ارشاد القلوب الجزء ١

ارشاد القلوب15%

ارشاد القلوب مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: كتب الأخلاق
ISBN: ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤
الصفحات: 381

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 88223 / تحميل: 19604
الحجم الحجم الحجم
ارشاد القلوب

ارشاد القلوب الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
ISBN: ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

الباب الثالث والثلاثون : في الخشوع لله سبحانه والتذلّل له

قال الله تعالى :( قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون ) (١) ، ثم فسّرهم سبحانه بتمام الآية في سورة المؤمنين .

فنقول : الخشوع الخوف الدائم اللازم للقلب ، وهو أيضاً قيام العبد بين يدي الله تعالى بهمّ مجموع ، وقلب مروع ، وروي أنّه من خشع قلبه لم يقربه الشيطان ، ومن علاماته غضّ العيون ، وقطع علائق الشؤون .

والخاشع من خمدت نيران شهوته ، وسكن دخان أمله ، وأشرق نور عظمة الله في قلبه ، فمات أمله ، وواجه أجله ، فحينئذ خشعت جوارحه ، وسالت عبرته ، وعظمت حسرته ، والخشوع أيضاً يذلّل البدن والقلب لعلاّم الغيوب ، قال الله تعالى :( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ) (٢) ، يعني المتواضعين الخاشعين .

____________

(١) المؤمنون : ٢ـ١ .

(٢) الفرقان : ٦٣ .

٢٢١

وروي أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى رجلاً يعبث في صلاته بلحيته فقال :لو خشع قلبه لخشعت جوارحه (١) .

دلّ هذا الحديث على أنّ الخشوع من أفعال القلب ، تظهر آثاره على الجوارح ، وهو أيضاً ذبول القلوب عند استحضار عظمة الله تعالى ، وهو من مقدمات الهيبة ، ولا ينبغي للمرء أن يظهر من الخشوع فوق ما في قلبه ، ومن الخشوع التذلّل لله تعالى بالسجود على التراب ، وكان الصادقعليه‌السلام لا يسجد إلاّ على تراب من تربة الحسينعليه‌السلام تذلّلاً لله تعالى واستكانة إليه(٢) .

وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يرقع ثوبه ، ويخصف نعله ، ويحلب شاته ، ويأكل مع العبيد ، ويجلس على الأرض ، ويركب الحمار ويردف ، ولا يمنعه الحياء أن يحمل حاجة من السوق إلى أهله ، ويصافح الغني والفقير ، ولا ينزع يده من يد أحد حتّى ينزعها هو ، ويسلّم على مَن استقبله من كبير وصغير وغني وفقير ، ولا يحقر ما دُعي إليه ولو إلى حشف التمر .

وكان خفيف المؤنة ، كريم الطبيعة ، جميل المعاشرة ، طلق الوجه ، بسّاماً(٣) من غير ضحك ، محزوناً من غير عبوس ، متواضعاً من غير ذلّة ، جواداً من غير سرف ، رقيق القلب ، رحيم بكل مسلم ، ولم يتجشّأ من شبع قط ، ولم يمد يده إلى طمع ، وكفاه مدحاً قوله تعالى :( وإنّك لعلى خلقٍ عظيم ) (٤) .

وأوحى الله إلى موسىعليه‌السلام :أتدري لم ناجيتك وبعثتك إلى خلقي ؟ قال : لا يا رب ، قال : لأنّي قلّبت عبادي واختبرتهم فلم أر أذلّ لي قلباً منك ،

____________

(١) راجع البحار ٨٤ : ٢٦٦ ح٦٧ ، عن دعائم الإسلام ، كنز العمال ٣ : ١٤٤ ح٥٨٩١ .

(٢) عنه البحار ٨٥ : ١٥٨ ح ٢٥ .

(٣) في ( ج ) : بشاشاً .

(٤) القلم : ٤ .

٢٢٢

فأحببت أن أرفعك من بين خلقي ، لأنّي عند المنكسرة قلوبهم (١) .

وينبغي للعاقل أن لا يرى لنفسه على أحد فضلاً ، والعز في التواضع والتقوى ، ومن طلبه في الكبر لم يجده وروي أنّ ملكي العبد الموكلين به إن تواضع رفعاه ، وإن تكبّر وضعاه(٢) والشرف في التواضع والعز في التقوى ، والغنا في القناعة ، وأحسن ما كان التواضع في الملوك والأغنياء ، وأقبح ما كان التكبر في الفقراء .

