منهاج الصالحين ـ المعاملات الجزء ٢

منهاج الصالحين ـ المعاملات8%

منهاج الصالحين ـ المعاملات مؤلف:
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 491

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 491 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 80591 / تحميل: 4854
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين ـ المعاملات

منهاج الصالحين ـ المعاملات الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

وإن لم يكن من انتقل عنه قادراً على تسليمه فالظاهر صحة المعاملة كما لو باع العين المغصوبة وكان المشتري قادرا على أخذها من الغاصب فإنه يصح البيع ، كما يصح بيعها على الغاصب أيضاً وإن كان البائع لا يقدر على أخذها منه ثم دفعها إليه ، وأذا كان المبيع مما لا يستحق المشتري أخذه ، كما لو باع من ينعتق على المشتري صح ، وإن لم يقدر على تسليمه.

مسألة ١٠٧ : لو قطع بالقدرة على التسليم فباع فانكشف الخلاف بطل ، ولو قطع بالعجز عنه فانكشف الخلاف فالظاهر الصحة.

مسألة ١٠٨ : لو انتفت القدرة على التسليم في زمان استحقاقه ، لكن علم بحصولها بعده ، فإن كانت المدة يسيرة صح ، وأذا كانت طويلة لا يتسامح بها ، فإن كانت مضبوطة كسنة أو أكثر فالظاهر الصحة مع علم المشتري بها وكذا مع جهله بها ، لكن يثبت الخيار للمشتري ، وهكذا الحال ـ على الأقرب ـ فيما لو كانت المدة غير مضبوطة كما لو باعه دابة غائبة يعلم بحضورها لكن لا يعلم زمانه.

مسألة ١٠٩ : إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته ، وإن كان وكيلاً في إجراء الصيغة فقط فالاعتبار بقدرة المالك ، وإن كان وكيلاً في المعاملة كعامل المضاربة ، فالاعتبار بقدرته أوقدرة المالك فيكفي قدرة أحدهما على التسليم في صحة المعاملة ، فإذا لم يقدرا بطل البيع.

مسألة ١١٠ : يجوز بيع غير المقدور تسليمه مع الضميمة ، إذا كانت ذات قيمة معتد بها.

٤١

الفصل الرابع

الخيارات

الخيار حق يقتضي السلطنة على فسخ العقد برفع مضمونه وهو أقسام :

( الأول ) : خيار المجلس :

أي مجلس البيع فإنه إذا وقع البيع كان لكل من البائع والمشتري الخيار في المجلس ما لم يفترقا ، فإذا افترقا ـ عرفا ـ لزم البيع وإنتفى الخيار ولو كان المباشر للعقد الوكيلان في إجراء الصيغة لم يكن الخيار لهما بل لموكليهما بشرط اجتماعهما في مجلس العقد أو في مجلس آخر للمبايعة ، وأما مع عدم اجتماعهما فلا خيار لهما أيضا ، فليس لهما توكيل الوكيلين في الفسخ بعد أن لم يكن لهما حق في ذلك. وهكذا الحال لو اجتمع الوكيل في إجراء الصيغة ـ من دون حضور موكله ـ مع المالك ـ مثلاً ـ في الطرف الآخر فإنه لا يثبت الخيار لأي من الطرفين ، ولو تصدى العقد الوكيل المفوض من قبل المالك في تمام المعاملة وشؤونها ثبت الخيار له دون الموكل وإن كان حاضراً في مجلس العقد ، والمدار على اجتماع المتبايعين وأفتراقهما سواء أكانا هما المالكين أم غيرهما ، ولو فارقا المجلس مصطحبين بقي الخيار لهما حتى يفترقا ، ولو تصدى البيع شخص واحد وكالة عن المالكين أو ولاية عليهما ففي ثبوت الخيار إشكال بل الأظهر العدم.

مسألة ١١١ : هذا الخيار يختص بالبيع ولا يجري في غيره من المعاوضات.

مسألة ١١٢ : يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد ، كما يسقط

٤٢

بإسقاطه بعد العقد.

( الثاني ) : خيار الحيوان :

كل من اشترى حيواناً ثبت له الخيار ثلاثة أيام مبدؤها زمان العقد ، وأذا كان العقد في أثناء النهار لفق المنكسر من اليوم الرابع ، والليلتان المتوسطتان داخلتان في مدة الخيار ، وكذا الليلة الثالثة في صورة تلفيق المنكسر ، وأذا لم يفترق المتبايعان حتى مضت ثلاثة أيام سقط خيار الحيوان ، وبقي خيار المجلس للبائع دون المشتري على الأقوى.

مسألة ١١٣ : يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في متن العقد ، كما يسقط بإسقاطه بعده ، وبالتصرف في الحيوان تصرفاً يدل على إمضاء العقد وأختيار عدم الفسخ ، أو تصرفاً مغيراً له أما حقيقة ـ كنعلها أو أخذ حافرها أو جز صوفها ـ أو حكماً كتقبيل الجارية المشتراة أو لمسها.

مسألة ١١٤ : يثبت هذا الخيار للبائع أيضاً ، إذا كان الثمن حيواناً.

مسألة ١١٥ : يختص هذا الخيار أيضاً بالبيع ، ولا يثبت في غيره من المعاوضات.

مسألة ١١٦ : إذا تلف الحيوان قبل القبض أو بعده في مدة الخيار كان تلفه من مال البائع فيبطل البيع ، ويرجع المشتري عليه بالثمن إذا كان قد دفعه إليه.

مسألة ١١٧ : إذا طرأ عيب في الحيوان من غير تفريط من المشتري لم يمنع من الفسخ والرد ، وإن كان بتفريط منه سقط خياره.

( الثالث ) : خيار الشرط :

والمراد به : الخيار المجعول باشتراطه في العقد ، إما لكل من المتعاقدين أو لأحدهما بعينه ، أو لأجنبي.

مسألة ١١٨ : لا يتقدر هذا الخيار بمدة معينة ، بل يجوز اشتراطه في

٤٣

أي مدة كانت قصيرة أو طويلة ، متصلة أو منفصلة عن العقد ، نعم لابد من تعيين مبدأها وتقديرها بقدر معين ، ولو ما دام العمر ، فلا يجوز جعل الخيار مهملاً من حيث المدة ابتداءً وإنتهاءً والا بطل الشرط وصح العقد ، وأما جعله محدوداً بحد معين في الواقع مجهول عند المتعاقدين أو أحدهما ففي صحته وصحة العقد معه إشكال.

مسألة ١١٩ : إذا جعل الخيار شهراً كان الظاهر منه المتصل بالعقد وكذا الحكم في غير الشهر من السنة أو الأسبوع أو نحوهما ، وأذا جعل الخيار شهراً مردداً بين الشهور من غير تعين له في الواقع فالظاهر بطلان الشرط وصحة العقد.

مسألة ١٢٠ : لا يجوز اشتراط الخيار في الإيقاعات ، كالطلاق والإبراء ، ولا في العقود الجائزة ، كالوديعة والعارية ، ويجوز اشتراطه في العقود اللازمة عدا النكاح ، وفي جواز اشتراطه في الصدقة وفي الهبة اللازمة وفي الضمان إشكال ، وإن كان الأظهر الجواز في الثاني.

مسألة ١٢١ : يجوز اشتراط الخيار للبائع في مدة معينة متصلة بالعقد ، أو منفصلة عنه ، على نحو يكون له الخيار في حال رد الثمن بنفسه مع وجوده أو ببدله مع تلفه كأن يبيع الدار التي قيمتها مائة ألف دينار بثلاثين ألف دينار ويشترط لنفسه الخيار لو أرجع الثمن في المدة المحددة إلى المشتري ، ويسمى هذا بـ ( بيع الخيار ) وإنما يصح لو كان الطرفان قاصدين للبيع والشراء حقيقة ، فإذا مضت مدة الخيار لزم البيع وسقط الخيار وأمتنع الفسخ ، وأذا فسخ في المدة من دون رد الثمن أو بدله مع تلفه لا يصح الفسخ ، وكذا لو فسخ قبل المدة فلا يصح الفسخ إلا في المدة المعينة ، في حال رد الثمن أو رد بدله مع تلفه ، ثم إن الفسخ أما أن يكون بإنشاء مستقل في حال الرد ، مثل فسخت ونحوه ، أو يكون بنفس الرد ، على أن يكون إنشاء الفسخ بالفعل وهو

٤٤

الرد ، لا بقوله ( فسخت ) ونحوه.

مسألة ١٢٢ : المراد من رد الثمن إحضاره عند المشتري وتمكينه منه ، فلو أحضره كذلك جاز له الفسخ وإن امتنع المشتري من قبضه.

مسألة ١٢٣ : الظاهر أنه يجوز اشتراط الفسخ في تمام المبيع برد بعض الثمن ، كما يجوز اشتراط الفسخ في بعض المبيع بذلك.

مسألة ١٢٤ : إذا تعذر تمكين المشتري من الثمن لغيبة ، أو جنون ، أو نحوهما مما يرجع إلى قصور فيه فالظاهر أنه يكفي في صحة الفسخ تمكين وليه ، ولو كان الحاكم الشرعي أو وكيله ، فإذا مكنه من الثمن جاز له الفسخ ، هذا إذا جعل الخيار للبائع مشروطاً برد الثمن أو بدله إلى المشتري وأطلق ، وأما لو اشترط الرد إلى المشتري نفسه وأيصاله بيده فلا يتعدى منه إلى غيره.

مسألة ١٢٥ : نماء المبيع من زمان العقد إلى زمان الفسخ للمشتري ، كما أن نماء الثمن للبائع.

مسألة ١٢٦ : لا يجوز للمشتري فيما بين العقد إلى انتهاء مدة الخيار التصرف الناقل للمبيع من هبة أو بيع أو نحوهما ولو تصرف كذلك صح وإن كان آثماً ، وكذا لا يجوز له التصرف المتلف فيه ، ولو تلف كان ضمانه على المشتري ، ولا يسقط بذلك كله خيار البائع ، إلا إذا كان المقصود من الخيار المشروط خصوص الخيار في حال وجود العين بحيث يكون الفسخ موجباً لرجوعها لنفسها إلى البائع ، لكن الغالب الأول.

