تحف العقول

تحف العقول0%

تحف العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 520

تحف العقول

مؤلف: ابن شعبة الحراني
تصنيف:

الصفحات: 520
المشاهدات: 183105
تحميل: 11478

توضيحات:

تحف العقول
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 520 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 183105 / تحميل: 11478
الحجم الحجم الحجم
تحف العقول

تحف العقول

مؤلف:
العربية

١٦ - وأما حق سائسك بالملك فنحو من سائسك بالسلطان إلا أن هذا يملك ما لا يملكه ذاك تلزمك طاعته فما دق وجل منك إلا أن تخرجك من وجوب حق الله، ويحول بينك وبين حقه وحقوق الخلق، فإذا قضيته رجعت إلى حقه(١) فتشاغلت به ولا قوة إلا بالله(٢) .

*(ثم حقوق الرعية) *

١٧ - فأما حقوق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنك إنما استرعيتهم بفضل قوتك عليهم فإنه إنما أحلهم محل الرعية لك ضعفهم وذلهم، فما أولى من كفاكه ضعفه وذله حتى صيره لك رعية وصير حكمك عليه نافذا، لا يمتنع منك بعزة ولا قوة ولا يستنصر فيما تعاظمه منك إلا [ بالله ] بالرحمة والحياطة والاناة(٣) وما أولاك إذا عرفت ما أعطاك الله من فضل هذه العزة والقوة التي قهرت بها أن تكون لله شاكرا ومن شكر الله أعطاه فيما أنعم عليه ولا قوة إلا بالله(٤) .

١٨ - وأما حق رعيتك بالعلم، فأن تعلم أن الله قد جعلك لهم(٥) فيما آتاك من العلم وولاك من خزانة الحكمة، فإن أحسنت فيما ولاك الله من ذلك وقمت به لهم مقام الخازن الشفيق الناصح لمولاه في عبيده، الصابر المحتسب الذي إذا رأى ذا حاجة أخرج له من الاموال التي في يديه كنت راشدا وكنت لذلك آملا معتقدا(٦) وإلا كنت

____________________

(١) أى إذا قضيت حق الله فارجع إلى أداء حق مالكك.

(٢) فيهما [ فاما حق سائسك بالملك فان تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله عزوجل فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ].

(٣) الحياطة: الحفاظة والحماية والصيانة.

والاناة - كقناة - الوقار والحلم وأصله الانتظار.

(٤) فيهما [ فان تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك فيجب أن تعدل فيهم وتكون لهم كالوالد الرحيم وتغفر لهم جهلهم ولا تعاجلهم بالعقوبة وتشكر الله عزوجل على ما أولاك وعلى ما آتاك من القوة عليهم ].

(٥) أى جعلك لهم خازنا أو قيما ولعله سقط من قلم النساخ.

(٦) الامل: خادم الرجل وعونه الذي يأمله.

٢٦١

له خائنا ولخلقه ظالما ولسلبه وعزه متعرضا(١) .

١٩ - وأما حق رعيتك بملك النكاح، فأن تعلم أن الله جعلها سكنا ومستراحا وانسا وواقية وكذلك كل واحد منكما يجب أن يحمد الله على صاحبه ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه. ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق بها وإن كان حقك عليها أغلظ وطاعتك بها ألزم فيما أحببت وكرهت ما لم تكن معصية، فإن لها حق الرحمة والمؤانسة. وموضع السكون إليها قضاء اللذة التي لابد من قضائها وذلك عظيم ولا قوة إلا بالله(٢) .

٢٠ - وأما حق رعيتك بملك اليمين فأن تعلم أنه خلق ربك، ولحمك ودمك(٣) وأنك تملكه لا أنت صنعته دون الله ولا خلقت له سمعا ولا بصرا ولا أجريت له رزقا ولكن الله كفاك ذلك. ثم سخره لك وائتمنك عليه واستودعك إياه لتحفظه فيه وتسير فيه. فتطعمه مما تأكل وتلبسه مما تلبس ولا تكلفه ما لا يطيق، فإن كرهت‍ [ ه ] خرجت إلى الله منه واستبدلت به. ولم تعذب خلق الله ولا قوة إلا بالله(٤) .

____________________

(١) فيهما [ حق رعيتك بالعلم فان تعلم أن الله عزوجل انما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم وفتح لك من خزائنه فان أحسنت في تعلم الناس ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم زادك الله من فضله وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقا على الله عزوجل أن يسلبك العلم و بهاء‌ه ويسقطت من القلوب محلك ].

(٢) فيهما [ وحق الزوجة أن تعلم أن الله عزوجل جعلها لك سكنا وانسا وتعلم أن ذلك نعمة من الله تعالى عليك فتكرمها وترفق بها وإن كان حقك عليها أوجب فان لها عليك ان ترحمها لانها أسيرك وتطعمها وتكسوها فأذا جهلت عفوت عنا ].

(٣) معطوفين على الخلق أى وتعلم أنه لحمك ودمك وفى بعض [ النسخ لم تملكه لانك صنعته ].

(٤) فيهما [ وأما حق مملوكك فأن تعلم أنه خلق ربك وابن أبيك وامك ولحمك ودمك ولم تملكه لانك صنعته من دون الله ولا خلقت شيئا من جوارحه ولا أخرجت له رزقا ولكن الله عزوجل كفاك ذلك ثم سخره لك وائتمنك عليه واستودعك إياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه فأحسن إليه كما أحسن الله إليك وإن كرهته استبدلت به ولم تعذب خلق الله عزوجل ولا قوة إلا بالله ].

٢٦٢

* (واما حق الرحم) *

٢١ - فحق امك فان تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحدا أحدا. وأنها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرة بذلك، فرحة، موابلة(١) محتملة لما فيه مكروهها وألمها وثقلها وغمها حتى دفعتها عنك يد القدرة وأخرجتك إلى الارض فرضيت أن تشبع وتجوع هي وتكسوك وتعرى وترويك وتظمأ وتظلك وتضحى و تنعمك ببؤسها وتلذذك بالنوم بأرقها وكان بطنها لك وعاء، وحجرها لك حواء(٢) وثديها لك سقاء ونفسها لك وقاء، تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك، فتشكرها على قدر ذلك ولا تقدر عليه إلا بعون الله وتوفيقه(٣) .

٢٢ - وأما حق أبيك فتعلم أنه أصلك وأنك فرعه وأنك لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك(٤) فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه واحمد الله واشكره على قدر ذلك [ ولا قوة إلا بالله].

٢٣ - وأما حق ولدك فتعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وأنك مسؤول عما وليته من حسن الادب والدلالة على ربه والمعونة له على طاعته فيك(٥) وفي نفسه، فمثاب على ذلك ومعاقب، فاعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا، المعذر إلى ربه فيما بينك وبينه بحسن القيام عليه والاخذ له منه ولا قوة إلا بالله.

