تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

تذكرة الفقهاء11%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: 510

الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 510 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 406219 / تحميل: 5178
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

٢٤٥١ - وروي عن نصر الخادم قال: " نظر العبد الصالح أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إلى سفرة عليها حلق صفر(١) فقال: انزعوا هذه واجعلوا مكانها حديدا فإنه لا يقرب شيئا مما فيها شئ من الهوام ".

باب السفر الذى يكره فيه اتخاذ السفرة

٢٤٥٢ - قال الصادق عليه السلام لبعض أصحابه: تأتون قبر أبي عبدالله صلوات الله عليه؟ فقال له: نعم، قال: تتخذون لذلك سفرة؟ قال: نعم، قال: أما لو أتيتم قبور آبائكم وامهاتكم لم تفعلوا ذلك، قال: قلت: فأي شئ نأكل؟ قال: الخبز باللبن(٢) ".

٢٤٥٣ - وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام: " بلغني أن قوما إذا زاروا الحسين عليه السلام حملوا معهم السفرة فيها الجداء والاخبصة(٣) وأشباهه، لو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا معهم هذا ".

باب الزاد في السفر

٢٤٥٤ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفر(٤) ".

___________________________________

(١) الحلق كعنب حلقة والحديد يدفع الهوام.

(٢) يدل على استحباب ترك المطاعم الجيدة في سفر زيادة أبى عبدالله الحسين عليه السلام واستشعار الحزن فيه، والخبر رواه ابن قولويه في كامل الزيارات ص ١٢٩ مسندا.

(٣) الجداء: الجدى المشوى، وفى الكامل " الحلاوة "، والخبيص حلواء من التمر.

(٤) رواه الكلينى ج ٨ ص ٣٠٣ تحت رقم ٤٦٧ عن على، عن أبيه، عن النوفلى، عن السكونى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث " وشرف الرجل: مجده وأصالته.

٢٨١

٢٤٥٥ - و " كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا سافر إلى مكة للحج أو العمرة تزود من أطيب الزاد من اللوز والسكر، والسويق المحمض والمحلى ".

٢٤٥٦ - وروي أنه " قام أبوذر - رحمة الله عليه - عند الكعبة فقال: أنا جندب ابن السكن، فاكتنفه الناس فقال: لو أن أحدكم أراد سفرا لاتخذ فيه من الزاد ما يصلحه لسفره، فتزودوا لسفر يوم القيامة، أما تريدون فيه ما يصلحكم؟ فاقم إليه رجل فقال: أرشدنا، فقال: صم يوما شديد الحر للنشور، وحج حجة لعظائم الامور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، كلمة خير تقولها، وكلمة شر تسكت عنها، أو صدقة منك على مسكين لعلك تنجو بها يا مسكين من يوم عسير، اجعل الدنيا درهمين درهما قد أنفقته على عيالك ودرهما قدمته لآخرتك، والثالث يضر ولا ينفع لا ترده، اجعل الدنيا كلمتين كلمة في طلب الحلال وكلمة للآخرة، والثالثة تضر ولا تنفع لا تردها، ثم قال: قتلني هم يوم لا ادركه ".

٢٤٥٧ - وقال لقمان لابنه: " يا بني إت الدنيا بحر عميق، وقد هلك فيها عالم كثير، فإجعل سفينتك فيها الايمان بالله، واجعل شراعها التوكل على الله(١) واجعل زادك فيها تقوى الله عزوجل، فإن نجوت فبرحمة الله، وإن هلكت فبذنوبك ".

باب حمل الآلات والسلاح في السفر

٢٤٥٨ - روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " في وصية لقمان لابنه: يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وحبالك(٢)

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ١ ص ١٦ في حديث طويل عن هشام بن الحكم، عن موسى بن جعفر عليهما السلام مع اختلاف وفيه " فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وحوشها الايمان، وشراعها التوكل " والشراع ككتاب ما يقال له بالفارسية بادبان.

(٢) الحبال: الرسن.

ورواه الكلينى في الروضة ص ٣٠٣ تحت رقم ٤٦٦، وفيه " وخبائك " والخباء: الخيمة.

٢٨٢

وسقائك وخيوطك ومخرزك(١) وتزود معك من الادوية ما تنتفع به أنت ومن معك، وكن لاصحابك موافقا إلا في معصية الله عزوجل - وزاد فيه بعضهم: وفرسك -(٢) ".

باب الخيل وارتباطها وأول من ركبها

٢٤٥٩ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة(٣) والمنفق عليها في سبيل الله عزوجل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها "(٤) .

فإذا أعددت شيئا فأعده أقرح أرثم محجل الثلاثة، طلق اليمين، كميتا ثم أغر تسلم وتغنم(٥) .

___________________________________

(١) في الكافى " وسقائك وأبرتك وخيوطك " والمخرز ما يخرز به الخف والجراب والسقاء وما كان من الجلود.

(٢) في بعض النسخ " وقوسك " كما في المحاسن ص ٣٦٠. ولعله الاصوب.

(٣) إلى هنا رواه الكلينى ج ٥ ص ٤٨ في الصحيح وكذا البرقى في المحاسن ص ٦٣١ وفيهما " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة " وهكذا رواه أحمد والبخارى ومسلم والنسائى وابن ماجة.

(٤) رواه أبوداود السجستانى باسناده عن سهل بن الربيع بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وآله، ورواه الطبرانى في الاوسط على ما في الجامع الصغير عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وآله هكذا " الخير معقود بنواصى الخيل إلى يوم القيامة، والمنفق على الخيل كالباسط كفه بالنفقة لا يقبضها ".

(٥) روى ابن حبان في صحيحة عن عقبة بن عامر وأبى قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله " خير الخيل الادهم الاقرح الارثم المحجل طلق اليد اليمنى، قال يزيد بن أبى حبيب: فان لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية " وروى الحاكم في المستدرك عن عقبة عن النبى صلى الله عليه وآله قال: " إذا أردت أن تغزو فاشتر فرسا أغر محجلا مطلق اليمنى فانك تغنم وتسلم " ونحوه في المحاسن ص ٤٣١.

والاقرح هو الفرس يكون في وسط جبهته قرحه بالضم وهى بياض يسير، والارثم بفتح الهمزة والثاء المثلثة المفتوحة هو الفرس الذى أنفه وشفته العليا أبيض، والمحجل هو الذى يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الارساغ ولا يجاوز الركبتين لانهما مواضع الاحجال وهى الخلاخيل والقيود ولا يكون التحجيل باليد واليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان (النهاية) وطلق اليمين بفتح الطاء وسكون اللام وبضمها أيضا إذا لم يكن بها تحجيل.

والكميت بضم الكاف وفتح الميم هو الفرس الاحمر أو الذى ليس بالاشقر ولا الادهم بل يخالط حمرته سواد، والشية بكسر الشين المعجمة وفتح الياء مخففة هو كل لون في الحيوان يكون معظم لونها على خلافه.

وقوله " محجل الثلاثة " أى يكون يده اليسرى ورجلاه بيضاء أو يكون فيها بياض.

والاغر ما يكون في جبهته بياض.

٢٨٣

٢٤٦٠ - وروى بكر بن صالح، عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام قال: " سمعته يقول: الخيل على كل منخر منها شيطان، فإذا أراد أحدكم أن يلجمها فليسم "(١) .

٢٤٦١ - قال: وسمعته يقول: " من ربط فرسا عتيقا محيت عنه عشر سيئات(٢) وكتبت له إحدى عشرة حسنة في كل يوم، ومن ارتبط هجينا(٣) محيت عنه في كل يوم سيئتان وكتبت له تسع حسنات في كل يوم، ومن ارتبط بزذونا(٤) يريد به جمالا أو قضاء حاجة أو دفع عدو محيت عنه في كل يوم سيئة وكتبت له ست حسنات.(٥) ومن(٦) ارتبط فرسا

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٦ ص ٥٣٩ من يعقوب بن جعفر عنه عليه السلام وفيه " فليسم الله عزوجل "، وهكذا في المحاسن.

(٢) في المحاسن والكافى ج ٥ ص ٤٨ " ثلاث سيئات ".

والعتيق هو الذى أبواه عربيان وفرس عتيق ككريم وزنا ومعنى.

(٣) الهجين هو الذى أبوه عربى وامه أمة غير محصنة، ومن الخيل: الذى ولدته برذونة من حصان عربى.

(٤) البرذون بالكسر ما لم يكن شئ من أبويه عربيا، والتركى من الخيل. (راجع الصحاح والنهاية)

(٥) إلى هنا في الكافى ج ٥ ص ٤٨ والمحاسن ص ٦٣١ وثواب الاعمال ص ٢٢٦ عن يعقوب بن جعفر بن ابراهيم الجعفرى عن أبى الحسن عليه السلام.

(٦) من هنا في المحاسن ص ٦٣١ وثواب الاعمال من حديث بكر بن صالح عن سليمان بن جعفر الجعفرى.

٢٨٤

أشقر أغر أو أقرح - فإن كان أغر سائل الغرة به وضح في قوائمه(١) فهو أحب إلي - لم يدخل بيته فقر ما دام ذاك الفرس فيه، وما دام في ملك صاحبه لا يدخل بيته حيف "(٢) .

٢٤٦٢ - قال(٣) : وسمعته يقول: " أهدى أمير المؤمنين عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله أربعة أفراس من اليمن فأتاه فقال: يا رسول الله أهديت لك أربعة أفراس، قال: صفها(٤) قال: هي ألوان مختلفة، قال: فيها وضح؟ قال: نعم، قال: فيها شقر به وضح؟ قال: نعم، قال: فأمسكه لي، وقال: فيها كميتان أو ضحان، قال: أعطهما ابنيك، قال: والرابع أدهم بهيم(٥) قال: بعه واستخلف قيمته لعيالك، إنما يمن الهيل في ذوات الاوضاح ".

