منهاج الصالحين ـ العبادات الجزء ١

منهاج الصالحين ـ العبادات8%

منهاج الصالحين ـ العبادات مؤلف:
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 482

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 482 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 154842 / تحميل: 5953
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين ـ العبادات

منهاج الصالحين ـ العبادات الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الصورة الثانية أن يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل على الأقرب ، وإن لم يتمكن من الغسل ـ بأن كان ضررياً أو حرجياً ولومن جهة كون النزع كذلك ـ اجتزأ بالمسح على الجبيرة ، ولا يجزيه غسل ما حولها ولا غسلها عن مسحها على الأحوط ، ولا بد من استيعابها بالمسح إلا ما يتعسر استيعابه بالمسح عادة ، كالخلل التي تكون بين الخيوط ونحوها ، هذا إذا كانت الجبيرة في بعض مواضع الغسل ، وأما إذا كانت في بعض مواضع المسح فمع عدم إمكان نزعها والمسح على البشرة يتعين المسح عليه بلا إشكال.

مسألة ١٠٣ : الجروح والقروح المعصبة حكمها حكم الجبيرة المتقدم. وأما الجروح والقروح المكشوفة فإن كانت في أحد مواضع الغسل وجب غسل ما حولها ، والأحوط ـ استحباباً ـ المسح عليها إن أمكن ، ولا يجب وضع خرقة عليها ومسحها ، وإن كان ذلك أحوط استحبابا.

وأما الكسر المكشوف في مواضع الغسل أوالمسح فالمتعين فيه التيمم كما هوالمتعين في القروح والجروح المكشوفة في مواضع المسح.

مسألة ١٠٤ : اللطوخ المطلي بها العضو للتداوي ولو كان عن ألم أو ورم أو نحوهما يجري عليها حكم الجبيرة. وأما الحاجب اللاصق اتفاقاً ـ كالقير ونحوه ـ فإن أمكن رفعه وجب ، وإلا وجب التيمم إن لم يكن الحاجب في مواضعه ، وإلا جمع بين الوضوء والتيمم.

مسألة ١٠٥ : يختص الحكم المتقدم بالجبيرة الموضوعة على الموضع في موارد الجرح أو القرح أو الكسر ، وأما في غيرها كالعصابة التي يعصب بها العضو ـ لألم ، أو ورم ، ونحو ذلك ـ فلا يجزئ المسح عليها بل يجب التيمم إن لم يمكن غسل المحل لضرر ونحوه.

وإذا كانت الجبيرة مستوعبة للعضو ـ كما إذا كان تمام الوجه أو إحدى اليدين أو الرجلين مجبراً ـ جرى عليها حكم الجبيرة غير المستوعبة على

٤١

الأظهر ، وأما مع استيعاب الجبيرة لتمام الأعضاء أو معظمها فالأحوط الجمع بين الوضوء مع المسح على الجبيرة وبين التيمم.

وأما الجبيرة النجسة التي لا يصلح أن يمسح عليها فإن أمكن تطهيرها أو تبديلها ولو بوضع خرقة طاهرة عليها بنحو تعد جزءً منها وجب ذلك ، فيمسح عليها ويغسل أطرافها ، وإن لم يمكن اكتفى بغسل أطرافها.

هذا إذا لم تزد الجبيرة على الجرح بأزيد من المقدار المتعارف.

وأما لو زادت عليه فإن أمكن رفعها وغسل المقدار الصحيح ثم وضع عليه الجبيرة الطاهرة ، أو طهرها ومسح عليها ، وإن لم يمكن ذلك وجب عليه التيمم أن لم تكن الجبيرة في مواضعه ، وإلا فالأحوط الجمع بين الوضوء والتيمم.

مسألة ١٠٦ : يجري حكم الجبيرة في الأغسال غير غسل الميت كما كان يجري في الوضوء ، ولكنه يختلف عنه بأن المانع عن الغسل إذا كان قرحاً أو جرحاً ـ سواء أ كان المحل مجبوراً أم مكشوفاً ـ تخير المكلف بين الغسل والتيمم ، وإذا اختار الغسل وكان المحل مكشوفا فالأحوط أن يضع خرقة على موضع القرح أو الجرح ويمسح عليها ، وإن كان الأظهر جواز الاجتزاء بغسل أطرافه. وأما إذا كان المانع كسراً فإن كان محل الكسر مجبوراً تعين عليه الاغتسال مع المسح على الجبيرة ، وأما إذا كان المحل مكشوفا ، أو لم يتمكن من المسح على الجبيرة تعين عليه التيمم.

مسألة ١٠٧ : لو كانت الجبيرة على العضوالماسح مسح ببلتها ، والأحوط الأولى فيما إذا لم تكن مستوعبة له أن يمسح بغير موضع الجبيرة.

مسألة ١٠٨ : الأرمد إن كان يضره استعمال الماء مطلقاً تيمم ، وإن أمكن غسل ما حول العين فالأحوط ـ وجوباً ـ له الجمع بين الوضوء والتيمم.هذا إذا لم تكن العين مستورة بالدواء وإلا فيلزمه الوضوء جبيرة.

٤٢

مسألة ١٠٩ : إذا برئ ذو الجبيرة في ضيق الوقت أجزأ وضوؤه ، سواء برئ في أثناء الوضوء أم بعده ، قبل الصلاة أم في أثنائها أم بعدها ، ولا تجب عليه إعادته لغير ذات الوقت كالصلوات الآتية ، وكذلك الحال لو برئ في السعة بعد إتمام الوضوء على الأظهر دون ما إذا برئ في أثنائه.

مسألة ١١٠ : إذا كان في عضو واحد جبائر متعددة يجب الغسل أوالمسح في فواصلها.

مسألة ١١١ : إذا كان بعض الأطراف الصحيح تحت الجبيرة ، فإن كان بالمقدار المتعارف مسح عليها ، وإن كان أزيد من المقدار المتعارف وجب رفع المقدار الزائد وغسل الموضع السليم تحته إذا كان مما يغسل ومسحه إذا كان مما يمسح ، وإن لم يتمكن من رفعه ـ أو كان فيه حرج أو ضرر على الموضع السليم نفسه ـ سقط الوضوء ووجب التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه ، وإلا جمع بينه وبين الوضوء. ولو كان رفعه وغسل الموضع السليم أو مسحه يستلزم ضرراً على نفس الموضع المصاب فالأظهر عدم سقوط الوضوء ووجوب المسح على الجبيرة.

مسألة ١١٢ : تقدم في المسألة ١٠٣ أنه يجزي في الجرح المكشوف غسل ما حوله ولا يجب وضع طاهر عليه ومسحه وإن كان ذلك أحوط ، فإذا أراد الاحتياط وتمكن من وضع ما لا يزيد على الجرح بحيث لا يستر بعض الأطراف التي يجب غسلها تعين ذلك وإلا وجب أولاً أن يغسل ما يمكن من أطرافه ثم يضعه ويمسح عليه.

مسألة ١١٣ : إذا أضر الماء بأطراف الجرح بالمقدار المتعارف يكفي المسح على الجبيرة التي عليها أو يريد وضعها عليها ، وأما إن كانت الأطراف المتضررة أزيد من المتعارف فالأظهر أنه يتعين عليه التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه ، وإلا فالأحوط الجمع بينه وبين الوضوء.

٤٣

مسألة ١١٤ : إذا كان الجرح أو نحوه في مكان آخر غير مواضع الوضوء ، لكن كان بحيث يضره استعمال الماء في مواضعه ، فالمتعين التيمم. وكذلك الحال فيما إذا كان الجرح أو نحوه في جزء من مواضع الوضوء وكان مما يضر به غسل جزء آخر اتفاقا دون أن يكون مما يستلزمه عادة ـ كما إذا كان الجرح في إصبعه واتفق أنه يتضرر بغسل الذراع ـ فإنه يتعين التيمم في مثل ذلك أيضا.

مسألة ١١٥ : لا فرق في حكم الجبيرة بين أن يكون الجرح ، أو نحوه حدث باختياره ـ على وجه العصيان أو غيره ـ وبين أن لا يكون كذلك.

مسألة ١١٦ : إذا كان ظاهر الجبيرة طاهراً ، لا يضره نجاسة باطنها.

مسألة ١١٧ : محل الفصد داخل في الجروح ، فلو كان غسله مضراً يكفي المسح على الوصلة التي عليه ، إن لم تكن أزيد من المتعارف ، وإلا حلها وغسل المقدار الزائد ثم شدها. وأما إذا لم يمكن غسل المحل ـ لا من جهة الضرر ، بل لأمر آخر ، كعدم انقطاع الدم مثلا ـ فلا بد من التيمم ، ولا يجري عليه حكم الجبيرة.

مسألة ١١٨ : إذا كان ما على الجرح من الجبيرة مغصوباً لا يجوز المسح عليه ، ولو مسح لم يصح وضوؤه على الأحوط. وإن كان ظاهره مباحا ، وباطنه مغصوبا فإن لم يعد مسح الظاهر تصرفاً فيه فلا يضر ، وإلا لزم رفعه وتبديله ، أو استرضاء مالكه ، وإن لم يتمكن منهما فالأحوط الجمع بين الوضوء بالاقتصار على غسل أطرافه وبين التيمم.

مسألة ١١٩ : لا يشترط في الجبيرة أن تكون مما تصح الصلاة فيه ، فلو كانت حريراً ، أو ذهباً ، أو جزء حيوان غير مأكول ، لم يضر بوضوئه ، فالذي يضر هو نجاسة ظاهرها ، أو غصبيته على ما مر.

مسألة ١٢٠ : ما دام خوف الضرر باقيا يجري حكم الجبيرة وإن

٤٤

احتمل البرء ، وإذا زال الخوف وجب رفعها.

مسألة ١٢١ : إذا أمكن رفع الجبيرة ، وغسل المحل لكن كان موجباً لفوات الوقت ، فالأظهر العدول إلى التيمم.

مسألة ١٢٢ : الدواء الموضوع على الجرح ونحوه إذا اختلط مع الدم ، وصار كالشيء الواحد ، ولم يمكن رفعه بعد البرء ـ بأن كان مستلزماً لجرح المحل وخروج الدم ـ فلا يجري عليه حكم الجبيرة ، بل تنتقل الوظيفة إلى التيمم.

