منهاج الصالحين ـ العبادات الجزء ١

منهاج الصالحين ـ العبادات12%

منهاج الصالحين ـ العبادات مؤلف:
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 482

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 482 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 154885 / تحميل: 5960
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين ـ العبادات

منهاج الصالحين ـ العبادات الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

٦ - أن تكون الحصاة حجراً، فلا يكفي الرمي بالملح والحديد والنحاس والخشب والخزف، وما إلى ذاك عند الجميع - ما عدا أبا حنيفة - فإنّه قال: يجزي كل ما كان مِن جنس الأرض، خزفاً أو طيناً أو حجراً. (المغني).

٧ - أن تكون الحصى أبكاراً، أي لَم يُرمَ بها مِن قَبل.

صرح بذلك الحنابلة.

ولا يُشترط الطهارة في الرمي، وإن كان معها أفضل.

وقال الإمامية: يستحب أن تكون الحصاة بقدر رأس الأنملة، وأن تكون خرشاً، لا سوداً ولا بيضاً ولا حمراً. وقال غيرهم: يستحب أن تكون بقدر حبة الباقلاء، أي الفول.

وقال الإمامية: يستحب للحاج أن يؤدي جميع أفعاله، وهو مستقبل القبلة إلاّ جمرة العقبة يوم العيد، فيتسحب له أن يكون مستدبراً؛ لأنّ النبي رماها كذلك.

وقال غيرهم: بل يستحب الاستقبال، حتى في هذه الحال.

ويستحب أن يكون حال الرمي راجلاً، ويجوز راكباً، وأن لا يبعد عن الجمرة أكثر مِن ١٠ أذرع، وأن يكون الرمي باليد اليمنى، وأن يدعو بالمأثور وغيره، ومِن المأثور:

(اللهمّ اجعله حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً.. اللهمّ إنّ هذه حصياتي، فأحصهن لي، وارفعهن في عملي.. الله أكبر، اللهمّ ادحر الشيطان عني).

الشك

إذا شك في أنّه أصاب الهدف أو لا، بنى على عدم الإصابة، وإذا شك في العدد بنى على الأقل؛ لأنّ الأصل عدم الزيادة.

٢٦١

وبالتالي، فإنّ جمرة العقبة أوّل منسك يؤديه الحاج مِن مناسك منى في يوم العيد، ثمّ يذبح أو يحلق أو يقصر، ثمّ يمضي إلى مكة لأجل الطواف في هذا اليوم بالذات، ولا جمرة غير هذه يوم العيد. وإلى الكلام عن الهدي في الفصل التالي.

٢٦٢

الهدي

الواجب الثاني مِن أعمال منى يوم العيد هو الهدي، والكلام عنه يقع أوّلاً: في تقسيمه إلى واجب وغيره، ثمّ تقسيم الواجب إلى أقسام. ثانياً: فيمن يجب عليه الهدي. ثالثاً: في صفات الهدي. رابعاً: في وقته ومحل نحره أو ذبحه. خامساً: في حكم لحمه. سادساً: في البدل عنه لمن لَم يجد الهدي ولا ثمنه. وإليك التفصيل:

أقسام الهدي

ينقسم الهدي إلى واجب ومستحب، والمستحب هو الأضحية. وجاء في تفسير قوله تعالى:( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) أنّ الله أمر نبيه المرسل (صلّى الله عليه وسلّم) بالنحر بَعد صلاة العيد، وجاءت الرواية أنّ النبي ضحّى بكبشين أقرنين أملحين. والأقرن: ما له قرن. والأملح: ما غلب بياضه على سواده.

وقال المالكية والحنفية: إنّ الأضحية واجبة على كل أهل بيت في كل عام كما هي الحال بالقياس إلى زكاة الفطر.

وقال الإمامية والشافعية: إنّ أيام الأضحية المستحبة في منى أربعة: يوم العيد، والثلاثة التي تليه - وهي أيام التشريق -، أمّا في غير منى فأيّام الأضحية

٢٦٣

ثلاثة فقط: يوم العيد، والحادي عشر، والثاني عشر.

وقال المالكية والحنابلة والحنفية: إنّ أيامها ثلاثة في منى وغير منى.

ومهما يكن، فإنّ أفضل أوقاتها يوم الأضحى بَعد طلوع الشمس، ومضي ما يتسع لصلاة العيد والخطبتين. (التذكرة).

والدماء الواجبة بنص القرآن الكريم أربعة: (١) دم التمتع، قال تعالى:( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ ) . (٢) دم الحلق، وهو مخير، قال عزّ مِن قائل:( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) . (٣) هدي الجزاء، قال سبحانه:( فمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) . (٤) وهدي الحصار، قال عزّ شأنه:( فَإِنْ أُحْـصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ ) . (التذكرة).

ويضاف إلى هذه الأربعة ما وجب بالعهد، أو النذر، أو اليمين. ونتحدث في الفقرة التالية عن الهدي، كجزء مِن أعمال الحج ومنسك مِن مناسكه.

مَن يجب عليه الهدي؟

لا يجب الهدي على مَن اعتمر بعمرة مفردة، ولا على الحاج المفرِد بالاتفاق، وأيضاً اتفقوا قولاً واحداً على وجوب الهدي على المتمتع غير المكّي. وقال الأربعة: يجب على القارن أيضاً.

وقال الإمامية: لا يجب الهدي على القارن إلاّ بنذر، أو بسياق الهدي معه مِن الإحرام.

واختلفوا في المكي إذا تمتع: هل عليه دم أو لا؟ قال الأربعة: لا يجب عليه الهدي، فقد جاء في كتاب (المغني): (لا خلاف بين أهل العلم أنّ دم

٢٦٤

المتعة لا يجب على حاضري المسجد الحرام).

وقال الإمامية: لو حج المكي حج التمتع(١) يجب عليه الهدي، فقد جاء في كتاب (الجواهر): (لو تمتع المكّي وجب عليه الهدي على المشهور شهرة عظيمة).

واتفقوا على أنّ الهدي الواجب ليس ركناً مِن أركان الحج.

صفات الهدي

يشترط في الهدي ما يلي:

١ - أن يكون مِن الأنعام: الإبل، والبقر، والغنم، والمعز بالاتفاق. وجاء في كتاب (المغني) أنّ الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة قالوا: (لا يجزي مِن الضأن إلاّ الجذع، وهو الذي له ستة أشهر، ومِن المعز الثني، وهو ما له سنة، ومِن البقر ما له سنتان، ومِن الإبل ما له خمس سنوات).

ويتفق هذا مع ما جاء في كتاب (الجواهر) للإمامية، سوى أنّه فسّر الثني مِن الإبل بما دخل في السادسة، والمعز ما دخل في الثانية.

وقال السيد الحكيم والسيد الخوئي: يجزي مِن الإبل ما دخل في السادسة، ومِن البقر والمعز ما دخل في الثالثة، ثمّ قالا: ومِن الغنم ما دخل في الثانية على الأحوط.

٢ - أن يكون الهدي تاماً خالياً مِن العيوب، فلا تجزي العوراء، ولا العرجاء، ولا المريضة، ولا الكبيرة التي لا مخ لها بالاتفاق.

واختلفوا في الخصي، وفي الجماء وهي: التي لا قرن لها، وفي الصماء وهي:

____________________

(١) قدّمنا أنّ فرض المكي عند الإمامية القران أو الإفراد، وعند غيرهم مخير بين أنواع الحج الثلاثة.

٢٦٥

التي لا إذن لها، أو لها إذن صغيرة، وفي البتراء وهي: المقطوعة الذنب.

فقال السيد الحكيم والسيد الخوئي: لا يجزي شيء منها.

وقال صاحب المغني: بل يجزي كل نوع منها.

وقال العلاّمة الحلّي في التذكرة: الإناث مِن الإبل والبقر أفضل، والذكران مِن الضأن والمعز أولى، ولا خلاف في جواز العكس في البابين.

وقال صاحب المغني: الذكر والأنثى في الهدي سواء.

وقت الهدي ومكانه

امّا وقت ذبح الهدي أو نحره فقال المالكية والحنفية والحنابلة: إنّه يوم العيد وتالياه الحادي عشر والثاني عشر، سوى أنّ الحنفية قالوا: إنّ هذا الوقت لهدي القران والتمتع، أمّا غيره فلا يتقيد بزمان، ولَم يفرق المالكية بين أنواع الهدي، كما جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة.

وقال الحنابلة: إن قدّم الذبح عن وقته وجب عليه البدل، وإن أخره عنه: فإن كان تطويعاً سقط بذهاب وقته، وإن كان واجباً قضاه.

وقال الحنفية: إن ذبح هدي التمتع والقران قَبل أيام العيد الثلاثة لَم يجز، وإن تأخر أجزأ، وعليه كفارة عن التأخر.

وقال الشافعية: وقت الهدي الواجب على المتمتع إحرامه بالحج ويجوز تقديمه عليه، ولا حد لآخره، والأفضل يوم النحر. (الفقه على المذاهب الأربعة).

وبَعد أن أوجب الإمامية النية في الذبح أو النحر قالوا: إنّ وقت الذبح أو النحر هو يوم العيد، وإن أخره إلى اليوم الثاني أو الثالث أو الرابع يجزي ولكن يأثم بالتأخير، وكذلك يجزي لو ذبحه بقية أيام ذي الحجة. ونقل صاحب

٢٦٦

الجوار عدم الخلاف في ذلك، حتى ولو كان التأخير بدون عذر.

