تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

تذكرة الفقهاء7%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: 510

الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 510 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 406072 / تحميل: 5175
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

ولو أسلم المكفول له ، برئ الجميع ، وكذا إن أسلم المكفول به.

وإن أسلم الكفيل وحده ، برئ من الكفالة ؛ لامتناع وجوب الخمر عليه وهو مسلم.

ولو كان ضماناً ، فإنّه لا يسقط بإسلام المضمون عنه.

وفي رجوع الضامنِ المأذونِ عليه بالقيمة نظر.

مسألة ٥٨٧ : لو قال : أعط فلاناً ألفاً ، ففَعَل ، لم يرجع على الآمر ، ولم يكن ذلك كفالةً ولا ضمانَ مالٍ ، إلّا أن يقول : أعطه عنّي.

وقال أبو حنيفة : يرجع عليه إذا كان خليطاً له ؛ لجريان العادة بالاستقراض من الخليط(١) .

ولو تسلّط الظالم عليه فأخذ منه شيئاً ، لم يتسلّط المظلوم على الآمر ، ولم يكن له الرجوعُ بما أخذه الظالم وإن كان سبباً ؛ لأنّ الحوالة مع اجتماع المباشر والسبب على المباشر. أمّا لو قبض وسلّم إلى الظالم ، فإنّه يطالب قطعاً.

مسألة ٥٨٨ : إذا كانت سفينة في البحر وفيها متاع فخِيف عليها الغرق‌ فألقى بعض الركبان متاعَه في البحر لتسلم السفينة ومَنْ فيها ، لم يكن له الرجوعُ على أحدٍ ، سواء ألقاه بنيّة الرجوع على الركبان أو لا بنيّة الرجوع ؛ لأنّه أتلف مال نفسه باختياره من غير ضمانٍ.

ولو قال له بعض الركبان : ألق متاعك ، فألقاه ، لم يرجع أيضاً على أحدٍ ؛ لأنّه لم يكرهه على إلقائه ، ولا ضمن له.

ولو قال له : ألق متاعك وعلَيَّ ضمانه ، فألقاه ، فعلى القائل ضمانُه‌

____________________

(١) فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٦٥ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٠ : ٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٥ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠٧.

٤٢١

وإن كان ضمانَ ما لم يجب ؛ للحاجة الداعية إلى ذلك.

ولو قيل بأنّه جعالة ، خلصنا من الإلزام.

ولو قال : ألقه وأنا وركبان السفينة ضمناء له ، ففَعَل ، فالأقرب أن نقول : إن كان ضمانَ اشتراكٍ ، فليس عليه إلّا ضمان حصّته ؛ لأنّه لم يضمن الجميع ، إنّما ضمن حصّته ، وأخبر عن سائر الركبان بضمان الباقي ، ولم يُقبل قوله في حقّ الباقين.

وإن كان ضمانَ اشتراكٍ وانفرادٍ بأن يقول : كلّ واحدٍ منّا ضامنٌ لك متاعك أو قيمته ، لزم القائل ضمان الجميع ، وسواء قال هذا والباقون يسمعون وسكتوا ، أو قالوا : لا نضمن شيئاً ، أو لم يسمعوا ؛ لأنّ سكوتهم لا يلزمهم به حقّ.

وقال بعض العامّة : يضمنه القائل وحده ، إلّا أن يتطوّع بقيّتهم(١) .

ولو قال : ألقه وعلَيَّ ضمانه وعلى الركبان فقد أذنوا لي ، فأنكروا بعد الإلقاء ، ضمن الجميع بعد اليمين على إشكالٍ ينشأ : من استناد التفريط إلى المالك حيث متاعه قبل الاستيثاق.

ولو لم يكن خوف ، فالأقرب : بطلان الضمان.

وكذا يبطل لو قال : مزّق ثوبك وعلَيَّ ضمانه ، أو اجرح نفسك وعلَيَّ ضمانه ؛ لعدم الحاجة ، فلا يصحّ الضمان ولا الجعالة إن ألحقنا مثل هذا بالجعالة ؛ لأنّها ليست على عملٍ مقصود.

أمّا لو قال : طلّق زوجتك وعلَيَّ كذا ، أو أعتق عبدك وعلَيَّ كذا ، ففَعَل ، لزمه ذلك ؛ لإمكان أن يعلم التحريم بينهما فطلب التفرقة بالعوض أو طلب ثواب العتق.

مسألة ٥٨٩ : لو انتقل الحقّ عن المستحقّ ببيعٍ أو إحالةٍ أو غيرهما ،

____________________

(١) المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠٨.

٤٢٢

برئ الكفيل من الكفالة ؛ لأنّه إنّما كفل له ، لا لغيره ، وقد انتقل المال عنه ، فلا يتعدّى حقّ الكفالة إلى مَن انتقل إليه المال.

وكذا لو أحال المكفول به المكفول له بالمال الذي عليه وقَبِل المحتال والمحال عليه ، برئ الكفيل أيضاً ؛ لأنّ الحوالة كالقضاء إذا كان المحال عليه مليّاً.

أمّا لو كان معسراً أو لم يعلم المحتال ، فالأقوى : عدم البراءة ، إلاّ أن يرضى بالحوالة على المعسر.

ولو أدّى الكفيل لتعذّر إحضار المكفول ببدنه ، كان له مطالبة المكفول بما أدّاه عنه ، سواء كفل بإذنه أو لا.

ولو ظهر بعد الأداء سبق موت المكفول ، رجع الكفيل على المكفول له بما قبضه ؛ للعلم ببطلان الكفالة.

ولو مات المحال عليه الموسر ولم يترك شيئاً ، برئ الكفيل ، وسقط دَيْن المحتال.

مسألة ٥٩٠ : قد بيّنّا أنّ الميّت تحلّ عليه الديون المؤجَّلة عليه ، عند علمائنا أجمع‌ - وعليه عامّة الفقهاء ، وبه قال الشعبي والنخعي وسعيد بن المسيّب وسوار ومالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لأنّ هذا الدَّيْن إمّا أن يبقى في ذمّة الميّت أو ذمّة الورثة أو متعلّقاً بالمال.

والأوّل محال ؛ لأنّ الميّت خرجت ذمّته ، وتعذّرت مطالبته.

____________________

(١) المدوّنة الكبرى ٥ : ٢٣٦ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٥٨٩ / ٩٨٧ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٨٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٤ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٩ ، المغني ٤ : ٥٢٦ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٤ - ٥٤٥.

٤٢٣

والثاني باطل ؛ لأنّ صاحب الدَّيْن لم يرض بذمّتهم ، والذمم تختلف وتتباين. وأيضاً فإنّهم لم يلتزموا به.

والثالث باطل ؛ إذ لا يجوز تعلّقه بالأعيان وتأجيله ؛ لما فيه من الإضرار بالميّت وصاحب الدَّيْن ، ولا منفعة للورثة فيه ، بل ربما استضرّوا به.

أمّا الميّت : فلقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الميّت مرتهن بدَيْنه حتى يقضى عنه »(١) .

وأمّا صاحبه : فقد تتلف الأعيان فيسقط حقّه.

ولا منفعة للورثة ؛ فإنّهم لا ينتفعون بالأعيان ولا يتصرّفون فيها. وإن تصوّر في ذلك منفعة لهم ، فلا يسقط حقّ الميّت وصاحب الدَّيْن ليحصل لهم منفعة.

وقال ابن سيرين وعبيد الله بن الحسن وإسحاق وأبو عبيد وطاوُوس وأبو بكر بن محمّد والزهري وسعيد بن إبراهيم والحسن البصري وأحمد في الرواية الأُخرى : لا تحلّ ؛ لأنّه لو كان له دَيْنٌ مؤجَّل لم يحل ، فكذلك ما عليه ، كالحيّ. ولأنّ الموت ما جُعل مُبطلاً للحقوق ، إنّما هو علامة على الوراثة ، وقد قالعليه‌السلام : « مَنْ ترك حقّاً أو مالاً فلورثته »(٢) (٣) .

والفرق : أنّ الحيّ له ذمّة ، وما لَه يمكن حفظه ، بخلاف ما عليه ، فإنّ‌

____________________

(١) جامع المسانيد - للخوارزمي - ٢ : ٧٤ ، المغني ٤ : ٥٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٥.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ١٢٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨٠٧ / ٢٤١٦ ، سنن النسائي ٤ : ٦٦ ، سنن البيهقي ٣ : ٢١٤ ، و ٦ : ٢١٤ ، مسند أبي داوُد الطيالسي : ١٥٦ - ١٥٧ / ١١٥٠ ، مسند أحمد ٤ : ٢٢٢ / ١٣٧٤٤ و ١٣٧٤٥ ، المصنّف - لعبد الرزّاق - ٨ : ٢٨٩ - ٢٩٠ / ١٥٢٥٧ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٢٠ : ٢٦٤ - ٢٦٦ / ٦٢٥ - ٦٢٨ ، وفي الجميع : « مَنْ ترك مالاً فلورثته ».

(٣) حلية العلماء ٤ : ٥١٩ ، المغني ٤ : ٥٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٤ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٠٥.

٤٢٤

المديون يتضرّر بترك الحقّ متعلّقاً بالعين. ولأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا امتنع من الصلاة على المديون حتى ضمن الدَّيْنَ عليٌّعليه‌السلام تارةً وأبو قتادة أُخرى(١) لم يسأل هل كان الدَّيْن مؤجَّلاً؟ فلا تجوز مطالبته في الحال لو لم يحل ولم يكن هناك مانع من الصلاة ، أو كان حالّاً؟ وترك الاستفصال يدلّ على العموم.

وما رواه السكوني عن الصادق عن الباقرعليهما‌السلام ، قال : « إذا كان على الرجل دَيْنٌ إلى أجلٍ ومات الرجل حلّ الدَّيْن »(٢) .

