التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف0%

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 368

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
الناشر: دار القرآن الكريم
تصنيف:

الصفحات: 368
المشاهدات: 170935
تحميل: 5435

توضيحات:

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 368 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 170935 / تحميل: 5435
الحجم الحجم الحجم
التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف

مؤلف:
الناشر: دار القرآن الكريم
العربية

الكريم على حقيقة التنزيل.

وقد رأينا - فيما تقدّم - إصرار عمر بن الخطّاب على أنّها من القرآن، وحمله الصحابة بالأساليب المختلفة على كتابتها وإثباتها في المصحف كما انزلت: وقوله: «والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله لكتبتها ...» وكل ذلك صريح في أنّها كانت من القرآن وممّا لم ينسخ، وإلاّ لما أصرّ عمر على ذلك، ولما جاز له كتابتها في المصحف الشريف.

ومن هنا قال الزركشي: «إنّ ظاهر قوله: لولا أن يقول الناس أنّ كتابتها جائزة وإنّما منعه قول الناس، والجائز في نفسه قد يقوم من خارج ما يمنعه، وإذا كانت جائزة لزم أن تكون ثابتة، لأنّ هذا شأن المكتوب.

وقد يقال: لو كانت التلاوة باقية لبادر عمر - رضي الله عنه - ولم يعرّج على مقال الناس، لأنّ مقال الناس لا يصلح مانعاً.

وبالجملة، فهذه الملازمة مشكلة، ولعلّه كان يعتقد أنّه خبر واحد والقرآن لا يثبت به وإن ثبت الحكم ...»(1) .

ومن هنا أيضاً: أنكر ابن ظفر(2) في كتابه (الينبوع) عدّ آية الرجم ممّا زعم أنّه منسوخ التلاوة وقال: «لأنّ خبر الواحد لا يثبت القرآن»(3) .

__________________

(1) البرهان 2: 39 - 40، الإتقان 2: 62.

(2) وهو: محمد بن عبدالله بن ظفر المكي، له: ينبوع الحياة في تفسير القرآن، توفي سنة 565. وفيات الأعيان 1: 522، الوافي بالوفيات 1: 141 وغيرهما.

(3) البرهان 2: 39 - 40، الإتقان 2: 26.

٢٨١

ومثله أبو جعفر النحّاس(1) حيث قال: «وإسناد الحديث صحيح، إلاّ أنّه ليس حكمه حكم القرآن الذي نقله الجماعة عن الجماعة، ولكنّه سنّة ثابتة ...»(2) .

ورأينا أنّ اُبَيّا وابن مسعود قد أثبتا في مصحفهما آية «لو كان لابن آدم واديان ..» وأضاف أبو موسى الأشعري: إنّه كان يحفظ سورة من القرآن فنسيها إلاّ هذه الآية.

ولو لم تكن الآية من القرآن حقيقة - بحسب تلك الأحاديث - لما أثبتاها، ولما قال أبو موسى ذلك.

وقد جعل الشوكاني هذه الآية مثالاً للقسم الخامس من الأقسام الستّة حسب تقسيمه للنسخ، وهو: «ما نسخ رسمه لا كلمة ولا يعلم الناسخ له».

و «السادس: ناسخ صار منسوخاً وليس بينهما لفظ متلوّ».

ثم قال: «قال ابن السمعاني: وعندي أنّ القسمين الأخبرين - أي الخامس والسادس - تكلّف، وليس يتحقّق فيهما النسخ»(3) .

ورأينا قول ابيّ بن كعب لزرّ بن حبيش في سورة الأحزاب: «قد رأيتها، وإنها لتعادل سورة البقرة، ولقد قرأنا فيها: الشيخ والشيخة فرفع ما رفع».

فهل كان ابيّ بقصد من قوله: «فرفع ما رفع» ما نسخت

__________________

(1) وهو: أبو جعفر أحمد بن محمد النحّاس، المتوفي سنة 338، وفيات الأعيان 1: 29، النجوم الزاهرة 3: 300.

(2) الناسخ والمنسوخ: 8.

(3) إرشاد الفحول: 189 - 190.

٢٨٢

تلاوته؟!

ورأينا قول عبد الرحمن بن عوف لعمر بن الخطّاب حين سألة عن آية الجهاد: «اسقطت فيما اسقط من القرآن» فسكت عمر، الأمر الذي يدلّ على قبوله ذلك.

فهل يعبّر عمذا نسخت تلاوته بـ «اسقطت فيما اسقط من القرآن»؟!