مسألة ١٢٣ : إذا كان العضو صحيحاً لكن كان نجساً ، ولم يمكن تطهيره لا يجري عليه حكم الجرح ، بل يتعين التيمم.

مسألة ١٢٤ : لا يلزم تخفيف ما على الجرح من الجبيرة إن كانت على النحوالمتعارف ، كما أنه لا يجوز وضع شيء آخر عليها مع عدم الحاجة ، إلا أن يحسب جزءاً منها بعد الوضع.

مسألة ١٢٥ : الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث ، وكذلك الغسل.

مسألة ١٢٦ : يجوز لصاحب الجبيرة الصلاة في أول الوقت ولا يجب عليه إعادتها ، وإن ارتفع عذره في الوقت على الأظهر.

مسألة ١٢٧ : إذا اعتقد الضرر في غسل البشرة ـ لاعتقاده الكسر مثلا ـ فعمل بالجبيرة ثم تبين عدم الكسر في الواقع ، لم يصح الوضوء ولا الغسل. وأما إذا تحقق الكسر فجبره ، واعتقد الضرر في غسله فمسح على الجبيرة ، ثم تبين عدم الضرر ، فالظاهر صحة وضوئه وغسله. وا ذا اعتقد عدم الضرر فغسل ، ثم تبين أنه كان مضراً ، وكان وظيفته الجبيرة ففي الصحة إشكال ، وكذا الحال فيما لو اعتقد الضرر ، ولكن ترك الجبيرة وتوضأ أو اغتسل ، ثم تبين عدم الضرر وأن وظيفته غسل البشرة.

مسألة ١٢٨ : في كل مورد يعلم إجمالا أن وظيفته الوضوء الجبيري أو

٤٥

التيممم ولا يتيسر له تعيينها يجب عليه الجمع بينهما.

الفصل الثالث

شرائط الوضوء

وهي أمور :

منها : طهارة الماء ، وإطلاقه. وكذا عدم استعماله في رفع الحدث الأكبر على الأحوط استحباباً ، على ما تقدم. وفي اعتبار نظافته ـ بمعنى عدم تغيره بالقذارات العرفية كالميتة الطاهرة وأبوال الدواب والقيح ـ قول وهو أحوط.

ومنها : طهارة أعضاء الوضوء.

ومنها : إباحة الماء ، والأظهر عدم اعتبار إباحة الفضاء الذي يقع فيه الوضوء ، ولا إباحة الإناء الذي يتوضأ منه مع عدم الانحصار به ، بل مع الانحصار أيضا ، وإن كانت الوظيفة مع الانحصار التيمم لكنه لو خالف وتوضأ بماء مباح من إناء مغصوب أثم وصح وضوؤه ، من دون فرق بين الاغتراف منه ـ دفعة ، أو تدريجاً ـ والصب منه والارتماس فيه على الأظهر. كما أن الأظهر أن حكم المصب ـ إذا كان وضع الماء على العضو مقدمة للوصول إليه ـ حكم الإناء مع الانحصار وعدمه.

مسألة ١٢٩ : يكفي طهارة كل عضو حين غسله ، ولا يلزم أن تكون جميع الأعضاء ـ قبل الشروع ـ طاهرة ، فلو كانت نجسة وغسل كل عضو بعد تطهيره ، أو طهره بغسل الوضوء ـ فيما يكون الماء عاصماً ـ كفى ، ولا يضر تنجس عضو بعد غسله ، وإن لم يتم الوضوء.

مسألة ١٣٠ : إذا توضأ من إناء الذهب ، أو الفضة ، بالاغتراف منه ـ دفعة ، أو تدريجاً ، أو بالصب منه ، أو الارتماس فيه ـ فالأظهر صحة وضوئه ،

٤٦

من دون فرق بين صورة الانحصار وعدمه.

ومنها : عدم المانع من استعمال الماء لمرض يتضرر معه باستعماله. وأما في موارد سائر مسوغات التيمم فالأظهر صحة الوضوء ، حتى فيما إذا خاف العطش على نفسه أوعلى نفس محترمة.

مسألة ١٣١ : إذا توضأ في حال ضيق الوقت عن الوضوء ، فإن تمشى منه قصد القربة ـ كأن قصد الكون على الطهارة ـ صح وضوؤه وإن كان عالماً بضيق الوقت.

مسألة ١٣٢ : لا فرق في عدم صحة الوضوء بالماء المضاف ، أو النجس ، أومع الحائل ، بين صورة العلم ، والعمد ، والجهل ، والنسيان. وكذلك الحال إذا كان استعمال الماء مضراً ، فإنه يحكم ببطلان الوضوء به حتى مع الجهل. وأما إذا كان الماء مغصوباً فيختص البطلان بصورة العلم والعمد فلو توضأ به نسيانا أو جهلاً فانكشف له الحال بعد الفراغ صح وضوؤه إذا لم يكن هو الغاصب ، وأما الغاصب فلا يصح منه الوضوء بالماء المغصوب ولو كان ناسياً على الأحوط.

مسألة ١٣٣ : إذا توضأ غير الغاصب بالماء المغصوب والتفت إلى الغصبية في أثناء الوضوء ، صح ما مضى من أجزائه ، ويجب تحصيل الماء المباح للباقي. ولكن إذا التفت إلى الغصبية بعد الغسلات وقبل المسح ، فجواز المسح بما بقي من الرطوبة لا يخلومن قوة ، وإن كان الأحوط ـ استحباباً ـ إعادة الوضوء.

مسألة ١٣٤ : مع الشك في رضا المالك لا يجوز التصرف ويجري عليه حكم الغصب ، فلا بد من العلم بإذن المالك ، ولو بالفحوى أو شاهد الحال. نعم مع سبق رضاه بتصرف معين ـ ولو لعموم استغراقي بالرضا بجميع التصرفات ـ يجوز البناء على استمراره عند الشك إلى أن يثبت

٤٧

خلافه.

مسألة ١٣٥ : يجوز الوضوء والشرب من الأنهار الكبار المملوكة لأشخاص خاصة ، سواء أ كانت قنوات ، أو منشقة من شط ، وإن لم يعلم رضا المالكين ، بل وإن علم كراهتهم أو كان فيهم الصغار أوالمجانين ، وكذلك الحال في الأراضي المتسعة اتساعاً عظيماً فإنه يجوز الوضوء والجلوس والصلاة والنوم ونحوها فيها ، ولا يناط ذلك برضا مالكيها. نعم في غيرها من الأراضي غير المحجبة كالبساتين التي لا سور لها ولا حجاب الأحوط لزوماً الاجتناب عن التصرف فيها بمثل ما ذكر إذا ظن كراهة المالك أو كان قاصراً.

مسألة ١٣٦ : الحياض الواقعة في المساجد والمدارس إذا لم يعلم كيفية وقفها من اختصاصها بمن يصلي فيها ، أو الطلاب الساكنين فيها أو عدم اختصاصها لا يجوز لغيرهم الوضوء منها ، إلا مع جريان العادة بوضوء صنف خاص أوكل من يريد ، مع عدم منع أحد ، فإنه يجوز الوضوء للغير حينئذ إذا كشفت العادة عن عموم الإذن.

مسألة ١٣٧ : إذا علم أو احتمل أن حوض المسجد وقف على المصلين فيه لا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر. ولو توضأ بقصد الصلاة فيه ثم بدا له أن يصلي في مكان آخر ، فالأظهر صحة وضوئه ، وكذلك إذا توضأ بقصد الصلاة في ذلك المسجد ، ولكنه لم يتمكن وكان يحتمل أنه لا يتمكن ، وكذا إذا كان قاطعاً بالتمكن ، ثم انكشف عدمه ، وكذلك يصح لو توضأ غفلة ، أو باعتقاد عدم الاشتراط ، ولا يجب عليه أن يصلي فيه ، وإن كان هو الأحوط استحبابا.

مسألة ١٣٨ : إذا دخل المكان الغصبي غفلة وفي حال الخروج توضأ بحيث لا ينافي فوريته ، صح وضوؤه. وكذا إذا دخل عصيانا وخرج وتوضأ في حال الخروج ، فإنه يصح وضوؤه أيضا على الأظهر.

٤٨

ومنها : النية ، وهي أن يقصد الفعل متعبداً به بإضافته إلى الله تعالى إضافة تذللية ، ويكفي في ذلك أن يكون الباعث إلى القصد المذكور أمر الله تعالى ، من دون فرق بين أن يكون ذلك بداعي الحب له سبحانه ، أو رجاء الثواب ، أو الخوف من العقاب. ويعتبر فيها الإخلاص فلو ضم إليها الرياء بطل ، ولو ضم إليها غيره من الضمائم الراجحة ، كالتنظيف من الوسخ ، أوالمباحة كالتبريد ، فإن كانت الضميمة تابعة ، أو قصد بها القربة أيضاً لم تقدح ، وفي غير ذلك تقدح. والأظهر عدم قدح العجب المقارن ، إلا إذا كان منافيا لقصد القربة ، كما إذا وصل إلى حد الإدلال بأن يمن على الرب تعالى بالعمل.

مسألة ١٣٩ : لا تعتبر نية الوجوب ، ولا الندب ، ولا غيرهما من الصفات والغايات الخاصة. ولو نوى الوجوب في موضع الندب ، أو العكس ـ جهلاً أو نسيانا ـ صح. وكذا الحال إذا نوى التجديد وهو محدث أو نوى الرفع وهو متطهر.

مسألة ١٤٠ : لا بد من استمرار النية بمعنى صدور تمام الأجزاء عن النية المذكورة ولو بالعود إلى النية الأولى بعد التردد قبل فوات الموالاة مع إعادة ما أتى به بلا نية.

مسألة ١٤١ : لو اجتمعت أسباب متعددة للوضوء كفى وضوء واحد ، ولو اجتمعت عليه أغسال متعددة أجزأ غسل واحد بقصد الجميع وكذا لو قصد الجنابة فقط ولو قصد غير الجنابة فلا إشكال في إجزائه عما قصده وفي إجزائه عن غيره كلام والأظهر هو الإجزاء ، نعم في إجزاء أي غسل عن غسل الجمعة من دون قصده ولو إجمالاً إشكال ، ولو قصد الغسل قربة من دون نية الجميع تفصيلاً ولا واحد بعينه فالظاهر الصحة ، إذ يرجع ذلك إلى نية الجميع إجمالاً ، ثم أن ما ذكر من إجزاء غسل واحد عن أغسال متعددة يجري في جميع الأغسال الواجبة والمستحبة ـ مكانية أو زمانية أو لغاية أخرى ـ ولكن جريانه في الأغسال المأمور بها بسبب ارتكاب بعض الأفعال كمس الميت بعد غسله مع تعدد

٤٩

السبب نوعاً لا يخلو عن إشكال.

