نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٨

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار0%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 421

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 421
المشاهدات: 228803
تحميل: 5158


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 421 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 228803 / تحميل: 5158
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء 18

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قال ابن عساكر:

وأمّا ما رُوي عن معاوية:

فأخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنا أبو سعد الجَنْزَرودي، أنا السيّد أبو الحسن محمّد بن علي بن الحسين، نا حمزة بن محمّد الدهقان، نا محمّد بن يونس، نا وهب بن عثمان البصري، نا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال:

سأل رجل معاوية عن مسألة فقال: سل عنها علي بن أبي طالب، فهو أعلم مني، قال: قولك يا أمير المؤمنين أحبّ إليي من قول علي، قال: بئس ما قلت ولؤم ما جئت به، لقد كرهت رجلاً كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يَغرّه بالعلم غرّاً، ولقد قال له: « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنّه لا نبي بعدي ».

وكان عمر بن الخطاب يسأله ويأخذ عنه، ولقد شهدتُ عمر إذا أشكل عليه أمر قال: ها هنا علي بن أبي طالب؟ ثمّ قال للرجل: قُمْ لا أقام الله رجليك، ومحا اسمه من الديوان.

أخبرناه عالياً أبو نصر بن رضوان، وأبو علي ابن السبط، وأبو غالب بن البنّا، قالوا: أنا أبو محمّد الجوهري، أنا أبو بكر بن مالك، نا وهب بن عمرو بن عثمان النمري البصري، حدّثني أبي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال:

جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسألة فقال: سل عنها علي بن أبي طالب فهو أعلم، فقال: يا أمير المؤمنين جوابك فيها أحبّ إليّ من جواب علي، فقال: بئس ما قلت، ولؤم ما جئتَ به، لقد كرهت رجلاً كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يَغرّه بالعلم غراً، ولقد قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: « أنت

٢٢١

منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنّه لا نبي بعدي ».

وكان عمر إذا أشكل عليه شيء، يأخذ منه، ولقد سمعت عمر وقد أشكل عليه فقال: هاهنا علي؟ قُمْ لا أقام الله رجليك »(١) .

وقال ابن المغازلي: « أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن العباس البزاز، رفعه إلى إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: سأل رجل معاوية عن مسألةٍ. فقال: سل عنها علي بن أبي طالب فإنّه أعلم. قال: يا أمير المؤمنين قولك فيها أحب إليَّ من قول علي. فقال: بئسما قلت ولؤمت ما جئت به، لقد كرهت رجلاً كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يغرّه بالعلم غرّاً، ولقد قال رسول الله له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي، ولقد كان عمر بن الخطاب يسأله فيأخذ عنه، ولقد شهدت عمر إذا أشكل عليه شيء قال: ههنا علي. قم لا أقام الله رجليك، ومحا اسمه من الديوان »(٢) .

وقال ابن حجر: « أخرج أحمد: إن رجلاً سأل معاوية عن مسألةٍ وأخرجه آخرون بنحوه »(٣) .

وقال السمهودي: « أخرج الإمام أحمد في المناقب عن أبي حازم قال: جاء رجل إلى معاوية وأخرج جماعة آخرون منهم ابن شاذان عن قيس بن أبي حازم بنحوه »(٤) .

وقال الحمويني: « أخبرنا الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد القزويني المعروف بمدكويه مناولةً قال: أنبأنا الشيخ ضياء الدين عبد الوهاب بن علي بن علي البغدادي إجازةً، بروايته عن شيخ الإسلام جمال السنّة أبي عبدالله محمد

___________________

(١). تاريخ دمشق ٤٢ / ٩٧.

(٢). المناقب لابن المغازلي: ٣٤ رقم ٥٢.

(٣). الصواعق المحرقة: ١١٠.

(٤). جواهر العقدين ٢/٣٢٨.

٢٢٢

ابن حمويه بن محمد الجويني قال: أنبأنا الشيخ أبو محمد الحسن بن احمد ، أنبأنا الإمام أبو بكر محمد بن إبراهيم البخاري الكلابادي، نبّأنا محمد بن عبدالله بن يوسف العماني.