مسألة ١٢٧ : إذا كان الثمن المشروط رده ديناً في ذمة البائع كما إذا كان للمشتري دين في ذمة البائع فباعه بذلك الدين ، وأشترط الخيار مشروطاً برده بكون رده بإعطاء فرد منه وإن برأت ذمة البائع عما كان عليها بجعله ثمناً ، وأذا كان الثمن عيناً في يد البائع فالظاهر عدم ثبوت الخيار إلا في حال دفعها بعينها إلى المشتري ، نعم لو صرحا في شرطهما برد ما يعم بدلها مع عدم

٤٥

التمكن من رد العين أو كان ذلك مقتضى الإطلاق ـ كما إذا كان الثمن مما انحصر الانتفاع المتعارف منه بصرفه لا ببقائه كالنقود ـ كفى رد البدل أيضاً. وأذا كان الثمن كلياً في ذمة المشتري فدفع منه فرداً إلى البائع بعد وقوع البيع فالظاهر كفاية رد فرد آخر في صحة الفسخ ، إلا إذا صرح باشتراط كون المردود عين ذلك الفرد المقبوض.

مسألة ١٢٨ : لو اشترى الولي شيئاً للمولى عليه ببيع الخيار ، فارتفع حجره ـ قبل انقضاء المدة ـ كان الفسخ مشروطاً برد الثمن إليه ، ولا يكفي الرد إلى وليه ، ولو اشترى أحد الوليين كالأب ببيع الخيار جاز الفسخ بالرد إلى الولي الآخر كالجد ، إلا أن يكون المشروط الرد إلى خصوص الولي المباشر للشراء.

مسألة ١٢٩ : إذا مات البائع ـ قبل إعمال الخيار ـ انتقل الخيار إلى ورثته ، فلهم الفسخ بردهم الثمن إلى المشتري ، ويشتركون في المبيع على حساب سهامهم ، ولو امتنع بعضهم عن الفسخ لم يصح للبعض الآخر الفسخ ، لا في تمام المبيع ولا في بعضه ، ولو مات المشتري كان للبائع الفسخ برد الثمن إلى ورثته ، نعم لو جعل الشرط رد الثمن إلى المشتري بشخصه فالظاهر عدم قيام ورثته مقامه فيسقط هذا الخيار بموته.

مسألة ١٣٠ : يجوز اشتراط الخيار في الفسخ للمشتري برد المبيع إلى البائع ، والظاهر منه رد نفس العين ، فلا يكفي رد البدل حتى مع تلفها إلا أن تقوم قرينة على إرادة ما يعم رد البدل عند التلف ، كما يجوز أيضاً اشتراط الخيار لكل منهما عند رد ما انتقل إليه بنفسه أو ببدله عند تلفه.

مسألة ١٣١ : لا يجوز اشتراط الخيار في الفسخ برد البدل مع وجود العين ، بلا فرق بين رد الثمن ورد المثمن ، وفي جواز اشتراطه برد القيمة في المثلي ، أو المثل في القيمي مع التلف إشكال ، وإن كان الأظهر أيضاً

٤٦

العدم.

مسألة ١٣٢ : يسقط هذا الخيار ، بانقضاء المدة المجعولة له ، مع عدم الرد وبإسقاطه بعد العقد.

الرابع : خيار الغبن :

إذا باع بأقل من قيمة المثل ، ثبت له الخيار ، وكذا إذا اشترى بأكثر من قيمة المثل ، وتعتبر الأقلية والأكثرية مع ملاحظة ما انضم إليه من الشرط ، ولا يثبت هذا الخيار للمغبون ، إذا كان عالما بالحال أو مقدما على المعاملة من غير اكتراث بأن لا يكون ما انتقل إليه أقل قيمة مما انتقل عنه.

مسألة ١٣٣ : يشترط في ثبوت الخيار المغبون أن يكون التفاوت موجباً للغبن عرفاً ، بأن يكون مقداراً لا يتسامح به عند غالب الناس فلو كان جزئياً غير معتد به لقلته لم يوجب الخيار ، وحده بعضهم بالثلث وأخر بالربع وثالث بالخمس ، ولا يبعد اختلاف المعاملات في ذلك فالمعاملات التجارية المبنية على المماكسة الشديدة يكفي في صدق الغبن فيها العشر بل نصف العشر وأما المعاملات العادية ـ ولا سيما الأشياء اليسيرة ـ فقد لا يكفي فيها ذلك والمدار على ما عرفت من عدم المسامحة الغالبية.

مسألة ١٣٤ : الظاهر كون الخيار المذكور ثابتاً من حين العقد لا من حين ظهور الغبن فلو فسخ قبل ظهور الغبن صح فسخه مع ثبوت الغبن واقعاً.

مسألة ١٣٥ : ثبوت هذا الخيار إنما هو بمناط الشرط الارتكازي في العرف العام ، فلو فرض كون المرتكز في عرف خاص ـ في بعض أنحاء المعاملات أو مطلقا ـ هو اشتراط حق استرداد ما به التفاوت وعلى تقدير عدمه ثبوت الخيار يكون هذا المرتكز الخاص هو المتبع في مورده ، وأما في غيره فالمتبع هو المرتكز العام من ثبوت حق الفسخ ابتداءً فليس للمغبون

٤٧

مطالبة الغابن بالتفاوت وترك الفسخ ، ولو بذل له الغابن التفاوت لم يجب عليه القبول بل يتخير بين فسخ البيع من أصله وأمضائه بتمام الثمن المسمى ، نعم لو تصالحا على إسقاط الخيار بمال صح الصلح وسقط الخيار ووجب على الغابن دفع عوض المصالحة.

مسألة ١٣٦ : يسقط الخيار المذكور بأمور :

الأول : إسقاطه بعد العقد وإن كان قبل ظهور الغبن ، ولو أسقطه بزعم كون التفاوت فاحشاً فتبين كونه أفحش ، فإن كان الإسقاط معلقاً ـ لباً ـ على كون التفاوت فاحشاً كما لعله الغالب بطل الإسقاط ، وإن لم يكن معلقاً عليه بل كان هو من قبيل الداعي له صح ، وكذا الحال لو صالحه عليه بمال.

الثاني : اشتراط سقوطه في متن العقد ، وأذا اشترط سقوطه بزعم كونه فاحشاً فتبين أنه أفحش جرى فيه التفصيل السابق.

الثالث : تصرف المغبون ـ بائعاً كان أو مشترياً فيما انتقل إليه ـ تصرفاً يدل على الالتزام بالعقد ، هذا إذا كان بعد العلم بالغبن ، أما لو كان قبله فالمشهور عدم السقوط به ولا يخلو من تأمل ، بل البناء على السقوط به ـ لو كان دالاً على الالتزام بالعقد ـ لا يخلو من وجه ، نعم إذا لم يدل على ذلك كما هو الغالب في التصرف حال الجهل بالغبن فلا يسقط الخيار به ولو كان متلفاً للعين أو مخرجاً لها عن الملك أو مانعاً عن الاسترداد كاستيلاد الجارية.

مسألة ١٣٧ : إذا ظهر الغبن للبائع المغبون ففسخ البيع فإن كان المبيع موجوداً عند المشتري استرده منه ، وإن كان تالفاً بفعله أو بغير فعله رجع بمثله ، إن كان مثلياً ، وبقيمته إن كان قيمياً ، وإن وجده معيباً بفعله أو بغير فعله أخذه مع أرش العيب ، وإن وجده خارجاً عن ملك المشتري بأن نقله إلى غيره بعقد لازم كالبيع والهبة المعوضة أو لذي الرحم ، فالظاهر أنه

٤٨

بحكم التالف فيرجع عليه بالمثل أو القيمة وليس له إلزام المشتري بإرجاع العين بشرائها أو استيهابها ، بل لا يبعد ذلك لو نقلها بعقد جائز كالهبة والبيع بخيار فلا يجب عليه الفسخ وأرجاع العين ، بل لو اتفق رجوع العين إليه بإقالة أو شراء أو ميراث أو غير ذلك بعد دفع البدل من المثل أو القيمة لم يجب عليه دفعها إلى المغبون ، نعم لو كان رجوع العين إليه قبل دفع البدل وجب إرجاعها إليه وأولى منه في ذلك لو كان رجوعها إليه قبل فسخ المغبون ، بلا فرق بين أن يكون الرجوع بفسخ العقد السابق وإن يكون بعقد جديد ، فإنه يجب عليه دفع العين نفسها إلى الفاسخ المغبون ولا يجتزي بدفع البدل من المثل أو القيمة ، وأذا كانت العين باقية عند المشتري حين فسخ البائع المغبون لكنه قد نقل منفعتها إلى غيره بعقد لازم كالإجارة اللازمة أو جائز كالإجارة المشروط فيها الخيار لم يجب عليه الفسخ أو الاستقالة مع إمكانها ، بل يدفع العين وأرش النقصان الحاصل بكون العين مسلوبة المنفعة مدة الإجارة.