وعن الحسين بن سعيد قال : سألته عن رجل أقرض رجلاً دراهم إلى أجلٍ مسمّى ثمّ مات المستقرض ، أيحلّ مال القارض عند موت المستقرض منه ، أو لورثته من الأجل ما للمستقرض في حياته؟ فقال : « إذا مات فقد حلّ مال القارض »(٣) .

مسألة ٥٩١ : لو مات مَنْ له الدَّيْن المؤجَّل ، قال أكثر علمائنا(٤) : لا يحلّ دَيْنه بموته‌ - وهو قول أهل العلم(٥) - لعدم دليل الحلول ، وأصالة الاستصحاب ، وبراءة ذمّة مَنْ عليه الدَّيْن من الحلول.

وقال الشيخرحمه‌الله في النهاية : إذا مات وله دَيْنٌ مؤجَّل ، حلّ أجل ما لَه ، وجاز للورثة المطالبة به في الحال(٦) .

____________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ٢٨١ ، الهامش ( ٥ و ٦ ).

(٢) التهذيب ٦ : ١٩٠ / ٤٠٨.

(٣) التهذيب ٦ : ١٩٠ / ٤٠٩.

(٤) منهم : الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٢٧١ ، ضمن المسألة ١٤ ، وابن إدريس في السرائر ٢ : ٥٣ ، والمحقّق الحلّي في شرائع الإسلام ٢ : ٩٣.

(٥) في الطبعة الحجريّة : « قول أكثر أهل العلم ».

(٦) النهاية : ٣١٠.

٤٢٥

لما رواه أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال : « إذا مات الميّت(١) حلّ ما لَه وما عليه من الدَّيْن »(٢) .

ولأنّه دَيْنٌ ، فحلّ بموت صاحبه ، كما يحلّ بموت مَنْ هو عليه.

والرواية مقطوعة السند ، على أنّها غير دالّةٍ على المطلوب بالنصوصيّة ؛ إذ لم تشتمل على ذكر الأجل.

والفرق بين موت صاحب الدَّيْن والمديون ظاهرٌ ؛ فإنّ الميّت لا ذمّة له ، فلا يبقى للدَّيْن محلٌّ ، ومَنْ له الدَّيْن ينتقل حقّه بعد موته إلى الورثة ، وإنّما كان له دَيْنٌ مؤجَّل ، فلا يثبت للوارث ما ليس له.

مسألة ٥٩٢ : قد بيّنّا أنّ الدَّيْن المؤجَّل يحلّ بموت مَنْ عليه وأنّ أحمد قد خالف فيه في إحدى الروايتين‌(٣) .

فعلى قوله يبقى الدَّيْن في ذمّة الميّت كما كان ، ويتعلّق بعين ماله ، كتعلّق حقوق الغرماء بمال المفلس عند الحجر عليه ، فإن أحبّ الورثة أداء الدَّيْن والتزامه للغريم ويتصرّفون في المال ، لم يكن لهم ذلك ، إلّا أن يرضى الغريم ، أو يوفوا الحقّ بضمينٍ ملي‌ء ، أو برهنٍ يثق به لوفاء حقّه ، فإنّ الوارث قد لا يكون أميناً وقد لا يرضى به الغريم ، فيؤدّي إلى فوات حقّه(٤) .

وقال بعض العامّة : إنّ الحقّ ينتقل إلى ذمم الورثة بموت مورّثهم من غير أن يشترط التزامهم له ، ولا ينبغي أن يلزم الإنسان دَيْن لم يتعاط له ،

____________________

(١) كذا في النسخ الخطّيّة والحجريّة ، وفي المصدر : « الرجل » بدل « الميّت ».

(٢) الكافي ٥ : ٩٩ ( باب أنّه إذا مات الرجل حلّ دَيْنه ) ح ١ ، التهذيب ٦ : ١٩٠ / ٤٠٧.

(٣) راجع المصادر في الهامش (٣) من ص ٤٢٣.

(٤) المغني ٤ : ٥٢٦ - ٥٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٥.

٤٢٦

ولو لزمهم ذلك بموت مورّثهم للزمهم وإن لم يخلّف وفاءً(١) .

وهذا كلّه ساقط عندنا ، إلّا أن يرضى الغريم بتذمّم الورثة بالدَّيْن ، ويصير عليهم تبرّعاً منه.

وعلى قولنا بحلول الدَّيْن بموت المديون يتخيّر الوارث بين الدفع من عين التركة ومن غيرها ؛ لانتقال المال إليهم ، فإن امتنعوا من الأداء من عين التركة ومن غيرها ، باع الحاكم من التركة ما يقضى به الدَّيْن.

مسألة ٥٩٣ : مَنْ مات وعليه دَيْنٌ لم يمنع الدَّيْن من نقل التركة إلى الورثة على أشهر قولَي أصحابنا‌ ؛ لأنّ مستحقّ التركة إمّا الميّت ، وهو محال ؛ إذ ليس هو أهلاً للتملّك ، أو الغريم ، وهو محال ؛ لأنّه لو أبرأه لم يكن له في التركة شي‌ء ، أو لا لمالكٍ ، وهو محال ، فلم يبق إلّا الورثة. ولأنّ تعلّق الدَّيْن بالمال لا يزيل الملك في حقّ الجاني [ والراهن ](٢) والمفلس ، فلم يمنع نقله هنا.

وإن تصرّف الورّاث(٣) في التركة ببيعٍ أو غيره ، صحّ تصرّفهم ، ولزمهم أداء الدَّيْن ، فإن تعذّر وفاؤه ، فسخ تصرّفهم ، كما لو باع السيّد عبده الجاني أو النصاب الذي وجبت فيه الزكاة.

وقال بعض علمائنا : إنّ التركة لا تنتقل(٤) - وعن أحمد روايتان(٥) - لقوله تعالى :( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ ) (٦) فجَعَل التركة للوارث‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٥٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٥ - ٥٤٦.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الرهن ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الوارث » بدل « الورّاث ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٤) شرائع الإسلام ٤ : ١٦.

(٥) المغني ٤ : ٥٢٧ - ٥٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٦.

(٦) النساء : ١١.

٤٢٧

من بعد الدَّيْن والوصيّة ، فلا يثبت لهم الملك قبلهما ، فعلى هذا لو تصرّف الورثة ، لم يصح تصرّفهم - لأنّهم تصرّفوا في غير ملكهم - إلّا بإذن الغرماء. ولو تصرّف الغرماء ، لم يصح ، إلّا بإذن الورثة.

والحقّ : الأوّل ؛ لأنّ المراد زوال الحجر عن التركة بعد الوصيّة والدَّيْن.

* * *

٤٢٨

٤٢٩

الفصل الثالث : في الحوالة‌

وفيه مباحث :

الأوّل : في ماهيّتها ومشروعيّتها.

الحوالة مشتقّة من تحويل الحقّ من ذمّةٍ إلى ذمّةٍ. وهي عقد وُضع للإرفاق ، منفرد بنفسه ، وليست بيعاً ولا محمولةً عليه عند علمائنا أجمع ، وهو قول أكثر العلماء(١) ، وإلّا لما صحّت ؛ لأنّها بيع دَيْنٍ بدَيْنٍ ، وذلك منهيّ عنه(٢) ، والحوالة مأمور بها ، فتغايرا.

ولأنّها لو كانت بيعاً ، لما جاز التفرّق قبل القبض ؛ لأنّه بيع مال الربا بجنسه ، فلا يجوز مع التأخير والتفرّق قبل القبض ، ولجازت بلفظ البيع ، ولجازت من جنسين ، كالبيع.

ولأنّ لفظها يشعر بالتحويل لا بالبيع. فعلى هذا لا يدخلها خيار المجلس ، وفي خيار الشرط ما تقدّم(٣) ، وتلزم بمجرّد العقد.

وقد قيل : إنّها بيع ، فإنّ المحيل يشتري ما في ذمّته بما لَه في ذمّة المحال عليه ، وجاز تأخير القبض رخصةً ؛ لأنّه موضوع على الرفق ، فيدخلها حينئذٍ خيارُ المجلس لذلك(٤) .

والصحيح ما تقدّم ؛ فإنّ البيع مختصّ بألفاظ ولوازم منفيّة عن هذا‌

____________________

(١) راجع المغني والشرح الكبير ٥ : ٥٤.

(٢) الكافي ٥ : ١٠٠ ( باب بيع الدَّين بالدَّيْن ) ح ١ ، التهذيب ٦ : ١٨٩ / ٤٠٠.

(٣) في ج ١١ ، ص ٦٤ ، ضمن المسألة ٢٥١.

(٤) المغني والشرح الكبير ٥ : ٥٤.

٤٣٠

العقد.

مسألة ٥٩٤ : الحوالة عقد جائز بالنصّ والإجماع.

روى العامّة عن أبي هريرة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « مَطْل الغني ظلم ، وإذا أُتبع أحدكم على ملي‌ء فليتبع »(١) .

وفي لفظٍ آخَر : « وإذا أُحيل أحدكم بحقٍّ على ملي‌ء فليحتل »(٢) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه منصور بن حازم عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يحيل على الرجل الدراهم أيرجع عليه؟ قال : « لا يرجع عليه أبداً إلّا أن يكون قد أفلس قبل ذلك »(٣) .

وقد أجمع كلّ مَنْ يُحفظ عنه العلم على جواز الحوالة في الجملة.

إذا عرفت هذا ، فمعنى « أُتبع » هو معنى « أُحيل ».

قال صاحب الصحاح : يقال : أُتبع فلان بفلان ، إذا أُحيل له عليه ، والتبيع : الذي لك عليه مال(٤) .

والأشهر في الرواية الثانية : « وإذا أُحيل أحدكم » بالواو. ويُروى : « فإذا » بالفاء.

فعلى الأوّل هو مع قوله : « مطل الغني ظلم » جملتان لا تعلّق للثانية‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ١٢٣ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٩٧ / ١٥٦٤ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨٠٣ / ٢٤٠٣ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٤٧ / ٣٣٤٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٦٠٠ / ١٣٠٨ ، سنن النسائي ٧ : ٣١٧ ، سنن البيهقي ٦ : ٧٠ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٦١ ، الموطّأ ٢ : ٦٧٤ / ٨٤ ، مسند أحمد ٣ : ٧٨ / ٨٧١٥.

