ارشاد القلوب الجزء ١

ارشاد القلوب5%

ارشاد القلوب مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: كتب الأخلاق
ISBN: ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤
الصفحات: 381

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 88220 / تحميل: 19603
الحجم الحجم الحجم
ارشاد القلوب

ارشاد القلوب الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
ISBN: ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

أعلى درجة ، ولهذا فضّل معتقد البلوى نعمة على غيره .

وروي أنّ أوّل مَن يدخل الجنة الحامدون ، وعلى كل حال فله الحمد على ما دفع(١) ، وله الشكر على ما يقع(٢) ، وروي أنّ الله تعالى أوحى إلى موسىعليه‌السلام :يا موسى ارحم عبادي المبتلى منهم والمعافى ، قال : يا رب قد عرفت رحمة المبتلي فما بال المعافى ؟ قال : لقلّة شكره .

وقوله تعالى :( وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها ) (٣) أي لا تقوموا بشكرها كلها ، وذلك صحيح لأنّ في اللحظة الواحدة ينظر الإنسان نظرات لا تحصى ، وتسمع أذنه حروفاً لا تُحصى ، ويتكلّم بلسانه بحروف لا تحصى ، وتسكن منه عروق لا يعلم عددها ، وتتحرّك منه عروق لا يعلم عددها ، ويتنفّس بأنفاس لا تحصى ، ويتناول من الهوى أنفاساً لا تحصى ، وكذلك تتحرّك جوارحه بحركات كثيرة ، فهذا في اللحظة الواحدة فكيف في يومه وسنته وطول عمره ؟! صدق الله العلي العظيم .

____________

(١) في ( ب ) : ما وقع .

(٢) في ( ج ) : نفع .

(٣) إبراهيم : ٣٤ .

٢٤١

الباب الثامن والثلاثون : في مدح الموقنين

قال الله تعالى :( والذين يؤمنون بما أُنزل إليك وما أُنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون ) (١) .

فمدح الموقنين بالآخرة يعني المطمئنّين بما وعد الله فيها من ثواب وتوعّد من عقاب ، كأنّهم قد شاهدوا ذلك ، كما روي أنّ سعد بن معاذ دخل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :كيف أصبحت يا سعد ؟ فقال : بخير يا رسول الله ، أصبحت بالله مؤمناً موقناً ، فقال :يا سعد إنّ لكل قول حقيقة ، فما مصداق ما تقول ؟

فقال : يا رسول الله ما أصبحت فظننت أنّي أمسي ، ولا أمسيت فظننت أنْ أُصبح ، ولا مددت خطوة فظننت أنّي أتبعها بأخرى ، وكأنّي بكل أمة جاثية ، وكل أمة معها كتابها ونبيّها وإمامها تدعى إلى حسابها ، وكأنّي بأهل الجنّة وهم يتنعّمون ، وبأهل النار وهم يعذّبون ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :يا سعد عرفت

____________

(١) البقرة : ٤ .

٢٤٢

فالزم .

فلمّا صحّ يقينه كالمشاهدة أمره باللزوم ، واليقين هو مطالعة أحوال الآخرة على سبيل المشاهدة ، كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً فدلّ على أنّه مشاهد(١) الآخرة مع الغيب عنها .

وقالعليه‌السلام :ما منكم إلاّ ومَن قد عاين الجنّة والنار إن كنتم تصدقون بالقرآن وصدقعليه‌السلام لأنّ اليقين بالقرآن يقين بكل ما تضمّنه من وعد ووعيد ، وهو أيضاً في قلب العارف كالعلم البديهي الذي لا يندفع ، ولأجل هذا منعنا من أنّ المؤمن يكفر بعد المعرفة .

فإن عارض أحد بقوله تعالى :( إنّ الذين آمنوا ثم كفروا ) (٢) قلنا : آمنوا بألسنتهم دون قلوبهم كما قال تعالى :( قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ) (٣) ، فالإسلام نطق باللسان ، والإيمان نطق باللسان واعتقاد بالقلب ، فلما علم سبحانه انّه لم يعتقدوا ما نطقوا به حقاً نفى عنهم أنّهم مؤمنون .

