تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

تذكرة الفقهاء11%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: 510

الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 510 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 406218 / تحميل: 5178
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وإن لم تكن له قيمة لو قُطع ، أُجيب مَنْ يريد التبقية ؛ إذ لا فائدة لطالب القطع فيه(١) .

وإذا أبقوا الزرع بالاتّفاق أو بطلب بعضهم حيث لم تكن للمقطوع قيمة ، فالسقي وسائر الـمُؤن إن تطوّع بها الغرماء أو بعضهم أو أنفقوا عليها على قدر ديونهم ، فذاك.

وإن أنفق عليها بعضُهم ليرجع ، فلا بُدَّ من إذن الحاكم أو(٢) اتّفاق الغرماء والمفلس ، وإذا حصل الإذن ، قدّم المنفق بقدر النفقة ؛ لأنّه لإصلاح الزرع.

وكذا لو أنفقوا على قدر الديون ثمّ ظهر غريمٌ ، قدّم المنفقون في قدر النفقة عليه.

وهل يجوز الإنفاق عليه من مال المفلس؟ الوجه : الجواز ؛ لاشتماله على التنمية ، وهو أحد وجهي الشافعي.

والثاني : المنع ؛ لعدم اليقين بحصول الفائدة ، وإنّما هو موهوم(٣) .

النوع الثاني : الإجارة الواردة على الذمّة

مسألة ٣٤٥ : هذه الإجارة لا يكون حكمها حكم السَّلَم في وجوب قبض مال الإجارة في المجلس‌ كما يجب قبض رأس مال السَّلَم فيه ؛ للأصل الدالّ على عدم الوجوب ، السالم عن معارضة النصّ الوارد في السَّلَم ؛ لانفراد السَّلَم عن الإجارة ومغايرته لها ، فلا يجب اشتراكهما في‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٨.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « و» بدل « أو ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٦ - ٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٨.

١٠١

الحكم ، وهو أحد قولي الشافعي.

والثاني : أنّهما متساويان في وجوب الإقباض في المجلس(١) .

فعلى الأوّل تكون كالإجارة الواردة على العين. وعلى الثاني لا أثر للإفلاس بعد التفرّق ؛ لصيرورة الأُجرة مقبوضةً قبل التفرّق.

تذنيب : لا يثبت خيار المجلس في الإجارة‌ ؛ لاختصاص النصّ بالبيع ، وعدم مشاركته للإجارة في الاسم ، والأصل عدم الخيار ، وهو أحد قولي الشافعي.

وفي الآخَر : يثبت الخيار. فإن أثبته ، كان فيه غنية عن هذا الخيار ، وإلّا فهي(٢) كما في إجارة العين(٣) .

القسم الثاني : في إفلاس المؤجر.

وفيه نوعان :

الأوّل : في إجارة العين.

فإذا آجر دابّةً من إنسان أو داراً ثمّ أفلس وحجر عليه الحاكم ، لم تنفسخ الإجارة ، ولم يكن للمستأجر ولا للغرماء فسخ الإجارة ؛ لأنّ ذلك عقد لازم عقده قبل الحجر ، والمنافع المستحقّة للمستأجر متعلّقة بعين ذلك المال ، فيقدّم بها كما تقدّم في حقّ المرتهن ، وكما لو أفلس بعد بيع شي‌ء معيّن ، فإنّ المشتري أحقّ بما اشتراه.

ثمّ الغرماء لهم الخيار بين الصبر حتى تنقضي مدّة الإجارة ثمّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٨.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فهو » بدل « فهي ». والظاهر ما أثبتناه.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٨.

١٠٢

يبيعونها ، وبين البيع في الحال ، فإن اختاروا الصبر إلى انقضاء مدّة الإجارة فإن انقضت المدّة والدار بحالها ، فلا بحث. وإن انهدمت الدار في أثناء المدّة ، انفسخت الإجارة.

وإن اختار المؤجر الفسخ فيما بقي من المدّة ، فإن كانت الأُجرة لم تُقبض منه ، سقطت عنه فيما بقي من المدّة ، وإن كانت قد قُبضت منه ، رجع على المفلس بحصّة ما بقي من المدّة.

وهل يضرب بذلك مع الغرماء؟ يُنظر فإن كان ذلك قبل قسمة ماله ، فهل يرجع على الغرماء؟ وجهان مبنيّان على أنّ وجود السبب كوجود المسبّب ، أو لا؟

فإن قلنا بالأوّل ، رجع عليهم بما يخصّه ؛ لأنّ سبب وجوبه وُجد قبل الحجر ، ولو كان الاعتبار بحال وجوبه ، لكان إذا وجب قبل القسمة أن لا يشارك به.

وإن قلنا بالثاني ، لم يرجع ؛ لأنّ دَيْنه تجدّد بعد الحجر ، فلم يحاصّ به الغرماء.

والأوّل أقوى.

فإن طلب الغرماء البيعَ في الحال ، أُجيبوا إليه ؛ لأنّه يجوز عندنا بيع الأعيان المستأجرة - وهو أحد قولي الشافعي - لأنّه عقد على منفعة ، فلا يمنع من بيع أصل العين ، كالنكاح.

والثاني : لا يصحّ البيع ؛ لأنّ يد المستأجر حائلة دون التسليم ، فأشبه المغصوب(١) .‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٨ - ٣٨٩.

١٠٣

فعلى قولنا تُباع في الحال ، ويكون المستأجر أحقَّ بالمنافع واليد مدّة إجارته.

ولو اختلف الغرماء في البيع والصبر ، أُجيب الذي يطلب البيع ؛ لأنّه يتعجّل حقّه به ، ولا مبالاة بما ينقص من ثمنه بسبب الإجارة ؛ إذ لا يجب على الغرماء الصبر إلى أن يزداد مال المفلس.

النوع الثاني : الإجارة الواردة على الذمّة.

مسألة ٣٤٦ : إذا التزم المفلس نَقْلَ متاع من بلدٍ إلى آخَر أو عملَ شغلٍ ثمّ أفلس‌ ، فإن كان مال الإجارة باقياً في يده ، فله فسخ الإجارة والرجوع إلى عين ماله. وإن كانت تالفةً ، فلا فسخ ، كما لا فسخ والحال هذه عند إفلاس الـمُسْلَم إليه على الأصحّ - وبه قال الشافعي(١) - ويضارب المستأجرُ الغرماءَ بقيمة المنفعة المستحقّة ، وهي أُجرة المثل ، كما يضارب الـمُسْلِم بقيمة الـمُسْلَم فيه.

إذا عرفت هذا ، فإنّ هذا النوع من الإجارة ليس سَلَماً ، وهو أحد قولي الشافعي.

وفي الثاني : يكون سَلَماً.

فعلى قوله هذا ما يخصّه بالمضاربة من مال المفلس لا يجوز تسليمه إليه ؛ لامتناع الاعتياض عن الـمُسْلَم فيه ، بل يُنظر فإن كانت المنفعة المستحقّة قابلةً للتبعيض - كما لو استأجره لحمل مائة رطل - فينقل بالحصّة بعضها.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٩.

١٠٤

وإن لم يقبل التبعيض - كما إذا كان الملتزَم قصارةَ ثوبٍ ، أو رياضة دابّة ، أو(١) حمل المستأجر إلى بلدٍ ، ولو نقل إلى بعض الطريق ضاع - فوجهان للشافعي(٢) .

قال الجويني : للمستأجر الفسخ بهذا السبب ، والمضاربة بالأُجرة المبذولة(٣) .

وعلى ما اخترناه نحن يسقط عنّا هذا ، ويقبض الحصّة بعينها ؛ لجواز الاعتياض.

ويلزم على قوله إبطال مذهبه من منع جواز الاعتياض في السَّلَم فيما صوّرناه.

هذا إذا لم يسلّم المؤجر عيناً إلى المستأجر يستوفي المنفعة الملتزمة منها ، أمّا إذا التزم النقل إلى البلد في ذمّته ثمّ سلّمه دابّةً لينقل بها ، ثمّ أفلس ، فإن قلنا : إنّ الدابّة المسلّمة تتعيّن بالتعيين ، فلا فسخ ، ويقدّم المستأجر بمنفعتها ، كما لو كانت الدابّة معيّنةً في عقد الإجارة. وإن قلنا : لا تتعيّن ، فكما لو لم يسلّم الدابّة ، فيفسخ المستأجر ، ويضارب بمال الإجارة.

تذنيبان :

أ - لو استقرض مالاً ثمّ أفلس وهو باقٍ في يده ، فللمُقرض الرجوعُ إلى عين ماله‌ ، كالبائع في عين السلعة وإن ملكها المفلس بالشراء - وهو قول الشافعي(٤) أيضاً - سواء قلنا : إنّ القرض يُملك بالقبض أو بالتصرّف.

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « و» بدل « أو ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٩.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٩.

١٠٥

أمّا إذا كان لا يُملك بالقبض : فلأنّه يقدر على الرجوع من غير إفلاس ولا حجر ، فمعهما أولى.

وأمّا إذا كان(١) يُملك بالقبض : فلأنّه مملوك ببدلٍ تعذّر تحصيله ، فأشبه البيع.

ب - لو باع شيئاً واستوفى ثمنه وامتنع من تسليم المبيع أو هرب ، لم يكن للمشتري الفسخ‌ ؛ لأنّ حقّه تعلّق بالعين ، ولا نقصان في نفس المبيع ، فإن تعذّر قبضه ، تخيّر حينئذٍ.

وللشافعيّة وجهان(٢) .

النظر الثالث : في المعوّض.

مسألة ٣٤٧ : يُشترط في المعوّض - وهو المبيع مثلاً - ليرجع إليه مع إفلاس المشتري شيئان‌: بقاؤه في ملك المفلس ، وعدم التغيّر(٣) .