ومنها : مباشرة المتوضئ للغسل والمسح ، فلو وضأه غيره أو شاركه فيه بطل. نعم إذا لم يتمكن من المباشرة إلا مع الاستعانة بغيره بأن يشاركه في الغسل أوالمسح جاز ذلك وهو الذي يتولى النية حينئذ ، وإن لم يتمكن من المباشرة ولوعلى هذا النحو طلب من غيره أن يوضأه ، والأحوط حينئذ أن يتولى النية كل منهما.

ومنها : الموالاة ، وهي التتابع العرفي في الغسل والمسح ، ويكفي في الحالات الطارئة ـ كنفاد الماء وطرو الحاجة والنسيان ـ أن يكون الشروع في غسل العضو اللاحق أو مسحه قبل أن تجف الأعضاء السابقة عليه فإذا أخره حتى جفت جميع الأعضاء السابقة بطل الوضوء ، ولا بأس بالجفاف من جهة الحر والريح أو التجفيف إذا كان الموالاة العرفية متحققة.

مسألة ١٤٢ : الأحوط ـ وجوباً ـ عدم الاعتداد ببقاء الرطوبة في مسترسل اللحية الخارج عن المعتاد.

ومنها : الترتيب بين الأعضاء بتقديم الوجه ثم اليد اليمنى ثم اليسرى ثم مسح الرأس ثم الرجلين. والأحوط تقديم الرجل اليمنى على اليسرى وإن كان الأظهر جواز مسحهما معا ولا يجب الترتيب بين اجزاء كل عضو ، نعم يجب مراعاة ان يكون الغسل من الاعلى فالأعلى على ما تقدم ..

ولو عكس الترتيب بين الأعضاء سهواً أعاد على ما يحصل به الترتيب مع عدم فوات الموالاة ، والا استأنف ، وكذا لو عكس عمداً ، إلا أن يكون قد أتى بالجميع عن غير الأمر الشرعي فيستأنف.

٥٠

الفصل الرابع

أحكام الخلل

مسألة ١٤٣ : من تيقن الحدث وشك في الطهارة تطهر ، وكذا لو ظن الطهارة ظناً غير معتبر شرعاً. ولو تيقن الطهارة وشك في الحدث بنى على الطهارة ، وإن ظن الحدث ظناً غير معتبر شرعاً. وتستثنى من ذلك صورة واحد ستأتي في المسألة (١٥٧).

مسألة ١٤٤ : إذا تيقن الحدث والطهارة وشك في المتقدم والمتأخر تطهر ، سواء علم تاريخ الطهارة ، أو علم تاريخ الحدث ، أو جهل تاريخهما جميعا.

مسألة ١٤٥ : إذا شك في الطهارة بعد الصلاة أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة بنى على صحة العمل وتطهر لما يأتي ، حتى فيما إذا تقدم منشأ الشك على العمل ، بحيث لو التفت إليه قبل العمل لشك ، كما إذا أحدث ثم غفل ثم صلى ثم شك بعد الصلاة في التوضي حال الغفلة.

مسألة ١٤٦ : إذا شك في الطهارة في أثناء الصلاة ـ مثلاً ـ قطعها وتطهر ، واستأنف الصلاة.

مسألة ١٤٧ : لو تيقن الإخلال بغسل عضو أو مسحه أتى به وبما بعده ، مراعيا للترتيب والموالاة وغيرهما من الشرائط ، وكذا لو شك في الإتيان بفعل من أفعال الوضوء قبل الفراغ منه ، وأما لو شك في ذلك بعد الفراغ أو شك في تحقق شرط بعض الأفعال بعد الفراغ من ذلك الفعل لم يلتفت ، وإذا شك في الإتيان بالجزء الأخير فإن كان ذلك مع تحقق الفراغ العرفي ـ كما لو شك بعد الدخول في عمل آخر كالصلاة أو بعد فوات

٥١

الموالاة ـ لم يلتفت ، والا أتى به.

مسألة ١٤٨ : ما ذكرناه آنفا من لزوم الاعتناء بالشك فيما إذا كان الشك أثناء الوضوء ، لا يفرق فيه بين أن يكون الشك بعد الدخول في الجزء المترتب أو قبله ، ولكنه يختص بغير كثير الشك ، وأما هو فلا يعتني بشكه مطلقا.

مسألة ١٤٩ : إذا كان مأموراً بالوضوء من جهة الشك فيه بعد الحدث إذا نسي شكه وصلى ، فلا إشكال في بطلان صلاته بحسب الظاهر ، فتجب عليه الإعادة إن تذكر في الوقت ، والقضاء إن تذكر بعده.

مسألة ١٥٠ : إذا كان متوضئاً وتوضأ للتجديد وصلى ، ثم تيقن بطلان أحد الوضوئين ولم يعلم أيهما ، فلا إشكال في صحة صلاته ، ولا تجب عليه إعادة الوضوء للصلوات الآتية أيضاً ..

مسألة ١٥١ : إذا توضأ وضوءين وصلى بعدهما ، ثم علم بحدوث حدث بعد أحدهما ، يجب الوضوء للصلاة الآتية ، وأما الصلاة فيبني على صحتها ، وإذا كان في محل الفرض قد صلى بعد كل وضوء صلاة ، أعاد الوضوء كما يعيد الصلاتين إن مضى أو بقى وقتهما معا ، أما إذا بقي وقت إحداهما فقط فالأظهر أنه لا يجب حينئذ إلا إعادتها كما إذا صلى صلاتين أدائيتين ومضى وقت إحداهما دون الأخرى ، أو صلى صلاة قضائية وأخرى أدائية ومضى وقت الثانية ، هذا مع اختلافهما في العدد ، والا فيكتفي بإتيان صلاة واحدة بقصد ما في الذمة مطلقا.

مسألة ١٥٢ : إذا تيقن بعد الفراغ من الوضوء أنه ترك جزءاً منه ولا يدري أنه الجزء الواجب أوالمستحب ، فالظاهر الحكم بصحة وضوئه.

مسألة ١٥٣ : إذا علم بعد الفراغ من الوضوء أنه مسح على الحائل ، أو مسح في موضع الغسل ، أو غسل في موضع المسح ، ولكن شك في أنه

٥٢

هل كان هناك مسوغ لذلك من جبيرة ، أو تقية أولا بل كان على غير الوجه الشرعي فالأظهر عدم وجوب الإعادة.

مسألة ١٥٤ : إذا تيقن أنه دخل في الوضوء وأتى ببعض أفعاله ولكن شك في أنه أتمه على الوجه الصحيح أولا ، بل عدل عنه اختياراً أو اضطراراً ، فالأظهر صحة وضوئه مع إحراز إيجاد مسمى الوضوء الجامع بين الصحيح والفاسد ، وكون الشك بعد تحقق الفراغ العرفي بالدخول في عمل آخر كالصلاة أو بعد فوات الموالاة.

مسألة ١٥٥ : إذا شك بعد الوضوء في وجود الحاجب ، أو شك في حاجبيته كالخاتم ، أو علم بوجوده ولكن شك بعده في أنه أزاله ، أوإنه وصل الماء تحته ، بنى على الصحة. وكذا إذا علم بوجود الحاجب ، وشك في أن الوضوء كان قبل حدوثه أو بعده بنى على الصحة.

مسألة ١٥٦ : إذا كانت أعضاء وضوئه أو بعضها نجسا فتوضأ وشك ـ بعده ـ في أنه طهرها ثم توضأ أم لا ، بنى على بقاء النجاسة إذا لم يكن الغسل الوضوئي كافيا في تطهيره ، فيجب غسله لما يأتي من الأعمال ، وأما الوضوء فمحكوم بالصحة ، وكذلك لو كان الماء الذي توضأ منه نجسا ثم شك ـ بعد الوضوء ـ في أنه طهره قبله أم لا ، فإنه يحكم بصحة وضوئه ، وبقاء الماء نجسا ، فيجب عليه تطهير ما لاقاه من ثوبه وبدنه.

الفصل الخامس

نواقض الوضوء

يحصل الحدث بأمور :

الأول والثاني : خروج البول والغائط ، سواء أ كان خروجهما من الموضع الأصلي ـ للنوع أو لفرد شاذ الخلقة من هذه الجهة ـ أم من غيره مع

٥٣

انسداد الموضع الأصلي ، وأما مع عدم انسداده فلا يكون ناقضاً إلا إذا كان معتاداً له أو كان الخروج بدفع طبيعي لا بالآلة ، وإن كان الأحوط الانتقاض به مطلقا. والبلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء بحكم البول ظاهراً.

الثالث : خروج الريح من مخرج الغائط ـ المتقدم بيانه ـ إذا صدق عليها أحد الإسمين المعروفين ، ولا عبرة بما يخرج من القبل ولومع الاعتياد.

الرابع : النوم الغالب على العقل ، ويعرف بغلبته على السمع من غير فرق بين أن يكون قائماً ، وقاعداً ، ومضطجعاً. ومثله كل ما غلب على العقل من جنون ، أو إغماء ، أو سكر ، أو غير ذلك ، دون البهت ونحوه.

الخامس : الاستحاضة على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.

مسألة ١٥٧ : إذا شك في طرو أحد النواقض بنى على العدم ، وكذا إذا شك في أن الخارج بول ، أو مذي ، فإنه يبني على عدم كونه بولاً ، إلا أن يكون قبل الاستبراء ، فيحكم بأنه بول ، فإن كان متوضئاً انتقض وضوؤه.

مسألة ١٥٨ : إذا خرج ماء الاحتقان ولم يكن معه شيء من الغائط لم ينتقض الوضوء ، وكذا لو شك في خروج شيء من الغائط معه.

