تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

تذكرة الفقهاء11%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: 510

الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 510 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 406514 / تحميل: 5181
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

السفياني وأصحابه، فيهزمونهم ويأخذون المـُلْك من أيدي الظالمين، ويسلِّموها إلى أهلها من الهاشميِّين، وهو الإمام المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام) الذي يخرج في مكَّة المكرَّمة.

11- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله)، ج1، باب (104)، ص33، أخرج بسنده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تَخرجُ من خُراسان - الكوفة، فإذا ظهر المهدي [ عليه السلام ] بمكَّة بعثت إليه بالبيعة).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي في عقد الدُّرر الحديث في رقم (172) بسنده عن أبي جعفر محمَّد بن علي (عليهما السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تُقبِل من خُراسان - الكوفةَ، فإذا ظهر المهدي بمكَّة، بَعَثتْ بالبيعة إلى المهدي)، وقال: أخرجه أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد.

المؤلِّف:

وأخرج الحديث في العرف الوردي، ج2، ص69، ولفظه ولفظ السيِّد في الملاحم سواءٌ.

12- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (105)، ص 33، أخرج بسنده عن كعب قال:

(إذا دارت رحى بني العبَّاس، وربَط أصحابُ الرايات السود خيولهم بزيتون الشام، ويُهلك الله لهم الأصهب، ويَقتله وعامَّة أهل بيته على أيديهم، حتَّى لا يبقى أُموي منهم إلاَّ هاربٌ ومختفٍ، ويَسقط السعفتان: بنو جعفر وبنو العبَّاس، ويجلس ابن آكلة الأكباد على منبر دمشق، ويَخرج البربر إلى سرة الشام، فهو علامةُ خروج المهدي).

المؤلِّف:

قوله: (علامةُ خروج المهدي) أي: تكون مقدِّمةً لخروج الإمام المهدي (عليه السلام) كما يظهر ذلك من كثير من أحاديث الباب وغيره.

٦١

13- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (128)، ص40، أخرج بسنده عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام) قال:

(إذا هَزمت الرايات السود خيلَ السفياني - التي فيها شُعيب بن صالح - تمنَّى الناس المهدي فيطلبونه، فيخرج من مكَّة ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، فيصلِّي ركعتين - بعد أن ييأس الناس من خروجه لمَّا طال عليهم من البلاء - فإذا فرغ من صلاته انصرف، فقال: أيُّها الناس: ألحَّ البلاء بأُمَّة محمَّد (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، وبأهل بيته خاصَّة، قُهرنا وبُغيَ علينا).

المؤلِّف:

فيخرج الإمام المهدي (عليه السلام) بعد بيعة أصحابه الخاصَّة معه، وبعد خسفِ جيش السفياني في البيداء، ووصول خبرهم إليه، وقوله: (هذا الذي كنَّا ننتظره).

14- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله) ج1 باب (129)، أخرج بسنده عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(ثمَّ يظهر المهدي بمكَّة عند العشاء، ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصه، وسيفه، وعلامات ونور وبيان، فإذا صلَّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول: أُذكِّركم الله أيُّها الناس ومقامكم بين يدي ربِّكم، فقد اتَّخذ الحُجَّة، وبعث الأنبياء، وأنزل الكتاب، يأمرُكم أن لا تشركوا به شيئاً، وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وأن تحيوا ما أحيى القرآن، وتميتوا ما أمات، وتكونوا أعواناً على الهدى، ووزراً على التقوى، فإنَّ الدنيا قد دنى فناؤها وزوالها، وأَذِنت بالوداع، وإنِّي أدعوكم إلى الله وإلى رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سُنَّته، فيظهر في ثلاثمئة وثلاثةَ عشرَ رجلاً عدَّة أهل بدرٍ، على غير ميعادٍ قُزعاً كقُزع الخريف ، رهبانٌ بالليل، أُسدٌ بالنهار

٦٢

فيفتح الله أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن [ في المدينة ] من بني هاشم، وتنزل الرايات السود الكوفة، فيبعث بالبيعة إلى المهدي، ويبعث المهدي جنوده إلى الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله على يديه القسطنطينيَّة).

المؤلِّف:

يأتي هذا الحديث الشريف بلفظ آخر في رقم (23) نقلاً من (القول المختصر) لابن حجر الهيتمي الشافعي المخطوط، ونسخته توجد في مكتبة أمير المؤمنين في النجف الأشرف عندنا، ويُطبع إنشاء الله في ذيل هذا الكتاب.

15- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، باب (132)، ص41، أخرج بسند عن رزين، عن علي (عليه السلام) قال:

(يُرسل الله على أهل الشام مـَن يُفرِّق جماعتهم حتَّى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم، وعند ذلك يخرج رجلٌ من أهل بيتي في ثلاث رايات، المـُكْثِر يقول: خمسةَ عشرَ ألفاً، والمـُقْلِل يقول: اثني عشر ألفاً، أمارتهم: أَمت أَمت، على رايةٍ منها رجلٌ يطلب المـُلْك، أو يُبْتَغى له المـُلْك، فيقتلهم الله جميعاً، ويردّ الله على المسلمين أُلفَتهم وفاصتهم وبزارتهم).

قال ابن ليهعة: وأخبرني إسرائيل بن عبَّاد، عن محمَّد بن علي مثله، قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا رشدين، حدَّثنا ابن لهيعة قال: وأخبرني عبد الرحمان بن سالم، عن أبيه، عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام)، الحديث، إلاَّ أنَّه قال: (تسع راياتٍ سودٍ)، [ أي: مكان ثلاثِ راياتٍ في الحديث ].

المؤلِّف:

الحديث مرَّ ذكره في قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (المهدي رجلٌ من أهل بيتي)، في الباب (2) في رقم (110)، ورقم (111)، نقلاً من كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، ج7، ص317، ومن المستدرك للحاكم، ج4

٦٣

، ص553 ط حيدر آباد الدكن، والحديثين فيهما اختلاف في الألفاظ مع حديث الفتن، وفيهما مقدِّمة لم تُذكر في الفتن والله أعلم بسبب النقص والاختلاف.

وأخرج الحديث علي المتَّقي الحنفي في كنز العمَّال، ج7، ص263، نقلاً من المستدرك والملاحم والفتن، وأخرج الحديث ابن خلدون في كتابه المعروف (بمقدِّمة ابن خلدون، ص267)، ولفظه يَقرُب لفظ مجمع الزوائد ولا يساويه، راجع الباب (2) تجد اللفظين بنصِّهما.

16- وفي ينابيع المودَّة، ص193، أخرج بسنده من مسند أبي حاتم، وصحيح ابن حبَّان، وكتاب ابن السري بأسانيدهم عن ابن مسعود مرفوعاً أنَّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال:

(... إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله - تعالى - لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي إثرةً وشدَّةً وتطريداً في البلاد، حتَّى يأتي قومٌ من ها هنا - وأشار إلى المشرق - أصحابُ راياتٍ سودٍ، فيسألون حقَّهم فلا يُعطَوْنه - مرَّتين أو ثلاثاً - فيقاتلون فَيُنصَرُون، فيعطون ما شاؤوا فلا يقبلونها، حتَّى يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَملَؤها عدلاً بعدما مـُلئت ظلماً، فمن أدرك ذلك [ منكم ] فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

.

المؤلِّف:

في الحديث اختصار، ويأتي في رقم (17) الحديث كاملاً، وقد أخرجه كاملاً ابن خلدون في المقدِّمة، وأخرجه الحاكم كاملاً، وأخرجه الذهبي كاملاً، ويأتي الحديث عن غيرهم.

17- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص518، طبع مصر، سنة 1349، أخرج الحديث المتقدِّم بسندٍ متَّصل عن عبد الله بن مسعود - وله مقدِّمة - وهذا نصُّه:

بحذف السند عن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم النبي (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه، وتغيَّر لونه

٦٤

قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اخْتارَ الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيسألون الخير فلا يُعْطَوْنه، فَيُقاتِلون فيَنُصَرُون فَيُعطَونَ ما سألوا فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَمْلَؤُهَا قسطاً كما مـَلَئُوهَا جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

في الأربعين لأبي نعيم، أخرج نحوه، وقال فيه:

(حتَّى يأتي قومٌ من المشرق ومعهم راياتٌ سود، فيسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه...). الحديث، وقال في آخره: (ومن استطاع منكم فليأتهم ولو حبواً).

18- وفي الصواعق المـُحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، ص100 طبع مصر، سنة 1308 هـ، أخرج حديث عبد الله بن مسعود مع المقدِّمة، نقلاً من سُنن ابن ماجة بسنده عن عبد الله قال:

بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ)، وذكر الحديث.

ولفظه يساوي لفظ ابن ماجة إلى قوله: (فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج)، وزاد فيه: (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

يظهر من لفظِ حديثِ ابن حجر في الصواعق أنَّه الحديث الذي في ينابيع المودَّة، وفي نفس السُنن أسقط منه قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

هذا وقد أخرج الحديث في عقد الدُّرر - تأليف الشافعي - وفيه زيادات كثيرة، وإليك لفظه في الرقم الآتي.

