تفسير ست سور

تفسير ست سور0%

تفسير ست سور مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 481

تفسير ست سور

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله حبيب الله الشريف الكاشانيّ (قدس سره)
تصنيف: الصفحات: 481
المشاهدات: 58366
تحميل: 5191

توضيحات:

تفسير ست سور
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 58366 / تحميل: 5191
الحجم الحجم الحجم
تفسير ست سور

تفسير ست سور

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

درّة الدرر في تفسير

سورة الكوثر

٤٠١
٤٠٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[المقدّمة]

الحمد لله الّذي أعطى محمّدا وآله الأكرمين ما لم يعط أحدا من العالمين ؛ فجعلهم حججا على جميع أهل السماوات والأرضين والصلاة عليهم وعلى شيعتهم الأكملين، ولعنة الله على أعدائهم وأعداء شيعتهم إلى يوم الدين.

أمّا بعد، فيقول الفقير إلى الله ابن علي مدد حبيب الله : إنّ هذه عجالة سمّيناها بـ «درّة الدرر» كتبناها تفسيرا لسورة الكوثر، إجابة لملتمس بعض الإخوان من أهل الإيقان، وبالله المستعان وعليه التكلان.

قال الله تعالى سبحانه :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) بدأ الملك الوهّاب في هذا الخطاب كسائر الكتاب المستطاب(١) بالبسملة المشتملة على اسمي الذات والصفات، تعليما لعباده وإرشادا لهم إلى أنّه ينبغي لهم أن يبدأوا في جميع أمورهم بهذه الكلمة ليتمّ لهم المقاصد، ويكمل لهم المصادر

__________________

(١) إشارة إلى ما عليه المصنّف رحمه الله وأكثر الفقهاء رضي الله عنهم من جزئيّة البسملة في كلّ سورة عدا سورة براءة، وقد أشبع البحث عنها في «منتقد المنافع في شرح المختصر النافع» ٤ : ٣٥٤ من المطبوع على صورة خطّه الشريف.

٤٠٣

والموارد(١) ، فيكون التقدير : يا عبادي قولوا : بسم الله إلى آخره، أو للإرشاد إلى أنّ اسمه وصفته أوّل الأسماء والصفات وفي هذه الكلمة إشارات لمن يتنبّه لها سوى أهل البشارات.

وفي العرائس : إنّ الباء كشف البقاء لأهل الفناء، والسين كشف سناء القدس لأهل الأنس، والميم كشف الملكوت لأهل النعوت

وقال أيضا : إنّ الباء بدو العبوديّة، والسين سرّ الربوبيّة، والميم منّه في أزليّته على أهل الصفوة(٢) . انتهى.

وفي تفسير الصادق عليه السلام : إنّ الباء بهاء الله، والسين سناء الله، والميم ملك الله ؛ والله إله كلّ شيء.

والرحمن بجميع خلقه، والرحيم بالمؤمنين خاصّة(٣) . انتهى.

وقيل : إنّ بسم الله كلمة سالبة للقلوب، رافعة للكروب، ساترة للعيوب، مظهرة للغيوب.

وحكى أبو البقاء عن البوصريّ أنّ بعض النصارى استدلّ على مذهبه من أنّ المسيح هو ابن الله بأنّه يظهر من تكسير حروف البسملة هذه العبارة : المسيح عليه السلام هو ابن الله المحرّر. قال : قال : فقلت له : فحيث رضيت

__________________

(١) يمكن أن يكون إشارة إلى حديث التسمية المعروف المرويّ عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وهو : «كلّ أمر ذي بال لم يبدأ ببسم الله فهو أبتر» راجع البحار ٧٣ : ٣٠٥ ونقله المصنّف رحمه الله في تفسير سورة الفاتحة : ٤ من المخطوط أيضا، تفسير الصافي ١ : ٥٢.

(٢) عرائس البيان في حقائق القرآن : ٤.

(٣) تفسير القمّيّ ١ : ٢٨. وليعلم أنّ في صحّة انتساب ما هو الموجود بأيدينا بعنوان تفسير القمّيّ للشيخ أبي الحسن عليّ بن إبراهيم القمّيّ رحمه الله بحثا ليس هنا موضعه فراجع مشايخ الثقات للشيخ غلامرضا عرفانيان «طبع قم» الحلقة الأولى : ٢٠ ذيل الصفحة.