فلو هلك المبيع ، لم يكن للبائع الرجوع ؛ لقولهعليه‌السلام : « فصاحب المتاع أحقّ بالمتاع إذا وجده بعينه »(٤) فقد جعلعليه‌السلام وجدانَ المتاع شرطاً في أحقّيّة الأخذ.

ولا فرق بين أن يكون الهلاك بآفة سماويّة ، أو بجناية جانٍ ، أو بفعل المشتري ، ولا بين أن تكون قيمته مثل الثمن أو أكثر.

وليس له إلّا مضاربة الغرماء بالثمن ؛ عملاً بالأصل ، واختصاص‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « كانت » بدل « كان ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٩.

(٣) يأتي الشرط الثاني - وهو عدم التغيّر - في ص ١٠٨ ، المسألة ٣٥٠.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٩٠ / ٢٣٦٠ ، سنن الدارقطني ٣ : ٢٩ / ١٠٦ و ١٠٧ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥١.

١٠٦

المخالف له بالوجدان ، وهو أحد قولي الشافعي.

والثاني : أنّه إذا زادت القيمة ، ضارب بها دون الثمن ، واستفاد بها زيادة حصّته(١) .

مسألة ٣٤٨ : لو خرجت العين عن ملك المشتري ببيعٍ أو هبة أو عتق أو وقف ، فهو كما لو هلكت.

وليس له فسخ هذه التصرّفات ، بخلاف الشفيع ، فإنّ له ردّ ذلك كلّه ؛ لأنّ حقّ الشفعة كان ثابتاً حين تصرّف المشتري ، لأنّ الشفعة تثبت بنفس البيع ، وهنا حقّ الرجوع لم يكن ثابتاً حين التصرّف ؛ لأنّه إنّما يثبت بالإفلاس والحجر.

وكذا لا رجوع للبائع لو كاتب المشتري العبد المبيع أو استولد الجارية المبيعة. أما لو دبّر ، فإنّ له الرجوع.

ولو نذر عتقه مطلقاً أو نذره عند شرطٍ ، فكذلك لا يرجع إلّا أن يبطل ذلك الشرط ويعلم بطلان النذر.

ولو علّق العتق بصفة ، لم يصح عندنا. وعند الشافعي يصحّ ، وله الرجوع(٢) .

ولو آجر العين ، فلا رجوع له في المنافع ، بل في العين عندنا ؛ لأنّه يجوز بيع المستأجر ، وهو أحد قولي الشافعيّة إن جوّزوا بيع المستأجر ، وإن منعوه ، لم يكن له الرجوعُ في العين ، فإذا جوّزنا له الرجوع ، فإن شاء أخذه مسلوب المنفعة لحقّ المستأجر ، وإلّا ضارب بالثمن(٣) .

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩٠.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٠ - ٤١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩٠.

١٠٧

مسألة ٣٤٩ : لو رهن المشتري العين ، لم يكن للبائع الرجوع ؛ لتقدّم حقّ المرتهن.

وكذا لو جنى العبد المبيع ، فالمجنيّ عليه أحقّ ببيعه.

فإن قضي حقّ المرتهن أو المجنيّ عليه ببيع بعضه ، فالبائع واجد لباقي المبيع ، وسيأتي حكمه إن شاء الله تعالى.

وإن انفكّ الرهن أو برىء عن الجناية ، فله الرجوع.

ولو زوّج الجاريةَ ، لم يمنع البائع من الرجوع فيها. أمّا لو باع صيداً ثمّ أحرم وأفلس المشتري ، لم يكن للبائع الرجوعُ في العين ؛ لأنّ تملّكه للصيد حرام.

ولو نقل العين ببيعٍ وشبهه ثمّ حُجر عليه بعد ذلك ثمّ عادت العين ، فالوجه عندي : أنّه لا يرجع البائع فيها ؛ لأنّ ملك المشتري فيها الآن متلقّى من غير البائع ، ولأنّه قد تخلّلت حالة لو صادفها الإفلاس والحَجْر لما رجع ، فيُستصحب حكمها ، وهو أحد قولي الشافعي.

والثاني : أنّه إن عاد إليه بغير عوضٍ - كالهبة والإرث والوصيّة له - ففي الرجوع وجهان :

أحدهما : أنّه يرجع ؛ لأنّه وجد متاعه بعينه.

والثاني : لا يرجع ؛ لأنّ الملك قد تلقّاه من غير البائع(١) .

وهذان الوجهان مبنيّان عندهم على ما إذا قال لعبده : إذا جاء رأس الشهر فأنت حُرٌّ ، ثمّ باعه واشتراه وجاء رأس الشهر ، هل يُعتق؟(٢)

وإن عاد الملك إليه بعوضٍ كما لو اشتراه [ نُظر ](٣) إن وفّر الثمن على‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤١.

(٣) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

١٠٨

البائع الثاني ، فكما لو عاد بلا عوض ، فإن لم يوفّر وقلنا بثبوت الرجوع للبائع لو عاد بلا عوض ، فالأوّل أولى بالرجوع ؛ لسبق حقّه ، أو الثاني ؛ لقرب حقّه ، أو يستويان ويضارب كلّ واحدٍ منهما بنصف الثمن؟ فيه ثلاثة أوجُه.

تذنيب : لو كاتب العبد كتابةً مطلقة ، لم يكن للبائع الرجوعُ في العين‌ ؛ لأنّه كالعتق في زوال سلطنة السيّد عنه.

وإن كانت مشروطةً ، فإن كانت باقيةً ، لم يكن له الرجوع أيضاً ؛ لأنّها عقد لازم.

وإن عجز المكاتَب عن الأداء ، فللمفلس الصبر عليه ؛ لأنّه كالخيار.

ويُحتمل عدمه.

فإن ردّه في الرقّ ، فهل للبائع الرجوع فيه؟ الأقرب : ذلك ؛ لأنّه ليس بملك يتجدّد ، بل هو إزالة مانع.

وللشافعي طريقان :

أحدهما : أنّ رجوعه إلى الرقّ كانفكاك الرهن.

والثاني : أنّه يعود الملك بعد زواله لمشابهة الكتابة زوالَ الملك ، وإفادتها استقلالَ المكاتَب ، والتحاقه بالأحرار(١) .

مسألة ٣٥٠ : قد بيّنّا أنّه يشترط للرجوع في العين في المعوّض أمران : بقاء الملك ، وقد سلف(٢) ، وبقي الشرط الثاني ، وهو : عدم التغيّر.

فنقول : البائع إن وجد العين بحالها لم تتغيّر لا بالزيادة ولا بالنقصان ، فإنّ للبائع الرجوعَ لا محالة. وإن تغيّر(٣) ، فإمّا أن يكون بالنقصان أو‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩١.

(٢) في ص ١٠٥ ، المسألة ٣٤٧.

(٣) تذكير الفعل باعتبار المبيع.

١٠٩

بالزيادة.

القسم الأوّل : أن يكون التغيّر بالنقصان ، وهو قسمان :

الأوّل : نقصان ما لا يتقسّط عليه الثمن ، ولا يُفرد بالعقد ، وهو المراد بالعيب ونقصان الصفة ، كتلف بعض أطراف العبد.

والثاني : نقصان بعض المبيع ممّا يتقسّط عليه الثمن ، ويصحّ إفراده بالعقد.

ونحن نذكر حكم هذه الأقسام بعون الله تعالى ، ثمّ نتبع ذلك بقسم الزيادة.

[ القسم ] الأوّل : نقصان الصفة.

مسألة ٣٥١ : إذا نقصت العين بالتعيّب ، فإن حصل بآفة سماويّة ، تخيّر البائع‌ بين الرجوع في العين ناقصةً بغير شي‌ء ، وبين أن يضارب بالثمن مع الغرماء ، كما لو تعيّب المبيع في يد البائع ، يتخيّر المشتري بين أخذه معيباً بجميع الثمن - عند بعض(١) أصحابنا - وبين الفسخ والرجوع بالثمن.

وعلى ما اخترناه نحن - من أنّ المشتري يرجع بالأرش - لا يتأتّى هذا ، وإنّما لم يكن للبائع هنا الرجوع بالأرش ، وكان للمشتري في صورة البيع الرجوع به ؛ لأنّ المبيع مضمون في يد البائع ، وكما يضمن جملته يضمن أجزاءه ، سواء كانت صفاتاً أو غيرها ؛ لأنّ الثمن في مقابلة الجميع ، وأمّا هنا فإنّ البائع لا حقّ له في العين إلاّ بالفسخ المتجدّد بعد العيب ، وإنّما حقّه قبل الفسخ في الثمن ، فلم تكن العين مضمونةً له ، فلم يكن له الرجوع بأرش المتجدّد ، بل يقال له : إمّا أن تأخذ العين مجّاناً ، أو تضارب‌

____________________

(١) الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ١٠٩ ، المسألة ١٧٨.

١١٠

بالثمن ، وهو أحد قولي الشافعي(١) .

وله قولٌ آخَر : إنّه يأخذ المعيب ويضارب مع الغرماء بما نقص ، كما يأتي(٢) في الضرب الثاني(٣) . وهو غريب عندهم(٤) .

إذا عرفت هذا ، فقد وافقنا مالك والشافعي على أنّ للبائع الرجوعَ وإن كانت معيبةً(٥) .

وقال أحمد : إذا تلف جزء من العين - كتغيّر أطراف العبد ، أو ذهاب عينه ، أو تلف بعض الثوب ، أو انهدم بعض الدار ، أو اشترى نخلاً مثمراً فتلف الثمرة ، ونحو هذا - لم يكن للبائع الرجوعُ ؛ لأنّه لم يدرك متاعه بعينه(٦) .

وهو غلط.

أمّا أوّلاً : فلأنّ العين باقية وإن تلف بعض صفاتها.

وأمّا ثانياً : فلأنّه إذا ثبت له الرجوع في جميع العين بالثمن ، فإثبات الرجوع له في بعضها بالثمن أولى ، كما لو قال : أنا أرجع في نصف العين بجميع الثمن ، فإنّه يجاب إليه قطعاً ، كذا هنا.

