تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

تذكرة الفقهاء15%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: 510

الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 510 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 405898 / تحميل: 5172
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

الفصل الثالث :

توطئة في أهل البيتعليهم‌السلام وفضائلهم

مقدمة الفصل :

نبدأ الفصل ببحث قيّم حول معنى (أهل البيت) والألفاظ المختلفة التي تطلق عليهم ، مثل : آل الرسول ـ عترة النبي ـ ذوو القربى. فهم بالمعنى الضيّق الخمسة أصحاب الكساء. وبالمعنى الموسّع المعصومون الأربعة عشر ؛ وهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفاطمة والأئمة الاثنا عشرعليهم‌السلام . وبالمعنى الأوسع كل أقرباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعشيرته الذين حرموا الصدقة من بعده.

ويلجئنا هذا إلى الحديث حول ثبوت إمامة الأئمة الاثني عشر من أهل البيتعليهم‌السلام الذين أولهم عليعليه‌السلام وآخرهم المهديعليه‌السلام .

وبعد هذه المقدمة نشرع في ذكر فضائل أهل البيتعليهم‌السلام مبتدئين بالإمام عليعليه‌السلام وزوجته فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، ثم بفضائل الخمسة أصحاب الكساءعليهم‌السلام والذين من ضمنهم الفرقدان الحسن والحسينعليهما‌السلام ، ثم بفضائل الأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام . ومن أبرز هذه الفضائل توصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمحبة أهل البيتعليهم‌السلام ومودتهم وموالاتهم ونصرتهم والمحافظة عليهم. والفرق بين المحبة والمودة ، أن المحبة شيء قلبي ، بينما المودة فشيء تطبيقي ، يقول تعالى على لسان نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣].

١ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟

٣١ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟ :

نستخدم عبارة (أهل البيت) كثيرا في كتاباتنا وخطبنا. كما نطلق عبارات أخرى على أهل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل (آل الرسول)و (عترة النبي).

و (ذوي القربى). فلنحدد مدلول هذه العبارات والمصطلحات ، التي يحتلّ الحسينعليه‌السلام ذروة سنام المجد منها.

١٢١

ولم أجد لهذه الغاية أفضل من فضل عقده محبّ أهل البيتعليهم‌السلام كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي في أول كتابه :

(مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول)

هذا الكتاب الّذي فتّشت عنه كثيرا حتّى وجدت نسخة حجرية منه في مكتبة الأسد ، مطبوعة في ذيل كتاب لسبط ابن الجوزي هو :

(تذكرة خواص الأمة في معرفة الأئمة)

وهي طبعة حجرية قديمة طبعت في إيران سنة ١٢٨٧ ه‍.

يقول ابن طلحة الشافعي في سبب تأليفه لكتابه الجليل (مطالب السّؤول) : كنت في شبابي ألّفت كتابا باسم (زبدة المقال في فضائل الآل) ثم وسّعته وألّفت كتاب (مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول).

وفي مقدمة الكتاب (ص ٣ ـ ٥) يقولرحمه‌الله :

هناك أربعة ألفاظ يوصف بها (أهل النبي) وتطلق عليهم ، هي :

١ ـ آل الرسول

٢ ـ أهل البيت

٣ ـ العترة

٤ ـ ذوو القربى.

ثم يشرع في شرح مضمون هذه الألفاظ ، فيقول :

٣٢ ـ من هم آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ :

قد تعددت أقوال الناس في تفسير (الآل). فذهب قوم إلى أن آل الشخص أهل بيته. وقال آخرون : إن آل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هم الذين حرّمت عليهم الزكاة ، وعوّضوا عنها خمس الخمس. وقال آخرون : آل الشخص من دان بدينه وتبعه فيه. فهذه الأقوال الثلاثة أشهر ما قيل.

واستدل من قال بالقول الأول بما أورده القاضي الحسين بن مسعود البغوي في كتابه الموسوم «بشرح سنة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الأحاديث المتفق على صحتها «يرفعه بسنده إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا أهدي إليك هدية سمعتها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. فقلت : بلى ، فاهدها إليّ. فقال : سألنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟. قال : قولوا :«اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم ؛

١٢٢

وبارك على محمّد وآل محمّد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم. إنك حميد مجيد». فالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسّر أحدهما (أي الأهل والآل) بالآخر ، فالمفسّر والمفسّر به سواء في المعنى ، فقد بدّل لفظا بلفظ مع اتحاد المعنى ، فيكون آله أهل بيته ، وأهل بيته آله. فيتحدا به في المعنى على هذا القول. ويكشف حقيقة ذلك أن أصل (آل) أهل ، فأبدلت الهاء همزة. ويدل عليه أن الهاء ترد في التصغير ، فيقال في تصغير (آل) أهيل ، والتصغير يردّ الأسماء إلى أصولها.

واستدل من قال بالتفسير الثاني بما خرّجه الأئمة في أسانيدهم المتفق على صحتها : الإمام مسلم وأبو داود والنسائي ، يرفعه كل واحد منهم بسنده في صحيحه ، إلى عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ، قال سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ ، وإنها لا تحلّ لمحمد ولا لآل محمّد. وبما نقل إمام دار الهجرة مالك بن أنس في موطئه بسنده إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا تحل الصدقة لآل محمّد ، إنما هي أوساخ الناس. فجعل حرمة الصدقات من خصائص آلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد قيل لزيد بن أرقم : من آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين حرّمت عليهم الصدقات؟ قال : آل علي وآل جعفر وآل عباس وآل عقيل. وهذا التفسير قريب من الأول.

واستدل من قال بالتفسير الثالث بقوله تعالى :( إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ ) (٥٩) [الحجر : ٥٩]. وأجمع المفسرون على أن المراد ب (آله) من آمن به وتبعه في دينه.

وإذا ظهر ما قيل في تفسير (الآل) ، فالمعاني كلها مجتمعة فيهمعليهم‌السلام :فهم أهل بيته ، وتحرم عليهم الزكاة ، وهم دائنون بدينه ومتّبعون منهاجه وسبيله ، فإطلاق اسم الآل عليهم حقيقة فيهم بالاتفاق.

٣٣ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟ :

وأما اللفظة الثانية وهي (أهل البيت) فقد قيل هم من ناسبه إلى جده الأدنى ، وقيل من اجتمع معه في رحم ، وقيل من اتصل به بنسب أو سبب.

وهذه المعاني كلها موجودة فيهمعليهم‌السلام . فإنهم يرجعون بنسبهم إلى جده عبد المطلب ، ويجتمعون معه في رحم ، ويتصلون به بنسبهم وسببهم ، فهم أهل بيته حقيقة. فالآل وأهل البيت سواء ، اتحد معناهما على ما شرح أولا ، واختلف على ما ذكر ثانيا ، فحقيقتهما ثابتة لهمعليهم‌السلام .

١٢٣

وقد روى مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن حيان ، قال : انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم ، فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ؛ رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه ، لقد لقيت خيرا كثيرا. حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال :يابن أخي لقد كبر سني وقدم عهدي ، ونسيت بعض الّذي كنت أعي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما أحدثكم فاقبلوه وما لا فلا تكلّفونيه.

ثم قال : قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما خطيبا بماء يدعى (خما) بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، وعظ وذكّر ، ثم قال : أما بعد ، أيها الناس إنما أنا بشر ، يوشك أن يأتيني رسول ربي (أي ملك الموت) فأجيب ، وأنا تارك فيكم الثّقلين :أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي.

فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد ، أليس نساؤه بأهل بيته؟. قال : لا ، أهل بيته من حرموا الصدقة بعده.

٣٤ ـ من هم العترة؟ :

وأما اللفظة الثالثة وهي (العترة) ، فقد قيل : العترة هي العشيرة ، وقيل العترة هم الذرية ، وقد وجد الأمران فيهم ؛ فإنهم عترته وذريته. وأما العشيرة فالأهل الأدنون ، وهم كذلك. وأما الذرية ، فإن أولاد بنت الرجل ذريته. ويدل عليه قوله تعالى عن إبراهيمعليه‌السلام :( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤)وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (٨٥) [الأنعام : ٨٤ ـ ٨٥]. فجعل الله سبحانه وتعالى هؤلاء المذكورين ، من ذرية إبراهيم ، ومن جملتهم عيسىعليه‌السلام ، ولم يتصل بإبراهيم إلا من جهة أمه مريمعليها‌السلام .

قصة الشعبي مع الحجاج :

وقد نقل أن الشعبي كان يميل إلى عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكان لا يذكرهم إلا ويقول : هم أبناء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريته. فنقل ذلك عنه إلى الحجاج بن يوسف الثقفي وتكرر ذلك ، وكثر نقله عنه إليه ، فأغضبه ذلك منه ونقمه عليه.

فاستدعاه الحجاج يوما إلى مجلسه ، وقد اجتمع لديه أعيان المصرين الكوفة

١٢٤

والبصرة وعلماؤهما وقراؤهما. فلما دخل الشعبي عليه وسلّم ، فلم يبشّ به ، ولا وفّاه حقه من الرد عليه. فلما جلس قال له : يا شعبي ما أمر تبلّغني عنك يشهد عليك بجهلك؟. قال : ما هو يا أمير؟. قال : ألم تعلم أن أبناء الرجل من ينسبون إليه ، وأن الأنساب لا تكون إلا للآباء؟ فما بالك تقول عن أبناء علي أنهم أبناء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريته ، وهل لهم اتصال برسول الله إلا بأمهم فاطمةعليها‌السلام ؟ ، والنسب لا يكون بالبنات ، وإنما يكون بالآباء. فأطرق الشعبي ساعة ، حتّى بالغ الحجاج في الإنكار عليه ، وقرّع إنكاره مسامع الحاضرين ، والشعبي ساكت.

فلما رأى الحجاج سكوته أطمعه ذلك في زيادة تعنيفه. فرفع الشعبي صوته وقال : يا أمير ، ما أراك إلا متكلما كلام من يجهل كتاب الله وسنة رسوله ، ومن يعرض عنهما. فازداد الحجاج غيظا منه ، وقال : ألمثلي تقول هذا ، يا ويلك!. قال الشعبي : نعم ، هؤلاء قرّاء المصرين حملة الكتاب العزيز ، فكلّ منهم يعلم ما أقول.أليس قد قال الله تعالى حين خاطب عباده بأجمعهم بقوله( يا بَنِي آدَمَ ) [وقال( يا بَنِي إِسْرائِيلَ ) [المائدة : ٧٢]. وقال عن إبراهيم :( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ ) [الأنعام : ٨٤] إلى أن قال :( وَيَحْيى وَعِيسى ) [الأنعام : ٨٥] أفترى يا حجاج اتصال عيسى بآدم وباسرائيل الله.

