدب. يقال: زمان ما حل أى مجدب.

(٦) اللؤم - مصدر من لؤم الرجل لؤما وملامة - كان دنى الاصل شحيح النفس فهو لئيم.

والندى كعمى -: الجود والفضل والخير. والخنى - مقصورا -: الفحش في الكلام.

٢٢٥

إلى كل شئ. قيل: فما الجود؟ قال: بذل المجهود. قيل: فما الكرم؟ قال: الحفاظ في الشدة والرخاء(١) . قيل: فما الجرأة؟ قال: مواقفة الاقران(٢) . قيل: فما المنعة؟ قال: شدة البأس ومنازعة أعزاء الناس(٣) . قيل: فما الذل؟ قال: الفرق عند المصدوقة(٤) . قيل: فما الخرق؟ قال: مناواتك أميرك ومن يقدر على ضرك(٥) . قيل: فما السناء؟ قال: إتيان الجميل وترك القبيح(٦) .

قيل: فما الحزم؟ قال: طول الاناة والرفق بالولاة والاحتراس من جميع الناس(٧) .

قيل فما الشرف؟ قال: موافقة الاخوان وحفظ الجيران. قيل: فما الحرمان؟ قال: تركك حظك وقد عرض عليك. قيل: فما السفه؟ قال: اتباع الدناة ومصاحبة الغواة. قيل: فما العي(٨) ؟ قال: العبث باللحية وكثرة التنحنح عند المنطق. قيل: فما الشجاعة؟ قال: موافقة الاقران والصبر عند الطعان.

قيل فما الكلفة؟ قال: كلامك فيما لا يعنيك. قيل: وما السفاه(٩) ؟ قال: الاحمق في ماله المتهاون بعرضه. قيل: فما اللؤم؟ قال: إحراز المرء نفسه وإسلامه عرسه(١٠) .

____________________

(١) الحفاظ - ككتاب -: الذب عن المحارم والمنع لها والمحافظة على العهد والوفاء والتمسك بالود.

(٢) في بعض النسخ [ قيل: فما الجزاء ]. والمواقفة - بتقديم القاف -: المحاربة، يقال: واقفه في الحرب أو الخصومة أى وقف كل منهما مع الآخر.

(٣) المنعة: العز والقوة. ولعل المراد بالبأس والمنازعة: الجهاد في الله أو الهيبة في أعين الناس. وبأعز الناس أقواهم. وفى الحلية [ ومقارعة أشد الناس ].

(٤) الفرق - محركة -: الخوف والفزع. والمصدوقة: الصدق.

(٥) المناواة: المعاداة. وفى تاريخ ابن كثير [ معاداتك امامك ورفعك عليه كلامك ] وفى معانى الاخبار عن أخيه الحسينعليهما‌السلام [ معاداتك أميرك ومن يقدر على ضرك ونفعك ].

(٦) السناء - بالمهملة ممدودا -: الرفعة.

(٧) الاناة: الوقار والحلم. وفى بعض النسخ [ أناء‌ة ].

(٨) العى: العجز في الكلام.

(٩) السفاه - بالفتح - مصدر سفه. وفى التاريخ [ وما السيد؟ قال: الاحمق في ماله المتهاون في عرضه ].

(١٠) العرس - بالكسر -: حليلة الرجل ورحلها.

وفى الدائرة [ فما اللوم؟ قال: احتراز المرء ماله وبذله عرسه ].

وفى التاريخ [ فما اللوم؟ قال: احتراز المرء نفسه وبذله عرسه ].

٢٢٦

* (ومن حكمه عليه‌السلام (١) ) *

أيها الناس إنه من نصح لله وأخذ قوله دليلا هدي للتي هي أقوم ووفقه الله للرشاد وسدده للحسنى فإن جار الله آمن محفوظ وعدوه خائف مخذول فاحترسوا من الله بكثرة الذكر. واخشوا الله بالتقوى وتقربوا إلى الله بالطاعة فإنه قريب مجيب، قال الله تبارك وتعالى:( وَ إِذَا سَأَلَکَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ‌ ) (٢) فاستجيبوا لله وآمنوا به فإنه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعاظم، فإن رفعة الذين يعلمون عظمة الله أن يتواضعوا و [ عز ] الذين يعرفون ما جلال الله أن يتذللوا [ له ] وسلامة الذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له ولا ينكروا أنفسهم بعد المعرفة ولا يضلوا بعد الهدى(٣) واعلموا علما يقينا أنكم لن تعرفوا التقى حتى تعرفوا صفة الهدى(٤) ولن تمسكوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نبذه ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا الذي حرفه. فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع والتكلف ورأيتم الفرية على الله والتحريف ورأيتم كيف يهوي من يهوي. ولا يجهلنكم الذين لا يعلمون.