فأوّل مقامات الإيمان المعرفة ثم اليقين ثم التصديق ثم الإخلاص ثم الشهادة بذلك كلّه ، والإيمان اسم لهذه الأُمور كلّها ، فأوّلها النظر بالفكر في الأدلّة ونتيجته المعرفة ، فإذا حصلت لزم التصديق ، وإذا حصل التصديق والمعرفة أنتجا اليقين ، فإذا صحّ اليقين جالت أنوار السعادة في القلب بتصديق ما وعد به من رزق في الدنيا وثواب في الآخرة ، وخشعت الجوارح من مخافة ما توعد من العقاب ، وقامت بالعمل والزجر عن المحارم .

وحاسب العقل النفس على التقصير في الذكر والتنبيه على الفكر ، فأصبح صاحب هذه الحال نطقه ذكراً ، وصمته فكراً ، ونظره اعتباراً ، واليقين يدعو إلى قصر

____________

(١) في ( ج ) : يشاهد .

(٢) النساء : ١٣٧ .

(٣) النساء : ١٣٧ .

٢٤٣

الأمل ، وقصر الأمل يدعو إلى الزهد ، والزهد ينتج النطق بالحكمة لخلوّ البال من هموم الدنيا ؛ لقولهعليه‌السلام : مَن زهد في الدنيا استراح قلبه وبدنه ، ومَن رغب فيها تعب قلبه وبدنه فلا يبقى له نظر إلاّ إلى الله ولا رجوع إلاّ إليه ، كما مدح الله سبحانه إبراهيمعليه‌السلام بقوله :( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ) (١) .

وعلى قدر يقين العبد يكون إخلاصه وتقواه ، وهذه الأحوال الصحيحة توجب لصاحبها حالاً لا يراها بين اليقظة والنوم ، ويحصل باليقين ارتفاع معارضات الوساوس النفسانية لأنّه رؤية العيان بحقائق الإيمان .

وهو أيضاً ارتفاع الريب بمشاهدة الغيب ، وهو سكون النفس دون جولان الموارد ، ومتى استكمل القلب حقائق اليقين صار البلاء عنده نعمة ، والرخاء مصيبة حتّى اأنّه يستعذب البلاء ، ويستوحش لمطالعة العافية .

____________

(١) هود : ٧٥ .

٢٤٤

الباب التاسع والثلاثون : في الصبر وفضله

قال الله تعالى :( واصبر وما صبرك إلاّ بالله ) (١) .

وقال سبحانه :( واصبر على ما أصابك ) (٢) .

وقال الله تعالى :( واستعينوا بالصبر والصلاة ) (٣) فجعل الصبر معونة على الصلاة ، بل هو معونة على كل طاعة ، وترك كل معصية وبليّة .

وقال سبحانه :( وبشّر الصابرين ) (٤) يعني بعظيم الثواب وحسن الجزاء ، وأوجب صلاته ورحمته عليهم ، فقال :( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) (٥) .

وقال سبحانه :( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) (٦) .

____________

(١) النحل : ١٢٧ .

(٢) لقمان : ١٧ .

(٣) البقرة : ٤٥ .

(٤) البقرة : ١٥٥ .

(٥) البقرة : ١٥٥ .

(٦) الرعد : ٢٤ .

٢٤٥

فسلّم على الصابرين ، وجعل لهم عقبى الدار الآخرة ، والصبر على ثلاثة أقسام : صبر على الطاعة ، وصبر عن المعصية ، وصبر على المصيبة .

وقال عليعليه‌السلام :الصبر مطيّة لا تكبوا بصاحبها (١) .

والصبر على المصيبة مصيبة للشامت ، ولا شك أنّ الصابر محرز أجرها ، ويكبت عدوّه بصبره ، ويسلم من ضرر الجزع بشق ثوب أو ألم في بدنه ، والجازع يدخل عليه بجزعه ثلاث آفات : يحبط أجره ، ويشمت عدوّه ، ويدخل الضرر على نفسه بما يلحقه من الألم ، وصبر الصابر مصيبة للشامت .

