منهاج الصالحين ـ المعاملات الجزء ٢

منهاج الصالحين ـ المعاملات16%

منهاج الصالحين ـ المعاملات مؤلف:
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 491

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 491 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 80605 / تحميل: 4855
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين ـ المعاملات

منهاج الصالحين ـ المعاملات الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

في ذمته أو كان له مال تجدد له بعد الحجر ـ ولو بالاستدانة أو قبول الهدية مثلاً ـ أو أذن له الغرماء بدفع الثمن من ماله المحجور عليه.

مسألة 333 : تثبت الشفعة للشريك وإن كان سفيهاً أو صبياً أو مجنوناً فيأخذ لهم الولي بها ، بل إذا أخذ السفيه بها بإذن الولي صح. نعم إذا كان الولي هو الوصي أو الحاكم ليس له ذلك إلا مع رعاية الغبطة والمصلحة بخلاف الأب والجد فإنه تكفي فيهما رعاية عدم المفسدة كما هو الحال في سائر التصرفات.

مسألة 334 : إذا أسقط الولي عن الصبي أو المجنون أو السفيه حق الشفعة ـ مع رعاية ما تقدم ـ لم يكن لهم المطالبة بها بعد البلوغ والعقل والرشد ، وكذا إذا لم يكن الأخذ بها مصلحة فلم يطالب. أما إذا ترك المطالبة بها مساهلة منه في حقهم فالظاهر أن لهم المطالبة بها بعد البلوغ والعقل والرشد.

مسألة 335 : إذا كان المبيع مشتركاً بين الولي والمولى عليه فباع الولي سهم المولىّ عليه جاز له أن يأخذ بالشفعة لنفسه على الأقوى.

مسألة 336 : إذا باع الولي سهم نفسه جاز له أن يأخذ بالشفعة للمولى عليه ، وكذا الحكم في الوكيل إذا كان شريكاً مع الموكل.

١٠١

فصل

في الأخذ بالشفعة

مسألة 337 : الأخذ بالشفعة من الإنشائيات المعتبر فيها الإيقاع ويتحقق ذلك بالقول مثل أن يقول : أخذت المبيع الكذائي بثمنه ، وبالفعل مثل أن يدفع الثمن إلى المشتري ويستقل بالمبيع.

مسألة 338 : لا يجوز للشفيع أخذ بعض المبيع وترك بعضه الآخر بل إما أن يأخذ الجميع أو يدع الجميع.

مسألة 339 : الشفيع يتملك المبيع بإعطاء قدر الثمن إلى المشتري لا بأكثر منه ولا بأقل سواء أكانت قيمة المبيع السوقية مساوية للثمن أم زائدة أم ناقصة ، ولا يلزم أن يعطي عين الثمن في فرض التمكن منها بل له أن يعطي مثله إن كان مثلياً.

مسألة 340 : إذا كان الثمن قيمياً ففي ثبوت الشفعة للشريك بأن يأخذ المبيع بقيمة الثمن حين البيع إشكال ، فالأحوط له عدم الأخذ بالشفعة إلا برضى المشتري كما أن الأحوط للمشتري إجابته إذا أخذ بها.

مسألة 341 : إذا غرم المشتري شيئاً من أجرة الدلال أو غيرها أو تبرع بشيء للبائع من خلعة ونحوها لم يلزم الشفيع تداركه.

مسألة 342 : إذا حط البائع شيئاً من الثمن للمشتري بعد البيع لم يكن للشفيع تنقيصه.

مسألة 343 : الأقوى لزوم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة فيسقط مع المماطلة والتأخير بلا عذر ولا يسقط إذا كان التأخير عن عذر ـ ولو كان عرفياً ـ كجهله بالبيع أو جهله باستحقاق الشفعة ، أو توهمه كثرة الثمن فبان قليلا ،

١٠٢

أو كون المشتري زيداً فبان عمراً ، أو أنه اشتراه لنفسه فبان لغيره أو العكس ، أو أنه واحد فبان اثنين أو العكس ، أوإن المبيع النصف بمائة فتبين أنه الربع بخمسين ، أو كون الثمن ذهباً فبان فضة ، أو لكونه محبوساً ظلماً أو بحق يعجز عن أدائه ، وكذا أمثال ذلك من الأعذار.

مسألة 344 : المبادرة اللازمة في استحقاق الأخذ بالشفعة يراد منها المبادرة على النحو المتعارف الذي جرت به العادة ، فإذا كان مشغولاً بعبادة واجبة أو مندوبة لم يجب عليه قطعها.

مسألة 345 : إذا كان مشغولاً بأكل أو شرب لم يجب قطعه ولا يجب عليه الإسراع في المشي.

مسألة 346 : يجوز له إن كان غائباً انتظار الرفقة إذا كان الطريق مخوفاً ، أو انتظار زوال الحر أو البرد إذا جرت العادة بانتظاره لمثله ، وقضاء وطره من الحمام إذا علم بالبيع وهو في الحمام وأمثال ذلك مما جرت العادة بفعله لمثله ، نعم يشكل مثل عيادة المريض وتشييع المؤمن ونحو ذلك إذا لم يكن تركه موجباً للطعن فيه وكذا الاشتغال بالنوافل ابتداءً ، والأظهر السقوط في كل مورد صدقت فيه المماطلة عرفاً.

مسألة 347 : إذا كان غائباً عن بلد البيع وعلم بوقوعه وكان يتمكن من الأخذ بالشفعة ولو بالتوكيل فلم يبادر إليه سقطت الشفعة.

مسألة 348 : لا ينتقل المبيع إلى الشفيع بمجرد قوله : ( أخذت بالشفعة ) مثلاً ، بل لابد من تعقبه بدفع الثمن إلا أن يرضى المشتري بالتأخير ، فإذا قال ذلك وهرب أو ماطل أو عجز عن دفع الثمن بقي المبيع على ملك المشتري لا أنه ينتقل بالقول إلى ملك الشفيع وبالعجز أو الهرب أو المماطلة يرجع إلى ملك المشتري.

مسألة 349 : إذا باع المشتري قبل أخذ الشفيع بالشفعة لم تسقط بل

١٠٣

جاز للشفيع الأخذ من المشتري الأول بالثمن الأول فيبطل الثاني وتجزي الإجازة منه في صحته له ، وله الأخذ من المشتري الثاني بثمنه فيصح البيع الأول.

مسألة 350 : إذا زادت العقود على اثنين فإن أخذ بالأول بطل ما بعده ويصح مع إجازته ، وإن أخذ بالأخير صح ما قبله ، وإن أخذ بالمتوسط صح ما قبله وبطل ما بعده ويصح مع إجازته.

مسألة 351 : إذا تصرف المشتري في المبيع بوقف أو هبة غير معوضة أو بجعله صداقاً أو غير ذلك مما لا شفعة فيه كان للشفيع الأخذ بالشفعة بالنسبة إلى البيع فتبطل التصرفات اللاحقة له.

مسألة 352 : الشفعة من الحقوق فتسقط بالإسقاط ، ويجوز أخذ المال بإزاء إسقاطها وبإزاء عدم الأخذ بها ، لكن على الأول لا يسقط إلا بالإسقاط فإذا لم يسقطه وأخذ بالشفعة صح ولم يستحق المال المبذول ، بل الظاهر صحة الأخذ بالشفعة على الثاني أيضاً. ويصح الصلح على سقوطها فيسقط بذلك.

مسألة 353 : الظاهر أنه لا إشكال في أن حق الشفعة لا يقبل الانتقال إلى غير الشفيع.

مسألة 354 : إذا باع الشريك نصيبه قبل الأخذ بالشفعة فالظاهر سقوطها خصوصاً إذا كان بيعه بعد علمه بالشفعة.

مسألة 355 : المشهور اعتبار العلم بالثمن في جواز الأخذ بالشفعة ، فإذا أخذ بها وكان جاهلاً به لم يصح لكن الصحة لا تخلو من وجه.

مسألة 356 : إذا تلف تمام المبيع قبل الأخذ بالشفعة سقطت.

مسألة 357 : إذا تلف بعضه دون بعض لم تسقط وجاز له أخذ الباقي بتمام الثمن من دون ضمان على المشتري.

١٠٤

مسألة 358 : إذا كان التلف بعد الأخذ بالشفعة فإن كان التلف بفعل المشتري ضمنه.

مسألة 359 : إذا كان التلف بغير فعل المشتري ضمنه المشتري أيضاً فيما إذا كان التلف بعد المطالبة ومسامحة المشتري في الإقباض.

مسألة 360 : في انتقال الشفعة إلى الوراث إشكال وعلى تقدير الانتقال ليس لبعض الورثة الأخذ بها ما لم يوافقه الباقون.

مسألة 361 : إذا أسقط الشفيع حقه قبل البيع لم يسقط ، وكذا إذا شهد على البيع أو بارك للمشتري إلا أن تقوم القرينة على إرادة الإسقاط بالمباركة بعد البيع.

