ارشاد القلوب الجزء ١

ارشاد القلوب0%

ارشاد القلوب مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: كتب الأخلاق
ISBN: ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤
الصفحات: 381

ارشاد القلوب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الحسن بن أبي الحسن محمّد الديلمي
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: ISBN: ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤
الصفحات: 381
المشاهدات: 84276
تحميل: 18577


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 84276 / تحميل: 18577
الحجم الحجم الحجم
ارشاد القلوب

ارشاد القلوب الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
ISBN: ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الصفحة الأخيرة من نسخة ( ب )

٢١

الصفحة الأُولى من نسخة ( د )

٢٢

الصفحة الأخيرة من نسخة ( د )

٢٣

 [ مقدّمة المؤلّف ]

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّدٍ خاتم النبيّين ، وعلى آله الطاهرين .

أمّا بعد ، فإنّه لمّا استولى سلطان الشهوة والغضب على الآدميين ، ومحبّة كلّ منهم لنفسه ، واشتغاله عن آخرته ورمسه ، عملت هذا الكتاب وسمّيته بـ (إرشاد القلوب إلى الصواب المُنجي مَنْ عمل به مِن أليم العقاب ) .

واعلموا رحمكم الله تعالى أنّ الله عزّ وجلّ لم يخلق العالم عبثاً فتركه سداً ، بل جعل لهم عقولاً دلّهم(١) بها على معرفته ، وأبان لهم بها شواهد قدرته ودلائل وحدانيّته ، وأعطاهم قوى مكّنهم بها من طاعته ، والانتهاء عن معصيته لئلاّ تجب لهم الحجّة عليه .

فأرسل إليهم أنبياء وختمهم بسيّد المرسلين محمد بن عبد الله الصادق الأمين ، صلوات الله وسلامه عليه وآله وعليهم أجمعين ، وأنزل عليهم كتبه بالوعد والوعيد

____________

(١) في ( ب ) : دلّوا .

٢٤

والترهيب ، فحذّر وأنذر وزجر فأعذر(١) ، فقال جلّ من قائل :

( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) (٢) .

وقال سبحانه :( وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى ) (٣) .

وقال سبحانه :( وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولاً ) (٤) .

وقال :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) (٥) .

وقال سبحانه :( ويحذّركم الله نفسه ) (٦) .

وقال :( واعلموا أنّ الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه ) (٧) .

وقال سبحانه :( وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ ) (٨) .

وقال :( واتقون يا أولي الألباب ) (٩) .

وقال تعالى :( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) (١٠) .

وقال سبحانه :( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ ) (١١) .

____________

(١) في ( ب ) : فحذروا وأنذروا وزجروا فأعذروا .

(٢) النساء : ١٦٥ .

(٣) طه : ١٣٤ .

(٤) الإسراء : ١٥ .

(٥) يونس : ٥٧ .

(٦) آل عمران : ٢٨ .

(٧) البقرة : ٢٣٥ .

(٨) البقرة : ٢٢٣ .

(٩) البقرة : ١٩٧ .

(١٠) البقرة : ٢٨١ .

(١١) البقرة : ١٢٣ .

٢٥

وقال سبحانه :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ ) (١) .

وقال سبحانه :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) (٢) .

وقال سبحانه :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً ) (٣) .

وقال عزّ وجلّ :( يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ ) (٤) .

وقال سبحانه :( فاتقوا النّار التي وقودها الناس والحجارة ) (٥) .

وقال جلّ من قائل :( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ) (٦) .

وقال سبحانه :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) (٧) .

وقال جلّ وعزّ من قائل :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) (٨) .

وقال سبحانه :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ) (٩) .

____________

(١) لقمان : ٣٣ .

(٢) الحج : ١ .

(٣) النساء : ١ .

(٤) الزمر : ١٦ .

(٥) البقرة : ٢٤ .

(٦) الأنبياء : ١ ـ ٢ .

(٧) النور : ٢١ .

(٨) التحريم : ٦ .

(٩) الأحزاب : ٧٠ .

٢٦

وقال :( يا أيّها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدّمت لغدٍ واتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون ) (١) .

وقال :( واتقوا الله إنّ الله شديد العقاب ) (٢) .

وقال :( يا أيّها الإنسان ما غرّك بربّك الكريم ) (٣) .

وقال :( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ) (٤) .

وقال :( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ) (٥) .

وقال :( أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ) (٦) .

وقال :( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ ) (٧) .

وقال :( فأمّا مَن طغى * وآثر الحياة الدنيا * فإنّ الجحيم هي المأوى * وأمّا مَن خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى * فإنّ الجنّة هي المأوى ) (٨) .