مسألة ٣٥٢ : إذا تعيّبت العين بجناية جانٍ ، فإمّا أن يكون الجاني أجنبيّاً أو البائعَ أو المشتري.

فإن كان أجنبيّاً ، فعليه الأرش ، وللبائع أن يأخذه معيباً ، ويضاربُ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩١.

(٢) في ص ١١٢ ، المسألة ٣٥٤.

(٣) وهو نقصان ما يتقسّط عليه الثمن.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٢ ، وفي روضة الطالبين ٣ : ٣٩١ ؛ « شاذّ ضعيف ».

(٥) المغني ٤ : ٤٩٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١١.

(٦) المغني ٤ : ٤٩٨ - ٤٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١١ - ٥١٢.

١١١

الغرماءَ بمثل(١) نسبة ما انتقص من القيمة من الثمن ؛ لأنّ المشتري أخذ بدلاً للنقصان وكان مستحقّاً للبائع ، فلا يجوز تضييعه عليه ، بخلاف التعيّب بالآفة السماويّة حيث لم يكن لها عوض.

وإنّما اعتبرنا في حقّه نقصان القيمة دون التقدير الشرعي ؛ لأنّ التقدير إنّما أثبته الشرع في الجنايات ، والأعواض يتقسّط بعضها على بعضٍ باعتبار القيمة.

ولو اعتبرنا في حقّه المقدّر ، لزمنا أن نقول : إذا قطع الجاني يديه(٢) أن يأخذه البائع وقيمته ، وهذا محال ، بل يُنظر فيما انتقص من قيمته بقطع اليدين ، ونقول : يضارب البائعُ الغرماء بمثل نسبته من الثمن. ولو قطع إحدى يديه وغرم نصف القيمة وكان الناقص في السوق ثُلث القيمة ، ضارَب البائعُ بثلث الثمن وأخذه ، وعلى هذا القياس.

مسألة ٣٥٣ : لو كان الجاني على العين البائعَ ، فهو كجناية الأجنبيّ‌ ؛ لأنّ جنايته على ما ليس بمملوك له ولا هو في ضمانه.

وإن كان الجاني المشتري ، احتُمل أن تكون جنايته كجناية الأجنبيّ أيضاً ؛ لأنّ إتلاف المشتري قبض(٣) واستيفاء منه على ما مرّ(٤) في موضعه ، وكأنّه صرف جزءً من المبيع إلى غرضه. وأن تكون جنايته كجناية البائع على المبيع قبل القبض ؛ لأنّ المفلس والمبيع في يده كالبائع في المبيع قبل القبض من حيث إنّه مأخوذ منه غير مقرَّر في يده.

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « مثل ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « قطع يدي الجاني ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « نقص » بدل « قبض ». والمثبت هو الظاهر.

(٤) في ج ١٠ ، ص ١١٤ ، المسألة ٦٤ من كتاب البيع.

١١٢

وللشافعي قولان :

أحدهما : أنّها(١) كجناية الأجنبيّ.

وأصحّهما عنده : أنّها كالآفة السماويّة(٢) .

ولا يقال : إنّ حقَّ تشبيه جناية المشتري هنا بجناية البائع قبل القبض كتشبيه(٣) جناية البائع هناك حتى يقال : كأنّه استرجع بعض المبيع ؛ إذ ليس له الفسخ والاسترجاع إلّا بعد حَجْر الحاكم عليه ، وليس(٤) قبل الحَجْر حقٌّ ولا مِلْكٌ.

تذنيب : لو باع المفلس قبل الحجر بعضَ العين‌ أو وهبه أو وقفه ، فهو بمنزلة تلفه.

القسم الثاني : نقصان العين.

مسألة ٣٥٤ : إذا نقص المبيع نقصاً يتقسّط الثمن عليه ، ويصحّ إفراده بالعقد‌ - كما لو اشترى عبدين صفقةً أو ثوبين كذلك فتلف أحدهما في يد المشتري ثمّ أفلس وحُجر عليه - فللبائع أن يأخذ الباقي بحصّته من الثمن ، ويُضارب مع الغرماء بحصّة التالف ، وله أن يضارب بجميع الثمن - وبه قال الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(٥) - لأنّه عين ماله وجدها البائع ، فله‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « أنّه ». والمثبت هو الصحيح.

(٢) الوسيط ٤ : ٢٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩٢.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « تشبيه ».

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فليس » بدل « وليس ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٨٨ ، الوسيط ٤ : ٢٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩٢ ، المغني ٤ : ٤٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٢.

١١٣

أخذها ؛ لقولهعليه‌السلام : « مَنْ أدرك متاعه بعينه عند إنسان قد أفلس فهو أحقّ به »(١) .

ولأنّه مبيع وجده بعينه ، فكان للبائع الرجوعُ فيه ، كما لو وجد جميع المبيع.

وفي الرواية الأُخرى لأحمد : ليس له الرجوع ؛ لأنّه لم يجد المبيع بعينه ، أشبه ما لو كان عيناً واحدة وقد تعيّبت. ولأنّ بعض المبيع تالف ، فلم يملك الرجوع فيه ، كما لو قُطعت يد العبد(٢) .

والحكم في الأصل ممنوع ، وقد سبق ، وهذا كما لو بقي جميع المبيع وأراد البائع فسخ البيع في بعضه ، مُكّن منه ؛ لأنّه أنفع للغرماء من الفسخ في الكلّ ، فهو كما لو رجع الواهب في نصف ما وهب.

مسألة ٣٥٥ : إذا اختار فسخ البيع في الباقي وأخذه ، ضرب بقسط التالف من الثمن‌ ، ولا يجب عليه فسخ البيع وأخذ الباقي بجميع الثمن ؛ لأنّ الثمن يتقسّط على المبيع ، فكأنّه في الحقيقة بيعان بثمنين ، وهو أصحّ قولي الشافعي.

والثاني : أنّه يأخذ الباقي بجميع الثمن ، ولا يضارب بشي‌ء ، وطرّدوا هذا القول في كلّ مسألة تضاهي هذه المسألة حتى لو باع سيفاً وشقصاً بمائة ، يأخذ الشقص بجميع المائة على قولٍ(٣) . وهو بعيد.

هذا إذا تلف أحد العبدين ولم يقبض من الثمن شيئاً.

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ١٥٥ - ١٥٦ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٩٣ / ١٥٥٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٦٢ ، المغني ٤ : ٤٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٢.

(٢) المغني ٤ : ٤٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩٢.

١١٤

ولو باع عبدين متساويي القيمة بمائة وقبض خمسين وتلف أحدهما في يد المشتري ثمّ أفلس ، فإنّه يرجع في الباقي من العبدين ؛ لأنّ الإفلاس سبب يعود به جميع العين ، فجاز أن يعود بعضه(١) ، كالفرقة في النكاح قبل الدخول يردّ(٢) بها جميع الصداق إلى الزوج تارة وبعضه أُخرى.

ولاندراج صورة النزاع فيما رواه العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « إذا أفلس الرجل ووجد البائع سلعته بعينها فهو أحقّ بها من الغرماء »(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول أبي الحسنعليه‌السلام وقد سُئل عن رجل يركبه الدَّيْن فيوجد متاع رجل عنده بعينه ، قال : « لا يحاصّه الغرماء »(٤) .

وهو الجديد للشافعي.

وقال في القديم : ليس له الرجوعُ إلى العين ، بل يُضارب بباقي الثمن مع الغرماء ؛ لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيّما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض البائع من ثمنه شيئاً فوجده بعينه فهو أحقّ به ، وإن كان قد اقتضى(٥) من ثمنه شيئاً فهو أُسوة الغرماء »(٦) (٧) .

وهذا الحديث مرسل.

____________________

(١) الظاهر : « بعضها ».

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « يريد » بدل « يردّ ». والمثبت هو الصحيح.

(٣) سنن الدارقطني ٣ : ٣٠ / ١١٢ ، و ٤ : ٢٢٩ / ٩٠ ، سنن البيهقي ٦ : ٤٦ ، المصنّف - لعبد الرزّاق - ٨ : ٢٦٥ / ١٥١٦٢.

(٤) التهذيب ٦ : ١٩٣ / ٤٢٠ ، الاستبصار ٣ : ٨ / ١٩.

(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « اقبض » بدل « اقتضى ». والصحيح ما أثبتناه كما في « العزيز شرح الوجيز ».

(٦) سنن ابن ماجة ٣ : ٧٩٠ / ٢٣٥٩ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٦ - ٢٨٧ / ٣٥٢٠ ، ٣٥٢١ ، سنن البيهقي ٦ : ٤٧.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩٢.

١١٥

وعلى ما اخترناه يرجع في جميع العبد الباقي بجميع ما بقي من الثمن ، وبه قال الشافعي على قول الرجوع(١) .

وله فيما إذا أصدقها أربعين شاةً ، وحالَ عليها الحول فأخرجت شاةً ثمّ طلّقها قبل الدخول قولان :

أحدهما : أنّه يرجع بعشرين(٢) شاة.

والثاني : أنّه يأخذ نصفَ الموجود ، ونصفَ قيمة الشاة الـمُخرَجة(٣) .

واختلف أصحابه هنا على طريقين :

[ أحدهما : تخريج القول الثاني وطرد القولين هاهنا ](٤) :

أظهرهما : أنّه يأخذ جميع العبد الباقي بما بقي من الثمن ، ويجعل ما قبض من الثمن في مقابلة التالف ، كما لو رهن عبدين بمائة وأخذ خمسين وتلف أحد العبدين ، كان الآخَر مرهوناً بما بقي من الدَّيْن بجامع أنّ له التعلّق بكلّ العين ، فيثبت له التعلّق بالباقي من العين للباقي من الحقّ.

والثاني : أنّه يأخذ نصف العبد الباقي بنصف الباقي من الثمن ، ويُضارب الغرماءَ بنصفه ؛ لأنّ الثمن يتوزّع على المبيع ، فالمقبوض والباقي يتوزّع كلّ واحدٍ منهما على العبدين.