مسألة 362 : إذا كانت العين مشتركة بين حاضر وغائب وكانت حصة الغائب بيد ثالث فعرضها للبيع بدعوى الوكالة عن الغائب جاز الشراء منه والتصرف فيه ما لم يعلم كذبه في دعواه ، وهل يجوز للشريك الحاضر الأخذ بالشفعة بعد إطلاعه على البيع؟ إشكال ، وإن كان الجواز أقرب فإذا حضر الغائب وصدق فهو ، وإن أنكر كان القول قوله بيمينه ما لم يكن مخالفاً للظاهر فإذا حلف انتزع الحصة من يد الشفيع وكان له عليه الأجرة إن كانت ذات منفعة مستوفاة أو غيرها على تفصيل تقدم في المسألة (78) ، فإن دفعها إلى المالك رجع بها على مدعي الوكالة.

مسألة 363 : إذا كان الثمن مؤجلاً جاز للشفيع الأخذ بالشفعة بالثمن المؤجل ، والظاهر جواز إلزامه بالكفيل ، ويجوز أيضاً الأخذ بالثمن حالاً إن رضي المشتري به أو كان شرط التأجيل للمشتري على البائع.

مسألة 364 : إذا تقايل المتبايعان قبل أخذ الشريك بالشفعة فالمشهور عدم سقوطها بالإقالة ، بل لو أخذ الشفيع بها كشف ذلك عن بطلان الإقالة فيكون نماء المبيع بعدها للمشتري ونماء الثمن للبائع كما كان الحال قبلها

١٠٥

كذلك ، ولكن لا يبعد سقوطها حينئذ ، وأما لو كان التقايل بعد أخذ الشريك بالشفعة لم يمنع ذلك عن صحة الإقالة فيرجع البائع بعوض المبيع إلى المشتري.

مسألة 365 : إذا كان للبائع خيار رد العين فالظاهر أن الشفعة لا تسقط به لكن البائع إذا فسخ قبل أخذ الشريك بالشفعة يرجع المبيع إليه ولا شفعة وإن فسخ بعده رجع بالمثل أو القيمة ، وهكذا الحكم في سائر الخيارات الثابتة للبائع أو المشتري غير ما يسقط بخروج العين عن ملك المشتري كخيار العيب.

مسألة 366 : إذا كانت العين معيبة فإن علمه المشتري فلا خيار له ولا أرش ، فإذا أخذ الشفيع بالشفعة فإن كان عالماً به فلا شيء له وإن كان جاهلاً كان له الخيار في الرد وليس له اختيار الأرش ، وأذا كان المشتري جاهلاً كان له الرد فإن لم يمكن ـ ولو لأخذ الشريك بالشفعة قبل ذلك ـ كان له الأرش ، وأما الشفيع الجاهل بالعيب حين أخذه بالشفعة فيتخير بين الرد إلى المشتري وبين مطالبته بالأرش حتى وإن كان قد أسقطه عن البائع على الأقرب.

مسألة 367 : إذا اتفق اطلاع المشتري على العيب بعد أخذ الشفيع فالظاهر أن له أخذ الأرش وعليه دفعه إلى الشفيع ، وأذا اطلع الشفيع عليه دون المشتري فليس له مطالبة البائع بالأرش بل له إعلام المشتري بالحال ويتخير بين رد العين المعيبة إليه وبين مطالبته بالأرش.

١٠٦

كتاب الإجارة

١٠٧
١٠٨

وهي المعاوضة على المنفعة عملاً كانت أو غيره ، فالأول مثل إجارة الخياط للخياطة ، والثاني مثل إجارة الدار.

وفيه فصول :

فصل في شروطها

مسألة 368 : لابد فيها من الإيجاب والقبول ، فالإيجاب مثل قول الخياط : آجرتك نفسي ، وقول صاحب الدار : آجرتك داري ، والقبول مثل قول المستأجر : قبلت ، ويجوز وقوع الإيجاب من المستأجر ، مثل : استأجرتك لتخيط ثوبي وأستأجرت دارك ، فيقول المؤجر : قبلت ، ويكفي في الأخرس الإشارة المفهمة للإيجار أو الاستئجار.

مسألة 369 : تجري المعاطاة في الإجارة ـ كما تجري في البيع ـ فلو سلّم المؤجر ماله للمستأجر بقصد الإيجار وقبضه المستأجر بقصد الاستئجار صحت الإجارة.

مسألة 370 : يشترط في صحة الإجارة أمور بعضها في المتعاقدين ، وبعضها في العين المستأجرة ، وبعضها في المنفعة المقصودة بالإجارة ، وبعضها في الأجرة.

١٠٩

( شرائط المتعاقدين )

يشترط في المؤجر والمستأجر أن يكون كل منهما بالغاً عاقلا مختارا ، كما يشترط في المؤجر أن يكون مالكا للمنفعة المقصودة بالإيجار وفي المستأجر أن يكون مالكاً للأجرة ، ويشترط فيهما أن لا يكونا محجورين لسفه أو تفليس ، فلا تصح إجارة الصبي والمجنون والمكره ـ إلا أن يكون الإكراه بحق ـ كما لا تصح إجارة الفضولي ، ولا إجارة السفيه أمواله مطلقاً ، ولا إجارة المفلس أمواله التي حجر عليها.

مسألة 371 : إذا أجر السفيه نفسه لعمل فالأظهر بطلان الإجارة ـ ما لم تتعقب بإجازة الولي ـ وأما إذا آجر المفلس نفسه فالأظهر صحتها.

مسألة 372 : إذا لم يكن المؤجر مالكاً للمنفعة ـ ولم يكن ولياً ولا وكيلاً ـ توقفت صحة الإجارة على إجازة المالك ، وأذا كان محجوراً عليه لسفه توقفت صحتها على إجازة الولي ، وإن كان محجوراً عليه لفلس توقفت صحتها على إجازة الغرماء ، وإن كان مكرهاً توقفت صحتها على الرضا لا بداعي الإكراه.

( شرائط العين المستأجرة )

وهي أمور :

1 ـ التعيين ، فلا يصح إجارة المبهم كما لو قال : ( آجرتك إحدى دوري ) نعم يصح إجارة الكلي في المعين كسيارة من عدة سيارات متماثلة.

2 ـ المعلومية ، فإن كانت عيناً معينة فإما بالمشاهدة وأما بذكر الأوصاف التي تختلف بها الرغبات في إجارتها لو كانت غائبة ، وكذا لو كانت كلية.

١١٠

3 ـ التمكن من التسليم ، فلا تصح الإجارة من دونه حتى مع الضميمة على الأحوط ، نعم يكفي تمكن المستأجر من الاستيلاء على العين المستأجرة فتصح إجارة الدابة الشاردة مثلاً إذا كان المستأجر قادراً على أخذها.

4 ـ إمكان الانتفاع بها مع بقاء عينها ، فلا تصح إجارة الخبز ونحوه من المأكولات للأكل.

5 ـ قابليتها للانتفاع المقصود من الإجارة ، فلا تصح إجارة الأرض للزراعة إذا لم يكن المطر وافياً ولم يمكن سقيها من النهر أو غيره.

( شرائط المنفعة المقصودة بالإجارة )

وهي أمور :

1 ـ أن تكون محللة ، فلو انحصرت منافع المال في الحرام أو اشترط الانتفاع بخصوص المحرم منها ، أو أوقع العقد مبنياً على ذلك بطلت الإجارة ، كما لو آجر الدكان بشرط أن يباع أو يحفظ فيه الخمر ، أو آجر الحيوان بشرط أن يحمل الخمر عليه.

2 ـ أن تكون لها مالية يبذل المال بإزائها عند العقلاء على الأحوط.

3 ـ تعيين نوع المنفعة إذا كانت للعين منافع متعددة ، فلو أجر حيواناً قابلاً للركوب ولحمل الأثقال وجب تعيين حق المستأجر من الركوب أو الحمل أو كليهما.

4 ـ معلومية المنفعة ، وهي أما بتعيين المدة مثل سكنى الدار سنة أو شهراً ، وأما بتعيين المسافة مثل ركوب السيارة فرسخاً أو فرسخين ، وأما بتعيين العمل كخياطة الثوب المعين على كيفية معينة أو سياقة السيارة إلى مكة أو غيرها من البلاد المعروفة من طريق معين.

١١١

ولابد في الأولين من تعيين الزمان ، فإذا استأجر الدار للسكنى سنة ، والسيارة للركوب فرسخا من دون تعيين الزمان ، بطلت الإجارة ، إلا أن تكون قرينة على التعيين كالإطلاق الذي هو قرينة على التعجيل.

مسألة 373 : لا يعتبر تعيين الزمان في الإجارة على الخياطة ونحوها من الأعمال ، فيجب الإتيان به متى طالب المستأجر ، هذا إذا لم تختلف الأغراض باختلاف الأزمنة التي يقع فيها العمل ، والا فلابد من تعيين الزمان فيه أيضاً.

( شرائط الأجرة )

يعتبر في الأجرة معلوميتها ، فإذا كانت من المكيل أو الموزون أو المعدود لابد من معرفتها بالكيل أو الوزن أو العد ، وما يعرف منها بالمشاهدة لابد من مشاهدته أو وصفه على نحو ترتفع الجهالة.

ويجوز أن تكون الأجرة عيناً خارجية أو كلياً في الذمة ، أو عملاً أو منفعة أو حقاً قابلاً للنقل والانتقال كحق التحجير.