19- وفي عقد الدُّرر، الحديث (162)، من الفصل (4)، أخرج بسنده عن علقمة بن قيس وعبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود قال:

٦٥

أتيتا رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، فخرج إلينا مـُستبشراً، يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فئةٌ من بني هاشم، فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم خبر بممرهم، وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً تكرهه، فقال:

(إنَّا أهلُ البيت اخْتار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيَلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تُرفع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطَونه، فيُقاتِلون فَيُنصَرَون، فمـَن أدركه منكم ومِن أعقابكم فليأتِ إِمامـَ أهلَ بيتي، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملأها قسطاً وعدلاً، كما مـُلئت جوراً وظلماً).

أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله في مستدركه هكذا، ورواه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني، والإمام أبو عبد الله محمَّد بن يزيد بن ماجه، والحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد، كلُّهم بمعناه.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (29) الحديث من مستدرك الحاكم مع اختلافٍ، ويأتي بقيَّةُ ألفاظه من كتبٍ عديدة بعد رقم (29).

المؤلِّف:

تقدَّم لفظ ابن ماجه، ولفظ ابن حجر، ولفظ ينابيع المودَّة، وليس فيها ما في هذا الحديث من الألفاظ النافعة المهمَّة، ومنه يُعرف أنَّ ألفاظ الحديث في الكتب المتقدِّمة وقعَ فيها تغييرٌ أو تحريف.

وأخرج الحديث في كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان)، ص315، ولفظه يساوي لفظ ابن ماجه القزويني الشافعي، وأخرج الحديث ابن الصبَّاغ المالكي في كتاب الفصول المهمَّة في الفصل (12)، ص276 – 277، ولفظه يقرب لفظ ابن ماجه في سُننه وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم، ثمَّ ذكر بعده حديثاً آخر مختصر مضمونه فيه ما في الحديث السابق، وأخرجه الحاكم في المستدرك، ج4، ص553، وقد تقدَّمت ألفاظهم، ويأتي في رقم

٦٦

(29) لفظ الحاكم وغيره، ولفظ السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص117، راجع رقم (33).

20- وفي الفصول المهمَّة الفصل (12)، ص277، الطبعة الثانية، النجف، سنة 1369 قال: وروى الحافظ أيضاً بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(إذا رأيتم الرايات السود من خراسان فأتوها ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج أبو نعيم حديث ثوبان في الأربعين حديث الذي جمعه في أحوال الإمام المنتظر (عليه السلام)، وذكر السيِّد في غاية المرام، ص700 جميع الأربعين حديث، ومن جملتها حديث ثوبان، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ.

وأخرجه يوسف بن يحيى في عقد الدُّرر في الحديث (173)، ولفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الرايات السود من قِبَل المشرق، كأنَّ قلوبهم زُبَرَ الحديد، فمن سَمِع بهم فليأتهم فيبايعهم، ولو حَبْواً على الثلج).

أخرجه الإمام أبو نعيم في صفةِ المهدي، وأخرج السيِّد في غاية المرام، ص700 هذا الحديث بلفظه نقلاً من الأربعين حديث لأبي نعيم وقال فيه: (كأنَّ قلوبهم من حديد...). الحديث، وهو الحديث (104) من الأحاديث التي جمعها في الإمام المهدي (عليه السلام).

وأخرج ذلك جلال الدين السيوطي الشافعي في العرف الوردي، ج2، ص63، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

21- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم في الحديث (31) من الأحاديث التي أخرجها السيِّد في غاية المرام، ص700، فقد أخرج بإسناده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(يَقْتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير [ الأمر ] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلونهم

٦٧

قتلاً لا يُقاتله قومٌ... ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي حديث ثوبان في كتابه عقد الدُّرر، الحديث (89)، ولفظه يخالف لفظ أبا نعيم، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثة، كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطْلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقاتلونهم قتالاً لم يُقاتِله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً، فقال -: إذا رأيتموه فبايعوه، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

أخرجه الحافظ عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يُخرجاه.

وأخرج أبو نعيم بمعناه وقال: موضع قوله: (ذَكَر شيئاً): (ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي)، وأخرج الحديث في رقم (92) ولفظه لفظ الأربعين لأبي نعيم وقال في آخره: (ثمَّ يجيء خليفة رسول الله المهدي)، ثمَّ قال: أخرجه أبو نعيم هكذا، وأبو عمرو الدَّاني في سُننه، وسيأتي الحديث في رقم (26)، وفي لفظه زيادةٌ واختلاف نفهم منه معنى الحديث.

22- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم، وهو الحديث (33) من الأربعين حديث، قال: وعن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الراياتُ السودُ مِن قِبَل المشرق، كأنَّ قُلوبَهم مِن حديدٍ، فمـَن سَمِع بهم فليأتِهم ولو حَبْواً على الثلج) .

المؤلِّف:

تقدَّم حديث عن ثوبان في رقم (20) ولفظه يقرُب هذا اللفظ، وفيه زيادةٌ واختلافٌ لا يغيِّر المعنى.

المؤلِّف:

الحديث مـُفصّل اختصره أبو نعيم، وقد أخرجه في

٦٨

كتاب البيان، ص313 مفصَّلاً، ويأتي لفظه في رقم (26)، وأخرجه في مقدِّمة ابن خلدون، ص267، وتكلَّم في رجالِ الحديث؛ لأنَّهم ليسوا على مذهبه وفيهم من يتشيَّع، وأخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269، ويأتي لفظه في رقم (27) إنشاء الله.

23- وفي كتاب (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) تأليف ابن حجر الهيتمي الشافعي قال:

الرابعة والعشرون : - من علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - يظهر من مكَّة عند العشاء، معه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصُه، وسيفُه، وعلامات، ونور، وبيان، فإذا صلَّى العشاء خطبَ خطبةً طويلة، ودعى الناس إلى طاعةِ الله وطاعةِ رسوله، فيفتح له أرض الحجاز، ويُخرِج مـَن في السجن من بني هاشم، ويبعث الرايات السود إليه من الكوفة، ويبعث جنوده في الآفاق.

المؤلِّف:

وذكر ابن حجر قبل هذا الحديث في العدد (18) وقال: ينزل قبل رايات سود من خراسان بالكوفة فإذا ظهر [ وليُّ الله الحُجَّة (عليه السلام) ] بمكَّة بعث إليه بمكَّة.

24- وفي عقد الدُّرر، الحديث (176) قال: وعن الحسين قال:

( يَخرجُ بالريِّ رجلٌ رُبْعةٌ أَشَمُّ، مولى لبني تميم، كوسج، يقال له: شُعيب بن صالح، في أربعةِ آلافٍ، ثيابهم بيض، وراياتهم سود، يكون على مقدِّمة المهدي، لا يلقاه أحدٌ إلاَّ فَلَّه).

أخرجه أبو عبد الله في كتاب الفتن.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (4) نقلاً من كتاب الملاحم والفتن، ص31، ولفظه يُخالف هذا اللفظ، وقال: رواه عبد الله بن إسماعيل البصري، عن أبيه، عن الحسن والظاهر، أنَّ في أحدِ الحديثين تحريف.

٦٩

25- وفي عقد الدُّرر، الحديث (143)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(انظروا الفرج في ثلاث ، قلنا: يا أمير المؤمنين: وما هي؟ قال: اختلاف أهلِ الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان! فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ قال: أوَ ما سمعتم قول الله عزَّ وجلَّ في القرآن: ( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمـَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ) ، وهي آيةٌ تُخرِج الفتاةَ من خِدرها، وتُوقظ النائم، وتُفزع اليقظان!).

أخرجه أبو الحسن أحمد بن جعفر المـُنادي.

26- وفي كتاب البيان للكنجي الشافعي، ص336، طبع إيران، سنة 1322 هـ، أخرج بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود، فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ، ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج العلاَّمة السيِّد هاشم البحراني الحديث في غاية المرام، ص701 نقلاً من كتاب البيان للكنجي الشافعي، وفي لفظه اختلاف وزيادة، ويظهر منه: أنَّ الحديث - في طبع إيران - فيه سَقْط، وهذا نصُّ ما في غاية المرام: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

( يقتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود مِن قِبَل المشرق فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا احتفظه، ثمَّ قال النبي (صلَّى الله عليه وآله): فإذا رأيتم أميرهم فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي). أخرجه الحافظ ابن ماجه.

المؤلِّف:

بالتأمُّل في هذا الحديث الشريف يتَّضح لك الحديث المتقدِّم في رقم (20)، ورقم (21)، ورقم (22)، وأخرج الكنجي الحديث أيضاً في الباب الرابع من كتاب البيان، ص313، طبع إيران، وهذا

٧٠

لفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تَصير [الخلافة] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلوهم قتلاً لم يقتله قوم - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

تأمَّل دقيقاً لعلَّك تعرف الفرق بين اللفظ الذي أخرجه في غاية المرام، واللفظ الذي في كتاب البيان، ثمَّ قال الكنجي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، أخرجه الحافظ ابن ماجه القزويني في سُننه كما سُقناه.