٤٠٤

البسملة بيننا وبينك حكما وجوّزت منها أحكاما فلتنصرنّ البسملة الأخيار منّا على الأشرار ولتفضّلنّ أصحاب الجنّة على أصحاب النار، وقالت لك البسملة بلسان حالها : إنّما الله ربّ للمسيح راحم، النحر لامم لها المسيح ربّ، ما برح الله راحم للمسلمين، سل ابن مريم أحلّ له الحرام، لا المسيح ابن الله محرّر، لا مرحم للئام أبناء السحرة. رحم حرّ مسلم أناب إلى الله، لله نبيّ مسلم حرّم الرّاح، الحلم ربح رأس ماله الإيمان إلى أن قال : ثمّ انظر إلى البسملة قد تخبر أنّ من وراء حولها خيولا وليوثا، من دون طلّها سيولا وغيوثا. ولا تحسبنّي استحسنت كلمتك الباردة فنسجت على منوالها، وقابلت الواحدة بعشر أمثالها، بل أتيتك بما يبغيك فيبهتك، ويسمعك ما يصمّك عن الإجابة ويصمتك، فتعلم به أنّ هذه البسملة مستقرّ لسائر العلوم والفنون، ومستودع لجوهر سرّها المكنون، ألا ترى أنّ البسملة إذا حصلت جملتها كان عددها سبعمائة وستّة وثمانين فوافق جملها مثل عيسى كآدم ليس لله شريك بحساب الألف الّتي بعد لامي الجلالة، ولا أشرك به أحدا يهدي الله لنوره من يشاء بإسقاط ألف الجلالة، فقد أجابتك البسملة بما لم يحط به جزء، وجاءتك بما لم تستطع عليه صبرا(١) إلى آخره.

ولا يخفى أنّ ما استخرجه النصرانيّ والبوصريّ لا يوافق شيئا من التكسيرين المعروفين بين أهل الجفر ؛ أعني التكسير بالصدر المؤخّر والتكسير بالصدر المقدّم(٢) ، ولعلّ ذلك بموافقة الحروف أو بنحو آخر من

__________________

(١) كتاب الكليات، لأبي البقاء الحسينيّ الكفويّ : ٦ ـ ٧ بالطبع الحجريّ ط ايران ١٢٨٦ ق.

(٢) بيان مسألة التكسير المصطلح في الجفر موجود في كشّاف اصطلاحات الفنون ١ : ١٨٣ كلمة

٤٠٥

أنحاء التكسير فتدبّر. وقد استخرجنا من البسملة كلمات أخر أشرنا إليها في تفسير سورة الفاتحة(١) ، وكذا إلى جملة من فضائلها وخواصّها وإلى أدلّة جزئيّتها لكلّ سورة.

قال سبحانه :( إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ) التصدير بكلمة التحقيق للدلالة على أنّ المذكور بعدها ممّا له تحقّق وثبوت في نفس الأمر، بحيث لا مجال لاعتراء الارتياب فيه والإنكار عليه، والمخاطب بهذا الخطاب ليس منكرا حتّى يجب التأكيد، ولا متردّدا حتّى يستحسن، ولا منزلا منزلة أحدهما. فانحصرت الفائدة في ذكرها فيما ذكرناه مع أنّ فيه تحسينا للكلام.

وقد صرّح التفتازانيّ بأنّه لا تنحصر فائدة إنّ في تأكيد الحكم نفيا لشكّ أو ردّا لإنكار، قال : ولا يجب في كلّ كلام مؤكّد أن يكون الغرض منه ردّ إنكار محقّق أو مقدّر(٢) . انتهى.

وفي التعبير بإنّا دون إنّي دلالة على إظهار العظمة والكبرياء، وقد جرت عادة السلاطين والعظماء على التعبير عن أنفسهم بما يعبّر به عن الجمع تصدر إلى ما ذكر من إظهار العظمة، وكذا جرت العادة في مخاطبة العظماء والإخبار عنهم، بل ربّما ينادى الواحد بنداء الجمع لذلك أو للإشارة إلى أنّه

__________________

«البسط» فراجع، أيضا : راجع كلمة التكسير منه. طبع مكتبة النهضة المصريّة. أيضا راجع : منتخب قواميس الدرر للمؤلّف رحمه الله : ٣٧.

(١) اسمه «الأنوار السانحة في تفسير سورة الفاتحة» موجود ضمن هذه المجموعة. فراجع. وقد ذكر المصنّف رحمه الله في آخره أنّ هذه الرسالة كتبها قبل زمان بلوغه. وهو لا شكّ من بالغ عنايات ربّه.

(٢) كتاب المطوّل «أحوال الإسناد الخبريّ» الطبع الحجريّ بخطّ عبد الرحيم : ٤٢ والطبع الحديث بحاشية السيد مير شرى : ٥٣.

٤٠٦

مستجمع لجميع مراتبهم وكمالاتهم ؛ كما في قوله تعالى مخاطبا لنبيّنا صلّى الله عليه وآله :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ) (١) إلى آخره.

فإذا جاز هذا التعبير بالنسبة إلى من عظمته موهومة اعتباريّة(٢) أو إضافيّة، فكيف لا يجوز بالنسبة إلى من عظمته حقيقيّة سرمديّة كبريائيّة مطلقة أبديّة وأزليّة؟! فهو العظيم فوق كلّ عظيم، لا يشاركه في عظمته شيء، ولا يدانيه في كبريائه أحد من العالمين.

وفيه أيضا إشارة إلى تعظيم المعطى له، فإنّ العظيم لا يخاطب غالبا إلّا العظيم اللائق لمخاطبته ومكالمته، وإلى تعظيم المعطى أي العطيّة، فكما «أنّ الهدايا على مقدار مهديها» فكذلك العطايا على مقدار معطيها، وأمّا تقدّم المعطى له على المعطى مع أنّه المقصود الأهمّ في هذا المقام، فلأمر لفظيّ، وسرّ لبّيّ.