ورأينا قول عائشة بأنّ آية الرضاع كانت ممّا يقرأ من القرآن بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنّها كانت في رقعة تحت سريرها - فهل كانت تعني ما نسخت تلاوته؟ ومتى كان النسخ؟

وهنا قال أبو جعفر النحّاس: «فتنازع العلماء هذا الحديث لما فيه من الإشكال، فمنهم من تركه وهو مالك بن أنس - وهو راوي الحديث - ولم يروه عن عبدالله سواه، وقال: رضعة واحدة تحرّم، وأخذ بظاهر القرآن، قال الله تعالى:( وأخوانكم من الرضاعة ) ، وممّن تركه: أحمد بن حنبل وأبو ثور، قالا: يحرم ثلاث رضعات لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا تحرّم المصّة ولا المصّتان».

قال أبو جعفر: وفي هذا الحديث لفظة شديدة الإشكال وهو قولها: «فتوفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهنّ ممّا نقرأ في القرآن» فقال بعض أجلّة أصحاب الحديث: قد روى هذا الحديث رجلان جليلان أثبت من عبدالله بن أبي بكر فلم يذكرا هذا فيها، وهما: القاسم ابن محمد بن أبي بكر الصدّيق - رضي الله عنه - ويحيى بن سعيد الأنصاري.

وممّن قال بهذا الحديث وأنّه لا يحرم إلاّ بخمس رضعات: الشافعي.

٢٨٣

وأمّا القول في تأويل: «وهنّ ممّا نقرأ في القرآن فقد ذكرنا ردّ من ردّه، ومن صحّحه قال: الذي نقرأ من القرآن:( وأخوانكم من الرضاعة ) وأمّا قول من قال: إنّ هذا كان يقرأ بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعظيم، لأنّه لو كان ممّا يقرأ لكانت عائشة - رضي الله عنها - قد نبّهت عليه، ولكان قد نقل إلينا في المصاحف التي نقلها الجماعة الّذين لا يجوز عليهم الغلط، وقد قال الله تعالى:( إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون ) وقال:( إنّ علينا جمعه وقرآنه ) ، ولو كان بقي منه شيء لم ينقل إلينا لجاز أن يكون ممّا لم ينقل ناسخاً لما نقل، فيبطل العمل بما نقل ونعوذ بالله من هذا فإنّه كفر»(1) .

القول بنسخ التلاوة هو القول بالتحريف

الرابع: أن القول بنسخ التلاوة هو بعينه القول بالتحريف ونقصان القرآن:

«وبيان ذلك: أنّ نسخ التلاوة هذا إمّا أن يكون قد وقع من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإمّا أن يكون ممّن تصدّى للزعامة من بعده.

فإن أراد القائلون بالنسخ وقوعه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهو أمر يحتاج إلى الإثبات، وقد اتّفق العلماء أجمع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد، وقد صرّح بذلك جماعة في كتب الاصول وغيرها، بل قطع الشافعي وأكثر أصحابه وأكثر أهل الظاهر بامتناع نسخ الكتاب بالسنّة المتواترة، وإليه ذهب أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين

__________________

(1) الناسخ والمنسوخ: 10 - 11.

٢٨٤

عنه، بل إنّ جماعة ممّن قال بإمكان نسخ الكتاب بالسنّة المتواترة منع وقوعه، وعلى ذلك فكيف تصحّ نسبة النسخ إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأخبار هؤلاء الرواية؟!

مع أنّ نسبة النسخ إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تنافي جملة من الروايات التي تصمّنت أنّ الإسقاط قد وقع بعده.

وإن أرادوا أنّ النسخ قد وقع من الّذين تصدّوا للزعامة بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فهو عين القول بالتحريف.

وعلى ذلك، فيمكن أن يدّعى أن القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنّة، لأنّهم يقولون بجواز نسخ التلاوة، سواء نسخ الحكم أو لم ينسخ، بل تردّج الاصوليّون منهم في جواز تلاوة الجنب ما نسخت تلاوته، وفي جواز أن يمسّه المحدث، واختار بعضهم عدم الجواز.

نعم ذهبت طائفة من المعتزلة إلى عدم جواز نسخ التلاوة»(1) .

بل قال السيد الطباطبائيقدس‌سره : «إنّ القول بذلك أقبح وأشنع من القول بالتحريف»(2) .

وقال المحقّق الاُوردباديقدس‌سره : «وقد تطرّف بعض المفسّرين، فذكروا في باب النسخ أشياء غير معقولة ...

ومنها: ما ذكره بعضهم من باب نسخ التلاوة: آية الرجم

وهذا أيضاً من الأفائك الملصقة بقداسة القرآن الكريم من تلفيقات المتوسّعين

وهناك جمل تضمّنتها بطون غير واحد من الكتب التي لا تخلو

__________________

(1) البيان في تفسير القرآن: 224.