والتمسوا ذلك عند أهله، فإنهم خاصة نور يستضاء بهم وأئمة يقتدى بهم، بهم عيش العلم وموت الجهل وهم الذين أخبركم حلمهم عن جهلهم(٥) وحكم منطقهم عن صمتهم، وظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الحق ولا

____________________

(١) مضمون هذا الخبر مروى في روضة الكافى عن امير المؤمنينعليه‌السلام في خطبته التى خطبها بذى قار ولا عجب أن يشتبه الكلامان لان مستقاهما من قليب ومفرغهما من ذنوب وهذا كلام الرضى رحمه الله في النهج عند قولهعليه‌السلام : الحجر الغصيب في الدار رهن على خرابها قال ويروى هذا الكلام عن النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله . ولا عجب الخ.

(٢) سورة البقرة الآية. ١٨٢

(٣) في بعض النسخ [ ولا ينكرون أنفسهم بعد المعرفة ولا تضلن بعد الهدى ].

(٤) في بعض النسخ [ حتى تعرفوا بصبغة الهدى ].

(٥) كذا. ولعل الضمير في س جهلهم راجع إلى المخالفين كما يظهر من السياق والمعنى أخبركم حلمهم عن جهل مخالفيهم. أو عن عدم جهلهم أو انه تصحيف جهدهم.

وفى الروضة [ هم عيش العلم و موت الجهل، يخبركم حكمهم عن علمهم وظاهرهم عن باطنهم الخ].

٢٢٧

يختلفون فيه. وقد خلت لهم من الله سنة(١) ومضى فيهم من الله حكم إن في ذلك لذكرى للذاكرين.

واعقلوه(٢) إذا سمعتموه عقل رعاية ولا تعقلوه عقل رواية، فإن رواة الكتاب كثير ورعاته قليل والله المستعان.

* (جوابه عليه‌السلام عن مسائل سئل عنها) *

* (في خبر طويل كتبنا منه موضع الحاجة) *

بعث معاوية رجلا متنكرا يسأل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن مسائل سأله عنها ملك الروم فلما دخل الكوفة وخاطب أمير المؤمنينعليه‌السلام أنكره فقرره فاعترف له بالحال(٣) فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : قاتل الله ابن آكلة الاكباد ما أضله وأضل من معه، قاتله الله لقد أعتق جارية ما أحسن أن يتزوجها، حكم الله بيني وبين هذه الامة قطعوا رحمي وصغروا عظيم منزلتي وأضاعوا أيامي. علي بالحسن والحسين ومحمد، فدعوا، فقالعليه‌السلام : يا أخا أهل الشام هذان ابنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهذا إبني فاسأل أيهم أحببت، فقال الشامي: أسأل هذا، يعني الحسنعليه‌السلام (٤) . ثم قال:

____________________

(١) في بعض النسخ [ سبقة ]. (٢) في روضة الكافى [ اعقلوا الحق ].

(٣) رواه الصدوق رحمه الله في الخصال مسندا عن أبى جعفرعليه‌السلام والطبرسى في الاحتجاج و فتال النيسابورى في الروضة عنهعليه‌السلام والراوندى في الخرائج قال: بينا امير المؤمنين (ع) في لرحبة والناس عليه متراكمون فمن بين مستفت ومن بين مستعد إذ قام اليه رجل فقال: السلام عليك يا امير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فنظر إليه امير المؤمنين بعينيه هاتيك العظيمتين ثم قال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته من أنت؟ فقال: أنا رجل من رعيتك وأهل بلادك. قال: ما أنت من رعيتى ولا من أهل بلادى ولو سلمت على يوما واحدا ما خفيت على. فقال: الامان يا امير المؤمنين. فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : هل أحدثت في مصرى هذا حدثا منذ دخلته؟ قال: لا. قال: فلعلك من رجال الحرب قال: نعم قال: إذا وضعت الحرب أوزارها فلا بأس. قال: أنا رجل بعثنى اليك معاوية متغفلا لك أسألك عن شئ بعث فيه ابن الاصفر وقال له: أن كنت أحق بهذا الامر والخليفة بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فأجبنى عما أسألك فانك اذا فعلت ذلك لابتعثك وبعثت اليك بالجائزة فلم يكن عنده جواب وقد أقلقه ذلك فبعثنى اليك لاسألك عنها. فقال امير المؤمنينعليه‌السلام : قاتل الله إبن أكلة الاكباد - إلى آخر الخبر مع اختلاف يسير.

(٤) في الخصال [ يعنى الحسن (ع) وكان صبيا فقال له الحسنعليه‌السلام : سلنى عما بدا لك؟ فقال الشامى: كم بين الحق الخ ]. وقوله: كان صبيا فيه ما فيه لكونهعليه‌السلام جاوز الثلاثين حينذاك.

