تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

تذكرة الفقهاء11%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: 510

الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 510 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 406151 / تحميل: 5175
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

١٩٧٤ - وسأل عبيد بن زرارة أبا عبدالله عليه السلام " عن قول الله عزوجل: " فمن شهد منكم الشهر فليصمه(١) " قال: ما أبينها من شهد فليصمه ومن سافر فلا يصمه ".

١٩٧٥ - وروى محمد بن حكيم عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لو أن رجلا مات صائما في السفر لما صليت عليه".

١٩٧٦ - وروى حريز، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمى رسول الله صلى الله عليه وآله قوما صاموا حين أفطر وقصر: العصاة، قال: وهم العصاة إلى يوم القيامة، وإنا لنعرف أبناء‌هم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا".

١٩٧٧ - وروى العيص بن القاسم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا خرج الرجل في شهر رمضان مسافرا أفطر، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج من المدينة إلى مكة في شهر رمضان ومعه الناس وفيهم المشاة فلما انتهى إلى كراع الغميم(٢) دعا بقدح من ماء فيما بين الظهر والعصر فشرب وأفطر وأفطر الناس معه وتم أناس على صومهم فسماهم العصاة، وإنما يؤخذ بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله "(٣) .

١٩٧٨ - وروى أبان بن تغلب عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خيار أمتي الذين إذا سافروا أفطروا وقصروا، وإذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤوا استغفروا، وشرار أمتي الذين ولدوا في النعيم وغذوا به، يأكلون طيب الطعام، ويلبسون لين الثياب، وإذا تكلموا لم يصدقوا ".

___________________________________

(١) " فمن شهد " أى فمن حضر في موضع في هذا الشهر ولم يكن مسافرا ولا مريضا.

(٢) هو اسم موضع بين مكة والمدينة، والكراع جانب مستطيل من الحرة، تشبيها بالكراع وهو ما دون الركبة من الساق، والغميم بالفتح واد بالحجاز أمام عسفان.

(٣) بيان لوجه عصيانهم أى يجب الاخذ والعمل بأوامر الرسول صلى الله عليه وآله فاذا أمر بالافطار وجب الافطار، فمن لم يفطر كان عاصيا، وانما يؤخذ الصوم بأمره فلما أفطر يجب الاطاعة (سلطان) أقول: كأن في سقطا والاصل " انما يؤخذ بآخر أمر رسول الله صلى الله عليه وآله " كما في الكافى ج ٤ ص ١٢٧ ولعله من النساخ، وذلك لرفع توهم عدم كونهم عصاة لاخذهم بقوله السابق.

١٤١

١٩٧٩ - وروى ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن عمار بن مروان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سمعته يقول: من سافر قصر وأفطر إلا أن يكون رجلا سفره إلى صيد(١) أو في معصية الله عزوجل، أو رسولا لمن يعص الله عزوجل، أو طلب عدو أو شحناء، أو سعاية(٢) أو ضرر على قوم من المسلمين ".

١٩٨٠ - وقال عليه السلام: " لا يفطر الرجل في شهر رمضان إلا بسبيل حق "(٣) .

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: قد أخرجت تقصير المسافر في جملة أبواب الصلاة في هذا الكتاب، والحد الذي يجب فيه التقصير، والذين يجب عليهم التمام.

فأما صوم التطوع في السفر

١٩٨١ - فقد قال الصادق عليه السلام: " ليس من البر الصوم في السفر"(٤) .

١٩٨٢ - وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه " سئل عن الرجل يخرج من بيته وهو يريد السفر وهو صائم، فقال: إن خرج قبل أن ينتصف النهار فليفطر وليقض ذلك اليوم، وإن خرج بعد الزوال فليتم يومه "(٥) .

١٩٨٣ - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم ويعتد به من شهر رمضان، وإذا دخل أرضا قبل طلوع الفجر وهو يريد الاقامة بها فعليه صوم ذلك

___________________________________

(١) المراد بالصيد اللهوى منه، قال الشيخ في النهاية والمبسوط " ان طلب الصيد للتجارة يقصر صومه ويتم صلاته " وفى خصوص هذه المسألة اختلاف بين فقهائنا راجع مصباح الفقيه ص ٧٤٤ من كتاب الصلاة.

(٢) سعى به إلى الوالى: وشئ به.

والشحناء: العداوة.

(٣) أى مباح كما هو المشهور، أو راجح كما قيل. (المرآة)

(٤) ظاهره نفى صحة الصوم ومشروعيته في السفر اذ العبادة ليست غير البر، الا أن يكون المراد ليس من البر الكامل، ثم لا يخفى أن الحديث ليس صريحا في صوم التطوع اذ ربما كان المراد صوم شهر رمضان (سلطان) أقول: في بعض النسخ " الصيام في السفر ".

(٥) في بعض النسخ " فليتم صومه ".

١٤٢

اليوم، وإن دخل بعد طلوع الفجر فلا صيام عليه، وإن شاء صام "(١) .

١٩٨٤ - وفي رواية رفاعة بن موسى عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن رجل يقبل(٢) في شهر رمضان من سفر حتى يرى أنه سيدخل أهله ضحوة(٣) أو ارتفاع النهار، قال: إذا طلع الفجر وهو خارج لم يدخل فهو بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر ".

١٩٨٥ - وورى يونس بن عبدالرحمن عن موسى بن جعفر عليهما السلام أنه قال: " في المسافر يدخل أهله وهو جنب قبل الزوال ولم يكن أكل فعليه أن يتم صومه ولا قضاء عليه قال:(٤) يعني إذا كانت جنابته من احتلام ".

١٩٨٦ - وسأل عبدالله بن سنان أبا عبدالله عليه السلام " عن الرجل يأتي جاريته في شهر رمضان بالنهار في السفر، فقال: ما عرف هذا حق شهر رمضان إن له في الليل سبحا طويلا(٥) قال: قلت له: أليس له أن يأكل ويشرب ويقصر؟ قال: إن الله عز وجل رخص للمسافر في الافطار والتقصير رحمة وتخفيفا لموضع التعب والنصب ووعث السفر(٦) ولم يرخص له في مجامعة النساء في السفر بالنهار في شهر رمضان، وأوجب عليه قضاء

___________________________________

(١) المشهور وجوب الصوم إذا دخل قبل الزوال ولم يفطر، وحمل هذا الخبر وأمثاله على التخيير قبل الدخول ويؤيده خبر رفاعة الاتى.

(٢) في الكافى ج ٤ ص ١٣٢ " يقدم ".

(٣) ضحوة النهار: بعد طلوع الشمس، والضحى ارتفاعه.

(٤) لعله كلام يونس وحملها على جنابة لم تخل بصحة الصوم فالمراد الاحتلام في اليوم أو في الليل ولم ينتبه الا بعد طلوع الفجر أو انتبه ونام بقصد الغسل (المرآة) وقال الفاضل التفرشى: لعل مراده بالاحتلام في اليوم دون الليل وبقائه على الجنابة حتى يطلع الفجر اذ الظاهر عدم الفرق بين الاحتلام والجماع في الليل.

(٥) السبح: الفراغ والتصرف في المعاش كما قال قتادة في قوله تعالى " ان لك في النهار سبحا طويلا ". أى فراغا طويلا. (الصحاح)

(٦) الوعث: المكان السهل الكثير الدهس، ووعثاء السفر مشتقة.

١٤٣

الصيام ولم يوجب عليه قضاء تمام الصلاة إذا آب من سفره، ثم قال: والسنة لا تقاس(١) وإني إذا سافرت في شهر رمضان ما آكل كل القوت(٢) وما أشرب كل الري ".

والنهي عن الجماع للمقصر في السفر إنما هو نهي كراهة لا نهي تحريم.

١٩٨٧ - وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " رجل صام في السفر فقال: إن كان بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك فعليه القضاء، وإن لم يكن بلغه فلا شئ عليه ".

باب صوم الحائض والمستحاضة

١٩٨٨ - روى أبوالصباح الكناني عن أبي عبدالله عليه السلام " في امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشاء(٣) حاضت أتفطر؟ قال: نعم وإن كان قبل المغرب فلتفطر، وعن امرأة ترى الطهر في أول النهار في شهر رمضان ولم تغتسل ولم تطعم كيف تصنع بذلك اليوم؟ قال: إنما فطرها من الدم "(٤) .

١٩٨٩ - وروي عن علي بن مهزيار قال: كتبت إليه عليه السلام(٥) " امرأة طهرت

___________________________________

(١) ذكره هذه الجملة هنا كانه لبيان عدم صحة القياس حتى يقاس جواز الجماع بجواز الاكل والشرب، ثم الظاهر من الخبر حرمة الجماع بالنهار في السفر وحمله الاكثر على الكراهة جمعا (المرآة) وذهب الشيخ إلى عدم الجواز في بعض كتبه وعمل بظاهر هذا الخبر وحمل ما يدل على الجواز على غلبة الشهوة وخوف وقوعه في المحظور أو على الوطى بالليل ولا يخفى بعدهما.

(٢) في الكافى " الا القوت " وما في المتن أظهر، ويدل على كراهة التملى من الطعام والشراب للمسافر كما هو مذهب الاصحاب فيه وفى سائر ذوى الاعذار. (المرآة)

(٣) العشاء هى الزوال إلى المغرب والمشهور أنه اخر النهار. (المغرب)

(٤) أى لا صوم لها ولا بأس عليها.

(٥) يعنى أبا جعفر الجواد عليه السلام.

١٤٤

من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت وصامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين هل يجوز صومها وصلاتها أم لا؟ فكتب عليه السلام: تقضي صومها ولا تقضي صلاتها لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر المؤمنات(١) من نسائه بذلك "(٢) .

١٩٩٠ - وروي عن سماعة قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام " عن المستحاضة، قال: تصوم شهر رمضان إلا الايام التى كانت تحيض فيهن، ثم تقضيها من بعده ".

١٩٩١ - وسأل عبدالرحمن بن الحجاج أبا الحسن عليه السلام " عن المرأة تلد بعد العصر أتتم ذلك اليوم أم تفطر؟ فقال: تفطر ثم تقضي ذلك اليوم ".

١٩٩٢ - وروى العيص بن القاسم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن المرأة

___________________________________

(١) في الكافى ج ٤ ص ١٣٦ والتهذيب ج ١ ص ٤٤٠ " يأمر فاطمة والمؤمنات من نسائه بذلك".

(٢) هذا الخبر مع اضماره مخالف للاخبار الكثيرة والاجماع على اشتراط الصلاة بالطهارة، وفى هامش التهذيب " السائل سأل عن حكم المستحاضة التى صلت وصامت في شهر رمضان ولم تعمل أعمال المستحاضة، والامام عليه السلام ذكر حكم الحائض وعدل عن جواب السائل من باب التقية لان الاستحاضة من باب الحدث الاصغر عند العامة فلا توجب غسلا عندهم.