ح محمد بن محمد بن الأزهري الأشعري قال: نبّأنا الكديمي. قال العماني: نبّأنا عمر بن عثمان النمري. وقال الأزهري نبّأنا وهب بن عمر بن عثمان - وهو الصواب - قال: حدّثنا أبي عن أبي إسماعيل بن أبي خالد عن قيس ابن أبي حازم قال: جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسألةٍ ...»(١) .

فهذا مدلول ومفاد حديث المنزلة عند معاوية الباغية، لكنّ الأعور وابن تيميّة وأمثالهما يخالفون إمامهم في هذا المقام، حتى أنّ الأعور يتّخذ هذا الحديث دليلاً على تنقيصه عليه الصلاة والسلام!!

ولا يتوهّم دلالة الحديث على أعلميّة الإمام من معاوية فقط، لأنّ معاوية إنما فهم أعلميّة الإمام من تنزيل النبي إيّاه منزلة هارون، وقد كان هارون أعلم اُمّة موسى قاطبةً، فعليعليه‌السلام أعلم الاُمّة الإسلاميّة بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويشهد بما ذكرنا استشهاد معاوية بأعلمية الإمام من عمر بن الخطاب.

___________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٣٧١ رقم ٣٠٢.

٢٢٣

(١٨)

قول معاوية بعد سماع الحديث

« لو سمعت من رسول الله في علي لكنت له خادماً »

قال أبو المظفّر سبط ابن الجوزي:

« وأمّا السنّة فأخبار فنبدء منها بما ثبت في الصحيح والمشاهير من الآثار.

حديث في إخاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي كرّم الله وجهه:

قال أحمد في المسند - وقد تقدم إسناده - حدّثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن الحكم، عن مصعب بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقّاص قال:

خلّف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علياً في غزاة تبوك. فقال: يا رسول الله تخلّفني في النساء والصّبيان! فقال: ألا ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي؟

أخرجاه في الصحيحين.

ولمسلمٍ عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً وقال له: ما منعك أنْ تسبّ أبا تراب؟

فقال سعد: أمّا ما ذكرت ثلاثاً سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالهنّ له فلنْ أسبّه أبداً، لأن يكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم. وذكر منها حديث الراية كما سيجيء. الثانية: لـمّا نزلت( قُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ ) الآية. دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً

٢٢٤

وحسيناً، وقال - صلّى الله عليه وسلّم - اللّهم هؤلاء أهلي. والثالثة: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وقد خلّفه في بعض مغازيه - فقال يا رسول الله تركتني مع النساء والصّبيان. فقال صلّى الله عليه وسلّم: ألا ترضى. وذكر الحديث.

وقد ذكر المسعودي في كتاب مروج الذهب ومعان الجوهر: إنّ سعداً لـمّا قال لمعاوية هذه المقالة قال له معاوية:

ما كنت عندي ألأم منك الآن، فألّا نصرته؟ ولم قعدت عن بيعته؟ وكان سعد قد تخلّف عن بيعة علي.

ثم قال معاوية: أما إني لو سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما سمعت في علي بن أبي طالب لكنت له خادماً »(١) .

أقول:

وهذا ما جاء في ( مروج الذهب ):

« حدّث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، عن محمد بن حُميد الرازي، عن أبي مجاهد، عن محمد بن إسحاق، عن ابن أبي نجيح قال:

لـمّا حجّ معاوية طاف بالبيت ومعه سعد، فلما فرغ انصرف معاوية إلى دار الندوة، فأجلسه معه إلى سريره، ووقع معاوية في علي وشرع في سبّه، فزحف سعد. ثم قال: أجلستني معك على سريرك ثم شرعت في سبّ علي! والله لأنْ يكون فيَّ خصلة واحدة من خصالٍ كانت لعلي أحب إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس:

والله لأن أكون صهراً لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم لي من الولد ما لعلي

___________________

(١). تذكرة خواص الامة: ١٨-١٩.

٢٢٥

أحبّ إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس.

والله لأن يكون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لي ما قال له يوم خيبر: لاُعطيّن الرّاية غداً رجلاً يحبّه الله ورسوله ويحبّ الله ورسوله ليس بفرّار يفتح الله على يديه، أحبّ إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس.

والله لأنْ يكون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لي ما قال له في غزوة تبوك: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي، أحبّ إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس.

وأيم الله لا دخلت لك داراً ما بقيت. و نهض.

