تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

تذكرة الفقهاء11%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: 510

الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 510 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 406220 / تحميل: 5178
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

٢٠١

الفصل الثاني : الجنون‌

ولا خلاف بين العلماء كافّة في الحجر على المجنون ما دام مجنوناً ، وأنّه لا ينفذ شي‌ء من تصرّفاته ؛ لسلب أهليّته عن ذلك.

والحديث يدلّ عليه ، وهو قولهعليه‌السلام : « رُفع القلم عن ثلاث : عن الصبي حتى يبلغ ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى ينتبه »(١) .

ولا خلاف في أنّ زوال الجنون مقتضٍ لزوال الحجر عن المجنون ، سواء حكم به حاكمٌ أو لا ، وسواء كان الجنون يعتوره دائماً أو يأخذه أدواراً.

نعم ، ينفذ تصرّفه حال إفاقته إذا عُرف رشده ، ولا ينفذ حالة جنونه بلا خلافٍ.

الفصل الثالث : السفيه‌

وفيه مباحث :

الأوّل : في الحجر عليه

مسألة ٤٠٨ : قال الله تعالى :( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً )(٢) وقال تعالى :( وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ) (٣) .

____________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ١٩٠ ، الهامش (٣)

(٢) النساء : ٥

(٣) النساء : ٦

٢٠٢

وإنّما أضاف الله تعالى الأموالَ إلى الأولياء وهي لغيرهم ؛ لأنّهم القُوّام عليها والمدبِّرون لها ، وقد يضاف الشي‌ء إلى غيره بأدنى ملابسة ، كما يقال لأحد حاملي الخشبة : خُذْ طرفك. فقد شرط الله في دفع المال إلى اليتيم أمرين : البلوغ ، وقد سبق ، والرشد ؛ لأنّ الحجر عليه إنّما كان لعجزه عن التصرّف في ماله على وجه المصلحة حفظاً لمالِه عليه ، وبالبلوغ والرشد يقدر على التصرّف ، ويحفظ ماله ، فيزول الحجر ؛ لزوال سببه.

إذا عرفت هذا ، فإنّما يزول الحجر عن الصبي بأمرين : البلوغ ، والرشد ؛ لقوله تعالى :( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ) (١) .

والبلوغ قد سلف.

وأمّا الرشد : فقال الشيخرحمه‌الله : هو أن يكون مصلحاً لمالِه ، عَدْلاً في دينه ، فإذا كان مصلحاً لمالِه غيرَ عَدْلٍ في دينه ، أو كان عَدْلاً في دينه غيرَ مصلحٍ لمالِه ، فإنّه لا يُدفع إليه(٢) . وبه قال الشافعي والحسن البصري وابن المنذر(٣) ؛ لقوله تعالى :( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ) (٤) والفاسق موصوف بالغيّ لا بالرشد.

وروي عن ابن عباس أنّه قال في قوله تعالى :( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ‌

____________________

(١) النساء : (٦)

(٢) الخلاف ٣ : ٢٨٣ - ٢٨٤ ، المسألة (٣)

(٣) الأُم ٣ : ٢١٥ ، مختصر المزني : ١٠٥ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٣٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٣ - ٥٣٤ ، التفسير الكبير - للرازي - ٩ : ١٨٨ ، الوجيز ١ : ١٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٦ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٨١ ، المغني ٤ : ٥٦٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٩.

(٤) النساء : (٦)

٢٠٣

رُشْداً ) (١) : هو أن يبلغ ذا وقار وحلم وعقل(٢) . ومثله عن مجاهد(٣) .

ولأنّ الفاسق غير رشيدٍ ، فلو ارتكب شيئاً من المحرَّمات ممّا تسقط به العدالة ، كان غير رشيدٍ.

وكذا لو كان مبذّراً لمالِه وتصرّفه في الملاذّ النفسيّة والثياب الرفيعة والمركوبات الجليلة التي لا يليق بحاله ، كان سفيهاً ، ولم يكن رشيداً.

وقال أكثر أهل العلم : الرشد الصلاح في المال خاصّةً ، سواء كان صالحاً في دينه أو لا ، وهو قول مالك وأبي حنيفة وأحمد(٤) ، وهو المعتمد عندي ؛ لقوله تعالى :( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ٠............. ) (٥) .

روي عن ابن عباس أنّه قال : يعني صلاحاً في أموالهم(٦) .

وقال مجاهد : إذا كان عاقلاً(٧) .

وإذا كان حافظاً لمالِه ، فقد أُنس منه الرشد.

ولأنّ هذا نكرة مثبتة يصدق في صورة ما ، ولا ريب في ثبوت الرشد‌

____________________

(١) النساء : (٦)

(٢) أحكام القرآن - للجصّاص - ٢ : ٦٣ ، تفسير ابن أبي حاتم ٣ : ٨٦٥ ، الخلاف - للطوسي - ٣ : ٢٨٤ ، ضمن المسألة (٣)

(٣) تفسير الطبري ( جامع البيان ) ٤ : ١٦٩ ، تفسير ابن أبي حاتم ٣ : ٨٦٥ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ٢ : ٦٣ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ : ٣٧ ، المغني ٤ : ٥٦٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٩ ، وفيها تفسير الرشد بالعقل فقط.

(٤) بداية المجتهد ٢ : ٢٨١ ، المعونة ٢ : ١١٧٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٣٧ ، التفسير الكبير - للرازي - ٩ : ١٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٣ - ٧٤ ، المغني ٤ : ٥٦٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٩.

(٥) النساء : (٦)

(٦) تفسير الطبري ( جامع البيان ) ٤ : ١٦٩ ، تفسير ابن أبي حاتم ٣ : ٨٦٥ ، المغني ٤ : ٥٦٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٩.

(٧) راجع المصادر في الهامش (٣)

٢٠٤

للمصلح لماله وإن كان فاسقاً ؛ لأنّه قد وُجد منه رُشْدٌ. ولأنّ العدالة لا تُعتبر في الرشد في الدوام ، فلا تُعتبر في الابتداء ، كالزهد في الدنيا. ولأنّ هذا مصلح لماله ، فأشبه العدل. ولأنّ الحجر عليه إنّما كان لحفظ ماله عليه وحراسته عن التلف بالتبذير ، فالمؤثّر فيه ما أثّر في تضييع المال ، والفاسق وإن لم يكن رشيداً في دينه لكنّه رشيد في ماله.

ويُنتقض قولهم بالكافر ، فإنّه غير رشيد في دينه ، ولا يُحجر عليه ، كذا الفاسق. ولأنّه لو طرأ الفسق على المسلم بعد دفع ماله إليه ، لم يزل رشده ، ولم يُحجر عليه لأجل فسقه ، ولو كانت العدالة شرطاً في الرشد ، لزال بزوالها ، كحفظ المال.

ولا يلزم من منع قبول شهادته منع دفع ماله إليه ، فإنّ المعروف بكثرة الغلط والغفلة والنسيان ومَنْ لا يتحفّظ من الأشياء المفضية إلى قلّة المروءة - كالأكل في السوق ، وكشف الرأس بين الناس ، ومدّ الرِّجْل عندهم ، وأشباه ذلك - لا تُقبل شهادته ، وتُدفع إليه أمواله(١) إجماعاً.

إذا عرفت هذا ، فإنّ الفاسق إن كان يُنفق مالَه في المعاصي - كشراء الخمور وآلات اللهو والقمار - أو يتوصّل به إلى الفساد ، فهو غير رشيد لا تُدفع إليه أمواله إجماعاً ؛ لتبذيره لماله وتضييعه إيّاه في غير فائدة.

وإن كان فسقه لغير ذلك - كالكذب ومنع الزكاة وإضاعة الصلاة - مع حفظه لماله ، دُفع إليه ماله ؛ لأنّ الغرض من الحجر حفظ المال ، وهو يحصل بدون الحجر ، فلا حاجة إليه.

وكذا لو طرأ الفسق الذي لا يتضمّن تضييع المال ولا تبذيره ، فإنّه‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « إليهم أموالهم ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

٢٠٥

لا يُحجر عليه إجماعاً.

واعلم أنّ الشافعي قال : الصلاح في الدين حين تكون الشهادة جائزةً(١) .

وقد بيّنّا أنّ الشهادة قد تُردّ بترك المروءة ، والصنائع الدنيئة ، كالزبّال ، والسؤال على أبواب الدور وإن كان ذلك لا يُثبت الحجر.

مسألة ٤٠٩ : لو بلغ الصبي غيرَ رشيد ، لم يُدفع إليه ماله وإن صار شيخاً وطعن في السنّ‌ ، وهذا قول أكثر علماء الأمصار من أهل الحجاز والعراق والشام ومصر ، فإنّهم يرون الحجر على كلّ مضيّع لماله ، صغيراً كان أو كبيراً - وبه قال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبو يوسف ومحمّد(٢) - لقوله تعالى :( وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ) (٣) علّق دفع المال على شرطين : البلوغ ، والرشد ، فلا يثبت الحكم بدونهما.

وقال تعالى :( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ ) (٤) يعني أموالهم.

وقال تعالى :( فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ) (٥) أثبت الولاية على السفيه.

____________________

(١) الأُمّ ٣ : ٢١٥ ، مختصر المزني : ١٠٥ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٥٠.

(٢) بداية المجتهد ٢ : ٣٧٩ - ٣٨٠ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ : ٣٧ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٦ ، المغني ٤ : ٥٥٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٣ ، مختصر اختلاف العلماء ٥ : ٢١٦ / ٢٣١١ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٨١ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٥٢.

(٣) النساء : ٦

(٤) النساء : ٥

(٥) البقرة : ٢٨٢.

٢٠٦

ولأنّه مبذّر لماله ، فلا يجوز دفعه إليه ، كغير البالغ خمساً وعشرين سنة.