ولا يجوز تقديم الذبح أو النحر على اليوم العاشر عند الإمامية.

أمّا مكان الهدي فهو الحرم عند الحنفية والشافعية والحنابلة، ويشمل الحرم منى(١) وغيرها، وقد أشرنا إلى تحديده في فصل سابق بعنوان (محظورات الإحرام) فقرة (حدّ الحرمين).

وقال المالكية: لذبح الهدي بمنى ثلاثة شروط: الأوّل: أن يكون مسوقاً في إحرام الحج، لا في إحرام العمرة. الثاني: أن يقف بالهدي بعرفة جزءاً مِن ليلة يوم العيد. والثالث: أن يريد نحره أو ذبحه في يوم العيد أو تاليه.

وقال الإمامية: لن يكون النحر أو الذبح للمتمتع إلاّ بمنى، حتى لو تمتع ندباً لا وجوباً، أمّا ما يُساق في إحرام العمرة فينحر أو يذبح بمكة. (التذكرة).

وعلى أيّة حال، فإنّ الهدي بمنى جائز عند الجميع، وهو الأفضل، قال ابن رشد: (وبالجملة، النحر بمنى إجماع مِن العلماء). وبالتالي، فإنّ الخلاف بين الإمامية وبين غيرهم: إنّ الإمامية يقولون بتعيين منى، وغيرهم يقولون بالتخيير بينها وبين غيرها مِن أجزاء الحرم.

لحم الهدي

قال الحنابلة والشافعية: ما وجب نحره بالحرم وجب تفرقة لحمه فيه على المساكين.

وقال الحنفية والمالكية: بل يجوز تفرقة لحمه في الحرم وغيره.

وقال الشافعية: كل ما كان واجباً مِن الهدي لا يجوز الأكل منه، وكل ما

____________________

(١) تبعد منى عن مكة فرسخاً واحداً.

٢٦٧

كان تطوعاً يجوز الأكل منه.

وقال المالكية: يأكل مِن الهدي كله إلاّ فدية الأذى، وجزاء الصيد، وما نذر للمساكين، وهدي التطوع إذا عطب قَبل محله.

(المغني، والفقه على المذاهب الأربعة، وفقه السنّة).

وقال الإمامية: يتصدق بثلث الهدي على الفقير المؤمن، ويهدي الثلث إلى المؤمنين حتى ولو كانوا أغنياء، ويأكل مِن الثلث الباقي. (الجواهر، ومنسكا السيدين الحكيم والخوئي).

البدل

اتفقوا على أنّ الحاج إذا لَم يجد الهدي ولا ثمنه انتقل إلى البدل عنه، وهو صوم عشرة أيام، ثلاثة منها متتابعات في أيام الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله؛ لقوله تعالى:( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ) (١) .

وتعتبر القدرة على الهدي في مكانه، فمتى عدم مِن موضعه انتقل إلى الصوم، حتى ولو كان قادراً عليه في بلده؛ لأنّ وجوبه مؤقت، وما كان كذلك اعتبرت القدرة عليه في وقته، تماماً كالماء في الطهارة. (التذكرة).

التوكيل بالذبح

الأفضل أن يتولى الحاج الذبح بنفسه، ويجوز أن يوكل فيه غيره؛ لأنّه

____________________

(١) يلاحظ أنّ كل ما فيه نص صريح مِن القرآن فهو محل وفاق بين جميع المذاهب الإسلامية، لا فرق بين الشيعة منها وبين السنّة، وأنّ الاختلاف بينهم إنّما يكون لعدم النص، أو إجماله، أو ضعفه، أو معارضته في غيره، أو في تفسيره وتطبيقه، وهذا دليل قاطع على أنّ الجميع يصدرون مِن معين واحد.

٢٦٨

مِن الأفعال التي تقبل النيابة، على أن ينوي الوكيل النيابة في الذبح عن الأصيل، والأفضل أن ينويا معاً.

وقال الإمامية: يستحب أن يضع الحاج يده مع يد الذابح، أو يحضر حال الذبح.

وجاء في كتاب (مناهج اليقين) للشيخ عبد الله المامقاني مِن الإمامية: (إذا غلط الوكيل في اسم الأصيل، أو نسي اسمه لَم يضر ذلك؛ لأنّ العمدة على القصد). وهو جيد، فقد جاء عن الإمام أنّ وكيلاً في الزواج أخطأ باسم الجارية، فسمّى غيرها. فقال الإمام: (لا بأس).

القانع والمعتر

جاء في القرآن الكريم الآية ٣٦ مِن سورة الحج:( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) . قال الإمام الصادق: (القانع: هو الذي يرضى بما تعطيه، ولا يسخط، ولا يكلح، ولا يلوي شدقه غضباً. والمعتر: هو الذي يمر بك لتعطيه، أي يعترض لك).

عوض البدنة

مَن وجبت عليه بدنة في كفارة أو نذر ولَم يجدها كان عليه سبع شيات يذبحها على الترتيب، وإن لَم يتمكن صام ثمانية عشر يوماً. (التذكرة).

التقليد والإشعار

التقليد: أن يجعل في عنق الهدي نعلاً وما أشبهه. والإشعار: أن يشق صفحة السنام الأيمن للإبل أو البقر حتى يدميها، ويلطخها بالدم.

٢٦٩

وقد استحب الإشعار والتقليد عامة فقهاء المذاهب إلاّ (أبو حنيفة) فإنّه قال: يسن تقليد الغنم، ويسن تقليد الإبل، أمّا الإشعار فلا يجوز بحال؛ لأنّه تعذيب وإيلام للحيوان. (المغني).

وكلّنا مِن انصار الرفق بالحيوان، وكلّنا في الوقت نفسه مسلمون، وقد أباح الإسلام ذبح الحيوان ونحره، بل أوجبه في الهدي باعتراف أبي حنيفة وفتواه وعمله، فالإشعار بطريق أولى.

الصدقة على غير المسلم

قال السيد الخوئي في مناسك الحج: (إذا تصدق الحاج أو أهدى الذبيحة إلى إنسان جاز لهذا الأخير أن يعطيها لمن شاء حتى لغير المؤمن والمسلم).

وبصورة عامة، أباح الإمامية الوقف والصدقة غير الواجبة على المسلم وغير المسلم. قال السيد أبو الحسن الأصفهاني في وسيلة النجاة: (لا يعتبر في المتصدق عليه في الصدقة المندوبة الفقر ولا الإيمان، بل ولا الإسلام، فتجوز على الغني وعلى غير الإمامي، وعلى الذمي، وإن كانا أجنبيين)، أي ليسا مِن قرابة المتصدق. بل قال السيد كاظم في ملحقات العروة: تجوز الصدقة حتى على الحربي.

حرق الهدي وطمره

مِن عادة الحجاج - اليوم - أن يدفعوا نقوداً لمن يقبل الهدي(١) ثمّ يدفنه أو يطرحه جانباً، بالنظر لكثرة الهدي وعدم وجود المستهلكين.

ولَم أرَ أحداً فيما قرأت تعرّض لجواز ذلك أو منعه، رغم الحاجة الماسة

____________________

(١) قال السيد الحكيم: إذا تعذر التصدق بالهدي سقط وإذا لَم يقبل الفقير الصدقة إلاّ ببذل مال لَم يجب.

٢٧٠

إلى معرفة حكمه ودليله. وفي سنة ١٩٤٩ استفتى الحجاج المصريون جامع الأزهر في ذلك، وطلبوا الإذن بدفع ثمن الهدي إلى المحتاجين، فنشر فضيلة الشيخ محمود شلتوت(١) كلمة في العدد الرابع مِن المجلد الأوّل مِن رسالة الإسلام التي تصدرها دار التقريب بالقاهرة، أوجب فيها الذبح حتى ولو استوجب الحرق أو الطمر.

ورددتُ عليه في مقال مطول نُشر في عددين على التوالي مِن أعداد الرسالة المذكورة سنة ١٩٥٠، وحين أعادت (دار العلم للملايين) ببيروت نشر كتاب (الإسلام مع الحياة) أدرجته فيه بعنوان: (هل تعبّدنا الشرع بالهدي في حال يترك فيه للفساد؟). وكان قد انتهى بي القول إلى أنّ الهدي إنّما يجب حيث يوجد الآكل، أو يمكن الانتفاع به بتجفف اللحم، أو تعليبه بصورة فنية بحيث يسوغ أكله، أمّا إذا انحصر الهدي في الإتلاف كالحرق والطمر فإنّ جوازه - والحال هذه - محل للنظر والإشكال. ومَن أراد التفصيل ومعرفة الدليل فليرجع إلى كتاب (الإسلام مع الحياة) الطبعة الثانية.

وبعدها اطلعتُ على حديث في الوسائل يؤيد ما ذهبنا إليه، فقد نقل صاحب الوسائل في الأضحية - بعنوان: باب تأكد استحباب الأضحية - هذه الرواية عن الصادق عن آبائه عن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) أنّه قال: (إنّما جعل هذا الأضحى لتشبع مساكينكم مِن اللحم فأطعموهم).

وهذا الحديث وإن كان خاصاً في الأضحية المستحبة لكنّه يلقي ضوءاً على الهدي الواجب.

