تذكرة الفقهاء الجزء ١٥

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-436-1
الصفحات: 501

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-436-1
الصفحات: 501
المشاهدات: 154365
تحميل: 5119


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 501 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 154365 / تحميل: 5119
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 15

مؤلف:
ISBN: 964-319-436-1
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وقال بعض العامّة : إذا اشترى بعين ماله لغيره شيئاً ، فالشراء باطل ؛ لأنّه لا يصحّ أن يشتري الإنسان بعين ماله ما يملكه غيره بذلك العقد(١) .

وقال أصحاب الشافعي : إذا اشترى لغيره بمال نفسه ، صحّ الشراء للوكيل ، سواء اشتراه بعين المال أو في الذمّة(٢) .

والوجه : المنع ؛ لأنّه اشترى له ما لم يأذن له في شرائه ، فأشبه ما لو اشتراه في الذمّة.

مسألة ٧٦٣ : لو وكّله في بيع عبدٍ أو جاريةٍ ثمّ أعتقه قبل البيع ، بطلت الوكالة ؛ لأنّ ذلك هلاك للماليّة ، فأشبه هلاك العين.

ولو آجره الموكّل ، فالوجه : بطلان الوكالة أيضاً - وبه قال بعض الشافعيّة(٣) - لأنّ الإجارة إن منعت البيع ، لم يبق الوكيل مالكاً للتصرّف ، ولا الموكّل أيضاً. وإن لم تمنعه ، فهي علامة الندم ؛ لأنّ مَنْ يريد البيع لا يؤاجر ؛ لقلّة الرغبات فيه بسبب الإجارة.

وكذا تزويج الجارية.

ويحتمل [ عدم ](٤) بطلان الوكالة.

ولو كاتبه أو دبّره ، انفسخت الوكالة ؛ لأنّه يعطي رجوعه عن إذن إخراجه عن ملكه. ولأنّ الكتابة تقطع تصرّف المولى فيه ، فلم يُبق محلّاً للبيع.

وفي طحن الحنطة الموكّل ببيعها للشافعيّة وجهان :

أحدهما : الانعزال ؛ لبطلان اسم الحنطة ، وإشعاره بالإمساك.

____________________

(١ و ٢) المغني ٥ : ٢٤٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٢١٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥٩.

(٤) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

١٦١

والثاني : العدم ؛ عملاً بالاستصحاب ، وبقاء العين صالحةً للنقل(١) .

هذا إذا عيّن وقال له : « بِعْ هذه الحنطة » ولو أطلق فقال له : « بِعْ حنطةً » ثمّ طحن غلّته ، لم تبطل وكالته.

ولو عرض السلعة الموكّل(٢) ببيعها على البيع ، لم يكن عزلاً لوكيله(٣) عن بيعها ؛ لجواز طلب التساعد في الأغراض(٤) .

وكذا لو وكّل وكيلاً آخَر ، لم ينعزل الأوّل ؛ لجواز طلب المساعدة والاعتضاد.

مسألة ٧٦٤ : إذا وكّل السيّد عبدَه في بيعٍ أو شراءٍ أو غيرهما من التصرّفات ثمّ أعتقه أو باعه ، فإن قلنا : إنّ توكيله لعبده توكيلٌ حقيقيٌّ ، لم ينعزل بالبيع ولا بالعتق ، وبقي الإذن بحاله ؛ عملاً بالاستصحاب. ولأنّه بعد العتق صار أكمل حالاً ممّا كان عليه أوّلاً.

وإن قلنا : إنّه ليس بتوكيلٍ حقيقيٍّ ولكنّه استخدام وأمر ، ارتفع الإذن ؛ لزوال الملك ، لأنّه إنّما استخدمه وأمره بحقّ الملك وقد زال بالبيع والعتق. وإذا باعه ، فقد صار إلى ملك مَنْ لم يكن في توكيله ، وثبوت ملك غيره فيه يمنع ابتداء توكيله بغير إذنه ، فيقطع استدامته.

وعلى تقدير ارتفاع الوكالة بالعتق أو البيع لو قال العبد : عزلت نفسي ، فهو لغو.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥٩.

(٢) في الطبعة الحجريّة : « المأمور » بدل « الموكّل ».

(٣) في « ر ، ث ، خ » : « للوكيل ».

(٤) في « خ » والطبعة الحجريّة : « الاعراض ».

١٦٢

وفصَّل بعض الفقهاء فقال : إن كانت الصيغة : « وكّلتُك بكذا » بقي الإذن. وإن أمره به ، ارتفع الإذن بالعتق والبيع. وإذا حكمنا ببقاء الإذن في صورة البيع ، فعليه استئذان المشتري ؛ لأنّ منافعه صارت مستحقّةً له(١) .

