تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

تذكرة الفقهاء7%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-435-3
الصفحات: 510

الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 510 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 406207 / تحميل: 5178
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

[٢٠٣] وبآخر ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليّ وليّ كل مؤمن من بعدي.

[٢٠٤] وبآخر عن البراء بن عازب ، إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أخذ بعضد عليعليه‌السلام فأقامه ، ثم قال : هذا وليكم من بعدي والى الله من والاه وعادى من يعاديه. قال : فقام عمر بن الخطاب إليه. فقال : يهنيك يا ابن أبي طالب ، أصبحت ، أو قال : أمسيت(١) ولي كل مسلم.

[٢٠٥] وبآخر عن بريدة ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي وليكم من بعدي.

[٢٠٦] وبآخر عن عمار بن ياسر رحمة الله عليه إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب فمن تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله عز وجل.

[٢٠٧] وبآخر ، الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري ، باسناده عن سلمان الفارسي ( رضوان الله عليه ) ، انه قال : كنت عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده جماعة من أصحابه إذ وقف أعرابي [ من بني عامر وسلم ] فقال : والله يا محمد لقد آمنت بك من قبل أن أراك ، وصدقتك من قبل أن ألقاك ، وقد بلغني عنك أمر ، فأردت سماعه منك. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما الذي بلغك عني يا أعرابي؟ قال : دعوتنا الى أن نشهد أن لا إله إلا الله والى. الإقرار بأنك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأجبناك ، وإلى الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد ، فأجبناك ، ثم لم ترض حتى دعوت الناس إلى حبّ ابن عمّك علي وولايته ، فذلك فرض علينا من الأرض أم الله فرضه من السماء؟

__________________

(١) وفي غاية المرام ص ٨٤ : أصبحت وأمسيت.

٢٢١

قال : فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بل الله عز وجل فرضه من السماء(١) .

قال الأعرابي : فان كان الله عز وجل فرضه ، فحدّثني به يا رسول الله.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أعرابي أني اعطيت في علي خمس خصال الواحدة منها خير من الدنيا بحذافيرها ، يا أعرابي ألا انبئك بهن؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم بدر جالسا وقد انقضت الغزاة فهبط عليّ جبرائيلعليه‌السلام ، فقال : يا محمد إن الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : إني آليت على نفسي بنفسي ألا الهم حب علي ، إلا من أحببته ، فمن أحببته ألهمته ذلك ، ومن أبغضته ألهمته بغضه وعداوته.

يا أعرابي ألا انبئك بالثانية؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم أحد جالسا ، وقد فرغت من جهاز عمي حمزة فاذا أنا بجبرائيلعليه‌السلام وقد هبط عليّ ، فقال : يا محمد ، الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : اني فرضت الصلاة ووضعتها عن العليل(٢) ، والزكاة ووضعتها عن المقسر ، والصوم فوضعته عن المسافر ، والحج ووضعته عن المقتر(٣) ، والجهاد فوضعته عمّن له عذر وفرضت ولاية علي ومحبته على جميع الخلق ، فلم أعط أحدا فيها رخصة

__________________

(١) وفي الفضائل لابن شاذان : ص ١٤٧ بل فرضه الله تعالى في السماوات على أهل السماوات والأرض.

(٢) وهو المريض ، ووضعناها بمعنى خففت من أحكامها لعلّة مرضه بأحكام مرنة ملائمة لحاله.

(٣) الفقير.

٢٢٢

طرفة عين.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالثالثة؟

قال : بلى.

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) : ما خلق الله عز وجل شيئا إلا جعل له سيدا ، فالنسر سيد الطيور(٢) والثور سيد البهائم والأسد سيد السباع وإسرافيل سيد الملائكة ويوم الجمعة سيد الأيام وشهر رمضان سيد الشهور(٣) وأنا سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ، إلا انبئك بالرابعة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : يا أعرابي : إن الله عز وجل خلق حبّ علي شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده الجنة ، وبغض علي شجرة أصلها في النار وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده في النار.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالخامسة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : إذا كان يوم القيامة يؤتى بمنبري فينصب عن يمين العرش ويؤتى بمنبر إبراهيمعليه‌السلام فينصب عن يمين العرش. يا أعرابي والعرش له يمينان ، فمنبري عن يمين ، ومنبر إبراهيم عن يمين ثم يؤتى بكرسي عال مشرف فينصب بين المنبرين المعروف بكرسيّ الكرامة

__________________

(١) وفي بحار الأنوار ٢٧ / ١٢٩ : إنه ما أنزل الله كتابا ولا خلق الله ...

(٢) وفي الأصل : الطير.

(٣) وفي الفضائل ص ١٤٧ أضاف : وآدم سيد البشر.

٢٢٣

لعلي ، وأنا عن يمين العرش على منبري وإبراهيم على منبره وعلي على كرسيّ الكرامة وأصحابي حولي ، وشيعة علي حوله فما رأيت أحسن من حبيب بين خليلين.

يا أعرابي : أحبب عليا حق حبّه ، فما هبط عليّ جبرائيل إلا سألني عن علي وشيعته ، ولا عرج من عندي إلا قال أقرئ مني عليا أمير المؤمنينعليه‌السلام السّلام.

[ فعند ذلك قال الأعرابي : سمعا وطاعة لله ولرسوله ولابن عمه علي بن أبي طالب ](١) .

[٢٠٨] وبآخر ، أبو بصير ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، إنه قال : إذا مات العبد المؤمن من أهل ولايتنا وصار الى قبره دخل معه قبره ست حور منهن حورة أحسنهن وجها وأطيبهن ريحا وأنظفهن هيئة ، حورة تكون عند رأسه ، وتكون الاخرى منهن عن يمينه ، والاخرى عن يساره ، والاخرى من خلفه ، والاخرى عن قدامه ، والاخرى عند رجليه ، فيمنعنه من حيث ما أتى من الجهات ويؤنسنه في قبره ، فيقول الميت من أنتنّ ، جزاكنّ الله خيرا. فتقول التي عن يمينه : أنا الصلاة ، وتقول التي عن يساره : أنا الزكاة ، وتقول التي بين يديه : أنا الصيام ، وتقول التي من خلفه : أنا الحج والعمرة ، وتقول التي عند رجليه : أنا الجهاد وأنا من وصلته من إخوانك ، وتقول التي عند رأسه وهي أحسنهن : أنا الولاية لعليعليه‌السلام والائمة من ذرّيته.

[٢٠٩] وبآخر ، معاذ بن مسلم ، قال : دخلت مع أخي عمرو ، على أبي عبد الله ( جعفر بن محمدعليه‌السلام ) ، فقلت له : جعلت فداك هذا

__________________

(١) هذه الزيادة موجودة في الفضائل لابن شاذان ص ١٤٧.

٢٢٤

أخي يريد أن يسمع منك. فقال له : سل عمّا شئت.

فقال : أسألك عن الذي لا يقبل الله عز وجل من العباد غيره ، ولا يعذرهم على جهله؟

قالعليه‌السلام : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله والطهارة والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان وحجّ البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا والجهاد لمن قدر عليه والائتمار(١) مع ذلك بأئمة الحق من آل محمّد عليه وعليهم أفضل الصلاة.

قال له عمرو : سمّهم لي جعلت فداك.

قالعليه‌السلام : علي أمير المؤمنين ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، ويعطي الله الخير من يشاء.

قال له : فأنت جعلت فداك؟ قال : يجري لآخرنا ما جرى لأوّلنا ، ومحمد وعلي أفضلنا.

[٢١٠] أبو صالح ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال في قول الله عز وجل «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » (٢) . قال : أتى عبد الله بن سلام ورهط من أهل الكتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند صلاة الظهر ، فقالوا : يا رسول الله ، إن بيوتنا قاصية ولا نجد محدثا دون أهل المسجد ، وإن قومنا لما رأونا قد آمنا بالله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا يكلّمونا وتبرّءوا منا ومن ولايتنا و[ قاطعونا ] ، فشقّ ذلك علينا.

فبيناهم يشكون ذلك الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ انزل عليه : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية ». فقرأها رسول الله صلّى الله

__________________

(١) الافتداء.

(٢) المائدة : ٥٥

٢٢٥

عليه وآله. فقالوا : رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين ، وأذّن بلال لصلاة الظهر.

فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المسجد والناس يصلّون ، ومسكين يسأل ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل أعطاك أحد شيئا؟

قال : نعم. قال : ما ذا؟ قال : خاتم فضة. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أعطاك؟ قال : ذلك الرجل القائم ـ وأومى الى علي ـ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وعلى أيّ حال أعطاك؟ قال : وهو راكع مررت به ، وأنا أسأل ، فاستلّه(١) من إصبعه وناولني إياه. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الله أكبر(٢) .

[٢١١] وفي إسناد آخر ، إنه لما فرغ من الصلاة دعا علياعليه‌السلام فبشره بما أنزل الله فيه وما أوجب من ولايته.

[٢١٢] وبآخر عن علي بن عامر ، يرفعه الى أبي معشر ، قال : دخلت الرحبة ، فاذا عليعليه‌السلام بين يديه مال مصبوب وهو يقول : والذي فلق الحبة وبرىء النسمة لا يموت عبدا وهو يحبني إلا جئت أنا وهو كهاتين يوم القيامة ـ وجمع المسبحتين من يديه جمعا ـ ولا أقول كهاتين ـ وجمع بين

__________________

(١) استلّه أي : استخرجه من إصبعه.

(٢) روى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنينعليه‌السلام وزن أربعة مثاقيل حلقته من فضة ـ وفضته خمسة مثاقيل ـ وهو من ياقوتة حمراء ، وثمنه خراج الشام ، وخراج الشام ثلاثمائة حمل من فضة وأربعة أحمال من ذهب ، وكان الخاتم لمران بن طوق ، قتله أمير المؤمنين ـ في الجهاد ـ وأخذ الخاتم من إصبعه ، وأتى به الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جملة الغنائم وأمره النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يأخذ الخاتم.

قال الغزالي في كتاب سرّ العالمين : إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين كان خاتم سليمان بن داود.

قال الشيخ الطوسي : إن التصدق بالخاتم كان في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة.

٢٢٦

المسبحة والوسطى من يده اليمنى ـ وقال : أنا يعسوب المؤمنين ووليهم ، وهذا ـ وأشار الى المال ـ يعسوب المنافقين ومقصدهم ، فبي يلوذ المؤمنون ، وبهذا يلوذ المنافقون.

[٢١٣] وعن جعفر بن سليمان الهاشمي ، يرفعه الى عمر بن الخطاب ، إنه قال : أحبّوا الأشراف وتودّدوهم ، واتقوا على أعراضكم السفلة ، ولا يتم إسلام مسلم حتى يتولّى علي بن أبي طالب.

[٢١٤] الحسين بن الحكم الحبري ، يرفعه الى أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه ، إنه قال : بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمشي وعليعليه‌السلام معه في بعض طرق الجبانة ، إذ عرضت لهما جنازة رثة الهيئة قليلة التبع ، فوقف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى انتهوا بها إليه ، فقال : قفوا ، من هذا الميت؟ فقالوا : يا رسول الله هذا عبد لنبي الرياح(١) كان كثير الاسراف على نفسه فجفاه الناس ، فلما مات قلّ تبعه. قال : أصلّيتم عليه؟ قالوا : لا. فقال : امضوا. ومضى معهم حتى انتهوا إلى موضع فيه سعة. فقال : أنزلوه. فأنزلوه ، فصلّى عليه ، ثم مشى معهم الى قبره ، فدفنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسوّى عليه التراب ، فلما تفرقوا ، قال لعليعليه‌السلام : أما سمعت ما قال هؤلاء القوم في هذا الميت؟ قال : بلى يا رسول الله ، ولكني أخبرك عنه إنه والله ما استقبلني قط إلا قال لي : يا مولاي أنا والله أحبك وأتولاّك. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فبها والله أدرك ما أدرك لقد رأيت معه قبيلا من الملائكة(٢) يشيّعون جنازته.

__________________

(١) وفي البحار ٣٩ / ٢٨٩ : هذا رياح غلام آل النجار.

(٢) وفي البحار أيضا : شيّعه سبعون ألف قبيل من الملائكة كل قبيل سبعون الف ملك.

٢٢٧

[٢١٥] وعن [ الحسين ](١) أيضا ، باسناده ، عن أبي هارون العبدي ، قال : كنت أرى رأي الخوارج الى أن جلست يوما الى أبي سعيد الخدري ، قال : ألا إن الاسلام بني على خمس ، فأخذ الناس بأربع وتركوا واحدة ، فقلت : وما هي يا أبا سعيد؟ قال : أما الأربع التي عمل بها الناس فالصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج ، فأما التي تركوها فولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قلت : ما تقول ، هي مفروضة؟ قال : إي والله مفروضة.

[٢١٦] وبآخر عنه ، يرفعه الى زيد بن أرقم والبراء بن عازب ، إنهما قالا : سمعنا أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي ، لعن الله من ادعى الى غير أبيه ، ولعن الله من انتمى الى غير مواليه ، الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ليس لوارث وصيه إلا وقد سمعتم مني ورأيتموني ، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار ، ألا وأني فرطكم على الحوض ومكاثر بكم الامم يوم القيامة ، ولأستنقذن من النار رجل ، وليستنقذن من يدي آخرون ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، ألا إن الله وليي وأنا ولي كل مؤمن ومؤمنة ، ومن كنت مولاه فعلي مولاه.

[٢١٧] وبآخر ، سعد بن ظريف ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : بينا عليعليه‌السلام يصلّي إذ مرّ به سائل ، فرمى إليه بخاتمه وهو راكع ، فلما فرغ من صلاته أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : يا علي ، ما صنعت في صلاتك؟ فأخبره. فقال : إن الله تعالى أنزل فيك آيتين وتلا عليه قوله : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » الى قوله : «هُمُ

__________________

(١) وفي الأصل : الحسن. وفي نسخة ـ ب ـ الحسين بن الحكم.

٢٢٨

الْغالِبُونَ » (١) .

[٢١٨] وبآخر ، محمد بن جرير الطبري ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعود ، إنه قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو آخذ بيد عليعليه‌السلام وهو يقول : هذا ولي من أنا وليه ، عاديت من عاداه وسالمت من سالمه(٢) .

[٢١٩] وبآخر ، أبو نعيم ( الفضل بن دكين ) عن سفيان بن عيينة ، قال : سألت أبا عبد الله ( جعفر بن محمد )عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ » (٣) .

فنظر أبي كالمتعجب ، فقال لي : يا سفيان ، كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني عنها أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي محمد بن عليعليه‌السلام فقال لي : بابني كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي علي بن الحسينعليه‌السلام فقال لي مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه الحسين بن عليعليه‌السلام فقال له مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال له مثل

__________________

(١) الآيتين في سورة المائدة الآية ٥٥ و ٥٦( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) .

(٢) ولقد أجاد المؤلف حيث أشار في ارجوزته الى هذا المعنى :

ثم دعاه بينهم إليه

وقال وهو رافع يديه

يا ربّ وال اليوم من والاه

وعاد يا ذا العرش من عاداه

(٣) الشعراء : ٢٠٤. ( الارجوزة المختارة ص ١٠٧ ).

٢٢٩

ذلك ، وانه قال لأبيه عليعليه‌السلام ، إذ قال ذلك له : أردت أن تخبرني عنها فيمن انزلت؟

قال : نعم ، لما رجعنا من حجة الوداع نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير خم ، فقال : معاشر الناس ، اني مسئول عنكم وانتم مسئولون عني ، فما أنتم قائلون؟

قالوا : نشهد إنك لرسول الله ، بلّغت رسالة ربك ونصحت لامّتك وعبدت ربك حتى أتاك اليقين ، فجزاك الله عنا من نبي خيرا.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأنتم ، فجزاكم الله عني خيرا ، فلقد صدقتموني وأعنتموني على تبليغ وحي الله عز وجل ورسالته ، وجاهدتم معي فجزاكم الله عني خيرا.

ثم أخذ بيدي فرفعها كأنها مروحة ، وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأنا وليّ جميعهم؟

قالوا : نعم.

قال : من كنت مولاه فهذا مولاه. هل سمعتم وأطعتم.

قالوا : نعم.

قال : اللهمّ اشهد.

فقام نعمان بن الحارث الفهري(١) فقال : يا رسول الله أتيتنا فذكرت لنا إنك رسول الله إلينا ، فقلنا لك : أعن الله ذلك؟ قلت :

نعم ، فصدّقناك.

