ابن تيميه الجزء ٢

ابن تيميه0%

ابن تيميه مؤلف:
المحقق: جعفر البياتي
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 492

ابن تيميه

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: حبيب طاهر الشمري
المحقق: جعفر البياتي
تصنيف: الصفحات: 492
المشاهدات: 156042
تحميل: 5165


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 492 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156042 / تحميل: 5165
الحجم الحجم الحجم
ابن تيميه

ابن تيميه الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وكما ذكرنا أوّل البحث: الثامن عشر من ذي الحجّة من السنة العاشرة للهجرة، لا كما زعم بعضهم من حديث زيد بن حارثة! وأنّها تعني المعنى الذي ذكرناه في صدر البحث.

ومن قَبل المأمون، فقد احتجّ به عمرو بن العاص، وهو غير متّهم فيه، ولا يمكن لابن تيميه أن يقول إنّ عَمْراً قد صبا فصار رافضيّاً!

واحتجّ به سعد بن أبي وقّاص، وكان معتزلاً لعليّ، وكذلك معاوية.

احتجاج عمر بن عبد العزيز

أخرج أبو نعيم بسندين عن يزيد بن عمر بن مورق، قال: كنت بالشام وعمر بن عبد العزيز يُعطي الناس، فتقدّمت إليه فقال لي: ممّن أنت؟ قلت: من قريش. قال: من أيّ قريش؟ قلت: من بني هاشم. فقال: من أيّ بني هاشم؟ قلت: مولى عليّ، قال: فوضع يده على صدره فقال: أنا والله مولى عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه ؛ ثمّ قال: حدّثني عدّة إنّهم سمعوا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» ثمّ قال: يا مزاحم - مولى عمر بن عبد العزيز - كم تعطي أمثاله؟ قال: مائة أو مائتي درهم. قال: أعطِه خمسين ديناراً، لولايته عليّ ابن أبي طالب. ثمّ قال الحق ببلدك، فسيأتيك مثل ما يأتي نظراءَك.(1)

ربما قال النّاصبيّ: إنّ عمر بن عبد العزيز أمويّ، إلاّ أنّه ترفّض! بدليل: إبطاله سنّة معاوية في لعن عليّ بن أبي طالب على منابر المسلمين وفي خُطَب

____________________

(1) حلية الأولياء: 5: 364، فرائد السمطين 1: 66 - الباب العاشر، حديث 32.

٤٠١

الجُمَع؛ وإحسانه إلى بني هاشم ؛ وإظهاره ما كان يُبطنه من موالاته لعليّ بن أبي طالب ؛ ولذلك سقطت عدالتُه ورُدّت شهادته، ولا يمكن الاحتجاج به!

كلمات العلماء في الحديث

للعلماء الأعلام كلمات في الحديث، حيث صحّحوا الحديث فيها وجعلوه حُجّة في وِلاية عليّعليه‌السلام وخلافته، مع ما لهُ من الحُجج والفضائل الأخرى الخاصّة به، قد ذكرنا بعضها عَرَضاً، ونذكر العلاّمة المسعوديّ: قال عليّ بن الحسين المسعوديّ الشّافعيّ «المتوفّى سنة 346 هـ): والأشياء التي استحقّ بها أصحابُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الفضلَ هي: السّبق إلى الإيمان، والهجرة، والنّصرة لرسول الله، والقربى منه، والقناعة، وبذل النّفس له، والعلم بالكتاب والتنزيل، والجهاد في سبيل الله ؛ والورع، والزهد، والقضاء، والحكم، العفّة، والعلم، وكلّ ذلك لعليّعليه‌السلام منه النصيب الأوفر، والحظّ الأكبر ؛ إلى ما ينفرد به من قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين آخى بين أصحابه: «أنت أخي» وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله لا ضدّ له ولا ندّ. وقوله صلوات الله عليه: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي».

وقولهعليه‌السلام : «من كنت مولاه، فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه». ثمّ دعاؤهعليه‌السلام وقد قدّم إليه أنسُ الطائرَ: «اللّهم أدخلْ إليَّ أحبَّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر» فدخل عليه عليّ.(1)

الحافظ الگنجي الشافعيّ:

____________________

(1) كفاية الطالب: محمّد بن يوسف الگنجي الشافعيّ: 64.