والكتابة كالبيع والإعتاق في جريان الوجهين.

مسألة ٧٦٥ : لو وكّل عبد غيره في بيع شي‌ءٍ أو شرائه أو غير ذلك من التصرّفات ، افتقر إلى إذن المالك‌.

فلو وكّله بإذنه ثمّ باع المالك عبده ، ففي ارتفاع الوكالة أيضاً وجهان : أحدهما : الارتفاع ؛ لبطلان إذنه بزوال ملكه. و [ ثانيهما ] عدمه ؛ لأنّ سيّد العبد أذن له في بيع ماله.

وكذا لو أعتق سيّدُ العبدِ عبدَه ، لم تبطل الوكالة(٢) هنا قطعاً ؛ لأنّ توكيل عبد الغير توكيلٌ حقيقيٌّ ليس استخداماً ولا أمراً.

وهكذا إن باعه ، لكن يعتبر رضا المشتري.

وعلى الموكّل أن يستأذن المشتري ، سواء كان الوكيل عبده أو عبد الغير ؛ لأنّ منافعه صارت مستحقّةً له ، فإن رضي ببقاء الوكالة بقيت ، وإلاّ بطلت.

ولو لم يستأذن - في الصورتين - المشتري ، نفذ تصرّفه ؛ لدوام الإذن وإن ترك واجباً.

قال الجويني : وفيه احتمال(٣) .

مسألة ٧٦٦ : لو وكّل زوجته في بيعٍ أو شراءٍ أو غيرهما من التصرّفات ، صحّ التوكيل. فإن طلّقها ، لم تبطل الوكالة ؛ لأنّ زوال النكاح‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٥.

(٢) في النسخ الخطّيّة : « وكالته ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥٩.

١٦٣

لا يمنع ابتداء الوكالة فلا يقطع استدامتها.

ولو وكّل رجلاً في نقل امرأته أو بيع عبده أو قبض داره من فلان ، فقامت البيّنة بطلاق الزوجة وعتق العبد وانتقال الدار عن الموكّل ، بطلت الوكالة ؛ لأنّه زال تصرّف الموكّل فزالت وكالته.

مسألة ٧٦٧ : لو وكّله في قبض دَيْنه من رجلٍ فمات ، نُظر في لفظ الموكّل ، فإن قال : « اقبض حقّي من فلان » بطلت الوكالة ، ولم يكن له القبض من وارثه ؛ لأنّه لم يؤمر بذلك ، وإنّما وكّله في قبضٍ مبدؤه من المديون وقد مات.

وإن قال : « اقبض حقّي الذي على فلان » أو « الذي في قِبَل فلان » فله مطالبة وارثه ، والقبض منه ؛ لأنّ قبضه من الوارث قبضٌ للحقّ الذي على مورّثه ، وإذا قبض من الوارث لم يكن قبضاً من فلان.

لا يقال : لو قال له : « اقبض حقّي من زيدٍ » فوكّل زيد إنساناً في الدفع إليه ، كان له القبض منه ، فكذا ينبغي أن يقبض من الوارث ؛ لأنّ الوارث نائب الموروث ، كما أنّ الوكيل نائب الموكّل.

لأنّا نقول : الوكيل إذا دفع عنه بإذنه ، جرى مجرى تسليمه ؛ لأنّه أقامه مقام نفسه ، وليس كذلك هنا ؛ فإنّ الحقّ انتقل إلى الورثة ، فاستحقّت المطالبة عليهم لا بطريق النيابة عن الموروث ، ولهذا لو حلف : لا يفعل شيئاً ، حنث بفعل وكيله ، ولا يحنث بفعل وارثه.

مسألة ٧٦٨ : إذا وقعت الوكالة مطلقةً غير مؤقّتة ، مَلَك الوكيل التصرّفَ أبدا ما لم يفسخ الوكالة بقوله : فسخت الوكالة ، أو : أبطلتها ، أو : نقضتها ، أو : عزلتك ، أو : صرفتك عنها ، أو : أزلتك عنها ، أو نهاه عن فعل ما أمره به ووكّله فيه ، وما أشبه ذلك من ألفاظ العزل أو المؤدّية معناه ، أو يعزل‌

١٦٤

الوكيل نفسه ، أو يوجد من أحدهما ما يقتضي فسخ الوكالة.

فإذا وكّله في طلاق زوجته ثمّ وطئها ، احتُمل بطلان الوكالة ؛ لدلالة وطئه لها على رغبته فيها واختيار إمساكها.

وكذلك لو وطئها بعد طلاقها رجعيّاً ، كان ذلك ارتجاعاً لها ، فإذا اقتضى الوطؤ رجعتها بعد طلاقها فلأن يقتضي استبقاءها على زوجيّتها ومنع طلاقها أولى.

