منهاج الصالحين ـ العبادات الجزء ١

منهاج الصالحين ـ العبادات8%

منهاج الصالحين ـ العبادات مؤلف:
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 482

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 482 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 155095 / تحميل: 5970
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين ـ العبادات

منهاج الصالحين ـ العبادات الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

والأحوط في كل واحد منها أن يكون ساتراً لما تحته غير حاك عنه ، وإن كان الأقوى كفاية حصول الستر بالمجموع.

مسألة ٢٨٤ : لا يعتبر في التكفين نية القربة ، ووجوبه كوجوب التغسيل.

وقد مر الكلام فيه في المسألة ٢٦٠.

مسألة ٢٨٥ : إذا تعذرت القطعات الثلاث اقتصر على الميسور ، فإذا دار الأمر بينها يقدم الإزار ، وعند الدوران بين المئزر والقميص يقدم القميص ، وإن لم يكن إلا مقدار ما يستر العورة تعين الستر به ، وإذا دار الأمر بين ستر القبل والدبر تعين ستر القبل.

مسألة ٢٨٦ : يجب أن يكفن الميت بما يصدق عليه اسم الثوب ، وإن كان مصنوعا من وبر أو شعر مأكول اللحم ، بل ولومن جلده على الأظهر.

ولكن لا يجوز اختياراً التكفين بالحرير ، ولا بالنجس ولا بالمتنجس حتى فيما كانت نجاسته معفواً عنها في الصلاة ، بل الأحوط ـ وجوباً ـ أن لا يكون مذهبا ، ولا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه.

وأما في حال الاضطرار فيجوز بالجميع فإذا انحصر في واحد منها تعين ، وإذا تعدد ودار الأمر بين تكفينه بالمتنجس وتكفينه بالنجس قدم الأول ، وإذا دار الأمر بين النجس أوالمتنجس وبين الحرير قدم الثاني ، ولو دار الأمر بين أحد الثلاثة وبين غيرها قدم الغير ، ومع دوران الأمر بين التكفين بأجزاء ما لا يؤكل لحمه والتكفين بالمذهب فلا يبعد التخيير بينهما وإن كان الاحتياط بالجمع حسناً.

مسألة ٢٨٧ : لا يجوز التكفين بالمغصوب حتى مع الانحصار فيدفن الميت بلا تكفين.

مسألة ٢٨٨ : يجوز التكفين بالحرير غير الخالص بشرط أن يكون الخليط أزيد من الحرير.

١٠١

مسألة ٢٨٩ : إذا تنجس الكفن بنجاسة من الميت ـ أومن غيره ـ وجب إزالتها ولو بعد الوضع في القبر ، بغسل أو بقرض لا يضر بساتريته ، وإن لم يمكن ذلك وجب تبديله مع الإمكان.

مسألة ٢٩٠ : القدر الواجب من الكفن وكذا الزائد عليه من المستحبات المتعارفة يخرج من أصل التركة قبل الدين والوصية ، وكذا الحال في مؤنة تجهيزه ودفنه ، من السدر والكافور ، وماء الغسل ، وقيمة الأرض ، وما يأخذه الظالم من الدفن في الأرض المباحة ، وأجرة الحمل والحفر ، ونحوها.

مسألة ٢٩١ : كفن الزوجة على زوجها وإن كانت صغيرة أو مجنونة أو غير مدخول بها ، وكذا المطلقة الرجعية ، والناشز والمنقطعة على الأظهر ، ولا فرق في الزوج بين أحواله من الصغر والكبر والجنون والعقل ، فلو كان قاصراً اقتطعه الولي من ماله.

مسألة ٢٩٢ : يشترط في وجوب كفن الزوجة على زوجها أن لا يقترن موتها بموته ، وإن لا تكفن من مال متبرع ، أومن مال نفسها بوصيتها ، وإن لا يكون بذل الكفن على الزوج حرجيا ، فلو توقف على الاستقراض أو فك ماله من الرهن ولم يكن فيه حرج عليه تعين ذلك ، والا لم يجب.

مسألة ٢٩٣ : كما أن كفن الزوجة على زوجها ، كذلك سائر مؤن التجهيز من السدر ، والكافور وغيرهما مما عرفت على الأحوط وجوبا.

مسألة ٢٩٤ : الزائد على المقدار الواجب وما يلحقه من الكفن وسائر مؤن التجهيز لا يجوز إخراجه من الأصل ، وكذا الحال في قيمة المقدار الواجب وما يلحقه فإنه لا يجوز أن يخرج من الأصل إلا ما هوالمتعارف بحسب القيمة ، فلو كان الدفن في بعض المواضع اللائقة بحال الميت لا يحتاج إلى بذل مال وفي البعض الآخر يحتاج إليه قدم الأول ، نعم يجوز

١٠٢

إخراج الزائد على القدر المذكور من الثلث مع وصية الميت به أو وصيته بالثلث من دون تعين مصرف له كلاً أو بعضاً ، كما يجوز إخراجه من حصص كبار الورثة برضاهم دون القاصرين إلا مع إذن الولي على تقدير وجود مصلحة تسوغ له ذلك.

مسألة ٢٩٥ : كفن واجب النفقة من الأقارب في ماله لا على من تجب عليه النفقة.

مسألة ٢٩٦ : إذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن لم يدفن عارياً بل يجب على المسلمين بذل كفنه على الأحوط ويجوز احتسابه من الزكاة.

تكملة : فيما ذكروا من سنن هذا الفصل : يستحب في الكفن العمامة للرجل ويكفي فيها المسمى ، والأولى أن تدار على رأسه ويجعل طرفاها تحت حنكه على صدره ، الأيمن على الأيسر ، والأيسر على الأيمن ، والمقنعة للمرأة ويكفي فيها أيضاً المسمى ، ولفافة لثدييها يشدان بها إلى ظهرها ، وخرقة يعصب بها وسط الميت ذكراً كان أوإنثى ، وخرقة أخرى للفخذين تلف عليهما ، ولفافة فوق الإزار يلف بها تمام بدن الميت ، والأولى كونها برداً يمانيا ، وإن يجعل القطن أو نحوه عند تعذره بين رجليه ، يستر به العورتان ، ويوضع عليه شيء من الحنوط ، وإن يحشى دبره ومنخراه وقبل المرأة إذا خيف خروج شيء منها ، وإجادة الكفن ، وإن يكون من القطن ، وإن يكون أبيض ، وإن يكون من خالص المال وطهوره ، وإن يكون ثوبا قد أحرم أو صلى فيه ، وإن يلقى عليه الكافور والذريرة ، وإن يخاط بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة ، وإن يكتب على حاشية الكفن : فلان ابن فلان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وإن محمداً رسول الله ، ثم يذكر الأئمةعليهم‌السلام واحداً بعد واحد ، وإنهم أولياء الله وأوصياء رسوله ، وإن البعث والثواب والعقاب حق ، وإن يكتب على الكفن دعاء الجوشن الصغير ،

١٠٣

والكبير ، ويلزم أن يكون ذلك كله في موضوع يؤمن عليه من النجاسة والقذارة ، فيكتب في حاشية الإزار من طرف رأس الميت ، وقيل : ينبغي أن يكون ذلك في شيء يستصحب معه بالتعليق في عنقه أو الشد في يمينه ، لكنه لا يخلومن تأمل ، ويستحب في التكفين أن يجعل طرف الأيمن من اللفافة على أيسر الميت ، والأيسر على أيمنه ، وإن يكون المباشر للتكفين على طهارة من الحدث ، وإن كان هوالمغسل غسل يديه من المرفقين بل المنكبين ثلاث مرات ، ورجليه إلى الركبتين ، ويغسل كل موضع تنجس من بدنه ، وإن يجعل الميت حال التكفين مستقبل القبلة ، والأولى أن يكون كحال الصلاة عليه ، ويكره قطع الكفن بالحديد ، وعمل الأكمام والزرور له ، ولو كفن في قميصه قطع أزراره.

ويكره تبخيره وتطييبه بغير الكافور والذريرة ، وإن يكون أسود بل مطلق المصبوغ ، وإن يكون من الكتان ، وإن يكون ممزوجاً بإبريسم ، والمماكسة في شرائه ، وجعل العمامة بلا حنك ، وكونه وسخاً ، وكونه مخيطاً.

مسألة ٢٩٧ : يستحب لكل أحد أن يهييء كفنه قبل موته وإن يكرر نظره إليه.

الفصل الرابع

في التحنيط

يجب تحنيط الميت المسلم وهو : إمساس مساجده السبعة بالكافور ، ويكفي فيه وضع المسمى والأحوط ـ استحبابا ـ أن يكون بالمسح باليد بل بالراحة ، والأفضل أن يكون وزنه سبعة مثاقيل صيرفية ، ويستحب مسح مفاصله ولبته ، وصدره ، وباطن قدميه ، وظاهر كفيه.

مسألة ٢٩٨ : محل التحنيط بعد التغسيل أو التيمم ، قبل التكفين أو

١٠٤

في أثنائه.

مسألة ٢٩٩ : يشترط في الكافور أن يكون مباحاً مسحوقاً له رائحة ، كما يشترط طهارته وإن لم يوجب تنجس بدن الميت على الأحوط.

مسألة ٣٠٠ : يكره إدخال الكافور في عين الميت ، وإنفه ، وأذنه وعلى وجهه.

الفصل الخامس

في الجريدتين

يستحب أن يجعل مع الميت جريدتان رطبتان ، والأولى في كيفيته جعل إحداهما من الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة ببدنه ، والأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين القميص والإزار ، والأولى أن تكونا من النخل ، فإن لم يتيسر فمن السدر أو الرمان ، فإن لم يتيسرا فمن الخلاف ، والا فمن كل عود رطب.