ولا بأس به عندي.

والطريق الثاني : القطع بأنّه يرجع في جميع العبد الباقي بما بقي من الثمن ، والفرق بينه وبين الصداق : أنّ الزوج إذا لم يرجع إلى عين الصداق ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩٢.

(٢) في المصدر : « بأربعين » بدل « بعشرين ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٤.

(٤) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر لأجل السياق.

١١٦

أخذ القيمة بتمامها ، والبائع هنا لا يأخذ الثمن ، بل يحتاج إلى المضاربة(١) .

مسألة ٣٥٦ : لو قبض بعض الثمن ولم يتلف من المبيع شي‌ء‌ ، احتُمل الرجوع في البعض بنسبة الباقي من الثمن ، فلو قبض نصف الثمن ، رجع في نصف العبد المبيع ، أو العبدين المبيعين ، وهو الجديد للشافعي.

وقال في القديم : لا يرجع(٢) . وقد سلف.

مسألة ٣٥٧ : لو كان المبيع زيتاً فأغلاه المشتري حتى ذهب بعضه ثمّ أفلس ، فهو بمثابة تلف بعض المبيع‌ ، كما لو انصبّ بعضه ، وهو أحد قولي الشافعي.

والثاني : أنّه كما لو تعيّب المبيع ، وكان الزائلُ صفةَ الثُّفْل(٣) .

فعلى الأوّل لو ذهب نصفه ، أخذه بنصف الثمن ، وضارَب مع الغرماء بالنصف ، فإن ذهب ثلثه ، أخذ بثلثي الثمن ، وضارَب بالثلث.

وعلى الثاني يرجع إليه ، و [ يقنع ](٤) به.

وإذا ذهب نصفه مثلاً ، فالوجه : أن يطّرد ذلك الوجه في إغلاء الغاصب الزيتَ المغصوب.

ولو كان مكان الزيت العصير ، فالوجه : المساواة بينه وبين الزيت هنا وفي الغاصب ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : الفرق بأنّ الذاهب من العصير ما لا ماليّة له ، والذاهب من‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٤ - ٤٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩٣.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ينتفع ». والصحيح ما أثبتناه.

١١٧

الزيت متموّل(١) .

ويُمنع عدم الماليّة ؛ لأنّه قبل الغليان مالٌ ، فقد أتلفه بالغليان.

وعلى القول بالتسوية بين العصير والزيت لو كان العصير المبيع أربعة أرطال قيمتها ثلاثة دراهم ، فأغلاها حتى عادت إلى ثلاثة أرطال ، رجع إلى الباقي ، ويُضارب بربع الثمن للذاهب(٢) ، ولا عبرة بنقصان قيمة المغليّ ، كما إذا عادت قيمته إلى درهمين.

وإن زادت قيمته بأن صارت أربعةً ، بني على أنّ الزيادة الحاصلة بالصنعة أثرٌ أو عينٌ؟

إن قلنا : إنّه أثر ، فإنّه للبائع بما زاد.

وإن قلنا : عينٌ ، قال بعض الشافعيّة : إنّه كالأوّل(٣) .

وعن بعضهم : أنّ المفلس يكون شريكاً بالدراهم الزائدة(٤) .

وإن بقيت القيمة ثلاثة كما كانت ، فيكون بقاؤها بحالها مع نقصان بعض العين ؛ لازدياد الباقي بالطبخ ، فإن جعلنا هذه الزيادة أثراً ، فاز البائع بها.

وإن جعلناها عيناً ، فكذلك عند بعض الشافعيّة(٥) .

وقال غيره : يكون المفلس شريكاً بثلاثة أرباع درهم ، فإنّ هذا القدر هو قسط الرطل الذاهب ، وهو الذي زاد بالطبخ في الباقي(٦) .

مسألة ٣٥٨ : لو كان المبيع داراً فانهدمت ولم يهلك شي‌ء من النقْض ، فقد أتلف(٧) صفة ، كعمى العبد ونحوه.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩٣.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الذاهب ». والظاهر ما أثبتناه.

(٣ - ٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩٣.

(٧) هكذا قوله : « فقد أتلف ». والظاهر أنّ بدلها : « فهو تلف » أو « فقد تلف ».

١١٨

ولو هلك بعضه باحتراقٍ وغيره ، فهو تلف عين.

وللشافعيّة خلاف هنا مبنيّ على تلف سقف الدار المبيعة قبل القبض أنّه كالتعيّب أو تلف أحد العبدين؟(١) .

مسألة ٣٥٩ : قد ذكرنا أنّه إذا نقصت ماليّة المبيع بذهاب صفة مع بقاء عينه‌ - كهزال العبد ، أو نسيانه صنعةً ، أو كبره ، أو مرضه ، أو تغيّر عقله ، أو كان ثوباً فخَلِق - لم يمنع الرجوع ؛ لأنّ فقد الصفة لا يُخرجه عن كونه عين ماله ، لكن يأخذ العين بتمام الثمن ، أو يترك ويضرب مع الغرماء بالثمن ؛ لأنّ الثمن لا يتقسّط على صفة السلعة من سمن أو هزال أو علمٍ فيصير كنقصه ؛ لتغيّر السعر.

ولو كان المبيع أمةً ثيّباً فوطئها المشتري ولم تحمل ، فله الرجوع ؛ لأنّها لم تنقص في ذات ولا صفة.

وإن كانت بكراً ، فكذلك عندنا وعند الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(٢) ؛ لأنّ الذاهب صفة ، لا عين ولا جزء عين.

وفي الأُخرى : لا يرجع ؛ لأنّه أذهب منها جزءاً ، فأشبه ما لو فقأ عينها(٣) . وعنده أنّ فوات الجزء مبطل للرجوع(٤) .

مسألة ٣٦٠ : لو كان المبيع عبداً فجرح ، كان له الرجوعُ فيه عندنا‌ وعند الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(٥) ؛ لأنّه فقد صفة ، فأشبه نسيان الصنعة وخلق الثوب.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩٣.

(٢ و ٣) المغني ٤ : ٤٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٨.

(٤) المغني ٤ : ٤٩٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١١.

(٥) المغني ٤ : ٥٠٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٩.

١١٩

وفي الأُخرى : لا يرجع ؛ لأنّه ذهب جزء ينقص به الثمن ، فأشبه ما لو فُقئت عين العبد. ولأنّه ذهب من العين جزء له بدل ، فمنع الرجوع ، كما لو قُطعت يد العبد. ولأنّه لو كان نقص صفةٍ ، لم يكن للبائع مع الرجوع بها شي‌ء سواه ، كما في هزال العبد ونسيان الصنعة ، وهنا بخلافه. ولأنّ الرجوع في المحلّ المنصوص عليه يقطع النزاع ، ويزيل المعاملة بينهما ، ولا يثبت في محلٍّ لا يحصل منه هذا المقصود(١) .

ونمنع ذهاب الجزء. سلّمنا ، لكن نمنع صلاحيّته للمنع من الرجوع في العين.

إذا عرفت أنّ له الرجوعَ في العين ، فليُنظر إلى الجرح ، فإن لم يكن له أرش - كالحاصل من فعله تعالى أو فعل بهيمة أو فعل المشتري أو جناية عبده أو جناية العبد على نفسه - فليس له مع الرجوع أرش.

وإن أوجب أرشاً - كجناية الأجنبيّ - فللبائع إذا رجع أن يضرب مع الغرماء بحصّة ما نقص من الثمن ، فينظر كم نقص من قيمته؟ فيرجع بقسط ذلك من الثمن ؛ لأنّه مضمون على المشتري للبائع بالثمن.

لا يقال : هلّا جعلتم له الأرش الذي وجب على الأجنبيّ؟

لأنّا نقول : لـمّا أتلفه الأجنبيّ صار مضموناً بإتلافه للمفلس ، وكان الأرش له ، وهو مضمون على المفلس للبائع بالثمن ، فلا يجوز أن يضمنه بالأرش ، وإذا لم يتلفه أجنبيّ ، فلم يكن مضموناً ، فلم يجب بفواته شي‌ء.

لا يقال : هلّا كان هذا الأرش للمشتري ككسبه لا يضمنه للبائع؟

لأنّا نقول : الكسب بدل منافعه ، ومنافعه مملوكة للمشتري بغير‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٥٠٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٩.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

٢٤٥١ - وروي عن نصر الخادم قال: " نظر العبد الصالح أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إلى سفرة عليها حلق صفر(١) فقال: انزعوا هذه واجعلوا مكانها حديدا فإنه لا يقرب شيئا مما فيها شئ من الهوام ".

باب السفر الذى يكره فيه اتخاذ السفرة

٢٤٥٢ - قال الصادق عليه السلام لبعض أصحابه: تأتون قبر أبي عبدالله صلوات الله عليه؟ فقال له: نعم، قال: تتخذون لذلك سفرة؟ قال: نعم، قال: أما لو أتيتم قبور آبائكم وامهاتكم لم تفعلوا ذلك، قال: قلت: فأي شئ نأكل؟ قال: الخبز باللبن(٢) ".

٢٤٥٣ - وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام: " بلغني أن قوما إذا زاروا الحسين عليه السلام حملوا معهم السفرة فيها الجداء والاخبصة(٣) وأشباهه، لو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا معهم هذا ".

باب الزاد في السفر

٢٤٥٤ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفر(٤) ".

___________________________________

(١) الحلق كعنب حلقة والحديد يدفع الهوام.

(٢) يدل على استحباب ترك المطاعم الجيدة في سفر زيادة أبى عبدالله الحسين عليه السلام واستشعار الحزن فيه، والخبر رواه ابن قولويه في كامل الزيارات ص ١٢٩ مسندا.

(٣) الجداء: الجدى المشوى، وفى الكامل " الحلاوة "، والخبيص حلواء من التمر.