ثم أتيتنا بالفرائض ـ وذكرت كل فريضة منها ـ فقلنا لك : أعن الله هذا؟ قلت : نعم ، فصدّقناك.

__________________

(١) وفي البحار ذكر أنه الحارث بن النعمان الفهري راجع تخريج الاحاديث.

٢٣٠

ثم أخذت الآن بيد ابن عمك هذا ، فأمرتنا بولايته ، فالله أمرك بهذا؟ قال : نعم والله عز وجل أمرني أن أقول ذلك لكم.

فقال كلمة يعنى بها التكذيب ، ثم ولّى مغضبا ، وهو يقول : اللهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ثم أتى ناقته ، فحلّ عقالها ، وركبها ، فانطلق يريد أهله ، فأصابته حجارة من السماء [ فسقطت في رأسه وخرجت من دبره وسقط ميتا ](١) .

وفي رواية اخرى : نار فقتلته قبل أن يصل الى أهله ، فأنزل الله عز وجل :( أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ ) (٢) .

[٢٢٠] وبآخر عيسى بن عبد الله بن عمر ، قال : كنت جالسا عند أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام فسمع الرعد ، فقال : سبحان من سبّحت له.

ثم قال : يا أبا محمد أخبرني أبي عن أبيه عن جده ، عن الصدّيق الأكبر عليعليه‌السلام إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أوصي من آمن بي وصدقني ، بولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام فإن ولاءه ولائي ، وولائي ولاءه ، أمر أمرني به ربي عز وجل ، وعهد عهده إليّ ، وأمرني أن أبلغكموه وإن منكم من ينقصه حقّه ويركب عقّه.

قالوا : يا رسول الله أولا تعرّفنا بهم؟

قال : أما إني قد عرفتهم ، ولكن امرت بالإعراض عنهم لأمر هو كائن ، وكفى بالمرء منكم ما في قلبه لعليعليه‌السلام .

__________________

(١) هذه الزيادة موجودة في بحار الأنوار ٣٧ / ١٧٦.

(٢) الشعراء : ٢٠٤.

٢٣١

[٢٢١] وبآخر ، مسعر عن طلحة بن عميرة ، قال : شهدت علياعليه‌السلام على المنبر ، وحول المنبر اثنا عشر رجلا من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : اناشدكم الله من كانت لي عنده شهادة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا قام فأداها.

فقام القوم فذكروا قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، وكان فيهم أنس بن مالك ، فلم يقم ، ولم يقل شيئا.

فقال له عليعليه‌السلام : يا أنس بن مالك ، ما منعك أن تقوم فتشهد بما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال : يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت.

فقال عليعليه‌السلام : اللهمّ إن كان كاذبا فابتله ببياض لا تواريه العمامة.

قال طلحة : فو الله ما متّ حتى رأيتها نكتة(١) بين عينيه من برص أصابه.

[٢٢٢] وبآخر في حديث آخر عن زيد بن أرقم(٢) ، قد ذكرناه فيما تقدم إنه قال : أنشد عليعليه‌السلام الناس [ في المسجد ] : من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، إلا قام فشهد.

فقام جماعة ، فشهدوا ، وكنت فيمن كتم ، فعمي بصري ، وكان يحدث بذلك بعد أن عمي.

[٢٢٣] وبآخر ، محمد بن عبد الله بن أبي رافع عن أبي عبيدة عن عمار بن ياسر ، عن أبيه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن

__________________

(١) النكتة ونكت ونكات : النقطة البيضاء في الأسود.

(٢) وفي نسخة ـ ب ـ عن بريدة.

٢٣٢

بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب ، فمن تولاه فقد تولاني ، ومن تولاني فقد تولى الله ، ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ، ومن أبغض الله يوشك أن يأخذه عقاب.

[٢٢٤] وبآخر ، عن عباس ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا سيد الناس(١) ولا فخر ، وعليّ سيد المؤمنين ولا فخر ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

[٢٢٥] وبآخر سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة عن عليعليه‌السلام ، إنه قال : في قوله الله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ » (٢) .

قال : [ ناكبون ] عن ولايتنا أهل البيت.

[٢٢٦] وقالعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً » (٣) .

قال : في ولايتنا أهل البيت.

[٢٢٧] وبآخر ، أبو حمزة ، عن ابن عباس ، إنه قال في قوله الله عز وجل : «رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً » (٤) .

قال : الدخول في الولاية.

«وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً » قال : الجنة.

[٢٢٨] وبآخر ، الشعبي عن ابن عباس ، إنه قال في قوله الله تعالى :

__________________

(١) وفي نسخة ـ أ ـ سيد البشر.

(٢) المؤمنون : ٧٤.

( ٣ ـ ٤ ) البقرة : ٢٠٨ و ٢٠١.

٢٣٣

  «وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ » (١) .

قال : يوقف الناس على الصراط فيسألون عن ولاية عليعليه‌السلام .

[٢٢٩] وبآخر ، يزيد بن عبد الملك ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله تعالى : «بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً » (٢) .

قال : من ولاية علي أمير المؤمنين والأوصياء من ولدهعليهم‌السلام أجمعين.

[٢٣٠] وبآخر ، زيد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليهم أجمعين إنه قال ـ في قوله تعالى ـ : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما ) ( يُحْيِيكُمْ » (٣) .

قال : ولاية عليعليه‌السلام .

[٢٣١] وبآخر ، داود بن سرحان ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى : «فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ » (٤) .

قال : ذلك علي بن أبي طالبعليه‌السلام إذا رأوا ما أزلفه(٥) الله عز وجل به لديه ، ومنزلة ومكانه من الله جلّ ثناؤه أكلوا اكفهم على ما فرطوا فيه من ولايتهعليه‌السلام .

[٢٣٢] وبآخر ، أبو حذيفة عن هلقام ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال

__________________

(١) الصافات : ٢٤.

(٢) البقرة : ٩٠.

(٣) الأنفال : ٢٤.

(٤) الملك : ٢٧.

(٥) أزلفه : قربه ، والزلفى : القربة والمنزلة ( مختار الصحاح ص ٢٧٣ ).

٢٣٤

في قول الله تعالى : «فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ »(١) .

قال : من دفعهم لولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٣٣] وبآخر ، أبان بن عثمان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى :( وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ » (٢) .

قال : هو وعد تواعد الله به من كذب بولاية علي أمير المؤمنين.

[٢٣٤] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : لما أنزل الله تعالى على رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله : «إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ » (٣) .

قال لعليعليه‌السلام : المجرمون ، ـ يا علي ـ المكذبون بولايتك.

[٢٣٥] وبآخر ، عن عمر بن اذينه ، عن جعفر بن محمد عن أبيه صلوات الله عليهم إنه قال في قول الله عز وجل : «أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ » (٤) .

قال : يقول : أفتطمعون أن يقرّوا لكم بالولاية ، وهم يحرّفون الكلم عن مواضعه.

[٢٣٦] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام إنه قال في قول الله [ تعالى ] : «أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ ، فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ » (٥) .

قال : قد كذبوا والله فريقا من آل محمد وفتلوا فريقا.

[٢٣٧] وبآخر ، ثابت الثمالي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قوله الله تعالى : «أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ » (٦) .

__________________

(١) ص : ١٧.

(٢) المزمل : ١١.

(٣) المدثر : ٤٢.

(٤) البقرة : ٧٥.

(٥) البقرة : ٨٧.

(٦) البقرة : ١١٤.

٢٣٥

قال : يعني الولاية لا يقولوا بها إلا وهم يخافون على أنفسهم إظهار القول بها.

[٢٣٨] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله عز وجل «وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ » (١) .

قال : مسلمون بولاية عليعليه‌السلام .

[٢٣٩] وبآخر ، محمد بن سلام ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله عز وجل : «قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » (٢) قال : إن الله عز وجل أوحى الى نبيه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمره بالصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد فلما فعلوا ذلك وأقاموه ، وكان آخر ما فعلوه منه الحج معه حجة الوداع وقام فيهم بولاية عليعليه‌السلام .

قال قوم : الى متى يلزمنا محمد هذه الفرائض شيئا بعد شيء؟

فأنزل الله تعالى قل : «إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » يعني الولاية لأمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٤٠] وبآخر ، عبد الصمد بن بشير ، عن عطيّة عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : لما كان يوم غدير خم ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في عليعليه‌السلام ـ ما قال ، اجتمع جنود إبليس إليه ، فقالوا : ما هذا الأمر الذي حدث كنّا نظن أن محمّدا إذا مضى تفرق هؤلاء ، فنراه قد عقد هذا الأمر لآخر من بعده. فقال لهم : إن أصحابه لا يفوا له بما عقد عليهم.