وقال :( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ) (٩) .

وقال :( وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ) (١٠) .

وقال :( وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (١١) .

____________

(١) الحشر : ١٨ .

(٢) المائدة : ٢ .

(٣) الانفطار : ٦ .

(٤) الحديد : ١٦ .

(٥) المؤمنون : ١١٥ .

(٦) القيامة : ٣٦ـ٣٧ .

(٧) الأعراف : ٩٧ـ٩٨ .

(٨) النازعات : ٣٧ـ٤١ .

(٩) فاطر : ٣٧ .

(١٠) الزمر : ٥٤ .

(١١) النور : ٣١ .

٢٧

وقال :( يا أيّها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبةً نصوحاً ) (١) .

وقال :( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) (٢) .

ثم خوّفهم سبحانه وتعالى أحوال القيامة وزلزالها وعظيم أخطارها ، وسمّاها لهم بعظيم الأسماء وكثير(٣) البلاء وطول العناء ، ليحذروها ويعتدّوا لها بعظيم الزاد ، وحسن الارتياد(٤) .

سّماها الواقعة ، والراجفة ، والطّامة ، والصّاخّة ، والحاقّة ، والساعة ، ويوم النشور ، ويوم الحسرة ، ويوم الندامة ، ويوم المسألة ، ويوم الندم ، ويوم الفصل ، ويوم الحق ، ويوم الحساب ، ويوم المحاسبة ، ويوم التلاق ، وقال :( يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلاّ مَن أتى الله بقلبٍ سليم ) (٥) .

وقال :( وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاّ مَنْ شَاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ * وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) (٦) .

وقال :( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ) (٧) .

وقال :( وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ) (٨) .

____________

(١) التحريم : ٨ .

(٢) المائدة : ٧٤ .

(٣) في ( ج ) : كبير .

(٤) في ( ب ) و( ج ) : الازدياد .

(٥) الشعراء : ٨٨ و٨٩ .

(٦) النمل : ٨٧ ـ ٨٨ .

(٧) الأحقاف : ٣٥ .

(٨) ق : ٤١ و٤٢ .

٢٨

وقال :( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً * فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) (١) .

وقال :( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ) (٢) .

وقال :( يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ * وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً * يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ ) (٣) .

وقال :( يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَهِيلاً ) (٤) .

وقال :( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً * السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً ) (٥) .

وقال :( إلى ربّك يومئذٍ المساق ) (٦) .

وقال :( إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ * يُنَبَّأُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ) (٧) .

وقال :( هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ) (٨) .

وقال :( هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ * فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ ) (٩) .

وقال :( إنّ يوم الفصل كان ميقاتاً * يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجاً * وفتحت السماء فكانت أبواباً * وسيّرت الجبال فكانت سراباً * إنّ جهنّم كانت مرصاداً

____________

(١) الطور : ٩ ـ ١١ .

(٢) القلم : ٤٢ ـ ٤٣ .

(٣) المعارج : ٨ ـ ١٤ .

(٤) المزمل : ١٤ .

(٥) المزمل : ١٧ ـ ١٨ .

(٦) القيامة : ٣٠ .

(٧) القيامة : ١٢ و١٣ .

(٨) المرسلات : ٣٥ ـ ٣٦ .

(٩) المرسلات : ٣٨ ـ ٣٩ .

٢٩

* للطاغين مآباً * لابثين فيها أحقاباً * لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً * إلاّ حميماً وغسّاقاً * جزآءً وفاقاً ) (١) .

وقال :( يوم يقوم الروح والملائكة صفّاً لا يتكلّمون إلاّ مَن أذن له الرحمن وقال صواباً * ذلك اليوم الحق فمَن شاء اتخذ إلى ربّه مآباً * إنّا أنذرناكم عذاباً قريباً يوم ينظر المرء ما قدّمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً ) (٢) .

وقال :( يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة * قلوب يومئذٍ واجفة * أبصارها خاشعة ) (٣) .

وقال :( يوم يتذكّر الإنسان ما سعى * وبرّزت الجحيم لمَن يرى ) (٤) .

وقال :( يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ * فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ ) (٥) .

وقال :( يوم نقول لجهنّم هل امتلأت وتقول هل من مزيد ) (٦) .

وقال :( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصَاهَا ) (٧) .

وكرّر سبحانه وتعالى ذكرها في مواضع كثيرة ، ولم تخل سورة من القرآن إلاّ وذكرها فيها ليكون ذلك أبلغ في تخويف الناس ، وأوكد في وجوب الحجّة عليهم ، وتبصرة لهم وشفقة عليهم ، وإنذاراً وإعذاراً إليهم وموعظة لهم .

