تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

تذكرة الفقهاء11%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: 510

الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 510 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 406493 / تحميل: 5181
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

بَين أيديهم ومن خَلفِهِم ، وعَن أيمانِهِم وعن شَمائِلهِم ، ومن حَيثُ شِئتَ ، وَمِن أينَ شِئتَ ، وكَيفَ شِئتَ ، وأنّى شِئتَ ، حَتى لا يَصلَ إليَّ واحِدٌ مِنهُم بِسوءٍ.

اللّهُمَّ واجعلني في حِفظكَ وسِترِكَ وجوارِكَ ، عَزَّ جارُكَ ، وجَلَّ ثَناؤُكَ ، ولا إلهَ غَيرُكَ. اللّهُمَّ أنتَ السُّلامُ ، ومنكَ السُّلامُ ، أسألُكَ يا ذَا الجَلالِ والإكرام فكاكَ رَقَبتَي من النَّار ، وأن تُسكنني دارَ السُّلامِ.

اللّهُمّ إنّي أسألكَ من الخير كُلِّهِ عاجِلِهِ وآجِلِهِ ، ما عَلِمتُ مِنه وما لم أعلم. اللّهُمّ وإنّي أسألًكَ خير ما أرجو ، وأعُوذُ بِكَ من شَرِّ ما أحذر ، ومن شَرَّ ما لا أحذرُ ، وأسألكَ أن تَرزُقني من حَيثُ أحَتسبُ وَمن حَيثُ لا أحتسَبُ.

اللّهُمَّ إنّي عَبدُكَ ( و )(١) ابن عَبدِكَ وابنُ أمتِكَ ، وفي قَبضَتِكَ ، ناصيتي بيدِكَ ماضٍ فيَّ حُكمكَ ، عَدلٌ فيَّ قضاؤكَ ، وأسألُكَ بكُلِّ اسمٍ هُوَ لَكَ سَميَّتَ بهِ نَفسَكَ ، أو أنزلتهُ في شَيءٍ من كُتُبكَ ، أو عَلَّمتَهُ أحَداً من خَلقِكَ ، أو أستَأثرتَ بهِ في عِلمِ الغَيبِ عِندَكَ ، أن تُصلَّي على مُحمّدٍ النَّبيّ الأمي عَبدِكَ ورَسوُلِكَ وخِيرتِكَ من خَلقِكَ ، وعلى آل مُحمّدٍ الطّبيينَ الأخيارِ ، وأن تَرحَمَ مُحمّداً وآلَ مُحمّدٍ ، وتُبارِكَ على مُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ كما صَلَّيتَ ( وباركت )(٢) على إبراهِيمَ وآلِ إبراهِيمَ أنّكَ حَميدٌ مَجيدٌ ، وأن تَجعَلَ القرآنَ

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٢) اثبتناه من الرواية الأولى في نسخة « ن ».

٢٤١

نُورَ صَدري ، ورَبيعَ قَلبي ، وجَلاءَ حُزني ، وذهابَ هَمي ، واشرح به صَدري ويسِّر به أمري ، واجَعلهُ نُوراً في بَصري ، ونُوراً في سَمعي ، ونُوراً في مُخي ، ونُوراً في عِظامي ، ونُوراً في عَصبي ، ونُوراً في شَعري ، ونُوراً في بَشري ، ونُوراً من فوقي ، ونُوراً من تَحتي ، ونُوراً عَن يَميني ، ونُوراً عن شمالي ، ونُوراً في مَطعمي ، ونُوراً في مَشربي ، ونُوراً في مَحشَري ، ونُوراً في قَبري ، ونُوراً في حَياتي ، ونُوراً في مماتي ، ونُوراً في كُلِّ شيءٍ مِني ، حَتى تُبَلّغني بِه إلى الجَنَّةِ ، يا نُورَ السّماواتِ والأرضِ ، أنتَ كَما وصَفتَ نَفسَكَ في كِتابِكَ على لِسانِ نَبيكَ ، وقَولكَ الحَقُّ ، تَباركَتَ وتَعاليتَ قُلتَ( اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (١) .

اللّهُمَّ فَاهدِني بنُورك ، وأيّدني لِنورِكَ ، واجعَل لي في القيامَةِ نُورَاً بين يَدَيَّ ومن خَلفي ، وعَن يَميني وعَن شِمالي ، تهديني بِهِ إلى دارِكَ دار السُّلام يا ذَا الجَلالِ والإكرام. اللّهُمَّ إني أسألُكَ العَفو والعافِية في الدّنيا والآخِرَةِ ، اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ العَفوَ والعافِيةَ في كُلّ شَيءٍ أعطَيتني ، اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ العَفو والعَافية في أهلي ومالي ووُلدي وكُلّ شَيءٍ أحبَبتَ

__________________

(١) النور ٢٤ : ٣٥.

٢٤٢

أن تُلبسَني في العافيِةَ.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّد وآلِ مُحمّدٍ وأقلِني عَثرتي ، وآمِن رَوعَتي ، واحفَظني من بَينَ يَدَيَّ ومن خَلفي ، وعَن يَميني وعن شِمالي ، ومن فَوقي ومن تَحتي ،( اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (١) .

يا رَحمانَ الدُّنيا والآخِرة ورَحيَمهُما صَلِّ على مُحمّدٍ وآلِهِ ، واغفر لي ذَنبي ، واقضِ عَني دَيني ، واقض لي جَميعَ حَوائجي ، أسألُكَ ذلِكَ بأنّكَ مالِكٌ ، وأنّكَ عَلى كُلّ شَيء قَديرٌ وأنّكَ ما تشاءُ من أمرٍ يَكُن. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ إيماناً صادِقاً وَيقيناً لَيسَ بَعَدهُ ( شك )(٢) ، وتَواضعاً لَيسَ بَعدَهُ كبر ، وَرحمةً أنالُ بِها شَرَفَ الدُّنيا والآخِرَةِ(٣) .

اليوم السابع والعشرون :

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ رحمةً من عِندِكَ تَهدي بها قَلبي ، وتَجمعُ بها أمري ، وَتَلُمُّ بها شَعثي ، وتُصلحُ بها ديني ، وتَحفَظُ بها عيالي ، وتَرفَع بها

__________________

(١) آل عمران ٣ : ٢٦ ـ ٢٧.

(٢) من نسخة « ك » شكر ، واثبتنا ما في الرواية الأولى من نسخة « ن ».

(٣) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٢٣ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨ باختلاف فيه.

٢٤٣

شَهادَتي ، وتُكثرُ بِها مالي ، وتُزيدُ بها في رِزقي وَعُمري ، وتُعطيني بها كُلّما أُحبّ ، وتَصرِفَ عني ما أكرَهُ ، وتُبَيِّض بها وجهي ، وَتَعصِمني بها من كُلّ سوءٍ.

اللّهُمَّ أنت الأوَّلُ فَلا شَيءَ قَبلَكَ ، وأنت الآخرُ فَلا شَيءَ بَعدَكَ ، ظَهرتَ فَبطَنت ، وبَطنتَ فَظَهرتَ ، عَلَوتَ في ذُنوّكَ ، ودَنوتَ في عُلُوكَ ، أسالُكَ أن تُصَلي على مُحمّدٍ وآلِهِ ، وأن تَصلحَ لي ديني الَّذي هُوَ عصمة أمري ، وتُصلحَ دنياي التي فيها مَعيشتي ، وأن تُصلحَ لي آخرتي التي إليها مُنقلبي ، وأن تَجعَلَ الحَياةَ زِيادَةً لي في كُلِّ خَيرٍ ، وأن تَجعلَ المَوت راحةً لي من كُلِّ سوءٍ.

اللّهُمَّ لَكَ الحَمد قَبل كُلّ شيء ، ولك الحمد بعد كُلّ شيء ، يا صَريخ المَكروُبين ، يا مُجيبَ دَعوة المُضطرينَ ، يا كاشِفَ الكربِ العَظيم ، يا أرحَمَ الراحِمينَ ، إكشف غَمّي وكربي ، فَانَّهُ لا يَكشفُهُ غَيرُكَ ، تَعلَم حالي وحاجَتي.

اللّهُمَّ لَكَ الحَمد كُلّهُ ، ولَكَ المُلكُ كُلّه ، وَبِيدكَ الخَير كُلّه ، وإليكَ يَرجَعُ الأمر كُلّهُ ، عَلانيتُهُ وسِرُّهُ ، لا هادِي لَمِن اضلَلت ، ولا مُضِلِّ لَمِن هديتَ ، ولا مانَعَ لِما أعطَيتَ ، ولا مُعطي لما مَنعَتَ ، ولا مُؤَخّرَ لِما قَدّمتَ ، ولا مُقَدِّم لما أخَّرت ، ولا باسِطَ لِما قَبضت ، ولا قابِضَ لِما بَسطتَ.

اللّهُمَّ ابسط عَلَينا بَرَكاتكَ ورَحمتكَ وفَضلكَ ورِزقكَ ، اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ الغنى يَومَ الفَقر ، وأسألُكَ الأمنَ يَومَ الخَوفِ. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ

٢٤٤

النَّعيم المُقيم الَّذي لا يَزولُ ولا يَحولُ. اللّهُمَّ رَبِّ السّماواتِ السَّبعِ وما فيهنَّ وما بَيَنهُنَّ ورَبِّ العَرش العظيم ، رَبَّنا ورَبِّ كُلّ شيءٍ ، مُنزِل التَّوراة والإنجيلِ والفُرقانِ العظيمِ ، فالِق الحَبِّ والنَّوى ، أعُوذُ بِك من شَرِّ كُلّ دابةٍ أنتَ آخِذٌ بناصِيتها ، أنّكَ على صِراطٍ مُستقيمٍ.

اللّهُمَّ أنتَ الأولُ فَلا شَيءَ قَبلَكَ ، وأنتَ الآخِرُ فَليسَ بَعدكَ شيءٌ ، وأنتَ الظاهِر فُليسَ فَوقكَ شيءٌ ، وأنتَ الباطنُ تُخبِرُ كُلَّ شَيء ، وأنتَ الآخِرُ فَلَيسَ بَعدَكَ شَيءٌ ، صَلِّ عَلى مُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ وافعَل بي ما أنتَ أهَلُهُ.

بسمِ اللهِ وبِاللهِ ، بِاللهِ أؤمِنُ ، وبِاللهِ أعُوذُ ، وباللهِ ألوذُ ، وباللهِ أعَتصِمُ ، وبِعِزَِّته ومنعَتِهِ أمتنعُ من الشَّيطانِ الرَّجيم وَعَملِهِ وخَيلِهِ ورَجلِهِ ، وَشركُلّ دابةٍ تزحفُ معهُ. وأعُوذُ بِكُلِماتِ اللهِ التّامّاتِ التي لا يُجاوِزُهُنَّ بَرٌّ ولا فاجِر ، وبِأسماءِ اللهِ الحُسنى كُلّها ، ما عَلِمتُ مِنها وما لَم أعلَم به ، من شَرَّ ما خَلَقَ وذَرَأ وبَرَأ ، ومن شَرِّ كُلّ طارِقٍ إلاّ طارِقاً يَطرقُ بِخَيرٍ ، يا رَحمانُ.