وقال أبو حنيفة : لا يُدفع إليه ماله إذا كان قد بلغ سفيهاً ، وإن تصرّف ، نفذ تصرّفه ، فإذا بلغ خمساً وعشرين سنة ، فُكّ عنه الحجر ، ودُفع إليه ماله وإن كان سفيهاً ؛ لقوله تعالى :( وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (١) وقد زال اليتم.

ولأنّه قد بلغ أشدّه ، وصلح أن يصير جَدّاً. ولأنّه حُرٌّ بالغ عاقل مكلّف ، فلا يُحجر عليه ، كالرشيد(٢) .

والآية لا دلالة فيها ، ولو دلّت فإنّما تدلّ بمفهوم الخطاب ، وهو ليس حجّةً عنده(٣) .

ثمّ هي مخصوصة بما قبل خمس وعشرين سنة بالإجماع ، فيجب أن تخصّ بما بعدها ؛ لأنّ الموجب للتخصيص علّة السفه ، وهي موجودة فيما بعدها ، فيجب أن يخصّ بها ، كما أنّ الآية لمـّا خُصّصت في حقّ المجنون لأجل جنونه قبل خمس وعشرين خُصّت أيضاً به بعد خمس وعشرين.

والمنطوق الذي استدللنا به أولى من مفهومه.

____________________

(١) الأنعام : ١٥٢ ، الإسراء : ٣٤.

(٢) المبسوط - للسرخسي - ٢٤ : ١٦١ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٨٢ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٧٠ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٥٢ ، مختصر اختلاف العلماء ٥ : ٢١٦ / ٢٣١١ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣١٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٣ - ٧٤ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٥٥٤.

(٣) كما في المغني ٤ : ٥٥٥ ، والشرح الكبير ٤ : ٥٥٤ ، وفي ميزان الأُصول ١ : ٤٤٥ ، وشرح اللمع ١ : ٤٢٨ ، والإشارة في معرفة الأُصول ٢٩٤ نسبته إلى أصحاب أبي حنيفة.

٢٠٧

وكونه جَدّاً ليس تحته معنى يقتضي الحكم ، ولا أصل له في الشرع يشهد له بالاعتبار ، فيكون إثباتاً للحكم بالتحكّم.

ثمّ هو ثابت في مَنْ له دون هذا السنّ ، فإنّ المرأة تكون جَدّةً لإحدى وعشرين.

وقياسهم منتقض بمَنْ له دون خمس وعشرين سنة ، وموجب الحجر قبل خمس وعشرين ثابت بعدها ، فيثبت حكمه.

مسألة ٤١٠ : هذا المحجور عليه للسفه قبل بلوغه خمساً وعشرين سنة وبعد بلوغه بالاحتلام لا ينفذ تصرّفه ألبتّة في شي‌ء‌ ، ولا ينفذ إقراره ، ولا يصحّ بيعه ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي(١) - لأنّه لا يدفع إليه ماله ؛ لعدم رشده ، فلا يصحّ تصرّفه وإقراره ، كالصبي والمجنون. ولأنّه إذا نفذ إقراره وبيعه ، تلف ماله بذلك ، ولم يُفد منعه من ماله [ شيئاً ](٢) .

وقال أبو حنيفة : يصحّ بيعه وإقراره ، وإنّما لا يسلّم إليه ماله إلّا بعد خمس وعشرين سنة.

وبنى ذلك على أصله من أنّ البالغ لا يُحجر عليه ، وإنّما يمنع من تسليمه المال ؛ للآية(٣) (٤) .

وهو خطأ ؛ فإنّ تصرّفه لو كان نافذاً ، لسُلّم إليه ماله ، كالرشيد. ولأنّه لا فرق بين أن يسلّم إليه أو إلى مَنْ يقبضه بسببه ، فإنّه إذا باع ، وجب‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٧.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٣) الأنعام : ١٥٢ ، الإسراء : ٣٤.

(٤) الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٥٣ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٧١ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٨١ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٦ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٥٥٥.

٢٠٨

تسليمه إلى المشتري ، وإلّا لم يُفد تصرّفه شيئاً ، فكان يتسبّب إلى إتلاف ماله بوسائط المشترين.

مسألة ٤١١ : لو بلغ وصرف أمواله في وجوه الخير‌ كالصدقات وفكّ الرقاب وبناء المساجد والمدارس وأشباه ذلك [ فذلك ](١) ممّن لا يليق به - كالتاجر وشبهه - تبذير - وبه قال بعض الشافعيّة(٢) - لأنّه إتلافٌ للمال.

قال الله تعالى :( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً * إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ ) (٣) وهو صريح في النهي عن هذه الأشياء.

وتضييع المال بإلقائه في البحر أو باحتمال الغبن الفاحش في المعاملات ونحوها تبذير.

وكذا الإنفاق في المحرَّمات.

وكذا صَرفه في الأطعمة النفيسة - وبه قال بعض الشافعيّة(٤) - للعادة.

وقال أكثرهم : لا يكون تبذيراً ؛ لأنّ الغاية في تملّك المال الانتفاعُ به والالتذاذ(٥) .

وكذا قالوا : إنّ شراء الثياب الفاخرة وإن لم تكن لائقةً به ، والإكثار من شراء الغانيات والاستمتاع بهنّ وما أشبهه ليس تبذيراً(٦) .

وبالجملة ، حصر أكثرهم التبذيرَ في التضييعات ، كالرمي في البحر ، واحتمالِ الغبن الفاحش وشبهه ، وفي الإنفاق في المحرّمات(٧)

____________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٤.

(٣) الإسراء : ٢٩ و ٣٠.

(٤ - ٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٤.

٢٠٩

وليس بجيّد على ما سلف.

مسألة ٤١٢ : المرأة - كالذكر - إذا بلغت وعُلم رشدها ، زال الحجر عنها‌ ، ودُفع إليها مالُها ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وعطاء والثوري وأبو ثور وابن المنذر وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لعموم قوله تعالى :( وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ) (٢) .

ولأنّها يتيم بلغ وأُنس منه الرشد ، فيدفع إليه مالُه ، كالرجل. ولأنّها بالغة رشيدة ، فدُفع إليها مالُها ، ونفذ تصرّفها ، كالتي دخل بها الزوج.

وعن أحمد رواية أُخرى : أنّ المرأة لا يُدفع إليها مالُها ما لم تتزوّج أو تلد أو يمضي لها في بيت زوجها سنة ، سواء بلغت رشيدةً أو لا - وبه قال عمر بن الخطّاب وشريح والشعبي وإسحاق - لما رواه شريح قال : عهد إليَّ عمر بن الخطّاب : أن لا تحبيّن(٣) الجارية عطيّةً حتى تحول في بيت زوجها [ حولاً ](٤) أو تلد ولداً(٥) .

وهذا الخبر ليس حجّةً ؛ لأنّ قول عمر لا يجب المصير إليه ، وليس مشهوراً ، ولا ورد به الكتاب ولا عضده خبرٌ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا أفتى به أحد من الصحابة ، ولا دلّ عليه قياس ولا نظر ، مع أنّه لو كان حجّةً ، لكان مختصّاً بالعطيّة. ولا يلزم من منع العطيّة منع مالها عنها ولا منعها من قبضه‌

____________________

(١) الأُم ٣ : ٢١٦ ، مختصر المزني : ١٠٥ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٥٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٣٥ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٦ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٥٦٠.

(٢) النساء : (٦)

(٣) في المصدر : « لا أُجيز » بدل « لا تحبيّن ».

(٤) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٥) المغني والشرح الكبير ٤ : ٥٦٠.

٢١٠

والتصرّف فيه بما شاءت.

وقال مالك : لا يُدفع إليها مالُها حتى تتزوّج ، ويدخل عليها زوجها ، فإذا نكحت ، دُفع إليها مالُها بإذن الزوج ، ولا ينفذ تبرّعها بما زاد على الثلث ، إلّا بإذن الزوج ما لم تصر عجوزاً ؛ لأنّ كلّ حالة جاز للأب تزويجها فيها من غير إذنها لم ينفكّ عنها الحجر ، كالصغير ، فإذا كان للأب إجبارها على النكاح ، كانت ولاية المال لغيرها(١) .

ونحن نمنع إجبارها على النكاح ، بل متى بلغت رشيدةً كان أمرها في النكاح وغيره إليها على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.

سلّمنا ، لكنّ الفرق ظاهر ؛ فإنّ مصلحتها في النكاح لا يُقدر على معرفتها إلّا بمباشرة الأب أو بمباشرتها بعد وقوعه.

وبالجملة ، فإنّ للأب إجبارَها على النكاح ؛ لأنّ اختبارها لا يمكن بالنكاح ، بخلاف المعاملات من البيع والشراء وغيرهما ، فإنّه يمكن معرفته ومباشرته قبل النكاح وبعده.

وعلى هذه الرواية إذا لم تتزوّج ، دام الحجر عليها عند أحمد ومالك ؛ لفقد شرط رفع الحجر(٢) .

مسألة ٤١٣ : إذا بلغت المرأة رشيدةً ، صحّ تصرّفها في مالها‌ ، سواء أذن زوجها أو منع ، وسواء كانت متبرّعةً أو لا ، وسواء كان بقدر الثلث أو أزيد ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وابن المنذر وأحمد‌

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ٢٨٠ - ٢٨١ ، التلقين ٢ : ٤٢٣ و ٤٢٤ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٥٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٣٥ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٤ ، المغني ٤ : ٥٦٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٦١.

(٢) المغني والشرح الكبير ٤ : ٥٦١.

٢١١

في إحدى الروايتين(١) - لعموم قوله تعالى :( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ) (٢) وهو ظاهر في فكّ الحجر عنهم وإطلاقهم في التصرّف.

وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا معشر النساء تصدّقن ولو من حُليّكنّ »(٣) وإنّهنّ تصدّقن ، فقَبِل صدقتهنّ ولم يسأل ولم يستفصل.

وجاءته امرأة عبد الله وامرأة أُخرى يقال لها : زينب ، فسألته عن الصدقة هل يجزئهنّ أن يتصدّقن على أزواجهنّ وأيتامٍ لهنّ؟ فقال : « نعم »(٤) ولم يذكر لهنّ هذا الشرط.