____________

(١) النبأ : ١٧ ـ ٢٦ .

(٢) النبأ : ٣٨ ـ ٤٠ .

(٣) النازعات : ٦ ـ ٩ .

(٤) النازعات : ٣٥ ـ ٣٦ .

(٥) القارعة : ٤ ـ ١١ .

(٦) ق : ٣٠ .

(٧) الكهف : ٤٩ .

٣٠

فتدبروها وفرّغوا قلوبكم لها ، ولا تكونوا من الغافلين ، فإنّ الله تعالى يقول :( أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها ) (١) .

فافتحوا أقفالها بالتدبّر والتفكر والتبصّر والاعتبار ، فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :أتتكم الفتن كقطع الليل المظلم ، قالوا : يا رسول الله ففيم النجاة ؟

قال :عليكم بالقرآن ، فإنّه مَن جعله أمامه قاده إلى الجنّة ، ومن جعله خلفه ساقه (٢) إلى النار ، وهو أوضح دليل إلى خير سبيل ، مَن قال به صدق ، ومَن حكم به عدل ، ومَن أخذ به أوجز ، (٣) ومَن عمل به وفّق (٤) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام مادحاً للمؤمن العامل به :قد ألزم الكتاب زمامه فهو قائده ودليله ، يحلّ حيث حلّ ثقله ، وينزل حيث كان منزله ، لا يدع للخير غاية إلاّ أمّها ، ولا منزلة إلاّ قصدها (٥)

وقالعليه‌السلام :القرآن ظاهره أنيق ، (٦) وباطنه عميق ، لا تفنى عجائبه ، ولا تنقضي غرائبه ، ولا تكشف الظلمات إلاّ به (٧)

فتفكّروا وانزجروا بقوله تعالى :

( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ) (٨) .

وقال سبحانه :( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا

____________

(١) محمد : ٢٤ .

(٢) في ( ج ) : قاده .

(٣) في ( ب ) : أُجر .

(٤) راجع الكافي ٢ : ٥٩٨ ح٢ بتفصيل أكثر .

(٥) نحوه في البحار : ٢ : ٥٦ ضمن حديث ٣٦ .

(٦) أنيق : حسن معجب .

(٧) نهج البلاغة : خطبة ١٨ ، عنه البحار : ٢ :٢٨٤ ح١ .

(٨) غافر : ١٨ .

٣١

يُؤْمِنُونَ ) (١) .

وقال :( أَزِفَتِ الآَزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ ) (٢) .

وقال :( وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ ) (٣) .

وقال تعالى :( أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين ) (٤) .

وقال :( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) (٥) .

وقال :( يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ ) (٦) .

وقال :( يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً * السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً ) (٧) .

فاحذروا عباد الله يوم يشيب فيه رؤوس الصغار ، ويسكر الكبار ، وتضع(٨) الحبالى ، وقال :

( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ) (٩) .

____________

(١) مريم : ٣٩ .

(٢) النجم : ٥٧ ـ ٥٨ .

(٣) إبراهيم : ٤٤ ـ ٤٥ .

(٤) المطففين : ٤ ـ ٦ .

(٥) آل عمران : ٣٠ .

(٦) الحج : ٢ .

(٧) المزمّل : ١٧ ـ ١٨ .

(٨) في ( ألف ) : يوضع .

(٩) آل عمران : ١٠٦ .

٣٢

وقال :( يومئذ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم * فمَن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره * ومَن يعمل مثقال ذرّةٍ شرّاً يره ) (١) .

وقال :( يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ) (٢) .

وقال :( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) (٣) .

وقال :( يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) (٤) .

وقال :( يوم ينظر المرء ما قدّمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً ) (٥) .

وقال :( يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) (٦) .

وقال :( وجيء يومئذ بجهنّم يومئذ يتذكر الإنسان وأنّى له الذكرى * يقول يا ليتني قدّمت لحياتي * فيومئذٍ لا يعذّب عذابه أحد * ولا يوثق وثاقه أحد ) (٧) .

وقال :( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) (٨) .

وقال :( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً * وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً ) (٩) .

( . . وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ

____________

(١) الزلزلة : ٦ ـ ٨ .

(٢) الطور : ٤٦ .

(٣) عبس : ٣٤ و٣٧ .

(٤) النحل : ١١١ .

(٥) النبأ : ٤٠ .

(٦) غافر : ٥٢ .

(٧) الفجر : ٢٣ ـ ٢٦ .

(٨) إبراهيم : ٤٨ .

(٩) الكهف : ٤٧ ـ ٤٨ .