____________________

(١) لقد أصبح سنة ١٩٦٣ شيخ الأزهر، وكان يومذاك عضواً في جماعة كبار العلماء.

٢٧١

بين مكة ومنى

قدّمنا أنّ العمل الأوّل في اليوم العاشر بمنى هو رمي جمرة العقبة، وفي الثاني الهدي، أمّا في الثالث فهو الحلق أو التقصير، وقد تكلمنا عنه في فصل سابق بعنوان (السعي والتقصير)، كما أشرنا إلى حكم تقديم الحلق أو التقصير على الذبح بعنوان (في منى)، ومَن أحب التفصيل فليرجع إلى هذين الفصلين.

وإذا قضى الحاج مناسكه في منى يوم العيد مِن الرمي والذبح رجع إلى مكة، وطاف بالبيت طواف الزيارة، وصلّى ركعتيه، ثمّ سعى بين الصفا والمروة.

وعند الأربعة يعود إلى منى بَعد هذا الطواف، ويحلّ له عندهم كل شيء حتى النساء.

وعند الإمامية يطوف طوافاً آخر، وهو طواف النساء، ويصلّي ركعتيه ولا تحلّ النساء عندهم إلاّ بهذا الطواف، وتكلمنا عن ذلك مفصلاً فيما تقدم.

المبيت بمنى

إذا انتهى مِن الطواف وجب عليه العودة إلى منى في ليالي التشريق، وهي ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر وليلة الثالث عشر، إلاّ إذا تعجّل وخرج بَعد الزوال وقَبل غروب شمس اليوم الثاني عشر، فلا يجب عليه شيء والحال هذه

٢٧٢

في اليوم الثالث؛ لقوله تعالى:( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ) .

وقال أبو حنيفة: المبيت بمنى سنّة، وليس بواجب.

واتفق القائلون بوجوب المبيت على أنّه نُسك وليس بركن، واختلفوا في وجوب الكفارة على تاركه:

قال ابن حنبل: لا شيء عليه.

وقال الشافعي: عليه أن يكفّر بمُد. (التذكرة، والمغني، وفقه السنّة).

وقال المالكية: عليه دم. (شرح الزرقاني على موطأ مالك).

وقال الإمامية: (إذا بات بغير منى فإن كان بمكة مشتغلاً بالعبادة حتى أصبح فلا فدية عليه، أمّا إذا بات غير متعبد أو بات في غير مكة وإن تعبّد كان عليه عن كل ليلة شاة، حتى ولو كان ناسياً أو جاهلاً). (مناهج السالكين للسيد الحكيم).

ولا يجب شيء مِن الأعمال في ليالي منى، ويستحب التهجد والعبادة.

الرمي أيام التشريق

لا عمل للحاج - متمتعاً كان أو قارناً أو مفرِداً - أيام التشريق إلاّ أن يرمي في كل يوم منها ثلاث جمار بالاتفاق، أمّا عدد الحصى وما يتصل بها فعلى ما مر في جمرة العقبة التي رماها يوم العيد.

وقال الإمامية: يبدأ وقت الرمي مِن كل يوم مِن الأيام الثلاثة مِن طلوع الشمس إلى غروبها.

وقال الأربعة: بل مِن زوال الشمس إلى غروبها، فإن رماها قَبل الزوال أعاد، على أنّ الإمامية قالوا: عند الزوال أفضل.

٢٧٣

وأجاز أبو حنيفة الرمي قَبل الزوال في اليوم الثالث فقط، ويجوز تأخير الرمي إلى ما بَعد الغروب لأُولي الأعذار.

ونحمد الله سبحانه، حيث اتفقوا جميعاً على عدد هذه الجمار، وكيفية رميها في الأيام الثلاثة. وفيما يلي نذكر صورة الرمي كما جاءت في كتاب (التذكرة) وكتاب (المغني):

يومي الحاج في كل يوم مِن الأيام الثلاثة إحدى وعشرين حصاة على ثلاث دفعات، كل واحدة منها سبع حصى، يبتدئ بالأُولى، وهي أبعد الجمرات مِن مكة وتلي مسجد الخيف، ويستحب أن يرميها حذفاً(١) عن يسارها مِن بطن المسيل بسبع حصى، ويكبّر عند كل حصاة، ويدعو.

ثمّ يتقدم إلى الجمرة الثانية - وتُسمّى الوسطى - ويقف عن يسار الطريق، ويستقبل القبلة، ويحمد الله ويثني عليه، ويصلّي على النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، ثمّ يتقدم قليلاً ويدعو، ثمّ يرمي الجمرة، ويصنع كما صنع عند الأًُولى، ويقف، ويدعو أيضاً بَعد الحصاة الأخيرة.

ثمّ يمضي إلى الجمرة الثالثة - وتُسمّى أيضاً بجمرة العقبة - ويرميها كالسابقة ولا يقف بعدها، وبها يختم الرمي(٢) .

فمجموع ما يرميه في الأيام الثلاثة بمنى ٦٣ حصاة - إن بات بمنى ليلة الثالث عشر - كل يوم ٢١، تضاف إلى السبع التي رماها يوم العيد، فتتم على السبعين.

بَعد أن نقل هذا صاحب التذكرة قال: لا نعلم فيه خلافاً، وقال صاحب الغني: (ولا نعلم في جميع ما ذكرنا خلافاً إلاّ مالكاً فقد خالف موضوع رفع اليدين).

____________________

(١) الحذف: أن يضع الحصاة على باطن الإبهام، ويدفعها بظاهر السبابة.

(٢) قال السيد الحكيم: ينبغي أن يرمي الثالثة مستدبراً القبلة، وجاء في المغني: يرميها مستقبلاً الكعبة.

٢٧٤

وما ذكره صاحب المغني عين ما ذكره صاحب التذكرة، أو قريب منه.

وبهذا يتبين أنّ لكل واحدة مِن الجمار الثلاث مكاناً خاصاً بها مِن منى، لا يجوز التعدي عنه.

واتفقوا جميعاً - ما عدا أبا حنيفة - على وجوب الترتيب بين هذه الجمار، فلو قدّم بعضها على بعض وجبت الإعادة على ما يحصل به الترتيب.

وقال أبو حنيفة: لا يجب الترتيب. (التذكرة، والمغني).

ويجوز الرمي راكباً وماشياً، والمشي أفضل. ويجوز لمن له عذر أن يرمي عنه غيره، ولو ترك التكبير أو الدعاء أو الوقوف بَعد الثانية فلا شيء عليه.

وإذا أخر رمي يوم إلى ما بعده عامداً أو جاهلاً أو ناسياً، أو أخر الرمي بكامله إلى آخر أيام التشريق ورماها في يوم واحد فلا شيء عليه عند الشافعية والمالكية.

وقال أبو حنيفة: إن ترك حصاة أو حصاتين أو ثلاثاً إلى الغد استدرك رميها في الغد، وعليه عن كل حصاة إطعام مسكين، وإن ترك أربعاً رماها في الغد وعليه دم.

واتفق الأربعة على أنّ مَن لَم يرم الجمار حتى مضت أيّام التشريق فلا يجب عليه أن يرميها أبداً.

ثمّ اختلف الأربعة فيما بينهم في التكفير عن ذلك، فقال المالكية: مَن ترك الجمار كلها أو بعضها ولو واحدة فعليه دم.

وقال الحنفية: إن تركها فعليه دم، وإن ترك جمرة فصاعداً فعن كل جمرة إطعام مسكين.

وقال الشافعية: عليه عن الحصاة الواحدة مُد مِن طعام وعن حصاتين مدان، وعن الثلاث دم. (بداية ابن رشد، والمغني).

٢٧٥

وقال الإمامية: إذا نسي رمي جمرة أو بضها أعاد مِن الغد ما دامت أيام التشريق، وإن نسي الجمار بكاملها حتى وصل إلى مكة وجب عليه الرجوع إلى منى والرمي إن كانت أيام التشريق باقية، وإلاّ قضى الرمي في السنة القادمة بنفسه، أو استناب عنه، ولا كفارة عليه. (التذكرة).

ويتفق هذا مع فتوى السيدين الحكيم والخوئي، إلاّ أنّ الأوّل نعَت وجوب القضاء بالأقوى، ونعته الثاني بالأحوط، واتفقا على أنّ مَن ترك الرمي متعمداً لَم يبطل حجه.

وأشرنا فيما سبق إلى اتفاق المذاهب على أنّ للحاج أن يكتفي بيومين مِن أيام التشريق، فيخرج مِن منى قَبل أن تغرب شمس اليوم الثاني عشر، فإن غربت وهو بها وجب عليه المبيت والرمي في اليوم الثالث عشر، ولكنّ الإمامية قالوا: إنّما يجوز هذا الخروج والتعجيل لمن كان قد اتّقى الصيد والنساء في إحرامه، وإلاّ يجب عليه المبيت في ليلة الثالث عشر أيضاً.

وتستحب الصلاة في مسجد الخيف بمنى، وفي سفح كل جبل يُسمّى خيفاً. (التذكرة).

وإذا عاد إلى مكة بَعد الانتهاء مِن مناسك منى استُحب أن يطوف طواف الوداع عند الإمامية والمالكية.

وقال الحنفية والحنابلة: طواف الوداع واجب على غير المكي، وعلى مَن لا يريد الإقامة بمكة بَعد الرجوع مِن منى.