٢٤ - وأما حق أخيك فتعلم أنه يدك التي تبسطها وظهرك الذي تلتجئ إليه

____________________

(١) كذا. ووابله: واظبه.

(٢) الحواء: ما يحتوى به الشى من حوى الشئ إذا أحاط به من جهاته.

(٣) فيهما [ فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا واعطتك من ثمرة قلبها مالا يعطى أحد أحدا ووقتك بجميع جوارحها ولم تبال أن تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك وتعرى وتكسوك وتضحى وتظلك وتهجر النوم لاجلك ووقتك الحر والبرد لتكون لها فانك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه].

(٤) فيهما [ فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم الخ ].

(٥) فيهما [ على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الاحسان إليه معاقب على الاساء‌ة إليه ]. انتهى.

٢٦٣

وعزك الذي تعتمد عليه وقوتك التي تصول بها فلا تتخذه سلاحا على معصية الله ولا عدة للظلم بحق الله(١) ولا تدع نصرته على نفسه ومعونته على عدوه والحول بينه وبين شياطينه وتأدية النصيحة إليه والاقبال عليه في الله، فإن انقاد لربه وأحسن الاجابة له وإلا فليكن الله آثر عندك وأكرم عليك منه(٢) .

٢٥ - وأما حق المنعم عليك بالولاء(٣) فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وانسها وأطلقك من أسر الملكة وفك عنك حلق العبودية(٤) وأوجدك رايحة العز وأخرجك من سجن القهر ودفع عنك العسر و بسط لك لسان الانصاف وأباحك الدنيا كلها فملكك نفسك وحل أسرك وفرغك لعبادة ربك واحتمل بذلك التقصير في ماله. فتعلم أنه أولى الخلق بك بعد أولي رحمك في حياتك وموتك وأحق الخلق بنصرك ومعونتك ومكانفتك في ذات الله(٥) ، فلا تؤثر عليه نفسك ما احتاج إليك(٦) .

٢٦ - وأما حق مولاك الجارية عليه نعمتك فأن تعلم أن الله جعلك حامية عليه وواقية وناصرا ومعقلا وجعله لك وسيلة وسببا بينك وبينه فبالحري أن يحجبك عن النار فيكون في ذلك ثواب منه(٧) في الآجل ويحكم لك بميراثه في العاجل إذا لم يكن له رحم مكافأة لما أنفقته من مالك عليه وقمت به من حقه بعد إنفاق مالك، فإن لم

____________________

(١) في بعض النسخ [ للظلم لخلق الله ].

(٢) فيهما [أن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك فلا تتخذه سلاحا على معصية الله ولا عدة لظلم خلق الله ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له فأن أطاع الله والا فليكن الله أكرم عليك منه ولا قوة إلا بالله].

(٣) الولاء - بالفتح -: النصرة والملك والمحبة والصداقة والقرابة.

(٤) الحلق - كقصع وبدر -: جمع حلقة - كقصعة وبدرة.

ويجمع أيضا على حلق - بفتحتين - على غير قياس.

وفيهما [ وفك عنك قيد العبودية وأخرجك من السجن وملكك نفسك وفرغك لعبادة ربك وتعلم أنه أولى الخلق في حياتك وموتك وأن نصرته عليك واجبة بنفسك وما احتاج إليه منك ولا قوة الا بالله ].

(٥) المكانفة: المعاونة.

(٦) فلا تؤثر عليه أى فلا ترجح ولا تختر. وفى بعض النسخ [ ما احتاج إليك أحدا ].

(٧) في بعض النسخ [ ثوابك منه ].

٢٦٤

تقم بحقه خيف عليك أن لا يطيب لك ميراثه(١) . ولا قوة إلا بالله.

٢٧ - وأما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه وتنشر له المقالة الحسنة(٢) وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله سبحانه، فإنك إذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية.

ثم إن أمكن مكافأته بالفعل كافأته وإلا كنت مرصدا له موطنا نفسك عليها(٣) .

٢٨ - وأما حق المؤذن فأن تعلم أنه مذكرك بربك وداعيك إلى حظك وأفضل أعوانك على قضاء الفريضة التي افترضها الله عليك فتشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك.

وإن كنت في بيتك مهتما لذلك لم تكن لله في أمره متهما وعلمت أنه نعمة من الله عليك لا شك فيها فأحسن صحبة نعمة الله بحمد الله عليها على كل حال ولا قوة إلا بالله(٤) .

٢٩ - وأما حق إمامك في صلاتك فأن تعلم أنه قد تقلد السفارة فيما بينك وبين الله والوفادة إلى ربك وتكلم عنك ولم تتكلم عنه ودعا لك ولم تدع له(٥) وطلب فيك ولم تطلب فيه وكفاك هم المقام بين يدي الله والمسألة له فيك.

ولم تكفه ذلك فإن كان في شئ من ذلك تقصير كان به دونك وإن كان آثما لم تكن شريكه فيه ولم

____________________

(١) في بعض النسخ [ فان لم تخفه خيف عليك أن لا يطيب لك ميراثه ].

وفيهما [ وأما حق مولاك الذى انعمت عليه فان تعلم أن الله عزوجل جعل عتقك له وسيلة اليه وحجابا لك من النار وأن ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة لما أنفقت من مالك وفى الاجل الجنة ].

(٢) فيهما [ وتكسبه المقاله الحسنة وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله تعالى فاذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية ثم إن قدرت على مكافأته يوما كافأته ]. انتهى.

(٣) الضمير في عليها يرجع إلى المكافأة أى ترصد وتراقت وتهيئ نفسك على المكافأة في وقتها.

(٤) فيهما [ وحق المؤذن أن تعلم أنه مذكر لك ربك عزوجل وداع لك إلى حظك وعونك على قضاء فرض الله عليك فاشكره على ذلك شكر المحسن إليك ].

(٥) فيهما بعد هذه الجملة هكذا [ وكفاك هول المقام بين يدى الله عزوجل فان كان نقص كان به دونك وإن كان تماما كنت شريكه ولم يكن له عليك فضل فوقى نفسك بنفسه وصلاتك بصلاته فتشكر له على قدر ذلك ]. انتهى.

٢٦٥

يكن له عليك فضل، فوقى نفسك بنفسه ووقى صلاتك بصلاته، فتشكر له على ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله.

٣٠ - وأما حق الجليس فأن تلين له كنفك(١) وتطيب له جانبك وتنصفه في مجاراة اللفظ(٢) ولا تغرق في نزع اللحظ إذا لحظت وتقصد في اللفظ إلى إفهامه إذا لفظت وإن كنت الجليس إليه كنت في القيام عنه بالخيار وإن كان الجالس إليك كان بالخيار. ولا تقوم إلا بإذنه ولا قوة إلا بالله.

