منهاج الصالحين ـ المعاملات الجزء ٢

منهاج الصالحين ـ المعاملات12%

منهاج الصالحين ـ المعاملات مؤلف:
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 491

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 491 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 80587 / تحميل: 4854
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين ـ المعاملات

منهاج الصالحين ـ المعاملات الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

أو طلبت منه فامتنع من الرد مع التمكن عقلاً وشرعاً ضمنها بمجرد ذلك ولم يبرأ من الضمان لو عدل عن جحوده أو امتناعه.

مسألة ٧١٠ : لو كانت الوديعة في كيس مختوم أو ما بحكمه ففتحه وأخذ بعضها ضمن الجميع ، بل المتجه الضمان بمجرد الفتح كما سبق ، وأما لولم تكن كذلك فأخذ بعضها فإن كان من قصده الاقتصار عليه فالظاهر قصر الضمان على المأخوذ دون ما بقي ، وأما لو كان من قصده عدم الاقتصار بل أخذ التمام شيئاً فشيئاً فلا يبعد أن يكون ضامناً للجميع.

مسألة ٧١١ : لو أودعه كيسين فتصرف في أحدهما ضمنه دون الآخر.

مسألة ٧١٢ : إذا كان التصرف لا يوجب صدق الخيانة كما إذا كتب على الكيس بيتاً من الشعر أو نقش عليه نقشاً أونحو ذلك فإنه لا يوجب ضمان الوديعة وإن كان التصرف حراماً لكونه غير مأذون فيه.

مسألة ٧١٣ : لو سلم الوديعة إلى زوجته أو ولده أو خادمه ليحرزوها ضمن إلا أن يكونوا كآلاته لكون ذلك بمحضره وباطلاعه ومشاهدته.

مسألة ٧١٤ : إذا فرط في الوديعة ثم رجع عن تفريطه بإن جعلها في الحرز المضبوط وقام بما يوجب حفظها ، أو تعدى ثم رجع كما إذا لبس الثوب ثم نزعه فهل يبقى الضمان أولا؟ وجهان أوجههما العدم.

مسألة ٧١٥ : لو ادعى الودعي تلف الوديعة فإن كان مأموناً عند المودع لم يطالبه بشيء وإلا جاز له رفع أمره إلى الحاكم الشرعي ، ويكون القول قوله ـ أي الودعي ـ بيمينه بشرط أن لا يكون مخالفاً لظاهر الحال ، كما لو كانت بين أمواله فادعى تلفها بحريق أصابها وحدها دون غيرها.

مسألة ٧١٦ : لو اتفقا على تلف الوديعة ولكن اختلفا في التفريط أو التعدي أو في قيمة العين ـ ولو لأجل الاختلاف في خصوصياتها ـ كان القول قول الودعي بيمينه بالشرط المتقدم.

٢٢١

مسألة ٧١٧ : لو اختلفا في الرد فالأظهر أن القول قول المالك مع يمينه بالشرط المتقدم ، وكذلك الحال لو اختلفا في أنها دين أو وديعة مع التلف.

مسألة ٧١٨ : لو دفعها إلى غير المالك وادعى الإذن من المالك فأنكر المالك ولا بينة فالقول قول المالك بيمينه بالشرط المتقدم ، وكذا لو صدقه على الإذن ولكن أنكر التسليم إلى من إذن له.

مسألة ٧١٩ : إذا أنكر الوديعة ثم أقر بها ـ عند إقامة المالك البينة عليها أو بدون ذلك ـ ولكنه ادعى تلفها لم تقبل دعواه بيمينه ، فإن ادعى أنها تلفت قبل إنكاره من غير تعدٍ ولا تفريط وكذبه المالك كلف الودعي بإقامة البينة على دعواه فإن أقامها فهو ، وإلا توجه الحلف على المالك فإذا حلف كلف الودعي بتسليم العين ما لم يتبين تلفها ، وأما لو ادعى تلفها بعد الإنكار فللمالك أن يأخذ منه بدلها وله يطالبه بالعين وحينئذٍ فإن أقام البينة على تلفها حكم بضمانه بدلها وإلا توجه الحلف على المالك فإن حلف كلف الودعي بتسليم العين ما لم يتبين تلفها كما تقدم في الصورة الأولى.

مسألة ٧٢٠ : إذا أقر بالوديعة ثم مات فإن عينها في عين شخصية معينة موجودة حال موته أخرجت من التركة ، وكذا إذا عينها في ضمن مصاديق من جنس واحد موجودة حال الموت ، كما إذا قال إحدى هذه الشياه وديعة عندي من فلان ولم يعينها فعلى الورثة إذا احتملوا صدق المورث ولم يميزوا الوديعة عن غيرها إن يعاملوا معها معاملة ما إذا علموا إجمالاً بإن إحدى هذه الشياه لفلان ، وإذا عين الوديعة ولم يعين المالك كانت من مجهول المالك فيترتب عليها حكمه وسيأتي في كتاب اللقطة.

وهل يعتبر قول المودع ويجب تصديقه لو عينها في معين واحتمل صدقه؟ وجهان أظهرهما العدم.

٢٢٢

وإذا لم يعينها بأحد الوجهين المذكورين بحيث لم يظهر من كلامه وجودها في ضمن تركته ولم يعلم الورثة بذلك فلا اعتبار بقوله حتى إذا ذكر الجنس ولم يوجد من ذلك الجنس في تركته إلا واحد ، إلا إذا علم أن مراده ذلك الواحد.

مسألة ٧٢١ : الأمانة على قسمين مالكية وشرعية :

أما الأول : فهو ما كان باستيمان من المالك وإذنه ، سواء كان عنوان عمله ممحضاً في الحفظ والصيانة كالوديعة أو بتبع عنوان آخر مقصود بالذات كما في الرهن والعارية والإجارة والمضاربة ، فإن العين بيد المرتهن والمستعير والمستأجر والعامل أمانة مالكية ، حيث أن المالك قد استأمنهم عليها وتركها بيدهم من دون مراقبة فجعل حفظها على عهدتهم.

وأما الثاني : فهو ما لم يكن الاستيلاء فيه على العين ووضع اليد عليها باستيمان من المالك ولا إذن منه وقد صارت تحت يده لا على وجه العدوان ، بل أما قهراً كما إذا أطارتها الريح أو جاء بها السيل مثلاً فصارت في يده ، وأما بتسليم المالك لها بدون اطلاع منهما ، كما إذا اشترى صندوقاً فوجد فيه المشتري شيئاً من مال البائع بدون اطلاعه ، أو تسلم البائع أو المشتري زائداً على حقهما من جهة الغلط في الحساب ، وأما برخصة من الشرع كاللقطة والضالة وما ينتزع من يد السارق أو الغاصب من مال الغير حسبة للإيصال إلى صاحبه ، وكذا ما يؤخذ من الصبي أو المجنون من مالهما عند خوف التلف في أيديهما حسبة للحفظ ، وما يؤخذ مما كان في معرض الهلاك والتلف من الأموال المحترمة ، كحيوان معلوم المالك في مسبعة أو مسيل ونحو ذلك ، فإن العين في جميع هذه الموارد تكون تحت يد المستولي عليها أمانة شرعية يجب عليه حفظها ، فإن كان يعرف صاحبها لزمه إيصالها إليه في أول أزمنة الإمكان ولو مع عدم المطالبة.

٢٢٣

ويحتمل عدم وجوب الإيصال وكفاية إعلامه بكونها عنده وتحت يده والتخلية بينها وبينه بحيث كلما أراد أن يأخذها أخذها ، بل هذا هو الأقوى. وأما لو كان صاحبها مجهولاً كما في اللقطة والضالة وغيرهما من مجهول المالك فيجب فيها التعريف والفحص عن المالك على تفصيل يأتي في كتاب اللقطة.

ولو كانت العين أمانة مالكية سواء بعنوان الوديعة أو بعنوان آخر فارتفع ذلك العنوان مع بقاء العين في يده من دون طرو عنوان العدوان عليها ، فإن كان البقاء من لوازم ذلك العنوان أو كان برضا المالك فالأمانة مالكية وإن كان مستنداً إلى عجزه من الرد إلى مالكه أو من بحكمه فالأمانة شرعية.

٢٢٤

كتاب العارية

٢٢٥
٢٢٦

العارية هي : ( تسليط الشخص غيره على عين ليستفيد من منافعها مجاناً ).

مسألة ٧٢٢ : تحصل العارية بالإيجاب من المعير والقبول من المستعير ، ولكن لا يعتبر أن يكونا لفظيين فلو دفع ثوبه لشخص بقصد الإعارة وقصد الآخذ بأخذه الاستعارة صحت العارية.

