منهاج الصالحين ـ العبادات الجزء ١

منهاج الصالحين ـ العبادات12%

منهاج الصالحين ـ العبادات مؤلف:
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 482

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 482 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 155105 / تحميل: 5974
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين ـ العبادات

منهاج الصالحين ـ العبادات الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

مظاهر الكرامة المعدة لأهل الشرف في الدين مثلاً ، أو لعدم كونها معدة للجلوس فيها ، مثل الغطاء الذي يكون على الحوض المعمول في وسط الدار ، أوعلى درج السطح ، أو فتح بعض الغرف والدخول فيها ، والحاصل أنه لابد من إحراز رضا صاحب المجلس في كيفية التصرف وكمه ، وموضع الجلوس ، ومقداره ، ومجرد فتح باب المجلس لا يدل على الرضا بكل تصرف يشاءه الداخل.

مسألة ٥٤٣ : الحمامات المفتوحة ، والخانات لا يجوز الدخول فيها لغير الوجه المقصود منها ، إلا بالإذن ، فلا يصح الوضوء من مائها والصلاة فيها ، إلا بإذن المالك أو وكيله ، ومجرد فتح أبوابها لا يدل على الرضا بذلك وليست هي كالمضائف المسبلة للانتفاع بها.

مسألة ٥٤٤ : تجوز الصلاة في الأراضي المتسعة اتساعاً عظيماً والوضوء من مائها وإن لم يعلم رضا المالك ، بل وإن علم كراهته أو كان صغيراً أو مجنوناً ، وأما غيرها من الأراضي غير المحجبة ، كالبساتين التي لا سور لها ولا حجاب ، فيجوز أيضا الدخول إليها والصلاة فيها وإن لم يعلم رضا المالك ، ولكن إذا ظن كراهته أو كان قاصراً فالأحوط لزوماً الاجتناب عنها.

مسألة ٥٤٥ : لا تصح ـ على الأحوط ـ صلاة كل من الرجل والمرأة إذا كانا متحاذيين حال الصلاة ، أو كانت المرأة متقدمة على الرجل ، بل يلزم تأخرها عنه بحيث يكون مسجد جبهتها محاذياً لموضع ركبتيه ـ والأحوط استحباباً أن تتأخر عنه بحيث يكون مسجدها وراء موقفه ـ أو يكون بينهما حائل أو مسافة أكثر من عشرة أذرع بذراع اليد ، ولا فرق في ذلك بين المحارم وغيرهم ، والزوج والزوجة وغيرهما ، نعم الأظهر اختصاص المنع بالبالغين وإن كان التعميم أحوط ، كما يختص المنع بصورة وحدة المكان بحيث

١٨١

يصدق التقدم والمحاذاة ، فإذا كان أحدهما في موضع عال ، دون الآخر على وجه لا يصدق التقدم والمحاذاة فلا بأس ، وكذا يختص المنع بحال الاختيار وأما في حال الاضطرار فلا منع وكذا عند الزحام بمكة المكرمة على الأظهر.

مسألة ٥٤٦ : لا يجوز استدبار قبر المعصوم في حال الصلاة وغيرها إذا كان مستلزما للهتك وإساءة الأدب ، ولا بأس به مع البعد المفرط ، أو الحاجب المانع الرافع لسوء الأدب ، ولا يكفي فيه الضرائح المقدسة ولا ما يحيط بها من غطاء ونحوه.

مسألة ٥٤٧ : تجوز الصلاة في بيت من تضمنت الآية جواز الأكل فيها بلا إذن مع عدم العلم أو الاطمئنان بالكراهة ، وهم : الأب ، والأم ، والأخ ، والأخت ، والعم ، والخال ، والعمة ، والخالة. ومن ملك الشخص مفتاح بيته والصديق ، وأما مع العلم أو الاطمئنان بالكراهة فلا يجوز.

مسألة ٥٤٨ : إذا دخل المكان المغصوب جهلاً أو نسيانا ثم التفت إلى ذلك وجبت عليه المبادرة إلى الخروج سالكا أقرب الطرق الممكنة ، فإن كان مشتغلاً بالصلاة والتفت في السجود الأخير أو بعده جاز له إتمام صلاته في حال الخروج ولا يضره فوات الجلوس والاستقرار مع عدم الإخلال بالاستقبال ، وأما إن التفت قبل ذلك أو قبل الاشتغال بالصلاة ففي ضيق الوقت يلزمه الإتيان بها حال الخروج مراعياً للاستقبال بقدر الإمكان ويومي للسجود ويركع إلا أن يستلزم ركوعه تصرفا زائداً فيومئ له أيضا وتصح صلاته ولا يجب عليه القضاء ، والمراد بضيق الوقت أن لا يتمكن من إدراك ركعة من الصلاة في الوقت على تقدير تأخيرها إلى ما بعد الخروج ، وأما في سعة الوقت فلا تصح منه الصلاة في حال الخروج على النحوالمذكور بل يلزمه تأخيرها إلى ما بعد الخروج ، ولو صلى قبل أن يخرج حكم ببطلانها على الأحوط كما مر.

١٨٢

مسألة ٥٤٩ : يعتبر في مسجد الجبهة ـ مضافا إلى ما تقدم من الطهارة ـ أن يكون من الأرض ، أو نباتها ، والأفضل أن يكون من التربة الشريفة الحسينية ـ على مشرفها أفضل الصلاة والتحية ـ فقد روي فيها فضل عظيم ، ولا يجوز السجود على ما خرج عن اسم الأرض من المعادن ـ كالذهب ، والفضة وغيرهما ـ دون ما لم يخرج عن اسمها كالأحجار الكريمة من العقيق والفيروزج والياقوت ونحوها فإنه يجوز السجود عليها على الأظهر ، كما يجوز السجود على الخزف ، والآجر ، وعلى الجص والنورة بعد طبخهما على الأقوى ، ولا يجوز السجود على ما خرج عن اسم النبات كالرماد ولا على ما ينبت على وجه الماء ، وفي جواز السجود على الفحم والقير والزفت إشكال ولا يبعد الجواز في الأول وتقدم الأخير على غيرهما عند الاضطرار.

مسألة ٥٥٠ : يعتبر في جواز السجود على النبات ، أن لا يكون مأكولاً كالحنطة ، والشعير ، والبقول ، والفواكه ونحوها من المأكول ، ولو قبل وصولها إلى زمان الأكل على الأحوط ، أو احتيج في أكلها إلى عمل من طبخ ونحوه ، نعم يجوز السجود على قشورها بعد الانفصال إذا كانت مما لا يؤكل والا فلا يجوز السجود عليها مطلقا كقشر الخيار والتفاح بل جواز السجود على نخالة الحنطة والشعير بل مطلقاً القشر الأسفل للحبوب لا يخلو عن إشكال ، وأما نواة التمر وسائر النوى فيجوز السجود عليها وكذا على التبن والقصيل والجت ونحوها ، وفيما لم يتعارف أكله مع صلاحيته لذلك لما فيه من حسن الطعم المستوجب لإقبال النفس على أكله إشكال ، ومثله عقاقير الأدوية إلا ما لا يؤكل بنفسه بل يشرب الماء الذي ينقع أو يطبخ فيه كورد لسان الثور وعنب الثعلب فإنه يجوز السجود عليه على الأظهر ، وكذا يجوز السجود على ما يؤكل عند الضرورة والمخمصة أو عند بعض الناس نادراً.

مسألة ٥٥١ : يعتبر أيضاً في جواز السجود على النبات ، أن لا يكون

١٨٣

ملبوسا كالقطن ، والكتان ، والقنب ، ولو قبل الغزل ، أو النسج ولا بأس بالسجود على خشبها وورقها ، وكذا الخوص ، والليف ، ونحوهما مما لا صلاحية فيه لذلك ، وإن لبس لضرورة أو شبهها ، أو عند بعض الناس نادراً.

مسألة ٥٥٢ : يجوز السجود على القرطاس الطبيعي وهو بردي مصر ، وكذا القرطاس الصناعي المتخذ من الخشب ونحوه ، دون المتخذ من الحرير والصوف ونحوهما مما لا يصح السجود عليه ، نعم لا بأس بالمتخذ من القطن والكتان على الأقرب.

مسألة ٥٥٣ : لا بأس بالسجود على القرطاس المكتوب إذا كانت الكتابة معدودة صبغاً ، لا جرماً ، نعم إذا كان متخذاً مما يصح السجود عليه ، أو كان المقدار الخالي من الكتابة بالقدر المعتبر في السجود ـ ولو متفرقا ـ جاز السجود عليه.

مسألة ٥٥٤ : إذا لم يتمكن من السجود على ما يصح السجود عليه لتقية ، جاز له السجود على كل ما تقتضيه التقية ولا يجب التخلص منها بالذهاب إلى مكان آخر كما لا يجب تأخير الصلاة إلى زوال موجب التقية ، وأما إذا لم يتمكن لفقد ما يصح السجود عليه ، أو لمانع من حر ، أو برد فقد مر تقدم القير والزفت على غيرهما عندئذ ، ومع عدم إمكان السجود عليها أيضا ، فالأظهر عدم ثبوت بدل خاص حينئذ وإن كان الأحوط أن يسجد على ثوبه فإن لم يتمكن منه أيضا سجد على غيره مما لا يصح السجود عليه اختياراً كالذهب والفضة ونحوهما أو سجد على ظهر كفه.

مسألة ٥٥٥ : لا يجوز السجود على الوحل ، أو التراب اللذين لا يحصل تمكن الجبهة في السجود عليهما ، وإن حصل التمكن جاز ، وإن لصق بجبهته شيء منهما أزاله للسجدة الثانية إذا كان مانعاً عن مباشرة الجبهة

١٨٤

للمسجد وإن لم يجد إلا الطين الذي لا يحصل التمكن في السجود عليه سجد عليه من غير تمكن.