مسألة ١٣٨ : إذ فسخ البائع المغبون وكان المشتري قد تصرف في المبيع تصرفاً مغيراً له فإما أن يكون بالنقيصة أو بالزيادة أو بالامتزاج بغيره فإن كان بالنقيصة أخذ البائع من المشتري المبيع وبدل التالف بالإضافة إلى أرش النقيصة الحاصلة من زوال الهيئة الاجتماعية إذا كان لها دخل في زيادة القيمة وكان التالف قيمياً أو مثلياً متعذراً بحيث لا يتدارك تمام النقص بدفع قيمة التالف فقط. وإن كان بالزيادة فإما أن تكون الزيادة صفة محضة كطحن الحنطة وصياغة الفضة وقصارة الثوب ، وأما أن تكون صفة مشوبة بالعين كصبغ الثوب ، وأما أن تكون عيناً غير قابلة للفصل كسمن الحيوان ونمو الشجرة أو قابلة للفصل كالثمرة والبناء والغرس والزرع. فإن كانت صفة محضة أو صفة مشوبة بالعين ، فإن لم توجب زيادة قيمة العين فالمبيع للبائع

٤٩

ولا شيء للمشتري ، والا فالأقوى شركة الغابن مع المغبون في المالية الثابتة للمبيع بلحاظ تلك الصفة الكمالية بلا فرق في ذلك بين أن يكون وجود تلك الصفة بفعل الغابن أولا ، كما إذا اشترى منه عصا عوجاء فاعتدلت ، أو خلا قليل الحموضة فزادت حموضة ، وهكذا الحال فيما إذا كانت الزيادة عينية غير قابلة للانفصال كسمن الحيوان ونمو الشجرة. وأما ان كانت قابلة للانفصال كالصوف واللبن والشعر والثمر والبناء والزرع كانت الزيادة للمشتري ، وحينئذ فإن لم يلزم من فصل الزيادة حال الفسخ ضرر على المشتري كان للبائع إلزام المشتري بفصلها حينه كاللبن والثمر ، بل له ذلك وإن لزم الضرر على المشتري من فصلها ولكن يحتمل حينئذ أن يكون ضامناً للضرر الوارد على المشتري خصوصاً فيما إذا كان ـ أي المشتري ـ جاهلاً بالغبن فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك ، وأذا أراد المشتري فصل الزيادة فليس للبائع منعه عنه ، وأذا أراد المشتري فصلها بقلع الشجرة أو الزرع أو هدم البناء فحدث من ذلك نقص على الأرض تداركه ، فعليه طم الحفر وتسوية الأرض ونحو ذلك ، وإن كان بالامتزاج فإن كان بغير جنسه وعد المبيع مستهلكاً فيه عرفاً كامتزاج ماء الورد المبيع بالماء ضمنه المشتري ببدله من المثل أو القيمة ، والا فإن عد الموجود طبيعة ثالثة للتفاعل بين الممتزجين مثلاً كالسكنجبين المصنوع من الخل والسكر ، فحكمه الشركة من المزيج بنسبة المالية. وإن لم يكن كذلك بأن عد الموجود خليطاً من موجودات متعددة لا يمكن إفراز بعضها عن بعض إلا بكلفة بالغة كمزج طن من حب الحنطة بطن من حب الشعير فلو فسخ البائع فليس له إلزام المشتري بالإفراز أو بدفع بدل ماله بل يتصالحان بوجه لا يستلزم الربا. وهكذا الحال في الامتزاج بالجنس إذا لم يعد الموجود شيئاً واحداً كخلط حب الحنطة بحب الحنطة سواءأكان الخلط بمثله أو كان بالأجود أو بالأردأ ، وأما إذا عد شيئاً

٥٠

واحداً كخلط دقيق الحنطة بدقيق الحنطة أو خلط السمن بالسمن فلا يبعد في مثله الحكم بالشركة في العين بنسبة المالية.

مسألة ١٣٩ : إذا فسخ المشتري المغبون وكان قد تصرف في المبيع تصرفاً غير مسقط لخياره لجهله بالغبن على ما تقدم ، فتصرفه أيضاً تارة لا يكون مغيراً للعين وأخرى يكون مغيراً لها بالنقيصة أو الزيادة أو بالمزج. وتأتي فيه الصور المتقدمة وتجري عليه أحكامها ، وهكذا لو فسخ المشتري المغبون وكان البائع قد تصرف في الثمن أو فسخ البائع المغبون وكان هوقد تصرف في الثمن تصرفا غير مسقط لخياره فإن حكم تلف العين ونقل المنفعة ونقص العين وزيادتها ومزجها بغيرها وحكم سائر الصور التي ذكرناها هناك جار هنا على نهج واحد.

مسألة ١٤٠ : الظاهر اعتبار الفورية العرفية في خيار الغبن ، بمعنى عدم التأخير في الفسخ أزيد مما هو متعارف فيه حسب اختلاف الموارد ، فلو أخره لانتظار حضور الغابن أو حضور من يستشيره في الفسخ وعدمه ونحو ذلك فإن لم يعد عرفاً توانياً ومماطلة في أعمال الخيار لم يسقط خياره والا سقط ، والعبرة بالفورية من زمن حصول العلم بثبوت الغبن وثبوت الخيار للمغبون فلو كان جاهلاً بالغبن أو بثبوت الخيار للمغبون أو غافلاً عنه أو ناسياً له جاز له الفسخ متى علم أو التفت مع مراعاة الفورية العرفية.

مسألة ١٤١ : إذا كان مغبوناً حين العقد بأن اشترى بأكثر من قيمة المثل أو باع بالأقل منها ثم ارتفع الغبن قبل أن يفسخ بأن نقصت القيمة أو زادت ففي بقاء خياره إشكال.

مسألة ١٤٢ : الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاملة لا تبتني على السماح وأغتفار الزيادة والنقيصة كالإجارة ونحوها ، وأما غيرها كالصلح في موارد قطع النزاع والخصومات فلا يثبت فيها خيار الغبن.

٥١

مسألة ١٤٣ : إذا باع أو اشترى شيئين بثمنين صفقة واحدة أي بشرط الاجتماع وكان مغبوناً في أحدهما دون الآخر لم يكن له التبعيض في الفسخ بل عليه أما فسخ البيع بالنسبة إلى الجميع أو الرضا به كذلك.

مسألة ١٤٤ : إذا تلف ما في يد الغابن بفعله أو بأمر سماوي وكان قيمياً ففسخ المغبون رجع عليه بقيمة التالف ، وفي كونها قيمة زمان التلف أو زمان الفسخ أو زمان الأداء وجوه أقواها الأول ، ولو كان التلف بإتلاف المغبون لم يرجع عليه بشيء ، ولو كان بإتلاف أجنبي ففي رجوع المغبون بعد الفسخ على الغابن أو على الأجنبي أو يتخير في الرجوع على أحدهما وجوه أقواها الأول ، ويرجع الغابن على الأجنبي ، وكذا الحكم لو تلف ما في يد المغبون ففسخ بعد التلف فإنه إن كان التلف بفعل الغابن لم يرجع على المغبون بشيء ، وإن كان بآفة سماوية أو بفعل المغبون أو بفعل أجنبي رجع على المغبون بقيمة يوم التلف ورجع المغبون على الأجنبي إن كان هو المتلف وحكم تلف الوصف الموجب للأرش حكم تلف العين.

الخامس : خيار التأخير :

إطلاق العقد يقتضي أن يكون تسليم كل من العوضين فعلياً فلو امتنع أحد الطرفين عنه أجبر عليه فإن لم يسلم كان للطرف الآخر فسخ العقد بل لا يبعد جواز الفسخ عند الامتناع قبل الإجبار أيضاً ، ولا يختصر هذا الخيار بالبيع بل يجري في كل معاوضة ويختص البيع بخيار وهو المسمى بخيار التأخير ، ويتحقق فيما إذا باع سلعة ولم يقبض الثمن ولم يسلم المبيع حتى يجيء المشتري بالثمن فإنه يلزم البيع ثلاثة أيام فإن جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة والا فللبائع فسخ البيع ، ولو تلفت السلعة كانت من مال البائع سواء أكان التلف في الثلاثة أم بعدها ، حال ثبوت الخيار وبعد سقوطه.

٥٢

مسألة ١٤٥ : مورد هذا الحكم ما إذا أمهل البائع المشتري في تأخير تسليم الثمن من غير تعيين مدة الإمهال صريحاً أو ضمناً بمقتضى العرف والعادة ، وأما أن لم يمهله أصلاً فله حق فسخ العقد بمجرد تأخير المشتري في تسليم الثمن ، وإن أمهله مدة معينة أو اشترط المشتري عليه ذلك في ضمن العقد لم يكن له الفسخ خلالها سواء أكانت أقل من ثلاثة أيام أم أزيد ويجوز له بعدها.

مسألة ١٤٦ : إذا كان المبيع مما يتسرع إليه الفساد كبعض الخضر والبقول والفواكه فالإمهال فيه محدود طبعاً بأقل من ثلاثة أيام فيثبت الخيار للبائع بمضي زمانه ، فإذا فسخ جاز له أن يتصرف في المبيع كيف يشاء ، ويختص هذا الحكم بالمبيع الشخصي.

مسألة ١٤٧ : الظاهر أن قبض بعض الثمن كلا قبض ، وكذا قبض بعض المبيع.

مسألة ١٤٨ : المراد بالثلاثة الأيام : الأيام البيض وتدخل فيها الليلتان المتوسطتان دون غيرهما ويجزي في اليوم الواحد أن يكون ملفقاً من يومين كما تقدم في مدة خيار الحيوان.

مسألة ١٤٩ : لا إشكال في ثبوت الحكم المذكور فيما لو كان المبيع شخصياً ، وفي ثبوته فيما إذا كان كلياً في الذمة قولان ، لا يخلو أولهما عن رجحان ، وإن كان الأحوط عدم الفسخ بعد الثلاثة إلا برضى الطرفين.

مسألة ١٥٠ : يسقط هذا الخيار بإسقاطه بعد الثلاثة ، وفي سقوطه بإسقاطه قبلها ، وباشتراط سقوطه في ضمن العقد إشكال ، والأظهر السقوط ، والظاهر عدم سقوطه ببذل المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع ولا بمطالبة البائع للمشتري بالثمن ، نعم الظاهر سقوطه بأخذه الثمن منه بعنوان الجري على المعاملة لا بعنوان العارية أو الوديعة ، ويكفي ظهور الفعل في

٥٣

ذلك ولو بواسطة بعض القرائن.

مسألة ١٥١ : في كون هذا الخيار على الفور أو التراخي قولان ، أقواهما الثاني.

السادس : خيار الرؤية :

و يتحقق فيما إذا اعتقد المشتري وجدان العين الغائبة حين البيع لبعض الأوصاف ـ أما لإخبار البائع أو اعتماداً على رؤية سابقة ـ ثم ينكشف أنها غير واجدة لها ، فإن للمشتري الخيار بين الفسخ والإمضاء.

