تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

تذكرة الفقهاء7%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: 510

الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 510 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 405955 / تحميل: 5174
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

( أحكام الصلاة )

الصلوات الواجبة في زمان غيبة امام العصر ـ عجل الله فرجه الشريف ـ خمسة انواع :

(1) الصلوات اليومية وتندرج فيها صلاة الجمعة كما سيأتي.

(2) صلاة الآيات.

(3) صلاة الطواف الواجب.

(4) الصلاة الواجبة بالاجارة والنذر ، والعهد واليمين ونحو ذلك.

(5) الصلاة على الميت ، وتضاف إلى هذه : الصلاة الفائتة عن الوالد فان ـ الأحوط وجوباً ـ ان يقضيها عنه ولده الأكبر على تفصيل يأتي في محله.

١٠١

( صلاة الجمعة )

وهي ركعتان كصلاة الصبح ، وتجب قبلها خطبتان يلقيهما الإمام ففي الأولى : منهما يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويوصي بتقوى الله ، ويقرأ سورة قصيرة من الكتاب العزيز ثم يجلس قليلاً ، وفي الثانية يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى أئمة المسلمين ـ والأحوط استحباباً ـ أن يضم إلى ذلك الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات.

( مسألة 176 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ إتيان الحمد والصلاة من الخطبة باللغة العربية ، وأما غيرهما من أجزائها كالثناء على الله والوصية بالتقوى فيجوز إتيانها بغير العربية أيضاً ، بل ـ الأحوط لزوماً ـ فيما إذا كان أكثر الحضور غير عارفين باللغة العربية أن تكون الوصية بتقوى الله تعالى باللغة التي يفهمونها.

( مسألة 177 ) : صلاة الجمعة واجبة تخييراً ، ومعنى ذلك ان المكلف يوم الجمعة مخير بين الاتيان بصلاة الجمعة على النحو الذي تتوفر فيه شروطها الآتية ، وبين الاتيان بصلاة الظهر ولكن الإتيان بالجمعة أفضل ، فإذا أتى بها بشروطها أجزأت عن الظهر.

( مسألة 178 ) : تعتبر في صحة صلاة الجمعة الجماعة ، فلا تصح فرادى.

( مسألة 179 ) : يشترط في جماعة الجمعة عدد خاص وهو خمسة نفر

١٠٢

أحدهم الامام ، فلا تصح الجمعة ما لم يكن المجتمعون خمسة نفر من المسلمين أحدهم الإمام.

( مسألة 180 ) : يشترط في صحة صلاة الجمعة استجماعها للأمور الآتية المعتبرة في صلاة الجماعة ، ومنها ان يكون الإمام جامعاً لشروط الإمامة من العدالة وغيرها ، فلا تصح الجمعة إذا لم يكن الامام جامعاً للشروط.

( مسألة 181 ) : تعتبر في صحة الجمعة في بلد أن لا تكون المسافة بينها وبين جمعة اخرى اقل من فرسخ ( ½5 كم تقريباً ) ، فلو اقيمت جمعة اخرى فيما دون فرسخ بطلتا جميعاً إن كانتا مقترنتين زماناً ، وأما إذا كانت أحداهما سابقة على الاُخرى ولو بتكبيرة الاحرام صحت السابقة دون اللاحقة.

( مسألة 182 ) : اقامة الجمعة إنما تكون مانعة عن جمعة اخرى في تلك المسافة إذا كانت صحيحة وواجدة للشرائط ، وأما إذا لم تكن واجدة لها فلا تمنع عن ذلك.

( مسألة 183 ) : إذا اقيمت الجمعة في بلد واجدة للشرائط فإن كان من اقامها الامامعليه‌السلام أو من يمثله وجب الحضور فيها تعييناً ، وان كان غيره لم يجب الحضور ، بل يجوز الاتيان بصلاة الظهر ولو في اول وقتها.

( مسألة 184 ) : لا يجب الحضور على المرأة ولا على المسافر ـ وإن كانت وظيفته الاتمام ـ ولا على المريض ، ولا على الأعمى ، ولا على الشيخ الكبير ، ولا على من كان بينه وبين الجمعة اكثر من فرسخين ( 11 كم تقريباً ) ولا على من كان الحضور عليه حرجياً لمطر ، أو برد شديد ، أو نحوهما ، فهؤلاء جميعاً لا يجب عليهم الحضور في صلاة الجمعة حتى في فرض وجوبها تعييناً الذي تقدم بيانه في المسألة السابقة.

١٠٣

( النوافل اليومية )

يستحب التنفل في اليوم والليلة بأربع وثلاثين ركعة : ثمان ركعات لصلاة الظهر قبلها ، وثمان ركعات لصلاة العصر كذلك ، وأربع ركعات بعد صلاة المغرب ، وركعتان بعد صلاة العشاء من جلوس وتحسبان بركعة ، وثمان ركعات نافلة الليل ـ والأحوط الأولى ـ الاتيان بها بعد منتصف الليل والأفضل اداؤها قريباً من الفجر الصادق ، وركعتا الشفع بعد صلاة الليل ، وركعة الوتر بعد الشفع ، وركعتان نافلة الفجر قبل فريضته ، ولا يبعد ان يكون مبدأ وقتها مبدأ وقت صلاة الليل ـ بعد مضي مقدار يتمكن المكلف من الاتيان بها ـ ويمتد إلى قبيل طلوع الشمس.

( مسألة 185 ) : النوافل ركعتان ركعتان ـ إلاّ صلاة الوتر فإنها ركعة واحدة ويجوز الاتيان بها متصلة بالشفع أيضاً ـ ويستحب فيها القنوت ولكن يؤتى به في صلاة الشفع رجاءً ، ويجوز الاكتفاء فيها بقراءة الحمد من دون سورة ، كما يجوز الاكتفاء ببعض انواعها دون بعض ، بل يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع والوتر بل على الوتر خاصة ، وفي نافلة العصر على أربع ركعات بل ركعتين ، وإذا اريد التبعيض في غير هذه الموارد ـ فالأحوط لزوماً ـ الاتيان به بقصد القربة المطلقة حتى في الاقتصار في نافلة المغرب على ركعتين.

والأولى أن يقنت في صلاة الوتر بالدعاء الآتي : « لا إلهَ إلاّ اللهُ الحَليمُ

١٠٤

الكَريم ، لا إله إلاّ اللهُ العَليّ العَظيم ، سُبْحانَ اللهِ رَبِّ السمواتِ السَبْع ، وَربّ الأرضينَ السبع ، وَما فيهن وما بَيْنَهُنّ ، وَرَبُّ العَرش العَظيم ، والحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين » ، وان يدعو لأربعين مؤمناً ، وان يقول : « أَسْتَغْفِرُ اللهَ رَبّي وَأَتوبُ إليه » سبعين مرة ، وأن يقول : « هذا مَقامُ العائِذِ بِكَ مِنَ النّار » سبع مرات ، وأن يقول : « العفو » ثلاثمائة مرة.

( مسألة 186 ) : تسقط ـ في السفر ـ نوافل الظهر والعصر بل والعشاء أيضاً ، ولا تسقط بقية النوافل ، ويجوز أن يأتي بنافلة العشاء رجاءً.

( مسألة 187 ) : صلاة الغفيلة ركعتان ما بين فرضي المغرب والعشاء ، يقرأ في الركعة الأولى بعد سورة الحمد( وَذَا النّونِ إذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَليه ، فَنَادى في الظُّـلُماتِ اَنْ لا إلهَ إلاّ أنت سُبْحانَك إنّي كُنْتُ من الظّالِمين ،فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجّيْناهُ مِنَ الغَمّ وَكَذَلِكَ نُنْجي المُؤمِنين ) ويقرأ في الركعة الثانية بعد سورة الحمد( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيبِ لا يَعْلَمُها إلاّ هو ،وَيَعْلَمُ مَا في البَرِّ والبَحرِ ،وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلاّ يَعْلَمُها ،ولا حَبّةٍ في ظُلُماتِ الأرضِ ،ولا رَطْبٍ ولا يابِسٍ إلاّ في كِتَابٍ مُبِين ) ثم يقنت فيقول : « اللّهُمَّ إنّي أَسْأَلُكَ بِمَفاتِحِ الغَيبِ التي لا يَعْلَمُها إلاّ أَنْتَ أنْ تُصلي عَلى مُحمد وَآل مُحمد » ويطلب حاجته ويقول : « اللّهم أنت وَليّ نِعْمَتي والقادِرُ على طَلِبَتي تَعْلَمُ حاجَتي فَاسألك بحق محمد وآله عليه وعليهم السلام لمّا قضيتها لي » ويجوز أن يأتي بهاتين الركعتين بقصد نافلة المغرب أيضاً فتجزى عنهما جميعاً.

١٠٥

( مقدمات الصلاة )

مقدمات الصلاة خمس :

1 ـ الوقت

( مسألة 188 ) : وقت صلاة الظهرين من زوال الشمس إلى الغروب ، وتختص صلاة الظهر من أوله بمقدار أدائها ، كما تختص صلاة العصر من آخره بمقدار ادائها ، ولا تزاحم كل منهما الاُخرى وقت اختصاصها ، ولو صلى الظهر قبل الزوال معتقداً دخول الوقت ثم علم بدخوله وهو في الصلاة صحت صلاته ، وجاز له الاتيان بصلاة العصر بعدها وإن كان ـ الأحوط استحباباً ـ إتمامها وإعادتها.

( مسألة 189 ) : يعتبر الترتيب بين الصلاتين ، فلا يجوز تقديم العصر على الظهر عمداً ، نعم إذا صلى العصر قبل ان يأتي بالظهر لنسيان ونحوه صحت صلاته ، فإن التفت في اثناء الصلاة عدل بها إلى الظهر وأتم صلاته وإن التفت بعد الفراغ صحت عصراً وأتى بالظهر بعدها.