اللّهُمَّ إني أعوذُ بِكَ من شَرِّ نَفسي ، ومن شَرِّ كُلِّ عَينٍ ناظِرةٍ ، ومن شَرِّ كُلّ أُذنٍ سامِعَةٍ ، ولِسانٍ ناطِقٍ ، وَيَدٍ باسطَةٍ ، وَقَدمٍ ماشِيةٍ ، وما أخفَيتُهُ في نَفسي ، في لَيلي ونَهارِي ، اللّهُمَّ من أرادَني بِبغي أو عَيب ، أو مَساءةٍ أو سوءٍ ، أو مكروهٍ ، أو خِلافٍ ، من جِنٍّ أو إنسٍ ، قَريبٍ أو بَعيدٍ ، صَغيرٍ أو كبيرٍ ، فَأسألُكَ أن تخرجَ صَدرَهُ ، وتمسكَ يَدَهُ ، وتَقصرَ

٢٤٥

قَدَمَهُ ، وتَفحَمَ لِسانَهُ ، وتَعمي بَصَرَهُ ، وتَقمَعَ رَأسَهُ ، وَترُدَّهُ بِغَيظهِ ، وتَحول بَيني وبَينَهُ ، وتَجعَلَ لَهُ شاغِلاً من نَفسِهِ ، وتُميتَهُ بِغَيظِهِ ، وتكفينيهِ ، بِحولِكَ وقُوّتِكَ أنّكَ على كُلّ شيءٍ قَديرٌ(١) .

اليوم الثامن والعشرون :

اللّهُمَّ إنّي أعُوذُ بكَ من كُلّ شيءٍ هُو دونكَ. اللّهُمَّ لا تَحرِمني ما أعطَيتَني ، ولا تَفتني بما مَنَعتنَي. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ خَيرَ ما تُعطي عِبادَكَ مِنَ الأمانَةِ والمالِ والأهلِ وَالوَلدَ النّافعِ غَير الضّارِ ولاَ المُضِرِّ. اللّهُمَّ إني إليكَ فقيرٌ ، وإني مِنكَ خائِفٌ مُستَجيرٌ بِكَ.

اللّهُمَّ لا تُبدِل اسمي ، ولا تُغَيّر جِسمي ، ولا تُجهِد بَلائي ، اللّهُمَّ إنّي أعُوذُ بِكَ من غنىً يُطغي ، أو هوىً يُردي ، أو عَملٍ يُخزي. اللّهُمَّ اغفِر لي جُرمي ، واقبَل تَوبتي ، واظهر حُجّتي ، واستُر عَورَتي ، واجَعَل مُحمّداً وآلِهِ والأنبياءِ المُصطَفينَ يَستَغفِرونَ لي.

اللّهُمَّ إنّي أعوَذُ بِكَ أن أقولَ قَولاً هُوَ من طاعَتِكَ أريدُ بِه سِوى وَجهكَ ، وأعَوذُ بِكَ أن يَكون غَيري أسَعَدَ بما آتَيتَني منّي. اللّهُمَّ وإنّي أعَوذُ بِكَ من شَرّ الشَّيطانِ ، وشَرِّ السُّلطانِ ، وما تَجري بِه أقلامُهُم. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ عَمَلاً بارّاً ، وعَيشاً قارّاً ، ورِزقاً دارّاً.

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٣٥ ، ونقل المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨ باختلاف فيه.

٢٤٦

اللّهُمَّ كَتَبتَ الآثامَ واطّلَعتَ على الأسرارِ ، وَحُلْتَ بَيَننا وَبَينَ القُلُوب. والقُلوبُ إليكَ مفضيةٌ ، والسِّرُّ عِندَكَ عَلانِيةٌ ، وإنِّما أمرُكَ إذا أرَدتَ شَيئاً أن تَقُولَ لَهُ : كُن ، فَيَكونُ.

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بِرَحمتِكَ أن تدخلَ طاعَتَكَ في كُلّ عُضوٍ من أعضائي ثمَّ لا تُخرِجُها مِنّي أبداً. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بِرحمتكَ أن تخرجَ مَعصيتَكَ من كُلّ عُضوٍ من أعضائي ثُمَّ لا تُعيدُها في أبَداً. اللّهُمَّ أنّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعفُ عَنّي. اللّهُمَّ كُنتَ وَتكَون وأنتَ حَيٌّ قَيوّمٌ لا تَنامُ ، تَنامُ العُيونُ وتَغورُ النُّجوم وأنتَ الحَيُّ القَيوُّمُ ، لا تأخُذُكَ سِنَةٌ ولا نَومٌ ، فَرِّج عَنّي هَمِّي ، اللّهُمَّ واجعَل لي من أمري فَرَجاً ومَخرَجاً ، وثَبتَ رَجاءَكَ في قَلبي حتى تُغنيني بِه عَن رَجاءِ مَن سِواكَ ، وحَتى لا يَكوُنَ ثِقتي إلاّ أنتَ.

اللّهُمَّ لا تَكتبني من الغافلين. اللّهُمَّ لا تَستَدرِجني بِخطيئتي ، ولا تَفضحني بِسريرتي. اللّهُمَّ إنّي أعَوذُ بِكَ أن أضِلَ عِبادكَ ، واستريب إجابَتكَ. اللّهُمَّ إنّ لي ذُنُوباً قد أحصَتها كُتُبكَ ، وأحاطَ بها عِلمُكَ ، ونَفَذَها بَصَرُكَ ، ولَطُفَ بها خَبركَ ، وكتبَتها مَلائِكتُكَ. اللّهُمَّ فلا تُسَلّطُ عَلَيّ في الدّنيا ولا في ما بَعدها مَن لم يَخلُقني ولَم يَرحَمني ، ومَن أنتَ أولى بِرَحمتي مِنهُ. اللّهُمَّ وما سَتَرت عَلَيّ من تِلكَ العُيوبِ والعَوراتِ ، وأخَّرت من تِلكِ العُقُوباتِ ، مَكراً مِنكَ واستدراجاً ، لِتأخُذَني بِها يَومَ القيامة ، وتَفضحني بها عَلى رُؤوسِ الخَلائِق ، فَاعفُ عَنّي في الدّارينَ كَلتيهما ، فَأنّكَ غَفورٌ رَحيمٌ.

٢٤٧

اللّهُمَّ أنْ لم اُكن أهلاً أن أبلُغَ رَحَمتكَ فَإنَّ رَحَمتَكَ أهلٌ أن تبلُغني ، فإنَّها وسَعتَ كُلّ شَيء ، فَلتَسعني رَحَمتك يا أرحَمَ الرّاحِمينَ. اللّهُمَّ وإن كنتَ خَصَصت بِذلِكَ عِباداً أطاعُوكَ فيما أمَرتَهُم به ، وعَمِلوُا فيما خَلَقتهَمُ لَهُ ، فَإنَّهمُ لَن يَناَلُوا ذِلكَ إلاّ بكَ ، ولا يُوفِقهُم لَهُ إلاّ أنتَ ، كانَتَ رَحَمتُكَ إيّاهُم قَبلَ طاعَتِهِم لَكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ. اللّهُمَّ فخصّني يا سَيدي ومَولايَ ، ويا إلهي ويا كَهفي ، ويا حِرزي ويا كَنزي ، ويا قُوتي ويا رَجائي ، ويا خالِقي ويا رازقي ، بِما خَصَصتَهُم به ، ووَفِقني لِما وفقتهم لَهُ ، وارحَمني كما رَحمتَهُم يا أرحَمَ الرّاحميِنَ.

يا مَن لا يَشغلُهُ سَمعٌ عن سمعٍ ، يا مَن لا يُغَلِّطُهُ السّائِلُونَ ، يا مَن لا يُبرِمُهُ إلحاحُ المُلحِيّنَ ، أذِقنا بِردَ عَفوك ، وحَلاوَةَ مَغفِرتِكَ ، وطيبَ رَحَمتِكَ.

اللّهُمَّ إنّي أسَتَغفرُكَ مَمّا تُبتُ إليكَ مِنهُ ثُمَّ عُدتُ فيه ، وأستَغفِرُ كَلِما وَعَدتُكَ من نَفسي ثم أخلَفتُكَ ، وأستَغفِرُكَ لِكلِ أمرٍ أرَدتُ به وَجهك فَخالَطَني فيه ما لَيسَ لَكَ ، وأستَغفركَ لِكُلّ النِّعمِ التَّي أنَعمتَ بها عَلَيّ فَقويتُ بِها عَلى مَعصيتِكَ ، وأستَغفِرُكَ مِمّا دَعاني إليهِ الهَوى من قبول الرُّخَصِ فيما أتَيتُهُ واشتَبَه عَلَيَّ مِمّا هُوَ حَرامٌ عِندَكَ ، وأستَغفِرُكَ لِلذّنوبِ التي لا يَعْلُمها غَيرُكَ ، ولا يَسَعُها إلاّ حِلمُكَ وعَفَوكَ ، وأستَغفِرُكَ لكُلِّ يَمينٍ سَبقَت مني حَنثتُ فيها عِندَكَ ، يا مَن عَرَّفَنا نَفسهُ لا تَشغُلُنا بِغَيرِكَ ، وأسقِط عنّا ما كانَ لِغَيركَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ(١) .

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٤٧ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨ باختلاف فيه.

٢٤٨

اليوم التاسع والعشرون :

لا إلهَ إلاّ اللهُ الحَليمُ الكَريمُ ، لا إلهَ إلاّ الله العَليُّ العَظيمُ ، سُبحانَ الله رَبِّ السّماواتِ السَّبع وما فيهِنَّ وما بَينهُنَّ ورَبِّ الأرَضينَ السَّبع وما فيهنَّ وما بَينَهُنَّ ورَبِّ العَرشَ العظيمِ ، والحَمدُ لله رَبِّ العالمينَ ، وتَباركَ اللهُ أحَسنُ الخالقينَ ، ولا حَولَ ولا قُوّة إلاّ بالله العَلي العَظيم.

اللّهُمَّ ألبسني العافية حتى تهنيني المعيشة ، واختم لي بالمغفِرة حَتى لا تَضُرنّي مَعَهَا الذُّنوبُ ، واكفِني نَوائِبَ الدُّنيا وهُمُومَ الآخِرَة حَتّى تُدخلني الجَنَّةَ بِرحَمتِكَ أنّكَ على كُلّ شَيءٍ قَديرٌ.