(٤) رواه الكلينى ج ٨ ص ٣٠٣ تحت رقم ٤٦٧ عن على، عن أبيه، عن النوفلى، عن السكونى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث " وشرف الرجل: مجده وأصالته.

٢٨١

٢٤٥٥ - و " كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا سافر إلى مكة للحج أو العمرة تزود من أطيب الزاد من اللوز والسكر، والسويق المحمض والمحلى ".

٢٤٥٦ - وروي أنه " قام أبوذر - رحمة الله عليه - عند الكعبة فقال: أنا جندب ابن السكن، فاكتنفه الناس فقال: لو أن أحدكم أراد سفرا لاتخذ فيه من الزاد ما يصلحه لسفره، فتزودوا لسفر يوم القيامة، أما تريدون فيه ما يصلحكم؟ فاقم إليه رجل فقال: أرشدنا، فقال: صم يوما شديد الحر للنشور، وحج حجة لعظائم الامور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، كلمة خير تقولها، وكلمة شر تسكت عنها، أو صدقة منك على مسكين لعلك تنجو بها يا مسكين من يوم عسير، اجعل الدنيا درهمين درهما قد أنفقته على عيالك ودرهما قدمته لآخرتك، والثالث يضر ولا ينفع لا ترده، اجعل الدنيا كلمتين كلمة في طلب الحلال وكلمة للآخرة، والثالثة تضر ولا تنفع لا تردها، ثم قال: قتلني هم يوم لا ادركه ".

٢٤٥٧ - وقال لقمان لابنه: " يا بني إت الدنيا بحر عميق، وقد هلك فيها عالم كثير، فإجعل سفينتك فيها الايمان بالله، واجعل شراعها التوكل على الله(١) واجعل زادك فيها تقوى الله عزوجل، فإن نجوت فبرحمة الله، وإن هلكت فبذنوبك ".

باب حمل الآلات والسلاح في السفر

٢٤٥٨ - روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " في وصية لقمان لابنه: يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وحبالك(٢)

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ١ ص ١٦ في حديث طويل عن هشام بن الحكم، عن موسى بن جعفر عليهما السلام مع اختلاف وفيه " فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وحوشها الايمان، وشراعها التوكل " والشراع ككتاب ما يقال له بالفارسية بادبان.

(٢) الحبال: الرسن.

ورواه الكلينى في الروضة ص ٣٠٣ تحت رقم ٤٦٦، وفيه " وخبائك " والخباء: الخيمة.

٢٨٢

وسقائك وخيوطك ومخرزك(١) وتزود معك من الادوية ما تنتفع به أنت ومن معك، وكن لاصحابك موافقا إلا في معصية الله عزوجل - وزاد فيه بعضهم: وفرسك -(٢) ".

باب الخيل وارتباطها وأول من ركبها

٢٤٥٩ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة(٣) والمنفق عليها في سبيل الله عزوجل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها "(٤) .

فإذا أعددت شيئا فأعده أقرح أرثم محجل الثلاثة، طلق اليمين، كميتا ثم أغر تسلم وتغنم(٥) .

___________________________________

(١) في الكافى " وسقائك وأبرتك وخيوطك " والمخرز ما يخرز به الخف والجراب والسقاء وما كان من الجلود.

(٢) في بعض النسخ " وقوسك " كما في المحاسن ص ٣٦٠. ولعله الاصوب.

(٣) إلى هنا رواه الكلينى ج ٥ ص ٤٨ في الصحيح وكذا البرقى في المحاسن ص ٦٣١ وفيهما " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة " وهكذا رواه أحمد والبخارى ومسلم والنسائى وابن ماجة.

(٤) رواه أبوداود السجستانى باسناده عن سهل بن الربيع بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وآله، ورواه الطبرانى في الاوسط على ما في الجامع الصغير عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وآله هكذا " الخير معقود بنواصى الخيل إلى يوم القيامة، والمنفق على الخيل كالباسط كفه بالنفقة لا يقبضها ".

(٥) روى ابن حبان في صحيحة عن عقبة بن عامر وأبى قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله " خير الخيل الادهم الاقرح الارثم المحجل طلق اليد اليمنى، قال يزيد بن أبى حبيب: فان لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية " وروى الحاكم في المستدرك عن عقبة عن النبى صلى الله عليه وآله قال: " إذا أردت أن تغزو فاشتر فرسا أغر محجلا مطلق اليمنى فانك تغنم وتسلم " ونحوه في المحاسن ص ٤٣١.

والاقرح هو الفرس يكون في وسط جبهته قرحه بالضم وهى بياض يسير، والارثم بفتح الهمزة والثاء المثلثة المفتوحة هو الفرس الذى أنفه وشفته العليا أبيض، والمحجل هو الذى يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الارساغ ولا يجاوز الركبتين لانهما مواضع الاحجال وهى الخلاخيل والقيود ولا يكون التحجيل باليد واليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان (النهاية) وطلق اليمين بفتح الطاء وسكون اللام وبضمها أيضا إذا لم يكن بها تحجيل.

والكميت بضم الكاف وفتح الميم هو الفرس الاحمر أو الذى ليس بالاشقر ولا الادهم بل يخالط حمرته سواد، والشية بكسر الشين المعجمة وفتح الياء مخففة هو كل لون في الحيوان يكون معظم لونها على خلافه.

وقوله " محجل الثلاثة " أى يكون يده اليسرى ورجلاه بيضاء أو يكون فيها بياض.

والاغر ما يكون في جبهته بياض.

٢٨٣

٢٤٦٠ - وروى بكر بن صالح، عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام قال: " سمعته يقول: الخيل على كل منخر منها شيطان، فإذا أراد أحدكم أن يلجمها فليسم "(١) .

٢٤٦١ - قال: وسمعته يقول: " من ربط فرسا عتيقا محيت عنه عشر سيئات(٢) وكتبت له إحدى عشرة حسنة في كل يوم، ومن ارتبط هجينا(٣) محيت عنه في كل يوم سيئتان وكتبت له تسع حسنات في كل يوم، ومن ارتبط بزذونا(٤) يريد به جمالا أو قضاء حاجة أو دفع عدو محيت عنه في كل يوم سيئة وكتبت له ست حسنات.(٥) ومن(٦) ارتبط فرسا

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٦ ص ٥٣٩ من يعقوب بن جعفر عنه عليه السلام وفيه " فليسم الله عزوجل "، وهكذا في المحاسن.

(٢) في المحاسن والكافى ج ٥ ص ٤٨ " ثلاث سيئات ".

والعتيق هو الذى أبواه عربيان وفرس عتيق ككريم وزنا ومعنى.

(٣) الهجين هو الذى أبوه عربى وامه أمة غير محصنة، ومن الخيل: الذى ولدته برذونة من حصان عربى.

(٤) البرذون بالكسر ما لم يكن شئ من أبويه عربيا، والتركى من الخيل. (راجع الصحاح والنهاية)

(٥) إلى هنا في الكافى ج ٥ ص ٤٨ والمحاسن ص ٦٣١ وثواب الاعمال ص ٢٢٦ عن يعقوب بن جعفر بن ابراهيم الجعفرى عن أبى الحسن عليه السلام.

(٦) من هنا في المحاسن ص ٦٣١ وثواب الاعمال من حديث بكر بن صالح عن سليمان بن جعفر الجعفرى.

٢٨٤

أشقر أغر أو أقرح - فإن كان أغر سائل الغرة به وضح في قوائمه(١) فهو أحب إلي - لم يدخل بيته فقر ما دام ذاك الفرس فيه، وما دام في ملك صاحبه لا يدخل بيته حيف "(٢) .

٢٤٦٢ - قال(٣) : وسمعته يقول: " أهدى أمير المؤمنين عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله أربعة أفراس من اليمن فأتاه فقال: يا رسول الله أهديت لك أربعة أفراس، قال: صفها(٤) قال: هي ألوان مختلفة، قال: فيها وضح؟ قال: نعم، قال: فيها شقر به وضح؟ قال: نعم، قال: فأمسكه لي، وقال: فيها كميتان أو ضحان، قال: أعطهما ابنيك، قال: والرابع أدهم بهيم(٥) قال: بعه واستخلف قيمته لعيالك، إنما يمن الهيل في ذوات الاوضاح ".

٢٤٦٣ - قال(٣) : وسمعته يقول: " من خرج من منزله أو منزل غير منزله في أول الغداة فلقي فرسا أشقر به أوضاح بورك له في يومه، وإن كانت به غرة سائلة فهو العيش، ولم يلق في يومه ذلك إلا سرورا، وقضي الله عزوجل حاجته(٦) ".

___________________________________

(١) الشقرة: حمرة صافية في الخيل وهى لون يأخذ من الاحمر والاصفر وهو أشقر وقد قيل: الاشقر: شديدة الحمرة، والغرة: بياض في جبهة الفرس وهو أغر، وتقدم بيان الاقرح من أنه الذى يكون في جبهته قرحة وهى بياض بقدر الدرهم أو دونه، والوضح: الضوء والبياض، يقال: بالفرس وضح إذا كان في قوائمه كلها بياض، وقد يكون به البرص.

(٢) كذا في المحاسن وفى بعض النسخ " حيق " والحيق ما يشمل الانسان من المكروه لكن في ثواب الاعمال " لا يدخل في بيته حنق ".

والظاهر أن كل ما ذكره من فضائل ارتباط الفرس العتيق والهجين والبرذون والاشقر وجده في كتاب سليمان بن جعفر الجعفرى أو غيره متفرقا فذكره هنا مجتمعا أو كان فيه مجتمعا ونقله البرقى والكلينى متفرقا في تضاعيف الابواب.

(٣) يعنى سليمان قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام.

(٤) في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ والمحاسن " فقال: سمها لى ".

(٥) البهيم من الدواب المصمت منها وهو الذى لا يخالط لونه لون غيره والجمع بهم.