مسألة ٧٢٣ : يعتبر في المعير أن يكون مالكاً للمنفعة أو بحكمه فلا تصح إعارة الغاصب منفعة وإن لم يكن غاصباً عيناً إلا بإجازة المغصوب منه.

مسألة ٧٢٤ : لا تصح إعارة الطفل والمجنون مالهما ، كما لا تصح إعارة المحجور عليه ـ لسفه أو فلس ـ ماله إلا مع إذن الولي أو الغرماء ، وإذا رأى ولي الطفل مصلحة في إعارة ماله جاز إن يكون الطفل وسيطاً في إيصاله إلى المستعير.

مسألة ٧٢٥ : لا يعتبر في المعير ملكية العين بل يكفي ملكية المنفعة بالإجارة أو بكونها موصى بها له بالوصية ، نعم إذا اشترط في الإجارة استيفاء المنفعة بنفسه ليس له الإعارة ، كما ليس له تسليم العين المستأجرة إلى المستعير من غير إذن مالكها على الأحوط.

مسألة ٧٢٦ : يعتبر في المستعير أن يكون أهلاً للانتفاع بالعين فلا تصح استعارة الصيد للمحرم لا من المحل ولا من المحرم ، وكذا يعتبر فيه التعيين ، فلو أعار شيئاً أحد شخصين أو أحد أشخاص لم يصح ، ولا يشترط أن يكون واحداً ، فيصح إعارة شيء واحد لجماعة ، كما إذا قال : ( أعرت هذا الكتاب أو الإناء لهؤلاء العشرة ) فيستوفون المنفعة بينهم بالتناوب أو القرعة

٢٢٧

كالعين المستأجرة ، وأما إعارته لعدد غير محدود كما إذا قال : ( أعرت هذا الشيء لكل الناس ) فالظاهر عدم صحتها نعم تصح إباحته كذلك.

مسألة ٧٢٧ : يعتبر في العين المستعارة كونها مما يمكن الانتفاع بها منفعة محللة مع بقاء عينها كالعقارات والدواب والثياب والكتب والأمتعة والحلي وكلب الصيد والحراسة وأشباه ذلك ، فلا يجوز إعارة ما لا ينتفع به إلا بإتلافه كالخبز والدهن والأشربة وأشباهها ، كما لا يجوز إعارة ما تنحصر منافعه المتعارفة في الحرام ـ كآلات اللهو المحرم والقمار ـ لينتفع به في ذلك ، ولا تجوز إعارة آنية الذهب والفضة للأكل والشرب بل ولا لغيرهما من الاستعمالات على الأحوط ، ولا يبعد جواز إعارتها للزينة.

مسألة ٧٢٨ : تصح إعارة الشاة للانتفاع بلبنها وصوفها وإعارة الفحل للتلقيح.

مسألة ٧٢٩ : تصح الإعارة للرهن وليس للمالك حينئذٍ إبطاله وأخذ ماله من المرتهن ، كما ليس له مطالبة الراهن بالفك إذا كان الدين مؤجلاً إلا عند حلول الأجل وأما في غيره فيجوز له ذلك مطلقاً.

مسألة ٧٣٠ : إذا لم يفك الرهن جاز للمرتهن بيعه كما يبيع ما كان ملكاً لمن عليه الدين ـ على تفصيل يأتي في محله ـ ويضمنه المستعير لمالكه بما بيع به لو بيع بالقيمة أو بالأكثر وبقيمته تامة لو بيع بالأقل من قيمته ، وفي ضمان الراهن العين لو تلفت بغير فك إشكال والظاهر عدم الضمان إلا مع اشتراطه.

مسألة ٧٣١ : لا يشترط تعيين العين المستعارة عند الإعارة ، فلو قال : ( أعرني إحدى دوابك ) فقال : ( أدخل الأصطبل وخذ ما شئت منها ) صحت العارية.

مسألة ٧٣٢ : العين التي تعلقت بها العارية إن انحصرت جهة الانتفاع

٢٢٨

المتعارف بها في منفعة خاصة كالبساط للافتراش واللحاف للتغطية والخيمة للاكتنان وأشباه ذلك لا يلزم التعرض لجهة الانتفاع بها عند إعارتها واستعارتها ، وإن تعددت جهات الانتفاع بها كالأرض ينتفع بها للزرع والغرس والبناء والسيارة ينتفع بها لنقل الأمتعة والركاب ونحو ذلك ، فإن كانت إعارتها واستعارتها لأجل منفعة أو منافع خاصة من منافعها يجب التعرض لها واختص حلية الانتفاع للمستعير بما خصصه المعير ، وإن كانت لأجل الانتفاع المطلق جاز التعميم والتصريح بالعموم ، بأن يقول : ( أعرتك هذه السيارة ـ مثلا ـ لأجل أن تنتفع بها كل انتفاع مباح يحصل منها ) كما أنه يجوز إطلاق العارية بأن يقول : ( أعرتك هذه السيارة ) فيجوز للمستعير الانتفاع بسائر الانتفاعات المباحة المتعلقة بها ، نعم ربما يكون لبعض الانتفاعات بالنسبة إلى بعض الأعيان خفاء لا يندرج معه في الإطلاق ، ففي مثله لابد من التنصيص عليه أو التعميم على وجه يعمه ، وذلك كالدفن فإنه وإن كان من أحد وجوه الانتفاعات من الأرض كالبناء والزرع والغرس ومع ذلك لو أعيرت الأرض إعارة مطلقة لا يعمه الإطلاق.

مسألة ٧٣٣ : العارية جائزة من الطرفين وإن كانت مؤجلة فلكل منهما فسخها متى شاء ، نعم مع اشتراط عدم فسخها إلى أجل معين ـ بمعنى التزام المشروط عليه بأن لا يفسخها إلى ذلك الأجل ـ يصح الشرط ويجب عليه العمل به سواء جعل ذلك شرطاً في ضمن نفس العارية أو في ضمن عقد خارج لازم ، ولكن مع ذلك تنفسخ بفسخه وإن كان آثماً.

مسألة ٧٣٤ : إذا أعار أرضه للدفن فليس له بعد الدفن والمواراة الرجوع عن الإعارة ونبش القبر وإخراج الميت على الأصح ، وأما قبل ذلك فله الرجوع حتى بعد وضعه في القبر قبل مواراته ، وليس على المعير أجرة الحفر ومؤنته إذا رجع بعد الحفر قبل الدفن ، كما أنه ليس على ولي الميت

٢٢٩

طم الحفر بعد ما كان بإذن من المعير.

مسألة ٧٣٥ : لو استعار أرضاً للزرع فالظاهر أنه يتضمن ـ بحسب الارتكاز العرفي ـ اشتراط عدم فسخ العقد بعد شروعه في العمل إلى أن يدرك الزرع ويستحصد وينتهي أمده. فعلى المالك المعير الوفاء للمستعير بشرطه والعمل به ولكن لو عصى وفسخ العقد انفسخ ، وحينئذٍ فهل يجوز له إجبار المستعير على إزالة الزرع مع الأرش أو بدونه ، أو أنه ليس له ذلك بل للمستعير إجباره على الإبقاء ولو بأجرة حتى يدرك ويستحصد؟ وجوه ، والأحوط لهما التراضي والتصالح ، ومثل ذلك ما لو استعار أرضاً للبناء أو جذوعاً للتسقيف ثم رجع المالك بعد ما بنى الأرض أو أثبت الجذوع في البناء.

مسألة ٧٣٦ : حكم العارية في بطلانها بموت المعير أو جنونه أو إغمائه حكم الوديعة في ذلك ، وقد تقدم في المسألتين ( ٦٩٨ ـ ٦٩٩ ).

مسألة ٧٣٧ : يجب على المستعير الاقتصار في نوع المنفعة على ما عينها المعير ، فلا يجوز له التعدي إلى غيرها ولو كانت أدنى وأقل ضرراً على المعير ، وكذا يجب أن يقتصر في كيفية الانتفاع على ما جرت به العادة ، فلو أعاره سيارة للحمل لا يحملها إلا القدر المعتاد بالنسبة إلى تلك السيارة وذلك المحمول والزمان والمكان ، فلو تعدى نوعاً أو كيفية كان غاصباً وضامناً وعليه أجرة ما استوفاه من المنفعة بتمامها ، نعم لو زاد على القدر المسموح له من الانتفاع كما لو أعاره سيارة للركوب إلى مسافة معينة فجاوزها ضمن أجرة ما تجاوز به فقط ، هذا مع عدم التقييد بعدم الزيادة وإلا ضمن أجرة الجميع.