اللّهُمَّ إنّكَ تَعَلم سَريرَتي فاقبَل مَعذِرتي ، وتَعلَمُ حاجَتي فَاعطِني مَسألَتي ، وتَعلُم ما في نَفسي فَاغِفر لي ذُنوبي ، اللّهُمَّ أنتَ تَعلَمُ حوائِجي وتَعَلمُ ذُنُوبي. فَاقضِ لي جَميعَ حَوائِجي ، واغفِر لي جَميعَ ذُنوبي.

اللّهُمَّ أنتَ الرَبِّ وأنا العَبدُ ، وأنتَ المالِكُ وأنا المَملُوكُ ، وأنتَ العزيزُ وأنا الذَّليلُ ، وأنتَ الحَيُّ وأنا خَلَقتَني للمِوتِ ، وأنتَ القَويُّ وأنا الضَّعيفُ ، وأنتَ الغَنيُّ وأنَا الفَقيرُ ، وأنتَ الباقي وأنا الفاني ، وأنتَ المُعطي وأنا السائِلُ ، وأنتَ الغَفُورُ وأنَا المُذنِبُ ، وأنتَ السَّيّدُ وأنا العَبدُ ، وأنتَ العالِمُ وأنَا الجاهِلُ ، عَصَيتُكَ بِجَهلي ، وارتَكَبتُ الذُّنوبَ بِجَهلي ، وألَهْتني الدُّنيا بِجَهلي ، وسَهَوتُ عَن ذِكرِكِ بِجهَلي ، وركَنتُ [ إلى ] الدُّنيا بِجَهلي ،

٢٤٩

واغتَررتُ بِزينَتها بِجهلي ، وأنتَ أرحَمُ بي مني بِنفسي ، وأنتَ أنظر لي مِنّي لِنفسي ، فَاغفِر وارحَم وتَجاوَز عَمّا تَعلَمُ ، فإنّكَ أنتَ الأعَزُ الاكرمُ.

اللّهُمَّ اهدِني لأِرشَدِ الأُمور وقِني شَرَّ نَفسي. اللّهُمَّ أوسِع لي في رِزقي ، وأمدُد لي في عُمري ، واغفِر لي ذُنوبي ، واجعَلني ممَّن تَنتصِرُ به لِدينِكَ ولا تَستبدِل بي غَيري ، يا حَنّانُ يا مَنّانُ ، يا حَيُّ يا قَيوُّمُ ، فرِّغ قلبي لِذِكرِكَ.

اللّهُمَّ رَبِّ السّماواتِ السّبعِ وما بَينهُنَّ ، ورَبِّ [ السبع ] المَثاني والقرآنِ العَظيم ، ورَبِّ جَبرئيلَ وميكائيلَ ، ورَبِّ المَلائِكةِ أجمعَين ، ورَبِّ مُحمّدٍ خاتَمِ النَّبيّينَ والمُرسَلينَ أجمعينَ ، صَلِّ عَلى مُحمّدٍ وآلِهِ واغنني عَن خِدمَةِ عِبادِكَ ، وفَرّغني لِعبادَتِكَ باليسار والكِفايةِ والقنوعِ وَصدقِ اليَقينِ في التّوكُلّ عَليكَ.

اللّهُمَّ [ و ] أسألُكَ باسمكَ الَّذي تَقُومُ به السّماواتِ السَّبع ومَن فيهِنَّ وما بَينهُنَّ ، وبه تَرزُقُ الأحياءَ ، وبه أحصَيتَ وزنَ الجِبالِ ، وبِه احصيتَ البحار ، وبه أحصَيتَ عَددَ الرّمالِ ، وبه تُمتِ الأحياء ، وبه تُحيي المَوتى ، وبه تُعزُّ الذَليلَ ، وبه تُذِلُّ العزيزَ ، وبِه تَفعَلُ ما تَشاءُ ، وبه تَقُولُ للشيء :كن فيكون ، وإذا سألك به سائل اعطيته سؤله ، أسألُكَ باسمك الأعظَمِ الأعظَمِ ، الَّذي إذا سَألكَ به السائِلونَ أعطَيتَهُم سُؤلَهُم ، وإذا دَعاكَ به الدّاعُونَ أجَبتَهُم ، وإذا اسَتجارَ بِكَ المُستَجيرُونَ أجَرتَهُم ، وإذا دَعاكَ به المُضطرُّون أنقَذتَهُم ، وإذا تَشَفّعَ به إليكَ المُتَشفّعونَ شَفَعتَهُم ، وإذا

٢٥٠

استَصرخَكَ به المُستصرخُونَ أصرَخَتهُم ، وإذا ناجاكَ به الهارِبُونَ إليكَ سَمِعتَ نِداءهُم وأعنتَهُم ، وإذا أقبلَ إليكَ التّائِبونَ قَبلتَ تَوبتَهُم.

فَأنَا أسألُكَ ـ يا سَيَّدي ويا مَولاي ويا إلهي ويا قُوّتي ويا رَجائي ويا كَهفي ويا رُكني ويا فَخري ، ويا عِدَّتي لِديني ودُنيايَ وآخِرَتي ـ بِاسمكَ الأعظَمِ ، وأدعُوك بِه لِذَنبٍ لا يَغفِره غَيرُكَ ، ولِكربٍ لا يَكشِفُهُ سِواكَ ، ولِضُرّ لا يَقدِرُ عَلى إزالَتِهِ عَنّي إلاّ أنتَ ، ولِذنُوبي التي بارَزتُكَ بِها ، وقَلَّ مِنها حَيائي عِندَ ارتكابي لَها ، فَها أنا قد أتَيتُكَ مُذنباً خاطِئاً ، قَد ضَاقَت عَلَيّ الأرضُ بِما رَحُبت ، وضَلّت عَنَّي الحيلُ ، وعَلِمتُ أن لا مَلجأ ولا مَنجاً مِنكَ إلاّ إليكَ ، وها أنَا ذا بَينَ يَدَيكَ ، قَد أصبحتُ وأمسيتُ مُذنِباً خاطِئِاً ، قد ضاقَتَ عَليّ الأرضُ ، فَقير ( محتاجاً )(١) ، لا أجِدُ لِذَنبي غافِراً غَيرَكَ ، ولا ( لِكَسري )(٢) جابراً سِواكَ ، ولا لِضُرّي كاشِفاً إلاّ أنتَ. وأنا أقُولُ كما قالَ عَبدُكَ ذُو النّوُنِ حينَ تُبتَ عَلَيهِ ونَجَيتهُ من الغَمِّ ، رَجاءً أن تَتوُبَ عَلَيَّ وتُنقِذُني من الذُّنوبِ يا سَيّدي( لا إِلَٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (٣) .

وأنا أسألُكَ يا سَيّدي ومَولايَ بِاسمِكِ العَظيم الأعظمِ أن تَستَجيبَ لي دُعائي ، وأن تُعطِيني سُؤلي ، وأن تُعجِّل لي الفَرَجَ من عِندِكَ

__________________

(١) في نسخة « ك » : محتالاً ، وفي نسخة « ن » : محتلاً ، واثبتنا ما في نسخة المجلسي.

(٢) في نسخة « ك » : لشكواي ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

(٣) الانبياء ٢١ : ٨٧.

٢٥١

بِرحَمتِكَ في عافيةٍ ، وأن تُؤمِنَ خَوفي في أتَم النّعمةِ ، وأعظَمِ العافيةِ ، وأفضَلِ الرزقِ والسّعة والدَّعَةِ ، وما لَم تَزَلْ تُعَوِّدنيهِ يا إلهي ، وتَرزُقَني الشّكرَ عَلى ما تُؤتيَني ، وتَجعَلَ ذلِكَ تاماً أبَداً ما أبقَيتَني ، وتَعفُو عن ذُنوبي وخَطايايَ وأسرافي عَلى نَفسي وإجرامي إذا تَوَفيَتني ، حتى تَصِلَ لي سَعادَةَ الدُّنيا بِنَعيم الآخِرَةِ.

اللّهُمَّ بِيدِكَ مَقاديرُ اللَيل والنَّهار ، وبِيدِكَ مقاديرُ الشمسِ والقَمر ، وبيدِكَ مَقاديرُ الخَير والشَّرِّ ، اللّهُمَّ فَباركَ لي في ديِني ودُنيايَ وآخِرَتي ، اللّهُمَّ وباركَ لي في جَميع أُموري.

اللّهُمَّ لا إلهَ إلاّ أنتَ ، وعدكَ حَقٌ ، ولِقاؤُكَ حَقٌ ، فَصَلِّ عَلى مُحمّدٍ وآلِهِ ، وَاختِمْ لي أجَلي بافضَلِ عَمَلي ، حَتّى تَتَوفّاني وقَد رضَيتَ عَنّي يا قيّومُ ، يا كاشِفَ الكَربِ العَظيمِ ، صَلَّ على مُحمّدٍ وآله ، وَوسِّع علَيّ مِن طيب رِزقكَ حسب جودِكَ وكَرَمِكَ.

اللّهُمَّ أنّكَ تَكَفَّلتَ بِرِزقي ورِزقِ كُلّ دابةٍ ، يا خَيرَ مَدعُوٍ ، ويا خَيرَ مَسؤولٍ ، يا أوسَعَ مُعطٍ وأفضَلَ مَرجُوٍ ، وسِّع لي في رِزقي ورِزقِ عَيالي.

اللّهُمَّ اجَعلْ فيما تَقضي وفيما تقدِّرُ من الأمرِ المَحتوم ، وفيما تَفرِقُ مِن الأمِر الحكيمِ في لَيلَةِ القَدر ، في القَضاءِ الَّذي لا يُردُّ ولا يُبدَّلُ ، أن تُصلّيَ عَلَى مُحمّدٍ وآلهِ ، وأن تَرحَمَ مُحمّداً وآل مُحمّدٍ ، وأن تُبارِكَ على مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ ، كما صَلَّيتَ وباركَتَ وتَرَحَّمت عَلى إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ أنّكَ حَميدٌ مَجيدٌ ، وأن تَكتُبَني من حُجّاجِ بَيتِكَ الحَرامِ ، المَبرورِ حَجهُّمُ ،

٢٥٢

المَشكور سَعيُهُم ، المَغفور ذُنُوبهُم ، المُكفَّر ( عَنْهُم )(١) سَيّئاتِهِم ، الواسِعةِ أرزاقُهُم ، الصحيحةِ أبدانهُم ، المُؤمِنَ خَوفَهُم ، واجعَل فيما تقضي وفيما تَقدِرُ أن تَطّوّلَ عُمري ، وأن تَزيدَ في رِزقي. يا كائِناً قَبلَ كُلّ شَيء ، يا مكون كُلّ شيءٍ ، يا كائناً بعد كُلّ شيءٍ ، تَنامُ العُيونُ ، وتَنكِدرُ النُّجومُ وأنتَ حَيٌّ قَيّومٌ ، لا تأخُذُكَ سِنَةٌ ولا نَومٌ.