قال عطية : ثم قال لي أبو جعفرعليه‌السلام : أتدري أين هو من كتاب الله تعالى؟

__________________

(١) البقرة : ١٣٢

(٢) السبأ : ٤٦.

٢٣٦

قلت : لا.

قال : هو قوله تعالى : «وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » (١) .

[٢٤١] وبآخر ، يعقوب بن المطلب ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله عز وجل : «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ » (٢) .

قال : لا تعدلوا عن ولايتنا فتهلكوا في الدنيا والآخرة

[٢٤٢] وبآخر ، إبراهيم بن عمر الصنعاني ، عن أبي جعفر ( محمد بن علي بن الحسينعليه‌السلام ) ، إنه قال : في قول الله عز وجل : «سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى » (٣) .

قال : لا يقول بولايتنا إلا من يخشى الله تعالى.

[٢٤٣] فضيل بن الرسان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى » (٤) .

قال : نعينك على تبليغ الرسالة بمعرفة حق الأوصياءعليهم‌السلام .

[٢٤٤] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام إنه قال في قول الله [ عز وجل ] : «يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ ».

قال : يعني بولاية عليعليه‌السلام .

«وَإِنْ تَكْفُرُوا ) ـ يعني بولايته ـ( فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً » (٥)

__________________

(١) السبأ : ٢٠.

(٢) البقرة : ١٩٥.

(٣) الأعلى : ١٠.

(٤) الأعلى : ٨.

(٥) النساء : ١٧٠.

٢٣٧

[٢٤٥] وبآخر ، الفضل بن بشار ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » (١) .

يعني الائمةعليهم‌السلام .

[٢٤٦] وعنهعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ » (٢) .

قال : يعني الولاية.

[٢٤٧] وبآخر ، حميد بن جابر بن العبدي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها » (٣) قال : يعني الولاية «لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ ».

قال : لأرواحهم «وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ » يوم القيامة.

[٢٤٨] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ » (٤) .

يقول : الى ولاية عليعليه‌السلام ، فإنّ استجابتكم له في ولاية عليعليه‌السلام أجمع لأمركم.

[٢٤٩] وبآخر ، عن ابن عمر عن أبي جعفر عن أبيه ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها » (٥) .

قال : بالإقرار بالولاية ، فلتعبدوا ، أتعستم فيها بالجحود.

__________________

(١) المائدة : ٥٥.

(٢) المائدة : ٦٨.

(٣) الأعراف : ٤٠.

(٤) الأنفال : ٢٤.

(٥) آل عمران : ١٠٣.

٢٣٨

[٢٥٠] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام [ إنه ] قال : نزل جبرائيلعليه‌السلام علي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه الآية : «فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً »(١) .

قال : بولاية عليعليه‌السلام .

[٢٥١] وبآخر ، عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى » (٢) ، قال : هو التارك لحقنا ، المضيع لما افترضه الله تعالى عليه من ولايتنا.

«وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى » ، قال : يقول ليس عليك يا محمد ألا يصلي ويزكي ويصوم ، فانه إن عمل أعمال الخير كلها وأتى بالفرائض بأسرها ثم لم يقبل بولاية الأوصياء لم يزن ما عمل عند الله سبحانه جناح بعوضة.

[٢٥٢] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا » (٣) .

قال : علم الله عز وجل إنهم سيفترقون بعد نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويختلفون ، فنهاهم الله عن التفرق كما نهى من كان قبله وأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمدعليهم‌السلام ولا يتفرقوا.

[٢٥٣] وبآخر ، محمد بن زيد ، عن أبيه ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى : «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها » (٤) ، أهي للمسلمين عامة؟.

قال : الحسنة : ولاية علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٥٤] وبآخر ، خيثمة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله

__________________

(١) الإسراء : ٨٩.

(٢) عبس : ٥.

(٣) آل عمران : ١٠٣.

(٤) الأنعام : ١٦٠.

٢٣٩

تعالى : «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى » (١) .

قال : العروة الوثقى هي : ولاية عليعليه‌السلام والقول بإمامته والبراءة من أعدائه ، والطاغوت أعداء آل محمّدعليهم‌السلام .

[٢٥٥] وبآخر ، جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عليعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله عز وجل : «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ » (٢) ، قال : الذين كفروا بولاية عليعليه‌السلام وأوصياء رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين.

[٢٥٦] وبآخر ، أبو حمزة ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ » (٣) ، قال : ولاية عليعليه‌السلام وولايتنا من بعده.

[٢٥٧] وبآخر ، خالد بن يزيد ، عنهعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله تعالى : «فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ » (٤) ، قال : في القول بالولاية.

[٢٥٨] وبآخر ، حسّان الجمّال ، قال : حملت أبا عبد الله ( جعفر بن محمدعليه‌السلام ) من المدينة الى مكة ، فلما انتهى إلى غدير خم ، نظر الى المسجد ، فقال : ترى عن يسار المسجد ذاك؟

قلت : نعم.

قال : كان موضع قدمي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أخذ بيد عليعليه‌السلام ، وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه.

ونظر الى الجانب الأيمن ، فقال : هاهنا كان فسطاط أربعة من

__________________

(١) البقرة : ٢٥٦.

(٢) البقرة : ٦.

(٣) الكهف : ٤٤.

(٤) التغابن : ١٦.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

المديون ، فأخذه بحقّه.

وإذا قلنا : القول قول زيد المحتال فحلف ، نُظر إن لم يكن قبض المال من عمرو ، فليس له القبض ؛ لأنّ قول الموكّل : « ما وكّلتك » يتضمّن عزله - على إشكالٍ يأتي - لو كان وكيلاً ، وله مطالبة المديون بحقّه.

وهل للمديون الرجوع إلى(١) عمرو؟ فيه احتمال : من حيث إنّ المديون اعترف بتحوّل ما كان عليه إلى زيد ، ومن حيث إنّ زيداً إن كان وكيلَ المديون فإذا لم يقبض ، بقي حقّ المديون. وإن كان محتالاً ، فقد ظلم المديون بأخذ المال منه ، وما على عمرو حقّه ، فللمديون أن يأخذه عوضاً عمّا ظلم المديون به.

وإن كان قد قبض المال من عمرو ، فقد برئت ذمّة عمرو.

ثمّ إن كان المقبوض باقياً ، فوجهان :

أحدهما : أنّه يطالب المديون بحقّه ، ويردّ المقبوض على المديون.

والثاني : أنّه يملكه الآن وإن لم يملكه عند القبض ؛ لأنّه جنس حقّه ، وصاحبه يزعم أنّه ملكه. وهو المعتمد.

وإن كان تالفاً ، نُظر إن تلف بتفريطٍ منه ، فللمديون عليه الضمان ، وله على المديون حقّه ، وربما يقع في التقاصّ. وإن لم يكن مقصّراً ، فلا ضمان ؛ لأنّا إذا صدّقناه في نفي الحوالة ، كانت يده يدَ وكالةٍ ، والوكيل أمين.

ونقل الجويني وجهاً آخَر : أنّه يضمن ؛ لأنّ الأصل فيما يتلف في يد الإنسان من ملك غيره الضمانُ ، ولا يلزم من تصديقه في نفي الحوالة ليبقى‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة : « على » بدل « إلى ».

٤٨١

حقّه تصديقُه في إثبات الوكالة ليسقط عنه الضمان ، كما إذا اختلف المتبايعان في قِدَم العيب وحدوثه ، وصدّقنا البائعَ بيمينه في نفي الردّ ، ثمّ اتّفق الفسخ بتحالفٍ وغيره ، فإنّه لا يُمكَّن من المطالبة بأرش ذلك العيب ذهاباً إلى أنّه حادث بمقتضى يمينه السابقة(١) .

مسألة ٦٣١ : يجوز ترامي الحوالات ودَوْرها‌ ، فلو أحال المديون زيداً على عمرو ثمّ أحال عمرو زيداً على بكر ثمّ أحال بكر زيداً على خالد ، جاز ، وهكذا ؛ لأنّ حقّ الثاني ثابت مستقرّ في الذمّة ، فصحّ أن يحيل به كالأوّل ، فيبرأ بالحوالة ، كما برئ المحيل الأوّل بالحوالة.