مسألة 374 : إذا استأجر سيارة للحمل فلابد من تعيين الحمل ، وأذا استأجر دراجة للركوب فلابد من تعيين الراكب ، وأذا استأجر ماكنة لحرث جريب من الأرض فلابد من تعيين الأرض. نعم إذا كان اختلاف الراكب أو الحمل أو الأرض لا يوجب اختلافاً في الأغراض النوعية لم يجب التعيين.

مسألة 375 : إذا قال آجرتك الدار شهراً أو شهرين أو قال آجرتك كل شهر بدرهم مهما أقمت فيها بطلت الإجارة ، وأذا قال : آجرتك شهراً بدرهم فإن زدت فبحسابه صح في الشهر الأول وبطل في غيره ، هذا إذا كان بعنوان الإجارة ، أما إذا كان بعنوان الجعالة بأن يجعل المنفعة لمن يعطيه درهماً أو كان من قبيل الإباحة بالعوض بأن يبيح المنفعة لمن يعطيه درهما فلا

١١٢

بأس.

مسألة 376 : إذا قال : إن خطت هذا الثوب بدرز فلك درهم وإن خطته بدرزين فلك درهمان ، فإن قصد الجعالة كما هو الظاهر صح وإن قصد الإجارة بطل ، وكذا إن قال : إن خطته هذا اليوم فلك درهم وإن خطته غداً فلك نصف درهم. والفرق بين الإجارة والجعالة أن في الإجارة تشتغل ذمة العامل بالعمل للمستأجر حين العقد وكذا تشتغل ذمة المستأجر بالعوض ولأجل ذلك صارت عقداً وليس ذلك في الجعالة فإن اشتغال ذمة المالك بالعوض يكون بعد عمل العامل من دون اشتغال لذمة العامل بالعمل أبداً ، ولأجل ذلك صارت إيقاعا.

مسألة 377 : إذا استأجره على عمل مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو آلة أو وصف فجاء به على خلاف القيد لم يستحق شيئاً على عمله ، فإن لم يمكن العمل ثانياً تخير المستأجر بين فسخ الإجارة وبين مطالبة الأجير بأجرة المثل للعمل المستأجر عليه فإن طالبه بها لزمه إعطاؤه أجرة المثل ، وإن أمكن العمل ثانياً وجب الإتيان به على النهج الذي وقعت عليه الإجارة.

مسألة 378 : إذا استأجره على عمل بشرط ، بأن كان إنشاء الشرط في ضمن عقد الإجارة أو وقع العقد مبنياً عليه فلم يتحقق الشرط ، كما إذا استأجره ليوصله إلى مكان معين وشرط عليه أن يوصله في وقت محدد فأوصله ولكن في غير ذلك الوقت أو استأجره على خياطة ثوبه وأشترط عليه قراءة سورة من القرآن فخاط الثوب ولم يقرأ السورة ـ كان له فسخ الإجارة وعليه حينئذ أجرة المثل وله إمضاؤها ودفع الأجرة المسماة ، والفرق بين القيد والشرط أن متعلق الإجارة في موارد التقييد حصة خاصة مغايرة لسائر الحصص وأما في موارد الاشتراط فمتعلق الإجارة هو طبيعي العمل ولكن العقد معلق على التزام الطرف بتحقق أمر كالإيصال في الوقت المحدد أو القراءة في المثالين ، ولازم

١١٣

ذلك أن يكون التزامه بالعقد مشروطاً بنفس تحقق الملتزم به ، ومعنى ذلك جعل الخيار لنفسه على تقدير عدم تحققه.

مسألة 379 : إذا استأجر سيارة إلى «كربلاء» مثلاً بدرهم وأشترط له على نفسه أنه إن أوصله المؤجر نهاراً أعطاه درهمين صح.

مسألة 380 : لو استأجر سيارة مثلاً إلى مسافة بدرهمين وأشترط على المؤجر أن يعطيه درهماً واحداً إن لم يوصله نهاراً صح ذلك.

مسألة 381 : إذا استأجر سيارة على أن يوصله المؤجر نهاراً بدرهمين أو ليلاً بدرهم بحيث تكون الإجارة على أحد الأمرين مردداً بينهما فالإجارة باطلة.

مسألة 382 : إذا استأجره على أن يوصله إلى «كربلاء» وكان من نيته زيارة ليلة النصف من شعبان ولكن لم يذكر ذلك في العقد ولم تكن قرينة على التعيين استحق الأجرة وإن لم يوصله ليلة النصف من شعبان.

١١٤

فصل

في مسائل تتعلق بلزوم الإجارة

مسألة 383 : الإجارة من العقود اللازمة لا تنفسخ إلا بالتراضي بين الطرفين أو يكون للفاسخ الخيار ، ولا فرق في ذلك بين أن تكون الإجارة منشأة باللفظ أو بالمعاطاة.

مسألة 384 : إذا باع المالك العين المستأجرة قبل تمام مدة الإجارة لم تنفسخ الإجارة بل تنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدة الإجارة وإذا كان المشتري جاهلاً بالإجارة أو معتقداً قلة المدة فتبين زيادتها كان له فسخ البيع وليس له المطالبة بالأرش ، وإذا فسخت الإجارة رجعت المنفعة إلى البائع.

مسألة 385 : لا فرق فيما ذكرناه من عدم انفساخ الإجارة بالبيع بين أن يكون البيع على المستأجر وغيره ، فلو استأجر داراً ثم اشتراها بقيت الإجارة على حالها ويكون ملكه للمنفعة في بقية المدة بسبب الإجارة لا من جهة تبعية العين فلو انفسخت الإجارة رجعت المنفعة في بقية المدة إلى البائع ، ولو فسخ البيع بأحد أسبابه بقي ملك المشتري المستأجر للمنفعة على حاله.

مسألة 386 : إذا باع المالك العين على شخص وأجرها وكيله مدة معينة على شخص آخر واقترن البيع والإجارة زماناً صحا جميعاً فيكون المبيع للمشتري مسلوب المنفعة مدة الإجارة ويثبت الخيار له حينئذ.

مسألة 387 : لا تبطل الإجارة بموت المؤجر ولا بموت المستأجر حتى فيما إذا استأجر داراً على أن يسكنها بنفسه فمات ، فإنه لا تبطل الإجارة بموته

١١٥

ولكن يثبت للمؤجر مع التخلف خيار الفسخ ، نعم إذا اعتبر سكناه على وجه القيدية تبطل بموته.

مسألة 388 : إذا أجر نفسه للعمل بنفسه فمات قبل إنجازه بطلت الإجارة ، نعم إذا تعمد ترك الإتيان به قبل موته لم تبطل الإجارة بل يتخير المستأجر بين الفسخ وبين المطالبة بأجرة مثل العمل.

مسألة 389 : إذا لم يكن المؤجر مالكا للعين المستأجرة بل مالكا لمنفعتها ما دام حياً ـ بوصية مثلاً ـ فمات أثناء مدة الأجارة بطلت حينئذ بالنسبة إلى المدة الباقية ، نعم لما كانت المنفعة في بقية المدة لورثة الموصي فلهم أن يجيزوها بالنسبة إلى تلك المدة فتقع لهم الإجارة وتكون لهم الأجرة.

مسألة 390 : إذا أجر البطن السابق من الموقوف عليهم العين الموقوفة فانقرضوا قبل انتهاء مدة الإجارة بطلت بالنسبة إلى بقية المدة إذا لم تجزها الطبقة المتأخرة ، وفي صورة أخذ الطبقة الأولى للأجرة كلها يكون للمستأجر استرجاع مقدار إجارة المدة الباقية منها من أموال الطبقة الأولى ، وأما إذا أجرها المتولي ـ سواء أكان هو البطن السابق أم غيره ـ ملاحظاً بذلك مصلحة الوقف لم تبطل بموته ، وكذا إذا أجرها لمصلحة البطون اللاحقة إذا كانت له ولاية على ذلك فأنها تصح ويكون للبطون اللاحقة حصتهم من الأجرة.

مسألة 391 : إذا أجر نفسه للعمل أما بالإتيان به مباشرة أو تسبيباً فمات قبل ذلك بطلت الإجارة على تفصيل تقدم في المسألة (388) ، وأما إذا تقبل العمل الكلي في ذمته من دون التقييد بذلك فمات قبل تحقيقه لم تبطل المعاملة بل يجب أداء العمل من تركته كسائر الديون.

مسألة 392 : إذا أجر الولي مال الطفل مدة ، وبلغ الطفل أثناءها كانت صحة الإجارة بالنسبة إلى ما بعد بلوغه موقوفة على إجازته حتى فيما إذا كان

١١٦

عدم جعل ما بعد البلوغ جزءاً من مدة الإيجار على خلاف مصلحة الطفل ، وهكذا الحكم فيما إذا أجر الولي الطفل نفسه إلى مدة فبلغ أثناءها ، نعم إذا كان امتداد مدة الإيجار إلى ما بعد البلوغ هو مقتضى مصلحة ملزمة شرعاً بحيث يعلم عدم رضا الشارع بتركها صح الإيجار كذلك بإذن الحاكم الشرعي ولم يكن للطفل أن يفسخه بعد بلوغه.