(أي يعقوب) وبإبراهيم خليل الله ، بأي آبائه كان؟. أو بأي أجداد أبيه؟ هل كان إلا بأمه مريمعليها‌السلام . وقد صحّ النقل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال للحسن : «إنّ ابني هذا سيّد ...».

فلما سمع الحجاج ذلك منه أطرق خجلا. ثم عاد يلطف بالشعبي ، واشتدّ حياؤه من الحاضرين.

وإذا وضح ذلك ، فالعترة الطاهرة هم ذريتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبناؤه وعشيرته ، فقد اجتمعت فيهم المعاني بأسرها.

٣٥ ـ من هم ذوو القربى؟ :

وأما اللفظة الرابعة وهي (ذوو القربى) فمستندها ما رواه الإمام أبو الحسن علي ابن أحمد الواحدي في تفسيره ، يرفعه بسنده إلى ابن عباس ، قال :

لما نزل قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣] قالوا :يا رسول الله ، من هؤلاء الذين أمرنا الله تعالى بمودتهم؟. قال : علي وفاطمة وأبناؤهماعليهم‌السلام .

١٢٥

٢ ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الأئمة الاثنا عشر

ثم يخصص ابن طلحة الشافعي القسم الثاني من مقدمته الرائقة (ص ٥) لذكر المعاني التي ذكر اختصاصهم بها ، وهي الإمامة الثابتة لكل واحد منهم ، وكون عددهم منحصرا في اثني عشر إماما.

٣٦ ـ ثبوت الإمامة لأئمة أهل البيتعليهم‌السلام :

يقول ابن طلحة الشافعي في (مطالب السّؤول) ص ٥ :

أما ثبوت الإمامة لكل واحد منهم ، فإنه حصل ذلك لكل واحد بمن قبله.فحصلت للحسن النقي من أبيه علي بن أبي طالبعليه‌السلام . وحصلت بعده لأخيه الحسين الزكي منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الحسين لابنه زين العابدين منهعليه‌السلام .وحصلت بعد زين العابدين لولده محمّد الباقر منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الباقر لولده جعفر الصادق منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الصادق لولده موسى الكاظم منهعليه‌السلام .وحصلت بعد الكاظم لولده علي الرضا منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الرضا لولده محمّد القانع منهعليه‌السلام . وحصلت بعد القانع لولده علي المتوكل منهعليه‌السلام .وحصلت بعد المتوكل لولده الحسن الخالص منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الخالص لولده محمّد الحجة المهدي منهعليه‌السلام .

وأما ثبوتها لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فمستقصى على أكمل الوجوه في كتب الأصول. انتهى كلامه.

٣٧ ـ الخلفاء بعدي اثنا عشر :

(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي)

أخرج ابن حنبل في مسنده عن جابر بن سمرة ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول في حجة الوداع : لا يزال هذا الدين ظاهرا على من ناواه ، ولا يضرّه مخالف ولا مطارق ، حتّى يمضي من أمتي اثنا عشر أميرا كلهم من قريش.

وذكر القندوزي الحنفي في (ينابيع المودة) باب ٧٧ ، عن كتاب (مودة القربى) بسنده عن جابر بن سمرة ، قال : كنت مع أبي عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «بعدي اثنا عشر خليفة». ثم أخفى صوته. فقلت لأبي : ما الّذي أخفى صوته؟.(قال) قال :«كلهم من بني هاشم».

١٢٦

وروى أيضا في ينابيعه عن جابر (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنا سيد النبيين ، وعليّ سيد الوصيين ، وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر ، أولهم علي وآخرهم المهدي».

٣٨ ـ من هم الاثنا عشر خليفة غير أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ؟ :

(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي)

وروي عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود ، أنه عهد إلينا نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه يكون بعده اثنا عشر خليفة ، بعدد نقباء بني إسرائيل.

وقال القندوزي في (ينابيع المودة) أيضا : ذكر يحيى بن الحسن في كتاب

(العمدة) من عشرين طريقا ، أن الخلفاء بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ؛ في البخاري من ثلاثة طرق ، وفي مسلم من تسعة طرق ، وفي أبي داود من ثلاثة طرق

ثم قال : ذكر بعض المحققين أن الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر ، قد اشتهرت من طرق كثيرة. فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان ، علم أن مراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حديثه هذا ، الاثنا عشر من أهل بيته وعترته ، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر ، ولا يمكن حمله على الملوك الأموية لزيادتهم على اثني عشر ، ولظلمهم الفاحش إلا عمر بن عبد العزيز ، ولكونهم غير بني هاشم ، لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «كلهم من بني هاشم». وفي رواية عبد الملك عن جابر ، وإخفاء صوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا القول ، يرجّح هذه الرواية ، لأنهم لا يحبون خلافة بني هاشم. ولا يمكن أن يحمله على الملوك العباسية لزيادتهم عن العدد المذكور ، ولقلة رعايتهم للقربى.

٣٩ ـ إمامة أهل البيتعليهم‌السلام منصوصة في كتب السنّة :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٩)

يقول الفاضل الدربندي : فيا ليتهم قد تأملوا في الأخبار المتكاثرة المتضافرة المتواترة المفيدة القطع واليقين ، والمروية عن طرقهم عن سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في باب أن الخلفاء والأئمة من قريش ، بعد تأملهم في قصة يوم الطف ، وما جرى على آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من يزيد الطاغي الكافر الزنديق وجنوده. فلو كانوا متأملين في ذلك لعلموا أن إمامة أهل بيت العصمة آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منصوصة في طرقهم ، بالنصوص المتضافرة المتواترة. فإنكار قطعيات الشرع وضرورياته كفر ، وحمل

١٢٧

ما في تلك الأخبار المتضافرة على غير آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفر وجهل ، واستيقنتها أنفسهم ، وعتوا عتوّا كبيرا.

وبيان ذلك أنه قد روى البخاري ومسلم والترمذي والنّسائي وابن ماجة وابو داود والسجستاني في صحاحهم الستة ، ومالك في موطّئه ، وصاحب المصابيح ، وصاحب المشكاة ، وصاحب كتاب الفردوس ، وأحمد بن حنبل في مسنده ، والفقيه ابن المغازلي في مناقبه ، والحافظ أبو نعيم في حليته ، وغيرهم من حذقة الحديث من العامة ، بأسانيدهم المصححة عندهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أن الخلفاء والأئمة بعده اثنا عشر ، لا يزال الدين بهم مستقيما إلى أن تقوم الساعة.

ففي صحيح مسلم مسندا إلى عامر بن سعيد بن أبي العاص ، قال : كتبت إلى ابن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فكتب إليّ :سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم جمعة ـ عشية رجم الأسلمي ـ يقول : «لا يزال هذا الدين قائما حتّى تقوم الساعة ، ويكون عليهم اثنا عشر خليفة».

وفي (مصباح البغوي) عن الصحاح عن جابر بن سمرة ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة ، كلهم من قريش».

وأورد شيخ العامة جلال الدين السيوطي في (جامعه الصغير) في حرف الهمزة :إن عدة الخلفاء بعدي عدد نقباء موسىعليه‌السلام .

ثم يقول الفاضل الدربندي : ولا يخفى عليك أن علماء العامة لا بدّ أن يتدبروا ويتبصروا ويعطوا الإنصاف من أنفسهم. لأنهم لو حملوا هذه الأخبار المتضافرة على ما عندهم ، من كون أول السلسلة في باب الخلافة والإمامة ، الخلفاء الأربعة وهكذا ، لزم أن يكون يزيد الطاغي الكافر الزنديق هو سابع الخلفاء عندهم والأئمة المنصوصين بنصّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فأي مسلم يرضى من نفسه أن ينسب أبغض خلق الله تعالى إلى الله وملائكته ورسله ، وأكفر الناس وأشرّهم ، إلى كونه منصوصا بالخلافة والإمامة ، متّصفا بالأوصاف الحسنة الموجودة في هذه الأخبار.

إذن فما عليه العامة من حمل هذه الأخبار ، لا يمكن أن يستصحّ بوجه من الوجوه. فإذا وجب بحكم الضرورة العقلية طرح هذا الحمل ، لزم حملها على ما عليها الإمامية الاثني عشرية ، مما قد استفاضت به كتب العامة.

١٢٨

٤٠ ـ الأئمة هم أهل البيتعليهم‌السلام :

(المصدر السابق)

ثم يقول الفاضل الدربندي : ومن أعجب العجاب غفلتهم وذهولهم وطيّهم الكشح عن الأخبار المستفيضة في طرقهم ، المفسرة لهذه الأخبار ، المذكورة بغاية التفسير والبيان.

فقد روى فخر خوارزم في مقتله بإسناده (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«فاطمة بهجة قلبي ، وابناها ثمرة فؤادي ، وبعلها نور بصري ، والأئمة من ولدها أمناء ربي ؛ حبل ممدود بينه وبين خلقه ، من اعتصم به نجا ، ومن تخلفّ عنه هوى».

٤١ ـ رواية حذيفة بن اليمان :

(المصدر السابق)

ومن رواية حذيفة بن اليمان ، قال : صلى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم أقبل بوجهه الكريم علينا ، فقال : معاشر أصحابي أوصيكم بتقوى الله كأني أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثّقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، من تمسّك بعترتي بعدي كان من الفائزين ، ومن تخلّف عنهم كان من الهالكين.

فقلت : يا رسول الله على من تخلّفنا؟. قال : على من خلّف موسى بن عمران قومه. قلت : على وصيّه يوشع؟. قال : وصيي وخليفتي من بعدي علي ابن أبي طالب ، قائد البررة ، قاتل الكفرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله.

قلت : يا رسول الله ، كم تكون الأئمة من بعدك؟. قال : عدد نقباء بني إسرائيل (أي اثنا عشر) ، التسعة من صلب الحسينعليه‌السلام ، أعطاهم الله تعالى علمي وفهمي ، خزّان علم الله ومعادن وحيه. قلت : يا رسول الله ، فما لأولاد الحسن؟قال : إن الله تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسينعليه‌السلام وذلك قولهعزوجل :( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) [الزخرف : ٢٨].