٢٤٦٣ - قال(٣) : وسمعته يقول: " من خرج من منزله أو منزل غير منزله في أول الغداة فلقي فرسا أشقر به أوضاح بورك له في يومه، وإن كانت به غرة سائلة فهو العيش، ولم يلق في يومه ذلك إلا سرورا، وقضي الله عزوجل حاجته(٦) ".

___________________________________

(١) الشقرة: حمرة صافية في الخيل وهى لون يأخذ من الاحمر والاصفر وهو أشقر وقد قيل: الاشقر: شديدة الحمرة، والغرة: بياض في جبهة الفرس وهو أغر، وتقدم بيان الاقرح من أنه الذى يكون في جبهته قرحة وهى بياض بقدر الدرهم أو دونه، والوضح: الضوء والبياض، يقال: بالفرس وضح إذا كان في قوائمه كلها بياض، وقد يكون به البرص.

(٢) كذا في المحاسن وفى بعض النسخ " حيق " والحيق ما يشمل الانسان من المكروه لكن في ثواب الاعمال " لا يدخل في بيته حنق ".

والظاهر أن كل ما ذكره من فضائل ارتباط الفرس العتيق والهجين والبرذون والاشقر وجده في كتاب سليمان بن جعفر الجعفرى أو غيره متفرقا فذكره هنا مجتمعا أو كان فيه مجتمعا ونقله البرقى والكلينى متفرقا في تضاعيف الابواب.

(٣) يعنى سليمان قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام.

(٤) في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ والمحاسن " فقال: سمها لى ".

(٥) البهيم من الدواب المصمت منها وهو الذى لا يخالط لونه لون غيره والجمع بهم.

(٦) رواه هكذا البرقى في المحاسن والمؤلف نحوه في ثواب الاعمال عن سليمان عن أبى جعفر الباقر عليه السلام والظاهر أنه تصحيف لان سليمان لم يدرك الباقر عليه السلام.

ويحتمل التعدد، أو رواه سليمان مرسلا ويؤيده اختلاف الالفاظ.

٢٨٥

٢٤٦٤ - وقال الصادق عليه السلام: " كانت الخيل وحوشا في بلاد العرب، وصعد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام على أبي قبيس فناديا: ألا هلا ألا هلم، فما بقي فرس إلا أعطى بقياده وأمكن من ناصيته(١) ".

باب حق الدابة على صاحبها

٢٤٦٥ - روى إسماعيل بن أبي زياد(٢) باسناده قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: للدابة على صاحبها خصال: يبدا بعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماء إذا مر به، ولا يضرب وجهها فانها تسبح بحمد ربها، ولا يقف على ظهرها الا في سبيل الله عزوجل، ولا يحملها فوق طاقتها، ولا يكلفها من المشي إلا ما تطيق ".

٢٤٦٦ - وسأل رجل أبا عبدالله عليه السلام " متى أضرب دابتي تحتي؟ قال: إذا لم تمش تحتك كمشيها إلى مذودها(٣) ".

٢٤٦٧ - وروي أنه قال: " اضربوها على العثار، ولا تضربوها على النفار فانها ترى ما لا ترون(٤) ".

٢٤٦٨ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا عثرت الدابة تحت الرجل فقال لها:

___________________________________

(١) رواه البرقى في المحاسن ص ٦٣٠ بسند مرفوع عن أبى عبدالله عليه السلام

(٢) يعنى السكونى، ورواه الكلينى ج ٦ ص ٥٢٧ بتقديم وتأخير.

(٣) المذود بالذال أخت الدال كمنبر: معتلف الدابة.

(٤) في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ باسناده عن مسمع بن عبدالملك عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اضربوها على النفار ولا تضربوها على العثار " و رواه أيضا مرسلا في خبر آخر أيضا، وقال العلامة المجلسى رحمه الله: " لعل ما في الكافى أوفق وأظهر " والتعليل لا يلائمه.

وفى المحاسن كما في الكافى.

٢٨٦

تعست، تقول: تعس أعصانا للرب(١) ".

٢٤٦٩ - وقال علي عليه السلام " في الدواب: لا تضربوا الوجوه ولا تلعنوها فإن الله عزوجل لعن لاعنها(٢) " وفي خبر آخر: " لا تقبحوا الوجوه ".

٢٤٧٠ - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إن الدواب إذا لعنت لزمتها اللعنة(٣) ".

٢٤٧١ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تتوركوا على الدواب ولا تتخذوا ظهورها مجالس(٤) ".

___________________________________

(١) تعس يتعس إذا عثر وانكب بوجهه وقد يفتح العين وهو دعاء عليه بالهلاك (النهاية) وقال العلامة المجلسى في المرآة: لعل المراد بالرب المالك.

في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ رواه عن العدة عن سهل عن جعفر بن محمد بن يسار عن الدهقان عن درست عن أبى عبدالله عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله.

(٢) روى البرقى ص ٦٣٣ باسناده عن محمد بن مسلم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: " لا ضربوا الدواب على وجوهها فانها تسبح بحمد ربها ".

وفى حديث آخر " لا تسموها في وجوهها " وهكذا مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨.

ويحتمل التعدد، ويؤيده الخبر الآتى.

وقال المولى المجلسى قوله " ولا تقبحوا الوجوه " أى الدواب أو وجوهها بالكى ونحوه.

وقال الفاضل التفرشى: الوجوه في " لا تضربوا الوجوه " بدل الضمير بدل البعض، ويمكن أن يراد بتقبيح الوجه ضربه فان الضرب قد تقبحه، وقال سلطان العلماء: لا تقبحوا الوجوه بالاحراق بالكى وغيره، ويحتمل أن يكون المراد لا تقولوا: قبح الله وجهك.

ويحتمل أن يكون المراد لا تضربوا وجوهها ضربا مؤثرا.

(٣) لعل المراد انه يلزم عليها أن تلعن لاعنيها، أو تصير ملعونا، أو تصير سبب هلاكها وتضروا.

(٤) رواه الكلينى ج ٦ ص ٥٣٥ باسناده عن عمرو بن جميع عن أبى عبدالله عليه السلام عن النبى صلى الله عليه وآله.

والمراد الجلوس عليها على أحد الوركين فانه يضربها ويصير سببا لدبرها، أو المراد رفع احدى الرجلين ووضعها فوق السرج للاستراحة، قال الفيروزآبادي تورك على الدابة ثنى رجليه لينزل أو ليستريح، وقال الجوهرى: تورك على الدابة أى ثنى رجله ووضع احدى وركيه في السرج (المرآة) وفى بعض نسخ الكافى " لا تتوكؤوا ".

و قوله " لا تتخذوا ظهورها مجالس " أى بان تقفوا عليها للصحبة بل انزلوا وتكلموا الا ان يكون يسيرا. (م ت)

٢٨٧

٢٤٧٢ - وقال الباقر عليه السلام: " لكل شئ حرمة وحرمة البهائم في وجوهها(١) ".

باب ما لم تبهم عنه البهائم

٢٤٧٣ - روى علي بن رئاب، عن أبي حمزة عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه كان يقول: " ما بهمت البهائم عنه فلم تبهم عن أربعة: معرفتها بالرب تبارك وتعالى، و معرفتها بالموت(٢) ، ومعرفتها بالاثني من الذكر، ومعرفتها بالمرعى الخصب ".

٢٤٧٤ - وأما الخبر الذي روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لو عرفت البهائم من الموت ما تعرفون ما أكلتم منها سمينا قط " فليس بخلاف هذا الخبر لانها تعرف الموت لكنها لا تعرف منه ما تعرفون.

باب ثواب النفقة على الخيل

٢٤٧٥ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله " في قول الله عزوجل: الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " قال: نزلت في النفقة على الخيل ".

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: هذه الآية روي أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وكان سبب نزولها أنه كان معه أربعة دراهم فتصدق بدهم منها بالليل وبدرهم منها بالنهار، ودرهم في السر، وبدرهم في العلانية فنزلت فيه هذه الآية(٣) .

والآية إذا نزلت في شئ فهي منزلة في كل ما يجري فيه، فالاعتقاد في تفسيرها أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وجرت في النفقة على الخيل وأشباه ذلك(٤) .

__________________________________

(١) الخبر في الكافى والمحاسن عن أبى عبدالله عليه السلام مسندا.

(٢) الظاهر أنها تعرف الموت ولا تعرف ما بعدها لانه ليس لها عذاب كما كان لبنى آدم.

(٣) رواه ابن المغازلى وموفق بن أحمد والمفيد في الاختصاص والعياشى.

(٤) لعموم الاية وخصوص السبب لا يخصص العموم كما في كثير من الايات، ويمكن أن يكون صدقته عليه السلام على الخيل المربوطة للجهاد. (م ت)

٢٨٨

باب علة الرقعتين في باطن يدى الدابة

٢٤٧٦ - روى حماد بن عثمان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " جعلت فداك نرى الدواب في بطون أيديها مثل الرقعتين(١) في باطن يديها مثل الكي(٢) فأي شئ هو؟ قال: ذلك موضع منخريه في بطن امه ".

باب حسن القيام على الدواب

٢٤٧٧ - روي عن أبي ذر - رحمة الله عليه - أنه قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الدابة تقول: اللهم ارزقني مليك صدق يشبعني ويسقيني ولا يحملني مالا اطيق(٣) ".

٢٤٧٨ - وقال الصادق عليه السلام: " ما اشترى أحد دابة إلا قالت: اللهم اجعله بي رحيما "(٤) .

٢٤٧٩ - وروى عنه عبدالله بن سنان أنه قال: " اتخذوا الدابة فإنها زين وتقضى عليها الحوائج، ورزقها على الله عزوجل ".

٢٤٨٠ - وروى السكوني باسناده(٥) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك

___________________________________

(١) الرقعة بالضم مأخوذ من الرقعة التى ترقع به الثوب.(مراد)

(٢) الكى احراق قطعة من الجلد بحديدة محماة ويقال له بالفارسية " داغ ".

(٣) مروى نحوه في المحاسن ورواه الكلينى بلفظ آخر مسندا عن الصادق عليه السلام في ج ٦ ص ٥٣٧.