مسألة ٣٠١ : إذا تركت الجريدتان لنسيان أو نحوه ، فالأولى جعلهما فوق القبر ، واحدة عند رأسه ، والأخرى عند رجليه.

مسألة ٣٠٢ : قيل أن الأولى أن يكتب عليهما ما يكتب على حواشي الكفن مما تقدم ، ويلزم حينئذ الاحتفاظ عن تلوثهما بما يوجب المهانة ولو بلفهما بما يمنعهما عن ذلك من قطن ونحوه.

١٠٥

الفصل السادس

في الصلاة على الميت

تجب الصلاة على كل ميت مسلم ، ذكراً كان أم أنثى ، مؤمناً أم مخالفاً ، عادلاً أم فاسقاً ووجوبها كوجوب التغسيل وقد تقدم ، ولا تجب الصلاة على أطفال المسلمين إلا إذا عقلوا الصلاة وامارته بلوغ ست سنين ، وفي استحبابها على من لم يعقل الصلاة إشكال ، والأحوط لزوماً الإتيان بها برجاء المطلوبية.

وكل من وجد ميتا في بلاد الإسلام فهو مسلم ظاهراً ، وكذا لقيط دار الإسلام ، بل دار الكفر إذا احتمل كونه مسلما على الأحوط لزوماً.

مسألة ٣٠٣ : يجب في صلاة الميت خمس تكبيرات والدعاء للميت عقيب إحدى التكبيرات الأربع الأول ، وأما في البقية فالظاهر أنه يتخير بينه وبين الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والشهادتين والدعاء للمؤمنين والتمجيد لله تعالى ، ولكن الأحوط أن يكبر أولاً ، ويتشهد الشهادتين ، ثم يكبر ثانيا ويصلي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم يكبر ثالثاً ويدعو للمؤمنين ، ثم يكبر رابعاً ويدعو للميت ، ثم يكبر خامساً وينصرف ، والأفضل الجمع بين الأدعية بعد كل تكبيرة ولا قراءة فيها ولا تسليم.

ويجب فيها أمور ـ وإن كان وجوب بعضها مبنياً على الاحتياط ـ :

منها : النية على نحوما تقدم في الوضوء مع تعيين الميت على نحو يرفع الإبهام.

ومنها : حضور الميت فلا يصلى على الغائب.

ومنها : استقبال المصلي القبلة حال الاختيار.

ومنها : أن يكون رأس الميت إلى جهة يمين المصلي ، ورجلاه إلى

١٠٦

جهة يساره.

ومنها : أن يكون مستلقياً على قفاه.

ومنها : وقوف المصلي خلفه محاذياً لبعضه ، إلا إذا كان مأموما وقد استطال الصف حتى خرج عن المحاذاة ، أو كان يصلي على جنائز متعددة مع جعلها صفا واحداً على النحو الثاني المذكور في المسألة (٣٠٩) الآتية.

ومنها : أن لا يكون المصلي بعيداً عنه على نحولا يصدق الوقوف عنده إلا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة ، أومع تعدد الجنائز والصلاة عليها دفعة واحدة كما سيجيء.

ومنها : أن لا يكون بينهما حائل من ستر أو جدار ، ولا يضر الستر بمثل التابوت أو ميت آخر.

ومنها : أن يكون المصلي قائما ، فلا تصح صلاة غير القائم إلا مع عدم التمكن من صلاة القائم.

ومنها : الموالاة بين التكبيرات والأدعية.

ومنها : أن تكون الصلاة قبل الدفن بعد التغسيل ، والتحنيط ، والتكفين ، في موارد وجوبها كلاً أو بعضاً.

ومنها : أن يكون الميت مستور العورة ولو بنحو الحجر ، واللبن إن تعذر الكفن.

ومنها : إباحة مكان المصلي على الأحوط الأولى.

ومنها : إذن الولي إلا مع امتناعه عن التصدي لها مباشرة وتسبيباً فيسقط اعتبار إذنه حينئذ ، وكذا يسقط اعتباره إذا كان الميت قد أوصى إلى شخص معين بأن يصلي عليه فيجوز له ذلك وإن لم يأذن الولي.

مسألة ٣٠٤ : لا يعتبر في الصلاة على الميت الطهارة من الحدث والخبث ، وإباحة اللباس ، وستر العورة. وإن كان الأحوط الأولى اعتبار جميع

١٠٧

شرائط الصلاة ، بل لا يترك الاحتياط وجوباً بترك الكلام في أثنائها والضحك والالتفات عن القبلة.

مسألة ٣٠٥ : إذا شك في أنه صلى على الجنازة أم لا ، بنى على العدم ، وإذا صلى وشك في صحة الصلاة وفسادها بنى على الصحة ، وإذا علم ببطلانها وجبت إعادتها على الوجه الصحيح ، وكذا لو أدى اجتهاده أو تقليده إلى بطلانها ، نعم إذا صلى المخالف على المخالف لم تجب إعادتها على المؤمن مطلقاً إلا إذا كان هو الولي.

مسألة ٣٠٦ : يجوز تكرار الصلاة على الميت الواحد ، لكنه مكروه على ما قيل وإن لم يثبت ، ولو كان الميت من أهل الشرف في الدين جاز بلا كراهة.

مسألة ٣٠٧ : لو دفن الميت بلا صلاة صحيحة ، لم يجز نبش قبره للصلاة عليه ، وفي مشروعية الصلاة عليه وهو في القبر إشكال ، والأحوط الإتيان بها رجاءً.

مسألة ٣٠٨ : يستحب أن يقف الإمام والمنفرد عند وسط الرجل وعند صدر المرأة.

مسألة ٣٠٩ : إذا اجتمعت جنائز متعددة جاز تشريكها بصلاة واحدة ، فتوضع الجميع أمام المصلي مع المحاذاة بينها. والأولى مع اجتماع الرجل والمرأة ، أن يجعل الرجل أقرب إلى المصلي ويجعل صدرها محاذياً لوسط الرجل. ويجوز جعل الجنائز صفاً واحداً ، فيجعل رأس كل واحد عند إلية الآخر شبه الدرج ، ويقف المصلي وسط الصف ويراعي في الدعاء بعد التكبير الرابع ، تثنية الضمير ، وجمعه.

مسألة ٣١٠ : يستحب في صلاة الميت الجماعة ، ويعتبر ـ على الأحوط ـ في الإمام أن يكون جامعاً لجميع شرائط الإمامة ، من البلوغ ،

١٠٨

والعقل ، والإيمان وطهارة المولد وغيرها حتى العدالة على الأحوط استحباباً ، وأما شرائط الجماعة فالأظهر اعتبار ما له دخل منها في تحقق الائتمام والجماعة عرفا ـ كانتفاء البعد الكثير ـ دون غيره.

مسألة ٣١١ : إذا حضر شخص في أثناء صلاة الإمام ، كبر مع الإمام ، وجعله أول صلاته وتشهد الشهادتين بعده وهكذا يكبر مع الإمام ويأتي بما هو وظيفة نفسه ، فإذا فرغ الإمام أتى ببقية التكبير بلا دعاء وإن كان الدعاء أحوط وأولى.

مسألة ٣١٢ : لو صلى الصبي على الميت ، لم تجز ـ على الأحوط ـ صلاته عن صلاة البالغين وإن كان صلاته صحيحة.

مسألة ٣١٣ : إذا كان الولي للميت امرأة ، جاز لها مباشرة الصلاة ، والإذن لغيرها ذكراً كان أم أنثى.

مسألة ٣١٤ : لا يتحمل الإمام في صلاة الميت شيئاً عن المأموم.

مسألة ٣١٥ : يجوز أن تؤم المرأة جماعة النساء إذا لم يكن أحد أولى منها ، والأحوط حينئذ أن تقوم في وسطهن ولا تتقدم عليهن.

مسألة ٣١٦ : قد ذكروا للصلاة على الميت آدابا :

منها : أن يكون المصلي على طهارة ، ويجوز التيمم مع وجدان الماء إذا خاف فوت الصلاة إن توضأ أو اغتسل.

ومنها : رفع اليدين عند التكبير.

ومنها : أن يرفع الإمام صوته بالتكبير والأدعية.

ومنها : اختيار المواضع التي يكثر فيها الاجتماع.

ومنها : أن تكون الصلاة بالجماعة.

ومنها : أن يقف المأموم خلف الإمام.

ومنها : الاجتهاد في الدعاء للميت وللمؤمنين.

١٠٩

ومنها : أن يقول قبل الصلاة : الصلاة ـ ثلاث مرات ـ.

الفصل السابع

في التشييع

يستحب إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليشيعوه ، ويستحب لهم تشييعه ، وقد ورد في فضله أخبار كثيرة ، ففي بعضها : من تبع جنازة أعطي يوم القيامة أربع شفاعات ، ولم يقل شيئا إلا وقال الملك : ولك مثل ذلك. وفي بعضها : أن أول ما يتحف به المؤمن في قبره أن يغفر لمن تبع جنازته.

وله آداب كثيرة مذكورة في الكتب المبسوطة ، مثل : أن يكون المشيع ماشيا خلف الجنازة ، خاشعا متفكراً ، حاملاً للجنازة على الكتف ، قائلاً حين الحمل : بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وال محمد ، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات.

ويكره الضحك واللعب ، واللهو والإسراع في المشي ، وإن يقول : ارفقوا به ، واستغفروا له ، والركوب والمشي قدام الجنازة ، والكلام بغير ذكر الله تعالى والدعاء والاستغفار ، ويكره وضع الرداء من غير صاحب المصيبة ، فإنه يستحب له ذلك ، وإن يمشي حافيا.