المؤلِّف:

ثمَّ أخرج الكنجي الحديث بسند آخر، ولفظه فيه اختصار واختلاف، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ، ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه وبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

ثمَّ قال الكنجي: قلت: رواه عبد العزيز بن المختار، عن خالد الحذّاء نحوه، إلاَّ أنَّه قال في حديثه:

(تجيء راياتٌ سودٌ مِن قِبَل المشرق كأنَّ قلوبهم زُبَر الحديد - فمن سَمِع بهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج - حتَّى يأتوا مدينة دمشق، فيهدمونها حَجَراً حَجَراً ويقتلون بها أبناء الملوك).

رواه أبو نعيم في مناقب المهدي (عليه السلام) عن الطبراني، رُزِقْناه عالياً بحمد الله.

27- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص269، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يَصير إلى واحدٍ منهم، ثم تَطلُع الرايات السود مِنْ قِبَل المشرق، فَيقْتلُونكم قتلاً لم يُقْتَلْهُ قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

٧١

المؤلِّف:

ذكر أبو الحسن محمَّد بن عبد الهادي الحنفي نزيل المدينة، سنة 1138 عند شرحه للحديث في الهامش ص269، ج2، من سُنن ابن ماجه قوله: (عند كَنْزِكُم): أي: مـُلْكِكِم.

وقال ابن كثير: الظاهر أنَّ المراد بالكنز المذكور [ في الحديث ] كنز الكعبة، [ قال ]: وقوله: (ثمَّ تطلع الرايات السود).

قال ابن كثير: هذه الرايات السود ليست هي التي أقبلَ بها أبو مـُسلم الخُراساني فاستلب بها دولة بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

قال: وقوله: (خليفة الله المهدي)، كذا ذكره السيوطي، قال: وفي الزوائد، أي زوائد المسند، هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، ورواه الحاكم في المستدرك، ج4، ص463، ويأتي لفظه في رقم (28) إنشاء الله.

المؤلِّف:

قال جلال الدين السيوطي في كتابه العرف الوردي، ص60، أخرج أحمد، والترمذي، ونعيم بن حمَّاد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تَخرجُ مِن خُراسان راياتٌ سودٌ، فلا يَرُدَّها شئٌ حتَّى تُنْصب بإيلياء).

قال ابن كثير: هذه الرايات ليست هي التي أقْبل بها أبو مسلم الخُراساني، فاستلب بها دولةَ بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

المؤلِّف:

أخرج جلال الدين في كتاب العرف الوردي - قَبل نقلِه هذا الحديث - حديثاً عن أحمد بن حنبل، والترمذي، والطبراني بأسانيدهم عن عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرج ناسٌ مِن المشرق [ خراسان ] فَيُوطِّئون للمهدي سُلطانه).

وهم أهل الرايات السود المذكورين في الحديث، وهم الذين أمر النبي (صلَّى عليه وآله وسلَّم) بمبايعة الناس مع أميرهم، وهو المهدي (عليه السلام).

المؤلِّف:

وقع اختلاف في المصادر في كلمة: (كَنْزِكُم)، ففي

٧٢

مقدِّمة ابن خلدون قال: عند (كِبَرِكُم)، وفي نسخةٍ للبيان قال: عند (كَرْبِكُم)، وفي الأكثر عند (كَنْزِكُم)، والظاهر أنَّ الصحيح هو هذا، وعليه وافقت الشرَّاح للحديث، والله أعلم.

28- وفي المستدرك للصحيحين - البخاري ومسلم - للحاكم النيسابوري الشافعي، ج4، ص463، أخرج بسنده عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطلُع الرايات السود مِن قِبَل المشرق، فيقاتلونكم قتالاً لم يُقاتِلْه قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً - فقال: إذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبواً على الثلج، فإنَّه خليفة الله المهدي ).

ثمَّ قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين.

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف، أخرجه جماعةٌ من الحُفَّاظ وعلماء الحديث في كتبهم المعتبرة، وقد تقدَّم ذِكْرُ بعضهم في رقم (26)، وقد أخرجوه بألفاظٍ مختلفةٍ مفصَّلةٍ ومختصرةٍ وهم جماعة.

منهم: ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة في الفصل الثاني عشر في ص277، وقد تقدَّم لفظه في رقم (20).

منهم: الحافظ أبو نعيم في أربعينه، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21).

منهم: يوسف بن يحيى الشافعي، وقد أخرجه في عقد الدُّرر، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21) (23) أيضاً.

ومنهم: ابن حجر الهيتمي، فإنَّه أخرجه في الصواعق المحرقة، ص 100، ولفظه يَقرُب لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

ومنهم: علي المتَّقي الهندي الحنفي، أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص186، الحديث (1932)، نقلاً من سُنن ابن ماجه ومستدرك

٧٣

الحاكم عن ثوبان وقد تقدَّم لفظ ابن ماجه في رقم (27)، ولفظ الحاكم في رقم (28)، وفي لفظيهما اختلاف يسير.

ومنهم: السيوطي في العرف الوردي، ج2، ص63.

ومنهم: القندوزي في ينابيع المودَّة، ص431، وقال: أخرجه أحمد، والبيهقي في دلائل النبوَّة.

ومنهم: علي المتَّقي في كنز العمَّال، ج7، ص187، أخرج بسنده من مسند الفردوس للديلمي أنَّه قال:

عن ثوبان: (سَتطْلُع عليكم راياتٌ سودٌ من قِبَل خُراسان، فأتوها ولو حَبواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله تعالى المهدي). الديلمي عن ثوبان.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (3)، ورقم (20) من كُتبٍ عديدة لعلماء أهل السنَّة، وليس في ألفاظهم هذا اللفظ.

ومنهم: الشبلنجي في نور الأبصار، ص154 من أربعين أبي نعيم، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ، وقد تقدَّم في رقم (20).

ومنهم: السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص31، باب (94)، وقد تقدَّم في رقم (3).

29- وفي المستدرك للحاكم، ج4، ص464، أخرج بسنده عن عبد الله بن مسعود قال:

أتينا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، فخرج إلينا مـُستبْشِراً يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فِتيةٌ من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟!

٧٤

فقال: (إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تَرتَفِع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألُون الحقَّ فلا يُعْطُونه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطُونه، ثمَّ يسألونه فلا يُعْطُونه، فيقاتلون فَيُنصَرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمامـَ أهلِ بيتي ولو حَبْواً على الثلج، فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي).

30- وفي ينابيع المودَّة، ص433، أخرج الحديث المتقدِّم من جواهر العقدين وقال: ولابن ماجه عن طريق إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، قال:

بينا نحن عند رسول الله (ص) إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي (ص) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، فقلت: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟! فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سَيَلْقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيَسألون الخير فلا يُعْطُونه، فيُقاتلِون فَيُنْصَرون، فيُعْطَون ما سألوه فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي فيملأها قسطاً كما ملؤوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

أخرج الحديث في العرف الوردي عن ابن أبي شَيْبة في سُننه، [ وعن ] نعيم بن حمَّاد في الفتن، وعن ابن ماجه في سُننه، وأبي نعيم، عن ابن مسعود، وزاد في آخره بعد قوله: (ولو حبواً على الثلج)، (فإنَّه المهدي).

وقال السيوطي: فيه دلالةٌ على أنَّ المهدي يكون بعد دولة بني العبَّاس.

المؤلِّف:

من الغريب أن يخفى على جلال الدين السيوطي المتوفَّى سنة 911 أنَّ ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) بعد انقضاء دولة العباسيين وغير العباسيين، وأمَّا الحديث الذي أخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269

٧٥

فحديثين، تقدَّم أحدُهما في رقم (27)، والحديث الآخر هذا بحذف السند عن علقمة، عن عبد الله قال:

(بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، إذ أقبل فِتيةٌ من بني هاشم...). الحديث، ولفظه يساوي لفظ الحديث المنقول من جواهر العقدين فيما تقدَّم بلا اختلافٍ وبلا زيادةٍ.

المؤلِّف:

قال شارح السُنن: (اغرورقت) أي: غَرِقتا بالدموع .

وهذا الحديث الشريف أخرجه الحاكم في المستدرك، وأخرجه غيره، فهو حديثٌ ثابتٌ رواته من رواة الصحاح، كالجامع للترمذي، والسُنن لأبي داود، والنسائي، وابن ماجه، ومن رواةِ صحيح مـُسلم، وفيهم من يتشيَّع، أي: يُقدِّم أمير المؤمنين في الفضل على غيره؛ ولأجل ذلك توقَّف بعض المـُتعصِّبين عن روايته.

وقد تقدَّم نقلُ الحديث من كتاب البيان للكنجي الشافعي، ومن سُنن ابن ماجه، ومن الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، وأخرج السيِّد في الملاحم والفتن الحديث بلفظ آخر كما في ج1، ص32 راجع الحديث الآتي.

31- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، ص32، قال:

الباب (100) فيما ذكره نعيم - مِن نصرِ الذي اسمه اسم النبي (عليه السلام) برايةٍ من المشرق - قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا عبد الله بن مروان، عن العلاء بن عقبة، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) ذَكَرَ بلاءً يلقاه أهل بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نَصَرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتوا رجلاً اسمه كاسمي، فيولُّوه أمرهم، فيؤيِّده الله ويَنصُره).

المؤلِّف:

قد تقدَّم الحديث في رقم (8)، وعلَّقنا عليه وقلنا: إنَّ الحديث في روايته تصحيف، والرواية عن الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)، عن النبي، كما في عقد الدُّرر، الحديث رقم (174) من الباب (5)، ولفظُه يساوي لفظَه.