(٢) سنن البيهقي ٦ : ٧٠ ، مسند أحمد ٣ : ٢٢٥ ، ضمن ح ٩٦٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٥ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٥٤ بتفاوت يسير.

(٣) الكافي ٥ : ١٠٤ / ٤ ، التهذيب ٦ : ٢١٢ / ٤٩٨.

(٤) الصحاح ٣ : ١١٩٠ « تبع ».

٤٣١

بالأُولى ، ويصير كقولهعليه‌السلام : « العارية مردودة ، والزعيم غارم »(١) .

وعلى الثاني يجوز أن يكون المعنى في الترتيب أنّه إذا كان المطل ظلماً من الغني ، فليقبل مَنْ أُحيل بدَيْنه عليه ، فإنّ الظاهر أنّه يحترز عن الظلم والمطل.

وهل الأمر بالاحتيال على الإيجاب أو الاستحباب؟ الأقوى عندنا :

الثاني - وبه قال الشافعي(٢) - لأصالة البراءة.

وعن أحمد أنّه للوجوب(٣) ؛ قضيّةً لمطلق الأمر.

مسألة ٥٩٥ : مدار الحوالة على ستّة أشياء : أشخاص ثلاثة : محيل ومحال عليه ومحتال ، ودَيْنان ومعاملة‌ ، فإذا كان لزيدٍ عليك عشرة ، ولك على عمرو مثلها ، فأحلت زيداً على عمرو ، فأنت محيل ، وزيد محتال ، وعمرو محال عليه ، وقد كان لزيدٍ عليك دَيْنٌ ، ولك على عمرو دَيْنٌ ، وجرت بينك وبين زيد مراضاة بها ، انتقل حقّه إلى عمرو ، فهذه ستّة أُمور لا بدَّ منها في وجود الحوالة ، إلّا الخامس ؛ فإنّ فيه خلافاً يأتي إن شاء الله تعالى.

ويُشترط في صحّتها أُمور ، منها ما يرجع إلى الدَّيْنين ، ومنها ما يتعلّق بالأشخاص الثلاثة.

مسألة ٥٩٦ : الحوالة عقد لازم ، فلا بُدّ فيها من إيجابٍ وقبول ، كغيرها من العقود.

والإيجاب كلّ لفظٍ يدلّ على النقل والتحويل ، مثل : أحلتك ،

____________________

(١) ورد نصّه في العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٥ - ١٢٦ ، وفي سنن أبي داوُد ٣ : ٢٩٦ - ٢٩٧ / ٣٥٦٥ ، ومسند أحمد ٦ : ٣٥٨ / ٢١٧٩١ بتفاوت يسير.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٦.

٤٣٢

وقَبَلتك ، وأتبعتك.

والقبول ما يدلّ على الرضا ، نحو : رضيت ، وقَبِلت.

ولا تقع معلّقةً بشرطٍ ولا صفة ، بل من شرطها التنجيز ، فلو قال : إذا جاء رأس الشهر ، أو : إن قدم زيد فقد أحلتك عليه ، لم تصح ؛ لأصالة البراءة ، وعدم الانتقال.

ولا يدخلها خيار المجلس ؛ لأنّه مختصّ بالبيع ، وليست بيعاً عندنا.

وهل يدخلها خيار الشرط؟ مَنَع منه أكثر العامّة(١) .

والحقّ : جواز دخوله ؛ لقولهمعليهم‌السلام : « كلّ شرطٍ لا يخالف الكتاب والسنّة فإنّه جائز »(٢) .

ولو قال : أحلني على فلان ، فقال : أحلتك ، افتُقر إلى القبول ، ولا يكفي الاستيجاب.

والخلاف المذكور في البيع في الاستيجاب والإيجاب آتٍ هنا.

وقطع بعض الشافعيّة بالانعقاد هنا ؛ لأنّ الحوالة أُجيزت رفقاً بالناس ، فيسامح فيها بما لا يسامح في غيرها(٣) .

والمعتمد ما قلناه.

مسألة ٥٩٧ : اختلف العامّة في أنّ الحوالة هل هي استيفاء حقٍّ ، أو بيع واعتياض؟ فللشافعي قولان :

أحدهما - وهو الأقوى عندي - : أنّها استيفاء حقٍّ كأنّ المحتال‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ٣٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، التنبيه : ١٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١١١.

(٢) الكافي ٥ : ١٦٩ / ١ ، الفقيه ٣ : ١٢٧ / ٥٥٣ ، التهذيب ٧ : ٢٢ / ٩٤ ، الخلاف ٣ : ٢٥٥ ، المسألة ٦٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٣.

٤٣٣

استوفى ما كان له على المحيل وأقرضه المحال عليه ؛ لأنّها لو كانت معاوضةً ، لجاز أن يحيل بالشي‌ء على أكثر منه أو أقلّ.

وأظهرهما عندهم : أنّها بيع ؛ لأنّها تبديل مالٍ بمالٍ ، فإنّ كلّ واحدٍ من المحيل والمحتال يملك بها ما لم يملكه قبلها ، وهذا هو حقيقة المعاوضة ، وليس فيها استيفاء ولا إقراض محقّق ، فلا يقدّران(١) .

وقد بيّنّا عندنا ما في هذا القول.

وعلى تقديره هي بيع ما ذا بأيّ شي‌ء؟ للشافعيّة وجهان :

أحدهما : أنّها بيع عينٍ بعينٍ ، وإلّا لبطلت ؛ للنهي عن بيع الدَّيْن بالدَّيْن.

وكأنّ هذا القائل نزّل الدَّيْن على الشخص منزلة استحقاق منفعةٍ تتعلّق بعينه ، كالمنافع في إجارات الأعيان. وهذا غير معقول.

والثاني - وهو المعقول - : أنّها بيع الدَّيْن بالدَّيْن ، فإنّ حقّ الدَّيْن لا يستوفى من عين الشخص ، ولغيره أن يؤدّيه عنه.

واستثني هذا العقد عن النهي ؛ لحاجة الناس إليه مسامحةً وإرفاقاً ، ولهذا المعنى لم يُعتبر فيه التقابض ، كما في القرض ، ولم يجز فيه الزيادة والنقصان ؛ لأنّه ليس بعقد مماكسة ، كالقرض(٢) .

وقال الجويني وشيخُه : لا خلاف في اشتمال الحوالة على المعنيين : الاستيفاء ، والاعتياض ، والخلاف في أيّهما أغلب؟(٣) .

وكلّ هذه تمحّلات لا فائدة تحتها ، ولا دليل عليها.

____________________

(١ و ٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢.

٤٣٤

البحث الثاني : في الشرائط.

وهي أربعة تشتمل عليها أربعة أنظار :

الأوّل : كماليّة الثلاثة‌ ، أعني المحيل والمحتال والمحال عليه ؛ لأنّ رضاهم شرط على ما يأتي.

وإنّما يُعتبر الرضا ممّن له أهليّة التصرّف ، فلا تصحّ من الصبي وإن كان مميّزاً ، أذن له الولي أو لا ، ولا المجنون ، سواء كانا محيلين أو محتالين أو محالاً عليهما.

وكذا يُشترط رفع الحجر في الثلاثة.

أمّا المحيل : فلما فيه من التصرّف المالي ، والسفيه والمفلس ممنوعان منه.

وأمّا المحتال : فكذلك أيضاً ؛ لما فيه من الاعتياض عن ماله بماله.

وأمّا المحال عليه : فلأنّه التزام بالمال.

مسألة ٥٩٨ : يُشترط ملاءة المحال عليه وقت الحوالة‌ ، كالضمان ، أو علم المحتال بإعسار المحال عليه ، فلو كان معسراً واحتال عليه مع جهله بإعساره ، كان له فسخ الحوالة ، ومطالبة المحيل بالمال ، سواء شرط التساوي أو أطلق ، عند علمائنا ؛ لما فيه من الضرر والتغرير به.

ولما رواه منصور بن حازم عن الصادقعليه‌السلام أنّه سأله عن الرجل يحيل على الرجل الدراهم أيرجع عليه؟ قال : « لا يرجع عليه أبداً إلّا أن يكون قد أفلس قبل ذلك »(١) وهو نصٌّ في الباب.

____________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ٤٣٠ ، الهامش (٣)

٤٣٥

ولا يُشترط استمرار الملاءة ، بل لو كان المحال عليه مليّاً وقت الحوالة ورضي المحتال ثمّ تجدّد إعسار المحال عليه بالمال بعد الحوالة ، لم يكن للمحتال الرجوعُ على المحيل ؛ لأنّ الحوالة لزمت أوّلاً ، وانتقل الحقّ عن ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه ، فلا يعود إلّا بسببٍ ناقلٍ للمال.

ولو رضي المحتال بالحوالة على المعسر ، لم يكن له بعد ذلك الفسخُ ، ولا الرجوع على المحيل بشي‌ء ، بل لو مات المحال عليه معسراً ، ضاع ماله.

إذا ثبت هذا ، فقد وافقنا - على أنّ المحتال يرجع إلى ذمّة المحيل إذا ظهر إفلاسه ولم يشترط للمحال [ عليه ] الملاءة ولم يعلم المحتال بإفلاسه - مالكُ وأحمد في إحدى الروايتين وجماعة من أصحابه ؛ لأنّ الفلس عيب في المحال عليه ، لأنّ الظاهر سلامة الذمّة ، وقد ظهر أنّها معيبة ، فكان له الرجوعُ ، كما لو اشترى سلعةً فوجدها معيبةً. ولأنّ المحيل غرّه ، فكان له الرجوعُ ، كما لو دلّس المبيع(١) .