مسألة ٧٣٨ : العارية أمانة بيد المستعير لا يضمنها لو تلفت إلا بالتعدي أو التفريط ، نعم لو شرط الضمان ضمنها وإن لم يكن تعدٍّ ولا

٢٣٠

تفريط ، كما أنه لو كانت العين المعارة ذهباً أو فضة ضمنها إلا إذا اشترط عدم ضمانها.

مسألة ٧٣٩ : لا يجوز للمستعير إعارة العين المستعارة ولا إجارتها إلا بإذن المالك ، فتكون إعارته حينئذٍ في الحقيقة إعارة المالك ويكون المستعير وكيلاً عنه ، فلو خرج المستعير عن قابلية الإعارة بعد ذلك ـ كما إذا مات أو جن مطبقاً ـ بقيت العارية الثانية على حالها.

مسألة ٧٤٠ : حكم العارية في وجوب الإعلام بالنجاسة في إعارة المتنجس حكم البيع في ذلك ، وقد تقدم في المسألة (٨).

مسألة ٧٤١ : إذا تلفت العارية أو نقصت بفعل المستعير ، فإن كان بسبب الاستعمال المأذون فيه من دون تعدٍّ عن المتعارف ليس عليه ضمان ، كما إذا هلكت الدابة المستعارة للحمل بسبب الحمل عليها حملاً متعارفاً ، وإن كان بسبب آخر ضمنها.

مسألة ٧٤٢ : لا يتحقق رد العارية إلا بردها إلى مالكها أو وكيله أو وليه ، ولو ردها إلى حرزها الذي كانت فيه بلا يد للمالك ولا إذن منه ، كما إذا رد الدابة إلى الأصطبل وربطها فيه فتلفت أو أتلفها متلف ضمنها.

مسألة ٧٤٣ : إذا علم المستعير بأن العارية مغصوبة وجب عليه إرجاعها إلى مالكها ، ولم يجز دفعها إلى المعير.

مسألة ٧٤٤ : إذا استعار ما يعلم بغصبيته فللمالك أن يطالبه أو يطالب الغاصب بعوضه إذا تلف كما أن له أن يطالب كلا منهما بعوض ما استوفاه المستعير أو تلف في يده أو الأيادي المتعاقبة عليها من المنافع ، وإذا استوفى المالك العوض من المستعير فليس للمستعير الرجوع به على الغاصب.

مسألة ٧٤٥ : إذا لم يعلم المستعير بغصبية العارية وتلفت في يده ورجع المالك عليه بعوضها فله أن يرجع على المعير بما غرمه للمالك إلا إذا

٢٣١

كانت العارية ذهباً أو فضة أو اشترط المعير ضمان العارية عليه عند التلف ، وإن رجع المالك عليه بعوض المنافع جاز له الرجوع إلى المعير بما دفع.

٢٣٢

كتاب اللقطة

٢٣٣
٢٣٤

وهي ـ بمعناها الأعم ـ : ( كل مال ضائع عن مالكه ولم يكن لأحد يد عليه ) ، وهي على قسمين : حيوان ، وغير حيوان ، ويسمى الأول بـ ( الضالة ) ، ويطلق على الثاني ( اللقطة ) بقول مطلق و( اللقطة بالمعنى الأخص ).

وللضائع نوع آخر وهو الطفل الذي لا كافل له ولا يستقل بنفسه على السعي فيما يصلحه ودفع ما يضره ويهلكه ، ويقال له ( اللقيط ) ، وفيما يلي جملة من أحكام الأنواع الثلاثة.

أحكام اللقيط

مسألة ٧٤٦ : يستحب أخذ اللقيط ، بل يجب كفاية إذا توقف عليه حفظه سواء أكان منبوذاً قد طرحه أهله في شارع أو مسجد ونحوهما ـ عجزا عن النفقة أو خوفاً من التهمة ـ أم غيره ، ولا يعتبر عدم كونه مميزاً بعد صدق كونه ضائعاً تائهاً لا كافل له.

مسألة ٧٤٧ : من أخذ اللقيط فهو أحق من غيره بحضانته وحفظه والقيام بضرورة تربيته بنفسه أو بغيره إلى أن يبلغ فليس لأحد أن ينتزعه من يده ويتصدى حضانته غير من له حق الحضانة تبرعاً بحق النسب ـ كالأبوين والأجداد ـ أو بحق الوصاية كوصي الأب أو الجد للأب ، فإذا وجد أحد هؤلاء خرج بذلك عن عنوان ( اللقيط ) لما تقدم من أنه الضائع الذي لا كافل له.

مسألة ٧٤٨ : كما أن لهؤلاء حق الحضانة فلهم انتزاعه من يد آخذه ، كذلك عليهم ذلك ، فلو امتنعوا أجبروا عليه.

٢٣٥

مسألة ٧٤٩ : الظاهر وجوب تعريف اللقيط إذا أحرز عدم كونه منبوذاً من قبل أهله واحتمل الوصول إليهم بالفحص والتعريف.

مسألة ٧٥٠ : يشترط في ملتقط الصبي : البلوغ والعقل فلا اعتبار بالتقاط الصبي والمجنون ، بل يشترط فيه الإسلام إذا كان اللقيط محكوماً بالإسلام.

مسألة ٧٥١ : ما كان مع اللقيط من مال فهو محكوم بأنه ملكه.

مسألة ٧٥٢ : اللقيط إن وجد من ينفق عليه من حاكم بيده بيت المال أو من كان عنده حقوق تنطبق عليه من زكاة أو غيرها أو متبرع فهو ، وإلا فإن كان له مال من فراش أو غطاء زائدين على مقدار حاجته أو غير ذلك كحلي ونحوه جاز للملتقط صرفه في إنفاقه مع الاستئذان من الحاكم الشرعي أو وكيله إن أمكن ، وإلا فبإذن بعض عدول المؤمنين ، وإن لم يمكن أيضاً فله أن يتصدى لذلك بنفسه ولا ضمان عليه.

ولو أنفق عليه من مال نفسه مع وجود من ينفق عليه من أمثال ما ذكر أو مع وجود مال للقيط نفسه لم يكن له الرجوع عليه بما أنفقه بعد بلوغه ويساره وإن نوى الرجوع عليه ، وأما إذا لم يكن له مال ولا من ينفق عليه أنفق الملتقط عليه من مال نفسه وكان له الرجوع عليه مع قصد الرجوع لا بدونه.

مسألة ٧٥٣ : لا ولاء للملتقط على اللقيط بل له أن يتولى بعد بلوغه من شاء ، فإن لم يتول أحداً ومات ولا وارث له فميراثه للإمامعليه‌السلام كما أنه عاقلته.

مسألة ٧٥٤ : لا يجوز للملتقط أن يتبنى اللقيط ويلحقه بنفسه ، ولو فعل لم تترتب عليه شيء من أحكام البنوة والأبوة والأمومة.

٢٣٦

أحكام الضالة

مسألة ٧٥٥ : إذا وجد حيوان مملوك في غير العمران كالبراري والجبال والآجام والفلوات ونحوها ، فإن كان الحيوان يحفظ نفسه ويمتنع عن صغار السباع كالذئب والثعلب لكبر جثته أو سرعة عدوه أو قوته كالبعير والفرس والجاموس والثور ونحوها لم يجز أخذه ، سواء أكان في كلاء وماء أم لم يكن فيهما إذا كان صحيحاً يقوى على السعي إليهما ، فإن أخذه الواجد حينئذٍ كان آثماً وضامناً له وتجب عليه نفقته ولا يرجع بها على المالك ، وإذا استوفى شيئاً من نمائه كلبنه وصوفه كان عليه مثله أو قيمته وإذا ركبه أو حمله حملاً كان عليه أجرته ، ولا تبرأ ذمته من ضمانه إلا بدفعه إلى مالكه ولا يزول الضمان ولو بإرساله في الموضع الذي أخذه منه ، نعم إذا يئس من الوصول إليه ومعرفته تصدق به عنه بإذن الحاكم الشرعي.

مسألة ٧٥٦ : إذا كان الحيوان المذكور لا يقوى على الامتناع من صغار السباع ـ سواء أكان غير ممتنع أصلاً كالشاة أم لم يبلغ حد الامتناع كصغار الإبل والخيل أم زال عنه لعارض كالمرض ونحوه ـ جاز أخذه ، فإن أخذه عرفه في موضع الالتقاط إن كان فيه نزال ، فإن لم يعرف المالك جاز له تملكه والتصرف فيه بالأكل والبيع ـ والمشهور أنه يضمنه حينئذ بقيمته وقيل لا يضمن بل عليه دفع القيمة إذا جاء صاحبه من دون اشتغال ذمته بمال وهذا هو الأوجه ـ ويجوز له أيضاً إبقاؤه عنده إلى أن يعرف صاحبه ما دام لم ييأس من الظفر به ولا ضمان عليه حينئذٍ.