٧٦

المؤلِّف:

إنَّ هذا الحديث هو الحديث السابق المروي في كُتبٍ عديدة، ولكنَّ الراوي اختصره كما هو عادةُ الرواة، وهو أمرٌ غير صحيح؛ لأنَّه يوجب الإجمال وعدم الوصول إلى معنى الحديث.

المؤلِّف:

ويأتي في باب أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) أحاديث عديدة ذُكر فيها الرايات السود، وأنَّهم من أصحابه وأنصاره، غير أنَّهم يتقدَّمون عليه، وعند انتصارهم يُسلِّمون الأمر إليه.

وقد ذُكر من أوصافهم أنَّ راياتِهم سودٌ صغارٌ، وقلانِسُهم سود، وثيابهم بيض، وهم على خلاف الجيش الذي حارب بني أُميَّة وأخذ السلطة منهم وسلَّمها إلى بني العبَّاس، وهم أصحاب أبي مسلم الخراساني.

وفي العرف الوردي، ج2، ص68 قال: أخرج نعيم بن حمَّاد، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ذكر بلاءً يلقاه أهلُ بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نصرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتي رجلٌ اسمه كاسمي، فيولُّونه أمرهم، فيؤيِّده الله وينصره).

المؤلِّف:

الظاهر أنَّ المراد من الحسن في هذه الرواية - وغيرها - هو: الحسن البصري على اصطلاح علماء أهل السنَّة.

32- وفي كنز العمَّال، ج6، ص68، نقلاً مِن مسند علي (عليه السلام)، قال: وعن أبي الطفيل، أنَّ علياً (عليه السلام) قال له:

(يا عامر: إذا سمِعتَ الرايات السود مـُقبلة مِن خُراسان، فكنت في صندوقٍ مـُقْفلٍ عليك، فاكْسر ذلك القفل، وذلك الصندوق، حتَّى تُقتل تحتها! [ أي: تحت الرايات السود ] فإن لم تستطع [ أي: أن تمشي ] فتدحرج حتَّى تُقْتلَ تحتها [ أي: تحت الرايات السود ]) .

قال السيوطي: - بعد نقل الحديث - قال: أخرجه أبو الحسن علي بن عبد الرحمان بن أبي السري البكالي في جزء من حديثه.

٧٧

33- وفي الملاحم والفتن للسيِّد ابن طاووس، ج1، ص117 قال: أخرج زكريا في الفتن، بسنده عن عبد الله، قال:

بينما نحن جلوس عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، إذ مرَّ فِتيةٌ من قريش، فتغيَّر لونه، فقلنا: يا رسول: الله إنَّا لا نزال نرى في وجهك شيئاً نَكرَهُهُ؟! قال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي هؤلاء سيُصيبُهم بعدي بلاءٌ، وتطريدٌ، وتشريدٌ، حتَّى يَخرُج قومٌ مِن ها هنا - وأومأ بيده نحو المشرق - معهم راياتٌ سودٌ، يَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ويَسألون فلا يُعْطَوْن، فيُقاتِلون ويصبِرون، فيُعْطونَ ما سألوا، فلا يقبلُونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهل بيتي، يملأها قسطاً وعدلاً كما مـُلِئت ظلماً وجوراً، فمن أدركهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث من كُتبٍ عديدةٍ وألفاظ الجميع تُخالف لفظ السيِّد في الملاحم والفتن؛ ولذلك أخرجناه.

٧٨

البَابُ الخامِس وَالعِشرُون

1- في عقد الدُّرر، الحديث (122) من الباب (4)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(السفياني: من وُلْدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، رجلٌ ضخمـُ الهَامةِ، بوجهه آثار جُدري، بعينه نُكتةُ بياضٍ، يَخرُج من ناحيةِ مدينة دمشق، في وادٍ يقال له: الوادي اليابس، يَخرُج في سبعةِ نفرٍ، مع رجلٍ منهم لواءٌ معقود، يُعرَفون به في النصر، يَسيرُ بين يديه على ثلاثين ميلاً، لا يَرى ذلك العلم أحدٌ يريده إلاَّ انهزم).

أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد في الفتن.

المؤلِّف:

أخرج ابن الصبَّان في إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار في ص127 حديثاً مفصَّلاً في علامات الإمام المهدي (عليه السلام)، والنداء السماوي، أخرجنا أوَّله في أحاديث النداء في رقم (6).

وذَكرَ في آخره من كتاب (المسائل الظريفيِّة) للشيخ مجدولي: أنَّ السفياني رجلٌ من وُلدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، ضخم الهامة، بوجهه أثرُ الجُدري، وبعينه نكتهٌ بيضاء، يخرج من ناحية دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ اسم عشيرة ]، يفعل الأفاعيل، ويقتل قبيلةَ قيسٍ.

[ ثمَّ قال ]: وإنَّ المهدي يستخرج تابوتَ السكينة من غار أنطاكية، وأسفار التوراة من جبلٍ بالشام، يُحاجُّ به اليهود فيُسْلِم كثيرٌ منهم [ قال ]: وإنَّه يكون بعد موت المهدي

٧٩

القحطاني: رجلٌ من أهل اليمن، يَعدِل في الناس، ويسير فيهم بسيرة المهدي، يمكث مدَّة ثمَّ يُقتل.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (45)، حديث نور الأبصار - الذي فيه علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - بتفصيله، راجع واغتنم أيُّها الطالب.

2- وفي عقد الدُّرر، الحديث (123)، من الباب (4)، أخرج بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرجُ رجلٌ يُقال له: السفياني، في عمق دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ أي: من عشيرة كلب ] ، فيَقتلُ حتَّى يَبْقر بطون النساء، ويَقْتل الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويَخرجُ رجلٌ من أهل بيتي في الحرم [ أي: مكَّة ] فيبلغ [ إلى ] السفياني [ خروجه ] فيبعث إليه من جُنْدِه فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمن معه، حتَّى إذا جاز بِبَيْدَاءَ مِن الأرض خُسِف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

أخرجه أبو عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم، ولم يُخرجاه.

المؤلِّف:

أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص188، نقلاً من المستدرك للحاكم، عن أبي هريرة، وهذا نصُّه:

(يَخرج رجلٌ يُقال له: السفياني، في عُمقِ دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب، فيَقتُل حتَّى يبقر بطون النساء، ويقتلُ الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجلٌ من أهل بيتي في الحرَّة، فيبلغ السفياني، فيبعث إليه جُنْداً من جُنْدهِ فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمِن معه، حتَّى إذا صار بِبَيْدَاءَ من الأرض خُسف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

(ك، عن أبي هريرة).

3- وفي عقد الدُّرر، الحديث (124) من الباب (4)، عن المهاجر

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

واحد.

مسألة ٤٧٣ : والضمان ثابت بالكتاب والسنّة والإجماع.

قال الله تعالى :( وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ) (١) قال ابن عباس : الزعيم الكفيل(٢) .

لا يقال : هذه الآية لا يصحّ لكم الاستدلال بها ؛ لأنّ حمل البعير مجهول. ولأنّها جعالة. ولأنّه حكاية عن منادي يوسفعليه‌السلام ، ولا يلزمنا شرعه.

لأنّا نقول : حمل البعير معروف عندهم ، ولهذا سمّوه وسقاً ، وعلّق عليه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نصاب الغلّات ، فقال : « ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة »(٣) .

وأمّا الجعالة فنمنع بطلان الكفالة بها ؛ لأنّها تؤول إلى اللزوم.

سلّمنا عدم جواز الضمان فيها ، لكن اللفظ اقتضى جواز الكفالة وجوازها بالجعالة ثمّ قام دليل على أنّ الجعالة لا يتكفّل بها ، وهذا الدليل لا ينفي مقتضى اللفظ عن ظاهره.

وأمّا شرع مَنْ قبلنا فقد قيل(٤) : إنّه يلزمنا إذا لم يدلّ دليلٌ على إنكاره ، وليس هنا ما يدلّ على إنكار الكفالة ، فيكون ثابتاً في حقّنا.

____________________

(١) يوسف : ٧٢.

(٢) صحيفة علي بن أبي طلحة : ٢٩٤ / ٦٦١ ، جامع البيان ( تفسير الطبري ) ١٣ : ١٤ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٧٠.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٤ ، سنن أبي داوُد ٢ : ٩٤ / ١٥٥٨ ، سنن النسائي ٥ : ١٧ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢١ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ٣ : ١٣٧ ، مسند أحمد ٣ : ١١٨ / ٨٩٦٨ ، و ٤٦٥ / ١١١٨١.

(٤) لم نتحقّق القائل.

٢٨١

وأيضاً قوله تعالى :( سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ ) (١) .

وأمّا السنّة : فقد روى العامّة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خطب يوم فتح مكة(٢) وقال(٣) في خطبته : « العارية مؤدّاة ، والمنحة مردودة ، والدَّيْن مقضيّ ، والزعيم غارم »(٤) .