٢٢٨

كم بين الحق والباطل؟ وكم بين السماء والارض؟ وكم بين المشرق والمغرب؟ و عن هذا المحو الذي في القمر. وعن قوس قزح. وعن هذه المجرة. وعن أول شئ انتضح على وجه الارض. وعن أول شئ اهتز عليها وعن العين التي تأوي إليها أرواح المؤمنين والمشركين(١) . وعن المؤنث. وعن عشرة أشياء بعضها أشد من بعض؟. فقال الحسنعليه‌السلام : يا أخا أهل الشام بين الحق والباطل أربع أصابع، ما رأيت بعينيك فهو الحق وقد تسمع باذنيك باطلا كثيرا. وبين السماء والارض دعوة المظلوم ومد البصر(٢) فمن قال غير هذا فكذبه. وبين المشرق والمغرب يوم مطرد للشمس تنظر إلى الشمس حين تطلع وتنظر إليها حين تغرب من قال غير هذا فكذبه. وأما هذه المجرة فهي أشراج السماء، مهبط الماء المنهمر على نوحعليه‌السلام (٣) . وأما قوس قزح: فلا تقل: قزح فإن قزح شيطان ولكنها قوس الله وأمان من الغرق(٤) . وأما المحو الذي في القمر فإن ضوء القمر كان مثل ضوء الشمس فمحاه الله. وقال في كتابه: فمحونا آية الليل و جعلنا آية النهار مبصرة(٥) . وأما أول شئ انتضح على وجه الارض فهو وادي دلس(٦) . وأما أول شئ اهتز على وجه الارض فهي النخلة. وأما العين التي تأوي إليها أرواح المؤمنين فهي عين يقال:

____________________

(١) أى وعن العين التى تأوى اليه أرواح المشركين.

(٢) فلا يمكن تحديدها.

(٣) المجرة: هى البياض المعترض في السماء والسواد من جانبيها، قوامها نجوم كثيرة لا تدرك بمجرد البصر وانما ينتشر ضوؤها فيرى كانه بقعة بيضاء والعامة يسميها درب التبانة.

والاشراج جمع الشرج - بالتحريك -: عرى العيبة والانشقاق في القوس.

والهمر: صب الماء بشدة. والانهمار: الانصباب.

ومهبط الماء المنهمر إشارة إلى قول الله عزوجل: فكذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا - إلى قوله : ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر سورة القمر آية ١٢.

(٤) قوس قزح: طرائق منقوشة بالوان من صفرة وخضرة وحمرة تبدوا في السماء.

ولا يفصل قزح من قوس ولا تنصرف لانه اسم شيطان قاله ابن عباس رضى الله عنه.

وهو يتكون من تكسر أشعة النور على قطرات الماء أو البخار ويظهر من الجهة المقابلة للشمس من الفلك.

(٥) سورة الاسراء آية ١٢.

(٦) انتضح أى ظهر وارتفع. والدلس - محركة -: الظلمة واختلاط الظلام.

٢٢٩

لها سلمى(١) .

وأما العين التي تأوي إليها أرواح الكافرين فهي عين يقال لها: برهوت(٢) .

وأما المؤنث فإنسان لا يدرى امرأة هو أو رجل فينتظر به الحلم، فإن كانت امرأة بانت ثدياها وإن كان رجلا خرجت لحيته(٣) وإلا قيل له يبول على الحائط فإن أصاب الحائط بوله فهو رجل وإن نكص كما ينكص بول البعير فهي امرأة.

وأما عشرة أشياء بعضها أشد من بعض: فأشد شئ خلق الله الحجر وأشد من الحجر الحديد وأشد من الحديد النار وأشد من النار الماء وأشد من الماء السحاب وأشد من السحاب الريح وأشد من الريح الملك وأشد من الملك ملك الموت وأشد من ملك الموت وأشد من الموت أمر الله(٤) .

قال الشامي: أشهد أنك ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأن عليا وصي محمد ثم كتب هذا الجواب ومضى به إلى معاوية وأنفذه معاوية إلى ابن الاصفر(٥) فلما أتاه قال: أشهد أن هذا ليس من عند معاوية ولا هو إلا من معدن النبوة(٦) .

____________________

(١) بفتح السين وكسكران جبل وغربه واد يقال له: رك.

به نخل وآبار مطوية بالصخر، طيبة الماء باعلاه برقه يقال لها: الراء وبينه وبين فيد أربعة أميال عن يمين الذاهب إلى مكة ويمتد إلى قرب الشام وقيل: سلمى موضع بنجد وأطم بالطائف (قاله الحموى).

(٢) برهوت - كجبروت -: واد باليمن أو بئر بحضرموت وقيل: هو اسم البلد الذى فيه البئر رائحتها منتنة فظيعة جدا. ولعل سلمى وبرهوت من المظاهر الجزئية للجنة والنار.

راجع ما قاله الفيض رحمه الله في كتابه الموسوم به مرآة الاخرة.

(٣) في الخصال [ فانه ينتظر به فان كان ذكرا احتلم وان كانت انثى حاضت وبدا ثديها ].

(٤) في الخصال [ الحجر وأشد من الحجر لحديد يقطع به الحجر وأشد من الحديد النار تذيب الحديد وأشد من النار الماء يطفئ النار وأشد من الماء السحاب يحمل الماء وأشد من السحاب الريح يحمل السحاب وأشد من الريح الملك الذى يرسلها وأشد من الملك ملك الموت الذى يميت الملك وأشد من ملك الموت الموت الذى يميت ملك الموت وأشد من الموت أمر الله الذى يميت الموت ].

وكذا في الاحتجاج والروضة والخرائج مع ادنى اختلاف.