(٦) رواه هكذا البرقى في المحاسن والمؤلف نحوه في ثواب الاعمال عن سليمان عن أبى جعفر الباقر عليه السلام والظاهر أنه تصحيف لان سليمان لم يدرك الباقر عليه السلام.

ويحتمل التعدد، أو رواه سليمان مرسلا ويؤيده اختلاف الالفاظ.

٢٨٥

٢٤٦٤ - وقال الصادق عليه السلام: " كانت الخيل وحوشا في بلاد العرب، وصعد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام على أبي قبيس فناديا: ألا هلا ألا هلم، فما بقي فرس إلا أعطى بقياده وأمكن من ناصيته(١) ".

باب حق الدابة على صاحبها

٢٤٦٥ - روى إسماعيل بن أبي زياد(٢) باسناده قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: للدابة على صاحبها خصال: يبدا بعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماء إذا مر به، ولا يضرب وجهها فانها تسبح بحمد ربها، ولا يقف على ظهرها الا في سبيل الله عزوجل، ولا يحملها فوق طاقتها، ولا يكلفها من المشي إلا ما تطيق ".

٢٤٦٦ - وسأل رجل أبا عبدالله عليه السلام " متى أضرب دابتي تحتي؟ قال: إذا لم تمش تحتك كمشيها إلى مذودها(٣) ".

٢٤٦٧ - وروي أنه قال: " اضربوها على العثار، ولا تضربوها على النفار فانها ترى ما لا ترون(٤) ".

٢٤٦٨ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا عثرت الدابة تحت الرجل فقال لها:

___________________________________

(١) رواه البرقى في المحاسن ص ٦٣٠ بسند مرفوع عن أبى عبدالله عليه السلام

(٢) يعنى السكونى، ورواه الكلينى ج ٦ ص ٥٢٧ بتقديم وتأخير.

(٣) المذود بالذال أخت الدال كمنبر: معتلف الدابة.

(٤) في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ باسناده عن مسمع بن عبدالملك عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اضربوها على النفار ولا تضربوها على العثار " و رواه أيضا مرسلا في خبر آخر أيضا، وقال العلامة المجلسى رحمه الله: " لعل ما في الكافى أوفق وأظهر " والتعليل لا يلائمه.

وفى المحاسن كما في الكافى.

٢٨٦

تعست، تقول: تعس أعصانا للرب(١) ".

٢٤٦٩ - وقال علي عليه السلام " في الدواب: لا تضربوا الوجوه ولا تلعنوها فإن الله عزوجل لعن لاعنها(٢) " وفي خبر آخر: " لا تقبحوا الوجوه ".

٢٤٧٠ - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إن الدواب إذا لعنت لزمتها اللعنة(٣) ".

٢٤٧١ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تتوركوا على الدواب ولا تتخذوا ظهورها مجالس(٤) ".

___________________________________

(١) تعس يتعس إذا عثر وانكب بوجهه وقد يفتح العين وهو دعاء عليه بالهلاك (النهاية) وقال العلامة المجلسى في المرآة: لعل المراد بالرب المالك.

في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ رواه عن العدة عن سهل عن جعفر بن محمد بن يسار عن الدهقان عن درست عن أبى عبدالله عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله.

(٢) روى البرقى ص ٦٣٣ باسناده عن محمد بن مسلم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: " لا ضربوا الدواب على وجوهها فانها تسبح بحمد ربها ".

وفى حديث آخر " لا تسموها في وجوهها " وهكذا مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨.

ويحتمل التعدد، ويؤيده الخبر الآتى.

وقال المولى المجلسى قوله " ولا تقبحوا الوجوه " أى الدواب أو وجوهها بالكى ونحوه.

وقال الفاضل التفرشى: الوجوه في " لا تضربوا الوجوه " بدل الضمير بدل البعض، ويمكن أن يراد بتقبيح الوجه ضربه فان الضرب قد تقبحه، وقال سلطان العلماء: لا تقبحوا الوجوه بالاحراق بالكى وغيره، ويحتمل أن يكون المراد لا تقولوا: قبح الله وجهك.

ويحتمل أن يكون المراد لا تضربوا وجوهها ضربا مؤثرا.

(٣) لعل المراد انه يلزم عليها أن تلعن لاعنيها، أو تصير ملعونا، أو تصير سبب هلاكها وتضروا.

(٤) رواه الكلينى ج ٦ ص ٥٣٥ باسناده عن عمرو بن جميع عن أبى عبدالله عليه السلام عن النبى صلى الله عليه وآله.

والمراد الجلوس عليها على أحد الوركين فانه يضربها ويصير سببا لدبرها، أو المراد رفع احدى الرجلين ووضعها فوق السرج للاستراحة، قال الفيروزآبادي تورك على الدابة ثنى رجليه لينزل أو ليستريح، وقال الجوهرى: تورك على الدابة أى ثنى رجله ووضع احدى وركيه في السرج (المرآة) وفى بعض نسخ الكافى " لا تتوكؤوا ".

و قوله " لا تتخذوا ظهورها مجالس " أى بان تقفوا عليها للصحبة بل انزلوا وتكلموا الا ان يكون يسيرا. (م ت)

٢٨٧

٢٤٧٢ - وقال الباقر عليه السلام: " لكل شئ حرمة وحرمة البهائم في وجوهها(١) ".

باب ما لم تبهم عنه البهائم

٢٤٧٣ - روى علي بن رئاب، عن أبي حمزة عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه كان يقول: " ما بهمت البهائم عنه فلم تبهم عن أربعة: معرفتها بالرب تبارك وتعالى، و معرفتها بالموت(٢) ، ومعرفتها بالاثني من الذكر، ومعرفتها بالمرعى الخصب ".

٢٤٧٤ - وأما الخبر الذي روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لو عرفت البهائم من الموت ما تعرفون ما أكلتم منها سمينا قط " فليس بخلاف هذا الخبر لانها تعرف الموت لكنها لا تعرف منه ما تعرفون.

باب ثواب النفقة على الخيل

٢٤٧٥ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله " في قول الله عزوجل: الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " قال: نزلت في النفقة على الخيل ".

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: هذه الآية روي أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وكان سبب نزولها أنه كان معه أربعة دراهم فتصدق بدهم منها بالليل وبدرهم منها بالنهار، ودرهم في السر، وبدرهم في العلانية فنزلت فيه هذه الآية(٣) .

والآية إذا نزلت في شئ فهي منزلة في كل ما يجري فيه، فالاعتقاد في تفسيرها أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وجرت في النفقة على الخيل وأشباه ذلك(٤) .

__________________________________

(١) الخبر في الكافى والمحاسن عن أبى عبدالله عليه السلام مسندا.

(٢) الظاهر أنها تعرف الموت ولا تعرف ما بعدها لانه ليس لها عذاب كما كان لبنى آدم.

(٣) رواه ابن المغازلى وموفق بن أحمد والمفيد في الاختصاص والعياشى.

(٤) لعموم الاية وخصوص السبب لا يخصص العموم كما في كثير من الايات، ويمكن أن يكون صدقته عليه السلام على الخيل المربوطة للجهاد. (م ت)

٢٨٨

باب علة الرقعتين في باطن يدى الدابة

٢٤٧٦ - روى حماد بن عثمان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " جعلت فداك نرى الدواب في بطون أيديها مثل الرقعتين(١) في باطن يديها مثل الكي(٢) فأي شئ هو؟ قال: ذلك موضع منخريه في بطن امه ".

باب حسن القيام على الدواب

٢٤٧٧ - روي عن أبي ذر - رحمة الله عليه - أنه قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الدابة تقول: اللهم ارزقني مليك صدق يشبعني ويسقيني ولا يحملني مالا اطيق(٣) ".

٢٤٧٨ - وقال الصادق عليه السلام: " ما اشترى أحد دابة إلا قالت: اللهم اجعله بي رحيما "(٤) .

٢٤٧٩ - وروى عنه عبدالله بن سنان أنه قال: " اتخذوا الدابة فإنها زين وتقضى عليها الحوائج، ورزقها على الله عزوجل ".

٢٤٨٠ - وروى السكوني باسناده(٥) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك

___________________________________

(١) الرقعة بالضم مأخوذ من الرقعة التى ترقع به الثوب.(مراد)

(٢) الكى احراق قطعة من الجلد بحديدة محماة ويقال له بالفارسية " داغ ".

(٣) مروى نحوه في المحاسن ورواه الكلينى بلفظ آخر مسندا عن الصادق عليه السلام في ج ٦ ص ٥٣٧.

(٤) في المحاسن ص ٦٢٦ مسندا عن على بن جعفر عن أبى ابراهيم عليه السلام قال: " ما من دابة يريد صاحبها أن يركبها الا قالت: " اللهم اجعله بى رحيما ".

(٥) يعنى عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه وآله.

٢٨٩

وتعالى يحب الرفق ويعين عليه، فإذا ركبتم الدواب العجاف(١) فأنزلوها منازلها فإن كانت الارض مجدبة فانجوا(٢) عليها، وإن كانت مخصبة فأنزلوها منازلها ".

٢٤٨١ - وقال علي صلوات الله عليه(٣) : " من سافر منكم بدابة فيبدأ حين ينزل بعلفها وسقيها ".

٢٤٢٨ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " إذا سرت في أرض خصبة فارفق بالسير، وإذا سرت في أرض مجدبة فعجل بالسير ".

باب ما جاء في الابل

٢٤٨٣ - قال الصادق عليه السلام: " إياكم والابل الحمر، فإنها أقصر الابل أعمارا(٤) ".

٢٤٨٤ - وقال عليه السلام: " إن على ذروة كل بعير شيطان فأشبعه وامتهنه(٥) ".

٢٤٨٥ - وقال أبوعبدالله عليه السلام: " اشتروا السود القباح فإنها أطول الابل أعمارا(٦) ".

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الابل عز لاهلها(٧) ".