مسألة ١٥٩ : لا ينتقض الوضوء بخروج المذي ، أو الودي ، أو الوذي ، والأول ما يخرج بعد الملاعبة ، والثاني ما يخرج بعد خروج البول ، والثالث ما يخرج بعد خروج المني.

٥٤

الفصل السادس

حكم دائم الحدث

من استمر به الحدث في الجملة ـ كالمبطون ، والمسلوس ، ونحوهما ـ له أحوال ثلاث :

الأولى : أن يجد فترة من الوقت يمكنه أن يأتي فيها بالصلاة متطهراً ـ ولومع الاقتصار على واجباتها ـ ففي هذه الصورة يجب ذلك ويلزمه التأخير سواء أ كانت الفترة في أثناء الوقت أم في آخره ، نعم إذا كانت الفترة في أول الوقت أو في أثنائه ولم يصل حتى مضى زمان الفترة صحت صلاته إذا عمل بوظيفته الفعلية وإن أثم بالتأخير.

الثانية : أن لا يجد فترة أصلاً أو تكون له فترة يسيرة لا تسع الطهارة وبعض الصلاة ، ففي هذه الصورة يتوضأ ـ أو يغتسل أو يتيمم حسبما يقتضيه تكليفه الفعلي ـ ثم يصلي ولا يعتني بما يخرج منه بعد ذلك قبل الصلاة أو في أثنائها وهو باق على طهارته ما لم يصدر منه حدث غير حدثه المبتلي به أو نفس هذا الحدث غير مستند إلى مرضه ولو قبل حصول البرء ، وتصح منه الصلوات الأخرى أيضا الواجبة والمستحبة ، والأحوط الأولى أن يتطهر لكل صلاة وإن يبادر إليها بعد الطهارة.

الثالثة : أن تكون له فترة تسع الطهارة وبعض الصلاة والأحوط في هذه الصورة تحصيل الطهارة والإتيان بالصلاة في الفترة ولكن لا يجب تجديد الطهارة إذا فاجأه الحدث أثناء الصلاة أو بعدها إلا أن يحدث حدثاً آخر بالتفصيل المتقدم. في الصورة الثانية ، والأحوط ولا سيما للمبطون أن يجدد الطهارة كلما فاجأه الحدث أثناء صلاته ويبني عليها ما لم يكن التكرار كثيراً بحيث يكون موجباً للحرج نوعا أو لفوات الموالات المعتبرة بين أجزاء الصلاة

٥٥

ـ بسبب استغراق الحدث المفاجئ أو تجديد الطهارة أو الأمرين معا زماناً طويلاً ـ كما أن الأحوط إذا أحدث بعد الصلاة أن يجدد الطهارة لصلاة أخرى.

مسألة ١٦٠ : الأحوط لمستمر الحدث الاجتناب عما يحرم على المحدث ، وإن كان الأظهر عدم وجوبه ، فيما إذا جاز له الصلاة.

مسألة ١٦١ : يجب على المسلوس والمبطون التحفظ من تعدي النجاسة إلى بدنه وثوبه مهما أمكن بوضع كيس أو نحوه ، ولا يجب تغييره لكل صلاة ، وإن وجب ـ على الأحوط ـ تطهير ما تنجس من بدنه لكل صلاة مع التمكن منه ، كما في غير الحالة الثانية من الحالات المتقدمة.

الفصل السابع

أحكام الوضوء

لا يجب الوضوء لنفسه ، وتتوقف صحة الصلاة ـ واجبة كانت ، أو مندوبة ـ عليه ، وكذا أجزاؤها المنسية بل سجود السهوعلى الأحوط استحباباً. ومثل الصلاة الطواف الواجب ، وهوما كان جزءاً من حجة أو عمرة ، دون المندوب وإن وجب بالنذر ، نعم يستحب له.

مسألة ١٦٢ : الوضوء الرافع للحدث الأصغر لم يثبت كونه مستحباً نفسياً ، بل المستحب هو الكون على الطهارة الحاصلة بالوضوء ، فيجوز الإتيان به بقصد حصولها كما يجوز الإتيان به بقصد أي غاية من الغايات المترتبة عليها ، بل بأي داع قربي وإن كان هو الاجتناب عن محرم كمس كتابة القرآن. وأما الوضوء التجديدي للمتطهر من الحدث الأصغر فهو مستحب نفسي ولكن القدر المتيقن من استحبابه التجديد لصلاتي الصبح

٥٦

والمغرب وإن كان لا يبعد استحبابه لكل صلاة ، وأما في غير ذلك فيؤتى به رجاءً.

مسألة ١٦٣ : لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن ، حتى المد والتشديد ونحوهما ، ولا مس اسم الجلالة وسائر أسمائه وصفاته على الأحوط وجوبا ، والأحوط الأولى إلحاق أسماء الأنبياء والأوصياء وسيدة النساء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين به.

مسألة ١٦٤ : لا فرق في جريان الحكم المذكور بين أنواع الخطوط حتى المهجورة منها ، ولا بين الكتابة بالمداد ، والحفر ، والتطريز ، وغيرهما ، كما لا فرق في الماس ، بين ما تحله الحياة وغيره ، نعم لا يجري الحكم في المس بالشعر إذا كان الشعر غير تابع للبشرة.

مسألة ١٦٥ : المناط في الألفاظ المشتركة بين القرآن وغيره بكون المكتوب ـ بضميمة بعضه إلى بعض ـ مما يصدق عليه القرآن عرفاً والا فلا أثر له سواء أ كان الموجد قاصداً لذلك أم لا ، نعم لا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط مع طرو التفرقة عليه بعد الكتابة.

مسألة ١٦٦ : الطهارة من الحدث الأصغر قد تكون شرطاً لصحة عمل كما مر بعض أمثلته ، وقد تكون شرطاً لكماله وسيأتي بعض موارده ، وقد تكون شرطاً لجوازه كمس كتابة القرآن ـ كما تقدم ـ ويعبر عن الأعمال المشروطة بها بـ ( غايات الوضوء ) نظراً إلى جواز الإتيان به لأجلها ، وإذا وجبت إحدى هذه الغايات ولو لنذر أو شبهه يتصف الوضوء الموصل إليها بالوجوب الغيري ، وإذا استحبت يتصف بالاستحباب الغيري ، ومما تكون الطهارة شرطاً لكماله الطواف المندوب وجملة من مناسك الحج ـ غير الطواف وصلاته ـ كالوقوفين ورمي الجمار ، ومنه أيضاً صلاة الجنائز وتلاوة القرآن والدعاء وطلب الحاجة وغيرها.

٥٧

مسألة ١٦٧ : يجوز الإتيان بالوضوء بقصد فعل الفريضة ولو قبل دخول وقتها على الأظهر كما يجوز الإتيان به بقصد الكون على الطهارة وكذا بقصد ما مر من الغايات.

مسألة ١٦٨ : سنن الوضوء على ما ذكره العلماء رضي الله عنهم : وضع الإناء الذي يغترف منه على اليمين ، والتسمية ، والدعاء بالمأثور ، غسل اليدين من الزندين قبل إدخالهما في الإناء الذي يغترف منه ـ لحدث النوم ، أو البول مرة ، وللغائط مرتين ـ والمضمضة ، والاستنشاق ، وتثليثهما وتقديم المضمضة ، والدعاء بالمأثور عندهما ، وعند غسل الوجه واليدين ، ومسح الرأس ، والرجلين ، وتثنية الغسلات ، والأحوط استحباباً عدم التثنية في اليسرى احتياطا للمسح بها ، وكذلك اليمنى إذا أراد المسح بها من دون أن يستعملها في غسل اليسرى ، وكذلك الوجه لأخذ البلل منه عند جفاف بلل اليد ، ويستحب أن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه في الغسلة الأولى والثانية والمرأة تبدأ بالباطن فيهما ، ويكره الاستعانة بغيره في المقدمات القريبة.

٥٨

المبحث الرابع

الغسل

والواجب منه لغيره : غسل الجنابة ، والحيض ، والاستحاضة والنفاس ، ومس الأموات.

و الواجب لنفسه ، غسل الأموات.

فهنا مقاصد :

المقصد الأول

غسل الجنابة

وفيه فصول

الفصل الأول

سبب الجنابة

وهو أمران :

الأول : خروج المني بشهوة أو بدونها من الموضع المعتاد ، وكذا من غيره إذا كان الخروج طبيعياً ، والا ففيه إشكال ، فالأحوط لزوما الجمع بين الطهارتين إذا كان محدثاً بالأصغر ، هذا في الرجل. وأما المرأة فالماء الخارج من قبلها بشهوة موجب للجنابة ولا أثر لما خرج بغير شهوة على الأظهر.

٥٩

مسألة ١٦٩ : إن عرف المني فلا إشكال ، وإن لم يعرف فالشهوة والدفق وفتور الجسد أمارة عليه ، ومع انتفاء واحد منها لا يحكم بكونه منياً. وفي المريض يرجع إلى الشهوة.

مسألة ١٧٠ : من وجد على بدنه أو ثوبه منياً ، وعلم أنه منه بجنابة لم يغتسل منها وجب عليه الغسل ، ويعيد كل صلاة لا يحتمل سبقها على الجنابة المذكورة ، دون ما يحتمل سبقها عليها ، وإن علم تاريخ الجنابة وجهل تاريخ الصلاة ، وإن كانت الإعادة لها أحوط استحباباً. وإن لم يعلم أنه منه لم يجب عليه شيء.

مسألة ١٧١ : إذا دار أمر الجنابة بين شخصين يعلم واحد منهما أو كلاهما أنها من أحدهما ففيه صورتان :

الأولى : أن يكون جنابة الآخر واقعاً موضوعاً لحكم إلزامي بالنسبة إلى العالم بالجنابة إجمالاً ، وذلك كعدم جواز الاقتداء به في الصلاة ـ إذا كان ممن يقتدى به لولا ذلك ـ وعدم جواز استئجاره للنيابة عن الميت في الصلاة التي وظيفته تفريغ ذمته منها ففي هذه الصورة يجب على العالم بالإجمال ترتيب آثار العلم فيجب على نفسه الغسل ـ وكذا الوضوء أيضا إذا كان مسبوقا بالحدث الأصغر تحصيلاً للعلم بالطهارة ـ ولا يجوز له استئجار الآخر للنيابة في الصلاة قبل اغتساله ، ولا الاقتداء به بعد تحصيل الطهارة لنفسه ، وأما قبل تحصيلها فلا يجوز الاقتداء به بعد تحصيل الطهارة لنفسه ، وأما قبل تحصيلها فلا يجوز الاقتداء به للعلم التفصيلي ببطلان الصلاة حينئذ.