وإن باشرها دون الفرج أو قبَّلها أو فَعَل بها ما يحرم على غير الزوج ، فهل تنفسخ الوكالة في الطلاق؟ إشكال ينشأ : من حصول الرجعة به ، وعدمه.

مسألة ٧٦٩ : لو جحد الموكّل الوكالةَ ، ففي كونه عزلاً للوكيل إشكال ينشأ : من استصحاب الحال وعدم التصريح بالعزل ، ومن حكمه بارتفاع الوكالة وبطلانها من أصلها.

ولو جحد الوكيل الوكالةَ وأنكرها ، ففي كونه ردّاً للوكالة إشكال ، أقربه : أن نقول : إن كان هذا الإنكار لنسيانٍ أو لغرضٍ في الإخفاء ، لم يكن ردّاً. وإن تعمّد ولا غرض له في الإخفاء ، فالأقرب : أنّه ردٌّ.

تنبيه : كون الوكالة جائزةً حكمٌ سارٍ في الوكالة بجُعْل وغير جُعْل.

وقال بعض الشافعيّة : إذا شُرط فيها جُعْلٌ معلوم واجتمعت شرائط الإجارة وعقد العقد بصيغة الإجارة ، فهو لازم. وإن عقد بلفظ الوكالة ، أمكن تخريجه على أنّ الاعتبار بصِيَغ العقود أو بمعانيها؟(١) .

ونحن لا ننازع في كون الإجارة لازمةً.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٠.

١٦٥

مسألة ٧٧٠ : لو وكّل ه في البيع وأمره بشرط الخيار فشرطه ثمّ ردّه المشتري بالخيار ، أو البائع ، أو ظهر فيه عيب فردّه المشتري به ، أو ظهر في الثمن المعيّن عيب فردّه البائع ، انفسخ البيع ، ولم يكن للوكيل بيعه ثانياً ، عند علمائنا - وبه قال الشافعي(١) - لأنّ الوكيل فَعَل متعلَّق الوكالة ، فارتفعت وكالته. ولأنّه لو بقي وكيلاً فإمّا أن يكون في البيع الأوّل ، وهو محال ؛ لاستحالة تحصيل الحاصل ، أو في البيع ثانياً ، ووكالته لم تتعلّق إلّا ببيعٍ واحد.

وقال أبو حنيفة : لا ترتفع وكالته ، ويكون له البيع ثانياً(٢) .

وليس بجيّدٍ.

مسألة ٧٧١ : إذا وكّله في بيع نصيبه من دارٍ ، أو في قسمته مع شركائه ، أو في أخذه بالشفعة ، فأنكر الخصم ملكيّة الموكّل ، لم يملك التثبيت على ما قدّمناه في نظائره ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. وفي الثاني : يملك(٣) .

وقال أبو حنيفة : إذا وكّله في القسمة أو طلب الشفعة ، كان وكيلاً في تثبيت ذلك ؛ لأنّه لا يتوصّل إلى ذلك إلّا بإثبات الملك فيه(٤) .

والحقّ ما قلناه ؛ لأنّه قد يرتضى للإثبات مَنْ لا يرتضى للمطالبة ، وبالعكس.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٦.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٥٠١ ، بحر المذهب ٨ : ٢٠١ ، البيان ٦ : ٣٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٠ ، المغني ٥ : ٢٢٠.

(٤) بدائع الصنائع ٦ : ٢٥ ، بحر المذهب ٨ : ٢٠١ ، المغني ٥ : ٢٢٠.

١٦٦

وقال بعض الشافعيّة : لا يملك التثبيت قولاً واحداً(١) .

مسألة ٧٧٢ : لو قال له : بِعْ كذا ، واشترط الخيارَ لي أو للمشتري ، أو لنا معا ، أو اشتر كذا ، واشترِط الخيارَ كذلك ، لم يملك البيع المنجّز.

ولو أمره بالبيع وأطلق ، لم يكن للوكيل شرط الخيار للمشتري.

وكذا لو وكّله بالشراء ، لم يكن له شرط الخيار للبائع.

والأقرب : أنّهما يملكان شرطَ الخيار لأنفسهما ولموكّليهما.

وللشافعيّة وجهان ، أحدهما : المنع ؛ لأنّ إطلاق العقد يقتضي عقداً بلا شرط(٢) .

والوجه : ما تقدّم ؛ لأنّه زاده خيراً.

مسألة ٧٧٣ : التوكيل في شراء العين أو بيعها لا يقتضي الإذن في شراء بعضها ولا بيعه ؛ للتضرّر بالتبعيض.