٣١ - وأما حق الجار فحفظه غائبا وكرامته شاهدا ونصرته ومعونته في الحالين جميعا(٣) ، لا تتبع له عورة ولا تبحث له عن سوء [ ة ] لتعرفها، فإن عرفتها منه عن غير إرادة منك ولا تكلف، كنت لما علمت حصنا حصينا وسترا ستيرا، لو بحثت الاسنة عنه ضميرا لم تتصل إليه لانطوائه عليه.

لا تستمع(٤) عليه من حيث لا يعلم. لا تسلمه عند شديدة ولا تحسده عند نعمة. تقيل عثرته وتغفر زلته. ولا تدخر حلمك عنه إذا جهل عليك ولا تخرج أن تكون سلما له. ترد عنه لسان الشتيمة وتبطل فيه كيد حامل النصيحة وتعاشره معاشرة كريمة ولا حول ولا قوة إلا بالله(٥) .

٣٢ - وأما حق الصاحب فأن تصحبه بالفضل ما وجدت إليه سبيلا وإلا فلا أقل من الانصاف.

وأن تكرمه كما يكرمك وتحفظه كما يحفظك ولا يسبقك فيما بينك وبينه إلى مكرمة، فإن سبقك كافأته. ولا تقصر به عما يستحق من المودة. تلزم نفسك

____________________

(١) الكنف: الجانب والظل.

(٢) يقال: تجاروا في الحديث: جرى كل واحد مع صاحبه ومنه مجاراة من لا عقل له اى الخوض معه في الكلام. ولا تغرق أى ولا تبالغ في أمره. وفيهما بعد هذا الكلام [ فلا تقوم من مجلسك إلا باذنه ومن يجلس إليك يجوز له القيام بغير إذنك. وتنسى زلاته. وتحفظ خيراته. ولا تسمعه إلا خيرا]. انتهى.

(٣) المراد بالحالين: الشهود والغياب.

(٤) في بعض النسخ [ لا تسمع ].

(٥) فيهما [ وأما حق جارك فحفظه غائبا وإكرامه شاهدا ونصرته إذا كان مظلوما ولا تتبع له عورة فان علمت عليه (خ ل فيه) سوء‌ا سترته عليه وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه ولا تسلمه عند شديدة وتقيل عثرته وتغفر ذنبه وتعاشره معاشرة كريمة ولا قوة الا بالله ].

٢٦٦

نصيحته وحياطته ومعاضدته عليه طاعة ربه ومعونته على نفسه فيما لا يهم به من معصية ربه، ثم تكون [عليه] رحمة ولا تكون عليه عذابا ولا قوة إلا بالله(١) .

٣٣ - وأما حق الشريك فإن غاب كفيته وإن حضر ساويته(٢) ولا تعزم على حكمك دون حكمه ولا تعمل برأيك دون مناظرته وتحفظ عليه ماله وتنفي عنه خيانته فيما عز أو هان(٣) فإنه بلغنا أن يد الله على الشريكين ما لم يتخاونا ولا قوة إلا بالله.

٣٤ - وأما حق المال فأن لا تأخذه إلا من حله ولا تنفقه إلا في حله ولا تحرفه عن مواضعه ولا تصرفه عن حقائقه ولا تجعله إذا كان من الله إلا إليه وسببا إلى الله. ولا تؤثر به على نفسك من لعله لا يحمدك وبالحري أن لا يحسن خلافته في تركتك(٤) ولا يعمل فيه بطاعة ربك فتكون معينا له على ذلك أو بما أحدث في مالك أحسن نظرا لنفسه فيعمل بطاعة ربه فيذهب بالغنيمة وتبوء بالاثم والحسرة والندامة مع التبعة(٥) ولا قوة إلا بالله(٦) .

٣٥ - وأما حق الغريم الطالب لك(٧) فإن كنت موسرا أوفيته وكفيته وأغنيته ولم تردده وتمطله(٨) فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: مطل الغني ظلم وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول وطلبت إليه طلبا جميلا ورددته عن نفسك ردا لطيفا ولم تجمع عليه

____________________

(١) فيهما [ أما حق الصاحب فان تصحبه بالتفضل والانصاف وتكرمه كما يكرمك ولا تدعه يسبق إلى مكرمة فان سبق كافأته وتوده كما يودك وتزجره عما يهم به من معصية وكن عليه رحمة ولا تكن عليه عذابا ولا قوة إلا بالله ].

(٢) فيهما [ وأما حق الشريك فان غاب كفيته وإن حضر رعيته ولا تحكم دون حكمه ولا تعمل برأيك دون مناظرته وتحفظ عليه ماله ولا تخنه إلخ ].

(٣) في بعض النسخ [ تتقى خيانته فيما عز أو هان ].

(٤) اى ميراثك والتركة - بفتح فكسر -: الشئ المتروك أى تركة الميت.

(٥) التبعة: ما يترتب على الفعل من الشر وقد يستعمل في الخير.

(٦) فيهما [ أما حق مالك فان لا تأخذه الا من حله ولا تنفقه إلا في وجهه ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك فاعمل فيه بطاعة ربك ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع السعة (خ ل مع التبعة) ولا قوة إلا بالله ]. وليس في النسخ ولا في الخصال حق الغريم الذى تطالبه، وسقط من الجميع.

(٧) الغريم: الدائن ويطلق أيضا على المديون. وفى بعض النسخ [ الغريم المطالب لك ].

(٨) المطل: التسويف والتعلل في أداء الحق وتأخيره عن وقته.

٢٦٧

ذهاب ماله وسوء معاملته، فإن ذلك لؤم ولا قوة إلا بالله(١) .

٣٦ - وأما حق الخليط(٢) فأن لا تغره ولا تغشه ولا تكذبه ولا تغفله ولا تخدعه ولا تعمل في انتقاضه عمل العدو الذي لا يبقى على صاحبه وإن اطمأن إليك استقصيت له على نفسك(٣) وعلمت أن غبن المسترسل ربا(٤) ولا قوة إلا بالله(٥) .

٣٧ - وأما حق الخصم المدعي عليك فإن كان ما يدعي عليك حقا لم تنفسخ في حجته * ولم تعمل في إبطال دعوته وكنت خصم نفسك له والحاكم عليها والشاهد له بحقه دون شهادة الشهود، فإن ذلك حق الله عليك وإن كان ما يدعيه باطلا رفقت به وروعته و ناشدته بدينه(٦) وكسرت حدته عنك بذكر الله وألقيت حشو الكلام ولغطه الذي لا يرد عنك عادية عدوك(٧) بل تبوء بإثمه وبه يشحذ عليك سيف عداوته، لان لفظة السوء تبعث الشر. والخير مقمعة للشر ولا قوة إلا بالله(٨) .

٣٨ - وأما حق الخصم المدعى عليه فإن كان ما تدعيه حقا أجملت في مقاولته بمخرج الدعوى(٩) ، فإن للدعوى غلظة في سمع المدعى عليه. وقصدت قصد حجتك بالرفق وأمهل المهلة وأبين البيان وألطف اللطف ولم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل والقال فتذهب عنك حجتك ولا يكون لك في ذلك درك ولا قوة إلا بالله(١٠) .