٤٠٢

والحافظ الگنجي الشافعيّ «المقتول سنة 658 هـ) كلام لطيف ينمّ عن إيمانٍ وعلمٍ، فهو بعد أن أورد حديث الغدير بطرقٍ كثرة قال: قلت: هذا حديث مشهور حسن، رواته الثقاة، وانضمام هذه الأسانيد بعضها إلى بعض حجّة في صحّة النقل. ولو لم يكن في محبّة عليّ إلاّ دعاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لمُحبِّ عليّ بكلّ خيرٍ لكان فيه كفاية لمن وفّقه الله عزّ وجلّ فكيف وقد دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربّه عزّوجلّ بموالاة من والاه وبمحبّة من أحبّه، وبنصر من نصره.(1)

ابن المغازليّ الشافعيّ:

وقال الفقيه ابن المغازليّ الشافعيّ بعد ذكره لطرق الحديث: قال أبو القاسم الفضل بن محمّد: هذا حديث صحيح عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد روى حديثَ غدير خمّ عن رسول الله نحوٌ من مائة نفس منهم العشرة، وهو حديث ثابت لا أعرف له علّة ؛ تفرّد عليّعليه‌السلام بهذه الفضيلة ليس يَشرَكُه فيها أحد.(2)

أحمد بن حنبل: حدّثنا حسين بن محمّد، وأبو نعيم المعنيّ قالا: حدّثنا فطر عن أبي الطّفيل قال: جمع عليّرضي‌الله‌عنه عنه الناس في الرحبة ثمّ قال لهم: أنشد الله كلّ امرئٍ مسلم سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول يوم غدير خم ما سمع لمّا قام. فقام ثلاثون من الناس، وقال أبو نعيم: فقام ناس كثير فشهدوا حين أخذه بيده، فقال للناس: «أتعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه».

____________________

(1) مروج الذهب: عليّ بن الحسين المسعوديّ 2: 425 - 426.

(2) مناقب الإمام عليّ: الفقيه عليّ بن محمّد الشافعيّ الشهير بابن المغازليّ: 27 / الرقم 39.

٤٠٣

قال: فخرجتُ وكأنّ في نفسي شيئاً، فلقيتُ  زيد بن أرقم فقلت له: إنّي سمعت عليّاًرضي‌الله‌عنه يقول كذا وكذا؟ قال: فما تُنكر؟! قد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ذلك له.(1)

فضيلة صيام يوم الغدير:

أخرج الخطيب البغداديّ(2) عن أبي نصر حبشون بن موسى بن أيّوب الخلاّك(3) ، قال: حدّثنا عليّ بن سعيد الرمليّ، حدّثنا ضمرة بن ربيعة القرشيّ، عن ابن شوذب، عن مطر الورّاق، عن شهر بن حوشب، عن ابي هريرة قال: من صام يوم ثَمان عشرة من ذي الحجّة كُتب له صيام ستّين شهراً، وهو يوم غدير خمٍّ لمّا أخذ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بيد عليّ بن أبي طالب فقال: «ألستُ وليَّ المؤمنين؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «من كنت مولاه، فعليّ مولاه» فقال عمر بن الخطّاب: بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب، أصبحتَ مولاي ومولى كلّ مسلم فأنزل الله:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ

____________________

(1) مسند أحمد - مسند زيد 5: 498 / 18815.

(2) تاريخ بغداد: الخطيب البغداديّ 8: 290.

(3) قال الخطيب: حبشون بن موسى بن أيّوب، أبو نصر الخلاّل. سمع عليّ بن سعيد بن قتيبة الرملي، وحنبل بن إسحاق الشيبانيّ...، روى عنه أبوبكر بن شاذان، وأبو الحسن الدار قطنيّ، وأحمد بن الفرج بن الحجّاج، وأبو حفص بن شاهين... وكان ثقة يسكن باب البصرة.

«تاريخ بغداد 8: 29، والمناقب للخوارزميّ 156 / الحديث 184، ومناقب الإمام عليّ: ابن المغازليّ 18 / الحديث 24».

٤٠٤

دِينَكُمْ ) (1) .

حديث الثّقلين

قال رافض الحقّ ابن تيميه: قال الرافضيّ: العاشر - من أدلّة إمامة عليّعليه‌السلام ما رواه الجمهور من قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي تارك فيكم ما إنّ تمسّكتم به لن تضلّوا: كتاب الله وعِتْرتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتّى يَرِدا علَيَّ الحَوْضَ». وقال: «أهلُ بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق». وهذا يدلّ على وجوب التمسّك بقول أهل بيته، وعليّ سيّدُهم ؛ فيكون واجب الطّاعة على الكلّ، فيكون هو الإمام.(2)

ابن تيميه: «والجواب» من وجوهٍ أحدها: أنّ لفظ الحديث الذي في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال: قام فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خطيباً بماءٍ يُدعى خمّاً بين مكّة والمدينة، فقال: أيّها الناس، إنّما أنا بشرٌ يُوشِك أن يأتيني رسول ربيّ فأجيب ربّي، وإنّي تارك فيكم ثقلين: أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنّور فخُذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه. ثمّ قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي».(3)

____________________

(1) المائدة: 3.

(2) منهاج السنّة 4: 104.

(3) منهاج السنّة 4: 105.

٤٠٥

قال: وهذا اللفظ يدلّ على أنّ الذي أمرنا بالتمسّك به، وجعل المتمسّك به لا يضلّ هو كتاب الله. وهكذا جاء في غير هذا الحديث كما في صحيح مسلم عن جابر في حجّة الوداع(1) ...