٣٣

زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ) (١) .

وقال :( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) (٢) .

وقال :( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (٣) .

وقال :( ويخافون يوماً كان شرّه مستطيراً ) (٤) .

وقال :( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) (٥) .

وقال :( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) (٦) .

وأكّده بالقسم بنفسه فقال :( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (٧) .

وقال :( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ) (٨) .

وقال :( وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) (٩) .

وقال :( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) (١٠) .

____________

(١) الأنعام : ٩٤ .

(٢) الأنبياء : ١٠٤ .

(٣) النور : ٢٤ .

(٤) الإنسان : ٧ .

(٥) الأنبياء : ٤٧ .

(٦) لقمان : ١٦ .

(٧) الحجر : ٩٢ و٩٣ .

(٨) الأعراف : ٦ و٧ .

(٩) يس : ١٢ .

(١٠) المجادلة : ٦ .

٣٤

وقال :( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ) (١) .

ثمّ إنّه سبحانه لم يؤيّس مَن أساء إلى نفسه وظلمها من رحمته ، ووعده بقبول التوبة والمحبّة عليها إذا تاب وأناب ، فقال سبحانه :( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً ) (٢) .

وقال :( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (٣) .

وقال :( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (٤) .

وقال :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً ) (٥) .

ودعاهم سبحانه بألطف الكلام وأرجاه وأقربه إلى قلوبهم ، تلطّفاً منه ورحمة وترغيباً ، فقال سبحانه :

( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (٦) .

وقال :( إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمَن يشاء ) (٧) .

____________

(١) الفرقان : ٢٧ .

(٢) النساء : ١١٠ .

(٣) الأنعام : ٥٤ .

(٤) آل عمران : ١٣٥ .

(٥) النساء : ٦٤ .

(٦) الزمر : ٥٣ .

(٧) النساء : ٤٨ .

٣٥

وقال سبحانه :( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ ) (١) .

وقال سبحانه :( ادعوني أستجب لكم ) (٢) .

فوعدهم بالإجابة ومدحهم سبحانه في كتابه : العاملين بالطاعات ، المسارعين إلى الخيرات ، ليرغّب العباد في عملها ، كما رهّب في فعل السيّئات ليتناهى الناس عنها ، فقال :

( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) (٣) .

وقال سبحانه :( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ) (٤) .

وقال سبحانه :( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً ) (٥) .

وقال سبحانه :( الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (٦) .

وقال سبحانه :( قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) (٧) .

وقال :( يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ) (٨) .

وقال :( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ

____________

(١) آل عمران : ١٣٣ .

(٢) غافر : ٦٠ .

(٣) الطلاق : ٢ ـ ٣ .

(٤) الطلاق : ٤ .

(٥) الطلاق : ٥ .

(٦) يونس : ٦٣ ـ ٦٤ .

(٧) يونس : ٥٨ .

(٨) الزخرف : ٦٨ ـ ٧٠ .

٣٦

* مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ) (١) .

فلم يقنط أحداً من فضله ورحمته ، وبسط العفو والرحمة ، ووعد وتوّعد ليكون العبد مترجّحاً بين الخوف والرجاء ، كما روي أنّه لو وُزن خوف العبد ورجاؤه لم يرجح أحدهما على الآخر .

فإذا عظم الخوف كان أدعى إلى السلامة ، فإنّه روي أنّ الله تعالى أنزل في بعض كتبه :وعزّتي وجلالي لا أجمع لعبدي المؤمن بين خوفين وأمنين ، إذا خافني في الدنيا أمنته في الآخرة ، وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة (٢) .

والدليل على ذلك من القرآن المجيد كثير ، منه قوله تعالى :( ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ ) (٣) .

وقوله تعالى :( وأمّا مَن خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى * فإنّ الجنّة هي المأوى ) (٤) .

وقوله تعالى :( ولمَن خاف مقام ربّه جنّتان ) (٥) .

وقوله تعالى :( إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) (٦) .

وقوله تعالى :( وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ( يعني عن وجه السلامة )* قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ( يعني خائفين )* فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ) (٧) .

وقوله تعالى :( قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ

____________

(١) ق : ٣١ ـ ٣٣ .

(٢) الخصال : ٧٩ ح ١٢٧; عنه البحار ٧٠ :٣٧٩ ح ٢٨ .

(٣) إبراهيم : ١٤ .

(٤) النازعات : ٤٠ ـ ٤١ .

(٥) الرحمن : ٤٦ .

(٦) فاطر : ٢٨ .

(٧) الطور : ٢٥ ـ ٢٧ .

٣٧

الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ) (١) ، يعني مدحهم بذلك .