وقال الليث والشافعي وأبو عبيد وأحمد - في الرواية الأُخرى - وابن المنذر : ليس له الرجوعُ ، سواء أمكن استيفاء الحقّ أو تعذّر بمَطْلٍ أو فَلْسٍ أو موتٍ أو غير ذلك ؛ لأنّ هذا الإعسار لو حدث قبل قبضه لم يثبت له الخيار ، فكذا حال العقد(٢) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ المتجدّد لا يمكن الاحتراز منه ، ولا غرر فيه ،

____________________

(١) المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٢٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦ ، المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٢٥.

٤٣٦

بخلاف المقارن.

مسألة ٥٩٩ : قد بيّنّا أنّ الحوالة تقتضي نقل الحقّ من ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه ، عند علمائنا أجمع‌ ، وبه قال عامّة الفقهاء ، إلّا ما يُحكى عن زفر ، فإنّه قال : لا ينتقل الحقّ ، وأجراها مجرى الضمان(١) .

وهو خطأ ؛ لأنّ الحوالة مشتقّة من تحوّل الحقّ ، بخلاف الضمان عندهم(٢) ، فإنّه مشتقّ من ضمّ ذمّةٍ إلى ذمّةٍ ، فعلّق على كلّ واحدٍ منهما ما يقتضيه لفظه.

وأمّا عندنا فإنّ الضمان أيضاً ناقل على ما تقدّم(٣) بيانه.

مسألة ٦٠٠ : إذا تمّت الحوالة بأركانها وكان المحال عليه موسراً أو علم المحتال بإفلاسه ، انتقل الحقّ من ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه ، ولم يكن للمحتال الرجوعُ على المحيل أبداً - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد في إحدى الروايتين(٤) - لما رواه العامّة : أنّ حزناً جدّ سعيد بن المسيّب كان له على عليّعليه‌السلام دَيْنٌ فأحاله به ، فمات المحال عليه فأخبره ، فقال : « اخترت علينا أبعدك الله تعالى »(٥) فأبعده بمجرّد احتياله ، ولم يُخبره أنّ له الرجوعَ ، ولو كان له الرجوعُ لأخبره بذلك.

____________________

(١) مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٧١ / ١٩٩٣ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٢٤٧ ، بدائع الصنائع ٦ : ١٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٩٩ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥ ، المغني ٥ : ٥٨ - ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٢) راجع الهامش (١) من ص ٣٤٤.

(٣) في ص ٣٤٢ ( النظر الأوّل ).

(٤) الحاوي الكبير ٦ : ٤٢١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، الوسيط ٣ : ٢٢٣ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦ ، الذخيرة ٩ : ٢٤٩ ، المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٥) الحاوي الكبير ٦ : ٤٢١ ، المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

٤٣٧

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « لا يرجع عليه أبداً » وقد تقدّم(١) .

وعن عقبة بن جعفر عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يحيل الرجل بمالٍ على الصيرفي ثمّ يتغيّر حال الصيرفي أيرجع على صاحبه إذا احتال ورضي(٢) ؟ قال : « لا »(٣) .

ولأنّ الحوالة براءة من دَيْنٍ ليس فيها قبض ممّن عليه ، فلا يكون فيها رجوعٌ عليه ، كما لو أبرأه من الدَّيْن.

وقال شريح والشعبي والنخعي : متى(٤) أفلس أو مات رجع على صاحبه(٥) .

وقال أبو حنيفة : يرجع عليه في حالتين : إذا مات المحال عليه مفلساً ، وإذا جحد وحلف عليه عند الحاكم.

وقال أبو يوسف ومحمّد : يرجع عليه في هاتين الحالتين وفي حال أُخرى : إذا أفلس وحُجر عليه.

لما روي أنّ عثمان سئل عن رجل أُحيل بحقّه فمات المحال عليه مفلساً ، فقال : يرجع بحقّه لا يزرأ(٦) على مال مسلمٍ(٧) .

ولأنّه عقد معاوضة لم يسلم العوض فيه لأحد المتعاقدين ، فكان له‌

____________________

(١) في ص ٤٣٠ و ٤٣٤.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة بدل « ورضي » : « وضمن ». وما أثبتناه من المصدر.

(٣) التهذيب ٦ : ٢١٢ / ٥٠١.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة بدل « متى » : « مَنْ ». والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(٥) المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٦) كذا قوله : « لا يزرأ » في جميع النسخ الخطّيّة والحجريّة ، وبدلها في الحاوي الكبير والمغني والشرح الكبير : « لا توى » أي الهلاك. والإزراء : التهاون بالشي‌ء ، يقال : أزريت به ، إذا قصّرت به. الصحاح ٦ : ٢٣٦٨ « زرى ».

(٧) الحاوي الكبير ٦ : ٤٢١ ، المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

٤٣٨

الفسخ ، كما لو اعتاض بثوبٍ فلم يسلّمه إليه.

ولأنّه نَقْلُ حقٍّ من ذمّةٍ إلى غيرها ، فإذا لم يسلم له ما نقل إليه ، كان له الرجوعُ بحقّه ، كما لو أخذ دَيْنه عيناً فتلفت(١) في يد مَنْ عليه الحقّ(٢) .

ورواية عثمان ضعيفة لم تصح يرويها خليد(٣) بن جعفر عن معاوية ابن قرة عن عثمان(٤) ، ولم يصح سماعه منه. وقد روي أنّه قال : في حوالة أو كفالة(٥) ، وهو يدلّ على شكّه وتردّده في الرواية ، فلا يجوز العمل بها.

على أنّ قول عثمان ليس بحجّة ، خصوصاً مع معارضته للحجّة ، وهو قول عليّعليه‌السلام (٦) .

ولا نسلّم أنّ الحوالة معاوضة ؛ لاشتمالها على بيع الدَّيْن بالدَّيْن ، وهو منهيّ عنه(٧) .

والقياس على العين باطل ؛ لأنّه لا يشبه مسألتنا ؛ لأنّ في ذلك قبضاً يقف استقرار العقد عليه ، وهنا الحوالة بمنزلة العوض المقبوض ، وإلّا كان بيعَ دَيْنٍ بدَيْنٍ.

____________________

(١) في « ث ، خ » والطبعة الحجريّة : « وتلفت ».

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٤٧ ، بدائع الصنائع ٦ : ١٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٩٩ - ١٠٠ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٥ ، فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٧٣ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٧١ / ١٩٩٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٢١ ، الوسيط ٣ : ٢٢٣ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٢ ، الذخيرة ٩ : ٢٤٩ ، المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٣) في المغني ٥ : ٥٩ ، والشرح الكبير ٥ : ٥٥ ، ونسختَي « ج ، خ » : « خالد ».

(٤) راجع : الحاوي الكبير ٦ : ٤٢١ ، والمغني ٥ : ٥٩ ، والشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٥) مختصر المزني : ١٠٧ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٢١ ، المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٦) المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٧) تقدّم تخريجه في ص ٤٢٩ ، الهامش (٢)

٤٣٩

مسألة ٦٠١ : لو شرط المحتال ملاءة الـمُحال عليه فبانَ معسراً ، كان له الرجوعُ على المحيل‌ ؛ لما بيّنّا من أنّه يرجع عند الإطلاق فمع شرط الملاءة أولى - وهو قول ابن سريج(١) - لقولهعليه‌السلام : « المسلمون على شروطهم(٢) »(٣) .

ولأنّه شرط ما فيه مصلحة العقد في عقد معاوضةٍ ، فيثبت فيه الفسخ بفواته ، كما لو شرط صفة في المبيع ، وقد يثبت بالشرط ما لا يثبت بإطلاق العقد ، كما لو شرط صفة في المبيع.

وقال المزني - نقلاً عن الشافعي - : إنّه لا يرجع ؛ لأنّه قال : غرّه أو لم يغرّه لا يرجع(٤) .

قال ابن سريج : هذا الذي نقله المزني لا نعرفه للشافعي ، والذي يُشبه أصلَه : أنّه يرجع كما إذا شرط صفة في المبيع فبانَ بخلافها(٥) .

قال بعض الشافعيّة : الصواب ما نَقَله المزني ؛ لأنّ الإعسار لا يردّ الحوالة إذا لم يشترط الملاءة مع كونه نقصاً ، فلو ثبت ذلك بالشرط لثبت بغير شرطٍ. ولأنّ الإعسار لو حدث لم يثبت له فسخ الحوالة ، بخلاف‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٣.

(٢) في « ج ، ر » : « المؤمنون عند شروطهم ». وفي « ث ، خ » : « المسلمون عند شروطهم ».

(٣) صحيح البخاري ٣ : ١٢٠ ، سنن الدارقطني ٣ : ٢٧ / ٩٦ و ٩٨ و ٩٩ ، و ٢٨ / ١٠٠ ، سنن البيهقي ٧ : ٢٤٩ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣ ، التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥.

(٤) مختصر المزني : ١٠٧ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٢٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٣.

(٥) الحاوي الكبير ٦ : ٤٢٣ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٣ ، المغني ٥ : ٦٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٦٢.

٤٤٠

النقص الحادث في المبيع ، فكذلك عدم المشروط. ولأنّ الإعسار يثبت به فسخ البيع بغير شرطٍ ، ولا يثبت مثل ذلك في الحوالة ، فاختلفا(١) .

ونمنع كون الإعسار لا يردّ الحوالة إذا لم يشترط ، وقد سبق. ونمنع الملازمة بين ثبوته بالشرط وبعدمه ، ونحن لا ندّعي مساواة الحوالة للبيع في جميع أحكامه.

تذنيب : لو كان المحال عليه معسراً ولم يعلم المحتال ثمّ تجدّد اليسار وعلم سبق الفقر ، احتُمل ثبوت الخيار ؛ للاستصحاب‌. وعدمُه ؛ لزوال المقتضي.