(2) الميزان في تفسير القرآن 12: 120.

٢٨٥

عن مساهلة في النقل فزعم الزاعمون أنّها أيات منسوخة التلاوة أو هي والحكم، نجلّ بلاغة القرآن عمّا يماثلها، وهي تدودها عن ساحة البراعة، لعدم حصولها على مكانة القرآن من الحصافة والرصافة، فمن ذلك ما روي عن أبي موسى ومنها: ما روي عن أبيّ: قال: كنّا نقرأ: لا ترغبوا

وإنّ الحقيقة لتربأ بروعة الكتاب الكريم عن أمثال هذه السفاسف القصيّة عن عظمته، أنا لا أدري كيف استساغوا أن يعدّوها من آي القرآن وبينهما بعد المشرقين، وهي لا تشبه الجمل الفصيحة من كلم العرب ومحاوراتهم فضلاً عن أساليب القرآن الذهبية؟!

نعم، هي هنات قصد مختلقوها توهين أساس الدين والنيل من قداسة القرآن المبين، ويشهد على ذلك أنّها غير منقولة عن مثل مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام الذي هو لدة القرآن وعدله.

وإنّي أحسب أن يعزب عن أي متضلّع في الفضيلة حال هذه الجمل وسقوطها حتى تصل النوبة في دفعها إلى أنّها من أخبار الآحاد التي لا تفيد علماً ولا عملاً، ولا يعمل بها في الاصول القطعيّة التي أهمّها القرآن - كما قيل ذلك - ...»(1) .

وقال الشيخ محمد رضا المظفّر بعد كلام له: «وبهذا التعبير يشمل النسخ: نسخ تلاوة القرآن الكريم على القول به، باعتبار أنّ القرآن من المجعولات الشرعية التي ينشئها الشارع بما هو شارع، وإن كان لنا كلام غير دعوى نسخ التلاوة من القرآن ليس هذا موضع تفصيله.

ولكن باختصار نقول: إنّ نسخ التلاوة في الحقيقة يرجع إلى

__________________

(1) بحوث في علوم القرآن - مخطوط -.

٢٨٦

القول بالتحريف، لعدم ثبوت نسخ التلاوة بالدليل القطعي، سواء كان نسخاً لأصل التلاوة أو نسخاً لها ولما تضمّنته من حكم معاً، وإن كان في القرآن الكريم ما يشعر بوقوع نسخ التلاوة، كقوله تعالى:( وإذا بدّلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزّل قالوا إنّما أنت مفتر ) وقوله تعالى:( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ) ولكن ليستا صريحتين بوقوع ذلك، ولا تظاهرتين، وإنّما أكثر ما تدلّ الآيتان على إمكان وقوعه»(1) .

هذا كلّه فيما يتعلّق بالآيات والسور التي زعموا سقوطها من القرآن ...

إضطرابهم فيما رووه عن ابن مسعود في المعوّذتين

وأمّا مشكلة إنكار ابن مسعود الفاتحة والمعوّذتين، فقد اضطربوا في حلّها اضطراباً شديداً كما رأيت، فأمّا دعوى أنّ ما روي عنه في هذا المعنى موضوع وأنّه افتراء عليه فغير مسموعة، لأنّ هذا الرأي عن ابن مسعود ثابت، وبه روايات صحيحة كما قال ابن حجر

وأمّا ما ذكروا في توجيهه فلا يغني، إذ أحسن ما ذكروا هو: أنّه لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن، إنّما أنكر إثباتهما في المصحف، لأنّه كانت السنّة عنده أن لا يثبت إلاّ ما أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بإثباته، ولم يبلغه أمره به، وهذا تأويل منه وليس جحداً لكونهما قرآناً(2) .

__________________

(1) اصول الفقه 2: 53.

(1) الإتقان 1: 270 - 272، شرح الشفاء - للقاري - 4: 558، نسيم الرياض 4: 558.

٢٨٧

ولو كان لمثل هذا الكلام مجال في حقّ مثل ابن مسعود لما جنح الرازي وابن حزم والنووي إلى تكذيب أصل النقل للخلاص من هذه العقدة كما عبّر الرازي

ولماذا كل هذا الإضطراب؟ ألأنّ ابن مسعود من الصحابة؟!

إنّ الجواب الصحيح أن نقول بتخطئة ابن مسعود وضلالته في هذه المسألة وإلى ذلك أشار ابن قتيبة بقوله: «لا نقول إنّه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار».