____________________

(١) فيهما [ واما حق غريمك الذى يطالبك فان كنت مؤسرا أعطيته وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول ورددته عن نفسك ردا لطيفا ].

(٢) الخليط: المخالط كالنديم والشريك والجليس ونحوها.

(٣) استقصى في المسألة: بلغ الغاية.

(٤) وفى الحديث غبن المسترسل سحت و غبن المسترسل ربا والاسترسال: الاستيناس إلى الانسان والثقة به فيما يحدثه وأصله السكون والثبات.

(٥) فيهما بعد قوله: ولا تخدعه [ وتتقى الله تعالى في أمره ]. كذا.

(٦) روعه: أفزعه. وناشدته بدينه: حلفته وطلبته به.

(٧) اللغط: كلام فيه جلبة واختلاط ولا يتبين. وعادية عدوك أى حدته وغضبه وعادية السم: ضرره.

ويشحذ عليك أى يغضب واصله من شحذ السكين ونحوه: أحده.

(٨) فيهما [ وحق الخصم المدعى عليك فان كان ما يدعى عليك حقا كنت شاهده على نفسك ولم تظلمه وأوفيته حقه وإن كان ما يدعى باطلا رفقت به ولم تأت في أمره غير الرفق ولم تسخط ربك في أمره ولا قوة إلا بالله ].

(٩) المقاولة: المجادلة والمباحثة.

(١٠) فيهما [ وحق خصمك الذى تدعى عليه إن كنت محقا كنت في دعواك أجملت مقاولته ولم تجحد حقه وإن كنت مبطلا في دعواك اتقيت الله عزوجل وتبت إليه وتركت الدعوى ].

٢٦٨

٣٩ - وأما حق المستشير فإن حضرك له وجه رأي جهدت له في النصيحة وأشرت عليه بما تعلم أنك لو كنت مكانه عملت به وذلك ليكن منك في رحمة ولين، فإن اللين يؤنس الوحشة وإن الغلظ يوحش موضع الانس وإن لم يحضرك له رأي وعرفت له من تثق برأيه وترضى به لنفسك دللته عليه وأرشدته إليه، فكنت لم تأله خيرا(١) ولم تدخره نصحا ولا حول ولا قوة إلا بالله(٢) .

٤٠ - وأما حق المشير عليك فلا تتهمه فيما لا يوافقك عليه من رأيه(٣) إذا أشار عليك فإنما هي الآراء وتصرف الناس فيها واختلافهم. فكن عليه في رأيه بالخيار إذا اتهمت رأيه، فأما تهمته فلا تجوز لك إذا كان عندك ممن يستحق المشاورة ولا تدع شكره على ما بدا لك من إشخاص رأيه وحسن وجه مشورته، فإذا وافقك حمدت الله وقبلت ذلك من أخيك بالشكر والارصاد بالمكافأة في مثلها إن فزع إليك(٤) ولا قوة إلا بالله.

٤١ - وأما حق المستنصح فإن حقه أن تؤدي إليه النصيحة على الحق الذي ترى له أنه يحمل وتخرج المخرج الذي يلين على مسامعه. وتكلمه من الكلام بما يطيقه عقله، فإن لكل عقل طبقة من الكلام يعرفه ويجتنبه وليكن مذهبك الرحمة ولا قوة إلا بالله(٥) .

٤٢ - وأما حق الناصح فأن تلين له جناحك ثم تشرئب له قلبك(٦) وتفتح له سمعك حتى تفهم عنه نصيحته، ثم تنظر فيها، فان كان وفق فيها للصواب حمدت الله على ذلك وقبلت منه وعرفت له نصيحته وإن لم يكن وفق لها فيها رحمته ولم تتهمه وعلمت أنه لم يألك نصحا إلا أنه أخطأ(٧) إلا أن يكون عندك مستحقا للتهمة

____________________

(١) لم تأله: لم تقصره من ألا يألو.

(٢) فيهما [ وحق المستشير إن علمت له رأيا حسنا أشرت عليه وإن لم تعلم له أرشدته إلى من يعلم].

(٣) فيهما بعد هذا الكلام [ وإن وافقك حمدت الله تعالى ] انتهى.

(٤) أى اذا استشار هو منك.

(٥) فيهما [ وحق المستنصح أن تؤدى إليه النصيحة وليكن مذهبك الرحمة له والرفق به ].

(٦) إشرأب للشى: مد عنقه لينظره والمراد أن تسقى قلبك من نصحه.

(٧) فيهما [ وحق الناصح أن تلين له جناحك وتصغى إليه بسمعك فان أتى بالصواب حمدت الله تعالى وإن لم يوافق رحمته ولم تتهمه وعلمت أنه أخطا ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة فلا تعبأ بشئ من امره على حال ولا قوة إلا بالله ].

٢٦٩

فلا تعبأ بشئ من أمره(١) على كل حال ولا قوة إلا بالله.

٤٣ - وأما حق الكبير فان حقه توقير سنه وإجلال إسلامه إذا كان من أهل الفضل في الاسلام بتقديمه فيه وترك مقابلته عند الخصام ولا تسبقه إلى طريق ولا تؤمه في طريق(٢) ولا تستجهله وإن جهل عليك تحملت وأكرمته بحق إسلامه مع سنه فإنما حق السن بقدر الاسلام ولا قوة إلا بالله(٣) .

٤٤ - وأما حق الصغير فرحمته وتثقيفه(٤) وتعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به والمعونة له والستر على جرائر حداثته فإنه سبب للتوبة. والمدارأة له. وترك مماحكته فإن ذلك أدنى لرشده(٥) .

٤٥ - وأما حق السائل فإعطاؤه إذا تيقنت صدقه وقدرت على سد حاجته والدعاء له فيما نزل به والمعاونة له على طلبته، وإن شككت في صدقه وسبقت إليه التهمة له ولم تعزم على ذلك لم تأمن أن يكون من كيد الشيطان أراد أن يصدك عن حظك ويحول بينك وبين التقرب إلى ربك فتركته بستره ورددته ردا جميلا. وإن غلبت نفسك في أمره وأعطيته على ما عرض في نفسك منه.

فإن ذلك من عزم الامور(٦) ٤٦ - وأما حق المسؤول فحقه إن أعطى قبل منه ما أعطى بالشكر له والمعرفة لفضله وطلب وجه العذر في منعه وأحسن به الظن.

وأعلم أنه إن منع [ ف‍ ] ماله منع وأن ليس التثريب في ماله(٧) وإن كان ظالما فإن إلانسان لظلوم كفار(٨) .

____________________

(١) فلا تعبأ: لا تثقل.

(٢) أى ولا تتقدمه. من أم يؤم كما في الخصال.