الثانية : أن لا تكون جنابة الآخر موضوعاً لحكم إلزامي بالإضافة إلى العالم بالجنابة إجمالاً ، ففيها لا يجب الغسل على العالم بالجنابة. هذا بالنسبة إلى حكم الشخصين أنفسهما.

وأما غيرهما العالم بجنابة أحدهما إجمالاً ـ ولو لم يعلما هما بذلك ـ

٦٠

فلا يجوز له الائتمام بأي منهما إن كان كل منهما مورداً للابتلاء فضلاً عن الائتمام بهما جميعاً ، كما لا يجوز له استنابة أحدهما في صلاة ، أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة الواقعية.

مسألة 172 : البلل المشكوك الخارج بعد خروج المني وقبل الاستبراء منه بالبول بحكم المني ظاهراً ..

الثاني : الجماع ولو لم ينزل ، ويتحقق بدخول الحشفة في القبل ، أو الدبر من المرأة ، وأما في غيرها فالأحوط لزوماً الجمع بين الغسل والوضوء للواطئ والموطوء فيما إذا كانا محدثين بالحدث الأصغر ، والا يكتفي بالغسل فقط ، ويكفي في مقطوع الحشفة دخول مقدارها ، بل الأظهر الاكتفاء بمجرد الإدخال منه.

مسألة 173 : إذا تحقق الجماع تحققت الجنابة للطرفين ، من غير فرق بين الصغير والكبير ، والعاقل والمجنون ، والقاصد وغيره ، وكذا الحي والميت على الأظهر.

مسألة 174 : إذا خرج المني بصورة الدم أي ممتزجاً بشيء منه وجب الغسل بعد العلم بكونه منياً ..

مسألة 175 : إذا تحرك المني عن محله بالاحتلام ولم يخرج إلى الخارج ، لا يجب الغسل.

مسألة 176 : يجوز للشخص إجناب نفسه بمقاربة زوجته ولو لم يقدر على الغسل وكان بعد دخول الوقت ، نعم إذا لم يتمكن من التيمم أيضاً لا يجوز ذلك. وأما في الوضوء فلا يجوز على الأحوط لمن كان متوضئا ولم يتمكن من الوضوء لو أحدث أن يبطل وضوءه إذا كان بعد دخول الوقت.

مسألة 177 : إذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا ، لا يجب عليه الغسل ، وكذا لا يجب لو شك في أن المدخول فيه فرج ، أو دبر ، أو غيرهما.

٦١

مسألة 178 : الوطء في دبر الخنثى موجب للجنابة على الأحوط لزوماً فيجب الجمع بين الغسل والوضوء إذا كان الواطئ ، أوالموطوء محدثاً بالأصغر. وأما الوطء في قبلها فلا يوجب الجنابة للواطئ إلا مع الإنزال وأما الموطوءة فيلزمها رعاية الاحتياط وإن لم تنزل ، للعلم الإجمالي بتوجه تكاليف الرجال أو النساء إليها.

ولو أدخلت الخنثى في الرجل أو الأنثى مع عدم الإنزال لا يجب الغسل على الموطوء ، وأما الواطئ فيلزمه الاحتياط لما تقدم.

وإذا أدخل الرجل بالخنثى وتلك الخنثى بالأنثى وجب الغسل على الخنثى ، ولا يجب على الرجل والأنثى إذا لم يترتب على جنابة الآخر أثر إلزامي بالنسبة إليه على التفصيل المتقدم في المسألة (171).

الفصل الثاني

فيما يتوقف صحته أو جوازه على غسل الجنابة ، وهو أمور :

الأول : الصلاة مطلقاً ، عدا صلاة الجنائز ، وكذا أجزاؤها المنسية ، بل سجود السهوعلى الأحوط استحبابا.

الثاني : الطواف الواجب بالإحرام مطلقاً ـ كما تقدم في الوضوء ـ وفي صحة الطواف المندوب من المجنب إشكال.

الثالث : الصوم ، بمعنى أنه لو تعمد البقاء على الجنابة في شهر رمضان أو قضائه حتى طلع الفجر بطل صومه ، وكذا صوم ناسي الغسل في شهر رمضان ، على ما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى.

الرابع : مس كتابة القرآن الشريف ، ومس اسم الله تعالى على ما تقدم في الوضوء.

٦٢

الخامس : اللبث في المساجد ، بل مطلق الدخول فيها ، وإن كان لوضع شيء فيها ، بل لا يجوز وضع شيء فيها حال الاجتياز أومن خارجها على الأحوط ، كما لا يجوز الدخول لأخذ شيء منها ، ويجوز الاجتياز فيها بالدخول من باب مثلا ، والخروج من آخر إلا في المسجدين الشريفين ـ المسجد الحرام ، ومسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ والأحوط وجوبا إلحاق المشاهد المشرفة للمعصومينعليهم‌السلام ، بالمساجد في الأحكام المذكورة ، ولا يلحق بها أروقتها ـ فيما لم يثبت كونه مسجداً كما ثبت في بعضها ـ كما لا يلحق بها الصحن المطهر وإن كان الإلحاق أحوط.

السادس : قراءة آية السجدة من سور العزائم ، وهي ( ألم السجدة ، وحم السجدة ، والنجم ، والعلق ) والأحوط استحباباً إلحاق تمام السورة بها حتى بعض البسملة.

مسألة 179 : لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور منها والخراب ، وإن لم يصل فيه أحد ، بشرط بقاء العنوان عرفاً بأن يصدق أنه مسجد خراب ، وأما مع زوال العنوان فلا تترتب عليه آثار المسجدية ، بلا فرق في ذلك كله بين المساجد في الأراضي المفتوحة عنوة وغيرها.

مسألة 180 : ما يشك في كونه جزءاً من المسجد من صحنه وحجراته ومنارته وحيطانه ونحو ذلك ولم تكن امارة على جزئيته ـ ولو كانت هي يد المسلمين عليه بعنوان المسجدية ـ لا تجري عليه أحكامها.

مسألة 181 : لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال الجنابة بل الإجارة فاسدة ، ولا يستحق الأجرة المسماة ، وفي استحقاقه أجرة المثل إشكال ، نعم يجوز استئجاره لذلك من غير تقييد بزمان الجنابة فيستحق الأجرة حينئذ وإن أتى به حالها. هذا إذا علم الأجير بجنابته ، أما إذا

٦٣

جهل بها فالأظهر جواز استئجاره مطلقاً ، وكذلك الصبي والمجنون الجنب.

مسألة 182 : إذا علم إجمالاً جنابة أحد الشخصين وعلم الجنب منهما بجنابته ، لا يجوز استئجارهما ، ولا استئجار أحدهما لقراءة العزائم ، أو دخول المساجد أو نحو ذلك مما يحرم على الجنب.

مسألة 183 : مع الشك في الجنابة لا يحرم شيء من المحرمات المذكورة ، إلا إذا كانت حالته السابقة هي الجنابة.

الفصل الثالث

ما يكره للجنب

قد ذكروا أنه يكره للجنب الأكل والشرب إلا بعد الوضوء ، أو بعد غسل اليدين والتمضمض وغسل الوجه ، وتزول مرتبة من الكراهة بغسل اليدين فقط ، ويكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم ، بل الأحوط استحباباً عدم قراءة شيء من القرآن ما دام جنباً ، ويكره أيضاً مس ما عدا الكتابة من المصحف ، والنوم جنبا إلا أن يتوضأ أو يتيمم بدل الغسل.

الفصل الرابع

واجبات غسل الجنابة

وهي أمور : فمنها النية ، ويجري فيها ما تقدم في نية الوضوء.

ومنها : غسل ظاهر البشرة على وجه يتحقق به مسماه ، فلا بد من رفع الحاجب ، وتخليل ما لا يصل الماء معه إلى البشرة إلا بالتخليل ، ولا يجب غسل الشعر ، إلا ما كان من توابع البدن ، كالشعر الرقيق وإن كان الأحوط استحباباً غسل مطلق الشعر ، ولا يجب غسل البواطن كباطن العين والأذن والفم. نعم الأحوط وجوباً غسل ما يشك في أنه من الباطن أو الظاهر ، وإن

٦٤

علم سابقاً أنه من الباطن ثم شك في تبدله.

ومنها : الإتيان بالغسل على إحدى كيفيتين :

أولاهما : الترتيب ، والأحوط وجوباً فيه أن يغسل أولاً تمام الرأس ـ ومنه العنق ـ ثم بقية البدن ، والأحوط الأولى أن يغسل أولاً تمام النصف الأيمن ثم تمام النصف الأيسر ، ولا بد في غسل كل عضومن إدخال شيء من الآخر مما يتصل به إذا لم يحصل العلم بإتيان الواجب إلا بذلك ، ولا ترتيب هنا بين أجزاء كل عضو ، فله أن يغسل الأسفل منه قبل الأعلى ، كما أنه لا كيفية مخصوصة للغسل هنا ، بل يكفي المسمى كيف كان ، فيجزي رمس الرأس بالماء أولاً ، ثم الجانب الأيمن ، ثم الجانب الأيسر ، كما يكفي رمس البعض ، والصب على الآخر.

ثانيتهما : الارتماس ، وهوعلى نحوين : دفعي وتدريجي ، والأول هو تغطية الماء لمجموع البدن وستره لجميع أجزائه وهو أمر دفعي يعتبر الانغماس التدريجي مقدمة له ، والثاني هو غمس البدن في الماء تدريجا مع انخفاظ الوحدة العرفية فيكون غمس كل جزء من البدن جزء من الغسل لا مقدمة له كما في النحو الأول ، والأظهر صحة الثاني كالأول ، ويعتبر في الثاني أن يكون كل جزء من البدن خارج الماء قبل رمسه بقصد الغسل ويكفي في النحو الأول خروج بعض البدن من الماء ثم رمسه فيه بقصد الغسل.