وينبغي للعاقل أن تحدث له المصيبة موعظة ؛ لأنّ من الجائز أن يكون موضع المفقود ، فهو أحق بالحمد لله والثناء عليه ، ويحدث في نفسه الاستعداد بمثل ما نزل بغيره من موت أو بلية يستدفعها بالدعاء .

وينبغي للإنسان أن يطمئنّ قلبه ونفسه على البلايا والرزايا العظيمة حتّى إذا نزل به قليلها عدّه نعمة في جنب غيره ، وأحسن مقامات الإنسان أن ينظر في المصائب و البلايا وضيق المعاش والفاقة والفقر إلى من هو أكبر منه بليّة ، فيصير حاله عنده نعمة .

وينظر في عمل الخير إلى مَن هو فوقه ، فيستقلّ عمله ويزري على نفسه ، ويحثّها على اللحاق بمَن هو فوقه في صالح العمل ، وهكذا يكون مَن يريد صلاح(٢) نفسه ، وعظيم صبره ، وقلّة همّه وغمّه .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا إيمان لمَن لا صبر له (٣) .

____________

(١) كنز الكراجكي : ٥٨ ، عنه البحار ٧١ : ٩٦ ح ٦١ .

(٢) في ( ب ) : إصلاح .

(٣) الكافي ٢ : ٨٩ ح٤ ، عنه البحار ٧١ : ٨١ ح١٧ ، وكنز الكراجكي : ٥٨ .

٢٤٦

وقال :إنّا وجدنا الصبر على طاعة الله أيسر من الصبر على عذابه (١) .

وقال :اصبروا على عمل لا غنى لكم عن ثوابه ، واصبروا عن عمل لا طاقة لكم على عقابه (٢) .

وحقيقة الصبر تجرّع الغصص عند المصائب ، واحتمال البلايا والرزايا ، وغاية الصبر أن لا يفرق بين النعمة والمحنة ، ويرجح المحنة على النعمة للعلم بحسن عاقبتها ، والصبر(٣) : السكون عند البلاء مع تحمّل أثقال المحنة عند عظمها .

قال المصنف رحمة الله عليه :

صبرت ولم أُطلع هواي على صبري

وأخفيت ما بي منك عن موضع الصبرِ

مخافة أن يشكو ضميري صبابتي

إلى دمعتي سرّاً فتجري ولا أدري

قيل : أوحى الله إلى داودعليه‌السلام :تخلّقوا (٤) بأخلاقي ، فإنّ من أخلاقي أنّي أنا الصبور ، والصابر إن مات مع الصبر مات شهيداً ، وإن عاش عاش عزيزاً ، واعلموا أنّ الصبر على المطلوب عنوان الظفر ، والصبر في المحن عنوان الفرج .

وقد مدح الله سبحانه عبده أيوب :( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) (٥) .

وروي أنّه لما اشتد به البلاء قالت له امرأته يوماً : إنّ دعاء الأنبياء مستجاب فلو سألت الله كَشْف ما بك ، فقال لها :يا هذه قد متّعنا الله بالنعم سبعين سنة ، فدعينا نصبر على بلائه مثل ذلك .

وروي أنّه لما جاءت امرأته إليه وقد باعت أحد ظفائرها لقوته شقّ عليه

____________

(١) عنه مستدرك الوسائل ١١ : ٢٦١ ح ١٢٩٣٨ ، وفي البحار ٧٧ : ٣٨٠ .

(٢) عنه مستدرك الوسائل ١١ : ٢٦١ ح ١٢٩٣٩ ، وفي البحار ٧٧ : ٣٨٠ .

(٣) في ( ج ) : التصبر .

(٤) في ( ج ) : تخلّق .

(٥) ص : ٤٤ .