(٤) في المحاسن ص ٦٢٦ مسندا عن على بن جعفر عن أبى ابراهيم عليه السلام قال: " ما من دابة يريد صاحبها أن يركبها الا قالت: " اللهم اجعله بى رحيما ".

(٥) يعنى عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه وآله.

٢٨٩

وتعالى يحب الرفق ويعين عليه، فإذا ركبتم الدواب العجاف(١) فأنزلوها منازلها فإن كانت الارض مجدبة فانجوا(٢) عليها، وإن كانت مخصبة فأنزلوها منازلها ".

٢٤٨١ - وقال علي صلوات الله عليه(٣) : " من سافر منكم بدابة فيبدأ حين ينزل بعلفها وسقيها ".

٢٤٢٨ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " إذا سرت في أرض خصبة فارفق بالسير، وإذا سرت في أرض مجدبة فعجل بالسير ".

باب ما جاء في الابل

٢٤٨٣ - قال الصادق عليه السلام: " إياكم والابل الحمر، فإنها أقصر الابل أعمارا(٤) ".

٢٤٨٤ - وقال عليه السلام: " إن على ذروة كل بعير شيطان فأشبعه وامتهنه(٥) ".

٢٤٨٥ - وقال أبوعبدالله عليه السلام: " اشتروا السود القباح فإنها أطول الابل أعمارا(٦) ".

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الابل عز لاهلها(٧) ".

___________________________________

(١) العجف بالتحريك: الهزال، والاعجف المهزول، والعجفاء الانثى والجمع عجاف على غير قياس لان فعلاء لا يجمع على فعال. (الصحاح)

(٢) أى أسرعوا، ونجوت أى أسرعت وسبقت.

(٣) مروى في المحاسن ص ٣٦١ مسندا.

(٤) مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٤٣ عن ابن أبى يعفور عن أبى جعفر عليه السلام.

(٥) أى استعمله وذلله واستفد منه.

(٦) مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٤٣ في ذيل حديث رواه عن صفوان الجمال عن أبى عبدالله عليه السلام وقال فيه: " اشتر لى جملا وخذه أشوه الخ ".

وفى المحاسن في حديث رواه أيضا عن أبى عبدالله عليه السلام.

(٧) رواه البرقى ص ٦٣٥ باسناده عن عمر بن أبان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله.

٢٩٠

٢٤٨٧ - و " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتخطى القطار(١) قيل: يا رسول الله ولم؟ قال: لانه ليس من قطار إلا وما بين البعير إلى البعير شيطان ".

٢٤٨٨ - و " سئل النبي صلى الله عليه وآله أي المال خير؟ قال: زرع زرعه صاحبه وأصلحه وأدى حقه يوم حصاده، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد الزرع خير؟ قال: رجل في غنمه قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد الغنم خير؟ قال: البقر تغدو بخير وتروح بخير(٢) قيل: يا رسول الله فأي المال بعد البقر خير؟ فقال: الراسيات في الوحل، المطعمات في المحل(٣) نعم الشئ النخل من باعه فإنما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهقة(٤) اشتدت به الريح في يوم عاصف إلا أن يخلف مكانها، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد النخل خير؟ فسكت فقال له رجل: فأين الابل؟ قال: فيها الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار، تغدو مدبرة وتروح مدبرة(٥) لا يأتي خيرها إلا من جانبها الاشام، أما إنها لا تعدم الاشقياء الفجرة(٦) ".

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: معنى قوله صلى الله عليه وآله: " لا يأتي خيرها إلا من جانبها الاشأم " هو أنها لا تحلب ولا تركب إلا من الجانب الايسر(٧) .

___________________________________

(١) أى التجاوز من بينهم. الخبر رواه البرقى بسند فيه ارسال.

(٢) أى تحلب منها اللبن في الغداة أى أول اليوم والرواح أى آخره. (م ت)

(٣) أى الثابتات أرجلها في الطين والمطعمات في أيام الجدب والقحط فانها صابرة العطش، والمراد النخل كما صرح به.

(٤) الشاهقة: الجبل الراسخ والعالى.

(٥) أى أن الادبار والنحوسة لا ينفك عنها في وقت من الاوقات.(مراد)

(٦) جواب لسؤال مقدر كأنه قيل: إذا كان كذلك فمن مربيها قال عليه السلام أما انها لا تعدم الاشقياء الفجرة وهم الجمالون كما هو المسموع والمشهود، وفى الخصال " انهم الظلمة ".

(٧) يحتمل أن يكون جانبها الايسر كناية عن عدم اليمن وقلة الخير والبركة. (سلطان)

٢٩١

٢٤٨٩ - وقال عليه السلام: " في الغنم إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أقبلت(١) ، والبقر إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أدبرت، والابل، إذا أقبلت أدبرت وأذا أدبرت أدبرت ".

باب ما يجب من العدل على الجمل وترك ضربه واجتناب ظلمه

٢٤٩٠ - روى السكوني باسناده " أن النبي صلى الله عليه وآله أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها، فقال: أين صاحبها، مروه فليستعد غدا للخصومة "(٢) .

٢٤٩١ - وفي خبر آخر قال النبي صلى الله عليه وآله: " أخروا الاحمال فإن اليدين معلقة، والرجلين موثقة ".

٢٤٩٢ - وروى ابن فضال، عن حماد اللحام قال: " مر قطار لابي عبدالله عليه السلام فرأى زاملة(٣) قد مالت، فقال: يا غلام اعدل على هذا الحمل، فإن الله تعالى يحب العدل ".

٢٤٩٣ - وروى أيوب بن أعين قال: " سمعت الوليد بن صبيح يقول لابي عبدالله عليه السلام: إن أبا حنيفة(٤) رأى هلال ذي الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة،

___________________________________

(١) أى إذا أقبلت بالنتاج فهو وإذا أدبرت يعنى بالموت يذبحها صاحبها وينتفع من لحمها وجلدها، أما البقر فوسط، وأما الابل فاقبالها ادبارها لانه إذا حصل له بعض النتاج أو النفع أنفق لها صاحبها أزيد من نتاجها.

(٢) يعنى يوم القيامة لان عقال الناقة وعليها حملها ظلم عليها فاذا كان يوم القيامة تخاصم صاحبه بين يدى الجبار وتقول: ما ذنبى حتى ظلمتنى فينتصف الله سبحانه منك لها.

(٣) الزاملة المحمل وبعير يحمل الطعام والمتاع، وميل الحمل إلى جانب سبب لدبر الدابة.

(٤) هو سعيد بن بيان سابق الحاج الهمدانى ومع أنه ثقة يذم فعله، وقيل انه كان يذهب بجماعة إلى الحج في نهاية السرعة وذهب بهم في هذا الخبر من القادسية التى كانت قريبة من النجف إلى عرفات في ثمانية أيام وشئ.

وروى العياشى عن أبى عبدالله عليه السلام قال:

" أتى قنبر أمير المؤمنين عليه السلام فقال: هذا سابق الحاج، فقال: لا قرب الله داره هذا خاسر الحاج يتعب البهيمة، وينقر الصلاة، اخرج اليه فاطرده ".

٢٩٢

فقال: ما لهذا صلاة، ما لهذا صلاة "(١) .

٢٤٩٤ - و " حج علي بن الحسين عليهما السلام على ناقة له أربعين حجة فما قرعها بسوط "(٢) .

٢٤٩٥ - وقال الصادق عليه السلام: " أي بعير حج عليه ثلاث سنين يجعل من نعم الجنة " وروى " سبع سنين "(٣) .

باب ما جاء في ركوب العقب  (٤)

٢٤٩٦ - روى علي بن رئاب، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعقبون بعيرا بينهم وهم منطلقون إلى بدر ".

باب ثواب من أعان مؤمنا مسافرا

٢٤٩٧ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أعان مؤمنا مسافرا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة، وأجاره في الدنيا والآخرة من الغم والهم، ونفس عنه كربه العظيم يوم يغص الناس بأنفاسهم " وفي خبر آخر " حيث يتشاغل الناس بأنفاسهم ".

___________________________________

(١) لانه لا يمكن الصلاة مع هذه الحركة الا بالايماء واحداث هذه الضرورة اختيارى لامكان الخروج قبله بايام فمعنى نفى الصلاة عدم اتيانها على وجهها لاشتغاله بالسير والسرعة.

(٢) روى البرقى بسندين صحيحين عن عبدالله بن سنان نحوه في أحدهما " ولقد بركت به في سنة من سنواته فما قرعها بسوط ".

(٣) تقدم تحت رقم ٢٢٠٧ ونحوه مروى في المحاسن ص ٦٣٥.

(٤) أى الركوب بالنوبة.

٢٩٣

باب المروء‌ة في السفر

٢٤٩٨ - تذاكر الناس عند الصادق عليه السلام أمر الفتوة فقال: " تظنون أمر الفتوة بالفسق والفجور إنما الفتوة والمروء‌ة طعام موضوع، ونائل مبذول بشئ معروف، وأذى مكفوف فأما تلك فشطارة وفسق، ثم قال: ما المروء‌ة؟ فقال الناس: لا نعلم، قال: المروء‌ة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره، والمروء‌ة مروء‌تان مروء‌ة في الحضر ومروء‌ة في السفر، فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن ولزوم المساجد والمشي مع الاخوان في الحوائج(١) والنعمة ترى على الخادم أنها تسر الصديق وتكبت العدو، وأما التي في السفر فكثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك وكتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك إياهم وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عزوجل، ثم قال عليه السلام: والذي بعث جدي صلوات الله عليه وآله بالحق نبيا إن الله عزوجل ليرزق العبد على قدر المروء‌ة وإن المعونة تنزل على قدر المؤونة، وإن الصبر ينزل على قدر شدة البلاء ".

باب ارتياد المنازل والامكنة التي يكره النزول فيها

٢٤٩٩ - روى السكوني باسناده(٢) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إياكم والتعريس(٣) على ظهر الطريق وبطون الاودية فإنها مدارج السباع ومأوى الحيات ".