ولأنّ مَنْ وجب دفع ماله إليه برشده جاز له التصرّف فيه من غير إذنٍ ، كالغلام. ولأنّ المرأة من أهل التصرّف ، ولا حقّ لزوجها في مالها ، فلم(٥) يملك الحجر عليها في التصرّف بجميعه ، كحُليّها.

وقال مالك وأحمد في الرواية الأُخرى : ليس لها أن تتصرّف في مالها بأزيد من الثلث بغير عوضٍ ، إلّا بإذن زوجها(٦) .

وحكي عن مالك في امرأة أعتقت جارية لها ليس لها غيرها فخشيت - ولها زوج - من ذلك [ أن ] يُقليها(٧) زوجها ، قال : له أن يردّ عليها ، وليس‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٣٥٢ و ٣٥٣ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٧ ، المغني ٤ : ٥٦١ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١١٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٧٧.

(٢) النساء : (٦)

(٣) سنن الترمذي ٣ : ٢٨ / ٦٣٥.

(٤) المغني ٤ : ٥٦٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٧٧.

(٥) في الطبعة الحجريّة : « فلا ».

(٦) الكافي في فقه أهل المدينة : ٤٢٤ ، التلقين ٢ : ٤٢٤ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٤ ، المغني ٤ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٧٧.

(٧) القلى : البغض. لسان العرب ١٥ : ١٩٨ « قلا ».

٢١٢

لها عتق ؛ لما روي أنّ امرأة كعب بن مالك أتت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بحُليٍّ لها ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يجوز للمرأة عطيّة حتى يأذن زوجها ، فهل استأذنتِ كعباً؟ » فقالت : نعم ، فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى كعب ، فقال : « هل أذنتَ لها أن تتصدّق بحُليّها؟ » فقال : نعم ، فقَبِله(١) .

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في خطبةٍ خَطَبها : « لا يجوز لامرأة عطيّة في مالها إلّا بإذن زوجها ، إذ هو مالك عصمتها »(٢) .

ولقولهعليه‌السلام : « تُنكح المرأة لدينها وجمالها ومالها »(٣) والعادة جارية أنّه(٤) يتبسّط في مالها ، وينتفع بجهازها.

قالوا : وكذا يجب عليها عنده التجهيز ، فلهذا كان له منعها.

ولأنّ العادة تقضي بأنّ الزوج يزيد في مهرها من أجل مالها ، وإذا أعسر بالنفقة أُنظر ، فجرى ذلك مجرى حقوق الورثة المتعلّقة بمال المريض(٥) .

وحديثهم مرسل ، على أنّه محمول على ما هو الظاهر منه ، وهو أنّه لا يجوز عطيّتها بماله بغير إذنه ؛ لأنّه وافق على تجويز عطيّتها من مالها دون الثلث(٦) .

____________________

(١) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٩٨ / ٢٣٨٩.

(٢) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٩٣ / ٣٥٤٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٩٨ / ٢٣٨٨ ، سنن النسائي ٦ : ٢٧٨ ، سنن البيهقي ٦ : ٦٠.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ١٠٨٧ / ٥٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٩٦ / ١٠٨٦ ، سنن النسائي ٦ : ٦٥ ، مسند أحمد ٤ : ٢٣٣ / ١٣٨٢٥.

(٤) أي الزوج.

(٥) المغني ٤ : ٥٦١ - ٥٦٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٧٧.

(٦) راجع الهامش (٦) من ص ٢١١.

٢١٣

وليس معهم حديث يدلّ على تحديد المنع بالثلث ، فيكون التحديد بالثلث تحكّماً لا دليل فيه ولا قياس يدلّ عليه.

والفرق بين الزوجة والمريض من وجوه :

أ : المرض سبب يفضي إلى وصول [ المال ](١) إليهم بالميراث ، والزوجيّة إنّما تجعله من أهل الميراث ، فهي(٢) أحد وصفي العلّة ، فلا يثبت الحكم بمجرّدها ، كما لا يثبت للمرأة الحجر على زوجها ولا لسائر الورّاث بدون المرض.

ب : تبرّع المريض موقوف ، فإن برئ من مرضه ، صحّ تبرّعه ، وهنا أبطلوه على كلّ حال ، والفرع لا يزيد على أصله.

ج : يُنتقض ما ذكروه بالمرأة ، فإنّها تنتفع بمال زوجها ، وتتبسّط فيه عادة ، ولها النفقة منه ، وانتفاعها بماله أكثر من انتفاعه من مالها ، وليس لها الحجر عليه ، على أنّ هذا المعنى ليس موجوداً في الأصل ، ومن شرط صحّة القياس ثبوت الحكم في الأصل ، والمرأة قد ترغب في الرجل لماله ، ولا تعترض عليه في تصرّفه ، فكذا الرجل ، وانتفاعه بمالها لا يستحقّه ، ولا يجب عليها التجهيز له ، ولو كان كذلك(٣) ، لاختصّ بما يستعمل ، دون سائر مالها.

مسألة ٤١٤ : قد بيّنّا أنّ للمرأة الصدقة من مال زوجها بالشي‌ء اليسير من المأكول والمأدوم بشرط عدم الإضرار‌ ، وعدم المنع منه - وهو إحدى‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « النظر ». والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فهو ». والظاهر ما أثبتناه.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لذلك » بدل « كذلك ». والظاهر ما أثبتناه.

٢١٤

الروايتين عن أحمد(١) - لأنّ عائشة قالت : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما أنفقت المرأة من بيت زوجها غيرَ مُفسدةٍ كان لها أجرها(٢) ، وله مثله بما كسب ، ولها بما أنفقت ، وللخازن(٣) مثل ذلك من غير أن ينتقص من أُجورهم شي‌ء »(٤) ولم يذكر إذناً.

وأتت أسماءُ النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت : يا رسول الله ليس لي شي‌ء إلّا ما أدخل الزبير ، فهل عليَّ جناح أن أرضخ(٥) ممّا يُدخل عليَّ؟ فقال : « ارضخي بما استطعت ، ولا توعي(٦) [ فيوعى ](٧) عليك »(٨) .

وأتت امرأةٌ النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت : يا رسول الله إنّا كَلٌّ على أزواجنا وأبنائنا ، فما يحلّ لنا من أموالهم؟ قال : « الرطب تأكلنه »(٩) .

ولأنّ العادة قاضية بالسماح به وطيب النفس عنه ، فجرى مجرى التصريح بالإذن ، كما أنّ تقديم الطعام بين يدي الآكل قائم مقام صريح الإذن في أكله.

____________________

(١) المغني ٤ : ٥٦٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٨٢.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « أجره » والمثبت كما في المصادر ما عدا سنن أبي داوُد ، ففيه : « أجر ما أنفقت ».

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « وللجارية » بدل « وللخازن ». وما أثبتناه من المصادر.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٧١٠ / ٨١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٧٠ / ٢٢٩٤ ، سنن أبي داوُد ٢ : ١٣١ / ١٦٨٥ ، مسند أحمد ٧ : ٦٧ / ٢٣٦٥١ بتفاوت يسير في بعضها.

(٥) الرضخ : العطيّة القليلة. النهاية - لابن الأثير - ٢ : ٣٢٨ « رضخ ».

(٦) أي لا تجمعي وتشحّي بالنفقة فيشحّ عليك. النهاية - لابن الأثير - ٥ : ٢٠٨ « وعا ».

(٧) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٨) صحيح مسلم ٢ : ٧١٤ / ٨٩ ، سنن البيهقي ٤ : ١٨٧ ، و ٦ : ٦٠.

(٩) المصنّف - لابن أبي شيبة - ٦ : ٥٨٥ / ٢١٢٦ ، منتخب مسند عبد بن حُميد : ٧٩ / ١٤٧ ، أُسد الغابة ٢ : ٢٢٨ / ٢٠٥٦.

٢١٥

والرواية الثانية عن أحمد : أنّه لا يجوز ؛ لأنّ أبا أُمامة الباهلي(١) قال : سمعت رسولَ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « لا تنفق المرأة شيئاً من بيتها إلّا بإذن زوجها » قيل : يا رسول الله و [ لا ](٢) الطعام؟ قال : « ذاك أفضل أموالنا »(٣) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا عن طيب نفسه »(٤) .

وقال : « إنّ الله حرّم بينكم دماءكم وأموالكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا »(٥) .

ولأنّه تبرّع بمال غيره بغير إذنه ، فلم يجز ، كغير الزوجة(٦) .

والحقُّ : الأوّل ؛ لما تقدّم من الأدلّة ، والأحاديث من طريق العامّة والخاصّة خاصّةٌ ، فتُقدّم على أحاديث أحمد ، العامّة ، والحديث الخاصّ بهذه الصورة ضعيف. وقياس المرأة على غيرها باطل ؛ لأنّ العادة قاضية بالفرق بينهما ، فإنّ المرأة تتبسّط في مال زوجها ، وتتصرّف بالمأكول منه بالعادة ، والإذن العرفي قائم مقام الإذن الحقيقي.

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الكاهلي » بدل « الباهلي ». والصحيح ما أثبتناه من المصادر.

(٢) ما بين المعقوفين من المصادر.

(٣) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٧٠ / ٢٢٩٥ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٩٦ - ٢٩٧ / ٣٥٦٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٧ - ٥٨ / ٦٧٠ ، و ٤ : ٤٣٣ / ٢١٢٠ ، مسند أحمد ٦ : ٣٥٧ - ٣٥٨ / ٢١٧٩١ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ٦ : ٥٨٥ / ٢١٢٧.

(٤) سنن البيهقي ٦ : ١٠٠.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٩ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٥ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داوُد ٢ : ١٨٥ / ١٩٠٥ ، مسند أحمد ٦ : ٦٩ / ٢٠١٧٢ ، و ٥٧٠ / ٢٢٩٧٨ بتفاوت في أوّله فيما عدا الموضع الثاني من مسند أحمد.