مسألة ٥٥٦ : إذا كانت الأرض ذات طين بحيث يتلطخ بدنه أو ثيابه ، إذا صلى فيها صلاة المختار وكان ذلك حرجيا ، صلى مؤمياً للسجود ، ولا يجب عليه الجلوس للسجود ولا للتشهد.

مسألة ٥٥٧ : إذا اشتغل بالصلاة ، وفي أثنائها فقد ما يصح السجود عليه ، جاز له السجود على غيره وتصح صلاته ولو كان ذلك في سعة الوقت على الأظهر.

مسألة ٥٥٨ : إذا سجد على ما لا يصح السجود عليه سهواً أو باعتقاده أنه مما يصح السجود عليه فإن التفت بعد رفع الرأس مضى ولا شيء عليه ، وكذا إذا التفت في الأثناء بعد الإتيان بالذكر الواجب ، وأما لو التفت قبله فإن تمكن من جر جبهته إلى ما يصح السجود عليه فعل ذلك ، ومع عدم الإمكان يتم سجدته وتصح صلاته.

مسألة ٥٥٩ : يعتبر في مكان صلاة الفريضة أن يكون بحيث يستقر فيه المصلي ولا يضطرب على نحولا يتمكن من القيام أو الركوع أو السجود ، بل الأحوط لزوما اعتبار أن لا يكون على نحو تفوت به الطمأنينة ـ بمضي سكون البدن ـ فلا تجوز الصلاة على الدابة السائرة والأرجوحة ونحوهما ، وتجوز على الدابة والسفينة الواقفتين مع حصول الاستقرار على النحوالمتقدم ، وكذا إذا كانتا سائرتين إن حصل ذلك أيضاً ، ونحوهما العربة والقطار وأمثالهما فإنه تصح الصلاة فيها إذا حصل الاستقرار على النحوالمذكور وكذا الاستقبال ولا تصح إذا فات شيء منها إلا مع الضرورة وحينئذ ينحرف إلى القبلة كلما انحرفت الدابة أو نحوها ، ومع عدم التمكن من استقبال عين الكعبة يجب مراعاة أن تكون بين المشرق والمغرب ، وإن لم يتمكن من الاستقبال إلا في

١٨٥

تكبيرة الإحرام اقتصر عليه ، وإن لم يتمكن منه أصلاً سقط ، وكذا الحال في الماشي وغيره من المعذورين والأقوى جواز ركوب السفينة والسيارة ونحوهما اختياراً قبل دخول الوقت وإن علم أنه يضطر إلى أداء الصلاة فيها فاقداً لشرطي الاستقبال والاستقرار.

مسألة ٥٦٠ : الأحوط وجوبا عدم إيقاع الفريضة في جوف الكعبة الشريفة اختياراً وأما اضطراراً فلا إشكال في جوازها ، وكذا النافلة ولو اختياراً.

مسألة ٥٦١ : تستحب الصلاة في المساجد من غير فرق بين مساجد فرق المسلمين وطوائفهم. نعم يخرج عنها حكماً بل موضوعاً المسجد المبني ضراراً أو تفريقاً بين المسلمين فإنه لا تجوز الصلاة فيه ، وأفضل المساجد المساجد الأربعة ، وهي المسجد الحرام ومسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسجد الأقصى ومسجد الكوفة ، وأفضلها الأول ثم الثاني ، وقد روي في فضل الجميع روايات كثيرة ، وكذا في فضل بعض المساجد الأخرى كمسجد خيف والغدير وقبا والسهلة ، ولا فرق في استحباب الصلاة في المساجد بين الرجال والنساء وإن كان الأفضل للمرأة اختيار المكان الأستر حتى في بيتها.

مسألة ٥٦٢ : تستحب الصلاة في مشاهد الأئمةعليهم‌السلام ، بل قيل أنها أفضل من المساجد ، وقد روي أن الصلاة عند عليعليه‌السلام بمائتي ألف.

مسألة ٥٦٣ : يكره تعطيل المسجد ، ففي الخبر : ثلاثة يشكون إلى الله تعالى : مسجد خراب لا يصلي فيه أحد ، وعالم بين جهال ، ومصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه.

مسألة ٥٦٤ : يستحب التردد إلى المساجد ، ففي الخبر : من مشى إلى

١٨٦

مسجد من مساجد الله فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشرة حسنات ، ومحي عنه عشرة سيئات ، ورفع له عشر درجات ، ويكره لجار المسجد أن يصلي في غيره لغير علة كالمطر ، وفي الخبر : لا صلاة لجار المسجد إلا في مسجده.

مسألة ٥٦٥ : يستحب للمصلي أن يجعل بين يديه حائلاً إذا كان في معرض مرور أحد قدامه ، ويكفي في الحائل عود أو حبل أو كومة تراب.

مسألة ٥٦٦ : قد ذكروا أنه تكره الصلاة في الحمام ، والمزبلة والمجزرة ، والموضع المعد للتخلي ، وبيت المسكر ، ومعاطن الإبل ، ومرابط الخيل ، والبغال ، والحمير ، والغنم ، بل في كل مكان قذر ، وفي الطريق وإذا أضرت بالمارة حرمت ، وفي مجاري المياه ، والأرض السبخة ، وبيت النار كالمطبخ ، وإن يكون أمامه نار مضرمة ، ولو سراجاً ، أو تمثال ذي روح ، أو مصحف مفتوح ، أو كتاب كذلك ، والصلاة على القبر وفي المقبرة ، أو أمامه قبر إلا قبر معصوم ، وبين قبرين وإذا كان في الأخيرين حائل ، أو بعد عشرة أذرع ، فلا كراهة ، وإن يكون قدامه إنسان مواجه له ، وهناك موارد أخرى للكراهة مذكورة في محلها.

١٨٧

المقصد الخامس

أفعال الصلاة وما يتعلق بها

وفيه مباحث

المبحث الأول

الأذان والإقامة

وفيه فصول

الفصل الأول

يستحب الأذان والإقامة في الفرائض اليومية أداءاً وقضاءاً ، حضراً ، وسفراً ، في الصحة والمرض ، للجامع والمنفرد ، رجلا كان أو امرأة ، ويتأكدان في الأدائية منها ، وخصوص المغرب والغداة كما يتأكدان للرجال وأشدهما تأكيداً لهم الإقامة بل الأحوط ـ استحباباً ـ لهم الإتيان بها ولا يتأكدان بالنسبة إلى النساء ، ولا يشرع الأذان ولا الإقامة في النوافل ، ولا في الفرائض غير اليومية.

مسألة ٥٦٧ : يسقط الأذان للصلاة الثانية من المشتركتين في الوقت إذا جمع بينهما عند استحباب الجمع ـ كما في الظهرين يوم عرفة في الوقت الأول والعشاءين ليلة العيد بمزدلفة في الوقت الثاني ـ بل في مطلق موارد

١٨٨

الجمع وإن لم يكن مستحباً على الأظهر ، فمتى جمع بين الفريضتين أداءً سقط أذان الثانية وكذا إذا جمع بين قضاء الفوائت في مجلس واحد فإنه يسقط الأذان مما عدا الأولى ولا يترك الاحتياط في الجميع بترك الأذان بداعي المشروعية بل لا ينبغي الإتيان به في الموردين الأولين مطلقا ولو رجاءً.

مسألة ٥٦٨ : يسقط الأذان والإقامة جميعاً في موارد :

الأول : الداخل في الجماعة التي أذنوا لها وأقاموا ـ وإن لم يسمع ـ من غير فرق في ذلك بين أن تكون الجماعة منعقدة فعلاً أو في شرف الانعقاد ، كما لا فرق في الصورة الثانية بين أن يكون الداخل هو الإمام أوالمأموم.

الثاني : الداخل إلى المسجد قبل تفرق الجماعة فإنه إذا أراد الصلاة منفرداً لم يتأكد له الأذان والإقامة ـ بل الأحوط الأولى أن لا يأتي بالأذان إلا سراً ـ وأما إذا أراد الصلاة جماعة فيسقطان عنه على وجه العزيمة ويشترط في السقوط وحدة المكان عرفاً ، فمع كون إحداهما في أرض المسجد ، والأخرى على سطحه يشكل السقوط ، ويشترط أيضاً أن تكون الجماعة السابقة بأذان وإقامة ، فلو كانوا تاركين لهما لاجتزائهم بأذان جماعة سابقة عليها وإقامتها ، فلا سقوط ، وإن تكون صلاتهم صحيحة فلو كان الإمام فاسقاً مع علم المأمومين به فلا سقوط ، وفي اعتبار كون الصلاتين أدائيتين واشتراكهما في الوقت ، إشكال والأظهر الاعتبار ، نعم لا يبعد سقوط الأذان عن المنفرد ولو كانت صلاته قضاءً وإن كان الأحوط له الإتيان برجاء المطلوبية ، والظاهر جواز الإتيان بهما في جميع الصور برجاء المطلوبية وكذا إذا كان المكان غير مسجد.

الثالث : إذا سمع شخصا آخر يؤذن ويقيم للصلاة ، بشرط أن لا يقع

١٨٩

بين صلاته وبين ما سمعه فصل كثير ، وأن يستمع تمام الفصول ، ومع فرض النقصان يجوز له أن يتم ما نقصه القائل ، ولا فرق فيما ذكر بين أن يكون الآتي بهما إماما أو مأموماً أو منفرداً ، وكذا الحال في السامع إلا أن في كفاية سماع الإمام وحده أوالمأمومين وحدهم في الصلاة جماعة إشكالاً.

الفصل الثاني

فصول الأذان ثمانية عشر الله أكبر أربع مرات ، ثم أشهد أن لا إله إلا الله ، ثم أشهد أن محمداً رسول الله ، ثم حي على الصلاة ، ثم حي على الفلاح ، ثم حي على خير العمل ، ثم الله أكبر ، ثم لا إله إلا الله ، كل فصل مرتان ، وكذلك الإقامة ، إلا أن فصولها أجمع مثنى مثنى ، إلا التهليل في آخرها فمرة ، ويزاد فيها بعد الحيعلات قبل التكبير ، قد قامت الصلاة مرتين ، فتكون فصولها سبعة عشر ، والشهادة لعليعليه‌السلام بالولاية وإمرة المؤمنين مكملة للشهادة بالرسالة ومستحبة في نفسها وإن لم تكن جزءً من الأذان ولا الإقامة ، وكذا الصلاة على محمد وآل محمد عند ذكر اسمه الشريف.