( مسألة 190 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تأخير صلاة الظهرين إلى سقوط قرص الشمس ، نعم مع الشك في سقوط القرص واحتمال اختفائه بالأبنية ونحوها يجوز التأخير والاتيان بهما قبل زوال الحمرة المشرقية.

( مسألة 191 ) : وقت صلاة العشاءين للمختار من أول المغرب إلى نصف الليل ( منتصف ما بين غروب الشمس والفجر ) وتختص صلاة

١٠٦

المغرب من أوله بمقدار أدائها ، كما تختص العشاء من آخره بمقدار أدائها نظير ما تقدم في الظهرين ، وأما المضطر لنوم أو نسيان ، أو حيض أو غيرها فيمتد وقتهما له إلى الفجر ، وتختص العشاء من آخره بمقدار أدائها ، ويعتبر الترتيب بينهما ، ولكنه لو صلى العشاء قبل أن يصلي المغرب لنسيان ونحوه ولم يتذكر حتى فرغ منها صحت صلاته ، وأتى بصلاة المغرب بعدها ولو كان في الوقت المختص بالعشاء.

( مسألة 192 ) : لا يجوز تقديم صلاة المغرب على زوال الحمرة المشرقية عند الشك في سقوط قرص الشمس واحتمال استتاره بحاجب كالجبال ، والأبنية والأشجار بل ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تقديمها عليه حتى مع العلم بسقوط القرص ، والأولى عدم تأخيرها عن ذهاب الشفق وهو الحمرة المغربية.

( مسألة 193 ) : إذا دخل في صلاة العشاء ، ثم تذكر انه لم يصلّ المغرب عدل بها إلى صلاة المغرب إذا كان تذكره قبل ان يدخل في ركوع الركعة الرابعة ، وإذا كان تذكره بعده صحت صلاته عشاءً ويأتي بعدها بصلاة المغرب ، وقد مرّ آنفاً حكم التذكر بعد الصلاة.

( مسألة 194 ) : إذا لم يصل صلاة المغرب أو العشاء إختياراً حتى انتصف الليل ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يصليها قبل أن يطلع الفجر بقصد ما في الذمة ، من دون نية الأداء أو القضاء ، ومع ضيق الوقت يأتي بالعشاء ثم يقضيها بعد قضاء المغرب ـ احتياطاً وجوبياً ـ.

( مسألة 195 ) : وقت صلاة الفجر من الفجر إلى طلوع الشمس ، ويعرف الفجر باعتراض البياض في الاُفق المتزايد وضوحاً وجلاءً ويسمى بالفجر الصادق.

١٠٧

( مسألة 196 ) : وقت صلاة الجمعة أول الزوال عرفاً من يوم الجمعة ، ولو لم يصلها في هذا الوقت لزمه الاتيان بصلاة الظهر.

( مسألة 197 ) : يعتبر في جواز الدخول في الصلاة ان يستيقن بدخول الوقت ، أو تقوم به البينة ، ويجتزأ بالاطمينان الحاصل من اذان الثقة العارف بالوقت ، أو من اخباره أو من سائر المناشىء العقلائية ، ولا يكتفى بالظن وان كان للمكلف مانع شخصي عن معرفة الوقت ، كالعمى والحبس ، بل وان كان المانع نوعياً ـ كالغيم ـ على ـ الأحوط لزوماً ـ فلا بد في الحالتين من تأخير الصلاة إلى حين الاطمينان لدخول الوقت.

( مسألة 198 ) : إذا صلى معتقداً دخول الوقت بأحد الأمور المذكورة ثم انكشف له أنّ الصلاة وقعت بتمامها خارج الوقت بطلت صلاته ، نعم إذا علم أنّ الوقت قد دخل وهو في الصلاة صحت صلاته ، وإذا صلى غافلاً وتبين دخول الوقت في الأثناء لم تصح ولزمه اعادتها.

( مسألة 199 ) : لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها اختياراً ، ولا بد من الاتيان بجميعها في الوقت ، ولكنه لو أخرها عصياناً أو نسياناً حتى ضاق الوقت وتمكن من الاتيان بها فيه ولو بركعة وجبت المبادرة إليها وكانت الصلاة اداءً.

( مسألة 200 ) : يجوز التنفّل في وقت الفريضة ـ والأحوط الأولى ـ الاتيان بالفريضة أوّلاً في غير النوافل اليومية السابقة على الفريضة.

2 ـ القبلة وأحكامها

( مسألة 201 ) : يجب استقبال القبلة مع الإمكان في جميع الفرائض

١٠٨

وتوابعها من الأجزاء المنسية ، وصلاة الاحتياط ، دون سجدتي السهو ، وأما النوافل فلا يعتبر فيها الاستقبال حال المشي أو الركوب ـ والأحوط وجوباً ـ اعتباره فيها حال الاستقرار ، والقبلة هي المكان الواقع فيه البيت الشريف ويتحقق استقباله بمحاذاة عينه مع التمكن من تمييزها ، والمحاذاة العرفية عند عدم التمكن من ذلك.

( مسألة 202 ) : ما كان من الصلوات واجبة زمان حضور الامامعليه‌السلام كصلاة العيدين يعتبر فيها استقبال القبلة وان كانت مستحبة فعلاً ، وأما ما عرض عليه الوجوب بنذر وشبهه فلا يعتبر فيه الاستقبال حال المشي والركوب.

( مسألة 203 ) : يجب العلم باستقبال القبلة ، وتقوم البينة مقامه إذا كانت مستندة إلى المبادىء الحسية أو ما بحكمها ، كالاعتماد على الآلات المستحدثة لتعيين القبلة ، والظاهر حجيّة قول الثقة من أهل الخبرة في تعيين القبلة ، وان لم يفد الظن حتى مع التمكن من تحصيل العلم بها ، ومع عدم التمكن من تحصيل العلم أو ما بحكمه يجب ان يبذل المكلف جهده في معرفتها ويعمل على ما يحصل له من الظن ، ومع عدم التمكن منه أيضاً يجزئ التوجه إلى ما يحتمل وجود القبلة فيه ـ والأحوط استحباباً ـ ان يصلي إلى أربع جهات.

( مسألة 204 ) : إذا ثبت له بوجه شرعي ان القبلة في جهة فصلى إليها ، ثم إنكشف له الخلاف فان كان انحرافه عنها لم يبلغ حد اليمين أو اليسار توجه إلى القبلة وأتم صلاته فيما إذا كان الانكشاف اثناء الصلاة ، وإذا كان بعد الفراغ منها لم تجب الاعادة ، وأما إذا بلغ الانحراف حد اليمين أو اليسار أو كانت صلاته إلى دبر القبلة ، فان كان الانكشاف قبل مضي الوقت أعادها ،

١٠٩

ولا يجب القضاء إذا انكشف الحال بعد مضي الوقت وان كان ـ أحوط استحباباً ـ.

3 ـ الطهارة في الصلاة

( مسألة 205 ) : تعتبر في الصلاة طهارة ظاهر البدن حتى الظفر والشعر وطهارة اللباس ، نعم لا بأس بنجاسة ما لا تتم فيه الصلاة من اللباس كالقلنسوة ، والتكة ، والجورب ، بشرط أن لا يكون متخذاً من الميتة النجسة ، ولا نجس العين ، كالكلب على ـ الأحوط وجوباً ـ ولا بأس بحمل النجس والمتنجس في الصلاة كان يضع منديله المتنجس في جيبه.

( مسألة 206 ) : لا بأس بنجاسة البدن أو اللباس من دم القروح أو الجروح قبل البرء ، ولا سيما إذا كان التطهير أو التبديل حرجياً نوعاً ، نعم يعتبر في الجرح أن يكون مما يعتد به وله ثبات واستقرار ، وأما الجروح الجزئية فيجب تطهيرها إلاّ فيما سيأتي.

( مسألة 207 ) : لا بأس بالصلاة في الدم إذا كان اقل من الدرهم ـ أي ما يساوي عقد الابهام ـ بلا فرق بين اللباس والبدن ، ولا بين اقسام الدم ، ويستثنى من ذلك دم الحيض ، ويلحق به ـ على الأحوط لزوماً ـ دم نجس العين والميتة والسباع ، بل مطلق غير مأكول اللحم ، ودم النفاس والاستحاضة فلا يعفى عن قليلها أيضاً ، وإذا شك في دم انه أقل من الدرهم أم لا بنى على العفو عنه ، إلاّ إذا كان مسبوقاً بالأكثرية عن المقدار المعفو عنه ، وإذا علم انه اقل من الدرهم وشك في كونه من الدماء المذكورة المستثناة فلا بأس بالصلاة فيه.

١١٠

( مسألة 208 ) : إذا صلى جاهلاً بنجاسة البدن أو اللباس ، ثم علم بها بعد الفراغ منها صحت صلاته إذا لم يكن شاكاً فيها قبل الصلاة ، أو شك وفحص ولم يحصل له العلم بها ، وأما الشاك غير المتفحص ـ فالأحوط لزوماً ـ فيما إذا وجد النجاسة بعد الصلاة ان يعيدها في الوقت ويقضيها في خارجه ، وإذا علم بالنجاسة في الأثناء فان احتمل حدوثها بعد الدخول في الصلاة وتمكن من التجنب عنها بالتبديل أو التطهير ، أو النزع على نحو لا ينافي الصلاة فعل ذلك وأتم صلاته ولا شيء عليه ، وان لم يتمكن منه فان كان الوقت واسعاً استأنف الصلاة على ـ الأحوط لزوماً ـ وان كان ضيقاً اتمها مع النجاسة ولا شيء عليه ، وإن علم ان النجاسة كانت قبل الصلاة ـ فالأحوط لزوماً ـ استينافها مع سعة الوقت ، وأما مع ضيقه حتى عن ادراك ركعة فإن أمكن التجنب عن النجاسة بالتبديل أو التطهير أو النزع ، من غير لزوم المنافي فعل ذلك واتم الصلاة ، وإلاّ صلى معها وتصح صلاته.