مسألة ٧٥٧ : إذا ترك الحيوان صاحبه وسرحه في الطرق والصحاري والبراري فإن كان قد أعرض عنه وأباح تملكه لكل أحد جاز أخذه

٢٣٧

كالمباحات الأصلية ولا ضمان على الآخذ ، وإذا تركه للعجز عن الإنفاق عليه أو عن معالجته أو لجهد الحيوان وكلاله بحيث لا يتيسر له أن يبقى عنده ولا أن يأخذه معه فإن كان الموضع الذي تركه فيه آمناً مشتملاً على الكلاء والماء أو يقوى الحيوان فيه على السعي إليهما بحيث يقدر على التعيش فيه لم يجز لأي أحد أخذه فمن أخذه كان ضامناً له ، وأما إذا كان الموضع مضيعة لا يقدر الحيوان على التعيش فيه فإن لم يكن مالكه ناوياً للرجوع إليه قبل ورود الخطر عليه جاز لكل أحد أخذه وإلا لم يجز ذلك.

مسألة ٧٥٨ : إذا وجد الحيوان في العمران ـ وهي مواضع يكون الحيوان مأموناً فيها من السباع عادة كالبلاد والقرى وما حولها مما يتعارف وصول الحيوان منها إليه ـ لم يجز أخذه ، ومن أخذه ضمنه ويجب عليه حفظه من التلف والإنفاق عليه بما يلزم وليس له الرجوع على صاحبه بما أنفق ، كما يجب عليه تعريفه ويبقى في يده مضموناً إلى أن يؤديه إلى مالكه ، فإن يئس منه تصدق به بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط ، نعم إذا كان غير مأمون من التلف لبعض الطوارئ كالمرض ونحوه جاز له أخذه لدرء الخطر عنه من دون ضمان ويجب عليه أيضاً الفحص عن مالكه ، فإن يئس من الوصول إليه تصدق به كما تقدم.

مسألة ٧٥٩ : إذا دخلت الدجاجة أو السخلة مثلاً في دار إنسان ولم يعرف صاحبها لم يجز له أخذها ، ويجوز له إخراجها من الدار وليس عليه شيء إذا لم يكن قد أخذها ، وأما إذا أخذها فالظاهر عدم جريان حكم اللقطة عليها ، بل يجري عليها حكم مجهول المالك الآتي في المسألة (٧٦٥) ، نعم لا يبعد جواز تملك مثل الحمام إذا ملك جناحيه ولم يعرف صاحبه من دون فحص عنه.

مسألة ٧٦٠ : إذا احتاجت الضالة إلى النفقة فإن وجد متبرع بها أنفق

٢٣٨

عليها ، وإلا أنفق عليها من ماله فإن كان يجوز له أخذها ولم يكن متبرعاً في الإنفاق عليها جاز له الرجوع بما أنفقه على المالك وإلا لم يجز له ذلك.

مسألة ٧٦١ : إذا كان للضالة نماء أو منفعة جاز للآخذ ـ إذا كان ممن يجوز له أخذها ـ أن يستوفيها ويحتسبها بدل ما أنفقه عليها ، ولكن لابد أن يكون ذلك بحساب القيمة على الأقوى.

أحكام اللقطة

مسألة ٧٦٢ : يعتبر فيها الضياع عن مالكها المجهول ، فما يؤخذ من يد الغاصب والسارق ليس من اللقطة لعدم الضياع عن مالكه ، بل لابد في ترتيب أحكامها من إحراز الضياع ولو بشاهد الحال ، فالحذاء المتبدل بحذائه في المساجد ونحوها لا يترتب عليه أحكام اللقطة وكذا الثوب المتبدل بثوبه في الحمام ونحوه لاحتمال تقصد المالك في التبديل أو حصوله اشتباهاً ومعه يكون من مجهول المالك لا اللقطة.

مسألة ٧٦٣ : يعتبر في صدق اللقطة وثبوت أحكامها الأخذ والالتقاط ، فلو رأى شيئاً وأخبر به غيره فأخذه كان حكمها على الآخذ دون الرائي وإن تسبب منه ، ولو قال ناولنيه ، فأخذه المأمور لنفسه كان هو الملتقط دون الآمر ، وكذا لو أخذه للآمر وناوله إياه على الأقرب.

مسألة ٧٦٤ : لو عثر على مال وحسب أنه له فأخذه ثم ظهر أنه ضائع عن غيره كان لقطة وتجري عليه أحكامها ، ولو رأى مالاً ضائعاً فنحاه من جانب إلى آخر من دون أخذه فالظاهر عدم صيرورته بذلك لقطة وإن ضمنه ، ولو دفعه برجله أو عصاه مثلاً ليتعرفه فالظاهر عدم الضمان أيضاً.

مسألة ٧٦٥ : المال المجهول مالكه غير الضائع لا يجوز أخذه ووضع اليد عليه ، فإن أخذه كان غاصباً ضامناً إلا إذا كان في معرض التلف فإنه يجوز

٢٣٩

أخذه في هذه الحالة بقصد الحفظ أما بعينه أو ببدله ـ حسب اختلاف الموارد كما سيأتي ـ ويكون عندئذ أمانة شرعية في يد الآخذ لا يضمنه إلا بالتعدي أو التفريط ، وعلى كل من تقديري جواز الأخذ وعدمه إذا أخذه وجب الفحص عن مالكه مع احتمال ترتب الفائدة عليه وإلا لم يجب وحينئذٍ فما دام لم ييأس تماماً من الوصول إلى المالك حفظ المال له ومع اليأس يتصدق به أو يبيعه أو يقومه على نفسه ويتصدق بثمنه.

هذا إذا كان المال مما يحتفظ بصفاته الدخيلة في ماليته إلى أن يفحص عن المالك ويحصل له اليأس من الوصول إليه وإلا فلابد أن يتصدق به أو بثمنه مع صيرورته في معرض فقدان بعض تلك الصفات فإنه يسقط التحفظ والفحص إذا صار كذلك ، والأحوط لزوماً أن يكون التصدق وكذا البيع التقويم في الموردين المذكورين بإذن الحاكم الشرعي ، كما أن الأحوط ضمان المتصدق لو صادف أن جاء المالك ولم يرض بالتصدق.

مسألة ٧٦٦ : كل مال غير الحيوان إن أحرز ضياعه عن مالكه المجهول ولو بشاهد الحال ـ وهو الذي يطلق عليه ( اللقطة ) كما مر ـ يجوز على كراهة أخذه والتقاطه ، ولا فرق في ذلك بين ما يوجد في الحرم ـ أي حرم مكة زادها الله شرفاً ـ وغيره وإن كانت الكراهة في الأول أشد وآكد.

هذا فيما إذا احتمل أنه لولم يأخذه أحد لطلبه صاحبه وأخذه ، وأما فيما لم يحتمل ذلك احتمالاً معتداً به ـ ولو لقلة قيمته مما يستوجب عادة إعراضه عنه بعد ضياعه ـ فلا كراهة في أخذه سواء أكان مما يجب تعريفه بعد الأخذ أم لا.

مسألة ٧٦٧ : إذا لم تكن للمال الملتقط علامة يصفه بها من يدعيه كالمسكوكات المفردة وغالب المصنوعات في المصانع المتداولة في هذه الأزمنة جاز للملتقط أن يتملكه وإن بلغت قيمته درهماً أو زادت عليه على

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

يده مع يد الذّابح، ويسمّي الله تعالى، ويقول « وَجَّهْتُ وَجْهِيَ » إلى قوله « وأنا من المسلمين » ثمَّ يقول: « اللهم منك ولك. بسم الله، والله أكبر. اللهمّ تقبّل منّي » ثمَّ يمرّ السّكين. ولا ينخعه حتّى يموت. ومن أخطأ في الذّبيحة، فذكر غير صاحبها، كانت مجزئة عنه بالنّيّة. وينبغي أن يبدأ أيضا بالذّبح قبل الحلق، وفي العقيقة بالحلق قبل الذّبح. فإن قدّم الحلق على الذّبح ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء.