وقال الفيض رحمه الله في الوافى: هذا الخبر مع اضماره متروك بالاتفاق ولو كان الحكم بقضاء الصوم دون الصلاة متعاكسا لكان له وجه، على أنه قد ثبت عندنا أن فاطمة لم تر حمرة قط، اللهم الا أن يقال: ان المراد بفاطمة فاطمة بنت أبى حبيش فانها كانت مشتهرة بكثرة الاستحاضة والسؤال عن مسائلها في ذلك الزمان، ويحمل قضاء الصوم على قضاء صوم ايام حيضها خاصة دون سائر الايام وكذا نفى قضاء الصلاة انتهى.

وقال العلامة المجلسى رحمه الله: اعلم أن المشهور بين الاصحاب أن المستحاضة إذا أخلت بالاغسال تقضى صومها، واستدلوا بهذا الخبر وفيه اشكال لاشتماله على عدم قضاء الصلاة، ولم يقل به أحد ومخالف لسائر الاخبار قال: وقد وجه بوجوه (نقلنا بعضها): الاول ما ذكره الشيخ رحمه الله في التهذيب حيث قال: لم يأمرها بقضاء الصلاة إذا لا تعلم أن عليها لكل صلاتين غسلا أو لا يعلم ما يلزم المستحاضة فاما مع العلم بذلك والترك له على العمد يلزمها القضاء. وأورد عليه أنه ان بقى الفرق بين الصوم والصلاة فالاشكال بحاله وان حكم بالمساواة بينهما ونزل قضاء الصوم على حالة العلم وعدم قضاء الصلاة على حالة الجهل فتعسف ظاهر. =

١٤٥

تطمث في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس؟ قال: تفطر حين تطمث ".

١٩٩٣ - وروى علي بن الحكم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: " سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل أن يخرج شهر رمضان

___________________________________

= الثانى ما ذكره المحقق الاردبيلى قدس الله روحه وهو أن المراد لا يجب عليها قضاء جميع الصلوات لان منها ما كان واقعا في الحيض، وهو بعيد.

الثالث ما ذكره صاحب المنتقى روح الله روحه قال: والذى يختلج بخاطرى أن الجواب الواقع في الحديث غير متعلق بالسؤال المذكور فيه والانتقال إلى ذلك من وجهين أحدهما قوله فيه " ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر فاطمة الخ " فان مثل هذه العبارة انما تستعمل فيما يكثر وقوعه ويتكرر وكيف يعقل كون تركهن لما تعمله المستحاضة في شهر رمضان جهلا والثانى أن هذه العبارة بعينها كانت في أخبار الحيض في كتاب الطهارة مرادا بها قضاء الحائض للصوم دون الصلاة إلى أن قال: ولا يخفى أن للعبارة بذلك الحكم مناسبة ظاهرة تشهد بها السليقة لكثرة وقوع الحيض وتكرره والرجوع اليه صلى الله عليه وآله في حكمه وبالجملة فارتباطها بذلك الحكم ومنافرتها لقضية الاستحاضة مما لا يرتاب فيه أهل الذوق السليم وليس بالمستبعد أن يبلغ الوهم إلى موضع الجواب مع غير سؤاله فان من شأن الكتابة في الغالب أن تجمع الاسؤلة المتعددة فاذا لم ينعم الناقل نظره فيها يقع له نحو هذا الوهم انتهى كلامه (ر ه) واحتمل سبطه الجليل احتمالا لعله قريب حاصله أن قوله " تقضى صومها ولا تقضى صلاتها " أصله " تقضى صومها ولاء وتقضى صلاتها " ثم ذكر في توجيهها كلاما لا يسعنا ذكره راجع مرآة العقول ج ٣ ص ٢٣٣.

وأقول: قال المحقق التسترى صاحب الاخبار الدخيلة مد ظله فيما كتب إلى: الظاهر أن على بن مهزيار في اصوله التى جمع منها كتابة خبران: خبر في السؤال عن حكم تاركة غسل الاستحاضة في شهر رمضان لصلاتها وصومها، وخبر في السؤال عن قضاء الحائض صلاتها وصومها فخلط بين الخبرين بنقل سؤال الخبر الاول وجواب الخبر الثانى في كتابة فنقله المشايخ الثلاثة عن كتابة مثل ما وجدوا ولم يأوله أحد منهم الا الشيخ رحمه الله.

١٤٦

هل يقضى عنها؟ قال: أما الطمث والمرض فلا، وأما السفر فنعم "(١) .

١٩٩٤ - وروى ابن مسكان، عن محمد بن جعفر قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: " إن امرأتي جعلت على نفسها صوم شهرين فوضعت ولدها وأدركها الحبل فلم تقدر(٢) على الصوم، قال: فلتصدق مكان كل يوم بمد على مسكين"(٣) .

باب قضاء صوم شهر رمضان

٥ ١٩٩ روى عقبة بن خالد عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل مرض في شهر رمضان فلما برأ أراد الحج كيف يصنع بقضاء الصوم؟ قال: إذا رجع فليصمه "(٤) .

١٩٩٦ - وسأله عبدالرحمن بن أبي عبدالله " عن قضاء شهر رمضان في ذي الحجة وقطعه قال: إقضه في ذي الحجة واقطعه إن شئت "(٥) .

___________________________________

(١) عمل الشيخ رحمه الله في التهذيب بظاهره، والمشهور الاستحباب.

(٢) نسخة في الجميع " لم تقو ".

(٣) المشهور بين الاصحاب أن مع العجز عن الصوم المنذور يسقط الصوم ولا يلزمه شئ وذهب جماعة إلى لزوم الكفارة عن كل يوم بمد وجماعة بمدين لرواية أخرى، والقائلون بالمشهور حملوا تلك الاخبار على الاستحباب لكن العجز لا يتحقق في النذر المطلق الا باليأس منه في جميع العمر فهذا الخبر اما محمول على شهرين معينين أو على اليأس بأن يكون ظنها أنها تكون دائما اما في الحمل أو في الرضاع، مع أنه يحتمل أن يكون الكفارة في الخبر للتأخير مع عدم سقوط المنذور. (المرآة)

(٤) في بعض النسخ " فليقضه ". ويدل على عدم جواز قضاء صوم شهر رمضان في السفر وعليه الاصحاب.

(٥) ليس التتابع شرطا في القضاء فلا بأس أن يقطع بالعيد أو غيره (سلطان) وقال العلامة المجلسى رحمه الله: الشرط متعلق بالامرين لا بخصوص القطع مع احتماله فيكون المراد القطع بغير العيد، ثم ان الخبر يدل على عدم مرجوحية القضاء في عشر ذى الحجة كما هو المشهور بين الاصحاب، وروى الشيخ رحمه الله في التهذيب بسند موثق عن غياث ابن ابراهيم عن أبى عبدالله عليه السلام المنع منه وحمله على ما إذا كان مسافرا ولعله محمول على التقية لان بعض العامة يمنعون من ذلك لفوات التتابع الذى يقولون بلزومه.

وقال الشهيد رحمه الله في الدروس: لا يكره القضاء في عشر ذى الحجة والرواية عن على عليه السلام بالنهى عنه مدخولة.

١٤٧

١٩٩٧ - وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا كان على الرجل شئ من صوم شهر رمضان فليقضه في أي شهر شاء أياما متتابعة فإن لم يستطع فليقضه كيف شاء، وليحص الايام، فإن فرق فحسن وإن تابع فحسن ".

١٩٩٨ - وسأل سليمان بن جعفر الجعفري أبا الحسن الرضا عليه السلام " عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان أ يقضيها متفرقة؟ قال: لا بأس بتفرقة قضاء شهر رمضان، إنما الصيام الذي لا يفرق صوم كفارة الظهار، وكفارة الدم وكفارة اليمين "(١) .

١٩٩٩ - وروى جميل، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام " في الرجل يمرض فيدركه شهر رمضان ويخرج عنه وهو مريض فلا يصح حتى يدركه شهر رمضان آخر، قال: يتصدق عن الاول ويصوم الثاني، وإن كان صح فيما بينهما ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر صامهما جميعا وتصدق عن الاول ".

ومن فاته شهر رمضان حتى يدخل الشهر الثالث من مرض فعليه أن يصوم هذا الذي دخله وتصدق عن الاول لكل يوم بمد من طعام ويقضي الثاني(٢) .

_________________________________

(١) الحصر اضافى بالنسبة إلى قضاء شهر رمضان، أو المراد كفارة الظهار وأمثالها من الكفارات (سلطان) وقال المولى المجلسى رحمه الله: تخصيص الثلاث بالذكر لكونها منصوصا عليها في القرآن أو لمزيد الاهتمام.

(٢) يمكن أن يكون من تتمة خبر زرارة وأن يكون قول الصدوق، ويؤيده عدم ذكر الكلينى والشيخ لهذه الزيادة، وظاهره أن التصدق واجب للسنة الاولى ويجب القضاء فقط للسنة الثانية أو يكون هذا الحكم من خبر وصل اليه ان لم يكن جزء الخبر، والمشهور العمل بالاخبار الاولة، ويمكن حمله على ما إذا صح فيما بين الثانى والثالث ولم يقض ولم يتهاون بل كان في نيته القضاء ثم مرض ولم يقض ولم يصح فيما بين الاول والثانى، واختلف في وجوب تعدد الكفارة بتعدد السنين والاحوط التعدد بمعنى أنه إذا مرض وتهاون في القضاء حتى مضى أربع سنين فهل يجب لكل يوم أربعة أم يكفى مد واحد. (م ت)

١٤٨

٢٠٠٠ - وروى ابن محبوب، عن الحارث بن محمد، عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام " في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان، قال: إن كان أتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه إلا يوما مكان يوم، وإن أتى أهله بعد زوال الشمس فإن عليه أن يتصدق على عشرة مساكين لكل مسكين مد، فإن لم يقدر عليه صام يوما مكان يوم وصام ثلاثة أيام كفارة لما صنع "(١) .

وقد روي أنه إن أفطر قبل الزوال فلا شئ عليه، وإن أفطر بعد الزوال فعليه الكفارة مثل ما على من أفطر يوما من شهر رمضان(٢) .

٢٠٠١ - وروى سماعة، عن أبي بصير قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن المرأة تقضي شهر رمضان فيكرهها زوجها على الافطار فقال: لا ينبغي(٣) أن يكرهها بعد زوال الشمس ".

٢٠٠٢ - وسأله سماعة " عن قوله: " الصائم بالخيار إلى زوال الشمس " قال: " إن ذلك في الفريضة فأما في النافلة فله أن يفطر أي ساعة شاء إلى غروب الشمس ".

٢٠٠٣ - وروى ابن فضال، عن صالح بن عبدالله الخثعمي قال: " سألت أبا عبدالله

___________________________________

(١) قال بعض الشراح تحريم الافطار بعد الزوال في قضاء رمضان هو مذهب الاصحاب لا يعلم فيه خلاف وأما الجواز قبله فمذهب الاكثر ونقل عن أبى الصلاح القول بوجوب اتمام كل صوم واجب، وعن ابن أبى عقيل عدم جواز الافطار في قضاء رمضان مطلقا هذا مع التوسعة وأما مع تضييق الوقت يحرم الافطار مطلقا لكن لا تجب الكفارة قبل الزوال.