(٦) المغني ٤ : ٥٦٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٨٢.

٢١٦

أمّا لو منعها فقال : لا تتصدّقي من مالي لا بقليل ولا بكثير ولا تتبرّعي بشي‌ء منه ، فإنّها لا يجوز لها التصرّف في شي‌ء إلاّ بإذنه إجماعاً ؛ لأنّ المنع الصريح نفي الإذن العرفي.

ولو كان في بيت الرجل مَنْ يقوم مقام امرأته ، كجارية وأُخت وخادمة وبنت ممّن يتصرّف في مأكول الرجل ، جرى مجرى الزوجة إن لم يعلم الكراهية.

ولو كانت امرأته ممنوعةً من التصرّف في بيت زوجها كالتي يطعمها بالفرض ولا يُمكّنها من طعامه ولا من التصرّف في شي‌ء من ماله ، لم يجز لها الصدقة بشي‌ء من ماله.

مسألة ٤١٥ : إذا بلغ الصبي لم يدفع إليه مالُه إلّا بعد العلم برشده ، ويستديم التصرّفَ في ماله مَنْ كان متصرّفاً فيه قبل بلوغه أباً كان أو جدّاً أو وصيّاً أو حاكماً أو أمينَ حاكمٍ ، فإن عرف رشده ، انفكّ الحجر عنه ، ودفع إليه المال.

وهل يكفي العلم بالبلوغ والرشد في فكّ الحجر عنه ، أم يفتقر إلى حكم الحاكم وفكّ القاضي؟ الأقرب : الأوّل ؛ لقوله تعالى :( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا ) (١) .

ولزوال المقتضي للحجر ، وهو الصبا ، وعدم العلم بالرشد ، فيزول الحجر. ولأنّه حجر لم يثبت بحكم الحاكم ، فلا يتوقّف زواله على إزالة الحاكم ، كحجر المجنون ، فإنّه يزول بمجرّد الإفاقة. ولأنّه لو توقّف على ذلك ، لطلب الناس عند بلوغهم فكّ الحجر عنهم من الحُكّام ، ولكان ذلك‌

____________________

(١) النساء : ٦

٢١٧

عندهم من أهمّ الأشياء ، وهو أصحّ قولي الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : يحتاج إلى فكّ القاضي ؛ لأنّ الرشد يُعلم بنظرٍ واجتهاد(٢) .

قال هؤلاء : فكما ينفكّ الحجر عن الصبي عند البلوغ والرشد بفكّ القاضي ، ينفكّ بفكّ الأب والجدّ(٣) .

وفي الوصي والقيّم لهم وجهان(٤) .

وهو يقتضي بطلان قولهم بحاجة إزالة الفكّ إلى النظر والاجتهاد.

قالوا : وإذا كان الحجر لا يزول حتى يُزيله القاضي أو مَنْ ذكرنا ، فتصرّفه قبل إزالة الحجر كتصرّف مَنْ أُنشئ الحجر عليه بالسفه الطارئ بعد البلوغ ، ويجري الخلاف فيما إذا بلغ غيرَ رشيدٍ ثمّ صار رشيداً(٥) .

مسألة ٤١٦ : إذا بلغ رشيداً وزال الحجر عنه ثمّ صار مبذّراً وعاد إلى السفه ، حُجر عليه ثانياً‌ ، عند علمائنا أجمع - وبه قال القاسم بن محمّد ومالك والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد وأبو يوسف ومحمّد(٦) - لقوله تعالى :( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا ) (٧) دلّ بمفهومه على تعليل جواز الدفع بعلم الرشد ، فإذا انتفت‌

____________________

(١ و ٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٨ ، التنبيه : ١٠٣ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٦ ، منهاج الطالبين : ١٢٤.

(٣ و ٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٦.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٤.

(٦) الأُم ٣ : ٢١٨ - ٢١٩ ، مختصر المزني : ١٠٥ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٦٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٦ ، التفسير الكبير ٩ : ١٩٠ ، المغني ٤ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٧٠.

(٧) النساء : ٦

٢١٨

العلّة انتفى الحكم.

واستدلّ الشافعي أيضاً بإجماع الصحابة عليه ؛ لما رواه عروة بن الزبير أنّ عبد الله بن جعفررحمه‌الله ابتاع بيعاً ، فقال عليّعليه‌السلام : « لآتينّ عثمان ليحجر عليك » فأتى عبد الله بن جعفر الزبيرَ، فقال : قد ابتعت بيعاً وإنّ عليّاًعليه‌السلام يريد أن يأتي عثمان فيسأله الحجر عَلَيَّ ، فقال الزبير : أنا شريكك في البيع ، فأتى عليّعليه‌السلام عثمانَ ، فقال له : « إنّ عبد الله بن جعفر قد ابتاع بيعَ كذا فاحجر عليه » فقال الزبير : أنا شريكه في البيع ، فقال عثمان : كيف أحجر على رجل شريكُه الزبير!؟(١) .

قال أحمد : لم أسمع هذا إلّا من أبي يوسف القاضي ، ولم يخالف عليّعليه‌السلام ذلك ، وهذه قضيّة مشهورة يشتهر مثلها ، ولم يُنقل خلافٌ ، فكانت إجماعاً.

ولأنّ التبذير لو قارن البلوغ ، مَنَع من دفع المال ، فإذا حدث ، أوجب انتزاع المال ، كالجنون. ولأنّ المقتضي للحجر عليه أوّلاً حفظ المال ؛ لأنّ الصبي وإن لم يتلف المال فإنّه غير مأمون عليه ؛ لإمكان صدور الإتلاف عنه ، فإذا كان الإتلاف صادراً عنه حقيقةً ، كان الحجر عليه أولى(٢) .

وقال أبو حنيفة وزفر : لا يُحجر عليه ، وتصرّفه نافذ في ماله - وهو مرويّ عن ابن سيرين والنخعي - لأنّه حُرٌّ مكلّف ، فلا يُحجر عليه ، كالرشيد. ولأنّه يصحّ طلاقه ، فتصحّ عقوده ، كالرشيد(٣) .

____________________

(١) سنن البيهقي ٦ : ٦١.

(٢) المغني ٤ : ٥٦٨ - ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٧٠ - ٥٧١.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٥٣٩ ، التفسير الكبير ٩ : ١٩٠ ، المغني ٤ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٧٠.

٢١٩

والقياس باطل ؛ لأنّ الرشيد حافظ لماله ، فدُفع إليه ، بخلاف السفيه.

والطلاق ليس إتلافَ مالٍ ولا يتضمّنه ، فلم يُمنع منه ، ولهذا يملكه العبد ، دون التصرّف في المال بغير إذن سيّده.

مسألة ٤١٧ : إذا عاد مبذّراً مضيّعاً لماله بعد رشده ودفع المال إليه ، فإنّه يُحجر عليه ، ويؤخذ المال منه ، كما تقدّم.

ولا يحجر عليه إلّا الحاكم ، ولا يصير محجوراً عليه إلّا بحكم القاضي - وبه قال الشافعي وأحمد وأبو يوسف(١) - لأنّ التبذير يختلف ويحتاج إلى الاجتهاد ، فإذا افتقر السبب إلى الاجتهاد ، لم يثبت إلاّ بحكم الحاكم ، كما أنّ ابتداء مدّة العنّة لا يثبت إلاّ بحكم الحاكم ؛ لموضع الاختلاف فيها والاجتهاد ، فكذا هنا. ولأنّه حجر مختلف فيه ، فلا يثبت إلّا بحكم الحاكم ، كالحجر على المفلس.

وقال محمّد : يصير بالتبذير محجوراً عليه وإن لم يحكم به الحاكم ؛ لأنّ التبذير سبب يثبت معه الحجر ، فلم يفتقر إلى حكم الحاكم ، كالجنون(٢) .

والفرق : أنّ الجنون لا يفتقر إلى الاجتهاد ، ولا خلاف فيه.

وقال بعض الشافعيّة : إنّ الحجر يُعيده الأب والجدّ(٣) . وليس مشهوراً.

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ٥٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٦ ، المغني ٤ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٧١ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٤ : ١٦٣ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٨٢ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٥١ - ١٥٢.

(٢) المبسوط - للسرخسي - ٢٤ : ١٦٣ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٨٢ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٥٢ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٩ ، المغني ٤ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٧١.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٦.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

٢٤٥١ - وروي عن نصر الخادم قال: " نظر العبد الصالح أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إلى سفرة عليها حلق صفر(١) فقال: انزعوا هذه واجعلوا مكانها حديدا فإنه لا يقرب شيئا مما فيها شئ من الهوام ".

باب السفر الذى يكره فيه اتخاذ السفرة

٢٤٥٢ - قال الصادق عليه السلام لبعض أصحابه: تأتون قبر أبي عبدالله صلوات الله عليه؟ فقال له: نعم، قال: تتخذون لذلك سفرة؟ قال: نعم، قال: أما لو أتيتم قبور آبائكم وامهاتكم لم تفعلوا ذلك، قال: قلت: فأي شئ نأكل؟ قال: الخبز باللبن(٢) ".

٢٤٥٣ - وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام: " بلغني أن قوما إذا زاروا الحسين عليه السلام حملوا معهم السفرة فيها الجداء والاخبصة(٣) وأشباهه، لو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا معهم هذا ".

باب الزاد في السفر

٢٤٥٤ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفر(٤) ".

___________________________________

(١) الحلق كعنب حلقة والحديد يدفع الهوام.

(٢) يدل على استحباب ترك المطاعم الجيدة في سفر زيادة أبى عبدالله الحسين عليه السلام واستشعار الحزن فيه، والخبر رواه ابن قولويه في كامل الزيارات ص ١٢٩ مسندا.

(٣) الجداء: الجدى المشوى، وفى الكامل " الحلاوة "، والخبيص حلواء من التمر.