( مسألة 209 ) : إذا علم بنجاسة البدن أو اللباس فنسيها وصلى ، فان كان نسيانه ناشئاً عن الاهمال وعدم التحفظ ـ فالأحوط لزوماً ـ أن يعيد الصلاة ، سواءً تذكر في اثنائها أم بعد الفراغ منها ، وهكذا لو تذكر بعد مضي الوقت ، وأما إذا لم يكن منشأ نسيانه الاهمال فحكمه حكم الجاهل بالموضوع وقد تقدم في المسألة السابقة.

( مسألة 210 ) : تجب في الصلاة الطهارة من الحدث بالوضوء أو الغسل أو التيمم ، وقد مرّ تفصيل ذلك في مسائل الوضوء والغسل والتيمم.

4 ـ مكان المصلي

( مسألة 211 ) : يعتبر في مكان المصلي اباحته ، فلا تصح الصلاة في

١١١

المكان المغصوب على ـ الأحوط لزوماً ـ وان كان الركوع والسجود بالإيماء ، ويختص هذا الحكم بالعالم العامد ، فلو صلى من المغصوب غافلاً أو جاهلاً بغصبيته ، أو ناسياً لها ولم يكن هو الغاصب صحت صلاته.

( مسألة 212 ) : إذا أوصى الميت بصرف الثلث من تركته في مصرف ما وعيّن الثلث من دار أو بستان أو دكان ونحوها لم يجز التصرف فيه قبل اخراج الثلث ، فلا يجوز الوضوء أو الغسل ، أو الصلاة في ذلك المكان.

( مسألة 213 ) : إذا كان الميت مشغول الذمة بدين أو زكاة أو نحوهما من الحقوق المالية ـ عدا الخمس ـ لم يجز التصرف في تركته بما ينافي أداء الحق منها ، سواء أكان مستوعباً لها أم لا ، وأما التصرف بمثل الصلاة في داره فالظاهر جوازه باذن الورثة. وإذا كان مشغول الذمة بالخمس فان كان ممن يدفع الخمس جرى عليه ما تقدم ، وان كان ممن لا يدفعه ـ عصياناً أو اعتقاداً منه بعدم وجوبه ـ لم يجب على وارثه المؤمن ابراء ذمته وجاز له التصرف في التركة.

( مسألة 214 ) : لا تجوز الصلاة ولا سائر التصرفات في مال الغير إلاّ برضاه وطيب نفسه ، وهو يستكشف بوجوه :

(1) الإذن الصريح من المالك.

(2) الإذن بالفحوى ، فلو أذن له بالتصرف في داره ـ مثلاً ـ بالجلوس والأكل والشرب والنوم فيها ، وقطع بكونه ملازماً للاذن بالصلاة جاز له أن يصلي فيها ، وان لم يأذن للصلاة صريحاً.

(3) شاهد الحال ، وذلك بأن تدل القرائن على رضا المالك بالتصرف في ماله ولو لم يكن ملتفتاً إليه فعلاً لنوم أو غفلة بحيث يعلم او يطمأن بانّه

١١٢

لو التفت لأذن.

( مسألة 215 ) : لا بأس بالصلاة في الأراضي المتسعة اتساعاً عظيماً ، كما لا بأس بالوضوء من مائها وان لم يعلم رضا المالك به ، بل وان علم كراهته ـ سواء أكان كاملاً أم قاصراً ، صغيراً أم مجنوناً ـ وبحكمها أيضاً الأراضي غير المحجبة كالبساتين التي لا سور لها ولا حجاب فيجوز الدخول إليها والصلاة فيها وإن لم يعلم رضا المالك ، نعم إذا علم كراهته أو كان قاصراً ـ فالأحوط لزوماً ـ الاجتناب عنها ، ولا بأس أيضاً بالصلاة في البيوت المذكورة في القرآن والأكل منها ما لم يحرز كراهة المالك ، وتلك البيوت بيوت الأب والأم ، والأخ والاخت ، والعم والعمة ، والخال والخالة والصديق ، والبيت الذي يكون مفتاحه بيد الانسان.

( مسألة 216 ) : الأرض المفروشة لا تجوز الصلاة عليها إذا كان الفرش أو الأرض مغصوباً ، ولو صلى بطلت على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 217 ) : الأرض المشتركة لا تجوز فيها الصلاة ولا سائر التصرفات ، إذا لم يأذن جميع الشركاء ، ولو صلى بطلت على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 218 ) : العبرة في الأرض المستأجرة باجازة المستأجر دون المؤجر.

( مسألة 219 ) : إذا كانت الأرض المملوكة متعلقة لحق الغير وكان الحق مما ينافيه مطلق التصرف في متعلقه حتى بمثل الصلاة فيه ـ كحق السكنى ـ فلا بد في جواز التصرف فيها من اجازة المالك وذي الحق معاً.

( مسألة 220 ) : المحبوس في الأرض المغصوبة ـ إذا لم يتمكن من

١١٣

التخلص من دون ضرر أو حرج ـ تصح صلاته فيها ، ويصلي صلاة المختار إذا لم تستلزم تصرفاً زائداً على الكون فيها على الوجه المتعارف ، وإلاّ صلى بما يمكنه من دون تصرف زائد.

( مسألة 221 ) : يعتبر في مكان المصلي ان لا يكون نجساً على نحو تسري النجاسة منه إلى اللباس أو البدن نجاسة غير معفو عنها ، ومع عدم السراية كذلك لا بأس بالصلاة عليها ، نعم تعتبر الطهارة في مسجد الجبهة كما سيأتي.

( مسألة 222 ) : لا يجوز استدبار قبور المعصومين : في حال الصلاة وغيرها إذا عدّ هتكاً لحرمتهم واساءة للأدب معهم.

( مسألة 223 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تقدم المرأة على الرجل ولا محاذاتهما في الصلاة في مكان واحد فيلزم ، تأخرها عنه ـ ولو بمقدار يكون مسجد جبهتها محاذياً لركبتيه في حال السجود ـ أو يكون بينهما حائل ، أو مسافة أكثر من عشرة اذرع بذراع اليد ( ½4 متراً تقريباً ).

( مسألة 224 ) : تستحب الصلاة في المساجد للرجال والنساء ، وان كان الأفضل للمرأة ان تختار الصلاة في المكان الأستر حتى في بيتها.

5 ـ لباس المصلي

( مسألة 225 ) : يعتبر في الصلاة ستر العورة ، وهي في الرجل القبل ( القضيب والبيضتان ) والدبر ، وفي المرأة جميع بدنها غير الوجه ـ بالمقدار الذي لا يستره الخمار عادة مع ضربه على الجيب ـ واليدين إلى الزند ، والرجلين إلى أول جزء من الساق ، ولا يعتبر ستر الرأس وشعره والرقبة في

١١٤

صلاة غير البالغة.

( مسألة 226 ) : يكفي في الساتر الصلاتي في حال الإختيار مطلق ما يخرج المصلي عن كونه عارياً ، كالورق والحشيش ، والقطن والصوف غير المنسوجين ، بل الطين إذا كان من الكثرة بحيث لا يصدق معه كون المصلي عارياً ، وأما في حال الاضطرار فيجزي التلطخ بالطين ونحوه.

( مسألة 227 ) : إذا انكشف له اثناء الصلاة ان عورته لم تستر فعلاً وجبت المبادرة إلى سترها ـ مع عدم الاشتغال بشيء من الصلاة في حال الانكشاف على ـ الأحوط لزوماً ـ وتصح صلاته ، كما تصح أيضاً إذا كان الانكشاف بعد الفراغ من الصلاة.

( مسألة 228 ) : إذا لم يتمكن المصلي من الساتر بوجه فإن تمكن من الصلاة قائماً مع الركوع والسجود بحيث لا تبدو سوأته للغير المميِّز ـ إما لعدم وجوده أو لظلمة ـ أو نحوها ـ اتى بها كذلك ، ولو اقتضى التحفظ على عدم بدوّ سوءته ترك القيام والركوع والسجود صلى جالساً مومياً ، ولو اقتضى ترك واحد من الثلاثة تركه واتى ببدله فيومي بالرأس بدلاً عن الركوع والسجود ، ويجلس بدلاً عن القيام ، ـ والأحوط لزوماً ـ للعاري ستر السوأتين ببعض اعضائه كاليد في حال القيام ، والفخذين في حال الجلوس.

١١٥

( شروط لباس المصلي )

يشترط في لباس المصلي أمور :

( الأوّل ) : الطهارة وقد مرّ تفصيله في المسألة (205) وما بعدها.

( الثاني ) : اباحته على ـ الأحوط لزوماً ـ فيما كان ساتراً للعورة فعلاً واستحباباً في غيره.

( مسألة 229 ) : إذا صلى في ثوب جاهلاً بغصبيته ثم انكشف له ذلك صحت صلاته ، وكذلك إذا كان ناسياً وتذكر بعد الصلاة إذا لم يكن هو الغاصب وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ إعادتها.

( مسألة 230 ) : إذا اشترى ثوباً بما فيه الخمس كان حكمه حكم المغصوب ، وأما إذا اشترى بما فيه حق الزكاة فلا يلحقه حكمه كما سيأتي في المسألة (551).

( الثالث ) : أن لا يكون من اجزاء الميتة التي تحلها الحياة من دون فرق بين ما تتم الصلاة فيه وما لا تتم فيه الصلاة على الأحوط وجوباً ، ويختص هذا الحكم بالميتة النجسة وان كان ـ الأحوط الأولى ـ الاجتناب عن الميتة الطاهرة أيضاً ، وأما ما لا تحله الحياة من ميتة حيوان يحل أكل لحمه ـ كالشعر والصوف ـ فلا بأس بالصلاة فيه.