مسألة ٦٠٢ : إذا حصلت الحوالة مستجمعة الشرائط ، انتقل المال إلى ذمّة المحال عليه ، وبرئ المحيل‌ ، سواء أبرأه المحتال أو لا - وهو قول عامّة الفقهاء(٢) - لأنّ الحوالة مأخوذة من التحويل للحقّ ، وإنّما يتحقّق هذا المعنى لو انتقل المال من ذمّةٍ إلى أُخرى ، وليس هنا إلّا ذمّة المحيل والمحال عليه ، فإذا تحوّل الحقّ من ذمّة أحدهما إلى الآخَر مع اليسار أو علم الإعسار ، لم يعد الحقّ إليه ؛ لعدم المقتضي.

وقال شيخنارحمه‌الله في النهاية : ومَنْ كان له على غيره مالٌ فأحال به على غيره ، وكان الـمُحال عليه مليّاً به في الحال وقَبِل الحوالة وأبرأه منه ، لم يكن له الرجوعُ عليه ، ضمن ذلك المـُحال به عليه أو لم يضمن بعد أن يكون قد قَبِل الحوالة ، فإن لم يقبل الحوالة إلاّ بعد ضمان المـُحال عليه ولم يضمن مَنْ أُحيل عليه ذلك ، كان له مطالبة الـمُحيل ، ولم تبرأ ذمّته بالحوالة ، فإن انكشف لصاحب المال أنّ الذي أُحيل به عليه غير ملي بالمال ، بطلت‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٣ ، المغني ٥ : ٦٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٦٢.

(٢) المغني ٥ : ٥٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

٤٤١

الحوالة ، وكان له الرجوعُ على المديون بحقّه عليه ، ومتى لم يُبرئ الـمُحال له بالمال الـمُحيل في حال ما يُحيله ، كان له أيضاً الرجوعُ عليه في أيّ وقت شاء(١) .

وكان الحسن البصري أيضاً لا يرى الحوالة مبرئةً إلّا أن يُبرئه(٢) .

واحتجّ الشيخرحمه‌الله بما رواه زرارة - في الحسن - عن الصادق أو الباقرعليهما‌السلام : في الرجل يحيل الرجل بمالٍ كان له على رجلٍ [ آخَر ] ، فيقول له الذي احتال : برئت ممّا لي عليك ، قال : « إذا أبرأه فليس له أن يرجع عليه ، وإن لم يُبرئه فله أن يرجع على الذي أحاله »(٣) .

وهذه الرواية لا بأس بها ؛ لصحّة السند ، لكنّ المشهور عند الأصحاب والعامّة البراءة بمجرّد الحوالة ، فلابدَّ من حمل الرواية على شي‌ء ، وليس ببعيدٍ من الصواب حملها على ما إذا شرط المحيل البراءة ، فإنّه يستفيد بذلك عدم الرجوع لو ظهر إفلاس المحال عليه ، أو نقول : إذا لم يُبرئه ، فله أن يرجع على الذي أحاله إذا تبيّن له إعساره وقت الحوالة.

النظر الثاني : في الرضا بالحوالة.

مسألة ٦٠٣ : يشترط في الحوالة رضا المحيل - وهو الذي عليه الحقّ - إجماعاً‌ ، فلو أُكره على أن يحيل فأحال بالإكراه ، لم تصحّ الحوالة ، ولا نعرف فيه خلافاً ؛ لأنّ مَنْ عليه الحقّ مخيَّر في جهات القضاء ، فله أن يقضي من أيّ جهة شاء ، فلا يُعيَّن عليه بعض الجهات قهراً ، فلا يلزمه‌

____________________

(١) النهاية : ٣١٦.

(٢) المغني ٥ : ٥٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٣) الكافي ٥ : ١٠٤ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٢١١ - ٢١٢ / ٤٩٦ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

٤٤٢

أداؤه من جهة الدَّيْن الذي له على المحال عليه ، إلّا في صورةٍ واحدة لا يُعتبر فيها رضا المحيل ، وهي ما إذا جوّزنا الحوالة على مَنْ لا دَيْن عليه لو قال للمستحقّ : أحلت بالدَّيْن الذي لك على فلان على نفسي ، فقَبِل ، صحّت الحوالة ، فإذَنْ لا يشترط هنا رضا المحيل ، بل رضا المحتال والمحال عليه خاصّةً.

مسألة ٦٠٤ : يشترط رضا المحتال عند علمائنا أجمع‌ - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(١) - لأنّ حقّه ثابت في ذمّة المحيل ، فلا يلزمه نقله إلى ذمّةٍ أُخرى ، إلّا برضاه ، كما أنّه لا يجوز أن يُجبر على أن يأخذ بالدَّيْن عوضاً ، وكما إذا ثبت حقّه في عينٍ ، لا يملك نقله إلى غيرها بغير رضاه. وقال داوُد وأحمد : لا يعتبر رضاه إذا كان المحال عليه مليّاً ؛ لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مَنْ أُحيل على ملي‌ء فليحتل »(٢) والأمر للوجوب(٣) .

ونحن نمنع الوجوب ، بل المراد به الإرشاد.

مسألة ٦٠٥ : يشترط عندنا رضا المحال عليه‌ ، فلو لم يرض المحال عليه أو لم يُعلم هل رضي أم لا؟ لم تصحّ الحوالة ، وبه قال أبو حنيفة والزهري والمزني(٤) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٩٩ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٥ ، الذخيرة ٩ : ٢٤٣ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٦١.

(٢) مسند أحمد ٣ : ٢٢٥ ، ضمن ح ٩٦٥٥.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٨ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٩٩ ، الذخيرة ٩ : ٢٤٣ ، المعونة ٢ : ١٢٢٨ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٦١.

(٤) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٩٩ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٥ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤١٨ ، الوسيط ٣ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧ ، المغني ٥ : ٦١ ، الشرح الكبير ٥ : ٦١ - ٦٢.

٤٤٣

وقال أبو العبّاس ابن القاص : نصّ الشافعي في الإملاء على أنّها تفتقر إلى رضا المحال عليه - وإليه ذهب أبو سعيد الاصطخري من الشافعيّة - لأنّه أحد مَنْ تتمّ به الحوالة ، فأشبه المحتال والمحيل. ولأنّ الناس يختلفون في الاقتضاء والاستيفاء سهولةً وصعوبةً. ولأنّ الأصل بقاء الحقّ في ذمّة المحال عليه للمحيل ، فيستصحب إلى أن يظهر المعارض.

وأصحّ القولين عند الشافعي : أنّه لا يعتبر رضا المحال عليه إذا كانت الحوالة على مَنْ عليه دَيْنٌ للمحيل - وبه قال مالك وأحمد - لأنّ المحيل أقام المحتال مقام نفسه في القبض بالحوالة ، فلم يفتقر إلى رضا مَنْ عليه الحقّ ، كما لو كان وكيلاً في قبضه ، بخلاف المحتال ، فإنّه ينتقل حقّه ، وتبرأ ذمّته منه. ولأنّ المحال عليه محلّ الحقّ والتصرّف ، فلا يعتبر رضاه ، كما لو باع عبداً ، لا يعتبر رضاه(١) .

وبنوا الوجهين على أنّ الحوالة اعتياض أو استيفاء؟ إن قلنا بالأوّل ، فلا يشترط ؛ لأنّه حقٌّ للمحيل ، فلا يحتاج فيه إلى رضا الغير. وإن قلنا بالثاني ، يشترط ؛ لتعذّر إقراضه من غير رضاه(٢) .

وإن كانت الحوالة على مَنْ لا دَيْن عليه ، لم تصحّ عند الشافعي إلّا برضا المحال عليه ؛ لأنّا لو صحّحناه ، لألزمناه قضاء دَيْن الغير قهراً. وإن رضي ، ففي صحّة الحوالة وجهان بناهما الجمهور على الأصل المذكور(٣)

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، الوسيط ٣ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٩٩ ، التلقين ٢ : ٤٤٣ ، الذخيرة ٩ : ٢٤٣ ، المعونة ٢ : ١٢٢٩ ، المغني ٥ : ٦١ ، الشرح الكبير ٥ : ٦١ - ٦٢.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢.

٤٤٤

وسيأتي(١) .

فقد ظهر من هذا الإجماعُ على اعتبار رضا المحيل إلّا في الصورة التي ذكرناها في أوّل النظر ، وأنّ أصحابنا اشترطوا رضا الثلاثة : المحيل والمحتال والمحال عليه.

النظر الثالث : في الدَّيْن.

مسألة ٦٠٦ : إذا أحال زيد عمراً على بكر بألف ، فلا يخلو إمّا أن تكون ذمّة زيدٍ(٢) مشغولةً بالألف لعمرو ، أو لا‌ ، وعلى كلا التقديرين فإمّا أن يكون بكر بري‌ء الذمّة منها أو مشغولها ، فالأقسام أربعة :

أ - أن تكون ذمّة زيدٍ وبكرٍ مشغولتين ، ولا خلاف هنا في صحّة الحوالة.

ب - قسيم هذا ، وهو أن تكون ذمّتهما بريئةً ، فإذا أحال زيد - وهو بري‌ء الذمّة - عمراً - ولا دَيْن له عليه - على بكر ، وهو بري الذمّة ، لم يكن ذلك إحالةً صحيحة ؛ لأنّ الحوالة إنّما تكون بدَيْنٍ ، وهنا لم يوجد ، بل يكون ذلك وكالةً في اقتراضٍ ، وإنّما جازت الوكالة هنا بلفظ الحوالة ؛ لاشتراكهما في المعنى ، وهو استحقاق الوكيل أن يفعل ما أمره الموكّل من الاقتراض ، وأن يطالبه من المحال عليه ، كما يستحقّ المحتال مطالبة المحال عليه.

ج - أن يكون المحيلُ بري‌ءَ الذمّة والمحالُ عليه مشغولَها ، ( فيحيل‌

____________________

(١) في ص ٤٤٥ ، القسم « د » من الأقسام المذكورة في المسألة ٦٠٦.

(٢) في « ج » : « ذمّته » بدل « ذمّة زيد ».