٢٥٠٠ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من نزل منزلا يتخوف فيه السبع فقال: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على

___________________________________

(١) راجع معانى الاخبار ص ٢٥٨ روى نحوه مسندا.

(٢) يعنى عن أبى عبدالله عن آبائه عن على عليهم السلام.

(٣) التعريس: نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة.

٢٩٤

كل شئ قدير، اللهم إني أعوذ بك من شر كل سبع " إلا أمن(١) من شر ذلك السبع حتى يرحل من ذلك المنزل إن شاء الله تعالى ".

باب المشى في السفر

٢٥٠١ - روى منذر بن جيفر(٢) ، عن يحيى بن طلحة النهدي قال: قال لنا أبوعبدالله عليه السلام: " سيروا وانسلوا فإنه أخف عليكم "(٣) .

٢٥٠٢ - وروي " أن قوما مشاة أدركهم رسول الله صلى الله عليه وآله فشكوا إليه شدة المشي، فقال لهم: استعينوا بالنسل "(٤) .

٢٥٠٣ - وسأل معاوية بن عمار أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل عليه دين أعليه أن يحج؟ قال: نعم إن حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين، ولقد كان أكثر من حج مع رسول الله صلى الله عليه وآله مشاة، ولقد مر رسول الله صلى الله عليه وآله بكراع الغميم(٥) فشكوا إليه الجهد والطاقة والاعياء، فقال: شدوا أزركم واستبطنوا، ففعلوا [ذلك] فذهب ذلك عنهم ".

٢٥٠٤ - وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قلت له: قول الله عزوجل: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " قال: يخرج يمشي إن لم يكن عنده [شئ] قلت: لا يقدر على المشي؟ قال: يمشي

___________________________________

(١) أى لا يتم هذه الكلمات الا أمن، أو لا يدعوا بها الا أمن.

(٢) منذر بن جيفر بن حكيم العبدى عربى صميم له كتاب وجيفر اختلف فيه و الاصح بتقديم الياء على الفاء.

وطريق الصدوق اليه فيه ابراهيم بن هاشم وهو حسن كالصحيح.

(٣) نسل ينسل نسلا ونسلانا في المشى أى أسرع.

(٤) في النهاية وفى رواية " شكوا اليه الاعياء فقال: عليكم بالنسلان " أى الاسراع في المشى.

(٥) كراع الغميم موضع بين مكة والمدينة وهو واد أمام عسفان، والكراع جانب مستطيل من الحرة تشبيها بالكراع وهو ما دون الركبة من الساق.

٢٩٥

ويركب، قلت: لا يقدر على ذلك، قال: يخدم القوم ويخرج معهم "(١) .

باب آداب المسافر

٢٥٠٥ - روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وامورهم، وأكثر التبسم في وجوههم، وكن كريما على زادك بينهم، وإذا دعوك فأجبهم وإذا استعانوا بك فأعنهم، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك

___________________________________

(١) هذا الحديث ليس بمعمول به عند الفقهاء وقد حملوه على التقية أو الاستحباب و في المدارك ص ٣١٨ " أجمع العلماء كافة أن الاستطاعة شرط في الحج قال الله تعالى " ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا " وقال عزوجل " لا يكلف الله نفسا الا وسعها " قال في المنتهى وقد اتفق علماء‌نا على أن الزاد والراحلة شرطان في الوجوب فمن فقدهما أو أحدهما مع بعد مسافته لم يجب عليه الحج وان تمكن من المشى، ويدل على اعتبارهما مضافا إلى عدم تحقق الاستطاعة عرفا بدونهما غالبا صحيحة محمد بن يحيى الخثعمى قال: " سأل حفص الكناسى أبا عبدالله (ع) وأنا عنده عن قول الله عزوجل " ولله على الناس الاية " ما يعنى بذلك؟ قال: من كان صحيحا في بدنه، مخلى سربه، له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج " وصحيحة محمد بن مسلم قال: " قلت لابى جعفر عليه السلام قوله تعالى " ولله على الناس إلى قوله اليه سبيلا " قال: يكون له ما يحج به، قلت: فان عرض عليه الحج فاستحيى؟ قال: هو ممن يستطيع ولم يستحيى ولو على حمار أجدع أبتر، فان كان يستطيع أن يمشى راجلا بعضا ويركب بعضا فليفعل " قال في المنتهى: انما يشترط الزاد والراحلة في حق المحتاج اليهما لبعد مسافته أما القريب إلى مكة فلا يعتبر في حقه وجود الراحلة إذا لم يكن محتاجا اليها.

وهو جيد لكن في تحديد القرب الموجب لذلك خفاء والرجوع إلى اعتبار المشقة وعدمها جيد الا أن اللازم منه عدم اعتبار الراحلة في حق البعيد أيضا إذا تمكن من المشى من غير مشقة شديدة ولا نعلم به قائلا.

(٢) في المحاسن " عن حماد بن عثمان " وفى الكافى " عن حماد " بدون ذكر الاب وعلى أى حال هما ثقتان.

٢٩٦

من دابة أو ماء أو زاد، وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك، فان من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الامانة، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، وإذا رأيتهم يعلمون فاعمل، وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فأعط معهم واسمع لمن هو أكبر منك سنا، وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا، فقل: نعم، ولا تقل: لا، فإن " لا " عي(١) ولؤم وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتؤامروا، وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه فان الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله أن يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا مالا أرى.

فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ، صلها واسترح منها فإنها دين، وصل في جماعة ولو على رأس زج(٢) ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها(٣) وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل(٤) ، وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك، وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الارض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا، فإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس، وإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الارض، وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الارض التي حللت بها وسلم عليها وعلى اهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتصدق منه فافعل.

___________________________________

(١) بكسر العين أى جهل وبفتحها أى عجز. (م ت)

(٢) الزج بالضم: الرمح والحديدة التى في أسفل الرمح، وذلك يكون للمبالغة.

(٣) الدبر بالتحريك: جراحة على ظهر الدابة.

(٤) لاسترخاء المفاصل أى إذا لم يمدد يسترخى المفاصل.

٢٩٧

وعليك(١) بقراء‌ة كتاب الله عزوجل ما دمت راكبا، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا [عملا] وعليك بالدعاء ما دمت خاليا، وإياك والسير من أول الليل وسر في آخره، وإياك ورفع الصوت في مسيرك".

باب دعاء الضال عن الطريق

٢٥٠٦ - روى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا ضللت عن الطريق فناد " يا صالح - أو يا أبا صالح - أرشدونا إلى طريق يرحمكم الله ".

٢٥٠٧ - وروي " أن البر موكل به صالح، والبحر موكل به حمزة "(٢) .

باب القول عند نزول المنزل

٢٥٠٨ - قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: " يا علي إذا نزلت منزلا فقل: " اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين " ترزق خيره ويدفع عنك شره ".

باب القول عند دخول مدينة أو قرية

٢٥٠٩ - كان في وصية رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: " يا علي إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها: " اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها، اللهم

_____________________________

(١) احتمل بعض الاعلام أن من هنا إلى آخر الحديث من قول الصادق عليه السلام جعله عليه السلام متمما لوصية لقمان حيث انه كان في نسخته " وعليك بقراء‌ة القرآن " مكان " عليك بقراء‌ة كتاب الله " كما صرح هو بذلك.

(٢) المشهور أن الموكل بالبر الخضر وبالبحر الياس عليهما السلام. (م ت)

٢٩٨

حببنا إلى أهلها، وحبب صالحي أهلها إلينا "(١) .

باب الموت في الغربة

٢٥١٠ - روى الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي،(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " ما من مؤمن يموت في أرض غربة تغيب عنه فيها بواكيه إلا بكته بقاع الارض التي كان يعبد الله عزوجل عليها، وبكته أثوابه، وبكته أبواب السماء التي كان يصعد فيها عمله، وبكاه الملكان الموكلان به ".

٢٥١١ - وقال عليه السلام: " إن الغريب إذا حضره الموت التفت يمنة ويسرة ولم ير أحدا رفع رأسه، فيقول الله عزوجل: إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير لك مني و عزتي وجلالي لئن أطلقتك عن عقدتك(٣) لاصيرنك في طاعتي، ولئن قبضتك لاصيرنك إلى كرامتي ".

باب تهنئة القادم من الحج

٢٥١٢ - قال الصادق عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول للقادم من مكة: قبل الله منك، وأخلف عليك نفقتك، وغفر ذنبك ".

باب ثواب معانقة الحاج

٢٥١٣ - في رواية أبي الحسين الاسدي رضي الله عنه قال: قال الصادق عليه السلام

___________________________________

(١) كذا وفى المحاسن ص ٣٧٤ " اللهم انى أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها، اللهم أطعمنا من جناها وأعذنا من وبائها وحببنا إلى أهلها، وحبب صالحى أهلها الينا ".

وفى بعض نسخه " اطعمنا من خانها " وقال بعضهم: الظاهر أن المراد بالخان الخوان.

(٢) كان من رجال الصادق عليه السلام وكأنه عبدالله بن سعيد.

(٣) أى المرض المقدر عليه كالعقدة

٢٩٩

" من عانق حاجا بغباره كان كأنما استلم الحجر الاسود".

باب النوادر

٢٥١٤ - روي عن جابر بن عبدالله الانصاري قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا جاء من الغيبة حتى يؤذنهم "(١) .

٢٥١٥ - وقال عليه السلام: " السفر قطعة من العذاب، فإذا قضى أحدكم سفره فليسرع الاياب إلى أهله "(٢) .

٢٥١٦ - وقال الصادق عليه السلام: " سير المنازل ينفد الزاد، ويسيئ الاخلاق، ويخلق الثياب، والسير ثمانية عشر"(٣) .

٢٥١٧ - وروى عبدالله بن ميمون باسناده(٤) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ضللتم الطريق فتيامنوا"(٥) .