في سورتي الحفد والخلع

وأمّا قضية سورتي الحفد والخلع فنحن لم نراجع سند الرواية، فإن كان ضعيفاً فلا بحث، وإن كان معتبراً فإن تمّ التأويل الذي أوردناه عن بعضهم فهو وإلاّ فلا مناص من تكذيب أصل النقل ...

قضية ابن شنبوذ

وهنا سؤال يتعلّق بقضية ابن شنبوذ البغدادي

فهذا الرجل - وهو أبو الحسن محمد بن أحمد، المعروف بابن شنبوذ البغدادي، المتوفي سنة 328 - مقرئ مشهور، ترجم له الخطيب وقال: «روى عن خلق كثير من شيوخ الشام ومصر، وكا قد تخيّر لنفسه حروفاً من شواذّ القراءات تخالف الإجماع، يقرأ بها، فصنّف أبو بكر ابن الأنباري وغيره كتباً في الردّ عليه.

وقال إسماعيل الخطبي في كتاب التاريخ: اشتهر ببغداد أمر

٢٨٨

رجل يعرف بابن شنبوذ، يقرئ الناس ويقرأ في المحراب بحروف يخالف فيها المصحف ممّا يروي عن عبدالله بن مسعود وابيّ بن كعب وغيرهما، ممّا كان يقرأ به قبل جمع المصحف الذي جمع عثمان بن عفّان، ويتتبّع الشواذّ فيقرأ بها ويجادل، حتى عظم أمره وفحش وأنكره الناس، فوجّه السلطان فقبض عليه وأحضر القضاة والفقهاء والقرّاء وأشاروا بعقوبته ومعاملته بما يضطرّه إلى الرجوع، فأمر بتجريده وإقامته بن الهبازين وضربه بالدرّة على قفاه، فضرب نحو العشرة ضرباً شديداً، فلم يصبر واستغاث وأذعن بالرجوع والتوبة، فخلّي عنه واعيدت عليه ثيابه واستتيب، وكتب عليه كتاب بتوبته واخذ فيه خطّه بالتوبة»(1) .

نكتفي بهذا القدر من قضية هذا الرجل وما لاقاه من السطان بأمر الفقهاء، والقضاة ..!! ونتساءل: أهكذا يفعل بمن تبع الصحابة في إصرارهم على قراءتهم حسبما يروي أهل السنّة عنهم في أصحّ أسفارهم؟!

كلمة لابدّ منها:

وهنا كلمة قصيرة لابدّ منها وهي: أنّ شيئاً من هذا السفاسف التي رواها القوم عن صحابتهم - الّذين يعتقدون بهم - بأصحّ أسانيدهم، فاضطرّوا إلى حملها على النسخ، ظنّاً منهم بأنّه طريق الجمع بين صيانة القرآن عن التحريف وصيانة الصحاح ورجالها وسائر علمائهم ومحّثيهم عن رواية الأباطيل - غير منقول عن مولانا وسيّدنا الإمام أمير المؤمنين

__________________

(1) تاريخ بغداد 1: 280، وفيات الأعيان 3: 326، وقد ذكر ابن شامة القصة في المرشد الوجيز: 187 وكأنّه يستنكر ما قوبل به الرجل ..!!

٢٨٩

عليه‌السلام ولا عن أبنائه الأئمّة الأطهار، وغير وارد في شيء من كتب شيعتهم الأبرار.

خلاصة البحث:

ويتلخّص البحث في هذه الناحية في النقاط التالية:

1 - إنّ من أخبار نقصان القرآن ما لا اعتبار به سنداً فهو خارج عن البحث.

2 - إنّ الآثار الواردة في هذا الباب بسند صحيح أخبار آحاد، والخبر الواحد لا يثبت به القرآن.

3 - إنّ بعض هذه الآثار الصحيحة سنداً صالح للحمل على التفسير وبيان شأن النزول ونحو ذلك، فلا داعي لإبطاله.

4 - إنّ حمل ما لا يقبل الحمل على بعض الوجوه المذكورة على نسخ التلاوة ساقط، للوجوه الأربعة المذكورة، والتي منها: أنّ القول بنسخ التلاوة هو القول بالتحريف، بل أقبح منه.

5 - إن إنكار ابن مسعود الفاتحة والمعوّذتين خطأ وضلالة منه، وتكذيب الخبر الحاكي لذلك باطل، كما أنّ تأويل فعله ساقط.

6 - إنّ ما سمّي بـ «سورتي الحفد والخلع» ليس من القرآن قطعاً وإن رواه القوم عن جمع من الصحابة من غير أهل البيتعليهم‌السلام ، قال العلاّمة الحلّي: «روى غير واحد من الصحابة سورتين فقال عثمان: إجعلوهما في القنوت ولم يثبتهما في المصحف، وكان عمر يقنت بذلك، ولم ينقل ذلك من طريق أهل البيت، فلو قنت بذلك جاز لاشتمالهما على الدعاء»(1) .