مسألة 393 : إذا أجرت المرأة نفسها للخدمة مدة معينة فتزوجت في أثنائها لم تبطل الإجارة وإن كانت الخدمة منافية لحق الزوج.

مسألة 394 : إذا أجرت نفسها بعد التزويج توقفت صحة الإجارة على إجازة الزوج فيما ينافي حقه ونفذت الإجارة فيما لا ينافي حقه.

مسألة 395 : إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيباً فإن كان عالما به حين العقد فلا أثر له وإن كان جاهلاً به فإن كان موجباً لفوات بعض المنفعة كخراب بعض بيوت الدار قسطت الأجرة ورجع على المالك بما يقابل المنفعة الفائتة وله فسخ العقد من أصله ، هذا إذا لم يكن الخراب قابلاً للانتفاع أصلاً ولو بغير السكنى وإلا لم يكن له إلا خيار العيب. وإن كان العيب موجباً لنقص في المنفعة كبطء سير السيارة كان له الخيار في الفسخ وليس له مطالبة الأرش ، وإن لم يوجب العيب شيئا من ذلك لكن يوجب نقص الأجرة ككون السيارة مخسوفة البدنة كان له الخيار أيضاً ، وإن لم يوجب ذلك أيضاً فلا خيار. هذا إذا كانت العين شخصية أما إذا كانت كلية وكان المقبوض معيباً كان له المطالبة بالصحيح ولا خيار في الفسخ ، وإذا تعذر الصحيح كان له الخيار في أصل العقد.

مسألة 396 : إذا وجد المؤجر عيباً في الأجرة وكان جاهلاً به كان له الفسخ وليس له المطالبة بالأرش وإذا كانت الأجرة كلية فقبض فرداً معيباً منها فليس له فسخ العقد بل له المطالبة بالصحيح فإن تعذر كان له الفسخ.

١١٧

مسألة 397 : يجري في الإجارة خيار الغبن ـ على تفصيل تقدم نظيره في البيع ـ كما يجري فيها خيار العيب وخيار الشرط ـ حتى للأجنبي ـ ومنه خيار شرط رد العوض نظير شرط رد الثمن ، وكذا خيار تخلف الشرط الصريح أو الارتكازي ومنه خيار تبعض الصفقة وتعذر التسليم والتفليس والتدليس والشركة ، ولا يجري فيها خيار المجلس ولا خيار الحيوان ولا خيار التأخير على النحو المتقدم في البيع ، نعم مع التأخير في تسليم أحد العوضين عن الحد المتعارف يثبت الخيار للطرف.

مسألة 398 : إذا حصل الفسخ في عقد الإيجار ابتداء المدة فلا إشكال وإذا حصل أثناء المدة فإن لم يكن الخيار مجعولاً للفاسخ على نحو يقتضي التبعيض وبطلان الإجارة بالنسبة إلى ما بقي خاصة ـ كما هو الحال في شرط الخيار غالباً ـ فالأقوى كونه موجباً لانفساخ العقد في جميع المدة فيرجع المستأجر بتمام المسمى ويكون للمؤجر أجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى.

١١٨

فصل

في أحكام التسليم في الإجارة

مسألة 399 : إذا وقع عقد الإجارة ملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان والعمل في الإجارة على الأعمال بنفس العقد وكذا المؤجر والأجير يملكان الأجرة بنفس العقد ، لكن ليس للمستأجر المطالبة بالمنفعة والعمل مع تأجيل الأجرة وعدم تسليمها إلا إذا كان قد شرط ذلك صريحاً أو كانت العادة جارية عليه ، كما أنه ليس للأجير والمؤجر المطالبة بالأجرة مع عدم تسليم العمل والمنفعة إلا إذا كانا قد اشترطا تقديم الأجرة وإن كان لأجل جريان العادة.

مسألة 400 : يجب على كل منهما تسليم ما عليه تسليمه في الزمان الذي يقتضيه العقد ، ولكن وجوب التسليم على كل منهما مشروط بعدم امتناع الآخر ، ولو امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة مع بذل المستأجر الأجرة جاز للمستأجر إجباره على تسليم العين كما جاز له الفسخ وأخذ الأجرة إذا كان قد دفعها وله إبقاء الإجارة والمطالبة بقيمة المنفعة الفائتة ، وكذا إذا دفع المؤجر العين ثم أخذها من المستأجر بلا فصل أو في أثناء المدة ، ومع الفسخ في الأثناء يرجع بتمام الأجرة وعليه أجرة المثل لما مضى ، وكذا الحكم فيما إذا امتنع المستأجر من تسليم الأجرة مع بذل المؤجر للعين المستأجرة.

مسألة 401 : تسليم المنفعة يكون بتسليم العين ، وتسليم العمل فيما لا يتعلق بعين للمستأجر في يد الأجير يكون بإتمامه ، وفيما يتعلق بعين له في يد الأجير يكون بإتمام العمل فيها مع تسليمها ـ على تقدير عدم تلفها ـ

١١٩

إلى المستأجر.

مسألة 402 : إذا كان العمل المستأجر عليه في العين التي هي بيد الأجير فتلفت العين بعد تمام العمل قبل دفعها إلى المستأجر من غير تفريط استحق الأجير المطالبة بالأجرة ، فإذا كان أجيراً على خياطة ثوب فتلف بعد الخياطة وقبل دفعه إلى المستأجر استحق مطالبة الأجرة فإذا كان الثوب مضموناً على الأجير استحق عليه المالك قيمة الثوب مخيطاً وإلا لم يستحق عليه شيئا.

مسألة 403 : يجوز للأجير بعد إتمام العمل حبس العين إلى أن يستوفي الأجرة ، وإذا حبسها لذلك فتلفت من غير تفريط لم يضمن.

مسألة 404 : تبطل الإجارة بسقوط العين المستأجرة عن قابلية الانتفاع منها بالمنفعة الخاصة المملوكة ، فإذا استأجر داراً سنة ـ مثلاً ـ فانهدمت قبل دخول السنة أو بعد دخولها بلا فصل بطلت الإجارة ، وإذا انهدمت أثناء السنة تبطل الإجارة بالنسبة إلى المدة الباقية وكان للمستأجر الخيار في فسخ الإيجار ، فإن فسخ رجع على المؤجر بتمام الأجرة المسماة وعليه له أجرة المثل بالنسبة إلى المدة الماضية ، وإن لم يفسخ قسطت الأجرة بالنسبة وكان للمالك حصة من الأجرة بنسبة المدة الماضية.

مسألة 405 : إذا استأجر داراً فانهدم قسم منها ، فإن كانت بحيث لو أعيد بناء القسم المهدوم على الوجه المتعارف لعدت بعد التعمير مغايرة لما قبله في النظر العرفي كان حكمه ما تقدم في المسألة السابقة ، وإن لم تعد كذلك فإن أقدم المؤجر على تعميرها فوراً على وجه لا يتلف شيء من منفعتها عرفاً لم تبطل الإجارة ولم يكن للمستأجر حق الفسخ ، وإن لم يقدم على ذلك وكان قادراً عليه فللمستأجر الزامه به ـ فإن لم يفعل كان له مطالبته بأجرة مثل المنفعة الفائتة كما إن له الخيار في فسخ الإجارة رأساً ـ ولو مع

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

المراد بالموات : الأرض المتروكة التي لا ينتفع بها انتفاعاً معتداً به ولو بسبب انقطاع الماء عنها أو استيلاء المياه أو الرمال أو الأحجار أو السبخ عليها ، سواءٌ ما لم يكن ينتفع منها أصلاً وما كان الانتفاع الفعلي منها غير معتد به كالأراضي التي ينبت فيها الحشيش فتكون مرعى للدواب والأنعام ، وأما الغابات التي يكثر فيها الأشجار فليست من الموات بل هي من الأراضي العامرة بالذات.

مسألة ٨٩٠ : الموات على نوعين :

١ ـ الموات بالأصل ، وهو ما لم تعرض عليه الحياة من قبل وفي حكمه ما لم يعلم بعروض الحياة عليه كأكثر البراري والمفاوز والبوادي وسفوح الجبال ونحو ذلك.

٢ ـ الموات بالعارض ، وهو ما عرض عليه الخراب والموتان بعد الحياة والعمران.

مسألة ٨٩١ : الموات بالأصل وإن كان ملكاً للإمامعليه‌السلام حيث أنه من الأنفال ولكن يجوز لكل أحد إحياؤه ، فلو أحياه كان أحق به من غيره سواء أكان في دار الإسلام أم في دار الكفر وسواء أكان في أرض الخراج أم في غيرها وسواء أكان المحيي مسلماً أم كافراً ، وليس عليه دفع الخراج أو أجرة الأرض إذا كان مؤمناً.

هذا إذا لم يطرء عنوان ثانوي يقتضي المنع من إحياءه ككونه حريماً لملك الغير أو كون إحيائه على خلاف بعض المصالح العامة فنهى عنه ولي

٢٨١

المسلمين ونحو ذلك.