___________________________________

(١) يدل على كراهة دخول المسافر منزله في الليل الا أن يعلمهم.

وروى " أنه دخل رجل منزله في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله ورأى ابنه نائما مع زوجته فتوهم أنه أجنبى فقتله، فلما سمعه صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك ".

(٢) رواه البرقى ص ٣٧٧ عن النوفلى عن السكونى باسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله.

(٣) رواه البرقى عن أبيه عن أبن أبى نجران عمن ذكره عن أبى عبدالله عليه السلام.

والظاهر أن المراد به أن السير للتنزه والتفرج ينبغى أن لا يصير إلى المنازل، وهى ثمانية فراسخ بل نهايته ثمانية عشر ميلا ستة فراسخ فان الزائد عليها ينفد الزاد لان الانسان لا يتهيأ غالبا لها ما يكفيها بخلاف السفر ويسيئ اخلاق المصاحبين ويتسخ ثيابهم وتبلى بخلاف ما إذا كان قريبا فانه يرطب الدماغ ويخرج البدن والروح من الكلال. (م ت)

(٤) يعنى عن أبى عبدالله عن آبائه عليهم السلام عن النبى صلى الله عليه وآله كما في المحاسن ص ٣٦٢.

(٥) " فتيامنوا " أى توجهوا إلى جانب يمينكم. (م ت)

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

ولو أسلم المكفول له ، برئ الجميع ، وكذا إن أسلم المكفول به.

وإن أسلم الكفيل وحده ، برئ من الكفالة ؛ لامتناع وجوب الخمر عليه وهو مسلم.

ولو كان ضماناً ، فإنّه لا يسقط بإسلام المضمون عنه.

وفي رجوع الضامنِ المأذونِ عليه بالقيمة نظر.

مسألة ٥٨٧ : لو قال : أعط فلاناً ألفاً ، ففَعَل ، لم يرجع على الآمر ، ولم يكن ذلك كفالةً ولا ضمانَ مالٍ ، إلّا أن يقول : أعطه عنّي.

وقال أبو حنيفة : يرجع عليه إذا كان خليطاً له ؛ لجريان العادة بالاستقراض من الخليط(١) .

ولو تسلّط الظالم عليه فأخذ منه شيئاً ، لم يتسلّط المظلوم على الآمر ، ولم يكن له الرجوعُ بما أخذه الظالم وإن كان سبباً ؛ لأنّ الحوالة مع اجتماع المباشر والسبب على المباشر. أمّا لو قبض وسلّم إلى الظالم ، فإنّه يطالب قطعاً.

مسألة ٥٨٨ : إذا كانت سفينة في البحر وفيها متاع فخِيف عليها الغرق‌ فألقى بعض الركبان متاعَه في البحر لتسلم السفينة ومَنْ فيها ، لم يكن له الرجوعُ على أحدٍ ، سواء ألقاه بنيّة الرجوع على الركبان أو لا بنيّة الرجوع ؛ لأنّه أتلف مال نفسه باختياره من غير ضمانٍ.

ولو قال له بعض الركبان : ألق متاعك ، فألقاه ، لم يرجع أيضاً على أحدٍ ؛ لأنّه لم يكرهه على إلقائه ، ولا ضمن له.

ولو قال له : ألق متاعك وعلَيَّ ضمانه ، فألقاه ، فعلى القائل ضمانُه‌

____________________

(١) فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٦٥ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٠ : ٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٥ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠٧.

٤٢١

وإن كان ضمانَ ما لم يجب ؛ للحاجة الداعية إلى ذلك.

ولو قيل بأنّه جعالة ، خلصنا من الإلزام.

ولو قال : ألقه وأنا وركبان السفينة ضمناء له ، ففَعَل ، فالأقرب أن نقول : إن كان ضمانَ اشتراكٍ ، فليس عليه إلّا ضمان حصّته ؛ لأنّه لم يضمن الجميع ، إنّما ضمن حصّته ، وأخبر عن سائر الركبان بضمان الباقي ، ولم يُقبل قوله في حقّ الباقين.

وإن كان ضمانَ اشتراكٍ وانفرادٍ بأن يقول : كلّ واحدٍ منّا ضامنٌ لك متاعك أو قيمته ، لزم القائل ضمان الجميع ، وسواء قال هذا والباقون يسمعون وسكتوا ، أو قالوا : لا نضمن شيئاً ، أو لم يسمعوا ؛ لأنّ سكوتهم لا يلزمهم به حقّ.

وقال بعض العامّة : يضمنه القائل وحده ، إلّا أن يتطوّع بقيّتهم(١) .

ولو قال : ألقه وعلَيَّ ضمانه وعلى الركبان فقد أذنوا لي ، فأنكروا بعد الإلقاء ، ضمن الجميع بعد اليمين على إشكالٍ ينشأ : من استناد التفريط إلى المالك حيث متاعه قبل الاستيثاق.

ولو لم يكن خوف ، فالأقرب : بطلان الضمان.

وكذا يبطل لو قال : مزّق ثوبك وعلَيَّ ضمانه ، أو اجرح نفسك وعلَيَّ ضمانه ؛ لعدم الحاجة ، فلا يصحّ الضمان ولا الجعالة إن ألحقنا مثل هذا بالجعالة ؛ لأنّها ليست على عملٍ مقصود.

أمّا لو قال : طلّق زوجتك وعلَيَّ كذا ، أو أعتق عبدك وعلَيَّ كذا ، ففَعَل ، لزمه ذلك ؛ لإمكان أن يعلم التحريم بينهما فطلب التفرقة بالعوض أو طلب ثواب العتق.

مسألة ٥٨٩ : لو انتقل الحقّ عن المستحقّ ببيعٍ أو إحالةٍ أو غيرهما ،

____________________

(١) المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠٨.

٤٢٢

برئ الكفيل من الكفالة ؛ لأنّه إنّما كفل له ، لا لغيره ، وقد انتقل المال عنه ، فلا يتعدّى حقّ الكفالة إلى مَن انتقل إليه المال.

وكذا لو أحال المكفول به المكفول له بالمال الذي عليه وقَبِل المحتال والمحال عليه ، برئ الكفيل أيضاً ؛ لأنّ الحوالة كالقضاء إذا كان المحال عليه مليّاً.

أمّا لو كان معسراً أو لم يعلم المحتال ، فالأقوى : عدم البراءة ، إلاّ أن يرضى بالحوالة على المعسر.

ولو أدّى الكفيل لتعذّر إحضار المكفول ببدنه ، كان له مطالبة المكفول بما أدّاه عنه ، سواء كفل بإذنه أو لا.

ولو ظهر بعد الأداء سبق موت المكفول ، رجع الكفيل على المكفول له بما قبضه ؛ للعلم ببطلان الكفالة.

ولو مات المحال عليه الموسر ولم يترك شيئاً ، برئ الكفيل ، وسقط دَيْن المحتال.

مسألة ٥٩٠ : قد بيّنّا أنّ الميّت تحلّ عليه الديون المؤجَّلة عليه ، عند علمائنا أجمع‌ - وعليه عامّة الفقهاء ، وبه قال الشعبي والنخعي وسعيد بن المسيّب وسوار ومالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لأنّ هذا الدَّيْن إمّا أن يبقى في ذمّة الميّت أو ذمّة الورثة أو متعلّقاً بالمال.

والأوّل محال ؛ لأنّ الميّت خرجت ذمّته ، وتعذّرت مطالبته.

____________________

(١) المدوّنة الكبرى ٥ : ٢٣٦ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٥٨٩ / ٩٨٧ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٨٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٤ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٩ ، المغني ٤ : ٥٢٦ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٤ - ٥٤٥.

٤٢٣

والثاني باطل ؛ لأنّ صاحب الدَّيْن لم يرض بذمّتهم ، والذمم تختلف وتتباين. وأيضاً فإنّهم لم يلتزموا به.

والثالث باطل ؛ إذ لا يجوز تعلّقه بالأعيان وتأجيله ؛ لما فيه من الإضرار بالميّت وصاحب الدَّيْن ، ولا منفعة للورثة فيه ، بل ربما استضرّوا به.

أمّا الميّت : فلقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الميّت مرتهن بدَيْنه حتى يقضى عنه »(١) .

وأمّا صاحبه : فقد تتلف الأعيان فيسقط حقّه.

ولا منفعة للورثة ؛ فإنّهم لا ينتفعون بالأعيان ولا يتصرّفون فيها. وإن تصوّر في ذلك منفعة لهم ، فلا يسقط حقّ الميّت وصاحب الدَّيْن ليحصل لهم منفعة.

وقال ابن سيرين وعبيد الله بن الحسن وإسحاق وأبو عبيد وطاوُوس وأبو بكر بن محمّد والزهري وسعيد بن إبراهيم والحسن البصري وأحمد في الرواية الأُخرى : لا تحلّ ؛ لأنّه لو كان له دَيْنٌ مؤجَّل لم يحل ، فكذلك ما عليه ، كالحيّ. ولأنّ الموت ما جُعل مُبطلاً للحقوق ، إنّما هو علامة على الوراثة ، وقد قالعليه‌السلام : « مَنْ ترك حقّاً أو مالاً فلورثته »(٢) (٣) .

والفرق : أنّ الحيّ له ذمّة ، وما لَه يمكن حفظه ، بخلاف ما عليه ، فإنّ‌

____________________

(١) جامع المسانيد - للخوارزمي - ٢ : ٧٤ ، المغني ٤ : ٥٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٥.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ١٢٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨٠٧ / ٢٤١٦ ، سنن النسائي ٤ : ٦٦ ، سنن البيهقي ٣ : ٢١٤ ، و ٦ : ٢١٤ ، مسند أبي داوُد الطيالسي : ١٥٦ - ١٥٧ / ١١٥٠ ، مسند أحمد ٤ : ٢٢٢ / ١٣٧٤٤ و ١٣٧٤٥ ، المصنّف - لعبد الرزّاق - ٨ : ٢٨٩ - ٢٩٠ / ١٥٢٥٧ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٢٠ : ٢٦٤ - ٢٦٦ / ٦٢٥ - ٦٢٨ ، وفي الجميع : « مَنْ ترك مالاً فلورثته ».