مسألة ١٥٢ : لا فرق في الوصف الذي كون تخلفه موجباً للخيار بين وصف الكمال الذي تزيد به المالية لعموم الرغبة فيه وغيره إذا اتفق تعلق غرض للمشتري به ، سواء أكان على خلاف الرغبة العامة مثل كون العبد أمياً لا كاتباً ولا قارئاً أم كان مرغوباً فيه عند قوم ومرغوباً عنه عند قوم آخرين ، مثل اشتراط كون القماش أصفر لا أسود.

مسألة ١٥٣ : الخيار هنا بين الفسخ والرد وبين ترك الفسخ وأمساك العين مجاناً ، وليس لذي الخيار المطالبة بالأرش لو ترك الفسخ ، كما أنه لا يسقط الخيار ببذل البائع الأرش ولا بإبدال العين بعين أخرى واجدة للوصف ، نعم لو كان للوصف المفقود دخل في الصحة توجه أخذ الأرش لكن لأجل العيب لا لأجل تخلف الوصف.

مسألة ١٥٤ : كما يثبت خيار الرؤية للمشتري عند تخلف الوصف في المبيع كذلك يثبت للبائع عند تخلف الوصف في الثمن الغائب حين البيع ، بأن اعتقد وجدانه للوصف أما لإخبار المشتري أو اعتماداً على رؤية سابقة ثم ينكشف أنه غير واجد له فإن له الخيار بين الفسخ والإمضاء ، وكذا يثبت الخيار للبائع الغائب حين البيع عند تخلف الوصف إذا باعه باعتقاد أنه على ما رآه سابقاً فتبين خلافه أو باعه بوصف غيره فانكشف خلافه.

٥٤

مسألة ١٥٥ : الظاهر اعتبار الفورية العرفية في هذا الخيار.

مسألة ١٥٦ : يسقط هذا الخيار بإسقاطه بعد الرؤية بل قبلها ، وبالتصرف بعد الرؤية إذا كان دالاً على الالتزام بالعقد وكذا قبل الرؤية إذا كان كذلك ، وفي جواز اشتراط سقوطه في ضمن العقد وجهان ، أقواهما ذلك فيسقط به.

مسألة ١٥٧ : مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية ولا يجري في بيع الكلي ، فلو باع كلياً موصوفاً ودفع إلى المشتري فرداً فاقداً للوصف لم يكن للمشتري الخيار وإنما له المطالبة بالفرد الواجد للوصف ، نعم لو كان المبيع كلياً في المعين كما لو باعه صاعاً من هذه الصبرة الجيدة فتبين الخلاف كان له الخيار.

السابع : خيار العيب.

وهو فيما لو اشترى شيئاً فوجد فيه عيباً فإن له الخيار بين الفسخ برد المعيب وأمضاء البيع ، فإن لم يمكن الرد جاز له الإمساك والمطالبة بالأرش ، ولا فرق في ذلك بين المشتري والبائع ، فلو وجد البائع عيباً في الثمن كان له الخيار المذكور.

مسألة ١٥٨ : يسقط هذا الخيار بالالتزام بالعقد ، بمعنى اختيار عدم الفسخ ، ومنه التصرف في المعيب تصرفاً يدل على اختيار عدم الفسخ.

مسألة ١٥٩ : تجوز المطالبة بالأرش دون الفسخ في موارد :

الأول : تلف العين.

الثاني : خروجها عن الملك ببيع أو هبة أونحو ذلك.

الثالث : التصرف الخارجي في العين الموجب لتغيير العين مثل تفصيل الثوب وصبغه وخياطته ونحوها.

الرابع : التصرف الاعتباري إذا كان كذلك مثل إجارة العين ورهنها.

٥٥

الخامس : حدوث عيب فيه بعد قبضه من البائع ففي جميع هذه الموارد ليس له فسخ العقد برده نعم يثبت له الأرش إن طالبه.

نعم إذا كان حدوث عيب آخر في زمان خيار آخر للمشتري كخيار الحيوان مثلاً جاز رده.

مسألة ١٦٠ : يسقط الأرش فيما لو كان العيب لا يوجب نقصاً في المالية كالخصاء في العبيد إذا اتفق تعلق غرض نوعي به بحيث صارت قيمة الخصي تساوي قيمة الفحل ، وأذا اشترى ربوياً بجنسه فظهر عيب في أحدهما ، قيل لا أرش حذراً من الربا ، ولا يخلو عن وجه فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.

مسألة ١٦١ : يسقط الرد والأرش بأمرين :

الأول : العلم بالعيب قبل العقد.

الثاني : تبرؤ البائع من العيوب بمعنى اشتراط عدم رجوع المشتري عليه بالثمن أو الأرش ، ولو تبرأ من عيب خاص فظهر فيه عيب آخر فللمشتري الفسخ به وأذا لم يتمكن من الرد أخذ الأرش على ما تقدم.

مسألة ١٦٢ : الظاهر اعتبار الفورية العرفية في هذا الخيار أيضاً بمعنى عدم التأخير في الفسخ أزيد مما يتعارف فيه حسب اختلاف الموارد ، ولا يعتبر في نفوذه حضور من عليه الخيار.

مسألة ١٦٣ : المراد من العيب ما كان على خلاف الجري الطبيعي أو الخلقة الأصلية سواء أكان نقصاً مثل العور والعمى والصمم والخرس والعرج ونحوها أم زيادة مثل الإصبع الزائد واليد الزائدة ، أما ما لم يكن على خلاف الجري الطبيعي والخلقة الأصلية لكنه كان عيباً أيضاً في العرف مثل كون الأرض مورداً لنزول العساكر ففي كونه عيباً بحيث يثبت الأرش إشكال وإن كان الثبوت هو الأظهر.

مسألة ١٦٤ : إذا كان العيب موجوداً في أغلب أفراد ذلك الصنف مثل

٥٦

الثيبوية في الكبيرة من الإماء ، فالظاهر عدم جريان حكم العيب عليه.

مسألة ١٦٥ : لا يشترط في العيب أن يكون موجباً لنقص المالية ، بل ربما يوجب ازديادها كما إذا اشترى دابة فوجدها ذا رأسين فإنه قد يبذل بإزائها مال كثير من قبل بعض المهتمين بحفظ أمثالها من عجائب المخلوقات ولكنه على كل حال عيب يحق للمشتري أن يفسخ البيع به وإن لم يثبت الأرش.

مسألة ١٦٦ : كما يثبت الخيار بالعيب الموجود حال العقد كذلك يثبت بالعيب الحادث بعده قبل القبض فيجوز رد العين به ، وفي جواز أخذ الأرش به إذا لم يتمكن من الإرجاع قولان أظهرهما : الجواز إذا لم يكن العيب بفعل المشتري والا فلا خيار له.

مسألة ١٦٧ : كيفية أخذ الأرش أن يقوم المبيع صحيحاً ثم يقوم معيباً وتلاحظ النسبة بينهما ثم ينقص من الثمن المسمى بتلك النسبة فإذا قوم صحيحاً بثمانية ومعيباً بأربعة وكان الثمن أربعة ينقص من الثمن النصف وهو اثنان وهكذا ، ويرجع في معرفة قيمة الصحيح والمعيب إلى أهل الخبرة وتعتبر فيهم الوثاقة.

مسألة ١٦٨ : إذا اختلف أهل الخبرة في قيمة الصحيح والمعيب فإن اتفقت النسبة بين قيمتي الصحيح والمعيب على تقويم بعضهم مع النسبة بينهما على تقويم البعض الآخر فلا إشكال ، كما إذا قوم بعضهم الصحيح بثمانية والمعيب بأربعة وبعضهم الصحيح بستة والمعيب بثلاثة فإن التفاوت على كل من التقويمين يكون بالنصف فيكون الأرش نصف الثمن ، وأذا اختلفت النسبة كما إذا قوم بعضهم الصحيح بثمانية والمعيب بأربعة وبعضهم الصحيح بعشرة والمعيب بستة ففيه وجوه وأقوال ، والصحيح منها ـ مع تقارب المقومين في الخبرة والاطلاع ـ أن يؤخذ من القيمتين للصحيح ـ كما في المثال ـ النصف ، ومن الثلاث الثلث ، ومن الأربع الربع وهكذا في

٥٧

المعيب ، ثم تلاحظ النسبة بين المأخوذ للصحيح وبين المأخوذ للمعيب وتؤخذ بتلك النسبة وهي في المثال ٥ / ٩ فيكون الأرش ٤ / ٩ من الثمن المسمى.

مسألة ١٦٩ : إذا اشترى شيئين صفقة واحدة أي بشرط الاجتماع فظهر عيب في أحدهما كان له الخيار في رد المعيب وحده ، كما له الخيار في ردهما معاً ، ولكن إذا اختار رد المعيب فقط كان للبائع الفسخ في الصحيح أيضاً.

مسألة ١٧٠ : إذا اشترك شخصان في شراء شيء فوجداه معيباً جاز لأحدهما الفسخ في حصته ويثبت الخيار للبائع حينئذ على تقدير فسخه.

مسألة ١٧١ : لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري ففي بقاء الخيار إشكال.

تذنيب في بعض أحكام الشرط :

مسألة ١٧٢ : كما يجب الوفاء بالعقد اللازم يجب الوفاء بالشرط المجعول فيه بل يجب الوفاء بالشرط المجعول في العقد الجائز ما دام العقد باقياً ، فإذا باع فرساً بثمن معين وأشترط على المشتري أن يخيط له ثوبه استحق على المشتري الخياطة بالشرط ، فتجب عليه خياطة ثوب البائع ، وكذا لو أعاره كتاباً لمدة شهر مثلاً وأشترط عليه أن يقرأ الفاتحة لروح والده في كل يوم منه لزمه العمل بالشرط وقراءة الفاتحة في كل يوم ما لم يرجع العارية.