وقد أمر الله تعالى نبيّه محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالعفو عن الناس ، والاستغفار لهم والتواضع ، بقوله تعالى :( ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم ) (٣) .

وأوحى الله تعالى إلى موسىعليه‌السلام :يا موسى ذكّر خلقي نعمائي ، وأحسن إليهم وحبّبني إليهم ، فإنّهم لا يحبّون إلاّ مَن أحسن إليهم .

____________

(١) الكافي ٢ : ١٢٣ ح ٧ ، عنه البحار ٧٥ : ١٢٩ ح ٢٩ باختلاف .

(٢) الكافي ٢ : ١٢٢ ح ٢ .

(٣) آل عمران : ١٥٩ .

٢٢٣

الباب الرابع والثلاثون : في ذمّ الغيبة والنميمة وعقابها وحسن كظم الغيظ(١)

قال الله تعالى :( ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحبّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ) (٢) ، فقد بالغ سبحانه في النهي عن الغيبة ، وجعلها شبه الميتة المحرّمة من لحم الآدميين .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :يأتي الرجل يوم القيامة وقد عمل الحسنات ، فلا يرى في صحيفته من حسناته شيئاً ، فيقول : أين حسناتي التي عملتها في دار الدنيا ؟ فيقال له : ذهبت باغتيابك الناس فهي لهم عوض اغتيابهم (٣) .

وأوحى الله إلى موسىعليه‌السلام :مَن مات تائباً من الغيبة فهو آخر مَن يدخل الجنّة ، ومَن مات مصرّاً عليها فهو أوّل مَن يدخل النار (٤) .

وروي أنّه َمن اغتيب غفرت نصف ذنوبه وروي أنّ الرجل يعطى كتابه

____________

(١) قوله ( النميمة وعقابها وحسن كظم الغيظ ) أثبتناه من ( ب ) و ( ج ) .

(٢) الحجرات : ١٢ .

(٣) عنه معالم الزلفى : ٣٢١ ، ونحوه في كنز العمال ٣ : ٥٩٠ ح ٨٠٤٧ .

(٤) عنه معالم الزلفى : ٣٢١ ، وفي مجموعة ورام ١ : ١١٦ .

٢٢٤

فيرى فيه حسنات لم يكن يعرفها ، فيقال : هذه بما اغتابك الناس(١) .

وقال بعضهم : لو اغتبت أحداً لم أكن لأغتاب إلاّ ولدي ، لأنّهم أحق بحسناتي من الغريب .

وبلغ الحسن البصري أنّ رجلاً اغتابه فأنفذ إليه بهدية ، فقال له : والله ما لي عندك يد ، فقال : بلى بلغني أنّك تهدي لي حسناتك فأحببت أن أُكافيك ، ومَن اغتيب عنده أخوه المؤمن فلم ينصره فقد خان الله ورسوله .

وقال : إذا لم تنفع أخاك المؤمن فلا تضرّه ، وإذا لم تسرّه فلا تغمّه ، وإذا لم تدرجه بمدحة(٢) فلا تذمّه .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :لا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، ولا يغتب بعضكم بعضاً ، وكونوا عباد الله إخواناً (٣) .

وقالعليه‌السلام :إيّاكم والغيبة ، فإنّها أشد من الزنا ؛ لأنّ الرجل يزني فيتوب فيتوب الله عليه ، وإنّ صاحب الغيبة لا يغفر له إلاّ إذا غفرها صاحبها (٤) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :مررت ليلة أُسري بي إلى السماء على قوم يخمشون وجوههم بأظفارهم ، فسألت جبرئيل عليه‌السلام عنهم فقال : هؤلاء الذين يغتابون الناس (٥) .

وخطبصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكر الربا وعظم خطره ، وقال :الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم من سبعين زنية بذات محرم ، وأعظم من ذلك عرض المسلم (٦) .

____________

(١) راجع كنز العمّال ٣ : ٥٩٠ ح ٨٠٤٦ نحوه .

(٢) في ( ب ) و ( ج ) : إذا لم تمدحه .

(٣) مجموعة ورام ١ : ١١٥ .

(٤) مجموعة ورام ١ : ١١٥ ، الترغيب ٣ : ٥١١ .

(٥) مجموعة ورام ١ : ١١٥ .

(٦) مجموعة ورام ١ : ١١٦ .