(٥) ابن الاصفر ملك الروم وانما سمى الروم بنو الاصفر لان أباهم الاول كان أصفر اللون وهو روم بن عيص بن اسحاق بن ابراهيم. ذكره الجزرى.

(٦) في الخصال [ فكتب اليه ابن الاصفر يا معاوية لم تكلمنى بغير كلامك وتجيبنى بغير جوابك أقسم بالمسيح ما هذا جوابك وما هو إلا من معدن النبوة وموضع الرسالة وأما أنت فلو سألتنى درهما ما اعطيتك ].

٢٣٠

*(كلامه عليه‌السلام في الاستطاعة) *

كتب الحسن بن أبي الحسن البصري(١) إلى أبي محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام أما بعد فإنكم معشر بني هاشم الفلك الجارية في اللجج الغامرة والاعلام النيرة الشاهرة أو كسفينة نوحعليه‌السلام التي نزلها المؤمنون ونجا فيها المسلمون.

كتبت إليك يا أبن رسول الله عند اختلافنا في القدر وحيرتنا في الاستطاعة، فأخبرنا بالذي عليه رأيك ورأي آبائكعليهم‌السلام ؟ فإن من علم الله علمكم وأنتم شهداء على الناس والله الشاهد عليكم، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.

فأجابه الحسنعليه‌السلام : بسم الله الرحمن الرحيم وصل إلي كتابك ولولا ما ذكرته من حيرتك وحيرة من مضى قبلك إذا ما أخبرتك، أما بعد فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره أن الله يعلمه فقد كفر.

ومن أحال المعاصي على الله فقد فجر، إن الله لم يطع مكرها ولم يعص مغلوبا ولم يهمل العباد سدى من المملكة بل هو المالك لما ملكهم والقادر على ما عليه أقدرهم، بل أمرهم تخييرا ونهاهم تحذيرا فإن أئتمروا بالطاعة لم يجدوا عنها صادا وإن انتهوا إلى معصية فشاء أن يمن عليهم بأن يحول بينهم وبينها فعل وإن لم يفعل فليس هو الذي حملهم عليها جبرا ولا ألزموها كرها بل من عليهم بأن بصرهم وعرفهم وحذرهم وأمرهم ونهاهم لا جبلا لهم على ما أمرهم به فيكونوا كالملائكة ولا جبرا لهم على ما نهاهم عنه ولله الحجة البالغة فلو شاء لهديكم أجمعين و السلام على من اتبع الهدى(٢) .

____________________

(١) هو الحسن بن يسار مولى زيد بن ثابت أخو سعيد وعمارة المعروف بالحسن البصرى وهو من رؤساء القدرية والمحرفين عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وقعد في منزله ولم ينصر الامامعليه‌السلام وكان من تلامذته ابن ابى العوجاء مات سنه ١١٠ ه‍ وله تسع وثمانون سنة.

(٢) رواه المجلسى في البحار ج ٤ ص ١٢٢ نقلا عن كتاب العدد القوية لدفع المخاوف اليومية تأليف الشيخ الفقيه رضى الدين على بن يوسف بن المطهر الحلى. وأيضا رواه الكراجكى في كنز الفوائد ص ١١٧ الطبعة الاولى. بادنى اختلاف في اللفظ.

٢٣١

* (موعظة) *

إعلموا أن الله لم يخلقكم عبثا وليس بتارككم سدى، كتب آجالكم وقسم بينكم معائشكم ليعرف كل ذي لب منزلته وأن ما قدر له أصابه وما صرف عنه فلن يصيبه، قد كفاكم مؤونة الدنيا وفرغكم لعبادته وحثكم على الشكر وافترض عليكم الذكر وأوصاكم بالتقوى وجعل التقوى منتهى رضاه، والتقوى باب كل توبة ورأس كل حكمة وشرف كل عمل، بالتقوى فاز من فاز من المتقين.

قال الله تبارك وتعالى:( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً ) (١)

وقال:( وَ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَ لاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) (٢)

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنه من يتق الله يجعل له مخرجا من الفتن ويسدده في أمره ويهيئ له رشده ويفلجه بحجته ويبيض وجهه ويعطه رغبته، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

* (خطبته عليه‌السلام حين قال له معاوية بعد الصلح: اذكر فضلنا) *

حمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد النبي وآله(٣) ، ثم قال: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن ابن رسول الله، أنا ابن البشير النذير، أنا ابن المصطفى بالرسالة، أنا ابن من صلت عليه الملائكة، أنا ابن من شرفت به الامة، أنا ابن من كان جبرئيل السفير من الله إليه، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين [صلى‌الله‌عليه‌وآله أجمعين ].

فلم يقدر معاوية أن يكتم عداوته وحسده، فقال: يا حسن عليك بالرطب فانعته لنا.

قال: نعم يا معاوية الريح تلقحه والشمس تنفخه والقمر يلونه والحر

____________________

(١) سورة النباء آية ٣٢.

(٢) سورة الزمر آية ٦١.

(٣) رواه الراوندى في الخرائج والطبرسى في الاحتجاج مع اختلاف يسير.