(٤) رواه الكلينى ج ٨ ص ٣٠٣ تحت رقم ٤٦٧ عن على، عن أبيه، عن النوفلى، عن السكونى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث " وشرف الرجل: مجده وأصالته.

٢٨١

٢٤٥٥ - و " كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا سافر إلى مكة للحج أو العمرة تزود من أطيب الزاد من اللوز والسكر، والسويق المحمض والمحلى ".

٢٤٥٦ - وروي أنه " قام أبوذر - رحمة الله عليه - عند الكعبة فقال: أنا جندب ابن السكن، فاكتنفه الناس فقال: لو أن أحدكم أراد سفرا لاتخذ فيه من الزاد ما يصلحه لسفره، فتزودوا لسفر يوم القيامة، أما تريدون فيه ما يصلحكم؟ فاقم إليه رجل فقال: أرشدنا، فقال: صم يوما شديد الحر للنشور، وحج حجة لعظائم الامور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، كلمة خير تقولها، وكلمة شر تسكت عنها، أو صدقة منك على مسكين لعلك تنجو بها يا مسكين من يوم عسير، اجعل الدنيا درهمين درهما قد أنفقته على عيالك ودرهما قدمته لآخرتك، والثالث يضر ولا ينفع لا ترده، اجعل الدنيا كلمتين كلمة في طلب الحلال وكلمة للآخرة، والثالثة تضر ولا تنفع لا تردها، ثم قال: قتلني هم يوم لا ادركه ".

٢٤٥٧ - وقال لقمان لابنه: " يا بني إت الدنيا بحر عميق، وقد هلك فيها عالم كثير، فإجعل سفينتك فيها الايمان بالله، واجعل شراعها التوكل على الله(١) واجعل زادك فيها تقوى الله عزوجل، فإن نجوت فبرحمة الله، وإن هلكت فبذنوبك ".

باب حمل الآلات والسلاح في السفر

٢٤٥٨ - روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " في وصية لقمان لابنه: يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وحبالك(٢)

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ١ ص ١٦ في حديث طويل عن هشام بن الحكم، عن موسى بن جعفر عليهما السلام مع اختلاف وفيه " فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وحوشها الايمان، وشراعها التوكل " والشراع ككتاب ما يقال له بالفارسية بادبان.

(٢) الحبال: الرسن.

ورواه الكلينى في الروضة ص ٣٠٣ تحت رقم ٤٦٦، وفيه " وخبائك " والخباء: الخيمة.

٢٨٢

وسقائك وخيوطك ومخرزك(١) وتزود معك من الادوية ما تنتفع به أنت ومن معك، وكن لاصحابك موافقا إلا في معصية الله عزوجل - وزاد فيه بعضهم: وفرسك -(٢) ".

باب الخيل وارتباطها وأول من ركبها

٢٤٥٩ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة(٣) والمنفق عليها في سبيل الله عزوجل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها "(٤) .

فإذا أعددت شيئا فأعده أقرح أرثم محجل الثلاثة، طلق اليمين، كميتا ثم أغر تسلم وتغنم(٥) .

___________________________________

(١) في الكافى " وسقائك وأبرتك وخيوطك " والمخرز ما يخرز به الخف والجراب والسقاء وما كان من الجلود.

(٢) في بعض النسخ " وقوسك " كما في المحاسن ص ٣٦٠. ولعله الاصوب.

(٣) إلى هنا رواه الكلينى ج ٥ ص ٤٨ في الصحيح وكذا البرقى في المحاسن ص ٦٣١ وفيهما " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة " وهكذا رواه أحمد والبخارى ومسلم والنسائى وابن ماجة.

(٤) رواه أبوداود السجستانى باسناده عن سهل بن الربيع بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وآله، ورواه الطبرانى في الاوسط على ما في الجامع الصغير عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وآله هكذا " الخير معقود بنواصى الخيل إلى يوم القيامة، والمنفق على الخيل كالباسط كفه بالنفقة لا يقبضها ".

(٥) روى ابن حبان في صحيحة عن عقبة بن عامر وأبى قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله " خير الخيل الادهم الاقرح الارثم المحجل طلق اليد اليمنى، قال يزيد بن أبى حبيب: فان لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية " وروى الحاكم في المستدرك عن عقبة عن النبى صلى الله عليه وآله قال: " إذا أردت أن تغزو فاشتر فرسا أغر محجلا مطلق اليمنى فانك تغنم وتسلم " ونحوه في المحاسن ص ٤٣١.

والاقرح هو الفرس يكون في وسط جبهته قرحه بالضم وهى بياض يسير، والارثم بفتح الهمزة والثاء المثلثة المفتوحة هو الفرس الذى أنفه وشفته العليا أبيض، والمحجل هو الذى يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الارساغ ولا يجاوز الركبتين لانهما مواضع الاحجال وهى الخلاخيل والقيود ولا يكون التحجيل باليد واليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان (النهاية) وطلق اليمين بفتح الطاء وسكون اللام وبضمها أيضا إذا لم يكن بها تحجيل.

والكميت بضم الكاف وفتح الميم هو الفرس الاحمر أو الذى ليس بالاشقر ولا الادهم بل يخالط حمرته سواد، والشية بكسر الشين المعجمة وفتح الياء مخففة هو كل لون في الحيوان يكون معظم لونها على خلافه.

وقوله " محجل الثلاثة " أى يكون يده اليسرى ورجلاه بيضاء أو يكون فيها بياض.

والاغر ما يكون في جبهته بياض.

٢٨٣

٢٤٦٠ - وروى بكر بن صالح، عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام قال: " سمعته يقول: الخيل على كل منخر منها شيطان، فإذا أراد أحدكم أن يلجمها فليسم "(١) .

٢٤٦١ - قال: وسمعته يقول: " من ربط فرسا عتيقا محيت عنه عشر سيئات(٢) وكتبت له إحدى عشرة حسنة في كل يوم، ومن ارتبط هجينا(٣) محيت عنه في كل يوم سيئتان وكتبت له تسع حسنات في كل يوم، ومن ارتبط بزذونا(٤) يريد به جمالا أو قضاء حاجة أو دفع عدو محيت عنه في كل يوم سيئة وكتبت له ست حسنات.(٥) ومن(٦) ارتبط فرسا

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٦ ص ٥٣٩ من يعقوب بن جعفر عنه عليه السلام وفيه " فليسم الله عزوجل "، وهكذا في المحاسن.

(٢) في المحاسن والكافى ج ٥ ص ٤٨ " ثلاث سيئات ".

والعتيق هو الذى أبواه عربيان وفرس عتيق ككريم وزنا ومعنى.

(٣) الهجين هو الذى أبوه عربى وامه أمة غير محصنة، ومن الخيل: الذى ولدته برذونة من حصان عربى.

(٤) البرذون بالكسر ما لم يكن شئ من أبويه عربيا، والتركى من الخيل. (راجع الصحاح والنهاية)

(٥) إلى هنا في الكافى ج ٥ ص ٤٨ والمحاسن ص ٦٣١ وثواب الاعمال ص ٢٢٦ عن يعقوب بن جعفر بن ابراهيم الجعفرى عن أبى الحسن عليه السلام.

(٦) من هنا في المحاسن ص ٦٣١ وثواب الاعمال من حديث بكر بن صالح عن سليمان بن جعفر الجعفرى.

٢٨٤

أشقر أغر أو أقرح - فإن كان أغر سائل الغرة به وضح في قوائمه(١) فهو أحب إلي - لم يدخل بيته فقر ما دام ذاك الفرس فيه، وما دام في ملك صاحبه لا يدخل بيته حيف "(٢) .

٢٤٦٢ - قال(٣) : وسمعته يقول: " أهدى أمير المؤمنين عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله أربعة أفراس من اليمن فأتاه فقال: يا رسول الله أهديت لك أربعة أفراس، قال: صفها(٤) قال: هي ألوان مختلفة، قال: فيها وضح؟ قال: نعم، قال: فيها شقر به وضح؟ قال: نعم، قال: فأمسكه لي، وقال: فيها كميتان أو ضحان، قال: أعطهما ابنيك، قال: والرابع أدهم بهيم(٥) قال: بعه واستخلف قيمته لعيالك، إنما يمن الهيل في ذوات الاوضاح ".

٢٤٦٣ - قال(٣) : وسمعته يقول: " من خرج من منزله أو منزل غير منزله في أول الغداة فلقي فرسا أشقر به أوضاح بورك له في يومه، وإن كانت به غرة سائلة فهو العيش، ولم يلق في يومه ذلك إلا سرورا، وقضي الله عزوجل حاجته(٦) ".

___________________________________

(١) الشقرة: حمرة صافية في الخيل وهى لون يأخذ من الاحمر والاصفر وهو أشقر وقد قيل: الاشقر: شديدة الحمرة، والغرة: بياض في جبهة الفرس وهو أغر، وتقدم بيان الاقرح من أنه الذى يكون في جبهته قرحة وهى بياض بقدر الدرهم أو دونه، والوضح: الضوء والبياض، يقال: بالفرس وضح إذا كان في قوائمه كلها بياض، وقد يكون به البرص.

(٢) كذا في المحاسن وفى بعض النسخ " حيق " والحيق ما يشمل الانسان من المكروه لكن في ثواب الاعمال " لا يدخل في بيته حنق ".

والظاهر أن كل ما ذكره من فضائل ارتباط الفرس العتيق والهجين والبرذون والاشقر وجده في كتاب سليمان بن جعفر الجعفرى أو غيره متفرقا فذكره هنا مجتمعا أو كان فيه مجتمعا ونقله البرقى والكلينى متفرقا في تضاعيف الابواب.

(٣) يعنى سليمان قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام.

(٤) في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ والمحاسن " فقال: سمها لى ".

(٥) البهيم من الدواب المصمت منها وهو الذى لا يخالط لونه لون غيره والجمع بهم.