٢٢٥

وروي في تفسير قوله تعالى :( ويل لكلّ همزةٍ لمزة ) (١) أنّ الهمزة الطعن في الناس ، واللمزة أكل لحومهم ، وينبغي لمن أراد ذكر عيوب غيره أن يذكر عيوب نفسه فيقلع عنها ويستغفر منها ، وعليكم بذكر الله فإنّه شفاء ، وإيّاكم وذكر الناس فإنّه داء .

ومرّ عيسىعليه‌السلام ومعه الحواريّون بكلب جائف ، قالوا : ما أجيفه ، فقال : ما هو ، ما أبيض أسنانه(٢) ، يعني ما عوّد لسانه إلاّ على الخير .

والغيبة هو أن تذكر أخاك بما يكرهه لو سمعه ، سواء ذكرت نقصاناً في بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو دينه أو دنياه حتّى في ثوبه ، وقالعليه‌السلام : حد الغيبة أن تقول في أخيك ما هو فيه ، فإن قلت ما ليس فيه فذاك بهتان ، والحاضر في الغيبة ولم ينكرها شريك فيها ، ومَن أنكرها كان مغفوراً له .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن ردّ عن عرض أخيه كان حقّاً على الله أن يعتقه من النار(٣) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : طوبى لمَن شغله عيبه عن عيوب الناس(٤) ومنشأ الغيبة في الصدور الحسد والغضب ، فإذا نفاهما الرجل عن نفسه قَلَّتْ غيبته للناس .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :إنّ للنّار باباً لا يدخله إلاّ مَن شفى غيظه (٥) .

وقال :مَن كظم غيظه وهو يقدر على إمضائه خيّره الله في أيّ الحور العين شاء أخذ منهنّ (٦) .

____________

(١) الهمزة : ١ .

(٢) مجموعة ورام ١ : ١١٧ .

(٣) مجموعة ورام ١ : ١١٩ .

(٤) مجموعة ورام ١ : ١٢٠ .

(٥) مجموعة ورام ١ : ١٢١ .

(٦) مجموعة ورام ١ : ١٢١ .

٢٢٦

وفي بعض الكتب المنزلة : ابن آدم اذكرني عند غضبك أذكرك عند غضبي ، فلا أمحقك مع مَن امحقه(١) .

وللعاقل شغل فيما خلق له عن نفسه وماله وولده ، فكيف عن أعراض الناس ؟! وإذا كان اشتغال الإنسان بغير ذكر الله خسارة فكيف بالغيبة ؟! .

وقالعليه‌السلام :وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلاّ حصائد ألسنتهم (٢) .

وكفى بذلك قوله تعالى :( لا خير في كثير من نجواهم إلاّ مَن أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) (٣) ، فنفى الخير في المنطق(٤) إلاّ في هذه الأُمور الثلاثة ، فسبحانه ما أنصحه لعباده وأشفقه عليهم وأحبّه لهم لو كانوا يعلمون .

وأمّا النميمة فإنّها أعظم ذنباً وأكبر وزراً ؛ لأنّ النمّام يغتاب وينقلها إلى غيره فيغويه بأذى من ينقلها عنه ، والنمّام يثير الشرّ ويدلّ عليه ، ولقد سدّ الله تعالى باب النميمة ومنع من قبولها بقوله :( إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) (٥) ، وسمّى النمام فاسقاً ونهى عن قبول قوله إلاّ بعد البيان والبيّنة أو الإقرار ، وسمّى العامل بقوله جاهلاً .

وقال رجل لعلي بن الحسينعليهما‌السلام : إنّ فلاناً يقول فيك ويقول ، فقال له :والله ما حفظت حق أخيك إذ خنته وقد استأمنك ، ولا حفظت حرمتنا إذ سمعتنا ما لم يكن لنا حاجة بسماعه ، أما علمت أنّ نَقَلَةَ النميمة هم كلاب النار ، قل لأخيك : إنّ الموت يعمّنا ، والقبر يضمّنا ، والقيامة موعدنا ، والله يحكم بيننا (٦) .

____________

(١) مجموعة ورام ١ : ١٢١ ، وأورده في أعلام الدين : ١٨٤ .

(٢) الكافي ٢ : ١١٥ ح ١٤ ، عنه البحار ٧١ : ٣٠٣ ح ٧٨ .

(٣) النساء : ١١٤ .

(٤) في ( ج ) : النطق .

(٥) الحجرات : ٦ .