الفصل الثامن

في الدفن

يجب دفن الميت المسلم ومن بحكمه ، ووجوبه كوجوب التغسيل وقد مر ، وكيفية الدفن أن يوارى في حفيرة في الأرض ، فلا يجزي البناء عليه ولا وضعه في بناء أو تابوت مع القدرة على المواراة في الأرض ، والأحوط أن

١١٠

تكون الحفيرة بحيث يؤمن على جسده من السباع وإيذاء رائحته للناس وإن كان الأقوى كفاية مجرد المواراة في الأرض مع الأمن من الأمرين ولومن جهة عدم وجود السباع أومن تؤذيه رائحته من الناس أو البناء على قبره بعد مواراته ، ويجب وضعه على الجانب الأيمن موجهاً وجهه إلى القبلة وإذا اشتبهت القبلة ولم يمكن تأخير الدفن إلى حين حصول العلم أوما بحكمه وجب العمل بالاحتمال الأرجح بعد التحري بقدر الإمكان ، ومع تعذر تحصيله يسقط وجوب الاستقبال ، وإذا كان الميت في البحر ولم يمكن دفنه في البر ـ ولو بالتأخير ـ غسل وحنط وصلي عليه ووضع في خابية وأحكم رأسها والقي في البحر ، أو ثقل بشد حجر أو نحوه برجليه ثم يلقى في البحر ، والأحوط استحباباً اختيار الوجه الأول مع الإمكان وكذلك الحكم إذا خيف على الميت من نبش العدو قبره وتمثيله.

مسألة ٣١٧ : لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكافرين ، وكذا العكس.

مسألة ٣١٨ : إذا ماتت الحامل الكافرة ومات في بطنها حملها من مسلم ، دفنت في مقبرة المسلمين على جانبها الأيسر مستدبرة للقبلة ، وكذلك الحكم ـ على الأحوط الأولى ـ إن كان الجنين لم تلجه الروح.

مسألة ٣١٩ : لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة والبالوعة ، ولا في المكان المملوك بغير إذن المالك ، أوالموقوف لغير الدفن كالمدارس والمساجد والحسينيات المتعارفة في زماننا والخانات الموقوفة وإن أذن الولي بذلك.

مسألة ٣٢٠ : لا يجوز نبش قبر ميت لأجل دفن ميت آخر فيه قبل اندراس الميت الأول وصيرورته ترابا ، نعم إذا كان القبر منبوشاً جاز الدفن فيه ما لم يستلزم محرما كالتصرف في ملك الغير بلا مسوغ.

١١١

مسألة ٣٢١ : ذكر الفقهاء رضوان الله عليهم أنه : يستحب حفر القبر قدر قامة أو إلى الترقوة ، وإن يجعل له لحد مما يلي القبلة في الأرض الصلبة بقدر ما يمكن فيه الجلوس ، وفي الرخوة يشق وسط القبر شبه النهر ويجعل فيه الميت ويسقف عليه ثم يهال عليه التراب. وإن يغطى القبر بثوب عند إدخال المرأة. والأذكار المخصوصة المذكورة في محالها عند تناول الميت ، وعند وضعه في اللحد ، وما دام مشتغلاً بالتشريج ، والتحفي وحل الأزرار وكشف الرأس للمباشر لذلك. وإن تحل عقد الكفن بعد الوضع في القبر من طرف الرأس ، وإن يحسر عن وجهه ويجعل خده على الأرض ، ويعمل له وسادة من تراب ، وإن يوضع شيء من تربة الحسينعليه‌السلام معه. وتلقينه الشهادتين والإقرار بالأئمةعليهم‌السلام ، وإن يسد اللحد باللبن. وإن يخرج المباشر من طرف الرجلين ، وإن يهيل الحاضرون ـ غير ذي الرحم ـ التراب بظهور الأكف. وطم القبر وتربيعه لا مثلثاً ، ولا مخمساً ، ولا غير ذلك. ورش الماء عليه دوراً يستقبل القبلة ، ويبتدأ من عند الرأس فإن فضل شيء صب على وسطه. ووضع الحاضرين أيديهم عليه غمزاً بعد الرش ، ولا سيما لمن لم يحضر الصلاة عليه. وإذا كان الميت هاشميا فالأولى أن يكون الوضع على وجه يكون أثر الأصابع أزيد بأن يزيد في غمز اليد ، والترحم عليه بمثل : اللهم جاف الأرض عن جنبيه ، وصعد روحه إلى أرواح المؤمنين في عليين والحقه بالصالحين ، وإن يلقنه الولي بعد انصراف الناس رافعاً صوته. وإن يكتب اسم الميت على القبر أوعلى لوح أو حجر وينصب على القبر.

مسألة ٣٢٢ : ذكر الفقهاء رحمهم الله تعالى أنه : يكره دفن ميتين في قبر واحد. ونزول الأب في قبر ولده. وغير المحرم في قبر المرأة. وإهالة الرحم التراب. وفرش القبر بالساج من غير حاجة. وتجصيصه وتطيينه وتسنيمه. والمشي عليه والجلوس والاتكاء. وكذا البناء عليه وتجديده بعد

١١٢

اندراسه إلا قبور الأنبياء والأوصياء والعلماء والصلحاء.

مسألة ٣٢٣ : يكره نقل الميت من بلد موته إلى بلد آخر ، إلا المشاهد المشرفة ، والمواضع المحترمة فإنه يستحب ، ولا سيما الغري والحائر. وفي بعض الروايات أن من خواص الأول ، إسقاط عذاب القبر ومحاسبة منكر ونكير ، ولكن إذا استلزم النقل إليها أو إلى غيرها تأخير الدفن إلى حين فساد بدن الميت ففي جواز التأخير إشكال والأحوط تركه.

مسألة ٣٢٤ : لا فرق في جواز النقل ـ في غير الصورة المذكورة ـ بين ما قبل الدفن وما بعده إذا اتفق تحقق النبش ، وفي جواز النبش للنقل إلى المشاهد المشرفة حتى مع وصية الميت به أو إذن الولي فيه وعدم استلزامه هتك حرمته إشكال.

مسألة ٣٢٥ : يحرم نبش قبر المؤمن على نحو يظهر جسده ، إلا مع العلم باندراسه وصيرورته ترابا ، من دون فرق بين الصغير والكبير والعاقل والمجنون ، ويستثنى من ذلك موارد :

منها : ما إذا كان النبش لمصلحة الميت ، كما لو كان مدفوناً في موضع يوجب مهانة عليه كمزبلة أو بالوعة أو نحوهما ، أو في موضع يتخوف فيه على بدنه من سيل أو سبع أو عدو.

ومنها : ما لو عارضه أمر راجح أهم ، كما إذا توقف دفع مفسدة عظيمة على رؤية جسده.

ومنها : ما لو لزم من ترك نبشه ضرر مالي ، كما إذا دفن معه مال غصبه من غيره ـ من خاتم ونحوه ـ فينبش لدفع ذلك الضرر المالي ، ومثل ذلك ما إذا دفن في ملك الغير من دون إذنه أو إجازته إذا لم يلزم من نبش قبره وإخراجه محذور أشد كبقائه لا دفن أو تقطع أوصاله بالإخراج أو نحوه والا لم يجز بل جوازه فيما إذا فرض كونه موجبا لهتك حرمته ـ ولم يكن هو

١١٣

الغاصب ـ محل إشكال ، فالأحوط للغاصب في مثل ذلك إرضاء المالك بإبقائه في أرضه ولو ببذل عوض زائد إليه.

ومنها : ما إذا دفن بلا غسل أو بلا تكفين مع التمكن منهما ، أو تبين بطلان غسله ، أو بطلان تكفينه ، أو لكون دفنه على غير الوجه الشرعي ، لوضعه في القبر على غير القبلة ، أو في مكان أوصى بالدفن في غيره ، أو نحو ذلك فيجوز نبشه في هذه الموارد إذا لم يلزم هتك لحرمته ، والا ففيه إشكال.

مسألة ٣٢٦ : يشكل توديع الميت بوضعه على وجه الأرض والبناء عليه تمهيداً لنقله إلى المشاهد المشرفة مثلاً ، ومثله في الإشكال وضعه في براد أو نحوه لفترة طويلة من غير ضرورة تقتضيه.

مسألة ٣٢٧ : لا يكفي في الدفن مجرد وضع الميت في سرداب وإغلاق بابه وإن كان مستوراً فيه بتابوت أو شبهه ، نعم إذا كان بابه مبنياً باللبن أو نحوه فلا يبعد كفايته ، ولكن يشكل حينئذ فتح بابه لإنزال ميت آخر فيه سواء أ ظهر جسد الأول أم لا.

مسألة ٣٢٨ : إذا مات ولد الحامل دونها ، فإن أمكن إخراجه صحيحاً وجب والا جاز تقطيعه ، ويتحرى الأرفق فالأرفق. وإن ماتت هي دونه ، شق بطنها من الجانب الأيسر إذا كان شقها أوثق ببقاء الطفل وأرفق بحياته ، والا فيختار ما هو كذلك ، ومع التساوي ، يتخير ، ثم يخاط بطنها ، وتدفن.

مسألة ٣٢٩ : إذا كان الموجود من الميت يصدق عليه عرفاً أنه ( بدن الميت ) كما لو كان مقطوع الأطراف ـ الرأس واليدين والرجلين ـ كلا أو بعضا ، أو كان الموجود جميع عظامه مجردة عن اللحم أو معظمها بشرط أن تكون من ضمنها عظام صدره ففي مثل ذلك تجب الصلاة عليه ، وكذا ما يتقدمها من التغسيل والتحنيط ـ إن وجد بعض مساجده ـ والتكفين بالإزار والقميص بل وبالمئزر أيضاً أن وجد بعض ما يجب ستره به.

١١٤

وإذا كان الموجود من الميت لا يصدق عليه أنه بدنه بل بعض بدنه فلو كان هو القسم الفوقاني من البدن أي الصدر وما يوازيه من الظهر سواء أ كان معه غيره أم لا وجبت الصلاة عليه وكذا التغسيل والتكفين بالإزار والقميص وبالمئزر إن كان محله موجوداً ـ ولو بعضا ـ على الأحوط ، ولو كان معه بعض مساجده وجب تحنيطه على الأحوط.