__________________

(1) تذكرة الفقهاء 1: 128.

٢٩٠

7 - إنّ ضرب ابن شنبوذ وقع في غير محلّه - كمصادرة كتاب «الفرقان» - من حيث أنّ الذنب للصحابة ورواة الآثار الواردة عنهم أو الموضوعة عليهم حول الآيات.

ثم رأينا الحافظ ابن الجزري يلمّح إلى ما استنتجناه، حيث ترجم لابن شنبوذ وشرح محنته وذكر أنّها كانت كيداً من معاصره ابن مجاهد الذي كان يحسده وينافسه، وإلاّ فإنّ الإقراء بما خالف الرسم ليس ممّا يستوجب ذلك، بل نقل عن الحافظ الذهبي ذهاب بعض العلماء قديماً وحديثاً إلى جوازه قال ابن الجزري:

«وكان قد وقع بينه وبين أبي بكر ابن مجاهد على عادة الأقران، حتى كان ابن شنبوذ لا يقرئ من يقرأ على ابن مجاهد وكان يقول: هذا العطشي - يعني ابن مجاهد - لم تغبّر قدماه في هذا العلم، ثم إنّه كان يرى جواز القراءة بالشاذّ وهو ما خالف رسم المصحف الإمام، قال الذهبي الحافظ: مع أنّ الخلاف في جواز ذلك معروف بين العلماء قديماً وحديثاً: قال: وما رأينا أحداً أنكر الإقراء بمثل قراءة يعقوب وأبي جعفر، وإنّما أنكر من أنكر القراءة بما ليس بين الدفّتين. والرجل كان ثقة في نفسه صالحاً ديّناً متبحّراً في هذا الشأن، لكنّه كان يحطّ على ابن مجاهد ...»(1) .

8 - إنّ ما لا يقبل الحمل على بعض الوجوه يجب ردّه ورفضه، فإن أذعن القوم بكونه مختلقاً مدسوساً في الصحاح سقطت كتبهم الصحاح عن الاعتبار، وإلاّ توجّه الردّ والتكذيب إلى الصحابي المرويّ عنه، كما هو الحال بالنسبة إلى ابن مسعود في قضية الفاتحة والمعوّذتين، وهو قول سيّدنا

__________________

(1) غاية النهاية في طبقات القرّاء 2: 52.

٢٩١

أبي عبداللهعليه‌السلام : «أخطأ ابن مسعود - أو قال: كذب ابن مسعود - وهما من القرآن ...»(1) .

وهكذا يظهر أنّ القول بعدالة الصحابة أجمعين، والقول بصحّة أحاديث الصحاح - وخاصّة الصحيحين - مشهوران لا أصل لهما. وسيأتي مزيد بيان لذلك - في الفصل الخامس والأخير - إن شاء الله تعالى.

__________________

(1) وسائل الشيعة 4: 786.

٢٩٢

الفصل الخامس

مشهوران لا أصل لهما

لقائل أن يقول: لقد أوضحت ما كان غامضاً من أمر التحريف والقائلين به ولكنّ بحثك يشتمل على التجهيل والتفسيل لبعض الصحابة، والطعن في الصحيحين، وهذا مذهب جمهور أبناء السنّة في المسألتين!!

وأقول: نعم إنّ المشهور بين أهل السنّة هو القول بصحّة أخبار كتب اشتهرت بالصحاح فقالوا بصحّة كتب: البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وابن ماجة وأبي داود وهذه هي الكتب المعروفة عندهم بالصحاح ومنهم من زاد عليها الموطّأ، أو نقص منها سنن ابن ماجة لكن لا كلام بينهم في كتابي البخاري ومسلم، بل ادّعي الإجماع على صحّة ما في هذين الكتابين وأنّهما أصحّ الكتب بعد القرآن المبين - وإن اختلفوا في ترجيح أحدهما على الآخر - بل ادّعى جماعة منهم القطع بأحاديثهما، وعلى هذا الأساس قالوا بأنّ من روى له الشيخان

٢٩٣

فقد جاز القنطرة(1) .

قال ابن حجر المكّي: «روى الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما اللذين هما أصحّ الكتب بعد القرآن بإجماع من يعتدّ به»(2) .

وقال أبو الصلاح: «أوّل من صنّف في الصحيح: البخاري أبو عبدالله محمد ابن إسماعيل، وتلاوه أبو الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري، ومسلم مع أنّه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنّه يشارك البخاري في كثير من شيوخه، وكتاباهما أصحّ الكتب بعد كتاب الله العزيز»(3) .