ولو فرض فيه غبطة - كما لو أمره بشراء عبدٍ بألف فاشترى نصفه بأربعمائة ثمّ نصفه الآخَر كذلك - كان فضوليّاً إن سمّاه في العقد أو نواه ، وإلّا وقع عنه.

ولا ينقلب الملك إلى الوكيل بعد انصراف العقد الأوّل عنه.

وفيه وجهٌ ضعيف للشافعيّة(٣) .

ولو قال له : اشتره بهذا الثوب ، فاشتراه بنصفه ، صحّ ؛ لأنّه إذا رضي بزوال كلّ الثوب في مقابلته ، فهو بزوال بعضه أشدّ رضاً.

ولو قال : بِعْ هؤلاء العبيد ، أو : اشتر لي خمسة أعْبُدٍ ، ووصَفَهم له ،

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ٢٠١ ، البيان ٦ : ٣٧١.

(٢) حلية العلماء ٥ : ١٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٦ - ٢٥٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٠.

١٦٧

فله الجمع والتفريق ؛ لعدم التضرّر.

ولو قال : اشترهم صفقةً واحدة ، لم يفرّق ، فإن فرَّق لم يصحّ للموكّل عند الشافعيّة(١) .

وعندنا يكون فضوليّاً.

ولو اشترى خمسةً من مالكَيْن - [ لأحدهما ](٢) ثلاثة ، و [ للآخَر ](٣) اثنان - دفعةً واحدة ، وصحّحنا مثل هذا العقد ، ففي وقوع شرائهم عن الموكّل للشافعيّة وجهان :

أحدهما - وبه قال ابن سريج - : إنّه يقع ؛ حَمْلاً لكلامه على الأمر [ بتملّكهم ](٤) دفعةً واحدة.

وأظهرهما : المنع ؛ لأنّه إذا تعدّد البائع لم تكن الصفقة واحدةً(٥) .

والمعتمد عندنا : الأوّل ؛ لصدق الوحدة باعتبارٍ.

ولو قال : بِعْ هؤلاء الأعْبُد الثلاثة بألفٍ ، لم يبِعْ واحداً منهم بدون الألف ؛ لجواز أن لا يشترى الباقيان بالباقي من الألف.

ولو باعه بألفٍ ، صحّ.

وهل له بيع الآخَرَيْن؟ للشافعيّة وجهان ، أصحّهما : نعم(٦) ، وبه نقول ؛ عملاً بالإذن السابق.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦١.

(٢ و ٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « أحدهما الآخرَ ». والصحيح ما أثبتناه.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « بتمليكم ». والمثبت هو الصحيح.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦١.

(٦) بحر المذهب ٨ : ١٨٥ ، البيان ٦ : ٣٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦١.

١٦٨

ولو قال : بِعْ من عبيدي مَنْ شئت ، أبقى بعضَهم ولو واحداً.

وكذا لو قال : ما شئت ، فكذلك.

مسألة ٧٧٤ : إذا وكّله في البيع نسيئةً ، فباع كذلك ، لم يملك التقاضي ، ولم يلزمه أيضاً لو طلبه المالك منه بعد حلول الأجل ، ولكن عليه بيان المعامل حتى لا يكون مضيّعاً لحقّه.

وكذا لو قال : ادفع هذا الثوب إلى صانعٍ ، فقال : دفعتُه ، طالَبه المالك ببيانه ، وكان عليه البيان ، فإن امتنع كان متعدّياً.

فلو تلف في يد الصانع(١) ثمّ بيّنه ، كان عليه الضمان عند بعض الشافعيّة(٢) .

وعندي فيه نظر.

وقال أكثر الشافعيّة : لا يلزمه البيان(٣) .

وليس بشي‌ءٍ.

ولو قال لغيره : بِعْ عبدك من فلان بألفٍ أدفعُه إليك ، فباعه منه ، فالأقوى : إنّ البائع يستحقّ الألف على الآمر دون المشتري ، فإذا غرم الآمر رجع على المشتري مع الإذن ومطلقاً على إشكالٍ.

ولو قال : اشتر عبدَ فلانٍ لي بثوبك هذا أو بدراهمك ، ففَعَل ، فالأقرب : البطلان ؛ إذ لا يملك الإنسان شيئاً والثمن على غيره.

وقالت الشافعيّة : يحصل الملك للآمر ، ويرجع المأمور عليه بالقيمة أو المثل(٤) .

____________________

(١) كذا قوله : « ادفع هذا الثوب إلى صانعٍ في يد الصانع » في جميع النسخ الخطّيّة والحجريّة. وفي « العزيز شرح الوجيز » و« روضة الطالبين » : « ادفع هذا الذهب إلى صائغٍ في يد الصائغ ».

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦١.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٢.