ووجدت في آخر من الروايات وذلك في كتاب علي بن محمد بن سليمان النوفلي في الأخبار عن ابن عائشة وغيره:

إن سعداً لما قال هذه المقالة لمعاوية نهض يقوم، ضرط له معاوية وقال له: أقعد لما تسمع جواب ما قلت: ما كنت عندي قط ألأم منك الآن، فهلّا نصرته؟ ولم قعدت عن بيعته؟

فإني لو سمعت من النبي - صلّى الله عليه وسلّم - مثل الذي سمعت فيه لكنت خادماً لعلي ما عشت.

فقال سعد: والله إني لأحقّ بموضعك.

فقال معاوية: يأبى عليك بنو عذرة. وكان سعد - فيما يقال - لرجل من بني عذرة »(١) .

___________________

(١). مروج الذهب ٣ / ١٤.

٢٢٦

(١٩)

كلام أروى بنت الحارث

مع معاوية

وممّا يستدل به على دلالة حديث المنزلة على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام وخلافته العامة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلا فصل:

كلام الصحابيّة الجليلة أروى بنت الحارث بن عبد المطلب الهاشميّة - المذكورة في ( الإصابة ) للحافظ ابن حجر بقوله: « أروى بنت الحارث بن عبد المطلب الهاشمية والدة المطلب بن أبي وداعة السهمي، ذكرها ابن سعد في الصحابيّات في بنات عم النبي - صلّى الله عليه وسلّم - وقال: اُمها غزية بنت قيس بن طريف، عن بني الحارث بن فهر بن مالك. قال: وولدت لأبي وداعة المطلب وأبا سفيان واُم جميل واُم حكيم والربعة »(١) .

لقد قالت أروى لمعاوية عندما وفدت عليه ودار بينها وبينه حديث طويل رواه غير واحدٍ من مشاهير المؤرّخين وأهل الأدب كلاماً هو من أحسن ما يستدل به في المقام.

رواية ابن عبد ربه

فمن رواة خبرها مع معاوية: أبو عمر أحمد بن عبد ربّه الأندلسي حيث قال:

___________________

(١). الاصابة في معرفة الصحابة ٨/٧. الطبعة الحديثة.

٢٢٧

« وفود أروى بنت عبد المطلب على معاويةرحمه‌الله .

العباس بن بكّار قال: حدّثني عبدالله بن سليمان المدني وأبو بكر الهذلي: أنّ أروى بنت الحارث بنت عبد المطّلب دخلت على معاوية وهي عجوز كبيرة، فلمـّا رآها معاوية قال: مرحباً بك وأهلاً يا خالة، فكيف كنت بعدنا؟

فقالت: يا ابن أخي، لقد كفرت يد النعمة، وأسأت لابن عمّك الصحبة، وتسمّيت بغير اسمك، وأخذت غير حقّك، من غير دينٍ كان منك ولا من آبائك، ولا سابقة في الإسلام، بعد أنْ كفرتم برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأتعس الله منكم الجدود، وأضرع منكم الخدود، وردّ الحق إلى أهله ولو كره المشركون، وكانت كلمتنا هي العليا، ونبيّنا - صلّى الله عليه وسلّم - هو المنصور.

فولّيتم علينا من بعده، تحتجّون بقرابتكم من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ونحن أقرب إليه منكم وأولى بهذا الأمر.

فكنّا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، وكان علي بن أبي طالب بعد نبيّنا بمنزلة هارون من موسى.

فغايتنا الجنّة وغايتكم النار.

فقال لها عمرو بن العاص: كُفّي أيّتها العجوز الضالّة، واقصري عن قولك مع ذهاب عقلك، إذ لا تجوز شهادتك وحدك.

فقالت له: وأنت يا ابن النابغة، تتكلّم واُمك كانت أشهر بغيّ بمكة، وآخذهنّ للاُجرة! إدّعاك خمسة نفر من قريش، فسئلت اُمّك عنهم، فقالت: كلّهم أتاني، فانظروا أشبههم به، فألحقوه به، فغلب عليك شبه العاص بن وائل، فلحقت به.

فقال مروان: كفّي أيّتها العجوز واقصدي لما جئت به.

فقالت: وأنت أيضاً يا ابن الزرقاء تتكلّم!