وقال الجلال السيوطي: «وذكر الشيخ - يعني ابن الصلاح - أنّ ما روياه أو أحدهما فهو مقطوع بصحّته، والعلم القطعي حاصل فيه. قال: خلافاً لمن نفى ذلك، محتجّا بأنّه لا يفيد إلاّ الظنّ، وإنّما تلقّته الأمّة بالقبول لأنّه يجب عليهم العمل بالظنّ والظّن قد يخطئ، قال: وكنت أميل إلى هذا وأحسبه قويّاً، ثمّ بان لي أن الذي اخترناه أوّلاً هو الصحيح، لأنّ ظنّ من هو معصوم عن الخطأ لا يخطئ، والامّة في إجماعها معصومة من الخطأ، ولهذا كان الإجماع المبني على الإجتهاد حدّة مقطوعاً بها، وقد قال إمام الحرمين: لو حلف إنسان بطلان امرأته أنّ ما في الصحيحين - ممّا حكما بصحّته - من قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألزمته الطلاق، لإجماع علماء المسلمين على صحّته.

__________________

(1) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجّاج - مقدّمة الكتاب.

(2) الصواعق المحرقة: 5.

(3) علوم الحديث لأبي الصلاح. وعنه في مقدّمة فتح الباري: 8.

٢٩٤

قال المصنّف: وخالفه المحقّقون والأكثرون فقالوا: يفيد الظنّ ما لم يتواتر. قال في شرح مسلم: لأنّ ذلك شأن الآحاد، ولا فرق في ذلك بين الشيخين وغيرهما، وتلقّي الامّة بالقبول إنّما أفاد وجوب العمل بما فيهما من غير توقّف على النظر فيه، بخلاف غيرهما فلا يعمل به حتى ينظر فيه يوجد فيه شروط الصحيح، ولا يلزم من إجماع الامّة على العمل بما فيهما إجماعهم على القطع بأنّه كلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال: وقد اشتدّ إنكار ابن برهان على من قال بما قاله الشيخ، وبالغ في تغليطه.

وكذا عاب ابن عبدالسلام على ابن الصلاح هذا القول وقال: إنّ بعض المعتزلة يرون أنّ الامّة إذا عملت بحديث اقتضى ذلك القطع بصحّته، قال: وهو مذهب رديء.

قال البلقيني: ما قاله النووي وابن عبدالسلام ومن تبعهما ممنوع، فقد نقل بعض الحفّاظ المتأخّرين مثل قول ابن الصلاح عن جماعة من الشافعية، كأبي إسحاق وأبي حامد الإسفرانيّين، والقاضي أبي الطيّب، والشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وعن السرخسي من الحنفية، والقاضي عبدالوهّاب من المالكية، وأبي يعلى وابن الزاغوني من الحنابلة، وابن فورك وأكثر أهل الكلام من الأشعرية، وأهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامّة. بل بالغ ابن طاهر المقدسي في (صفوة التصوّف) فألحق به ما كان على شرطها وإن لم يخرجاه. وقال شيخ الإسلام: ما ذكره النووي مسلّم من جهة الأكثرين، أمّا المحقّقون فلا. وقد وافق ابن اصلاح أيضاُ محقّقون وقال ابن كثير: وأنا مع ابن الصلاح فيما عوّل عليه وأرشد إليه.

٢٩٥

قلت: وهو الذي أختاره ولا اعتقد سواه»(1) .

وقال أحمد بن عبدالرحيم الدهلوي في (حجّة الله البالغة): «وأمّا الصحيحان فقد اتّفق المحدّثون على أنّ جميع ما فيهما من المتّصل المرفوع صحيح بالقطع، وأنّهما متواتران إلى مصنّفيهما وأنّ كلّ من يهوّن أمرهما فهو مبتدع متّبع غير سبيل المؤمنين».

أقول: إنّ البحث عن «الصحيح» و «الصحاح» و «الصحيحين» طويل عريض لا نتطرّق هنا إليه، عسى أن نوفّق لتأليف كتاب فيه لكنّا نقول بأنّ الحقّ مع من خالف ابن الصلاح، وأنّ ما ذكره الدهلوي مجازفة، وأنّ الإجماع على أحاديث الصحيحين(2) غير قائم نعم ذاك هو المشهور لكنّه لا أصل له وسنبّين هذا بإيجاز:

الكلام حول الصحيحين

والحقيقة أنّا لم نفهم حتى الآن السبب في تخصيص هذا الشأن بالكتابين، وذكر تلك الفضائل لهما(3) دون غيرهما من كتب

__________________

(1) تدريب الراوي - شرح تقريب النواوي 1: 131 - 134.