(٦) راجع الاحتجاج ٢ : ١٤٥ ، عنه البحار ٧٥ : ٢٤٦ ح ٨ باختلاف .

٢٢٧

وكتب رجل من عمّال المأمون يقول له : إنّ فلاناً العامل مات وخلف مائة ألف دينار وليس له إلاّ ولد صغير ، فإن أذن مولانا في قبض المال ، وإجراء ما يحتاج الصغير إليه قبضناه ، فإنّما احتقب هذا المال من أموالك ، فكتب إليه المأمون : المال نماه الله ، والولد حبرة(١) الله ، والساعي عليه لعنة الله .

____________

(١) لعلّه من الحَبرة بمعنى النعمة التامة ، كما في لسان العرب .

٢٢٨

الباب الخامس والثلاثون : في القناعة ومصالحها(١)

جاء في تفسير قوله تعالى :( فلنحيينّه حياة طيّبة ) (٢) قال : يعطيه القناعة(٣) .

وجاء في تفسير قوله تعالى حكاية عن سليمان :( ربّ اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي ) (٤) قال : القناعة في بعض الوجوه ؛ لأنّه كان يجلس مع المساكين ويقول : مسكيناً مع المساكين .

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :القناعة كنز لا يفنى (٥) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لبعض أصحابه :كن ورعاً تكن أعبد الناس ، وكن قنعاً تكن أشكر الناس ، وحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمناً ،

____________

(١) قوله ( مصالحه ) أثبتناه من ( ب ) .

(٢) النحل : ٩٧ .

(٣) نهج البلاغة : قصار الحكم ٢٢٩ .

(٤) ص : ٣٥ .

(٥) راجع كنز العمال ٣ : ٣٨٩ ح ٧٠٨٠ ، وفيه : مال لا ينفد .

٢٢٩

وأحسن مجاورة مَن جاورك تكن مسلماً ، واقلل من الضحك فإنّ كثرة الضحك تميت القلب (١) .

والناس أموات إلاّ مَن أحياه الله بالقناعة ، وما سكنت القناعة إلاّ قلب من استراح ، والقناعة ملك لا يسكن إلاّ قلب مؤمن ، والرضى بالقناعة رأس الزهد ، ومعناها السكون عند عدم المشتهيات ، والرضى بقليل الأقوات ، وترك التأسّف على ما فات .

وجاء في تأويل قوله تعالى :( ليرزقنّهم الله رزقاً حسناً ) (٢) قال : القناعة ؛ لأنّ القناعة رضى النفس بما حضر من الرزق وإن كان قليلاً ، وقال بعضهم : إنّ الغنى والعز خرجا يجولان فوجدا القناعة فاستقرّا .

وروي أنّ علياًعليه‌السلام اجتاز بقصاب ومعه لحم سمين ، فقال : يا أمير المؤمنين هذا اللحم سمين اشتر منه ، فقال :ليس الثمن حاضراً ، فقال : أنا أصبر يا أمير المؤمنين ، فقال له :أنا أصبر عن اللحم .

وانّ الله سبحانه وضع خمسة في خمسة :

العز في الطاعة ، والذل في المعصية ، والحكمة في خلوّ البطن ، والهيبة في صلاة الليل ، والغنى في القناعة .

وفي الزبور : القانع غني ولو جاع وعرى ، ومن قنع استراح من أهل زمانه ، واستطال على أقرانه .

وجاء في قوله تعالى :( فكّ رقبة * أو إطعام في يوم ذي مسغبة ) (٣) قال : فكّها من الحرص والطمع ، ومَن قنع فقد اختار العز على الذل ، والراحة على التعب .

____________

(١) الترغيب والترهيب ٢ : ٥٦٠ ح١٣ ، وقطعة منه في مجموعة ورام ١ : ١٦٣ .

(٢) الحج : ٥٨ .

(٣) البلد : ١٣ ـ ١٤ .

٢٣٠

 [ حكاية داود مع متى ] (١)

قيل : إنّ داودعليه‌السلام قال : رب أخبرني بقريني في الجنّة في قصري ، فأوحى الله إليه أنّ ذلك متّى أبو يونس ، فاستأذن الله تعالى في زيارته فأذن له ، فأخذ بيد ولده سليمانعليهما‌السلام حتّى أتيا موضعه ، فإذا هما ببيت من سعف ، فسألا عنه فقيل : إنّه في الحطّابين يقطع(٢) الحطب ويبيعه .