الفصل الثالث

يشترط فيهما أمور :

الأول : النية ابتداء واستدامة ، ويعتبر فيها القربة والتعيين مع الاشتراك.

الثاني والثالث : العقل والإيمان ، والأظهر الاجتزاء بأذان المميز ولكن في الاجتزاء بإقامته إشكال.

١٩٠

الرابع : الذكورة للذكور فلا يعتد بأذان النساء وإقامتهن لغيرهن حتى المحارم على الأحوط وجوباً ، نعم يجتزئ بهما لهن ، فإذا أمت المرأة النساء فأذنت وأقامت كفى.

الخامس : الترتيب بتقديم الأذان على الإقامة ، وكذا بين فصول كل منهما ، فإذا قدم الإقامة أعادها بعد الأذان ، وإذا خالف بين الفصول أعاد على نحو يحصل الترتيب ، إلا أن تفوت الموالاة فيعيد من الأول.

السادس : الموالاة بين فصول كل منهما ، فلا يفصل بينها على وجه تنمحي صورتهما ، وكذا تعتبر الموالاة العرفية بين الإقامة والصلاة ، وأما الموالاة بين الأذان والإقامة فالأمر فيهما أوسع إذ يستحب الفصل بينهما بصلاة ركعتين أو بسجدة أو بغير ذلك مما ذكر في المفصلات.

السابع : العربية وترك اللحن.

الثامن : دخول الوقت فلا يصحان قبله ـ إلا فيما يحكم فيه بصحة الصلاة إذا دخل الوقت على المصلي في الأثناء ـ نعم يجوز تقديم الأذان قبل القجر للإعلام ، ولكن الأحوط أن لا يؤتى به حينئذ بداعي الورود بل لبعض العقلائية كإيقاظ النائمين وتنبيه الغافلين ، ولا يجزي عن أذان الفجر على الأظهر.

الفصل الرابع

يستحب في الأذان الطهارة من الحدث ، والقيام ، والاستقبال ، ويكره الكلام في أثناءه وكذلك الإقامة ، بل الظاهر اشتراطها بالطهارة والقيام وتشتد كراهة الكلام بعد قول المقيم : (( قد قامت الصلاة )) ، إلا فيما يتعلق بالصلاة ، ويستحب فيهما التسكين في أواخر فصولهما مع التأني في الأذان

١٩١

والحدر في الإقامة ، والإفصاح بالألف والهاء من لفظ الجلالة ووضع الأصبعين في الأذنين في الأذان ، ومد الصوت فيه ورفعه إذا كان المؤذن ذكراً ، ويستحب رفع الصوت أيضا في الإقامة ، إلا أنه دون الأذان ، وغير ذلك مما هو مذكور في المفصلات.

الفصل الخامس

من ترك الأذان والإقامة ، أو إحداهما عمداً ، حتى أحرم للصلاة لم يجز له قطعها واستئنافها على الأحوط لزوماً ، وإذا تركهما أو ترك الإقامة فقط عن نسيان فالأقرب استحباب الاستئناف له مطلقا ، ولكن يختلف مراتبه حسب اختلاف زمان التذكر وكونه قبل الدخول في القراءة أو بعده ، قبل الدخول في الركوع أو بعده ما لم يفرغ من الصلاة فالاستئناف في كل سابق أفضل من لاحقه.

إيقاظ وتذكير : قال الله تعالى( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) وروي عن النبي والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام كما في أخبار كثيرة أنه لا يحسب للعبد من صلاته إلا ما يقبل عليه منها وأنه لا يقدمن أحدكم على الصلاة متكاسلاً ، ولا ناعساً ، ولا يفكرن في نفسه ، ويقبل بقلبه على ربه. ولا يشغله بأمر الدنيا ، وأن الصلاة وفادة على الله تعالى ، وأن العبد قائم فيها بين يدي الله تعالى ، فينبغي أن يكون قائماً مقام العبد الذليل ، الراغب الراهب ، الخائف الراجي المسكين ، المتضرع ، وأن يصلي صلاة مودع يرى أن لا يعود إليها أبداً ، وكان علي بن الحسينعليه‌السلام إذا قام في الصلاة كأنه ساق شجرة ، لا يتحرك منه إلا ما حركت الريح منه ، وكان أبو جعفر ، وأبو عبد اللهعليهما‌السلام إذا قاما إلى الصلاة تغيرت ألوانهما ،

١٩٢

مرة حمرة ، ومرة صفرة ، وكأنهما يناجيان شيئا يريانه ، وينبغي أن يكون صادقاً في قوله :( إياك نعبد وإياك نستعين ) فلا يكون عابداً لهواه ، ولا مستعيناً بغير مولاه. وينبغي إذا أراد الصلاة ، أو غيرها من الطاعات أن يستغفر الله تعالى ، ويندم على ما فرط في جنب الله ليكون معدوداً في عداد المتقين الذين قال الله تعالى في حقهم( إنما يتقبل الله من المتقين ) وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

١٩٣

المبحث الثاني

فيما يجب في الصلاة

وهو أحد عشر :

النية ، وتكبيرة الإحرام ، والقيام ، والقراءة ، والذكر ، والركوع ، والسجود ، والتشهد ، والتسليم ، والترتيب ، والموالاة ، والأركان ـ وهي التي تبطل الصلاة بنقيصتها عمداً وسهواً ـ خمسة : النية ، والتكبير ، والقيام ، والركوع ، والسجود. والبقية أجزاء غير ركنيه لا تبطل الصلاة بنقصها سهواً ، وفي بطلانها بالزيادة تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى ، هذا في صلاة الفريضة ـ في حال الاختيار ـ وسيأتي سقوط بعض المذكورات إلى البدل أولا إلى البدل في حال الاضطرار ، كما سيأتي حكم الصلاة النافلة في مطاوي الفصول الآتية ، وهي :

الفصل الأول

في النية ، وقد تقدم في الوضوء أنها : القصد إلى الفعل متعبداً به بإضافته إلى الله تعالى إضافة تذلليه فيكفي أن يكون الباعث إليه أمر الله تعالى ، ولا يعتبر التلفظ بها ، ولا إخطار صورة العمل تفصيلاً عند القصد إليه ، ولا نية الوجوب ولا الندب ، ولا تمييز الواجبات من الأجزاء عن مستحباتها ، ولا غير ذلك من الصفات والغايات بل يكفي الإرادة الإجمالية

١٩٤

المنبعثة عن أمر الله تعالى ، المؤثرة في وجود الفعل كسائر الأفعال الاختيارية الصادرة عن المختار ، المقابل للساهي والغافل.

مسألة ٥٦٩ : يعتبر فيها الإخلاص فإذا انضم الرياء إلى الداعي الإلهي بطلت الصلاة وكذا غيرها من العبادات الواجبة والمستحبة سواء أ كان الرياء في الابتداء أم في الأثناء ، ولو راءى في جزء ـ واجب أو مستحب ـ فإن سرى إلى الكل بأن كان الرياء في العمل المشتمل عليه ، أو لزم من تداركه زيادة مبطلة بطلت صلاته ، وإلا لم يوجب بطلانها ـ كالرياء في جلسة الاستراحة إذا تداركها ـ وكذا الحال لو راءى في بعض أوصاف العبادة فلا تبطل إلا مع سرايته إلى الموصوف مثل أن يرائي في صلاته جماعة ، أو في المسجد أو في الصف الأول ، أو خلف الإمام الفلاني ، أو أول الوقت ، أو نحو ذلك ، وأما مع عدم السراية ـ كما إذا راءى في نفس الكون في المسجد ولكن صلى من غير رياء ـ فالظاهر صحة صلاته ، كما أن الظاهر عدم بطلانها بما هو خارج عنها مثل إزالة الخبث قبل الصلاة ، والتصدق في أثنائها ، وليس من الرياء المبطل ما لو أتى بالعمل خالصا لله ، ولكنه كان يعجبه أن يراه الناس كما أن الخطور القلبي لا يبطل الصلاة ، خصوصاً إذا كان يتأذى بهذا الخطور ، ولو كان المقصود من العبادة أمام الناس رفع الذم عن نفسه ، أو ضرر آخر غير ذلك ، لم يكن رياءاً ولا مفسداً على ما سيأتي في المسألة التالية ، والرياء المتأخر عن العبادة لا يبطلها ، كما لو كان قاصداً الإخلاص ثم بعد إتمام العمل بدا له أن يذكر عمله رغبة في الأغراض الدنيوية ، والعجب المتأخر لا يبطل العبادة وأما المقارن فإن كان منافياً لقصد القربة كما لو وصل إلى حد الإدلال على الرب تعالى بالعمل والامتنان به عليه أبطل العبادة وإلا فلا يبطلها.

مسألة ٥٧٠ : الضمائم الأخر غير الرياء إن كانت راجحة أو مباحة

١٩٥

وكان الداعي إليها القربة كما إذا أتى بالصلاة قاصداً تعليم الغير أيضاً قربة إلى الله تعالى لم تضر بالصحة مطلقاً على الأقوى ، وأما إذا لم يكن الداعي إلى الضميمة هي القربة فالظاهر بطلان العمل مطلقاً وإن كان الداعي الإلهي صالحاً للاستقلال على الأحوط.