(2) ونخصّ الصحيحين بالبحث، لأنّه إذا سقط ما قيل في حقّهما سقط ما قيل في حق غيرهما بالأولوية، ونعبّر عنهما بالصحيحين لأنّهما موسوما بهذا الاسم.

(3) ذكروا للبخاري خاصّة ما لا يصدّق، ففي مقدّمة فتح الباري - ص 11 -: ذكر الإمام القدوة أبو محمد بن أبي جمرة في اختصاره للبخاري، قال: قال لي من لقيمته من العارفين ممّن لقي من السادة المقرّ لهم بالفضل: إنّ صحيح البخاري ما قرئ في شدّة إلاّ فرّجت، ولا ركب به في مركب فغرق؛ قال: وكان مجاب الدعوة وقد دعا لقارئه» وفيها - ص 490 -: قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي - فيما

٢٩٦

المصنّفين!!

ألم يصنّف مشايخ الرجلين وأئمّة الحديث من قبلهما في الحديث؟!

ألم يكن في المتأخّرين عنهما من هو أعرف بالحديث الصحيح منهما؟!

ألم يكن في المتأخرين عنهما من هو أعرف بالحديث الصحيح منهما؟!

أليس قد فضّل بعضهم كتاب أبي داود على البخاري، وقال الخطابي: «لم يصنّف في علم الحديث مثل سنن أبي داود، وهو أحسن وضعاً وأكثر فقهاً من الصحيحين»(1) ؟!

أليس قد قال ابن الأثير: «في سنن الترمذي ما ليس في غيرها من ذكر المذاهب ووجوه الإستدال وتبيين أنواع الحديث من الصحيح والحسن والغريب»؟!

أليس قد قيل في النسائي: إنّ له شرطاً في الرجال أشدّ من شرط البخاري ومسلم؟!(2) .

أليس قد وصف غير الكتابين من كتب الحديث بما يقتضي

__________________

قرأنا على فاطمة وعائشة بنتي محمد بن الهادي -: إنّ أحمد بن أبي طالب أخبرهم، عن عبدالله بن عمر بن علي، أنّ أبا الوقت أخبرهم عنه سماعاً، أخبرنا أحمد بم محمد بن إسماعيل الهروي، سمعت خالد بن عبدالله المروزي، يقول: سمعت أبا سهل محمد بن أحمد المروزي، يقول: سمعت أبا زيد المروزي، يقول: كنت نائماً بين الركن والمقام فرأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام فقال لي: يا أبا زيد، إلى متى تدرس كتاب الشافعي ولا تدرس كتابي؟! فقلت: يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وما كتابك؟! قال: جامع محمد بن إسماعيل.

(1) ذكره الأدفوي في عبارته الآتية.

(2) البداية والنهاية 11: 123، تهذيب الكمال ذ1: 172، طبقات الشافعية للسبكي 3: 16، الوافي بالوفيات 6: 417.

٢٩٧

الترجيح عليهما؟!

إنّه لم يكن للرجلين هذا الشأن في عصرهما وبين أقرانها فلماذا هذا التضخيم لهما فيما بعد؟!

لا ندري هل للسياسة دور في هذه القضية كما كان في قضية حصر المذاهب؟ أو أنّ شدّة تعصّبهما ضدّ أهل البيتعليهم‌السلام هو الباعث لترجيح أبناء السنّة كتابيهما على سائر الكتب؟!

لكنّي أرى أنّ السبب كلا الأمرين لأنّ السلطات - في الوقت الذي كانت تضيّق على أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام وتلامذتهم ورواة حديثهم وعلماء مدرستهم - كانت تدعو إلى عقائد المخالفين لهم وتروّج كتبهم وتساعد على نشرها ومن الطبيعي أن يتقدّم كلّ من كا أكثر عداوة وأشدّ تعصّباً في هذا الميدان

قال السيد شرف الدين: «.. وأنكى من هذا كلّه عدم احتجاج البخاري في صحيحه بأئمّة أهل البيت النبوي، إذ لم يرو شيئاً عن الصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والزكي والعسكري وكان معاصراً له، ولا روى عن الحسن بن الحسن، ولا عن زيد بن علي بن الحسين، ولا عن يحيى بن زيد، ولا عن النفس الزكيّة محمد بن عبدالله الكامل ابن الحسن الرضا به الحسن السبط، ولا عن أخيه إبراهيم بن عبدالله، ولا عن الحسين الفخّي ابن علي بن الحسن بن الحسن، ولا عن يحيى بن عبدالله بن الحسن، ولا عن أخيه إدريس بن عبدالله، ولا عن محمد بن جعفر الصادق، ولا عن محمد بن إبراهيم بن إسماعيل ابن إبراهيم بن الحسن بن الحسن المعروف بابن طباطبا، ولا عن أخيه القاسم الشرسي، ولا عن محمد بن زيد بن علي، ولا عن محمد بن القاسم بن علي بن عمر الأشرف بن زيد العابدين صاحب الطالقان المعاصر