ومن السّنّة أن يأكل الإنسان من هديه لمتعته، ومن الأضحيّة ويطعم القانع والمعترّ: يأكل ثلثه، ويطعم القانع والمعترّ ثلثه، ويهدي لأصدقائه الثّلث الباقي. وقد بيّنّا أنه لا يجوز أن يأكل من الهدي المضمون إلّا إذا كان مضطرّا. فإن أكل منه من غير ضرورة، كان عليه قيمته. ولا بأس بأكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام وادّخارها. ولا يجوز أن يخرج من منى من لحم ما يضحّيه. ولا بأس بإخراج السّنام منه. ولا بأس أيضا بإخراج لحم قد ضحّاه غيره. ويستحبّ أن لا يأخذ شيئا من جلود الهدي والأضاحي، بل يتصدّق بها كلّها. ولا يجوز أيضا أن يعطيها الجزّار. وإذا أراد أن يخرج شيئا منها لحاجته إلى ذلك، تصدّق بثمنه.

ولا يجوز أن يحلق الرّجل رأسه، ولا أن يزور البيت، إلا بعد الذّبح، أو أن يبلغ الهدي محلّه. وهو أن يحصل في رحله

٢٦١

فإذا حصل في رحله بمنى، وأراد أن يحلق، جاز له ذلك. ومتى فعل ذلك ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء. ومن وجبت عليه بدنة في نذر أو كفّارة، ولم يجدها، كان عليه سبع شياه. فإن لم يجد، صام ثمانية عشر يوما إمّا بمكّة أو إذا رجع إلى أهله.

والصّبيّ إذا حجّ به متمتّعا، وجب على وليّه أن يذبح عنه.

ومن لم يتمكّن من شراء هدي، إلّا يبيع بعض ثيابه التي يتجمّل بها، لم يلزمه ذلك، وكان الصوم مجزئا عنه.

ويجزي الهدي عن الأضحيّة. وإن جمع بينهما، كان أفضل. ومن لم يجد الأضحيّة، جاز له أن يتصدّق بثمنها. فإن اختلفت أثمانها، نظر إلى الثّمن الأوّل والثّاني والثّالث، وجمعها ثمَّ يتصدّق بثلثها، وليس عليه شي‌ء.

ومن نذر لله تعالى أن ينحر بدنة، فإن سمّى الموضع الذي ينحرها فيه، وجب عليه الوفاء به، وإن لم يسمّ الموضع، لم يجز له أن ينحرها إلّا بفناء الكعبة. ويكره للإنسان أن يضحّي بكبش قد تولّى تربيته، ويستحبّ أن يكون ذلك ممّا يشتريه.

باب الحلق والتقصير

يستحبّ أن يحلق الإنسان رأسه بعد الذّبح. وإن كان صرورة، لا يجزئه غير الحلق. وإن كان ممّن حجّ حجّة الإسلام، جاز له التّقصير، والحلق أفضل. اللهمّ إلّا أن يكون قد لبّد

٢٦٢

شعره. فإن كان كذلك، لم يجزئه غير الحلق في جميع الأحوال.

ومن ترك الحلق عامدا أو التّقصير إلى أن يزور البيت، كان عليه دم شاة. وإن فعله ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء، وكان عليه إعادة الطّواف. ومن رحل من منى قبل الحلق، فليرجع إليها، ولا يحلق رأسه إلّا بها مع الاختيار. فإن لم يتمكّن من الرّجوع إليها، فليحلق رأسه في مكانه، ويردّ شعره إلى منى، ويدفنه هناك فإن لم يتمكّن من ردّ الشعر، لم يكن عليه شي‌ء.

والمرأة ليس عليها حلق، ويكفيها من التّقصير مقدار أنملة.

وإذا أراد أن يحلق، فليبدأ بناصيته من القرن الأيمن ويحلق إلى العظمين ويقول إذا حلق: « اللهمّ أعطني بكلّ شعرة نورا يوم القيامة ». ومن لم يكن على رأسه شعر، فليمرّ الموسى عليه. وقد أجزأه. وإذا حلق رأسه، فقد حلّ له كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا النّساء والطّيب، إن كان متمتّعا. فإن كان حاجّا غير متمتّع، حلّ له كلّ شي‌ء إلّا النّساء. فإذا طاف طواف الزّيارة، حلّ له كلّ شي‌ء إلّا النّساء. فإذا طاف طواف النّساء، حلّت له أيضا النّساء.

ويستحبّ ألا يلبس الثّياب إلّا بعد الفراغ من طواف الزّيارة، وليس ذلك بمحظور. وكذلك يستحبّ ألّا يمسّ الطّيب إلّا بعد الفراغ من طواف النّساء، وإن لم يكن ذلك محظورا على ما قدّمناه.

٢٦٣

باب زيارة البيت والرجوع الى منى ورمي الجمار

فإذا فرغ من مناسكه بمنى، فليتوجّه إلى مكّة، وليزر البيت يوم النّحر، ولا يؤخره إلّا لعذر. فإن أخّره لعذر، زار من الغد ولا يؤخر أكثر من ذلك. هذا إذا كان متمتّعا. فإن كان مفردا أو قارنا، جاز له أن يؤخر الى أيّ وقت شاء، غير أنّه لا تحلّ له النّساء. وتعجيل الطّواف للقارن والمفرد أفضل من تأخيره.

ويستحبّ لمن أراد زيارة البيت أن يغتسل قبل دخول المسجد والطّواف بالبيت، ويقلّم أظفاره، ويأخذ من شاربه، ثمَّ ثمَّ يزور. ولا بأس أن يغتسل الإنسان بمنى، ثمَّ يجي‌ء إلى مكّة، فيطوف بذلك الغسل بالبيت. ولا بأس أن يغتسل بالنّهار ويطوف بالليل ما لم ينقض ذلك الغسل بحدث أو نوم. فإن نقضه بحدث أو نوم، فليعد الغسل استحبابا، حتّى يطوف وهو على غسل. ويستحبّ للمرأة أيضا أن تغتسل قبل الطّواف.

وإذا أراد أن يدخل المسجد، فليقف على بابه، ويقول: « اللهمّ أعنّي على نسكك » إلى آخر الدّعاء الذي ذكرناه في الكتاب المقدّم ذكره. ثمَّ يدخل المسجد، ويأتي الحجر الأسود فيستلمه ويقبّله. فإن لم يستطع، استلمه بيده وقبّل يده. فإن لم يتمكّن من ذلك أيضا، استقبله، وكبّر، وقال ما قال حين طاف بالبيت يوم قدم مكّة. ثمَّ يطوف بالبيت أسبوعا كما قدّمنا وصفه

٢٦٤

ويصلّي عند المقام ركعتين. ثمَّ ليرجع الى الحجر الأسود فيقبّله، إن استطاع، ويستقبله ويكبّر. ثمَّ ليخرج إلى الصّفا، فيصنع عنده ما صنع يوم دخل مكّة. ثمَّ يأتي المروة، ويطوف بينهما سبعة أشواط، يبدأ بالصّفا ويختم بالمروة.

فإذا فعل ذلك، فقد حلّ له كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا النّساء. ثمَّ ليرجع الى البيت، فيطوف به طواف النّساء أسبوعا، يصلّي عند المقام ركعتين، وقد حلّ له النّساء.

وأعلم أنّ طواف النّساء فريضة في الحجّ وفي العمرة المبتولة. وليس بواجب في العمرة التي يتمتّع بها الى الحج. فإن مات من وجب عليه طواف النّساء. كان على وليّه القضاء عنه. وإن تركه وهو حيّ، كان عليه قضاؤه. فإن لم يتمكّن من الرّجوع الى مكّة، جاز له أن يأمر من يتوب عنه. فإذا طاف النّائب عنه، حلّت له النّساء. وطواف النّساء فريضة على النّساء والرّجال والشّيوخ والخصيان، لا يجوز لهم تركه على حال.

فإذا فرغ الإنسان من الطّواف فليرجع إلى منى ولا يبيت ليالي التّشريق إلّا بها. فإن بات في غيرها، كان عليه دم شاة. فإن بات بمكّة ليالي التّشريق، ويكون مشتغلا بالطّواف والعبادة، لم يكن عليه شي‌ء. وإن لم يكن مشتغلا بهما، كان عليه ما ذكرناه، وان خرج من منى بعد نصف اللّيل، جاز له أن يبيت بغيرها، غير أنّه لا يدخل مكّة إلّا بعد طلوع الفجر. وإن تمكّن ألّا يخرج

٢٦٥

منها إلّا بعد طلوع الفجر، كان أفضل. ومن بات الثّلاث ليال بغير منى متعمّدا، كان عليه ثلاثة من الغنم. والأفضل أن لا يبرح الإنسان أيّام التّشريق من منى. فإن أراد أن يأتي مكّة للطّواف بالبيت تطوّعا، جاز له ذلك، غير أنّ الأفضل ما قدّمناه.