أمّا الأوّل، فلأنّ المعطى له وإن كان مفعولا أوّلا للإعطاء ولكنّه فاعل بحسب المعنى حيث إنّه في تأويل الأخذ كما أنّ المعطى الّذي هو المفعول الثاني بتأويل المأخوذ والأصل سبق المفعول الّذي هو الفاعل بحسب المعنى على المفعول الّذي ليس بهذه(٣) المثابة كما في «كسوت زيدا جبّة»

__________________

(١) البقرة : ١٧٢.

(٢) الاعتباريّ من المفاهيم ما ليس بإزائه خارج، وربّما يطلق عليه الانتزاعيّ أيضا، والإضافي هنا بمعنى ما كانت شيئيّته منسوبة ومضافة إلى الغير، مأخوذ ممّا يصطلح عليه في الحكمة بالإضافة الإشراقيّة، م.

(٣) قال ابن مالك في الألفيّة

والأصل سبق فاعل معنى كمن

من ألبسن من زاركم نسج اليمن

راجع بحث رتب المفاعيل من البهجة المرضية الطبع الحجريّ بخطّ عبد الرحيم.

٤٠٧

فقدّم زيدا لكونه الكاسي، هذا مع أنّ في التأخير يلزم انفصال الضمير مع تيسّر اتّصاله، والغرض من وضع الضمير الاختصار، وهو مناف للانفصال في الجملة.

أمّا الثاني، فلأنّ الأشياء وإن كان جميعها مفاعيل للحقّ المطلق لأنّه خالقها ومبدعها ومكوّنها ومصوّرها إلّا أنّ محمّدا صلّى الله عليه وآله المخاطب بهذا الخطاب المعطى له هذا العطاء المستطاب هو مفعوله الأوّل بلا واسطة شيء آخر ؛ إذ شيئيّة كلّ شيء إنّما هي بعد شيئيّته صلّى الله عليه وآله المستفادة من شيئيّة الحقّ الأوّل تعالى، فهو صلّى الله عليه وآله في أعلى مراتب القرب إليه تعالى المعبّر عنه بالوصل والاتّصال، فكلّ واصل إلى الحقّ لا يكون وصله إلّا بواسطته، فله صلّى الله عليه وآله تمام الوصل من دون أن يفرّق بينه وبينه بشيء.

قال الله سبحانه :( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ ) إلى قوله تعالى( أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا ) (١) إلى آخره.

وليس مرادنا بالوصل الوصل الحسّيّ نظير اتّصال الشعاع بالشمس أو السراج، ولا الاتّحاد الّذي يزعمه بعض الصوفيّة من قبيل اتّحاد القطرة مع البحر، لأنّ الممكن الحادث لا يتّصل بالواجب القديم ولا يتّحد معه، فإنّ كنهه تعالى تفريق بينه وبين خلقه كما في الحديث، فهو منزّه عن الوصل والفصل، بل المراد تمام القرب إلى ساحة حضرته بالقرب المعنويّ لا المكانيّ الّذي هو من خواصّ الجسم والجسمانيّ. وعليه يحمل ما قاله

__________________

(١) النساء : ١٥٠ و ١٥١.

٤٠٨

بعض العارفين من أنّ لله شرابا طاهرا صافيا ادّخره في كنوز ربوبيّته سقاه أولياءه في ميدان كرامته بكأس هنيئة على منابر عزّه، فإذا شربوا سكروا، وإذا سكروا طاشوا، وإذا طاشوا اشتاقوا، وإذا اشتاقوا طاروا، وإذا طاروا بلغوا، وإذا بلغوا وصلوا، وإذا وصلوا اتّصلوا، وإذا اتّصلوا فنوا، وإذا فنوا بقوا، وإذا بقوا صاروا ملوكا وسادة وأحرارا وقادة. انتهى.

وقريب منه ما روي من أنّ لله شرابا لأوليائه إذا شربوا سكروا، وإذا سكروا طربوا، وإذا طربوا طلبوا، وإذا طلبوا وجدوا، وإذا وجدوا وصلوا، وإذا وصلوا اتّصلوا، وإذا اتّصلوا فلا فرق بينهم وبين حبيبهم. انتهى. إلّا أنّي لم أجد هذه الرواية في كتاب معتمد عليه(١) .

وكيف كان فلعلّ وصل الضمير في المقام وتقديمه على العطيّة إشارة إلى كمال قرب المخاطب ومظهريّته لتمام أسماء الحقّ وصفاته كما يرشد إليه قوله تعالى :( وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى ) وقوله :( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ ) وغير ذلك فافهم.