مسألة ٨٩٢ : الموات بالعارض على أقسام :

الأول : ما باد أهله أو هاجروا عنه وعد بسبب تقادم السنين ومرور الأزمنة مالاً بلا مالك كالأراضي الدارسة المتروكة والقرى أو البلاد الخربة والقنوات الطامسة والتي كانت للأمم الماضية الذين لم يبق منهم أحد بل ولا اسم ولا رسم أو أنها تنسب إلى طائفة لم يعرف عنهم سوى الاسم.

الثاني : ما كان عامراً بالذات حين الفتح ولكن طرء عليه الموتان بعد ذلك.

الثالث : العامر المفتوح عنوة إذا طرء عليه الخراب.

الرابع : ما كان لمالك مجهول مردد بين أفراد غير محصورين.

الخامس : ما كان لمالك معلوم أما تفصيلاً أو إجمالاً لتردده بين أفراد محصورين.

أما القسم الأول والثاني فهما من الأنفال ويجري فيهما ما مر في الموات بالأصل.

وأما القسم الثالث فلا يبعد بقاؤه على ملك المسلمين فيكون أمره بيد ولي الأمر.

وأما القسمان الأخيران ففيهما صور :

الأولى : ما إذا أعرض عنه صاحبه وأباح ما بقي فيه من الأجزاء والمواد لكل أحد ، ففي هذه الصورة يجوز إحياؤه لكل من يريد ذلك فيكون بالاحياء أحق به من صاحبه الأول.

الثانية : ما إذا كان صاحبه عازماً على تجديد إحيائه ولكنه غير متمكن من ذلك في الوقت الحاضر لمنع ظالم أو لعدم توفر الآلات والأسباب المتوقف عليها الأحياء أو لنحو ذلك ، وفي هذه الصورة لا إشكال في أنه ليس

٢٨٢

لأحد حق التصرف فيه بإحياء أو غيره من دون إذنه أو إذن وليه.

الثالثة : ما إذا لم يكن قاصداً لإحيائه بل قصد إبقاءه مواتاً للانتفاع القليل الحاصل منه بوضعه الفعلي كالاستفادة من حشيشه أو قصبه أو جعله مرعى لدوابه وأنعامه ، وحكم هذه الصورة ما تقدم في سابقتها من غير فرق.

الرابعة : ما إذا كان قد أبقاه مواتاً من جهة عدم الاعتناء به وكونه غير قاصد لإحيائه ولا الاستفادة منه بوضعه الفعلي ، وحينئذ فهل تزول علقته به ـ سواء أكان سببها الإحياء مباشرة أو عن طريق تلقيه عن محيي سابق بالإرث أو الشراء أو نحوهما أو كان سببها غيره ككونه من الأراضي التي أسلم أهلها طوعاً ـ فيجوز إحياؤه للغير أم لا؟ فيه إشكال ، وإن كان الأظهر فيما كان من قبيل الأراضي الزراعية ومرافقها جواز إحيائها بكري أنهارها وإعمارها وإصلاحها للزرع أو الغرس فيكون بذلك أحق بها من الأول ، وأما غيرها فإن كان من قبيل معلوم المالك فالأحوط ترك إحيائه من دون إذن صاحبه وعلى تقدير الإقدام عليه من دون إذنه فالأحوط لهما التراضي بشأنه ولو بالمصالحة بعوض ، وأما إن كان من قبيل مجهول المالك فالأحوط أن يفحص عن صاحبه وبعد اليأس عنه فإما أن يشتريه من الحاكم الشرعي أو وكيله المأذون في ذلك ويسلم الثمن إليه ليصرفه على الفقراء أو يستأذنه في صرفه عليهم بنفسه وإما أن يتصدق به على الفقير ـ بإذنٍ من الحاكم الشرعي ـ ثم يستأجره منه بأجرة معينة ولو كانت قليلة.

مسألة ٨٩٣ : كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة والقرى الدارسة التي باد أهلها كذلك يجوز حيازة موادها وأجزائها الباقية من الأخشاب والأحجار والآجر وما شاكل ذلك ويملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك.

مسألة ٨٩٤ : الأراضي الموقوفة التي طرأ عليها الموتان والخراب على أقسام :

٢٨٣

١ـ ما لا يعلم كيفية وقفها أصلاً وإنها وقف خاص أو عام أو أنها وقف على الجهات أو على أقوام.

٢ ـ ما علم أنها وقف على أقوام ولم يبق منهم أثر أو على طائفة لم يعرف عنهم سوى الاسم خاصة.

٣ ـ ما علم إنها وقف على جهة من الجهات ولكن تلك الجهة غير معلومة أنها مسجد أو مدرسة أو مشهد أو مقبرة أو غير ذلك.

٤ ـ ما علم إنها وقف على أشخاص ولكنهم غير معلومين بأشخاصهم وأعيانهم كما إذا علم أن مالكها وقفها على ذريته مع العلم بوجودهم فعلاً.

٥ ـ ما علم أنها وقف على جهة معينة أو أشخاص معلومين بأعيانهم.

٦ ـ ما علم إجمالاً بأن مالكها قد وقفها ولكن لا يدري أنه وقفها على جهة كمدرسته المعينة أو أنه وقفها على ذريته المعلومين بأعيانهم ولم يكن طريق شرعي لإثبات وقفها على أحد الأمرين.

أما القسم الأول والثاني فالظاهر أنه يجوز إحياؤهما لكل أحد ويكون المحيي أحق بهما ، فحالهما من هذه الناحية حال سائر الأراضي الموات.

وأما القسم الثالث فالمشهور جواز إحيائه ولكنه لا يخلو عن إشكال ، فالأحوط لمن يريد القيام بإحيائه وعمارته بزرع أو نحوه أن يراجع الحاكم الشرعي أو وكيله ـ مع عدم وجود المتولي الخاص له ـ ويتفق معه بشأنه ، فإن آجره عليه فاللازم أن يدفع الأجرة إليه ليصرفها في وجوه البر أو يستأذنه في صرفها فيها ، وكذلك الحال في القسم الرابع إلا أن الأجرة فيه تصرف على الفقراء ، والأظهر أنه لا تصل النوبة في القسمين إلى بيع العين الموقوفة كلاً ، أو بعضاً لتعمير البعض الآخر مع إمكان استنمائهما بوجه من الوجوه.

وأما القسم الخامس فلا إشكال في أنه لا يجوز التصرف فيه بإحياء أو نحوه ولا صرف بدل التصرف في موارده إلا بمراجعة المتولي ولو كان هو

٢٨٤

الحاكم الشرعي أو الموقوف عليهم المعينين إذا كان الوقف عليهم ولم يكن له متولٍ خاص.

وأما القسم السادس فيجب على من يريد القيام بعمارته وإحيائه مراجعة متولي الجهة الخاصة والذرية معاً والاتفاق معهم بشأنه واستئجاره منهم وحينئذٍ فإن أجاز الذرية صرف الأجرة في الجهة المعينة تعين ذلك وإلا فينتهي الأمر إلى القرعة لتعيين الموقوف عليه ، والأحوط تصدي الحاكم الشرعي أو وكيله لإجرائها.

مسألة ٨٩٥ : من أحيا أرضاً مواتاً تبعها حريمها بعد الإحياء ، وحريم كل شيء مقدار ما يتوقف عليه الانتفاع به ولا يجوز لأحد أن يحيي هذا المقدار بدون رضا صاحبه.

مسألة ٨٩٦ : حريم الدار عبارة عن مسلك الدخول إليها والخروج منها في الجهة التي يفتح إليها باب الدار ، ومطرح ترابها ورمادها وثلوجها ومصب مائها وما شاكل ذلك.

مسألة ٨٩٧ : حريم حائط البستان ونحوه مقدار مطرح ترابه والآلات والطين والجص إذا احتاج إلى الترميم والبناء.

مسألة ٨٩٨ : حريم النهر مقدار طرح ترابه وطينه إذا احتاج إلى الإصلاح والتنقية والمجاز على حافتيه للمواظبة عليه.

مسألة ٨٩٩ : حريم البئر موضع وقوف النازح إذا كان الاستقاء منها باليد وموضع تردد البهيمة والدولاب والمضخة والموضع الذي يجتمع فيه الماء للزرع أو نحوه ومصبه ومطرح ما يخرج منها من الطين عند الحاجة ونحو ذلك.

مسألة ٩٠٠ : حريم العين ما تحتاج إليه في الانتفاع منها على نحو ما مر في غيرها.

٢٨٥

مسألة ٩٠١ : حريم القرية ما تحتاج إليه في حفظ مصالحها ومصالح أهلها من مجمع ترابها وكناستها ومطرح سمادها ورمادها ومجمع أهاليها لمصالحهم ومسيل مائها والطرق المسلوكة منها وإليها ومدفن موتاهم ومرعى ماشيتهم ومحتطبهم وما شاكل ذلك.

كل ذلك بمقدار حاجة أهل القرية بحيث لو زاحم مزاحم لوقعوا في ضيق وحرج ، وهي تختلف باختلاف سعة القرية وضيقها وكثرة أهليها وقلتهم وكثرة مواشيها ودوابها وقلتها وهكذا وليس لذلك ضابط غير ذلك وليس لأحد أن يزاحم أهاليها في هذه المواضع.