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بِجلالِكَ وحِلمِكَ ، ومَجدِكَ وكَرَمِكَ ، أن تُصلّي عَلى مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ ، وأن تَغفِرَ لَي ولِوالدِيَ ، وتَرحَمهُما رَحَمةً واسِعَةً ، أنّكَ أرحَمُ الرّاحِمينَ. اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بأنّكَ مالِكٌ ، وأسألُكَ بأنّكَ على كُلّ شيءٍ قَديرٌ ، وأسألُكَ بأنّكَ ما تشاءُ يَكنُ من أمرٍ ، ان تَغفِرَ لي ولإخوإنّي من المُؤمنينَ ( وَالمؤمنات )(٢) أنّكَ رَؤُفٌ رحَيمٌ.

الحَمدُ لله الَّذي اشَبعَنا في الجائِعينَ ، والحَمدُ للهِ الَّذي كَسانا في العارينَ ، والحمدُ للهِ الَّذي آوانا في الغائِبين ، والحَمدُ للهِ الَّذي أكرمَنا في المُهانينَ ، والحَمدُ لله الَّذي آمننا في الخائِفين ، والحَمدُ لله الَّذي هَدانا في الضّالينَ. يارَجاءَ المُؤمِنينَ لا تُخيَّبَ رَجائي ، يا غِياث المُستغيثينَ أغِثني ، يا مُعينَ المُؤمنينَ أعِنِّي ، يا مُجيب التَّوابين تُبْ عَلَيّ ، أنّكَ أنتَ التَوابُ الرَّحيمُ.

حَسبِيَ الرَبِّ من العِبادِ ، حَسبِيَ المالِكُ من المَملُوكينَ ، حَسبيَ

__________________

(١) في نسخة « ك » : عن ، واثبتنا ما في نسخة « ن » وما تقدم من الرواية الأولى في نسخة « ك ».

(٢) اثبتناه من نسخة « ن ».

٢٥٣

الخالِقُ من المَخلُوقينَ ، حَسبِيَ الحَيُّ الَّذي لا يَموتُ ، حَسبِيَ الرّازقُ من المَرزُوقينَ ، حَسبيَ الَّذي لَم يَزَل حَسبَي مُذ كنتُ حَسبِيَ اللهُ ونعِمَ الوكيلُ.

لا إلهَ إلاّ اللهُ واللهُ أكَبرُ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ واللهُ أكبر كَثيراً مُبارَكاً فيهِ من أوَّلِ الدَّهِر إلى آخِر الدَّهِر. لا إلهَ إلاّ اللهُ رَبِّ كُلّ شَيءٍ وراحِمَهُ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ الَّذي لا حَيَّ مَعَهُ في دَيمُومَةِ بَقائِهِ ، قَيُّومٌ قَيُّومٌ ، لا يَفُوتُ شَيءٌ عِلمَهٌ ، ولا يَؤدُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الباقي بَعدَ كُلّ شَيءٍ وآخِرهِ ، دائِمٌ بِغيرِ فَناءٍ ولا زَوالٍ لِملكِهِ ، الصَّمَدُ في غَيرِ شبهٍ فلا شَيءَ كَمِثلِهِ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ لا شَيءَ كُفُوهُ ولا مُداني لِوَصفِهِ ، كَبيرٌ لا تَهتَدي القُلوُبُ لِكُنهِ عَظَمتِهِ.

لا إلهَ إلاّ اللهُ البارئُ المنشئُ بِلا مِثالٍ خَلا من غَيرِهِ ، الطاهِرُ من كُلّ آفَةٍ بِقدسِه. لا إلهَ إلاّ اللهُ ( الكافي المُوسِع لِما خَلَقَ من عَطايا خَلقِهِ من فَضلِه )(١) ، النَّقيُّ من كُلّ جَورٍ لَم يَرضَهُ ولَم يُخالِطهُ فِعالهُ. لا إلهَ إلاّ الله الَّذي ( وَسِعَ كُلّ شيءٍ رحمةً وعِلماً )(٢) المَنّانُ ذَا الإحسانِ قَد عَمَّ الخَلائِقَ مَنُّهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ دَيّانُ العِبادِ وكُلٌّ يَقُومُ خاضِعاً من هَيبتهِ ، خالِقُ ما في السّماواتِ والأرضِ وكُلٌّ إليهِ مَعادُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ رَحيمُ كُلّ صَارخٍ وَمَكروبٍ وغِياثُهُ ومَعَاذُهُ ، يا رَبي فَلا تصِفُ الألسُنُ كُلّ جَلالِ مُلكِكَ وعِزِّك.

__________________

(١) لم ترد العبارة في نسخة « ن » ، وفي نسخة المجلسي ومهج الدعوات : ٣٠٥ : الكافي الموسع لما خلق من عطايا فضله. وفي العدد القوية : ٣٦٨ : الموسع في عطايا خلقه من فضله.

(٢) في نسخة « ك » : وسعت رحمته ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

٢٥٤

لا إلهَ إلاّ اللهُ البَديعُ البَرايا لَم يَبغِ في إنشائِها عَوناً من خَلقِهِ ، وعَلاّمُ الغيوبِ فَلا يَفُوتُ شَيئاً حِفظُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ المَعيدُ ما بَدأ إذا بَرَزَ الخَلائِقُ لِدَعوتِهِ من مَخافَتِهِ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَزيزُ المَنيعُ الغالِبُ في أمرهِ فَلا شَيء يُعادِلُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الحَميدُ الفَعّالُ ذُو المَنّ عَلى جَميعِ خَلقِهِ.لا إلهَ إلاّ اللهُ ذُو البَطشِ الشَّديدِ ، الَّذي لا يُطاقُ انتِقامُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العالي في ارِتفاعِ مَكانِهِ فَوقَ كُلّ شَيءٍ قَوَّتُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الجبَّارُ المُذِلُّ كُلّ شَيءٍ بِقَهرِ عِزّهِ وسُلطانِهِ.

لا إلهَ إلاّ اللهُ نورُ كُلّ شَيءٍ وهَدَاهُ لا إلهَ إلاّ اللهُ القُدُّوسُ الظاهِرُ عَلى كُلّ شَيء فَلا يُعادِلُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَزيزُ المُجيبُ المُتدانّي دُون كُلّ شَيء قربُهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَليُّ الشامخُ في السّماءِ فَوقَ كُلّ شيءٍ إرتِفاعُ عُلّوه. لا إلهَ إلاّ اللهُ المبدئ البَرايا وَمُعيدها بَعدَ فَنائها بِقُدرَتِهِ. لا إلهَ إلاّ اللهُ الجَليلُ المُتَكَبِّرُ على كُلّ شَيءٍ فَالعَدلُ أمره والصِدقُ وعدُهُ.

لا إلهَ إلاّ اللهٌ المَحموُدُ الَّذي لا تَبلُغُ الأوهامُ كُلّ ثَنائِهِ ومَجدِهِ. ولا إلهَ إلاّ اللهُ الكَريمُ العَفُوُّ الَّذي وَسِعَ كُلّ شَيءٍ عَفُوهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَزيزُ الكَريمُ فلا يَذِلُ عِزُّهُ. لا إلهَ إلاّ اللهُ العَجيبُ فلا تنطِقُ الألسُنُ بكُلّ آلائِهِ وثنائِهِ ، وهُوَ كما أثنى على نَفسهِ ووَصفها بِه : اللهُ الرَّحمانُ الرِّحيمُ ، الحَقُّ المُبينُ ، البرهانُ العظيمُ ، اللهُ العَليمُ الحَكيمُ ، اللهُ الرَبُّ الرَّحيمُ ، اللهُ السُّلام المُؤمِنُ المُهيمنُ ، العَزيزُ الجَبّارُ المُتَكَبِّرُ ، اللهُ المُصوِّرُ الوِترُ النُّورُ

٢٥٥

وَمنه النور ، اللهُ الحَميدُ الكَبير لا إلهَ إلاّ اللهُ عَلَيهِ تَوكَلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العظيمِ(١) .

اليوم الثلاثون :

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّدٍ وآلِهِ واشرَح صَدري للإسلامِ ، وزَيّني بالإيمان ، والبِسني التَقوى ، وقِني عَذابَ النَّارِ. تَقُولُ ذلكَ سَبعَ مراتٍ ثُمَّ تَسألُ رَبّكَ حاجَتَكَ.

اللّهُمَّ أنتَ هُوَ يا رَبِّ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ ، أسألُكَ بِاسمِكَ الأعظَمِ الَّذي لا إلهَ إلاّ هَو الحَيُّ القَيوُّمُ ، لا تَأخُذُكَ سِنةٌ ولا نَومٌ ، لكَ ما في السّماواتِ وما في الأرضِ ، ولا يَؤُدُكَ حِفظُهُما وأنتَ العَليُّ العَظيمُ ، أن تُصَلّي على مُحمّدٍ وآلِهِ في الأوَّلينَ ، وأن تُصلِّي عَلى مُحمّدٍ وآلهِ في الآخِرينَ ، وأن تُصَلِّي على مُحمّدٍ قَبلَ كُلّ شَيءٍ ، وأن تُصلِّي عَلَى مُحمّدٍ وآلهِ بَعدَ كُلّ شَيءٍ ، وأن تُصلي على مُحمّدٍ وآلهِ في اللَيل إذا يَغشى ، وأن تصلي على مُحمّدٍ وآلهِ في النَّهارِ إذا تَجلّى ، وأن تُصَلّي على مُحمّدٍ وآلهِ في الآخِرة والأُولى ، وأن تُعطَيني سُوءلي في جَميعِ ما أدعُوكَ به لِلآخِرِة والدُّنيا.

يا حيُّ حينَ لا حَيُّ ، قَبلَ كُلِّ شَيءٍ وقَبلَ كُلِّ أحَدٍ ، ويا حَيُّ بَعدَ كُلّ حي ، لا إلهَ إلاّ أنتَ ، يا قَيوُّمُ بِرحمتِكَ أستغيثُ ، صَلِّ علَى مُحمّدٍ وآلِهِ ،

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٦٣ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢١٨.

٢٥٦

وأصلِح لي شَاني وأسبابي ، ولا تَكلني إلى نَفسي طَرفَةَ عَين أبَداً.

الحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ الرَّحمانِ الرَّحيم لا شريكَ لَهُ ـ تقولُ ذلِكَ أربَعَ مرّاتٍ ـ يا رَبِّ أنتَ لي ( رَحِيمٌ )(١) يا رَبِّ فَكُنَ لي رُكناً معي ، أسألُكَ يا رَبِّ بما يَحمِلُ العَرش من عزِّ جَلالِكَ أن تَفعَلَ بي ما أنتَ أهَلُهُ ، فَإنَّكَ أهَلُ التَقوى وأهلُ المَغفِرَةَ.