مسألة 184 : النية في النحو الأول يجب أن تكون مقارنة للتغطية في زمان حدوثها فإذا تحقق بها استيلاء الماء على جميع البدن مقرونا بالنية كفى ، وأما إذا توقف ذلك على أمر آخر كتخليل الشعر أو رفع القدم عن الأرض مثلاً فلا بد من استمرار النية من حين التغطية إلى حين وصول الماء إلى تمام الأجزاء ، أو نية الغسل بالارتماس البقائي المقارن مع وصوله إليها ، وأما في النحو الثاني فتجب النية مقارنة لغمس أول جزء من البدن في الماء

٦٥

واستمرارها إلى حين غمس الجميع.

مسألة 185 : ذكر جماعة أن الغسل الترتيبي يتحقق بتحريك الرأس والرقبة ثم الجانبين بقصد غسلها ـ فيما إذا كان جميع البدن تحت الماء ـ وكذلك تحريك بعض الأعضاء وهو في الماء بقصد غسله. وقالوا أيضا بتحقق الغسل الارتماسي الدفعي بتحريك البدن تحت الماء بقصد غسله. ولكن هذا لا يخلو عن إشكال والأحوط عدم الاكتفاء به.

ومنها : إطلاق الماء ، وطهارته بل ونظافته ـ على قول ـ وإباحته ، والمباشرة اختياراً ، وعدم المانع من استعمال الماء من مرض ونحوه ، وطهارة العضوالمغسول على نحوما تقدم في الوضوء. وقد تقدم فيه أيضاً الكلام في اعتبار إباحة الإناء والمصب ، وحكم الجبيرة ، والحائل وغيرهما من أفراد الضرورة ، وحكم الشك ، والنسيان ، وارتفاع السبب المسوغ للوضوء الناقص في الأثناء وبعد الفراغ منها فإن الغسل كالوضوء في جميع ذلك ، نعم يفترق عنه في عدم اعتبار الموالاة فيه في الترتيبي منه.

مسألة 186 : الغسل الترتيبي مع مراعاة الترتيب فيه بين الأيمن والأيسر أفضل من الغسل الارتماسي.

مسألة 187 : الأظهر جواز العدول من الغسل الترتيبي إلى الارتماسي بقسميه وكذا العدول من القسم الثاني من الارتماسي إلى غيره ، هذا في العدول الاستئنافي ـ أي رفع اليد عما شرع فيه واستئناف غيره ـ وأما العدول التكميلي من الترتيبي إلى الارتماسي ففيه إشكال بل منع وكذا العكس فيما يتصور فيه ذلك.

مسألة 188 : يجوز الارتماس فيما دون الكر ، وإن كان يجري على الماء حينئذ حكم المستعمل في رفع الحدث الأكبر.

مسألة 189 : إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت ، فتبين ضيقه فغسله

٦٦

صحيح.

مسألة 190 : ماء غسل المرأة من الجنابة ، أو الحيض ، أو نحوهما على الزوج على الأظهر.

مسألة 191 : إذا خرج من بيته بقصد الغسل في الحمام فدخله واغتسل ، ولم يستحضر النية تفصيلاً ، كفى ذلك في نية الغسل إذا كان بحيث لو سئل ماذا تفعل لأجاب بأنه يغتسل ، أما لو كان يتحير في الجواب ـ إلا بعارض كخوف أو نحوه ، بل من جهة عدم تأثر النفس عن الداعي الإلهي ـ بطل ، لانتفاء النية.

مسألة 192 : إذا كان جواز الاستفادة من الحمام من قبيل الإباحة المشروطة بدفع نقد معين معجلاً ، فإن كان قاصداً ـ حين الاغتسال ـ عدم إعطاء العوض للحمامي ، أو كان قاصداً إعطاء غير العوض المعين ، أو كان قاصداً للتأجيل ، أو كان متردداً في ذلك بطل غسله وإن استرضاه بعد ذلك.

مسألة 193 : إذا ذهب إلى الحمام ليغتسل ، وبعد الخروج شك في أنه اغتسل أم لا بنى على العدم.

ولو علم أنه اغتسل لكن شك في أنه اغتسل على الوجه الصحيح أم لا ، بنى على الصحة.

مسألة 194 : إذا كان ماء الحمام مباحاً ، لكن سخن بالحطب المغصوب ، لا مانع من الغسل فيه.

مسألة 195 : لا يجوز الغسل في حوض المدرسة ، إلا إذا علم بعموم الوقفية ، أو الإباحة ، ولومن جهة جريان العادة باغتسال أهله أو غيرهم فيه من دون منع أحد.

مسألة 196 : الماء الذي يسبلونه ، لا يجوز الوضوء ، ولا الغسل منه إلا مع العلم بعموم الرضا.

٦٧

مسألة 197 : لبس المئزر الغصبي حال الغسل وإن كان محرماً في نفسه ، لكنه لا يوجب بطلان الغسل.

الفصل الخامس

مستحبات غسل الجنابة

قد ذكر العلماء رضي الله عنهم : أنه يستحب غسل اليدين أمام الغسل من المرفقين ثلاثاً ، ثم المضمضة ثلاثاً ، ثم الاستنشاق ثلاثاً ، وإمرار اليد على ما تناله من الجسد ، خصوصاً في الترتيبي ، بل ينبغي التأكد في ذلك وفي تخليل ما يحتاج إلى التخليل ، ونزع الخاتم ونحوه ، والاستبراء بالبول قبل الغسل.

مسألة 198 : الاستبراء بالبول ليس شرطاً في صحة الغسل ، لكن إذا تركه واغتسل ثم خرج منه بلل مشتبه بالمني ، جرى عليه حكم المني ظاهراً ، فيجب الغسل له كالمني ، سواء استبرأ بالخرطات ، لتعذر البول أم لا ، إلا إذا علم بذلك أو بغيره عدم بقاء شيء من المني في المجرى.

مسألة 199 : إذا بال بعد الغسل ولم يكن قد بال قبله ، لم تجب إعادة الغسل وإن احتمل خروج شيء من المني مع البول.

مسألة 200 : إذا دار أمر المشتبه بين البول والمني بعد الاستبراء بالبول والخرطات ، فالظاهر كفاية الوضوء وإن لم يصدر منه الحدث الأصغر بعد الغسل وقبل خروج البلل المشتبه.

مسألة 201 : يجزئ غسل الجنابة عن الوضوء لكل ما اشترط به.

مسألة 202 : إذا خرجت رطوبة مشتبهة بعد الغسل ، وشك في أنه استبرأ بالبول ، أم لا ، بنى على عدمه فيجب عليه الغسل.

٦٨

مسألة 203 : لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة ، بين أن يكون الاشتباه بعد الفحص والاختبار ، وإن يكون لعدم إمكان الاختبار من جهة العمى ، أو الظلمة ، أو نحو ذلك.

مسألة 204 : لو أحدث بالأصغر في أثناء الغسل من الجنابة فله أن يتمه ، والأحوط وجوباً ضم الوضوء إليه حينئذ ، وله العدول الاستئنافي من الترتيبي إلى الارتماسي وبالعكس ولا حاجة حينئذ إلى ضم الوضوء.

مسألة 205 : إذا أحدث أثناء سائر الأغسال بالحدث الأصغر جرى عليه ما تقدم في غسل الجنابة إلا في الاستحاضة المتوسطة فإنه يجب فيها الوضوء على كل حال.

مسألة 206 : إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغسل ، فإن كان مماثلاً للحدث السابق ، كالجنابة في أثناء غسلها ، أوالمس في أثناء غسله ، فلا إشكال في وجوب الاستئناف ، وإن كان مخالفاً له فالأقوى عدم بطلانه فيتمه ويأتي بالآخر ، ويجوز الاستئناف بغسل واحد لهما ، ولا يجب الوضوء بعده في غير الاستحاضة المتوسطة.

مسألة 207 : إذا شك في غسل الرأس والرقبة قبل الدخول في غسل البدن ، رجع وأتى به ، وكذا إذا كان بعد الدخول فيه على الأحوط ، ولو شك في غسل الطرف الأيمن فاللازم الاعتناء به حتى مع الدخول في غسل الطرف الأيسر على الأقوى.

مسألة 208 : إذا غسل أحد الأعضاء ، ثم شك في صحته وفساده فالظاهر أنه لا يعتني بالشك ، سواء كان الشك بعد دخوله في غسل العضو الآخر ، أم كان قبله.

مسألة 209 : إذا شك في غسل الجنابة بنى على عدمه ، وإذا شك

٦٩

فيه بعد الفراغ من الصلاة لم تجب إعادتها ، إلا إذا كانت موقتة وحدث الشك في الوقت وصدر منه الحدث الأصغر بعد الصلاة فإن الأحوط إعادتها حينئذ ، ويجب عليه الغسل لكل عمل تتوقف صحته أو جوازه على الطهارة من الحدث الأكبر من غير فرق بين الصلاة وغيرها حتى مثل مس كتابة القرآن وهذا الغسل يمكن أن يقع على نحوين : ( الأول ) أن يقطع بكونه مأموراً به ـ وجوبا أو استحبابا ـ كأن يقصد به غسل يوم الجمعة أو غسل الجنابة المتجددة بعد الصلاة وحينئذ فله الاكتفاء به في الإتيان بكل عمل مشروط بالطهارة سواء سبقه الحدث الأصغر أم لا. ( الثاني ) أن لا يكون كذلك بأن أتى به لمجرد احتمال بقاء الجنابة التي يشك في الاغتسال منها قبل الصلاة ، وحينئذ يكتفي به في الإتيان بما هو مشروط بالطهارة عن الحدث الأكبر فقط كجواز المكث في المساجد ، وأما ما هو مشروط بالطهارة حتى عن الحدث الأصغر فلا يكتفى فيه بالغسل بل يجب ضم الوضوء إليه إن سبقه صدور الحدث منه دون ما لم يسبقه.

مسألة 210 : إذا اجتمع عليه أغسال متعددة واجبة أو مستحبة ، أو بعضها واجب وبعضها مستحب ، فقد تقدم حكمها في شرائط الوضوء في المسألة (141) فراجع.

مسألة 211 : إذا كان يعلم ـ إجمالا ـ أن عليه أغسالاً لكنه لا يعلم بعضها بعينه ، يكفيه أن يقصد جميع ما عليه. وإذا قصد البعض المعين كفى عن غيره على تفصيل تقدم في المسألة ( 141 ) من شرائط الوضوء ، وإذا علم أن في جملتها غسل الجنابة وقصده في جملتها أو بعينه لم يحتج إلى الوضوء ، بل الأظهر عدم الحاجة إلى الوضوء مطلقاً في غير الاستحاضة المتوسطة.