ويلحق بهذا في الحكم ما إذا وجد جميع عظام هذا القسم أو معظمها على الأحوط وإذا لم يوجد القسم الفوقاني من بدن الميت كأن وجدت أطرافه كلاً أو بعضاً مجردة عن اللحم أو معه ، أو وجد بعض عظامه ولو كان فيها بعض عظام الصدر فلا تجب الصلاة عليه بل ولا تغسيله ولا تكفينه ولا تحنيطه على الأظهر.

وإن وجد منه شيء لا يشتمل على العظم ولو كان فيه القلب فالظاهر أنه لا يجب فيه أيضا شيء مما تقدم عدا الدفن والأحوط أن يكون ذلك بعد اللف بخرقة.

مسألة ٣٣٠ : السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل وحنط وكفن ولم يصل عليه ، وإذا كان لدون ذلك لف بخرقة على الأحوط وجوبا ودفن ، لكن لو كان مستوي الخلقة حينئذ فالأحوط إن لم يكن أقوى جريان حكم الأربعة أشهر عليه.

١١٥

المقصد السادس

غسل مس الميت

يجب الغسل بمس الميت الإنساني بعد برده وقبل إتمام غسله ، مسلما كان أو كافراً ، حتى السقط إذا ولجته الروح وإن ولد ميتاً ، ولو غسله الكافر لفقد المماثل أو غسل بالقراح لفقد الخليط فالأقوى عدم وجوب الغسل بمسه ، ولو يمم الميت للعجز عن تغسيله فالظاهر وجوب الغسل بمسه.

مسألة ٣٣١ : لا فرق في الماس والممسوس بين أن يكون من الظاهر والباطن ، كما لا فرق بين كون الماس والممسوس مما تحله الحياة وعدمه ، نعم لا يبعد عدم العبرة بالشعر سواء أ كان ماساً أم ممسوساً..

مسألة ٣٣٢ : لا فرق بين العاقل والمجنون ، والصغير والكبير ، والمس الاختياري والاضطراري.

مسألة ٣٣٣ : إذا مس الميت قبل برده ، لم يجب الغسل بمسه نعم يتنجس العضوالماس بشرط الرطوبة المسرية في أحدهما ، وإن كان الأحوط الأولى تطهيره مع الجفاف أيضا.

مسألة ٣٣٤ : لا يجب الغسل بمس القطعة المبانة من الحي ، أوالميت ، وإن كانت مشتملة على العظم واللحم معاً على الأظهر ، نعم إذا كان الميت متشتت الأجزاء فمسها جميعاً أو مس معظمها وجب عليه الغسل.

مسألة ٣٣٥ : لا يجب الغسل بمس فضلات الميت كالعرق والدم ونحوهما.

مسألة ٣٣٦ : يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد والمشاهد

١١٦

والمكث فيها وقراءة العزائم. نعم لا يجوز له مس كتابة القرآن ونحوها مما لا يجوز للمحدث مسه ، ولا يصح له كل عمل مشروط بالطهارة كالصلاة إلا بالغسل ، والأحوط ضم الوضوء إليه إذا كان محدثا بالأصغر ، وإن كان الأظهر عدم وجوبه.

١١٧

المقصد السابع

الأغسال المندوبة

زمانية ، ومكانية ، وفعلية

الأول : الأغسال الزمانية ، ولها أفراد كثيرة :

منها : غسل الجمعة ، وهو أهمها حتى قيل بوجوبه لكنه ضعيف ، ووقته من طلوع الفجر الثاني يوم الجمعة إلى الغروب ، والأحوط الإتيان به قبل الزوال ولو أتى به بعده فالأحوط أن ينوي القربة المطلقة من دون قصد الأداء والقضاء ، وإذا فاته إلى الغروب قضاه يوم السبت إلى الغروب ، ويجوز تقديمه يوم الخميس رجاءاً أن خاف إعواز الماء يوم الجمعة ، ولو اتفق تمكنه منه يوم الجمعة أعاده فيه ، وإذا فاته حينئذ أعاده يوم السبت.

مسألة ٣٣٧ : يصح غسل الجمعة من الجنب ويجزئ عن غسل الجنابة وكذا يصح من الحائض إذا كان بعد النقاء ويجزئ حينئذ عن غسل الحيض ، وأما قبل النقاء ففي صحته إشكال ولا بأس بالإتيان به رجاءً ..

ومنها : غسل يومي العيدين ، ووقته من الفجر إلى غروب الشمس على الأظهر والأولى الإتيان به قبل الصلاة.

ومنها : غسل يوم عرفة ، والأولى الإتيان به قبيل الظهر.

ومنها : غسل يوم التروية ، وهو الثامن من ذي الحجة.

ومنها : غسل الليلة الأولى ، والسابعة عشرة ، والرابعة والعشرين من شهر رمضان وليالي القدر.

مسألة ٣٣٨ : جميع الأغسال الزمانية يكفي الإتيان بها في وقتها مرة

١١٨

واحدة ، ولا حاجة إلى إعادتها إذا صدر الحدث الأكبر أو الأصغر بعدها ، ويتخير في الإتيان بها بين ساعات وقتها.

والثاني : الأغسال المكانية ، ولها أيضا أفراد كثيرة ، كالغسل لدخول الحرم المكي ، ولدخول مكة ، ولدخول الكعبة ، ولدخول حرم المدينة المنورة وللدخول فيها.

مسألة ٣٣٩ : وقت الغسل في هذا القسم قبل الدخول في هذه الأمكنة قريبا منه ، ولا يبعد تداخل الأغسال الثلاثة الأول مع نية الدخول في الأماكن الثلاثة بشرط عدم تخلل الناقض ، وكذا الحال في الأخيرين.

والثالث : الأغسال الفعلية وهي قسمان :

القسم الأول : ما يستحب لأجل إيقاع فعل كالغسل للإحرام ، أو لزيارة البيت ، والغسل للذبح والنحر ، والحلق ، والغسل للاستخارة ، أو الاستسقاء ، أوالمباهلة مع الخصم ، والغسل لوداع قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

والقسم الثاني : ما يستحب بعد وقوع فعل منه كالغسل لمس الميت بعد تغسيله.

مسألة ٣٤٠ : يجزئ في القسم الأول من هذا النوع غسل أول النهار ليومه ، وأول الليل لليلته ، ولا يخلو القول بالاجتزاء بغسل الليل للنهار وبالعكس عن قوة ، والظاهر انتقاضه بالحدث بينه وبين الفعل.

مسألة ٣٤١ : هذه الأغسال قد ثبت استحبابها بدليل معتبر والظاهر أنها تغني عن الوضوء ، وهناك أغسال أخر ذكرها الفقهاء في الأغسال المستحبة ، ولكنه لم يثبت عندنا استحبابها ولا بأس بالإتيان بها رجاء ، وهي كثيرة نذكر جملة منها :

١ ـ الغسل في الليالي الفرد من شهر رمضان المبارك وجميع ليالي

١١٩

العشر الأخيرة منه وأول يوم منه.

٢ ـ غسل آخر في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك قبيل الفجر.

٣ ـ الغسل في يوم الغدير وهو الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام ، وفي اليوم الرابع والعشرين منه.

٤ ـ الغسل يوم النيروز ، وأول رجب ، وآخره ، ونصفه ، ويوم المبعث وهو السابع والعشرون منه.

٥ ـ الغسل في يوم النصف من شعبان.

٦ ـ الغسل في اليوم التاسع ، والسابع عشر من ربيع الأول.

٧ ـ الغسل في اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة.

٨ ـ الغسل لزيارة كل معصوم من قريب أو بعيد.

٩ ـ الغسل في ليلة عيد الفطر بعد غروب الشمس.

وهذه الأغسال لا يغني شيء منها عن الوضوء.

١٢٠

المبحث الخامس

التيمم

و فيه فصول :

الفصل الأول

في مسوغاته :

و يجمعها العذر المسقط لوجوب الطهارة المائية وهو أمور :

الأول : عدم وجدان أقل ما يكفيه من الماء لوضوئه أو غسله ، ولو لكون الموجود منه فاقداً لبعض الشرائط المعتبرة فيه.

مسألة 342 : لا يسوغ التيمم للمسافر بمجرد عدم علمه بوجود الماء لديه ، بل لا بد له من إحراز عدمه بالفحص عنه ، فلو احتمل وجوده في رحله أو في القافلة أو عند بعض المارة وجب عليه الفحص إلى أن يحصل العلم أو الاطمئنان بعدمه ، نعم لا يبعد عدم وجوب الفحص فيما إذا علم بعدم وجود الماء قبل ذلك واحتمل حدوثه ، ولو كان في فلاة واحتمل وجود الماء فيما يقرب من مكانه أو في الطريق وجب الفحص عنه ، والأحوط لزوماً أن يفحص في المساحة التي حوله غلوة سهم في الأرض الحزنة ( الوعرة ) ، وغلوة سهمين في الأرض السهلة ، من الجهات الأربع أن احتمل وجوده في كل جهة منها ، وإن اطمئن بعدمه في بعض معين من الجهات الأربع لم

١٢١

يجب عليه الطلب فيها ، فإن لم يحتمل وجوده إلا في جهة معينة وجب عليه الطلب فيها خاصة دون غيرها ، والبينة بمنزلة العلم فإن شهدت بعدم الماء في جهة أو جهات معينة لم يجب الطلب فيها.

مسألة 343 : المراد بـ ( غلوة سهم ) غاية ما يبلغه السهم عادة ، وقد اختلف في تقديرها ، وأكثر ما حددت به (480) ذراعا أي ما يقارب (220) متراً ، فيكفي الفحص قدره على النحوالمتقدم.