اللّهُمَّ إنّي أحمدُكَ حمَيداً ، وأتَوكلُّ عَليكَ وحَيداً ، وأستَغفِرُكَ فَريداً ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ شَهادة اُفني بِها عُمري ، والقى بها رَبي ، وأدخِلُ بها قَبري ، وأخلو بها ( في وحَدتي )(٢) .

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ فِعلَ الخيراتِ ، وتَرك المُنكراتِ ، وحُبَّ المَساكينَ ، وأن تَغفِرَ لي وتَرحَمَني ، وإذا أردَتَ بِقومٍ فِنتَة أن تَتَوفّاني إليكَ وأنا غَيرُ مَفتونٍ ، وأسألُكَ حُبَّكَ وحُبَّ من يُحبُّكَ ، وحُبّاً يُقرِّبُ من حُبِّكَ.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ ، واجعَل لي من الذُّنوب مَخرَجاً ، ومن اُموري فَرَجاً ، واجَعل لي إلى كُلّ خَيرٍ سَبيلاً. اللّهُمَّ إنّي خَلقٌ من خَلقِكَ ، ولِخَلقٍ من خَلقِكَ قبلي حُقوقٌ ، ولي فِيما بَيني وبَيَنكَ ذُنُوبٌ ، اللّهُمَّ فَارض عَنّي خلقِكَ من حُقوقِهِم ، وهَب لي الذُّنوبَ التي بَيني وبَينَكَ ، اللّهُمَّ واجعَل فيَّ خَيراً تجَده فآنّكَ إلا تَجعَلهُ لا تَجِدهُ عنِدي. اللّهُمَّ خَلقتَني كَما أردتَ فاجعَلني كَما تُحبُّ ، اللّهُمَّ اغفِر لَنا وعافِنا ، وارحَمنا واعفُ عَنَّا ،

__________________

(١) اثبتناه من نسخة « ن ».

(٢) في نسخة « ك » : وحدي ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

٢٥٧

وارضِ عَنّا وَتَقبَّلِ مِنّا ، وادخِلنَا الجَنَّةَ ونَجّنا من النّارِ ، واصلِح لَنا شَأنَنا.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّد النِّبيّ الاُميّ ، الطَّيبِ المُبارَكِ ، نَبّي الرِّحمةِ ، كَما أمرتَنا أن نُصلّي عَليهِ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى النّبي الاُميّ عَدَدَ مَن صَلّى عَليهِ ، وَعَددَ مَن لَم يُصَلِّ عليهِ. اللّهُمَّ رَبِّ البَيتِ الحرامِ ، ورَبِّ الركن والمَقامِ ، وَرَبِّ المَشعرِ الحَرامِ ، ابلِغ رُوحَ مُحمّد مِنّا السُّلام ، وعَليهَ السُّلامُ وَرَحمةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ ، وعلى أهِل بَيتِهِ الطَّيبينَ الطاهِرينَ المُصطَفينَ الأخَيارِ ، ولا حولَ ولاقُوةَ إلاّ باللهِ العَليّ العَظيمِ(١) .

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية ٣٧٧ بزيادة فيه. ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢٢٤ باختلاف فيه.

٢٥٨

الفصل الثاني والعشرون

في رواية أخرى بتعيين أيّام الشّهور

وما فيها من وقتِ السُّرور والمحذور.

حدّثنا أبو نصر مُحمّد بن أحمد بن حمدون الواسطي ، قال : حدَّثنا أبو الفرج مُحمّد بن علي القنّاني ، قال : حدثنا أحمد بن مُحمّد بن موسى ، قال : حدَّثنا مُحمّد بن علي بن معمرٍ الكوفي ، قال : حدَّثنا علي بن مُحمّد الزّاهد ، قال : حدّثنا عاصم بن حميد ، قال : قال جعفر بن مُحمّد صلوات الله عليه وقد سُئل عن اختيارات الأيام فقال :

اليوم الاول من الشهر

خَلَقَ الله فيه آدَمَ صلى الله عليه ، وهو يومٌ صالحٌ مَسعودٌ ، خاطِب فيه السُّلطان ، وتَزوّج ، واسرع في حَوائجِك ، واعمَل فيه كُلّ ما تُريده من طلب الحَوائج وغيرها(١) .

اليوم الثاني من الشهر

تزوّج فيه ، وائتِ أهلِكَ من السَّفَرِ ، واشتر ، فيه وبع ، واطلُب فيه حَوائجك ، واتَّقِ فيه أعمال السُّلطان ، وابتَغِ واطلُب فيه الحوائج ، فإنَّه يومٌ موافقٌ لذلكَ(٢) .

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٦ / ٩ باختلاف.

(٢) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٧ / ١٤ صدره.

٢٥٩

اليوم الثالث من الشهر

يوم نَحس ، لا تأتِ فيه السُّلطان ، ولا تشترِ فيه ولا تَبع ، ولا تَطلُب فيه ، واتّقِ فيه أعمال السّلطان ، ففيه سُلبَ آدم وحوّاءعليهما‌السلام لَباسهما(١) .

اليوم الرابع من الشهر

ولد فيه هابيل بن آدمعليهما‌السلام ، وهو يوم صالحٌ للتزويج ، وطلب الصيّد ، ومَن يولد فيه يكون ما عاش صالحاً ، ولا تُسافر فيه فإنّ من سافر فيه يُسلبُ(٢) .

اليوم الخامس من الشهر

ولد فيه قابيل بن آدم وكان ملعوناً ، وهو اليوم الَّذي قتل فيه أخاهُ ودعا بالويل والثّبور على أهله وأدخل عليهم البكاء ، وهو يوم سوء ملعونٌ(٣) .

اليوم السادس من الشهر

جَيّد ، ليس فيه بؤس ، يَصلحُ للتّزويج وللصّيد ولطلب المعاش ، وكُلّ حاجة تريدها(٤) .

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٨ / ١٩ باختلاف فيه.

(٢) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٥٩ / ٢٤ باختلاف فيه.

(٣) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٦٠ / ٢٩ باختلاف فيه.

(٤) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٦٠ / ٣٤ باختلاف فيه.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

- عندنا وعند الشافعيّة(١) - عن الجميع بالأداء ، ورجع على الذي ضمن عنه بخمسة ؛ لأنّها هي التي تثبت في ذمّته ، ولم يرجع على الآخَر بشي‌ء ؛ لأنّه لم يضمن عنه ، وإنّما قضى الدَّيْن عنه تبرّعاً.

وعند الشافعيّة يكون له الرجوع على الذي ضمن عنه بالعشرة ، ولا يرجع على الآخَر بشي‌ء ؛ لأنّه لم يضمن عنه ، وإذا رجع على الذي ضمن عنه ، رجع على الآخَر بنصفها ؛ لأنّه ضمنها عنه وقضاها(٢) .

ولو كان المضمون عنه دفع مال الضمان إلى الضامن بإذنه وقال له : اقض هذا المال للمضمون له عنّي ، فقضاه ، كان أمانةً في يده ؛ لأنّه نائب عنه في دفعه إلى صاحب الدَّيْن ، فإن(٣) تلف قبل الدفع بغير تفريطٍ منه ، لم يضمنه.

وإن دفعه إليه عن الذي ضمنه وقال له : خُذْ هذا عوضاً عمّا ضمنته ، فللشافعيّة وجهان :

أحدهما : يصحّ ويملكه ؛ لأنّ رجوعه عليه يتعلّق بسبب الضمان والغرم ، فإذا وجد أحد السببين ، جاز أن يدفعه ، كالزكاة.

والثاني : لا يصحّ ولا يملكه ؛ لأنّه يدفعه عوضاً عمّا يغرم ، ولم يغرم بَعْدُ ، فلا تصحّ المعاوضة على ما لم يجب له(٤) .

ويمكن أن يقال : هذا لا يجي‌ء على مذهب الشافعيّة ؛ لأنّ لصاحب الحقّ أن يطالب مَنْ عليه الدَّيْن بذلك ، فكيف تصحّ المعاوضة عنه مع‌

____________________

(١ و ٢) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر ، وراجع : المغني والشرح الكبير ٥ : ٨٩ - ٩٠.

(٣) في « ج » : « وإن ».

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٧.

٣٨١

توجّه المطالبة به!؟ فإن قلنا : إنّه يملك ، صحّ له التصرّف فيه ، وإلّا فلا ، ويكون مضموناً عليه ؛ لأنّه قبضه على وجه المعاوضة.

مسألة ٥٥٣ : لو ادّعى على رجلٍ حاضرٍ أنّه باع منه ومن الغائب شيئاً بألفٍ وكلٌّ منهما ضامن لصاحبه‌ ، فإن أقرّ الحاضر ، لم يلزمه عندنا إلّا النصف الذي ضمنه ، بناءً على أصلنا من انتقال المال إلى ذمّة الضامن ، وعند الشافعيّة من اشتراك الذمّتين في المال(١) : يؤدّي الحاضر الألف ، فإذا قدم الغائب وصدّقه ، رجع عليه. وإن أنكره وحلف ، لم يكن له الرجوع عليه(٢) .

وأمّا إن أنكر الحاضر الضمانَ ، فإن لم يكن للمدّعي بيّنةٌ ، قُدّم قول المنكر مع يمينه. فإذا(٣) حلف ، سقطت الدعوى عنه.

فإذا قدم الغائب فإن أنكر(٤) ، حلف وبرئ ، وإن اعترف ، لزمه خمسمائة التي ادّعاها عليه ، ويسقط(٥) عنه الباقي ؛ لأنّ المضمون عنه سقطت عنه بيمينه ، قاله بعض الشافعيّة(٦) .

وقال بعضهم : إنّه غير صحيح ؛ لأنّ اليمين لم تبرئه من الحقّ ، وإنّما أسقطت عنه في الظاهر ، فإذا أقرّ به الضامن ، لزمه ، ولهذا لو أقام البيّنة عليه بعد يمينه ، لزمه ولزم الضامن ، فإذَنْ الحقُّ لم يسقط عنه ولا عن الضامن(٧) .

وأمّا إذا أقام على الحاضر البيّنة ، وجب عليه الألف عندهم ، فإذا قدم‌

____________________

(١) راجع المصادر في الهامش (٢) من ص ٣٤٤.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٤٨ ، حلية العلماء ٥ : ٨٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٣ - ١٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٣ - ٥٠٤.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « وإذا ».

(٤) في الطبعة الحجريّة : « فأنكر » بدل « فإن أنكر ».

(٥) في « ر » والطبعة الحجريّة : « سقط ».

(٦ و ٧) حلية العلماء ٥ : ٨٧.

٣٨٢

الغائب ، لم يكن للحاضر الرجوعُ على الغائب ؛ لأنّه منكرٌ لما شهدت به البيّنة ، مكذّبٌ لها ، مدّعٍ أنّ ما أخذه ظلم ، فلم يرجع(١) .