وإذا رجع الإنسان إلى منى لرمي الجمار، كان عليه أن يرمي ثلاثة أيّام: الثّاني من النّحر والثّالث والرّابع، كلّ يوم بإحدى وعشرين حصاة. ويكون ذلك عند الزّوال، فإنّه الأفضل. فإن رماها ما بين طلوع الشمس الى غروبها، لم يكن به بأس.

فإذا أراد أن يرمي، فليبدأ بالجمرة الأولى، فليرمها عن يسارها من بطن المسيل بسبع حصيات يرميهنّ خذفا. ويكبّر مع كلّ حصاة، ويدعوا بالدّعاء الذي قدّمناه. ثمَّ يقوم عن يسار الطّريق ويستقبل القبلة، ويحمد الله تعالى ويثني عليه، ويصلّي على النّبيّ وآله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمَّ ليتقدم قليلا ويدعوا ويسأله أن يتقبّل منه. ثمَّ يتقدّم أيضا ويرمي الجمرة الثّانية، ويصنع عندها كما صنع عند الأولى، ويقف ويدعوا، ثمَّ يمضي إلى الثّالثة فيرميها كما رمى الأوليين، ولا يقف عندها.

وإذا غابت الشّمس، ولم يكن قد رمى بعد، فلا يجوز له أن يرمي إلّا في الغد. فإذا كان من الغد، رمى ليومه مرّة، ومرّة قضاء لما فاته، ويفصل بينهما بساعة. وينبغي أن يكون الذي يرمي لأمسه بكرة، والذي ليومه عند الزّوال. فإن فاته رمي يومين،

٢٦٦

رماها كلّها يوم النّفر، وليس عليه شي‌ء. وقد بينا أنّه لا يجوز الرّمي باللّيل. وقد رخّص للعليل والخائف والرّعاة والعبيد الرّمي باللّيل. ومن نسي رمي الجمار الى أن أتى مكّة، عاد إلى منى، ورماها، وليس عليه شي‌ء. وحكم المرأة في جميع ما ذكرناه حكم الرّجل سواء.

فإن لم يذكر الى أن يخرج من مكّة، لم يكن عليه شي‌ء. إلّا أنّه إن حجّ في العام المقبل، أعاد ما كان قد فاته من رمي الجمار. وإن لم يحجّ أمر وليّه أن يرمي عنه. فإن لم يكن له وليّ، استعان برجل من المسلمين في قضاء ذلك عنه.

والترتيب واجب في الرّمي. يجب أن يبدأ بالجمرة العظمى ثمَّ الوسطى ثمَّ جمرة العقبة. فمن خالف شيئا منها، أو رماها منكوسة، كان عليه الإعادة. ومن بدأ بجمرة العقبة ثمَّ الوسطى ثمَّ الأولى، أعاد على الوسطى ثمَّ جمرة العقبة وقد أجزأه. فإن نسي فرمى الجمرة الأولى بثلاث حصيات، ورمى الجمرتين الأخريين على التّمام، كان عليه ان يعيد عليها كلّها. وإن كان قد رمى من الجمرة الأولى بأربع حصيات ثمَّ رمى الجمرتين على التّمام، كان عليه أن يعيد على الأولى بثلاث حصيات. وكذلك إن كان قد رمى على الوسطى أقل من أربعة، أعاد عليها وعلى ما بعدها. وإن رماها بأربعة، تمّمها، وليس عليه شي‌ء من الإعادة على الثّالثة. ومن رمى جمرة بست حصيات، وضاعت عنه واحدة،

٢٦٧

أعاد عليها بحصاة، وإن كان من الغد. ولا يجوز له أن يأخذ من حصى الجمار فيرمي بها. ومن علم أنّه قد نقص حصاة واحدة، ولم يعلم من أي الجمار هي، أعاد على كلّ واحدة منها بحصاة. فإن رمى بحصاة، فوقعت في محمله، أعاد مكانها حصاة أخرى. فإن أصابت إنسانا أو دابّة، ثمَّ وقعت على الجمرة، فقد أجزأه.

ولا بأس أن يرمي الإنسان راكبا. وإن رمى ماشيا، كان أفضل ولا بأس أن يرمى عن العليل والمبطون والمغمى عليه والصّبيّ.

وينبغي أن يكبّر الإنسان بمنى عقيب خمس عشرة صلاة. يبدأ بالتّكبير يوم النّحر من بعد الظّهر إلى صلاة الفجر من اليوم الثّالث من أيّام التّشريق، وفي الأمصار عقيب عشر صلوات، يبدأ عقيب الظّهر من يوم النّحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثّاني من أيّام التّشريق، ويقول في التّكبير: « الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، والله أكبر، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا ورزقنا من بهيمة الأنعام ».

باب النفر من منى ودخول الكعبة ووداع البيت

لا بأس أن ينفر الإنسان من منى اليوم الثّاني من أيّام التّشريق وهو اليوم الثّالث من يوم النّحر. فإن أقام إلى النّفر الأخير، وهو اليوم الثّالث من أيّام التّشريق والرّابع من يوم النّحر، كان أفضل. فإن كان ممّن أصاب النّساء في إحرامه أو صيدا، لم يجز له أن

٢٦٨

ينفر في النّفر الأوّل. ويجب عليه المقام الى النّفر الأخير. وإذا أراد أن ينفر في النّفر الأوّل، فلا ينفر إلّا بعد الزّوال، إلّا أن تدعوه ضرورة إليه من خوف وغيره، فإنّه لا بأس أن ينفر قبل الزّوال، وله أن ينفر بعد الزّوال ما بينه وبين غروب الشّمس. فإذا غابت الشّمس، لم يجز له النّفر، وليبت بمنى الى الغد. وإذا نفر في النّفر الأخير، جاز له أن ينفر من بعد طلوع الشّمس أيّ وقت شاء. فإن لم ينفر وأراد المقام بمنى، جاز له ذلك، إلّا الإمام خاصّة، فإنّ عليه أن يصلّي الظّهر بمكّة.

ومن نفر من منى، وكان قد قضى مناسكه كلّها، جاز له أن لا يدخل مكّة. وإن كان قد بقي عليه شي‌ء من المناسك، فلا بدّ له من الرّجوع إليها. والأفضل على كلّ حال الرّجوع إليها لتوديع البيت وطواف الوداع.

ويستحبّ أن يصلّي الإنسان بمسجد منى، وهو مسجد الخيف. وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مسجده عند المنارة التي في وسط المسجد، وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا، وعن يمينها وعن يسارها مثل ذلك. فإن استطعت أن يكون مصلّاك فيه، فافعل. ويستحبّ أن يصلّي الإنسان ستّ ركعات في مسجد منى. فإذا بلغ مسجد الحصباء، وهو مسجد رسول الله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فليدخله وليسترح فيه قليلا وليستلق على قفاه.

٢٦٩

فإذا جاء إلى مكّة فليدخل الكعبة، إن تمكّن من ذلك سنّة واستحبابا. والصّرورة لا يترك دخولها على حال مع الاختيار. فإن لم يتمكّن من ذلك، لم يكن عليه شي‌ء.

فإذا أراد دخول الكعبة فليغتسل قبل دخولها سنّة مؤكّدة. فإذا دخلها، فلا يمتخط فيها، ولا يبصق. ولا يجوز دخولها بحذاء. ويقول إذا دخلها: « اللهمّ إنّك قلت: ومن دخله كان آمنا، فآمنّى من عذابك عذاب النار ».

ثمَّ يصلّي بين الأسطوانتين على الرّخامة الحمراء ركعتين، يقرأ في الأولى منهما « حم السّجدة » وفي الثّانية عدد آياتها، ثمَّ ليصلّ في زوايا البيت كلّها، ثمَّ يقول: « اللهمّ من تهيّأ وتعبّأ » إلى آخر الدّعاء. فإذا صلّى عند الرّخامة على ما قدّمناه، وفي زوايا البيت، قام فاستقبل الحائط بين الرّكن اليمانيّ والغربيّ، ويرفع يديه، ويلتصق به، ويدعوا. ثمَّ يتحوّل الى الرّكن اليمانيّ، فيفعل به مثل ذلك. ثمَّ يأتي الرّكن الغربيّ، ويفعل به أيضا مثل ذلك، ثمَّ ليخرج. ولا يجوز أن يصلّي الإنسان الفريضة جوف الكعبة مع الاختيار. فإن اضطرّ الى ذلك، لم يكن عليه بأس بالصّلاة فيها. فأمّا النّوافل فالصّلاة فيها مندوب اليه.