٢٤٧

ذلك ، فنصب نفسه بين يدي الله تعالى ثم قال :يا رب إنّك أبليتني بفقد الأهل والأولاد فصبرت ، وبالمرض الفلاني فصبرت ، ثم أعدد أمراضه ، فإذا النداء من قبل الله : يا أيوب لمن المنّة عليك في صبرك ؟

فقال :اللّهمّ لك ، اللّهمّ لك ، وصار يحثو التراب على رأسه ويبكي ويقول : اللّهم لك ، اللّهم لك ، فجاءه النداء : ( اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ) (١) ، فركض برجله فنبعت عين عظيمة ، فاغتسل منها فخرج وجسمه كاللؤلؤة البيضاء ، وجاء جراد كلّه ذهب فصاده هو وأهله ، وأحيى الله تعالى له من مات من ولده وأهله ، ورزقه من النساء اللاتي تزوجهنّ أولاداً كثيرة ، كما قال تعالى :( ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منّا وذكرى لأولي الألباب ) (٢) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :الصبر نصف الإيمان ، واليقين الإيمان كله ، ومَن صبر على المصيبة حتّى يردّها بحسن العزاء كتب الله له بكل صبرة ثلاثمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى علوّ العرش .

ومَن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش (٣) ، ومَن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش (٤) .

____________

(١) ص : ٤٢ .

(٢) ص : ٤٣ .

(٣) في ( ب ) : إلى السماء .

(٤) مجموعة ورام ١ : ٤٠ .

٢٤٨

الباب الأربعون : في المراقبة

قال الله تعالى :( وكان الله على كلّ شيءٍ رقيباً ) (١) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لبعض أصحابه :اعبد الله كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فهو يراك (٢) .

وهذا إشارة إلى المراقبة ؛ لأنّ المراقبة علم العبد باطلاع الرب عليه في كل حالاته ، وملاحظة الإنسان لهذا الحال هو المراقبة ، وأعظم مصالح العبد استحضاره مع عدد أنفاسه أنّ الله تعالى عليه رقيب ومنه قريب ، يعلم أفعاله ، ويرى حركاته ، ويسمع أقواله ، ويطلع على أسراره ، وأنّه يتقلّب في قبضته ، وقلبه وناصيته بيده ، وأنّه لا طاقة له على التستّر عنه ، ولا على الخروج عن سلطانه .

قال لقمان لابنه : يا بني إذا أردت أن تعصي الله فاطلب مكاناً لا يراك فيه إشارة منه له أنّك لا تجد مكاناً لا يراك فيه فلا تعصه ، وقال تعالى :( وهو معكم أين

____________

(١) الأحزاب : ٥٢ .

(٢) راجع البحار ٧٧ : ٧٦ .

٢٤٩

ما كنتم ) (١) .

وكان بعض العلماء يرفع شاباً على تلاميذه كلهم ، فلاموه في ذلك ، فأعطى كل واحد منهم طيراً وقال : اذبحه في مكان لا يراك فيه أحد ، فجاؤوا كلهم بطيورهم وقد ذبحوها ، وجاء الشاب بطيره وهو غير مذبوح فقال : لم لا تذبحه ؟ فقال : لقولك لا تذبحه إلاّ في مكان لا يراك فيه أحد ، ولا يكون مكان إلاّ يراني فيه الواحد الأحد الفرد الصمد ، فقال له : أحسنت ، ثم قال لهم : لهذا رفعته عليكم وميّزته منكم(٢) .

ومن علامات المراقبة إيثار ما آثر الله ، وتعظيم ما عظّم الله ، وتصغير ما صغّر الله ، فالرجاء يحرّك(٣) على الطاعات ، والخوف يبعد عن المعاصي ، والمراقبة تؤدّي إلى طريق الحياء وتحمل على ملازمة الحقائق والمحاسبة على الدقائق .

وأفضل الطاعات مراقبة الحق سبحانه على دوام الأوقات ، ومن سعادة المرء أن يلزم نفسه المحاسبة والمراقبة وسياسة نفسه باطلاع الله ومشاهدته لها ، وأنّها لا تغيب عن نظره ، ولا تخرج عن علمه .

وينبغي للواعظ غيره أن يعظ نفسه قبلهم ، ولا يغرّه اجتماع الناس عليه واستماعهم منه ، فإنّهم يراقبون ظاهره والله شهيد على ما في باطنه .