(٢) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٣٠ عن زرارة قال: " سألت أبا جعفر (ع) عن رجل صام قضاء من شهر رمضان فأتى النساء، قال: عليه من الكفارة ما على الذى أصاب في شهر رمضان " وحمله الشيخ على الاستحباب وجوز فيه الحمل على الافطار مع الاستخفاف و يمكن الحمل على التشبيه في وجوب الكفارة لا في قدرها.

(٣) ظاهره الكراهة وحمل على الحرمة. (المرآة)

١٤٩

عليه السلام عن الرجل ينوي الصوم فيلقاه أخوه الذي هو على أمره(١) فيسأله أن يفطر أيفطر؟ قال: إن كان تطوعا أجزأه وحسب له، وإن كان قضاء فريضة قضاه "(٢) .

وإذا أصبح الرجل وليس عليه من نيته أن يصوم ثم بدا له فله أن يصوم(٣) .

٢٠٠٤ - وسئل عليه السلام " عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة، فقال: هو بالخيار ما بينه وبين العصر وإن مكث حتى العصر ثم بدا له أن يصوم ولم يكن(٤) نوى ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء(٥) ".

وإذا طهرت المرأة من حيضها وقد بقي عليها بقية يوم صامت ذلك المقدار تأديبا وعليها قضاء ذلك اليوم، وإن حاضت وقد بقي عليها بقية يوم أفطرت وعليها القضاء(٦) .

___________________________________

(١) أى على دينه ومذهبه أو عليه أطاعته وقبول أمره.

(٢) ظاهر الخبر أن بدعوة المؤمن يستحب افطار صوم القضاء أيضا لكن لا يجزيه بل يلزمه فعله مرة اخرى، وأما حمله على أن المراد بالقضاء اتمام هذا الصوم وعدم الافطار فلا يخفى بعده. (المرآة)

(٣) يدل عليه أخبار منها صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج عن أبى الحسن عليه السلام " في الرجل يبدو له بعد ما يصبح ويرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر رمضان ولم يكن نوى ذلك من الليل: قال: نعم ليصمه وليعتد به إذا لم يكن أحدث شيئا " (الكافى ج ٤ ص ١٢٢).

(٤) رواه الكلينى ج ٤ ص ١٢٢ بسند موثق عن أبى بصير قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الصائم الخبر " وفيه " فان لم يكن " وما في المتن أظهر.

(٥) قد قطع الاصحاب بأن وقت النية في الواجب غير المعين كالقضاء والنذر المطلق يستمر من الليل إلى الزوال إذا لم يفعل المنافى نهارا ويدل عليه روايات كثيرة ويظهر من كلام ابن الجنيد جواز تجديد النية بعد الزوال أيضا وفى المعين المشهور أنه يجوز النية مع النسيان إلى الزوال لا مع العمد وبعد الزوال لا يجوز الا على ظاهر ابن الجنيد، وفى النافلة ذهب جماعة إلى امتداد وقت النية إلى الغروب. (سلطان)

(٦) روى الشيخ رحمه الله عن أبى بصير قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن امرأة أصبحت صائمة في رمضان فلما ارتفع النهار حاضت؟ قال: تفطر، قال: وسألته عن امرأة رأت الطهر أول النهار؟ قال: تصلى وتتم صومها أى تأديبا ويقضى ".

١٥٠

وإذا وجب على الرجل صوم شهرين متتابعين فصام شهرا ولم يصم من الشهر الثاني شيئا فعليه أن يعيد صومه ولم يجزئه الشهر الاول إلا أن يكون أفطر لمرض فله أن يبني على ما صام فان الله عزوجل حبسه(١) ، فإن صام شهرا وصام من الشهر الثاني أياما(٢) ثم أفطر فعليه أن يبني على ما صام(٣) .

___________________________________

(١) أى منعه من الصوم وعموم التعليل ربما يدل على عموم الحكم لكل مانع من قبل الله كالحيض وغيره.

وفى المدارك: اما وجوب البناء إذا كان قد صام من الشهر الثانى يوما فصاعدا فقال العلامة في التذكرة والمنتهى وولده في الشرح: انه قول علمائنا أجمع واختلف الاصحاب في جواز التفريق اختيارا بعد الاتيان بما يتحقق به التتابع فذهب الاكثر إلى الجواز والمفيد رحمه الله إلى المنع واختاره ابن ادريس قدس سره.

(٢) المشهور كفاية يوم واحد ومراد المصنف أعم منه لقوله سابقا " ولم يصم من الشهر الثانى شيئا".

(٣) روى الكلينى ج ٤ ص ١٣٨ في الصحيح عن جميل ومحمد بن حمران عن أبى عبدالله عليه السلام " في الرجل الحر يلزمه صوم شهرين متتابعين في ظهار فيصوم شهرا ثم يمرض، قال: يستقبل وان زاد على الشهر الاخر يوما أو يومين بنى على ما بقى " ورواه الشيخ في التهذيب وحمل قوله " يستقبل " على مرض يمنعه من الصيام وان كان يشق عليه. ولعل حمله على الاستحباب أظهر.

وروى الكلينى أيضا في الحسن كالصحيح والشيخ في الصحيح واللفظ له عن الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " صيام كفارة اليمين في الظهار شهران متتابعان، والتتابع أن يصوم شهرا ويصوم من الشهر الاخر أياما أو شيئا منه فان عرض له شئ يفطر فيه أفطر ثم قضى ما بقى عليه وان صام شهرا ثم عرض له شئ فأفطر قبل أن يصوم من الاخر شيئا فلم يتابع أعاد الصيام كله "، وظاهر قوله " فان عرض له شئ " غير الاعذار الشرعية.

وفى الموثق عن سماعة قال: " سألته عن الرجل يكون عليه صوم شهرين متتابعين أيفرق بين الايام؟ فقال: إذا صام أكثر من شهر فوصله ثم عرض له أمر فأفطر فلا بأس، فان كان أقل من شهر أو شهرا أن يعيد الصيام ".

١٥١

٢٠٠٥ - وروى موسى بن بكر، عن الفضيل عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " في رجل عليه(١) صوم شهر فصام منه خمسة عشر يوما ثم عرض له أمر، فقال: إن كان صام خمسة عشر يوما فله أن يقضي ما بقي، وإن كان صام أقل من خمسة عشر يوما لم يجزئه حتى يصوم شهرا تاما(٢) ".

٢٠٠٦ - وروى منصور بن حازم عنه عليه السلام أنه قال " في رجل صام في ظهار شعبان ثم أدركه شهر رمضان قال: يصوم شهر رمضان ثم يستأنف الصوم وإن هو صام في الظهار فزاد في النصف يوما قضى بقيته ".

٢٠٠٧ - وروى ابن محبوب، عن أبي أيوب عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل كان عليه صوم شهرين متتابعين في ظهار فصام ذا القعدة ودخل عليه ذو الحجة، قال: يصوم ذا الحجة كله إلا أيام التشريق، ثم يقضيها في أول يوم من المحرم حتى يتم ثلاثة أيام فيكون قد صام شهرين متتابعين، قال: ولا ينبغي له أن يقرب أهله حتى يقضي ثلاثة أيام التشريق التي لم يصمها، ولا بأس إن صام شهرا ثم صام من الشهر الذي يليه أياما ثم عرضت له علة أن يقطعها(٣) ، ثم يقضي بعد تمام الشهرين ".

باب قضاء الصوم عن الميت

٢٠٠٨ - روى أبان بن عثمان، عن أبي مريم الانصاري عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا صام الرجل شيئا من شهر رمضان، ثم لم يزل مريضا حتى مات فليس

___________________________________

(١) في التهذيب ج ١ ص ٤٣٢ والكافى ٤ ص ١٣٩ " في رجل جعل عليه " وكأنه سقط من النساخ.

(٢) ذلك لان الشهر قد يكون تسعة وعشرين فاذا صام خمسة عشر فقد جاوز النصف.

ومضمون الخبر مشهور بين فقهائنا ومنهم من رده لضعف السند.

(٣) ظاهره عدم جواز الافطار بدون العذر وان كان العذر خفيفا، ولعله محمول على الافضلية بقرينة " لا ينبغى ". (المرآة)

١٥٢

عليه قضاء، وإن صح ثم مرض ثم مات وكان له مال تصدق عنه مكان كل يوم بمد فإن لم يكن له مال صام عنه وليه(١) ".

وإذا مات رجل وعليه صوم شهر رمضان فعلى وليه أن يقضي عنه، وكذلك من فاته في السفر والمرض إلا أن يكون مات في مرضه من قبل أن يصح بمقدار ما يقضي به صومه فلا قضاء عليه إذا كان كذلك(٢) وإن كان للميت وليان فعلى أكبرهما من الرجال أن يقضي عنه.

فإن لم يكن له ولي من الرجال قضى عنه وليه من النساء(٣) .

٢٠٠٩ - وقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " إذا مات الرجل وعليه صوم شهر رمضان فليقض عنه من شاء من أهله ".

٢٠١٠ - وكتب محمد بن الحسن الصفار رضي الله عنه إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام في رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام وله وليان هل يجوز لهما

___________________________________

(١) يدل على أنه يجب على الولى قضاء الصلاة والصيام عن الميت سواء تمكن من القضاء أم لا وسواء فات بمرض أو غيره ويدل أيضا على أن الولى مطلق الوارث من الذكور وفى المسألة أقوال شتى ففى الدروس: لو مات قبل التمكن من القضاء فلا قضاء ولا كفارة ويستحب القضاء وفى التهذيب يقضى ما فات في السفر ولو مات في رمضان لرواية منصور بن حازم والسر فيه تمكن المسافر من الاداء وهو أبلغ من التمكن من القضاء إذا كان تركه للسفر سائغا، وان تمكن من القضاء ومات قبله فالمشهور وجوب القضاء على الولى سواء كان صوم رمضان أو لا، وسواء كان له مال أو لا.

ومع عدم الولى يتصدق من أصل ماله عن كل يوم بمد، قال المرتضى يتصدق عنه فان لم يكن له مال صام وليه، وقال الحسن: يتصدق عنه لا غير، وقال الحلبى: مع عدم الولى يصام عنه من ماله كالحج والاول أصح، والمرأة هنا كالرجل على الاصح وأما العيد فمشكل والمساواة قريبة، ثم الولى عند الشيخ أكبر أولاده الذكور لا غير، وعند المفيد لو فقد أكبر الولد فأكبر أهله من الذكور فان فقدوا فالنساء وهو ظاهر القدماء والاخبار والمختار، ولو كان له وليان فصاعدا متساويان توزعوا الا أن يتبرع به بعضهم، وقال القاضى: يقرع بينهما، وقال ابن ادريس: لا قضاء والاول أثبت. (المرآة)

(٢) راجع الكافى ج ٤ ص ١٢٣.

(٣) يمكن أن يكون الدليل الخبر الآتى أو العمومات.

١٥٣

أن يقضيا عنه جميعا خمسة أيام أحد الوليين وخمسة أيام الآخر؟ فوقع عليه السلام يقضي عنه أكبر ولييه عشرة أيام ولاء إن شاء الله(١) ".

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله: وهذا التوقيع عندي مع توقيعاته إلى محمد بن الحسن الصفار بخطه عليه السلام.