٢٢٨

ثمّ التفتت إلى معاوية فقالت: والله ما جرّأ عليَّ هؤلاء غيرك، فإنّ اُمك القائلة في قتل حمزة:

نحن جزيناكم بيوم بدر

والحرب بعد الحرب ذات سعر

ما كان لي في عتبة من صبر

وشكر وحشي عليَّ دهري

حتى ترمَّ أعظمي في قبري

فأجابتها بنت عمّي وهي تقول:

خزيت في بدر وبعد بدر

يا ابنة جبّار عظيم الكفر

فقال معاوية:

عفا الله عمّا سلف، يا خالة، هاتي حاجتك.

فقالت:

ما لي إليك حاجة.

وخرجت عنه »(١) .

ابن عبد ربه وكتابه العقد

وتوجد ترجمة ابن عبد ربّه في كثير من التراجم والتواريخ المعتبرة، مثل:

١ - معجم الاُدباء ٤ / ٢١١.

٢ - وفيات الأعيان، لابن خلكان ١ / ١١٠.

٣ - العبر في خبر من غبر، للذهبي ٢ / ٢١١.

٤ - البداية والنهاية ١١ / ١٩٣.

٥ - الوافي بالوفيات ٨ / ١٠.

___________________

(١). العقد الفريد ١ / ٣٥٧.

٢٢٩

٦ - مرآة الجنان، لليافعي ٢ / ٢٩٥.

٧ - بغية الوعاة: ١٦١.

٨ - نفح الطيب لأبي العباس المقري، حيث جاء فيه: « الفقيه العالم أبي عمر أحمد بن عبد ربه، عالم ساد العلم ورأس، واقتبس به من الحظوة ما اقتبس، وشهر بالأندلس حتى سار إلى المشرق ذكره، واستطار بشرر الذكاء فكره، وكانت له عناية بالعلم وثقة، ورواية له متّسقة، وأمّا الأدب فهو حجّته وبه غمرت الأفهام لجّته، مع صيانةٍ وورع، وديانةٍ ورد ماءها فكرع، وله التأليف المشهور سمّاه بالعقد، وحماه عن عثرات النقد، لأنه أبرزه مثقف القناة مرهف الشباة، تقصر عنه ثواقب الألباب وتبصر السحر منه في كل باب، وله شعر انتهى منتهاه، وتجاوز سماك الإحسان وسماه ».

كما أن كتابه ( العقد ) من الكتب المعترة عندهم، فقد سمعت وصفه بأنه محمّي عن النقد، وفي وفيات الأعيان وغيره وصفه بأنه من الكتب الممتعة، وفي بعض الكتب وصفه بأنّه من الكتب النفيسة كما نقل عنه واعتمد عليه ابن خلكان في ( تاريخه ) والبلوي في ( ألف با ) وأبو الفضل جعفر بن ثعلب في ( الإمتاع بأحكام السماع ) ابن خلدون في ( تاريخه ) وعبد العزيز ابن فهد المكي في ( غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام ) وغيرهم.

وقد قال ابن عبد ربّه في وصفه: « وقد ألّفت هذا الكتاب وتخيّرت جواهره من متخيّر جواهر الآداب ومحصول جوامع البيان، فكان جوهر الجوهر ولباب اللباب، وإنما لي فيه تأليف الإختيار وحسن الإختصار وفرش لدور كل كتاب، وما سواه فمأخوذ من أفواه العلماء ومأثور عن الحكماء والادباء، واختيار الكلام أصعب من تأليفه، وقد قالوا: اختيار الرجل وافد عقله ».

٢٣٠

رواية أبي الفداء

ومن رواته: إسماعيل بن علي المشتهر بأبي الفداء، حيث قال في ( تاريخه ) في أخبار معاوية: « ومما يحكى عن حلمه: من تاريخ القاضي جمال الدين ابن واصل: أن أروى بنت الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، دخلت على معاوية وهي عجوز كبيرة، فقال لها معاوية: مرحباً بك يا خالة، كيف أنت؟

فقالت: بخير يا ابن اُختي، لقد كفرت النعمة وأسأت لابن عمّك الصّحبة، وتسمّيت بغير اسمك، وأخذت غير حقّك، وكنّا أهل البيت أعظم الناس في هذا الدين بلاءً، حتى قبض الله نبيّه، مشكوراً سعيه مرفوعاً منزلته، فوثبت علينا بعده بنو تيم وعدي واُميّة، فابتزّونا حقنا، ووليتم علينا، فكنا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، وكان علي بن أبي طالب بعد نبيّنا بمنزلة هارون من موسى.