و يشترط في وجوب الوفاء بالشرط أمور :

منها : أن لا يكون مخالفاً للكتاب والسنة بأن لا يكون محللاً لحرام أو محرماً لحلال ، والمراد بالأول ما يشمل ارتكاب محرم كأن يشرب الخمر ، أو ترك واجب كأن يفطر في شهر رمضان ، أو الإخلال بشرط وجودي أو عدمي

٥٨

في متعلقات الأحكام أو موضوعاتها كأن يأتي بالصلاة في أجزاء السباع أوينكح نكاح الشغار أو يطلق زوجته طلاقاً بدعياً ، ومنه اشتراط وقوع أمر على نحو شرط النتيجة في مورد عدم جوازه كاشتراط أن يكون زوجته مطلقة أوإن لا يرث منه ورثته أو بعضهم وأمثال ذلك ، والمراد بالثاني تحريم ما حل عنه عقدة الحظر في الكتاب والسنة مما كان محظوراً في الشرائع السابقة أو العادات المنحرفة فيكون الشرط مقتضياً لإحياء ذلك الحكم المنسوخ كاشتراط عدم أكل البحيرة أو السائبة ونحوهما ، وبعبارة جامعة يعتبر في الشرط أن لا يكون هدماً لما بناه الإسلام تشريعاً ولا بناءً لما هدمه الإسلام كذلك.

ومنها : أن لا يكون منافياً لمقتضى العقد كما إذا باعه بشرط أن لا يكون له ثمن أو آجره الدار بشرط أن لا تكون لها أجرة.

ومنها : أن يكون مذكوراً في ضمن العقد صريحاً أو ضمناً كما إذا قامت القرينة على كون العقد مبنياً عليه ومقيداً به إما لذكره قبل العقد أو لأجل التفاهم العرفي مثل اشتراط التسليم حال استحقاق التسليم ، فلو ذكر قبل العقد ولم يكن العقد مبنياً عليه عمداً أو سهواً لم يجب الوفاء به.

ومنها : أن يكون متعلق الشرط محتمل الحصول عند العقد ، فلو كانا عالمين بعدم التمكن منه كأن كان عملاً ممتنعاً في حد ذاته أولا يتمكن المشروط عليه من إنجازه بطل ولا يترتب على تخلفه الخيار ، وأما لو اعتقد التمكن منه ثم بان العجز عنه من أول الأمر أو تجدد العجز بعد العقد صح الشرط وثبت الخيار للمشروط له ، وكذا الحال لو اعتقد المشروط عليه التمكن منه دون المشروط له ثم بان العجز ، وأما لو اعتقد المشروط عليه العجز والمشروط له التمكن ففي صحته وترتب الأثر عليه إشكال.

ومنها : أن لا يكون متعلق الشرط أمراً مهملاً لا تحديد له في الواقع كاشتراط الخيار له مدة مهملة فإن في مثله يلغو الشرط ويصح البيع كما مر في

٥٩

شرط الخيار ، وأما إذا كان متعلق الشرط متعيناً في الواقع وإن لم يكن معلوماً لدى الطرفين أو أحدهما فإن استتبع ذلك جهالة أحد العوضين كما لو باع كلياً في الذمة بشرط أن يكون واجداً للأوصاف المسجلة في القائمة الكذائية الغائبة حين البيع بطل البيع والشرط معاً ، والا كما إذا باعه وأشترط أن يصلي عما فات من والده ولم يعينه وكان مردداً بين صلاة سنة وسنتين مثلاً ففي صحة كل من البيع والشرط إشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في مثله.

مسألة ١٧٣ : لا بأس بأن يبيع ماله ويشترط على المشتري بيعه منه ثانياً ولو بعد حين ، نعم لا يجوز ذلك فيما إذا باعه نسيئة وأشترط على المشتري أن يبيعه نقداً بأقل مما اشتراه ، أو يشترط المشتري على البائع بأن يشتريه نسيئة بأكثر مما باعه نقداً ، والبيع في هذين الفرضين محكوم بالبطلان.

مسألة ١٧٤ : لا يعتبر في صحة الشرط أن يكون منجزاً بل يجوز فيه التعليق كما إذا باع داره وشرط على المشتري أن يكون له السكنى فيها شهراً إذا لم يسافر ، أو باعه العين الشخصية بشرط أن تكون ذات صفة كذائية ، فإن مرجعه إلى اشتراط الخيار لنفسه على تقدير التخلف ولا إشكال فيه.

مسألة ١٧٥ : الظاهر أن فساد الشرط لا يسري إلى العقد المشروط فيه ـ فيصح العقد ويلغو الشرط ـ إلا إذا أوجب فقدان بعض شرائطه كما مر.

مسألة ١٧٦ : إذا امتنع المشروط عليه من فعل الشرط جاز للمشروط له إجباره عليه ولو باللجوء إلى الحاكم أياً كان ، والظاهر أن خياره غير مشروط بتعذر إجباره على العمل بالشرط بل له الخيار عند مخالفته وعدم إتيانه بما اشترط عليه حتى مع التمكن من الإجبار.

مسألة ١٧٧ : إذا لم يتمكن المشروط عليه من فعل الشرط كان للمشروط له الخيار في الفسخ وليس له المطالبة بقيمة الشرط سواء كان عدم

٦٠

التمكن لقصور فيه كما لو اشترط عليه صوم يوم فمرض فيه أو كان لفوات موضوع الشرط كما لو اشترط عليه خياطة ثوب فتلف الثوب ، وفي الجميع له الخيار لا غير.

٦١

الفصل الخامس

أحكام الخيار

مسألة 178 : الخيار حق من الحقوق فإذا مات من له الخيار انتقل إلى وارثه ، ويحرم منه من يحرم من أرث المال بالقتل أو الكفر أو الرق ويحجب عنه ما يحجب عن أرث المال ، ولو كان العقد الذي فيه الخيار متعلقاً بمال يحرم منه الوارث كالحبوة المختصة بالذكر الأكبر والأرض التي لا ترث منها الزوجة ففي حرمان ذلك الوارث من أرث الخيار وعدمه أقوال ، أقربها عدم حرمانه ، والخيار لجميع الورثة ، فلو باع الميت أرضاً وكان له الخيار أو كان قد اشترى أرضاً وكان له الخيار ورثت منه الزوجة كغيرها من الورثة.

مسألة 179 : إذا تعدد الوارث للخيار فالظاهر أنه لا أثر لفسخ بعضهم بدون انضمام الباقين إليه في تمام المبيع ولا في حصته إلا إذا رضي من عليه الخيار فيصح في حصته.

مسألة 180 : إذا فسخ الورثة بيع مورثهم فإن كان عين الثمن موجوداً دفعوه إلى المشتري وإن كان تالفاً أو بحكمه أخرج من تركة الميت كسائر ديونه.

مسألة 181 : لو كان الخيار لأجنبي عن العقد فمات فإن كان المقصود من جعل الخيار له مباشرته للفسخ أو كونه بنظره لم ينتقل إلى وارثه ، وإن جعل مطلقاً انتقل إلى الوارث.

مسألة 182 : إذا تلف المبيع في زمان الخيار في بيع الحيوان فهو من مال البائع ، وكذا إذا تلف قبل انتهاء مدة الخيار في خيار الشرط إذا كان الخيار للمشتري ، أما إذا كان للبائع أو تلف في زمان خيار المجلس بعد القبض فالأظهر أنه من مال المشتري.

٦٢

الفصل السادس

ما يدخل في المبيع

مسألة 183 : من باع شيئاً دخل في المبيع ما يقصد المتعاملان دخوله فيه دون غيره ، ويعرف قصدهما بما يدل عليه لفظ المبيع وضعاً أو بالقرينة العامة أو الخاصة ، فمن باع بستاناً دخل فيه الأرض والشجر والنخل والطوف والبئر والناعور والحضيرة ونحوها مما هو من أجزائها أو توابعها ، أما من باع أرضاً فلا يدخل فيها الشجر والنخل الموجودان وكذا لا يدخل الحمل في بيع الأم ولا الثمرة في بيع الشجرة ، نعم إذا باع نخلاً فإن كان التمر مؤبراً فالتمر للبائع وإن لم يكن مؤبراً فهو للمشتري ويختص هذا الحكم ببيع النخل ، أما في نقل النخل بغير البيع أو بيع غير النخل من سائر الشجر فالثمر فيه للبائع مطلقاً وإن لم يكن مؤبراً ، هذا إذا لم تكن قرينة على دخول الثمر في بيع الشجر أو الشجر في بيع الأرض أو الحمل في بيع الدابة ، أما إذا قامت القرينة على ذلك ـ وإن كانت هي التعارف الخارجي ـ عمل عليها وكان جميع ذلك للمشتري.

مسألة 184 : إذا باع الشجر وبقيت الثمرة للبائع مع اشتراط إبقائها أو ما في حكمه وأحتاجت الثمرة إلى السقي يجوز للبائع أن يسقي الشجر وليس للمشتري منعه ، وكذا إذا احتاج الشجر إلى السقي جاز للمشتري سقيه وليس للبائع منعه ، ولو تضرر أحدهما بالسقي والآخر بتركه ولم يكن بينهما شرط في ذلك فالأظهر عدم جواز السقي للثاني سواء أكان هو البائع أم المشتري ، وإن كان الأحوط لهما التصالح والتراضي على تقديم أحدهما ولو بأن يتحمل ضرر الآخر.

مسألة 185 : إذا باع بستانا وأستثنى نخلة مثلا فله الممر إليها

٦٣

والمخرج منها ومدى جرائدها وعروقها من الأرض وليس للمشتري منع شيء من ذلك.

مسألة 186 : إذا باع داراً دخل فيها الأرض والبناء الأعلى والأسفل إلا أن يكون الأعلى مستقلاً من حيث المدخل والمخرج والمرافق وغير ذلك مما قد يكون أمارة على خروجه وأستقلاله ، وكذا يدخل في بيع الدار السراديب والبئر والأبواب والأخشاب الداخلة في البناء وكذا السلم المثبت بل لا يبعد دخول ما فيها من نخل وشجر وأسلاك كهربائية وإنابيب الماء ونحو ذلك مما يعد من توابع الدار حتى مفتاح الغلق فإن ذلك كله داخل في المبيع إلا مع الشرط.