( مسألة 231 ) : يجوز حمل ما تحله الحياة من اجزاء الميتة النجسة في الصلاة وان كان ملبوساً ، كأن يضع الثوب المتخذ من جلد الميتة في جيبه.

١١٦

( مسألة 232 ) : اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد المسلم يحكم عليه بالتذكية ويجوز اكله بشرط اقترانها بما يقتضي تصرفه فيه تصرفاً يناسب التذكية ، وفي حكم المأخوذ من يد المسلم ما صنع في أرض غلب فيها المسلمون ، وما يوجد في سوق المسلمين إذا لم يعلم ان المأخوذ منه غير مسلم ، وأما ما يوجد مطروحاً في أرضهم فيحكم بطهارته ولا يحكم بحليته على ـ الأحوط لزوماً ـ إلاّ مع الاطمينان بسبق احد الأمور الثلاثة.

( مسألة 233 ) : اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد الكافر أو المجهول إسلامه ، وما وجد في بلاد الكفر ، وما اخذ من يد المسلم مما علم انه قد أخذه من يد الكافر ولم يحرز تذكيته لا يجوز أكله ، ولكن يجوز بيعه ويحكم بطهارته وبجواز الصلاة فيه إذا احتمل ان يكون مأخوذاً من الحيوان المذكى.

( مسألة 234 ) : تجوز الصلاة في ما لم يحرز انه جلد حيوان ، وان اخذ من يد الكافر.

( مسألة 235 ) : إذا صلى في ثوب ثم علم بعد الصلاة أنه كان متخذاً من الميتة النجسة صحت صلاته ، إلاّ اذا كان شاكاً ولم يفحص قبل الدخول في الصلاة حسبما تقدم في المسألة (208) ، واما إذا نسي ذلك وتذكره بعد الصلاة ـ فالأحوط لزوماً ـ إعادتها ـ سواء أكان الثوب مما تتم فيه الصلاة أم لا ـ إذا كان نسيانه ناشئاً من اهماله وعدم تحفظه وإلاّ فلا شيء عليه.

( الرابع ) : ان لا يكون من اجزاء السباع ، بل مطلق ما لا يؤكل لحمه من الحيوان على ـ الأحوط وجوباً ـ ويختص المنع بما تتم الصلاة فيه وان كان الاجتناب عن غيره أيضاً ـ أحوط استحباباً ـ وتجوز الصلاة في جلد

١١٧

الخز والسنجاب ووبرهما وإن كانا من غير مأكول اللحم.

( مسألة 236 ) : لا بأس بالصلاة في شعر الانسان ، سواء أكان من نفس المصلي أو من غيره.

( مسألة 237 ) : لا بأس بالصلاة في الشمع والعسل ، والحرير غير الخالص ودم البق والبرغوث والقمل ونحوها من الحيوانات التي لا لحم لها.

( مسألة 238 ) : لا بأس بالصلاة في ما يحتمل انه من غير مأكول اللحم ، وكذلك ما لا يعلم انه من أجزاء الحيوان. وما لا يعلم كون الحيوان المتخذ منه ذا لحم عرفاً.

( مسألة 239 ) : إذا صلى في ما لا يؤكل لحمه جهلاً أو نسياناً حتى فرغ من الصلاة صحت صلاته إلاّ إذا كان جاهلاً بالحكم عن تقصير فانه تجب عليه الاعادة.

( الخامس ) : ان لا يكون لباس الرجل من الذهب الخالص ، أو المغشوش دون الممّوه والمطّلي الذي يعد الذهب فيه لوناً محضاً ، والمراد باللباس هنا كل ما يطلق على استعماله عنوان ( اللبس ) عرفاً وان لم يكن من الثياب كالخاتم والزناجير المعلقة ، والساعة اليدوية ، نعم لا بأس بحمل الذهب في الصلاة ، ومن هذا القبيل حمل الساعة الذهبية الجيبية.

( مسألة 240 ) : يحرم لبس الذهب للرجال في غير حال الصلاة أيضاً ، والأحوط لزوماً ترك التزيُّن به مطلقاً حتى فيما لا يطلق عليه اللبس عرفاً كجعل ازرار اللباس من الذهب ، أو جعل مقدم الاسنان منه ، نعم لا بأس بشدها به أو جعل الأسنان الداخلية منه.

١١٨

( مسألة 241 ) : إذا شك في فلزّ ولم يعلم انه من الذهب جاز لبسه في نفسه ولا يضر بالصلاة.

( مسألة 242 ) : لا فرق في حرمة لبس الذهب وابطاله الصلاة بين أن يكون ظاهراً أو لا.

( مسألة 243 ) : إذا صلى في فلزّ لم يعلم انه من الذهب أو نسيه ثم التفت إليه بعد الصلاة صحت صلاته.

( السادس ) : ان لا يكون لباس الرجل الذي تتم فيه الصلاة من الحرير الخالص ، وأما إذا امتزج بغيره ولم يصدق عليه الحرير الخالص جاز لبسه والصلاة فيه.

( مسألة 244 ) : لا بأس بأن يكون سجاف الثوب ونحوه من الحرير الخالص ـ والأحوط استحباباً ـ ان لا يزيد عرضه على أربعة اصابع مضمومة.

( مسألة 245 ) : لا بأس بحمل الحرير في الصلاة ، وان كان مما تتم الصلاة فيه.

( مسألة 246 ) : لا يجوز للرجال لبس الحرير الخالص في غير حال الصلاة أيضاً ، نعم لا بأس به في الحرب والضرورة والحرج كالبرد والمرض ونحوهما ، وفي هذه الموارد تجوز الصلاة فيه أيضاً.

( مسألة 247 ) : إذا صلى في الحرير جهلاً أو نسياناً ، ثم انكشف له الحال بعد الصلاة صحت صلاته.

( مسألة 248 ) : إذا شك في لباس ولم يعلم انه من الحرير ، جاز لبسه والصلاة فيه.

١١٩

( مسألة 249 ) : تختص حرمة لبس الذهب والحرير بالرجال ـ كما تقدم ـ ولا بأس به للنساء في الصلاة وفي غيرها ، وكذلك الأطفال الذكور فيجوز للولي ان يلبسهم الذهب والحرير وتصح صلاتهم فيهما.

( مسألة 250 ) : يحرم لبس لباس الشهرة ، وهو اللباس الذي يظهر المؤمن في شنعة وقباحة وفظاعة عند الناس ، لحرمة هتك المؤمن نفسه واذلاله اياها.

( مسألة 251 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ ان لا يتزيّ اي من الرجل والمرأة بزيّ الآخر في اللباس ، وأما لبس الرجل بعض ملابس المرأة لغرض آخر ـ وكذا العكس ـ فلا بأس به ، وفيما إذا حرم اللبس لم يضر بصحة الصلاة مطلقاً وإن كان ساتراً له حالها.

( مسألة 252 ) : إذا انحصر لباس المصلي بالمغصوب أو الحرير ، أو الذهب أو السباع صلى عارياً ، وإذا انحصر بما عدا السباع من غير مأكول اللحم من الحيوان ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بين الصلاة فيه والصلاة عارياً ، وإذا انحصر في النجس جاز الصلاة فيه.

( مسألة 253 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر واحتمل حصوله عليه في آخر الوقت ، أما لو يئس عن حصوله عليه فله ان يصلي عارياً ولا تلزمه اعادتها لو صادف فحصل على الساتر في الوقت.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

فُلّس ، فإن لم تزد القيمة بالصبغ والزيت أو نقصت ، كان للبائع الرجوعُ في عين ماله ، ولا شي‌ء للمفلس فيه ، وجرى الصبغ هنا مجرى الصفة إذا لم تزد بها قيمة الثوب ، فإنّ الثوب مع الصفة يكون للبائع. وكذا الصبغ هنا.

وإن زادت القيمة ، فإمّا أن تزيد بقدر قيمة الصبغ أو أقلّ أو أكثر.

فالأوّل كما لو كان الثوب يساوي أربعةً ، وكان الصبغ يساوي درهمين وبِيع مصبوغاً بستّة ، فللبائع فسخ البيع في الثوب ، ويكون شريكاً في الصبغ للمفلس ، ويكون الثمن بينهما أثلاثاً.

وقال أحمد : إذا صبغ الثوب أو طحن الحنطة أو نسج الغزل أو قطع الثوب قميصاً ، سقط حقّه من الرجوع(١) .

وفي تقدير تنزيل الشركة للشافعيّة احتمالان :

أحدهما : أن يقال : كلّ الثوب للبائع ، وكلّ الصبغ للمفلس ، كما لو غرس الأرض.

والثاني : أن يقال : بل يشتركان فيهما جميعاً بالأثلاث ؛ لتعذّر التميّز ، كما في خلط الزيت بمثله(٢) .

والوجه عندي : الأوّل.

ولو كانت الزيادة أقلّ من قيمة الصبغ ، كما لو كانت قيمته مصبوغاً خمسةً ، فالنقصان على الصبغ ؛ لأنّه تتفرّق أجزاؤه في الثوب وتهلك في الثوب(٣) والثوب قائم بحاله ، فإذا بِيع ، قُسّم الثمن بينهما أخماساً : أربعة‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٢.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٤.

(٣) « في الثوب » لم ترد في « ج ».

١٦١

للبائع ، وواحد للمفلس.

وإن كانت الزيادة أكثر من قيمة الصبغ ، كما لو بلغ مصبوغاً ثمانيةً ، فالزائد على القيمتين إنّما زاد بصنعة الصبغ ، فإن قلنا : إنّ الصنعة - كالقصارة ونحوها من الأعمال - أعيان ، فالزائد(١) على الصبغ للمفلس ، فيكون لصاحب الثوب أربعة ، وللمفلس أربعة.