فجلسا ينتظرانه إذ أقبل وعلى رأسه حزمة حطب ، فألقاها عنه ثم حمد الله وقال : من يشتري منّي طيّباً بطيّب ، فساومه واحد واشتراه آخر ، فدنيا منه وسلّما عليه ، فقال : انطلقا بنا إلى المنزل ، وابتاع بما كان معه طعاماً ، ثم وضعه بين حجرين قد أعدهما لذلك ، وطحنه ثم عجنه في نقير له ، ثم أجّج ناراً وأوقدها بالحطب ، ثم وضع العجين عليها ، ثم جلس يحدث(٣) معهم هنيئة .

ثم نهض وقد نضجت خبزته ، فوضعها في النقير وفلقها ، ووضع عليها ملحاً ووضع إلى جانبه مطهرة فيها ماء ، وجلس على ركبتيه وأخذ لقمة وكسرها ووضعها في فيه وقال : بسم الله الرحمن الرحيم ، فلمّا ازدردها قال : الحمد لله رب العالمين .

ثم فعل ذلك بأخرى وأخرى ، ثم أخذ الماء فشرب منه وحمد الله تعالى وقال : لك الحمد يا رب ، من ذا الذي أنعمت عليه وأوليته مثل ما أوليتني ، إذ أصححت بدني وسمعي وبصري وجوارحي ، وقوّيتني حتّى ذهبت إلى شجر لم أغرسه بيدي ، ولا زرعته بقوّتي ، ولم أهتمّ بحفظه ، فجعلته لي رزقاً ، وأعنتني على قطعه وحمله ، وسقت لي مَن اشتراه منّي ، واشتريت بثمنه طعاماً لم أزرعه ولم أتعنّى(٤) فيه ،

____________

(١) أثبتناه من ( ب ) .

(٢) في ( ب ) : يقلع .

(٣) في ( ب ) و ( ج ) : يتحدث .

(٤) في ( ج ) : أتعب .

٢٣١

وسخّرت لي حجراً طحنته وناراً نضجته ، وجعلت لي شهوة قابلة لذلك فصرت آكله بشهوة وأقوى بذلك على طاعتك ، فلك الحمد حتّى ترضى وبعد الرضا .

ثم بكى بكاءً عالياً ، فقال داودعليه‌السلام لابنه سليمان : يا بني يحق لمثل هذا العبد الشاكر أن يكون صاحب المنزلة الكبرى في الجنّة ، فلم أر عبداً أشكر من هذا(١) .

____________

(١) مجموعة ورام ١ : ١٨و١٩ ، عنه البحار ١٤ : ٤٠٢ ح ١٦ .

٢٣٢

الباب السادس والثلاثون : في التوكّل على الله تعالى

قال الله تعالى :( وعلى الله فتوكّلوا إن كنتم مؤمنين ) (١) .

وقال :( وعلى الله فليتوكّل المتوكّلون ) (٢) .

وقال :( ومَن يتوكّل على الله فهو حسبه ) (٣) .

وقال :( إنّ الله يحب المتوكّلين ) (٤) .

فأعظم مقام موسوم بعظمة الله وبمحبة الله المتوكّل عليه ؛ لأنّه مضمون بكفاية الله ، لأنّ من يكن الله حسبه وكافيه ومحبه ومراعيه فقد فاز فوزاً عظيماً ، وقد قال :( أليس الله بكافٍ عبده ) (٥) ، فطالب الكفاية بغيره غير طالب التوكّل ، ومكذّب بالآية .

____________

(١) المائدة : ٢٣ .

(٢) إبراهيم : ١٢ .

(٣) الطلاق : ٣ .

(٤) آل عمران : ١٥٩ .

(٥) الزمر : ٣٦ .

٢٣٣

قال :( ومَن يتوكّل على الله فهو حسبه ) (١) .

وقال :( ومَن يتوكّل على الله فإنّ الله عزيز حكيم ) (٢) ، أيْ عزيز لا يذل من استجار به ، ولا يضيع من لجأ إليه ، حكيم لا يقصر عن تدبير من اعتصم به .

وعيّر من لجأ إلى غيره فقال :( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ) (٣) ، يعني عاجزون عن حوائجكم ، أنتم وهم محتاجون إلى الله تعالى فهو أحق أن تدعوه ، وكلّما ذكر سبحانه من التوكّل عليه عنى به قطع الملاحظة إلى خلقه والانقطاع إليه .