(٦) رواه هكذا البرقى في المحاسن والمؤلف نحوه في ثواب الاعمال عن سليمان عن أبى جعفر الباقر عليه السلام والظاهر أنه تصحيف لان سليمان لم يدرك الباقر عليه السلام.

ويحتمل التعدد، أو رواه سليمان مرسلا ويؤيده اختلاف الالفاظ.

٢٨٥

٢٤٦٤ - وقال الصادق عليه السلام: " كانت الخيل وحوشا في بلاد العرب، وصعد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام على أبي قبيس فناديا: ألا هلا ألا هلم، فما بقي فرس إلا أعطى بقياده وأمكن من ناصيته(١) ".

باب حق الدابة على صاحبها

٢٤٦٥ - روى إسماعيل بن أبي زياد(٢) باسناده قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: للدابة على صاحبها خصال: يبدا بعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماء إذا مر به، ولا يضرب وجهها فانها تسبح بحمد ربها، ولا يقف على ظهرها الا في سبيل الله عزوجل، ولا يحملها فوق طاقتها، ولا يكلفها من المشي إلا ما تطيق ".

٢٤٦٦ - وسأل رجل أبا عبدالله عليه السلام " متى أضرب دابتي تحتي؟ قال: إذا لم تمش تحتك كمشيها إلى مذودها(٣) ".

٢٤٦٧ - وروي أنه قال: " اضربوها على العثار، ولا تضربوها على النفار فانها ترى ما لا ترون(٤) ".

٢٤٦٨ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا عثرت الدابة تحت الرجل فقال لها:

___________________________________

(١) رواه البرقى في المحاسن ص ٦٣٠ بسند مرفوع عن أبى عبدالله عليه السلام

(٢) يعنى السكونى، ورواه الكلينى ج ٦ ص ٥٢٧ بتقديم وتأخير.

(٣) المذود بالذال أخت الدال كمنبر: معتلف الدابة.

(٤) في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ باسناده عن مسمع بن عبدالملك عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اضربوها على النفار ولا تضربوها على العثار " و رواه أيضا مرسلا في خبر آخر أيضا، وقال العلامة المجلسى رحمه الله: " لعل ما في الكافى أوفق وأظهر " والتعليل لا يلائمه.

وفى المحاسن كما في الكافى.

٢٨٦

تعست، تقول: تعس أعصانا للرب(١) ".

٢٤٦٩ - وقال علي عليه السلام " في الدواب: لا تضربوا الوجوه ولا تلعنوها فإن الله عزوجل لعن لاعنها(٢) " وفي خبر آخر: " لا تقبحوا الوجوه ".

٢٤٧٠ - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إن الدواب إذا لعنت لزمتها اللعنة(٣) ".

٢٤٧١ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تتوركوا على الدواب ولا تتخذوا ظهورها مجالس(٤) ".

___________________________________

(١) تعس يتعس إذا عثر وانكب بوجهه وقد يفتح العين وهو دعاء عليه بالهلاك (النهاية) وقال العلامة المجلسى في المرآة: لعل المراد بالرب المالك.

في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ رواه عن العدة عن سهل عن جعفر بن محمد بن يسار عن الدهقان عن درست عن أبى عبدالله عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله.

(٢) روى البرقى ص ٦٣٣ باسناده عن محمد بن مسلم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: " لا ضربوا الدواب على وجوهها فانها تسبح بحمد ربها ".

وفى حديث آخر " لا تسموها في وجوهها " وهكذا مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨.

ويحتمل التعدد، ويؤيده الخبر الآتى.

وقال المولى المجلسى قوله " ولا تقبحوا الوجوه " أى الدواب أو وجوهها بالكى ونحوه.

وقال الفاضل التفرشى: الوجوه في " لا تضربوا الوجوه " بدل الضمير بدل البعض، ويمكن أن يراد بتقبيح الوجه ضربه فان الضرب قد تقبحه، وقال سلطان العلماء: لا تقبحوا الوجوه بالاحراق بالكى وغيره، ويحتمل أن يكون المراد لا تقولوا: قبح الله وجهك.

ويحتمل أن يكون المراد لا تضربوا وجوهها ضربا مؤثرا.

(٣) لعل المراد انه يلزم عليها أن تلعن لاعنيها، أو تصير ملعونا، أو تصير سبب هلاكها وتضروا.

(٤) رواه الكلينى ج ٦ ص ٥٣٥ باسناده عن عمرو بن جميع عن أبى عبدالله عليه السلام عن النبى صلى الله عليه وآله.

والمراد الجلوس عليها على أحد الوركين فانه يضربها ويصير سببا لدبرها، أو المراد رفع احدى الرجلين ووضعها فوق السرج للاستراحة، قال الفيروزآبادي تورك على الدابة ثنى رجليه لينزل أو ليستريح، وقال الجوهرى: تورك على الدابة أى ثنى رجله ووضع احدى وركيه في السرج (المرآة) وفى بعض نسخ الكافى " لا تتوكؤوا ".

و قوله " لا تتخذوا ظهورها مجالس " أى بان تقفوا عليها للصحبة بل انزلوا وتكلموا الا ان يكون يسيرا. (م ت)

٢٨٧

٢٤٧٢ - وقال الباقر عليه السلام: " لكل شئ حرمة وحرمة البهائم في وجوهها(١) ".

باب ما لم تبهم عنه البهائم

٢٤٧٣ - روى علي بن رئاب، عن أبي حمزة عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه كان يقول: " ما بهمت البهائم عنه فلم تبهم عن أربعة: معرفتها بالرب تبارك وتعالى، و معرفتها بالموت(٢) ، ومعرفتها بالاثني من الذكر، ومعرفتها بالمرعى الخصب ".

٢٤٧٤ - وأما الخبر الذي روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لو عرفت البهائم من الموت ما تعرفون ما أكلتم منها سمينا قط " فليس بخلاف هذا الخبر لانها تعرف الموت لكنها لا تعرف منه ما تعرفون.

باب ثواب النفقة على الخيل

٢٤٧٥ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله " في قول الله عزوجل: الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " قال: نزلت في النفقة على الخيل ".

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: هذه الآية روي أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وكان سبب نزولها أنه كان معه أربعة دراهم فتصدق بدهم منها بالليل وبدرهم منها بالنهار، ودرهم في السر، وبدرهم في العلانية فنزلت فيه هذه الآية(٣) .

والآية إذا نزلت في شئ فهي منزلة في كل ما يجري فيه، فالاعتقاد في تفسيرها أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وجرت في النفقة على الخيل وأشباه ذلك(٤) .

__________________________________

(١) الخبر في الكافى والمحاسن عن أبى عبدالله عليه السلام مسندا.

(٢) الظاهر أنها تعرف الموت ولا تعرف ما بعدها لانه ليس لها عذاب كما كان لبنى آدم.

(٣) رواه ابن المغازلى وموفق بن أحمد والمفيد في الاختصاص والعياشى.

(٤) لعموم الاية وخصوص السبب لا يخصص العموم كما في كثير من الايات، ويمكن أن يكون صدقته عليه السلام على الخيل المربوطة للجهاد. (م ت)

٢٨٨

باب علة الرقعتين في باطن يدى الدابة

٢٤٧٦ - روى حماد بن عثمان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " جعلت فداك نرى الدواب في بطون أيديها مثل الرقعتين(١) في باطن يديها مثل الكي(٢) فأي شئ هو؟ قال: ذلك موضع منخريه في بطن امه ".

باب حسن القيام على الدواب

٢٤٧٧ - روي عن أبي ذر - رحمة الله عليه - أنه قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الدابة تقول: اللهم ارزقني مليك صدق يشبعني ويسقيني ولا يحملني مالا اطيق(٣) ".

٢٤٧٨ - وقال الصادق عليه السلام: " ما اشترى أحد دابة إلا قالت: اللهم اجعله بي رحيما "(٤) .

٢٤٧٩ - وروى عنه عبدالله بن سنان أنه قال: " اتخذوا الدابة فإنها زين وتقضى عليها الحوائج، ورزقها على الله عزوجل ".

٢٤٨٠ - وروى السكوني باسناده(٥) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك

___________________________________

(١) الرقعة بالضم مأخوذ من الرقعة التى ترقع به الثوب.(مراد)

(٢) الكى احراق قطعة من الجلد بحديدة محماة ويقال له بالفارسية " داغ ".

(٣) مروى نحوه في المحاسن ورواه الكلينى بلفظ آخر مسندا عن الصادق عليه السلام في ج ٦ ص ٥٣٧.

(٤) في المحاسن ص ٦٢٦ مسندا عن على بن جعفر عن أبى ابراهيم عليه السلام قال: " ما من دابة يريد صاحبها أن يركبها الا قالت: " اللهم اجعله بى رحيما ".

(٥) يعنى عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه وآله.

٢٨٩

وتعالى يحب الرفق ويعين عليه، فإذا ركبتم الدواب العجاف(١) فأنزلوها منازلها فإن كانت الارض مجدبة فانجوا(٢) عليها، وإن كانت مخصبة فأنزلوها منازلها ".

٢٤٨١ - وقال علي صلوات الله عليه(٣) : " من سافر منكم بدابة فيبدأ حين ينزل بعلفها وسقيها ".

٢٤٢٨ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " إذا سرت في أرض خصبة فارفق بالسير، وإذا سرت في أرض مجدبة فعجل بالسير ".

باب ما جاء في الابل

٢٤٨٣ - قال الصادق عليه السلام: " إياكم والابل الحمر، فإنها أقصر الابل أعمارا(٤) ".

٢٤٨٤ - وقال عليه السلام: " إن على ذروة كل بعير شيطان فأشبعه وامتهنه(٥) ".

٢٤٨٥ - وقال أبوعبدالله عليه السلام: " اشتروا السود القباح فإنها أطول الابل أعمارا(٦) ".

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الابل عز لاهلها(٧) ".