__________________

(١) نقله المحدّث الكاشانيّ رحمه الله في «كلمات مكنونه» عن كتاب ابن جمهور «كذا» الإحسائيّ عن أمير المؤمنين عليه السلام. والصحيح ابن أبي جمهور وفي اعتبار كتابه بحث فراجع : الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١٥ : ٣٥٨ و ١٦ : ٧١ وانظر تفصيل البحث في خاتمة المستدرك : ٣٦١ ـ ٣٦٥ «مستدرك الوسائل ٣» المطبوع على الحجر، والحديث في «كلمات مكنونه» طبع ايران ١٣٨٣ ق بتصحيح فضيلة الشيخ عزيز الله عطاردي القوچانيّ : ٧٩ وطبع بمبئي ١٢٩٦ ق : ٧٧. وأيضا أورده السيّد حيدر الآمليّ رحمه الله في مواضع من كتابه «جامع الأسرار ومنبع الأنوار» انظر : ٢٠٥ و ٣٦٣ و: ٣٨١ ورسالة نقد النقود الملحق به : ٦٧٦. وأورده النراقيّ أيضا في جامع السعادات ٣ : ١٥٣ والمؤلّف رحمه الله في «أسرار حسينيّة» طبع ١٣٨٠ ق صفحة ٤٧ ومن الطبع الجديد : ٢١.

٤٠٩

وفي بعض القراءات(١) : «إنّا أنطيناك» بإبدال العين نونا. ونسبه في الكشّاف(٢) إلى قراءة رسول الله صلّى الله عليه وآله من الإنطاء وهو الإعطاء.

قال ابن الأثير في نهايته : وفي حديث الدعاء «لا مانع لمن أنطيت، ولا منطي لما منعت» وهي لغة أهل اليمن في أعطى، ومنه الحديث : اليد المنطية خير من اليد السفلى، ومنه كتابه لوائل(٣) «وأنطوا الثبجة»(٤) انتهى. بالثاء المثلّثة بعدها الباء الموحّدة ثمّ الجيم وهي الوسط أي : أعطوا الوسط في الصدقة لا من خيار المال ولا من رذالته. كذا في النهاية(٥) أيضا.

والكوثر : فوعل من الكثير، ولمّا كان كثرة المباني دالّة على كثرة المعاني(٦) على ما ذكره جماعة، فهو في اللغة بمعنى الخير المفرط الكثير كما في الكشّاف، قال :

قيل لأعرابيّة رجع ابنها من السفر، بم آب ابنك؟ قالت : آب بكوثر قال :

وأنت كثير يا ابن مروان طيّب

وكان أبوك ابن العقائل كوثرا(٧)

__________________

(١) والقاري : الحسن وطلحة وابن محيص والزعفرانيّ وأمّ سلمة على ما نقل. انظر : معجم القراءات القرآنيّة ٨ : ٢٥٣، وروح المعاني ٣٠ : ٢٤٤.

(٢) الكشّاف ٤ : ٢٩٠.

(٣) وفي المصدر : وائل بن حجر.

(٤) النهاية في غريب الحديث والأثر ٥ : ٧٦.

(٥) النهاية في غريب الحديث والأثر ١ : ٢٠٦.

(٦) هذا تعليل لا أصل له إن كان على إطلاقه وكلّيته. انظر تفصيل البحث في البيان في تفسير القرآن للسيّد الخوئيّ رحمه الله ٤٦٦.

(٧) الكشّاف ٤ : ٢٩٠ ونسب البيت في تفسير القرطبيّ «الجامع لأحكام القرآن» ٢٠ : ٢١٦، والآلوسيّ في «روح المعاني» ١٠ : ٢٤٥ إلى الكميت.

٤١٠

وفي القاموس : الكوثر : الكثير من كلّ شيء، والكثير الملتفّ من الغبار والإسلام والنبوّة، وقرية من الطائف كان الحجّاج معلّما بها، والرجل الخيّر المعطاء كالكيثر كصيقل والسيّد والنهر ونهر في الجنّة تتفجّر منه جميع أنهارها. انتهى(١) .

وفسّر الكوثر في هذه الآية بوجوه كثيرة :

منها : أنّ المراد به استغراقه في بحر جماله ودنوّه في منازل قربه. ذكره صاحب عرائس البيان في تفسير حقائق القرآن(٢) .

ومنها : أنّ المراد به كوثر القلب تجري فيه أنهار أنوار مشاهدة الحقّ من بحار الأزل والأبد، يزيد في كلّ نفس سرايتها إلى الأبد(٣) . قاله في العرائس أيضا.

ومنها : أنّ المراد : إنّا أعطيناك نورا في قلبك دلّك عليّ وقطعك عمّا سواي. حكاه عن جعفر عليه السلام.

ومنها : أنّ المراد الشفاعة للامّة. حكاه عنه أيضا.

ومنها : أنّ المراد به الرسالة والنبوّة. حكاه عن ابن عطاء.

ومنها : أنّ المراد إنّا أعطيناك معرفة بربوبيّتي وانفراد الوحدانيّة. حكاه عنه أيضا(٤) .

ومنها : أنّ المراد به الولاية المطلقة الكلّيّة الجامعة لتمام مراتب

__________________

(١) القاموس المحيط ٢ : ١٢٥.