وإن قلنا : إنّها آثار وقلنا : إنّ الآثار تتبع العين للبائع وليس للمفلس منها(٢) شي‌ء ، كان للبائع قيمة الثوب وأُجرة الصبغ ، وذلك ستّة دراهم هي ثلاثة أرباع الثمن ، وللمفلس قيمة صبغه لا غير ، وهو درهمان ربع الثمن ، قاله بعض الشافعيّة(٣) .

وقال بعضهم : نقص الزيادة على الثوب والصبغ حتى يجعل الثمن بينهما أثلاثاً ، فيكون ثلثاه للبائع ، والثلث للمفلس ؛ لأنّ الصنعة اتّصلت بالثوب والصبغ جميعاً(٤) .

والوجه عندي : أنّ الزيادة بأجمعها للمفلس ؛ لأنّها عوض الصبغ والصنعة معاً ، وهُما له لا شي‌ء للبائع فيها.

ولو ارتفعت القيمة بعد الصبغ فبلغت ستّة عشر ، أو وُجد زبون(٥) اشتراه بهذا المبلغ ، ففي كيفيّة القسمة عند الشافعيّة الوجوهُ الثلاثة(٦) ،

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة : « فالزيادة ».

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عنها ». والظاهر ما أثبتناه.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٤.

(٥) زبنتُ الشي‌ء زَبْناً : إذا دفعتُه ، وقيل للمشتري : « زبون » لأنّه يدفع غيره عن أخذ المبيع. وهي كلمة مولّدة ليست من كلام أهل البادية. المصباح المنير : ٢٥١ « زبن ».

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٤.

١٦٢

والربح على كلّ حال يُقسّم بحسب قيمة الأصل.

فإذا عُرفت قيمة القدر الذي يستحقّه المفلس من الثمن ، فإن شاء البائع تسليمه ليخلص له الثوب مصبوغاً ، فله ذلك.

ومَنَع منه بعضُ الشافعيّة(١) .

ولو فرضنا أنّ المرتفع قيمة الصبغ خاصّةً ، كانت الزيادة بأسرها للمفلس ؛ لأنّ قيمة الثوب لم تزد ، فلا يأخذ البائع منها شيئاً.

مسألة ٣٧٥ : لو اشترى ثوباً من زيد وصبغاً منه أيضاً ثمّ صبغه وفُلّس بعد ذلك ، فللبائع فسخ البيع‌ والرجوع [ فيهما ](٢) معاً ، إلّا أن تكون قيمة الصبغ والثوب معاً بعد الصبغ كقيمة الثوب [ وحده ](٣) قبل الصبغ أو دونها ، فيكون فاقداً للصبغ.

ويُحتمل عندي أنّه يخيّر بين أخذه مصبوغاً ، ولا يرجع بقيمة الصبغ ، وبين الضرب بالثمنين معاً مع الغرماء.

ولو زادت القيمة بأن كانت قيمة الثوب أربعةً وقيمة الصبغ درهمين وقيمة الثوب مصبوغاً ثمانيةً ، فعلى ما تقدّم من الخلاف في أنّ الصناعات هل هي آثار أو أعيان؟ إن قلنا : آثار ، أخذها ، ولا شركة للمفلس. وإن قلنا :

أعيان ، فالمفلس شريك بالربع.

وقد بيّنّا أنّه لا يرجع هنا عندنا للزيادة بالصنعة ، إلّا في الثوب خاصّةً ، فيكون الصبغ والزيادة بأجمعهما للمفلس.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٤.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « إليهما ». والظاهر ما أثبتناه.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « وحدها ». والظاهر ما أثبتناه.

١٦٣

مسألة ٣٧٦ : لو اشترى الثوبَ من واحدٍ بأربعة هي قيمته والصبغَ من آخَر بدرهمين هُما قيمته‌ ، وصَبَغه به ثمّ أفلس ، فأراد البائعان الرجوعَ في العينين ، فإن كان الثوب مصبوغاً لا يساوي أكثر من أربعة وكان خاماً يساوي أربعةً أيضاً ، فصاحب الصبغ فاقدٌ ماله ، وصاحب الثوب واجدٌ ماله بكماله إن لم ينقص عن أربعة ، وناقصاً إن نقص. وإن كان خاماً يساوي ثلاثةً ، ومصبوغاً يساوي أربعةً ، كان لصاحب الثوب ثلاثةٌ ، ولصاحب الصبغ درهمٌ واحد.

والشافعيّة لم يفصّلوا بين الصورتين ، بل حكموا حكماً مطلقاً أنّ الثوب إذا كان مصبوغاً يساوي أربعةً لا غير ، فهي لصاحب الثوب ، وصاحبُ الصبغ فاقدٌ. وإن كان الثوب مصبوغاً يساوي أكثر من أربعة ، فصاحب الصبغ أيضاً واجدٌ لماله بكماله إن بلغت الزيادة درهمين ، وناقصاً إن لم تبلغ(١) .

وإن كانت القيمة بعد الصبغ ثمانيةً ، فإن قلنا : الأعمال آثار ، فالشركة بين البائعين ، كما قلنا في البائع والمفلس إذا صبغه بصبغ نفسه ، تفريعاً على هذا القول. وإن قلنا : أعيان ، فنصف الثمن لبائع الثوب ، وربعه لبائع الصبغ ، والربع للمفلس.

مسألة ٣٧٧ : لو اشترى صبغاً فصبغ به ثوباً له ثمّ أفلس‌ ، أو اشترى زيتاً فلتَّ به سويقاً ثمّ أفلس ، فالأولى أنّ لبائع الصبغ والزيت الرجوعَ في عين مالَيْهما - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّهما وجدا عين أموالهما ممتزجين ، فكانا واجدَيْن.

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٥.

١٦٤

وقال أحمد : إنّ بائع الصبغ والزيت يضربان بالثمن مع الغرماء ؛ لأنّه لم يجد عين ماله ، فلم يكن له الرجوعُ ، كما لو تلف(١) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ الشافعي قال : بائع الصبغ إنّما يرجع في عين الصبغ لو زادت قيمة الثوب مصبوغاً على ما كانت قبل الصبغ ، وإلّا فهو فاقد - وقد بيّنّا ما عندنا فيه - وإذا رجع ، فالشركة بينهما على ما تقدّم(٢) .

واعلم أنّ هذه الأحكام المذكورة في القسمين مفروضة فيما إذا باشر المفلس القصارةَ والصبغَ وما في معناهما بنفسه ، أو استأجر لهما أجيراً ووفّاه الأُجرة قبل التفليس ، فأمّا إذا حصّلهما بأُجرة ولم يوفّه ، فسيأتي.

تذنيب : لو صبغ المشتري الثوب وفُلّس ورجع البائع في عين الثوب وأراد قلع الصبغ عند الإمكان‌ وأن يغرم للمفلس أرش النقصان ، ففي إجابته إلى ذلك إشكال ينشأ : من أنّه إتلاف مال ، فلا يجاب إليه ، ومن مشابهته للبناء والغراس ، وهو قول الشافعي(٣) .

مسألة ٣٧٨ : لو اشترى ثوباً واستأجر قصّاراً يقصره ولم يدفع إليه أُجرته وفُلّس ، فللأجير المضاربة بالأُجرة مع الغرماء.

وقال الشافعي : إن قلنا : القصارة أثر ، فليس للأجير إلّا المضاربة بالأُجرة ، وللبائع الرجوعُ في الثوب المقصور ، ولا شي‌ء عليه لما زاد(٤) .

وليس بجيّد.

وقال بعض الشافعيّة : إنّ عليه أُجرة القصّار ، وكأنّه استأجره(٥) .

وغلّطه باقي الشافعيّة في ذلك(٦) .

وإن قلنا : إنّها عين ، فإن لم تزد قيمته مقصوراً على ما كان قبل‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٥٠٣ - ٥٠٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٢١ - ٥٢٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٥.

(٣ - ٦) العزيز شرح الوجيزة ٥ : ٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٥.

١٦٥

القصارة ، فهو فاقد عين ماله. وإن زادت ، فلكلّ واحدٍ من البائع والأجير الرجوعُ إلى عين ماله ، فإن كانت قيمة الثوب عشرةً ، والأُجرة درهماً ، والثوب المقصور يساوي خمسة عشر ، بِيع بخمسة عشر ، وصُرف منها عشرة إلى البائع ، ودرهمٌ إلى الأجير ، والباقي للغرماء.

ولو كانت الأُجرة خمسة دراهم ، والثوب بعد القصارة يساوي أحد عشر ، فإن فسخ الأجير الإجارة ، فعشرةٌ للبائع ، ودرهمٌ للأجير ، ويضارب مع الغرماء بأربعة. وإن لم يفسخ ، فعشرةٌ للبائع ، ودرهمٌ للمفلس ، ويضارب مع الغرماء بخمسة(١) .

لا يقال : إذا جعلنا القصارة عيناً وزادت بفعله خمسة ، وجب أن يكون الكلّ له ، كما لو زاد المبيع زيادة متّصلة ، فإن كانت أُجرته خمسةً ولم يحصل بفعله إلّا درهمٌ ، وجب أن لا يكون له إلاّ ذلك ؛ لأنّ مَنْ وجد عين ماله ناقصةً ليس له إلاّ القناعة بها ، والمضاربة مع الغرماء.

لأنّا نقول : معلومٌ أنّ القصارة صفة تابعة للثوب ، ولا نعني بقولنا : « القصارة عين » أنّها في الحقيقة تُفرد بالبيع والأخذ والردّ ، كما يُفعل بسائر الأعيان ، ولو كان كذلك ، لجعلنا الغاصب شريكاً للمالك إذا غصب الثوب وقصره ، وليس كذلك إجماعاً ، بخلاف ما إذا صبغه الغاصب ، فإنّه يكون شريكاً بالصبغ ؛ وإنّما المراد أنّها مشبّهة بالأعيان من بعض الوجوه ؛ لأنّ الزيادة الحاصلة بها متقوّمة مقابلة بالعوض ، فكما لا تضيع الأعيان على المفلس لا تضيع الأعمال عليه.