باب فدية صوم النذر

٢٠١١ - روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام " في رجل نذر على نفسه إن هو سلم من مرض أو تخلص من حبس أن يصوم كل يوم أربعاء وهو اليوم الذي تخلص فيه فعجز عن ذلك لعلة أصابته أو غير ذلك فمد الله عزوجل للرجل في عمره واجتمع عليه صوم كثير ما كفارة ذلك؟ قال: تصدق لكل يوم مدا من حنطة أو بمد تمر(٢) ".

٢٠١٢ - وفي رواية إدريس بن زيد، وعلي بن إدريس عن الرضا عليه السلام " تصدق عن كل يوم بمد من حنطة أو شعير(٣) ".

___________________________________

(١) الحكم بالتتابع محمول على الافضل. (الوافى)

(٢) اختلف الاصحاب فيمن عجز عن صوم النذر فقيل: يجب عليه القضاء دون الكفارة وقيل بالعكس، والكفارة اما مد على المشهور أو مدان كما ذهب اليه الشيخ وبعض الاصحاب فهذا الخبر يدل على الاكتفاء بالكفارة وأنها مد. (المرآة)

(٣) هذا الخبر في الكافى ج ٤ ص ١٤٣ مثل خبر البزنطى بادنى اختلاف في اللفظ.

١٥٤

باب صوم الاذن

٢٠١٣ - روى الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا دخل رجل بلدة فهو ضيف على من بها من أهل دينه حتى يرحل عنهم، ولا ينبغي للضيف أن يصوم إلا بإذنهم لئلا يعملوا شيئا فيفسد، ولا ينبغي لهم أن يصوموا إلا بإذن الضيف لئلا يحتشمهم(١) ويشتهي فيتركه لهم ".

٢٠١٤ - وروى نشيط بن صالح، عن هشام بن الحكم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من فقه الضيف أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه، و من طاعة المرأة زوجها أن لا تصوم تطوعا إلا بإذنه وأمره، ومن صلاح العبد و طاعته ونصيحته لمولاه أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن مولاه، ومن بر الولد بأبويه أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن أبويه وأمرهما، وإلا كان الضيف جاهلا، وكانت المرأة عاصية وكان العبد فاسدا عاصيا، وكان الولد عاقا(٢) ".

___________________________________

(١) الاحتشام بمعنى الغضب وبمعنى الحياء وبمعنى الخجلة والانقباض.

وقوله " ويشتهى " أى حالكونه يشتهى الطعام فيتركه لهم مع اشتهائه.

(٢) اختلف الاصحاب في صوم الضيف نافلة من دون اذن مضيفه فقال المحقق في الشرايع انه مكروه الا مع النهى فيفسد، وقال في النافع والمعتبر: انه غير صحيح، وأطلق العلامة وجماعة الكراهة وهو المعتمد كما هو الظاهر من سياق الرواية، وقوله صلى الله عليه وآله " وكانت المرآة عاصية " يدل على حرمة صومها بدون اذن زوجها مطلقا (المرآة) وقال ملاذنا وفقيه عصرنا الآية الخوانسارى دامت بركاته: وقد يفصل بين عدم الاذن والنهى لما في خبر هشام من التعبير بالعقوق والعصيان ويمكن أن يقال: لعل التعبير بالعقوق والعصيان للمبالغة في الكراهة مع حفظ اطلاق عدم الاذن لصورة عدم النهى (جامع المدارك ج ٢ ص ٢٣٠).

١٥٥

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان وما جاء في العشر الاواخر و... في ليلة القدر

٢٠١٥ - روى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: " يغتسل في ثلاث ليال من شهر رمضان، في تسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وأصيب أمير المؤمنين عليه السلام في تسع عشرة، وقبض عليه السلام في إحدى وعشرين، قال: الغسل في أول الليل وهو يجزي إلى آخره(١) ".

٢٠١٦ - وقد روي أنه " يغتسل في ليلة سبع عشرة ".

٢٠١٧ - وروى زرارة، وفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال: " الغسل في شهر رمضان عند وجوب الشمس قبيله، ثم يصلي ويفطر(٢) ".

٢٠١٨ - وروى سماعة، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل العشر الاواخر شد المئزر(٣) واجتنب النساء وأحيا الليل و تفرغ للعبادة ".

٢٠١٩- وروى سليمان الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: " صل ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين مائة ركعة، تقرأ في كل ركعة الحمد مرة و قل هو الله أحد عشر مرات".

٢٠٢٠ - وقال الصادق عليه السلام: " في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، وفي ليلة إحدى وعشرين القضاء، وفي ليلة ثلاث وعشرين إبرام ما يكون في السنة إلى مثلها(٤) ، ولله عزوجل أن يفعل ما يشاء في خلقه ".

٢٠٢١- وروى رفاعة عنه عليه السلام أنه قال: " ليلة القدر هي أول السنة وهي آخرها "(٥) .

___________________________________

(١) يدل أن الغسل في أول الليل أفضل.

(٢) وجوب الشمس غروبها، في القاموس وجب الشمس وجبا ووجوبا غابت، و " قبيلة " أى قبل سقوط الشمس وغروبها بقليل.

(٣) شد المئزر كناية عن الجد والاجتهاد في العبادة أو عن اجتناب النساء أو عنهما معا وعلى الاخيرين يكون العطف تفسيرا أو تخصيصا بعد التعميم والاول أظهر. (م ت)

(٤) هكذا جاء في هذه الرواية وفى الكافى ج ٤ ص ١٥٩ مسندا عن زرارة قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: " التقدير في ليلة تسع عشرة، والابرام في ليلة احدى وعشرين، والامضاء في ليلة ثلاث وعشرين ".

(٥) الظاهر أن الاولية باعتبار التقدير أى أول السنة التى يقدر فيها الامور لليلة القدر والاخرية باعتبار المجاورة فان ما قدر في السنة الماضية انتهى اليها كما سيجئ =

١٥٦

٢٠٢٢ - " وأري(١) رسول الله صلى الله عليه وآله في منامه بني أمية يصعدون منبره من بعده يضلون الناس عن الصراط القهقرى فأصبح كئيبا حزينا، فهبط عليه جبرئيل عليه السلام فقال: يا رسول الله مالي أراك كئيبا حزينا؟ قال: يا جبرئيل إني رأيت بني أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلون الناس عن الصراط القهقرى فقال: والذي بعثك بالحق نبيا إن هذا لشئ ما اطلعت عليه، ثم عرج إلى السماء فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها: " أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاء‌هم ما كانوا يوعدون ما أغنى ما كانوا يمتعون(٢) " وأنزل عليه " إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر " جعل ليلة القدر لنبيه صلى الله عليه وآله خيرا من ألف شهر من ملك بني أمية "(٣) .

___________________________________

= أن اول السنة التى يحل فيها الاكل والشرب يوم الفطر، أو أن عملها يكتب في آخر السنة الاولى وأول السنة الثانية كصلاة الصبح في أول الوقت، أو يكون أول السنة باعتبار تقدير ما يكون في السنة الثانية وآخر السنة المقدر فيها الامور. (م ت)

(١) في الكافى ج ٤ ص ١٥٩ باسناده عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " رأى رسول الله صلى الله عليه وآله الخ ".

(٢) قال في المجمع معناه: أرأيت ان أنظرناهم أو أخرناهم سنين ومتعناهم بشئ من الدنيا ثم أتاهم العذاب لم يغن عنهم ما متعوا في تلك السنين من النعيم لازديادهم في الاثام واكتسابهم من الاجرام.

(٣) قد حوسب مدة ملك بنى أمية فكانت ألف شهر من دون زيادة يوم ولا نقصان يوم وانما ارى اضلالهم للناس عن الدين القهقرى لان الناس كانوا يظهرون الاسلام وكانوا يصلون إلى القبلة ومع هذا كانوا يخرجون من الدين شيئا فشيئا كالذى يرتد عن الصراط السوى القهقرى ويكون وجهه إلى الحق حتى إذا بلغ غاية سعيه رأى نفسه في جهنم (الوافى).

أقول: في هامش الطبع الاول من الوافى الذى لم يتم طبعه " أن المستفاد من كتب السير أن أول انفراد بنى امية بالامر كان عند ما صالح الحسن بن على عليهما السلام معاوية سنة ٤٠ من الهجرة وكان انقضاء ملكهم على يد أبى مسلم المروزى سنة ١٣٢ منها، فكانت تمام دولتهم اثنتان وتسعون سنة حذفت منها خلافة عبدالله بن الزبير وهى ثمان سنين وثمانية أشهر بقى ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر بلا زيادة ولا نقصان وهى ألف شهر انتهى.

أقول: ولعل المراد بألف شهر المبالغة في التكثير، لا حقيقة.

١٥٧

٢٠٢٣ - وسأل رجل الصادق عليه السلام فقال: " أخبرني عن ليلة القدر كانت أو تكون في كل عام؟ فقال: لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن "(١) .

٢٠٢٤ - وسأل حمران أبا جعفر عليه السلام " عن قول الله عزوجل: " إنا أنزلناه في ليلة مباركة " قال: هي ليلة القدر وهي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الاواخر، ولم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر قال الله عزوجل: " فيها يفرق كل أمر حكيم " قال: يقدر في ليلة القدر كل شئ يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل من خير أو شر، أو طاعة أو معصية، أو مولود أو أجل أو رزق، فما قدر في تلك الليلة وقضي فهو المحتوم ولله عزوجل فيه المشيئة، قال: قلت له: ليلة القدر خير من ألف شهر أي شئ عنى بذلك؟ فقال: العمل الصالح في ليلة القدر(٢) ولولا ما يضاعف الله تبارك وتعالى للمؤمنين ما بلغوا(٣) ولكن الله عزوجل يضاعف لهم الحسنات ".

٢٠٢٥ - وسئل الصادق عليه السلام " كيف تكون ليلة القدر خيرا من ألف شهر؟ قال العمل الصالح فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ".(٤)

___________________________________

(١) اى تبقى ليلة القدر إلى انقضاء التكليف الذى علامته رفع القرآن إلى السماء، ويحتمل أن يكون المعنى رفع حكم القرآن ومدلوله أى لو ذهبت ليلة القدر بطل حكم القرآن حيث يدل على استمراره فان قوله " تنزل الملائكة والروح فيها " يدل على الاستمرار التجددى ثم اعلم أنه لا خلاف بين الامامية في استمرار ليلة القدر وبقائها، واليه ذهب أكثر العامة وذهب شاذ منهم إلى أنها كانت مختصة بزمن الرسول صلى الله عليه وآله وبعد وفاته رفعت.

(٢) في الكافى ج ٤ ص ١٥٨ " العمل الصالح فيها من الصلاة والزكاة وأنواع الخير خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر " ولعل هذه الزيادة سقطت من نسخة الفقيه.

(٣) أى غاية الفضل والثواب. (المرآة)

(٤) في الكافى هذا الخبر جزء من حديث حمران المتقدم كما أشرنا اليه.