قال: وأمّا قوله: «وعترتي أهل بيتي وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» فهذا رواه الترمذيّ. وقد سئل عنه أحمد بن حنبل فضعفّه! وضعّفه غير واحد من أهل العلم وقالوا: لا يصحّ.(2)

ثمّ خاض في تفسير العترة فقال: إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال عن عترته «أنّها والكتاب لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض...».

قال: لكن العترة هم. بنو هاشم كلّهم...(3)

قال: وأمّا قوله: «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح»، فهذا لا يعرف له إسناد صحيح، ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يُعتمد عليها.(4)

وجوابنا من وجوه: العجب كلّه من تصديقه الحديث والإقرار بصحّته! فلم ينكره على عادته المألوفة وألفاظه المعروفة مثل: «وهذا كذب بالإجماع، كذب عند أهل العمل والمعرفة بالحديث...».

إلاّ أنّ الذي فيه ؛ حمَلَه على ذكر الحديث الذي في صحيح مسلم ولم يكن

____________________

(1) نفسه 105: 4.

(2) نفسه.

(3) نفسه.

(4) نفسه.

٤٠٦

أميناً في النقل! إذ لم يتمّ الحديثَ بما يُظهر منزلة أهل البيت: ؛ فانّ آخر الحديث: «ثمّ قال: وأهل بيتي أذكّركمُ اللهَ في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي».(1)

فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر أهل بيته ثلاث مرّاتٍ لا مرّة واحدة كما أورده ابن تيميه، فماذا يعني ذكرهم هكذا؟

إنّه يعني: إظهار خطر منزلتهم في الأمّة، فليس في كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عبث، حاشا لله تعالى، فانّه أعلم أمّته في آخر حجّةٍ حجّها أنّه مفارقُهم وأنّه تاركٌ فيهم خليفتين وعلى الأمّة أن تحفظه فيهما ولا تضيّع وديعتيه، ثمّ أعلمهم بهما فذكر كتاب الله عزّ وجلّ وحثّ على التمسّك به، ثمّ ذكر أهل بيته بلا فصلٍ، فجعلهم عِدْل القرآن، ولم يشرك فيهما غيرهما، وذلك مثلما صنع يوم المباهلة إذ خرج بعليّ فأقامه مقام نفسه، وابنته الطّاهرة فاطمة فكانت نساءه يومئذ، وسبطيه الحسن والحسين فكانا ابناءه: أجمعين ؛ خرج بهم يتحدّى نصارى نجران، فغلبهم بهم وامتنع النّصارى من المباهلة وأعطوا الجزية، ولو كان أحد يعدلهم لأقامه مقامهم وأشركه معهم فكانوا: معجزةَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذٍ. ولمّا نزلت آية التطهير:( إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (2) ، جمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً وفاطمة والحسن والحسين: وأغْدَف عليهم كساءً وقال: «اللّهم هؤلاء أهل بيتي فأذهِبْ عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً» ولما أرادت أمّهات

____________________

(1) صحيح مسلم 15: 180 ؛ ومسند أحمد بن حنبل 3: 492 / 18780.

(2) الأحزاب: 33.

٤٠٧

المؤمنين: أمّ سلمة، وعائشة أن يكنّ معهم، منعهنّ رسول الله(1) . وما ذكرناه وغيره دليلُ عصمتِهم: التي لا يشركهم فيها إلاّ نفسه الزكيّةصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقوله: وهذا اللفظ يدلّ على أنّ الذي أمرنا بالتمسّك به، وجعل المتمسّك به لا يضلّ هو كتاب الله».

وإنّما أراد بذلك أن يدفع فضل أهلِ البيت:، بقَصْرِ التمسّك بكتاب الله، والذي في الحديث أنّه قرنهم بالقرآن من حيث التمسّك، فهم بابُ علم الله الذي يُؤتى منه لمعرفة أحكام الله وترجمة كتابه. وهم مع القرآن والقرآن معهم على ما نصّ عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسنذكر الأحاديث في معيّتهم مع القرآن ومعيّة القرآن معهم بعد حين.

ونذكّر هنا بحديث الغدير، الذي أنكره ابن تيميه - وتكلّمنا عليه بما فيه الكفاية - فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد أن حثّ الناس على التمسّك بالثقلين وأوضح بالبيان البليغ أنّهما القرآن وعترتُه أهلُ بيته، فقد نصب كبيرَ أهلِ البيت عليّاًعليه‌السلام علَماً وأقامه مقامَه في الإمامة الكبرى، وهذا يعني أنّ المنزلة الرفيعة التي هي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هي لعليّ بعده «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى»(2) ، ومن بعد عليّ لوُلدِه الحسن والحسين:، فهم وفاطمةعليها‌السلام ، أهل البيت لا يشركهم غيرهم.

وممّا يثبت - وهو ثابت قطعاً - ما ذكرناه في شأن وجوب التمسّك بالقرآن وأهل البيت، ما ذكره النوويّ في شرحه لصحيح مسلم، قال: «قال العلماء: سُمّيا

____________________

(1) وسيأتي الكلام على الحديث في «حديث الكساء».