وعن أبي سعيد قال : كُنّا مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في جنازة فلمّا وُضعت قال : « هل على صاحبكم من دَيْن؟ » قالوا : نعم ، درهمان ، قال : « صلّوا على صاحبكم » فقال عليّعليه‌السلام : « هُما علَيَّ يا رسول الله وأنا لهما ضامن » فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فصلّى عليه ثمّ أقبل على عليّعليه‌السلام فقال : « جزاك الله عن الإسلام خيراً ، فكّ الله رهانك كما فككت رهان أخيك »(٥) .

وعن جابر بن عبد الله أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يصلّي على رجل عليه دَيْن ، فأُتي بجنازة فقال : « هل على صاحبكم دَيْنٌ؟ » فقالوا : نعم ، ديناران ، فقال : « صلّوا على صاحبكم » فقال أبو قتادة : هُما علَيَّ يا رسول الله ، قال :

فصلّى عليه ، قال : فلمّا فتح الله على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، مَنْ ترك مالاً فلورثته ، ومَنْ ترك دَيْناً فعلَيَّ »(٦) .

وعن سلمة بن الأكوع أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أُتي برجل ليصلّي عليه ، فقال :

____________________

(١) القلم : ٤٠.

(٢) في المصادر : « حجّة الوداع » بدل « يوم فتح مكة ». وما في المتن كما في المبسوط - للطوسي - ٢ : ٣٢٢.

(٣) في « ث » والطبعة الحجريّة : « فقال » بدل « وقال ».

(٤) سنن الترمذي ٤ : ٤٣٣ / ٢١٢٠ ، سنن الدار قطني ٣ : ٤٠ - ٤١ / ١٦٦ ، مسند أحمد ٦ : ٣٥٨ / ٢١٧٩١ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٨ : ١٦٠ / ٧٦١٥.

(٥) المغني ٥ : ٨٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٣ ، ونحوه عن عاصم بن ضمرة عن عليّعليه‌السلام في سنن الدار قطني ٣ : ٤٦ - ٤٧ / ١٩٤ ، وسنن البيهقي ٦ : ٧٣.

(٦) سنن النسائي ٤ : ٦٥ - ٦٦ ، سنن البيهقي ٦ : ٧٣.

٢٨٢

« هل عليه دَيْنٌ؟ » قالوا : نعم ، ديناران ، فقال : « هل ترك لهما وفاءً؟ » قالوا : لا ، فتأخّر فقيل : لِمَ لا تصلّي عليه؟ فقال : « ما تنفعه صلاتي وذمّته مرهونة إلّا قام أحدكم فضمنه » فقال أبو قتادة : هُما علَيَّ يا رسول الله ، فصلّى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه(١) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه عيسى بن عبد الله قال : احتضر عبد الله ابن الحسن ، فاجتمع عليه غرماؤه فطالَبوه بدَيْنٍ لهم ، فقال : ما عندي ما أُعطيكم ولكن ارضوا بمن شئتم من بني عمّي : عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، أو عبد الله بن جعفر ، فقال الغرماء : أمّا عبد الله بن جعفر فمليّ مطول ، وعليّ ابن الحسين رجل لا مال له صدوق ، وهو أحبّهما إلينا ، فأرسل إليه فأخبره الخبر ، فقال : « أضمن لكم المال ولي غلّة » ولم تكن له غلّة كملاً(٢) ، فقال القوم : قد رضينا وضمّنوه ، فلمّا أتت الغلّة أتاح الله له بالمال فأدّاه(٣) .

وعن عطاء عن الباقرعليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك ، إنّ علَيَّ دَيْناً إذا ذكرته فسد علَيَّ ما أنا فيه ، فقال : « سبحان الله أَوَما بلغك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول في خطبته : مَنْ ترك ضياعاً فعلَيَّ ضياعه ، ومَنْ ترك دَيْناً فعلَيَّ دَيْنه ، ومَنْ ترك مالاً فلله(٤) ، وكفالة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ميّتاً ككفالته حيّاً ، وكفالته حيّاً ككفالته ميّتاً؟ » فقال الرجل : نفّست عنّي جعلني الله فداك(٥) .

وقد أجمع المسلمون كافّة على جوازه وإن اختلفوا في فروعه.

____________________

(١) المغني ٥ : ٧٠ - ٧١ ، وفيه : « إلّا أن قام » وفي صحيح البخاري ٣ : ١٢٦ ، وسنن النسائي ٤ : ٦٥ ، وسنن البيهقي ٦ : ٧٢ مختصراً.

(٢) في الكافي : « تجمّلاً » بدل « كملاً ». وكلتاهما لم ترد في التهذيب.

(٣) الكافي ٥ : ٩٧ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٢١١ / ٤٩٥ ، بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.

(٤) في المصدر : « فآكله » بدل « فلله ».

(٥) التهذيب ٦ : ٢١١ / ٤٩٤.

٢٨٣

إذا عرفت هذا ، فقد نقل العلماء(١) أنّ امتناع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الصلاة على المديونين [ كان ](٢) في ابتداء الإسلام ، ولم يكنصلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّي على مَنْ لا يخلّف وفاءً عن ديونه ؛ لأنّ صلاته عليه شفاعة موجبة للمغفرة ، ولم يكن حينئذٍ في الأموال سعة ، فلمّا فتح الله تعالى الفتوح قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم »(٣) وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله في خطبته : « مَنْ خلّف مالاً أو حقّاً فلورثته ، ومَنْ خلّف كَلّاً أو دَيْناً فكلّه إلَيَّ ودَيْنه علَيَّ » قيل : يا رسول الله وعلى كلّ إمام بعدك؟ قال : « وعلى كلّ إمام بعدي »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فأركان الضمان خمسة.

البحث الثاني : في أركان الضمان.

أركان الضمان خمسة :

أ : المضمون عنه.

ب : المضمون له.

ج : الضامن.

د : المال المضمون.

ه : الصيغة.

فالنظر هنا يتعلّق بأُمور خمسة :

النظر الأوّل : في صيغة الضمان.

مسألة ٤٧٤ : لا بدّ في الضمان من صيغةٍ تدلّ على الالتزام‌ ، مثل :

____________________

(١) كما في العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٤.

(٢) إضافة يقتضيها السياق.

(٣ و ٤) كما في العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٤.

٢٨٤

ضمنت لك ما لك على فلان ، أو : تكفّلت به ، أو : تحمّلته ، أو : تقلّدته ، أو : التزمته ، أو : أنا بهذا المال ضمين ، أو كفيل ، أو ضامن ، أو زعيم ، أو حميل ، أو قبيل.

وقال بعض الشافعيّة : لفظ القبيل ليس بصريح في الضمان(١) .

وقال أبو حنيفة(٢) كما قلناه من أنّه صريح فيه.

ولو قال : دَيْن فلان علَيَّ ، فهو ضامن.

ولو قال : دَيْن فلان إلَيَّ ، ففيه للشافعيّة وجهان(٣) .

ولو قال : أُؤدّي المال أو أُحضره(٤) ، فهذا ليس بالتزامٍ ، وإنّما هو وَعْدٌ.

مسألة ٤٧٥ : لا يكفي في الضمان الكتابة مع القدرة‌ ، ولا بدّ من النطق صريحاً ، فإن عجز وكتب [ أو ](٥) فَعَل من الإشارة ما يدلّ على الرضا بالضمان ، ثبت ، وإلّا فلا ؛ لإمكان العبث.

ولا فرق بين أن يكون الكاتب غائباً أو حاضراً.

ولو عجز عن النطق والكتابة وأشار بما يدلّ عليه ، صحّ ، كالأخرس.

ولو قيل له : ضمنتَ عن فلان أو تحمّلتَ عنه دَيْنه ، فقال : نعم ، كفى في الإيجاب ؛ لأنّ « نعم » في تقدير إعادة المسئول عنه.

مسألة ٤٧٦ : يشترط في الضمان التنجيز‌ ، فلو علّقه بمجي‌ء الشهر أو‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٢.

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٣٧ ، المبسوط - للسرخسي - ١٩ : ١٦٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٧ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٧١.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٢.

(٤) أي : أُحضر الشخص.

(٥) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « و». والظاهر ما أثبتناه.

٢٨٥

قدوم زيد ، لم يصح.

وكذا لو شرط الضامن الخيار لنفسه ، كان باطلاً ؛ لأنّه ينافي مقصود(١) الضمان ، فإنّ(٢) الضامن على يقين من الغرر(٣) .

ولو شرط الخيار للمضمون له ، لم يضر ؛ لأنّ للمضمون له الخيار في الإبراء والمطالبة أبداً ، سواء شرط له أو لا ، وكذا الكفالة ، وبه قال الشافعي(٤) .

وقال أبو حنيفة : إنّ شرط الخيار لا يُبطلهما ، لكنّه يلغو(٥) .

ولو قال : إن لم يؤدّ إليك غداً فأنا ضامن ، لم يصح عندنا - وبه قال الشافعي(٦) - لأنّه عقد من العقود ، فلا يقبل التعليق ، كالبيع ونحوه - وقال أبو حنيفة : لو قال رجلٌ لآخَر : إن لم يعطك فلان مالك فهو علَيَّ ، فتقاضاه صاحب المال فلم يعطه المديون شيئاً ساعة تقاضاه ، لزم الكفيل ؛ استحساناً(٧) - وكما أنّ عقد الضمان لا يقبل التأقيت [ بأن يقول : ](٨) أنا ضامن إلى شهر فإذا مضى ولم أغرم فأنا بري‌ء.