مسألة 187 : المعادن من الأنفال ـ أي أنها مملوكة للإمامعليه‌السلام ـ وإن لم تكن أرضها منها على الأظهر ولكن من استخرج شيئاً من المعادن المتكونة في جوف الأرض ملكه وعليه خمسة على تفصيل تقدم في كتاب الخمس ، وأما قبل الاستخراج فهي على ملك الإمامعليه‌السلام ولا تدخل في بيع الأرض ، كما لا تدخل في بيعها الأحجار المدفونة فيها ولا الكنوز القديمة أو الجديدة المودعة فيها ونحوها.

٦٤

الفصل السابع

التسليم والقبض

مسألة 188 : يجب على المتبايعين تسليم العوضين عند انتهاء العقد إذا لم يشترطا التأخير ولكن وجوب التسليم على كل منهما مشروط بعدم امتناع الآخر ، ولو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه أجبر الممتنع ولو اشترط أحدهما تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز مطلقاً ، وليس لصاحبه الامتناع عن تسليم ما عنده حينئذ ، ولو اشترط كل منهما تأخير التسليم جاز ذلك في الأعيان الشخصية أو ما بحكمها من الكلي في المعين ولا يجوز في الكلي في الذمة لأنه يكون حينئذ من بيع الدين بالدين.

مسألة 189 : يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار أو ركوب الدابة أو زرع الأرض أونحو ذلك من الانتفاع بالمبيع مدة معينة.

مسألة 190 : التسليم الواجب على المتبايعين في المنقول وغيره هو التخلية برفع يده عنه ورفع المنافيات بحيث يتمكن صاحبه من التصرف فيه ، والظاهر اختلاف صدقها بحسب اختلاف الموارد والمقامات.

مسألة 191 : إذا تلف المبيع بآفة سماوية أو أرضية قبل قبض المشتري انفسخ البيع وكان تلفه من مال البائع ورجع الثمن إلى المشتري وكذا إذا تلف الثمن قبل قبض البائع ، فإنه ينفسخ البيع ويكون تلفه من مال المشتري ويرجع المبيع إلى البائع.

مسألة 192 : يكفي في القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلية بالمعنى المتقدم في غير المنقولات كالأراضي وأما في المنقولات فقيل أنه لابد فيها من الاستيلاء عليها خارجاً مثل أخذ الدرهم والدينار واللباس وأخذ لجام الفرس أو ركوبه ، ولكن لا يبعد كفاية التخلية فيها أيضاً في الخروج عن

٦٥

 الضمان ، نعم لابد من الاستيلاء في تحقق القبض في بعض المقامات كما في بيع الصرف والسلم.

مسألة 193 : في حكم التلف تعذر الوصول إليه كما لو سرق أو غرق أو نهب أو أبق العبد أو أفلت الطائر أونحو ذلك.

مسألة 194 : لو أمر المشتري البائع بتسليم المبيع إلى شخص معين فقبضه كان بمنزلة قبض المشتري ، وكذا لو أمره بإرساله إلى بلده أو غيره فأرسله كان بمنزلة قبضه ، ولا فرق بين تعيين المرسل معه وعدمه.

مسألة 195 : إذا أتلف المبيع البائع أو الأجنبي الذي يمكن الرجوع إليه في تدراك خسارته فالأقوى صحة العقد وللمشتري الرجوع على المتلف بالبدل من مثل أو قيمة وهل له الخيار في فسخ العقد لتعذر التسليم؟ إشكال ، والأظهر ذلك.

مسألة 196 : إذا حصل للمبيع نماء فتلف الأصل قبل قبض المشتري كان النماء للمشتري.

مسألة 197 : لو حدث في المبيع عيب قبل القبض كان للمشتري الرد ، وفي ثبوت الأرش له قولان ، أظهرهما الثبوت لولم يتمكن من الرد كما تقدم.

مسألة 198 : لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف ورجع إليه ما يخصه من الثمن وكان له الخيار في الباقي.

مسألة 199 : يجب على البائع مضافاً إلى تسليم المبيع المبادرة إلى تفريغه عما فيه من متاع أو غيره إلا مع اشتراط عدمها صريحاً أو استفادته من المتعارف المختلف باختلاف الموارد ، فلو كان المبيع مشغولاً بزرع لم يأت وقت حصاده فإن اشترط المالك إبقاءه مجاناً أو بأجرة أو كان ذلك مقتضى التعارف في مثله بحيث أغنى عن التصريح به جاز له إبقاؤه إلى وقت الحصاد والا وجبت عليه إزالته ، ولو أزال الزرع وبقيت له عروق تضر بالانتفاع

٦٦

 بالأرض أو كانت في الأرض حجارة مدفونة وجبت إزالتها وتسوية الأرض إلا مع اشتراط عدم الإزالة أو تعارفه كما تقدم.

مسألة 200 : من اشترى شيئاً ولم يقبضه فإن كان مما لا يكال ولا يوزن جاز له بيعه قبل قبضه ، وكذا إذا كان مما يكال أو يوزن وكان البيع برأس المال أو بوضعية منه وأما لو كان بربح ففيه قولان ، أظهرهما المنع فيما عدا الثمار ، وأما فيها فالظاهر الجواز. هذا فيما إذا باع غير المقبوض على غير البائع وأما إذا باعه عليه فالظاهر جوازه مطلقاً ، وكذا إذا ملك شيئاً بغير الشراء كالميراث والصداق فإنه يجوز بيعه قبل قبضه ، كما لا يبعد اختصاص المنع في الصورة المذكورة بالبيع فلا بأس بجعله صداقاً أو أجرة قبل قبضه.

٦٧

الفصل الثامن

النقد والنسيئة

مسألة 201 : من باع ولم يشترط تأجيل الثمن كان الثمن حالاً فللبائع المطالبة به بعد انتهاء العقد ، كما يجب عليه أخذه إذا دفعه إليه المشتري وليس له الامتناع من أخذه.

مسألة 202 : إذا اشترط تأجيل الثمن يكون نسيئة لا يجب على المشتري دفعه قبل الأجل وإن طالبه به البائع ولكن يجب على البائع أخذه إذا دفعه إليه المشتري قبله إلا أن تكون قرينة على كون التأجيل حقاً للبائع أيضاً.

مسألة 203 : يجب أن يكون الأجل معيناً لا يتردد فيه بين الزيادة والنقصان ، فلو جعل الأجل قدوم زيد أو الدياس أو الحصاد أو جذاذ الثمر أونحو ذلك بطل العقد.

مسألة 204 : لو كانت معرفة الأجل محتاجة إلى الحساب مثل أول الحمل أو الميزان فالظاهر البطلان ، نعم لو كان الأجل أول الشهر القابل مع التردد في الشهر الحالي بين الكمال والنقصان فالظاهر الصحة.

مسألة 205 : إذا عين ـ عند المقاولة ـ لبضاعته ثمناً نقداً وأخر مؤجلاً بأزيد منه فابتاعها المشتري بأحدهما المعين صح ، وأما لو باعها بثمن نقداً وبأكثر منه مؤجلاً بإيجاب واحد ـ بأن قال : بعتك الفرس بعشرة نقداً وبعشرين إلى سنة ـ فقبل المشتري فالمشهور البطلان ، وقيل بالصحة بأقل الثمنين مؤجلاً ولا يخلو عن وجه فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه ، وأما لو باع بثمن إلى أجل وبأزيد منه إلى آخر فالأظهر البطلان.

مسألة 206 : لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأزيد منه بأن يزيد فيه مقداراً ليؤخره إلى أجل وكذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل

٦٨

ليزيد في الأجل ، ويجوز عكس ذلك بأن يعجل المؤجل بنقصان منه على وجه الإبراء بل على وجه المعاوضة أيضاً ما لم يستلزم الربا.

مسألة 207 : يجوز بيع الأكثر المؤجل بالأقل الحال في غير ما يكال ويوزن وأما فيهما فلا يجوز لأنه ربا ، ولا يجوز للدائن في الدين المؤجل أن يزيد في الأجل على أن ينقد المدين بعضه قبل حلول الأجل.

مسألة 208 : إذا اشترى شيئاً نسيئة جاز شراؤه منه قبل حلول الأجل أو بعده بجنس الثمن أو بغيره مساوياً له أو زائداً عليه أو ناقصاً عنه ، حالاً كان البيع الثاني أو مؤجلاً ، نعم إذا اشترط البائع على المشتري في البيع الأول أن يبيعه عليه نقداً بعد شرائه بأقل مما اشتراه به نسيئة أو شرط المشتري على البائع في البيع الأول أن يشتريه منه نسيئة بأكثر مما اشتراه منه نقداً فإن الأظهر فيه البطلان.

إلحاق

في المساومة والمرابحة والمواضعة والتولية

التعامل بين البائع والمشتري تارة يكون بملاحظة رأس المال الذي اشترى به البائع السلعة وأخرى لا يكون كذلك ، والثاني يسمى مساومة وهذا هو الغالب المتعارف ، والأول تارة يكون بزيادة على رأس المال وأخرى بنقيصة عنه وثالثة بلا زيادة ولا نقيصة ، والأول يسمى مرابحة والثاني مواضعة ، والثالث يسمى تولية.

مسألة 209 : لابد في جميع الأقسام المذكورة غير المساومة من ذكر الثمن تفصيلاً فلو قال بعتك هذه السلعة برأس مالها وزيادة درهم أو بنقيصة درهم أو بلا زيادة ولا نقيصة لم يصح حتى يقول : بعتك هذه السلعة بالثمن الذي اشتريتها به وهو مائة درهم بزيادة درهم مثلاً أو نقيصته أو بلا زيادة ولا

٦٩

نقيصة.

مسألة 210 : إذا قال البائع : بعتك هذه السلعة بمائة درهم وربح درهم في كل عشرة فإن عرف المشتري أن الثمن مائة وعشرة دراهم صح البيع وإن لم يعرف المشتري ذلك حال البيع لم يصح وإن كان يعرفه بعد الحساب ، وكذلك الحكم في المواضعة كما إذا قال : بعتك بمائة درهم مع خسران درهم في كل عشرة ، فإن المشتري إذا عرف أن الثمن تسعون صح البيع وإن لم يعرف ذلك بطل البيع وإن كان يعرفه بعد الحساب.