___________________________________

(١) العجف بالتحريك: الهزال، والاعجف المهزول، والعجفاء الانثى والجمع عجاف على غير قياس لان فعلاء لا يجمع على فعال. (الصحاح)

(٢) أى أسرعوا، ونجوت أى أسرعت وسبقت.

(٣) مروى في المحاسن ص ٣٦١ مسندا.

(٤) مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٤٣ عن ابن أبى يعفور عن أبى جعفر عليه السلام.

(٥) أى استعمله وذلله واستفد منه.

(٦) مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٤٣ في ذيل حديث رواه عن صفوان الجمال عن أبى عبدالله عليه السلام وقال فيه: " اشتر لى جملا وخذه أشوه الخ ".

وفى المحاسن في حديث رواه أيضا عن أبى عبدالله عليه السلام.

(٧) رواه البرقى ص ٦٣٥ باسناده عن عمر بن أبان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله.

٢٩٠

٢٤٨٧ - و " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتخطى القطار(١) قيل: يا رسول الله ولم؟ قال: لانه ليس من قطار إلا وما بين البعير إلى البعير شيطان ".

٢٤٨٨ - و " سئل النبي صلى الله عليه وآله أي المال خير؟ قال: زرع زرعه صاحبه وأصلحه وأدى حقه يوم حصاده، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد الزرع خير؟ قال: رجل في غنمه قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد الغنم خير؟ قال: البقر تغدو بخير وتروح بخير(٢) قيل: يا رسول الله فأي المال بعد البقر خير؟ فقال: الراسيات في الوحل، المطعمات في المحل(٣) نعم الشئ النخل من باعه فإنما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهقة(٤) اشتدت به الريح في يوم عاصف إلا أن يخلف مكانها، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد النخل خير؟ فسكت فقال له رجل: فأين الابل؟ قال: فيها الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار، تغدو مدبرة وتروح مدبرة(٥) لا يأتي خيرها إلا من جانبها الاشام، أما إنها لا تعدم الاشقياء الفجرة(٦) ".

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: معنى قوله صلى الله عليه وآله: " لا يأتي خيرها إلا من جانبها الاشأم " هو أنها لا تحلب ولا تركب إلا من الجانب الايسر(٧) .

___________________________________

(١) أى التجاوز من بينهم. الخبر رواه البرقى بسند فيه ارسال.

(٢) أى تحلب منها اللبن في الغداة أى أول اليوم والرواح أى آخره. (م ت)

(٣) أى الثابتات أرجلها في الطين والمطعمات في أيام الجدب والقحط فانها صابرة العطش، والمراد النخل كما صرح به.

(٤) الشاهقة: الجبل الراسخ والعالى.

(٥) أى أن الادبار والنحوسة لا ينفك عنها في وقت من الاوقات.(مراد)

(٦) جواب لسؤال مقدر كأنه قيل: إذا كان كذلك فمن مربيها قال عليه السلام أما انها لا تعدم الاشقياء الفجرة وهم الجمالون كما هو المسموع والمشهود، وفى الخصال " انهم الظلمة ".

(٧) يحتمل أن يكون جانبها الايسر كناية عن عدم اليمن وقلة الخير والبركة. (سلطان)

٢٩١

٢٤٨٩ - وقال عليه السلام: " في الغنم إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أقبلت(١) ، والبقر إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أدبرت، والابل، إذا أقبلت أدبرت وأذا أدبرت أدبرت ".

باب ما يجب من العدل على الجمل وترك ضربه واجتناب ظلمه

٢٤٩٠ - روى السكوني باسناده " أن النبي صلى الله عليه وآله أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها، فقال: أين صاحبها، مروه فليستعد غدا للخصومة "(٢) .

٢٤٩١ - وفي خبر آخر قال النبي صلى الله عليه وآله: " أخروا الاحمال فإن اليدين معلقة، والرجلين موثقة ".

٢٤٩٢ - وروى ابن فضال، عن حماد اللحام قال: " مر قطار لابي عبدالله عليه السلام فرأى زاملة(٣) قد مالت، فقال: يا غلام اعدل على هذا الحمل، فإن الله تعالى يحب العدل ".

٢٤٩٣ - وروى أيوب بن أعين قال: " سمعت الوليد بن صبيح يقول لابي عبدالله عليه السلام: إن أبا حنيفة(٤) رأى هلال ذي الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة،

___________________________________

(١) أى إذا أقبلت بالنتاج فهو وإذا أدبرت يعنى بالموت يذبحها صاحبها وينتفع من لحمها وجلدها، أما البقر فوسط، وأما الابل فاقبالها ادبارها لانه إذا حصل له بعض النتاج أو النفع أنفق لها صاحبها أزيد من نتاجها.

(٢) يعنى يوم القيامة لان عقال الناقة وعليها حملها ظلم عليها فاذا كان يوم القيامة تخاصم صاحبه بين يدى الجبار وتقول: ما ذنبى حتى ظلمتنى فينتصف الله سبحانه منك لها.

(٣) الزاملة المحمل وبعير يحمل الطعام والمتاع، وميل الحمل إلى جانب سبب لدبر الدابة.

(٤) هو سعيد بن بيان سابق الحاج الهمدانى ومع أنه ثقة يذم فعله، وقيل انه كان يذهب بجماعة إلى الحج في نهاية السرعة وذهب بهم في هذا الخبر من القادسية التى كانت قريبة من النجف إلى عرفات في ثمانية أيام وشئ.

وروى العياشى عن أبى عبدالله عليه السلام قال:

" أتى قنبر أمير المؤمنين عليه السلام فقال: هذا سابق الحاج، فقال: لا قرب الله داره هذا خاسر الحاج يتعب البهيمة، وينقر الصلاة، اخرج اليه فاطرده ".

٢٩٢

فقال: ما لهذا صلاة، ما لهذا صلاة "(١) .

٢٤٩٤ - و " حج علي بن الحسين عليهما السلام على ناقة له أربعين حجة فما قرعها بسوط "(٢) .

٢٤٩٥ - وقال الصادق عليه السلام: " أي بعير حج عليه ثلاث سنين يجعل من نعم الجنة " وروى " سبع سنين "(٣) .

باب ما جاء في ركوب العقب  (٤)

٢٤٩٦ - روى علي بن رئاب، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعقبون بعيرا بينهم وهم منطلقون إلى بدر ".

باب ثواب من أعان مؤمنا مسافرا

٢٤٩٧ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أعان مؤمنا مسافرا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة، وأجاره في الدنيا والآخرة من الغم والهم، ونفس عنه كربه العظيم يوم يغص الناس بأنفاسهم " وفي خبر آخر " حيث يتشاغل الناس بأنفاسهم ".

___________________________________

(١) لانه لا يمكن الصلاة مع هذه الحركة الا بالايماء واحداث هذه الضرورة اختيارى لامكان الخروج قبله بايام فمعنى نفى الصلاة عدم اتيانها على وجهها لاشتغاله بالسير والسرعة.

(٢) روى البرقى بسندين صحيحين عن عبدالله بن سنان نحوه في أحدهما " ولقد بركت به في سنة من سنواته فما قرعها بسوط ".

(٣) تقدم تحت رقم ٢٢٠٧ ونحوه مروى في المحاسن ص ٦٣٥.

(٤) أى الركوب بالنوبة.

٢٩٣

باب المروء‌ة في السفر

٢٤٩٨ - تذاكر الناس عند الصادق عليه السلام أمر الفتوة فقال: " تظنون أمر الفتوة بالفسق والفجور إنما الفتوة والمروء‌ة طعام موضوع، ونائل مبذول بشئ معروف، وأذى مكفوف فأما تلك فشطارة وفسق، ثم قال: ما المروء‌ة؟ فقال الناس: لا نعلم، قال: المروء‌ة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره، والمروء‌ة مروء‌تان مروء‌ة في الحضر ومروء‌ة في السفر، فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن ولزوم المساجد والمشي مع الاخوان في الحوائج(١) والنعمة ترى على الخادم أنها تسر الصديق وتكبت العدو، وأما التي في السفر فكثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك وكتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك إياهم وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عزوجل، ثم قال عليه السلام: والذي بعث جدي صلوات الله عليه وآله بالحق نبيا إن الله عزوجل ليرزق العبد على قدر المروء‌ة وإن المعونة تنزل على قدر المؤونة، وإن الصبر ينزل على قدر شدة البلاء ".

باب ارتياد المنازل والامكنة التي يكره النزول فيها

٢٤٩٩ - روى السكوني باسناده(٢) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إياكم والتعريس(٣) على ظهر الطريق وبطون الاودية فإنها مدارج السباع ومأوى الحيات ".

٢٥٠٠ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من نزل منزلا يتخوف فيه السبع فقال: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على

___________________________________

(١) راجع معانى الاخبار ص ٢٥٨ روى نحوه مسندا.

(٢) يعنى عن أبى عبدالله عن آبائه عن على عليهم السلام.

(٣) التعريس: نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة.

٢٩٤

كل شئ قدير، اللهم إني أعوذ بك من شر كل سبع " إلا أمن(١) من شر ذلك السبع حتى يرحل من ذلك المنزل إن شاء الله تعالى ".

باب المشى في السفر

٢٥٠١ - روى منذر بن جيفر(٢) ، عن يحيى بن طلحة النهدي قال: قال لنا أبوعبدالله عليه السلام: " سيروا وانسلوا فإنه أخف عليكم "(٣) .

٢٥٠٢ - وروي " أن قوما مشاة أدركهم رسول الله صلى الله عليه وآله فشكوا إليه شدة المشي، فقال لهم: استعينوا بالنسل "(٤) .

٢٥٠٣ - وسأل معاوية بن عمار أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل عليه دين أعليه أن يحج؟ قال: نعم إن حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين، ولقد كان أكثر من حج مع رسول الله صلى الله عليه وآله مشاة، ولقد مر رسول الله صلى الله عليه وآله بكراع الغميم(٥) فشكوا إليه الجهد والطاقة والاعياء، فقال: شدوا أزركم واستبطنوا، ففعلوا [ذلك] فذهب ذلك عنهم ".