٢٣٢

ينضجه والليل يبرده، ثم أقبل على منطقه فقال: أنا ابن المستجاب الدعوة، أنا ابن من كان من ربه كقاب قوسين أو أدنى، أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن من خضعت له قريش رغما، أنا ابن من سعد تابعه وشقي خاذله، أنا ابن من جعلت الارض له طهورا ومسجدا، أنا ابن من كانت أخبار السماء إليه تترى(١) ، أنا ابن من أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

فقال معاوية أظن نفسك يا حسن تنازعك إلى الخلافة؟ فقال: ويلك يا معاوية إنما الخليفة من سار بسيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعمل بطاعة الله ولعمري إنا لاعلام الهدى ومنار التقى ولكنك يا معاوية ممن أبار السنن وأحيا البدع واتخذ عباد الله خولا(٢) ودين الله لعبا فكان قد أخمل ما أنت فيه، فعشت يسيرا وبقيت عليك تبعاته.

يا معاوية والله لقد خلق الله مدينتين إحديهما بالمشرق والاخرى بالمغرب أسماهما جابلقا وجابلسا، ما بعث الله إليهما أحدا غير جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال معاوية: يا أبا محمد أخبرنا عن ليلة القدر.

قال: نعم عن مثل هذا فاسأل، إن الله خلق السماوات سبعا والارضين سبعا والجن من سبع والانس من سبع فتطلب من ليلة ثلاث وعشرين إلى ليلة سبع وعشرين.

ثم نهضعليه‌السلام .

* (وروى عنه عليه‌السلام في قصار هذه المعانى) *

قالعليه‌السلام : ما تشاور قوم إلا هدوا إلى رشدهم.

وقالعليه‌السلام : اللؤم أن لا تشكر النعمة.

وقالعليه‌السلام : لبعض ولده: يا بني لا تواخ أحدا حتى تعرف موارده ومصادره فإذا استنبطت الخبرة(٣) ورضيت العشرة فآخه على إقالة العثرة والمواساة في العسرة.

وقالعليه‌السلام : لا تجاهد الطلب جهاد الغالب ولا تتكل على القدر اتكال المستسلم

____________________

(١) تترى أى تتابعا وتواترا.

(٢) أبار أى أهلك. وفى بعض النسخ [ أباد ].

والخول - بالتحريك - العبيد والخدم والاماء.

(٣) الخبرة - مصدر -: الاختبار والعلم عن تجربة.

والعشرة - بالكسر -: المخالطة والصحبة.

٢٣٣

فإن ابتغاء الفضل من السنة والاجمال في الطلب من العفة وليست العفة بدافعة رزقا ولا الحرص بجالب فضلا، فإن الرزق مقسوم واستعمال الحرص استعمال المأثم.

وقالعليه‌السلام : القريب من قربته المودة وإن بعد نسبه. والبعيد من باعدته المودة وإن قرب نسبه لا شئ أقرب من يد إلى جسد وإن اليد تفل فتقطع وتحسم(١) .

وقالعليه‌السلام : من اتكل على حسن الاختيار من الله له لم يتمن(٢) أنه في غير الحال التي اختارها الله له.

وقالعليه‌السلام : العار أهون من النار.

وقالعليه‌السلام : الخير الذى لا شر فيه: الشكر مع النعمة والصبر على النازلة.

وقالعليه‌السلام لرجل أبل من علة(٣) : إن الله قد ذكرك فاذكره وأقالك فاشكره.

وقالعليه‌السلام عند صلحه لمعاوية: إنا والله ما ثنانا عن أهل الشام [ شك ولا ندم، وإنما كنا نقاتل أهل الشام ] بالسلامة والصبر، فسلبت السلامة بالعداوة والصبر بالجزع، وكنتم في منتدبكم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم، وقد أصبحتم اليوم و دنياكم أمام دينكم(٤) .

وقالعليه‌السلام : ما أعرف أحدا إلا وهو أحمق فيما بينه وبين ربه.

وقيل له: فيك عظمة، فقالعليه‌السلام : بل في عزة قال الله:( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) (٥) .

(وقالعليه‌السلام في وصف أخ كان له صالح(٦) ): كان من أعظم الناس في عيني.

وكان رأس ما عظم به في عيني صغر الدنيا في

____________________

(١) تفل: تكسر وتثلم.

و تحسم أصله القطع والمراد به تتابع بالمكواة حتى يبرد.

(٢) في بعض النسخ [ يتميز ].

(٣) أبل من مرضه: برئ منه.

(٤) راجع لتمام الكلام اسد الغابة ج ٢ ص ١٣ والملاحم لابن طاووسرحمه‌الله ص ١٤٢.

(٥) المنافقون ٨. وفى نسخة [ فيكم ]. ورواه الساروى في المناقب وفيه: [ فيك عظمة ].

(٦) رواه الكلينىرحمه‌الله في الكافى عن الحسن بن علىعليهما‌السلام بنحو أبسط وأورده الرضىرحمه‌الله في النهج عن أمير المؤمنينعليه‌السلام هكذا وقالرحمه‌الله كان لى فيما مضى اخ في الله.