وكذا كلّما أحال واحد على واحدٍ ، كان كالأوّل.

وهنا قد تعدّد المحال عليهم والمحتال واحد.

ولو أحال المديون زيداً على عمرو فأحال عمرو زيداً على المديون ، صحّت الحوالتان معاً ، وبقي الدَّيْن كما كان.

ولو أحال المديون زيداً على عمرو ثمّ ثبت لعمرو مثل ذلك الدَّيْن فأحال زيداً على المديون ، جاز.

مسألة ٦٣٢ : لو كان لزيد على اثنين مائة على كلّ واحدٍ خمسون ، وكلّ واحدٍ ضامن عن صاحبه‌ ، فأحال أحدهما زيداً بالمائة على شخصٍ ، فعندنا هذا الضمان لا فائدة تحته ، بل الدَّيْن كما كان عليهما قبل الضمان.

ومَنْ جوّزه قال : يبرءان معاً(٢) .

ولو أحال زيد على أحدهما بالمائة ، برئ الثاني ؛ لأنّ الحوالة كالقبض.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٢.

٤٨٢

وإن أحال زيد عليهما على أن يأخذ المحتال المائة من أيّهما شاء ، فيه للشافعيّة وجهان : المنع ؛ لأنّه لم يكن له إلّا مطالبة واحدٍ ، فلا يستفيد بالحوالة زيادة ، كما لا يفيد زيادة(١) قدرٍ وصفةٍ. والجواز ؛ للأصل(٢) .

ولا اعتبار بهذا الارتفاق ، كما لو أحاله على مَنْ هو أملأ منه وأشدّ وفاءً.

مسألة ٦٣٣ : قد بيّنّا أنّه يشترط ملاءة المحال عليه ، أو عِلْمُ المحتال بالإعسار في لزوم الحوالة‌ ، فلو بانَ معسراً ، كان له الرجوعُ على الأصيل ، سواء شرط الملاءة أو لا.

ومع هذا لو شرط ، كان له الرجوعُ لو بانَ معسراً ، خلافاً لأكثر الشافعيّة ؛ لأنّ الحوالة عندهم لا تردّ بالإعسار إذا لم يشترط ، فلا تردّ به وإن شرط(٣) .

ولو لم يرض المحتال بالحوالة ثمّ بانَ إعسار المحال عليه أو موته ، رجع المحتال على المحيل بلا خلافٍ ، فإنّه لا يلزمه الاحتيال على المعسر ؛ لما فيه من الضرر ، وإنّما أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بقبول الحوالة إذا أُحيل على ملي(٤) .

ولو أحاله على ملي فلم يقبل حتى أعسر ، فله الرجوع على قول مَنْ‌

____________________

(١) كذا في النسخ الخطّيّة والحجريّة ، وفي « العزيز شرح الوجيز » : « لا يستفيد بها زيادة ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٢.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦ و ٣٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦ ، المغني ٥ : ٦٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٦٢.

(٤) سنن البيهقي ٦ : ٧٠ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ٧ : ٧٩ / ٢٤٤٥ ، مسند أحمد ٣ : ٢٢٥ ، ذيل ح ٩٦٥٥.

٤٨٣

أوجب قبول الحوالة على الملي.

مسألة ٦٣٤ : لو كان لزيدٍ على عمرو ألف درهم ولخالد على زيد مثلها‌ فجاء خالد إلى عمرو وقال : قد أحالني زيد بالألف التي له عليك ، فإن كذّبه فأقام خالد البيّنةَ بدعواه [ ثبتت ](١) في حقّه وحقّ زيد ، ولزمه الدفع إلى المحتال. وإن لم تكن له بيّنة فأنكر ، فالقول قوله مع اليمين ، فإذا حلف ، سقطت دعواه ، ولم يكن لخالد الرجوعُ على زيد ؛ لأنّه أقرّ أنّه بري من دَيْنه بالحوالة. ثمّ ننظر في زيد ، فإن كذّب خالداً ، كان له مطالبة عمرو بدَيْنه. وإن صدّق خالداً ، برئ عمرو من دَيْنه.

وقال بعض الشافعيّة : ليس من شرط الحوالة رضا المحال عليه عنده(٢) ، فحينئذٍ تثبت الحوالة بتصديقه المحتال ، ويكون له المطالبة.

وأمّا إن صدّق عمرو خالداً ، وجب عليه دفع المال إليه ؛ لاعترافه باستحقاقه عليه.

ثمّ ننظر في زيد ، فإن صدّقه ، فلا كلام. وإن كذّبه ، كان القول قولَه مع يمينه ، فإذا حلف ، رجع على عمرو بالألف ، ولا يرجع خالد عليه بشي‌ء ؛ لأنّه قد استوفى حقّه بالحوالة بإقراره ، وله أن يستوفي ذلك من عمرو ؛ لتصادقهما على ذلك.

إذا عرفت هذا ، فإذا ادّعى أنّ فلاناً الغائب أحاله عليه ، فأنكر ولا بيّنة ، حلف المنكر.

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ثبت » بدل « ثبتت ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، التنبيه : ١٠٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥ ، الوجيز ١ : ١٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢ ، منهاج الطالبين : ١٢٨.

٤٨٤

وقال بعض العامّة : لا تلزمه اليمين ، بناءً على أنّه لا يلزمه الدفع إليه ؛ لأنّه لا يأمن إنكار المحيل ورجوعه عليه ، فكان له الاحتياط لنفسه ، كما لو ادّعى عليه أنّي وكيلُ فلانٍ في قبض دَيْنه منك ، فصدّقه وقال : لا أدفعه إليك(١) .

مسألة ٦٣٥ : لو كان عليه ألف ضمنه رجلٌ فأحال الضامن صاحب الدَّيْن [ به ](٢) برئت ذمّته وذمّة المضمون عنه‌ ؛ لأنّ الحوالة كالتسليم ، ويكون الحكم هنا كالحكم فيما لو قضى عنه الدَّيْن.

وإن(٣) كان لرجلٍ دَيْنٌ آخَر على آخَرَ فطالَبه به ، فقال : قد أحلت به على فلان الغائب ، وأنكر صاحب الدَّيْن ، فالقول قوله مع اليمين. وإن كان لمن عليه الدَّيْن بيّنة بدعواه ، سُمعت بيّنته لإسقاط حقّ المحيل عليه.

مسألة ٦٣٦ : إذا كان له على رجلٍ دَيْنٌ فأحال(٤) به آخَر ثمّ قضاه المحيل ، صحّ القضاء‌ ، كما إذا قضى الإنسان دَيْن غيره عنه.

ثمّ إن كان المحال عليه قد سأله القضاء عنه ، كان له الرجوعُ عليه بما أدّاه إلى المحتال.

وإن لم يكن قد سأله ذلك ، بل قضاه متبرّعاً به ، لم يكن له الرجوعُ عليه - وبه قال الشافعي(٥) - لأنّه قضى عنه دَيْنه بغير إذنه ، والمتبرّع لا يرجع على أحد.

____________________

(١) المغني ٥ : ٦٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٦٨.

(٢) إضافة يقتضيها السياق.

(٣) في النسخ الخطّيّة : « فإن » بدل « وإن ».

(٤) في الطبعة الحجريّة : « فأحاله ».

(٥) حلية العلماء ٥ : ٤١.

٤٨٥

وقال أبو حنيفة وأصحابه(١) : لا يكون متبرّعاً بذلك ، ويكون له الرجوعُ به ؛ لأنّ الدَّيْن باقٍ في ذمّة المحيل من طريق الحكم وإن برئ في الظاهر ؛ لأنّه يرجع عليه(٢) عند تعذّره.

وهو غلط ؛ لأنّه لا يملك إبطال الحوالة وإسقاط حقّه عن المحيل ، فما يدفعه يكون متبرّعاً إذا كان بغير إذن مَنْ عليه [ الدَّيْن ](٣) كالأجنبيّ.

وما ذكروه فهو ممنوع وليس بصحيح أيضاً ؛ لأنّه لو كان الحقّ باقياً في ذمّته حكماً ، لـمَلَك مطالبته ، كالمضمون عنه.