٤٢ ـ رواية سلمان الفارسي :

(المصدر السابق ، ص ٣٠)

ومن رواية سلمان الفارسي ، قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : معاشر الناس ،

١٢٩

إني راحل عن قريب ، ومنطلق إلى الغيب. أوصيكم في عترتي خيرا ، وإياكم والبدع ، فإن كل بدعة ضلالة ، والضلالة وأهلها في النار.

معاشر الناس ، من افتقد الشمس فليتمسّك بالقمر ، ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين ، فإذا فقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزّهر بعدي.

قال : فلم يزل حتّى دخل بيت عائشة ، فدخلت إليه. فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، سمعتك تقول : إذا فقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر فما الشمس وما القمر ، وما الفرقدان ، وما النجوم الزهر؟. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا الشمس ، وعلي القمر ، فإذا فقدتموني فتمسّكوا به بعدي. وأما الفرقدان فالحسن والحسينعليهما‌السلام ، فإذا فقدتم القمر فتمسكوا بهما. وأما النجوم الزاهرة فهم الأئمة التسعة من صلب الحسينعليه‌السلام والتاسع مهديّهم.

ثم يقول الفاضل الدربندي : وبالجملة فإن روايات التنصيص على الأئمة الاثنا عشر وتسميتهم بأسمائهم ، وذكر أن أولهم عليعليه‌السلام وآخرهم المهدي (عج) يصلي خلفه المسيح بن مريمعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متواترة. وحديث جابر ابن عبد الله الأنصاري في ذلك مستفيض مشهور ، وكذلك غيره من الأحاديث.

(أقول) : وإليك رواية أخرى ، ذكرها الخوارزمي في مقتله ، فيها شفاء لما في الصدور ، وهدى ورحمة للمؤمنين.

٤٣ ـ رؤية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام حين أسري به :

(مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي ، ج ١ ص ٩٤)

ذكر ابن شاذان عن أبي سلمى ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ليلة أسري بي إلى السماء ، قال لي الجليل جلّ وعلا :( آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ) ، قلت :( وَالْمُؤْمِنُونَ ) [البقرة : ٢٨٥]. قال : صدقت يا محمّد. ومن خلّفت في أمّتك؟. قلت : خيرها. قال : علي بن أبي طالب؟. قلت : نعم يا ربّ.

قال : يا محمّد ، إني اطّلعت إلى الأرض اطّلاعة فاخترتك منها ، فشققت لك اسما من أسمائي ، فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي ، فأنا المحمود وأنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ثم اطّلعت الثانية فاخترت عليا ، وشققت له اسما من أسمائي ، فأنا الأعلى وهو عليعليه‌السلام . يا محمّد ، إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن

١٣٠

والحسين والأئمة من ولدهعليهم‌السلام من سنخ نور من نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل الأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين. يا محمّد ، لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشّنّ (أي الجلد اليابس المتجعد) البالي ، ثم أتاني جاحدا لولايتكم ، ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم.

يا محمّد أتريد أن تراهم؟. قلت : نعم يا رب. فقال لي : التفت عن يمين العرش ، فالتفتّ فإذا أنا بعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام وعلي بن الحسين (زين العابدين) ومحمد بن علي (الباقر) وجعفر بن محمّد (الصادق) وموسى بن جعفر (الكاظم) وعلي بن موسى (الرضا) ومحمد بن علي (الجواد) وعلي بن محمّد (الهادي) والحسن بن علي (العسكري) والمهديعليهم‌السلام ، في ضحضاح من نور ، قياما يصلّون ، وهو وسطهم (يعني المهدي) كأنه كوكب درّي. قال : يا محمّد هؤلاء الحجج ، وهو الثائر من عترتك. وعزتي وجلالي إنه الحجة الواجبة لأوليائي ، والمنتقم من أعدائي.

٤٤ ـ الإمام عليعليه‌السلام يؤكد كون الأئمة من بني هاشم :

وجاء عليعليه‌السلام يفسر حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويوضح إبهامه في نهج البلاغة ، فقال : إن الأئمة من قريش ، غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم (نهج البلاغة ، الخطبة ١٤٢).

٤٥ ـ الإنجيل يتنبّأ بالأئمة الاثني عشر :

جاء في الإصحاح الحادي عشر عن تنبؤات يوحنا اللاهوتي ما نصه :

«وظهرت آية عظيمة في السماء ، امرأة متسربلة بالشمس ، وتحت رجليها القمر ، وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا».

فكأنه يتكلم عن مولاتنا فاطمة الزهراءعليها‌السلام وقد تسربلت بالشمس يعني أبيها محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتزوجت بالقمر وهو علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وعلى رأسها إكليل من أبنائها المعصومين الاثني عشر ، الذين أولهم الحسن والحسين وآخرهم المهديعليه‌السلام . وليس هناك فيما تنبّأ به يوحنا اللاهوتي فيما سيحصل من أمور ، شيء شبيه بالذي ذكر ، غير فاطمة وأبيها وبعلها وبنيهاعليهم‌السلام .

١٣١

٤٦ ـ الحجة المهديعليه‌السلام هو الإمام الثاني عشر :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٤١)

قال الشيخ محمّد الصبان : يكون ظهور المهديعليه‌السلام في يوم عاشوراء. وقال سيدي عبد الوهاب الشعراني في كتابه (اليواقيت والجواهر) : المهديعليه‌السلام من ولد الإمام الحسن العسكري ، ومولده ليلة النصف من شعبان سنة ٢٥٥ ه‍ ، وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريمعليه‌السلام .

وقال الشيخ محيي الدين بن العربي في (الفتوحات المكية) : اعلموا أنه لا بدّ من خروج المهديعليه‌السلام ، لكن لا يخرج حتّى تمتلئ الأرض جورا وظلما ، فيملؤها قسطا وعدلا. وهو من عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ولد فاطمةعليها‌السلام ، جده الحسين بن عليعليهم‌السلام ووالده الإمام حسن العسكري ابن الإمام علي النقي ، ابن الإمام محمّد التقي ، ابن الإمام علي الرضا ، ابن الإمام جعفر الصادق يواطئ اسمه اسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . يبايعه المسلمون بين الركن والمقام ، يشبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخلق ، وينزل عنه في الخلق ، إذ لا يكون أحد مثل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أخلاقه.

٣ ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الخمسة أصحاب الكساء

٤٧ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام المقصودون في آية التطهير؟ :

(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١١٠)

يقول الشيخ مؤمن الشبلنجي : اختلف في المراد من (أهل البيت) فقيل :

١) ـ هم نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنهن في بيته.

٢) ـ هم علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

٣) ـ هم من تحرم عليهم الصدقة بعده ، وهم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس.

وقال الفخر الرازي : والأولى أن يقال : هم أولاده وأزواجه ، والحسن والحسين. وعليعليهم‌السلام منهم ، لأنه كان من أهل بيته ، لمعاشرته فاطمة بنته وملازمته له.

١٣٢

تعليق المؤلف :

إن تعبير (أهل البيت) كما شرحنا سابقا يطلق على عدة أشياء ، فيقصد به الخمسة الذين ضمهم الكساء ، وقد يقصد به الأئمة الاثنا عشر ، وقد يقصد به ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم السادة الأشراف. وقد يقصد به نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . لكن إذا كنا نبحث بالمقصود بهم في آية التطهير ، وهي قوله تعالى :

( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣) [الأحزاب : ٣٣] فهم حصرا الخمسة أصحاب الكساء ، الذين نزلت فيهم الآية على وجه الخصوص كما سترى. أما الزوجات فهن مختلفات في الفضل فيما بينهن ، لكنهن لا يرقين إلى درجة هؤلاء الخمسة الذين طهّرهم الله وعصمهم من كل رجس ، منذ ولادتهم وحتى وفاتهم.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) ثم يقول الشبلنجي : هذا ويشهد للقول بأن (أهل البيت) هم علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام عدة آيات ودلالات ، منها : حديث الكساء ، وآية المباهلة ، وآية المودة.

٤٨ ـ حديث الكساء :

(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١١١)

ثم يقول الشبلنجي : وروي من طرق عديدة صحيحة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء ومعه علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، ثم أخذ كلّ واحد منهما على فخذه ، ثم لفّ عليهم كساء ، ثم تلا هذه الآية :

( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣) وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.

(وفي رواية) : الله م هؤلاء آل محمّد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمّد ، كما جعلتها على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد.

١٣٣

(وفي رواية أم سلمة) قالت : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من يدي. فقلت : وأنا معكم يا رسول الله. فقال : إنك من أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على خير.

وروى أحمد بن حنبل والطبراني عن أبي سعيد الخدري (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنزلت هذه الآية في خمسة : فيّ وفي علي وحسن وحسين وفاطمةعليهم‌السلام .

وروى سبط ابن الجوزي الحنفي المذهب في كتابه (تذكرة الخواص ، ص ٦٥٤ ط نجف) حديث الكساء بسنده عن واثلة بن الأسقع قال : أتيت فاطمة أسألها عن عليعليه‌السلام فقالت : توجّه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فجلست أنتظره ، فإذا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أقبل ومعه علي والحسن والحسين قد أخذ بيد كل واحد منهم ، حتّى دخل الحجرة ، فأجلس الحسن على فخذه اليمنى ، والحسين على فخذه اليسرى ، وأجلس عليا وفاطمة بين يديه ، ثم لفّ عليهم كساه (أي ثوبه) ، ثم قرأ :( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣). ثم قال : «اللهم هؤلاء أهل بيتي حقا».

وقد أخرج العلامة الفقيه محب الدين الطبري الشافعي في كتابه (ذخائر العقبى ، ص ٢١ ـ ٢٤) أحاديث متعددة في قصة الكساء. منها حديث عن عائشة قالت :خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات غداة وعليه مرط (كساء) مرجّل من شعر. فجاء الحسن بن علي فأدخله فيه ، ثم جاء الحسين فأدخله فيه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها فيه ، ثم جاء عليعليه‌السلام فأدخله فيه ، ثم قال :

( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣). أخرجه مسلم. وأخرج أحمد معناه عن واثلة ، وزاد في آخره : «اللهم هؤلاء أهل بيتي ، وأهل بيتي أحقّ».

ومنها حديث عن أم سلمة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لفاطمة : ائتني بزوجك وابنيك. فجاءت بهم ، وأكفأ عليهم كساء فدكيا ، ثم وضع يده عليهم ، ثم قال :«اللهم إن هؤلاء آل محمّد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمّد ، إنك حميد مجيد».