مسألة 211 : إذا كان الشراء بالثمن المؤجل وجب على البائع مرابحة أن يخبر بالأجل فإن أخفى تخير المشتري بين الرد والإمساك بالثمن مؤجلاً بذلك الأجل.

مسألة 212 : إذا اشترى جملة صفقة بثمن لم يجز له بيع أفرادها مرابحة بالتقويم إلا بعد الإعلام.

مسألة 213 : إذا تبين كذب البائع في إخباره برأس المال كما إذا أخبر أن رأس ماله مائة وباع بربح عشرة وكان في الواقع رأس المال تسعين صح البيع وتخير المشتري بين فسخ البيع وأمضائه بتمام الثمن المذكور في العقد وهو مائة وعشرة.

مسألة 214 : إذا اشترى سلعة بثمن معين مثل مائة درهم ولم يعمل فيها شيئاً كان ذلك رأس مالها وجاز له الإخبار بذلك ، أما إذا عمل في السلعة عملاً فإن كان بأجرة جاز ضم الأجرة إلى رأس المال فإذا كانت الأجرة عشرة جاز له أن يقول بعتك السلعة برأس مالها مائة وعشرة وربح كذا.

مسألة 215 : إن باشر العمل بنفسه وكانت له أجرة لم يجز له أن يضم الأجرة إلى رأس المال بل يقول رأس المال مائة وعملي يساوي كذا وبعتكها بما ذكر وربح كذا.

٧٠

مسألة 216 : إذا اشترى معيباً فرجع على البائع بالأرش كان الثمن ما بقي بعد الأرش ، ولو أسقط البائع بعض الثمن تفضلاً منه أو مجازاة على الإحسان لم يسقط ذلك من الثمن بل رأس المال هو الثمن في العقد.

٧١

الفصل التاسع

في الربا

وهو قسمان :

الأول : ما يكون في المعاملة.

الثاني : ما يكون في القرض ويأتي حكمه في كتاب الدين والقرض إن شاء الله تعالى.

أما الأول : فهو كبيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينية في أحدهما كبيع مائة كيلو من الحنطة بمائة وعشرين منها ، أو خمسين كيلو من الحنطة بخمسين كيلو حنطة ودينار ، أو زيادة حكمية كبيع عشرين كيلو من الحنطة نقداً بعشرين كيلو من الحنطة نسيئة ، وهو حرام ، وهل يختص تحريمه بالبيع أو يجري في غيره من المعاوضات؟ قولان ، والأظهر اختصاصه بما كانت المعاوضة فيه بين العينين ، سواء كانت بعنوان البيع أو المبادلة أو الصلح مثل أن يقول : صالحتك على أن تكون هذه العشرة التي لك بهذه الخمسة التي لي ، أما إذا لم تكن المعاوضة بين العينين كأن يقول : صالحتك على أن تهب لي تلك العشرة واهب لك هذه الخمسة ، أو يقول : أبرأتك عن الخمسة التي لي عليك بشرط أن تبرئني عن العشرة التي لك عليّ ونحوهما فالظاهر الصحة.

مسألة 217 : يشترط في تحقق الربا في المعاملة النقدية أمران :

الأول : اتحاد الجنس والذات عرفا وإن اختلفت الصفات ، فلا يجوز بيع مائة كيلو من الحنطة الجيدة بمائة وخمسين كيلو من الرديئة ولا بيع عشرين كيلو من الأرز الجيد كالعنبر بأربعين كيلو منه أو من الردئ كالحويزاوي ، أما إذا اختلفت الذات فلا بأس كبيع مائة وخمسين كيلو من

٧٢

الحنطة بمائة كيلو من الأرز.

الثاني : أن يكون كل من العوضين من المكيل أو الموزون ، فإن كانا مما يباع بالعد مثلاً كالبيض والجوز في بعض البلاد فلا بأس ، فيجوز بيع بيضة ببيضتين وجوزة بجوزتين في تلك البلاد ، وأما إذا كانت المعاملة نسيئة ففي اشتراط تحقق الربا فيها بالشرطين المذكورين نظر ، فيشكل صحة المعاملة في موردين :

1 ـ أن يكون العوضان من المكيل أو الموزون مع الاختلاف في الجنس كبيع مائة كيلو من الأرز بمائة كيلو من الحنطة إلى شهر.

2 ـ أن يكون العوضان من المعدود ونحوه مع اتحادهما في الجنس وكون الزيادة عينية كبيع عشر جوزات بخمس عشرة جوزة إلى شهر.

مسألة 218 : المعاملة الربوية باطلة إذا صدرت من العالم بحرمة الربا تكليفياً ، وأما إذا صدرت من الجاهل بها سواء أكان جهله بالحكم أو بالموضوع ثم علم بالحال فتاب فلا يبعد حلية ما أخذه حال الجهل ، والظاهر أن الحلية حينئذ من جهة صحة المعاملة لا الحلية التعبدية لتختص به دون الطرف الآخر إذا كان عالماً بالحرمة.

مسألة 219 : الحنطة والشعير في الربا جنس واحد فلا يباع مائة كيلو من الحنطة بمائتي كيلو من الشعير وإن كانا في باب الزكاة جنسين ، فلا يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب ، فلو كان عنده نصف نصاب حنطة ونصف نصاب شعير لم تجب فيهما الزكاة.

مسألة 220 : ذكر بعضهم أن العلس نوع من الحنطة والسلت نوع من الشعير فإن ثبت ذلك لحقهما حكمهما والا فلا.

مسألة 221 : اللحوم والألبان والأدهان تختلف باختلاف الحيوان فيجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر نقداً وكذا الحكم في

٧٣

لبن الغنم ولبن البقر فإنه يجوز بيعهما مع التفاضل نقداً.

مسألة 222 : التمر بأنواعه جنس واحد والحبوب كل واحد منها جنس ، فالحنطة والأرز والماش والذرة والعدس وغيرها كل واحد جنس ، والفلزات من الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص وغيرها كل واحد منها جنس برأسه.

مسألة 223 : الضأن والمعز جنس واحد والبقر والجاموس جنس واحد والإبل العراب والبخاتي جنس واحد ، والطيور كل صنف يختص باسم فهو جنس واحد في مقابل غيره ، فالعصفور غير الحمام وكل ما يختص باسم من الحمام جنس في مقابل غيره فالفاختة والحمام المتعارف جنسان ، والسمك أجناس مختلفة بحسب اختلاف أصنافه في الاسم.

مسألة 224 : الوحشي من كل حيوان مخالف للأهلي فالبقر الأهلي يخالف الوحشي فيجوز التفاضل بين لحميهما نقداً ، وكذا الحمار الأهلي والوحشي ، والغنم الأهلي والوحشي.

مسألة 225 : المشهور أن كل أصل مع ما يتفرع عنه جنس واحد وكذا الفروع بعضها مع بعض كالحنطة والدقيق والخبز ، وكالحليب واللبن والجبن ، وكالبسر والرطب والتمر والدبس ، ولكن الكلية المذكورة محل إشكال في بعض مواردها كاتحاد الحليب والزبد ، والخل والتمر ، والسمسم ودهنه ، ونظائر ذلك.

مسألة 226 : إذا كان الشيء مما يكال أو يوزن وكان فرعه لا يكال ولا يوزن جاز بيعه مع أصله بالتفاضل كالصوف الذي هو من الموزون والثياب المنسوجة منه التي ليست منه فإنه يجوز بيعها به مع التفاضل ، وكذلك القطن والكتان والثياب المنسوجة منهما.

مسألة 227 : إذا كان الشيء في حال موزوناً أو مكيلاً وفي حال أخرى

٧٤

ليس كذلك لم يجز بيعه بمثله متفاضلاً في الحال الأولى وجاز في الحال الثانية.

مسألة 228 : الأحوط عدم بيع لحوم حيوان بحيوان حي من جنسه كبيع لحم الغنم بالغنم بل ولا بغير جنسه أيضاً كبيع لحم الغنم بالبقر.

مسألة 229 : إذا كان للشيء حالتان حالة رطوبة وحالة جفاف كالرطب يصير تمراً والعنب يصير زبيباً والخبز اللين يكون يابساً يجوز بيعه نقداً جافاً بجاف منه ورطباً برطب منه متماثلاً ولا يجوز متفاضلاً ، وأما بيع الرطب منه بالجاف متماثلاً ففيه إشكال والأظهر جوازه نقداً على كراهة ولا يجوز بيعه متفاضلاً حتى بمقدار الرطوبة بحيث إذا جف يساوي الجاف.

مسألة 230 : إذا كان الشيء يباع بالعد مثلاً في بلد ومكيلاً أو موزوناً في آخر فلكل بلد حكمه سواء أكان مكيلاً أو موزوناً في غالب البلاد أم لا ، فلا يجوز بيعه متفاضلاً في بلد يباع فيه بالكيل أو الوزن ويجوز ذلك نقداً في بلد يباع فيه بالعد. وأما إذا كان الشيء يباع بكل من الوزن والعد مثلاً في بلد واحد فالأحوط عدم التفاضل فيه وإن بيع بالعدّ نقداً.

مسألة 231 : يتخلص من الربا بضم غير الجنس إلى الطرف الناقص بأن يبيع مائة كيلو من الحنطة ومنديلاً بمائتي كيلو من الحنطة إذا قصدا كون المنديل بإزاء المقدار الزائد وكانت المعاملة نقدية ، وكذا يتخلص منه بضم غير الجنس إلى كل من الطرفين ولو مع التفاضل فيهما كما لو باع منديلين ومائتي كيلو من الحنطة بمنديل ومائة كيلومنها وتصح المعاملة مطلقاً إذا قصدا كون المنديل في كل طرف بإزاء الحنطة في الطرف الآخر وكذا تصح نقداً إذا قصدا كون المنديل من الطرف الناقص بإزاء المنديلين والمقدار الزائد من الحنطة في الطرف الآخر.