١٥٨

٢٠٢٦ - وروى علي بن حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " نزلت التوراة في ست مضين من شهر رمضان، ونزل الانجيل في اثنى عشرة مضت من شهر رمضان، ونزل الزبور في ليلة ثمان عشرة من شهر رمضان، ونزل القرآن [الفرقان خ ل) في ليلة القدر ".

٢٠٢٧ - وروي عن العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن علامة ليلة القدر؟ فقال: علامتها أن تطيب ريحها وإن كانت في برد دفئت(١) وإن كانت في حر بردت وطابت ".

٢٠٢٨ - وسئل عليه السلام " عن ليلة القدر فقال: تنزل فيها الملائكة والكتبة إلى السماء الدنيا فيكتبون ما يكون في أمر السنة وما يصيب العباد وأمر عنده عزوجل موقوف له فيه المشيئة فيقدم منه(٢) ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ويمحو ويثبت وعنده أم الكتاب ".

٢٠٢٩ - وروي عن علي بن أبي حمزة(٣) قال: " كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فقال له أبوبصير: جعلت فداك الليلة التي يرجى فيها ما يرجى(٤) أي ليلة هي؟ فقال: في ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين، قال: فإن لم أقو على كلتيهما؟ فقال: ما أيسر ليلتين فيما تطلب، قال: فقلت: ربما رأينا الهلال عندنا وجاء‌نا من يخبرنا بخلاف ذلك في أرض أخرى؟ فقال: ما أيسر أربع ليال فيما تطلب فيها، قلت: جعلت فداك ليلة

___________________________________

(١) بالدال المهملة مهموزة اللام من باب فرح أى سخنت.

(٢) الظاهر أن " له " خبر المشيئة قدم عليها، و " فيه " متعلق به، ولعل المراد بذلك الامر ما لم يطلع الكتبة على تفصيله فيكتبونه على وجه الاجمال وتفصيله موكول إلى مشيئة الله تعالى ومعنى التقديم والتأخير أنه قد تراء‌ى منه أنه يقدم وهو في علم الله تعالى الذى لم يطلع عليه أحد مؤخر فيؤخر أو بالعكس، ولعل ذلك هو معنى المحو والاثبات ومعنى البداء. (مراد)

(٣) السند ضعيف لانه البطائنى تحقيقا.

(٤) يعنى من الرحمة والمغفرة وتضاعف الحسنات وقبول الطاعات يعنى بها ليلة القدر (الوافى) وفى بعض النسخ " نرجو فيها ما نرجو ".

١٥٩

ثلاث وعشرين ليلة الجهني(١) قال: إن ذلك ليقال، قلت: جعلت فداك إن سليمان بن خالد روى أن في تسع عشرة يكتب وفد الحاج(٢) ، فقال: يا أبا محمد وفد الحاج يكتب في ليلة القدر والمنايا(٣) والبلايا والارزاق وما يكون إلى مثلها في قابل فاطلبها في إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، وصل في كل واحدة منهما مائة ركعة وأحيهما إن استطعت إلى النور(٤) واغتسل فيهما، قال: قلت: فإن لم أقدر على ذلك وأنا قائم؟ قال: فصل وأنت جالس، قلت: فإن لم أستطع؟ قال: فعلى فراشك، قلت: فإن لم أستطع؟ فقال: لا عليك أن تكتحل أول الليل بشئ من النوم(٥) إن أبواب السماء تفتح في شهر رمضان وتصفد الشياطين(٦) وتقبل الاعمال أعمال المؤمنين نعم الشهر شهر رمضان كان يسمى على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله المرزوق ".

٢٠٣٠ - وروى محمد بن حمران، عن سفيان بن السمط قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " الليالي التي يرجى فيها من شهر رمضان؟ فقال: تسع عشرة، وإحدى و عشرين، وثلاث وعشرين، قلت: فإن أخذت إنسانا الفترة أو علة ما المعتمد عليه من ذلك؟ فقال: ثلاث وعشرين ".

٢٠٣١ - وفي رواية عبدالله بن بكير، عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن الليالي التي يستحب فيها الغسل في شهر رمضان؟ فقال: ليلة تسع عشرة

___________________________________

(١) اشارة إلى ما يأتى تحت رقم ٢٠٣١ وقوله " ما أيسر " يدل على استحباب الاحتياط في الامور المستحبة عند اشتباه الهلال لئلا يقع في حرام كصوم يوم عرفة عند اشتباه الهلال في ذى الحجة لاحتمال العيد المحرم صومه.

(٢) وفد الحاج هم القادمون إلى مكة للحج فان في تلك الليلة تكتب أسماء من قدر أن يحج في تلك السنة. (الوافى)

(٣) المنايا جمع المنية وهى الموت. والبلايا جمع البلية وهى الافات.

(٤) النور كناية عن انفجار الصبح بالفلق. (الوافى)

(٥) استعارة عن قلة النوم أول الليل. و " لا عليك " أى لا بأس عليك.

(٦) في القاموس صفده يصفده: شده وأوثقه كأصفده وصفده من باب التفعيل.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

باطلة ؛ لأنّ مَنْ بالبصرة لا يلزمه الحضور ببغداد في الخصومات ، والكفيل فرع المكفول ببدنه ، فإذا لم يجب عليه الحضور ، لا يمكن إيجاب الإحضار على الكفيل(١) .

وهو حسن.

مسألة ٥٧٠ : كلّ مَنْ يستحقّ عليه الحضور إلى مجلس الشرع تجوز كفالته‌ ، فتصحّ كفالة مَن ادّعى عليه وإن لم تقم البيّنة عليه بالدَّيْن وإن جحد ؛ لاستحقاق الحضور عليه.

والأصل فيه : أنّ المنكر يجب عليه فصل الخصومة ، فإذا رضي بتأخيرها ، صحّت الكفالة عليه وإن كانت الكفالة في نفسها ليست لازمةً إذا طلب الفصل في الحال.

وأمّا كفالة الحقّ فالحقّ الذي يُدّعى على المكفول ببدنه إن ثبت بإقراره أو بالبيّنة ، فلا خلاف في صحّة الكفالة ببدنه.

وإن(٢) لم يثبت لكن ادّعى المدّعي عليه ، فإن لم ينكر ولم يصدِّق بل سكت ، صحّت الكفالة أيضاً.

وإن أنكر ، صحّت الكفالة أيضاً ؛ لأنّ الحضور مستحقّ(٣) عليه ، فجاز [ التزام ](٤) إحضاره ، ومعظم الكفالات إنّما تتّفق قبل ثبوت الحقوق ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة.

والثاني : البطلان ؛ لأنّ الأصل براءة ذمّة المكفول ، وقد تأيّد ذلك بصريح الإنكار ، والكفالة ببدن مَنْ لا حقّ عليه باطلة(٥)

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٧.

(٢) في « ث ، ر » : « فإن ».

(٣) في الطبعة الحجريّة : « يستحقّ ».

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « إلزام ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٧.

٤٠١

والأوّل أقوى.

إذا عرفت هذا ، فإنّ الكفالة وإن صحّت لكن ليس للمدّعي قبل ثبوت دعواه إلزام الغريم بكفيلٍ على الحضور ، كما ليس له إلزامه بكفيلٍ على المال ، لكن لو كفله شخص على الحضور قبل ثبوت الدعوى ، صحّ.

إذا ثبت هذا ، فإنّ الكفالة تصحّ ببدن الغائب والمحبوس وإن تعذّر تحصيل الغرض في الحال ، كما يجوز من المعسر ضمان المال ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : لا تجوز(٢) .

وتصحّ كفالة مَنْ يُدّعى(٣) عليه الكفالة ، وكذا مَنْ يُدّعى عليه القصاص والحدّ ؛ لأنّ الحدّ وإن لم تصحّ الكفالة عليه فإنّه تصحّ الكفالة ببدن مَنْ يُدّعى عليه الحدّ ؛ لوجوب حضوره عند الحاكم ليثبت المدّعي عليه حقّه بالبيّنة أو الإقرار.

مسألة ٥٧١ : إذا عيّن الكفيل في كفالته مكانَ التسليم ، تعيّن ، ولم يجب عليه تسليمه في غير ذلك المكان‌ ، سواء كان أرفق له أو لا.

ولو طلب ذلك المكفولُ له ، لم تجب له إجابته.

وإن أطلق ، فالأقرب : وجوب تسليمه في موضع العقد ؛ لأنّه المفهوم عند الإطلاق.

وقال بعض الشافعيّة : إنّ فيه قولين ، كما لو أطلق السَّلَم ولم يعيّن‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٩.

(٣) في النسخ الخطّيّة : « ادّعي » بدل « يدّعى ».

٤٠٢

مكان التسليم(١) .

وقال الجويني : يُحمل على مكان الكفالة ، ولا يجي‌ء فيه ذلك الخلاف(٢) .

وعلى كلّ تقدير فالأقوى جواز الإطلاق ، وحمله على مكان العقد ، وقد بيّنّا أنّه إذا عيّن المكان أو أطلق وحملنا الإطلاق على موضع العقد فأحضره في غيره ، لم يلزمه تسلّمه ، سواء كان عليه مئونة أو مشقّة في حمله إلى المعيّن أو لا.

وقال الشافعي : إن كان عليه مؤونة أو مشقّة في حمله إلى الموضع الذي عيّنه ، لم يلزمه تسلّمه ، وإن لم يكن عليه في ذلك ضرر ، لزمه قبوله(٣) .

وحكى أبو العباس ابن سريج فيه وجهين(٤) .

والحقّ ما قلناه من أنّه لا يبرأ بالتسليم في غير المعيّن ، وبه قال أبو يوسف ومحمّد(٥) .

وقال بعض العامّة : إن أحضره بمكانٍ آخَر من البلد وسلّمه ، برئ من الكفالة(٦) .

وقال بعضهم : متى أحضره في أيّ مكانٍ كان وفي ذلك الموضع‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٣.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٨٠.

(٤) حلية العلماء ٥ : ٨١.

(٥) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٤٥ ، بدائع الصنائع ٦ : ١٢ ، المبسوط - للسرخسي - ١٩ : ١٦٦ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٧٢ ، فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٥٧ ، المغني ٥ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٣.

(٦) المغني ٥ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٣.

٤٠٣

سلطان ، برئ من الكفالة ؛ لكونه لا يمكنه الامتناع من مجلس الحكم ، ويمكن إثبات الحجّة فيه(١) .

وهو غلط ؛ لأنّه سلّم ما شرط تسليمه في مكانٍ في غير ذلك المكان ، فلم يبرأ بهذا التسليم ، كما لو أحضر المُسْلَم فيه في غير المكان المشترط. ولأنّه قد سلّمه في موضعٍ لا يقدر على إثبات الحجّة فيه إمّا لغيبة شهوده ، أو لعدم(٢) معرفة الحاكم وأهل بلده بحالهم(٣) أو غير ذلك ، وقد يهرب منه ولا يقدر على إمساكه.

إذا عرفت هذا ، فإنّ الكفيل إذا أتى بالمكفول [ به ] في غير الموضع ، لم يلزم المكفول له قبوله ، لكن يجوز له قبوله ، وله أن يمتنع وإن لم يكن له غرض ، خلافاً للشافعي(٤) ، كما تقدّم ، أو كان(٥) بأن كان قد عيّن مجلس الحكم أو بقعة يجد فيها مَنْ يعينه على خصمه.