مسألة ٥٧١ : يعتبر تعيين نوع الصلاة التي يريد الإتيان بها ولومع وحدة ما في الذمة ، سواء أ كان متميزاً عن غيره خارجاً أم كان متميزاً عنه بمجرد القصد كالظهر والعصر وصلاة القضاء والصلاة نيابة عن الغير ، وكذلك يعتبر التعيين فيما إذا اشتغلت الذمة بفردين أو أزيد مع اختلافهما في الآثار كما إذا كان أحدهما موقتاً دون الآخر ، وأما مع عدم الاختلاف في الآثار فلا يلزم التعيين كما لو نذر صلاة ركعتين مكرراً فانه لا يجب التعيين في مثله ، ويكفي في التعيين في المقامين القصد الإجمالي ، ولا يعتبر إحراز العنوان تفصيلاً ، فيكفي في صلاة الظهر مثلاً قصد ما يؤتى به أولاً من الفريضتين بعد الزوال وكذا يكفي فيما إذا اشتغلت الذمة بظهر أدائية وأخرى قضائية مثلاً أن يقصد عنوان ما اشتغلت به ذمته أولاً وهكذا في سائر الموارد.

مسألة ٥٧٢ : لا تجب نية الوجوب ولا الندب ولا الأداء ولا غير ذلك من صفات الأمر والمأمور به ، نعم يعتبر قصد القضاء ويتحقق بقصد بدلية المأتي به عما فات ، ويكفي قصده الإجمالي أيضاً ، فإذا علم أنه مشغول الذمة بصلاة الظهر ، ولا يعلم أنها قضاء أو أداء صحت إذا قصد الإتيان بما اشتغلت به الذمة فعلاً ، وإذا اعتقد أنها أداء فنواها أداءاً صحت أيضاً ، إذا قصد امتثال الأمر المتوجه إليه وإن كانت في الواقع قضاءاً ، وكذا الحكم في سائر الموارد.

مسألة ٥٧٣ : لا يجب الجزم بالنية في صحة العبادة ، فلو صلى في ثوب مشتبه بالنجس لاحتمال طهارته ، وبعد الفراغ تبينت طهارته صحت

١٩٦

الصلاة ، وإن كان عنده ثوب معلوم الطهارة ، وكذا إذا صلى في موضع الزحام لاحتمال التمكن من الإتمام فاتفق تمكنه صحت صلاته ، وإن كان يمكنه الصلاة في غير موضع الزحام.

مسألة ٥٧٤ : قد عرفت أنه لا يجب ـ حين العمل ـ الالتفات إليه تفصيلاً وتعلق القصد به كذلك ، بل يكفي الالتفات إليه وتعلق القصد به قبل الشروع فيه وبقاء ذلك القصد إجمالاً على نحو يستوجب وقوع الفعل من أوله إلى آخره عن داع قربي ، بحيث لو التفت إلى نفسه لرأى أنه يفعل عن قصد قربي ، وإذا سئل أجاب بذلك ، ولا فرق بين أول الفعل وآخره ، وهذا المعنى هوالمراد من الاستدامة الحكمية بلحاظ النية التفصيلية حال حدوثها ، أما بلحاظ نفس النية فهي استدامة حقيقية.

مسألة ٥٧٥ : إذا تردد المصلي في إتمام صلاته ، أو عزم على قطعها ولو بعد ذلك ، أو نوى الإتيان بالقاطع مع الالتفات إلى كونه مبطلاً فإن لم يأت بشيء من أجزائها في الحال ولم يأت بمبطل آخر جاز له الرجوع إلى نيته الأولى وإتمام صلاته ، وأما إذا أتى ببعض الأجزاء ثم عاد إلى النية الأولى فإن قصد به جزئية الواجب وكان فاقداً للنية المعتبرة كما إذا أتى به بداعوية الأمر التشريعي بطلت صلاته ، وإن لم يقصد به الجزئية فالبطلان موقوف على كونه فعلاً كثيراً ماحياً لصورة الصلاة أو مما تكون زيادته ولو بغير قصد الجزئية مبطلة وسيأتي ضابطه في أحكام الخلل.

مسألة ٥٧٦ : إذا شك في النية وهو في الصلاة ، فإن علم بنيته فعلاً وكان شكه في الأجزاء السابقة مضى في صلاته ، كمن شك في نية صلاة الفجر حال الركوع مع العلم بأن الركوع قد أتى به بعنوان صلاة الفجر ، وأما إذا لم يعلم بنيته حتى فعلاً فلا بد له من إعادة الصلاة ، هذا في غير المترتبتين الحاضرتين كالظهر والعصر واما فيهما فلو لم يكن آتياً بالأولى أو شك في

١٩٧

إتيانه بها وكان في وقت تجب عليه جعل ما بيده الأولى وأتمها ثم أتى بالثانية.

مسألة ٥٧٧ : إذا دخل في فريضة ، فأتمها بزعم أنها نافلة غفلة ، صحت فريضة ، وفي العكس تصح نافلة.

مسألة ٥٧٨ : إذا قام لصلاة ثم دخل في الصلاة ، وشك في أنه نوى ما قام إليها ، أو غيرها ، ففي موارد العدول يعدل بلا إعادة وفي غيرها يستأنف الصلاة.

مسألة ٥٧٩ : لا يجوز العدول عن صلاة إلى أخرى ، إلا في موارد :

منها : ما إذا كانت الصلاتان أدائيتين مترتبتين ـ كالظهرين والعشائين ـ وقد دخل في الثانية قبل الأولى ، فإنه يجب أن يعدل إلى الأولى إذا تذكر في الأثناء إلا إذا لم تكن وظيفته الإتيان بالأولى لضيق الوقت.

ومنها : إذا كانت الصلاتان قضائيتين ، فدخل في اللاحقة ، ثم تذكر أن عليه سابقة ، فإنه يعدل إلى السابقة ، على المشهور ولكنه محل إشكال.

ومنها : ما إذا دخل في الحاضرة فذكر أن عليه فائتة ، فإنه يجوز العدول إلى الفائتة مع عدم تضيق وقت الحاضرة بأن كان متمكناً من أدائها بتمامها في الوقت بعد إتمام الفائتة.

وإنما يجوز العدول في الموارد المذكورة ، إذا ذكر قبل أن يتجاوز محله. أما إذا ذكر في ركوع رابعة العشاء أنه لم يصل المغرب فلا محل للعدول فيتم ما بيده عشاءً ويأتي بالمغرب بعدها على الأظهر.

ومنها : ما إذا نسي فقرأ في الركعة الأولى من صلاة الجمعة سورة تامة غير سورة الجمعة ، فإنه يستحب له العدول إلى النافلة ثم يستأنف الفريضة ويقرأ سورتها.

ومنها : ما إذا دخل في فريضة منفرداً ثم أقيمت الجماعة للصلاة التي دخل فيها ، فإنه يستحب له العدول بها إلى النافلة مع بقاء محله ثم يتمها

١٩٨

ويدخل في الجماعة.

ومنها : ما إذا دخل المسافر في القصر ثم نوى الإقامة قبل التسليم فإنه يعدل بها إلى التمام ، وإذا دخل المقيم في التمام فعدل عن الإقامة عدل بها إلى القصر ـ إلا إذا كان عدوله بعد ركوع الثالثة فإنه تبطل صلاته حينئذ ـ ولكن هذا ليس من موارد العدول من صلاة إلى صلاة لأن القصر والتمام ليسا نوعين من الصلاة بل فردين لنوع واحد يختلفان في الكيفية.

مسألة ٥٨٠ : إذا عدل في غير محل العدول ، فإن كان ساهياً ، ثم التفت أتم الأولى إن لم يزد ركوعا ، أو سجدتين وإلا بطلت صلاته على الأحوط ، وإن كان عامداً جرى عليه ما تقدم في المسألة ٥٧٥.

مسألة ٥٨١ : الأظهر جواز ترامي العدول ، فإذا كان في لاحقة أدائية فذكر أنه لم يأت بسابقتها فعدل إليها ثم تذكر أن عليه فائتة فعدل إليها أيضا صح.

الفصل الثاني

في تكبيرة الإحرام

وتسمى تكبيرة الافتتاح ، وصورتها : ( الله أكبر ) ولا يجزئ مرادفها بالعربية ، ولا ترجمتها بغير العربية ، وإذا تمت حرم ما لا يجوز فعله من منافيات الصلاة ، وهي ركن تبطل الصلاة بنقصها عمداً وسهواً ، وتبطل بزيادتها عمداً ، فإذا جاء بها ثانية بطلت الصلاة فيحتاج إلى ثالثة ، فإن جاء بالرابعة بطلت أيضاً واحتاج إلى الخامسة ، وهكذا تبطل بالشفع ، وتصح بالوتر ، والظاهر عدم بطلان الصلاة بزيادته سهواً ، ويجب الإتيان بها على النهج العربي مادة وهيئة ـ والجاهل يلقنه غيره أو يتعلم ، فإن لم يمكن ولو لضيق الوقت اجتزأ بما أمكنه منها وإن كان غلطاً ما لم يكن مغيراً للمعنى ،

١٩٩

فإن عجز جاء بمرادفها ، وإن عجز فبترجمتها على الأحوط وجوباً في الصورتين الأخيرتين.

مسألة ٥٨٢ : الأحوط الأولى عدم وصلها بما قبلها من الكلام دعاءاً كان أو غيره ، لئلا تدرج همزتها إذا لم يكن الوصل بالسكون كما أن الأحوط الأولى عدم وصلها بما بعدها ، من بسملة أو غيرها ، وأن لا يعقب اسم الجلالة بشيء من الصفاة الجلالية ، أو الجمالية ، وينبغي تفخيم اللام من لفظ الجلالة ، والراء من أكبر.

مسألة ٥٨٣ : يجب فيها ـ مع القدرة ـ القيام التام فإذا تركه ـ عمداً أو سهواً ـ بطلت ، من غير فرق بين المأموم الذي أدرك الإمام راكعاً وغيره ، بل يجب التربص في الجملة حتى يعلم بوقوع التكبير تاما قائما ، وأما الاستقرار في القيام المقابل للمشي والتمايل من أحد الجانبين إلى الآخر ، أو الاستقرار بمعنى الطمأنينة ، فهو وإن كان واجباً حال التكبير ، لكن الظاهر أنه إذا تركه سهواً لم تبطل الصلاة ، وأما الاستقلال ـ بأن لا يتكئ على شيء كالعصا ونحوه ، فالأحوط وجوبا رعايته أيضاً مع التمكن ، ولا يضر الإخلال به سهواً.