(٣) فيهما [ وحق الكبير توقيره لسنه وإجلالة لتقدمه في الاسلام قبلك وترك مقابلته عند الخصام ولا تسبقه إلى طريق ولا تتقدمه ولا تستجهله وإن جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الاسلام وحرمته ].

(٤) ثقف الولد: هذبه وعلمه.

(٥) فيهما [ حق الصغير رحمته في تعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به والمعونة له ].

(٦) فيهما [ حق السائل اعطاؤه على قدر حاجته ].

(٧) التثريب: التوبيخ والملامة.

(٨) فيهما [ حق المسؤول إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضله وإن منع فاقبل عذره ].

٢٧٠

٤٧ - وأما حق من سرك الله به وعلى يديه، فإن كان تعمدها لك حمدت الله أولا ثم شكرته عى ذلك بقدره في موضع الجزاء وكافأته على فضل الابتداء وأرصدت له المكافأة، وإن لم يكن تعمدها حمدت الله وشكرته وعلمت أنه منه، توحدك بها و أحببت هذا إذ كان سببا من أسباب نعم الله عليك وترجو له بعد ذلك خيرا، فإن أسباب النعم بركة حيث ما كانت وإن كان لم يتعمد ولا قوة إلا بالله(١) .

٤٨ - وأما حق من ساء‌ك القضاء على يديه بقول أو فعل فإن كان تعمدها كان العفو أولى بك لما فيه له من القمع وحسن الادب مع كثير أمثاله من الخلق. فإن الله يقول: ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل - إلى قوله -: من عزم الامور(٢) وقال عزوجل وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين(٣) هذا في العمد فإن لم يكن عمدا لم تظلمه بتعمد الانتصار منه فتكون قد كافأته في تعمد على خطأ. ورفقت به ورددته بألطف ما تقدر عليه ولا قوة إلا بالله(٤) .

٤٩ - وأما حق أهل ملتك عامة فإضمار السلامة ونشر جناح الرحمة والرفق بمسيئهم. وتألفهم واستصلاحهم وشكر محسنهم إلى نفسه وإليك فإن إحسانه إلى نفسه إحسانه إليك إذا كف عنك أذاه وكفاك مؤونته وحبس عنك نفسه فعمهم جميعا بدعوتك وانصرهم جميعا بنصرتك وانزلتهم جميعا منك منازلهم، كبيرهم بمنزلة الوالد وصغيرهم بمنزلة الولد وأوسطهم بمنزلة الاخ. فمن أتاك تعاهدته بلطف ورحمة. وصل أخاك بما يجب للاخ على أخيه(٥) .

٥٠ - وأما حق أهل الذمة فالحكم فيهم أن تقبل منهم ما قبل الله وتفي(٦) بما

____________________

(١) فيهما [ حق من سرك لله تعالى أن تحمد الله أولا ثم تشكره ].

(٢) سورة الشورى آية ٤١.

(٣) سورة النحل آية ١٢٦.

(٤) فيهما [ وحق من أساء‌ك أن تعفو عنه وإن علمت أن العفو يضر انتصرت قال الله تعالى: ولمن انتصر بعد ظلمه فاولئك ما عليهم من سبيل ].

(٥) فيهما [ وحق أهل ملتك اضمار السلامة والرحمة لهم والرفق بمسيئهم وتألفهم واستصلاحهم وشكر محسنم وكف الاذى عنهم وتحب لهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وأن تكون شيوخهم بمنزلة ابيك وشبابهم بمنزلة اخوتك وعجائزهم بمنزلة امك والصغار بمنزلة اولادك ].

(٦) في بعض النسخ [ وكفى ].

٢٧١

جعل الله لهم من ذمته وعهده وتكلهم إليه فميا طلبوا من أنفسهم وأجبروا عليه وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك [ وبينهم ] من معاملة وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ذمة الله والوفاء بعهده. وعهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حائل فانه بلغنا أنه قال: من ظلم معاهدا كنت خصمه فاتق الله ولا حول وقوة إلا بالله(١) فهذه خمسون حقا محيطا بك لا تخرج منها في حال من الاحوال يجب عليك رعايتها والعمل في تأديتها والاستعانة بالله جل ثناؤه على ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله والحمد لله رب العالمين.

* (ومن كلامه عليه‌السلام في الزهد) *

إن علامة الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة تركهم كل خليط وخليل ورفضهم كل صاحب لا يريد ما يريدون. ألا وإن العامل لثواب الآخرة هو الزاهد في عاجل زهرة الدنيا، الآخذ للموت أهبته(٢) ، الحاث على العمل قبل فناء الاجل ونزول ما لابد من لقائه. وتقديم الحذر قبل الحين(٣) فإن الله عزوجل يقول:( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ‌ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَکْتُ ) (٤) فلينزلن أحدكم اليوم نفسه في هذه الدنيا كمنزلة المكرور إلى الدنيا، النادم على ما فرط فيها من العمل الصالح ليوم فاقته. واعلموا عباد اله ! أنه من خاف البيات تجافى عن الوساد. وامتنع من الرقاد(٥) . وأمسك عن بعض الطعام والشراب من خوف سلطان أهل الدنيا فكيف ويحك يا ابن آدم من خوف بيات سلطان رب العزة وأخذه الاليم وبياته لاهل المعاصي والذنوب مع طوارق المنايا(٦) بالليل والنهار فذلك البيات الذي ليس

____________________

(١) فيهما [ وحق أهل الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله تعالى منهم ولا تظلمهم ما وفوا الله عزوجل بعهده ].

(٢) الاهبة: العدة.

(٣) الحين - بالفتح -: الهلاك.

(٤) المؤمنون آية ١٠٠.

(٥) البيات: الهجوم على عداء ليلا. وتجافى: تنحى.

والوسادة - بالتثليث: المخدة والمتكاء.

(٦) المنايا: جمع المنية اى الموت. وطوارق المنية: دواهى الموت.