(2) حديث المنزلة مشهور متواتر وسيأتي الكلام عليه.

٤٠٨

ثقلين لِعظمهما، وقيل العمل بهما»(1) .

والوجه الآخر: قوله: وأمّا قوله: «وعترتي أهل بيتي وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» فهذا رواه الترمذيّ.(2)

وهذا أيضاً عجب منه! إذ أقرّ بحديث الثقلين برواية الترمذيّ، إلاّ أنّه وعلى عادته المنتظمة لم يطق إلاّ أن يوهّن بالحديث! فقال: وقد سُئل عنه أحمد ابن حنبل فضعّفه، وضعّفه غير واحد من أهل العلم وقالوا: لا يصحّ!

وهذا هو دأبه في إنكار الحقائق فيلوذ بعلماء لا وجود لهم! بدليل أنّه لم يذكر واحداً من هؤلاء العلماء.

وأمّا أحمد بن حنبل، فقد ذكر الحديث في أكثر من موضع من مسنده من غير تضعيف! فِلمَ الافتراء المتعمّد عليه؟!

وهذه بعض طُرقه في المسند، لأحمد بن حنبل:

أبو إسرائيل - يعني إسماعيل بن أبي إسحاق المُلائي - عن عطيّة، عن أبي سعيد الخُدْريّ قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي تارك فيكم الثّقلين أحدُهما أكبر من

____________________

(1) صحيح مسلم، بشرح النووي 15: 180. وقريب منه ما ذكره الصدوق (ت 381 هـ) في كتابه: (عيون أخبار الرضا: 57) قال: حدّثنا عليّ بن الفضل البغداديّ قال: سمعت أبا عمر صاحب أبي العبّاس تغلب يُسأل عن معنى إني تارك فيكم الثّقلين لِمَ سُمّيا بالثقلين؟ قال: لأنّ التمسّك بهما ثقيل».

(2) الجامع الصحيح: الترمذي 5: 328. والمستدرك على الصحيحين 3: 148، والمعرفة والتاريخ: الفسَوي 1: 295، ومناقب الإمام علي: ابن المغازليّ 234.

٤٠٩

الآخر، كتاب الله حبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض».(1)

عن الأعمش، عن عطيّة العوفي، عن أبي سعيد الخدريّ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: «إنّي أوشك أن أدعى فأجيب، وإنّي تارك فيكم الثّقلين: كتاب الله عزّ وجلّ وعترتي، كتاب الله حبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي وإنّ اللّطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فانظروني بِمَ تخلُفُوني فيهما».(2)

ابن نمير، حدّثنا عبد الملك - ابن أبي سليمان - عن عطيّة، عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي قد تركت فيكم الثّقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتابَ الله عزّ وجلّ، حبلٌ ممدودٌ من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ألا إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض».(3)

فماذا بعد الحقّ إلاّ الضلال؟ فها هو أحمد يذكر الحديث من غير تضعيف، ولم يكن أحمد رافضيّاً! والعترة أهل البيت والقرآن، مُتلازمان لا يفترقان حتّى يردا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حوضَه في الجنّة، فهما خليفتا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في أمّته اللّذان تُسأل عنهما يوم الحساب ويكون الجزاء ثواباً أو عقاباً بقدر التزامهما

____________________

(1) مسند أحمد بن حنبل 3: 388 / 10720.

وأبو إسرائيل، ذكره يحيى بن معين، قال: كوفيّ، ثقة. تاريخ يحيى 1: 199 / 1278.

(2) مسند أحمد 3: 393 / 10747. والطبقات الكبرى لابن سعد 2: 194.

(3) مسند أحمد 3: 408 / 10827.

٤١٠

والتمسّك بهما.

ثمّ ما العيب في الترمذيّ (ت 279 هـ) صاحب الجامع الصحيح، أليس هو من العلماء عند ابن تيميه إذ ذكر الحديث؟ فما قوله في ابن أبي شيبة، والدارميّ، والفسويّ، والبيهقيّ، والطبرانيّ، والطحاويّ، والحاكم، والقاضي عياض، والحسكانيّ الحنفيّ، والصدوق، هل هؤلاء أيضاً ليسوا علماء لأنّهم ذكروا الحديث؟ فإذا كانوا كذلك فماذا عن أحمد بن حنبل؟

ذكر ابن أبي شيبة بسنده قال: حدّثنا عمر بن سعد أبو داود الحَفَريّ(1) عن

____________________

(1) عمر بن سعد الحَفَريّ الكوفيّ وحَفَر موضع بالكوفة.

روى عن بدر بن عثمان (كوفيّ، تابعيّ، ثقة، تاريخ الثقات 78: 137، والبخاريّ الكبير 1: 139، وثقات ابن حبان 6: 116)، وحفص بن غياث، وسفيان الثّوريّ، وشريك ابن عبد الله، ومِسعَر بن كِدام، ومالك بن مِغْوَل، وغيرهم. كلّ هؤلاء مذكورون في الثقات والفضل وأهل العلم. ترجمنا لهم في غير هذا الموضع.