١٦٩

وفيه لهم وجهٌ آخَر : أنّه إذا لم يَجْر شرط الرجوع ، لا يرجع. وإذا(١) قبض وكيل المشتري المبيع وغرم الثمن من ماله ، لم يكن له حبس المبيع ليغرم الموكّل له(٢) .

وفيه وجه للشافعيّة : إنّ له الحبسَ - وبه قال أبو حنيفة - بناءً على أنّ الملك يحصل للوكيل ثمّ ينتقل إلى الموكّل(٣) .

مسألة ٧٧٥ : لو وكّله في استيفاء دَيْنه من زيدٍ ، فجاء إلى زيد للمطالبة ، فقال زيد للوكيل : خُذْ هذه الدراهم واقض بها دَيْن فلانٍ ، يعني موكّله ، فأخذها ، صار وكيلَ زيدٍ في قضاء دَيْنه ، حتى يجوز لزيدٍ استردادها ما دامت في يد الوكيل(٤) ، ولو تلفت عنده ، بقي الدَّيْن بحاله.

ولو قال : خُذْها عن الدَّيْن الذي تطالبني به لفلان ، فأخذ ، كان قابضاً للموكّل ، وبرئت ذمّة زيدٍ ، وليس له الاسترداد.

ولو قال : خُذْها قضاءً عن دَيْن فلان ، احتُمل الوجهان معاً.

فلو تنازع الموكّل وزيدٌ ، فالقول قول زيدٍ مع يمينه.

مسألة ٧٧٦ : لو دفع إليه شيئاً وقال : تصدّق به على الفقراء ، فتصدّق ونوى نفسَه ، لغت نيّته ، وكانت الصدقة للآمر.

وعندي فيه نظر.

ولو وكّل عبداً ليشتري له نفسَه أو مالاً آخَر من سيّده ، جاز عندنا - وهو أظهر وجهي الشافعيّة(٥) - كما يجوز توكيله في الشراء من غير سيّده.

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « فإذا ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٣.

(٤) في الطبعة الحجريّة : « يده » بدل « يد الوكيل ».

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٩ ، حلية العلماء ٥ : ١٢٩ ، البيان ٦ : ٣٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٣ ، المغني ٥ : ٢٤٠.

١٧٠

والثاني : لا يجوز ؛ لأنّ يدَه يدُ السيّد ، فأشبه ما لو وكّل إنساناً ليشتري له من نفسه(١) .

وهو ممنوع.

فعلى ما اخترناه يجب أن يصرّح بذكر الموكّل ، فيقول : اشتريت نفسي منك لموكّلي فلان.

ولو لم يضف بل قال : اشتريت نفسي منك ونوى الإضافة إلى الموكّل ، صحّ ، ووقع للموكّل.

وقال بعض الشافعيّة : إذا لم يضف ، لم يقع له ؛ لأنّ قوله : « اشتريت نفسي » صريح في اقتضاء العتق ، فلا يندفع بمجرّد النيّة(٢) .

وهو ممنوع.

ولو قال العبد لرجلٍ : اشتر لي نفسي من سيّدي ، ففَعَل ، جاز ، وبه قال بعض الشافعيّة(٣) .

وهل يشترط التصريح بالإضافة إلى العبد؟ الأقرب : العدم ، بل تكفي النيّة.

وقال بعض الشافعيّة : يشترط التصريح بالإضافة إلى العبد ، فلو أطلق وقع الشراء للوكيل ؛ إذ البائع قد لا يرضى بعقدٍ يتضمّن الإعتاق قبل توفية الثمن(٤) .

والرضا بالمشتري غير شرط في البيع.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٩ ، حلية العلماء ٥ : ١٢٩ ، البيان ٦ : ٣٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٣ ، المغني ٥ : ٢٤٠.

(٢ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٣.

١٧١

مسألة ٧٧٧ : لو قال لغيره : أسلم لي في كذا وأدِّ رأسَ المال من مالك ثمّ ارجع علَيَّ ، جاز ، كما إذا قال : اشتر هذه السلعة بيني وبينك وأدِّ الثمن عنّي - وبه قال ابن سريج من الشافعيّة(١) - ويكون رأس المال قرضاً على الآمر.

وقال بعض الشافعيّة : لا يصحّ ؛ لأنّ الإقراض لا يتمّ إلّا بالإقباض ، ولم يوجد من المستقرض قبضٌ(٢) .

فإذا أبرأ وكيل الـمُسْلِم الـمُسْلَم إليه ، لم يلزم إبراؤه الموكّل.

لكن ، الـمُسْلَم إليه لو قال : لا أعرفك وكيلاً ، وإنّما التزمت لك شيئاً فأبرأتني عنه ، نفذ في الظاهر ، وتعطّل بفعله حقّ المسلم.