مسألة ٩٠٢ : حريم المزرعة ما يتوقف عليه الانتفاع منها ويكون من مرافقها كمسالك الدخول إليها والخروج منها ومحل بيادرها وحظائرها ومجتمع سمادها ومرعى مواشيها ونحو ذلك.

مسألة ٩٠٣ : الأراضي المنسوبة إلى طوائف العرب والعجم وغيرهم لمجاورتها لبيوتهم ومساكنهم من دون أحقيتهم بها بالإحياء باقية على إباحتها الأصلية فلا يجوز لهم منع غيرهم من الانتفاع بها ولا يجوز لهم أخذ الأجرة ممن ينتفع بها ، وإذا قسموها فيما بينهم لرفع التشاجر والنزاع لا تكون القسمة صحيحة فيجوز لكل من المتقاسمين التصرف فيما يختص بالآخر بحسب القسمة.

نعم إذا كانوا يحتاجون إليها لرعي الحيوان أونحو ذلك كانت من حريم أملاكهم ولا يجوز لغيرهم مزاحمتهم وتعطيل حوائجهم.

مسألة ٩٠٤ : للبئر حريم آخر وهوإن يكون الفصل بين بئر وبئر أخرى بمقدار لا يكون في أحداث البئر الثانية ضرر على الأولى ضرراً معتداً به كجذب مائها تماماً أو بعضاً أو منع جريانه إليها من عروقها وهذا هو الضابط الكلي في جميع أقسامها.

٢٨٦

مسألة ٩٠٥ : للعين والقناة أيضاً حريم آخر وهو ـ على المشهور ـ أن يكون الفصل بين عين وعين أخرى وقناة وقناة ثانية في الأرض الصلبة خمسمائة ذراع وفي الأرض الرخوة ألف ذراع.

ولكن الظاهر أن هذا التحديد غالبي حيث أن الغالب اندفاع الضرر بهذا المقدار من البعد وليس تعبدياً.

وعليه فلو فرض أن العين الثانية تنقص من ماء الأولى مع هذا البعد وتضر بها ضرراً معتداً به فالظاهر عدم جواز إحداثها ولابد من زيادة البعد بما يندفع به الضرر أو يرضى به مالك الأولى ، كما أنه لو فرض عدم ورود الضرر المعتد به عليها من إحداث قناة أخرى في أقل من هذا البعد فالظاهر جوازه بلا حاجة إلى الإذن من صاحب القناة الأولى.

ولا فرق في ذلك بين إحداث قناة في الموات وبين إحداثها في ملكه فكما يعتبر في الأول أن لا يكون مضراً بالأولى فكذلك في الثاني.

كما أن الأمر كذلك في الآبار والأنهار التي تكون مجاري للماء فيجوز إحداث نهر يجري فيه الماء من منبعه قرب نهر آخر كذلك.

وكذلك إحداث بئر قرب أخرى وليس لمالك الأولى منعه إلا إذا استلزم ضرراً معتداً به فعندئذٍ يجوز منعه.

مسألة ٩٠٦ : يجوز إحياء الموات التي في أطراف القنوات والآبار والعيون في غير المقدار الذي يتوقف عليه الانتفاع منها فإن اعتبار البعد المذكور في القنوات والآبار والعيون إنما هو بالإضافة إلى إحداث قناة أو بئر أو عين أخرى فقط.

مسألة ٩٠٧ : إذا لم تكن الموات من حريم العامر ومرافقه على النحو المتقدم جاز إحياؤها لكل أحد وإن كانت بقرب العامر ولا تختص بمن يملك العامر ولا أولوية له.

مسألة ٩٠٨ : الظاهر أن الحريم مطلقاً ليس ملكاً لمالك ما له الحريم

٢٨٧

سواء أكان حريم قناة أو بئر أو قرية أو بستان أو دار أو نهر أو غير ذلك وإنما لا يجوز لغيره مزاحمته فيه باعتبار أنه من متعلقات حقه.

مسألة ٩٠٩ : لا حريم للأملاك المتجاورة مثلاً لو بنى المالكان المتجاوران حائطاً في البين لم يكن له حريم من الجانبين وكذا لو بنى أحدهما في نهاية ملكه حائطاً أو غيره لم يكن له حريم في ملك الآخر.

مسألة ٩١٠ : إذا لزم من تصرف المالك في ملكه ضرر معتد به على جاره فإن كان مثل هذا الضرر أمراً متعارفاً فيما بين الجيران كإطالة البناء الموجبة لتنقيص الاستفادة من الشمس أو الهواء فالظاهر أنه لا بأس به ، وإلا لم يجز ولو تصرف وجب عليه رفعه ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون تصرفه في ملكه مستلزماً للتصرف الحقيقي في ملك الجار أو مستلزماً للتصرف الحكمي فيه.

والأول كما إذا تصرف في ملكه بما يوجب خللاً في حيطان جاره أو حبس ماءً في ملكه بحيث تسري الرطوبة إلى بناء جاره أو أحدث بالوعة أو كنيفاً بقرب بئر الجار فأوجب فساد مائها أو حفر بئراً بقرب جاره فأوجب نقصان مائها سواء أكان النقص مستنداً إلى جذب البئر الثانية ماء الأولى أو إلى كونها أعمق منها.

والثاني كما إذا جعل ملكه معمل دباغة أو حدادة في منطقة سكنية مما يوجب عدم قابلية الدور المجاورة للسكنى فيها.

مسألة ٩١١ : الظاهر أنه لا فرق في عدم جواز تصرف المالك في ملكه بما يوجب الإضرار بالجار على أحد النحوين المتقدمين بين أن يكون ترك تصرفه فيه مستلزماً للضرر على نفسه أم لا ، فلا يجوز للمالك حفر بالوعة في داره على نحو تضر ببئر جاره وإن كان في ترك حفرها ضرر عليه ، ولو فعل ضمن الضرر الوارد عليه إذا كان مستنداً إليه عرفاً.

٢٨٨

نعم لو كان حفر البئر متأخراً عن حفر البالوعة فلا شيء عليه ولا يجب عليه طمها وإن تضررت بئر الجار.

مسألة ٩١٢ : قد حث في الروايات الكثيرة على رعاية الجار وحسن المعاشرة مع الجيران وكف الأذى عنهم وحرمة إيذائهم ، وقد ورد في بعض الروايات : إن حسن الجوار يزيد في الرزق ، وفي بعضها الآخر : أن حسن الجوار يعمر الديار ويزيد في الأعمار ، وفي الثالث : من كف أذاه عن جاره أقال الله عثرته يوم القيامة ، وفي الرابع : ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره ، وغيرها مما قد أكد في الوصية بالجار وتشديد الأمر فيه.

مسألة ٩١٣ : لا يجوز لأحد أن يبني بناءً على حائط جاره أو يضع جذوع سقفه عليه إلا بإذنه ورضاه وإذا طلب ذلك من الجار لم يجب عليه إجابته وإن استحب له استحباباً مؤكداً من جهة ما ورد من التأكيد والحث الأكيد في قضاء حوائج الأخوان ولا سيما الجيران ، ولو بنى أو وضع الجذوع بإذنه ورضاه فإن كان ذلك بعنوان ملزم كالشرط في ضمن عقد لازم أو بالإجارة أو بالصلح عليه لم يجز له الرجوع ، وأما إذا كان مجرد الإذن والرخصة جاز له الرجوع قبل البناء والوضع ، وأما بعد ذلك فهل يجوز له الرجوع مع دفع الأرش أو بدونه أم لا يجوز مطلقاً وحينئذٍ فهل يستحق عليه الأجرة أم لا؟ وجوه وأقوال ، فلا يترك الاحتياط بالتصالح والتراضي بينهما ولو بالإبقاء مع الأجرة أو الهدم مع الأرش.

مسألة ٩١٤ : لا يجوز للشريك في الحائط التصرف فيه ببناء ولا تسقيف ولا إدخال خشبة أو وتد أو غير ذلك إلا بإذن شريكه أو إحراز رضاه بشاهد الحال كما هو الحال في التصرفات اليسيرة كالاستناد إليه أو وضع يده أو طرح ثوبه عليه أو غير ذلك ، ولو صرح بالمنع عنها أو أظهر الكراهة لم تجز.

٢٨٩

مسألة ٩١٥ : لو انهدم الجدار المشترك في أساسه وجميع بنائه وأراد أحد الشريكين تعميره لم يكن له إجبار الآخر على المشاركة فيه ولا تعميره من ماله مجاناً بدون إذن شريكه ، وحينئذٍ فإن كان قابلاً للقسمة كأن كان سميكاً جداً تكفي قاعدته لبناء جدارين مستقلين عليها جاز له المطالبة بالقسمة ويجبر الممتنع عليها ، فيتصرف كل منهما في حصته المفروزة بما شاء إلا بما يتضرر به الآخر ، وإن لم يكن قابلاً للقسمة بوجه ولم يوافقه الشريك في شيء جاز له رفع أمره إلى الحاكم ليخيره بين عدة أمور من بيع أو إجارة أو المشاركة معه في العمارة أو الرخصة في تعميره وبنائه من ماله مجاناً.