وأمّا بالإضافة إلى الأجير فليست القصارة موردَ الإجارة حتى يرجع‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٥ - ٤٠٦.

١٦٦

إليها ، بل مورد الإجارة فعله المحصّل للقصارة ، وذلك الفعل يستحيل الرجوع إليه ، فيجعل الحاصل بفعله - لاختصاصه به - متعلّق حقّه ، كالمرهون في حقّ المرتهن.

[ أو ](١) نقول : هي مملوكة للمفلس مرهونة بحقّ الأجير ، ومعلومٌ أنّ الرهن إذا زادت قيمته على الدَّيْن لا يأخذ المرتهن منه إلّا قدر الدَّيْن ، وإذا نقصت ، لا يتأدّى به جميع الدَّيْن(٢) .

ولو قال الغرماء للقصّار : خُذْ أُجرتك ودَعْنا نكن شركاء صاحب الثوب ، هل يُجبر عليه؟

قال بعض الشافعيّة : يُجبر(٣) . وهو موافق أنّ القصارة مرهونة بحقّه ؛ إذ ليس للمرتهن التمسّك بعين المرهون إذا أُدّي حقّه.

وقال بعضهم : لا يُجبر ؛ قياساً على البائع إذا قدّمه الغرماء بالثمن(٤) .

وهذا القائل كأنّه يُعطي القصارة حكمَ الأعيان من كلّ وجهٍ.

ولو كانت قيمة الثوب عشرةً فاستأجر صبّاغاً فصبغه بصبغٍ قيمته درهمٌ وصارت قيمته مصبوغاً خمسةَ عشر ، فالأربعة الزائدة على القيمتين إن حصلت بصفة الصبغ فهي للمفلس.

وقال الشافعي : هذه الزيادة حصلت بصفة الصبغ ، فيعود فيها القولان في أنّها أثر أو عين؟ فإذا رجع كلّ واحدٍ من الصبّاغ والبائع إلى ماله ، بِيع بخمسة عشر ، وقُسّمت على أحد عشر ، إن جعلناها أثراً ، فللبائع(٥) عشرة ،

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « و». والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(٢ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٤.

(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « للبائع ». والظاهر ما أثبتناه.

١٦٧

وللصبّاغ واحد ؛ لأنّ الزيادة تابعة لمالَيْهما. وإن جعلناها عيناً ، فعشرة منها للبائع ودرهمٌ للصبّاغ ، وأربعة للمفلس يأخذها الغرماء(١) .

ولو بِيع بثلاثين ؛ لارتفاع السوق ، أو للظفر براغب ، قال بعض الشافعيّة : للبائع عشرون ، وللصبّاغ درهمان وللمفلس ثمانية(٢) .

وقال بعضهم : يُقسّم الجميع على أحد عشر ، عشرة للبائع ، وواحد للصبّاغ ، ولا شي‌ء للمشتري(٣) .

فالأوّل بنا ء على أنّها عين ، والثاني على أنّها أثر.

وكذا لو اشترى ثوباً قيمته عشرة واستأجر على قصارته بدرهم وصارت قيمته مقصوراً خمسةَ عشر ثمّ بِيع بثلاثين ، قال بعض الشافعيّة - بناءً على قول العين - : إنّه يتضاعف حقّ كلٍّ منهم ، كما في الصبغ(٤) .

وقال الجويني : ينبغي أن يكون للبائع عشرون ، وللمفلس تسعة ، وللقصّار درهم كما كان ، ولا يضعف حقّه ؛ لأنّ القصارة غير مستحقّة للقصّار ، وإنّما هي مرهونة عنده بحقّه(٥) .

مسألة ٣٧٩ : لو أخفى المديون بعضَ ماله وقصر الظاهر عن الديون فحجر الحاكم عليه‌ ورجع أصحاب الأعيان إليها وقسّم الحاكم الباقي بين الغرماء ثمّ ظهر فعله لم ينقص شي‌ء من ذلك ، فإنّ للقاضي أن يبيع أموال الممتنع المماطل ، وصَرْف الثمن في ديونه.

والرجوع إلى عين المال بامتناع المشتري [ من ](٦) أداء الثمن مختلف‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٤ - ٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٦.

(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٦.

(٦) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « و». والصحيح ما أثبتناه كما في المصدر.

١٦٨

فيه ، فإذا اتّصل به حكم الحاكم ، نفذ(١) ، قاله بعض الشافعيّة(٢) .

وتوقّف فيه بعضٌ ؛ لأنّ القاضي ربما لا يعتقد جواز الرجوع بالامتناع ، فكيف يجعل حكمه بناءً على ظنّ آخَر حكماً بالرجوع بالامتناع؟!(٣)

وكلّ مَنْ له الفسخ بالإفلاس لو ترك الفسخ على مال ، لم يثبت المال.

وهل يبطل حقّه من الفسخ إن كان جاهلاً بجوازه ، الأقرب : عدم البطلان.

وللشافعي فيه قولان كما في الردّ بالعيب(٤) .

البحث الخامس : في اللواحق.

مسألة ٣٨٠ : الأقرب عندي أنّ العين لو زادت قيمتها لزيادة السعر ، لم يكن للبائع الرجوعُ فيها‌ ؛ لأنّ الأصل عدم الجواز ، تُرك في محلّ النصّ ، وهو وجدان العين بعينها مع مساواة القيمة الثمن أو نقصها عنه ؛ للإجماع من مجوّزيه ، فبقي الباقي على الأصل ؛ لما في مخالفته من الضرر الحاصل للمفلس والغرماء ، فيكون منفيّاً.

وكذا لو اشترى سلعة بدون ثمن المثل ، لم يكن للبائع الرجوع ؛ لما فيه من الإضرار به بترك المسامحة التي فَعَلها البائع معه أوّلاً.

ولو نقصت قيمتها ؛ لنقص السوق ، لم يُمنع من أخذ عينه.

مسألة ٣٨١ : لو أقرّ الغرماء بأنّ المفلس أعتق عبداً قبل فلسه‌ ، فأنكر‌

____________________

(١) في النسخ الخطيّة والحجريّة بدل « نفذ » : « فقد ». وذلك تصحيف.

(٢ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٧.

١٦٩

المفلس ذلك ، فإن شهد منهم عَدْلان ، قُبِل ، وإلّا لم يُقبل قولهم. فإن دفع العبد إليهم ، وجب عليهم قبوله ، أو إبراء ذمّته من قدر ثمنه ، فإذا قبضوه ، عُتق عليهم.

ولو أقرّوا بأنّه أعتق عبده بعد فلسه ، فإن منعنا من عتق المفلس ، فلا أثر لإقرارهم.

وإن جوّزناه ، فهو كإقرارهم بعتقه قبل فلسه ، فإن حكم الحاكم بصحّته أو فساده ، نفذ حكمه على كلّ حال ؛ لأنّه فعلٌ مجتهد فيه ، فيلزم ما حكم به الحاكم ، ولا يجوز نقضه ولا تغييره.

ولو أقرّ المفلس بعتق بعض عبده ، فإن سوّغنا عتق المفلس ، صحّ إقراره به ، وعُتق ؛ لأنّ مَنْ ملك شيئاً ملك الإقرار به ، لأنّ الإقرار بالعتق يحصل به العتق ، فكأنّه أعتقه في الحال.

وإن قلنا : لا يصحّ عتقه ، لم يُقبل إقراره ، وكان على الغرماء اليمين أنّهم لا يعلمون عتقه.

وكلّ موضعٍ قلنا : على الغرماء اليمين ، فإنّها على جميعهم ، فإن حلفوا ، أخذوا. وإن نكلوا ، قضي للمدّعي مع اليمين. وإن حلف بعضٌ دون بعضٍ ، أخذ الحالف نصيبه ، وحكم الناكل ما تقدّم.

ولو أقرّ المفلس أنّه أعتق عبده منذ شهر ، وكان بيد العبد كسبٌ اكتسبه بعد ذلك ؛ فأنكر الغرماء ، فإن قلنا : لا يُقبل إقراره ، حلف الغرماء على نفي العلم ، وأخذوا العبد والكسب.

وإن قلنا : يُقبل إقراره مطلقاً ، قُبِل في العتق والكسب ، ولم يكن للغرماء عليه ولا على كسبه سبيل.

وإن قلنا : يُقبل في العتق خاصّةً وأنّه يُقبل عتقه ، قُبِل في العتق ؛

١٧٠

لصحّته منه ، ولبنائه على التغليب والسراية ، ولا يُقبل في المال ؛ لعدم ذلك فيه ، ولأنّا نزّلنا إقراره بالعتق منزلة إعتاقه في الحال ، فلا تثبت له الحُرّيّة فيما مضى ، فيكون كسبه لسيّده ، كما لو أقرّ بعبدٍ ثمّ أقرّ له بعين في يده.

مسألة ٣٨٢ : إذا قبض البائع الثمن وأفلس المشتري ثمّ وجد البائع بالثمن عيباً ، كان له الردُّ بالعيب ، والرجوع في العين.

ويُحتمل أن يضرب مع الغرماء بالثمن ؛ لأنّ استحقاقه للعين متأخّر عن الحجر ؛ لأنّه إنّما يستحقّ العين بالرجوع والردّ ، لا بمجرّد العيب.

ولو قبض البائع بعض الثمن والسلعة قائمة وفلّس المشتري ، لم يسقط حقّه من الرجوع ، بل يرجع في قدر ما بقي من الثمن ؛ لأنّه سبب تُرجع به العينُ كلّها إلى العاقد ، فجاز أن يرجع به بعضها ، وهو القول الجديد للشافعي.