فإذا خرج من البيت ونزل عن الدرجة، صلّى عن يمينه ركعتين. فإذا أراد الخروج من مكّة، جاء الى البيت، فطاف به أسبوعا طواف الوداع سنّة مؤكّدة. فإن استطاع أن يستلم الحجر

٢٧٠

والرّكن اليمانيّ في كل شوط، وفعل. وإن لم يتمكّن، افتتح به، وختم به، وقد أجزأه. فإن لم يتمكن من ذلك أيضا، لم يكن عليه شي‌ء. ثمَّ يأتي المستجار، فيصنع عنده كما صنع يوم قدم مكّة. ويتخيّر لنفسه من الدّعاء ما أراد. ثمَّ يستلم الحجر الأسود، ثمَّ يودّع البيت ويقول: « اللهمّ لا تجعله آخر العهد من بيتك » ثمَّ ليأت زمزم فيشرب منه، ثمَّ ليخرج، ويقول: « آئبون تائبون، عابدون، لربّنا حامدون، الى ربّنا راغبون، الى ربّنا راجعون ». فإذا خرج من باب المسجد، فليكن خروجه من باب الحنّاطين. فيخرّ ساجدا، ويقوم مستقبل الكعبة، فيقول: « اللهمّ إني أنقلب على لا إله إلا الله ».

ومن لم يتمكّن من طواف الوداع، أو شغله شاغل عن ذلك حتى خرج، لم يكن عليه شي‌ء. فإذا أراد الخروج من مكّة، فليشتر بدرهم تمرا، وليتصدّق به، ليكون كفّارة لما دخل عليه في الإحرام، إن شاء الله.

باب فرائض الحج

فرائض الحجّ: الإحرام من الميقات، والتّلبيات الأربع، والطّواف بالبيت، إن كان متمتّعا، ثلاثة أطواف: طواف للعمرة، وطواف للزيارة، وطواف للنّساء، وإن كان قارنا أو مفردا، طوافان: طواف للحجّ، وطواف للنّساء، ويلزمه مع

٢٧١

كلّ طواف ركعتان عند المقام، وهما أيضا فرضان، والسّعي بين الصّفا والمروة، والوقوف بالموقفين: عرفات والمشعر الحرام وإن كان متمتّعا، كان الهدي أيضا واجبا عليه أو ما يقوم مقامه.

فمن ترك الإحرام متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركه ناسيا حتّى يجوز الميقات، كان عليه أن يرجع إليه، ويحرم منه، إذا تمكّن منه. فإن لم يتمكّن لضيق الوقت أو الخوف أو ما جرى مجراهما من أسباب الضّرورات، أحرم من موضعه وقد أجزأه. فإن كان قد دخل مكّة، وأمكنه الخروج الى خارج الحرم، فليخرج وليحرم منه. فإن لم يستطع ذلك، أحرم من موضعه.

ومن ترك التّلبية متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركها ناسيا، ثمَّ ذكر، فليجدّد التّلبية، وليس عليه شي‌ء.

ومن ترك طواف الزّيارة متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركه ناسيا، أعاد الطّواف أيّ وقت ذكره.

ومن ترك طواف النّساء متعمّدا، لم يبطل حجّة، إلّا أنّه لا تحلّ له النّساء، حتى يطوف عنه حسب ما قدّمناه. وركعتا الطّواف متى تركهما ناسيا، كان عليه قضاءهما حسب ما قدّمناه.

ومن ترك السّعي متعمّدا، فلا حجّ له. فإن تركه ناسيا،

٢٧٢

عليه قضاؤه حسب ما قدّمناه.

ومن ترك الوقوف بعرفات متعمّدا، أو بالمشعر الحرام، فلا حجّ له. فإن ترك الوقوف بعرفات ناسيا، كان عليه أن يعود، فيقف بها ما بينه وبين طلوع الفجر من يوم النّحر. فإن لم يذكر إلّا بعد طلوع الفجر، وكان قد وقف بالمشعر، فقد تمَّ حجّه، وليس عليه شي‌ء.

وإذا ورد الحاجّ ليلا، وعلم: أنّه مضى الى عرفات، وقف بها وإن كان قليلا، ثمَّ عاد الى المشعر الحرام قبل طلوع الشّمس، وجب عليه المضيّ إليها والوقوف بها، ثمَّ يجي‌ء إلى المشعر الحرام. فإن غلب على ظنّه أنّه إن مضى الى عرفات، لم يلحق المشعر قبل طلوع الشّمس، اقتصر على الوقوف بالمشعر، وقد تمَّ حجّه، وليس عليه شي‌ء.

ومن أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشّمس، فقد أدرك الحجّ. وإن أدركه بعد طلوع الشّمس، فقد فاته الحجّ.

ومن وقف بعرفات، ثمَّ قصد المشعر، فعاقه في الطّريق عائق، فلم يلحق الى قرب الزّوال، فقد تمَّ حجّه، ويقف قليلا بالمشعر ويمضي إلى منى. ومن لم يكن قد وقف بعرفات، وأدرك المشعر بعد طلوع الشّمس، فقد فاته الحجّ، لأنّه لم يلحق أحد الموقفين في وقته.

ومن فاته الحجّ، فليقم على إحرامه الى انقضاء أيّام

٢٧٣

التّشريق، ثمَّ يجي‌ء، فيطوف بالبيت، ويسعى بين الصّفا والمروة، ويجعل حجّته عمرة. وإن كان قد ساق معه هديا، فلينحره بمكّة وكان عليه الحجّ من قابل إن كانت حجته حجّة الإسلام. وإن كانت حجّة التّطوّع، كان بالخيار: إن شاء حجّ، وإن شاء لم يحجّ. ومن حضر المناسك كلّها ورتّبها في مواضعها. إلّا أنّه كان سكرانا، فلا حجّ له، وكان عليه الحجّ من قابل.

باب مناسك النساء في الحج والعمرة

قد بيّنّا فيما تقدّم من أن الحجّ واجب على النّساء كوجوبه على الرّجال. فمتى كانت المرأة لها زوج، فلا تخرج إلّا معه. فإن منعها زوجها من الخروج في حجّة الإسلام، جاز لها خلافه. ولتخرج، وتحجّ حجّة الإسلام. وإن أرادت أن تحجّ تطوّعا، فمنعها زوجها، فليس لها مخالفته.

وينبغي أن لا تخرج إلّا مع ذي محرم لها من أب أو أخ أو عمّ أو خال. فإن لم يكن لها أحد ممّن ذكرناه. جاز لها أن تخرج مع من تثق بدينه من المؤمنين.

وإذا كانت المرأة في عدّة الطّلاق، جاز لها أن تخرج في حجّة الإسلام، سواء كان للزّوج عليها رجعة أو لم تكن. وليس لها أن تخرج إذا كانت حجّتها تطوّعا، إلّا أن تكون العدّة

٢٧٤

لزوجها عليها فيها رجعة. فأمّا عدّة المتوفّى عنها زوجها، فلا بأس بها أن تخرج فيها الى الحجّ فرضا كان أو نفلا.

وإذا خرجت المرأة، وبلغت ميقات أهلها، فعليها أن تحرم منه، ولا تؤخره. فإن كانت حائضا، توضّأت وضوء الصّلاة واحتشت واستثفرت وأحرمت، إلّا أنها لا تصلّي ركعتي الإحرام فإن تركت الإحرام ظنّا منها أنّه لا يجوز لها ذلك، وجازت الميقات، كان عليها أن ترجع الى الميقات، فتحرم منه، إذا أمكنها ذلك. فإن لم يمكنها، أحرمت من موضعها. إذا لم تكن قد دخلت مكّة. فإن كانت قد دخلت مكّة، فلتخرج الى خارج الحرم، وتحرم من هناك. فإن لم يمكنها ذلك، أحرمت من موضعها، وليس عليها شي‌ء.

فإذا دخلت المرأة مكّة، وكانت متمتّعة، طافت بالبيت، وسعت بين الصّفا والمروة، وقصّرت. وقد أحلّت من كلّ ما أحرمت منه مثل الرّجل سواء.