٢٧٢

منه منجى ولا دونه ملتجأ ولا منه مهرب. فخافوا الله أيها المؤمنون من البيات خوف أهل التقوى، فإن الله يقول:( ذٰلِکَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَ خَافَ وَعِيدِ ) (١) . فاحذروا زهرة الحياة الدنيا وغرورها وشرورها وتذكروا ضرر عاقبة الميل إليها، فإن زينتها فتنه وحبها خطيئة. واعلم ويحك يا ابن آدم أن قسوة البطنة(٢) وكظة الملاة وسكر الشبع وغرة الملك مما يثبط ويبطئ عن العمل وينسي الذكر ويلهي عن اقتراب الاجل حتى كأن المبتلى بحب الدنيا به خبل من سكر الشراب(٣) وأن العاقل عن الله، الخائف منه، العامل له ليمرن نفسه ويعودها الجوع حتى ما تشتاق إلى الشبع وكذلك تضمر الخيل لسبق الرهان(٤) . فاتقوا الله عباد الله تقوى مؤمل ثوابه وخائف عقابه فقد لله أنتم أعذر وأندر وشوق وخوف فلا أنتم إلى ما شوقكم إليه من كريم ثوابه تشتاقون فتعملون ولا أنتم مما خوفكم به من شديد عقابه وأليم عذابه ترهبون فتنكلون(٥) وقد نبأكم الله في كتابه أنه:( فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ کُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَ إِنَّا لَهُ کَاتِبُونَ ) (٦) . ثم ضرب لكم الامثال في كتابه وصرف الآيات لتحذروا عاجل زهرة الحياة الدنيا فقال:( إِنَّمَا أَمْوَالُکُمْ وَ أَوْلاَدُکُمْ فِتْنَةٌ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ‌ ) (٧) فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا، فاتقوا الله واتعظوا بمواعظ الله. وما أعلم إلا كثيرا منكم قد نهكته(٨) عواقب المعاصي فما حذرها وأضرت بدينه فما مقتها. أما تسمعون النداء

____________________

(١) سورة ابراهيم آية ١٤.

(٢) البطنة - بالكسر -: الامتلاء الشديد من الاكل.

وفى جل النسخ [ نشوة البطنة وفترة الميلة ] والميلة: الرغبة.

والغرة يمكن أن تقرأ العزة.

وكظة الملاة أى ما يعترى الانسان من الامتلاء.

(٣) الخبل - بالتحريك -: إصابة الجنون وفساد في العقل.

(٤) تضمير الفرس أن تعلفه حتى يسمن ثم ترده عن القوت وذلك في اربعين يوما.

(٥) تنكلون: تنكصون وتخافون.

(٦) سورة الانبياء آية ٩٤.

(٧) سورة التغابن آية ١٥.

(٨) نهكه: بالغ في عقوبته.

ونهك العمى فلانا: هزلته وأضنته.

وفى بعض النسخ [ لقد هلكته ].

٢٧٣

من الله بعيبها وتصغيرها حيث قال:( اعلموا أنما الحيوة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله رضوان وما الحيوة الدنيا إلا متاع الغرور * سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض اعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) (١) وقال:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ لْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَ لاَ تَکُونُوا کَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولٰئِکَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) (٢) ( فاتقوا الله عباد الله وتفكروا واعملوا لما خلقتم له فإن الله لم يخلقكم عبثا ولم يترككم سدى، قد عرفكم نفسه وبعث إليكم رسوله وأنزل عليكم كتابه، فيه حلاله وحرامه وحججه وأمثاله فاتقوا الله فقد احتج عليكم ربكم فقال: ألم نجعل له عينين * ولسانا وشفتين * وهديناه النجدين ) (٣) فهذه حجة عليكم فاتقوا الله ما استطعتم فإنه لا قوة إلا بالله ولا تكلان إلا عليه وصلى الله على محمد [ نبيه ] وآله.

* (كتابه عليه‌السلام إلى محمد بن مسلم الزهري يعظه (٤) ) *

كفانا الله وإياك من الفتن ورحمك من النار، فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك بها

____________________

(١) سورة الحديد آية ٢٠ - ٢١.

(٢) سورة الحشر آية ١٨ - ١٩.

(٣) سورة البلد آية ٨ - ١٠.

(٤) محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبدالله بن شهاب الزهرى على ما يظهر من كتب التراجم من المنحرفين عن أمير المؤمنين وأبنائهعليهم‌السلام كان أبوه مسلم مع مصعب بن الزبير وجده عبيد الله مع المشركين يوم بدر وهو لم يزل عاملا لبنى مروان ويتقلب في دنياهم، جعله هشام بن عبدالملك معلم أولاده وأمره أن يملى على أولاده أحاديث فأملى عليهم أربعمائة حديث.

وأنت خبير بأن الذى خدم بنى امية منذ خمسين سنة ما مبلغ علمه وماذا حديثه ومعلوم أن كل ما أملى من هذه الاحاديث هو ما يروق القوم ولا يكون فيه شئ من فضل علىعليه‌السلام وولده ومن هنا أطراه علماؤهم ورفعوه فوق منزلته بحيث تعجب ابن حجر من كثرة ما نشره من العلم.

روى ابن ابى الحديد في شرح النهج على ما بقية الحاشية في الصفحة الاتية

٢٧٤

أن يرحمك فقد أثقلتك نعم الله بما أصح من بدنك وأطال من عمرك وقامت عليك حجج الله بما حملك من كتابه وفقهك فيه من دينه وعرفك من سنة نبيه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فرضي لك في كل نعمة أنعم بها عليك وفي كل حجة احتج بها عليك الفرض بما قضى. فما قضى إلا ابتلى شكرك في ذلك وأبدى فيه فضله عليك(١) فقال لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد(٢) . فانظر أي رجل تكون غدا إذا وقفت بين يدي الله فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها وعن حججه عليك كيف قضيتها ولا تحسبن الله قابلا منك بالتعذير ولا راضيا منك بالتقصير، هيهات هيهات ليس كذلك، أخذ على العلماء في كتابه إذ قال: لتبيننه للناس ولا تكتمونه)(٣) واعلم أن أدنى ما كتمت وأخف ما احتملت أن آنست وحشة الظالم وسهلت له طريق الغي بدنوك منه حين دنوت وإجابتك له حين دعيت، فما أخوفني أن تكون تبوء بإثمك غدا مع الخونة، وأن تسأل عما أخذت بإعانتك على ظلم الظلمة، إنك أخذت ما ليس لك ممن أعطاك ودنوت ممن لم يرد على أحد حقا ولم ترد باطلا حين أدناك. وأحببت من حاد الله(٤) أو ليس بدعائه إياك حين دعاك جعلوك قطبا أداروا بك رحى مظالمهم وجسرا يعبرون عليك إلى بلاياهم وسلما إلى ضلالتهم، داعيا إلى غيهم، سالكا سبيلهم، يدخلون بك الشك على

____________________

بقية الحاشية من الصفحة الماضية حكاه صاحب تنقيح المقالرحمه‌الله - عن جرير بن عبد الحميد عن محمد بن شيبة قال: شهدت الزهرى و عروة بن الزبير في مسجد النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله جالسين يذكران علياعليه‌السلام ونالا منه فبلغ ذلك على بن الحسينعليه‌السلام فجاء حتى وقف عليهما فقال: أما أنت يا عروة فان أبى حاكم أباك إلى الله فحكم لابى على أبيك وأما أنت يا زهرى فلو كنت بمكة لاريتك كرامتك.

وفى رجال الشيخ الطوسى والعلامة وابن داود والتفرشى أنه عدو.

وفى المحكى عن السيد بن الطاووس في التحرير الطاووسى أن سفيان بن سعيد والزهرى عدوان متهمان.

وبالتأمل في رسالة الامامعليه‌السلام يعلم صدق ما قلناه.