وقال ابن سريج : إذا جاز على القديم للشافعي ضمان المجهول أو ما لم يجب ، جاز التعليق ؛ لأنّ من ضرورة الضمان قبل الوجوب تعليق‌

____________________

(١) في « ث ، ر » والطبعة الحجريّة : « مقتضى » بدل « مقصود ».

(٢) في النسخ الخطّيّة : « لأنّ » بدل « فإنّ ».

(٣) كذا ، والظاهر : « الغُرْم ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣.

(٧) فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٦٠.

(٨) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فلو قال ». والصحيح ما أثبتناه.

٢٨٦

مقصوده بالوجوب. وبه قال أبو حنيفة(١) .

وقال الجويني : ويجي‌ء في تعليق الإبراء القولان بطريق الأولى ، فإنّ الإبراء إسقاط. قال : وكان لا يمتنع(٢) من جهة القياس المسامحة به في الجديد أيضاً ؛ لأنّ سبب امتناع التعليق في العقود(٣) المشتملة على الإيجاب والقبول خروج الخطاب والجواب بسببه عن النظم اللائق بهما ، فإذا لم يشترط القبول فيه ، كان بمثابة الطلاق والعتاق(٤) .

وكلّ هذا عندنا باطل ، فإن التعليق في الضمان والإبراء مبطل لهما ؛ عملاً بالاستصحاب.

مسألة ٤٧٧ : إذا قال له : إذا بعت عبدك من فلان بألف فأنا ضامن للثمن ، فباعه بألف ، لم يصح الضمان عندنا‌ ؛ لأنّه ضمان ما لم يجب ، وسيأتي بطلانه.

ولو باعه بألفين ، فكذلك.

ومَنْ جوَّز التعليق جوَّز في الأوّل.

وقال أبو يوسف في الثاني : إنّه يصير ضامناً لألف ؛ لأنّ مقصود الضامن أنّ الزيادة على الألف غير ملتزم ، ولا غرض له في قدر الثمن(٥) .

وقال بعض الشافعيّة : إنّه وجهٌ لهم(٦) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « إسقاط مال ، وكان لا يمنع ». وما أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز ».

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الصور » بدل « العقود ». وما أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٨.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣.

٢٨٧

وقال ابن سريج من الشافعيّة : لا يكون ضامناً لشي‌ء ؛ لأنّ الشرط - وهو البيع بالألف - لم يتحقّق(١) .

ولو باعه بخمسمائة ، ففي كونه ضامناً لها للشافعيّة الوجهان(٢) .

ولو قال : إذا أقرضه عشرة فأنا ضامن لها ، فأقرضه خمسة عشر ، لم يصح الضمان عندنا ؛ لتعليقه على الشرط ، وهو أحد قولي الشافعي ، وعلى الآخَر : يصحّ(٣) .

ويضمن عشرة على الوجهين سواء قلنا : إنّه إذا قال : إذا بعته بألف فأنا ضامن للثمن فباعه بألفين ، يبطل الضمان ؛ لفقدان الشرط ، أو قلنا : إنّه يصحّ ضمان الألف خاصّةً.

والفرق : أنّ مَن اقترض خمسة عشر فقد اقترض عشرة ، وأمّا البيع بخمسة عشر فليس بيعاً بعشرة.

ولو أقرضه خمسة ، فعن ابن سريج : تسليم كونه ضامناً لها(٤) .

قال الجويني : وهو خلاف قياسه ؛ لأنّ الشرط لم يتحقّق(٥) .

مسألة ٤٧٨ : لو ضمن الدَّيْن الحالّ حالّاً أو أطلق ، لزمه الدَّيْن حالّاً. وإن ضمن الدَّيْن المؤجَّل مؤجَّلاً بذلك الأجل أو أطلق ، لزمه كذلك.

وإن ضمن الحالّ مؤجَّلاً إلى أجل معلوم ، صحّ الضمان والأجل عندنا ؛ لأنّ الضمان تبرّع ، فيحتمل فيه اختلاف الدَّيْنين في الكيفيّة للحاجة.

ولأنّ فيه الجمع بين المصالح ، فإنّ صاحب الحقّ قد انتقل حقّه إلى ذمّة أوفى ، والضامن ارتفق بتأخير الحقّ عليه ، وكذا المضمون عنه ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة.

____________________

(١ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣.

٢٨٨

وفي الثاني : أنّه لا يصحّ الضمان ؛ لأنّ الملتزم مخالف لما على الأصيل(١) .

فعلى الأوّل يثبت الأجل ، ولا يطالب الضامن إلّا بعد حلول الأجل ، ولا نقول : التحق الأجل بالدَّيْن الحالّ ، وإنّما ثبت عليه مؤجَّلاً ابتداءً.

ولا استبعاد عند الشافعيّة في الحلول في حقّ الأصيل دون الكفيل ، كما لو مات الأصيل وعليه الدَّيْن المؤجَّل(٢) .

هذا قول بعضهم(٣) .

وادّعى الجويني إجماع الشافعيّة على أنّ الأجل لا يثبت(٤) .

وهل يفسد الضمان بفساد هذا الشرط؟ عندهم وجهان ، أظهرهما : الفساد(٥) .

وقد بيّنّا أنّ الحقّ عندنا صحّة الضمان والأجل ؛ لقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٦) وقوله تعالى :( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٧) والضامن عَقَد مؤجَّلاً ، فلا يثبت عليه إلاّ كذلك.

تذنيب : لو كان الدَّيْن مؤجَّلاً إلى شهر فضمنه مؤجَّلاً إلى شهرين ، فهو كما لو ضمن الحالّ مؤجَّلاً.

وعلى قولنا بصحّة الضمان والشرط ليس لصاحب المال مطالبة الضامن قبل الأجل ، ولا مطالبة المضمون عنه ؛ لأنّ الدَّيْن عندنا قد سقط‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٩.

(٣ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٤.

(٦) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٧) المائدة : ١.

٢٨٩

عن ذمّته وتحوّل إلى ذمّة الضامن على ما يأتي.

وأمّا الشافعي فإنّه جوَّز على تقدير صحّة الضمان المؤجَّل مطالبةَ المضمون عنه معجَّلاً - بناءً على أصله من أنّ الضمان غير ناقلٍ ، بل هو مقتضٍ لتشريك الذمّتين بالدَّيْن(١) - وليس له مطالبة الضامن معجَّلاً(٢) .

مسألة ٤٧٩ : لو كان الدَّيْن مؤجَّلاً فضمنه الضامن حالّاً والتزم التبرّع بالتعجيل ، صحّ الضمان عندنا‌ ، كما يصحّ ضمان الحالّ مؤجَّلاً ، وكان عليه أداء المال في الحال كأصل الضمان ، وهو أحد وجوه الشافعيّة.

والثاني لهم : أنّه لا يصحّ الضمان ؛ لأنّ الضامن فرع المضمون عنه ، فلا يستحقّ مطالبته دون أصيله.

والثالث لهم : أنّه يصحّ الضمان ، ويكون مؤجَّلاً كأصله ، ولا يلزم الضامن تبرّعه بالتعجيل ، كما لو التزم الأصيل التعجيل لم يلزمه ، فكذا الضامن. ولأنّ الضامن فرع الأصيل ، فينبغي أن يكون ما لزمه مضاهياً لما على الأصيل(٣) .

فعلى هذا القول هل يثبت الأجل في حقّه مقصوداً أم تبعاً لقضاء حقّ المشابهة؟ للشافعيّة وجهان(٤) .

وتظهر فائدتهما فيما لو مات الأصيل والحال هذه.

____________________

(١) مختصر المزني : ١٠٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٣٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٨ ، حلية العلماء ٥ : ٥٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٦.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٥٥ ، المغني ٥ : ٨٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٥.

(٣) حلية العلماء ٥ : ٥٧ - ٥٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٤.

٢٩٠

وعَكَس بعض الشافعيّة الترتيبَ ، فقال : في صحّة شرط التعجيل وجهان ، فإن فسد ففي إفساده الضمانَ وجهان(١) .

تذنيب : لو ضمن المؤجَّل إلى شهرين مؤجَّلاً إلى شهر ، فهو كما لو ضمن المؤجَّل حالّاً‌. وعلى قولنا يصحّ ، ويكون لصاحب المال مطالبة الضامن بالمال بعد شهر ، وليس له مطالبة المضمون عنه بشي‌ء.

آخَر (٢) : على قولنا : إنّه يصحّ ضمان المؤجَّل حالّاً إذا أدّى الضامن المال إلى صاحبه‌ ، لم يكن له مطالبة المضمون عنه إلّا عند الأجل إن أذن له في مطلق الضمان.

ولو أذن له في الضمان عنه معجَّلاً ، ففي حلوله عليه إشكال ، أقربه : عدم الحلول أيضاً.

مسألة ٤٨٠ : لو ضمن رجل عن غيره ألفاً وشرط المضمون له أن يدفع إليه الضامن أو المضمون عنه كلّ شهر درهماً لا يحسبه من مال الضمان ، بطل الشرط إجماعاً.