قالت أم سلمة : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال :«إنك على خير».(أخرجه الدولابي في كتاب الذرية الطاهرة).

١٣٤

وروى ابن شيبة وأحمد والترمذي وحسّنه ، وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصحّحه ، عن أنس ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد نزول هذه الآية (كما في رواية الترمذي) كان يمرّ ببيت فاطمةعليها‌السلام إذا خرج إلى صلاة الفجر ، ويقول :الصلاة أهل البيت( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣).

وفي رواية ابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري ، أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء أربعين صباحا إلى دار فاطمة ، يقول : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، الصلاة رحمكم الله( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣).

وفي رواية له عن ابن عباس : سبعة أشهر. وفي رواية لابن جرير وابن المنذر والطبراني : ثمانية أشهر.

وذكر ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) آية التطهير ، ثم قال : ذكر الترمذي في صحيحه أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان من وقت نزول هذه الآية إلى قريب من ستة أشهر إذا خرج إلى الصلاة يمر بباب فاطمة ، ثم يقول :( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣).

وذكر ابن حجر أحاديث غير ما تقدم ، وقال : وأشار المحب الطبري إلى أن هذا الفعل (أي وضع الكساء عليهم) تكرر منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيت أم سلمة وبيت فاطمة وغيرهما. وهذا يفسّر لنا تعدد الروايات بأشكال مختلفة ، في هيئة اجتماعهم وما جللهم به وما دعا به لهم.

وقال الشيخ كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي الشامي في كتابه (مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول ، ص ٨ ط إيران) بعد أن ذكر حديث الكساء : فهؤلاء أهل بيته المرتقون بتطهيرهم إلى ذروة أوج الكمال ، المستحقون لتوقيرهم مراتب الإعظام والإجلال ، الموفّقون لتأييدهم لانتهاج مناهج الاستقامة والاعتدال ، المستبقون لتسديدهم إلى مدارج الفضائل والافضال.

٤٩ ـ حديث المباهلة يؤيد حديث الكساء :

(محمّد وعلي وبنوه الأوصياء للشريف العسكري ، ص ٣٢٣ ـ ٣٢٦)

ومما يؤكد أن أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هم الخمسة على وجه التحديد دون غيرهم ، ما وقع من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أراد المباهلة مع وفد نجران.

١٣٥

خرّج جماعة من علماء الجمهور حديث المباهلة بعبارات مختلفة في أحاديث مختلفة. وقصة المباهلة المشهورة حدثت في السنة العاشرة للهجرة. وهي أن وفدا من آل نجران وهم من النصارى ، جاؤوا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجادلونه في المسيحعليه‌السلام ، فلما تعنّتوا في غلوائهم ، دعاهم الرسول إلى المباهلة ، وهي أن يجتمع فريق من كل طرف ، فيدعو الواحد على الآخر ، فتكون الغلبة لمن يستجيب الله دعاءه. فطلبوا منه الإنظار إلى صبيحة الغد. فقال لهم الأسقف : انظروا محمدا في غد ، فإن جاء بولده وأهله فاحذروا مباهلته ، وإن غدا بأصحابه فباهلوه ، فإنه على غير شيء. فلما جاء الغد جاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخذا بيد علي بن أبي طالب ، والحسن والحسين بين يديه ، وفاطمة خلفه. وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم ، فلما رآهم قال الأسقف : يا معشر النصارى ، إني لأرى وجوها لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال لأزالها ، فلا تباهلوهم فتهلكوا. فامتنعوا عن المباهلة وفي ذلك نزلت الآية :( إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩)الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠)فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (٦١)[آل عمران : ٥٩ ـ ٦١].

ذكر الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه (ينابيع المودة ، ص ٥٢) حديث المباهلة وقال : أخرج صاحب المناقب عن جعفر الصادقعليه‌السلام عن أبيه عن جده علي بن الحسينعليهم‌السلام ، أن الحسن بن عليعليهما‌السلام قال في خطبته : قال الله تعالى لجديصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين جحده كفرة أهل نجران وحاجّوه :( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (٦١) [آل عمران : ٦١]. فأخرج جديصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معه من الأنفس أبي ، ومن البنين أنا وأخي ، ومن النساء فاطمة أمي. فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه ، ونحن منه وهو منا.

(وفيه أيضا ، ص ٥٣) : قال الإمام الرضا رضي الله عنه (في تفسير آية المباهلة) : عنى الله تعالى من( أَنْفُسَنا ) نفس عليعليه‌السلام . ومما يدل على ذلك قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لوفد ثقيف : «لتنتهنّ بني وليعة ، أو لأبعثنّ إليكم رجلا كنفسي «يعني علي بن أبي طالب. فهذه خصوصية لا يلحقه فيها بشر.

(وفي ينابيع المودة أيضا ، ص ٢٦٦) قال : أخرج الدارقطني بسنده عن واثلة

١٣٦

(قال) قال الإمام عليعليه‌السلام يوم الشورى : والله لأحتجّنّ عليهم بما لا يستطيع قرشيّهم ولا عربيّهم ولا عجميّهم ردّه. ثم قال لهم خصالا صدّقوها.

(إلى أن قالعليه‌السلام ) : أنشدتكم بالله ، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مني؟. وهل فيكم من جعل الله نفس نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه ، وأبناءه أبناءه ، ونساءه نساءه ، غيري؟. قالوا : لا. قال : فأنشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت أبو ولدي ، غيري؟. قالوا : لا.

٥٠ ـ آية المودّة :

ويقول الشبلنجي في (نور الأبصار) : ما قدّمناه من أن أهل البيتعليهم‌السلام هم :علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام هو ما جنح إليه الفخر الرازي في تفسيره والزمخشري في كشافه. وعبارته عند تفسير قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) : روي أنها لما نزلت ، قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟. قال : علي وفاطمة وابناهماعليهم‌السلام . وسوف نتناول تفسير هذه الآية فيما بعد ، عند حديثنا عن محبة أهل البيتعليهم‌السلام ومودتهم.

٥١ ـ آية السلام :

قال الموفق بن أحمد الحنفي الخوارزمي في مناقبه : ومن الآيات التي نزلت في أهل البيتعليهم‌السلام ، آية السلام ، وهي قوله تعالى :( سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ ) (١٣٠) [الصافات : ١٣٠]. وقد عدّ ابن حجر في صواعقه هذه الآية من الآيات النازلة بحقهم.ونقل أن جماعة من المفسرين رووا عن ابن عباس أنه قال : المراد بها السلام على آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . إلى أن قال :

(وذكر الفخر الرازي) أن أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يساوونه في خمسة أشياء :

في السلام ، قال تعالى (السلام عليك أيها النبي) ، وقال :( سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ ) (١٣٠). وفي الصلاة عليه وعليهم في التشهد في الصلاة. وفي الطهارة ، قال تعالى( طه ) (١) [طه : ١] أي يا طاهر ، وقال :( وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣). وفي تحريم الصدقة. وفي المحبّة ، قال تعالى( فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) [آل عمران : ٣١] ، وقال :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) . ا ه.

٥٢ ـ الصلاة على محمّد وآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

وقد أخرج البخاري في كتاب تفسير القرآن ، من الجزء الثالث من صحيحه ، في

١٣٧

تفسير قوله تعالى :( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (٥٦) [الأحزاب : ٥٦]. فقال الصحابة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا رسول الله ، أما السلام عليك فقد عرفناه ، فكيف الصلاة عليك؟. فقال :

«قولوا : اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد». وقد أخرج هذا الحديث مسلم في باب الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كتاب الصلاة ، في الجزء الأول من صحيحه ، وأخرجه سائر المحدّثين فعلم أن الصلاة على آل محمّد جزء من الصلاة المأمور بها في هذه الآية. ولذا عدّها العلماء من الآيات النازلة بحقهم ، حتّى عدّها ابن حجر في صواعقه من آياتهم الخاصةعليهم‌السلام .

وحسبنا في إيثارهم على من سواهم ، إيثار اللهعزوجل إياهم ، حتّى جعل الصلاة عليهم جزءا من الصلاة المفروضة على جميع عباده ، فلا تصحّ بدونها صلاة أحد من العالمين أيا كان شأنه. بل لابدّ لكل من امتثل أمر الله بفرائضه ، أن يمتثل أمره في أثنائها بالصلاة عليهم ، كما يمتثل أمره بالشهادتين. ولذلك أثر عن جابر أنه كان يقول : لو صلّيت صلاة لم أصلّ فيها على محمّد وعلى آل محمّد ، ما رأيت أنها تقبل. وهذه منزلة عنت لها وجوه الأمة ، وخشعت أمامها أبصار العلماء الأئمة ، لذلك قال الشافعي إمام المذهب :

يا آل بيت رسول الله حبّكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم الفضل أنّكم

من لا يصلّي عليكم لا صلاة له

٤ ـ فضائل أهل البيتعليهم‌السلام

٥٣ ـ منزلة أهل البيتعليهم‌السلام :

(الاتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٥٨)

قال بعض أهل العلم : إن آل البيتعليهم‌السلام حازوا الفضائل كلها ؛ علما وحلما ، وفصاحة وصباحة ، وذكاء وبديهة ، وجودا وشجاعة. فعلومهم لا تتوقف على تكرار درس ، ولا يزيد يومهم فيها على ما كان بالأمس ، بل هي مواهب من مولاهم ، من أنكرها وأراد سترها كان كمن أراد ستر وجه الشمس. فما سألهم في العلوم مستفيد ووقفوا ، ولا جرى معهم في مضمار الفضل قوم إلا عجزوا وتخلّفوا.

٥٤ ـ بعض فضائل أهل البيتعليهم‌السلام :

وحسب أئمة العترة الطاهرة أن يكونوا عند الله ورسوله بمنزلة الكتاب الكريم ، لا

١٣٨

يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهم أعدال القرآن ، وشجرة النبوة ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومعدن العلم ، وأهل بيت الوحي.

فيهم نزلت آية التطهير في قوله تعالى :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣) [الأحزاب : ٣٣] وفيهم نزلت آية الرحمة والبركة في قوله تعالى :( رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) (٧٣) [هود : ٧٣].