وقال في القديم : إذا قبض من الثمن شيئاً ، سقط حقّه من الرجوع ، وضاربَ بالباقي مع الغرماء - وبه قال أحمد وإسحاق - لما رواه أبو هريرة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « أيّما رجل باع سلعته فأدرك سلعته بعينها عند رجل قد أفلس ولم يكن قد قبض من ثمنها شيئاً فهي له ، وإن كان قد قبض من ثمنها شيئاً فهو أُسوة الغرماء »(١) .

ولأنّ [ في ](٢) الرجوع في قسط ما بقي تبعّضَ الصفقة على المشتري وإضراراً به(٣) ، وليس ذلك للبائع.

لا يقال : لا ضرر على المفلس في ذلك ؛ لأنّ ماله يباع ولا يبقى له ،

____________________

(١) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٩٠ / ٢٣٥٩ ، سنن الدارقطني ٣ : ٢٩ - ٣٠ / ١٠٩.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجرية : « ببعض إضرار به ». والصحيح ما أثبتناه.

١٧١

فيزول عنه الضرر.

لأنّا نقول : لا يندفع الضرر بالبيع ، فإنّ قيمته تنقص بالتشقيص ، ولا يرغب فيه مشقّصاً إلّا البعضُ ، فيتضرّر المفلس والغرماء بنقص القيمة. ولأنّه سبب يفسخ به البيع ، فلم يجز تشقيصه ، كالردّ بالعيب والخيار. ولا فرق بين كون المبيع عيناً واحدة أو عينين(١) .

وقال مالك : هو مخيّر إن شاء ردّ ما قبضه ، ورجع في جميع العين. وإن شاء حاصّ الغرماء ، ولم يرجع(٢) .

ولا بأس بقول أحمد عندي ؛ لما فيه من التضرّر بالتشقيص.

مسألة ٣٨٣ : لو باعه سلعةً فرهنها المشتري قبل إيفاء الثمن ثمّ أفلس المشتري ، لم يكن للبائع الرجوعُ في العين‌ ؛ لسبق حقّ المرتهن إجماعاً ، وقد سلف(٣) .

فإن كان دَيْن المرتهن دون قيمة الرهن فبِيع كلُّه فقضي منه دَيْن المرتهن ، كان الباقي للغرماء.

وإن بِيع بعضه ، فهل يختصّ البائع بالباقي بقسطه من الثمن؟ الأقوى عندي ذلك - وبه قال الشافعي(٤) - لأنّه عين ماله لم يتعلّق به حقّ غيره.

وقال أحمد : لا يختصّ به البائع ؛ لأنّه لم يجد متاعه بعينه ، فلم يكن له أخذه ، كما لو كان(٥) الدَّيْن مستغرقاً(٦) .‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩٢ ، المغني ٤ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٩ - ٥١٠.

(٢) بداية المجتهد ٢ : ٢٨٨ ، المغني ٤ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٠.

(٣) في ص ١٠٧ ، المسألة ٣٤٩.

(٤ و ٦) المغني ٤ : ٥١٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٤.

(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لو لم يكن » بدل « لو كان ». والصحيح ما أثبتناه كما في المغني.

١٧٢

وهو غلط ؛ فإنّ بعض حقّه يكون حقّاً له.

والأصل فيه أنّ تلف بعض العين لا يُسقط حقّ الرجوع عندنا - خلافاً له(١) - فكذا ذهاب بعضها بالبيع.

ولو رهن بعض العين ، كان له الرجوع في الباقي بالقسط.

ومَنَع منه أحمد ؛ لما فيه من التشقيص ، وهو يقتضي الضرر(٢) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ التشقيص حصل من المفلس برهن البعض ، لا من البائع.

أمّا لو باع عينين فرهن إحداهما(٣) ، فإنّه يرجع في العين الأُخرى عندنا وعند أحمد في إحدى الروايتين ، ولا يرجع في الأُخرى(٤) .

ولو فكّ الرهن أو أُبرئ المفلس من دَيْنه ، فللبائع الرجوعُ ؛ لأنّه أدرك متاعه بعينه عند المشتري.

ولا فرق بين أن يفلس المشتري بعد فكّ الرهن أو قبله.

تذنيب : لو رهنه المشتري عند البائع على الثمن ثمّ أفلس المشتري ، تخيّر البائع بين فسخ البيع للإفلاس‌ ، فيأخذ العين ، وبين إمضاء البيع ، فيقدّم(٥) حقّه ، فإن فضل عن الثمن شي‌ء ، كان للغرماء.

وإن كان رهناً عنده على دَين غير الثمن ، تخيّر في فسخ البيع والرهن ، فيأخذ عين ماله ويضرب بالدَّيْن مع باقي الغرماء ، وبين إمضاء‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٥١٩ - ٥٢٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٤.

(٢) المغني ٤ : ٥٢٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٤.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « أحدهما ». والصحيح ما أُثبت.

(٤) المغني ٤ : ٥٢٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٤.

(٥) في الطبعة الحجريّة : « فقدّم ».

١٧٣

البيع والاختصاص في العين المرهونة بقدر الدَّيْن ، ثمّ يشارك الغرماء في الفاضل من العين ، ويضارب بالثمن.

وهل له فسخ البيع فيما قابَل الزائد عن الرهن بقدره من الثمن؟ الأقرب ذلك.

مسألة ٣٨٤ : لو باع عبداً فأفلس المشتري بعد تعلّق أرش الجناية برقبته ، فللبائع الرجوع‌ ؛ لأنّه حقّ لا يمنع تصرّف المشتري فيه ، فلم يمنع الرجوع ، كالدَّيْن في ذمّته ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد.

والثانية : أنّه ليس للبائع الرجوعُ ؛ لأنّ تعلّق الرهن يمنع الرجوع ، وأرش الجناية مقدّم على حقّ المرتهن ، فهو أولى أن يمنع(١) .

والفرق بينه وبين الرهن ظاهر ؛ فإنّ الرهن يمنع تصرّف المشتري فيه.

فعلى قوله بعدم الرجوع فحكمه حكم الرهن. وعلى قولنا بالرجوع تخيّر إن شاء رجع فيه ناقصاً بأرش الجناية ، وإن شاء ضرب بثمنه مع الغرماء.

وإن أُبرئ الغريم من الجناية ، فللبائع الرجوعُ فيه عندنا وعنده(٢) ؛ لأنّه قد وجد عين ماله خالياً من تعلّق حقّ غيره به.

مسألة ٣٨٥ : لو كان المبيع شقصاً مشفوعاً ، فالشفيع أحقّ من البائع إذا أفلس المشتري‌ ؛ لأنّ حقّه أسبق ؛ لأنّ حقّ البائع يثبت بالحجر ، وحقّ الشفيع بالبيع ، والثاني أسبق. ولأنّ حقّه آكد ؛ لأنّه يأخذ الشقص من المشتري وممّن نقله إليه ، وحقّ البائع إنّما يتعلّق بالعين ما دامت في يد‌

____________________

(١ و ٢) المغني ٤ : ٥٢٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٥.

١٧٤

المشتري ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : أنّ البائع أحقّ ؛ للخبر. ولأنّه إذا رجع فيه ، عاد الشقص إليه ، فزال الضرر عن الشفيع ؛ لأنّه عاد كما كان قبل البيع ، ولم تتجدّد شركة غيره(١) .

وهذان الوجهان للحنابلة(٢) أيضاً.

وللشافعيّة وجهٌ ثالث : أنّ الثمن يؤخذ من الشفيع ، فيختصّ به البائع ؛ جمعاً بين الحقّين ، فإنّ غرض الشفيع [ في ](٣) عين الشقص المشفوع ، وغرض البائع في ثمنه ، ويحصل الغرضان بما قلناه(٤) .

ويشكل بأنّ حقّ البائع إنّما يثبت في العين ، فإذا صار الأمر إلى وجوب الثمن ، تعلّق بذمّته ، فساوى الغرماء فيه.

وللحنابلة وجهٌ ثالث غير ما ذكروه من الوجهين ، وهو أنّ الشفيع إن كان قد طالَب بالشفعة ، فهو أحقّ ؛ لأنّ حقّه آكد وقد تأكّد بالمطالبة. وإن لم يكن طالَب بها ، فالبائع أولى(٥) .

مسألة ٣٨٦ : لو باع صيداً فأفلس المشتري وكان البائع حلالاً في الحرم والصيد في الحلّ ، فللبائع الرجوعُ فيه‌ ؛ لأنّ الحرم إنّما يُحرّم الصيد الذي فيه ، وهذا ليس من صيده فلا يُحرّمه.

ولو أفلس الـمُحْرم وفي ملكه صيد وكان البائع حلالاً ، كان له أخذه ؛

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٢٧٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٠ ، حلية العلماء ٤ : ٤٩٩ ، المغني ٤ : ٥٢٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٥.

(٢) المغني ٤ : ٥٢٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٤.

(٣) ما بين المعقوفين أضفناه من المغني والشرح الكبير لأجل السياق.

(٤) نفس المصادر في الهامش (١)

(٥) المغني ٤ : ٥٢٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٤ - ٥١٥.

١٧٥

لانتفاء المانع عن البائع.

مسألة ٣٨٧ : لو اشترى طعاماً نسيئةً ونظر إليه وقلّبه وقال : أقبضه غداً ، فمات البائع وعليه دَيْنٌ ، فالطعام للمشتري‌ ، ويتبعه الغرماء بالثمن وإن كان رخيصاً - وبه قال الثوري وأحمد وإسحاق(١) - لأنّ الملك يثبت للمشتري فيه بالشراء ، وقد زال ملك البائع عنه ، فلم يشارك الغرماء المشتري فيه ، كما لو قبضه.

مسألة ٣٨٨ : رجوع البائع في المبيع فسخٌ للبيع لا يفتقر إلى شروط البيع‌ ، فيجوز الرجوع مع عدم المعرفة بالمبيع ومع عدم القدرة عليه ومع اشتباهه بغيره ، فلو كان المبيع غائباً وأفلس المشتري ، كان للبائع فسخ البيع ، ويملك المبيع ، سواء مضت مدّة يتغيّر فيها المبيع قطعاً أو لا.