٤٤٥

مَنْ لا دَيْن عليه مَنْ لا دَيْن له على مَنْ للمحيل عليه دَيْنٌ )(١) بقبضه ، فلا يكون ذلك أيضاً حوالةً ؛ لأنّ الحوالة مأخوذة من تحوّل الحقّ وانتقاله ، ولا حقّ [ هاهنا ](٢) ينتقل ويتحوّل ، بل يكون ذلك في الحقيقة وكالةً في الاستيفاء ؛ لاشتراكهما في استحقاق الوكيل مطالبة مَنْ عليه الدَّيْن ، كاستحقاق المحتال مطالبة المحال عليه ، وتحوّل ذلك إلى الوكيل كتحوّله إلى المحيل.

د - أن يكون المحيل مشغولَ الذمّة والمحالُ عليه برئَ الذمّة.

وفي صحّة هذه الحوالة إشكال أقربه : الصحّة - وبه قال أبو حنيفة وأصحابه(٣) - لأنّ المحال عليه إذا قَبِلها ، صار كأنّه قضى دَيْن غيره بذمّته ؛ لأنّ الحوالة بمنزلة الحقّ المقبوض ، وإذا قبض حقّاً من غيره ، صحّ وسقط عن غيره ، كذا هنا ، لكن يكون ذلك بالضمان أشبه.

وللشافعيّة وجهان مبنيّان على أنّ الحوالة اعتياض أو استيفاء؟ فإن قلنا : إنّها اعتياض ، لم تصحّ ؛ لأنّه ليس له على المحال عليه شي‌ء نجعله عوضاً عن حقّ المحتال. وإن قلنا : إنّها استيفاء حقٍّ ، صحّت(٤) ، كأنّه أخذ المحتال حقّه وأقرضه من المحال عليه(٥) .

قال الجويني : الصحيح عندي تخريج الخلاف على الخلاف في أنّه‌

____________________

(١) بدل ما بين القوسين في الطبعة الحجريّة : « فيحيل مَنْ لا دَيْن له عليه على مَنْ للمحيل عليه دَيْنٌ ». وكذا في « ر » بإسقاط « له » من « لا دَيْن له عليه ».

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فيها ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) راجع : فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٧٣ و ٧٤ ، وبدائع الصنائع ٦ : ١٦.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « صحّ ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢.

٤٤٦

هل يصحّ الضمان بشرط براءة الأصيل؟ بل هذه(١) الصورة غير(٢) تلك الصورة ؛ فإنّ الحوالة تقتضي براءة المحيل ، فإذا قَبِل الحوالة ، فقد التزم على أن يُبرئ المحيل(٣) .

وهذا ذهابٌ منه إلى براءة المحيل وجَعْلها أصلاً مفروغاً عنه.

لكن للشافعيّة وجهان :

أحدهما : أنّه يبرأ على قياس الحوالات.

والثاني - وبه قال أكثرهم - : أنّه لا يبرأ ، وقبول الحوالة ممّن لا دَيْن عليه ضمانٌ مجرّد(٤) .

ثمّ فرّعوا فقالوا : إن قلنا : لا تصحّ هذه الحوالة ، فلا شي‌ء على المحال عليه ، فإن تطوّع وأدّاه ، كان كما لو قضى دَيْنَ الغير. وإن قلنا : تصحّ ، فهو كما لو ضمنه ، فيرجع على المحيل إن أدّى بإذنه(٥) .

وكذا إن أدّى بغير إذنه عندنا وعلى أظهر الوجهين عند الشافعيّة(٦) ؛ لجريان الحوالة بإذنه.

وللمحال عليه الرجوع على المحيل هنا قبل الأداء - وهو أحد وجهي الشافعيّة(٧) - لأنّ المحيل يبرأ ، فينتقل الحقّ إلى ذمّة المحال عليه بمجرّد الحوالة.

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « هنا » بدل « هذه ». والمثبت كما في المصدر.

(٢) كذا في النسخ الخطّيّة والحجريّة ، وفي المصدر « عين » بدل « غير ». وفي « ر » : « على غير ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧ - ١٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢.

(٦ و ٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٣.

٤٤٧

والثاني : ليس له ذلك بناءً على أنّ المحيل لا يبرأ ، كما أنّ الضامن لا يرجع على المضمون عنه قبل الأداء(١) .

وإذا طالبه المحتال بالأداء ، فله مطالبة المحيل بتخليصه.

وهل له ذلك قبل مطالبة المحتال؟ الأقوى عندي : ذلك.

وللشافعيّة وجهان كالوجهين في مطالبة الضامن(٢) .

ولو أبرأه المحتال ، لم يرجع على المحيل بشي‌ء.

ولو قبضه المحتال ثمّ وهبه منه ، فالأقوى : الرجوع ؛ لأنّه قد غرم عنه ، وإنّما عاد المال إليه بعقدٍ مستأنف.

وللشافعيّة وجهان يُنظر في أحدهما إلى أنّ الغُرْم لم يستقر عليه ، فلم يغرم عنه في الحقيقة شيئاً. وفي الثاني إلى أنّه عاد إليه بتصرّفٍ مبتدأ(٣) .

وهُما مأخوذان من القولين فيما إذا وهبت منه الصداق بعد القبض ثمّ طلّقها قبل الدخول.

ولو ضمن عنه ضامنٌ ، لم يرجع على المحيل حتى يأخذ المحتال المالَ منه أو من ضامنه.

ولو أحال المحتال على غيره ، نُظر إن أحاله على مَنْ عليه دَينٌ ، رجع على محيله بنفس الحوالة ؛ لحصول الأداء بها. وإن أحال على مَنْ لا دَيْن عليه ، لم يرجع عليه الذي أحاله عليه.

مسألة ٦٠٧ : الأقوى عندي أنّه لا يشترط في الدَّيْن المحال به اللزومُ‌

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٣.

٤٤٨

- وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(١) - كما لو أحال بالثمن في مدّة الخيار بأن يحيل المشتري البائعَ على رجلٍ أو يحيل البائع رجلاً على المشتري. ولأنّه صائرٌ إلى اللزوم ، والخيار عارضٌ فيه ، فيعطى حكم اللازم.

والثاني لهم : المنع ؛ لأنّه ليس بلازم(٢) .

وهو مصادرة على المطلوب.

قال بعض الشافعيّة : هذا الخلاف مبنيّ على أنّ الحوالة معاوضة أو استيفاء؟ إن قلنا معاوضة ، فهي كالتصرّف في المبيع في زمان الخيار. وإن قلنا : استيفاء ، فتجوز(٣) .

قالوا : فإن قلنا بالمنع ، ففي انقطاع الخيار وجهان :

أحدهما : أنّه لا ينقطع ؛ لحكمنا ببطلانه ، وتنزيلنا إيّاه منزلة العدم.

والثاني : نعم ؛ لأنّ التصرّف في عوض العقد يتضمّن الرضا بإبطال الخيار(٤) .

وإن قلنا بالجواز ، لم يبطل الخيار عند بعضهم(٥) .

وقال آخَرون : يبطل ؛ لأنّ قضيّة الحوالة اللزوم ، ولو بقي الخيار لما صادفت الحوالة مقتضاها ، وكانت هذه الحوالة كالحوالة على النجوم(٦) .

والأقوى : بقاء الخيار.

مسألة ٦٠٨ : إذا وقعت الحوالة بالثمن المتزلزل بالخيار ثمّ انفسخ البيع‌

____________________

(١ و ٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٩ ، الوسيط ٣ : ٢٢٢ - ٢٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٩.

(٤ - ٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

٤٤٩

بفسخ صاحب الخيار ، بطل الثمن ، وبطلت الحوالة المترتّبة عليه ، فلو أحال البائع على المشتري بالثمن رجلاً له عليه دَيْنٌ ثمّ فسخ المشتري بالخيار ، بطلت الحوالة ؛ لأنّها فرع البيع ، والبيع قد بطل.

وعندي فيه نظر ؛ لأنّ البيع لم يبطل من أصله ، وإنّما تجدّد له البطلان ، فلا يؤثّر في الحوالة التي جرت منهما.

ولو أحال المشتري البائعَ على غيره ثمّ فسخ البيع بالخيار ، بطلت الحوالة ؛ لترتّبها على البيع ، والبيع قد بطل.

ويُحتمل قويّاً عدم بطلان الحوالة.

وعلى قول الشافعيّة ببطلان الخيار لو أحال المشتري البائعَ على ثالثٍ ، يبطل خيارهما جميعاً ؛ لتراضيهما. ولو أحال البائع رجلاً على المشتري ، لم يبطل خيار المشتري ، إلاّ أن يقبل ويرضى بالحوالة(١) .

مسألة ٦٠٩ : لو أحال زيد على عمرو بكراً بمالٍ فأدّاه عمرو - بعد قبول الثلاثة الحوالة - إلى بكر‌ ، ثمّ جاء عمرو يطالب زيداً بما أدّاه بحوالته إلى بكر ، فادّعى زيد أنّه إنّما أحال بما لَه عليه ، وأنكر عمرو ذلك وأنّه احتال ولا شي‌ء لزيد عليه ، كان القولُ قولَ عمرو ؛ لأصالة براءة ذمّته.

ويُحتمل أن يقال : إن قلنا بصحّة الحوالة على مَنْ لا مال عليه ، كان القولُ قولَ المحال عليه قطعاً. وإن قلنا : إنّها لا تصحّ ، كان القولُ قولَ المحيل ؛ لاعترافهما بالحوالة ، وادّعاء المحال عليه بطلانها ، والأصل الصحّة.

مسألة ٦١٠ : لو أحال السيّد على مكاتَبه بمال النجوم‌ ، فإن كان بعد‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

٤٥٠

حلوله ، صحّ ؛ لثبوته في ذمّة المكاتَب. وإن كان قبل الحلول ، فكذلك على الأقوى.

ويجي‌ء على قول الشيخرحمه‌الله المنع(١) ؛ لأنّ مال الكتابة غير واجبٍ - عنده(٢) - على المكاتَب ؛ إذ له أن يُعجّز نفسه ، فله أن يمتنع من أدائه.