وإذا حاضت المرأة قَبل أن تودّع خرجت، ولا وداع عليها ولا فدية عند مَن قال بالوجوب على غير الحائض، ولكن يستحب أن تودّع مِن أدنى باب مِن أبواب المسجد ولا تدخل.

وبهذا يختم الحاج أعماله، وفي الفصل التالي صورة الحج على المذاهب.

٢٧٦

صورة الحج

رغبة في التوضيح والتيسير على القارئ، نذكر فيما يلي صورة جامعة لأعمال الحج حسب الترتيب الشرعي بينها:

يُحْرِم الحاج البعيد عن مكة مِن الميقات الذي مر به أو بما يحاذيه، ويشرع بالتلبية(١) لا فرق في ذلك بين معتمِر بعمرة مفردة، أو متمتع أو مفرِد أو قارن، أمّا أهل الحرم فيحرمون مِن منازلهم(٢) .

فإذا رأى البيت كبّر وهلل - استحباباً -.

وإذا دخل مكة اغتسل - استحباباً أيضاً -.

ثمّ يدخل البيت، ويستلم الحجر الأسود ويقبّله إن استطاع، وإلاّ أشار إليه بيده، ويطوف طواف القدوم - استحباباً-(٣) إن كان مفرِداً أو قارناً،

____________________

(١) التلبية واجبة عند الإمامية والحنفية والمالكية، مستحبة عند الحنابلة. أمّا وقتها فعند الشروع بالإحرام.

(٢) الإمامية يوجبون حج التمتع على غير المكي، أمّا المكي فيخيرونه بين القران والإفراد. والمذاهب الأربعة لا تفرق بين المكي وغيره في أن يختار أي نوع شاء مِن أنواع الحج سوى أنّ أبا حنيفة كره للمكي حج التمتع والقران.

(٣) طواف القدوم مستحب عند الجميع إلاّ مالكاً فقد ذهب إلى وجوبه.

٢٧٧

ثمّ يصلّي ركعتي الطواف، ثمّ يستلم الحجر إن استطاع، ويخرج مِن البيت، ثمّ يقيم بمكة باقياً على إحرامه، فإذا جاء يوم التروية - وهو اليوم الثامن مِن ذي الحجة - خرج إلى عرفة، وإن شاء خرج قَبله بيوم.

وإن كان معتمِراً بعمرة مفردة، أو حاجاً حج التمتع طاف - وجوباً - وصلّى ركعتي الطواف، ثمّ سعى بين الصفا والمروة، ثمّ حلق أو قصر(١) ، ويتحلل حينئذٍ مِن إحرامه ويباح له كل شيء حتى النساء(٢) .

ثمّ يُنشئ المتمتع إحراماً آخر مِن مكة في وقت يمكنه فيه أن يدرك الوقوف بعرفة حين الزوال مِن اليوم التاسع مِن ذي الحجة، والأفضل الإحرام يوم التروية - وهو اليوم الثامن مِن ذي الحجة - وأن يكون تحت الميزاب.

ويتجه الحاج متمتعاً كان أو قارناً أو مفرِداً إلى عرفة ماراً بمنى، ويبدأ وقت الوقوف بعرفة مِن زوال اليوم التاسع إلى فجر اليوم العاشر عند الحنفية والشافعية والمالكية.

ومِن فجر التاسع إلى فجر العاشر عند الحنابلة.

ومِن زوال التاسع إلى غروب شمسه عند الإمامية، وللمضطر إلى فجر

____________________

(١) قال الإمامية: يُخير بين الحلق والتقصير إن كان معتمِراً بعمرة مفردة، أمّا إذا كان متمتعاً فيتعين عليه التقصير، كما أوجبوا على مَن اعتمر بعمرة مفردة أن يطوف ثانية طواف النساء بَعد الحلق أو التقصير ولا تحلّ له النساء بَعد هذا الطواف. وقال الأربعة بالتخيير بين الحلق والقصر للإثنين، ولَم يوجبوا طواف النساء على أحدٍ معتمِراً كان أو حاجاً، كما أنّ مالكاً لَم يوجب الحلق أو التقصير على المعتمِر بعمرة مفردة.

(٢) قال الإمامية: يحلّ المتمتع إذا قصر، حتى ولو كان معه هدي، أي ساقه وقت الإحرام. وقال غيرهم: إنّ المتمتع الذي أحرم بالعمرة مِن الميقات يحلّ إن حلق أو قصر إن لَم يكن معه هدي، ويبقى محرِماً إن كان معه هدي، أمّا المعتمِر بعمرة مفردة فإنّه يحلّ مطلقاً، سواء أكان معه هدي أم لَم يكن. وبَعد أن ذكر هذا صاحب المغني قال: لا نعلم فيه خلافاً.

٢٧٨

اليوم العاشر(١) .

ويدعو الحاج بعرفة، ويلح في الدعاء - استحباباً -.

ثمّ يتجه إلى المزدلفة يصلّي فيها صلاة المغرب والعشاء ليلة العيد جامعاً بينهما - استحباباً - بالاتفاق.

ويجب عليه المبيت في هذه الليلة بالمزدلفة عند الحنفية والشافعية والحنابلة. ولا يجب عند الإمامية والمالكية، ولكنّه الأفضل.

وفيها يجب الوقوف بالمشعر الحرام بَعد طلوع الفجر عند الإمامية والحنفية، ومستحب عند غيرهم.

ومِن المزدلفة يأخذ الحاج سبعين حصاة - استحباباً - ليرميها بمنى.

ثمّ يتجه إلى منى قَبل طلوع الشمس مِن يوم العيد فيرمي جمرة العقبة، متمتعاً كان أو قارناً أو مفرِداً، ويرميها بين طلوع الشمس وغيابها، ويكبّر ويسبّح عند الرمي - استحباباً -.

ثمّ يذبح إن كان متمتعاً غير مكي بالاتفاق، ولا يجب على المفرِد بالاتفاق، ولكن يستحب. أمّا القارن فيجب عليه الذبح عند الأربعة، ولا يجب عليه عند الإمامية إلاّ إذا صحب معه الأضحية وقت الإحرام، وإذا تمتع المكي وجب عليه الذبح عند الإمامية، ولا يجب عند بقية المذاهب.

ثمّ يحلق أو يقصر - متمتعاً كان أو قارناً أو مفرِداً - ويحلّ له بالحلق أو التقصير ما حرُم عليه إلاّ النساء عند الحنابلة والشافعية والحنفية، وإلاّ النساء والطيب عند الإمامية والمالكية.

ثمّ يعود إلى مكة في نفس اليوم - أي يوم العيد - فيطوف طواف الزيارة،

____________________

(١) يجب الوقوف بعرفة في جميع الوقت المحدد عند الإمامية، وتكفي ولو لحظة منه عند غيرهم. وأجتمعت المذاهب على استحباب الجمع بين الصلاتين؛ لأنّ النبي (ص) جمع بعرفة.

٢٧٩

ويصلّي ركعتيه - متمتعاً كان أو قارناً أو مفرِداً - ويحلّ له كل شيء، حتى النساء عند الأربعة.

ثمّ يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً بالاتفاق، وإن كان مفرِداً أو قارناً وجب عليه السعي بَعد طواف الزيارة عند الإمامية على كل حال، وعند غيرهم لا يجب عليه السعي إذا كان قد سعى بَعد طواف القدوم، وإلاّ وجب.

وعند الإمامية يجب أن يطوف طوافاً آخر بَعد السعي - متمتعاً كان أو قارناً أو مفرِداً - وهذا هو طواف النساء، ولا تحلّ إلاّ به عندهم.

ثمّ يعود الحاج إلى منى في نفس اليوم العاشر، وينام فيها ليلة الحادي عشر، ويرمي الجمار الثلاث عند زوال الشمس إلى غروبها مِن يوم الحادي عشر بالاتفاق. وأجاز الإمامية الرمي بَعد طلوع الشمس وقبل الزوال.

ثمّ يفعل في اليوم الثاني عشر ما فعل بالأمس.

وله أن يترك منى قَبل غروب هذا اليوم بالاتفاق، وإن دخل الغروب وهو فيها وجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر، ورمي الجمار الثلاث في هذا اليوم.

وبَعد الرمي يعود إلى مكة قَبل الزوال أو بعده إن شاء.

وإذا دخل مكة طاف طواف الوداع - استحباباً - عند الإمامية والمالكية، ووجوباً على غير المقيم بمكة عند غيرهم.

وبهذا تُختم أعمال الحج. وصلّى الله على محمد وآله.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

أو بعضاً بقصد الفرار من الزكاة وبقي واجداً لسائر الشرائط إلى تمام الحول فلا يترك الاحتياط بإخراج زكاته حينئذ ، ويتم الحول بمضي أحد عشر شهراً ودخول الشهر الثاني عشر.

مسألة ١١١١ : لا فرق في الذهب والفضة بين الجيد والردئ ، ولا يجوز الإعطاء من الرديء إذا كان تمام النصاب من الجيد.

مسألة ١١١٢ : تجب الزكاة في النقدين المغشوشين وإن لم يبلغ خالصهما النصاب ، وإذا كان الغش كثيراً بحيث لم يصدق الذهب أو الفضة على المغشوش ، ففي وجوب الزكاة فيه إن بلغ خالصه النصاب إشكال بل منع.