وفي وجوب الضمان عليه قولا الغرم بالحيلولة للشافعيّة.

والأظهر عندهم : وجوبه ، لكن لا يغرم مثلَ الـمُسْلَم فيه ولا قيمته لئلّا يكون اعتياضاً عن الـمُسْلَم [ فيه ] وإنّما يغرم له رأس المال(٣) .

قال الجويني : وهو حسن(٤) .

وقال بعضهم : إنّه يغرم للموكّل مِثْلَ الـمُسْلَم [ فيه ](٥) .

ولو قال : اشتر لي طعاماً بكذا ، قال الشافعي : يُحمل على الحنطة ؛ اعتباراً بعُرْفهم(٦) .

والوجه عندي : اعتبار العرف عند كلّ قومٍ.

وعلى قول الشافعي لو كان بطبرستان ، لم يجز التوكيل ؛ لأنّه لا عُرْف فيه لهذا اللفظ عندهم ، فيكون [ التوكيل ](٧) في مجهولٍ(٨) .

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٣.

(٣ - ٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٤.

(٧) ما بين المعقوفين أضفناه من « العزيز شرح الوجيز ».

(٨) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٤.

١٧٢

ولو وكّله في شراء ما ينطلق عليه الاسم بالاشتراك ، وجب التعيين في الوكالة ، وإلّا بطلت.

ويجي‌ء على قول مَنْ يحمل المشترك على كلا المعنيين الجواز ، وحمله على المعنيين معاً.

ولو قال له : وكّلتُك في إبراء غرمائي ، لم يملك إبراء نفسه.

فإن كان قد قال : فإن شئت تبرئ نفسك فافعل ، جاز.

وللشافعي خلافٌ تقدّم(١) في أنّه هل يجوز توكيل المديون بإبراء نفسه؟

ولو قال : فرِّق ثلثي على الفقراء ، وإن شئت أن تضعه في نفسك فافعل ، جاز.

وعند الشافعي يبنى على الخلاف فيما إذا أذن للوكيل في البيع من نفسه(٢) .

ولو قال له : اشتر لي بدَيْني عليك طعاماً ، صحّ ، خلافاً لبعض العامّة(٣) .

ولو قال : استسلف لي ألفاً من مالك في كُرّ طعامٍ ، لم يصحّ ؛ لأنّه لا يجوز أن يشتري الإنسان بماله ما يملكه غيره.

وإن قال : اشتر لي في ذمّتك ، أو قال : اسلف ألفاً في كُرّ طعامٍ واقبض الثمن عنّي من مالك أو من الدَّيْن الذي عليك ، صحّ ؛ لأنّه إذا اشترى في الذمّة ، حصل الشراء للموكّل ، والثمن عليه ، فإذا قضاه من الدَّيْن‌

____________________

(١) في ص ٥٩ ، المسألة ٦٨٥.

(٢) بحر المذهب ٨ : ١٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٤.

(٣) المغني ٥ : ٢٥١ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥٩.

١٧٣

الذي عليه فقد دفع ا لدَّيْن من ماله بأمر صاحب الدَّيْن بدفعه إليه. وإن قضاه من ماله غير الدَّيْن الذي عليه صار قرضاً عليه.

* * *

١٧٤

١٧٥

الفصل الرابع : في التنازع

وفيه مباحث :

الأوّل : في النزاع في أصل الوكالة وصفتها.

مسألة ٧٧٨ : إذا اختلفا في أصل الوكالة ، فادّعى الوكيل أنّه وكّله في كذا ، وأنكر الموكّل ، فإن كان هناك بيّنة ، حُكم بها ، وإلّا فالقول قول الموكّل - لأنّه المنكر - مع يمينه ؛ لأصالة عدم التوكيل ، ولم يثبت أنّه أمينه ليقبل قوله عليه.

ولو اتّفقا على أصل العقد واختلفا في بعض الكيفيّات أو المقادير - كما إذا قال : وكّلتني ببيع كلّه ، أو ببيعه نسيئةً ، أو بشرائه بعشرين ، وقال الموكّل : بل ببيع بعضه ، أو ببيعه نقداً ، أو بشرائه بعشرة - فالقول قول الموكّل ؛ لأنّ الأصل عدم الإذن فيما يدّعيه الوكيل.

ولأنّ الإذن صادر عن الموكّل ، وهو أعرف بحال الإذن ومقاصده الصادرة عنه.

ولأنّه لـمّا كان القولُ قولَه في أصل العقد وجب أن يكون في الصفة كذلك ، كما لو اختلف الزوجان في عدد الطلاق ، كان القولُ قولَ الزوج فيه ؛ لأنّهما لو اختلفا في أصله ، كان القولُ فيه قولَه.