وهل يبطل الضمان؟ الأقوى عندي : بطلانه ؛ بناءً على أنّ كلّ شرطٍ فاسد تضمّنه عقدٌ فإنّ العقد يبطل ببطلانه ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : لا يبطل الضمان ببطلان هذا الشرط(٣) .

مسألة ٤٨١ : لو ضمن دَيْناً أو كفل بدن إنسان ثمّ ادّعى أنّه كفل وضمن ولا حقّ على المضمون عنه أو المكفول به ، فالقول قول المضمون له‌ والمكفول له ؛ لأنّ الضمان والكفالة إنّما يصحّان بعد ثبوت الحقّ على‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٩.

(٢) في « ث ، ج » والطبعة الحجريّة : « تذنيب » بدل « آخَر ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥.

٢٩١

المضمون والمكفول.

وهل يحلف المضمون له والمكفول له؟ الأقرب عندي : اليمين ؛ لأنّه منكر لدعوى لو صدق فيها لبطلت دعواه.

وللشافعيّة(١) وجهان(٢) .

فإن قلنا باليمين فنكل ، حلف الضامن والكفيل ، وسقطت المطالبة عنهما.

ولو أقرّ الضامن بأنّه قد ضمن على شرط أو كفل عليه ، فأنكر صاحب الحقّ الشرطَ ، فالقول قول صاحب الحقّ مع اليمين ؛ لصحّة الضمان في نفس الأمر ، وأصالة عدم الشرط.

وقالت الشافعيّة : إنّ هذا مبنيّ على أنّ الإقرار هل يتبعّض أم لا؟ فإن قيل بالتبعيض ، فالقول قول المضمون له. وإن قلنا : لا يتبعّض ، فالقول قول الضامن(٣) .

ولو ادّعى الكفيل أنّ المكفول برئ من الحقّ وارتفعت الكفالة ، وأنكر المكفول له ، فالقول قول المكفول له مع يمينه ، فإن نكل وحلف الكفيل ، برئ من الكفالة ، ولم يبرأ المكفول بيمين الكفيل.

النظر الثاني : الضامن.

مسألة ٤٨٢ : يشترط في الضامن أن يكون صحيحَ العبارة أهلاً للتبرّع ، فلا يصحّ ضمان الصبي والمجنون ؛ لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « رُفع القلم عن ثلاث : عن‌

____________________

(١) في « ث ، ر » والطبعة الحجريّة : « للشافعي ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ - ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٦.

٢٩٢

الصبي حتى يبلغ ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى ينتبه »(١) .

ولأنّهما غير مكلّفين ، فلم يكن [ لكلامهما ](٢) حكمٌ.

وكذا لا يصحّ ضمان الساهي والغافل والهازل ، كلّ ذلك لسقوط التكليف في حقّ أكثرهم ، وعدم الوثوق بعبارتهم.

والمغمى عليه(٣) والـمُبَرْسَم - الذي يهذي ويخلط في كلامه - والنائم ؛ لأنّه لا عبرة بصيغتهم الصادرة عنهم ، كغيره من العقود.

ولو ضمن السكران ، لم يصح عندنا ؛ لعدم الوثوق بعبارته.

وللشافعي قولان ، كما في سائر تصرّفاته(٤) .

والأخرسِ(٥) الذي ليس له إشارة مفهومة(٦) ولا كتابة ولا يُعلم أنّه ضمن حتى يصحَّح أو يبطل.

وإن كانت له إشارة مفهومة وعُلم ضمانه بها ، صحّ ، كما في بيعه وسائر تصرّفاته ، وبه قال أكثر العامّة(٧) .

وقال بعض الشافعيّة : لا يصحّ ضمانه ؛ لأنّه لا ضرورة إلى الضمان ، بخلاف سائر التصرّفات(٨) .

وهو خطأ ؛ فإنّ الضرورة لا تصحّح الدلالة الباطلة في نفسها.

ولو ضمن بالكتابة ، فإن حصل معها إشارة مفهومة أنّه قصد‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٩٤ ، وبتفاوت في سنن أبي داوُد ٤ : ١٤١ / ٤٤٠٣.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لكلامهم ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) عطف على قوله : « لا يصحّ ضمان ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥.

(٥) عطف على قوله : « لا يصحّ ضمان ».

(٦) كذا قوله : « مفهومة » هنا وفيما يأتي ، والظاهر : « مفهمة ».

(٧) المغني ٥ : ٨٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥.

(٨) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥.

٢٩٣

الضمان ، صحّ.

وإن انفردت(١) إشارته المفهومة بالضمان ، صحّ أيضاً.

ولو(٢) انفردت كتابته عن الإشارة [ المفهمة ](٣) للضمان ، لم يصح الضمان ، سواء كان يُحسن الإشارة أو لا ؛ لأنّ الكتابة قد تكون عبثاً أو تجربةً للقلم(٤) أو حكايةَ خطٍّ ، فلم يثبت بها(٥) الضمان.

وللشافعيّة في الكتابة المنفردة عن إشارة مُفهمة(٦) أنّه قصد الضمان وجهان ، أصحّهما عندهم : الصحّة عند وجود القرينة المشعرة بالمقصود(٧) .

ونحن أيضاً نقول بذلك ، وليس النزاع فيه ، بل في مجرّد الكتابة.

وهذا الشرط يقتضي نفي الخلاف ، وأنّ الكتابة المجرّدة غير كافية.

أمّا الناطق فلا يكفي في حقّه الكتابة ما لم يتلفّظ بالعقد.

وللشافعيّة فيه الوجهان(٨) ، كما في الأخرس.

مسألة ٤٨٣ : يشترط في الضامن الملاءة بالمال الذي ضمنه وقت الضمان‌ ، أو علم المضمون له بالإعسار ، فلو ضمن المعسر ولم يعلم المضمون له بإعساره ثمّ ظهر الإعسار ، كان بالخيار [ بين ](٩) فسخ الضمان‌

____________________

(١) في « ر » : « تفرّدت ».

(٢) في « ر » : « وإن » بدل « ولو ».

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « المفهومة ». والصحيح ما أثبتناه.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « وتجربة القلم ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « به » بدل « بها ». والظاهر ما أثبتناه.

(٦) في « ج » والطبعة الحجريّة : « مفهومة » بدل « مُفهمة ». وما في المتن من « ث ، ر ».

(٧) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥.

(٨) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥.

(٩) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « في ». والظاهر ما أثبتناه.

٢٩٤

والرجوع على المضمون عنه ، وبين إجازته والصبر على الضامن إلى زمان قدرته.

ولو علم بإعساره وقت الضمان ورضي به ، لم يكن له بعد ذلك خيار ، ولزمه الضمان.

وكذا يلزمه الضمان لو كان الضامن مليّاً وقت الضمان وتجدّد إعساره قبل الأداء ، وليس للمضمون له حينئذٍ الرجوع على المضمون عنه بشي‌ء.

مسألة ٤٨٤ : لو ادّعى المضمون له أنّ الضامن ضمن بعد البلوغ‌ ، وقال الضامن : بل ضمنت لك قبله ، فإن عيّنا للضمان وقتاً وكان البلوغ غير محتمل فيه ، قُدّم قول الصبي ؛ لحصول العلم بعدم البلوغ ، ولا يمين على الصبي ؛ لأنّها إنّما تثبت في المحتمل.

وإن كان الصغر غير محتمل ، قُدّم قول المضمون له من غير يمينٍ ؛ للعلم بصدقه ، فلا يزال باليمين شكٌّ حاصل.

وإن احتمل الأمران أو لم يعيّنا وقتاً ، فالقول قول الضامن مع يمينه - وبه قال الشافعي(١) - لأصالة عدم البلوغ وقت الضمان ، وعدم ثبوت الحقّ عليه.

وقال أحمد : القول قول المضمون له ؛ لأنّ الأصل صحّة العقد وسلامته ، كما لو اختلفا في شرطٍ مبطل(٢) .

والفرق : أنّ المختلفين في الشرط المفسد يُقدّم فيه قول مدّعي الصحّة ؛ لاتّفاقهما على أهليّة التصرّف ، والظاهر أنّ مَنْ له أهليّة التصرّف‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥ ، المغني ٥ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٥ - ٧٦.

(٢) المغني ٥ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٥.

٢٩٥

لا يتصرّف إلّا تصرّفاً صحيحاً ، فكان القول قولَ مدّعي الصحّة ؛ لأنّه يدّعي الظاهر ، وهنا اختلفا في أهليّة التصرّف ، وليس مع مَنْ يدّعي الأهليّة ظاهرٌ يستند إليه ، ولا أصل يرجع إليه ، فلا مرجّح لدعواه.

وكذا لو ادّعى أنّه ضمن بعد البلوغ وقبل الرشد ، وادّعى المضمون له أنّه بعد الرشد. وكذا لو ادّعى مَنْ يعتوره الجنون أنّه ضمن حال جنونه ، وادّعى المضمون له أنّ ضمانه في حال إفاقته ؛ فإنّ القول قول الضامن ؛ لما تقدّم.

أمّا لو لم يعهد منه جنونٌ سابق فادّعى أنّه حالة الضمان كان مجنوناً ، فإنّه لا تُسمع دعواه ، وله إحلاف المضمون له إن ادّعى علمه بالجنون.