مسألة ٥٧٢ : إذا دفع الكفيلُ المكفولَ ببدنه إلى المكفول له من غير حائلٍ من يد سلطان أو شبهه ، بل تسليماً تامّاً ، لزمه قبوله‌ ، أو إبراء ذمّة الكفيل من الكفالة ، فإن امتنع ، دَفَعه إلى الحاكم وسلّمه إليه ليبرأ. وإن لم يجد حاكماً ، أشهد عَدْلين بإحضاره إلى المكفول له وامتناع المكفول له.

والأقوى : أنّه يكفي الإشهاد على الامتناع ، وأنّه سلّمه إليه فلم يتسلّمه ، ولا يجب دفعه إلى الحاكم ؛ لأنّ مع وجود صاحب الحقّ لا يلزمه دَفْعه إلى مَنْ ينوب عنه من حاكمٍ أو غيره.

____________________

(١) المغني ٥ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٣.

(٢) في « ث ، ج » : « عدم ».

(٣) أي : حال الشهود.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٩.

(٥) أي : كان له غرض.

٤٠٤

وللشافعيّة القولان(١) .

ويبرأ الكفيل بتسليم المكفول [ به ] في المكان الذي وجب التسليم فيه ، سواء طلبه المستحقّ أو لم يطلبه بل أتاه به ، بشرط أن لا يكون هناك حائل من يد سلطانٍ ومتغلّبٍ وحبسٍ بغير حقٍّ لينتفع بتسليمه ويطالب الخصم.

ولو كان المكفول [ به ] محبوساً في حبس ظالمٍ ، لم يكن له أن يسلّمه إليه محبوساً ، ولا يبرأ بذلك ، ولا يلزمه أن يتسلّمه محبوساً ؛ لأنّ ذلك الحبس يمنعه من استيفاء حقّه(٢) .

وإن كان محبوساً عند الحاكم فسلّمه إليه محبوساً ، لزمه تسلّمه ، وبرئ الكفيل من الكفالة ؛ لأنّ حبس الحاكم لا يمنعه من استيفاء حقّه ، لإمكان إحضاره ومطالبته بالحقّ ، فإذا طالَب الحاكم بإحضاره ، أحضره بمجلسه ، وحَكَم بينهما ، فإذا فرغت الحكومة ، ردّه إلى الحبس بالحقّ الأوّل.

وإن توجّه عليه حقّ المكفول له ، حَبَسه بالحقّ الأوّل وحقّ المكفول له ، ومن أيّهما خلص بقي محبوساً على الآخَر.

فروع :

أ - لو ارتدّ المكفول به ولحق بدار الحرب ، لزم الكفيل إحضاره إن تمكّن منه ، وإلّا فلا‌. وكذا المحبوس عند غير الحاكم.

ب - لا يُشترط تسليم المكفول به من الكفيل في براءة ذمّة الكفيل‌ ،

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٧٩.

(٢) في « ث ، خ ، ر » والطبعة الحجريّة : « من الاستيفاء بحقّه ».

٤٠٥

بل لو جاء المكفول به وسلّم نفسه إلى المكفول له تسليماً تامّاً ، برئ الكفيل من الكفالة ؛ لأنّ القصد ردّه إلى المكفول له ، فلا فرق بين حصوله في يده بالكفيل أو بغيره نائباً عنه.

ج - لو أخذ المكفولُ له المكفولَ به إمّا طوعاً أو كرهاً وأحضره مجلس الحكم‌ ، برئ الكفيل من الكفالة ؛ لما تقدّم.

د - لو حضر المكفول به وقال : سلّمت نفسي إليك عن جهة الكفيل ، برئ الكفيل‌ ، كما يبرأ الضامنُ بأداء الأصيل الدَّيْنَ.

ولو لم يُسلّمه نَفْسَه عن جهة الكفيل ، لم(١) يبرأ الكفيل ؛ لأنّه لم يسلّمه إليه ولا أحد من جهته ، حتى قال بعض الشافعيّة : لو ظفر به المكفول له في مجلس الحكم وادّعى عليه ، لم يبرأ الكفيل(٢) .

وليس بجيّد ، والوجه : ما قلناه أوّلاً.

ه- لو سلّمه أجنبيّ لا عن جهة الكفيل ، لم يبرأ الكفيل.

ولو(٣) سلّمه عن جهة الكفيل ، فإن كان بإذنه ، فهو كما لو سلّمه بنفسه ؛ إذ لا تُشترط المباشرة. وإن كان بغير إذنه ، لم يجب على المكفول له القبولُ ؛ إذ لا يجب عليه قبض الحقّ إلاّ ممّن عليه. لكن لو قَبِل ، برئ الكفيل.

مسألة ٥٧٣ : لو تكفّل واحد ببدن رجلٍ لاثنين فسلّمه(٤) إلى أحدهما ، لم يبرأ من كفالة الآخَر‌ ، فإنّ العقد مع اثنين بمنزلة العقدين ، فهو كما لو‌

____________________

(١) في « ج ، ر » والطبعة الحجريّة : « لا » بدل « لم ».

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٨ - ١٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٣ - ١٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٩.

(٣) في النسخ الخطّيّة : « وإن » بدل « ولو ».

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فسلّم ». والظاهر ما أثبتناه.

٤٠٦

تكفّل لكلّ واحدٍ منهما به على الانفراد ، وكما لو ضمن دَيْنين لشخصين فأدّى دَيْن أحدهما ، لم يبرأ من دَيْن الآخَر.

ولو كفل رجلان برجلٍ لرجلٍ ، صحّت الكفالة ، كما يصحّ أن يضمن اثنان واحداً. فإن ردّه أحدهما إلى المكفول له ، فهل يبرأ الآخَر؟ الأقرب : البراءة ، كما لو أدّى الدَّيْنَ أحدُ الضمناء ، برئ الباقون ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والثاني لهم : أنّهما إن كفلا على الترتيب ، وقع تسليمه عن المُسلِّم دون صاحبه ، سواء قال : سلّمتُ عن صاحبي ، أم لم يقل(١) .

وإن كفلا معاً ، فوجهان.

قال المزني : يبرأ المسلِّم والآخَر أيضاً ، كالضامنين إذا أدّى أحدهما.

وقال ابن سريج والأكثر : لا يبرأ ، كما لو كان بالدَّيْن رهنان فانفكّ أحدهما ، لا ينفكّ الآخَر ، بخلاف ما إذا أدّى أحد الضامنين الدَّيْنَ ، فإنّه يوجب براءة الأصيل ، وإذا برئ الأصيل برئ كلّ ضامنٍ ، وهنا سقطت الوثيقة عن أحدهما مع بقاء الحقّ(٢) .

ولو كفل اثنان بواحدٍ وكفل كلٌّ من الكفيلين ببدن صاحبه ، صحّت الكفالات كلّها ؛ لأنّ كلّ مكفولٍ هنا عليه حقٌّ. فعلى ما قلناه إذا أحضر أحدُهما المكفولَ به وسلّمه ، يبرأ كلّ واحدٍ منهما عن كفالة صاحبه وكفالة الذي كفلا به.

وعلى قول ابن سريج وجهان :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٩ - ٤٩٠.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٧٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٠.

٤٠٧

أحدهما : يبرأ الأصيل والكفيل.

والثاني : أنّ الذي أحضره تسقط كفالته بالمكفول به ، وتسقط عن الآخَر كفالته بالكفيل الذي أحضره ، وبقي عليه وجوب إحضار المكفول به(١) .

مسألة ٥٧٤ : يصحّ ترامي الكفالات‌ ، فلو تكفّل رجل ببدن مَنْ عليه الحقُّ ثمّ تكفّل آخَر ببدن الكفيل وتكفّل ثالثٌ ببدن الكفيل الثاني ، جاز ، كالضمان يصحّ أن يضمن الضامن الحقَّ ويضمن ثانٍ عن الضامن ويضمن عن ضامن الضامن ضامنٌ آخَر ، وهكذا.

فإذا أحضر الكفيلُ الأوّل مَنْ عليه الحقُّ ، برئ وبرئ الكفيلان الآخَران ؛ لأنّهما فرعاه.

وإن أحضر الكفيل الثاني الكفيلَ الأوّل ، برئ وبرئ الثالث ؛ لأنّه فرعه ، ولم يبرأ الأوّل ولا مَنْ عليه الحقُّ.

فإن مات مَنْ عليه الحقُّ ، فعندنا وعند الشافعي(٢) يبرأ الكفلاء الثلاثة ، ولا شي‌ء عليهم.

وإن مات الكفيل الأوّل ، برئ الكفيلان الآخَران.

وإن مات الثاني ، برئ الثالث ، دون الأوّل.

وإن مات الثالث ، لم يبرأ الأوّلان.

مسألة ٥٧٥ : إذا مات المكفول به ، بطلت الكفالة ، ولم يلزم الكفيل شي‌ء‌ ، عند علمائنا - وبه قال شريح والشعبي وحمّاد بن أبي سليمان وأبو حنيفة والشافعي وأحمد(٣) - لأنّه تكفّل ببدنه على أن يُحضره ، وقد‌

____________________

(١) لاحظ : العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٤ ، وروضة الطالبين ٣ : ٤٩٠.

(٢) في « ث » : « الشافعيّة ». ولاحظ الهامش التالي.

(٣) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٢٧٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٧٥ ، المغني ٥ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٤.

٤٠٨

سقط الحضور عن المكفول [ به ] فيبرأ الكفيل ، كما لو برئ من الدَّيْن. ولأنّ ما التزم به من أجله يسقط عن الأصل(١) فيبرأ الفرع ، كالضامن إذا قضى المضمون عنه الدَّيْنَ أو أُبرئ منه عندهم(٢) . ولأنّه تكفّل ببدنه ، فلا يلزمه ما في ذمّته ، كما لو غاب غيبةً منقطعة. ولأنّه لا يلزمه بذل نفسه فما في ذمّته أولى.

وقال مالك والحكم والليث : يجب على الكفيل المال الذي كان في ذمّته - وبه قال ابن سريج من الشافعيّة - لأنّ الكفيل وثيقة على الحقّ ، فإذا تعذّر استيفاء الحقّ ممّن هو عليه ، استوفي من الوثيقة كالرهن(٣) .

والفرق ظاهر ؛ فإنّ الرهن تعلّق بالمال ، فاستوفى منه.

وقال بعض الشافعيّة : لا تبطل الكفالة ، ولا ينقطع طلب الإحضار عن الكفيل - وهو أصحّ قولَي الشافعيّة عندهم - بل عليه إحضاره ما لم يُدفن - وقلنا بتحريم النبش لأخذ المال - إذا أراد المكفول له إقامة الشهادة على صورته ، كما لو تكفّل ابتداءً ببدن الميّت(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الكفالة على الإحضار إنّما يُفهم منها إحضاره حالَ الحياة ، وهو المتعارف بين الناس والذي يخطر بالبال ، فيُحمل الإطلاق عليه.

وعلى قول ابن سريج ومالك هل يطالَب بالدَّيْن أو بالأقلّ من الدَّيْن‌

____________________

(١) فيما عدا « ج » من النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الأصيل ».