(٣) حلية العلماء ٤ : ٥١٩ ، المغني ٤ : ٥٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٤ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٠٥.

٤٢٤

المديون يتضرّر بترك الحقّ متعلّقاً بالعين. ولأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا امتنع من الصلاة على المديون حتى ضمن الدَّيْنَ عليٌّعليه‌السلام تارةً وأبو قتادة أُخرى(١) لم يسأل هل كان الدَّيْن مؤجَّلاً؟ فلا تجوز مطالبته في الحال لو لم يحل ولم يكن هناك مانع من الصلاة ، أو كان حالّاً؟ وترك الاستفصال يدلّ على العموم.

وما رواه السكوني عن الصادق عن الباقرعليهما‌السلام ، قال : « إذا كان على الرجل دَيْنٌ إلى أجلٍ ومات الرجل حلّ الدَّيْن »(٢) .

وعن الحسين بن سعيد قال : سألته عن رجل أقرض رجلاً دراهم إلى أجلٍ مسمّى ثمّ مات المستقرض ، أيحلّ مال القارض عند موت المستقرض منه ، أو لورثته من الأجل ما للمستقرض في حياته؟ فقال : « إذا مات فقد حلّ مال القارض »(٣) .

مسألة ٥٩١ : لو مات مَنْ له الدَّيْن المؤجَّل ، قال أكثر علمائنا(٤) : لا يحلّ دَيْنه بموته‌ - وهو قول أهل العلم(٥) - لعدم دليل الحلول ، وأصالة الاستصحاب ، وبراءة ذمّة مَنْ عليه الدَّيْن من الحلول.

وقال الشيخرحمه‌الله في النهاية : إذا مات وله دَيْنٌ مؤجَّل ، حلّ أجل ما لَه ، وجاز للورثة المطالبة به في الحال(٦) .

____________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ٢٨١ ، الهامش ( ٥ و ٦ ).

(٢) التهذيب ٦ : ١٩٠ / ٤٠٨.

(٣) التهذيب ٦ : ١٩٠ / ٤٠٩.

(٤) منهم : الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٢٧١ ، ضمن المسألة ١٤ ، وابن إدريس في السرائر ٢ : ٥٣ ، والمحقّق الحلّي في شرائع الإسلام ٢ : ٩٣.

(٥) في الطبعة الحجريّة : « قول أكثر أهل العلم ».

(٦) النهاية : ٣١٠.

٤٢٥

لما رواه أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال : « إذا مات الميّت(١) حلّ ما لَه وما عليه من الدَّيْن »(٢) .

ولأنّه دَيْنٌ ، فحلّ بموت صاحبه ، كما يحلّ بموت مَنْ هو عليه.

والرواية مقطوعة السند ، على أنّها غير دالّةٍ على المطلوب بالنصوصيّة ؛ إذ لم تشتمل على ذكر الأجل.

والفرق بين موت صاحب الدَّيْن والمديون ظاهرٌ ؛ فإنّ الميّت لا ذمّة له ، فلا يبقى للدَّيْن محلٌّ ، ومَنْ له الدَّيْن ينتقل حقّه بعد موته إلى الورثة ، وإنّما كان له دَيْنٌ مؤجَّل ، فلا يثبت للوارث ما ليس له.

مسألة ٥٩٢ : قد بيّنّا أنّ الدَّيْن المؤجَّل يحلّ بموت مَنْ عليه وأنّ أحمد قد خالف فيه في إحدى الروايتين‌(٣) .

فعلى قوله يبقى الدَّيْن في ذمّة الميّت كما كان ، ويتعلّق بعين ماله ، كتعلّق حقوق الغرماء بمال المفلس عند الحجر عليه ، فإن أحبّ الورثة أداء الدَّيْن والتزامه للغريم ويتصرّفون في المال ، لم يكن لهم ذلك ، إلّا أن يرضى الغريم ، أو يوفوا الحقّ بضمينٍ ملي‌ء ، أو برهنٍ يثق به لوفاء حقّه ، فإنّ الوارث قد لا يكون أميناً وقد لا يرضى به الغريم ، فيؤدّي إلى فوات حقّه(٤) .

وقال بعض العامّة : إنّ الحقّ ينتقل إلى ذمم الورثة بموت مورّثهم من غير أن يشترط التزامهم له ، ولا ينبغي أن يلزم الإنسان دَيْن لم يتعاط له ،

____________________

(١) كذا في النسخ الخطّيّة والحجريّة ، وفي المصدر : « الرجل » بدل « الميّت ».

(٢) الكافي ٥ : ٩٩ ( باب أنّه إذا مات الرجل حلّ دَيْنه ) ح ١ ، التهذيب ٦ : ١٩٠ / ٤٠٧.

(٣) راجع المصادر في الهامش (٣) من ص ٤٢٣.

(٤) المغني ٤ : ٥٢٦ - ٥٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٥.

٤٢٦

ولو لزمهم ذلك بموت مورّثهم للزمهم وإن لم يخلّف وفاءً(١) .

وهذا كلّه ساقط عندنا ، إلّا أن يرضى الغريم بتذمّم الورثة بالدَّيْن ، ويصير عليهم تبرّعاً منه.

وعلى قولنا بحلول الدَّيْن بموت المديون يتخيّر الوارث بين الدفع من عين التركة ومن غيرها ؛ لانتقال المال إليهم ، فإن امتنعوا من الأداء من عين التركة ومن غيرها ، باع الحاكم من التركة ما يقضى به الدَّيْن.

مسألة ٥٩٣ : مَنْ مات وعليه دَيْنٌ لم يمنع الدَّيْن من نقل التركة إلى الورثة على أشهر قولَي أصحابنا‌ ؛ لأنّ مستحقّ التركة إمّا الميّت ، وهو محال ؛ إذ ليس هو أهلاً للتملّك ، أو الغريم ، وهو محال ؛ لأنّه لو أبرأه لم يكن له في التركة شي‌ء ، أو لا لمالكٍ ، وهو محال ، فلم يبق إلّا الورثة. ولأنّ تعلّق الدَّيْن بالمال لا يزيل الملك في حقّ الجاني [ والراهن ](٢) والمفلس ، فلم يمنع نقله هنا.

وإن تصرّف الورّاث(٣) في التركة ببيعٍ أو غيره ، صحّ تصرّفهم ، ولزمهم أداء الدَّيْن ، فإن تعذّر وفاؤه ، فسخ تصرّفهم ، كما لو باع السيّد عبده الجاني أو النصاب الذي وجبت فيه الزكاة.

وقال بعض علمائنا : إنّ التركة لا تنتقل(٤) - وعن أحمد روايتان(٥) - لقوله تعالى :( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ ) (٦) فجَعَل التركة للوارث‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٥٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٥ - ٥٤٦.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الرهن ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الوارث » بدل « الورّاث ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٤) شرائع الإسلام ٤ : ١٦.

(٥) المغني ٤ : ٥٢٧ - ٥٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٦.

(٦) النساء : ١١.

٤٢٧

من بعد الدَّيْن والوصيّة ، فلا يثبت لهم الملك قبلهما ، فعلى هذا لو تصرّف الورثة ، لم يصح تصرّفهم - لأنّهم تصرّفوا في غير ملكهم - إلّا بإذن الغرماء. ولو تصرّف الغرماء ، لم يصح ، إلّا بإذن الورثة.

والحقّ : الأوّل ؛ لأنّ المراد زوال الحجر عن التركة بعد الوصيّة والدَّيْن.

* * *

٤٢٨

٤٢٩

الفصل الثالث : في الحوالة‌

وفيه مباحث :

الأوّل : في ماهيّتها ومشروعيّتها.

الحوالة مشتقّة من تحويل الحقّ من ذمّةٍ إلى ذمّةٍ. وهي عقد وُضع للإرفاق ، منفرد بنفسه ، وليست بيعاً ولا محمولةً عليه عند علمائنا أجمع ، وهو قول أكثر العلماء(١) ، وإلّا لما صحّت ؛ لأنّها بيع دَيْنٍ بدَيْنٍ ، وذلك منهيّ عنه(٢) ، والحوالة مأمور بها ، فتغايرا.

ولأنّها لو كانت بيعاً ، لما جاز التفرّق قبل القبض ؛ لأنّه بيع مال الربا بجنسه ، فلا يجوز مع التأخير والتفرّق قبل القبض ، ولجازت بلفظ البيع ، ولجازت من جنسين ، كالبيع.

ولأنّ لفظها يشعر بالتحويل لا بالبيع. فعلى هذا لا يدخلها خيار المجلس ، وفي خيار الشرط ما تقدّم(٣) ، وتلزم بمجرّد العقد.

وقد قيل : إنّها بيع ، فإنّ المحيل يشتري ما في ذمّته بما لَه في ذمّة المحال عليه ، وجاز تأخير القبض رخصةً ؛ لأنّه موضوع على الرفق ، فيدخلها حينئذٍ خيارُ المجلس لذلك(٤) .

والصحيح ما تقدّم ؛ فإنّ البيع مختصّ بألفاظ ولوازم منفيّة عن هذا‌

____________________

(١) راجع المغني والشرح الكبير ٥ : ٥٤.

(٢) الكافي ٥ : ١٠٠ ( باب بيع الدَّين بالدَّيْن ) ح ١ ، التهذيب ٦ : ١٨٩ / ٤٠٠.

(٣) في ج ١١ ، ص ٦٤ ، ضمن المسألة ٢٥١.

(٤) المغني والشرح الكبير ٥ : ٥٤.

٤٣٠

العقد.

مسألة ٥٩٤ : الحوالة عقد جائز بالنصّ والإجماع.

روى العامّة عن أبي هريرة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « مَطْل الغني ظلم ، وإذا أُتبع أحدكم على ملي‌ء فليتبع »(١) .