وكذا الحال لو كانت الشركة في بئر أو نهر أو قناة واحتاج إلى التعمير أو التنقية ونحوهما فإنه لا يجبر الشريك على المشاركة فيه كما أنه ليس لأحد الشريكين الاستقلال فيه من ماله تبرعاً من دون إذن الآخر ، بل إذا تعذر الاتفاق معه بأي نحو يرفع أمره إلى الحاكم ليخيره بين عدة أمور نظير ما تقدم.

ولو أنفق في تعميرها أو تنقيتها من ماله فنبع الماء أو زاد من أجل ذلك فليس له أن يمنع شريكه غير المنفق من نصيبه من الماء لأنه فوائد ملكهما المشترك.

مسألة ٩١٦ : لو كانت جذوع دار أحد موضوعة على حائط جاره ولم يعلم على أي وجه وضعت حكم في الظاهر بكونه عن حق واستحقاق حتى يثبت خلافه ، فليس للجار أن يطالبه برفعها عنه بل ولا منعه من التجديد لو انهدم السقف ، وكذا الحال لو وجد بناء أو مجرى ماء أو ميزاب منصوب لأحد في ملك غيره ولم يعلم سببه فإنه يحكم في أمثال ذلك بكونه عن حق واستحقاق إلا أن يثبت كونها عن عدوان أو بعنوان العارية التي يجوز فيها الرجوع.

٢٩٠

مسألة ٩١٧ : لو تنازعا في جدار ولم يكن لأي منهما بينة فإن كان تحت يد أحدهما فهو له بيمينه وكذا لو اتصل ببناء أحدهما دون الآخر أو كان له عليه طرح فإنه يحكم له به مع اليمين ، وأما لو كان تحت يد كليهما أو خارجاً عن يدهما فإن حلفا أو نكلا حكم به لهما وإن حلف أحدهما ونكل الآخر حكم به للحالف.

مسألة ٩١٨ : لو اختلف مالك العلو ومالك السفل في ملكية السقف الفاصل بين الطابقين فإن لم يكن لأي منهما بينة على دعواه كان ذلك من باب التداعي فيتحالفان إلا إذا كانت هناك عادة قطعية تقضي باختصاص أحدهما به فيقدم قوله بيمينه.

وإن اختلفا في ملكية جدران السفل كان القول قول مالك السفل بيمينه إذا لم يكن السقف قائماً عليها ـ كما في بعض الأبنية الحديثة حيث يتم بناء الجدران بعد الفراغ عن بناء الهيكل الأساسي للبناية ـ وأما مع قيام السقف عليها فحكمها حكم السقف.

وإن اختلفا في المصعد فالقول قول صاحب العلو بيمينه ، وأما المخزن تحت الدرجة فالقول فيه قول صاحب السفل بيمينه ، وأما طريق العلو في الصحن فحكمه حكم السقف ، نعم لا إشكال في أن لصاحب العلو حق الاستطراق فيه وأما الباقي فالقول فيه قول صاحب السفل بيمينه.

مسألة ٩١٩ : إذا اختلف صاحب السفل مع الجار في الغرفة الفوقانية المفتوح بابها إلى الجار من غير يد له عليها ولا بينة لأي منهما على دعواه كان القول قول صاحب السفل بيمينه.

مسألة ٩٢٠ : إذا خرجت أغصان شجرة إلى فضاء ملك الجار من غير استحقاق فله أن يطالب مالك الشجر بعطف الأغصان أو قطعها من حد ملكه ، وإن امتنع صاحبها يجوز للجار ـ بإذن الحاكم الشرعي ـ عطفها أو

٢٩١

قطعها ، ومع إمكان الأول لا يجوز الثاني.

مسألة٩٢١ : من حاز أرضاً عامرة بالأصالة كالغابات ونحوها كان أحق بها من غيره لولم يمنع عنه مانع شرعي ، وإذا كان مؤمناً لم يجب عليه دفع عوض أزاء استفادته منها.

مسألة ٩٢٢ : يعتبر في حصول الأولوية بالإحياء أن لا يسبق إليه سابق بالتحجير وإلا لزم الاستئذان منه ، فلو أحياه أحد من دون إذنه لم يحدث له حق فيه ويتحقق التحجير بكل ما يدل على إرادة الإحياء كوضع أحجار أو جمع تراب أو حفر أساس أو غرز خشب أو قصب أونحو ذلك في أطرافه وجوانبه.

مسألة ٩٢٣ : لابد من أن يكون التحجير مضافاً إلى دلالته على أصل إرادة الإحياء دالاً على مقدار ما يريد إحيائه ، فلو كان ذلك بوضع الأحجار مثلاً فلابد من أن يكون في جميع الجوانب حتى يدل على أن جميع ما أحاطت به العلامة يريد إحيائه ، نعم في مثل إحياء القناة الدارسة الخربة يكفي حفر بئر من آبارها فإنه يعد تحجيراً بالإضافة إلى بقية آبار القناة بل هو تحجير أيضاً بالإضافة إلى الأراضي الموات التي تسقى بمائها بعد جريانه فلا يجوز لغيره إحياؤها.

مسألة ٩٢٤ : لو حفر بئراً في الموات لإحداث قناة فيها فالظاهر أنه تحجير بالإضافة إلى أصل القناة وبالإضافة إلى الأراضي الموات التي يصل إليها ماؤها بعد تمامها وليس لغيره إحياء تلك الأراضي.

مسألة ٩٢٥ : التحجير ـ كما عرفت ـ يفيد حق الأولوية في الإحياء ، وهو قابل للنقل والانتقال فيجوز الصلح عنه ويورث ويقع ثمناً في البيع وأما جعله مثمناً فلا يخلو عن إشكال ، نعم يصح بيع ما تعلق به بما هو كذلك.

مسألة ٩٢٦ : يعتبر في كون التحجير مانعاً تمكن للمحجّر من القيام بعمارته وإحيائه فعلاً ولو بالتسبيب فإن لم يتمكن من إحياء ما حجره لمانع

٢٩٢

من الموانع كالفقر أو العجز عن تهيئة الأسباب المتوقف عليها الإحياء جاز لغيره إحياؤه.

مسألة ٩٢٧ : لو حجر زائداً على ما يقدر على إحيائه لا أثر لتحجيره بالإضافة إلى المقدار الزائد.

مسألة ٩٢٨ : لو حجر الموات من كان عاجزاً عن إحيائها ليس له نقلها إلى غيره بصلح أو هبة أو بيع أونحو ذلك.

مسألة ٩٢٩ : لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة بل يجوز أن يكون بالتوكيل والاستئجار ، وعليه فالحق الحاصل بسبب عملهما يكون للموكل والمستأجر لا للوكيل والأجير.

مسألة ٩٣٠ : إذا وقع التحجير من شخص نيابة عن غيره ثم أجاز النيابة فهل يثبت الحق للمنوب عنه أولا؟ وجهان ، لا يبعد عدم الثبوت.

مسألة ٩٣١ : إذا انمحت آثار التحجير قبل أن يقوم المحجر بالتعمير فإن كان من جهة إهمال المحجر بطل حقه وجاز لغيره إحياؤه وإذا لم يكن من جهة إهماله وتسامحه وكان زوالها بدون اختياره كما إذا أزالها عاصف ونحوه ففي بطلان حقه إشكال بل منع إلا إذا علم بالحال وتسامح في تجديد تحجيره.

مسألة ٩٣٢ : اللازم على المحجر أن يشتغل بالعمارة والإحياء عقيب التحجير فلو أهمل وترك الإحياء وطالت المدة ففي جواز إحيائه لغيره بدون إذنه إشكال ، فالأحوط أن يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي أو وكيله فيلزم المحجر بأحد أمرين إما الإحياء أو رفع اليد عنه ، نعم إذا أبدى عذراً مقبولاً يمهل بمقدار زوال عذره فإذا اشتغل بعده بالتعمير ونحو فهو وإلا بطل حقه وجاز لغيره إحياؤه ، وإذا لم يكن الحاكم أو وكيله موجوداً أولم يمكنه الإلزام فالظاهر سقوط حق المحجر إذا أهمل بمقدار يعد عرفاً تعطيلاً له والأحوط

٢٩٣

الأولى مراعاة حقه إلى ثلاث سنين.

مسألة ٩٣٣ : لا يعتبر في حصول حق الأولوية بالإحياء قصد حصوله ، بل يكفي قصد الإحياء والانتفاع به بنفسه أو بمن هو بمنزلته ، فلو حفر بئراً في مفازة بقصد أن يقضي منها حاجته كان أحق بها من غيره ، نعم لو ارتحل وأعرض عنها فالظاهر سقوط حقه فتكون مباحة للجميع.

مسألة ٩٣٤ : لابد في صدق إحياء الموات من العمل فيها إلى حد يصدق عليها أحد العناوين العامرة كالدار والبستان والمزرعة والحظيرة والبئر والقناة والنهر وما شاكل ذلك ، ولذلك يختلف ما اعتبر في الإحياء باختلاف العمارة فما اعتبر في إحياء البستان والمزرعة ونحوهما غير ما هو معتبر في إحياء الدار وما شاكلها ، وعليه فحصول الأولوية تابع لصدق أحد هذه العناوين ونحوها ويدور مداره وجوداً وعدماً وعند الشك في حصولها يحكم بعدمها.