٢٩٨

للبخاري، ولا عن غيرهم من أعلام العترة الطاهرة وأغصان الشجرة الزاهرة، كعبدالله بن الحسن وعلي بن جعفر العريضي وغيرهما، ولم يرو شيئاً عن حديث سبطه الأكبر وريحانته من الدنيا أبي محمد الحسن المجتبى سيّد شباب أهل الجنّة مع احتجاجه بداعية الخوارج وأشدّهم عداوة لأهل البيت عمران بن حطّان القائل في ابن ملجم وضربته لأمير المؤمنينعليه‌السلام :

يا ضربة من تقيّ ما أراد بها

إلاّ ليبلغ من ذي العرش رضوانا

إني لأذكره يوماً فأحسبه

أوفى البريّة عند الله ميزانا»(1)

نعم هكذا فعلت السلطات والعلماء والمحدّثون المتربّعون على موائدهم، والسائرون على ركابهم، الآخذون منهم مناصبهم ورواتبهم، يتسابقون في تأييد خططهم وتوجيهها، تزلّفاً إليهم وتقرّباً منهم حتى بلغ الأمر بهم إلى وضع الفضائل للكتابين ومؤلفيهما ثم دعوى الإجماع على قطعيّة أحاديثهما، وعلى تلقّي الامّة إيّاها بالقبول ثم القول بأنّ كلّ من يهوّن أمرهما فهو مبتدع متبّع غير سبيل المؤمنين.

تماماً كالذي فعلوا - بوحي من السلطات - في قضية حصر المذاهب، حيث أفتوا بحرمة الخروج عن تقليد الأربعة مستدلّين بالإجماع، فعودي من تمذهب بغيرها، وانكر عليه، ولم يولّ قاضٍ ولا قبلت شهادة أحد ما لم ملّقداً لأحد هذه المذاهب.

لقد كان التعصّب ضدّ أهل البيت الأطهارعليهم‌السلام ، خير وسيلة للتقرّب إلى أحكّام وللحصول على الجاه والمقام في بعض الأدوار فكلّما كان التعصّب أشدّ وأكثر كان صاحبه أفضل وأشهر ..

__________________

(1) الفصول المهمّة في تأليف الامّة: 168.

٢٩٩

ولذا تراهم يقدّمون كتاب البخاري - بالرغم من أنّ لكتاب مسلم مزايا لأجلها قال جماعة بأفضليّته - لأنّه لم يخرّج ما أخرجه مسلم من مناقب أهل البيت كحديث الثقلين وتراهم يقدحون في الحاكم وفي مستدركه على الصحيحين لأنّه أخرج فيه فيما ما لم يخرجاه وإن كان واجداً لكلّ ما اشترطاه.

ويشهد بذلك تضعيفهم الحديث الوارد فيهما إذا كان فيه دلالة أو تأييد لمذهب الشيعة كما طعن ابن الجوزي وابن تيميّة في حديث الثقلين وطعن الآمدي ومن تبعه في حديث: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» المخرّج في الصحيحين.

فهذا هو الأصل في كلّ ما ادّعوا في حقّ الكتابين إنّه إلاّ التعصّب وإلاّ فإنّهما يشتملان على الصحيح وغيره كسائر الكتب، وصاحباهما محدّثان كسائر الرجال فها هنا مقامات ثلاثة:

(1)

آراء العلماء في الشيخين

إمتناع أبي زرعة من الرواية ع البخاري

1 - لقد امتنع أبو زرعة عبدالله بن عبدالكريم الرازي من الرواية عن البخاري، أمّا مسلم فقد ذكر صحيحه فقال: «هؤلاء قوم أرادوا التقدّم قبل أوانه فعملوا شيئاً يتسوّقون به».

هذا رأي أبي زرعة في الرجلين، ذكر ذلك جماعة من الأعلام، قال الذهبي: «قال سعيد البرذعي: شهدت أبا زرعة ذكر صحيح مسلم فقال: هؤلاء قوم أرادوا التقدّم قبل أوانه فعملوا شيئاً يتسوّقون به، وأتاه

٣٠٠