(١) في بعض النسخ [ فرض لك في كل نعمة أنعم بها عليك وفى كل حجة احتج بها عليك الفرض فما قضى الا ابتلى شكرك الخ ].

(٢) سورة إبراهيم آية ٧.

(٣) سورة آل عمران آية ١٨٧.

(٤) في بعض النسخ [ وأجبت من حاد الله ].

٢٧٥

العلماء ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم، فلم يبلغ أخص وزرائهم ولا أقوى أعوانهم إلا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم واختلاف الخاصة والعامة إليهم. فما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك. وما أيسر ما عمروا لك، فكيف ما خربوا عليك. فانظر لنفسك فإنه لا ينظر لها غيرك وحاسبها حساب رجل مسؤول. وانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرا وكبيرا. فما أخوفني أن تكون كما قال الله في كتابه:( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْکِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هٰذَا الْأَدْنَى وَ يَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا ) (١) إنك لست في دار مقام. أنت في دار قد آذنت برحيل، فما بقاء المرء بعد قرنائه. طوبى لمن كان في الدنيا على وجل، يابؤس لمن يموت وتبقى ذنوبه من بعده. احذر فقد نبئت. بادر فقد اجلت. إنك تعامل من لا يجهل. وإن الذي يحفظ عليك لا يغفل. تجهز فقد دنا منك سفر بعيد وداو ذنبك فقد دخله سقم شديد. ولا تحسب أني أردت توبيخك وتعنيفك وتعييرك(٢) ، لكني أردت أن ينعش الله ما [ قد ] فات من رأيك ويرد إليك ما عزب من دينك(٣) وذكرت قول الله تعالى في كتابه:( وَ ذَکِّرْ فَإِنَّ الذِّکْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٤) . أغفلت ذكر من مضى من أسنانك وأقرانك وبقيت بعدهم كقرن أعضب(٥) . أنظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت، أم هل وقعوا في مثل ما وقعت فيه، أم هل تراهم ذكرت خيرا أهملوه(٦) وعلمت شيئا جهلوه، بل حظيت(٧) بما حل من حالك في صدور العامة وكلفهم بك، إذ صاروا يقتدون برأيك ويعملون بأمرك. إن أحللت أحلوا وإن حرمت

____________________

(١) سورة الاعراف آية ١٦٨.

(٢) عنفه: لامه وعتب عليه ولم يرفق به. وينعش الله ما فات أى يجبر ويتدارك.

(٣) عزب - بالعين المهملة والزاى المعجمة -: بعد.

(٤) سورة الذاريات آية ٥٥.

(٥) الاعضب: المكسور القرن.

ولعل المراد: بقيت كاحد قرنى الاعضب.

والعضباء: الشاة المكسورة القرن.

(٦) في بعض النسخ [ أم هل ترى ذكرت خيرا علموه وعملت شيئا جهلوه ].

وفى بعضها [ أم هل تراه ذكرا خيرا عملوه وعملت شيئا جهلوه ].

(٧) من الحظوة: رجل حظى إذ كان ذا منزلة.

٢٧٦

حرموا وليس ذلك عندك ولكن أظهرهم عليك رغبتهم فيما لديك، ذهاب علمائهم وغلبة الجهل عليك وعليهم وحب الرئاسة وطلب الدنيا منك ومنهم أما ترى ما أنت فيه من الجهل والغرة وما الناس فيه ن البلاء والفتنة، قد ابتليتهم وفتنتهم بالشغل عن مكاسبهم مما رأوا، فتاقت نفوسهم(١) إلى أن يبلغوا ن العلم ما بلغت، أو يدركوا به مثل الذي أدركت، فوقعوا منك في بحر لا يدرك عمقه وفي بلاء لا يقدر قدره. فالله لنا ولك وهو المستعان.

أما بعد فأعرض عن كل ما أنت فيه حتى تلحق بالصالحين الذين دفنوا في أسما لهم(٢) ، لاصقة بطونهم بظهورهم، ليس بينهم وبين الله حجاب ولا تفتنهم الدنيا ولا يفتنون بها، رغبوا فطلبوا فما لبثوا أن لحقوا. فاذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا المبلغ مع كبر سنك ورسوخ علمك وحضور أجلك، فكيف يسلم الحدث في سنه، الجاهل في علمه المأفون في رأيه(٣) ، المدخول في عقله. إنا لله وإنا إليه راجعون. على من المعول(٤) ؟ وعند من المستعتب؟ نشكو إلى الله بثنا وما نرى فيك ونحتسب عند الله مصيبتنا بك. فانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرا وكبيرا، وكيف إعظامك لمن جعلك بدينه في الناس جميلا، وكيف صيانتك لكسوة من جعلك بكسوته في الناس ستيرا، وكيف قربك أو بعدك ممن أمرك أن تكون منه قريبا ذليلا. مالك لا تنتبه من نعستك وتستقيل من عثرتك فتقول. والله ما قمت لله مقاما واحد أحييت به له دينا أو أمت له فيه باطلا، فهذا شكرك من استحملك(٥) . ما أخوفني أن تكون كمن قال الله تعالى في كتابه:( أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) (٦) استحملك كتابه واستودعك علمه فأضعتها، فنحمد الله الذي عافانا مما ابتلاك به والسلام.

____________________

(١) تاقت: اشتاقت.

(٢) الاسمال: جمع سمل - بالتحريك -: الثوب الخلق البالى.

(٣) المأفون: الذى ضعف رأيه.

والمدخول في عقله: الذى دخل في عقله الفساد.

(٤) المعول: المعتمد والمستغاث.

واستعتبه: استرضاه.

والبث: الحال، الشتات، أشد الحزن.

(٥) استحملك: سألك أن يحمل.

وفى بعض النسخ [ من استعملك ].

أى سألك أن يعمل.

(٦) سورة مريم آية ٥٩.

٢٧٧

* (وروى عنه عليه‌السلام في قصار هذه المعانى) *

قالعليه‌السلام : الرضى بمكروه والقضاء أرفع درجات اليقين.

وقالعليه‌السلام : من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا.

وقيل له: من أعظم الناس خطرا(١) ؟ فقالعليه‌السلام : من لم ير الدنيا خطرا لنفسه.

وقال بحضرته رجل: اللهم أغننى عن خلقك(٢) .

فقالعليه‌السلام : ليس هكذا: إنما الناس بالناس ولكن قل: اللهم أغنني عن شرار خلقك.

وقالعليه‌السلام : من قنع بما قسم الله له فهو من أغنى الناس(٣) .

وقالعليه‌السلام : لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يتقبل.

وقالعليه‌السلام : اتقوا الكذب الصغير منه والكبير في كل جد وهزل، فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير(٤) .

وقالعليه‌السلام : كفى بنصر الله لك أن ترى عدوك يعمل بمعاصي الله فيك.

وقالعليه‌السلام : الخير كله صيانة الانسان نفسه.