روى عنه: أحمد بن حنبل، وسفيان بن وكيع بن الجرّاح، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعليّ ابن المدينيّ، وغيرهم كثير. والقول في هؤلاء نفسه في السابقين. قال يحيى بن مَعين: ثقة. (تاريخ ابن مَعين 2: 484). وقال الدارميّ: ثقة. (تاريخه. الترجمة 97). وقال وكيع: إن كان يُدفع بأحدٍ في زماننا فبأبي داود. وعن عليّ بن المديني: لا أعلمني رأيتُ أعبد من أبي داود الحَفَريّ. (الأنساب للسمعاني 4: 173). وقال العجليّ: ثقةٌ، ثبت في الحديث وهو أثبت في سفيان من جماعة تاريخ الثقات 358 / 1231.

وقال أبو حاتم: صدوق رجل صالح. (الجرح والتعديل 6، الترجمة 596).

٤١١

الرُكَيْن(1) ، عن القاسم بن حسان(2) ، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي تاركٌ فيكم الخليفتين من بعدي: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وإنّهما لن يتفرّقا حتّى يردا علَيَّ الحوضَ»(3) .

لقد كذب ابن تيميه عمداً أكثر من مرّة، إذ أقرّ بذكر الترمذيّ الحديث ثمّ عاد إلى الزعم بأنّ أحمد بن حنبل، وغيره من أهل العلم - كذا! - ضعّفوه، وقالوا: لا يصحّ!

ولقد وجدنا أحمد بن حنبل ذكره ولم يكذّبه! والحديث الذي ذكرناه عن المصنّف لابن أبي شيبة، المتقدّم على أحمد بن حنبل، وعلى الترمذيّ، وهو ذائع

____________________

(1) ترجمته في المعرفة والتاريخ في أجزائه الثلاث، وطبقات ابن سعد 6: 325، وثقات ابن حبّان 1: 133، وطبقات خليفة 164، ورجال صحيح مسلم 50... وهو الركين بن الربيع بن عُمَيْلة الفزاريّ الكوفيّ.

(2) روى عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر بن الخطّاب، وعَدِيّ بن ثابت، وعكرمة مولى ابن عبّاس، والقاسم بن حسان (مذكور في سند الحديث) ويحيى بن يعمر... ؛ وهؤلاء بين صحابيّ وتابعيّ.

روى عنه: سفيان الثّوريّ، شعبة بن الحجّاج، وعبد الرحمان بن عبد الله المسعوديّ، ومسعر بن كدام، شريك بن عبد الله، ومعتمر بن سليمان، وزائدة بن قدامة... (والقول في هؤلاء مثل القول في سابقيهم، فهم: ثقة، وثقة ثبت، ويكتب قوله ويحتجّ به، وفيهم المتعبّد الذي يأتيه سفيان يتبرّك به... (انظر كتب تراجم الرجال).

بقي من السند: القاسم بن حسان، وزيد بن ثابت. فأمّا القاسم فقد قال العجليّ: تابعيّ ثقة. تاريخ الثقات 386 / 1365. وأمّا زيد بن ثابت، فهو صحابيّ مشهور.

(3) المصنفّ لابن أبي شيبة (ت 235 هـ) 7: 418 / 41.

٤١٢

الصّيت في كتب الحديث والرجال ؛ ولذا أعرض الناصبيّ عنه.

ولم نجد في سند الحديث الذي ذكره ابن أبي شيبة أدنى ضعف، بل وقع إلينا بُعلوٍّ مُتَناهٍ.

و أيّ بيان أصرح من لفظه، يفهمه حتّى غير العربيّ ممّن تعلّم من العربيّة شيئاً، فإنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد استخلف على المسلمين خليفتين حاكمين بالحقّ: القرآن الكريم، والعِتْرة الطاهرة أهل بيته، أحدهما ملازم للآخر حتّى يردا عليه الحوض. وليس للأمّة مخالفته والخروج عليه.

احتجاج ابن عبّاس بالحديث:

ولو لم يكن الحديث في إظهار المنزلة الخاصّة لأهل البيت: على النحو الذي ذكرناه، لما حفلت به كتب الحديث المعتبرة وتكلّم عليه العلماء، وكان ممّا يُحتجّ به من الصدر الأوّل فالعصور التالية.

عن محمّد به سلمة(1) ، عن خُصَيف(2) ، عن مجاهد، قال: قيل لابن عبّاس: ما

____________________

(1) محمّد بن سَلَمة أبو عبد الله مولى لباهلة، وكان يسكن حرّان، وكان صدوقاً ثقة. وكان له فضل ورواية وفتوى. مات سنة إحدى وتسعين ومائة. طبقات ابن سعد 7: 336 / 3977. وذكره العجليّ في تاريخه قال: ثقة، وهو أرفع من عتاب بن بشير. تاريخ الثقات 326 / 1095.