وإذا أحاله على مَنْ لا دَيْن عليه وقلنا بصحّة الحوالة إذا رضي المحال عليه ، يكون للمحتال مطالبة المحال عليه ، فإذا طالَبه ، كان له مطالبة المحيل بتخليصه ، كالضامن يطالب المضمون عنه بتخليصه ، فإن دفع بإذن المحيل ، رجع.

وإن دفع بغير إذنه ، احتُمل الرجوع ؛ لأنّ الحوالة تقتضي التسليط ، فإذا سلّطه عليه بالمطالبة ، كان ضامناً لما يغرمه. ولأنّه يكون في الحقيقة ضماناً بسؤاله.

ويحتمل عدمه ؛ لأنّه متبرّع.

فإن ادّعى المحيل أنّه كان لي عليك ما أحلت به عليك ، وأنكر المحال عليه ذلك ، قدّم قوله مع اليمين ؛ لأصالة عدم ذلك.

ولو ضمن رجل عن رجل ألف درهم وأحال الضامن المضمونَ له على رجل - له عليه ألف - بالألف ، وقَبِل الحوالة ، برئ الضامن والمضمون عنه ، كما قرّرناه أوّلاً ، ورجع الضامن على المضمون عنه إن كان ضمن‌

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٤١.

(٢) في « ج ، ر » : « إليه » بدل « عليه ».

(٣) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

٤٨٦

بإذنه ، سواء أدّى بإذنه أو لا ، عندنا ، وعند الشافعي إذا أدّى بغير إذنه وجهان(١) ، وسواء قبض المحتال الحوالة أو أبرأ المحال عليه ؛ لأنّ الضامن قد غرم ، والإبراء قد حصل للمحال عليه ، فلا يسقط رجوع الضامن.

وأمّا إذا أحاله على مَنْ ليس له عليه شي‌ء ، فإن قلنا : لا تصحّ الحوالة ، فالمال باقٍ على الضامن بحاله. وإن قلنا : تصحّ ، فقد برئت ذمّة الضامن والمضمون عنه ، ولكن لا يرجع على المضمون عنه بشي‌ء في الحال ؛ لأنّه لم يغرم شيئاً ، فإن قبض المحتال الحوالة ورجع المحال عليه على الضامن ، رجع على المضمون عنه ، وإن أبرأه من الحوالة ، لم يرجع على المحيل ، ولم يرجع الضامن على المضمون عنه ؛ لأنّه لم يغرم شيئاً.

وأمّا إن قبضه منه ووهبه ، فهل يرجع على المحيل؟ وجهان [ كالوجهين فيما ](٢) إذا وهبت المرأة الصداقَ ثمّ طلّقها.

وقال(٣) أبو حنيفة وأصحابه : يرجع عليه ، وهب له أو تصدّق به أو ورثه من المحتال. ووافقنا في الإبراء أنّه لا يرجع(٤) .

وعندنا أنّ هبته قبل القبض بمنزلة الإبراء.

وعندهم(٥) لا يكون بمنزلته ، ويثبت له الرجوع ؛ لأنّه يملك ما في ذمّته بالهبة والصدقة والميراث ، فكان له الرجوعُ ، كالأداء ، فإنّه يملك ما في ذمّته بالأداء ، بخلاف الإبراء ؛ لأنّه إسقاط حقٍّ.

وهو غلط ؛ لأنّه لم يغرم عنه شيئاً ، فلم يرجع عليه ، كالإبراء.

____________________

(١) لاحظ : التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٤ ، والعزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٨.

(٢) إضافة يقتضيها السياق.

(٣) في « ر » والطبعة الحجريّة : « فقال ».

(٤) حلية العلماء ٥ : ٦٣.

(٥) حلية العلماء ٥ : ٦٤.

٤٨٧

وقولهم : « إنّه يملك ما في ذمّته » غلط ؛ لأنّ الإنسان لا يملك في ذمّته شيئاً ، وإنّما يسقط عن ذمّته بوجود سبب الملك ، فصار كالإبراء.

مسألة ٦٣٧ : لو كان لرجلٍ على رجلين ألف درهم فادّعى عليهما أنّهما أحالاه على رجلٍ لهما عليه ألف درهم ، فأنكرا ذلك‌ ، فالقول قولهما مع أيمانهما ، فإن حلفا ، سقطت دعواه.

وإن شهد له ابناه ، سُمعت عندنا ، خلافاً للشافعي(١) .

وإن شهد عليهما ابناهما ، لم تُسمع عندنا ، خلافاً للشافعي(٢) .

ولو انعكس الفرض فادّعيا عليه إنّما أحالاه وأنكر ، فالقول قوله مع يمينه.

فإن شهد عليه ابناه ، لم يُقبل عندنا ، خلافاً للشافعي(٣) .

وإن شهد ابناهما ، قُبل عندنا ، خلافاً للشافعي(٤) .

وهل تُقبل شهادة ابن كلّ واحدٍ منهما للآخَر؟ للشافعي قولان ، بناءً على أنّ الشهادة إذا رُدّت للتهمة في بعضها ، فهل تردّ في الباقي؟(٥) .

ولو ادّعى المديون عند مطالبة صاحب الدَّيْن أنّ صاحب الدَّيْن أحال الغائب عليه ، فأنكر صاحب الدَّيْن ، فأقام المدّعي بيّنةً ، سُمعت لإسقاط حقّ المحيل عنه ، ولا يثبت بها الحقّ للغائب ، قاله بعض الشافعيّة(٦) ؛ لأنّ الغائب لا يقضى له بالبيّنة ، فإذا قدم الغائب وادّعى ذلك وأنكر صاحب الدَّيْن أنّه أحاله ، احتاج إلى إعادة البيّنة ليثبت له.

وفيه نظر ؛ لأنّ المطالبة إنّما تسقط بالبيّنة عن المحال عليه ، فإذا قدم الغائب وادّعى فإنّما يدّعي على المحال عليه دون المحيل ، وهو يُقرّ له بذلك ،

____________________

(١) راجع : حلية العلماء ٥ : ٤٢.

(٢) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٣ - ٥) حلية العلماء ٥ : ٤٢.

(٦) حلية العلماء ٥ : ٤١ - ٤٢.

٤٨٨

فلا حاجة به إلى إقامة البيّنة ، ألا ترى أنّ المحال عليه لو دفع إليه ، لم يكن لصاحب الدَّيْن مطالبته بشي‌ء ؛ لأنّ حقّ المطالبة قد سقط عنه بالبيّنة.

ولو ادّعى رجل على رجل أنّه أحاله عليه فلان الغائب ، وأنكر المدّعى عليه ، فإنّ القول قوله مع اليمين ، فإن أقام المدّعي البيّنةَ ، ثبتت في حقّه وحقّ الغائب ؛ لأنّ البيّنة يقضى بها على الغائب.

تذنيب : لو قال صاحب الدَّيْن لمن لا دَيْن له عليه : قد أحلتك بالدَّيْن الذي لي على فلان فاقبضه منه ، كان ذلك وكالةً‌ عبّر عنها بلفظ الحوالة ، فلو مات المحيل ، بطلت ؛ لأنّها وكالة ، وكان لورثة المحيل قبضُ المال.

وكذا لو جُنّ ، كان للحاكم المطالبة بالمال.

مسألة ٦٣٨ : الحوالة عند أبي حنيفة ضربان :

مطلقة بأن يقول المحيل للمحتال : أحلتك بالألف التي لك علَيَّ على فلان ، سواء كان له على فلان ألف أو لم يكن ، وإذا قَبِل فلانٌ الحوالةَ ، لزمت ، ويبرأ المحيل ، إلّا إذا مات المحال عليه مفلساً لم يَدعْ مالاً ولا كفيلاً ، وإذا جحد المحال عليه الحوالةَ ولا بيّنة ، فيحلف ، فيرجع على المحيل في هاتين الصورتين.

ومقيّدة بأن يقول المحيل : أحلتك على فلان بالألف التي لك علَيَّ على أن يؤدّيها من الوديعة التي لي عنده ، أو من المال الذي لي عليه ، وإذا قَبِل فلان ، برئ المحيل من دَيْن المحتال ، فلو قال : أحلتك بالألف التي لي على فلان ، فمات فلان مفلساً أو جحد المحال عليه الحوالة ولا بيّنة ، بطلت الحوالة ، وعاد دَيْن المحتال على المحيل(١) .

____________________

(١) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٤٨ ، بدائع الصنائع ٦ : ١٦ ، فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٧٣ و ٧٤.

٤٨٩

وقد بيّنّا ما عندنا في ذلك.