مسألة 232 : لا ربا بين الوالد وولده ولا بين الرجل وزوجته فيجوز

٧٥

لكل منهما أخذ الزيادة من الآخر ، وكذا لا ربا بين المسلم والحربي إذا أخذ المسلم الزيادة. وأما الذمي فتحرم المعاملة الربوية معه على الأظهر ولكن يجوز للمسلم أخذ الزيادة منه بعد وقوع المعاملة إذا كان إعطاؤها جائزاً في شريعته ، ولا فرق فيما ذكر بين ربا البيع وربا القرض.

مسألة 233 : لا فرق في الولد بين الذكر والأنثى والخنثى ولا بين الصغير والكبير ولا بين الصلبي وولد الولد ، كما لا فرق في الزوجة بين الدائمة والمتمتع بها ، وليست الأم كالأب فلا يصح الربا بينها وبين الولد.

مسألة 234 : الأوراق النقدية بما أنها من المعدود لا يجري فيها الربا ، فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلاً مع اختلافها جنساً نقداً أو نسيئة فيجوز بيع خمسة دنانير كويتية بعشرة دنانير عراقية مطلقاً ، وأما مع الاتحاد في الجنس فيجوز التفاضل في البيع بها نقداً ، وأما نسيئة فلا يخلو عن إشكال ، ولا بأس بتنزيل الأوراق المالية نقداً بمعنى أن المبلغ المذكور فيها إذا كان الشخص مديناً به واقعاً جاز خصمها في المصارف وغيرها بأن يبيعه الدائن بأقل منه حالا ويكون الثمن نقداً.

مسألة 235 : ما يتعارف في زماننا من إعطاء شخص للآخر سنداً بمبلغ من الأوراق النقدية من دون أن يكون مديناً له به فيأخذه الثاني فينزله عند شخص ثالث بأقل منه الظاهر عدم جوازه ، نعم لا بأس به في المصارف غير الأهلية بجعل ذلك وسيلة إلى أخذ مجهول المالك والتصرف فيه بعد إصلاحه بمراجعة الحاكم الشرعي ، وقد ذكرنا تفصيل ذلك في رسالة ( مستحدثات المسائل ، المسألة 28 ).

٧٦

الفصل العاشر

بيع الصرف

وهو بيع الذهب أو الفضة ، بالذهب أو الفضة ولا فرق بين المسكوك منهما وغيره.

مسألة 236 : لا يجوز بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة مع الزيادة.

مسألة 237 : لا بأس ببيع الذهب بالفضة وبالعكس نقداً ولا يعتبر تساويهما في الوزن وأما بيع أحدهما بالآخر نسيئة فلا يجوز مطلقاً على الأظهر.

مسألة 238 : يشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل الافتراق ، فلولم يتقابضا حتى افترقا بطل البيع ولو تقابضا في بعض المبيع صح فيه وبطل في غيره.

مسألة 239 : لو باع النقد مع غيره بنقد صفقة واحدة ولم يتقابضا حتى افترقا صح في غير النقد وبطل في النقد.

مسألة 240 : لو فارقا المجلس مصطحبين وتقابضا قبل الافتراق صح البيع.

مسألة 241 : لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين بل تختص شرطيته بالبيع.

مسألة 242 : لا يجري حكم الصرف على الأوراق النقدية كالدينار العراقي والنوط الهندي والتومان الإيراني والدولار والباون ونحوها من الأوراق المستعملة في هذه الأزمنة استعمال النقدين فيصح بيع بعضها ببعض وإن لم

٧٧

يتحقق التقابض قبل الافتراق كما أنه لا زكاة فيها.

مسألة 243 : إذا كان له في ذمة غيره دين من أحد النقدين فباعه عليه بنقد آخر وقبض الثمن قبل التفرق صح البيع ولا حاجة إلى قبض المشتري ما في ذمته.

مسألة 244 : لو كان له دين على زيد فباعه على عمرو بنقد وقبضه من عمرو ووكل عمرو زيداً على قبض ما في ذمته ففي صحته بمجرد التوكيل إشكال ، بل لا يبعد عدم الصحة حتى يقبضه زيد ويعينه في مصداق بعينه قبل التفرق.

مسألة 245 : إذا اشترى منه دراهم معينة بنقد ثم باعها عليه أو على غيره قبل قبضها لم يصح البيع الثاني فإذا قبض الدراهم بعد ذلك قبل التفرق صح البيع الأول وأذا لم يقبضها حتى افترقا بطل البيع الأول أيضاً.

مسألة 246 : إذا كان له دراهم في ذمة غيره فقال له حولها دنانير في ذمتك فقبل المديون صح ذلك وتحول ما في الذمة إلى دنانير وإن لم يتقابضا ، وكذا لو كان له دنانير في ذمته فقال له حولها دراهم وقبل المديون فإنه يصح وتتحول الدنانير إلى دراهم ، وكذلك الحكم في الأوراق النقدية إذا كانت في الذمة فيجوز تحويلها من جنس إلى آخر.

مسألة 247 : لا يجب على المتعاملين بالصرف إقباض المبيع أو الثمن حتى لو قبض أحدهما لم يجب عليه إقباض صاحبه ولو كان للمبيع أو الثمن منفعة قبل القبض كانت لمن انتقل عنه لا لمن انتقل إليه.

مسألة 248 : الدراهم والدنانير المغشوشة إن كان رائجة في المعاملة بها يجوز خرجها وإنفاقها والمعاملة بها سواء أكان غشها مجهولاً أم معلوماً وسواء أكان مقدار الغش معلوماً أم مجهولاً ، وإن لم تكن رائجة فلا يجوز خرجها وإنفاقها والمعاملة بها إلا بعد إظهار حالها.

٧٨

مسألة 249 : يجوز صرف المسكوكات من النحاس وأمثاله إلى أبعاضها ولو مع التفاضل بين الأصل وأبعاضه كما هو الغالب ، نعم لا يجوز ذلك في المسكوكات الذهبية والفضية فإنها من الموزون فلا يجوز تصريفها إلى أبعاضها مع التفاضل إلا مع الضميمة.

مسألة 250 : يكفي في الضميمة التي يتخلص بها عن الربا الغش الذي يكون في الذهب والفضة المغشوشين إذا كان الغش غير مستهلك وكانت له قيمة في حال كونه غشاً ولا يكفي أن تكون له قيمة على تقدير التصفية ، فإذا كان الطرفان مغشوشين كذلك صح مع التفاضل مطلقاً إذا قصدا كون الغش في كل طرف بإزاء الخالص في الطرف الآخر ، وأذا كان أحدهما مغشوشاً دون الآخر جاز التفاضل فيما إذا كانت المعاملة نقدية وكانت الزيادة في طرف الخالص وقصدا كونها بإزاء الغش في الطرف الآخر ولا يصح إذا كانت الزيادة في المغشوش مطلقاً.

مسألة 251 : الآلات المحلاة بالذهب يجوز بيعها بالذهب إذا كان أكثر من الذهب المحلى به وقصدا كون الزائد بإزاء نفس الآلة وكانت المعاملة نقدية ـ كما مر ـ والا لم يجز ، نعم لو بيع السيف بالسيف وكان كل منهما محلى جاز البيع وإن كانت الحلية في أحدهما أكثر من الحلية في الآخر ، ويصح مطلقاً إذا قصدا كون الحلية في كل طرف بإزاء السيف في الطرف الآخر ويصح نقداً خاصة إذا قصدا كون السيف والزيادة في الطرف الزائد بإزاء السيف في الطرف الآخر.

مسألة 252 : الكلبتون المصنوع من الإبريسم والفضة يجوز بيعه نقداً ـ كما مر ـ بالفضة إذا كانت أكثر من الفضة الموجودة فيه وزناً ، والمصنوع من الإبريسم والذهب يجوز بيعه كذلك بالذهب إذا كان أكثر من الذهب الموجود فيه وزنا.

٧٩

مسألة 253 : إذا اشترى فضة معينة بفضة أو بذهب وقبضها قبل التفرق فوجدها جنساً آخر رصاصاً أو نحاسا أو غيرهما بطل البيع وليس له المطالبة بالإبدال ، ولو وجد بعضها كذلك بطل البيع فيه وصح في الباقي وله حينئذ رد الكل لتبعض الصفقة ، وإن وجدها فضة معيبة فإن كان العوض من جنسها كان له الرد ولم يكن له أخذ الأرش ولو مع عدم التمكن من الرد على الأحوط ، وإن كان العوض من غير جنسها كان بالخيار بين الرد وبين المطالبة بالأرش مع عدم التمكن من الرد ولا فرق في ذلك بين كون أخذ الأرش قبل التفرق وبعده.

مسألة 254 : إذا اشترى فضة في الذمة بفضة أو بذهب وبعد القبض وجدها جنساً آخر رصاصاً أو نحاساً أو غيرهما ، فإن كان قبل التفرق جاز للبائع إبدالها فإذا قبض البدل قبل التفرق صح البيع وإن وجدها جنساً آخر بعد التفرق بطل البيع ولا يكفي الإبدال في صحته ، وأذا وجدها فضة معيبة كالمغشوشة ومضطربة السكة فالأقوى أن المشتري مخير بين رد المقبوض وأبداله وبين الرضا به من دون أرش وليس له فسخ العقد من أصله ، ولا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع وغيره ولا بين كون ظهور العيب قبل التفرق وبعده.

مسألة 255 : لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتماً أو غيره من المصوغات من الفضة أو الذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة أجرة الصياغة ، بل أما أن يشتريه بغير جنسه أو بأقل من مقداره من جنسه مع الضميمة على ما تقدم ليتخلص من الربا.

مسألة 256 : لو كان له على زيد نقود كالليرات الذهبية وأخذ منه شيئاً من المسكوكات الفضية كالربيات فإن كان الأخذ بعنوان الاستيفاء ينقص من الليرات في كل زمان أخذ فيه بمقدار ما أخذ بسعر ذلك الزمان ، فإذا كان الدين

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491