(٢) عرائس البيان : ٣٨٥.

(٣) المصدر نفسه.

(٤) عرائس البيان : ٣٨٥.

٤١١

الكمال المستعلية للإنسان الّذي هو جوهر الأكوان، وأنموذج عوالم الإمكان، ومن فروعها النبوّة والرسالة، فإنّ هذه المرتبة لم ينلها سواه ولم يعطها الله غيره. ولذا كانت نبوّته حقيقيّة دائميّة باقية إلى يوم القيامة بخلاف سائر النبوّات، والسرّ في ذلك على ما ذكره الغزاليّ في كتابه المسمّى بكشف الوجوه الغرّ(١) : إنّ النبوّة بمعنى الإنباء، والنبيّ هو المنبئ عن ذات الله وصفاته وأسمائه وأحكامه ومراداته، والإنباء الحقيقيّ الذاتيّ ليس إلّا للروح الأعظم الّذي بعثه الله إلى النفس الكلّيّة أوّلا، ثمّ إلى النفوس الجزئيّة ثانيا، لينبّئهم بلسانه العقليّ عن الذات الأحديّة، والصفات الأزليّة، والأسماء الإلهيّة، وكلّ نبيّ من آدم عليه السلام إلى محمّد صلّى الله عليه وآله مظهر من مظاهر نبوّة الروح الأعظم، فنبوّته ذاتيّة دائمة، ونبوّة المظاهر عرضيّة ومنصرمة إلّا نبوّة محمّد صلّى الله عليه وآله فإنّها دائمة غير منصرمة ؛ إذ

__________________

(١) نسبة الكتاب إلى الغزاليّ سهو من قلم المصنّف رحمه الله قد صدر هنا وفي بعض آخر من مصنّفاته كتفسير سورة الفاتحة : ٧ من المخطوط، هذا وكتاب كشف الغرّ على ما هو المعروف من مؤلّفات الشيخ عبد الرزّاق الكاشانيّ المتوفّى سنة ٧٣٦ ق، وهو شرح على التائيّة الكبرى المعروفة لابن الفارض وهو مطبوع على الحجر بطهران في سنة ١٣١٩ ق مع شرح الفصوص للفارابيّ «تعليقات نفحات الأنس للدكتور محمود عابدي : ٨٧١». وأيضا طبع في هامش ديوان ابن الفارض في مصر ١٣١٩ كما في الذريعة ١٨ : ٦٧ كما أنّه طبع ضمن نتائج الأفكار القدسيّة للعروسيّ «راجع مقدّمة الدكتور محمّد كمال إبراهيم جعفر على اصطلاحات الصوفيّة للقاشانيّ ـ انتشارات بيدار : ٧» بينما أنّ بعض الأفاضل «كالأستاذ الفقيد جلال الدين همائي» مصرّ على خطأ هذه النسبة وأنّه من مؤلّفات عزّ الدين محمود الكاشانيّ المتوفّى سنة ٧٣٥ ق «المعاصر للشيخ عبد الرزّاق المذكور» راجع مقدّمة مصباح الهداية ومفتاح الكفاية : ١٦ وأيضا مقدّمة شرح منازل السائرين : ٢٩ ومقدّمة تحفة الإخوان في خصائص الفتيان لكمال الدين عبد الرزّاق الكاشانيّ رحمه الله بقلم الدكتور سيّد محمّد دامادي : ١٥.

٤١٢

حقيقته حقيقة الروح الأعظم في صورته ؛ الصورة الّتي ظهر فيها الحقيقة بجميع أسمائها وصفاتها وسائر الأنبياء مظاهرها ببعض الأسماء والصفات، تجلّت في كلّ مظهر بصفة من صفاتها إلى أن تجلّت في المظهر المحمّديّ صلّى الله عليه وآله بذاتها وجميع صفاتها، وختم به النبوّة فكان الرسول سابقا على جميع الأنبياء من حيث الحقيقة، متأخّرا عنهم من حيث الصورة كما قال : نحن الآخرون السابقون.

وقال صلّى الله عليه وآله : «كنت نبيّا وآدم بين الماء والطين»(١) وفي رواية : «بين الروح والجسد»(٢) انتهى

ولعلّ من فسّر الكوثر بالنبوّة أراد خصوص هذه النبوّة، لأنّ المقام مقام الامتنان، ولا اختصاص لمطلق النبوّة به، وإنّما المختصّ به صلّى الله عليه وآله مقام النبوّة المطلقة الّتي باطنها الولاية الكلّيّة فافهم واغتنم وكن من الشاكرين. وإلى هذا التفسير يرجع تفسير الكوثر بعليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه، لكونه مظهرا لمقام ولاية محمّد صلّى الله عليه وآله الكلّيّة الّتي هي العلّة الغائيّة لخلق الموجودات الإمكانيّة. ومن هنا ينكشف سرّ قوله : «لولاك لما خلقت الأفلاك، ولو لا عليّ لما خلقتك» وقد أوضحنا ذلك في كتاب الأربعين.