وقالعليه‌السلام لبعض بنيه: يا بني إن الله رضيني لك ولم يرضك لي، فأوصاك بي ولم يوصني بك، عليك بالبر تحفة يسيرة.

وقال له رجل: ما الزهد؟ فقالعليه‌السلام : الزهد عشرة أجزاء(٥) : فأعلى درجات الزهد أدنى درجات الورع وأعلى درجات الورع أدنى درجات اليقين وأعلى درجات اليقين أدنى درجات الرضى.

وإن الزهد في آية من كتاب الله:( لكى لا تأسوا على ما فاتكم

____________________

(١) الخطر - بالتحريك -: الخطير أى ذو قدر ومقام.

(٢) في بعض النسخ [ من خلقك ].

(٣) في بعض النسخ [ كان ] موضع فهو

(٣) رواه الكلينى في الكافى ج ٢ ص ٣٣٨ وفيه بعد قوله: على الكبير : أما علمتم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما يزال العبد يصدق حتى يكتبه الله صديقا وما يزال العبد يكذب حتى يكتبه الله كذابا

(٥) رواه الكلينى في الكافى ج ٢ ص ١٢٩ باسناده عن هاشم بن بريد عن أبيه أن رجلا سأل على بن الحسينعليه‌السلام عن الزهد فقال: عشرة أشياء ..حديث.

وفى ص ٦٢: عنهعليه‌السلام أيضا وفيه عشرة أجزاء وهكذا رواه الصدوق في الخصال.

٢٧٨

ولا تفرحوا بما آتيكم ) (١)

وقالعليه‌السلام : طلب الحوائج إلى الناس مذلة للحياة ومذهبة للحياء واستخفاف بالوقار وهو الفقر الحاضر. وقلة طلب الحوائج من الناس هو الغنى الحاضر.

وقالعليه‌السلام : إن أحبكم إلى الله أحسنكم عملا. وإن أعظمكم عند الله عملا أعظمكم فيما عند الله رغبة. وإن أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشية لله. وإن أقربكم من الله أوسعكم خلقا. وإن أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله(٢) . وإن أكرمكم على الله أتقاكم لله.

وقالعليه‌السلام لبعض بنيه: يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق، فقال: يا أبة من هم(٣) ؟ قالعليه‌السلام : إياك ومصاحبة الكذاب، فإنه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد ويبعد لك القريب.

وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه بايعك باكلة(٤) أو أقل من ذلك وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه.

وإياك ومصاحبة الاحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك.

وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه. فإني وجدته ملعونا في كتاب الله(٥) .

وقالعليه‌السلام : إن المعرفة وكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لا يعنيه وقلة مرائه وحلمه وصبره وحسن خلقه(٦) .

____________________

(١) سورة الحديد آية ٢٣.

(٢) وكذا في الكافى والفقيه.

وفى بعض النسخ [ أسعاكم على عياله ].

(٣) في الكافى ج ٢ ص ٦٤١ [ يا أبة من هم عرفنيهم ].

(٤) الاكلة - بضم الهمزة - اللقمة.

(٥) رواه الكلينىرحمه‌الله في الكافى ج ٢ ص ٦٤١ وفيه [ فانى وجدته ملعونا في كتاب الله عزوجل في ثلاثة مواضع: قال الله عزوجل: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فاصمهم وأعمى أبصارهم،.

وقال عزوجل: الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار

وقال في البقرة: الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما امر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض اولئك هم الخاسرون ].

(٦) رواه الصدوقرحمه‌الله في الخصال والكلينىرحمه‌الله في الكافى ج ٢ ص ٢٤٠ وفيهما [ إن المعرفة بكمال دين المسلم ].

٢٧٩

وقالعليه‌السلام : ابن آدم ! إنك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وما كانت المحاسبة من همك، وما كان الخوف لك شعارا، والحذر لك دثارا(١) .

ابن آدم ! إنك ميت ومبعوث وموقوف بين يدي الله عزوجل، فأعد له جوابا(٢) .

وقالعليه‌السلام : لا حسب لقرشي ولا لعربي إلا بتواضع. ولا كرم إلا بتقوى. ولا عمل إلا بنية.

ولا عبادة إلا بالتفقه(٣) .

ألا وإن أبغض الناس إلى الله من يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله.

وقالعليه‌السلام : المؤمن من دعائه على ثلاث: إما أن يدخر له وإما أن يعجل له وإما أن يدفع عنه بلاء يريد أن يصيبه.

وقالعليه‌السلام : إن المنافق ينهى ولا ينتهي ويأمر ولا يأتي، إذا قام إلى الصلاة اعترض(٤) وإذا ركع ربض وإذا سجد نقر، يمسي وهمه العشاء ولم يصم(٥) ويصبح وهمه النوم ولم يسهر والمؤمن خلط عمله بحلمه، يجلس ليعلم(٦) وينصت ليسلم لا يحدث بالامانة الاصدقاء ولا يكتم الشهادة للبعداء ولا يعمل شيئا من الحق رئاء ولا يتركه حياء، إن زكي خاف مما يقولون ويستغفر الله لما لا يعلمون ولا يضره جهل من جهله.

ورأىعليه‌السلام عليلا قد برئ فقالعليه‌السلام له: يهنؤك الطهور من الذنوب إن الله قد ذكرك فاذكره وأقالك فاشكره.

____________________

(١) رواه المفيدرحمه‌الله في أماليه وفيه [ والحزن دثارا ]. وهكذا في أمالى الشيخ.

(٢) في الامالى [ ابن آدم إنك ميت ومبعوث بين يدى الله الخ ].

(٣) رواه الصدوقرحمه‌الله في الخصال وفيه [ الا بتفقه ].

(٤) رواه الكلينى في الكافى ج ٢ ص ٣٩٦ عن ابى حمزة عنهعليه‌السلام وفيه [ يأمر بما لا يأتى وإذا قام إلى الصلاة اعترض، قلت: يا ابن رسول وما الاعتراض؟ قال: الالتفات.

واذا ركع ربض الخ ].

والربوض استقرار الغنم وشبهه على الارض وكأن المراد انه يسقط نفسه على الارض من قبل أن يرفع رأسه من الركوع كاسقاط الغنم عند ربوضه، والنقر التقاط الطائر الحب بمنقاره.

أى خفف السجود. ورواه الصدوق رحمه الله في الامالى مجلس ٧٤ بتقديم وتأخير مع زيادة.

(٥) العشاء - بالفتح: الطعام الذى يتعشى به.

(٦) رواه الكلينى في الكافى ج ٢ ص ٢٣١ وفيه [ يصمت ليسلم ] وينطق ليغنم، لا يحدث أمانته الاصدقاء ولا يكتم شهادته من البعداء - إلى أن قال -: لا يغره قوله من جهله ويخاف احصاء ما عمله ].

٢٨٠