مسألة ١١١٣ : إذا شك في بلوغ النصاب وعدمه فلا يترك الاحتياط بالفحص.

مسألة ١١١٤ : إذا كان عنده أموال زكوية من أجناس مختلفة اعتبر بلوغ النصاب في كل واحد منها ، ولا يضم بعضها إلى بعض ، فإذا كان عنده تسعة عشر ديناراً ومائة وتسعون درهماً لم تجب الزكاة في أحدهما ، وإذا كان من جنس واحد ـ كما إذا كان عنده ليرة ذهب عثمانية وليرة ذهب انكليزية ـ ضم بعضها إلى بعض في بلوغ النصاب ، وكذا إذا كان عنده روبية انكليزية وقران إيراني.

٣٦١

المبحث الثالث

زكاة الغلات الأربع

مسألة ١١١٥ : يشترط في وجوب الزكاة فيها أمران :

الأول : بلوغ النصاب ، وهو ثلاثمائة صاع ، وهذا يقارب ـ فيما قيل ـ ثمانمائة وسبعة وأربعين كيلو غراماً ، ولا تجب الزكاة فيما لم يبلغ النصاب ، فإذا بلغه وجبت فيه وفيما يزيد عليه وإن كان الزائد قليلاً.

الثاني : الملك في وقت تعلق الوجوب ، سواء أ كان بالزرع ، أم بالشراء ، أم بالإرث ، أم بغيرها من أسباب الملك.

مسألة ١١١٦ : المشهور أن وقت تعلق الزكاة عند اشتداد الحب في الحنطة والشعير ، وعند الاحمرار والاصفرار في ثمر النخيل ، وعند انعقاده حصرما في ثمر الكرم ، لكن الظاهر أن وقته إذا صدق أنه حنطة أو شعير أو تمر أو عنب.

مسألة ١١١٧ : المدار في قدر النصاب بلوغ المذكورات حده بعد يبسها في وقت وجوب الإخراج ـ الآتي في المسألة اللاحقة ـ فإذا كانت الغلة حينما يصدق عليها أحد العناوين المذكورة بحد النصاب ولكنها لا تبلغه حينذاك لجفافها لم تجب الزكاة فيها.

مسألة ١١١٨ : وقت وجوب الإخراج حين تصفية الغلة من التبن ، واجتذاذ التمر ، واقتطاف الزبيب على النحوالمتعارف ، فإذا أخر المالك الدفع عنه ـ بغير عذر ـ ضمن مع وجود المستحق ، ولا يجوز للساعي

٣٦٢

المطالبة قبله ، نعم يجوز الإخراج قبل ذلك بعد تعلق الوجوب ، ويجب على الساعي القبول على إشكال في إطلاقه.

مسألة ١١١٩ : لا تتكرر الزكاة في الغلات بتكرر السنين ، فإذا أعطى زكاة الحنطة ثم بقيت العين عنده سنين لم يجب فيها شيء وهكذا غيرها.

مسألة ١١٢٠ : المقدار الواجب إخراجه في زكاة الغلات ، العشر ( ١٠ % ) إذا سقي سيحاً ، أو بماء السماء ، أو بمص عروقه من الأرض ، ونصف العشر ( ٥ % ) إذا سقي بالدلاء والماكينة ، والناعور ، ونحو ذلك من العلاجات ، وإذا سقي بالأمرين فإن كان أحدهما الغالب بحيث ينسب السقي إليه ولا يعتد بالآخر ، فالعمل على الغالي ، وإن كانا بحيث يصدق الاشتراك عرفاً وإن كان السقي بأحدهما أكثر من الآخر ، يوزع الواجب فيعطي ثلاثة أرباع العشر ( ٥ , ٧ % ) ، وإذا شك في صدق الاشتراك والغلبة كفى الأقل ، والأحوط ـ استحباباً ـ الأكثر.

مسألة ١١٢١ : المدار في التفصيل المتقدم على الثمر ، لا على الشجر فإذا كان الشجر حين غرسه يسقى بالدلاء ، فلما أثمر صار يسقى بالنزيز أو السيح عند زيادة الماء وجب فيه العشر ، ولو كان بالعكس وجب فيه نصف العشر.

مسألة ١١٢٢ : الأمطار المعتادة في السنة لا تخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه ، إلا إذا كثرت بحيث يستغنى عن الدوالي ، فيجب حينئذ العشر ، أو كانت بحيث توجب صدق الاشتراك في السقي ، فيجب التوزيع.

مسألة ١١٢٣ : إذا أخرج شخص الماء بالدوالي عبثاً ، أو لغرض فسقى به آخر زرعه ففي وجوب العشر إشكال وإن كان أحوط وجوباً ، وكذا إذا أخرجه هو عبثاً أو لغرض آخر ثم بدا له فسقى به زرعه ، وأما إذا أخرجه لزرع فبدا له فسقى به زرعاً آخر ، أو زاد فسقى به غيره فالظاهر وجوب نصف العشر.

٣٦٣

مسألة ١١٢٤ : ما يأخذه السلطان بإسم المقاسمة ـ وهو الحصة من نفس الزرع ـ لا يجب إخراج زكاته.

مسألة ١١٢٥ : المشهور استثناء المؤن التي يحتاج إليها الزرع والثمر من أجرة الفلاح ، والحارث ، والساقي ، والعوامل التي يستأجرها للزرع وأجرة الأرض ولو غصباً ، ونحو ذلك مما يحتاج إليه الزرع ، أو الثمر ، ومنها ما يأخذه السلطان من النقد المضروب على الزرع المسمى بالخراج ، ولكن الأحوط لزوماً ـ في الجميع ـ عدم الاستثناء ، نعم المؤن التي تتعلق بالزرع أو الثمر بعد تعلق الزكاة يمكن احتسابهاعلى الزكاة بالنسبة بأن يسلمه إلى مستحقه أو إلى الحاكم الشرعي وهوعلى الساق أوعلى الشجر ثم يشترك معه في المؤن.

مسألة ١١٢٦ : يضم النخل بعض إلى بعض ، وإن كانت في أمكنة متباعدة وتفاوتت في الإدراك ، بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد ، وإن كان بينهما شهر أو أكثر ، وكذا الحكم في الزروع المتباعدة فيلحظ النصاب في المجموع ، فإذا بلغ المجموع النصاب وجبت الزكاة ، وإن لم يبلغه كل واحد منها ، وأما إذا كان نخل يثمر في العام مرتين ففي الضم فيه إشكال وإن كان الضم أحوط وجوباً.

مسألة ١١٢٧ : يجوز دفع القيمة عن الزكاة من النقدين ، وما بحكمهما من الأثمان ، كالأوراق النقدية ، وأما جواز دفعها من غيرها فلا يخلو عن إشكال.

مسألة ١١٢٨ : إذا مات المالك بعد تعلق الوجوب وجب على الوارث إخراج الزكاة ، أما لو مات قبله وإنتقل إلى الوارث ، فإن بلغ نصيب كل واحد النصاب وجبت على كل واحد منهم زكاة نصيبه ، وإن بلغ نصيب بعضهم دون نصيب الآخر ، وجبت على من بلغ

٣٦٤

نصيبه دون الآخر ، وإن لم يبلغ نصيب واحد منهم لم تجب على واحد منهم ، وكذا الحكم فيما إذا كان الانتقال بغير الإرث كالشراء أو الهبة.

مسألة ١١٢٩ : إذا اختلفت أنواع الغلة الواحدة يجوز دفع الجيد عن الأجود والرديء عن الرديء ، وفي جواز دفع الرديء عن الجيد إشكال والأحوط ـ وجوبا ـ العدم.

مسألة ١١٣٠ : الأقوى أن الزكاة حق متعلق بالعين ، لا على وجه الإشاعة ، ولا على نحو الكلي في المعين ، ولا على نحو حق الرهانة ، ولا على نحو حق الجناية ، ولا على نحو الشركة في المالية ، بل على نحو آخر ، وإذا بلغ المالك ما تعلقت به الزكاة قبل إخراجها صح البيع على الأظهر سواء وقع على جميع العين الزكوية أوعلى بعضها المعين أوالمشاع ، ويجب على البائع إخراج الزكاة ولومن مال آخر ، وأما المشتري القابض للمبيع فإن أعتقد إن البائع قد أخرجها قبل البيع أو احتمل ذلك لم يكن عليه شيء والا فيجب عليه إخراجها ، فإن أخرجها وكان مغرورا من قبل البائع جاز له الرجوع بها عليه.

مسألة ١١٣١ : لا يجوز التأخير في دفع الزكاة عن وقت وجوب الإخراج من دون عذر ، فإن أخره لطلب المستحق فتلف المال قبل الوصول إليه لم يضمن ، وإن أخره ـ مع العلم بوجود المستحق ـ ضمن ، نعم يجوز للمالك عزل الزكاة من العين أومن مال آخر مع عدم المستحق ، بل مع وجوده على الأقوى فيتعين المعزول زكاة ، ويكون أمانة في يده لا يضمنه إلا مع التفريط ، أومع التأخير مع وجود المستحق ، من دون غرض صحيح. وفي ثبوت الضمان معه ـ كما إذا أخره لانتظار مستحق معين أو للإيصال إلى المستحق تدريجاً في ضمن شهر أو شهرين أو ثلاثة ـ إشكال ، ونماء الزكاة تابع لها في المصرف ، ولا يجوز للمالك إبدالها بعد العزل.