مسألة 344 : إذا كانت الأرض في بعض الجوانب حزنة وفي بعضها سهلة يلحق كلاً حكمه من الغلوة والغلوتين.

مسألة 345 : إذا وجب الفحص عن الماء في مساحة لم يلزمه طلبه فيها ماشيا أو راكباً بل يكفي الاستطلاع عنه بأي وجه ممكن ، كما لا تعتبر المباشرة في الفحص ، فيكفي طلب الغير سواء أ كان عن استنابة أم لا ، ولكن يشترط حصول الاطمئنان بقوله ولا يكفي كونه ثقة على الأظهر.

مسألة 346 : إذا علم أو اطمأن بوجود الماء خارج الحد المذكور في المدن أو الأرياف أو الآبار التي تكون بينه وبينها مسافة شاسعة لم يجب عليه السعي إليه ، نعم إذا أحرز وجوده فيما هو خارج عن الحد المذكور بمقدار لا يصدق عرفاً أنه غير واجد للماء وجب عليه تحصيله.

مسألة 347 : إذا طلب الماء قبل دخول الوقت فلم يجده لا تجب إعادة الطلب بعد دخول الوقت وإن احتمل تجدد وجوده ، نعم إذا ترك الفحص في بعض الأمكنة للقطع بعدم وجود الماء فيها ثم شك في ذلك فلا بد من تكميل الطلب ، وكذا إذا انتقل عن ذلك المكان فإن عليه تكميل الطلب مع التداخل في بعض المساحة واستئنافه مع عدمه.

مسألة 348 : إذا طلب بعد دخول الوقت لصلاة يكفي لغيرها من الصلوات ، فلا تجب إعادة الطلب عند كل صلاة وإن احتمل العثور مع

١٢٢

الإعادة لاحتمال تجدد وجوده.

مسألة 349 : يسقط وجوب الطلب في ضيق الوقت بقدر ما يتضيق عنه دون غيره ، ويسقط كذلك إذا خاف على نفسه أو ماله من لص أو سبع أو نحوهما ، وكذا إذا كان في طلبه حرج لا يتحمله.

مسألة 350 : إذا ترك الطلب حتى ضاق الوقت فإن كان يعثر على الماء لو طلب كان عاصياً والا كان متجرياً ، والأقوى صحة صلاته حينئذ وإن علم أنه لو طلب لعثر ، ولكن الأحوط استحبابا القضاء خصوصاً في الفرض المذكور.

مسألة 351 : إذا ترك الطلب وتيمم وصلى في سعة الوقت برجاء المشروعية ففي صحة تيممه وصلاته إشكال وإن تبين عدم الماء.

مسألة 352 : إذا كان معه ماء فنسيه وتيمم وصلى ثم ذكر ذلك قبل أن يخرج الوقت فعليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة.

مسألة 353 : إذا طلب الماء فلم يجده ويأس من العثور عليه في الوقت فتيمم وصلى ثم تبين وجوده في محل الطلب من الغلوة أو الغلوتين أو في الرحل أو القافلة صحت صلاته ولا يجب الإعادة أو القضاء.

الثاني : عدم تيسر الوصول إلى الماء الموجود أما لعجز عنه تكويناً لكبر أو نحوه ، أو لتوقفه على ارتكاب عمل محرم كالتصرف في الإناء المغصوب ، أو لخوفه على نفسه أو عرضه أو ماله المعتد به من سبع أو عدو أو لص أو ضياع أو غير ذلك.

الثالث : كون استعمال الماء ضرريا ولو لخصوصية فيه كشدة برودته ، سواء أوجب حدوث مرض أو زيادته أو بطء برئه ، ومنه الرمد المانع من استعمال الماء إذا كان مكشوفا وأما إذا كان مستوراً بالدواء فيتعين الوضوء جبيرة كما مر في محله ، ومنه أيضا الشين الذي يعسر تحمله ، وهو الخشونة

١٢٣

المشوهة للخلقة والمؤدية في بعض الأبدان إلى تشقق الجلد ، ولا يعتبر العلم أو الاطمئنان بترتب الضرر على استعمال الماء ، بل يكفي الاحتمال المعتد به عند العقلاء ـ ولو بملاحظة الاهتمام بالمحتمل ـ المعبر عنه بالخوف.

الرابع : الحرج والمشقة إلى حد يصعب تحمله عليه ، سوء أ كان : في تحصيل الماء مثلما إذا توقف على الاستيهاب الموجب لذله وهوانه ، أوعلى شرائه بثمن يضر بماله ، والا وجب الشراء ولو كان بأضعاف قيمته ، أم كان في نفس استعماله لشدة برودته أو لتغيره بما يتنفر طبعه منه ، أم كان فيما يلازم استعماله في الوضوء أو الغسل كما لو كان لديه ماء قليل لا يكفي للجمع بين استعماله في الوضوء أو الغسل وبين أن يبلل رأسه به مع فرض حاجته إليه لشدة حرارة الجو مثلاً بحيث يقع لولاه في المشقة والحرج.

الخامس : خوف العطش على نفسه أوعلى غيره ممن يرتبط به ويكون من شأنه التحفظ عليه والاهتمام بشأنه ، ولو كان من غير النفوس المحترمة إنسانا كان أو حيواناً. وإذا خاف العطش على غيره ممن لا يهمه أمره ولكن يجب عليه حفظه شرعاً أو يلزم من عدم التحفظ عليه ضرر أو حرج بالنسبة إليه اندرج ذلك في غيره من المسوغات.

السادس : إن يكون مكلفا بواجب يتعين صرف الماء فيه ، مثل إزالة الخبث عن المسجد. فإنه يجب عليه التيمم وصرف الماء في تطهيره ، وكذا إذا كان بدنه أو لباسه متنجساً ولم يكف الماء الموجود عنده للطهارة الحديثة والخبثية معاً فإنه يتعين صرفه في إزالة الخبث ، وإن كان الأولى فيه أن يصرف الماء في إزالة الخبث أولاً ثم يتيمم بعد ذلك.

السابع : ضيق الوقت عن تحصيل الماء أو عن استعماله بحيث يلزم من الوضوء أو الغسل وقوع الصلاة أو بعضها في خارج الوقت ، فيجوز التيمم

١٢٤

في جميع الموارد المذكورة.

مسألة 354 : الأظهر أن صحة التيمم لأحد المسوغات المذكورة ، بل وجوب اختياره في بعضها حذراً عن مخالفة تكليف إلزامي لا ينافي صحة الطهارة المائية مع توفر شرائطها ، وهذا يجري في جميع المسوغات المتقدمة عدا الثالث منها ، فإن الظاهر بطلان الوضوء والغسل فيما يكون استعمال الماء بنفسه ضررياً وإن لم يكن بمرتبة محرمة ، وأما في غيره فالأظهر الصحة حتى فيما يجب فيه حفظ الماء كما في المسوغ السادس.

مسألة 355 : إذا وجب التيمم لفقد بعض شرائط الوضوء أو الغسل ، فتوضأ أو اغتسل لنسيان أو غفلة أو جهل لم يصح ، نعم في الوضوء والغسل بالماء المغصوب تفصيل قد تقدم في المسألة (132).

مسألة 356 : إذا آوى إلى فراشه وذكر أنه ليس على وضوء جاز له التيمم رجاء وإن تمكن من استعمال الماء ، كما يجوز التيمم لصلاة الجنازة إن لم يتمكن من استعمال الماء وإدراك الصلاة ، بل لا بأس به مع التمكن أيضا رجاء.

الفصل الثاني

فيما يتيمم به

الأقوى جواز التيمم بما يسمى أرضا ، سواء أ كان تراباً ، أم رملاً ، أو مدراً ، أم حصى ، أم صخراً ، ومنه أرض الجص والنورة ، قبل الإحراق ، وإن كان الأحوط استحباباً الاقتصار على التراب مع الإمكان ، والأحوط لو لم يكن أقوى اعتبار علوق شيء مما يتيمم به باليد فلا يجزئ التيمم على مثل الحجر الأملس الذي لا غبار عليه.

مسألة 357 : لا يجوز التيمم بما لا يصدق عليه اسم الأرض وإن كان أصله منها ، كرماد غير الأرض ، والنبات ، وبعض المعادن

١٢٥

كالذهب والفضة ، وأما العقيق والفيروزج ونحوهما من الأحجار الكريمة فالأظهر جواز التيمم بها مع تحقق العلوق ، وكذلك الخزف والجص والنورة بعد الإحراق وإن كان الأحوط تقديم غيرها عليها.

مسألة 358 : لا يجوز التيمم بالنجس ، ولا المغصوب ، ولا الممتزج بما يخرجه عن اسم الأرض ، نعم لا يضر إذا كان الخليط مستهلكاً فيه عرفاً ، ولو أكره على المكث في المكان المغصوب فالأظهر جواز التيمم على أرضه ولكن يقتصر فيه على وضع اليدين ولا يضرب بهما عليها.

مسألة 359 : إذا اشتبه التراب المغصوب بالمباح وجب الاجتناب عنهما ، وإذا اشتبه التراب بالرماد فتيمم بكل منهما صح ، بل يجب ذلك مع الانحصار ، وكذلك الحكم إذا اشتبه الطاهر بالنجس.

مسألة 360 : الغبار المجتمع على الثوب ونحوه إذا عد تراباً دقيقاً بأن كان له جرم بنظر العرف جاز التيمم به على الأظهر وإن كان الأحوط تقديم غيره عليه ، وإذا كان الغبار كامنا في الثوب مثلاً وأمكن نفضه وجمعه بحيث يصدق عليه التراب تعين ذلك إذا لم يتيسر غيره.