قال ابن ميثم: ذكر هذا الفصل ابن المقفع في أدبه ونسبه إلى الحسن بن علىعليهما‌السلام والمشار إليه قيل: أبوذر الغفارى وقيل: هو عثمان بن مظعون انتهى.

ولا يبعد أن يكون المراد به أباهعليه‌السلام عبر هكذا لمصلحة.

٢٣٤

عينه(١) كان خارجا من سلطان الجهالة، فلا يمد يدا إلا على ثقة لمنفعة، كان لا يشتكي ولا يتسخط ولا يتبرم، كان أكثر دهره صامتا، فإذا قال بذ القائلين(٢) كان ضعيفا مستضعفا، فإذا جاء الجد فهو الليث عاديا(٣) ، كان إذا جامع العلماء على أن يستمع أحرص منه على أن يقول، كان إذا غلب على الكلام لم يغلب على السكوت، كان لا يقول ما لا يفعل ويفعل ما لا يقول، كان إذا عرض له أمران لا يدري أيهما أقرب إلى ربه نظر أقربهما من هواه فخالفه، كان لا يلوم أحدا على ما قد يقع العذر في مثله.

وقالعليه‌السلام من أدام الاختلاف إلى المسجد أصاب إحدى ثمان: آية محكمة وأخا مستفادا وعلما مستطرفا ورحمة منتظرة وكلمة تدله على الهدى أو ترده عن ردى وترك الذنوب حياء أو خشية. ورزق غلاما فأتته قريش تهنيه فقالوا: يهنيك الفارس، فقالعليه‌السلام أي شئ هذا القول؟ ولعله يكون راجلا، فقال له جابر: كيف نقول يا ابن رسول الله؟ فقال:عليه‌السلام : إذا ولد لاحدكم غلام فأتيتموه فقولوا له: شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب، بلغ الله به أشده(٤) ورزقك بره.

وسئل عن المروة؟ فقالعليه‌السلام : شح الرجل عليه دينه. وإصلاحه ماله. وقيامه بالحقوق.

وقالعليه‌السلام : إن أبصر الابصار ما نفذ في الخير مذهبه، وأسمع الاسماع ما وعى التذكير وانتفع به. أسلم القلوب ما طهر من الشبهات.

____________________

(١) اى كان اعظم الصفات التى صارت أسبابا لعظمته في عينى.

صغر الدنيا في عينه والصغر كعنب وقفل: خلاف الكبر وبمعنى الذل والهوان وهو خبر كان وفاعل عظم ضمير الاخ وضمير به عائد إلى الموصول والباء للسببية (٢) لا يتبرم أى لا يتسأم ولا يتضجر ولا يغتم. وبذ القائلين: أى غلبهم وسبقهم فاقهم.

(٣) كان ضعيفا مستضعفا كناية عن توضعه ولين كلامه وسجاحة اخلاقه.

فاذا جاء الجد كان ليثا عاديا الليث: الاسد وهو كناية عن التصلب في ذات الله وترك المداهنة في امر الدين واظهار الحق وفى لفظ الجد بعد ذكر الضعف اشعار بذلك.

ولعل المراد البسالة في الحرب والشجاعة.

(٤) وفى بعض النسخ [ رشده ]. ورواه الكلينى في الكافى ج ٢ ص ٨٦ من الفروع.

٢٣٥

وسأله رجل أن يخيله(١) قالعليه‌السلام : إياك أن تمدحني فأنا أعلم بنفسي منك أو تكذبني فإنه لا رأي لمكذوب. أو تغتاب عندي أحدا، فقال له الرجل: ائذن لي في الانصراف، فقالعليه‌السلام : نعم إذا شئت.

وقالعليه‌السلام : إن من طلب العبادة تزكى لها. إذا أضرت النوافل بالفريضة فارفضوها. اليقين معاذ للسلامة. من تذكر بعد السفر اعتد. ولا يغش العاقل من استنصحه. بينكم وبين الموعظة حجاب العزة. قطع العلم عذر المتعلمين(٢) . كل معاجل يسأل النظرة(٣) . وكل مؤجل يتعلل بالتسويف.

وقالعليه‌السلام : اتقوا الله عباد الله وجدوا في الطلب وتجاه الهرب، وبادروا العمل قبل مقطعات النقمات(٤) وهاذم اللذات فإن الدنيا لا يدوم نعيمها ولا تؤمن فجيعها ولا تتوقى مساويها، غرور حائل، وسناد مائل(٥) ، فاتعظوا عباد الله بالعبر، واعتبروا بالاثر. وازدجروا بالنعيم. وانتفعوا بالمواعظ، فكفى بالله معتصما ونصيرا وكفى بالكتاب حجيجا وخصيما(٦) وكفى بالجنة ثواب وكفى بالنار عقابا ووبالا.

وقالعليه‌السلام : إذا لقي أحدكم أخاه فليقبل موضع النور من جبهته.

ومرعليه‌السلام في يوم فطر بقوم يلعبون ويضحكون فوقف على رؤوسهم فقال: إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه(٧) فيستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا وقصر آخرون فخابوا. فالعجب كل العجب من ضاحك لاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون وايم الله لو كشف الغطاء لعلموا أن المحسن مشغول بإحسانه والمسيئ مشغول بإساء‌ته، ثم مضى.