ولو كانت الحوالة مقيّدةً بوديعةٍ كانت عند المحال عليه ، فهلكت الوديعة ، أو استُحقّت ، بطلت الحوالة ، وعاد الدَّيْن إلى المحيل ؛ لأنّ المحتال لم يضمن المال مطلقاً ، وبه قال أبو حنيفة(١) .

ولو كانت الحوالة مقيّدةً بغَصْبٍ كان عند المحال عليه ، فاستُحقّ الغصب ، بطلت الحوالة.

ولو هلك لم تبطل إذا كان مليّاً بمال الحوالة ؛ لأنّ مال الضمان قائم مقام عين المغصوب.

ومهما دام المال الذي قصد به الحوالة قائماً لا يكون للمحيل أن يأخذ ماله ولا دَيْنه من المحال عليه ؛ لأنّ ذلك المال صار مشغولاً بمال الحوالة.

ولو كاتب المولى أُمّ ولده ثمّ أحال غريمه عليها بمال الكتابة ثمّ مات المولى ، انعتقت أُمّ الولد ، وبطلت الكتابة.

قال أبو حنيفة : ولا تبطل الحوالة استحساناً(٢) .

مسألة ٦٣٩ : لو أحاله بألفٍ كانت للمحيل على المحال عليه ، وقَبِل الثلاثة ، صحّت الحوالة‌ ، ثمّ [ إن ](٣) أبرأ المحتال المحال عليه عن مال الحوالة ، برئ المحيل والمحال عليه عن دَيْن المحتال ، أمّا المحيل : فبالحوالة ، وأمّا المحال عليه : فبالإبراء. ويبرأ أيضاً المحال عليه من دَيْن المحيل ؛ لأنّه بالحوالة نقل حقّه من المحال عليه إلى المحتال.

وقال أبو حنيفة : يرجع المحيل بدَيْنه على المحال عليه(٤) .

____________________

(١ و ٢) فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٧٤.

(٣) إضافة يقتضيها السياق.

(٤) فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٧٤ - ٧٥.

٤٩٠

وليس بجيّد.

ولو وهب المحتال مالَ الحوالة للمحال عليه ، جازت الهبة ، وبطل ما كان للمحيل على المحال عليه ، ولا يكون للمحيل أن يرجع بدَيْنه على المحال عليه ، وبه قال أبو حنيفة(١) .

مسألة ٦٤٠ : لو كانت الحوالة مقيّدةً بوديعةٍ كانت عند المحال عليه ، فمرض المحيل فدفع المحال عليه الوديعة إلى المحتال ثمّ مات المحيل وعليه ديون كثيرة ، لم يضمن المستودع شيئاً لغرماء المحيل ؛ لأنّه دفع بأمر المحيل المالك للوديعة.

وهل يملكها المحتال حينئذٍ؟ الأقرب ذلك ؛ عملاً بالحوالة الناقلة.

وقال أبو حنيفة : لا يُسلّم الوديعة للمحتال ، بل تكون بينه وبين غرماء المحيل بالحصص ؛ لأنّ الدفع وقع حالة الحجر بالمرض(٢) .

ولو أنّ المحال عليه أمسك الوديعة لنفسه وقضى دَيْن المحتال من مال نفسه ، قال أبو حنيفة : تكون الوديعة له ، ولا يكون متبرّعاً استحساناً(٣) .

والأقرب ذلك إن تراضيا هو والمحتال على أخذ العوض ، فإن لم يقع بينهما عقد مراضاة ، كان للمحتال أن يرجع إلى العين ، وللمحال عليه استرداد ما دفعه إليه.

مسألة ٦٤١ : لو كان على رجلٍ دَيْنٌ لرجلٍ فأحال صاحبَ الدَّيْن بجميع ما لَه عليه‌ - وهو ألف مثلاً - على رجل وقَبِل المحال عليه الحوالة ، ثمّ إنّ المحيل أحال المحتالَ على رجلٍ آخَر بجميع ما لَه عليه وقَبِل المحال عليه الثاني ، قال أبو حنيفة : تكون الحوالة الثانية نقضاً للأُولى ؛ لأنّه لا صحّة للثانية إلّا بعد نقض الأُولى ، والمحيل والمحتال يملكان النقض ، فإذا نقضا‌

____________________

(١ - ٣) فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٧٥.

٤٩١

الحوالة الأُولى ، انتقضت ، وبرئ المحال عليه الأوّل ، بخلاف ما إذا كان المديون أعطى صاحب الدَّيْن كفيلاً آخَر بعد الكفيل الأوّل ، فإنّ الكفالة الثانية لا تكون إبطالاً للكفالة الأُولى ؛ لأنّ المقصود من الكفالة التوثيق مع بقاء الدَّيْن على الأصيل ، وضمّ الكفيل إلى الكفيل يزيد في التوثيق(١) .

وهذا غير صحيح على أصلنا ؛ لأنّ الحوالة ناقلة ، فإذا صار الدَّين - الذي على المحال عليه للمحيل - [ للمحتال ](٢) لم يمكن النقض ؛ لأنّا نعتبر رضا المحال عليه.

نعم ، لو كان المحيل قد قصد بالحوالة الثانية الحوالة بما على المحال عليه من المال ، صحّ ، وبرئ المحال عليه ، وكان متبرّعاً بالحوالة عن المحال عليه ، ولا يرجع على أحدٍ.

مسألة ٦٤٢ : إذا احتال بالحالّ على شرط الصبر مدّة ، وجب تعيينها ، وصحّ الشرط عندنا‌ - خلافاً لأحمد(٣) - على ما بيّنّاه.

ولو لم يعيّن المدّة ، بطلت الحوالة ؛ لبطلان شرطها.

ولو شرط أداء المال من ثمن دار المحال عليه أو من ثمن عبده ، صحّ الشرط ؛ لعموم قولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٤) وبه قال أبو حنيفة(٥) .

وهل يُجبر المحال عليه على بيع داره أو عبده معجَّلاً؟ الأقرب ذلك‌

____________________

(١) فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٧٥ - ٧٦.

(٢) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٣) المغني ٥ : ٥٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٩.

(٤) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٥) فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٧٦.

٤٩٢

إن كانت الحوالة معجَّلةً ، وإلّا عند الأجل.

وقال أبو حنيفة : لا يُجبر على البيع ، وهو بمنزلة ما لو قَبِل الحوالة على أن يعطى المال عند الحصاد أو ما أشبه ذلك ، فإنّه لا يُجبر على أداء المال قبل الأجل(١) .

إذا عرفت هذا ، فهل يشترط الأجل في مثل هذه الحوالة؟ يحتمل ذلك ؛ إذ الثمن ليس موجوداً في الحال ، بل لا بدّ من مضيّ مدّة يحصل فيها الراغب في الشراء ولو قلّ زمانه ، فأشبه المكاتَب إذا عقد الكتابة حالّةً ، فحينئذٍ يجب تعيين المدّة ، خلافاً لأبي حنيفة(٢) .

مسألة ٦٤٣ : لو كان عليه دَيْنٌ لزيدٍ فأحال زيداً به على عمرو وليس للمديون على عمرو شي‌ء وقَبِل ، صحّت الحوالة على الأقوى‌ ، وبه قال أبو حنيفة(٣) .

فإذا جاء فضوليٌّ وقضى الدَّيْن عن المحال عليه تبرّعاً ، كان للمحال عليه أن يرجع على المحيل ، كما لو أدّى المحال عليه المال بنفسه وليس عليه دَيْنٌ ، فإنّه يرجع على المحيل ، وبه قال أبو حنيفة(٤) .

ولو كان للمحيل دَيْنٌ على المحال عليه ، فجاء الفضوليّ وقضى دَيْن المحتال عن المحيل الذي عليه أصل المال ، لم يكن للمحيل أن يرجع بدَيْنه على المحال عليه عندنا ؛ لأنّ قضاء الفضوليّ عنه كقضائه بنفسه.

ولو قضى المحيل دَيْن الطالب بمال نفسه بعد الحوالة ، لم يكن له الرجوعُ إذا كان متبرّعاً.

____________________

(١) فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٧٦.

(٢) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٣ و ٤) فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٧٧.

٤٩٣

وقال أبو حنيفة : يرجع(١) .

وقد سلف(٢) بطلانه.

فعلى قوله لو اختلف المحيل والمحال عليه كلّ واحدٍ منهما يدّعي أنّ الفضوليّ قضى عنه ، رجع إلى الفضوليّ.