مسألة 361 : إذا تعذر التيمم بالأرض وما يلحق بها من الغبار تعين التيمم بالوحل وهو الطين الذي يلصق باليد ، ولا يجوز إزالة جميعه بل الأحوط عدم إزالة شيء منه إلا ما يتوقف على إزالته صدق المسح باليد ، ولو أمكن تجفيفه والتيمم به تعين ذلك ولا يجوز التيمم بالوحل حينئذ.

ولو تعذر التيمم بكل ما تقدم تعين التيمم بالشيء المغبر أي ما يكون الغبار كامناً فيه أولا يكون له جرم بحيث يصدق عليه التراب الدقيق كما تقدم.

مسألة 362 : إذا عجز عن الأرض ، والغبار ، والوحل والشيء المغبر ، كان فاقداً للطهور ، والأظهر حينئذ سقوط الصلاة في الوقت ووجوب القضاء

١٢٦

في خارجه.

وإذا تمكن المكلف من الثلج وأمكنه إذابته والوضوء به ، أو أمكنه مسح الوجه واليدين به على نحو يتحقق مسمى الغسل مع مسح الرأس والرجلين بنداوة اليد تعين ذلك ولم يجز له التيمم ، وأما إذا لم يتمكن من المسح به إلا على نحولا يتحقق الغسل فالظاهر تعيين التيمم وإن كان الأحوط استحباباً له الجمع بين التيمم والمسح به والصلاة في الوقت.

مسألة 363 : الأحوط استحباباً نفض اليدين بعد الضرب ، والأحوط وجوباً أن يكون ما يتيمم به نظيفاً عرفاً ، ويستحب أن يكون من ربى الأرض وعواليها ، ويكره أن يكون من مهابطها ، وإن يكون من تراب الطريق.

الفصل الثالث

كيفية التيمم

كيفية التيمم أن يضرب بباطن يديه على الأرض ولا يبعد كفاية الوضع أيضا ـ والأحوط وجوبا أن يفعل ذلك دفعة واحدة ـ ثم يمسح بهما جميعاً تمام جبهته وكذا جبينيه على الأحوط من قصاص الشعر إلى الحاجبين والى طرف الأنف الأعلى المتصل بالجبهة ، والأحوط الأولى مسح الحاجبين أيضاً ، ثم مسح تمام ظاهر الكف اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع بباطن اليسرى ، ثم مسح تمام ظاهر الكف اليسرى كذلك بباطن الكف اليمنى.

مسألة 364 : لا يجب المسح بتمام كل من الكفين ، بل يكفي المسح ببعض كل منهما على نحو يستوعب الجبهة وكذا الجبينين على ما تقدم.

مسألة 365 : المراد من الجبهة الموضع المستوي. والمراد من

١٢٧

الجبين ما بينه وبين طرف الحاجب إلى قصاص الشعر.

مسألة 366 : الأظهر كفاية ضربة واحدة في التيمم بدلاً عن الغسل أو الوضوء ، وإن كان الأحوط استحباباً تعدد الضرب فيضرب ضربة للوجه وضربة للكفين ، ويكفي في الاحتياط أن يمسح الكفين مع الوجه في الضربة الأولى ، ثم يضرب ضربة ثانية فيمسح كفيه ، وكذا الحال في الوضع.

مسألة 367 : إذا تعذر الضرب والوضع ثم المسح بالباطن انتقل إلى الظاهر ، وكذا إذا كان نجساً نجاسة متعدية إلى ما يتيمم به ولم تمكن الإزالة ، أما إذا لم تكن متعدية ضرب به أو وضع عليه ومسح ، بل الظاهر عدم اعتبار الطهارة في الماسح والممسوح مطلقا ، وإذا كان على الممسوح حائل كالجبيرة لا تمكن إزالته مسح عليه ، أما إذا كان ذلك على الباطن الماسح فمع عدم الاستيعاب يمسح بالباقي وأما معه فالأحوط وجوباً الجمع بين المسح به والمسح بالظاهر بعد الضرب أو الوضع.

مسألة 368 : المحدث بالأصغر يتيمم بدلاً عن الوضوء. والجنب يتيمم بدلاً عن الغسل ، والمحدث بالأكبر غير الجنابة يتيمم عن الغسل وإذا كان محدثا بالأصغر أيضاً فالأحوط استحباباً أن يتوضأ ، وإن لم يتمكن من الوضوء يتيمم بدلاً عنه ، وإذا تمكن من الغسل أتى به ، وهو يغني عن الوضوء إلا في الاستحاضة المتوسطة فلا بد فيها من الوضوء فإن لم تتمكن تيممت عنه ، وإن لم تتمكن من الغسل أيضاً فالأظهر كفاية تيمم واحد بدلاً عنهما جميعاً.

١٢٨

الفصل الرابع

شروط التيمم

يشترط في التيمم النية على ما تقدم في الوضوء ، مقارناً بها الضرب أو الوضع على الأحوط.

مسألة 369 : لا تجب فيه نية البدلية عن الوضوء أو الغسل ، بل تكفي نية القربة فقط ، نعم مع الإتيان بتيممين بدلاً عن الغسل والوضوء ـ ولو احتياطا ـ فلا بد من التمييز بينهما بوجه ويكفي التمييز بنية البدلية.

مسألة 370 : الأقوى أن التيمم رافع للحدث ما لم يتحقق أحد نواقضه ، ولا تجب فيه نية الرفع ولا نية الاستباحة للصلاة مثلاً.

مسألة 371 : يشترط فيه المباشرة وكذا الموالاة حتى فيما كان بدلاً عن الغسل ، ويشترط فيه أيضاً الترتيب على حسب ما تقدم ، والأحوط وجوباً البدأة من الأعلى والمسح منه إلى الأسفل.

مسألة 372 : من قطعت إحدى كفيه أو كلتاهما يتيمم بالذراع ، ومن قطعت إحدى يديه من المرفق يكتفي بضرب الأخرى أو وضعها والمسح بها على الجبهة ثم مسح ظهرها بالأرض ، وأما أقطع اليدين من المرفق فيكفيه مسح جبهته بالأرض وقد مر حكم ذي الجبيرة والحائل في المسألة 367 ، ويجري هنا ما تقدم في الوضوء في حكم اللحم الزائد واليد الزائدة.

مسألة 373 : إذا لم يتمكن من المباشرة إلا مع الاستعانة بغيره بأن يشاركه في ضرب يديه أو وضعهما على ما يتيمم به ثم وضعهما على جبهته ويديه مع تصديه هو للمسح بهما تعين ذلك وهو الذي يتولى النية حينئذ ، وإن لم يتمكن من المباشرة ولوعلى هذا النحو طلب من غيره أن ييممه فيضرب بيدي العاجز ويمسح بهما مع الإمكان ، ومع العجز يضرب المتولي بيدي ن

١٢٩

فسه ويمسح بهما ، والأحوط في الصورتين أن يتولى النية كل منهما.

مسألة 374 : الشعر المتدلي على الجبهة يجب رفعه ومسح البشرة تحته ، وأما النابت فيها فالظاهر الاجتزاء بمسه.

مسألة 375 : إذا خالف الترتيب بطل مع فوات الموالاة وإن كانت لجهل أو نسيان ، أما لو لم تفت صح إذا أعاد على نحو يحصل به الترتيب.

مسألة 376 : الخاتم حائل يجب نزعه حال المسح على اليد.

مسألة 377 : يعتبر إباحة التراب الذي يتيمم به كما مر ، والأحوط الأولى إباحة الفضاء الذي يقع فيه التيمم والظرف الذي يشتمل على ما يتيمم به بأن لا يكون مغصوبا مثلاً.

مسألة 378 : إذا شك في جزء منه بعد الفراغ لم يلتفت ، ولكن الشك إذا كان في الجزء الأخير ولم تفت الموالاة ولم يدخل في عمل آخر من صلاة ونحوها فالأحوط وجوباً الالتفات إلى الشك ، ولو شك في جزء منه بعد التجاوز عن محله لم يلتفت وإن كان الأحوط استحباباً التدارك.

الفصل الخامس

أحكام التيمم

لا يجوز التيمم للصلاة الموقتة مع العلم بارتفاع العذر والتمكن من الطهارة المائية قبل خروج الوقت ، بل لا يجوز التيمم مع عدم اليأس عن زوال العذر أيضاً ، وأما مع اليأس منه فلا إشكال في جواز البدار ، ولو صلى معه فالأظهر عدم وجوب إعادتها حتى مع زوال العذر في الوقت.

مسألة 379 : إذا تيمم لصلاة فريضة ، أو نافلة ، لعذر فصلاها ثم دخل وقت أخرى فمع عدم رجاء زوال العذر والتمكن من الطهارة المائية تجوز له

١٣٠

المبادرة إليها في سعة وقتها ، ولا يجب عليه إعادتها لو ارتفع عذره بعد ذلك ، وأما مع رجاء زوال العذر فالأحوط لزوماً التأخير.

مسألة 380 : لو وجد الماء في أثناء الصلاة فريضة كانت أو نافلة مضى في صلاته وصحت مطلقاً على الأقوى ، وإن كان الأحوط الأولى الاستئناف بعد الطهارة المائية إذا كان الوجدان قبل الركوع بل أو بعده ما لم يتم الركعة الثانية.

مسألة 381 : إذا تيمم المحدث بالاكبر ـ من جنابة أو غيرها ـ لعذر ثم أحدث بالأصغر لم ينتقض تيممه فيتوضأ إن أمكن والا فيتيمم بدلاً عن الوضوء ، والأحوط الأولى أن يجمع بين التيمم بدلاً عن الغسل وبين الوضوء مع التمكن وإن يأتي بتيممه بقصد ما في الذمة إذا لم يتمكن من الوضوء.