وفيهم نزلت آية المباهلة في قوله تعالى :( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) (٦١) [آل عمران : ٦١]. وفيهم نزلت آية الإطعام في قوله تعالى :( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨)إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً ) (٩) [الإنسان : ٨ ـ ٩]. وفيهم نزلت آية المودة في قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ) (٣٣) [الشورى : ٢٣]. وفيهم نزلت آية النور في قوله تعالى:( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ) (٣٥) [النور : ٣٥]. وفيهم نزلت آية الهداية في قوله تعالى :( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) (٨٢) [طه : ٨٢]. وفيهم نزلت آية الولاية في قوله تعالى :( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (٥٥) [المائدة : ٥٥]. وفيهم نزلت آية الطاعة في قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) [النساء : ٥٩]. وفيهم نزلت آية النعمة في قوله جلّ من قائل :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) [المائدة : ٣]. وفيهم نزلت آية الميثاق في قوله :( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا ) [المائدة : ٧]. يشير تعالى في هذه الآية إلى حادثة الغدير في حجة الوداع.

بعض فضائل الإمام عليعليه‌السلام

٥٥ ـ فضائل الإمام عليعليه‌السلام لا تحصى :

فضائل الإمام عليعليه‌السلام جمّة لا تحصى ، فهي بعدد ذرات الثرى. وكما قال ابن أبي الحديد المعتزلي في مقدمة شرحه لنهج البلاغة (ج ١ ص ١٧ ط مصر ، تحقيق أبي الفضل إبراهيم) :

وما أقول في رجل أقرّ له أعداؤه وخصومه بالفضل ، ولم يمكنهم جحد مناقبه ، ولا كتمان فضائله. فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق

١٣٩

الأرض وغربها ، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره والتحريض عليه ، ووضع المعائب والمثالب له ، ولعنوه على جميع المنابر ، وتوعّدوا مادحيه ، بل حبسوهم وقتلوهم ، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة ، أو يرفع له ذكرا ، حتّى حظّروا أن يسمى أحد باسمه ، فما زاده ذلك إلا رفعة وسموا ، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه ، وكلما كتم تضوّع نشره ، وكالشمس لا تستر بالراح ، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة ، أدركته عيون كثيرة.

وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة ، وتنتهي إليه كل فرقة ، وتتجاذبه كل طائفة ؛ فهو رئيس الفضائل وينبوعها ، وأبو عذرها ، وسابق مضمارها ، ومجليّ حلبتها ، كلّ من بزغ فيها بعده فمنه أخذ ، وله اقتفى ، وعلى مثاله احتذى. اه.

(أقول) : وإنما أحببت أن أسوق في هذه الموسوعة بعض مناقبه وفضائلهعليه‌السلام للتبرك بذكره وتعطير الكتاب بأريج عطره.

٥٦ ـ بعض الروايات في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٣ ط نجف)

عن الإمام الرضاعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يا علي إن الله قد غفر لك ولأهلك وشيعتك ، ومحبّي شيعتك ومحبّي محبّي شيعتك ، فأبشر فإنك الأنزع البطين ؛ منزوع من الشرك ، بطين من العلم.

وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليهما‌السلام عن آبائه عن الحسينعليه‌السلام قال :سمعت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من أحبّ أن يحيى حياتي ويموت ميتتي ، ويدخل الجنّة التي وعدني ربي ، فليتولّ علي بن أبي طالب وذريته ، فإنهم لن يخرجوك من باب الهدى إلى باب الضلالة.

وروى الحمويني في (فرائد السمطين) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : من أحبّ أن يتمسّك بديني ، ويركب سفينة النجاة بعدي ، فليقتد بعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وليعاد عدوّه ، وليوال وليّه ، فإنه وصيي وخليفتي على أمتي ، في حياتي وبعد وفاتي ، وهو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعدي. قوله قولي وأمره أمري ونهيه نهيي ، وتابعه تابعي وناصره ناصري وخاذله خاذلي.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليّ سيّد العرب. فقيل : ألست سيد العرب؟. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :أنا سيد العالمين (فضائل الخمسة ، ج ٢ ص ٩٧).

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

وهذا الوجه(١) عند الشافعيّة أظهر حتى أنّ بعضهم قطع به(٢) .

تذنيب : إذا كان الضمان بحيث يقتضي الرجوع - كما إذا ضمن بسؤاله - فإنّه يرجع بالحيوان.

وللشافعيّة خلاف كما وقع في اقتراض الحيوان(٣) .

وهل يصحّ ضمان الدية على العاقلة قبل تمام السنة؟ الأقرب : جوازه ؛ لأنّ سبب الوجوب ثابت.

وقالت الشافعيّة : لا يجوز ؛ لأنّها غير ثابتة بَعْدُ(٤) .

مسألة ٥١٠ : إذا ضمن عيناً لمالكها وهي في يد غيره‌ ، فإن كانت أمانةً لم يتعدّ فيها الأمين ، لم يصح الضمان ، كالوديعة والعارية غير المضمونة ومال الشركة والمضاربة والعين التي يدفعها إلى الصانع والمال في يد الوكيل والوصي والحاكم وأمينه إذا لم يقع منهم تعدٍّ أو تفريط ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي(٥) - لأنّها غير مضمونة العين ولا مضمونة الردّ ، وإنّما الذي يجب على الأمين مجرّد التخلية ، وإذا لم تكن مضمونةً على ذي اليد فكذا على ضامنه.

ولو ضمنها إن تعدّى فيها ، لم يصح ؛ لأنّه ضمان ما لم يجب ولم يثبت في الذمّة ، فيكون باطلاً ، كما لو ضمن عنه ما يدفعه إليه غداً قرضاً.

وقال أحمد : يصحّ ضمانه ، فعلى هذا إن تلفت بغير تعدٍّ من القابض ولا تفريط ، لم يلزم الضامن شي‌ء ؛ لأنّه فرع المضمون عنه ، والمضمون عنه‌

____________________

(١) أي الوجه الثاني.

(٢ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٥.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٨.

٣٢١

لا يلزمه شي‌ء. وإن تلفت بتعدٍّ أو تفريط ، يلزمه ضمانها ، ولزم الضامن ذلك ؛ لأنّها مضمونة على مَنْ هي في يده ، فلزم ضامنه ، كالمغصوب(١) .

وهذا في الحقيقة ضمان ما لم يجب ، وقد بيّنّا بطلانه.

مسألة ٥١١ : الأعيان المضمونة - كالمغصوب والمستعار مع التضمين أو كونه أحد النقدين والمستام والأمانات - إذا خان فيها أو تعدّى ، فله صورتان :

الأُولى : أن يضمن ردّ أعيانها‌. وهو جائز ؛ لأنّه ضمان مال مضمون على المضمون عنه ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد(٢) .

والمشهور عند الشافعيّة تخريجه على [ قولي ](٣) كفالة الأبدان(٤) .

ومنهم مَنْ قطع بالجواز مع إثبات الخلاف في كفالة الأبدان. والفرق : أنّ حضور الخصم ليس مقصوداً في نفسه ، وإنّما هو ذريعة إلى تحصيل المال ، فالتزام المقصود أولى بالصحّة من التزام الذريعة(٥) .

إذا ثبت هذا ، فإن ردّها الضامن أو الغاصب ، برئ من الضمان.

وإن تلفت وتعذّر الردّ ، فهل عليه قيمتها؟ فيه للشافعيّة وجهان ،

____________________

(١) الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٣١ ، المغني ٥ : ٧٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٨٦.

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٤٣ ، بدائع الصنائع ٦ : ٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٩٢ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٧٦ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٣٠ ، المغني ٥ : ٧٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٨٧ ، حلية العلماء ٥ : ٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٢.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « قول ». والصحيح ما أثبتناه من المصادر.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٧٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٨.

٣٢٢

كالوجهين في وجوب الغُرْم على الكفيل إن [ مات المكفول ببدنه(١) .

فإن أوجبنا فيجب في المغصوب أقصى القِيَم أم قيمته يوم التلف ؛ لأنّ الكفيل ](٢) لم يكن متعدّياً؟ حكى الجويني فيه وجهين(٣) .

ولو ضمن تسليم المبيع وهو في يد البائع ، جرى الخلاف في الضمان ، فإن صحّحناه وتلف ، انفسخ البيع ، فإن لم يوفّر المشتري [ الثمن ](٤) لم يطالب الضامن بشي‌ء.

وإن كان قد وفّره ، عاد الوجهان في أنّ الضامن هل يغرم؟

فإن أغرمناه ، فيغرم الثمن أو أقلّ الأمرين من الثمن وقيمة المبيع؟

للشافعيّة وجهان ، أظهرهما عندهم : الأوّل(٥) .

الثانية : أن يضمن قيمتها لو تلفت.

والأقوى عندي : الصحّة ؛ لأنّ ذلك ثابت في ذمّة الغاصب ، فصحّ الضمان.

وقالت الشافعيّة : يبنى ذلك على أنّ المكفول ببدنه إذا مات هل يغرم الكفيل الدَّيْن؟ إن قلنا : نعم ، صحّ ضمان القيمة لو تلفت العين ، وإلّا لم يصح ، وهو الأصحّ عندهم(٦) .

ولو تكفّل ببدن العبد الجاني جنايةً توجب المال ، فهو كما لو ضمن عيناً من الأعيان.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٤٣٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٧٦ - ٧٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٨.

(٢) ما بين المعقوفين من « العزيز شرح الوجيز » و« روضة الطالبين ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٨.

(٤) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٥ و ٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٨.

٣٢٣

وجزم بعض الشافعيّة بالمنع هنا. وفرّق بأنّ العين المضمونة مستحقّة ونفس العبد ليست مستحقّةً ، وإنّما المقصود تحصيل الأرش من بدله ، وبدله مجهول(١) .

ولو باع شيئاً بثوب أو دراهم معيّنة فضمن ضامن عهدة المبيع حتى إذا خرج مستحقّاً ردّ عليه الثمن وهو قائم في يد البائع ، فهذا من صور ضمان الأعيان ، فإن تلف في يد البائع فضمن قيمته ، فهو كما لو كان الثمن في الذمّة وضمن العهدة.

ولو رهن ثوباً من إنسان ولم يقبضه ، فضمن رجل تسليمه ، لم يصح ؛ لأنّه ضمان ما لم يجب.

إذا عرفت هذا ، فقد اختلف قول الشافعيّة في صحّة ضمان الأعيان المضمونة ، كالغصب وشبهه.

فقال بعضهم : يصحّ ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد على ما تقدّم(٢) ؛ لأنّها مضمونة على مَنْ هي في يده ، فهي كالديون الثابتة في الذمّة.