مسألة ٥٨٤ : الأخرس لعارض مع التفاته إلى لفظة التكبيرة يأتي بها على قدر ما يمكنه فإن عجز حرك بها لسانه وشفتيه حين إخطارها بقلبه وأشار بإصبعه إليها على نحو يناسب تمثيل لفظها ، وأما الأخرس الأصم من الأول فيحرك لسانه وشفتيه تشبيهاً بمن يتلفظ بها مع ضم الإشارة بالإصبع إليهما أيضاً ، وكذلك حالهما في القراءة وسائر أذكار الصلاة.

مسألة ٥٨٥ : يجزئ لافتتاح الصلاة تكبيرة واحدة ويستحب الإتيان بسبع تكبيرات ، والأحوط الأولى أن يجعل السابعة تكبيرة الإحرام مع الإتيان بغيرها بقصد القربة المطلقة.

مسألة ٥٨٦ : يستحب للإمام الجهر بواحدة ، والإسرار بالبقية

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

يؤد دينه إلى أن انقضت السنة وجب الخمس ، من دون استثناء مقدار وفاء الدين إلا أن يكون الدين لمؤونة السنة فإن استثناء مقداره من ربحه لا يخلومن وجه ، ولا يحسب ـ حينئذ ـ أداؤه في العام اللاحق من مؤونة ذلك العام ، ولا فرق فيما ذكرنا بين كون سبب الدين أمراً اختيارياً كالاقتراض والشراء بثمن في الذمة أو قهرياً كأروش الجنايات وقيم المتلفات ونفقة الزوجة الدائمة ، كما لا فرق فيه بين كونه من قبيل حقوق الناس ـ كالأمثلة المتقدمة ـ أومن الحقوق الشرعية كما إذا انتقل الخمس أو الزكاة إلى ذمته ، وتلحق بالدين فيما تقدم الواجبات المالية كالنذور والكفارات ، ففي جميع ذلك إن أداه من الربح في سنة الربح لم يجب الخمس فيه وإن كان حدوثه في السنة السابقة والا وجب الخمس ـ على التفصيل المتقدم ـ وإن كان عاصياً بعدم أدائه.

مسألة 1232 : إذا اشترى ما ليس من المؤونة بالذمة ، أو استدان شيئاً لإضافته إلى رأس ماله ونحو ذلك ، مما يكون بدل دينه موجوداً ، ولم يكن من المؤونة جاز له أداء دينه من أرباح السنة اللاحقة ، نعم يعد البدل حينئذ من أرباح هذه السنة فيجب تخميسه بعد انقضائها إذا كان زائداً على مؤونتها ، ولو فرض اعداده للتجارة في السنة السابقة وارتفاع قيمته في السنة السابقة بحيث زادت على قيمة الدين كان الزائد من أرباح تلك السنة لا هذه.

مسألة 1233 : إذا اتجر برأس ماله ـ مراراً متعددة في السنة ـ فخسر في بعض تلك المعاملات في وقت ، وربح في آخر ، يجبر الخسران بالربح ، وإن كان الربح بعد الخسران على الأقوى ، فإن تساوى الخسران والربح فلا خمس ، وإن زاد الربح وجب الخمس في الزيادة ، وإن زاد الخسران على الربح فلا خمس عليه وصار رأس ماله في السنة اللاحقة أقل مما كان في السنة السابقة. وكذا الحكم فيما إذا تلف بعض رأس المال ، أو صرفه في

٤٠١

نفقاته ، كما هو الغالب في أهل مخازن التجارة فإنهم يصرفون من الدخل قبل أن يظهر الربح ، وربما يظهر الربح في أواخر السنة فيجبر التلف بالربح أيضاً بل إذا أنفق من ماله غير مال التجارة قبل حصول الربح كما يتفق كثيراً لأهل الزراعة فإنهم ينفقون لمؤونتهم من أموالهم قبل حصول النتاج جاز له أن يجبر ذلك من نتائج الزرع عند حصوله ، وليس عليه خمس ما يساوي المؤن التي صرفها ، وإنما عليه خمس الزائد لا غير ، وكذلك حال أهل المواشي ، فإنه إذا خمس موجوداته في آخر السنة وفي السنة الثانية باع بعضها لمؤونته ، أو مات بعضها أو سرق فإنه يجبر جميع ذلك بالنتاج الحاصل له في السنة الثانية ، ففي آخر السنة يجبر النقص الوارد على الأمهات بقيمة السخال المتولدة ، فإنه يضم السخال إلى أرباحه في تلك السنة ، من الصوف والسمن واللبن وغير ذلك ، فيجبر النقص ، ويخمس ما زاد على الجبر ، فإذا لم يحصل الجبر إلا بقيمة جميع السخال ـ مع أرباحه الأخرى ـ لم يكن عليه خمس في تلك السنة.

مسألة 1234 : إذا وزع رأس ماله على تجارات متعددة كما إذا اشترى ببعضه حنطة وببعضه سكراً فخسر في أحدهما وربح في الآخر جاز جبر الخسارة بالربح على الأظهر ، نعم إذا تمايزت التجارات فيما يرتبط بشؤون التجارة من رأس المال والحسابات والأرباح والخسائر ونحوها ففي جواز الجبر إشكال ، والأحوط لزوماً عدم الجبر ، وكذا الحال فيما إذا كان له نوعان من التكسب كالتجارة والزراعة فربح في أحدهما وخسر في الآخر ، فإنه لا تجبر الخسارة بالربح على الأحوط.

مسألة 1235 : إذا تلف بعض أمواله مما ليس من مال التكسب ، ولا من مؤونته ففي الجبر ـ حينئذ ـ إشكال ، والأظهر عدم الجبر.

مسألة 1236 : إذا انهدمت دار سكناه ، أو تلف بعض أمواله ـ مما هو

٤٠٢

مؤونته ـ كأثاث بيته أو لباسه أو سيارته التي يحتاج إليها ونحو ذلك ، ففي الجبر من الربح إشكال ، والأظهر عدم الجبر ، نعم يجوز له تعمير داره وشراء مثل ما تلف من المؤن أثناء سنة الربح ، إذا احتاج إليه فيما بقي منها ، ويكون ذلك من الصرف في المؤونة المستثناة من الخمس.

مسألة 1237 : لو اشترى ما فيه ربح ببيع الخيار فصار البيع لازماً ، فاستقاله البائع فأقاله ، لم يسقط الخمس إلا إذا كان من شأنه أن يقيله ـ كما في غالب موارد بيع شرط الخيار إذا رد مثل الثمن ـ وحصلت الإقالة قبل انقضاء السنة.

مسألة 1238 : إذا أتلف المالك أو غيره المال ضمن المتلف الخمس ورجع عليه الحاكم ، وكذا الحكم إذا دفعه المالك إلى غيره وفاءً لدين أو هبة ، أو عوضاً لمعاملة ، فإنه ضامن للخمس ، ويرجع الحاكم عليه ، ولا يجوز الرجوع على من انتقل إليه المال إذا كان مؤمناً ، وإذا كان ربحه حباً فبذره فصار زرعاً وجب خمس الزرع لا خمس الحب ، وإذا كان بيضاً فصار دجاجاً وجب عليه خمس الدجاج لا خمس البيض ، وإذا كان ربحه أغصاناً فغرسها فصارت شجراً وجب عليه خمس الشجر ، لا خمس الغصن وهكذا.

مسألة 1239 : إذا حسب ربحه فدفع خمسه ثم انكشف أن ما دفعه كان أكثر مما وجب عليه لم يجز له احتساب الزائد مما يجب عليه في السنة التالية ، نعم يجوز له أن يرجع به على الفقير ، مع بقاء عينه ، وكذا مع تلفها إذا كان عالماً بالحال.

مسألة 1240 : إذا جاء رأس الحول ، وكان ناتج بعض الزرع حاصلاً دون بعض فما حصلت نتيجته يكون من ربح سنته ، ويخمس بعد إخراج المؤن ، وما لم تحصل نتيجته يكون من أرباح السنة اللاحقة. نعم إذا كان له قيمة حسب بما له من القيمة الفعلية من أرباح هذه السنة وبالنسبة إلى ما

٤٠٣

سواه من أرباح السنة اللاحقة ، مثلاً في رأس السنة كان بعض الزرع له سنبل ، وبعضه قصيل لا سنبل له وجب إخراج خمس الجميع ، وإذا ظهر السنبل في السنة الثانية كان من أرباحها ، لا من أرباح السنة السابقة.

مسألة 1241 : إذا كان الغوص وإخراج المعدن مكسباً كفاه إخراج خمسهما ، ولا يجب عليه إخراج خمس آخر من باب أرباح المكاسب بعد إخراج مؤونة سنته إلا إذا ربح فيهما فيجب الخمس في الربح.

مسألة 1242 : المرأة التي تكتسب يجب عليها الخمس في جميع أرباحها إذا عال بها الزوج فلم تصرف شيئاً منها في مؤونتها وكذا يجب عليها الخمس إذا لم يعل بها الزوج وزادت فوائدها على مؤونتها ، بل وكذا الحكم إذا لم تكتسب ، وكانت لها فوائد من زوجها أو غيره ، فإنه يجب عليها في آخر السنة إخراج خمس الزائد كغيرها من الرجال ؛ وبالجملة يجب على كل مكلف أن يلاحظ ما زاد عنده في آخر السنة من أرباح مكاسبه وغيرها ، قليلاً كان أم كثيراً ، ويخرج خمسه ، كاسباً كان أم غير كاسب.