وفي لفظٍ آخَر : « وإذا أُحيل أحدكم بحقٍّ على ملي‌ء فليحتل »(٢) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه منصور بن حازم عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يحيل على الرجل الدراهم أيرجع عليه؟ قال : « لا يرجع عليه أبداً إلّا أن يكون قد أفلس قبل ذلك »(٣) .

وقد أجمع كلّ مَنْ يُحفظ عنه العلم على جواز الحوالة في الجملة.

إذا عرفت هذا ، فمعنى « أُتبع » هو معنى « أُحيل ».

قال صاحب الصحاح : يقال : أُتبع فلان بفلان ، إذا أُحيل له عليه ، والتبيع : الذي لك عليه مال(٤) .

والأشهر في الرواية الثانية : « وإذا أُحيل أحدكم » بالواو. ويُروى : « فإذا » بالفاء.

فعلى الأوّل هو مع قوله : « مطل الغني ظلم » جملتان لا تعلّق للثانية‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ١٢٣ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٩٧ / ١٥٦٤ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨٠٣ / ٢٤٠٣ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٤٧ / ٣٣٤٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٦٠٠ / ١٣٠٨ ، سنن النسائي ٧ : ٣١٧ ، سنن البيهقي ٦ : ٧٠ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٦١ ، الموطّأ ٢ : ٦٧٤ / ٨٤ ، مسند أحمد ٣ : ٧٨ / ٨٧١٥.

(٢) سنن البيهقي ٦ : ٧٠ ، مسند أحمد ٣ : ٢٢٥ ، ضمن ح ٩٦٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٥ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٥٤ بتفاوت يسير.

(٣) الكافي ٥ : ١٠٤ / ٤ ، التهذيب ٦ : ٢١٢ / ٤٩٨.

(٤) الصحاح ٣ : ١١٩٠ « تبع ».

٤٣١

بالأُولى ، ويصير كقولهعليه‌السلام : « العارية مردودة ، والزعيم غارم »(١) .

وعلى الثاني يجوز أن يكون المعنى في الترتيب أنّه إذا كان المطل ظلماً من الغني ، فليقبل مَنْ أُحيل بدَيْنه عليه ، فإنّ الظاهر أنّه يحترز عن الظلم والمطل.

وهل الأمر بالاحتيال على الإيجاب أو الاستحباب؟ الأقوى عندنا :

الثاني - وبه قال الشافعي(٢) - لأصالة البراءة.

وعن أحمد أنّه للوجوب(٣) ؛ قضيّةً لمطلق الأمر.

مسألة ٥٩٥ : مدار الحوالة على ستّة أشياء : أشخاص ثلاثة : محيل ومحال عليه ومحتال ، ودَيْنان ومعاملة‌ ، فإذا كان لزيدٍ عليك عشرة ، ولك على عمرو مثلها ، فأحلت زيداً على عمرو ، فأنت محيل ، وزيد محتال ، وعمرو محال عليه ، وقد كان لزيدٍ عليك دَيْنٌ ، ولك على عمرو دَيْنٌ ، وجرت بينك وبين زيد مراضاة بها ، انتقل حقّه إلى عمرو ، فهذه ستّة أُمور لا بدَّ منها في وجود الحوالة ، إلّا الخامس ؛ فإنّ فيه خلافاً يأتي إن شاء الله تعالى.

ويُشترط في صحّتها أُمور ، منها ما يرجع إلى الدَّيْنين ، ومنها ما يتعلّق بالأشخاص الثلاثة.

مسألة ٥٩٦ : الحوالة عقد لازم ، فلا بُدّ فيها من إيجابٍ وقبول ، كغيرها من العقود.

والإيجاب كلّ لفظٍ يدلّ على النقل والتحويل ، مثل : أحلتك ،

____________________

(١) ورد نصّه في العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٥ - ١٢٦ ، وفي سنن أبي داوُد ٣ : ٢٩٦ - ٢٩٧ / ٣٥٦٥ ، ومسند أحمد ٦ : ٣٥٨ / ٢١٧٩١ بتفاوت يسير.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٦.

٤٣٢

وقَبَلتك ، وأتبعتك.

والقبول ما يدلّ على الرضا ، نحو : رضيت ، وقَبِلت.

ولا تقع معلّقةً بشرطٍ ولا صفة ، بل من شرطها التنجيز ، فلو قال : إذا جاء رأس الشهر ، أو : إن قدم زيد فقد أحلتك عليه ، لم تصح ؛ لأصالة البراءة ، وعدم الانتقال.

ولا يدخلها خيار المجلس ؛ لأنّه مختصّ بالبيع ، وليست بيعاً عندنا.

وهل يدخلها خيار الشرط؟ مَنَع منه أكثر العامّة(١) .

والحقّ : جواز دخوله ؛ لقولهمعليهم‌السلام : « كلّ شرطٍ لا يخالف الكتاب والسنّة فإنّه جائز »(٢) .

ولو قال : أحلني على فلان ، فقال : أحلتك ، افتُقر إلى القبول ، ولا يكفي الاستيجاب.

والخلاف المذكور في البيع في الاستيجاب والإيجاب آتٍ هنا.

وقطع بعض الشافعيّة بالانعقاد هنا ؛ لأنّ الحوالة أُجيزت رفقاً بالناس ، فيسامح فيها بما لا يسامح في غيرها(٣) .

والمعتمد ما قلناه.

مسألة ٥٩٧ : اختلف العامّة في أنّ الحوالة هل هي استيفاء حقٍّ ، أو بيع واعتياض؟ فللشافعي قولان :

أحدهما - وهو الأقوى عندي - : أنّها استيفاء حقٍّ كأنّ المحتال‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ٣٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، التنبيه : ١٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١١١.

(٢) الكافي ٥ : ١٦٩ / ١ ، الفقيه ٣ : ١٢٧ / ٥٥٣ ، التهذيب ٧ : ٢٢ / ٩٤ ، الخلاف ٣ : ٢٥٥ ، المسألة ٦٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٣.

٤٣٣

استوفى ما كان له على المحيل وأقرضه المحال عليه ؛ لأنّها لو كانت معاوضةً ، لجاز أن يحيل بالشي‌ء على أكثر منه أو أقلّ.

وأظهرهما عندهم : أنّها بيع ؛ لأنّها تبديل مالٍ بمالٍ ، فإنّ كلّ واحدٍ من المحيل والمحتال يملك بها ما لم يملكه قبلها ، وهذا هو حقيقة المعاوضة ، وليس فيها استيفاء ولا إقراض محقّق ، فلا يقدّران(١) .

وقد بيّنّا عندنا ما في هذا القول.

وعلى تقديره هي بيع ما ذا بأيّ شي‌ء؟ للشافعيّة وجهان :

أحدهما : أنّها بيع عينٍ بعينٍ ، وإلّا لبطلت ؛ للنهي عن بيع الدَّيْن بالدَّيْن.

وكأنّ هذا القائل نزّل الدَّيْن على الشخص منزلة استحقاق منفعةٍ تتعلّق بعينه ، كالمنافع في إجارات الأعيان. وهذا غير معقول.

والثاني - وهو المعقول - : أنّها بيع الدَّيْن بالدَّيْن ، فإنّ حقّ الدَّيْن لا يستوفى من عين الشخص ، ولغيره أن يؤدّيه عنه.

واستثني هذا العقد عن النهي ؛ لحاجة الناس إليه مسامحةً وإرفاقاً ، ولهذا المعنى لم يُعتبر فيه التقابض ، كما في القرض ، ولم يجز فيه الزيادة والنقصان ؛ لأنّه ليس بعقد مماكسة ، كالقرض(٢) .

وقال الجويني وشيخُه : لا خلاف في اشتمال الحوالة على المعنيين : الاستيفاء ، والاعتياض ، والخلاف في أيّهما أغلب؟(٣) .

وكلّ هذه تمحّلات لا فائدة تحتها ، ولا دليل عليها.

____________________

(١ و ٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢.

٤٣٤

البحث الثاني : في الشرائط.

وهي أربعة تشتمل عليها أربعة أنظار :

الأوّل : كماليّة الثلاثة‌ ، أعني المحيل والمحتال والمحال عليه ؛ لأنّ رضاهم شرط على ما يأتي.

وإنّما يُعتبر الرضا ممّن له أهليّة التصرّف ، فلا تصحّ من الصبي وإن كان مميّزاً ، أذن له الولي أو لا ، ولا المجنون ، سواء كانا محيلين أو محتالين أو محالاً عليهما.

وكذا يُشترط رفع الحجر في الثلاثة.

أمّا المحيل : فلما فيه من التصرّف المالي ، والسفيه والمفلس ممنوعان منه.

وأمّا المحتال : فكذلك أيضاً ؛ لما فيه من الاعتياض عن ماله بماله.

وأمّا المحال عليه : فلأنّه التزام بالمال.

مسألة ٥٩٨ : يُشترط ملاءة المحال عليه وقت الحوالة‌ ، كالضمان ، أو علم المحتال بإعسار المحال عليه ، فلو كان معسراً واحتال عليه مع جهله بإعساره ، كان له فسخ الحوالة ، ومطالبة المحيل بالمال ، سواء شرط التساوي أو أطلق ، عند علمائنا ؛ لما فيه من الضرر والتغرير به.

ولما رواه منصور بن حازم عن الصادقعليه‌السلام أنّه سأله عن الرجل يحيل على الرجل الدراهم أيرجع عليه؟ قال : « لا يرجع عليه أبداً إلّا أن يكون قد أفلس قبل ذلك »(١) وهو نصٌّ في الباب.

____________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ٤٣٠ ، الهامش (٣)

٤٣٥

ولا يُشترط استمرار الملاءة ، بل لو كان المحال عليه مليّاً وقت الحوالة ورضي المحتال ثمّ تجدّد إعسار المحال عليه بالمال بعد الحوالة ، لم يكن للمحتال الرجوعُ على المحيل ؛ لأنّ الحوالة لزمت أوّلاً ، وانتقل الحقّ عن ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه ، فلا يعود إلّا بسببٍ ناقلٍ للمال.