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :لو أنّ العبد يتوكّل على الله حق توكّله لجعله كالطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً ، ومن انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤونة ، ومن انقطع إلى الدنيا وكّله الله إليها ، ومَن أراد أن يرزقه الله من حيث لا يحتسب فليتوكل على الله (٤) .

وأوحى الله إلى داود :ما من عبد يعتصم بي دون خلقي وتكيده السماوات (٥) والأرض إلاّ جعلت له مخرجاً (٦) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :أيّها الناس لا يشغلكم المضمون من الرزق عن المفروض عليكم من العمل ، والمتوكّل لا يسأل ولا يرد ولا يمسك شيئاً خوف الفقر .

وينبغي لمَن أراد سلوك طريق التوكّل أن يجعل نفسه بين يدي الله تعالى فيما يجري عليه من الأمور كالميت بين يدي الغاسل يقلّبه كيف يشاء ، كما قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

____________

(١) الطلاق : ٣ .

(٢) الأنفال : ٤٩ .

(٣) الأعراف : ١٩٤ .

(٤) مجموعة ورام ١ ٢٢٢ نحوه .

(٥) في ( ج ) : أهل السماوات .

(٦) مجموعة ورام ١ : ٢٢٢ .

٢٣٤

:عجبت للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلاّ كان خيراً له ، ويعني بذلك أنّه يرضى بقضاء الله له ، سواء كان شدّة أو رخاء .

والتوكّل هو الاعتصام بالله كما قال جبرئيلعليه‌السلام لإبراهيمعليه‌السلام وهو في كفّة المنجنيق : ألك حاجة يا خليل الله ؟ فقال : إليك لا ، اعتماداً على الله ووثوقاً به في النجاة ، فجعل الله تعالى عليه النار برداً وسلاماً ، وأرضها وروداً وثماراً ، ومدحه الله فقال :( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) (١) وما استوى حاله وحال يوسف في قوله للّذي معه في السجن :( اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربّه فلبث في السجن بضع سنين ) (٢) .

وقال لي رجل : من أين مؤنتك ؟ فقلت :( ولله خزائن السماوات والأرض ولكنّ المنافقين لا يفقهون ) (٣) .

ورأى بعضهم شيخاً(٤) في البريّة يعبد الله تعالى فقال : من أين قوتك ؟ فقال : من تدبير العزيز العليم ، ثم أومئ إلى أسنانه وقال : الذي خلق الرحى هو يأتيها بالهشل(٥) ، يعني الحب .

واعلموا أنّ التوكّل محلّه القلب ، والحركة في الطلب لا تنافي التوكل ؛ لأنّ الله تعالى أمر بها بقوله :( فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ) (٦) ، ولمّا دخل الأعرابي إلى مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال :أعقلت ناقتك ؟ قال : لا قد توكّلت [على الله](٧) ، فقال :أعقلها وتوكل .

____________

(١) النجم : ٣٧ .

(٢) النجم : ٣٧ .

(٣) المنافقون : ٧ .

(٤) في ( ج ) : شخصاً .

(٥) في ( ب ) : بالعلس .

(٦) الملك : ١٥ .

(٧) أثبتناه من ( ج ) .

٢٣٥

وقال الله تعالى له ولأصحابه :( خذوا حذركم ) (١) يعني رسول الله وأصحابه .

ومن الكذب أن يقول الرجل : توكلت على الله وفي قلبه غيره ، أو يكون غير راض بصنعه إليه ؛ لأنّ التوكل الاستسلام إلى الله والانقطاع إليه دون خلقه ، فحقيقته الاكتفاء بالله تعالى والاعتماد عليه .

فللمتوكّل(٢) ثلاث درجات : الانقطاع إلى الله ، والتسليم إليه ، والرضى بقضائه ، فهو يسكن إلى وعده ، ويكتفي بتدبيره ، ويرضى بحكمه .

وقيل لبعضهم : لِمَ تركت التجارة ؟ فقال : وجدت الكفيل ثقة .

وروي أنّ الله تعالى يقول :من اعتصم بي دون خلقي ضمنت السماوات والأرض رزقه ، فإن دعاني أجبته ، وإن استعطاني أعطيته ، وإن استكفاني كفيته ، ومن اعتصم بمخلوق دوني قطعت أبواب (٣) السماوات والأرض دونه ، إن دعاني لم أجبه ، وإن سألني لم أعطه ، وإن استكفاني لم أكفه .