(٢) المغني ٥ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٤.

(٣) الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٩٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩١ ، المغني ٥ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩١.

٤٠٩

ودية المقتول؟ وجهان مبنيّان على القولين في أنّ السيّد يفدي العبد الجاني بالأرش أو بالأقلّ من الأرش وقيمة العبد؟(١) .

البحث الثالث : في الأحكام.

مسألة ٥٧٦ : إذا كانت الكفالة حالّةً أو مؤجَّلةً وحلّ أجلها ، فإن كان المكفول به حاضراً ، وجب على الكفيل إحضاره‌ إذا طلبه المكفول له ، فإن أحضره ، وإلّا حُبس. وإن كان غائباً فإن كان موضعه معلوماً يمكنه ردّه منه ، أُمهل الكفيل بقدر ذهابه ومجيئه ، فإذا مضى قدر ذلك ولم يأت به من غير عذرٍ ، حُبس ، ولا يُحبس في الحال ، وبه قال عامّة أهل العلم.

وقال ابن شبرمة : يُحبس في الحال ؛ لأنّ الحقّ قد توجّه عليه(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّ الحقّ وإن كان قد حلّ فإنّه يُعتبر فيه إمكان التسليم ، وإنّما يجب عليه إحضار الغائب عند إمكان ذلك.

وإن كان غائباً غيبةً منقطعة - والمراد منها أن لا يُعرف موضعه وينقطع خبره - لم يكلَّف الكفيل إحضاره ؛ لعدم الإمكان ، ولا شي‌ء عليه ؛ لأنّه لم يكفل المال ، وبه قال الشافعي(٣) .

وقال أحمد : يجب عليه المال(٤) ، مع أنّه قال : إذا مات المكفول برئ الكفيل ، ولا شي‌ء عليه(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩١.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٨٠ ، المغني ٥ : ٩٨ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٠.

(٤) المغني ٥ : ٩٨ - ٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٦.

(٥) المغني ٥ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٤.

٤١٠

فروع :

أ - لو عرف موضعه ، فقد بيّنّا أنّه يجب عليه إحضاره‌ ، سواء كان على أزيد من مسافة القصر أو أنقص.

وقال بعض الشافعيّة : إن كان دون مسافة القصر ، فعليه إحضاره ويُمهَل مدّة الذهاب والإياب ليتبعه. وإن كان على مسافة القصر ، فوجهان :

أظهرهما عندهم : أنّه كما لو كان دون مسافة القصر ، كما لو كان المديون غائباً إلى هذه المسافة ، يؤمر بإحضاره.

والثاني : أنّه لا يُطالَب بإحضاره ، إلحاقاً لهذه الغيبة بالغيبة المنقطعة ، كما لو غاب [ الولي ](١) أو شاهدا(٢) الأصل إلى مسافة القصر ، يكون كما لو غاب غيبةً منقطعة(٣) .

ب - لو كان غائباً حين كفل‌ ، فالحكم في إحضاره كما لو غاب بعد الكفالة.

ج - لو كانت الكفالة مؤجَّلةً ، لم يكن للمكفول له مطالبة الكفيل بالإحضار قبل الأجل‌ ، سواء كان عليه مئونة في التقديم أو لا.

ولو دَفَعه قبل الأجل ، لم يجب على المكفول له أخذه ، سواء كان عليه ضرر في أخذه ، أو انتفى الضرر.

وقال بعض العامّة : إذا انتفى الضرر ، وجب عليه أخذه(٤) .

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « المولى ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) في « ث ، ج ، ر » : « شاهد ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٠.

(٤) المغني ٥ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٣ - ١٠٤.

٤١١

وليس بمعتمد.

د - لو فرّط الكفيل في تحصيله بأن طالَبه المكفول له بإحضاره وكان متمكّناً منه‌

فهرّبه أو ماطَل بإحضاره حتى غاب غيبةً منقطعة ولم يُعرف له خبر ، فإن أوجبنا المال ، وجب هنا ، وإلّا فإشكال.

مسألة ٥٧٧ : قال الشيخرحمه‌الله : ومَنْ ضمن لغيره نفسَ إنسان إلى أجلٍ معلوم بشرط ضمان النفس ثمّ لم يأت به عند الأجل ، كان للمضمون له حبسه حتى يُحضِر المضمونَ‌ ، أو يخرج إليه ممّا عليه(١) .

وهذا يقتضي وجوب أحد الأمرين على الكفيل : الإحضار ، أو الأداء.

فإن طلب المكفول له الإحضار لا غير ، فالأقرب عندي : إلزامه به ؛ لأنّه قد يكون له غرض لا يتعلّق بالأداء ، وقد يرغب المكفول له في القبض من غير الغريم.

وعلى ظاهر كلام الشيخ يبرأ الكفيل بأداء المال.

إذا عرفت هذا ، فإذا أدّى الكفيل المالَ فإن كان قد كفل بإذنه أو أدّى بإذنه ، كان له الرجوع عليه ، بخلاف ما قلنا في الضمان : إنّه لو ضمن متبرّعاً وأدّى بالإذن ، لم يكن له الرجوع ؛ لأنّ الكفالة ليست بالمال ، فيكون حكمه حكمَ الأجنبيّ إذا أدّى بإذن مَنْ عليه الدَّيْنُ ، كان له الرجوع - على ما تقدّم - إن شرط الرجوع ، أو مطلقاً على الخلاف.

وإنّما أوجبنا الرجوع هنا فيما إذا كفل بإذنه ؛ لأنّ الإذن في الكفالة إذنٌ في لوازمها ، ومن لوازمها الأداء مع عدم الإحضار.

إذا ثبت هذا ، فإن تمكّن من الإحضار وأدّى المال من غير حبسٍ أو‌

____________________

(١) النهاية : ٣١٥.

٤١٢

معه ، فالأقرب : أنّه لا يرجع وإن كفل بإذنه ؛ لأنّ الواجب في الكفالة الإحضار مع المكنة ، وقد أمكنه الإحضار ، فيكون في أداء المال متبرّعاً.

مسألة ٥٧٨ : قد بيّنّا أنّه لا يُعتبر رضا المكفول به عندنا ، وهو أحد قولَي الشافعي. وفي الثاني : يشترط‌(١) .

وإذا كفل بإذن المكفول به فأراد الكفيل إحضاره إمّا لطلب المكفول له أو ابتداءً ليخرج عن العهدة ، فعليه الإجابة ، ومئونة الإحضار على الكفيل.

وإن كفل بغير إذنه عندنا أو على قوله بالصحّة فطالَبه المكفول له بالإحضار ، فللكفيل مطالبته بالحضور على جهة التوكيل من المضمون له.

ولو قال : أُخرج من حقّي ، للشافعيّة وجهان :

أحدهما : قال ابن سريج : لم يكن له مطالبة المكفول به بالإحضار ، كما لو ضمن بغير إذنه مالاً وطالَب المضمون له الضامنَ ، فإنّه لا يطالب الأصيل.

والثاني : نعم ؛ لتضمّنه التوكيلَ في الإحضار(٢) .

مسألة ٥٧٩ : لو مات المكفول له ، انتقل حقّه من الكفالة إلى ورثته ، وتكون الكفالة باقيةً ، وتقوم ورثته مقامه ، كما لو ضمن له المال ، وهو أظهر وجوه الشافعيّة.

والثاني : أنّ الكفالة تنقطع ؛ لأنّها ضعيفة ، فلا يُحكم بتوريثها.

والثالث : إن كان له وصيٌّ أو عليه دَيْنٌ ، بقيت الكفالة ؛ لأنّ الوصيّ نائبه ، وتمسّ حاجته إلى قضاء الدَّيْن ، فإن لم يكن وصيٌّ ولا دَيْنٌ ، انقطعت الكفالة(٣) .

____________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ٣٩٣ ، الهامش ( ٢ و ٥ ).

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٣٩٤ ، الهامش (١)

(٣) الوسيط ٣ : ٢٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٢.

٤١٣

والصحيح عندنا : الأوّل ؛ لأنّه حقٌّ للميّت ، فانتقل عنه إلى ورثته ، كغيره من الحقوق.

ونمنع ضعفها. سلّمنا ، لكن تُنتقل إلى الوارث ضعيفةً.

والثالث لا وجه له ؛ لأنّ الكفالة إمّا أن تورث وتكون حقّاً متروكاً للميّت ، أو لا ، فإن كانت ، وُرثت على التقديرين. وإن لم تكن ، لم يُصيّرها الدَّيْن والوصيّ حقّاً موروثاً.

مسألة ٥٨٠ : إذا تكفّل برجلٍ إلى أجلٍ إن جاء به ، وإلّا لزمه ما عليه ، فإن قدّم كفالة النفس بأن قال : إن لم أُحضره كان علَيَّ كذا ، لم يلزمه إلّا الإحضار ، عند علمائنا ؛ لأنّ الضمان لا يقبل التعليق بخطر ، فإنّه لا يصحّ لو علّقه بقدوم زيدٍ ، فلهذا بطل ضمان المال ، ووجب عليه الإحضار بالكفالة ، ولا يضرّ ضميمة الضمان الباطل ؛ لأنّه قصد بالضمان تأكيد الحجّة عليه بالإحضار وتقوية حقّ الإحضار عليه.

وإن قدّم ضمانَ المال ، فقال : علَيَّ كذا إلى كذا إن لم أُحضره ، ولم يُحضره ، وجب عليه ما ذكره من المال ؛ لما رواه الخاصّة عن أبي العباس عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يكفل بنفس الرجل إلى أجل فإن لم يأت به فعليه كذا وكذا درهماً ، قال : « إن جاء به إلى أجلٍ فليس عليه مال ، وهو كفيل بنفسه أبداً إلّا أن يبدأ بالدراهم ، فإن بدأ بالدراهم فهو له ضامن إن لم يأت [ به ] إلى الأجل الذي أجّله »(١) .

وعن أبي العباس أيضاً عن الصادقعليه‌السلام : رجل كفل لرجلٍ بنفس رجلٍ ، فقال : إن جئتُ به وإلّا فعلَيَّ خمسمائة درهم ، قال : « عليه نفسه ،

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٢٠٩ - ٢١٠ / ٤٨٨ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

٤١٤

ولا شي‌ء عليه من الدراهم » فإن قال : علَيّ خمسمائة درهم إن لم أدفعه إليه ، فقال : « تلزمه الدراهم إن لم يدفعه إليه »(١) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ الشافعي ومحمّد بن الحسن قالا : إذا تكفّل برجلٍ إلى أجلٍ إن جاء به فيه وإلّا لزمه ما عليه ، لا تصحّ الكفالة ، ولا يلزمه ما عليه. وكذا لو قال : متى لم أُحضره كان علَيَّ كذا وكذا ؛ لأنّ هذا خطر ، ولا يجوز تعليق الضمان به ، كما لو قال : إن جاء المطر فأنا ضامن ، لم يصح(٢) .

وقال أبو يوسف وأبو حنيفة وأحمد : تصحّ الكفالة ، فإن جاء به في الوقت وإلّا لزمه ما عليه ؛ لأنّ هذا موجَب الكفالة ومقتضاها ، فصحّ اشتراطه ، كما لو قال : إن جئتُ به في وقت كذا وإلّا فلك حبسي(٣) .