مسألة ٩٣٥ : الإعراض عن الملك لا يوجب زوال ملكيته ، نعم إذا أباح تملكه للآخرين فسبق إليه من تملكه ملكه وإلا فهو يبقى على ملك مالكه فإذا مات فهو لوارثه ولا يجوز التصرف فيه إلا بإذنه أو إعراضه عنه.

٢٩٤

كتاب المشتركات

٢٩٥
٢٩٦

المراد بالمشتركات : الطرق والشوارع والمساجد والمدارس والربط وكذا المياه والمعادن على ما سيأتي.

مسألة ٩٣٦ : الطريق على قسمين : نافذ وغير نافذ ، أما الأول فهو الطريق المسمى بالشارع العام والناس فيه شرع سواء ، ولا يجوز التصرف لأحد في أرضه ببناء حائط أو حفر بئر أو شق نهر أو نصب دكة أو غرس أشجار ونحو ذلك وإن لم يكن مضراً بالمستطرقين ، نعم لا بأس بما يعد من مكملاته ومحسناته ومنها أن يشق فيه المجاري لتجتمع فيها مياه الأمطار ونحوها ، ومنها أن يجعل فيه حاويات الأزبال والنفايات ومنها غرس الأشجار ونصب المظلات وأعمدة الإنارة في الأماكن المناسبة منه كما هو المتعارف بالنسبة إلى جملة من الشوارع والطرق في العصر الحاضر ، فإن هذا كله مما لا بأس به إذا لم يكن مضراً بالمستطرقين.

مسألة ٩٣٧ : يجوز الاستفادة من فضاء الطرق النافذة والشوارع العامة بإحداث جناح أو نحوه إذا لم يكن مضراً بالمستطرقين بوجه ، وليس لأحد منعه حتى صاحب الدار المقابلة وإن استوعب الجناح عرض الطريق بحيث كان مانعاً عن إحداث جناح في مقابله ما لم يضع منه شيئاً على جداره ، نعم إذا استلزم الإشراف على دار الجار ففي جوازه إشكال وإن قيل بجواز مثله في تعلية البناء في ملكه فلا يترك الاحتياط.

مسألة ٩٣٨ : لو أحدث جناحاً على الشارع العام ثم انهدم أو هدم فإن كان من قصده تجديده ثانياً فالظاهر أنه لا يجوز للطرف الآخر إشغال ذلك الفضاء وإن لم يكن من قصده تجديده جاز له ذلك.

٢٩٧

مسألة ٩٣٩ : لو أحدث شخص جناحاً على الطريق العام فلا إشكال في أنه يجوز للطرف المقابل إحداث جناح آخر في طرفه سواء أكان أعلى من الجناح الأول أو أدنى منه أو موازياً له بشرط أن لا يكون مانعاً بوجه من استفادة الأول من جناحه كما هو الحال في الشوارع الوسيعة جداً.

وأما إذا كان مانعاً منها ولو بلحاظ إشغال الفضاء الذي يحتاج إليه صاحب الجناح الأول بحسب العادة ففي جواز إحداثه من دون إذنه إشكال بل منع.

مسألة ٩٤٠ : كما يجوز إحداث الأجنحة على الشوارع العامة يجوز فتح الأبواب المستجدة فيها سواء أكانت له باب أخرى أم لا وكذا فتح الشبابيك والروازن عليها ونصب الميزاب فيها وكذا بناء ساباط عليها إذا لم يكن معتمداً على حائط غيره مع عدم إذنه ولم يكن مضراً بالمارة ولو من جهة الظلام ، وإذا فرض أنه كما يضرهم من جهة ينفعهم من جهة كالوقاية من الحر والبرد فلابد من مراجعة ولي الأمر ليوازن بين الجهتين ويراعي ما هو الأصلح ، وكذا يجوز نقب سرداب تحت الجادة مع إحكام أساسه وبنيانه وسقفه بحيث يؤمن من الثقب والخسف والانهدام.

مسألة ٩٤١ : الطريق غير النافذ الذي لا يسلك منه إلى طريق آخر أو أرض مباحة لكونه محاطاً بالدور من جوانبه الثلاثة وهو المسمى بـ ( السكة المرفوعة ) و( الدريبة ) عائد لمستطرقيه وهم أرباب الدور التي أبوابها مفتوحة إليه ، دون كل من كان حائط داره إليه ، وهو مشترك بينهم في حق الاستطراق بمقدار ما يشتركون في استطراقه ، فيكون أوله مشتركاً بين جميعهم ويقل عدد الشركاء كلما قرب إلى آخره وربما ينحصر ذو الحق في واحد ، وهو فيما إذا اختص آخر الدريبة بفتح باب واحد إليه.

هذا إذا لم يعلم كون الدريبة عائدة لبعضهم بالخصوص أو عائدة

٢٩٨

للجميع على وجه التساوي أو التفاضل وإلا ترتبت أحكامه.

مسألة ٩٤٢ : لا يجوز لمن له باب في الدريبة فتح باب آخر فيها أدخل من الباب الأول سواء مع سد الباب الأول أم بدونه ، إلا مع الاستئذان في ذلك ممن له حق الاستطراق في المكان الثاني من أرباب الدور.

مسألة ٩٤٣ : لا يجوز لمن كان حائط داره إلى الدريبة إحداث جناح أو بناء ساباط أو نصب ميزاب أو نقب سرداب أو غير ذلك من التصرفات فيها إلا بإذن أربابها ، كما لا يجوز له فتح باب إليها للاستطراق إلا بإذنهم نعم له فتح ثقبة وشباك إليها ، وأما فتح باب لا للاستطراق بل لمجرد التهوية أو الاستضاءة فلا يخلو عن إشكال.

مسألة ٩٤٤ : يجوز لكل من أصحاب الدريبة استطراقها والجلوس فيها من غير مزاحمة المستطرقين وكذا التردد منها إلى داره بنفسه وعائلته وضيوفه وكل ما يتعلق بشؤونه من دون إذن باقي الشركاء وإن كان فيهم القصر ، ومن دون رعاية المساواة معهم.

مسألة ٩٤٥ : يجوز لكل أحد الانتفاع من الشوارع والطرق العامة كالجلوس أو النوم أو الصلاة أو البيع أو الشراء أونحو ذلك ما لم يكن مزاحماً للمستطرقين ، وليس لأحد منعه عن ذلك وإزعاجه.

مسألة ٩٤٦ : إذا جلس أحد في موضع من الطريق ثم قام عنه ، فإن كان جلوسه جلوس استراحة ونحوها جاز لغيره أن يشغل موضع جلوسه ، وإن كان لحرفة ونحوها فإن كان قيامه بعد استيفاء غرضه أو أنه لا ينوي العود كان الحال كذلك وليس للأول منعه ، وإن كان قيامه قبل استيفاء غرضه وكان ناوياً للعود فعندئذٍ إن بقي منه فيه متاع أو رحل أو بساط لم يجز لغيره إزاحته وإشغال ذلك الموضع وإلا ففي جوازه إشكال ، والاحتياط لا يترك فيما إذا كان في يوم واحد وأما إذا كان في يوم آخر فالظاهر إنه لا إشكال في جوازه.

٢٩٩

مسألة ٩٤٧ : كما لا يجوز مزاحمة الجالس في موضع جلوسه كذلك لا يجوز مزاحمته فيما حوله قدر ما يحتاج إليه لوضع متاعه ووقوف المعاملين فيه ، بل ليس لغيره أن يقعد حيث يمنع من رؤية متاعه أو وصول المعاملين إليه.

مسألة ٩٤٨ : يجوز للجالس للمعاملة أو نحوها أو يظلل على موضع جلوسه بما لا يضر بالمارة بثوب أو بارية أو نحوهما ، وليس له بناء دكة ونحوها فيه.

مسألة ٩٤٩ : يتحقق الشارع العام بأمور :

الأول : كثرة الاستطراق والتردد ومرور القوافل في الأرض الموات.

الثاني : جعل الإنسان ملكه شارعاً وتسبيله تسبيلاً دائمياً لسلوك عامة الناس ، فإنه يصير طريقاً وليس للمسبل الرجوع بعد ذلك.

الثالث : قيام شخص أو جهة بتخطيط طريق في الأرض الموات وتعبيده وجعله طريقاً لسلوك عامة الناس.

الرابع : إحياء جماعة أرضاً مواتاً وتركهم طريقاً نافذاً بين الدور والمساكن.

مسألة ٩٥٠ : لو كان الشارع العام واقعاً بين الأملاك فلا حد له ، كما إذا كانت قطعة أرض موات بين الأملاك عرضها ثلاثة أذرع أو أقل أو أكثر واستطرقها الناس حتى أصبحت جادة فلا يجب على الملاك توسيعها وإن تضيقت على المارة.

وكذا الحال فيما لو سبل شخص في وسط ملكه أو من طرف ملكه المجاور لملك غيره مقداراً لعبور الناس.

مسألة ٩٥١ : إذا كان الشارع العام محدوداً بالموات من أحد طرفيه أو كليهما وكان عرضه أقل من خمسة أذرع لم يجز إحياء الأراضي المتصلة به

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491