٢٥٠٤ - وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قلت له: قول الله عزوجل: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " قال: يخرج يمشي إن لم يكن عنده [شئ] قلت: لا يقدر على المشي؟ قال: يمشي

___________________________________

(١) أى لا يتم هذه الكلمات الا أمن، أو لا يدعوا بها الا أمن.

(٢) منذر بن جيفر بن حكيم العبدى عربى صميم له كتاب وجيفر اختلف فيه و الاصح بتقديم الياء على الفاء.

وطريق الصدوق اليه فيه ابراهيم بن هاشم وهو حسن كالصحيح.

(٣) نسل ينسل نسلا ونسلانا في المشى أى أسرع.

(٤) في النهاية وفى رواية " شكوا اليه الاعياء فقال: عليكم بالنسلان " أى الاسراع في المشى.

(٥) كراع الغميم موضع بين مكة والمدينة وهو واد أمام عسفان، والكراع جانب مستطيل من الحرة تشبيها بالكراع وهو ما دون الركبة من الساق.

٢٩٥

ويركب، قلت: لا يقدر على ذلك، قال: يخدم القوم ويخرج معهم "(١) .

باب آداب المسافر

٢٥٠٥ - روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وامورهم، وأكثر التبسم في وجوههم، وكن كريما على زادك بينهم، وإذا دعوك فأجبهم وإذا استعانوا بك فأعنهم، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك

___________________________________

(١) هذا الحديث ليس بمعمول به عند الفقهاء وقد حملوه على التقية أو الاستحباب و في المدارك ص ٣١٨ " أجمع العلماء كافة أن الاستطاعة شرط في الحج قال الله تعالى " ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا " وقال عزوجل " لا يكلف الله نفسا الا وسعها " قال في المنتهى وقد اتفق علماء‌نا على أن الزاد والراحلة شرطان في الوجوب فمن فقدهما أو أحدهما مع بعد مسافته لم يجب عليه الحج وان تمكن من المشى، ويدل على اعتبارهما مضافا إلى عدم تحقق الاستطاعة عرفا بدونهما غالبا صحيحة محمد بن يحيى الخثعمى قال: " سأل حفص الكناسى أبا عبدالله (ع) وأنا عنده عن قول الله عزوجل " ولله على الناس الاية " ما يعنى بذلك؟ قال: من كان صحيحا في بدنه، مخلى سربه، له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج " وصحيحة محمد بن مسلم قال: " قلت لابى جعفر عليه السلام قوله تعالى " ولله على الناس إلى قوله اليه سبيلا " قال: يكون له ما يحج به، قلت: فان عرض عليه الحج فاستحيى؟ قال: هو ممن يستطيع ولم يستحيى ولو على حمار أجدع أبتر، فان كان يستطيع أن يمشى راجلا بعضا ويركب بعضا فليفعل " قال في المنتهى: انما يشترط الزاد والراحلة في حق المحتاج اليهما لبعد مسافته أما القريب إلى مكة فلا يعتبر في حقه وجود الراحلة إذا لم يكن محتاجا اليها.

وهو جيد لكن في تحديد القرب الموجب لذلك خفاء والرجوع إلى اعتبار المشقة وعدمها جيد الا أن اللازم منه عدم اعتبار الراحلة في حق البعيد أيضا إذا تمكن من المشى من غير مشقة شديدة ولا نعلم به قائلا.

(٢) في المحاسن " عن حماد بن عثمان " وفى الكافى " عن حماد " بدون ذكر الاب وعلى أى حال هما ثقتان.

٢٩٦

من دابة أو ماء أو زاد، وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك، فان من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الامانة، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، وإذا رأيتهم يعلمون فاعمل، وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فأعط معهم واسمع لمن هو أكبر منك سنا، وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا، فقل: نعم، ولا تقل: لا، فإن " لا " عي(١) ولؤم وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتؤامروا، وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه فان الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله أن يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا مالا أرى.

فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ، صلها واسترح منها فإنها دين، وصل في جماعة ولو على رأس زج(٢) ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها(٣) وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل(٤) ، وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك، وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الارض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا، فإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس، وإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الارض، وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الارض التي حللت بها وسلم عليها وعلى اهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتصدق منه فافعل.

___________________________________

(١) بكسر العين أى جهل وبفتحها أى عجز. (م ت)

(٢) الزج بالضم: الرمح والحديدة التى في أسفل الرمح، وذلك يكون للمبالغة.

(٣) الدبر بالتحريك: جراحة على ظهر الدابة.

(٤) لاسترخاء المفاصل أى إذا لم يمدد يسترخى المفاصل.

٢٩٧

وعليك(١) بقراء‌ة كتاب الله عزوجل ما دمت راكبا، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا [عملا] وعليك بالدعاء ما دمت خاليا، وإياك والسير من أول الليل وسر في آخره، وإياك ورفع الصوت في مسيرك".

باب دعاء الضال عن الطريق

٢٥٠٦ - روى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا ضللت عن الطريق فناد " يا صالح - أو يا أبا صالح - أرشدونا إلى طريق يرحمكم الله ".

٢٥٠٧ - وروي " أن البر موكل به صالح، والبحر موكل به حمزة "(٢) .

باب القول عند نزول المنزل

٢٥٠٨ - قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: " يا علي إذا نزلت منزلا فقل: " اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين " ترزق خيره ويدفع عنك شره ".

باب القول عند دخول مدينة أو قرية

٢٥٠٩ - كان في وصية رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: " يا علي إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها: " اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها، اللهم

_____________________________

(١) احتمل بعض الاعلام أن من هنا إلى آخر الحديث من قول الصادق عليه السلام جعله عليه السلام متمما لوصية لقمان حيث انه كان في نسخته " وعليك بقراء‌ة القرآن " مكان " عليك بقراء‌ة كتاب الله " كما صرح هو بذلك.

(٢) المشهور أن الموكل بالبر الخضر وبالبحر الياس عليهما السلام. (م ت)

٢٩٨

حببنا إلى أهلها، وحبب صالحي أهلها إلينا "(١) .

باب الموت في الغربة

٢٥١٠ - روى الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي،(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " ما من مؤمن يموت في أرض غربة تغيب عنه فيها بواكيه إلا بكته بقاع الارض التي كان يعبد الله عزوجل عليها، وبكته أثوابه، وبكته أبواب السماء التي كان يصعد فيها عمله، وبكاه الملكان الموكلان به ".

٢٥١١ - وقال عليه السلام: " إن الغريب إذا حضره الموت التفت يمنة ويسرة ولم ير أحدا رفع رأسه، فيقول الله عزوجل: إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير لك مني و عزتي وجلالي لئن أطلقتك عن عقدتك(٣) لاصيرنك في طاعتي، ولئن قبضتك لاصيرنك إلى كرامتي ".

باب تهنئة القادم من الحج

٢٥١٢ - قال الصادق عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول للقادم من مكة: قبل الله منك، وأخلف عليك نفقتك، وغفر ذنبك ".

باب ثواب معانقة الحاج

٢٥١٣ - في رواية أبي الحسين الاسدي رضي الله عنه قال: قال الصادق عليه السلام

___________________________________

(١) كذا وفى المحاسن ص ٣٧٤ " اللهم انى أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها، اللهم أطعمنا من جناها وأعذنا من وبائها وحببنا إلى أهلها، وحبب صالحى أهلها الينا ".

وفى بعض نسخه " اطعمنا من خانها " وقال بعضهم: الظاهر أن المراد بالخان الخوان.

(٢) كان من رجال الصادق عليه السلام وكأنه عبدالله بن سعيد.

(٣) أى المرض المقدر عليه كالعقدة

٢٩٩

" من عانق حاجا بغباره كان كأنما استلم الحجر الاسود".

باب النوادر

٢٥١٤ - روي عن جابر بن عبدالله الانصاري قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا جاء من الغيبة حتى يؤذنهم "(١) .

٢٥١٥ - وقال عليه السلام: " السفر قطعة من العذاب، فإذا قضى أحدكم سفره فليسرع الاياب إلى أهله "(٢) .

٢٥١٦ - وقال الصادق عليه السلام: " سير المنازل ينفد الزاد، ويسيئ الاخلاق، ويخلق الثياب، والسير ثمانية عشر"(٣) .

٢٥١٧ - وروى عبدالله بن ميمون باسناده(٤) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ضللتم الطريق فتيامنوا"(٥) .

___________________________________

(١) يدل على كراهة دخول المسافر منزله في الليل الا أن يعلمهم.

وروى " أنه دخل رجل منزله في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله ورأى ابنه نائما مع زوجته فتوهم أنه أجنبى فقتله، فلما سمعه صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك ".

(٢) رواه البرقى ص ٣٧٧ عن النوفلى عن السكونى باسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله.

(٣) رواه البرقى عن أبيه عن أبن أبى نجران عمن ذكره عن أبى عبدالله عليه السلام.

والظاهر أن المراد به أن السير للتنزه والتفرج ينبغى أن لا يصير إلى المنازل، وهى ثمانية فراسخ بل نهايته ثمانية عشر ميلا ستة فراسخ فان الزائد عليها ينفد الزاد لان الانسان لا يتهيأ غالبا لها ما يكفيها بخلاف السفر ويسيئ اخلاق المصاحبين ويتسخ ثيابهم وتبلى بخلاف ما إذا كان قريبا فانه يرطب الدماغ ويخرج البدن والروح من الكلال. (م ت)

(٤) يعنى عن أبى عبدالله عن آبائه عليهم السلام عن النبى صلى الله عليه وآله كما في المحاسن ص ٣٦٢.

(٥) " فتيامنوا " أى توجهوا إلى جانب يمينكم. (م ت)

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510