والأصل في ذلك كلّه أنّ الوكيل يدّعي خلاف الأصل ، فيكون القولُ قولَ الموكّل مع اليمين ، وعلى مَنْ يدّعي خلافَه البيّنةُ.

وفرقٌ بين هذا وبين ما إذا اختلف الخيّاط ومالك الثوب ، فقال‌

١٧٦

الخيّاط : أمرتني بقطع الثوب قباءً ، فقطعتُه كذلك كما أمرتَني ، وقال المالك : بل أمرتُك أن تقطعه قميصاً ، كان القولُ قولَ الخيّاط ، مع أنّهما لو اختلفا في أصل الإذن ، كان القولُ قولَ المالك : بأنّ المالك هناك يريد إلزام الخيّاط الأرشَ ، والأصل عدمه ، وهاهنا الموكّل لا يلزم الوكيل غرامة ، وإن لزمه الثمن فإنّما لزمه بحكم إطلاق البيع.

مسألة ٧٧٩ : لو وكلّه في شراء جاريةٍ ، فاشتراها الوكيل بعشرين ، وزعم الوكيل أنّ الموكّل أذن له فيه ، وقال الموكّل : ما أذنتُ إلّا في الشراء بعشرة ، فالقول قول الموكّل ؛ لما تقدّم.

فإذا حلف فإن كان الشراء بعين مال الموكّل فإن ذكر في العقد أنّ المال لفلان أو أنّ الشراء له ، كان باطلاً ؛ لأنّ المال في يده لم يتعلّق به حقّ الغير قبل الشراء فيُقبل إقراره فيه ، وحينئذٍ يكون العقد واقعاً بمال الغير ، وقد ثبت بيمين صاحب المال أنّه لم يأذن في الشراء الذي باشره الوكيل ، فيلغو العقد.

وإن لم يذكره في العقد ، وقال بعد الشراء : إنّني اشتريت له ، فإن صدّقه البائع فالعقد باطل أيضاً ، وإذا بطل الشراء فالجارية باقية على ملك البائع ، وعليه ردّ ما أخذ.

وإن كذّبه البائع وقال : إنّما اشتريتَ لنفسك والمال لك ، ولا بيّنة ، حلف على نفي العلم بالوكالة ، وحُكم بصحّة الشراء للوكيل في الظاهر ، وسلّم الثمن المعيّن إلى البائع ، وغرم الوكيل مثلَه للموكّل.

وإن كان الشراء في الذمّة ، فإن نوى الموكِّلَ ولم يسمّه ، كانت الجارية للوكيل ، والشراء له ظاهراً ؛ لأنّ المتصرّف لغيره في الذمّة يلزمه التصرّف إذا لم يقع لذلك الغير.

١٧٧

وإن سمّاه فإن صدّقه البائع ، بطل الشراء ؛ لاتّفاقهما على كونه للغير ؛ لأنّ البائع أوجبه للموكّل ، فإذا لم يلزمه لم يصح ، كما إذا تزوّج امرأةً لغيره بغير إذنه ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : إنّه يلزمه ، كما لو أطلق ، بخلاف النكاح ؛ لأنّ ذكر الزوج شرط فيه ، بخلاف البيع ، وثبوت كونه بغير إذنه بيمينه(١) .

وإن كذّبه البائع وقال : أنت مبطل في تسميته فيلزم الشراء الوكيل ، ويكون كما لو اقتصر على النيّة ، أو يبطل الشراء من أصله؟ للشافعيّة وجهان. والأظهر عندهم : صحّته ووقوعه للوكيل(٢) .

وحيث صحّحنا الشراء وجعلنا الجارية للوكيل ظاهراً وزعمه أنّها للموكّل ، فيأمره الحاكم بالرفق للمأمور ، فيقول له : إن كنتُ أمرتُك أن تشتريها بعشرين فقد بعتُكها بعشرين ، ويقول الآخَر : قبلتُ ، ليحلّ له الفرج.

والضابط : إنّ الوكيل إن كان كاذباً فيما ادّعاه ، فإنّ العين المبيعة له في الباطن والظاهر ؛ لأنّ البيع وقع له ، وإن كان صادقاً فهي له في الظاهر ، دون الباطن.

واختلف الشافعيّة في ذلك :

منهم مَنْ قال : إنّ هذا الشرط لا يكون في كلام الموكّل ، وإنّما يكون في كلام الحاكم ، وينبغي أن يقول الموكّل : بعتكها بعشرين ، ليقع البيع ، فإنّ البيع لا يقبل التعليق بالشرط ، ولهذا لو قال : إن كان قدم فلان فقد بعتك ،

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٥٤٥ و ٥٤٧ ، المغني ٥ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٥.