مسألة 382 : لا تجوز إراقة الماء الكافي للوضوء ، أو الغسل بعد دخول الوقت ، بل لا تجوز ـ على الأحوط ـ إراقته قبل دخول الوقت مع العلم بعدم وجدانه بعد الدخول ، وإذا تعمد إراقة الماء وجب عليه التيمم مع عدم رجاء وجدانه فيصلي متيمماً ، ولو تمكن منه بعد ذلك لم تجب عليه إعادة الصلاة ولا قضاؤها على الأظهر ، ولو كان على وضوء لا يجوز إبطاله على الأحوط إذا علم بعدم وجود الماء أو يئس منه ، ولو أبطله والحال هذه تيمم وصلى وتجزي أيضاً على ما مر.

مسألة 383 : يشرع التيمم لكل مشروط بالطهارة من الفرائض والنوافل ، وكذا كل ما يتوقف كماله على الطهارة إذا كان مأموراً به على الوجه الكامل ، كقراءة القرآن ، والكون في المساجد ونحو ذلك وفي مشروعيته للكون على الطهارة إشكال ، والظاهر جواز التيمم لأجل ما يحرم على المحدث من دون أن يكون مأموراً به ـ كمس القرآن ومس اسم الله تعالى ـ كما أشرنا إلى ذلك في غايات الوضوء.

١٣١

مسألة 384 : إذا تيمم المحدث لغاية جازت له كل غاية وصحت منه ، فإذا تيمم للصلاة جاز له دخول المساجد والمشاهد وغير ذلك مما يتوقف صحته أو كماله أو جوازه على الطهارة المائية. وإذا تيمم لضيق الوقت جاز له في حال الصلاة كل غاية كمس كتابة القرآن وقراءة العزائم ونحوهما.

مسألة 385 : ينتقض التيمم بمجرد التمكن من الطهارة المائية وإن تعذرت عليه بعد ذلك ، إلا إذا كان التمكن منها في أثناء الصلاة فقط فإنه لا ينتقض تيممه حينئذ كما تقدم.

وإذا وجد من تيمم تيممين ـ احتياطا ـ بدلاً عن الوضوء والغسل ما يكفيه من الماء لوضوئه انتقض تيممه الذي هو بدل عنه ، وإن وجد ما يكفيه للغسل انتقضا معاً سواء أ كفى للجمع بينه وبين الوضوء أم لا ، ويكفيه الغسل حينئذ.

هذا في غير المستحاضة المتوسطة وأما هي ففي الفرض الأول من الصورة الأخيرة تحتاط بالغسل ثم تتوضأ ، وفي الفرض الثاني تتوضأ وتتيمم بدلاً عن الغسل على الأحوط ، ومن ذلك يظهر حكم ما إذا فقد الماء الكافي للغسل قبل استعماله وإن حكمه حكم ما قبل التيممين.

مسألة 386 : إذا وجد جماعة متيممون ماءً مباحاً لا يكفى إلا لأحدهم ، فإن تسابقوا إليه فوراً فحازه الجميع لم يبطل تيمم أي منهم بشرط عدم تمكن كل واحد من تحصيل جواز التصرف في حصص الباقين ولو بعوض والا بطل تيمم المتمكن خاصة ، وإن تسابق الجميع فسبق أحدهم بطل تيممه ، وإن تركوا الاستباق أو تأخروا فيه فمن مضى عليه منهم زمان يتمكن فيه من حيازة الماء بكامله واستعماله في الغسل أو الوضوء بطل تيممه ، وأما من لم يمض عليه مثل هذا الزمان ـ ولو لعلمه بأن غيره لا يبقي له مجالاً لحيازته أو لاستعماله على تقدير الحيازة ـ فلا يبطل تيممه ، ومن هذا ي

١٣٢

ظهر حكم ما لو كان الماء مملوكاً وأباحه المالك للجميع ، وإن أباحه لبعضهم بطل تيمم ذلك البعض لا غير.

مسألة 387 : حكم التداخل الذي مر سابقاً في الأغسال يجري في التيمم أيضا ، فلو كان هناك أسباب عديدة للغسل ، يكفي تيمم واحد عن الجميع ، وحينئذ فإن كان من جملتها الجنابة ، لم يحتج إلى الوضوء أو التيمم بدلاً عنه ، والا فالأحوط الأولى الإتيان بالوضوء أو تيمم آخر بدلاً عنه إذا كان محدثا بالأصغر أيضاً ، نعم إذا كان من جملتها غسل الاستحاضة المتوسطة فحيث أن وجوبه مبني على الاحتياط كما تقدم فاللازم ضم الوضوء إلى التيمم البديل عنه مع وجدان الماء بمقداره.

مسألة 388 : إذا اجتمع جنب ومحدث بالأصغر ومن يجب عليه تغسيل ميت ـ كوليه ـ وكان هناك ماء لا يكفي إلا لواحد منهم فقط فإن اختص أحدهم بجواز التصرف فيه تعين عليه صرفه فيما هو وظيفته ، والا فمن تمكن منهم من تحصيل الاختصاص به ولو بالتسابق إليه أو ببذل عوض تعين عليه ذلك والا وجب عليه التيمم ، نعم من كان محدثا ووجب عليه تغسيل ميت أيضاً فمع عدم كفاية الماء للأمرين فالأحوط لزوماً صرفه في رفع حدث نفسه.

مسألة 389 : إذا شك في وجود حاجب في بعض مواضع التيمم فحاله حال الوضوء والغسل في وجوب الفحص حتى يحصل اليقين أو الاطمئنان بالعدم.

١٣٣

المبحث السادس

الطهارة من الخبث

وفيه فصول :

الفصل الأول

في الأعيان النجسة

وهي عشرة :

الأول والثاني : البول والغائط من كل حيوان له نفس سائلة محرم الأكل بالأصل أو بالعارض ، كالجلال والموطوء ، أما محلل الأكل فبوله وخرؤه طاهران ، وكذا خرؤ ما ليست له نفس سائلة من محرم الأكل ، ولا يترك الاحتياط ، بالاجتناب عن بوله إذا عد ذا لحم عرفا.

مسألة 390 : بول الطير وذرقه طاهران ، وإن كان غير مأكول اللحم كالخفاش ونحوه.

مسألة 391 : ما يشك في أن له لم نفس سائلة ، محكوم بطهارة خرئه ويحتاط بالاجتناب عن بوله ـ كما تقدم ـ وأما ما يشك في أنه محلل الأكل ، أو محرمه فيحكم بطهارة بوله وخرئه.

الثالث : المني من كل حيوان له نفس سائلة وإن حل أكل لحمه على

١٣٤

الأحوط ، وأما مني ما لا نفس له سائلة فطاهر.

الرابع : ميتة الإنسان وكل حيوان ذي نفس سائلة وإن كان محلل الأكل وكذا أجزاؤها المبانة منها وإن كانت صغاراً ، وربما يستثنى منها الشهيد ومن اغتسل لإجراء الحد عليه أو القصاص منه ولا يخلو عن وجه.

مسألة 392 : الجزء المقطوع من الحي بمنزلة الميتة ، ويستثنى من ذلك : الثالول ، والبثور ، وما يعلو الشفة ، والقروح ونحوها عند البرء ، وقشور الجرب ونحوه المتصل بما ينفصل من شعره ، وما ينفصل بالحك ونحوه من بعض الأبدان ، فإن ذلك كله طاهر إذا فصل من الحي.

مسألة 393 : أجزاء الميتة إذا كانت لا تحلها الحياة طاهرة ، وهي : الصوف ، والشعر ، والوبر ، والعظم ، والقرن ، والمنقار ، والظفر ، والمخلب ، والريش ، والظلف ، والسن ، والبيضة إذا اكتست القشر الأعلى وإن لم يتصلب ، سواء أ كان ذلك كله مأخوذاً من الحيوان الحلال أم الحرام ، وسواء أخذ بجز ، أم نتف ، أم غيرهما ، نعم يجب غسل المنتوف من رطوبات الميتة ، ويلحق بالمذكورات الأنفحة ، وكذلك اللبن في الضرع ولا ينجس بملاقاة الضرع النجس ، وإن كان الأحوط استحباباً اجتنابه ولا سيما إذا كان من غير مأكول اللحم. هذا كله في ميتة طاهرة العين ، أما ميتة نجسة العين فلا يستثنى منها شيء.

مسألة 394 : فأرة المسك طاهرة إذا انفصلت من الظبي الحي ولو بعلاج بعد صيرورتها معدة للانفصال بزوال الحياة عنها ، وفي حكمها المبانة من الميتة ، وأما المبانة من المذكى فطاهرة مطلقا ، ومع الشك في حالها يبنى على الطهارة ، وأما المسك فطاهر في نفسه ، نعم لو علم ملاقاته للنجس مع الرطوبة المسرية حكم بنجاسته.

مسألة 395 : ميتة ما لا نفس له سائلة طاهرة ، كالوزغ والعقرب

١٣٥

والسمك ، ومنه الخفاش على ما ثبت بالاختبار ، وكذا ميتة ما يشك في أن له نفساً سائلة أم لا.

مسألة 396 : المراد من الميتة ما استند موته إلى أمر آخر غير التذكية على الوجه الشرعي.

مسألة 397 : ما يؤخذ من يد المسلم من اللحم والشحم والجلد إذا شك في تذكية حيوانه فهو محكوم بالطهارة والحلية ظاهراً ، بشرط اقتران يده بما يقتضي تصرفه فيه تصرفا يناسب التذكية ، وفي حكم المأخوذ من يد المسلم ما صنع في أرض غلب فيها المسلمون ، وما يؤخذ من سوق المسلمين ـ إذا لم يعلم أن المأخوذ منه غير مسلم ـ ولا فرق في الثلاثة بين العلم بسبق يد الكافر أو سوقه عليه وعدمه إذا احتمل أن ذا اليد المسلم أوالمأخوذ منه في سوق المسلمين أوالمتصدي لصنعه في بلد الإسلام قد أحرز تذكيته على الوجه الشرعي.