ومنها : العلم والعمل اللّذان هما جناحا الروح للطيران إلى معارج القدس، والارتقاء إلى مدارج الأنس، وهما ركنا العبوديّة الّتي هي جوهرة كنهها الربوبيّة.

__________________

(١) المناقب، لابن شهر آشوب ١ : ٢١٤.

(٢) سنن الترمذيّ ٥ : ٥٨٥، كشف الوجوه الغرّ : ١٦٤ وقد سبق الخلاف في مؤلّفه فراجع.

٤١٣

ومنها : الصيت بكسر الصاد وسكون الياء، وهو حسن الذكر واشتهاره وإشادته. وقد اشتهر ذكره على الألسن في جميع البلاد في مدّة قليلة، قال الله :( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ) . قال الطبرسيّ رحمه الله : أي قرنّا ذكرك بذكرنا حتّى لا أذكر إلا وتذكر معي يعني في الأذان والإقامة والتشهّد والخطبة والمنابر.

وحكى عن قتادة أنّه قال : أي رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، وليس خطيب ولا متشهّد ولا صاحب صلاة إلّا وينادي بـ «أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله»(١) .

ومنها : القرآن المجيد لكثرة ما فيه من العلوم والحكم والأسرار، بل( وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ ) (٢) .

قال الصادق عليه السلام : «ولدني رسول الله وأنا أعلم كتاب الله و... فيه بدء الخلق وما هو كائن إلى يوم القيامة وفيه خبر السماء، وخبر الأرض، وخبر الجنّة والنار، وخبر ما كان، وما هو كائن، أعلم ذلك كما أنظر إلى كفّي، إنّ الله يقول : فيه تبيان كلّ شيء»(٣) انتهى.

فالكوثر من أسماء القرآن، وقد عبّر الله عنه في كتابه بأسام كثيرة كالذكر والتنزيل والفرقان وغيرها.

__________________

(١) مجمع البيان ١٠ : ٥٠٨.

(٢) من المقطوع به أن ليس المراد بكتاب مبين هو القرآن كما صرّح به الأستاذ الشهيد «المطهريّ» رحمه الله في كتابه القيم «انسان وسرنوشت» : ٩، وأيضا راجع : مجمع البيان ٤ : ٣١١، والميزان ٧ : ١٢٨.

(٣) الكافي ١ : ٦١ باب الردّ إلى الكتاب والسنّة الحديث ٨. والآية الكريمة في سورة النحل : ٨٩( وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ ) .

٤١٤

ومنها : الخير الكثير كما هو أحد معانيه لغة كما عرفته، ولعلّ المراد به أكمل الوجود في ساحة الشهود، فإنّه منه كلّ خير وجود، كما أنّ في العدم كلّ شرّ وكنود، قد ترتّب على وجوده الكامل آثار كثيرة لم يترتّب على غيره من أفراد الموجود ممّا خرج عن خزائن الجود بل هو فاتحة كتاب الوجود، وخاتمة دائرة الموجود.

ومنها : كثرة النسل والذرّيّة، فإنّه قد ظهرت الكثرة في نسله من ولد فاطمة عليها السلام حتّى لا يحصى عددهم، واتصل إلى يوم القيامة مددهم، ولعلّ هذا أيضا مراد من فسّر الكوثر بها.

ومنها : خصوص الذرّيّة الطيّبة والأئمّة المعصومين من آله ؛ الّذين جعلهم الله أمناءه في خلقه، وخلفاءه في سمائه وأرضه.

ومنها : كثرة الأصحاب والأشياع والأمّة ؛ ولذا قال صلّى الله عليه وآله : «تناكحوا تناسلوا تكثروا فإنّي أباهي بكم الأمم يوم القيامة»(١) .

وقد قال الباقر عليه السلام : إنّ الناس صفوف عشرون ومائة ألف صفّ ؛ ثمانون ألف صفّ صفّ أمّة محمّد صلّى الله عليه وآله، وأربعون ألف صفّ من سائر الأمم(٢) .

ومنها : شرف الدارين ؛ أمّا في الدنيا فلمقام نبوّته المطلقة، ورسالته العامّة، وأمّا في الآخرة فلشفاعته الكلّيّة.

__________________

(١) مستدرك الوسائل ٢ : ٥٣١، ومن الطبعة الحديثة ١٤ : ١٥٣.

(٢) الكافي ٢ : ٥٩٦ كتاب فصل القرآن، الحديث ١٤ والأصل والناس صفوف مكان «إنّ الناس».