وقال محمد بن عجلان : نَزَلَت بي فاقة عظيمة ، ولزمني دين لغريم ملح وليس لمضيقي صديق ، فوجهت(٤) فيه إلى الحسن بن زيد ـ وكان أمير المدينة ـ لمعرفة كانت بيني وبينه ، فلقيني في طريقي محمد بن عبد الله بن الباقرعليه‌السلام ، فقال :قد بلغني ما أنت فيه من الضيق فمن أملت لمضيقك ؟

قلت : الحسن بن زيد ، فقال :إذن لا تقضى حاجتك ، فعليك بمَن هو أقدر الأقدرين وأكرم الأكرمين ، فإنّي سمعت عمّي جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول : أوحى الله إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه :

____________

(١) النساء : ٧١ .

(٢) في ( ب ) : فللتوكل .

(٣) في ( ب ) و ( ج ) : أسباب .

(٤) في ( ج ) : فتوجهت .

٢٣٦

( وعزّتي وجلالي وعظمتي وارتفاعي لأقطعنّ أمل كل مؤمّل غيري باليأس ، ولأكسونّه ثوب المذلّة في الناس ، ولابعدنّه من فرجي (١) وفضلي ، أيؤمّل عبدي في الشدائد غيري والشدائد بيدي ، ويرجو سواي وأنا الغني الجواد ، أبواب الحوائج عندي ، وبيدي مفاتيحها وهي مغلقة ، فما لي أرى عبدي معرضاً عنّي وقد غطّيته بجودي وكرمي ما لم يسألني ، فأعرض عنّي وسأل في حوائجه غيري ، وأنا الله لا اله إلاّ أنا ، أبتدئ بالعطيّة من غير مسألة ، أفأُسأل فلا أجود ؟! كلا ، أليس الجود والكرم لي ؟ أليس الدنيا والآخرة بيدي ؟ فلو أنّ كل واحد من أهل السماوات والأرض سألني مثل ملك السماوات والأرض فأعطيته ما نقص ذلك من ملكي مثل جناح بعوضة ، فيا بؤساً لمَن أعرض عنّي ، وسأل في حوائجه وشدائده غيري ) .

قال : فقلت له : أعد علىّ هذا الكلام ، فعاد ثلاث مرّات فحفظته وقلت في نفسي : لا والله لا أسأل أحداً حاجة ، ثم لزمت بيتي فما لبثت أيّاماً إلاّ وأتاني الله برزق ، قضيت منه ديني ، وأصلحت به أمر عيالي ، والحمد لله ربّ العالمين(٢) .

____________

(١) في ( ب ) : روحي .

(٢) راجع أمالي الطوسي : ٥٨٤ ح١٣ مجلس : ٢٤ ، عنه البحار ٧١ : ١٥٤ ح ٦٧ ، ونحوه مجموعة ورام ٢ : ٧٣ .

٢٣٧

الباب السابع والثلاثون : في الشكر وفضل الشاكرين

قال الله تعالى :( واشكروا لي ولا تكفرون ) (١) .

وقال الله سبحانه :( لئن شكرتم لأزيدنّكم ) (٢) .

وقال :( ومَن يشكر فإنّما يشكر لنفسه ومَن كفر فإنّ الله غني حميد ) (٣) ، يريد به الجحود لنعمته ، وحقيقة الشكر الاعتراف بنعمة المنعم .

وأوحى الله إلى داودعليه‌السلام :اشكرني حق شكري ، فقال : الهي كيف أشكرك حق شكرك ، وشكري اياك نعمة منك؟! فقال : الآن شكرتني حق شكري (٤) .

وقال داود :يا رب وكيف كان آدم يشكرك حق شكرك ، وقد جعلته أبا أنبيائك وصفوتك ، وأسجدت له ملائكتك ؟! فقال :إنّه اعترف أنّ ذلك من عندي

____________

(١) البقرة : ١٥٢ .

(٢) إبراهيم : ٧ .

(٣) لقمان : ١٢ .

(٤) عنه البحار ١٤ : ٤٠ ح ٢٥ .

٢٣٨

فكان اعترافه بذلك حق شكري (١) .