ونقل المزني أنّه يرجع بالنصف على الغائب(٢) .

وتأوّله الشافعيّة بأُمور ، أحدها : أنّه يجوز أن تُسمع البيّنة مع إقراره ؛ لأنّه يثبت بذلك الحقُّ على الغائب ، فتُسمع عليهما ، أو يكون أنكر شراءه ولم ينكر شراء شريكه والضمان عنه ، بل سكت(٣) .

مسألة ٥٥٤ : لو شرط في الضمان الأداء من مالٍ بعينه ، صحّ الضمان والشرط معاً‌ ؛ لتفاوت الأغراض في أعيان الأموال ، فلو تلف المال قبل الأداء بغير تفريط الضامن ، فالأقرب : فساد الضمان ؛ لفوات شرطه ، فيرجع صاحب المال على الأصيل.

وهل يتعلّق الضمان بالمال المشروط تعلُّقُه به تعلُّقَ الدَّيْن بالرهن أو الأرش بالجاني؟ الأقرب : الأوّل ، فيرجع على الضامن لو تلف.

وعلى الثاني يرجع على المضمون عنه.

وكذا لو ضمن مطلقاً ومات معسراً على إشكالٍ.

ولو بِيع متعلَّق الضمان بأقلّ من قيمته ؛ لعدم الراغب ، رجع الضامن بتمام القيمة ؛ لأنّه يرجع بما أدّى.

ويُحتمل بالثمن خاصّةً ؛ لأنّه الذي قضاه.

ولو لم يساو المال قدر الدَّيْن ، فالأقرب : الرجوع على الضامن ، ويرجع على المضمون عنه.

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٨٨.

(٢) مختصر المزني : ١٠٨ ، حلية العلماء ٥ : ٨٨.

(٣) حلية العلماء ٥ : ٨٨.

٣٨٣

وقد بيّنّا أنّ ضمان المجهول صحيح ، فلو ضمن عنه ما في ذمّته ، صحّ ، ولزمه ما تقوم به البيّنة على ثبوته وقت الضمان ، لا ما يتجدّد ، ولا ما يوجد في دفتر وكتاب ، ولا ما يُقرّ به المضمون عنه أو يحلف عليه المالك بردّ اليمين من المديون.

ولو ضمن ما تقوم به البيّنة ، لم يصح ؛ لعدم العلم بثبوته حينئذٍ.

مسألة ٥٥٥ : لو ضمن الدَّيْنَ اثنان على التعاقب مع صاحب الحقّ عن المديون ، طُولب الضامن الأوّل ، وبطل الثاني‌ ؛ لأنّ الحقّ انتقل من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن ، فالضامن الثاني لم يصادف ضمانه حقّاً على المضمون عنه للمضمون له.

ولو قال الضامن الثاني : ضمنت لك هذا الدَّيْن على مَنْ كان ، فإن قلنا : يصحّ الضمان عن المجهول ، صحّ هذا الضمان ، وكان ضامناً عن الضامن السابق ، وإلّا بطل.

ولو ضمن الثاني من وكيل صاحب الحقّ ، بطل الثاني.

ولو اتّفق ضمان الأوّل مع صاحب الحقّ وضمان الثاني مع وكيله في الزمان الواحد ، بطل الضمانان معاً ؛ لعدم أولويّة أحدهما بالصحّة والآخَر بالبطلان.

مسألة ٥٥٦ : لو شرط الضمان في مالٍ بعينه ثمّ أفلس وحجر عليه الحاكم ، كان حقّ الضمان في العين التي تعلّق الضمان بها - كالرهن - مقدّماً على حقّ الغرماء‌ ، فإن فضل شي‌ء من حقّ الضمان ، تعلّق حقّ الغرماء بالفاضل ، وإلّا فلا.

٣٨٤

ولو ضمن كلٌّ من المديونين ما على صاحبه ، تعاكست الأصالة والفرعيّة فيهما إن أجازهما المضمون له على ما بيّنّاه ، وتتساقطان إذا أدّى كلّ واحدٍ منهما مالَ الضمان عن صاحبه ، فلو شرط أحدهما كونَ الضمان من مالٍ بعينه وحُجر عليه بفلسٍ قبل الأداء ، رجع على الموسر بما أدّى ، ويضرب الموسر مع الغرماء.

ولو أجاز ضمانَ أحدهما خاصّةً ، رجع عليه بالجميع ، ويرجع المؤدّي على الآخَر بنصيبه ، فإن دفع النصف ، انصرف إلى ما قصده ، ويُصدَّق باليمين ، وينصرف الإبراء إلى ما قصده المبرئ ، فإن أطلق فالتقسيط.

ولو ادّعى الأصيل قصده ، ففي توجّه اليمين عليه أو على الضامن إشكال ينشأ : من عدم توجّه اليمين لحقّ الغير ، ومن خفاء القصد.

ولو تبرّع بالضمان ثمّ سأل ثالثاً الضمانَ عنه فضمن ، رجع عليه ، دون الأصيل وإن أذن له الأصيل في الضمان والأداء.

مسألة ٥٥٧ : لو دفع الأصيل الدَّيْنَ إلى المستحقّ أو إلى الضامن ، فقد برئ ، سواء أذن له الضامن في الدفع أو لا.

ولو ضمن فأنكر الأصيل الإذنَ في الضمان ، قُدّم قوله مع اليمين ، وعلى الضامن البيّنة بالإذن ؛ لأصالة عدمه.

وكذا لو أنكر الأصيل الدَّيْنَ الذي ضمنه عنه الضامن ؛ لأصالة براءة ذمّته.

ولو أنكر الضامن الضمانَ فاستوفى المستحقّ بالبيّنة ، لم يرجع على‌

٣٨٥

الأصيل إن أنكر الدَّيْنَ أيضاً أو الإذنَ ، وإلّا رجع اقتصاصاً ، إلّا أن ينكر الأصيل الإذنَ ولا بيّنة.

ولو أنكر المستحقّ دفع الضامن بسؤالٍ ، قُدّم إنكاره.

فإن شهد الأصيل ولا تهمة ، قُبلت ، ومع التهمة يغرم ثانياً ، ويرجع على الأصيل بالأوّل مع مساواته الحقّ أو قصوره.

ولو لم يشهد ، رجع بالأقلّ من الثاني والأوّل والحقّ.

مسألة ٥٥٨ : كما ينبغي التنزّه عن الدَّيْن ينبغي التنزّه عن الضمان مع الإعسار ؛ لما فيه من التغرير بمال الغير.

وقد روى أبو الحسن الخزّاز عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سمعته يقول لأبي العباس الفضل : « ما مَنَعك من الحجّ؟ » قال : كفالة تكفّلت بها ، قال : « ما لك والكفالات؟ أما علمت أنّ الكفالة هي التي أهلكت القرون الأُولى؟ »(١) .

وعن داوُد الرقّي عن الصادقعليه‌السلام قال : « مكتوب في التوراة : كفالة ندامة غرامة »(٢) .

وقد روى الحسن(٣) بن خالد عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : قلت له : جُعلت فداك ، قول الناس : الضامن غارم ، قال : فقال : « ليس على الضامن غُرْمٌ ، الغُرْم على مَنْ أكل المال »(٤) . والمراد منه أنّ الضمان يستقرّ على الأصيل.

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٢٠٩ / ٤٨٤.

(٢) التهذيب ٦ : ٢١٠ / ٤٩٢.

(٣) في المصدر : « الحسين ».

(٤) الكافي ٥ : ١٠٤ - ١٠٥ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٢٠٩ / ٤٨٥.

٣٨٦

٣٨٧

الفصل الثاني : في الكفالة‌

وفيه مباحث :

الأوّل : العقد.

مسألة ٥٥٩ : الكفالة عقد شُرّع للتعهّد بالنفس ، ويشابه الضمان ، فإنّ الشي‌ء المضمون قد يكون حقّاً على الشخص ، وقد يكون نفسَ الشخص.

وهي عقد صحيح عند عامّة أهل العلم ، وبه قال الثوري ومالك والليث وأبو حنيفة وأحمد والشافعي(١) ، ولا نعرف فيه مخالفاً ، إلّا ما نُقل عن الشافعي من قوله في كتاب الدعاوي : إنّ الكفالة بالبدن ضعيفة(٢) .

وقال في اختلاف العراقيّين وفي الإقرار وفي المواهب وفي كتاب اللعان : إنّ الكفالة بالبدن جائزة(٣) .

واختلف أصحابه.

فقال بعضهم : إنّ الكفالة صحيحة قولاً واحداً ، وأراد بقوله : « إنّها‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٨ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٩٥ ، المعونة ٢ : ١٢٣٠ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٧ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٠ : ٢ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٥٣ / ١٩٧٥ ، النتف ٢ : ٧٥٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٧٠ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٩ ، الوجيز ١ : ١٨٤ ، الوسيط ٣ : ٢٣٩ ، حلية العلماء ٥ : ٦٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.

(٢) الأُم ٣ : ٢٣١ ، و ٦ : ٢٢٩ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٩ ، حلية العلماء ٥ : ٦٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٩ ، المغني ٥ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٨.

(٣) الأُم ٧ : ١١٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٩.

٣٨٨

ضعيفة » أي ضعيفة في القياس وإن كانت ثابتةً بالإجماع والأثر.

ومنهم مَنْ قال : إنّ فيها قولين :

أحدهما : أنّها صحيحة ، وهو قول عامّة العلماء.

والثاني : أنّها غير صحيحة ؛ لأنّها كفالة بعين فلم تصح ، كالكفالة بالزوجة وبدن الشاهدَيْن(١) .

والحقّ : الأوّل ؛ لقوله تعالى :( قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ ) (٢) فطلب يعقوبعليه‌السلام من بنيه كفيلاً ببدن يوسفعليه‌السلام ، وقالوا ليوسفعليه‌السلام :( إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ ) (٣) وذلك كفالة بالبدن.

وما رواه العامّة من قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الزعيم غارم »(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام : « إنّ عليّاًعليه‌السلام أُتي برجل كفل برجلٍ بعينه فأخذ الكفيل ، فقال : احبسوه حتى يأتي بصاحبه »(٥) .

ولإطباق الناس عليه في جميع الأعصار في كلّ الأصقاع ، ولو لم تكن صحيحةً امتنع إطباق الخلق الكثير عليه. ولأنّ الحاجة تدعو إليه ، وتشتدّ الضرورة إليه ، فلو لم يكن سائغاً لزم الحرج والضرورة. ولأنّ ما وجب تسليمه بعقدٍ وجب تسليمه بعقد الكفالة ، كالمال ووجوب تسليم البدن‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٩ ، حلية العلماء ٥ : ٨٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٩ ، المغني ٥ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٨.

(٢) يوسف : ٦٦.