فقال لها عمرو بن العاص: كفّي أيّتها العجوز الضالّة، واقصري عن قولك مع ذهاب عقلك.

فقالت: وأنت يا ابن النابغة تتكلّم، واُمّك كانت أشهر بغي بمكّة، وأرخصهنّ اُجرة، وادّعاك خمسة من قريش، فسُئلت اُمك عنهم فقالت: كلّهم أتاني، فانظروا أشبههم به فألحقوه به. فغلب عليك شبه العاص بن وائل فألحقوك به.

فقال لها معاوية: عفا الله عما سلف، هاتي حاجتك.

فقالت: اُريد ألفي دينار لأشتري بها عيناً فوّارةً في أرضٍ خرّارة، تكون لفقراء بني الحارث بن عبد المطلب. وألفي دينار اُخرى اُزوّج بها فقراء بني الحارث. وألفي دينار اُخرى أستعين بها على شدّة الزّمان.

٢٣١

فأمر لها معاوية بستّة آلاف دينار. فقبضتها. وانصرفت »(١) .

أبو الفداء وتاريخه

وقد ذكروا أبا الفداء بكل مدح وثناء في كتبهم مثل:

١ - طبقات الشافعية للسبكي ٦ / ٨٤.

٢ - تتمة المختصر، لابن الوردي ٢ / ٢٩٧.

٣ - النجوم الزاهرة ٩ / ٢٩٢.

٤ - فوات الوفيات، لابن شاكر ١ / ١٦.

٥ - البداية والنهاية لابن كثير ١٤ / ١٥٨.

٦ - الدرر الكامنة، لابن حجر العسقلاني ١ / ٣٧١.

وكتابه ( المختصر في أخبار البشر ) من التواريخ المعروفة، ذكر مؤلفه أنه « تذكرة تغنيني عن مراجعة الكتب المطوّلة » وقال ( كاشف الظنون ):

« أورد فيه أشياء من التواريخ القديمة والإسلامية، لتكون تذكرةً ومغنية عن مراجعة الكتب المطوّلة ». وفي ( التتمة لابن الوردي ): « من الكتب التي لا يقع مثلها ولا يسع جهلها، فإنّه اختاره من التواريخ التي لا تجتمع إلّا للملوك وضمّنه كنوزاً، وهل يعجز عن الكنوز من هو ملك مؤيّد؟ ».

رواية ابن شحنة

ومن رواته: القاضي محبّ الدين أبو الوليد الحلبي المعروف بابن الشحنة حيث قال: « وفي سنة ٦٠ مات معاوية، وكان عمره ٧٥ سنة، وكان يغلب حلمه على ظلمه، وكان ذا هيبة يحسن سياسة الملك.

___________________

(١). المختصر في أحوال البشر ١ / ١٨٨.

٢٣٢

دخلت عليه أروى بنت الحارث بن عبد المطلب، فقال لها: مرحباً بك يا خالة، كيف حالك؟ فقالت:

بخير يا ابن اُختي، لقد كفرت النعمة وأسأت لابن عمك الصحبة، وتسمّيت بغير اسمك وأخذت غير حقّك، وكنّا أهل البيت أعظم الناس في هذا الدين بلاءً، حتى قبض الله نبيّه، مشكوراً سعيه مرفوعاً منزلته، فوثبت علينا بعده بنو تيم وعدي واُميّة، فابتزّونا حقّنا وولّيتم علينا، فكنا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، وكان علي بن أبي طالب بعد نبينا صلّى الله عليه وسلّم بمنزلة هارون من موسى.

فقال لها عمرو بن العاص ».

إلى آخر الخبر(١) .

ابن شحنة وتاريخ ه

وقد ترجم الحافظ السخاوي لابن شحنة بقوله:

« ولد سنة ٧٤٩ بحلب ونشأ بها في كنف أبيه، فحظ القرآن وكتباً، وأخذ عن شيوخ بلده والقادمين إليها فاشتهرت فضائله، بحيث عيّنه أكمل الدين وسراج الدين لقضاء بلده وأثنيا عليه، فولّاه إيّاه الأشرف شعبان، وذلك في سنة ٧٨ عوضاً عن الجمال إبراهيم بن العديم.