٧٠

المقصد الثاني

غسل الحيض

وفيه فصول :

الفصل الأول

في سببه

وهو خروج دم الحيض الذي تراه المرأة في زمان مخصوص غالباً ، سواء خرج من الموضع الطبيعي للنوع أو الشخص وإن كان خروجه بقطنة ، أم خرج من الموضع العارضي ولكن بدفع طبيعي لا بمثل الإخراج بالآلة. وإذا انصب من الرحم إلى فضاء الفرج ولم يخرج منه أصلاً ففي جريان حكم الحيض عليه إشكال ، وإن كان الأظهر عدمه ، نعم لا إشكال في بقاء الحدث ما دام باقيا في باطن الفرج.

مسألة 212 : إذا افتضت البكر فسال دم وشك في أنه من دم الحيض ، أومن العذرة ، أو منهما ، أدخلت قطنة وصبرت فترة تعلم بنفوذ الدم فيها ثم استخرجتها برفق فإن كانت مطوقة بالدم فهومن العذرة ، وإن كانت مستنقعة فهومن الحيض ، وهذا الاختبار واجب وجوباً طريقياً لاستكشاف حالها ، فلا يحكم بصحة صلاتها ظاهراً ولا يجوز لها الإتيان بها بقصد الأمر الجزمي إلا مع الاختبار.

مسألة 213 : إذا تعذر الاختبار المذكور فالأقوى الاعتبار بحالها السابق ، من حيض ، أو عدمه ، وإذا جهلت الحالة السابقة فالأحوط استحباباً

٧١

الجمع بين عمل الحائض والطاهرة. والأظهر جواز البناء على الطهارة.

الفصل الثاني

يعتبر في دم الحيض أن يكون بعد البلوغ وقبل سن الستين ، فكل دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنين لا يكون دم حيض ، وكذا ما تراه المرأة بعد بلوغها الستين لا تكون له أحكامه ، والأحوط الأولى في غير القرشية الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة فيما بين الخمسين والستين فيما إذا كان الدم بحيث لو رأته قبل الخمسين لحكم بكونه حيضاً كالذي تراه أيام عادتها ، وأما سن اليأس الموجب لسقوط عدة الطلاق ـ بعد انقطاع الدم وعدم رجاء عوده لكبر سن المرأة ـ فمحدد بالخمسين على الأظهر.

مسألة 214 : يجتمع الحيض مع الحمل قبل ظهوره وبعد ظهوره ، نعم يلزم على الأحوط على الحامل ذات العادة الوقتية الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة في صورة واحدة وهي ما إذا رأت الدم بعد مضي عشرين يوماً من أول عادتها وكان الدم بصفات الحيض ، وفي غير هذه الصورة حكم الحامل وغير الحامل على حد سواء.

الفصل الثالث

أقل الحيض وأكثره

أقل الحيض ما يستمر من حين خروج الدم ثلاثة أيام ولو في باطن الفرج ، ويكفي التلفيق من أبعاض اليوم ، ولا يكفي وجوده في بعض كل يوم من الثلاثة ولا مع انقطاعه فيما يتوسطها من الليالي ، نعم الفترات اليسيرة المتعارفة ولو في بعض النساء لا تخل بالاستمرار المعتبر فيه.

٧٢

وأكثر الحيض عشرة أيام ، وكذلك أقل الطهر بين حيضتين ، وأما النقاء المتخلل بين الدمين من حيض واحد ففي كونه طهراً أو حيضاً وجهان ، فالأحوط الجمع فيه بين أحكام الطاهرة والحائض.

وعلى ما تقدم فكل دم تراه المرأة ناقصا عن الثلاثة أو زائدة على العشرة أو قبل مضي عشرة من الحيض الأول فليس بحيض.

الفصل الرابع

تصير المرأة ذات عادة بتكرر الحيض مرتين متواليتين من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة ، فإن اتفقا في الزمان والعدد ـ كأن رأت في أول كل من الشهرين المتواليين سبعة أيام مثلاً ـ فالعادة وقتية وعددية. وإن اتفقا في الزمان خاصة دون العدد ـ كأن رأت في أول الشهر الأول سبعة وفي أول الثاني خمسة ـ فالعادة وقتية خاصة. وإن اتفقا في العدد فقط ـ كأن رأت الخمسة في أول الشهر الأول وكذلك في آخر الشهر الثاني ـ مثلاً فالعادة عددية فقط.

مسألة 215 : ذات العادة الوقتية ـ سواء أ كانت عددية أم لا ـ تتحيض بمجرد رؤية الدم في أيام عادتها وإن كان أصفر رقيقاً ، وكذا إذا رأت الدم قبل العادة بيوم أو يومين أو أزيد ما دام يصدق عليه تعجيل الوقت والعادة بحسب عرف النساء ، فتترك العبادة ، وتعمل عمل الحائض في جميع الأحكام ولكن إذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلاً وجب عليها قضاء الصلاة.

مسألة 216 : غير ذات العادة الوقتية ـ سواء أ كانت ذات عادة عددية فقط أم لم تكن ذات عادة أصلاً كالمبتدئة ـ إذا رأت الدم وكان جامعاً

٧٣

للصفات ، مثل : الحرارة ، والحمرة أو السواد ، والخروج بحرقة ، تتحيض أيضا بمجرد الرؤية ، ولكن إذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة ، وجب عليها قضاء الصلاة ، وإن كان فاقداً للصفات ، فلا تتحيض به إلا حين العلم باستمراره إلى ثلاثة أيام ـ ولو كان ذلك قبل إكمال الثلاثة ـ وأما مع احتمال الاستمرار فالأحوط وجوباً الجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.

مسألة 217 : وإذا تقدم الدم على العادة الوقتية بأزيد ما يصدق عليه تعجيل الوقت بحسب عرف النساء ، أو تأخر عنها ولو قليلاً ، فحكم المرأة في التحيض به وعدمه حكم غير ذات العادة الوقتية المتقدم في المسألة السابقة.

مسألة 218 : الأقوى عدم ثبوت العادة بالتمييز ، فغير ذات العادة المتعارفة ترجع إلى الصفات مطلقاً.

الفصل الخامس

في حكم رؤية الدم مرتين في شهر واحد

إذا تخلل بين دمين لا يقل أي منهما عن ثلاثة أيام ولا يزيد على عشرة نقاءً أقل من عشرة فهنا صورتان :

الأولى : ما إذا لم يكن مجموع الدمين والنقاء المتخلل أزيد من عشرة أيام ، ففي هذه الصورة يحكم بكون الدمين حيضا سواء أ كان أحدهما أو كلاهما واقعا في أيام العادة أوما بحكمهما أم لا. وأما النقاء المتخلل بينهما فالأحوط فيه الجمع بين أحكام الحائض والطاهرة.

الثانية : ما إذا تجاوز عن العشرة ففي هذه الصورة لا يمكن أن يجعل الدمان معا من حيض واحد ، كما لا يمكن جعل كل واحد منهما حيضاً

٧٤

مستقلا ، وحينئذ فإن كان أحدهما في العادة دون الآخر كان ما في العادة حيضا والآخر استحاضة مطلقاً إلا إذا كان ما في العادة متقدماً زماناً وكان الدم الثاني متصفا بصفة الحيض فإن المقدار الذي لم يتجاوز عن العشرة يحكم بكونه من الحيضة الأولى.

وأما إذا لم يصادف شيء منهما العادة ـ ولو لعدم كونها ذات عادة ـ فإن كان أحدهما واجداً للصفات دون الآخر جعلت الواجد حيضاً والفاقد استحاضة ، وإن تساويا في الصفات فالأقوى جعل أولهما حيضا سواء أ كانا معا متصفين بصفة الحيض أم لا ، والأحوط الأولى أن تحتاط في كل من الدمين خصوصا في الصورة الثانية.

مسألة 219 : إذا تخلل بين الدمين المفروضين أقل الطهر ، كان كل منهما حيضا مستقلاً ، سواء أ كان كل منهما أو أحدهما في العادة أم لا ، وسواء أ كان كل منهما أو أحدهما واجداً للصفات أم لا على الأقوى.

الفصل السادس

في الاستبراء والاستظهار

إذا انقطع دم الحيض لدون العشرة في الظاهر ، فإن احتملت بقاءه في الرحم وجب عليها الاستبراء ولا يجوز لها ترك العبادة بدونه ، فإن خرجت القطنة ملوثة بقيت على التحيض ، كما سيأتي ، وإن خرجت نقية اغتسلت وعملت عمل الطاهرة ، ولا استظهار ـ هنا ـ حتى مع ظن العود ، إلا مع اعتياد تخلل النقاء على وجه تعلم أو تطمئن بعوده ، غير متجاوز عن العشرة فإن عليها حينئذ أن تحتاط فيه بالجمع بين أحكام الطاهرة والحائض على ما تقدم.

٧٥

وكيفية الاستبراء أن تدخل قطنة وتتركها في موضع الدم وتصبر أزيد من الفترة اليسيرة التي يتعارف انقطاع الدم فيها مع بقاء الحيض كما تقدم ، والأولى لها في كيفية إدخال القطنة أن تكون ملصقة بطنها بحائط أو نحوه ، رافعة إحدى رجليها ثم تدخلها.

وإذا تركت الاستبراء لعذر ـ من نسيان أو نحوه ـ واغتسلت ، وصادف براءة الرحم صح غسلها ، وإن تركته ـ لا لعذر ـ ففي صحة غسلها إذا صادف براءة الرحم وجهان : أقواهما ذلك أيضا.

وإن لم تتمكن من الاستبراء ، لظلمة أو عمى مثلاً فالأظهر أنها تبقى على التحيض حتى تعلم بالنقاء ، وإن كان الأحوط الأولى لها أن تجمع بين أحكام الطاهرة ـ ومنها الاغتسال للصلاة ـ وأحكام الحائض إلى أن تعلم بالنقاء فتعيد الغسل وتقضي الصوم.