وقال سبحانه :( ويدعوننا رغباً ورهباً ) (٢) .

وقال سبحانه عن هابيل يروي قوله لأخيه :( إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) (٣) .

وقال :( وأمّا مَن خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى * فإنّ الجنّة هي المأوى ) (٤) .

وقال :( واتقون يا أُولي الألباب ) (٥) .

والآيات في ذلك كثيرة ، يعتبر بها ويتفكّر فيها مَن أسعده الله تعالى بالذكر ، وأيقظه بالتبصرة ، ولم يخلد إلى الأماني والكلام به ، فإنّ قوماً غرّتهم أماني المغفرة والعفو خرجوا من الدنيا بغير زاد مبلغ ، ولا عمل نافع ، فخسرت تجارتهم ، وبارت صفقتهم ، وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ، فلنسأل من الله توفيقاً وتسديداً يوقظنا به من الغفلة ، ويرشدنا إلى طريق الهدى والرشاد .

يقول العبد الفقير إلى رحمة ربّه ورضوانه ، أبو محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي ، جامع هذه الآيات من الذكر الحكيم :

إنّما بدأت بالموعظة من كتاب الله تعالى لأنّه أحسن الذكر ، وأبلغ الموعظة ، وسأُتبعه إن شاء الله بكلام عن سيّدنا ومولانا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المؤيّد بالوحي ، المسدّد بالعصمة ، الجامع من الإيجاز والبلاغة ما لم يبلغه أحد من العالمين ، فقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :أوتيت جوامع الكلم .

____________

(١) المائدة : ٢٣ .

(٢) الأنبياء : ٩٠ .

(٣) المائدة : ٢٨ .

(٤) النازعات : ٤٠ و٤١ .

(٥) البقرة : ١٩٧ .

٣٨

وقد صدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّه إذا فكّر العبد في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أكثروا من ذكر هادم اللذّات ) علم أنه قد أتى بهذه اللفظة على جوامع العظة ، وبلاغة التذكرة ، دلّ على ذلك قول الله تعالى في امتنانه على إبراهيم وذرّيّته عليه وعليهم السلام :( إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ) (١) .

وفي قولهعليه‌السلام :( إيّاك وما يُعتذر منه ) فقد دخل في هذه اللفظة جميع آداب الدنيا ، وفي قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) زجر(٢) عن كلّ الشبهات ، وقوله :( الأمور ثلاثة : أمر استبان رشده فاتبعوه ، وأمر استبان غيّه فاجتنبوه ، وأمر اشتبه عليكم فردّوه إلى الله ) ، وفي قوله :( إيّاك وما يسوء الأدب ) فقد استوفى بهذا كلّ مكروه ومذموم .

وفي أحاديثهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المواعظ والزواجر ما هو أبلغ من كلّ كلام مخلوق ، وأنا أذكر إن شاء الله من ذلك ما تيسّر إيراده بحذف الأسانيد لشهرتها في كتب أسانيدها ، وأُتبع ذلك بكلام أهل بيتهعليهم‌السلام ومَن تابعهم من الصالحين .

قال أنس بن مالك : جاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله ، أشكو إليك قسوة قلبي ، فقال له :اطلع إلى القبور ، واعتبر بيوم النشور .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :عودوا المرضى ، واتبعوا الجنائز ، يذكركم الآخرة (٣) وقد حثّ الله تعالى في الموعظة وندب إليها وأمر نبيّه بها ، فقال : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) (٤) .

____________

(١) ص : ٤٦ .

(٢) في ( ج ) : زجر نفسه .

(٣) راجع البحار ٨١ : ٢٦٦ ح ٢٤ .

(٤) النحل : ١٢٥ .

٣٩

وقال سبحانه :( وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً ) (١) .

وقال :( وذكّر فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين ) (٢) .

وقال :( وذكّرهم بأيّام الله ) (٣) ، يعني يوم القيامة ، ويوم الموت ، ويوم الحساب ، ويوم مساءلة القبر ، ويوم النشور ، وسلامة هذه الأيّام سأل الله عيسىعليه‌السلام بقوله :( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ) ، وإذا كان قوله : يوم ولدت وقد سأل [ أنواع الشكر على ](٤) سلامته منه يدلّ على شدّة المشقّة فيه أيضاً .

قال مصنّف هذا الكتاب : وقد رتّبت هذا الكتاب على خمسة وخمسون باباً .

____________

(١) النساء : ٦٣ .

(٢) الذاريات : ٥٥ .

(٣) إبراهيم : ٥ .

(٤) أثبتناه من ( ج ) و( ب ) .

٤٠