وللشافعيّة وجهان فيما إذا أحال السيّد غيره على مكاتَبه بالنجوم.

أحدهما : الجواز - كما قلناه - لأنّ النجوم دَيْنٌ ثابت على المكاتَب ، فأشبه سائر الديون.

وأصحّهما عندهم : المنع ؛ لأنّ النجوم غير لازمة على المكاتَب ، وله إسقاطها متى شاء ، فلا يمكن إلزامه الدفع إلى المحتال(٣) .

وعلى ما اخترناه - من صحّة الحوالة - لو أعتق السيّد عبده المكاتَب ، بطلت الكتابة ، ولم يسقط عن المكاتَب مال الحوالة ؛ لأنّ المال بقبوله الحوالة صار لازماً له للمحتال ، ولا يضمن السيّد ما يغرمه من مال الحوالة.

ولو كان للسيّد عليه دَيْنُ معاملةٍ غير مال الكتابة ، صحّت الحوالة به قطعاً ؛ لأنّ حكمه حكم الأحرار في المداينات.

وقال بعض الشافعيّة : إنّه مبنيّ على أنّ المكاتَب لو عجّز نفسه ، هل يسقط ذلك الدَّيْن؟ إن قلنا : نعم ، لم تصح الحوالة ، وإلّا صحّت(٤) .

والمعتمد ما قلناه ، وهو قول أكثر الشافعيّة وقول أكثر العامّة(٥) .

ولو أحال المكاتَبُ السيّدَ على إنسانٍ بمال الكتابة ، صحّت الحوالة‌

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٣٢١.

(٢) الخلاف ٦ : ٣٩٣ ، المسألة ١٧ ، المبسوط - للطوسي - ٦ : ٧٣ و ٨٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٩ - ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

(٥) روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤ ، المغني ٥ : ٥٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٧.

٤٥١

عندنا وعند أكثر الشافعيّة وأكثر المانعين من حوالة السيّد عليه بالنجوم(١) ، وتبرأ ذمّة المكاتَب من مال الكتابة ، ويتحرّر ، ويكون ذلك بمنزلة الأداء ، سواء أدّى المحال عليه أو مات مفلساً ؛ لأنّ ما أحاله عليه مستقرّ ، والكتابة لازمة من جهة السيّد ، فمتى أدّى المحال عليه وجب على السيّد القبول أو الإبراء.

وقال بعض الشافعيّة : لا تصحّ هذه الحوالة أيضاً(٢) .

فللشافعيّة إذَنْ ثلاثة أقوال في الجمع بين الصورتين :

أحدها : جواز إحالة المكاتَب بالنجوم ، وإحالة السيّد على النجوم ، وهو قول ابن سريج.

والثاني : منعهما جميعاً.

والثالث : أظهرها عندهم ، وهو : جواز إحالة المكاتَب بها ، ومنع إحالة السيّد عليها(٣) .

ولو أحال السيّد بأكثر مال الكتابة ثمّ أعتقه ، سقط عن المكاتَب الباقي ، ولم تبطل الحوالة.

مسألة ٦١١ : مال الجُعْل في الجُعالة إن استحقّ بالعمل ، صحّت الحوالة به إجماعاً.

وإن لم يشرع في العمل ، فالأقرب : الجواز ؛ لأنّا نجوّز الحوالة على بري‌ء الذمّة.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤ ، المغني ٥ : ٥٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

(٣) الوسيط ٣ : ٢٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠.

٤٥٢

وقياس الشافعيّة أنّه يجي‌ء في الحوالة به وعليه الخلافُ المذكور في الرهن به وفي ضمانه(١) .

وقال بعض الشافعيّة : تجوز الحوالة به وعليه بعد العمل ، لا قبله(٢) .

ولو أحال مَنْ عليه الزكاة الساعيَ على إنسانٍ بالزكاة ، جاز ، سواء قلنا : إنّ الحوالة استيفاء أو اعتياض ؛ لأنّه دَيْنٌ ثابت في الذمّة ، فجازت الحوالة.

وعندنا يجوز دفع قيمة الزكاة عن عينها ، فجاز الاعتياض فيها.

أمّا الشافعيّة فإنّهم منعوا من دفع القيمة في الزكاة ومن الاعتياض عنها(٣) ، فهنا قالوا : إن قلنا : إنّ الحوالة استيفاء ، صحّت الحوالة هنا. وإن قلنا : إنّها اعتياض ، لم تجز ؛ لامتناع أخذ العوض عن الزكاة(٤) .

ولو أحال الفقير المديون صاحبَ دَيْنه بالزكاة على مَنْ وجبت عليه ، لم تصح ؛ لأنّها لم تتعيّن له إلّا بالدفع إليه.

ولو قَبِل مَنْ وجبت عليه ، صحّ ، ولزمه الدفع إلى المحتال.

مسألة ٦١٢ : تجوز الحوالة بكلّ مالٍ لازمٍ ثابتٍ في الذمّة معلومٍ‌ ؛ لأنّها إمّا اعتياض ، فلا تصحّ على المجهول ، كما لا يصحّ بيعه ، وإمّا استيفاء ، وإنّما يمكن استيفاء المعلوم ، أمّا المجهول فلا. ولاشتماله على الغرر.

فلو قال : أحلتك بكلّ ما لك عَلَيَّ ، فقَبِل ، لم تصح.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

(٢) روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ١٥٧ ، المجموع ٥ : ٤٢٨ - ٤٢٩ ، و ٦ : ١٣٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٦٥ ، المغني ٢ : ٦٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢١.

(٤) روضة الطالبين ٣ : ٤٦٥.

٤٥٣

ويحتمل الصحّة ، ويكون على المحال عليه للمحتال كلّ ما تقوم به البيّنة ، كما قلناه في الضمان.

ولا يشترط اتّفاق الدَّيْنين في سبب الوجوب ، فلو كان أحدهما ثمناً والآخَر أُجرةً أو قرضاً أو بدلَ متلفٍ أو أرشَ جنايةٍ وما أشبهه ، جازت الحوالة ، ولا نعلم فيه خلافاً.

مسألة ٦١٣ : تصحّ الحوالة بكلّ دَيْنٍ ثابتٍ في الذمّة‌ ، سواء كان مثليّاً ، كالذهب والفضّة والحبوب والأدهان ، أو من ذوات القِيَم ، كالثياب والحيوان وغيرهما - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(١) - لأنّه حقٌّ لازمٌ ثابتٌ في الذمّة ، فأشبه ما لَه مِثْلٌ.

والثاني : المنع ؛ لأنّ الغرض من الحوالة إيصال الحقّ إلى مستحقّه من غير تفاوتٍ ، وهذا الغرض لا يتحقّق فيما لا مِثْل له ؛ لأنّ المثل لا يتحرّز(٢) ، ولهذا لا يضمن بمثله في الإتلاف(٣) .

والأوّل أصحّ. والوصول إلى الحقّ قد يكون بالمثل ، وقد يكون بالقيمة ، وكما يجوز إبراء المديون منه بالأداء ، كذا المحال عليه.

ولو كان المال ممّا لا يصحّ السَّلَم فيه ، ففي جواز الحوالة به إشكال أقربه : الجواز ؛ لأنّ الواجب في الذمّة حينئذٍ القيمة ، وتلك العين لا تثبت في الذمّة ، فلا تقع الحوالة بها ولا بمثلها ؛ لعدمه ، بل بالقيمة.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٤ ، حلية العلماء ٥ : ٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٥.

(٢) في النسخ الخطّيّة : « لا يتحرّر » بالراءين المهملتين.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٤ ، حلية العلماء ٥ : ٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٥.

٤٥٤

ولو كان عليه خمس من الإبل أرش الموضحة مثلاً ، وله على آخَر مثلها ، فأحاله بها ، فالأقرب : الصحّة ؛ لأنّها تنحصر بأقلّ ما يقع عليه الاسم في السنّ والقيمة وسائر الصفات ، وهو أحد قولَي الشافعي(١) .

والثاني : لا تجوز ؛ لأنّ صفاتها مجهولة(٢) .

وهو ممنوع.

وقال بعض الشافعيّة : إذا أحال بإبل الدية وعليها وفرّعنا على جواز الحوالة في المتقوّمات ، فوجهان أو قولان مبنيّان على جواز المصالحة والاعتياض عنها.

والأصحّ عندهم : المنع ؛ للجهل بصفاتها(٣) .

ولو كان الحيوان صداقاً ودخل بها ، جازت الحوالة عند بعض الشافعيّة ؛ لأنّه لا يكون مجهولاً(٤) .

ومَنَعه بعضهم ؛ لأنّه لا تجوز المعاوضة معها(٥) .

النظر الرابع : في تساوي الجنسين.

مسألة ٦١٤ : من مشاهير الفقهاء(٦) وجوب تساوي الدَّيْنين‌ - أعني الدَّيْن الذي للمحتال على المحيل ، والذي للمحيل على المحال عليه - جنساً ووصفاً ، فلو كان له دنانير على شخصٍ فأحال عليه بدراهم ، لم تصحّ ؛ لأنّ الحوالة إن جعلناها استيفاءً ، فلأنّ مستحقّ الدراهم إذا‌

____________________

(١ و ٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٢ ، ولاحظ : حلية العلماء ٥ : ٣٣.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٥.

(٤ و ٥) راجع : التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٢.

(٦) بداية المجتهد ٢ : ٣٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦ ، المغني ٥ : ٥٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٩.

٤٥٥

استوفاها وأقرضها فمحال أن ينتقل حقّه إلى الدنانير.

وإن جعلناها معاوضةً ، فلأنّها وإن كانت معاوضةً فليست هي على حقيقة المعاوضات التي يقصد بها تحصيل ما ليس بحاصل من جنس مالٍ أو زيادة قدرٍ أو صفة ، وإنّما هي معاوضة إرفاقٍ ومسامحة للحاجة ، فاشترط فيها التجانس والتساوي في القدر والصفة ؛ لئلّا يتسلّط على المحال عليه ، كما في القرض.