ثمّ إن وجده البائع على حاله لم يتلف منه شي‌ء ، صحّ رجوعه.

وإن تلف منه شي‌ء ، فكذلك عندنا ، وعند أحمد يبطل رجوعه ؛ لفوات شرط الرجوع عنده(٢) .

ولو رجع في العبد بعد إباقه وفي الجمل بعد شروده ، صحّ ، وصار ذلك له ، فإن قدر عليه ، أخذه ، وإن تلف ، كان من ماله.

ولو ظهر أنّه كان تالفاً حال الاسترجاع ، بطل الرجوع ، وكان له أن يضرب مع الغرماء في الموجود من ماله.

ولو رجع في المبيع واشتبه بغيره ، فقال البائع : هذا هو المبيع ، وقال المفلس : بل هذا ، فالقول قول المفلس ؛ لأنّه منكر لاستحقاق ما ادّعاه البائع ، والأصل معه ، والغرماء كالمفلس.

____________________

(١) المغني ٤ : ٥٢٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٣٤.

(٢) المغني ٤ : ٤٩٨ و ٤٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١١ و ٥١٢.

١٧٦

مسألة ٣٨٩ : لو كان عليه ديون حالّة ومؤجَّلة ، فقد قلنا : إنّ المؤجَّلة لا تحلّ بالحجر عليه‌ ، فإذا كانت أمواله تقصر عن الحالّة فطلبوا القسمة ، قُسّم ماله عليها خاصّةً ، فإن تأخّرت القسمة حتى حلّت المؤجَّلة ، شارك الغرماء ، كما لو تجدّد على المفلس دَيْنٌ بجنايةٍ.

ولو حلّ الدَّيْن بعد قسمة بعض المال ، شاركهم في الباقي ، وضرب بجميع ماله ، وضرب باقي الغرماء ببقيّة ديونهم. ولو مات وعليه دَيْنٌ مؤجَّل ، حلّ أجل الدَّيْن عليه. وسيأتي إن شاء الله تعالى.

مسألة ٣٩٠ : قد ذكرنا أنّ المفلس محجور عليه في التصرّفات الماليّة ، فلو أعتق بعض عبده ، لم ينفذ عتقه - وبه قال مالك وابن أبي ليلى والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لأنّه تبرّع ، وهو ممنوع منه بحقّ الغرماء ، فلم ينفذ عتقه ، كالمريض المستغرق دَيْنُه مالَه. ولأنّه محجور عليه ، فلم ينفذ عتقه ، كالسفيه.

وقال أبو يوسف وأحمد - في الرواية الأُخرى - وإسحاق : إنّه ينفذ عتقه ؛ لأنّه مالك رشيد ، فينفذ ، كما قبل الحجر ، بخلاف سائر التصرّفات ؛ لأنّ للعتق تغليباً وسرايةً(٢) .

والفرق بين ما بعد الحجر وقبله ظاهر ؛ لتعلّق حقّ الغرماء في الثاني ، دون الأوّل ، وتعلّق حقّ الغير يمنع من نفوذ العتق ، كالرهن ، والسراية من شرطها الإيسار حتى يؤخذ منه قيمة نصيب شريكه ولا يتضرّر ، ولو كان معسراً ، لم ينفذ عتقه ، إلّا في ملكه ؛ صيانةً لحقّ الغير وحفظاً له عن الضياع ، فكذا هنا.

____________________

(١ و ٢) المغني ٤ : ٥٣١ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٢.

١٧٧

مسألة ٣٩١ : لو جنى المفلس بعد الحجر جنايةً أوجبت مالاً ، شارك المجنيّ عليه الغرماء‌ ؛ لأنّ حقّ المجنيّ عليه ثبت(١) بغير اختياره.

ولو كانت الجناية موجبةً للقصاص فعفا صاحبها عنها إلى مالٍ ، أو صالحه المفلس على مالٍ ، قال أحمد : شارك الغرماء ؛ لأنّ سببه يثبت بغير اختياره ، فأشبه ما لو أوجبت المال(٢) .

ويحتمل عندي أنّه لا يشارك ؛ لأنّ الجناية موجَبُها القصاص ، وإنّما يثبت المال صلحاً ، وهو متأخّر عن الحجر ، فلا يشارك الغرماء ، كما لو استدان بعد الحجر.

لا يقال : لِمَ لا قُدّم حقّ المجنيّ عليه على سائر الغرماء ، كما لو جنى عبد المفلس ، فإنّ حقّ المجنيّ عليه مقدّم هنا؟

لأنّا نقول : الفرق ظاهر ؛ فإنّ المجنيّ عليه في صورة العبد تعلّق حقّه بعين العبد ، وهنا تعلّق حقّه بالذمّة ، فكان كغيره من الغرماء.

مسألة ٣٩٢ : قد بيّنّا أنّه لا يجوز أن يباع على المفلس مسكنه ولا خادمه إن كان من أهله‌ ، سواء كان المسكن والخادم - اللّذان لا يستغنى عنهما - عين مال بعض الغرماء أو كان جميع أمواله أعيان أموالٍ أفلس بأثمانها ، ووجدها أصحابها ، أو لا.

وقال أحمد : إن كان المسكن والخادم عين مال بعض الغرماء ، كان له أخذهما ؛ لقولهعليه‌السلام : « مَنْ أدرك متاعه عند رجل بعينه قد أفلس فهو أحقّ به »(٣) .

____________________

(١) في « ث » والطبعة الحجريّة : « يثبت ».

(٢) المغني ٤ : ٥٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٢ - ٥٠٣.

(٣) تقدّم تخريجه في ص ٩٢ ، الهامش (١)

١٧٨

ولأنّ حقّه تعلّق بالعين ، فكان أقوى سبباً من المفلس. ولأنّ منعهم من أخذ أعيان أموالهم يفتح باب الحيل بأن يشتري مَنْ لا مال له في ذمّته ثياباً يلبسها وداراً يسكنها وخادماً يخدمه وفرساً يركبها وطعاماً له ولعياله ويمتنع على أربابها أخذها ؛ لتعلّق حاجته بها ، فتضيع أموالهم ، ويستغني هو [ بها ](١) (٢) .

والحديث ليس على إطلاقه ؛ لأنّه مشروط - إجماعاً - بشرائط مذكورة ، فخرج عن الاحتجاج به في صورة النزاع ؛ لأنّ شرط الأخذ عندنا أن لا يكون ممّا يحتاج إليه المفلس في ضروريّات معاشه ، ولعموم الأخبار الدالّة على المنع من بيع المسكن ، وقد ذكرنا بعضها في باب الدَّيْن(٣) ، وحقّ المفلس تعلّق أيضاً بالعين حيث لا سواها ، والتفريط في الحِيَل المذكورة من البائع ، لا من المفلس.

ولو كان للمفلس صنعة تكفيه لمؤونته وما يجب عليه لعياله ، أو كان يقدر على تكسّب ذلك ، لم يُترك له شي‌ء. وإن لم يكن له شي‌ء من ذلك ، تُرك له قوت يوم القسمة وما قبله من يوم الحجر ، ولا يُترك له أزيد من ذلك ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد.

وفي الثانية : يُترك له ما يقوم به معاشه(٤) .

وليس بجيّد.

إذا عرفت هذا ، فينبغي أن يُترك له النفقة إلى يوم القسمة ويوم‌

____________________

(١) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) المغني ٤ : ٥٣٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٣٧.

(٣) راجع ج ١٣ ، ص ١٤ ، المسألة ١١ ، وص ١٦ ، المسألة ١٣.

(٤) المغني ٤ : ٥٣٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٣٩.

١٧٩

القسمة أيضاً ، ويجعل ذلك ممّا لا يتعلّق به حقّ بعضهم ؛ لأنّ مَنْ تعلّق حقّه بالعين أقوى سبباً من غيره.

ولو تعلّقت حقوق الجميع بالأعيان ، قُسّط بينهم بالنسبة.

مسألة ٣٩٣ : لا يجب على المفلس التكسّب ، وقد تقدّم‌(١) ، فلا يُجبر على قبول هديّة ولا صدقة ولا وصيّة ولا قرض ، ولا تُجبر المرأة على أخذ مهرها من الزوج ؛ لما في ذلك من المنّة والتضرّر لو قهرت الزوج على أخذ المهر إن خافت من ذلك ، وإلاّ أُخذ منه ، ولا تُجبر على النكاح لتأخذ مهرها ؛ لما في النكاح من وجوب حقوقٍ عليها.

مسألة ٣٩٤ : لو اشترى حَبّاً فزرعه واشترى ماءً فسقاه فنبت ثمّ أفلس‌ فإنّهما(٢) يضربان بثمن الحَبّ والماء مع الغرماء ، ولا يرجعان في الزرع ؛ لأنّ عين مالهما غير موجودة فيه ، كما لو اشترى طعاماً فأطعمه عبده حتى كبر ، فإنّه لا حقّ له في العين ، ولأنّ نصيب الماء منه غير معلومٍ لأحدٍ من الناس.

وكذا لو اشترى بيضةً وتركها تحت دجاجة حتى صارت فرخاً ثمّ أعسر ، لم يرجع بائع البيضة في الفرخ ؛ لأنّ عينها غير موجودة.

وللشافعي وجهان(٣) .

مسألة ٣٩٥ : إذا باع أمين الحاكم عيناً للمفلس ، فتلف الثمن في يده‌

____________________

(١) في ص ٦٠ ، المسألة ٣٠٩.

(٢) أي : بائعا الحَبّ والماء.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٢٨٢ و ٢٨٣ ، الوسيط ٤ : ٢٧ - ٢٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥٠٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٦ - ٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩٤.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510