٣٦٥

مسألة ١١٣٢ : إذا باع الزرع أو الثمر ، وشك في أن البيع كان بعد تعلق الزكاة حتى تكون عليه ، أو قبله حتى تكون على المشتري لم يجب عليه شيء ، حتى إذا علم زمان التعلق وشك في زمان البيع على الأظهر.

وإن كان الشاك هوالمشتري ، فإن علم بأداء البائع للزكاة على تقدير كون البيع بعد التعلق لم يجب عليه إخراجها ، والا وجب عليه ، حتى إذا علم زمان التعلق وجهل زمان البيع ، فإن الزكاة متعلقة بالعين على ما تقدم.

مسألة ١١٣٣ : يجوز للحاكم الشرعي ووكيله خرص ثمر النخل والكرم على المالك ، وفائدته جواز الاعتماد عليه ، بلا حاجة إلى الكيل والوزن ، والظاهر جواز الخرص للمالك ، إما لكونه بنفسه من أهل الخبرة ، أو لرجوعه إليهم.

٣٦٦

المبحث الرابع

زكاة مال التجارة

وهوالمال الذي يتملكه الشخص بعقد المعاوضة قاصداً به الاكتساب والاسترباح فيجب على الأحوط أداء زكاته وهي ربع العشر ( ٥ , ٢ % ) مع استجماع الشرائط التالية مضافاً إلى الشرائط العامة المتقدمة :

١ ـ النصاب ، وهو نصاب أحد النقدين المتقدم.

٢ ـ مضي الحول عليه بعينه من حين قصد الاسترباح.

٣ ـ بقاء قصد الاسترباح طول الحول فلو عدل عنه ونوى به القنية أو الصرف في المؤونة مثلاً في الأثناء لم تجب فيه الزكاة.

٤ ـ أن يطلب برأس المال أو بزيادة عليه طول الحول فلو طلب بنقيصة أثناء السنة لم تجب فيه الزكاة.

٣٦٧

المقصد الثالث

أصناف المستحقين وأوصافهم

وفيه مبحثان

المبحث الأول

أصنافهم

وهم ثمانية :

الأول : الفقير.

الثاني : المسكين.

وكلاهما من لا يملك مؤونة سنته اللائقة بحاله له ولعياله ، والثاني أسوأ حالاً من الأول كمن لا يملك قوته اليومي ، والغني بخلافهما فإنه من يملك قوت سنته فعلاً ـ نقداً أو جنساً ـ ويتحقق ذلك بأن يكون له مال يقوم ربحه بمؤونته ومؤونة عياله ، أو قوة : بأن يكون له حرفة أو صنعة يحصل منها مقدار المؤنة ، وإذا كان قادراً على الاكتساب وتركه تكاسلاً ، فالظاهر عدم جواز أخذه ، نعم إذا خرج وقت التكسب جاز له الأخذ.

مسألة ١١٣٤ : إذا كان له رأس مال لا يكفي ربحه لمؤونة السنة جاز له أخذ الزكاة ، وكذا إذا كان صاحب صنعة تقوم آلاتها بمؤنته ، أو صاحب ضيعة أو دار أو خان أو نحوها تقوم قيمتها بمؤونته ، ولكن لا يكفيه الحاصل منها فإن له إبقاءها وأخذ المؤونة من الزكاة.

٣٦٨

مسألة ١١٣٥ : دار السكنى والخادم وفرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله ـ ولو لكونه من أهل الشرف ـ لا تمنع من أخذ الزكاة ، وكذا ما يحتاج إليه من الثياب ، والألبسة الصيفية ، والشتوية ، والكتب العلمية ، وأثاث البيت من الظروف ، والفرش ، والأواني ، وسائر ما يحتاج إليه. نعم إذا كان عنده من المذكورات أكثر من مقدار الحاجة وكانت كافية في مؤونته لم يجز له الأخذ ، بل إذا كان له دار تندفع حاجته بأقل منها قيمة ، وكان التفاوت بينهما يكفيه لمؤونته لم يجز له الأخذ من الزكاة فيما إذا بلغت الزيادة حد الإسراف بإن خرج عما يناسب حاله كثيراً والا جاز له أخذها على الأظهر ، وكذا الحكم في الفرس والسيارة وغيرهما من أعيان المؤونة ، إذا كانت عنده وكان يكفي الأقل منها.

مسألة ١١٣٦ : إذا كان قادراً على التكسب بخصوص ما ينافي شأنه جاز له الأخذ ، وكذا إذا كان قادراً على الصنعة ، لكنه كان فاقداً لآلاتها.

مسألة ١١٣٧ : إذا كان قادراً على تعلم صنعة أو حرفة لم يجز له أخذ الزكاة على الأحوط ، إلا إذا خرج وقت التعلم فيجوز ، ولا يكفي في صدق الغنى القدرة على التعلم في الوقت اللاحق ، إذا كان الوقت بعيداً ، بل إذا كان الوقت قريباً ـ مثل يوم أو يومين أو نحو ذلك ـ جاز له الأخذ ما لم يتعلم.

مسألة ١١٣٨ : طالب العلم الذي لا يملك فعلاً ما يكفيه يجوز له أخذ الزكاة وإن كان قادراً على الاكتساب فيما إذا كان طلب العلم واجباً عليه عيناً وكان طلبه مانعاً عن الاكتساب والا فلا يجوز له أخذها ، هذا بالنسبة إلى سهم الفقراء ، وأما من سهم سبيل الله تعالى فيجوز له الأخذ منه بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط إذا كان يترتب على اشتغاله مصلحة عامة محبوبة لله تعالى ، وإن لم يكن المشتغل ناوياً للقربة ، نعم إذا كان ناوياً للحرام كالرئاسة المحرمة لم يجز له الأخذ.

٣٦٩

مسألة ١١٣٩ : المدعي للفقر إن علم صدقه أو كذبه عومل به ، وإن جهل ذلك جاز إعطاءه إذا علم فقره سابقاً ولم يعلم غناه بعد ذلك ولو جهل حاله من أول أمره فالأحوط عدم دفع الزكاة إليه إلا مع الوثوق بفقره ، وإذا علم غناه سابقاً فلا يجوز أن يعطى من الزكاة ما لم يثبت فقره بعلم أو بحجة معتبرة.

مسألة ١١٤٠ : إذا كان له دين على الفقير جاز له احتسابه من الزكاة حياً كان أم ميتاً ، نعم يشترط في الميت أن لا يكون له مال يفي بدينه والا لم يجز ، إلا إذا تلف المال على نحولا يكون مضموناً ، وإذا امتنع الورثة من الوفاء ففي جواز الاحتساب إشكال ، وإن كان أظهر ، وكذا إذا غصب التركة غاصب لا يمكن أخذها منه ، أو أتلفها متلف لا يمكن استيفاء بدلها منه.

مسألة ١١٤١ : لا يجب إعلام الفقير بأن المدفوع إليه زكاة ، بل يجوز الإعطاء على نحو يتخيل الفقير أنه هدية ، ويجوز صرفها في مصلحة الفقير كما إذا قدم إليه تمر الصدقة فأكله.

مسألة ١١٤٢ : إذا دفع الزكاة ـ باعتقاد الفقر ـ فبان كون المدفوع إليه غنياً وجب عليه استرجاعها وصرفها في مصرفها إذا كانت عينها باقية ، وإن كانت تالفة جاز له أن يرجع ببدلها إلى القابض ، إذا كان يعلم أن ما قبضه زكاة ، وإن لم يعلم بحرمتها على الغني ، والا فليس له الرجوع إليه ويجب عليه حينئذ وعند عدم إمكان الاسترجاع في الفرض الأول إخراج بدلها وإن كان أداؤه بعد الفحص والاجتهاد أو مستنداً إلى الحجة الشرعية على الأحوط. وكذا الحكم فيما إذا تبين كون المدفوع إليه ليس مصرفاً للزكاة من غير جهة الغنى ، مثل أن يكون ممن تجب نفقته ، أو هاشمياً إذا كان الدافع غير هاشمي أو غير ذلك.

٣٧٠

الثالث : العاملون عليها.

وهم المنصبون لأخذ الزكاة وضبطها وحسابها وإيصالها إلى الإمام أو نائبه ، أو إلى مستحقها.

الرابع : المؤلفة قلوبهم.

وهم المسلمون الذين يضعف إعتقادهم بالمعارف الدينية ، فيعطون من الزكاة ليحسن إسلامهم ، ويثبتوا على دينهم ، أولا يدينون بالولاية فيعطون من الزكاة ليرغبوا فيها ويثبتوا عليها ، أو الكفار الذين يوجب إعطاؤهم الزكاة ميلهم إلى الإسلام ، أو معاونة المسلمين في الدفاع أو الجهاد مع الكفار أو يؤمن بذلك من شرهم وفتنتهم.

والأظهر أنه لا ولاية للمالك في صرف الزكاة على الصنفين الثالث والرابع بل ذلك منوط برأي الإمامعليه‌السلام أو نائبه.

الخامس : الرقاب.

وهم العبيد فإنهم يعتقون من الزكاة على تفصيل مذكور في محله.