والثاني(٣) : لا يصحّ ضمانها ؛ لأنّها غير ثابتة في الذمّة ، وإنّما يصحّ ضمان ما كان ثابتاً في الذمّة ، ووصفنا إيّاها بأنّها مضمونة معناه أنّه يلزمه قيمتها بتلفها ، والقيمة مجهولة ، وضمان المجهولة لا يجوز(٤) .

مسألة ٥١٢ : للشيخرحمه‌الله قولان في ضمان المجهول.

قال في الخلاف : لا يصحّ(٥) ، وبه قال ابن أبي ليلى والثوري والليث‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٨.

(٢) في ص ٣٢١ ، المسألة ٥١١.

(٣) أي القول الثاني للشافعيّة.

(٤) المغني ٥ : ٧٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٨٧ ، وأيضاً راجع المصادر في الهامش (٤) من ص ٣٢١.

(٥) الخلاف ٣ : ٣١٩ ، المسألة ١٣.

٣٢٤

وأحمد(١) ؛ لأنّه إثبات مال في الذمّة بعقدٍ لآدمي ، فلم يصح في المجهول ، كالبيع وكما لو قال : ضمنت لك بعض مالك على فلان.

وقال في النهاية : لو قال : أنا أضمن لك ما يثبت لك عليه إن لم يأت به إلى وقت كذا ، ثمّ لم يُحضره ، وجب عليه ما قامت به البيّنة للمضمون عنه ، ولا يلزمه ما لم تقم به البيّنة ممّا يخرج به الحساب في دفتر أو كتاب ، وإنّما يلزمه ما قامت له به البيّنة ، أو يحلف خصمه عليه ، فإن حلف على ما يدّعيه واختار هو ذلك ، وجب عليه الخروج منه(٢) . وهذا يشعر بجواز ضمان المجهول ، وبه قال أبو حنيفة ومالك(٣) .

وعن أحمد روايتان(٤) .

وللشافعيّة طريقان :

أحدهما : أنّه على قولين : القديم : أنّه يصحّ. والجديد : المنع.

والثاني : القطع بالمنع(٥) .

واحتجّ المجوّزون بقوله تعالى :( وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٥٦ ، المغني ٥ : ٧٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٨٠ ، وفي الأخيرين وكذا في الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٣١ صحّة ضمان المجهول ، على العكس ممّا نُسب إلى أحمد في المتن.

(٢) النهاية : ٣١٥ - ٣١٦.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ١٩ : ١٧٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٩٠ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٧٤ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٩٨ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٠٢ ، عيون المجالس ٤ : ١٦٦٦ ، حلية العلماء ٥ : ٥٦ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ١٢١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٦ ، المغني ٥ : ٧٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٨٠.

(٤) لاحظ المصادر في الهامش (١)

(٥) الوسيط ٣ : ٢٣٨ ، الوجيز ١ : ١٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٣.

٣٢٥

زَعِيمٌ ) (١) وحِمْل البعير مجهول ، ويختلف باختلاف الأجناس.

ولعموم قولهعليه‌السلام : « الزعيم غارم »(٢) .

ولأنّه التزام حقٍّ في الذمّة عن معاوضة ، فصحّ مع الجهالة ، كالنذر والإقرار. ولأنّه يصحّ تعليقه بغرر وخطر ، وهو ضمان العهدة ، وكما إذا قال لغيره : ألق متاعك في البحر وعلَيَّ ضمانه ، أو قال : ادفع ثيابك إلى هذا [ الرفّاء ](٣) وعلَيَّ ضمانها ، فصحّ في المجهول ، كالعتق والطلاق(٤) .

تذنيب : إن قلنا بصحّة ضمان المجهول فإنّما يصحّ في صورة يمكن العلم فيها بعد ذلك‌ ، كما لو قال : أنا ضامن للدَّيْن الذي عليك ، أو أنا ضامن لثمن ما بعت من فلان ، وهو جاهل بالدَّيْن والثمن ؛ لأنّ معرفته ممكنة ، والخروج عن العهدة مقدور عليه ، أمّا لو لم يمكن الاستعلام ، فإنّ الضمان فيه لا يصحّ قولاً واحداً ، كما لو قال : ضمنت لك شيئاً ممّا لك على فلان.

مسألة ٥١٣ : الإبراء - عندنا - من المجهول يصحّ‌ ؛ لأنّه إسقاط عمّا في الذمّة ، بل هو أولى من ضمان المجهول ؛ لأنّ الضمان التزام ، والإبراء إسقاط.

والخلاف المذكور للشافعيّة في ضمان المجهول آتٍ لهم في الإبراء(٥) .

____________________

(١) يوسف : ٧٢.

(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ٨٠٤ / ٢٤٠٥ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٩٧ / ٣٥٦٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٦٥ / ١٢٦٥ ، سنن الدارقطني ٤ : ٧٠ / ٨ ، سنن البيهقي ٦ : ٧٢ ، مسند أحمد ٦ : ٣٥٨ / ٢١٧٩٢.

(٣) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٤) المغني ٥ : ٧٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٨٠ - ٨١.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٤.

٣٢٦

وذكروا للخلاف في الإبراء مأخذين :

أحدهما : الخلاف في صحّة شرط البراءة من العيوب ، فإنّ العيوب مجهولة الأنواع والأقدار.

والثاني : أنّ الإبراء محض إسقاطٍ ، كالإعتاق ، أو هو تمليك للمديون ما في ذمّته ، ثمّ إذا ملكه يسقط.

وفيه قولان إن قلنا : إنّه إسقاط ، صحّ الإبراء عن المجهول - كما ذهبنا نحن إليه - وبه قال أبو حنيفة ومالك. وإن قلنا : تمليك ، لم يصح ، وهو ظاهر مذهب الشافعي(١) .

وخرّجوا على هذا الأصل مسائل :

أ : لو عرف المبرى ء قدر الدَّيْن ولم يعرفه المبرأ عنه ، هل يصحّ أم لا؟ وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الوكالة.

ب : لو كان له دَيْنٌ على اثنين ، فقال : أبرأت أحدكما ، إن قلنا : إنّه إسقاط ، صحّ ، وطُولب بالبيان. وإن قلنا : تمليك ، لم يصح ، كما لو كان في يد كلّ واحدٍ منهما ثوب ، فقال : ملّكت أحدكما الثوب الذي في يده.

ج : لو كان للأب دَيْنٌ على شخصٍ فأبرأه الولد وهو لا يعلم موت أبيه ، إن قلنا : إنّه إسقاط ، صحّ ، كما لو قال لعبد أبيه : أعتقتك ، وهو لا يعلم موت الأب. وإن قلنا : إنّه تمليك ، فهو كما لو باع مال أبيه على ظنّ أنّه حيّ وهو ميّت‌

د : الإبراء إذا كان إسقاطاً ، لم يحتج إلى القبول ، وهو ظاهر مذهب الشافعي. وإن قلنا : إنّه تمليك ، لم يحتج إليه أيضاً ؛ لأنّه وإن كان تمليكاً‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٦ - ١٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٤.

٣٢٧

فالمقصود منه الإسقاط. فإن اعتبرنا القبول ، ارتدّ بالردّ. وإن لم نعتبره ، ففي ارتداده بالردّ وجهان للشافعيّة(١) .

وعندنا أنّه لا يرتدّ.

واحتجّ بعض الشافعيّة على أنّ الإبراء تمليك : بأنّه لو قال للمديون : ملّكتك ما في ذمّتك ، صحّ وبرئت ذمّته من غير نيّة وقرينة ، ولو لا أنّه تمليك لافتقر إلى نيّة أو قرينة ، كما إذا قال لعبده : ملّكتك رقبتك ، أو لزوجته : ملّكتكِ نفسكِ ، فإنّه يحتاج عندهم إلى النيّة(٢) .

ولا يتأتّى ذلك على مذهبنا ؛ لأنّ العتق والطلاق لا يقعان بالكناية ، وإنّ الإبراء عندنا إسقاط محض ، ولا يعتبر فيه رضا المبرى ، ولا أثر لردّه.

تذنيب : لو اغتاب شخصٌ غيرَه ثمّ جاء إليه فقال : إنّي اغتبتك فاجعلني في حلٍّ‌ ، ففَعَل وهو لا يدري بِمَ اغتابه ، فللشافعيّة وجهان :

أحدهما : أنّه يبرأ ؛ لأنّ هذا إسقاط محض ، فصار كما لو عرف أنّ عبداً قطع عضواً من عبده ولم يعرف عين العضو المقطوع فعفا عن القصاص ، يصحّ.

والثاني : لا يصحّ ؛ لأنّ المقصود حصول رضاه ، والرضا بالمجهول لا يمكن ، بخلاف مسألة القصاص ؛ لأنّ العفو عن القصاص مبنيّ على التغليب والسراية ، وإسقاط المظالم غير مبنيّ عليه(٣) .

مسألة ٥١٤ : إذا منعنا من ضمان المجهول ، فلو قال : ضمنت ما لك على فلان من درهم إلى عشرة ، فالأقوى : الصحّة‌ ؛ لأنّ ضمان المجهول إذا أبطلناه فإنّما كان باطلاً ؛ لما فيه من الغرر ، ومع بيان الغاية ينتفي الغرر ،

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٧ - ١٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٤.

٣٢٨

فينتفي المقتضي للفساد ، فيبقى أصل الصحّة سليماً عن المبطل ، وحيث وطّن نفسه على تلك الغاية فأيّ غرر يبقى فيه؟ وهو أحد قولي الشافعي.

والثاني : لا يصحّ ؛ لما فيه من الجهالة(١) .

فإذا قلنا بالصحّة وكان له عليه عشرة أو أكثر ، فيلزمه العشرة ؛ إدخالاً للطرفين في الملتزم ، وهو المتعارف ، وهو أحد وجوه الشافعيّة.

والثاني : أنّه يلزمه ثمانية ؛ إخراجاً للطرفين.

والثالث : تسعة ؛ إدخالاً للطرف الأوّل ؛ لأنّه مبدأ الالتزام(٢) .

وما اخترناه أصحّهما عندهم(٣) .

أمّا لو قال : ضمنت لك ما بين درهم وعشرة ، فإن عرف أنّ دَيْنه لا ينقص عن عشرة ، صحّ ضمانه ، وكان ضامناً لثمانية.

وإن لم يعرف ، ففي صحّته في الثمانية للشافعيّة قولان(٤) .