ولا بأس به عندي.

أمّا لو قال : إن جئتُ به في وقت كذا وإلّا فأنا كفيل ببدن فلان ، أو : فأنا ضامن ما لك على فلان ، أو قال : إذا جاء زيد فأنا ضامن ما عليه ، أو : إذا قدم الحاج فأنا كفيل فلان ، أو قال : أنا كفيل بهذا شهراً ، على إشكالٍ في الأخير ، لم تصح الكفالة - وبه قال الشافعي ومحمّد بن الحسن(٤) - لأنّ الضمان خطر ، فلا يجوز تعليقه على شرطٍ ، كالهبة.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف : فتصحّ ؛ لأنّه أضاف الضمان إلى سبب‌

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٢١٠ / ٤٩٣.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٧٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٩ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٣) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٩ ، حلية العلماء ٥ : ٧٧ ، المغني ٥ : ١٠٠ - ١٠١ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٤) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٩ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠١.

٤١٥

الوجوب ، فتصحّ ، كضمان الدرك(١) .

وقال بعض العامّة : إذا قال : كفلتُ بفلان إن جئتُ به في وقت كذا وإلّا فأنا كفيل بفلان ، أو ضامنٌ المالَ الذي على فلان ، يصحّ(٢) .

والحقّ : البطلان ؛ لأنّ الأوّل موقوف ، والثاني معلَّق على شرط.

مسألة ٥٨١ : لو قال : كفلتُ ببدن فلان على أن يبرأ فلان الكفيل ، أو على أن تبرئه من الكفالة ، فالأقوى عندي : الصحّة‌ ؛ عملاً بقوله تعالى :

( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٣) وبقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٤) وهذا شرط تمسّ الحاجة إليه ، ولا وجه لفساده ؛ لأنّه شرط تحوّل الوثيقة التي على الكفيل إليه.

وقالت الشافعيّة : لا تصحّ الكفالة ؛ لأنّه شرط فيها شرطاً لا يلزمه الوفاء به ، فيكون فاسداً ، فتفسد به الكفالة(٥) .

ونمنع من عدم لزومه مع الشرط.

وقال ابن سريج كما قلناه ؛ لأنّه طلب تحويل الحقّ في الكفالة إليه(٦) .

فعلى هذا لا تلزمه الكفالة إلاّ أن يُبرئ المكفول له الكفيلَ الأوّل من‌

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٩ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٢) المغني ٥ : ١٠١ - ١٠٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٣) المائدة : ١.

(٤) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٧٤ - ٧٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٠ - ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٦ ، ولاحظ : المغني ٥ : ١٠٢ ، والشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٦) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٧٤ - ٧٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٦.

٤١٦

الكفالة ؛ لأنّه إنّما كفل بهذا الشرط ، فلا تثبت كفالته بدون شرطه.

ولو قال : كفلتُ لك بهذا الغريم على أن تبرئني من الكفالة بفلان ، أو : ضمنتُ لك هذا الدَّيْن بشرط أن تُبرئني من ضمان الدَّيْن الآخَر ، أو : على أن تُبرئني من الكفالة بفلان ، خرج فيه الوجهان.

والأولى عندي : الصحّة.

وقال بعض العامّة : لا تصحّ ؛ لأنّه شرط فسخ عقدٍ في عقدٍ ، فلم تصح ، كالبيع بشرط فسخ بيعٍ آخَر(١) .

ونمنع ثبوت الحكم في الأصل.

ولو شرط في الكفالة أو الضمان أن يتكفّل المكفول له أو المكفول به بآخَر أو يضمن دَيْناً عنه أو يبيعه شيئاً أو يؤجره داره ، فالأقرب : الصحّة ، خلافاً لبعض العامّة(٢) .

مسألة ٥٨٢ : تصحّ الكفالة ببدن المحبوس والغائب‌ ؛ لأنّ كلّ وثيقة صحّت مع الحضور صحّت مع الغيبة والحبس ، كالرهن والضمان. ولأنّ الحبس لا يمنع من التسليم ؛ لكون المحبوس يمكن تسليمه بأمر الحاكم أو أمر مَنْ حَبَسه ثمّ يعيده إلى الحبس بالحقّين جميعاً ، والغائب يمضي إليه فيُحضره إن كانت الغيبة غيرَ منقطعة. وإن لم يعلم خبره ، لزمه ما عليه عند بعض العامّة(٣) .

وقال أبو حنيفة : لا تصحّ(٤) .

____________________

(١) المغني ٥ : ١٠٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٢) المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠٢.

(٣) المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٩.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٩.

٤١٧

مسألة ٥٨٣ : إذا دفع الكفيلُ المكفولَ به إلى المكفول له في وقته ومكانه وسلّمه تسليماً تامّاً ، برئ من الكفالة عند أكثر أهل العلم‌؛ لأنّه عقد على عملٍ ، فيبرأ منه بعمل المعقود عليه ، كالإجارة(١) .

وقال ابن أبي موسى : لا يبرأ حتى يقول : قد برئت يدي منه ، أو : قد سلّمتُه إليك ، أو : قد أخرجتُ نفسي من كفالته(٢) .

وإذا أبرأ المكفول له الكفيلَ من الكفالة أو اعترف بذلك بأن يقول : أبرأتُه ، أو : برئ إليَّ ، أو : ردّ إليَّ المكفول به ، برئ من الكفالة ، وإذا أُبرئ الكفيل ، لم يبرأ المكفول به من الدَّيْن ، بخلاف الضمان.

ولو أُبرئ المكفول به من الحقّ الذي كفل الكفيل عليه ، برئ الكفيل أيضاً.

ولو ادّعى الكفيل أنّ المكفول به برئ من الحقّ وأنّ الكفالة سقطت عنه ، وأنكر ذلك المكفولُ له ، فالقول قوله مع يمينه إذا لم تكن للكفيل بيّنة ، فإذا حلف برئ من دعوى الكفيل ، فإن جاء المكفول به فادّعى الإبراء ، لم يكتف باليمين التي حلفها للكفيل ، بل كان عليه يمينٌ أُخرى.

ولو نكل في دعوى الكفيل ، حلف الكفيل ، وبرئ من الكفالة ، ولا يبرأ المكفول به من الحقّ ؛ لأنّه لا يجوز أن يبرأ بيمين غيره.

ولو نكل عن يمين المكفول به ، حلف المكفول به ، وبرئ هو والكفيل وإن كان قد حلف على عدم الإبراء له.

ولو قال : تكفّلتُ لك به ولا حقّ لك عليه ، أو ضمنتُ ما عليه ولا شي‌ء عليه ، فالقول قول المكفول له ؛ لأنّ الظاهر صحّة الكفالة والضمان.

____________________

(١ و ٢) المغني ٥ : ٩٨ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٢.

٤١٨

وهل يحلف؟ للشافعيّة وجهان :

أحدهما : لا يحلف ؛ لأنّ دعوى الكفيل تخالف ظاهر قوله.

والثاني : يحلف ؛ لأنّ ما يدّعيه ممكن(١) .

فإن حلف ، فلا كلام. وإن نكل ، رددنا اليمين على الكفيل ؛ لجواز أن يعلم أنّه لا حقّ له عليه بقول المكفول له : إنّه لا حقّ لي عليه.

فإن قال : تكفّلتُ به بشرط الخيار ، لم يُقبل منه في قوله : « بشرط الخيار » وحُكم عليه بالكفالة ، سواء قلنا : إنّه يدخلها الخيار أو لا ، وهو أحد قولَي الشافعيّة. والثاني : يسقط إقراره(٢) .

والأصل فيه أنّه إذا عقّب إقراره بما يُبطله ، هل يبطل الإقرار أو المُبطل؟

ولو قال رجل لآخَر : إنّ فلاناً يلازم فلاناً ويضايقه على حقّه فاذهب وتكفّل به ، ففَعَل ، كانت الكفالة لازمةً للمباشر دون الآمر ؛ لأنّ المباشر فَعَل باختياره ، والأمر بذلك حثّ وإرشاد.

مسألة ٥٨٤ : مَنْ خلّى غريماً من يد صاحبه قهراً وإجباراً ، ضمن إحضاره‌ أو أداء ما عليه ؛ لأنّه غصب اليد المستولية المستحقّة من صاحبها ، فكان عليه إعادتها أو أداء الحقّ الذي بسببه تثبت اليد عليه.

ولو خلّى قاتلاً من يد الوليّ ، لزمه إحضاره أو الدية وإن كان القتل عمداً ، ولا نوجب عليه عين حقّ القصاص ؛ إذ لا يجب إلّا على المباشر ، فلمّا تعذّر استيفاؤه وجبت الدية ، كما لو هرب القاتل عمداً أو مات ، فإن‌

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ - ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥ - ٤٩٦.

٤١٩

دفع الدية ثمّ حضر القاتل ، تسلّط الوارث على قتله ، ويدفع ما أخذه من المخلّص ؛ لأنّ الدية إنّما أخذها لمكان الحيلولة وقد زالت.

وإن لم يقتل وتمكّن من استيفاء القصاص ، وجب دفع المال أيضاً إلى صاحبه ، ولا يتسلّط الكفيل لو رضي هو والوارث بالمدفوع بديةٍ ولا قصاص.

ولو تعذّر عليه استيفاء الحقّ من قصاصٍ أو مالٍ وأخذنا المال أو الدية من الكفيل ، كان للكفيل الرجوعُ على الغريم الذي خلّصه قصاصاً.

مسألة ٥٨٥ : إذا كفل بدن شخصٍ ادّعي عليه مال ثمّ قال الكفيل : لا حقّ لك عليه ، قُدّم قول المكفول له‌ ؛ لاستدعاء الكفالة ثبوت المال.

فإن تعذّر إحضاره ، فهل يجب عليه أداء المال من غير بيّنةٍ؟ إشكال أقربه : عدم الوجوب.

وإن أوجبناه فدفع المال ، لم يكن له الرجوعُ على المكفول به ؛ لأنّه اعترف ببراءة ذمّته وأنّه مظلوم في أخذ المال منه ، والمظلوم إنّما يرجع على مَنْ ظَلَمه.

مسألة ٥٨٦ : لو كان لذمّيٍّ على ذمّيٍّ خمرٌ وتكفّل به ذمّيٌّ آخَر ، فأسلم المكفول له أو المكفول عنه ، برئ الكفيل والمكفول عنه.

وقال أبو حنيفة : إذا أسلم المكفول عنه ، لم يبرأ واحد منهما ، ويلزمهما قيمة الخمر ؛ لأنّه كان واجباً ، ولم يوجد إسقاط ولا استيفاء ، ولا وُجد من المكفول له ما أسقط حقّه ، فبقي بحاله(١) .

وهو غلط ؛ لأنّ المكفول به مسلم ، فلم يجب عليه الخمر ، كما لو كان مسلماً قبل الكفالة ، وإذا برئ المكفول به ، برئ كفيله ، كما لو أدّى الدَّيْن أو أُبرئ منه.

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ٢٠ : ٢٤ ، اختلاف الفقهاء : ٢٦٩ ، المغني ٥ : ١٠٧.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510