السادس : الغارمون.

وهم الذين ركبتهم الديون وعجزوا عن أدائها ، وإن كانوا مالكين قوت سنتهم ، بشرط أن لا يكون الدين مصروفاً في المعصية ، والأحوط اعتبار استحقاق الدائن لمطالبته ، فلو كان عليه دين مؤجل لم يحل أجله لم يجز أداؤه من الزكاة وكذلك ما إذا قنع الدائن بأدائه تدريجاً وتمكن المديون من ذلك من دون حرج ، ولو كان على الغارم دين لمن عليه الزكاة جاز له احتسابه عليه زكاة ، بل يجوز أن يحتسب ما عنده من الزكاة للمديون فيكون له ثم يأخذه وفاءً عما عليه من الدين ، ولو كان الدين لغير من عليه الزكاة يجوز له وفاؤه عنه بما عنده منها ، ولو بدون إطلاع الغارم ، ولو كان الغارم ممن تجب نفقته

٣٧١

على من عليه الزكاة جاز له إعطاؤه لوفاء دينه أو الوفاء عنه وإن لم يجز إعطاؤه لنفقته ـ كما سيأتي ـ.

السابع : سبيل الله تعالى.

و يقصد به المصالح العامة للمسلمين كتعبيد الطرق وبناء الجسور والمستشفيات والمدارس الدينية والمساجد وملاجئ الفقراء ونشر الكتب الإسلامية المفيدة وغير ذلك مما يحتاج إليه المسلمون ، وفي جواز دفع هذا السهم في كل طاعة ، مع عدم تمكن المدفوع إليه من فعلها بدونه أومع تمكنه إذا لم يكن مقدماً عليه إلا به ، إشكال بل منع.

كما أن في ثبوت ولاية المالك على صرف هذا السهم إشكالاً فلا يترك الاحتياط بالاستئذان من الحاكم الشرعي.

الثامن : إبن السبيل.

الذي نفدت نفقته ، بحيث لا يقدر على الذهاب إلى بلده ، فيدفع له ما يكفيه لذلك ، بشرط أن لا يكون سفره في معصية ، وإن لا يتمكن من الاستدانة بغير حرج بل الأحوط اعتبار أن لا يكون متمكناً من بيع أو إيجار ماله الذي في بلده.

مسألة ١١٤٣ : إذا اعتقد وجوب الزكاة فأعطاها ، ثم بان العدم جاز له استرجاعها ، وإن كانت تالفة استرجع البدل ، إذا كان الفقير عالماً بالحال ، والا لم يجز الاسترجاع.

مسألة ١١٤٤ : إذا نذر أن يعطي زكاته فقيراً معيناً انعقد نذره فإن سها فأعطاها فقيراً آخر أجزأ ، ولا يجوز استردادها ، وإن كانت العين باقية ، وإذا أعطاها غيره ـ متعمداً ـ فالظاهر الإجزاء أيضاً ، ولكن كان آثماً بمخالفة نذره ، ووجبت عليه الكفارة.

٣٧٢

المبحث الثاني

في أوصاف المستحقين

يجوز للمالك دفع الزكاة إلى مستحقيها مع استجماع الشروط الآتية :

الأول : الإيمان

فلا يعطي الكافر ، وكذا المخالف منها ، ويعطى أطفال المؤمنين ومجانينهم ، فإن كان بنحو التمليك وجب قبول وليهم ، وإن كان بنحو الصرف ـ مباشرة أو بتوسط أمين ـ فلا يحتاج إلى قبول الولي وإن كان أحوط استحباباً.

مسألة ١١٤٥ : إذا أعطى المخالف زكاته أهل نحلته ، ثم رجع إلى مذهبنا أعادها ، وإن كان قد أعطاها المؤمن أجزأ.

الثاني : أن لا يصرفها الآخذ في الحرام ، فلا تعطى لمن يصرفها فيه بل الأحوط اعتبار أن لا يكون في الدفع إليه إعانة على الإثم وإغراء بالقبيح وإن لم يكن يصرفها في الحرام ، كما أن الأحوط عدم إعطائها لتارك الصلاة أو شارب الخمر أوالمتجاهر بالفسق.

الثالث : أن لا يكون ممن تجب نفقته على المعطي.

كالأبوين والأولاد من الذكور أو الإناث وكذا الأجداد والجدات وإن علوا وأولاد الأولاد وإن سفلوا على الأحوط فيهما وكذا الزوجة الدائمة ـ إذا لم تسقط نفقتها ـ فهؤلاء لا يجوز إعطاؤهم من الزكاة للإنفاق ، ويجوز إعطاؤهم منها لحاجة لا تجب عليه ، كما إذا كان للوالد أو للولد زوجة يجب

٣٧٣

نفقتها عليه ، أو كان عليه دين يجب وفاؤه ، أو عمل يجب أداؤه بإجارة وكان موقوفاً على المال ، وأما إعطاؤهم للتوسعة زائداً على اللازمة فالأحوط ـ أن لم يكن أقوى ـ عدم جوازه إذا كان عنده ما يوسع به عليهم. ويختص عدم جواز إعطاء المالك الزكاة لمن تجب نفقته عليه بما إذا كان الإعطاء بعنوان الفقر فلا بأس بإعطائها له بعنوان آخر كما إذا كان مديوناً أو إبن سبيل.

مسألة ١١٤٦ : يجوز لمن وجبت نفقته على غيره أن يأخذ الزكاة من غير من تجب عليه ، إذا لم يكن قادراً على الإنفاق ، أو لم يكن باذلاً بل وكذا إذا كان باذلاً مع المنة غير القابلة للتحمل عادة والا فيشكل له أخذها ، بل الظاهر أنه لا يجوز للزوجة أن تأخذ من الزكاة ، مع بذل الزوج للنفقة ، بل مع إمكان إجباره ، إذا كان ممتنعاً.

مسألة ١١٤٧ : يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة المتمتع بها ، سواء كان الدافع الزوج أم غيره ، وكذا الدائمة إذا سقطت نفقتها بالشرط ونحوه ، أما إذا كان بالنشوز ففيه إشكال.

مسألة ١١٤٨ : يجوز للزوجة دفع زكاتها إلى الزوج ، ولو كان للإنفاق عليها.

مسألة ١١٤٩ : إذا عال بأحد تبرعاً جاز للمعيل ولغيره دفع الزكاة إليه ، من غير فرق بين القريب والأجنبي.

مسألة ١١٥٠ : يجوز لمن وجب الإنفاق عليه أن يعطي زكاته لمن تجب عليه نفقته ، إذا كان عاجزاً عن الإنفاق عليه ، وإن كان الأحوط ـ استحباباً ـ الترك.

الرابع : أن لا يكون هاشمياً إذا كانت الزكاة من غير هاشمي.

وهذا شرط عام في مستحق الزكاة وإن كان الدافع إليه هو الحاكم الشرعي ولا فرق فيه بين سهم الفقراء وغيره من سائر السهام ، حتى سهم العاملين ،

٣٧٤

وسبيل الله ، نعم لا بأس بتصرفهم في الأوقاف العامة إذا كانت من الزكاة ، مثل المساجد ، ومنازل الزوار والمدارس ، والكتب ونحوها.

مسألة ١١٥١ : يجوز للهاشمي أن يأخذ زكاة الهاشمي من دون فرق بين السهام أيضاً ، كما يجوز له أخذ زكاة غير الهاشمي مع الاضطرار ، وفي تحديد الاضطرار إشكال ، وقد ذكر جماعة من العلماء أن المسوغ عدم التمكن من الخمس بمقدار الكفاية وهو أيضاً مشكل ، والأحوط لزوماً تحديده بعدم كفاية الخمس ، وسائر الوجوه والاقتصار في الأخذ على قدر الضرورة يوماً فيوماً ، مع الإمكان.

مسألة ١١٥٢ : الهاشمي هوالمنتسب ـ شرعاً ـ إلى هاشم بالأب دون الأم ، وأما إذا كان منتسباً إليه بالزنا فيشكل إعطاءه من زكاة غير الهاشمي ، وكذا الخمس وإن كان الأقرب المنع في الأول والجواز في الثاني.

مسألة ١١٥٣ : المحرم من صدقات غير الهاشمي على الهاشمي هو زكاة المال وزكاة الفطرة. أما الصدقات المندوبة فليست محرمة ، بل كذا الصدقات الواجبة كالكفارات ، ورد المظالم ، ومجهول المالك ، واللقطة ومنذور الصدقة ، والموصى به للفقراء.

مسألة ١١٥٤ : يثبت كونه هاشمياً بالعلم ، والبينة ، وباشتهار المدعي له بذلك في بلده الأصلي أوما بحكمه ولا يكفي مجرد الدعوى وفي براءة ذمة المالك ـ إذا دفع الزكاة إليه حينئذ ـ إشكال والأظهر عدم البراءة.

فصل

في بقية أحكام الزكاة

مسألة ١١٥٥ : لا يجب على المالك البسط على الأصناف الثمانية على الأقوى ولا على أفراد صنف واحد ، ولا مراعاة أقل الجمع فيجوز له

٣٧٥

إعطاؤها لشخص واحد من صنف واحد.