ولأنّا نجبر المحال عليه عند مَنْ لا يشترط رضاه ، ولا يمكن إجباره مع الاختلاف.

ولأنّ الحوالة لا يُطلب بها الفضل ، ولهذا جازت دَيْناً بدَيْن ، ألا ترى أنّه لا يجوز بيع الدَّيْن بالدَّيْن ، فلو جوّزنا الإحالة مع الاختلاف في الجنس أو الوصف ، لكان بيعَ الدَّيْن بالدَّيْن.

ومع هذا فقد قال المشترطون للتساوي : إنّه تصحّ الحوالة على مَنْ لا دَيْن عليه ، والأحرى جواز الإحالة على مَنْ عليه دَيْن مخالف. لكنّ الغرض بقولهم : « إذا تغاير الدَّيْنان جنساً أو وصفاً أو قدراً ، لم تصحّ الحوالة » أنّ الحقّ لا يتحوّل بها من الدنانير إلى الدراهم وبالعكس ، لكنّها إذا جرت فهي حوالة على مَنْ لا دَيْن له عليه ، وحكمه ما تقدّم(١) .

مسألة ٦١٥ : لو كان عليه إبل من الدية وله على آخَر مثلها قرضاً ، فأحاله صاحب القرض على المقترض بإبل الدية‌ ، فإن قلنا : يردّ في القرض مثلها ، صحّت الحوالة ؛ لأنّه يمكن استيفاء الحقّ على صفته من المحال عليه. ولأنّ الخيرة في التسليم إلى مَنْ عليه الدَّيْن ، وقد رضي بتسليم ما لَه‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦.

٤٥٦

في ذمّة المقترض ، وهو مثل الحقّ ، فكانت الحوالة صحيحةً.

وإن قلنا : إنّه يردّ في القرض القيمة ، لم تصحّ الحوالة ؛ لاختلاف الجنس.

وكذا ما يثبت في الذمّة قيمته في القرض - كالجواهر واللآلئ وغيرهما ممّا لا يصحّ السَّلَم فيه - لا تصحّ الحوالة به.

ولو احتال المقرض بإبل الدية ، لم تصح ؛ لأنّا إن قلنا : تجب القيمة في القرض ، فقد اختلف الجنس. وإن قلنا : يجب المثل ، فللمقرض مثل ما أقرض في صفاته ، والذي عليه الدية لا يلزمه ذلك.

مسألة ٦١٦ : يجب تساوي الدَّيْنين في القدر‌ ، فلا يحال بخمسة على عشرة ، ولا بعشرة على خمسة ؛ لما قلنا من أنّ هذا العقد للإرفاق ، ولإيصال كلّ حقٍّ إلى مستحقّه ، ولم يوضع لتحصيل زيادة أو حطّ شي‌ء.

والمراد بذلك وقوع المعاوضة بالقليل عن الكثير وبالعكس ، وإلّا فلو كان له عشرة فأحال بخمسة منها ، أو كان له خمسة فأحال بها وبخمسةٍ أُخرى ، فإنّه تصحّ.

وللشافعيّة وجهٌ في الإحالة بالقليل على الكثير : أنّها جائزة ، وكأنّ المحيل تبرّع بالزيادة(١) .

وقال أبو العباس ابن سريج : الحوالة بيع إلّا أنّه غير مبنيّ على المكايسة والمغابنة وطلب الربح والفضل ، بل جُعل رفقاً ، كالقرض ، وإن كان نوعَ معاوضةٍ ، فلا تجوز إلّا مع اتّفاق الجنس جنساً وقدراً وصفةً ، وقد قال الشافعي في كتاب البيوع في باب الطعام قبل أن يستوفى : وإن حلّ عليه‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦.

٤٥٧

طعام فأحال به على رجل له عليه طعام أسلفه إيّاه ، لم تجز من قِبَل أنّ هذا الطعام لـمّا لم يجز بيعه لم تجز الحوالة به ؛ لأنّه بيع ، وهذا نصٌّ منه(١) .

وقيل : ليست بيعاً(٢) - وهو ما اخترناه نحن أوّلاً - لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ندب إليها ، فقال : « مَنْ أُحيل على ملي‌ء فليحتل »(٣) . ولأنّها لا تصحّ بلفظ البيع ، ولا تجوز الزيادة فيها ولا النقصان ، ولما جازت في النقود إلّا مع التقابض في المجلس ، إلّا أنّ هذا القائل لا يجوّز الحوالة بالـمُسْلَم فيه ، وهذا تشمير(٤) لقول مَنْ قال : إنّه بيع.

لا يقال : لو كان بيعاً ، لكان على المحيل تسليمه إلى المحال عليه ؛ لأنّه عوض من جهته ، كما إذا باع شيئاً في يد غيره ، فإنّه يطالبهما به المشتري.

لأنّا نقول : أجاب مَنْ قال : « إنّه بيع » : بأنّه لـمّا استحقّ مطالبة المحال عليه به لم يستحقّ مطالبة المحيل ؛ لأنّه لو استحقّ مطالبتهما ، لكان قد حصل له بالحوالة زيادة في حقّ المطالبة ، وقد ثبت أنّ الحوالة مبنيّة على أنّه لا يستحقّ بها إلّا مثل ما كان يستحقّه ، بخلاف البيع ؛ لأنّه تجوز فيه الزيادة.

وفائدة الاختلاف : ثبوت خيار المجلس إن قلنا : إنّها بيع.

والحقّ ما تقدّم ، والاعتذار باطل ؛ لأنّ تخلّف لازم البيع يقضي بانتفائه.

____________________

(١) انظر : الحاوي الكبير ٦ : ٤١٩ ، والعزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٦ ، وراجع : الأُم ٣ : ٧٣.

(٢) انظر : الحاوي الكبير ٦ : ٤١٩ ، والعزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٦.

(٣) المصنّف - لابن أبي شيبة - ٧ : ٧٩ / ٢٤٤٥.

(٤) التشمير : التقليص والإرسال. لسان العرب ٤ : ٤٢٨ « شمر ».

٤٥٨

مسألة ٦١٧ : الأقرب : أنّه لا يشترط تساوي المالَيْن في الحلول والتأجيل‌ ، فيجوز أن يحيل بالمؤجَّل على الحالّ ؛ لأنّ للمحيل أن يُعجّل ما عليه ، فإذا أحال به على الحالّ فقد عجّل.

وكذا يجوز أن يحيل بالحالّ على المؤجَّل.

ثمّ إن رضي المحال عليه بالدفع معجَّلاً ، جاز ، وإلاّ لم يجز ، ووجب على المحتال الصبر ، كما لو احتال مؤجّلاً.

وللشافعيّة قولان :

أصحّهما عندهم : أنّه يشترط التساوي في الحلول والتأجيل ؛ إلحاقاً للوصف بالقدر.

والثاني : أنّه يجوز أن يحيل بالمؤجَّل على الحالّ ؛ لأنّه تعجيل ، ولا يجوز العكس ؛ لأنّ حقّ المحتال حالٌّ ، وتأجيل الحالّ لا يلزم(١) .

ونحن نمنع عدم اللزوم مطلقاً ، بل إذا تبرّع به ، لم يلزم ، أمّا إذا شرطه في عقدٍ لازم ، فإنّه يلزم ، والحوالة عقد لازم ، والمحيل إنّما أحال بالمؤجَّل ، والمحال عليه إنّما قَبِل على ذلك ، فلم يكن للمحتال الطلبُ معجَّلاً.

فروع :

أ - لو كان الدَّيْنان مؤجَّلين ، فإن تساويا في الأجل ، صحّت الحوالة قطعاً.

وإن اختلفا ، صحّت عندنا أيضاً.

وللشافعيّة وجهان بناءً على الوجهين في الحالّ والمؤجَّل ، فإن منعناه هناك ، منعناه هنا. وإن جوّزناه هناك ، جاز هنا على حدّ ما جاز هناك على معنى أنّه يجوز أن يحال بالأبعد على الأقرب ؛ لأنّه تعجيل ، ولا يجوز‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦.

٤٥٩

العكس ؛ لأنّه تأجيل الحالّ(١) .

ب - لو كان أحدهما صحيحاً والآخَر مكسَّراً‌ ، قالت الشافعيّة : لم تجز الحوالة بينهما على الوجه الأوّل ، وعلى الثاني يحال بالمكسَّر على الصحيح ، ويكون المحيل متبرّعاً بصفة الصحّة ، ولا يحال بالصحيح على المكسَّر ، إلَّا إذا كان المحتال تاركاً لصفة الصحّة ، ويرضى بالمكسَّرة رشوةً ليحيله المحيل.

ج - يُخرّج على هذا الخلاف عندهم حوالة الأردأ على الأجود في كلّ جنسٍ ، وبالعكس‌(٢) .

والأقرب عندي : جواز ذلك كلّه.

د - لو أدّى المحال عليه الأجود إلى المحتال ، وجب القبول‌. وكذا الصحيح عوض المكسَّر.

أمّا تعجيل المؤجَّل فلا يُجبر عليه ، خلافاً للشافعيّة ، فإنّهم أوجبوه(٣) ، حيث يجبر المستحقّ على القبول(٤) .

وهذا يتفرّع على الصحيح في أنّ المديون إذا جاء بأجود ممّا عليه من ذلك النوع ، يُجبر المستحقّ على قبوله ، ولا يكون ذلك معاوضةً؟(٥) .

ه- لو كان الدَّيْنان حالَّيْن فشرط في الحوالة أنّ المحتال يقبض حقّه أو بعضه بعد شهرٍ ، صحّ عندنا‌ - خلافاً لأحمد(٦) - لعموم قولهعليه‌السلام :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣١ - ١٣٢.

(٣) في النسخ الخطّيّة : « جوّزوه » بدل « أوجبوه ».

(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٢.

(٦) المغني ٥ : ٥٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٩.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510