(٣) يوسف : ٧٨.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٨٠٤ / ٢٤٠٥ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٩٧ / ٣٥٦٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٦٥ / ١٢٦٥ ، سنن الدار قطني ٤ : ٧٠ / ٨ ، سنن البيهقي ٦ : ٧٢ ، سنن سعيد ابن منصور ١ : ١٢٥ - ١٢٦ / ٤٢٧ ، مسند أحمد ٦ : ٣٥٨ / ٢١٧٩٢ ، و ٣٩٧ / ٢٢٠٠١.

(٥) التهذيب ٦ : ٢٠٩ / ٤٨٦ ، وفيه : « بالمكفول » بدل « الكفيل ».

٣٨٩

يكون بعقد النكاح والإجارة.

مسألة ٥٦٠ : ويصحّ عقد الكفالة حالّةً ومؤجَّلةً عند أكثر علمائنا‌(١) - وبه قال الشافعي(٢) - للأصل الدالّ على الجواز.

وقال الشيخرحمه‌الله : لا يصحّ ضمان مال ولا نفس إلّا بأجلٍ معلوم(٣) .

وهو ممنوع.

إذا ثبت هذا ، فإذا أطلق عقد الكفالة أو شرط الحلول ، كانت حالّةً ؛ لأنّ كلّ عقدٍ دَخَله الحلول إذا أطلق اقتضى الحلول ، كالثمن.

وإذا ذكر أجلاً ، وجب تعيينه ، فإن أبهم ، كان العقد باطلاً عندنا - وبه قال الشافعي وأحمد(٤) - لما فيه من الغرر بجهالة الأجل. ولأنّه ليس له وقت يستحقّ مطالبته فيه.

وكذا الضمان.

فإن جَعَله إلى الحصاد والجذاذ والقطاع(٥) ، لم يصح عندنا ، وهو أحد قولَي الحنابلة(٦) .

والأولى عندهم : صحّته ؛ لأنّه تبرّع من غير عوضٍ جعل له أجلاً لا يمنع من حصول المقصود فيه ، فصحّ(٧) .

وعن أحمد رواية : أنّه إذا قيّد الكفالة بساعةٍ ، صحّ ، ولزمه. وتوقّف‌

____________________

(١) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ٢ : ٣٣٧ ، والحلّي في السرائر ٢ : ٧٧ ، والمحقّق في شرائع الإسلام ٢ : ١١٥.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠.

(٣) النهاية : ٣١٥.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، الوسيط ٣ : ٢٤٤ ، الوجيز ١ : ١٨٥ ، حلية العلماء ٥ : ٧٢ و ٧٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣ ، المغني ٥ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٦.

(٥) في « ث » : « القطاف » بدل « القطاع ».

(٦ و ٧) المغني ٥ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٦.

٣٩٠

لو عيّن الوقت المتّسع(١) .

ولأنّه شرط فيها شرطاً فاسداً فلم يصح مطلقها ؛ لعدم الرضا به ، ولا مقيّدها بهذا الشرط ؛ لفساده.

وللشافعي وجهٌ آخَر : أنّها تصحّ كالعاريّة بأجلٍ مجهول(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّ العاريّة لا تلزم ، ولهذا لو قال له : أعرتك أحد هذين الثوبين ، جاز ، وكان له الانتفاع بأحدهما ، ولو قال : كفلت لك بأحد هذين ، لم يصح ، كذا هنا.

مسألة ٥٦١ : عقد الكفالة يصحّ دخول الخيار فيه‌ ، فإن شرط الخيار فيها مدّة معيّنة ، صحّ ؛ لقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٣) .

وقولِه تعالى :( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٤) أمر بالوفاء بالعقد ، وإنّما وقع العقد على هذا الشرط ، وليس منافياً لمقتضاه ، كما لا ينافي غيره من العقود.

وقال الشافعي : إذا شرط في الكفالة الخيار ، بطل العقد ؛ لأنّه عقد لا يجوز فيه شرط الخيار ، فإذا شرطه بطل ، كالسَّلَم والصرف(٥) .

والمقدّمة الأُولى ممنوعة ، والحكم في المقيس عليه ممنوع.

وقال أبو حنيفة : إذا شرط الخيار في الكفالة ، صحّ العقد ، وبطل الشرط ؛ لأنّ الضمان يتعلّق بغرر وخطر ، فلم يفسد بالشرط الفاسد ،

____________________

(١) المغني ٥ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٦.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٥ : ٧٢ و ٧٧.

(٣) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٤) المائدة : ١.

(٥) حلية العلماء ٥ : ٧٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣.

٣٩١

كالنكاح(١) .

مسألة ٥٦٢ : لا بدَّ في العقد من صيغةٍ دالّةٍ على الإيجاب والقبول ، فيقول الكفيل : كفلت لك بدنَ فلان ، أو : أنا كفيل بإحضاره ، أو : كفيل به ، أو بنفسه ، أو ببدنه ، أو بوجهه ، أو برأسه ؛ لأنّ كلّ ذلك يُعبَّر به عن الجملة.

ولو كفل رأسه أو كبده أو عضواً لا تبقى الحياة بدونه ، أو بجزء شائع فيه ، كثلثه أو ربعه ، قال بعض علمائنا : لا يصحّ ؛ إذ لا يمكن إحضار ما شرط مجرّداً ، ولا يسري العقد إلى الجملة(٢) .

وقال بعض الشافعيّة : تصحّ الكفالة ؛ لأنّه لا يمكن إحضار ذلك المكفول إلّا بإحضار كلّه(٣) . وهو الوجه عندي.

ولو تكفّل بعضو تبقى الحياة بعد زواله ، كيده ورِجْله وإصبعه وغيرها ، للشافعيّة وجهان :

أحدهما : الصحّة ؛ لأنّه لا يمكنه إحضار هذه الأعضاء على صفتها إلّا بإحضار البدن كلّه ، فأشبه الكفالة بالوجه والقلب. ولأنّه حكم تعلّق بالجملة ، فيثبت حكمه إذا أُضيف إلى البعض ، كالعتق.

والثاني : لا تصحّ ؛ لأنّه لا يمكن(٤) إحضاره بدون الجملة مع بقائها(٥) .

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧.

(٢) راجع : شرائع الإسلام ٢ : ١١٨.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٥ : ٧٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥.

(٤) في المغني والشرح الكبير : « يمكن » بدون « لا » النافية.

(٥) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٥ : ٧٤ ، =

٣٩٢

وقال بعض الشافعيّة : لا تصحّ الكفالة في جميع ذلك كلّه ، سواء بقيت الحياة بدونه أو لا ، وسواء كان جزءاً مشاعاً أو لا ؛ لأنّ ما لا يسري إذا خصّ به عضواً لم يصح ، كالبيع والإعارة والوصيّة والإجارة(١) .

البحث الثاني : في الكفيل والمكفول والمكفول له.

مسألة ٥٦٣ : يُشترط في الكفيل البلوغُ والعقلُ والحُرّيّةُ وجوازُ التصرّف‌ ، فلا تصحّ كفالة الصبي ولا المجنون ولا العبد ولا مَنْ لا يجوز تصرّفه ، كالسكران والغافل والنائم والساهي والمحجور عليه للسفه والفلس ؛ لأنّ الكفالة تستلزم غرم المال مع عدم الإحضار ، وهؤلاء كلّهم ممنوعون من التصرّف في أموالهم.

ولا يُشترط ذلك في المكفول ولا في المكفول له ، فإنّه تجوز الكفالة للصبي والمجنون وغيرهما إذا قَبِل الوليّ.

مسألة ٥٦٤ : يُشترط رضا الكفيل ، فلا تصحّ كفالة المكره على الكفالة‌ ؛ لأنّه لا يصحّ أن يلزمه الحقّ ابتداءً إلّا برضاه. ولا نعلم فيه خلافاً.

وكذا يُعتبر رضا المكفول له ؛ لأنّه صاحب الحقّ ، فلا يجوز إلزامه شيئاً بغير رضاه ، وكما يُعتبر رضا المرتهن في الارتهان ، كذا المكفول له يُعتبر رضاه في الكفالة.

وقال أحمد : لا يُعتبر رضاه ؛ لأنّها(٢) التزام حقٍّ له من غير عوض ،

____________________

= التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥ ، المغني ٥ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٠ - ١٠١.

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٥ : ٧٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لأنّه ». وما أثبتناه كما في المصدر.

٣٩٣

فلم يُعتبر رضاه فيها(١) .

وليس بصحيح.

أمّا المكفول به فلا يُعتبر رضاه ، بل تصحّ الكفالة وإن كره المكفول به ، عند علمائنا - وبه قال ابن سريج من الشافعيّة(٢) - لأنّها وثيقة على الحقّ ، فصحّت بغير أمر مَنْ عليه ، كالضمان.

وقال عامّة الشافعيّة - وهو منقول عن الشافعي - : إنّه يُعتبر رضا المكفول(٣) به ؛ لأنّه إذا لم يأذن المكفول به في الكفالة لم يلزمه الحضور معه ، فلم يتمكّن من إحضاره ، فلم تصحّ(٤) كفالته ؛ لأنّها كفالة بغير المقدور عليه ، بخلاف الضمان ؛ لأنّه يمكنه الدفع من ماله ، ولا يمكنه أن ينوب عنه في الحضور(٥) .

ونمنع عدم لزوم الحضور.

وخلاف الشافعيّة هنا مبنيّ على أنّ الكفيل هل يغرم عند العجز؟ إن قلنا : لا يغرم ، لم تصح الكفالة ؛ لأنّه إذا تبرّع لم يتمكّن من إحضاره ؛ إذ لا تلزمه الإجابة ، فلا تفضي الكفالة إلى مقصودٍ. وإن قلنا : نعم ، يغرم عند العجز(٦) .

فعلى قولنا إذا تكفّل به بغير أمره فطالَبه المكفول له بإحضاره ، وجب‌

____________________

(١) المغني ٥ : ١٠٣ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٢.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٤ ، حلية العلماء ٥ : ٧٣.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « المضمون » بدل « المكفول ». والظاهر ما أثبتناه.

(٤) في النسخ الخطّيّة : « فلا تصحّ ».

(٥) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٥ : ٧٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩١ ، المغني ٥ : ١٠٣ - ١٠٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٢.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥.

٣٩٤

عليه إحضاره ، ووجب على المكفول به الحضورُ ، لا من جهة الكفالة ، ولكن لأنّ المكفول له أمره بإحضاره ، فهو بمنزلة وكيله في مطالبته بحضوره.

ولو لم يقل المكفول له : أحضره ، ولكن قال : أُخرج إليَّ من كفالتك ، أو : أُخرج عن حقّي ، فهل يجب على المكفول به الحضور؟ الأقرب : ذلك ؛ لأنّ ذلك يتضمّن الإذن له في إحضاره ، وهو أحد وجهي الشافعيّة على قول ابن سريج.

والثاني : لا يلزمه ؛ لأنّه طالَبه بما عليه من الإحضار ، فعلى هذا له حبسه ، ولا يلزم المكفول به الحضور(١) .