٤١٥

وما ورد من أنّها لولده الحسين عليه السلام(١) فلا ينافي ذلك، فإنّه عليه السلام منه صلّى الله عليه وآله وهو صلّى الله عليه وآله منه عليه السلام كما نصّ عليه في الحديث المشهور المتّفق عليه بين الفريقين(٢) ، فشفاعة الحسين عليه السلام في شفاعته صلّى الله عليه وآله وبالجملة الشرافة الحقيقيّة بمجامعها وحذافيرها لنبيّنا صلّى الله عليه وآله خاصّة، وكلّ شرف في غيره فهو من متابعته ومودّته، قال عليه السلام في الزيارة الجامعة : «آتاكم الله ما لم يؤت أحدا من العالمين، طأطأ كلّ شريف لشرفكم، وبخع كلّ متكبّر لطاعتكم ...» إلى آخره. قال بعض شرّاحها : طأطأ رأسه إذا طامنه وخفضه. والشرف : العلوّ والمكان العالي الحسّيّ كما في الحديث : «كان يكبّر على شرف من الأرض»(٣) والمعنويّ ومنه يسمّى الرجل العالي المقام والمكانة شريفا لعلوّ رتبته، وقد يقال لمن نال شيئا لم ينله بعض أمثاله من الناس حتّى إنّه ليقال لصاحب المال المتموّل والمتملّك شريفا.

وروي في الحديث : «إذا أتاكم شريف قوم فأكرموه ؛ سئل ما الشريف؟

__________________

(١) لم أجد إلى الآن ما يدلّ ظاهرا على انحصار الشفاعة لأبي عبد الله الحسين عليه السلام سوى ما ورد ضمن حديث الكساء وهو : «... السلام عليك يا ولدي ويا شافع أمّتي ...» فراجع.

(٢) احقاق الحقّ ١١ : ٢٧٩ ـ ٢٦٥.

(٣) في الكافي ٢ : ٣١٨ في حديث فقام عيسى عليه السلام بالليل على شرف من الأرض وفي مرآة العقول ١٠ : ٢٣٨ قال الشيخ البهائيّ قدّس سرّه : الشرف : المكان العالي، قيل : ومنه سمّي الشريف شريفا تشبيها للعلوّ المعنويّ بالعلوّ المكانيّ راجع أيضا : «الأربعين» للشيخ البهائيّ رحمه الله : ١٣٥.

٤١٦

فقال : الشريف من كان له مال»(١) لأنّه عالي الرتبة بين من لم يملك مثله من المال، ولا يختصّ بأمر، بل كلّ من فاق بعض أبناء جنسه في شيء فهو شريف، فقد شرّفه الله تشريفا علّاه ورفع درجته.

وقد يفرّق بينه وبين الحسب، فإنّ الحسب : الشرف من قبل الآباء، أي لآبائه شرف ومراتب عالية، وشرف الرجل من نفسه إلى أن قال : ولزم من جميع ذلك أن يطأطئ كلّ شريف لشرفهم ؛ إذ ليس في الكون ممّا خلق الله شريف يفوقهم أو يساويهم، بل كلّ من سواهم معلول لهم(٢) إلى آخره.

ومنها : أنّ المراد به نهر في الجنّة إعطاء الله لرسوله صلّى الله عليه وآله عوضا عن ابنه إبراهيم. كذا في التفسير الصادقيّ عليه السلام(٣) .

ومنها : أنّ المراد به هو حوض النبيّ صلّى الله عليه وآله في عرصات المحشر، والظاهر أنّه غير النهر الّذي أشرنا إليه، لتصريح بعض الأخبار بأنّه في الجنّة، وأنّه نهر يتفجّر منه جميع أنهار الجنّة.

وعن ابن عبّاس قال : لمـــّـا نزل( إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ) صعد رسول الله صلّى الله عليه وآله المنبر فقرأها على الناس، فلمّا نزل قال : يا رسول الله، ما هذا الّذي أعطاك؟ قال : نهر في الجنّة أشدّ بياضا من اللبن، وأشدّ استقامة من القدح، حافتاه قباب الدرّ والياقوت، ترده طير خضر لها أعناق كأعناق البخت، قالوا : يا رسول الله، ما أنعم تلك الطير! قال : أفلا أخبركم بأنعم

__________________

(١) صدر الحديث في مستدرك الوسائل ٨ : ٣٩٧ الحديث رقم ٩٧٨٤ مع ذيل آخر، ومن طبعه القديم ٢ : ٧٤ عن المحاسن : ٣٢٨ الحديث رقم ٨٤.

(٢) شرح الزيارة، للشيخ أحمد الإحسائيّ المطبوع على الحجر، تبريز سنة ١٢٧٦ صفحة ٣٥٤.

(٣) تفسير نور الثقلين ٥ : ٦٨٠ عن مجمع البيان ١٠ : ٥٤٩، أيضا تفسير عليّ بن إبراهيم ٢ : ٤٤٥.

٤١٧

منها؟ قالوا : بلى، قال : من أكل الطائر وشرب الماء فاز برضوان الله(١) .

وفي رواية أنّه صلّى الله عليه وآله قال : إنّه نهر في الجنّة وعدنيه ربّي ؛ فيه خير كثير(٢) انتهى.

وفي رواية أخرى : أنّه أحلى من العسل، وأشدّ بياضا من اللبن، وأبرد من الثلج، وألين من الزبد ؛ حافتاه الزبرجد، وأوانيه من فضّة عدد نجوم السماء(٣) .