مسألة 1243 : الظاهر عدم اشتراط البلوغ والعقل في ثبوت الخمس في جميع ما يتعلق به الخمس من أرباح المكاسب والكنز ، والغوص ، والمعدن ، والحلال المختلط بالحرام فيجب على الولي إخراجه من مال الصبي والمجنون ، وإن لم يخرج فيجب عليهما الإخراج بعد البلوغ والإفاقة.

مسألة 1244 : إذا اشترى من أرباح سنته ما لم يكن من المؤونة ، فارتفعت قيمته كان اللازم إخراج خمسه عيناً أو قيمة فإن المال حينئذ بنفسه من الأرباح ، وأما إذا اشترى شيئاً بعد انتهاء سنته ووجوب الخمس في ثمنه ، فإن كانت المعاملة شخصية وجب تخميس ذلك المال أيضاً عيناً أو قيمة بعد تصحيحها بإجازة الحاكم الشرعي إذا لم يكن المنتقل إليه مؤمناً ، وأما إذا كان الشراء في الذمة ، كما هو الغالب ، وكان الوفاء به من الربح غير المخمس

٤٠٤

فلا يجب عليه إلا دفع خمس الثمن الذي اشتراه به ، ولا يجب الخمس في ارتفاع قيمته إذا لم يكن معداً للتجارة ما لم يبعه ، وإذا علم أنه ادى الثمن من ربح لم يخمسه ، ولكنه شك في أنه كان أثناء السنة ليجب خمس نفسه المرتفع قيمته على الفرض أو كان بعد انتهائها لئلا يجب الخمس إلا في مقدار الثمن الذي اشتراه به فقط ، فالأحوط لزوماً المصالحة مع الحاكم الشرعي.

مسألة 1245 : إذا كان الشخص لا يحاسب نفسه مدة من السنين وقد ربح فيها واستفاد أموالاً ، واشترى منها أعياناً وأثاثاً ، وعمر دياراً ثم التفت إلى ما يجب عليه من إخراج الخمس من هذه الفوائد فالواجب عليه إخراج الخمس من كل ما اشتراه أو عمره أو غرسه ، مما لم يكن معدوداً من المؤونة ، مثل الدار التي لم يتخذها دار سكنى والأثاث الذي لا يحتاج إليه أمثاله ، وكذا الحيوان والغرس وغيرها على تفصيل مر في المسألة السابقة ، أما ما يكون معدوداً من المؤونة مثل دار السكنى والفراش والأواني اللازمة له ونحوها ، فإن كان قد اشتراه من ربح السنة التي قد استعمله فيها لم يجب إخراج الخمس منه ، وإن كان قد اشتراه من ربح السنة السابقة ، بأن كان لم يربح في سنة الاستعمال أو كان ربحه لا يزيد على مصارفه اليومية وجب عليه إخراج خمسه ، على التفصيل المتقدم ، وإن كان ربحه يزيد على مصارفه اليومية ، لكن الزيادة أقل من الثمن الذي اشتراه به وجب عليه إخراج خمس مقدار التفاوت ، مثلاً إذا عمر دار سكناه بألف دينار وكان ربحه في سنة التعمير يزيد على مصارفه اليومية بمقدار مائتي دينار وجب إخراج خمس ثمانمائة دينار ، وكذا إذا اشترى أثاثاً بمائة دينار واستعمله في مؤونته ، وكان قد ربح زائداً على مصارفه اليومية عشرة دنانير في تلك السنة ، وجب تخميس تسعين ديناراً ، وإذا لم يعلم أن الأعيان التي اشتراها ، واستعملها في مؤونته

٤٠٥

يساوي ثمنها ربحه في سنة الاستعمال أو أقل منه ، أوإنه لم يربح في تلك السنة زائداً على مصارفه اليومية فالأحوط لزوماً المصالحة مع الحاكم الشرعي ، وإذا علم أنه لم يربح في بعض السنين بمقدار مصارفه ، وإنه كان يصرف من أرباح سنته السابقة وجب إخراج خمس مصارفه التي صرفها من أرباح السنة السابقة.

مسألة 1246 : قد عرفت أن رأس السنة في الفوائد غير المكتسبة أول حصول الفائدة وفي الفوائد المكتسبة حين الشروع في الاكتساب لكن إذا أراد المكلف تغيير رأس سنته أمكنه ذلك بدفع خمس ما ربحه أثناء السنة واتخاذ رأس سنته الشروع في الاكتساب بعده أو حصول الفائدة الجديدة ، ويجوز جعل السنة هلالية وشمسية.

مسألة 1247 : يجب على كل مكلف ـ في آخر السنة ـ أن يخرج خمس ما زاد من أرباحه عن مؤونته مما ادخره في بيته لذلك ، من الأرز ، والدقيق ، والحنطة ، والشعير والسكر ، والشاي ، والنفط ، والحطب ، والفحم ، والسمن ، والحلوى ، وغير ذلك من أمتعة البيت ، مما أعد للمؤونة فيخرج خمس ما زاد من ذلك. نعم إذا كان عليه دين استدانه لمؤونة السنة وكان مساوياً للزائد لم يجب الخمس في الزائد ، وكذا إذا كان أكثر ، أما إذا كان الدين أقل أخرج خمس مقدار التفاوت لا غير ، وإذا بقيت الأعيان المذكورة إلى السنة الآتية ، فوفى الدين في أثنائها صارت معدودة من أرباح السنة الثانية ، فلا يجب الخمس إلا على ما يزيد منها على مؤونة تلك السنة وكذا الحكم إذا اشترى أعياناً لغير المؤونة ـ كبستان ـ وكان عليه دين للمؤونة يساويها لم يجب إخراج خمسها ، فإذا وفى الدين في السنة الثانية كانت معدودة من أرباحها ، ووجب إخراج خمسها آخر السنة ، وإذا اشترى بستاناً ـ مثلاً ـ بثمن في الذمة مؤجلاً فجاء رأس السنة لم يجب إخراج خمس

٤٠٦

البستان ، فإذا وفى تمام الثمن في السنة الثانية كانت البستان من أرباح السنة الثانية ووجب إخراج خمسها ، وإذا وفى نصف الثمن في السنة الثانية كان نصف البستان من أرباح تلك السنة ، ووجب إخراج خمس النصف ، وإذا وفى ربع الثمن في السنة الثانية كان ربعها من أرباح تلك السنة ، وهكذا كلما وفى جزءاً من الثمن كان ما يقابله من البستان من أرباح تلك السنة. هذا إذا كان ذاك الشئ موجوداً ، أما إذا تلف فلا خمس فيما يؤديه لوفاء الدين ، وكذا إذا ربح في سنة مائة دينار ـ مثلاً ـ فلم يدفع خمسها العشرين ديناراً حتى جاءت السنة الثانية ، فدفع من أرباحها عشرين ديناراً وجب عليه خمس العشرين ديناراً التي هي الخمس ، مع بقائها ، لا مع تلفها ، وإذا فرض أنه اشترى داراً للسكنى فسكنها ، ثم وفى في السنة الثانية ثمنها لم يجب عليه خمس الدار ، وكذا إذا وفى في السنة الثانية بعض أجزاء الثمن لم يجب الخمس في الحصة من الدار ، ويجري هذا الحكم في كل ما اشترى من المؤن بالدين.

مسألة 1248 : إذا نذر أن يصرف نصف أرباحه السنوية ـ مثلاً ـ في وجه من وجوه البر وجب عليه الوفاء بنذره فإن صرف المنذور في الجهة المنذور لها قبل انتهاء السنة لم يجب عليه تخميس ما صرفه ، وإن لم يصرفه حتى انتهت السنة وجب عليه إخراج خمسه كما يجب عليه إخراج خمس النصف الآخر من أرباحه ، بعد إكمال مؤونته.

مسألة 1249 : إذا كان رأس ماله مائة دينار مثلاً فاستأجر دكاناً بعشرة دنانير ، واشترى آلات للدكان بعشرة ، وفي آخر السنة وجد ماله بلغ مائة كان عليه خمس الآلات فقط ، ولا يجب إخراج خمس أجرة الدكان ، لأنها من مؤونة التجارة ، وكذا أجرة الحارس ، والحمال ، والضرائب التي يدفعها إلى السلطان ، والسرقفلية التي يدفعها للحصول على الدكان ، فإن هذه المؤن مستثناة من الربح ، والخمس إنما يجب فيما زاد عليها ، كما عرفت ، نعم إذا

٤٠٧

كانت السرقفلية التي دفعها إلى المالك أو غيره أوجبت له حقاً في أخذها من غيره وجب تقويم ذلك الحق في آخر السنة ، وإخراج خمسه ، فربما تزيد قيمته على مقدار ما دفعه من السرقفلية ، وربما تنقص ، وربما تساوي.

مسألة 1250 : إذا حل رأس الحول فلم يدفع خمس الربح ثم دفعه ولو تدريجاً من ربح السنة الثانية لم يحسب ما يدفعه من المؤن ، إلا مع تلف الربح السابق عيناً وبدلاً ، وكذا لو صالحه الحاكم على مبلغ في الذمة لم يكن وفاء مال المصالحة من أرباح السنة الثانية من المؤن إلا إذا كان عوضاً عن خمس عين تالفة ، ولو كان عوضاً عن خمس عين موجودة فوفاه من ربح السنة الثانية قبل تخميسه صار خمس العين المزبورة من أرباح هذه السنة فيجب تخميسه عند انقضائها إذا لم يصرف في المؤونة.

مسألة 1251 : إذا حل رأس السنة فوجد بعض أرباحه أو كلها ديناً في ذمة الناس ، فإن أمكن استيفاؤه وجب دفع خمسه ، وإن لم يمكن تخير بين أن ينتظر استيفاءه في السنة اللاحقة ، فإذا استوفاه أخرج خمسه وكان من أرباح السنة السابقة ، لا من أرباح سنة الاستيفاء ، وبين أن يقدر مالية الديون فعلاً فيدفع خمسها ، فإذا استوفاها في السنة الآتية كان الزائد على ما قدر من أرباح سنة الاستيفاء.