ولو قال : ضمنت لك الدراهم التي لك على فلان ، وقلنا ببطلان ضمان المجهول وهو لا يعرف قدرها ، احتُمل صحّة ضمان ثلاثة ؛ لدخولها قطعاً في اللفظ على كلّ حال ، كما لو قال : آجرتك كلّ شهر بدرهم ، هل يصحّ في الشهر الأوّل؟ للشافعيّة وجهان(٥) .

وكلّ هذه المسائل آتية في الإبراء.

تذنيب : هل يجوز ضمان الزكاة عمّن هي عليه؟ الأقوى عندي : الجواز‌ ؛ لأنّها دَيْنٌ ثابت لله تعالى ، فجاز ضمانها.

والمضمون له هنا الحاكم أو المستحقّ؟ إشكال.

____________________

(١ و ٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٥.

(٣ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٥.

٣٢٩

وللشافعيّة وجه يمنع الضمان ؛ لأنّها حقّ الله تعالى ، فأشبه الكفالة ببدن الشاهد لأداء الشهادة(١) .

وعلى ما اخترناه هل يعتبر الإذن عند الأداء؟ للشافعيّة وجهان أظهرهما : الاعتبار(٢) .

تذنيب : يجوز ضمان المنافع الثابتة في الذمم ، كالأموال‌ ؛ لأنّها مستحقّة في ذمّة المضمون عنه معلومة ، فلا مانع من صحّة ضمانها كالأموال.

البحث الثالث : في ضمان العهدة.

مسألة ٥١٥ : مَنْ باع شيئاً فخرج المبيع مستحقّاً لغير البائع ، وجب على البائع ردّ الثمن ، ولا حاجة فيه إلى شرطٍ والتزام.

قال بعض(٣) العلماء : من الحماقة اشتراط ذلك في القبالات.

وإن ضمن عنه ضامن ليرجع المشتري عليه بالثمن لو خرج مستحقّاً ، فهو ضمان العهدة ، ويُسمّى أيضاً ضمان الدرك.

وسُمّي ضمان العهدة ؛ لالتزام الضامن ما في عهدة البائع ردّه ، أو لما ذكره صاحب الصحاح ، فقال : يقال : في الأمر عُهدة بالضمّ ، أي : لم يُحكم بَعْدُ ، وفي عقله عُهدة ، أي ضعف(٤) ، فكأنّ الضامن ضمن ضعف العقد ، والتزم ما يحتاج إليه فيه من غُرْم ، أو أنّ الضامن التزم رجعة المشتري عليه‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٥.

(٣) هو القفّال من الشافعيّة ، كما في العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥١ ، وروضة الطالبين ٣ : ٤٧٩.

(٤) الصحاح ٢ : ٥١٥ « عهد ».

٣٣٠

عند الحاجة.

وأمّا الدرك فقال في الصحاح : الدرك : التبعة(١) .

وقيل : سُمّي ضمان الدرك ؛ لالتزامه الغرامة عند إدراك المستحقّ عين ماله(٢) .

وهذا الضمان عندنا صحيح إن كان البائع قد قبض الثمن ، وإن لم يكن قد قبض ، لم يصح.

وللشافعي في صحّة ضمان العهدة طريقان :

أظهرهما : أنّه على قولين :

أحدهما : أنّه لا يصحّ ؛ لأنّه ضمان ما لم يجب. ولأنّه لا يجوز الرهن به فكذا الضمين.

وأصحّهما - وهو قول الشافعي في كتاب الإقرار - أنّه صحيح - وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد - لإطباق الناس عليه ، وإيداعه الصكوك في جميع الأعصار. ولأنّ الحاجة تمسّ إلى معاملة مَنْ لا يعرف من الغرماء ولا يوثق بيده وملكه ويخاف عدم الظفر به لو ظهر الاستحقاق ، فيحتاج إلى التوثيق.

والثاني : القطع بالصحّة(٣) .

ونمنع كون ضمان العهدة ضمان ما لم يجب ؛ لأنّه إذا ظهر عدم‌

____________________

(١) الصحاح ٤ : ١٥٨٢ « درك ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٩.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٤٤١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٩ ، الوسيط ٣ : ٢٣٦ ، حلية العلماء ٥ : ٦٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٩٠ ، بدائع الصنائع ٦ : ٩ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٨٠ ، الذخيرة ٩ : ٢١٢ ، المغني ٥ : ٧٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٨٤.

٣٣١

استحقاق البائع للعين ، ظهر استحقاق الثمن عليه ، وثبوته في ذمّته ، وأنّه يجب عليه ردّ الثمن إلى المشتري ، إلّا أنّا لم نكن نعرف ذلك لخفاء الاستحقاق عندنا.

ونمنع عدم جواز الرهن عليه وقد روى داوُد بن سرحان عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الكفيل والرهن في بيع النسيئة ، قال : « لا بأس »(١) .

سلّمنا ، لكنّ الفرق ظاهرٌ ؛ لأنّ تجويز الرهن يؤدّي إلى أن تبقى العين مرهونةً أبداً.

مسألة ٥١٦ : قد بيّنّا أنّ الضمان في عهدة الثمن ودركه إن كان بعد قبض البائع الثمنَ ، صحّ‌ ، وبه قال الشافعي في أصحّ القولين عنده(٢) .

وإن كان قبله ، فوجهان عنده :

أصحّهما : البطلان - كما قلناه نحن - لأنّ الضامن إنّما يضمن ما دخل في ضمان البائع ولزمه ردّه ، وقبل القبض لم يتحقّق ذلك.

والثاني : الجواز ؛ لأنّ الحاجة تمسّ إليه والضرورة تقود إليه ؛ إذ ربما لا يثق المشتري بتسليم الثمن إلّا بعد الاستيثاق(٣) .

واعلم أ نّ ضمان العهدة في المبيع يصحّ عن البائع للمشتري وعن المشتري للبائع ، أمّا ضمانه عن البائع للمشتري فهو أن يضمن عن البائع الثمن متى خرج المبيع مستحقّاً أو رُدّ بعيبٍ ، أو أرش العيب. وأمّا ضمانه عن المشتري للبائع فهو أن يضمن الثمن الواجب بالبيع قبل تسليمه ، وإن‌

____________________

(١) الفقيه ٣ : ٥٥ / ١٨٨ ، التهذيب ٦ : ٢١٠ / ٤٩١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٩.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٩ ، حلية العلماء ٥ : ٦٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٠.

٣٣٢

ظهر فيه عيب أو استحقّ ، رجع بذلك على الضامن ، فضمان العهدة في الموضعين ضمان الثمن أو جزء منه عن أحدهما للآخَر.

وحقيقة العهدة الكتاب الذي يكتب فيه وثيقة البيع ، ويذكر فيه الثمن فغرمه عن الثمن الذي يضمنه.

مسألة ٥١٧ : وكما يصحّ ضمان العهدة للمشتري يصحّ ضمان نقصان الصنجة للبائع‌ ، فإذا جاء المشتري بصنجة ووزن بها الثمن ، فاتّهمه البائع فيها ، فضمن ضامنٌ النقصانَ إن كانت الصنجة ناقصةً ، صحّ الضمان ؛ لأنّه من ضمان العهدة.

وكذا لو ضمن رداءة الثمن إذا شكّ البائع في أنّ الثمن الذي دفعه المشتري إليه هل هو من الضرب الذي يستحقّه ، صحّ ، فإذا خرج ناقصاً ، طالَب البائعُ الضامنَ بالنقصان.

وكذا لو خرج رديئاً من غير الجنس الذي يستحقّه المشتري ، فردّه على البائع ، طالَب المشتري الضامنَ بالضرب المستحقّ له.

ولو اختلف المتبايعان في نقصان الصنجة ، فالقول قول البائع مع يمينه ؛ لأصالة عدم القبض ، فإذا حلف طالَب المشتري بالنقصان ، ولا يطالب الضامن ، على أقيس الوجهين للشافعيّة ؛ لأنّ الأصل براءة ذمّته ، فلا يطالب إلّا إذا اعترف بالنقصان أو قامت عليه البيّنة(١) .

ولو اختلف البائع والضامن في نقصان الصنجة ، صُدّق الضامن - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٢) - لأنّ الأصل براءة ذمّته ، بخلاف المشتري ، فإنّ ذمّته كانت مشغولةً بحقّ البائع ، فالأصل(٣) بقاء الشغل.

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٠.

(٣) كذا ، والظاهر : « والأصل ».

٣٣٣

ويُحتمل تقديم قول البائع ؛ لاعتضاده بالأصل.

ولو باع وشرط كون المبيع من نوع كذا ، فخرج المبيع من نوع أردأ ، ثبت للمشتري الخيار والرجوع بالثمن ، فإذا ضمن ضامنٌ ، كان له الرجوع على الضامن أيضاً.

وفيه نظر عندي ؛ إذ الثمن هنا لم يكن واجباً على البائع ، وإنّما وجب بفسخ المشتري البيع.

ولو شرط كون المبيع كذا رطلاً ، فخرج دونه ، فإن قلنا ببطلان البيع - كما هو أحد قولي الشافعي(١) - كان للمشتري الرجوع على ضامن الصنجة عن البائع.

وإن قلنا بأنّ البيع صحيح وثبت للمشتري الخيار فإذا فسخ رجع على الضامن أيضاً.

وفيه النظر الذي قلناه.

مسألة ٥١٨ : لو ضمن رجل عهدة الثمن لو خرج مستحقّاً - كما قلناه في طرف المبيع - فإذا خرج الثمن مستحقّاً ، كان للبائع مطالبة الضامن‌ بالعين التي دفعها إلى المشتري إن كان ذلك بعد الدفع ، وفيما قبله قولان للشافعي تقدّما(٢) .

ولو ضمن عهدة الثمن لو خرج المبيع مستحقّاً ، فلا شكّ في صحّته كما سبق(٣) ، إلّا من بعض الشافعيّة(٤) ، وقد بيّنّا خطأهم فيه.

أمّا لو ضمن عهدة الثمن لو خرج المبيع معيباً وردّه أو بانَ فساد البيع‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٢.

(٢) في ص ٣٣١ ، المسألة ٥١٦.

(٣) في ص ٣٣٠ ، ضمن المسألة ٥١٥.

(٤) راجع : الهامش (٣) من ص ٣٣٠.