(2) خُصَيف بن عبد الرحمان الجَزَريّ الحرّانيّ الأُمويّ، مولى عثمان بن عفّان، ويقال: كان مولى معاوية بن أبي سفيان. رأى أنس بن مالك. وروى عن: سعيد بن جُبير، وسفيان الثّوريّ وهو من شيوخه، ومجاهد بن جَبْر، وعِكرمة مولى ابن عبّاس، وعطاء بن أبي رباح، وأبي الزّبير محمّد بن مسلم المكّيّ، ومِقْسَم، وأبي عُبيدة بن عبد الله بن مسعود... ؛ روى عنه: إسرائيل بن يونس،=

٤١٣

تقول في عليّ بن أبي طالب؟ فقال: ذكرتَ واللهِ أحدَ الثّقلين، سَبقَ بالشّهادتين، وصلّى القَّبلتين، وبايع البيعتين، وأُعطي السِّبطين الحسن والحسين، ورُدّت عليه الشّمس مرّتين بعد ما غابت عن الثّقلين(1) ، فمَثَلُه في الأمّة مَثَلُ ذي القَرْنين، ذلك مولاي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .(2)

فهذه شهادةٌ من ابن عبّاس المُجمعِ على وثاقِته وحُجّية ما يروي، ابتدأها ببلاغتِه المعهودة، فشهد لعليّعليه‌السلام أنّه أحدُ الثّقلين، وترك للسّامع معرفَة الثّقل الثاني ألا وهو القرآن الكريم. ولمّا كان القرآن الكريم معصوماً من الخطأ لأنّه من لَدُن الله عزّ وجلّ ؛ كان عليٌّ معصوماً لذلك، يعضده نزول آية المباهلة في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وابنتِه الزهراء وبعلِها عليٍّ وابنيِه الحسن والحسين سبطي النبيّ، وحديث الكساء... وغير ذلك من الآيات والأحاديث الصريحة في عصمة أهل البيتعليهم‌السلام

____________________

= وحجّاج بن أرطاة، وسفيان الثّوريّ، وسفيان بن عُيينة، وشريك بن عبد الله النخعيّ، وعبد الله بن أبي نُجيح، وهو من أقرانه، وفضيل بن غزوان، ومحمّد بن إسحاق بن يسار، وهو من أقرانه، ومحمّد بن سَلَمة الحرّانيّ، ومعمر بن راشد...

طبقات ابن سعد 7: 482، وطبقات خليفة 319، والبخاريّ الكبير 3 / ترجمة 766. والمعرفة والتاريخ 2: 175، ومواضع أخرى، والتهذيب 8: 257 / 1693... قال العجليّ: ثقة. تاريخ الثقات 143 / 381. وكذلك قال ابن سعد. وأمّا مجاهد، وابن عبّاس، فنترك الحكم عليهما لابن تيميه! وقد ترجمنا لمجاهد في موضع آخر، وقد أجمعوا على توثيقه. ونترك لابن تيميه الحكم على ابن عبّاس! فربّما قال: إنّه ابن عمّ عليّ ولذلك ذكر هذه الأحاديث الكثيرة في فضائله!

(1) هما الإنس، والجنّ، فمثلما الإنس فيهم مؤمنون وفيهم فاسقون، كذلك الجنّ. انظر سورة (الجنّ).

(2) المناقب للخوارزميّ الحنفيّ 330 حديث 349، ومقتل الحسين، له 47.

٤١٤

وأنّهم حمَلة القرآن بحقٍّ.

وتضمّن حديث ابن عبّاس حقائق أخري منها: سبقُ عليٍّعليه‌السلام إلى الإسلام، وأنّ منه كان سبطا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وردّ الشّمس عليه بعدَ مغيبِها، وأنّ عليّاً مولاهُ، وهو إشارةٌ إلى حديث الغدير. هذه الحقائق أنكرها ابن تيميه! وأثبتها علماء المذاهب، وتحدّثنا عليها في مواضعها.

حديث أمّ سلمة

ويرد الحديث عن المرأة الصالحة أمّ المؤمنين أمّ سلمة، مع زيادة فعنها رضي الله عنها، قالت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي قُبضَ فيه، وقد امتلأت الحُجرة من أصحابه: «أيّها الناسُ، يوشَك أن أُقبض قبضاً سريعاً، وقد قدّمتُ إليكم القولَ معذرةً إليكم، ألاَ إنّي مخلّف فيكم الثّقلين: كتاب الله عزّ وجلّ، وعترتي أهل بيتي، ثمّ أخذ بيد عليٍّ فقال: هذا عليٌّ مع القرآن، والقرآن مع عليٍّ، لا يفترقان حتّى يردا عَلَيّ الحوضَ فأسألُهما: ما أخْلَفتُم فيهما؟!».(1)

وهذا هو دأب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الأمور الخطيرة، يذكّر أمّته بها في أكثر من مرّة وأكثر من موطن، ومن ذلك حديث الثّقلين، فإنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله خطب المسلمين في آخر حجّةٍ حجّها ولذا سمّيت حجّة الوداع وذكر حديث الثّقلين ونصب من

____________________

(1) الصواعق المحرقة لابن حجر 75. وحديث معيّة عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ، أنكره الناصبيّ، يأتي الحديث عليه. وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله «معذرةً إليكم» أراد منه قطع المعاذير بعده على مَن يخرج على الثّقلين: القرآن وعليّ، وزاده بياناً: أنّ العِتْرة هي عليّ الملازم للقرآن».