وفي ثالث : أنّه من شرب منه لا يظمأ أبدا، وأنّ أوّل وارد به فقراء المهاجرين الدنسو الثياب، الشعث الرؤوس، الّذين لا يزوّجون المنعّمات، ولا يفتح أبواب الدور، يموت أحدهم وحاجته تتلجلج في صدره، لو أقسم على الله لأبرّه(٤) . انتهى.

وهذه الأخبار مصرّحة بأنّ هذا النهر في أصل الجنّة، والروايات الواردة في حوض(٥) النبيّ صلّى الله عليه وآله كاشفة عن أنّه في خارجها، وثبوت هذا الحوض له صلّى الله عليه وآله متّفق عليه بين الفريقين.

__________________

(١) المصدر عن المجمع أيضا.

(٢) تفسير روح البيان، الشيخ إسماعيل حقّي البروسويّ ١٠ : ٥٢٤.

(٣) المصدر نفسه : ٥٢٤، وأيضا بمضمونه في الدرّ المنثور للسيوطيّ ٦ : ٤٠١ ـ ٤٠٢. وفي الجامع لأحكام القرآن «تفسير القرطبيّ» ٢ : ٢١٧، وروح المعاني، للآلوسيّ البغداديّ ٣٠ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥، وتفسير الصافي ٢ : ٨٥٧، وتفسير نور الثقلين ٥ : ٦٨٢، ومجمع البيان ١٠ : ٥٤٩.

(٤) تفسير روح البيان ١٠ : ٥٢٤، والكشّاف ٤ : ٢٩١، وفيهما : «لا تفتح لهم أبواب السدر» مكان «لا يفتح أبواب الدور».

(٥) ويفتح نهر من الكوثر إلى الحوض راجع : مسند أحمد بن حنبل ١ : ٣٩٩. والروايات في الحوض كثيرة جدّا، وذكرها خارج عن طور الرسالة.

٤١٨

وقد أشار إليه الحميريّ في قصيدته المعروفة بقوله :

وراية يقدمها حيدر

ووجهه كالشمس إذ تطلع

إمام صدق وله شيعة

يرووا من الحوض ولم يمنع(١)

وبعض علماء العامّة في منظومته قال :

قد أوتي المصطفى حوضا له عظم

من خير ما قد أتاه الله للرّسل

لا شكّ فيه كما صحّ الحديث به

عن صدق وعد فيسقى كلّ ذي عمل

أصفى بياضا من الألبان أجمعها

من أعذب الماء بل أحلى من العسل

يذاد عنه أناس لا خلاق لهم

قد قابل الدين بالتغيير والبدل

والحوض من بعد لا قبل الصراط أتى

وقيل قبل وقيل اثنان فلتسلي

فهذا الحوض ممّا يجب الإيمان به في الجملة ؛ كما يدلّ عليه كثير من الأخبار.

__________________

(١) بيتان من القصيدة المعروفة للسيّد الحميريّ أوّلها :

لامّ عمرو باللّوى مربع

طامسة أعلامه بلقع

وقد شرحهها العلماء رحمهم الله بشروح كثيرة، فراجع الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١٤ : ٩ ـ ١١، وللمؤلّف رحمه الله أيضا شرح لطيف عليها موجود بخطّه الشريف، وقد طبع ضمن كتاب «منبع الفرائد» لحفيده الحاج السيّد عزيز الله إمامت الكاشانيّ من صفحة ٢٧٦ إلى ص ٣٥٧.

٤١٩

نعم، عن المعتزلة أنّ الحوض كناية عن اتّباع سنّة الرسول صلّى الله عليه وآله وهو كما ترى.

والمشهور أنّه في الموقف في أرض القيامة. وربّما يقال : إنّه خلف الصراط. وهو كما ترى.

ويمكن التوفيق بين التفسير السابق وهذا التفسير بأنّ الكوثر هو النهر الّذي في الجنّة ومنه ينصبّ الماء في هذا الحوض الّذي في أرض الموقف، كما ورد أنّه ينصبّ فيه ميزابا من الكوثر. فيجوز إطلاق الكوثر على هذا الحوض أيضا من هذه الجهة.

وكيف كان فقد روي في الأمالي عن ابن عبّاس أنّه قال : لمـــّـا نزل(١) على رسول الله صلّى الله عليه وآله :( إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ) قال له عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ما هو الكوثر يا رسول الله؟ قال : نهر أكرمني الله(٢) .

قال عليه السلام : إنّ هذا النهر(٣) شريف فانعته لنا. قال : [نعم، نهر](٤) يجري تحت عرش الله، ماؤه أشدّ بياضا من اللبن، [وأحلى من العسل](٥) وألين من الزبد ؛ حصاه الزبرجد والياقوت والمرجان، حشيشه الزعفران، ترابه المسك الأذفر(٦) ، قواعده تحت عرش الله. ثمّ ضرب رسول الله على

__________________

(١) في المصدر : نزلت.

(٢) في المصدر زيادة : به.

(٣) في المصدر : لنهر.

(٤) في المصدر : نعم يا عليّ، الكوثر نهر

(٥) أضفناه من المصدر.

(٦) الأذفر : شديد الرائحة.

٤٢٠