٣٣٤

بسبب غير الاستحقاق ، كتخلّف شرطٍ معتبر في المبيع أو اقتران شرطٍ فاسد به ، فالأقوى عندي : عدم الجواز في الصورة التي خرج المبيع فيها معيباً ؛ لأنّ وجوب ردّ الثمن على البائع بسببٍ حادث ، وهو الفسخ ، والضمان سابق عليه ، فيكون ضمان ما لم يجب ، وهو أحد قولَي الشافعي(١) .

وأمّا إذا ظهر فساد البيع بسبب غير الاستحقاق من تخلّف شرطٍ معتبر أو اقتران شرطٍ فاسد به ، فالأقوى عندي : صحّة الضمان ؛ لأنّ الثمن يجب ردّه على البائع ، فأشبه ما لو بانَ الفساد بالاستحقاق ، وهو أحد قولَي الشافعي.

وفي الثاني : لا يصحّ الضمان ؛ لأنّ هذا الضمان إنّما جُوّز للحاجة ، وإنّما تظهر الحاجة في الاستحقاق ؛ لأنّ التحرّز عن ظهور الاستحقاق لا يمكن ، والتحرّز عن سائر أسباب الفساد ممكن ، بخلاف حالة ظهور الاستحقاق(٢) .

ونمنع إمكان التحرّز عن جميع أسباب الفساد.

فإن قلنا بالصحّة لو ضمن ذلك صريحاً ، قالت الشافعيّة : فيه وجهان في اندراجه تحت مطلق ضمان العهدة(٣) .

مسألة ٥١٩ : ألفاظ ضمان العهدة أن يقول الضامن للمشتري : ضمنت لك عهدته ، أو ثمنه ، أو دركه ، أو خلّصتك منه.

ولو قال : ضمنت لك خلاص المبيع والعهدة ، لم يصح ضمان الخلاص ؛ لأنّه لا يقدر على ذلك متى خرج مستحقّاً.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٢ - ١٥٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٠.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٠.

٣٣٥

وفي العهدة قولا تفريق الصفقة للشافعيّة(١) .

وقال أبو يوسف : العهدة كتاب الابتياع ، فإذا ضمن العهدة ، كان ضماناً للكتاب(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّ العهدة صار في العرف عبارةً عن الدرك وضمان الثمن ، وإذا ثبت للاسم عرفٌ ، انصرف الإطلاق إليه.

ولو شرط في البيع كفيلاً بخلاص المبيع ، قال الشافعي : بطل ، بخلاف ما لو شرط كفيلاً بالثمن(٣) .

ويشترط أن يكون قدر الثمن معلوماً للضامن إن شرطنا العلم بالمال المضمون ، فإن لم يكن ، فهو كما لو لم يكن قدر الثمن معلوماً في المرابحة.

ويصحّ ضمان الـمُسْلَم فيه للمُسْلَم إليه لو خرج رأس المال مستحقّاً بعد تسليم الـمُسْلَم فيه ، وقبله للشافعيّة وجهان ، أصحّهما عندهم : أنّه لا يصحّ(٤) .

ولا يجوز ضمان رأس المال للمُسْلِم لو خرج الـمُسْلَم فيه مستحقّاً ؛ لأنّ الـمُسْلَم فيه في الذمّة ، والاستحقاق لا يتصوّر فيه ، وإنّما يتصوّر في المقبوض ، وحينئذٍ يطالب بمثله لا برأس المال.

مسألة ٥٢٠ : ضمان المال - عندنا - ناقل للمال من ذمّة المديون إلى ذمّة الضامن على ما يأتي.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٠.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٦٦ ، وانظر : المغني ٥ : ٧٧ ، والشرح الكبير ٥ : ٨٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٠.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨١.

٣٣٦

وفي ضمان الأعيان المضمونة والعهدة إشكال أقربه عندي : جواز مطالبة كلٍّ من الضامن والمضمون عنه بالعين المغصوبة.

أمّا الضامن : فللضمان.

وأمّا المضمون عنه : فلوجود العين في يده أو تلفها فيه.

وفي العهدة إن شاء المشتري طالَب البائع ، وإن شاء طالَب الضامن ؛ لأنّ القصد هنا بالضمان التوثيق لا غير.

ولا فرق بين أن يخرج المبيع مغصوباً ، وبين أن يكون شقصاً قد ثبتت فيه الشفعة ببيعٍ سابق ، فأخذ الشفيع بذلك البيع.

ولو بانَ بطلان البيع بشرطٍ أو غيره ، ففي مطالبة الضامن للشافعيّة وجهان :

أحدهما : يُطالب ، كما لو خرج مستحقّاً ، وهو الذي قلنا نحن به.

والثاني : لا يُطالب ؛ للاستغناء عنه بإمكان حبس المبيع إلى استرداد الثمن ، لأنّ السابق إلى الفهم من ضمان العهدة هو الرجوع بسبب الاستحقاق(١) .

وليس بجيّد ، بل بسبب الاستحقاق والفساد.

ولو خرج المبيع معيباً فردّه المشتري ، ففي مطالبة الضامن بالثمن عندي إشكال.

وللشافعيّة وجهان ، قالوا : وأولى بأن لا يطالب فيه ؛ لأنّ الردّ هنا بسببٍ حادث ، وهو [ مختار ](٢) فيه ، فأشبه ما إذا(٣) فسخ بخيار شرط أو مجلس ، أو تقايلا(٤) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٣ - ١٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨١.

(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) في « ر ، ث » : « لو » بدل « إذا ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨١.

٣٣٧

وهذا إذا كان العيب مقروناً بالعقد ، أمّا لو حدث في يد البائع بعد العقد ، قال بعض الشافعيّة : لا يطالب الضامن - وهو المعتمد عندي - لأنّ سبب ردّ الثمن لم يكن مقروناً بالعقد ولم يوجد من البائع تفريط فيه ، وفي العيب الموجود عند البيع سبب الردّ مقرون بالعقد ، والبائع مفرط بالإخفاء ، فأُلحق بالاستحقاق(١) .

ولو تلف المبيع قبل القبض بعد قبض الثمن وانفسخ العقد ، فهل يطالب الضامن بالثمن؟ إن قلنا : إنّ البيع ينفسخ من أصله ، فهو كظهور الفساد بغير الاستحقاق. وإن قلنا : ينفسخ من حينه ، فكالردّ بالعيب.

مسألة ٥٢١ : لو خرج بعض المبيع مستحقّاً ، كان البيع في الباقي صحيحاً ، وللمشتري فسخه على ما تقدّم‌(٢) .

وللشافعي في صحّة البيع في الباقي قولا تفريق الصفقة(٣) .

فعلى ما اخترناه وعلى قوله بالصحّة في تفريق الصفقة إذا أجاز المشتري بالحصّة من الثمن ، طالَب المشتري الضامنَ بحصّة المستحقّ من الثمن. وإن أجاز بجميع الثمن ، لم يكن له مطالبة الضامن بشي‌ء.

وللشافعيّة قولان في أنّه هل يجيز بجميع الثمن أو بالحصّة؟(٤) .

والحكم على ما قلناه.

وإن فسخ ، طالَب الضامن بحصّة المستحقّ من الثمن ، وأمّا حصّة الباقي من الثمن فإنّه يطالبه بها البائع.

وهل له مطالبة الضامن؟ أمّا عندنا فلا.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨١.

(٢) في ج ١٢ ، ص ٦ ، ضمن المسألة ٥٥٠.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨١.

٣٣٨

وللشافعي قولان(١) ، كما لو فسخ بالعيب.

وعلى القول الثاني للشافعي في بطلان البيع مع تفريق الصفقة فله طريقان :

أحدهما : أنّه كما لو بانَ فساد العقد بشرطٍ ونحوه.

والثاني : القطع بتوجيه المطالبة ؛ لاستناد الفساد إلى الاستحقاق ، لأنّ فسخ العقد ثبت له بسبب الاستحقاق ، وما ثبت له بسبب الاستحقاق يرجع به على ضامن العهدة ، كما لو كان الكلّ مستحقّاً(٢) .

هذا إذا ضمن بالصيغة المذكورة أوّلاً ، أمّا إذا كان قد عيّن جهة الاستحقاق ، فقال : ضمنت لك الثمن متى خرج المبيع مستحقّاً ، لم يطالب بجهةٍ أُخرى.

وكذا لو عيّن جهةً أُخرى ، لا يطالب عند ظهور الاستحقاق.

مسألة ٥٢٢ : لو اشترى أرضاً وبنى فيها أو غرس ثمّ ظهر استحقاق الأرض ، وقَلَع المستحقّ البناء والغراس‌ ، فهل يجب على البائع أرش النقصان ، وهو ما بين قيمته قائماً ومقلوعاً؟ فيه خلاف يأتي ، والظاهر وجوبه ، وبه قال الشافعي(٣) .

وقال أبو حنيفة : إن كان البائع حاضراً ، رجع المشتري بقيمة البناء والغراس عليه قائماً ، ثمّ المستحقّ إن شاء أعطى البائع قيمته مقلوعاً ، وإن شاء أمر بقلعه. وإن كان البائع غائباً ، قال المستحقّ للمشتري : إن شئت‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨١ - ٤٨٢.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٢.

٣٣٩

أعطيتك قيمته مقلوعاً ، وإلّا فاقلعه ، فإن قَلَعه ، رجع المشتري بقيمته على البائع مقلوعاً ؛ لأنّه سلّمه إليه مقلوعاً(١) .

وإذا قلنا بوجوب الأرش على البائع ، فلو ضمنه [ ضامن ](٢) ، فإن كان قبل ظهور الاستحقاق ، لم يصح عند الشافعي ؛ لأنّه مجهول. ولأنّه ضمان ما ليس بواجب.

وإن كان بعد الاستحقاق وقبل القلع ، فكمثله(٣) .

وقال أبو حنيفة : يصحّ في الصورتين(٤) .

فإن ضمنه بعد القلع وكان قدره معلوماً ، صحّ ، وإلّا فقولان.

وإن ضمن ضامنٌ عهدة الأرض وأرش [ نقص ](٥) البناء والغراس في عقدٍ واحد ، قال الشافعي : لم يصح في الأرش ، وفي العهدة قولا تفريق الصفة(٦) .

ولو كان البيع بشرط أن يعطيه كفيلاً بهما ، فهو كما لو شرط في البيع رهناً فاسداً عند الشافعي(٧) .

وقال جماعة من الشافعيّة : إنّ ضمان نقصان البناء والغراس كما‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٤ - ١٥٥.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « منه ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٥.

(٥) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٦) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٢.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٣.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510