ولو رضي المحتال بالحوالة على المعسر ، لم يكن له بعد ذلك الفسخُ ، ولا الرجوع على المحيل بشي‌ء ، بل لو مات المحال عليه معسراً ، ضاع ماله.

إذا ثبت هذا ، فقد وافقنا - على أنّ المحتال يرجع إلى ذمّة المحيل إذا ظهر إفلاسه ولم يشترط للمحال [ عليه ] الملاءة ولم يعلم المحتال بإفلاسه - مالكُ وأحمد في إحدى الروايتين وجماعة من أصحابه ؛ لأنّ الفلس عيب في المحال عليه ، لأنّ الظاهر سلامة الذمّة ، وقد ظهر أنّها معيبة ، فكان له الرجوعُ ، كما لو اشترى سلعةً فوجدها معيبةً. ولأنّ المحيل غرّه ، فكان له الرجوعُ ، كما لو دلّس المبيع(١) .

وقال الليث والشافعي وأبو عبيد وأحمد - في الرواية الأُخرى - وابن المنذر : ليس له الرجوعُ ، سواء أمكن استيفاء الحقّ أو تعذّر بمَطْلٍ أو فَلْسٍ أو موتٍ أو غير ذلك ؛ لأنّ هذا الإعسار لو حدث قبل قبضه لم يثبت له الخيار ، فكذا حال العقد(٢) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ المتجدّد لا يمكن الاحتراز منه ، ولا غرر فيه ،

____________________

(١) المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٢٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦ ، المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٢٥.

٤٣٦

بخلاف المقارن.

مسألة ٥٩٩ : قد بيّنّا أنّ الحوالة تقتضي نقل الحقّ من ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه ، عند علمائنا أجمع‌ ، وبه قال عامّة الفقهاء ، إلّا ما يُحكى عن زفر ، فإنّه قال : لا ينتقل الحقّ ، وأجراها مجرى الضمان(١) .

وهو خطأ ؛ لأنّ الحوالة مشتقّة من تحوّل الحقّ ، بخلاف الضمان عندهم(٢) ، فإنّه مشتقّ من ضمّ ذمّةٍ إلى ذمّةٍ ، فعلّق على كلّ واحدٍ منهما ما يقتضيه لفظه.

وأمّا عندنا فإنّ الضمان أيضاً ناقل على ما تقدّم(٣) بيانه.

مسألة ٦٠٠ : إذا تمّت الحوالة بأركانها وكان المحال عليه موسراً أو علم المحتال بإفلاسه ، انتقل الحقّ من ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه ، ولم يكن للمحتال الرجوعُ على المحيل أبداً - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد في إحدى الروايتين(٤) - لما رواه العامّة : أنّ حزناً جدّ سعيد بن المسيّب كان له على عليّعليه‌السلام دَيْنٌ فأحاله به ، فمات المحال عليه فأخبره ، فقال : « اخترت علينا أبعدك الله تعالى »(٥) فأبعده بمجرّد احتياله ، ولم يُخبره أنّ له الرجوعَ ، ولو كان له الرجوعُ لأخبره بذلك.

____________________

(١) مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٧١ / ١٩٩٣ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٢٤٧ ، بدائع الصنائع ٦ : ١٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٩٩ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥ ، المغني ٥ : ٥٨ - ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٢) راجع الهامش (١) من ص ٣٤٤.

(٣) في ص ٣٤٢ ( النظر الأوّل ).

(٤) الحاوي الكبير ٦ : ٤٢١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، الوسيط ٣ : ٢٢٣ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦ ، الذخيرة ٩ : ٢٤٩ ، المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٥) الحاوي الكبير ٦ : ٤٢١ ، المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

٤٣٧

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « لا يرجع عليه أبداً » وقد تقدّم(١) .

وعن عقبة بن جعفر عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يحيل الرجل بمالٍ على الصيرفي ثمّ يتغيّر حال الصيرفي أيرجع على صاحبه إذا احتال ورضي(٢) ؟ قال : « لا »(٣) .

ولأنّ الحوالة براءة من دَيْنٍ ليس فيها قبض ممّن عليه ، فلا يكون فيها رجوعٌ عليه ، كما لو أبرأه من الدَّيْن.

وقال شريح والشعبي والنخعي : متى(٤) أفلس أو مات رجع على صاحبه(٥) .

وقال أبو حنيفة : يرجع عليه في حالتين : إذا مات المحال عليه مفلساً ، وإذا جحد وحلف عليه عند الحاكم.

وقال أبو يوسف ومحمّد : يرجع عليه في هاتين الحالتين وفي حال أُخرى : إذا أفلس وحُجر عليه.

لما روي أنّ عثمان سئل عن رجل أُحيل بحقّه فمات المحال عليه مفلساً ، فقال : يرجع بحقّه لا يزرأ(٦) على مال مسلمٍ(٧) .

ولأنّه عقد معاوضة لم يسلم العوض فيه لأحد المتعاقدين ، فكان له‌

____________________

(١) في ص ٤٣٠ و ٤٣٤.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة بدل « ورضي » : « وضمن ». وما أثبتناه من المصدر.

(٣) التهذيب ٦ : ٢١٢ / ٥٠١.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة بدل « متى » : « مَنْ ». والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(٥) المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٦) كذا قوله : « لا يزرأ » في جميع النسخ الخطّيّة والحجريّة ، وبدلها في الحاوي الكبير والمغني والشرح الكبير : « لا توى » أي الهلاك. والإزراء : التهاون بالشي‌ء ، يقال : أزريت به ، إذا قصّرت به. الصحاح ٦ : ٢٣٦٨ « زرى ».

(٧) الحاوي الكبير ٦ : ٤٢١ ، المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

٤٣٨

الفسخ ، كما لو اعتاض بثوبٍ فلم يسلّمه إليه.

ولأنّه نَقْلُ حقٍّ من ذمّةٍ إلى غيرها ، فإذا لم يسلم له ما نقل إليه ، كان له الرجوعُ بحقّه ، كما لو أخذ دَيْنه عيناً فتلفت(١) في يد مَنْ عليه الحقّ(٢) .

ورواية عثمان ضعيفة لم تصح يرويها خليد(٣) بن جعفر عن معاوية ابن قرة عن عثمان(٤) ، ولم يصح سماعه منه. وقد روي أنّه قال : في حوالة أو كفالة(٥) ، وهو يدلّ على شكّه وتردّده في الرواية ، فلا يجوز العمل بها.

على أنّ قول عثمان ليس بحجّة ، خصوصاً مع معارضته للحجّة ، وهو قول عليّعليه‌السلام (٦) .

ولا نسلّم أنّ الحوالة معاوضة ؛ لاشتمالها على بيع الدَّيْن بالدَّيْن ، وهو منهيّ عنه(٧) .

والقياس على العين باطل ؛ لأنّه لا يشبه مسألتنا ؛ لأنّ في ذلك قبضاً يقف استقرار العقد عليه ، وهنا الحوالة بمنزلة العوض المقبوض ، وإلّا كان بيعَ دَيْنٍ بدَيْنٍ.

____________________

(١) في « ث ، خ » والطبعة الحجريّة : « وتلفت ».

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٤٧ ، بدائع الصنائع ٦ : ١٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٩٩ - ١٠٠ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٥ ، فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٧٣ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٧١ / ١٩٩٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٢١ ، الوسيط ٣ : ٢٢٣ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٢ ، الذخيرة ٩ : ٢٤٩ ، المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٣) في المغني ٥ : ٥٩ ، والشرح الكبير ٥ : ٥٥ ، ونسختَي « ج ، خ » : « خالد ».

(٤) راجع : الحاوي الكبير ٦ : ٤٢١ ، والمغني ٥ : ٥٩ ، والشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٥) مختصر المزني : ١٠٧ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٢١ ، المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٦) المغني ٥ : ٥٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٧) تقدّم تخريجه في ص ٤٢٩ ، الهامش (٢)

٤٣٩

مسألة ٦٠١ : لو شرط المحتال ملاءة الـمُحال عليه فبانَ معسراً ، كان له الرجوعُ على المحيل‌ ؛ لما بيّنّا من أنّه يرجع عند الإطلاق فمع شرط الملاءة أولى - وهو قول ابن سريج(١) - لقولهعليه‌السلام : « المسلمون على شروطهم(٢) »(٣) .

ولأنّه شرط ما فيه مصلحة العقد في عقد معاوضةٍ ، فيثبت فيه الفسخ بفواته ، كما لو شرط صفة في المبيع ، وقد يثبت بالشرط ما لا يثبت بإطلاق العقد ، كما لو شرط صفة في المبيع.

وقال المزني - نقلاً عن الشافعي - : إنّه لا يرجع ؛ لأنّه قال : غرّه أو لم يغرّه لا يرجع(٤) .

قال ابن سريج : هذا الذي نقله المزني لا نعرفه للشافعي ، والذي يُشبه أصلَه : أنّه يرجع كما إذا شرط صفة في المبيع فبانَ بخلافها(٥) .

قال بعض الشافعيّة : الصواب ما نَقَله المزني ؛ لأنّ الإعسار لا يردّ الحوالة إذا لم يشترط الملاءة مع كونه نقصاً ، فلو ثبت ذلك بالشرط لثبت بغير شرطٍ. ولأنّ الإعسار لو حدث لم يثبت له فسخ الحوالة ، بخلاف‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٣.

(٢) في « ج ، ر » : « المؤمنون عند شروطهم ». وفي « ث ، خ » : « المسلمون عند شروطهم ».

(٣) صحيح البخاري ٣ : ١٢٠ ، سنن الدارقطني ٣ : ٢٧ / ٩٦ و ٩٨ و ٩٩ ، و ٢٨ / ١٠٠ ، سنن البيهقي ٧ : ٢٤٩ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣ ، التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥.

(٤) مختصر المزني : ١٠٧ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٢٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٣.

(٥) الحاوي الكبير ٦ : ٤٢٣ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٣ ، المغني ٥ : ٦٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٦٢.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510