١٧٨

لم يصح ، كذا هنا (١) .

وقال بعضهم : يجوز أن يقول ذلك الموكّل ويصحّ ؛ لأنّه شرطٌ يقتضيه الإيجاب ، فلا يمنع صحّته ؛ لأنّه لا يصحّ الإيجاب إلّا أن يكون الوكيل صادقاً فيما قال ، وقد وقع البيع للموكّل ، كما إذا قال : « إن كان مالي الغائب سالماً فهذه زكاته ، وإن لم يكن سالماً فهي نافلة » يصحّ ؛ لأنّ ذلك مقتضى الإطلاق وإن كانت الزكاة لا تتعلّق بشرطٍ(٢) .

قال بعض الشافعيّة : القول الأوّل خطأ ؛ لأنّ هذا الموكّل إذا أطلق قوله : « بعتك » يكون ذلك إقراراً منه بالملك وتكذيباً لنفسه فيما ادّعاه فلا يؤمر به ، وأمّا الشرط المذكور فلا يضرّ ؛ لأنّه أمر واقع يعلمان وقوعه ، مثل أن يتّفقا على أنّ هذا الشي‌ء ملك أحدهما ، فيقول : إن كان ملكي فقد بعتك ، فيصحّ. وكذا كلّ شرطٍ علما وجوده لا يؤدّي إلى وقوف البيع ، بخلاف ما ذكره(٣) .

إذا ثبت هذا ، فإن أوجب الموكّل البيع للوكيل إمّا مطلقاً أو مشروطاً ، فقد مَلَك الوكيل المبيعَ ظاهراً وباطناً ، وإن امتنع لم نجبره على ذلك ؛ لأنّه قد ثبت بيمينه براءته منه ، ولأنّ البيع لا يُجبر عليه ، إلّا أنّ هذا المبيع في يد هذا الوكيل فما يصنع به؟ الأقوى عندي : إنّه يكون في يده للموكّل ، وله عليه ما لزمه من الثمن ، فيكون له بيعه واستيفاء ذلك منه ؛ لتعذّر وصول حقّه إليه إلّا بذلك ، وهو أحد وجوه الشافعيّة.

والثاني : إنّه يكون للوكيل ظاهراً وباطناً ؛ لأنّا إذا فسخنا العقد في حقّ‌

____________________

(١ و ٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٥ ، حلية العلماء ٥ : ١٥٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٦.

(٣) راجع : العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٢ ، وروضة الطالبين ٣ : ٥٦٦.

١٧٩

الموكّل عاد إلى الو كيل ، كالمتبايعين إذا تحالفا فسخنا العقد بينهما ، وعاد الملك إلى البائع.

والثالث : إنّه لا يبيعه الوكيل بنفسه ، ولكن يواطئ رجلاً يدّعيه رهناً عليه فيقرّ به فيبيعه الحاكم عليه(١) .

والثاني ليس بشي‌ء ؛ لأنّه بفسخ البيع عن الموكّل لا يرجع إلى الوكيل ، وإنّما يرجع إلى البائع ، بخلاف ما ذكره من المتبايعين ؛ لأنّه هناك يرجع إلى البائع بملكه السابق.

وأمّا الثالث فيشتمل على المشقّة المنفيّة بالأصل ، وعلى الأمر بالكذب ، فلهذا جوّزنا له بيعه بنفسه ، كالمديون المماطل مع قدرته إذا ظفر صاحب الدَّيْن له بشي‌ء يخالف جنس دَيْنه.

إذا عرفت هذا ، فسواء أطلق البيع أو علّق لا يجعل ذلك إقراراً بما قاله الوكيل وتكذيباً لنفسه.

إذا عرفت هذا ، فإذا امتنع الموكّل من البيع مطلقاً ومشروطاً فإن كان الوكيل كاذباً ، لم يحلّ له وطؤها ولا التصرّف فيها بالبيع وغيره إن كان الشراء بعين مال الموكّل ؛ لأنّ الجارية حينئذٍ تكون للبائع. وإن كان الشراء في الذمّة ، ثبت الحلّ ؛ لوقوع الشراء للوكيل ؛ ضرورة كونه مخالفاً للموكّل.

وعندي أنّه لا يبطل إن سمّاه أو نواه.

وقال بعض الشافعيّة : إذا كان كاذباً والشراء بعين مال الموكّل ، فللوكيل بيعها إمّا بنفسه أو بالحاكم ؛ لأنّ البائع حينئذٍ يكون آخذاً لمال الموكّل بغير استحقاقٍ ، وقد غرم الوكيل للموكّل ، فله أن يقول للبائع : ردّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٦.

١٨٠