وذكره ابن خطيب الناصرية فقال: شيخنا وشيخ الإسلام، كان إنساناً حسناً عاقلاً، دمث الأخلاق، حلو النادرة، عالي الهمّة، إماماً عالماً فاضلاً ذكيّاً، له الأدب الجيد والنظم والنثر الفائقان واليد الطولى في جميع العلوم، قرأت عليه

___________________

(١). روضة المناظر. حوادث سنة ٦٠.

٢٣٣

وقال البرهان الحلبي: من بيوت الحلبيين، مهر في الفقه والأدب والفرائض، مع جودة الكتابة ولطف المحاضرة وحسن الشكالة، يتوقّد ذكاءً، وله تصانيف لطاف.

وقال المقريزي في عقوده: إنه أفتى ودرّس بحلب ودمشق والقاهرة، وكان يحب الحديث وأهله، ولقد قام مقاماً عجز أقرانه عنه وتعجب أهل زمانه منه.

وحاصل الأمر فيه: إنّه كان منفرداً بالرياسة علماً وعملاً في بلده وعصره، وغرةً في جبهة دهره، وانتهى أمره إلى ترك التقليد، بل كان يجتهد في مذهب إمامه ويخرّج على اُصوله وقواعده ويختار أقوالاً يعمل بها.

أخذ عنه: العز الحاضري والبدر ابن سلامة بحلب، وابن قاضي شهبة وابن الأذرعي بالشام، وابن الهمام وابن التنيسي والسفطي وابن عبيدالله بمصر.

وقد أوردت في ترجمته من ذيل قضاة مصر فوائد كثيرة، من نظمه ونثره ومطارحات وحكايات»(١) .

وكتابه الذي وصفه بكونه « كتاباً في التاريخ وجيز الألفاظ والمباني، أنيق الفحاوي والمعاني » ذكره ( كاشف الظنون ) بقوله: روض المناظر في علم الأوائل والأواخر. وهو تاريخ مشهور لأبي الوليد قاضي القضاة »(٢) .

المشابهة بين هارون وعلي في كلام أروى

لقد شبّهت أروى بنت الحارث حال بني هاشم بحال بني إسرائيل وحال المتولّين للأمر ظلماً بحال فرعون، وأيضاً شبّهت حال أمير المؤمنين بعد النبيّ

___________________

(١). الضوء اللامع المجلد ٥ - الجزء العاشر ص ٣ - ٦ رقم ٥.

(٢). كشف الظنون ١ / ٩٢٠.

٢٣٤

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحال هارون بعد موسىعليهما‌السلام فصرّحت إستناداً إلى حديث المنزلة بكون الإمامة والخلافة بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حقّاً ثابتاً لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، لكن الثلاثة ثم معاوية قد ابتزّوا هذا الحق وغصبوه، فكان هو وأهل البيت مظلومين مستضعفين مقهورين كما كان هارون

قول النبي: أنتم المستضعفون بعدي

فكان هذا الحديث الشريف مثبتاً تعيّن الأمير للخلافة وتعيّنها له، ومبطلاً لتقدّم الأغيار عليه، ومصدّقاً لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - كما في الأحاديث الكثيرة - مخاطباً لأهل بيته: « أنتم المستضعفون بعدي ». منها:

ما أخرجه أحمد: « عن أم الفضل بنت الحارث - وهي أم ولد العباس، اُخت ميمونة - قالت: أتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم في مرضه، فجعلت أبكي، فرفع رأسه فقال: ما يبكيك؟ قلت: خِفنا عليك وما ندري مانلقى من الناس بعدك يا رسول الله؟

قال: أنتم المستضعفون بعدي »(١) .

فهذا خوف أم الفضل بنت الحارث، وكلام النبي معها.

وذاك كلام أروى بنت الحارث مع معاوية!

وكلّ ذلك مثبت أن الاُمة ظلمت العترة وغصبت حقّها، فكان في هذه الاُمة ما كان في اُمة موسى من متابعة القوم للسامري، واستضعافهم هارون!

___________________

(١). المسند ٦ / ٣٣٩.