فإن مات قبل البيان ، قال أبو حنيفة : يكون القضاء عن المحال عليه ؛ لأنّ القضاء يكون عن المطلوب ظاهراً(٣) .

مسألة ٦٤٤ : لو أحال البائع غريماً له على المشتري حوالةً مقيّدةً بالثمن ، لم يبق للبائع حقُّ الحبس.

ولو أحال المشتري البائعَ على غريمٍ له ، قال أبو حنيفة : يكون للبائع حقُّ الحبس(٤) .

وقال : لو أحال الزوج امرأته بصداقها على آخَر ، كان للزوج أن يدخل بها. ولو أحالت المرأة على زوجها بالمهر غريماً لها ، كان لها أن تمنع نفسها ؛ لأنّ غريمها بمنزلة وكيلها ، ما لم يصل الصداق إلى وكيلها ، كان لها حقّ المنع(٥) .

ويشكل إذا جعلنا الحوالةَ استيفاءً.

____________________

(١) فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٧٧.

(٢) في ص ٤٨٥ ، المسألة ٦٣٦.

(٣ و ٤) فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٧٧.

(٥) فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٧٧ - ٧٨.

٤٩٤

٤٩٥

الفهرس

المقصد الثالث : في التفليس‌ الأوّل : المفلس مَنْ ذهب خيار ماله وبقي دونه ، وصار ماله فلوساً زيوفاً ٦

مسألة ٢٥٨ : ٧

مسألة ٢٥٩ : ٨

مسألة ٢٦٠ : ١١

الفصل الثاني : في شرائط الحجر عليه‌ مسألة ٢٦١ : ١٤

فروع : ١٥

مسألة ٢٦٢ : ١٦

مسألة ٢٦٣ : ١٧

مسألة ٢٦٤ : ١٨

مسألة ٢٦٥ : ١٩

مسألة ٢٦٦ : ٢٠

مسألة ٢٦٧ : ٢١

فروع : ٢٢

الفصل الثالث : في أحكام الحجر‌ البحث الأوّل : في منعه من التصرّف مسألة ٢٦٨ : ٢٤

مسألة ٢٦٩ : مسألة ٢٧٠ : ٢٥

مسألة ٢٧١ : ٢٦

مسألة ٢٧٢ : ٢٧

مسألة ٢٧٣ : ٢٨

مسألة ٢٧٤ : مسألة ٢٧٥ : ٢٩

مسألة ٢٧٦ : ٣٠

٤٩٦

مسألة ٢٧٧ : ٣١

مسألة ٢٧٨ : ٣٢

مسألة ٢٧٩ : مسألة ٢٨٠ : ٣٣

مسألة ٢٨١ : ٣٤

مسألة ٢٨٢ : ٣٥

مسألة ٢٨٣ : ٣٦

مسألة ٢٨٤ : ٣٧

مسألة ٢٨٥ : ٣٨

مسألة ٢٨٦ : ٣٩

فروع : مسألة ٢٨٧ : ٤٢

مسألة ٢٨٨ : ٤٣

مسألة ٢٨٩ : ٤٤

مسألة ٢٩٠ : ٤٥

البحث الثاني : في بيع ماله وقسمته مسألة ٢٩١ : ٤٦

مسألة ٢٩٢ : مسألة ٢٩٣ : ٤٨

مسألة ٢٩٤ : مسألة ٢٩٥ : ٤٩

تذنيب : مسألة ٢٩٦ : ٥٠

مسألة ٢٩٧ : ٥١

مسألة ٢٩٨ : ٥٢

مسألة ٢٩٩ : ٥٣

مسألة ٣٠٠ : ٥٤

مسألة ٣٠١ : ٥٥

مسألة ٣٠٢ : ٥٦

مسألة ٣٠٣ : مسألة ٣٠٤ : ٥٧

مسألة ٣٠٥ : ٥٨

٤٩٧

مسألة ٣٠٦ : ٥٩

مسألة ٣٠٧ : مسألة ٣٠٨ : ٦٠

مسألة ٣٠٩ : ٦١

مسألة ٣١٠ : مسألة ٣١١ : ٦٤

مسألة ٣١٢ : ٦٥

البحث الثالث : في حبسه مسألة ٣١٣ : ٦٧

مسألة ٣١٤ : مسألة ٣١٥ : ٦٨

مسألة ٣١٦ : ٧٠

مسألة ٣١٧ : ٧٢

مسألة ٣١٨ : ٧٣

مسألة ٣١٩ : ٧٤

مسألة ٣٢٠ : مسألة ٣٢١ : ٧٥

مسألة ٣٢٢ : ٧٦

مسألة ٣٢٣ : ٧٧

مسألة ٣٢٤ : ٧٨

مسألة ٣٢٥ : ٧٩

البحث الرابع : في الاختصاص مسألة ٣٢٦ : ٨٠

مسألة ٣٢٧ : ٨٣

مسألة ٣٢٨ : مسألة ٣٢٩ : ٨٤

النظر الأوّل : في العوض مسألة ٣٣٠ : ٨٥

مسألة ٣٣١ : ٨٦

مسألة ٣٣٢ : ٨٧

مسألة ٣٣٣ : ٨٨

مسألة ٣٣٤ : مسألة ٣٣٥ : ٨٩

تذنيب : مسألة ٣٣٦ : النظر الثاني : في المعاوضة ٩٠

٤٩٨

مسألة ٣٣٧ : ٩١

مسألة ٣٣٨ : ٩٢

مسألة ٣٣٩ : ٩٣

مسألة ٣٤٠ : ٩٥

مسألة ٣٤١ : مسألة ٣٤٢ : ٩٦

مسألة ٣٤٣ : فروع : ٩٨

مسألة ٣٤٤ : ١٠٠

النوع الثاني : الإجارة الواردة على الذمّة مسألة ٣٤٥ : ١٠١

تذنيب : القسم الثاني : في إفلاس المؤجر ١٠٢

النوع الثاني : الإجارة الواردة على الذمّة مسألة ٣٤٦ : ١٠٤

تذنيبان : ١٠٥

النظر الثالث : في المعوّض مسألة ٣٤٧ : ١٠٦

مسألة ٣٤٨ : ١٠٧

مسألة ٣٤٩ : ١٠٨

تذنيب : مسألة ٣٥٠ : ١٠٩

القسم الأوّل : [ القسم ] الأوّل : مسألة ٣٥١ : ١١٠

مسألة ٣٥٢ : ١١١

مسألة ٣٥٣ : ١١٢

تذنيب : القسم الثاني : نقصان العين مسألة ٣٥٤ : ١١٣

مسألة ٣٥٥ : ١١٤

مسألة ٣٥٦ : مسألة ٣٥٧ : ١١٧

مسألة ٣٥٨ : ١١٨

مسألة ٣٥٩ : مسألة ٣٦٠ : ١١٩

القسم الثاني(١) : التغيّر بالزيادة ١٢١

تذنيب : ١٢٣

٤٩٩

مسألة ٣٦١ : ١٢٤

مسألة ٣٦٢ : ١٢٥

القسم الثالث : الزيادات المتّصلة من وجه دون وجه ١٢٦

مسألة ٣٦٣ : ١٢٨

مسألة ٣٦٤ : ١٣٢

مسألة ٣٦٥ : ١٣٦

مسألة ٣٦٦ : ١٣٨

مسألة ٣٦٧ : ١٣٩

تذنيبان : ١٤١

مسألة ٣٦٨ : ١٤٢

مسألة ٣٦٩ : ١٤٦

مسألة ٣٧٠ : ١٤٩

مسألة ٣٧١ : ١٥٠

تذنيبان : مسألة ٣٧٢ : ١٥٥

مسألة ٣٧٣ : ١٥٨

تذنيبان : مسألة ٣٧٤ : ١٦٠

مسألة ٣٧٥ : ١٦٣

مسألة ٣٧٦ : مسألة ٣٧٧ : ١٦٤

تذنيب : مسألة ٣٧٨ : ١٦٥

مسألة ٣٧٩ : ١٦٨

البحث الخامس : في اللواحق مسألة ٣٨٠ : مسألة ٣٨١ : ١٦٩

مسألة ٣٨٢ : ١٧١

مسألة ٣٨٣ : ١٧٢

تذنيب : ١٧٣

مسألة ٣٨٤ : مسألة ٣٨٥ : ١٧٤

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510