___________________________________

(١) العجف بالتحريك: الهزال، والاعجف المهزول، والعجفاء الانثى والجمع عجاف على غير قياس لان فعلاء لا يجمع على فعال. (الصحاح)

(٢) أى أسرعوا، ونجوت أى أسرعت وسبقت.

(٣) مروى في المحاسن ص ٣٦١ مسندا.

(٤) مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٤٣ عن ابن أبى يعفور عن أبى جعفر عليه السلام.

(٥) أى استعمله وذلله واستفد منه.

(٦) مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٤٣ في ذيل حديث رواه عن صفوان الجمال عن أبى عبدالله عليه السلام وقال فيه: " اشتر لى جملا وخذه أشوه الخ ".

وفى المحاسن في حديث رواه أيضا عن أبى عبدالله عليه السلام.

(٧) رواه البرقى ص ٦٣٥ باسناده عن عمر بن أبان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله.

٢٩٠

٢٤٨٧ - و " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتخطى القطار(١) قيل: يا رسول الله ولم؟ قال: لانه ليس من قطار إلا وما بين البعير إلى البعير شيطان ".

٢٤٨٨ - و " سئل النبي صلى الله عليه وآله أي المال خير؟ قال: زرع زرعه صاحبه وأصلحه وأدى حقه يوم حصاده، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد الزرع خير؟ قال: رجل في غنمه قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد الغنم خير؟ قال: البقر تغدو بخير وتروح بخير(٢) قيل: يا رسول الله فأي المال بعد البقر خير؟ فقال: الراسيات في الوحل، المطعمات في المحل(٣) نعم الشئ النخل من باعه فإنما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهقة(٤) اشتدت به الريح في يوم عاصف إلا أن يخلف مكانها، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد النخل خير؟ فسكت فقال له رجل: فأين الابل؟ قال: فيها الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار، تغدو مدبرة وتروح مدبرة(٥) لا يأتي خيرها إلا من جانبها الاشام، أما إنها لا تعدم الاشقياء الفجرة(٦) ".

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: معنى قوله صلى الله عليه وآله: " لا يأتي خيرها إلا من جانبها الاشأم " هو أنها لا تحلب ولا تركب إلا من الجانب الايسر(٧) .

___________________________________

(١) أى التجاوز من بينهم. الخبر رواه البرقى بسند فيه ارسال.

(٢) أى تحلب منها اللبن في الغداة أى أول اليوم والرواح أى آخره. (م ت)

(٣) أى الثابتات أرجلها في الطين والمطعمات في أيام الجدب والقحط فانها صابرة العطش، والمراد النخل كما صرح به.

(٤) الشاهقة: الجبل الراسخ والعالى.

(٥) أى أن الادبار والنحوسة لا ينفك عنها في وقت من الاوقات.(مراد)

(٦) جواب لسؤال مقدر كأنه قيل: إذا كان كذلك فمن مربيها قال عليه السلام أما انها لا تعدم الاشقياء الفجرة وهم الجمالون كما هو المسموع والمشهود، وفى الخصال " انهم الظلمة ".

(٧) يحتمل أن يكون جانبها الايسر كناية عن عدم اليمن وقلة الخير والبركة. (سلطان)

٢٩١

٢٤٨٩ - وقال عليه السلام: " في الغنم إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أقبلت(١) ، والبقر إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أدبرت، والابل، إذا أقبلت أدبرت وأذا أدبرت أدبرت ".

باب ما يجب من العدل على الجمل وترك ضربه واجتناب ظلمه

٢٤٩٠ - روى السكوني باسناده " أن النبي صلى الله عليه وآله أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها، فقال: أين صاحبها، مروه فليستعد غدا للخصومة "(٢) .

٢٤٩١ - وفي خبر آخر قال النبي صلى الله عليه وآله: " أخروا الاحمال فإن اليدين معلقة، والرجلين موثقة ".

٢٤٩٢ - وروى ابن فضال، عن حماد اللحام قال: " مر قطار لابي عبدالله عليه السلام فرأى زاملة(٣) قد مالت، فقال: يا غلام اعدل على هذا الحمل، فإن الله تعالى يحب العدل ".

٢٤٩٣ - وروى أيوب بن أعين قال: " سمعت الوليد بن صبيح يقول لابي عبدالله عليه السلام: إن أبا حنيفة(٤) رأى هلال ذي الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة،

___________________________________

(١) أى إذا أقبلت بالنتاج فهو وإذا أدبرت يعنى بالموت يذبحها صاحبها وينتفع من لحمها وجلدها، أما البقر فوسط، وأما الابل فاقبالها ادبارها لانه إذا حصل له بعض النتاج أو النفع أنفق لها صاحبها أزيد من نتاجها.

(٢) يعنى يوم القيامة لان عقال الناقة وعليها حملها ظلم عليها فاذا كان يوم القيامة تخاصم صاحبه بين يدى الجبار وتقول: ما ذنبى حتى ظلمتنى فينتصف الله سبحانه منك لها.

(٣) الزاملة المحمل وبعير يحمل الطعام والمتاع، وميل الحمل إلى جانب سبب لدبر الدابة.

(٤) هو سعيد بن بيان سابق الحاج الهمدانى ومع أنه ثقة يذم فعله، وقيل انه كان يذهب بجماعة إلى الحج في نهاية السرعة وذهب بهم في هذا الخبر من القادسية التى كانت قريبة من النجف إلى عرفات في ثمانية أيام وشئ.

وروى العياشى عن أبى عبدالله عليه السلام قال:

" أتى قنبر أمير المؤمنين عليه السلام فقال: هذا سابق الحاج، فقال: لا قرب الله داره هذا خاسر الحاج يتعب البهيمة، وينقر الصلاة، اخرج اليه فاطرده ".

٢٩٢

فقال: ما لهذا صلاة، ما لهذا صلاة "(١) .

٢٤٩٤ - و " حج علي بن الحسين عليهما السلام على ناقة له أربعين حجة فما قرعها بسوط "(٢) .

٢٤٩٥ - وقال الصادق عليه السلام: " أي بعير حج عليه ثلاث سنين يجعل من نعم الجنة " وروى " سبع سنين "(٣) .

باب ما جاء في ركوب العقب  (٤)

٢٤٩٦ - روى علي بن رئاب، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعقبون بعيرا بينهم وهم منطلقون إلى بدر ".

باب ثواب من أعان مؤمنا مسافرا

٢٤٩٧ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أعان مؤمنا مسافرا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة، وأجاره في الدنيا والآخرة من الغم والهم، ونفس عنه كربه العظيم يوم يغص الناس بأنفاسهم " وفي خبر آخر " حيث يتشاغل الناس بأنفاسهم ".

___________________________________

(١) لانه لا يمكن الصلاة مع هذه الحركة الا بالايماء واحداث هذه الضرورة اختيارى لامكان الخروج قبله بايام فمعنى نفى الصلاة عدم اتيانها على وجهها لاشتغاله بالسير والسرعة.

(٢) روى البرقى بسندين صحيحين عن عبدالله بن سنان نحوه في أحدهما " ولقد بركت به في سنة من سنواته فما قرعها بسوط ".

(٣) تقدم تحت رقم ٢٢٠٧ ونحوه مروى في المحاسن ص ٦٣٥.

(٤) أى الركوب بالنوبة.

٢٩٣

باب المروء‌ة في السفر

٢٤٩٨ - تذاكر الناس عند الصادق عليه السلام أمر الفتوة فقال: " تظنون أمر الفتوة بالفسق والفجور إنما الفتوة والمروء‌ة طعام موضوع، ونائل مبذول بشئ معروف، وأذى مكفوف فأما تلك فشطارة وفسق، ثم قال: ما المروء‌ة؟ فقال الناس: لا نعلم، قال: المروء‌ة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره، والمروء‌ة مروء‌تان مروء‌ة في الحضر ومروء‌ة في السفر، فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن ولزوم المساجد والمشي مع الاخوان في الحوائج(١) والنعمة ترى على الخادم أنها تسر الصديق وتكبت العدو، وأما التي في السفر فكثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك وكتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك إياهم وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عزوجل، ثم قال عليه السلام: والذي بعث جدي صلوات الله عليه وآله بالحق نبيا إن الله عزوجل ليرزق العبد على قدر المروء‌ة وإن المعونة تنزل على قدر المؤونة، وإن الصبر ينزل على قدر شدة البلاء ".

باب ارتياد المنازل والامكنة التي يكره النزول فيها

٢٤٩٩ - روى السكوني باسناده(٢) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إياكم والتعريس(٣) على ظهر الطريق وبطون الاودية فإنها مدارج السباع ومأوى الحيات ".

٢٥٠٠ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من نزل منزلا يتخوف فيه السبع فقال: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على

___________________________________

(١) راجع معانى الاخبار ص ٢٥٨ روى نحوه مسندا.

(٢) يعنى عن أبى عبدالله عن آبائه عن على عليهم السلام.

(٣) التعريس: نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة.

٢٩٤

كل شئ قدير، اللهم إني أعوذ بك من شر كل سبع " إلا أمن(١) من شر ذلك السبع حتى يرحل من ذلك المنزل إن شاء الله تعالى ".

باب المشى في السفر

٢٥٠١ - روى منذر بن جيفر(٢) ، عن يحيى بن طلحة النهدي قال: قال لنا أبوعبدالله عليه السلام: " سيروا وانسلوا فإنه أخف عليكم "(٣) .

٢٥٠٢ - وروي " أن قوما مشاة أدركهم رسول الله صلى الله عليه وآله فشكوا إليه شدة المشي، فقال لهم: استعينوا بالنسل "(٤) .

٢٥٠٣ - وسأل معاوية بن عمار أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل عليه دين أعليه أن يحج؟ قال: نعم إن حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين، ولقد كان أكثر من حج مع رسول الله صلى الله عليه وآله مشاة، ولقد مر رسول الله صلى الله عليه وآله بكراع الغميم(٥) فشكوا إليه الجهد والطاقة والاعياء، فقال: شدوا أزركم واستبطنوا، ففعلوا [ذلك] فذهب ذلك عنهم ".