٢٣٥

استنتاج باطل من الرازي

ومن طرائف الاُمور تفسير الرازي الآية في قصة هارون، بالمقارنة بين حال هارون وحال أمير المؤمنين على ضوء حديث المنزلة، ثم استنتاجه أن ما فعلته الاُمة بعد النبي صلّى عليه وآله وسلّم كان صواباً وهذا نصّ كلامه بتفسير( وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ ) :

« وههنا دقيقة وهي: إنّ الرافضة تمسّكوا بقوله صلّى الله عليه وسلّم لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى، ثم إن هارون ما منعه التقيّة في مثل هذا الجمع، بل صعد المنبر وصرّح بالحق ودعا الناس إلى متابعة نفسه والمنع من متابعة غيره، فلو كانت اُمة محمّد صلّى الله عليه وسلّم على الخطأ لكان يجب على عليعليه‌السلام مثل ما فعل هارون ، وأنْ يصعد على المنبر من غير تقيّة وخوف، وأنْ يقول: فاتّبعوني وأطيعوني و لمـّا لم يفعل ذلك علمنا أنّ الاُمة كانوا على الصواب »(١) .

ردّ النيسابوري على الرازي

وهذا الذي ذكره الرازي وإنْ كان واضح البطلان لدى الناقد البصير، لكن علوّ الحق ألجأ بعض أكابر القوم إلى التصريح ببطلانه، فقد ذكر نظام الدين النيسابوري كلام الرازي وعقّبه بما يبطله، وهذا نص كلامه:

« قال أهل السنّة ههنا: إن الشيعة تمسّكوا بقوله صلّى الله عليه وسلّم:

أنت مني بمنزلة هارون من موسى، ثم إن هارون ما منعه التقيّة في مثل ذلك الجمع، بل صعد المنبر وصرّح بالحق ودعا الناس إلى متابعته، فلو كانت اُمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم على الخطأ لكان يجب على علي كرم الله وجهه أنْ يفعل ما فعل

___________________

(١). تفسير الرازي ٢٢ / ١٠٦.

٢٣٦

هارون من غير تقية وخوف.

وللشيعة أن يقولوا: إن هارون صرّح بالحق وخاف فسكت، ولهذا عاتبه موسى بما عاتب، فاعتذر بأنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني، وهكذا عليرضي‌الله‌عنه امتنع أولاً من البيعة، فلمـّا آل الأمر إلى ما آل أعطاهم ما سألوا. وإنما قلت هذا على سبيل البحث لا لأجل التعصب »(١) .

وتراه - في آخر كلامه - يخاف من عناد المتعصّبين وتعنّت العاذلين فيقول: « إنما قلت هذا على سبيل البحث لا لأجل التعصب » ليوضّح أن ما قاله ليس إلّا إحقاقاً للحق وإجهاراً بالإنصاف، ومخالفةً للتعصّب والإعتساف.

فللّه الحمد الذي يحمل بعض القوم على التصريح بالحق دفعاً للتعصّبات الباردة من البعض الآخر منهم.

وعلى الجملة، فلا ريب في أنّ بيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام كانت عن خوف واضطرار وتقيّة، كما كان سكوت هارون كذلك، والأخبار والروايات الكثيرة تدل على ذلك، وليس ما ذكره النيسابوري إلّاشاهداً من شواهده وسنذكر طرفاً من تلك الأخبار، ونكتفي في هذا المقام بما روي من أن أمير المؤمنينعليه‌السلام خاطب النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قائلاً « يا ابن امّ إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني » تماماً كالذي قاله هارون

قول الأمير: يا ابن ام إنّ القوم استضعفوني

ومن رواة هذا الخبر: ابن قتيبة الدينوري.

وتوجد ترجمته وثقته واعتبار رواياته وأخباره في:

تاريخ بغداد ١٠ / ١٧٠.

___________________

(١). تفسير النيسابوري ٤ / ٥٦٧.

٢٣٧

والأنساب - القتبي ٤ / ٤٣١.

ووفيات الأعيان ١ / ٣١٤.

وسير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٩٦.

ومرآة الجنان ٢ / ١٩١.

وبغية الوعاة ٢ / ٦٣.

وغيرها من الكتب.