____________________

(١) في بعض النسخ [ يعظه ] مكان يخيله. أى يغيره وهو أيضا كناية عن الموعظة.

(٢) كذا في النسخ ولكن في النهج [ قطع العلم عذر المعللين ].

(٣) النظرة: الامهال والتاخير.

(٤) النقمات: جمع نقمة: اسم من الانتقام.

(٥) السناد - ككتاب -: الناقة الشديدة القوية. ومن الشئ عماده.

(٦) الحجيج: المغالب باظهار الحجة.

(٧) المضمار: المدة والايام التى تضمر فيها للسباق.

وموضع السباق.

٢٣٦

[ بسم الله الرحمن الرحيم ] وروى عن الامام التقى السبط الشهيد أبى عبدالله، الحسين بن علىعليهما‌السلام في طوال هذه المعانى

* (من كلامهعليه‌السلام ) *

* (في الامر بالمعروف والنهى عن المنكر ويروى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ) *

اعتبروا أيها الناس بما وعظ الله به أولياء‌ه من سوء ثنائه على الاحبار إذ يقول:( لولا ينهيهم الربانيون والاحبار عن قولهم الاثم ) (١) وقال: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل - إلى قوله - لبئس ما كانوا يفعلون(٢) وإنما عاب الله ذلك عليهم لانهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين أظهرهم المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون منهم ورهبة مما يحذرون والله يقول:( فلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَ اخْشَوْنِ ) (٣) وقال:( وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ ) (٤) فبدأ الله بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه، لعلمه بأنها إذا اديت وأقيمت استقامت الفرائض كلها هينها وصعبها وذلك أن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الاسلام مع رد المظالم ومخالفة الظالم وقسمة الفيئ والغنائم وأخذ الصدقات من مواضعها ووضعها في حقها، ثم أنتم أيتها العصابة عصابة بالعلم مشهورة وبالخير مذكورة وبالنصيحة معروفة وبالله في أنفس الناس مهابة يهابكم الشريف ويكرمكم الضعيف ويؤثركم من لا فضل لكم عليه ولا يد لكم عنده، تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلابها وتمشون في الطريق بهيبة الملوك(٥) وكرامة الاكابر، أليس كل ذلك إنما

____________________

(١) سورة المائدة آية ٦٦.

(٢) سورة المائدة آية ٨١.

(٣) سورة المائدة آية ٤٧.

(٤) سورة التوبة آية ٧٢.

(٥) في بعض النسخ [ بهيئة الملوك ].

٢٣٧

نلتموه بما يرجى عندكم من القيام بحق الله وإن كنتم عن أكثر حقه تقصرون فاستخففتم بحق الائمة، فأما حق الضعفاء فضيعتم وأما حقكم بزعمكم فطلبتم. فلا مالا بذلتموه ولا نفسصا خاطرتم بها للذي خلقها ولا عشيرة عاديتموها في ذات الله انتم تتمنون على الله جنته ومجاورة رسله وأمانا من عذابه. لقد خشيت عليكم أيها المتمنون على الله أن تحل بكم نقمة من نقماته لانكم بلغتم من كرامة الله منزلة فضلتم بها ومن يعرف بالله لا تكرمون وأنتم بالله في عباده تكرمون وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تفزعون وأنتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون وذمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله محقورة(١) والعمى والبكم والزمنى في المدائن مهملة لا ترحمون ولا في منزلتكم تعملون ولا من عمل فيها تعينون(٢) وبالادهان والمصانعة عند الظلمة تأمنون، كل ذلك مما أمركم الله به من النهي والتناهي وأنتم عنه غافلون. وأنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تشعرون(٢) .

ذلك بأن مجاري الامور والاحكام على أيدي العلماء بالله(٣) الامناء على حلاله وحرامه فأنتم المسلوبون تلك المنزلة وما سلبتم ذلك إلا بتفرقكم عن الحق واختلافكم في السنة بعد البينة الواضحة.

ولو صبرتم على الاذى وتحملتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد وعنكم تصدر وإليكم ترجع ولكنكم مكنتم الظلمة من منزلتكم واستسلمتم امور الله في أيديهم، يعملون بالشبهات ويسيرون في الشهوات، سلطهم على ذلك فراركم من الموت وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم فمن بين مستبعد مقهور وبين مستضعف على معيشته مغلوب، يتقلبون في الملك بآرائهم(٤) ويستشعرون الخزي بأهوائهم إقتداء بالاشرار وجرأة على الجبار، في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع(٥) ، فالارض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة

____________________

(١) في بعض النسخ [ مخفورة ]. والزمنى - بالفتح -: جمع زمن - ككتف.

(٢) في بعض النسخ [ تعنون ].

(٢) في بعض النسخ [ يسعون ].

(٣) يعنى به المعصومين لقولهعليه‌السلام : نحن العلماء

(٤) في بعض النسخ [ بآرائكم ].