مسألة 1252 : يتعلق الخمس بالربح بمجرد حصوله وإن جاز تأخير الدفع إلى آخر السنة ـ احتياطاً ـ للمؤونة ، فإذا أتلفه ضمن الخمس ، وكذا إذا أسرف في صرفه ، أو وهبه ، أو اشترى أو باع على نحوالمحاباة ، إذا كانت الهبة ، أو الشراء ، أو البيع غير لائقة بشأنه ، وإذا علم أنه ليس عليه مؤونة في باقي السنة ، فالأحوط ـ وجوباً ـ أن يبادر إلى دفع الخمس ، ولا يؤخره إلى نهاية السنة.

مسألة 1253 : إذا مات المكتسب ـ أثناء السنة بعد حصول الربح ـ

٤٠٨

فالمستثنى هوالمؤونة إلى حين الموت ، لإتمام السنة.

مسألة 1254 : إذا علم الوارث أن مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب عليه أداؤه ، وإذا علم أنه أتلف مالاً له قد تعلق به الخمس وجب إخراج خمسه من تركته ، كغيره من الديون ، نعم إذا كان المورث ممن لا يعتقد الخمس أو ممن لا يعطيه فلا يبعد تحليله للوارث المؤمن في كلتا الصورتين.

مسألة 1255 : إذا اعتقد أنه ربح ، فدفع الخمس فتبين عدمه ، انكشف أنه لم يكن خمس في ماله ، فيرجع به على المعطى له مع بقاء عينه ، وكذا مع تلفها إذا كان عالماً بالحال ، وأما إذا ربح في أول السنة ، فدفع الخمس باعتقاد عدم حصول مؤونة زائدة ، فتبين عدم كفاية الربح لتجدد مؤونة لم تكن محتسبة ، لم يجز له الرجوع إلى المعطى له ، حتى مع بقاء عينه فضلاً عما إذا تلفت.

مسألة 1256 : الخمس بجميع أقسامه وإن كان يتعلق بالعين ، إلا أن المالك يتخير بين دفع العين ودفع قيمتها ، ولا يجوز له التصرف في العين بعد انتهاء السنة قبل أدائه بل لا يجوز له التصرف في بعضها أيضاً وإن كان مقدار الخمس باقياً في البقية على الأظهر ، وإذا ضمنه في ذمته بالمداورة مع الحاكم الشرعي صح ، ويسقط الحق من العين ، فيجوز التصرف فيها.

مسألة 1257 : لا بأس بالشركة مع من لا يخمس ، إما لاعتقاده ـ لتقصير أو قصور ـ بعدم وجوبه ، أو لعصيانه وعدم مبالاته بأمر الدين ، ولا يلحقه وزر من قبل شريكه. ويجزيه أن يخرج خمسه من حصته في الربح.

مسألة 1258 : لا يجوز التصرف في العين بعد انتهاء السنة قبل دفع الخمس ، ولو تصرف فيها بالاتجار فإن كان الاتجار بما في الذمة وكان الوفاء بالعين غير المخمسة صحت المعاملة ولكن يلزمه دفع خمس تلك العين ولومن مال آخر ، وإن كان الاتجار بعين ما فيه الخمس فالظاهر صحة المعاملة

٤٠٩

أيضاً إذا كان طرفها مؤمناً من غير حاجة إلى إجازة الحاكم الشرعي ولكن ينتقل الخمس حينئذ إلى البدل كما أنه إذا وهبها لمؤمن صحت الهبة ، وينتقل الخمس إلى ذمة الواهب ، وعلى الجملة كل ما ينتقل إلى المؤمن ممن لا يخمس أمواله لأحد الوجوه المتقدمة بمعاملة أو مجاناً يملكه فيجوز له التصرف فيه ، وقد أحل الأئمة ـ سلام الله عليهم ـ ذلك لشيعتهم تفضلاً منهم عليهم ، وكذلك يجوز التصرف للمؤمن في أموال هؤلاء ، فيما إذا أباحوها لهم ، من دون تمليك ، ففي جميع ذلك يكون المهنأ للمؤمن والوزر على مانع الخمس ، إذا كان مقصراً.

٤١٠

المبحث الثاني

مستحق الخمس ومصرفه

مسألة 1259 : يقسم الخمس في زماننا ـ زمان الغيبة ـ نصفين ، نصف لإمام العصر الحجة المنتظر ـ عجل الله تعالى فرجه وجعل أرواحنا فداه ـ ونصف لبني هاشم : أيتامهم ، ومساكينهم ، وأبناء سبيلهم ، ويشترط في هذه الأصناف جميعاً الإيمان ، كما يعتبر الفقر في الأيتام ، ويكفي في ابن السبيل الفقر في بلد التسليم ، ولو كان غنياً في بلده إذا لم يتمكن من السفر بقرض ونحوه على ما عرفت في الزكاة. والأحوط وجوباً اعتبار أن لا يكون سفره معصية ولا يعطى أكثر من قدر ما يوصله إلى بلده ، والأظهر عدم اعتبار العدالة في جميعهم.

مسألة 1260 : الأحوط ـ إن لم يكن أقوى ـ أن لا يعطى الفقير أكثر من مؤونة سنته ، ويجوز البسط والاقتصار على إعطاء صنف واحد ، بل يجوز الاقتصار على إعطاء واحد من صنف.

مسألة 1261 : المراد من بني هاشم من انتسب إليه بالأب ، أما إذا كان بالأم فلا يحل له الخمس وتحل له الزكاة ، ولا فرق في الهاشمي بين العلوي والعقيلي والعباسي وغيرهم وإن كان الأولى تقديم العلوي بل الفاطمي.

مسألة 1262 : لا يصدق من ادعى النسب إلا بالبينة ، ويكفي في الثبوت الشياع والاشتهار في بلده الأصلي أوما بحكمه كما يكفي كل ما

٤١١

يوجب الوثوق والاطمئنان به.

مسألة 1263 : لا يجوز إعطاء الخمس لمن تجب نفقته على المعطي على الأحوط لزوماً ، نعم إذا كانت عليه نفقة غير لازمة للمعطي جاز ذلك ، كما لا يجوز إعطاؤه لمن يصرفه في الحرام بل الأحوط اعتبار أن لا يكون في الدفع إليه إعانة على الإثم وإغراء بالقبيح وإن لم يكن يصرفه في الحرام كما أن الأحوط عدم إعطائه لتارك الصلاة أو شارب الخمر أوالمتجاهر بالفسق.

مسألة 1264 : يجوز للمالك دفع النصف المذكور إلى مستحقيه مع استجماع الشرائط المتقدمة وإن كان الأحوط استحباباً الدفع إلى الحاكم الشرعي.

مسألة 1265 : النصف الراجع للإمام عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام يرجع فيه في زمان الغيبة إلى نائبه وهو الفقيه المأمون العارف بمصارفه إما بالدفع إليه أو الاستئذان منه ، ومصرفه ما يوثق برضاهعليه‌السلام بصرفه فيه ، كدفع ضرورات المؤمنين من السادات زادهم الله تعالى شرفاً وغيرهم ، والأحوط استحباباً نية التصدق به عنهعليه‌السلام ، واللازم مراعاة الأهم فالأهم ، ومن أهم مصارفه في هذا الزمان الذي قل فيه المرشدون والمسترشدون إقامة دعائم الدين ورفع أعلامه ، وترويج الشرع المقدس ، ونشر قواعده وأحكامه ومؤونة أهل العلم الذين يصرفون أوقاتهم في تحصيل العلوم الدينية الباذلين أنفسهم في تعليم الجاهلين ، وإرشاد الضالين ، ونصح المؤمنين ووعظهم ، وإصلاح ذات بينهم ، ونحو ذلك مما يرجع إلى إصلاح دينهم وتكميل نفوسهم ، وعلو درجاتهم عند ربهم تعالى شأنه وتقدست أسماؤه ، والأحوط لزوماً مراجعة المرجع الأعلم المطلع على الجهات العامة.

مسألة 1266 : يجوز نقل الخمس من بلده إلى غيره مع عدم وجود

٤١٢

المستحق ، بل مع وجوده إذا لم يكن النقل تساهلاً وتسامحاً في أداء الخمس ويجوز دفعه في البلد إلى وكيل الفقير وإن كان هو في البلد الآخر كما يجوز دفعه إلى وكيل الحاكم الشرعي ، وكذا إذا وكل الحاكم الشرعي المالك فيقبضه بالوكالة عنه ثم ينقله إليه.

مسألة 1267 : إذا كان المال الذي فيه الخمس في غير بلد المالك ولم يكن متمكناً من إعطائه من نفس العين إلا مع التأخير ولكن كان متمكناً من إعطاء قيمته فوراً لم يجب عليه ذلك بل يجوز له التأخير إلى أن يتيسر الدفع من العين ولكن اللازم عدم التساهل والتسامح في ذلك.

مسألة 1268 : في صحة عزل الخمس بحيث يتعين في مال مخصوص إشكال بل منع ، وعليه فإذا نقله إلى بلد لعدم وجود المستحق فتلف بلا تفريط لا تفرغ ذمة المالك ، نعم إذا قبضه وكالة عن المستحق أو عن الحاكم فرغت ذمته ، ولو نقله بإذن موكله فتلف من غير تفريط لم يضمن.

مسألة 1269 : إذا كان له دين في ذمة المستحق ففي جواز احتسابه عليه من الخمس بلا مراجعة الحاكم الشرعي إشكال ، فإن أراد الدائن ذلك فالأحوط أن يتوكل عن الفقير الهاشمي في قبض الخمس وفي إيفائه دينه ، أوإنه يوكل الفقير في استيفائه دينه وأخذه لنفسه خمساً.

٤١٣

كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

٤١٤
٤١٥

من أعظم الواجبات الدينية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قال الله تعالى :( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) .

روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنه قال : « كيف بكم إذا فسدت نساؤكم ، وفسق شبابكم ، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر» فقيل له : ويكون ذلك يا رسول الله؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « نعم » فقال : « كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ، ونهيتم عن المعروف » فقيل له : يا رسول الله ويكون ذلك؟ فقال : « نعم وشر من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟».

وقد روي عنهم ـعليهم‌السلام : ـ أن بالأمر بالمعروف تقام الفرائض وتأمن المذاهب ، وتحل المكاسب ، وتمنع المظالم ، وتعمر الأرض وينتصف للمظلوم من الظالم ، ولا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، وتعاونوا على البر ، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات وسلط بعضهم على بعض ، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء.

مسألة 1270 : يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع كون المعروف واجباً والمنكر حراماً وفي كون وجوبه عينياً أو كفائياً وجهان ، ولا يبعد الأول في إظهار الكراهة قولاً أو فعلاً والثاني فيما يتوقف على إعمال القدرة كالضرب والحبس مما كان من وظائف المحتسب في بعض الأزمنة السالفة.

مسألة 1271 : إذا كان المعروف مستحباً كان الأمر به مستحباً ،

٤١٦

فإذا أمر به كان مستحقاً للثواب ، وإن لم يأمر به لم يكن عليه إثم ولا عقاب. ويلزم أن يراعى في الأمر بالمستحب أن لا يكون على نحو يستلزم إيذاء المأمور أو إهانته ، كما لا بد من الاقتصار فيه على ما لا يكون ثقيلاً عليه بحيث يزهده في الدين ، وهكذا الحال في النهي عن المكروه.

يشترط في وجوب الأمر بالمعروف الواجب ، والنهي عن المنكر أمور :

الأول : معرفة المعروف والمنكر ولو إجمالاً ، فلا يجبان على الجاهل بالمعروف والمنكر ولكن قد يجب التعلم مقدمة للأمر بالأول والنهي عن الثاني.

الثاني : احتمال ائتمار المأمور بالمعروف بالأمر ، وإنتهاء المنهي عن المنكر بالنهي ، فإذا لم يحتمل ذلك ، وعلم أن الشخص الفاعل لا يبالي بالأمر أو النهي ، ولا يكترث بهما لا يجب عليه شيء على المشهور ، ولكن لا يترك الاحتياط بإظهار الكراهة فعلاً أو قولاً ولومع عدم احتمال الارتداع به.

الثالث : أن يكون الفاعل مصراً على ترك المعروف ، وارتكاب المنكر فإذا كانت أمارة على ارتداع العاصي عن عصيانه لم يجب شيء ، بل لا يبعد عدم الوجوب بمجرد احتمال ذلك ، فمن ترك واجباً أو فعل حراماً واحتمل كونه منصرفاً عنه أو نادماً عليه لم يجب شيء ، هذا واعتبار الإصرار لعله المشهور بين الفقهاء ولكن الظاهر كفاية إحراز عزمه على ترك المعروف وفعل المنكر حدوثاً أو بقاءً بحيث يكون توجيه الأمر أو النهي الشخصي إليه في محله عند العقلاء ولو لم يكن متلبساً بالمعصية فضلاً عن توقف الوجوب على الإصرار.

الرابع : أن يكون المعروف والمنكر منجزاً في حق الفاعل ، فإن كان

٤١٧

معذوراً في فعله المنكر ، أو تركه المعروف ، لاعتقاد أن ما فعله مباح وليس بحرام ، أوإن ما تركه ليس بواجب ، وكان معذوراً في ذلك للاشتباه في الموضوع ، أو الحكم اجتهاداً ، أو تقليداً لم يجب شيء ، وكذا إذا لم يكن معذوراً في فعله في بعض الموارد كما إذا عجز عن الجمع بين امتثال تكليفين بسوء اختياره وصرف قدرته في امتثال الأهم منهما فإنه لا يكون معذوراً في ترك المهم وإن كانت وظيفته عقلاً الإتيان بالأهم انتخاباً لأخف القبيحين بل والمحرمين ، هذا ولو كان المنكر مما لا يرضى الشارع بوجوده مطلقاً كالإفساد في الأرض وقتل النفس المحترمة ونحو ذلك فلا بد من الردع عنه ولو لم يكن المباشر مكلفاً فضلاً عما إذا كان جاهلاً بالموضوع أو بالحكم.

الخامس : أن لا يلزم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرر على الآمر في نفسه أو عرضه أو ماله المعتد به وكذا لا يلزم منه وقوعه في حرج لا يتحمله فإذا لزم الضرر أو الحرج لم يجب عليه ذلك إلا إذا أحرز كونه بمثابة من الأهمية عند الشارع المقدس يهون دونه تحمل الضرر أو الحرج ، والظاهر أنه لا فرق فيما ذكر بين العلم بلزوم الضرر أو الظن به أو الاحتمال المعتد به عند العقلاء الموجب لصدق الخوف. وإذا كان في الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر خوف الإضرار ببعض المسلمين في نفسه أو عرضه أو ماله المعتد به فالظاهر سقوط وجوبهما ، نعم إذا كان المعروف والمنكر من الأمور المهمة شرعا فلا بد من الموازنة بين الجانبين بلحاظ قوة الاحتمال وأهمية المحتمل فربما لا يحكم بسقوط الوجوب وربما يحكم به.

مسألة 1272 : لا يختص وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصنف من الناس دون صنف ، بل يجب عند اجتماع الشرائط المذكورة على

٤١٨

العلماء وغيرهم ، والعدول والفساق ، والسلطان والرعية ، والأغنياء والفقراء ، والظاهر عدم سقوطه ما دام كون الشخص تاركاً للمعروف وفاعلا للمنكر وإن قام البعض بما هو وظيفته من المقدار المتيسر له منه.

للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب :

الأولى : أن يأتي بعمل يظهر به انزجاره القلبي وكراهته للمنكر أو ترك المعروف ، كإظهار الانزعاج من الفاعل ، أو الإعراض والصد عنه ، أو ترك الكلام معه ، أو نحو ذلك من فعل أو ترك يدل على كراهة ما وقع منه.

الثانية : الأمر والنهي باللسان والقول ، بأن يعظ الفاعل وينصحه ، ويذكر له ما أعد الله سبحانه للعاصين من العقاب الأليم والعذاب في الجحيم ، أو يذكر له ما أعده الله تعالى للمطيعين من الثواب الجسيم والفوز في جنات النعيم ، ومنه التغليظ في الكلام والوعيد على المخالفة وعدم الإقلاع عن المعصية بما لا يكون كذباً.

الثالثة : إعمال القدرة في المنع عن ارتكاب المعصية بفرك الأذن أو الضرب أو الحبس ونحو ذلك ، وفي جواز هذه المرتبة من غير إذن الإمامعليه‌السلام أو نائبه إشكال ، ولكل واحدة من هذه المراتب مراتب أخف وأشد ، والمشهور الترتب بين هذه المراتب ، فإن كان إظهار الإنكار القلبي كافيا في الزجر اقتصر عليه ، والا أنكر باللسان ، فإن لم يكف ذلك أنكره بيده ، ولكن الظاهر أن القسمين الأولين في مرتبة واحدة فيختار الآمر أو الناهي ما يحتمل التأثير منهما ، وقد يلزمه الجمع بينهما. وأما القسم الثالث فهو مترتب على عدم تأثير الأولين ، والأحوط بل الأقوى في الأقسام الثلاثة الترتيب بين مراتبها فلا ينتقل إلى الأشد إلا إذا لم يكف الأخف إيذاءً أو هتكاً ، وربما يكون بعض ما تتحقق به المرتبة الثانية أخف من بعض ما تتحقق به المرتبة الأولى ،

٤١٩

بل ربما يتمكن البصير الفطن أن يردع العاصي عن معصيته بما لا يوجب إيذاءه أو هتكه فيتعين ذلك.

مسألة 1273 : إذا لم تكف المراتب المذكورة في ردع الفاعل ففي جواز الانتقال إلى الجرح والقتل وجهان ، بل قولان أقواهما العدم ، وكذا إذا توقف على كسر عضومن يد أو رجل أو غيرهما ، أو إعابة عضو كشلل أو اعوجاج أو نحوهما ، فإن الأقوى عدم جواز ذلك ، وإذا أدى الضرب إلى ذلك ـ خطأ أو عمداً ـ فالأقوى ضمان الآمر والناهي لذلك ، فتجري عليه أحكام الجناية العمدية ، إن كان عمداً ، والخطأية إن كان خطأ. نعم يجوز للإمام ونائبه ذلك إذا كان يترتب على معصية الفاعل مفسدة أهم من جرحه أو قتله ، وحينئذ لا ضمان عليه.

مسألة 1274 : يتأكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حق المكلف بالنسبة إلى أهله ، فيجب عليه إذا رأى منهم التهاون في الواجبات ، كالصلاة وأجزائها وشرائطها ، بأن لا يأتوا بها على وجهها ، لعدم صحة القراءة والأذكار الواجبة ، أولا يتوضئوا وضوءاً صحيحاً أولا يطهروا أبدانهم ولباسهم من النجاسة على الوجه الصحيح أمرهم بالمعروف على الترتيب المتقدم ، حتى يأتوا بها على وجهها ، وكذا الحال في بقية الواجبات ، وكذا إذا رأى منهم التهاون في المحرمات كالغيبة والنميمة ، والعدوان من بعضهم على بعض ، أوعلى غيرهم ، أو غير ذلك من المحرمات ، فإنه يجب أن ينهاهم عن المنكر حتى ينتهوا عن المعصية ، ولكن في جواز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالنسبة إلى الأبوين بغير القول اللين وما يجري مجراه من المراتب المتقدمة نظر وإشكال.

مسألة 1275 : إذا صدرت المعصية من شخص من باب الاتفاق ، وعلم أنه غير عازم على العود إليها لكنه لم يتب منها وجب أمره بالتوبة ، فإنها

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482