وأمّا مَنْ يعتاد الشرب فادّعى أنّه حالة الضمان كان سكران ، وادّعى صاحب الحقّ أنّه كان حالة الضمان صاحياً ، فالوجه : تقديم قول الضامن مع اليمين.

ولو لم يعهد منه الشرب ، قُدّم قول المضمون له مع اليمين بانتفاء سكره.

مسألة ٤٨٥ : ولا فرق بين أن يكون الصبي مميّزاً أو غير مميّزٍ في بطلان ضمانه‌ ، ولا بين أن يأذن له الوليّ في الضمان أو لا ، وهو قول الشافعي(١) .

وعن أحمد روايتان ، إحداهما : أنّه يصحّ ضمان المميّز بإذن الولي ، كما يصحّ إقراره وتصرّفاته بإذن وليّه(٢)

____________________

(١) مختصر المزني : ١٠٩ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦١ ، التنبيه : ١٠٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٤ - ٤٧٥ ، المغني ٥ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٥.

(٢) المغني ٥ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٥.

٢٩٦

والأصل عندنا ممنوع ، على أنّ الفرق واقع بين الضمان والبيع ؛ فإنّ الضمان التزام مال لا فائدة له فيه ، فلم يصح منه ، كالنذر ، بخلاف البيع.

ولو قلنا بالرواية(١) الدالّة على نفاذ تصرّفه في المعروف إذا بلغ عشراً وكان مميّزاً ، احتُمل جواز الضمان إذا كان في معروفٍ.

مسألة ٤٨٦ : شرطنا في صحّة الضمان كون الضامن أهلاً للتبرّع ، فلا يصحّ ضمان العبد والمحجور عليه لسفهٍ ، فإنّه لو ضمن لم ينفذ ؛ لأنّ الضمان إمّا إقراض إن تعقّبه الرجوع ، وإمّا تبرّع إن لم يثبت الرجوع ، وكلاهما يتبع المحجور عليه لتبذيرٍ منه. ولأنّه إثبات مالٍ في ذمّته ، فلم يصح منه ، كالبيع وغيره ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقال بعض العامّة : يصحّ ضمانه ، ويتبع به بعد فكّ الحجر عنه ؛ لأنّه مكلّف يصحّ إقراره ويتبع به بعد فكّ الحجر عنه ، فكذا ضمانه(٣) .

والفرق : أنّ الإقرار إخبار بحقٍّ سابق ، وجاز أن يكون في ذمّته حقٌّ ، فوجب عليه الاعتراف به بحيث يؤدّي بعد فكّ الحجر عنه ، بخلاف الضمان ، فإنّه تبرّعٌ محض ، فكان ممنوعاً منه ، كسائر التبرّعات.

وقال بعض أصحاب الشافعي : إنّه يصحّ الضمان من المحجور عليه للتبذير ؛ لأنّه إقراض لا محض تبرّع ؛ لأنّ الشافعي قال : إذا ضمن في مرض موته بغير إذن مَنْ عليه الحقّ ، فهو محسوب من ثلثه ، وإن ضمن بإذنه ، فهو محسوب من رأس المال ؛ لأنّ للورثة أن يرجعوا على الأصيل(٤) .

____________________

(١) تقدّم تخريجها في ص ٢٤١ ، الهامش (١)

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦١ ، التنبيه : ١٠٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥ ، المغني ٥ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٥.

(٣) المغني ٥ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٥.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥.

٢٩٧

والحقّ ما قلناه ؛ لأنّه وإن لم يكن تبرّعاً(١) فإنّه ممنوع منه ؛ كما مُنع(٢) من البيع وسائر التصرّفات الماليّة.

ولو أذن له الولي في الضمان ، فهو كما لو أذن له في البيع.

وأمّا المحجور عليه للفلس فإنّه يصحّ ضمانه مع رضا المضمون له ، ويتبع به بعد فكّ الحجر ؛ لأنّه من أهل التصرّف ، والحجر عليه في ماله لا في ذمّته ، فأشبه الراهن إذا تصرّف في غير الرهن ، وكما لو اقترض أو اشترى في ذمّته ، فإنّه لا يزاحم الغرماء.

مسألة ٤٨٧ : العبد إن أذن له مولاه في الضمان فضمن ، صحّ‌ ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّ الحجر لحقّ السيّد ، فإذا أذن له فيه ، زال الحجر ، وكان كما لو أذن له في الاستدانة فاستدان.

وإن ضمن بغير إذنه ، فإن لم يكن مأذوناً له في التجارة ، فالأقرب عندي : صحّة الضمان ، كما لو استدان بغير إذن سيّده ، ويتبع به بعد العتق ، إلّا أنّ الفرق بين الدَّيْن والضمان : أنّ صاحب المال لو وجد عين ماله ، كان له انتزاعها منه ، والمضمون له ليس له انتزاع المال الذي ضمنه ما دام عبداً ؛ لأنّه مكلّف له قول صحيح ، وإنّما مُنع من التصرّف فيما يتعلّق بسيّده ؛ لاشتماله على ضرر سيّده ، والضمان لا ضرر فيه على السيّد ؛ لأنّه إنّما يطالب به بعد العتق ، فلا يُمنع منه ، ولهذا لو أقرّ بدَيْنٍ في ذمّته ، لزمه الإقرار ، وكان للمُقرّ له أن يتبعه به بعد العتق. ولو أقرّ بالجناية ، لم يُقبل.

لا يقال : في ذلك إضرار بالسيّد ؛ لأنّ السيّد يستحقّ إرث ماله بالولاء إذا أُعتق ، وثبوت الدَّيْن يمنع الإرث.

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة : « متبرّعاً ».

(٢) في النسخ الخطّيّة : « يُمنع ».

٢٩٨

لأنّا نقول : حكم الإرث لا يمنع الضمان ، بخلاف حكم الملك ، ولهذا لا يمنع الإقرار ، والملك يمنع الإقرار فيه. وكذا الحُرّ لا يمنع من الضمان لحقّ ورثته.

وهو أحد قولي الشافعيّة.

والثاني لهم : أنّه لا يصحّ ضمانه ؛ لأنّه إثبات مال لآدميّ بعقدٍ ، فلم يصح من العبد بغير إذن سيّده ، كالمهر(١) .

والفرق : أنّ المهر يتعلّق بكسبه ، والنفقة بالسيّد ، فيضرّ به على التقديرين.

والشيخرحمه‌الله مالَ إلى بطلان الضمان ؛ لقوله تعالى :( عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ ) (٢) (٣) وهو الأصحّ عند الشافعيّة ، وبه قال ابن أبي ليلى والثوري وأبو حنيفة(٤) .

وإن كان مأذوناً له في التجارة ، فحكمه حكم غير المأذون في التجارة في الضمان ، إن ضمن بإذن سيّده ، صحّ إجماعاً. وإن ضمن بغير إذن سيّده ، فالقولان.

وقال أبو ثور : إن كان من جهة التجارة ، جاز. وإن كان من غير ذلك ، لم يجز(٥) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٤٥٧ ، التنبيه : ١٠٥ - ١٠٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٦ - ٣٤٧ ، حلية العلماء ٥ : ٤٨ - ٤٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٥ - ١٨٦ ، الوجيز ١ : ١٨٣ ، الوسيط ٣ : ٢٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٦ ، المغني ٥ : ٧٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٦.

(٢) النحل : ٧٥.

(٣) الخلاف ٣ : ٣٢١ ، المسألة ١٥.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٦ ، المغني ٥ : ٧٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٦.

(٥) المغني ٥ : ٧٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٦ - ٧٧.

٢٩٩

مسألة ٤٨٨ : إذا ضمن بإذن سيّده ، صحّ قولاً واحداً.

وهل يتعلّق المال بالذمّة أو الكسب؟ الأقرب : الأوّل ؛ لأنّ ذمّة العبد محلّ الضمان ، فعلى هذا يتبع به بعد العتق ، ولا يجب على السيّد شي‌ء ، ولا يستكسب العبد فيه ، كما لو لم يأذن ، وهو أحد قولي الشافعيّة ؛ لأنّه إنّما أذن له في الالتزام دون الأداء.

وأظهرهما عندهم : أنّه يتعلّق بما يكسبه العبد بعد الإذن ؛ لأنّه ثبت بإذن السيّد ، كما لو أذن لعبده في النكاح ، تتعلّق النفقة والمهر باكتسابه(١) .

وحكى بعض الشافعيّة وجهاً غريباً للشافعيّة : أنّه يتعلّق برقبته ، فيباع فيه(٢) .

وعن أحمد روايتان :

إحداهما : أنّه يتعلّق برقبة العبد.

والثانية - وهي الأظهر عنده - : أنّه يتعلّق بذمّة السيّد(٣) .

هذا إذا لم يكن مأذوناً له في التجارة ، ولو كان مأذوناً له فيها فأذن له في الضمان ، فكالأوّل عندنا ، ويتعلّق بذمّته ؛ لما تقدّم من أنّه أذن له في التزام المال خاصّةً ، دون الأداء.

وللشافعيّة وجهان مرتَّبان على الوجهين في غير المأذون ، وأولى بأن [ لا ](٤) يحال على الذمّة ؛ لإشعار ظاهر الحال بخلافه(٥) .

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٧ ، حلية العلماء ٥ : ٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٧ - ١٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٦.

(٣) المغني ٥ : ٧٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٧.

(٤) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٨.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510