وينبغي للعبد أن يشكر على البلاء كما يشكر على الرخاء ، وروي أنّ الله سبحانه قال :يا داود إنّي خلقت الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضّة ، وجعلت سقوفها الزمرد ، وطليها (٢) الياقوت ، وترابها المسك الأذفر ، وأحجارها الدر واللؤلؤ ، وسكّانها الحور العين ، أتدري يا داود لمن أعددت هذا ؟ قال : لا وعزتك يا الهي ، فقال : هذا أعددته لقوم كانوا يعدّون البلاء نعمة ، والرخاء مصيبة (٣) .

ولا شك أنّ البلاء من الأمراض وغيرها يوجب العوض على الألم والثواب على الصبر عليه ، ويكفّر السيئات ، ويذكر بالنعمة أيّام الصحّة ، ويحث على التوبة والصدقة ، وهو اختيار الله تعالى للعبد ، وقد قال سبحانه :( ويختار ما كان لهم الخيرة ) (٤) .

عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال :مثل المؤمن مثل كفتي الميزان ، كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه ليلقى الله عزّ وجل ولا خطيئة له (٥) .

والنعم قد تكون استدراجاً فتكون أعظم المصائب ، وإن لم تكن استدراجاً فإنها توجب الشكر ، والشكر أيضاً نعمة توجب الاعتراف بالتقصير ، ولا شك أنّ زيادة النعم وكثرتها ملهية عن الله تعالى ، ولهذا اختار لأوليائه وعباده الصالحين الفقر ، وحبس الدنيا عنهم لأنّه قال في بعض وحيه :

( وعزّتي وجلالي لولا حيائي من عبدي المؤمن ما تركت له خرقة يواري بها جسده ، وإنّي إذا أكملت إيمان عبدي المؤمن أبليته بفقر الدنيا في ماله أو مرض في

____________

(١) عنه البحار ١٤ : ٤٠ ح ٢٥ .

(٢) في ( ج ) : طينها .

(٣) عنه معالم الزلفى : ٤٣٣ .

(٤) القصص : ٦٨ .

(٥) أمالي الطوسي : ٦٣١ ح١ مجلس : ٢٥ ، عنه البحار ٦٧ : ٢٤٣ ح ٨٢ .

٢٣٩

بدنه ، فإن هو جزع أضعفت ذلك عليه ، وإن هو صبر باهيت به ملائكتي ) .

وتمام [هذا](١) الحديث :( إنّي جعلت علياً علماً للإيمان ، فمَن أحبّه واتبعه كان هادياً ، ومَن تركه وأبغضه كان ضالاً ، وأنّه لا يحبه إلاّ مؤمن ، ولا يبغضه إلاّ منافق ) (٢) .

ومَن شكر النعمة أن لا يتقوى به أحد على معصية الله تعالى ، وشكر العوام على المطعم والملبس ، وشكر الخواص على ما يختاره سبحانه من بأساء وضرّاء ومنع(٣) غيره .

وروي أنّ الصادقعليه‌السلام قال لشقيق :كيف أنتم في بلادكم ؟ فقال : بخير يا ابن رسول الله ، إن أعطينا شكرنا ، وإن مُنعنا صبرنا ، فقال له : هكذا كلاب حجازنا يا شقيق ، فقال له : كيف أقول : فقال له : هلا كنتم إذا أعطيتم آثرتم ، وإذا مُنعتم شكرتم وهذه درجته ودرجة آبائهعليهم‌السلام .

وروي أنّ سبب رفع إدريس إلى السماء أنّ ملكاً بشّره بالقبول والمغفرة فتمنّى الحياة ، فقال له الملك : لم تمنّيت الحياة ؟ قال : لأشكر الله تعالى ، فقد كانت حياتي لطلب القبول وهي الآن لبلوغ المأمول ، قال : فبسط الملك جناحه ورفعه إلى السماء(٤) .

والشاكر يلاحظ المزيد لقوله تعالى :( لئن شكرتم لأزيدنّكم ) (٥) ، والصابر مشاهد(٦) ثواب البلاء ، فهو مع الله لقوله تعالى :( إنّ الله مع الصابرين ) (٧) ، فهو

____________

(١) أثبتناه من ( ب ) .

(٢) راجع البحار ٨١ : ١٩٥ ح ٥٢ .

(٣) لم يرد في ( ج ) .

(٤) عنه معالم الزلفى : ٨٠ .

(٥) إبراهيم : ٧ .

(٦) في ( ج ) : يشاهد .

(٧) البقرة : ١٥٣ .

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381