مسألة ١١٥٦ : يجوز نقل الزكاة من بلد إلى غيره لكن إذا كان المستحق موجوداً في البلد كانت مؤونة النقل عليه ، وإن تلفت بالنقل يضمن ، ولا ضمان مع التلف بغير تفريط ، إذا لم يكن في البلد مستحق ، كما لا ضمان إذا وكله الفقيه في قبضها عنه ، فقبضها ثم نقلها بأمره ، وأجرة النقل حينئذ على الزكاة.

مسألة ١١٥٧ : إذا كان له مال في غير بلد الزكاة جاز دفعه زكاة عما عليه في بلده ، ولومع وجود المستحق فيه ، وكذا إذا كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر جاز احتسابه عليه من الزكاة ، إذا كان فقيراً ، ولا إشكال في شيء من ذلك.

مسألة ١١٥٨ : إذا قبض الحاكم الشرعي الزكاة بعنوان الولاية برئت ذمة المالك ، وإن تلفت بعد ذلك بتفريط أو بدونه ، أو دفعها إلى غير المستحق.

مسألة ١١٥٩ : لا يجوز تقديم الزكاة قبل تعلق الوجوب ، نعم يجوز أن يعطي الفقير قرضاً قبل وقت الوجوب ، فإذا جاء الوقت احتسبه زكاة بشرط بقائه على صفة الاستحاق كما يجوز له أن لا يحتسبه زكاة بل يدفعها إلى غيره ، ويبقى ما في ذمة الفقير قرضاً ، وإذا أعطاه قرضاً فزاد عند المقترض زيادة متصلة أو منفصلة فهي له لا للمالك ، وكذلك النقص عليه إذا نقص.

مسألة ١١٦٠ : إذا أتلف الزكاة المعزولة أو النصاب متلف ، فإن كان مع عدم التأخير الموجب للضمان فالضمان يكون على المتلف دون المالك وإن كان مع التأخير الموجب للضمان فكلاهما ضامن ، وللحاكم الرجوع على أيهما شاء ، فإن رجع على المالك رجع هوعلى المتلف ، وإن رجع على المتلف لم يرجع هوعلى المالك.

٣٧٦

مسألة ١١٦١ : يجب قصد القربة في أداء الزكاة حين تسليمها إلى المستحق أو الحاكم الشرعي أو العامل المنصوب من قبله ، وإن أدى قاصداً به الزكاة من دون قصد القربة فالأظهر تعينه وإجزاؤه وإن أثم.

مسألة ١١٦٢ : يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة ، كما يجوز التوكيل في الإيصال إلى المستحق ، فينوي المالك حين الدفع إلى الوكيل والأحوط استحباباً استمرارها إلى حين الدفع إلى المستحق.

مسألة ١١٦٣ : يجوز للفقير أن يوكل شخصاً في أن يقبض عنه الزكاة من شخص أو مطلقاً ، وتبرأ ذمة المالك بالدفع إلى الوكيل وإن تلفت في يده.

مسألة ١١٦٤ : الأقوى عدم وجوب دفع الزكاة الى الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة ، وإن كان هو الأحوط استحباباً ، نعم تقدم أنه لا ولاية للمالك في صرفها في جملة من مصارفها كالمصرف الثالث والرابع والسابع ، فلو كان هناك ما يوجب صرف الزكاة في شيء منها وجب أما دفعها إلى الحاكم الشرعي أو الاستئذان منه في ذلك.

مسألة ١١٦٥ : تجب الوصية بأداء ما عليه من الزكاة إذا أدركته الوفاة ، وكذا الخمس ، وسائر الحقوق الواجبة ، وإذا كان الوارث مستحقاً جاز للوصي احتسابها عليه وإن كان واجب النفقة على الميت حال حياته.

مسألة ١١٦٦ : الأحوط استحباباً عدم نقصان ما يعطى الفقير من الزكاة عما يجب في النصاب الأول من الفضة في الفضة وهو ٦٢٥ / ٢ من المثقال وعما يجب في النصاب الأول من الذهب في الذهب ، وهو ٣٧٥ ٠/٠ من المثقال وإن كان الأقوى الجواز.

مسألة ١١٦٧ : يستحب لمن يأخذ الزكاة الدعاء للمالك ، سواء كان الآخذ الفقيه أم العامل أم الفقير ، بل هو الأحوط ـ استحباباً ـ في الفقيه الذي

٣٧٧

يأخذه بالولاية.

مسألة ١١٦٨ : يستحب تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب كما أنه يستحب ترجيح الأقارب وتفضيلهم على غيرهم ، ومن لا يسأل على من يسأل ، وصرف صدقة المواشي على أهل التجمل ، وهذه مرجحات قد تزاحمها مرجحات أهم وأرجح.

مسألة ١١٦٩ : يكره لرب المال طلب تملك ما أخرجه في الصدقة الواجبة والمندوبة ، نعم إذا أراد الفقير بيعه بعد تقويمه فالمالك أحق به ولا كراهة ، كما لا كراهة في إبقائه على ملكه إذا ملكه بسبب قهري ، من ميراث

٣٧٨

المقصد الرابع

زكاة الفطرة

ويشترط في وجوبها البلوغ والعقل وعدم الإغماء والغنى ، والحرية في غير المكاتب ، وأما فيه فالأحوط لزوماً عدم الاشتراط فلا تجب على الصبي والمملوك والمجنون والمغمى عليه ، والفقير الذي لا يملك قوت سنة فعلاً أو قوة ، كما تقدم في زكاة الأموال ، والمشهور أنه يعتبر اجتماع الشرائط آناً ما قبل الغروب ليلة العيد إلى أن يتحقق الغروب ، فإذا فقد بعضها قبل الغروب بلحظة ، أو مقارناً للغروب لم تجب وكذا إذا كانت مفقودة فاجتمعت بعد الغروب لكن الأحوط وجوباً إخراجها فيما إذا تحققت الشرائط مقارنة للغروب بل بعده أيضا ما دام وقتها باقياً.

مسألة ١١٧٠ : يستحب للفقير إخراجها أيضاً ، وإذا لم يكن عنده إلا صاع تصدق به على بعض عياله ، ثم هوعلى آخر يديرونها بينهم ، والأحوط استحباباً عند إنتهاء الدور التصدق على الأجنبي ، كما أن الأحوط استحباباً إذا كان فيهم صغير أو مجنون أن يأخذه الولي لنفسه ويؤدي عنه.

مسألة ١١٧١ : إذا أسلم الكافر بعد الهلال سقطت الزكاة عنه ولا تسقط عن المخالف إذا اختار مذهبنا ، وتجب فيها النية على النهج المعتبر في زكاة المال.

مسألة ١١٧٢ : يجب على من جمع الشرائط أن يخرجها عن نفسه وعن كل من يعول به ، واجب النفقة كان أم غيره ، قريباً أم بعيداً مسلماً أم كافراً ، صغيراً أم كبيراً ، بل الظاهر الاكتفاء بكونه ممن يعوله ولو في وقت يسير ، كالضيف إذا نزل عليه قبل الهلال وبقي عنده ليلة العيد وإن لم يأكل

٣٧٩

عنده ، وكذلك فيما إذا نزل بعده على الأحوط لزوماً ، وأما إذا دعا شخصاً إلى الإفطار ليلة العيد لم يكن من العيال ، ولم تجب فطرته على من دعاه.

مسألة ١١٧٣ : إذا بذل لغيره مالا يكفيه في نفقته لم يكف ذلك في صدق كونه عياله ، فيعتبر في العيال نوع من التابعية بمعنى كونه تحت كفالته في معيشته ولو في مدة قصيرة.

مسألة ١١٧٤ : من وجبت فطرته على غيره سقطت عنه ، وإن كان الأحوط ـ وجوباً ـ عدم السقوط إذا لم يخرجها من وجبت عليه عصياناً أو نسياناً ، وإذا كان المعيل فقيراً وجبت على العيال إذا اجتمعت شرائط الوجوب.

مسألة ١١٧٥ : إذا ولد له ولد بعد الغروب ، لم تجب عليه فطرته ، وأما إذا ولد له قبل الغروب ، أو ملك مملوكاً أو تزوج امرأة ، فإن كانوا عيالاً وجبت عليه فطرتهم ، والا فعلى من عال بهم ، وإذا لم يعل بهم أحد وجبت فطرة الزوجة على نفسها إذا جمعت الشرائط ولم تجب على المولود والمملوك.

مسألة ١١٧٦ : إذا كان شخص عيالاً لاثنين وجبت فطرته عليهما على نحو التوزيع ، ومع فقر أحدهما تسقط عنه ، والأحوط عدم سقوط حصة الآخر ، ومع فقرهما تسقط عنهما ، فتجب على العيال إن جمع الشرائط.

مسألة ١١٧٧ : الضابط في جنس الفطرة أن يكون قوتاً شايعاً لأهل البلد يتعارف عندهم التغذي به وإن لم يقتصروا عليه سواء أ كان من الأجناس الأربعة ( الحنطة والشعير والتمر والزبيب ) أم من غيرها كالأرز والذرة ، وأما ما لا يكون كذلك فالأحوط عدم إخراج الفطرة منه وإن كان من الأجناس الأربعة كما إن الأحوط أن لا تخرج الفطرة من القسم المعيب ويجزي دفع القيمة من النقدين وما بحكمهما من الأثمان ، والمدار قيمة وقت الأداء لا الوجوب ، وبلد الإخراج لا بلد المكلف.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482