رواه في كتابه المعروف ( الإمامة والسياسة ) حيث قال:

« كيف كانت بيعة علي بن أبي طالب:

وإنّ أبا بكر أخبر تفقد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند علي ، فبعث إليهم عمر بن الخطاب ، فجاء فناداهم في دار علي، فأبوا أنْ يخرجوا، فدعا عمر بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لاُحرقّنها عليكم على ما فيها.

فقيل له: يا أبا حفص، إن فيها فاطمة.

فقال: وإنْ.

فخرجوا فبايعوا، إلّاعليّاً، فإنه زعم أنه قال: حلفت أنْ لا أخرج، ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن.

فوقفت فاطمة على بابها فقالت: لا عهد لي بقومٍ حضروا أسوء محضر منكم! تركتم جنازة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم! لم تستأمروا ولم تردوا لنا حقّاً!

فأتى عمر أبا بكر فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلّف عنك بالبيعة؟

فقال أبو بكر: يا قنفذ - وهو مولى له - إذهب فادع لي عليّاً.

قال: فذهب إلى علي فقال له: ما حاجتك؟

قال: يدعوك خليفة رسول الله.

٢٣٨

قال علي: لسريع ما كذبتم على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم.

فرجع فأبلغ الرسالة.

ثم قام عمر، فمشى معه جماعة، حتى أتوا باب فاطمة، فدقّوا الباب، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها [ باكيةً ]: يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب وابن أبي قحافة!

فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تنصدّع وأكبادهم تنفطّر، وبقي عمر معه قوم.

فأخرجوا عليّاً ومضوا به إلى أبي بكر.

فقال له: بايع.

فقال: إنْ أنا لم أفعل فمه؟

قالوا: إذاً والله الذي لا إله إلّا هو نضرب عنقك.

قال: إذاً تقتلون عبدالله وأخا رسوله.

قال عمر: أمّا عبدالله فنعم، وأما أخو رسوله، فلا.

وأبو بكر ساكت لا يتكلّم.

فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك!

فقال: لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه.

فلحق علي بقبر رسول الله يصيح ويبكي وينادي:

يا ابن اُم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني »(١) .

ففي هذا الخبر دلالة من وجوه عديدة على تعين الخلافة لهعليه‌السلام ومقهوريته بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعدوان المتغلبين وفي

___________________

(١). الإمامة والسياسة ١ / ٣١.

٢٣٩

خطابه الرسول بما خاطب به هارون أخاه موسى دلالة صريحة على أنّ حاله تشبه حال هارون

فلا يخفى بعد هذا سقوط ما ذكره الرازي، وتمامية الإستدلال بحديث المنزلة على المطلوب.

نسبة كتاب ( الإمامة والسياسة ) إلى ابن قتيبة

وإني لأثبت صحة نسبة كتاب ( الإمامة والسياسة ) إلى ابن قتيبة - بعون الله وتأييدات الأئمة الأطهار - كي أختم على أفواه المتعصبين، فلا ينبري أحد منهم لإنكار الخبر عن طريق التشكيك في صحة انتساب هذا الكتاب إلى مؤلّفه الثقة المعتمد عندهم فأقول:

(١) لقد نقل العلّامة عمر بن محمّد بن فهد المكي - وهو من مشايخ شاه ولي الله، وتوجد ترجمته في الضوء اللّامع - عن كتاب ( الإمامة والسّياسة ) مع نسبته إلى ابن قتيبة بالقطع واليقين، في كتابه المشهور ( إتحاف الورى بأخبار اُمّ القرى ) وهذه عبارته:

« سنة ٩٣. فيها كتب الوليد بن عبد الملك إلى أمير مكة عمر بن عبد العزيز يأمره بضرب حبيب بن عبدالله بن الزبير، ويصبّ على رأسه ماءً بارداً، فضربه خمسين سوطاً وصبّ عليه ماءً بارداً في يوم شائت، ووقّفه على باب المسجد، فمات من يومه.

وفيها: في شعبان عزل الوليد بن عبد الملك عمر بن عبد العزيز عن الحجاز فكتب الوليد إلى الحجاج يستشيره فيمن يولّيه مكّة والمدينة، فأشار عليه بخالد بن عبدالله القسري وعثمان بن حيان، فولّى خالداً مكة وولّى عثمان ابن حيان المدينة، وعزل عمر بن عبد العزيز عنهما

٢٤٠