٤١٥

الثّقل الثاني كبيرهم وأباهم عليّاً خليفةً. وها هوصلى‌الله‌عليه‌وآله في آخر يومٍ من عمره الشريف يعيد حديث الثّقلين وينصب عليّاً من جديد ويؤكّد التلازم بين عليّ والقرآن وأنّهما واردان عليه حوضه.

عن أبي سعيد التيميّ، عن أبي ثابت، قال: كنت مع عليٍّ يومَ الجمَل، فلمّا رأيتُ عائشة واقفةً، دخلَني بعضُ ما يدخل الناسَ! فكشف الله عنّي عند صلاة الظّهر فقاتلتُ مع أميرالمؤمنين فلمّا فرغ ذهبت إلى المدينة فأتيتُ أمّ سلشمة فقلت: إنّي واللهِ ما جئت أسأل طعاماً ولا شراباً ولكنّي مولىً لأبي ذرّ، فقالت: مرحباً، فقصصتُ عليها قصّتي فقالت: أين كنتَ حين طارت القلوبُ مطائِرَها؟ قال: إلى حيث كشف الله ذلك عنّي عند زوال الشمس.

قالت أحسنتَ، سمعتُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض».(1)

وقد ذكر الطحاويّ الحنفيّ حديث زيد بن أرقم، عن يزيد بن حيّان(2) ،

____________________

(1) المستدرك على الصحيحين 3: 134، والمعيار والموازنة 135، والمعجم الصغير للطبرانيّ 1: 255، وفرائد السمطين 1: 176، والتلخيص للذهبيّ هامش المستدرك للحاكم وقال: صحيح أبو سعيد عقيصا ثقة مأمون.

(2) يزيد بن حيّان التيميّ الكوفيّ، عمّ أبي حيّان التيميّ.

روى عن: زيد بن أرقم، وشُبرُمة بن الطّفيل، وعنبس بن عقبة وكدير الضّبيّ.

روى عنه: سليمان الأعمش، وسعيد بن مسروق الثّوريّ، وابن أخيه أبو حيّان التّيميّ. قال النسائيّ: ثقة. وذكره ابن حبّان في الثقات وروى له مسلم وأبو داود النّسائي. الثقّات لابن حبّان =

٤١٦

وحُصَين بن عُقبة(1) ، وعلّق عليه، قال: وطلبنا مَن روى عن يزيد بن حيّان سوى أبي حيان التيميّ ليكون قد حدّث عنه سوى أبي حيان مَن هو كأبي حيان في العدل فيكون قد حدّث عنه عَدْلان. فوجدنا الأعمش قد روى عنه كما قد: «...»(2) وما قد «...»(3) .

قال أبو جعفر الطحاويّ: فاحتمل في الرواية عنه الأعمش وابن حيّان ؛ فمَن أخرج عِتْرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليهم، من المكان الذي جعلهم الله به على لسان نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ممّا قد ذكرنا في هذه الآثار فجعلهم كسواهم ممّن ليس من أهل بيته وعترته كان ملعوناً إذ كان قد خالف رسول الله فيما فعل من ذلك.(4)

وذكر الصدوق، قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمّد بن أبي عمير، عن غياث بن

____________________

= 3: 134 / 4508، و 4: 395 / 5283، والمعرفة والتاريخ 1: 103، والجرح والتعديل 9 / الترجمة 1074.

(1) حُصَيْن بن عقبة، فزاريّ كوفيّ. يروي عن سلمان الفارسيّ وسمرة بن جندب وعليّ بن أبي طالب.

يروي عنه: يزيد بن حيّان التيميّ، وصالح بن خبّاب، وابنه مالك بن حُصَين.

ذكره ابن حبّان في الثقات 2: 89 / 670. وترجم له ابن سعد في طبقاته 6: 180، والبخاريّ الكبير 3 / الترجمة 13، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3 / الترجمة 845.

(2) مشكل الآثار للطحاويّ 4: 254 / 3798.

(3) نفسه / 3799.

(4) مشكل الآثار 4: 254.