مسألة 220 : إذا استبرأت فخرجت القطنة ملوثة ولو بالصفرة ، فإن كانت مبتدئة ، أو لم تستقر لها عادة ، أو عادتها عشرة بقيت على التحيض إلى تمام العشرة ، أو يحصل لها العلم بالنقاء قبلها ، وإن شكت فيه أعادت الاستبراء ، وإن كانت ذات عادة ـ دون العشرة ـ فإن كان الاستبراء في أيام العادة ، فلا إشكال في بقائها على التحيض ، إلى أن تتمها إلا أن يحصل لها العلم بالنقاء قبله ، وإن شكت فيه أعادت الاستبراء كما تقدم ، وإن كان بعد انقضاء العادة فإن علمت انقطاع الدم قبل العشرة بقيت على التحيض إلى حين الانقطاع ، وإن علمت تجاوزه عنها اغتسلت وأتت بأعمال المستحاضة ، ومع التردد بين الأمرين فالأحوط الأولى أن تبقى على التحيض استظهاراً يوماً واحداً وتتخير بعده في الاستظهار وعدمه إلى العشرة إلى أن يظهر لها حال الدم ، وأنه ينقطع على العشرة ، أو يستمر إلى ما بعد العشرة. فإن اتضح لها الاستمرار ـ قبل تمام العشرة ـ اغتسلت وعملت عمل

٧٦

المستحاضة ، وإلا فالأحوط لها ـ استحباباً ـ الجمع بين أعمال المستحاضة ، وتروك الحائض. ثم أن ما ذكر من الاستظهار لذي العادة يختص بالحائض التي تمادى بها الدم ـ كما هو محل الكلام ـ ولا يشمل المستحاضة التي اشتبه عليها أيام حيضها بل أن عليها أن تعمل عمل المستحاضة بعد انقاضاء أيام العادة.

الفصل السابع

في حكم تجاوز الدم عن العشرة

مسألة 221 : قد عرفت حكم الدم المستمر إذا انقطع على العشرة في ذات العادة وغيرها ، وأما إذا تجاوز العشرة قليلاً كان أو كثيراً وكانت المرأة ذات عادة وقتية وعددية جعلت ما في العادة حيضا وإن كان فاقداً للصفات ، والزائد عليها استحاضة وإن كان واجداً لها ، سواء أمكن جعل الواجد أيضاً حيضا ـ منضما أو مستقلاً ـ أم لم يكن ، هذا إذا لم يتخلل نقاء في البين ـ كما هو مفروض الكلام ـ وإلا فربما يحكم بحيضية الواجد منضماً كما إذا كانت عادتها ثلاثة ـ مثلاً ـ ثم انقطع الدم ، ثم عاد بصفات الحيض ، ثم رأت الدم الأصفر فتجاوز العشرة ، فإن الظاهر في مثله جعل الدم الواجد للصفات ، مع ما في العادة حيضاً ، وأما النقاء المتخلل بين الدمين فالأحوط أن تجمع فيه بين أحكام الطاهرة والحائض.

مسألة 222 : المبتدئة وهي : المرأة التي ترى الدم لأول مرة. والمضطربة وهي : التي رأت الدم ولم تستقر لها عادة ، إذا رأت الدم وقد تجاوز العشرة فإما أن يكون واجداً للتمييز بأن يكون الدم المستمر بعضه بصفة الحيض وبعضه بصفة الاستحاضة ، وأما أن يكون فاقداً له بأن يكون ذا لون واحد وأن اختلفت مراتبه كما إذا كان الكل بصفة دم الحيض ولكن

٧٧

بعضه أسود وبعضه أحمر أو كان الجميع بصفة دم الاستحاضة ـ أي أصفر ـ مع اختلاف درجات الصفرة.

ففي القسم الأول : تجعل الدم الفاقد لصفة الحيض استحاضة كما تجعل الدم الواجد لها حيضاً مطلقاً إذا لم يلزم من ذلك محذور عدم فصل أقل الطهر ـ أي عشرة أيام ـ بين حيضتين مستقلتين وإلا فالأقوى جعل الثاني استحاضة أيضا ، هذا إذا لم يكن الواجد أقل من ثلاثة أيام ولا أكثر من العشرة وأما مع كونه أقل أو أكثر فلا بد في تعيين عدد أيام الحيض من الرجوع إلى أحد الطريقين الآتيين في القسم الثاني بتكميل العدد من الفاقد إذا كان أقل من ثلاثة وتنقيصه من الواجد إذا كان أكثر من العشرة ولا يحكم بحيضية الزائد على العدد.

وأما في القسم الثاني : فالمبتدئة تقتدي ببعض نسائها في العدد ، ويعتبر فيمن تقتدي بها أمران :

الأول : عدم العلم بمخالفتها معها في مقدار الحيض ، فلا تقتدي المبتدئة بمن كانت قريبة من سن اليأس مثلاً.

الثاني : عدم العلم بمخالفة عادة من تريد الاقتداء بها مع عادة من يماثلها من سائر نسائها. وإذا لم يمكن الاقتداء ببعض نسائها فالظاهر أنها مخيرة في كل شهر في التحيض فيما بين الثلاثة إلى العشرة ولكن ليس لها أن تختار عدداً تطمئن بأنه لا يناسبها ، والأحوط اختيار السبع إذا لم يكن كذلك. وأما المضطربة فالأحوط لها الرجوع إلى بعض نسائها ثم الرجوع إلى العدد على النحوالمتقدم ، نعم إذا ثبت لها عادة عددية ناقصة بالنسبة إلى الأقل أو الأكثر كأن لم تر الدم أقل من خمسة أيام أو أزيد في ثمانية أيام مثلاً مراراً عديدة بحيث عد ذلك عادة لها عرفا لزمها رعايتها أيضاً كما سيأتي نظير ذلك في المسألة اللاحقة.

٧٨

مسألة 223 : إذا كانت ذات عادة عددية فقط ونسيت عادتها ثم رأت الدم ثلاثة أيام أو أكثر ولم يتجاوز العشرة كان جميعه حيضا ، وأما إذا تجاوزها فحكمها في ذلك كله حكم المضطربة المتقدم في المسألة السابقة ، ولكنها تمتاز عنها في موردين :

1 ـ ما إذا كان العدد الذي يقتضيه أحد الضوابط الثلاثة المتقدمة أقل من المقدار المتيقن من عادتها ، كما إذا كان العدد المفروض سبعة وهي تعلم أن عادتها المنسية إما كانت ثمانية أو تسعة ، ففي مثل ذلك لا بد أن تجعل القدر المتيقن من عادتها حيضاً وهو الثمانية في المثال.

2 ـ ما إذا كان العدد المفروض أكبر من عادتها كما إذا كان ثمانية وهي تعلم بأن عادتها كانت خمسة أو ستة ، ففي مثل ذلك لا بد أن تجعل أكبر عدد تحتمل أنه كان عادة لها حيضا وهو الستة في المثال.

وأما في غير هذين الموردين فلا عبرة بالعدد المنسي ، ولكنها إذا احتملت العادة فيما زاد على العدد المفروض فالأحوط الأولى أن تعمل فيه بالاحتياط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.

مسألة 224 : إذا كانت ذات عادة وقتية فقط فنسيتها وتجاوز الدم عن العشرة فحكمها ما تقدم في المضطربة وقتا وعدداً من لزوم الرجوع إلى التمييز أو الرجوع إلى بعض نسائها أو اختيار العدد على التفصيل المتقدم ، ولا خصوصية للمقام إلا في موردين:

الأول : ما إذا علمت بأن زماناً خاصاً ـ أقل من الثلاثة ـ ترى فيه الدم فعلاً جزء من عادتها الوقتية ولكنها نسيت مبدأ الوقت ومنتهاه فحكمها حينئذ لزوم التمييز بالدم الواجد للصفات المشتمل على ذلك الزمان وأما مع عدم الاشتمال عليه فتعتبر فاقدة للتمييز فتختار العدد المشتمل عليه على التفصيل المتقدم.

٧٩

الثاني : ما إذا لم تعلم بذلك ولكنها علمت بانحصار زمان الوقت في بعض الشهر كالنصف الأول منه وحينئذ فلا أثر للدم الواجد للصفة إذا كان خارجا عنه كما أنه ليس لها اختيار العدد في غيره ، هذا والأحوط الأولى لها أن تحتاط في جميع أيام الدم مع العلم بالمصادفة مع وقتها إجمالاً.

مسألة 225 : إذا كانت ذات عادة عددية ووقتية فنسيتها ففيها صور :

الأولى : أن تكون ناسية للوقت مع حفظ العدد والحكم فيها هو الرجوع في العدد إلى عادتها وفي الوقت إلى التمييز على التفصيل المتقدم في المسألة السابقة ، ومع عدم إمكان الرجوع إليه تجعل العدد في أول رؤية الدم على الأظهر إذا أمكن جعله حيضاً وإلا فتجعله بعده كما إذا رأت الدم المتجاوز عن العشرة بعد الحيض السابق من دون فصل عشرة أيام بينهما.

الثانية : أن تكون حافظة للوقت وناسية للعدد ، ففي هذه الصورة ـ مع انحفاظ مبدأ الوقت ـ تجعل ما تراه من الدم في وقتها المعتاد ـ بصفة الحيض أو بدونها ـ حيضا ، فإن لم يتجاوز العشرة فجميعه حيض ، وإن تجاوزها فعليها أن ترجع في تعيين العدد إلى التمييز إن أمكن وإلا فإلى بعض أقاربها على الأحوط ، وإن لم يمكن الرجوع إلى الأقارب أيضاً فعليها أن تختار عدداً مخيرة بين الثلاثة إلى العشرة ، نعم لا عبرة بشيء من الضوابط الثلاثة في موردين تقدم بيانهما في المسألة 223.

الثالثة : أن تكون ناسية للوقت والعدد معاً والحكم في هذه الصورة وإن كان يظهر مما سبق إلا أنا نذكر فروعا للتوضيح :

الأول : إذا رأت الدم بصفة الحيض أياما ـ لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة ـ كان جميعه حيضاً ، وأما إذا كان أزيد من عشرة ـ ولم تعلم بمصادفته لأيام عادتها ـ تحيضت به وترجع في تعيين عدده إلى بعض أقاربها وإلا فتختار عدداً بين الثلاثة والعشرة على التفصيل المشار إليه في الصورة

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482