٢٥٠٤ - وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قلت له: قول الله عزوجل: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " قال: يخرج يمشي إن لم يكن عنده [شئ] قلت: لا يقدر على المشي؟ قال: يمشي

___________________________________

(١) أى لا يتم هذه الكلمات الا أمن، أو لا يدعوا بها الا أمن.

(٢) منذر بن جيفر بن حكيم العبدى عربى صميم له كتاب وجيفر اختلف فيه و الاصح بتقديم الياء على الفاء.

وطريق الصدوق اليه فيه ابراهيم بن هاشم وهو حسن كالصحيح.

(٣) نسل ينسل نسلا ونسلانا في المشى أى أسرع.

(٤) في النهاية وفى رواية " شكوا اليه الاعياء فقال: عليكم بالنسلان " أى الاسراع في المشى.

(٥) كراع الغميم موضع بين مكة والمدينة وهو واد أمام عسفان، والكراع جانب مستطيل من الحرة تشبيها بالكراع وهو ما دون الركبة من الساق.

٢٩٥

ويركب، قلت: لا يقدر على ذلك، قال: يخدم القوم ويخرج معهم "(١) .

باب آداب المسافر

٢٥٠٥ - روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وامورهم، وأكثر التبسم في وجوههم، وكن كريما على زادك بينهم، وإذا دعوك فأجبهم وإذا استعانوا بك فأعنهم، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك

___________________________________

(١) هذا الحديث ليس بمعمول به عند الفقهاء وقد حملوه على التقية أو الاستحباب و في المدارك ص ٣١٨ " أجمع العلماء كافة أن الاستطاعة شرط في الحج قال الله تعالى " ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا " وقال عزوجل " لا يكلف الله نفسا الا وسعها " قال في المنتهى وقد اتفق علماء‌نا على أن الزاد والراحلة شرطان في الوجوب فمن فقدهما أو أحدهما مع بعد مسافته لم يجب عليه الحج وان تمكن من المشى، ويدل على اعتبارهما مضافا إلى عدم تحقق الاستطاعة عرفا بدونهما غالبا صحيحة محمد بن يحيى الخثعمى قال: " سأل حفص الكناسى أبا عبدالله (ع) وأنا عنده عن قول الله عزوجل " ولله على الناس الاية " ما يعنى بذلك؟ قال: من كان صحيحا في بدنه، مخلى سربه، له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج " وصحيحة محمد بن مسلم قال: " قلت لابى جعفر عليه السلام قوله تعالى " ولله على الناس إلى قوله اليه سبيلا " قال: يكون له ما يحج به، قلت: فان عرض عليه الحج فاستحيى؟ قال: هو ممن يستطيع ولم يستحيى ولو على حمار أجدع أبتر، فان كان يستطيع أن يمشى راجلا بعضا ويركب بعضا فليفعل " قال في المنتهى: انما يشترط الزاد والراحلة في حق المحتاج اليهما لبعد مسافته أما القريب إلى مكة فلا يعتبر في حقه وجود الراحلة إذا لم يكن محتاجا اليها.

وهو جيد لكن في تحديد القرب الموجب لذلك خفاء والرجوع إلى اعتبار المشقة وعدمها جيد الا أن اللازم منه عدم اعتبار الراحلة في حق البعيد أيضا إذا تمكن من المشى من غير مشقة شديدة ولا نعلم به قائلا.

(٢) في المحاسن " عن حماد بن عثمان " وفى الكافى " عن حماد " بدون ذكر الاب وعلى أى حال هما ثقتان.

٢٩٦

من دابة أو ماء أو زاد، وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك، فان من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الامانة، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، وإذا رأيتهم يعلمون فاعمل، وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فأعط معهم واسمع لمن هو أكبر منك سنا، وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا، فقل: نعم، ولا تقل: لا، فإن " لا " عي(١) ولؤم وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتؤامروا، وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه فان الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله أن يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا مالا أرى.

فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ، صلها واسترح منها فإنها دين، وصل في جماعة ولو على رأس زج(٢) ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها(٣) وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل(٤) ، وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك، وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الارض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا، فإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس، وإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الارض، وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الارض التي حللت بها وسلم عليها وعلى اهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتصدق منه فافعل.

___________________________________

(١) بكسر العين أى جهل وبفتحها أى عجز. (م ت)

(٢) الزج بالضم: الرمح والحديدة التى في أسفل الرمح، وذلك يكون للمبالغة.

(٣) الدبر بالتحريك: جراحة على ظهر الدابة.

(٤) لاسترخاء المفاصل أى إذا لم يمدد يسترخى المفاصل.

٢٩٧

وعليك(١) بقراء‌ة كتاب الله عزوجل ما دمت راكبا، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا [عملا] وعليك بالدعاء ما دمت خاليا، وإياك والسير من أول الليل وسر في آخره، وإياك ورفع الصوت في مسيرك".

باب دعاء الضال عن الطريق

٢٥٠٦ - روى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا ضللت عن الطريق فناد " يا صالح - أو يا أبا صالح - أرشدونا إلى طريق يرحمكم الله ".

٢٥٠٧ - وروي " أن البر موكل به صالح، والبحر موكل به حمزة "(٢) .

باب القول عند نزول المنزل

٢٥٠٨ - قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: " يا علي إذا نزلت منزلا فقل: " اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين " ترزق خيره ويدفع عنك شره ".

باب القول عند دخول مدينة أو قرية

٢٥٠٩ - كان في وصية رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: " يا علي إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها: " اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها، اللهم

_____________________________

(١) احتمل بعض الاعلام أن من هنا إلى آخر الحديث من قول الصادق عليه السلام جعله عليه السلام متمما لوصية لقمان حيث انه كان في نسخته " وعليك بقراء‌ة القرآن " مكان " عليك بقراء‌ة كتاب الله " كما صرح هو بذلك.

(٢) المشهور أن الموكل بالبر الخضر وبالبحر الياس عليهما السلام. (م ت)

٢٩٨

حببنا إلى أهلها، وحبب صالحي أهلها إلينا "(١) .

باب الموت في الغربة

٢٥١٠ - روى الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي،(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " ما من مؤمن يموت في أرض غربة تغيب عنه فيها بواكيه إلا بكته بقاع الارض التي كان يعبد الله عزوجل عليها، وبكته أثوابه، وبكته أبواب السماء التي كان يصعد فيها عمله، وبكاه الملكان الموكلان به ".

٢٥١١ - وقال عليه السلام: " إن الغريب إذا حضره الموت التفت يمنة ويسرة ولم ير أحدا رفع رأسه، فيقول الله عزوجل: إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير لك مني و عزتي وجلالي لئن أطلقتك عن عقدتك(٣) لاصيرنك في طاعتي، ولئن قبضتك لاصيرنك إلى كرامتي ".

باب تهنئة القادم من الحج

٢٥١٢ - قال الصادق عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول للقادم من مكة: قبل الله منك، وأخلف عليك نفقتك، وغفر ذنبك ".

باب ثواب معانقة الحاج

٢٥١٣ - في رواية أبي الحسين الاسدي رضي الله عنه قال: قال الصادق عليه السلام

___________________________________

(١) كذا وفى المحاسن ص ٣٧٤ " اللهم انى أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها، اللهم أطعمنا من جناها وأعذنا من وبائها وحببنا إلى أهلها، وحبب صالحى أهلها الينا ".

وفى بعض نسخه " اطعمنا من خانها " وقال بعضهم: الظاهر أن المراد بالخان الخوان.

(٢) كان من رجال الصادق عليه السلام وكأنه عبدالله بن سعيد.

(٣) أى المرض المقدر عليه كالعقدة

٢٩٩

" من عانق حاجا بغباره كان كأنما استلم الحجر الاسود".

باب النوادر

٢٥١٤ - روي عن جابر بن عبدالله الانصاري قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا جاء من الغيبة حتى يؤذنهم "(١) .

٢٥١٥ - وقال عليه السلام: " السفر قطعة من العذاب، فإذا قضى أحدكم سفره فليسرع الاياب إلى أهله "(٢) .

٢٥١٦ - وقال الصادق عليه السلام: " سير المنازل ينفد الزاد، ويسيئ الاخلاق، ويخلق الثياب، والسير ثمانية عشر"(٣) .

٢٥١٧ - وروى عبدالله بن ميمون باسناده(٤) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ضللتم الطريق فتيامنوا"(٥) .

___________________________________

(١) يدل على كراهة دخول المسافر منزله في الليل الا أن يعلمهم.

وروى " أنه دخل رجل منزله في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله ورأى ابنه نائما مع زوجته فتوهم أنه أجنبى فقتله، فلما سمعه صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك ".

(٢) رواه البرقى ص ٣٧٧ عن النوفلى عن السكونى باسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله.

(٣) رواه البرقى عن أبيه عن أبن أبى نجران عمن ذكره عن أبى عبدالله عليه السلام.

والظاهر أن المراد به أن السير للتنزه والتفرج ينبغى أن لا يصير إلى المنازل، وهى ثمانية فراسخ بل نهايته ثمانية عشر ميلا ستة فراسخ فان الزائد عليها ينفد الزاد لان الانسان لا يتهيأ غالبا لها ما يكفيها بخلاف السفر ويسيئ اخلاق المصاحبين ويتسخ ثيابهم وتبلى بخلاف ما إذا كان قريبا فانه يرطب الدماغ ويخرج البدن والروح من الكلال. (م ت)

(٤) يعنى عن أبى عبدالله عن آبائه عليهم السلام عن النبى صلى الله عليه وآله كما في المحاسن ص ٣٦٢.

(٥) " فتيامنوا " أى توجهوا إلى جانب يمينكم. (م ت)

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510