وهو باطل ؛ لأنّه يحبس على ما لا يقدر عليه.

مسألة ٥٦٥ : يُشترط في المكفول به التعيينُ ، فلو قال : كفلت أحد هذين ، أو كفلت زيداً أو عمرواً ، لم يصح ؛ لأنّه لم يلتزم بإحضار أحدهما بعينه.

وكذا لو قال : كفلت لك ببدن زيد على أنّي إن جئت به وإلّا فأنا كفيل بعمرو ، لم يصح ؛ لأنّه لم يلتزم إحضار أحدهما بعينه. ولأنّه علّق الكفالة في عمرو بشرطٍ ، والكفالة لا تتعلّق بالشرط ، فلو قال : إن جئت فأنا كفيل به ، لم يصح. وكذا لو قال : إن جاء زيد فأنا كفيل به ، أو : إن طلعت الشمس ، وبذلك كلّه قال الشافعي(٢) .

ولو قال : أنا أُحضره ، أو أُؤدّي ما عليه ، لم يكن كفالةً.

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ - ١٦٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٢.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨١ و ١٩٠ و ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ و ١٦٧ و ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٧ و ٤٩٣ و ٤٩٦.

٣٩٥

مسألة ٥٦٦ : كلّ مَنْ عليه حقٌّ ماليٌّ صحّت الكفالة ببدنه‌ ، ولا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال ؛ لأنّ الكفالة إنّما هي بالبدن لا بذلك المال ، والبدن معلوم ، فلا تبطل الكفالة لاحتمال عارضٍ. ولأنّا قد بيّنّا أنّ ضمان المجهول صحيح ، وهو التزام المال ابتداءً ، فالكفالة التي لا تتعلّق بالمال ابتداءً أولى ، وهو قول أكثر الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : لا تصحّ كفالة مَنْ عليه حقٌّ مجهول ؛ لأنّه قد يتعذّر إحضار المكفول به ، فيلزمه الدَّيْن ، ولا يمكن طلبه منه ؛ لجهله. ولأنّهم قالوا ذلك بناءً على أنّه لو مات ، غرم الكفيل ما عليه(٢) .

وهذا عندنا غير صحيح.

مسألة ٥٦٧ : يُشترط أن يكون ذلك المال ثابتاً في الذمّة بحيث يصحّ ضمانه‌ ، فلو تكفّل ببدن مَنْ لا دَيْن عليه أو مَنْ جعل جعالة قبل الفعل والشروع فيه ، لم يصح.

ولو تكفّل ببدن المكاتب للنجوم التي عليه ، صحّ عندنا ؛ لأنّ مال الكتابة عندنا ثابت في ذمّة المكاتب على ما سلف(٣) .

وللشيخ قولٌ بعدم الثبوت ؛ لأنّ له أن يُعجّز نفسه(٤) ، وبه قال الشافعي(٥) .

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٩ - ١٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.

(٣) في ص ٣١٦ ، المسألة ٥٠٧.

(٤) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٩٧ و ٣٢٠.

(٥) الحاوي الكبير ٦ : ٤٤١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٧ ، الوسيط ٣ : ٢٣٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٢.

٣٩٦

فعلى هذا لا تصحّ كفالة بدن المكاتب للنجوم التي عليه ؛ لأنّه لو ضمن النجوم لم يصح ، فالكفالة بالبدن للنجوم أولى أن لا تصحّ. ولأنّ الحضور لا يجب على المكاتب ، فلا تجوز الكفالة به ، كدَيْن الكتابة.

مسألة ٥٦٨ : إذا كان عليه عقوبة ، فإن كانت من حقوق الله تعالى - كحدّ الزنا والسرقة والشرب - لم تصح الكفالة ببدنه عليها‌ عند علمائنا - وهو المشهور من مذهب الشافعي(١) - لأنّ الكفالة للتوثيق ، وحقوق الله تعالى مبنيّة على الإسقاط ، وينبغي السعي في دفعها ما أمكن ، ولهذا لـمّا أقرّ ماعز بالزنا عرض له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالرجوع والإنكار ، فقال له : « لعلّك قبّلتها ، لعلّك لامَسْتَها » وأعرض بوجههصلى‌الله‌عليه‌وآله عنه(٢) .

وطرّد القاضي ابن سلمة وابن خيران من الشافعيّة القولين فيه(٣) .

والخلاف في هذا الباب شبيه الخلاف في ثبوت العقوبات بالشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي.

وأمّا إن كانت العقوبة من حقوق الآدميّين - كالقصاص وحدّ القذف - فالأقرب عندي : ثبوتها في القصاص ، أمّا الحدّ فلا تصحّ الكفالة به ؛ لما رواه العامّة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه ( عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه )(٤) قال : « لا كفالة في حدٍّ »(٥) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الصدوقرحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ،

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.

(٢) صحيح البخاري ٨ : ٢٠٧ ، سنن الدار قطني ٣ : ١٢١ / ١٣١ و ١٣٢ ، مسند أحمد ١ : ٣٩٤ / ٢١٣٠ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١١ : ٣٣٨ / ١١٩٣٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠.

(٤) بدل ما بين القوسين في « ج ، ر » : « أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٥) الكامل - لابن عدي - ٥ : ١٦٨١ ، تاريخ بغداد ٣ : ٣٩١.

٣٩٧

قال : قضى أنّه لا كفالة في حدٍّ(١) .

وهذا القول بعدم صحّة الكفالة في الحدّ قولُ أكثر العلماء ، وبه قال شريح والحسن البصري وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي وأحمد(٢) .

واختلف قول الشافعي فيه.

فقال في باب اللعان : إنّه لا يكفل رجل في حدٍّ ولا لعان(٣) .

ونقل المزني عنه أنّه قال : تجوز الكفالة بمن(٤) عليه حقّ أو حدّ(٥) .

واختلف أصحابه في ذلك على طُرق أظهرها عندهم - ويُحكى عن ابن سريج - أنّه على قولين :

أحدهما : الجواز ؛ لأنّه حقٌّ لازم لآدميٍّ ، فصحّت الكفالة به ، كسائر حقوق الآدميّين. ولأنّ الحضور مستحقٌّ عليه ، فجاز التزام إحضاره.

والثاني : المنع ؛ لأنّ العقوبات مبنيّة على الدفع ، ولهذا قالعليه‌السلام : « ادرءوا الحدود بالشبهات »(٦) فينبغي إبطال الذرائع المؤدّية إلى توسيعها وتحصيلها. ولأنّه حقٌّ لا يجوز استيفاؤه من الكفيل إذا تعذّر إحضار المكفول به ، فلم تصح الكفالة بمن(٧) هو عليه ، كحدّ الزنا(٨) .

____________________

(١) الفقيه ٣ : ٥٤ / ١٨٤.

(٢) المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٩.

(٣) الأُم ٥ : ٢٩٧ ، مختصر المزني : ٢١٤ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠ ، المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٠.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لمن » بدل « بمن ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠ ، المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٠.

(٦) تاريخ بغداد ٩ : ٣٠٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٢٣ : ٣٤٧.

(٧) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ممّن » بدل « بمن ». والظاهر ما أثبتناه.

(٨) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠.

٣٩٨

وأبو حامد من الشافعيّة بنى القولين على أنّه إذا مات المكفول ببدنه هل يغرم الكفيل ما عليه من الدَّيْن؟ إن قلنا : نعم ، لم تصح الكفالة ؛ لأنّه لا يمكن مؤاخذته بما عليه. وإن قلنا : لا ، صحّت ، كما لو تكفّل ببدن مَنْ عليه مالٌ(١) .

وقضيّة هذا البناء أن يكون قول التصحيح أظهر.

وهو اختيار القفّال(٢) .

وادّعى الروياني أنّ المذهب المنعُ(٣) .

الطريق الثاني للشافعيّة : القطع بالجواز ، وحَمْلُ ما ذكره في اللعان على الكفالة بنفس الحدّ(٤) .

الطريق الثالث : القطع بالمنع ؛ لأنّه لا تجوز الكفالة بما عليه ، فلا تجوز ببدنه(٥) .

والضابط في ذلك أن نقول : حاصل كفالة البدن التزام إحضار المكفول ببدنه ، فكلّ مَنْ يلزمه حضور مجلس الحكم عند [ الاستدعاء ](٦) أو يستحقّ إحضاره تجوز الكفالة ببدنه.

مسألة ٥٦٩ : لو ادّعى شخصٌ زوجيّةَ امرأةٍ ، صحّت الكفالة ببدنها ؛ لوجوب الحضور عليها إلى مجلس الحكم. وكذلك الكفالة بها [ لمن ](٧) ثبتت زوجيّته.

وقال بعض الشافعيّة : الظاهر أنّ حكم هذه الكفالة حكم الكفالة ببدن‌

____________________

(١ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠.

(٦) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الاستعداء ». والظاهر ما أثبتناه.

(٧) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ثمّ ». والصحيح ما أثبتناه.

٣٩٩

مَنْ عليه القصاص ؛ لأنّ المستحقّ عليها لا يقبل النيابة(١) .

ولو تكفّل ببدن عبدٍ آبقٍ لمالكه ، صحّ ، ويلزمه السعي في ردّه.

ويتأتّى فيه ما قيل في الزوجة.

ومَنْ في يده مالٌ مضمون - كالغصب والمستام والعارية بشرط الضمان - تصحّ كفالتُه وضمانُ عين المغصوب والمستام ليردّها على مالكها ، فإن ردَّ ، برئ من الضمان. وإن تلفت ، ففي إلزامه بالقيمة وجهان ، الأقرب : العدم.

وتصحّ كفالة المستودع والأمين ؛ لوجوب ردّ الوديعة عليه.

والميّت قد يستحقّ إحضاره ليقيم الشهود الشهادة على صورته إذا تحمّلوها كذلك من غير معرفة النسب ولا الاسم ، فتصحّ الكفالة على إحضار بدنه.

وأيضاً الصبي والمجنون قد يستحقّ إحضارهما لإقامة الشهادة على صورتهما في الإتلاف وغيره ، فتجوز الكفالة ببدنهما.

ثمّ إن كفل بإذن وليّهما ، فله مطالبة وليّهما بإحضارهما عند الحاجة.

وإن كفل بغير إذنه ، فهو كالكفالة ببدن العاقل بغير إذنه ، وقد بيّنّا(٢) جوازه عندنا.

وللشافعي قولان(٣) .

قال(٤) الجويني : لو كفل رجل ببغداد ببدن رجل بالبصرة ، فالكفالة‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.

(٢) في ص ٣٩٣ ، ضمن المسألة ٥٦٤.

(٣) حلية العلماء ٥ : ٧٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٧ ، وراجع الهامش ( ٢ و ٥ ) من ص ٣٩٣.

(٤) في الطبعة الحجريّة : « وقال ».

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510