وأما ما يوجد مطروحا في أرض المسلمين فلا يبعد الحكم بطهارته ، وأما حليته ـ مع عدم الاطمئنان بسبق أحد الأمور الثلاثة ـ فمحل إشكال.

مسألة 398 : المذكورات إذا أخذت من أيدي الكافرين واحتمل كونها مأخوذة من المذكى فلا يبعد الحكم بطهارتها وكذا بجواز الصلاة فيها ، ولكن لا يجوز أكلها ما لم يحرز أخذها من المذكى ولومن جهة العلم بكونها مسبوقة بأحد الأمور الثلاثة المتقدمة.

مسألة 399 : السقط قبل ولوج الروح نجس على الأحوط ، وأما الفرخ في البيض فالأظهر فيه الطهارة.

مسألة 400 : الأنفحة ـ وهي ما يستحيل إليه اللبن الذي يرتضعه الجدي ، أو السخل قبل أن يأكل ـ محكومة بالطهارة وإن أخذت من الميتة كما تقدم ـ ولكن يجب غسل ظاهرها لملاقاته أجزاء الميتة مع الرطوبة.

١٣٦

الخامس : الدم من الحيوان ذي النفس السائلة ، أما دم ما لا نفس له سائلة كدم السمك ونحوه فإنه طاهر.

مسألة 401 : إذا وجد في ثوبه مثلاً دما لا يدري أنه من الحيوان ذي النفس السائلة أومن غيره بنى على طهارته.

مسألة 402 : دم العلقة المستحيلة من النطفة نجس على الأحوط ، وأما الدم الذي يكون في البيضة فطاهر على الأقوى.

مسألة 403 : الدم المتخلف في الحيوان المذكى بالنحر أو الذبح بعد خروج ما يعتبر خروجه في تذكيته ـ كما سيأتي بيانه ـ محكوم بالطهارة إلا أن يتنجس بنجاسة خارجية مثل السكين التي يذبح بها.

مسألة 404 : إذا خرج من الجرح ، أو الدمل شيء أصفر يشك في أنه دم أم لا يحكم بطهارته ، وكذا إذا شك من جهة الظلمة أنه دم أم قيح ، ولا يجب عليه الاستعلام ، وكذلك إذا حك جسده فخرجت رطوبة يشك في أنها دم أو ماء أصفر يحكم بطهارتها.

مسألة 405 : الدم الذي قد يوجد في اللبن عند الحلب نجس ومنجس له.

السادس والسابع : الكلب والخنزير البريان ، بجميع أجزائهما وفضلاتهما ورطوبتهما دون البحريين.

الثامن : الخمر ، ويلحق بها كل مسكر مائع بالأصالة على الأحوط الأولى ، وأما الجامد كالحشيشة ـ وإن غلى وصار مائعا بالعارض ـ فهو طاهر لكن الجميع حرام بلا إشكال ، وأما السبيرتوالمتخذ من الأخشاب أو الأجسام الأخر فالظاهر طهارته بجميع أقسامه.

مسألة 406 : العصير العنبي إذا غلى ـ بالنار أو بغيرها ـ فالظاهر بقاؤه على الطهارة وإن صار حراما ، فإذا ذهب ثلثاه صار حلالاً إذا

١٣٧

لم يحرز صيرورته مسكراً ـ كما أدعي فيما إذا غلى بنفسه ـ والا فلا يحل إلا بالتخليل.

مسألة 407 : العصير الزبيبي والتمري لا ينجس ولا يحرم بالغليان ، فيجوز وضع التمر ، والزبيب ، والكشمش في المطبوخات مثل المرق ، والمحشي ، والطبيخ وغيرها ، وكذا دبس التمر المسمى بدبس الدمعة.

مسألة 408 : الفقاع ـ وهو شراب مخصوص متخذ من الشعير غالباً ، وليس منه ماء الشعير الذي يصفه الأطباء ـ يحرم شربه بلا إشكال والأحوط أن يعامل معه معاملة النجس.

التاسع : الكافر ، وهومن لم ينتخل ديناً ، أوإنتحل ديناً غير الإسلام أوإنتحل الإسلام وجحد ما يعلم أنه من الدين الإسلامي بحيث رجع جحده إلى إنكار الرسالة ولو في الجملة بأن يرجع إلى تكذيب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بعض ما بلغه عن الله تعالى في العقائد ـ كالمعاد ـ أو في غيرها كالأحكام الفرعية ، وأما إذا لم يرجع جحده إلى ذلك بأن كان بسبب بعده عن محيط المسلمين وجهله بأحكام هذا الدين فلا يحكم بكفره ، وأما الفرق الضالة المنتحلة للإسلام فتختلف الحال فيهم.

فمنهم : الغلاة : وهم على طوائف مختلفة العقائد ، فمن كان منهم يذهب في غلوه إلى حد ينطبق عليه التعريف المتقدم للكافر حكم بنجاسته دون غيره.

ومنهم : النواصب : وهم المعلنون بعداوة أهل البيتعليهم‌السلام ولا إشكال في نجاستهم.

ومنهم : الخوارج وهم على قسمين : ففيهم من يعلن بغضه لأهل البيتعليهم‌السلام فيندرج في النواصب ، وفيهم من لا يكون كذلك وإن عد منهم ـ لاتباعه فقههم ـ فلا يحكم بنجاسته.

١٣٨

هذا كله في غير الكافر الكتابي والمرتد.

وأما الكتابي فالمشهور نجاسته ولكن لا يبعد الحكم بطهارته وإن كان الاحتياط حسنا ، وأما المرتد فيلحقه حكم الطائفة التي لحق بها.

مسألة 409 : عرق الجنب من الحرام طاهر وتجوز الصلاة فيه على الأظهر وإن كان الأحوط الاجتناب عنه فيما إذا كان التحريم ثابتاً لموجب الجنابة بعنوانه كالزنا ، واللواط ، والاستمناء ، ووطء الحائض ـ مع العلم بحالها ـ دون ما إذا كان بعنوان آخر كإفطار الصائم ، أو مخالفة النذر ، ونحو ذلك.

العاشر : عرق الإبل الجلالة وغيرها من الحيوان الجلال.

الفصل الثاني

في كيفية سراية النجاسة إلى الملاقي

مسألة 410 : الجسم الطاهر إذا لاقى الجسم النجس لا تسري النجاسة إليه ، إلا إذا كان في أحدهما رطوبة مسرية ويقصد بها ما يقابل مجرد النداوة التي تعد من الأعراض عرفا وإن فرض سرايتها لطول المدة ، فالمناط في الانفعال رطوبة أحد المتلاقيين ، وإن كان لا يعتبر فيه نفوذ النجاسة ولا بقاء أثرها ، وأما إذا كانا يابسين ، أو نديين جافين فلا يتنجس الطاهر بالملاقاة. وكذا لو كان أحدهما مائعاً بلا رطوبة كالذهب والفضة ، ونحوهما من الفلزات ، فإنها إذا أذيبت في ظرف نجس لا تنجس.

مسألة 411 : الفراش الموضوع في أرض السرداب إذا كانت الأرض نجسة لا ينجس وإن سرت رطوبة الأرض إليه وصار ثقيلاً بعد أن كان خفيفاً ، فإن مثل هذه الرطوبة غير المسرية لا توجب سراية النجاسة ، وكذلك جدران

١٣٩

المسجد المجاور لبعض المواضع النجسة مثل الكنيف ونحوه فإن الرطوبة السارية منها إلى الجدران ليست مسرية ، ولا موجبة لتنجسها وإن كانت مؤثرة في الجدار على نحوقد تؤدي إلى الخراب.

مسألة 412 : يشترط في سراية النجاسة في المائعات ، أن لا يكون المائع متدافعاً إلى النجاسة ، والا اختصت النجاسة بموضع الملاقاة ولا تسري إلى ما اتصل به من الأجزاء ، فإن صب الماء من الإبريق على شيء نجس لا تسري النجاسة إلى العمود فضلاً عما في الإبريق ، وكذا الحكم لو كان التدافع من الأسفل إلى الأعلى كما في الفوارة.

مسألة 413 : الأجسام الجامدة إذا لاقت النجاسة مع الرطوبة المسرية تنجس موضع الاتصال ، أما غيره من الأجزاء المجاورة له فلا تسري النجاسة إليه ، وإن كانت الرطوبة المسرية مستوعبة للجسم ، فالخيار أو البطيخ أو نحوهما إذا لاقته النجاسة يتنجس موضع الاتصال منه لا غير ، وكذلك بدن الإنسان إذا كان عليه عرق ـ ولو كان كثيراً ـ فإنه إذا لاقى النجاسة تنجس الموضع الملاقي لا غيره ، إلا أن يجري العرق المتنجس على الموضع الآخر فإنه ينجسه أيضاً.

مسألة 414 : يشترط في سراية النجاسة في المائعات أن لا يكون المائع غليظا ، والا اختصت بموضع الملاقاة لا غير ، فالدبس الغليظ إذا أصابته النجاسة لم تسر النجاسة إلى تمام أجزائه بل يتنجس موضع الاتصال لا غير ، وكذا الحكم في اللبن الغليظ. نعم إذا كان المائع رقيقاً سرت النجاسة إلى تمام أجزائه ، كالسمن ، والعسل ، والدبس ، في أيام الصيف ، بخلاف أيام البرد ، فإن الغلظ مانع من سراية النجاسة إلى تمام الأجزاء. والحد في الغلظ والرقة ، هوإن المائع إذا كان بحيث لو أخذ منه شيء بقى مكانه خالياً حين الأخذ ـ وإن امتلأ بعد ذلك ـ فهو غليظ وإن امتلأ مكانه بمجرد الأخذ ،

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482