(٥) وفى بعض النسخ [ مسقع ]. يقال: خطيب مسقع ومصقع أى بليغ ويصقع ويسقع: يصاح و يرفع بصوته. وشغر الارض اى لم يبق فيها من يحميها ويضبطها فهى شاغرة.

٢٣٨

والناس لهم خول(١) لا يدفعون يد لامس، فمن بين جبار عنيد وذي سطوة على الضعفة شديد، مطاع لا يعرف المبدئ المعيد فيا عجبا ومالي [ لا ] أعجب والارض من غاش غشوم(٢) ومتصدق ظلوم وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم، فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا.

اللهم إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافسا في سلطان(٣) ولا التماسا من فضول الحطام ولكن لنري المعالم من دينك ونظهر الاصلاح في بلادك ويأمن المظلومون من عبادك ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك، فإن لم تنصرونا وتنصفونا قوي الظلمة عليكم وعملوا في اطفاء نور نبيكم.

وحسبنا الله وعليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير.

* (موعظة) *

اوصيكم بتقوى الله وأحذركم أيامه وأرفع لكم أعلامه فكأن المخوف قد أفد بمهول وروده ونكير حلوله وبشع مذاقه فاعتلق مهجكم(٤) وحال بين العمل وبينكم، فبادروا بصحة الاجسام في مدة الاعمار كأنكم ببغتات طوارقه(٥) فتنقلكم من ظهر الارض إلى بطنها ومن علوها إلى سفلها ومن أنسها إلى وحشتها ومن روحها وضوئها إلى ظلمتها ومن سعتها إلى ضيقها. حيث لا يزار حميم ولا يعاد سقيم ولا يجاب صريخ. أعاننا الله وإياكم على أهوال ذلك اليوم ونجانا وإياكم من عقابه وأوجب لنا ولكم

____________________

(١) الخول: العبيد والخدم والاماء (٢) غش الرجل أظهر خلاف ما أضمره وزين غير المصلحة.

والغشوم: الظالم.

(٣) التنافس في السلطنة: الرغبة فيها على وجه المفاخرة والمباراة (٤) أفد - كفرح -: عجل ودنى وأزف. والمهول: ذو الهول وبشع: ضد حسن وطيب اى كريه الطعم والرائحة.

والمهج - كغرف -: جمع مهجة كغرفة -: الدم أو دم القلب والمراد به الروح.

(٥) بغتات: جمع بغتة. والطوارق: جمع الطارقة: الداهية.

٢٣٩

الجزيل من ثوابه. عباد الله فلو كان ذلك قصر مرماكم ومدى مظعنكم(١) كان حسب العامل شغلا يستفرغ عليه أحزانه ويذهله عن دنياه ويكثر نصبه لطلب الخلاص منه، فكيف وهو بعد ذلك مرتهن باكتسابه مستوقف على حسابه لا وزير له يمنعه ولا ظهير عنه يدفعه، ويومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون.

اوصيكم بتقوى الله فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب ويرزقه من حيث لا يحتسب فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم ويأمن العقوبة من ذنبه، فإن الله تبارك وتعالى لا يخدع عن جنته ولا ينال ما عنده إلا بطاعته إن شاء الله.

* (كتابه عليه‌السلام إلى أهل الكوفة لما سار ورأى خذلانهم إياه (٢) ) *

أما بعد فتبا لكم أيتها الجماعة وترحا، حين استصرختمونا ولهين فاصرخناكم موجفين(٣) سللتم علينا سيفا كان في أيماننا وحششتم علينا نارا اقتدحناها على عدونا وعدوكم، فأصبحتم إلبا لفا على أوليائكم ويدا لاعدائكم، بغير عدل أفشوه فيكم

____________________

(١) القصر: الجهد والغاية. والمرمى: مصدر ميمى أو مكان الرمى وزمانه.

والمدى: الغاية والمنتهى. ويذهل: ينسى ويسلو - من الذهول -: الذهاب عن الامر بدهشة.

اى لو كانت الدنيا آخر أمركم وليس وراء‌ها شئ لجدير بأن الانسان يجد ويتعب ويسعى لطلب الخلاص من الموت وتبعاته ويشغل عن غيره.

(٢) ذكر المؤرخون وأهل السير: لما أحاطوا بالحسين من كل جانب حتى جعلوه في مثل الحلقة فخرج حتى أتى الناس فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا حتى قال لهم: ويلكم ما عليكم أن تنصتوا إلى فتسمعوا قولى وإنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد فمن أطاعنى كان من المرشدين ومن عصانى كان من المهلكين وكلكم عاص لامرى غير مستمع قولى فقد ملئت بطونكم من الحرام وطبع على قلوبكم ويلكم ألا تنصتون، ألا تسمعون ! ! فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم وقالوا: أنصتوا له، فقام الحسينعليه‌السلام ثم قال: تبا لكم - الخ -. ورواه السيد ابن طاووس في اللهوف والطبرسى في الاحتجاج.

(٣) تبا أى هلاكا وخسرانا. والترح - بالتحريك -: ضد الفرح.

والمستصرخ: المستغيث موجفين أى مسرعين.

٢٤٠