فإن حاضت قبل الطّواف، انتظرت ما بينها وبين الوقت الذي تخرج الى عرفات. فإن طهرت، طافت وسعت. وإن لم تطهر، فقد مضت متعتها، وتكون حجّة مفردة، تقضي المناسك كلّها ثمَّ تعتمر بعد ذلك عمرة مبتولة. فإن طافت بالبيت ثلاثة أشواط ثمَّ حاضت، كان حكمها حكم من لم يطف. وإذا طافت أربعة أشواط، ثمَّ حاضت، قطعت الطّواف،

٢٧٥

وسعت بين الصّفا والمروة، وقصّرت، ثمَّ أحرمت بالحجّ، وقد تمّت متعتها.

فإذا فرغت من المناسك، وطهرت تمّمت الطّواف. وإن كانت قد طافت الطّواف كلّه، ولم تكن قد صلّت الرّكعتين عند المقام، فلتخرج من المسجد، ولتسع، وتعمل ما قدّمناه من الإحرام بالحجّ وقضاء المناسك، ثمَّ تقضي الرّكعتين إذا طهرت. وإذا طافت بالبيت بين الصّفا والمروة وقصّرت، ثمَّ أحرمت بالحجّ، وخافت أن يلحقها الحيض فيما بعد، فلا تتمكّن من طواف الزّيارة وطواف النّساء، فجائز لها أن تقدّم الطّوافين معا، والسّعي بين الصّفا والمروة، ثمَّ تخرج فتقضي المناسك كلّها، ثمَّ ترجع الى منزلها.

فإن كانت قد طافت طواف الزّيارة، وبقي عليها طواف النّساء، فلا تخرج من مكّة إلّا بعد أن تقضيه. وإن كانت قد طافت منه أربعة أشواط وأرادت الخروج، جاز لها أن تخرج وإن لم تتمّ الطّواف.

والمستحاضة لا بأس بها أن تطوف بالبيت، وتصلّي عند المقام، وتشهد المناسك كلّها، إذا فعلت ما تفعله المستحاضة. والفرق بينها وبين الحائض، أنّ الحائض لا يحلّ لها دخول المسجد، فلا تتمكّن من الطّواف، ولا يجوز لها أيضا الصّلاة، والطّواف لا بدّ فيه من الصّلاة، وليس هذا حكم المستحاضة.

٢٧٦

وإذا أرادت الحائض وداع البيت، فلا تدخل المسجد، ولتودّع من أدنى باب من أبواب المسجد، وتنصرف، إن شاء الله.

وإذا كانت المرأة عليلة لا تقدر على الطّواف، طيف بها، وتستلم الأركان والحجر. فإن كان عليها زحمة، فتكفيها الإشارة. ولا تزاحم الرّجال. وإن كان بها علّة تمنع من حملها والطّواف بها، طاف عنها وليّها، وليس عليها شي‌ء. وكذلك إذا كانت عليلة لا تعقل عند الإحرام، أحرم عنها وليّها، وجنّبها ما يجتنب المحرم، وقد تمَّ إحرامها. وليس على النّساء حلق ولا دخول البيت. فإن أرادت دخول البيت، فلتدخله إذا لم يكن هناك زحام. ولا يجوز للمستحاضة دخول البيت على حال.

باب من حج عن غيره

من وجب عليه الحجّ، لا يجوز له أن يحجّ عن غيره إلّا بعد أن يقضي حجّته التي وجبت عليه. فإذا قضاها، جاز له بعد ذلك أن يحجّ عن غيره. ومن ليس له مال يجب عليه الحجّ، جاز له أن يحجّ عن غيره. فإن تمكّن بعد ذلك من المال، كان عليه أن يحجّ عن نفسه، وقد أجزأت الحجّة التي حجّها عمّن حجّ عنه.

وينبغي لمن يحجّ عن غيره أن يذكره في المواضع كلّها،

٢٧٧

فيقول عند الإحرام: اللهمّ ما أصابني من تعب أو نصب أو لغوب فأجر فلان بن فلان، وأجرني في نيابتي عنه. وكذلك يذكره عند التّلبية والطّواف والسّعي وعند الموقفين وعند الذّبح وعند قضاء جميع المناسك، فإن لم يذكره في هذه المواضع، وكانت نيته الحجّ عنه، كان جائزا.

ومن أمر غيره أن يحجّ عنه متمتّعا، فليس له أن يحجّ عنه مفردا ولا قارنا. فإن حجّ عنه كذلك، لم يجزئه، وكان عليه الإعادة. وإن أمره أن يحجّ عنه مفردا أو قارنا، جاز له أن يحجّ عنه متمتّعا، لأنه يعدل الى ما هو الأفضل. ومن أمر غيره أن يحجّ عنه على طريق بعينها، جاز له أن يعدل عن ذلك الطّريق الى طريق آخر. وإذا أمره أن يحجّ عنه بنفسه، فليس له أن يأمر غيره بالنّيابة عنه. فإن جعل الأمر في ذلك اليه، جاز له أن يستنيب غيره فيه. وإذا أخذ حجة عن غيره، لا يجوز له أن يأخذ حجة أخرى، حتى يقضي التي أخذها.

وإذا حجّ عن غيره، فصدّ عن بعض الطّريق، كان عليه ممّا أخذه بمقدار ما بقي من الطّريق. اللهم إلّا أن يضمن الحجّ فيما يستأنف، ويتولّاه بنفسه.

فإن مات النّائب في الحجّ، وكان موته بعد الإحرام ودخول الحرم، فقد سقطت عنه عهدة الحجّ، وأجزأ عمّن حجّ عنه وإن مات قبل الإحرام ودخول الحرم، كان على ورثته، إن

٢٧٨

خلّف في أيديهم شيئا، مقدار ما بقي عليه من نفقة الطّريق. وإذا أخذ حجة، فأنفق ما أخذه في الطّريق من غير إسراف، واحتاج الى زيادة، كان على صاحب الحجّة أن يتمّمه استحبابا. فإن فضل من النّفقة شي‌ء، كان له، وليس لصاحب الحجّة الرّجوع عليه بالفضل. ولا يجوز للإنسان أن يطوف عن غيره وهو بمكّة، إلّا أن يكون الذي يطوف عنه مبطونا لا يقدر على الطّواف بنفسه، ولا يمكن حمله والطّواف به. وإن كان غائبا، جاز أن يطوف عنه.

وإذا حجّ الإنسان عن غيره من أخ له أو أب أو ذي قرابة أو مؤمن، فإن ثواب ذلك يصل الى من حجّ عنه من غير أن ينقض من ثوابه شي‌ء. وإذا حجّ الإنسان عمّن يجب عليه الحجّ بعد موته تطوّعا منه بذلك، فإنّه يسقط عن الميّت بذلك فرض الحجّ.

ومن كان عنده وديعة، فمات صاحبها، وله ورثة، ولم يكن قد حجّ حجّة الإسلام، جاز له أن يأخذ منها بقدر ما يحجّ عنه، ويردّ الباقي على ورثته، إذا غلب على ظنّه أنّ ورثته لا يقضون عنه حجّة الإسلام. فإن غلب على ظنّه أنّهم يتولّون القضاء عنه، فلا يجوز له أن يأخذ منها شيئا إلّا بأمرهم.

ولا بأس أن تحجّ المرأة عن الرّجل إذا كانت قد حجّت

٢٧٩

حجّة الإسلام، وكانت عارفة. وإذا لم تكن حجّت حجّة الإسلام، وكانت صرورة، لم يجز لها أن تحجّ عن غيرها على حال.

ولا يجوز لأحد أن يحجّ عن غيره إذا كان مخالفا له في الاعتقاد، اللهمّ إلّا أن يكون أباه، فإنّه يجوز له أن يحجّ عنه.

باب العمرة المفردة

العمرة فريضة مثل الحجّ، لا يجوز تركها. ومن تمتّع بالعمرة إلى الحجّ، سقط عنه فرضها. وإن لم يتمتّع، كان عليه أن يعتمر بعد انقضاء الحجّ، إن أراد، بعد انقضاء أيّام التّشريق، وإن شاء أخّرها إلى استقبال المحرّم. ومن دخل مكّة بالعمرة المفردة في غير أشهر الحجّ، لم يجز له أن يتمتّع بها الى الحجّ. فإن أراد التّمتّع كان عليه تجديد عمرة في أشهر الحجّ. وإن دخل مكّة بالعمرة المفردة في أشهر الحجّ، جاز له أن يقضيها، ويخرج الى بلده أو أيّ موضع شاء. والأفضل له أن يقيم حتى يحجّ، ويجعلها متعة. وإذا دخلها بنيّة التّمتّع، لم يجز له أن يجعلها مفردة، وأن يخرج من مكّة، لأنّه صار مرتبطا بالحجّ. وأفضل العمرة ما كانت في رجب، وهي تلي الحجّ في الفضل.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491