٤١٧

إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن عليّ عن أبيه عليّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّ:، قال: سُئل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن معنى قول رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي مخلّف فيكم الثقلين: كتاب الله وعِتْرتي، من العِتْرة؟ فقال: أنا والحسن والحسين والأئمّة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديّهم وقائمهم لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتّى يَرِدوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حوضَه».(1)

حديث الفراقد

وبسندٍ عن مكحول، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «اهتدوا بالشّمس، فإذا غابت الشّمس فاهتدوا بالقمر، فإذا غاب القمر فاهتدوا بالزُّهرة، فإذا غابت الزُّهرة فاهتدوا بالفرقدين». فقيل: يا رسول الله، ما الشّمس، وما القمر...؟ قال: «الشّمس أنا، والقمر عليّ، والزّهرة فاطمة، والفرقدان الحسن والحسين»(2) .

سند حديث الفراقد:

مكحول الشاميّ(3) ، روى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مرسلاً، وعن أُبَيّ بن كعب، ولم

____________________

(1) عيون أخبار الرضا للصدوق 57.

(2) شواهد التنزيل للحسكانيّ الحنفيّ 1: 77 حديث 91، ورواه الصدوق في معاني الأخبار 114.

(3) المعرفة والتاريخ 2: 232، 236، وطبقات ابن سعد 7: 453، وتاريخ عبّاس الدوري 2: 584، وتاريخ خليفة 206، و 345، وطبقاته 310، وتاريخ البخاريّ الكبير 8 / الترجمة 2008، وتاريخ =

٤١٨

يُدركه، وأنس بن مالك، وسعيد بن المسيّب، وواثلة بن الأسقع وأبي هريرة، وعُبادَة بن الصّامت، وطاووس بن كيسان، وعُروة بن الزّبير، وعكرمة مولى ابن عبّاس، وكُرَيب مولى ابن عبّاس، وشُرَحبيل بن السِّمط، وقبيصة بن ذُؤيب، وأبي إدريس الخولانيّ... وروى مرسلاً عن عائشة، وأمّ أيمن.

روى عنه: أسامة بن زيد الليثيّ، والحجّاج بن أرطاة، وحصين الفزاريّ، حُمَيد بن مسلم القرشيّ، وحُمَيد الطويل، وزيد بن واقد، وعبد الرّحمان الأوزاعيّ، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، و عبد القدّوس بن حبيب الشاميّ، ومحمّد بن إسحاق بن يَسار، ومحمّد بن مسلم بن شِهاب الزُّهريّ، والهيثم بن حُميد الغسّانيّ - وهو من أعلم الناس بقوله -، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ...

ذكره محمّد بن سعد في الطبقة الثالثة من تابعي أهل الشام.(1)

وقال أبو حاتم: سمعت أبا مُسْهر وسألته فقال: سمع من أنس، ومن واثلة ابن الأسقع.(2)

وقال التّرمذيّ: سمِعَ من واثلة، وأنس، وأبي هند الدّاريّ ويقال: إنّه لم يسمع من أحدٍ من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ من هؤلاء الثلاثة.(3)

____________________

= الثقات للعجليّ 439، والمعارف لابن قتيبة 452 - 453، والثقات لابن حبّان 5: 350، والجرح والتعديل 8 / الترجمة 1867، ورجال صحيح مسلم 179.

(1) طبقات ابن سعد 7: 453.

(2) الجرح والتعديل: 8 / الترجمة 1867.

(3) الترمذيّ 4: 27 / 2506.

٤١٩

وقال يونس بن بُكَير، عن محمّد بن إسحاق: سمعت مكحولاً يقول: طفت الأرض كلّها في طلب العلم(1) .

وعن الزّهريّ: العلماء أربعةٌ: سعيد بن المسيّب بالمدينة، وعامر الشّعبيّ بالكوفة، والحسن بن أبي الحسن بالبصرة، ومكحول بالشام.(2)

وذكره العجليّ في تاريخه، قال: مكحول الدمشقيّ تابعيّ ثقة.(3)

يعقوب بن سفيان الفسويّ قال: حدّثنا عليّ بن عثمان النّفيليّ قال: حدّثنا أبو مسهر، قال: حدّثنا سعيد بن عبد العزيز، قال: لم يكن أحد في زمن مكحول أبصر بالفُتيا منه...(4) .

وقال أبو حاتم: ما أعلم بالشّام أفقه من مكحول(5) .

توفّي مكحول سنة ثماني عشرة ومائة(6) .

محمّد بن المنكدر(7) : ومحمّد بن المنكدر الذي روى حديث الفراقد عن

____________________

(1) الجرح والتعديل: 8 /  الترجمة 1867.

(2) نفسه، وحلية الأولياء 5: 179.

(3) تاريخ الثقات للعجليّ 439 / 1628.

(4) المعرفة والتاريخ للفسويّ 2: 232.

(5) الجرح والتعديل: 8 / الترجمة 1867.

(6) طبقات ابن سعد 7: 453.

(7) تاريخ الدوريّ 2: 540، وتاريخ خليفة 395، وطبقاته 268، وتاريخ البخاريّ الكبير 2 / الترجمة 691، والمعارف لابن قتيبة 461، وتاريخ الثقات للعجليّ 414 / 1506، والثقات 5: 350، =

٤٢٠