روي أنّ بعضهم رأى شاباً حسن العبادة والاجتهاد فقال : يا فتى على ما بنيت أمرك ؟ فقال : على أربع خصال ، قال : وما هي ؟ قال : علمت أنّ رزقي لا يفوتني منه شيء وانّ وعد الله حق فاطمأننت إلى وعده ، والثانية علمت أنّ عملي لا يعمله غيري فأنا مشغول به ، والثالثة علمت أنّ أجلي يأتيني بغتة فبادرته ، والرابعة علمت أنّي لا أغيب عن نظر الله في سرّي وعلانيتي ، فأنا مراقبه في كل أحوالي .

____________

(١) الحديد : ٤ .

(٢) مجموعة ورام ١ : ٢٣٥ نحوه .

(٣) في ( ج ) : يحثك .

٢٥٠

الباب الحادي والأربعون : في ذم الحسد

قال الله تعالى :( قل أعوذ بربّ الفلق * من شرّ ما خلق ) ، وعدّد المستعاذ منهم ، ثم ختم السورة بقوله :( ومن شرّ حاسدٍ إذا حسد ) (١) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إيّاكم وثلاث خصال فإنّهنّ رأس كل خطيئة : إيّاكم والكبر ، فإنّ إبليس حمله الكبر على ترك السجود لآدم فلعنه الله وأبعده ، وإيّاكم والحرص ، فإنّ آدم حمله الحرص على أن أكل من الشجرة ، وإيّاكم والحسد فإنّ قابيل ابن آدم حمله الحسد على قتل أخيه هابيل ، والحاسد جاحد لأنّه لم يرض بقضاء الله .

واعلم أنّ الحسود لا يسود ، وجاء في تأويل قوله تعالى :( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) (٢) ، قيل : ما بطن الحسد ، وقال تعالى في بعض كتبه [المنزلة](٣) :الحاسد عدوّ نعمتي ، والحسد يبين في الحاسد قبل المحسود .

____________

(١) الفلق : ٥ـ١ .

(٢) الأعراف : ٣٣ .

(٣) أثبتناه من ( ب ) .

٢٥١

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :لله درّ الحسد ما أعدله ، بدأ بصاحبه فقتله (١) .

وقال بعضهم : الحمد لله الذي لم يجعل في قلوب الأُمراء والولاة ما في قلب الحاسد ، فكان يهلك الناس جميعاً .

وروي أنّ في السماء الخامسة ملكاً تمرّ به الأعمال ، فربما مرّ به عمل كالشمس يضيء نوراً فيرده ويقول : هذا فيه حسد فاضربوا به وجه صاحبه ، وما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم إلاّ الحاسد ، وكل أحد في رضاه سبيل إلاّ الحاسد لا طريق إلى رضاه ؛ لأنّه لا يرضيه إلاّ زوال نعمة المحسود .

ومن علامة الحاسد أنّه يشمت بزوال نعمة الذي يحسده ومصائبه ، ومن علامته أيضاً أنّه يتملّق إذا حضر ، ويغتابه إذا غاب عنه من يحسد .

وروي أنّ موسىعليه‌السلام رأى رجلاً عند العرش فغبطه وقال : يا ربّ بم نال هذا ما هو فيه من سكناه تحت ظلال عرشك ؟ فقال : إنّه لم يكن يحسد الناس .

والحاسد إذا رأى نعمة بهت ، وإذا رأى عثرة شمت ، وينبغي لمَن أراد السلامة من الحاسد أن يكتم عنه نعمته ، وأعظم الأخلاق المذمومة الحسد والغيبة والكذب ، فإذا كان الحاسد همّه نشر خصائل المحسود فإنّه ينشر فضائله من حيث لا يعلم ، ولقد أحسن الشاعر في قوله :

وإذا أراد الله نشر فضيلةٍ

طُويت أتاحَ لها لسان حسودِ

ولقد أحسن الشاعر أيضاً :

وكيف يرجى ودّ حسود (٢) نعمة

إذا كان لا يرضيه إلاّ زوالها

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ،

____________

(١) البحار ٧٣ : ٢٤١ .

(٢) في ( ب ) : حاسد .

٢٥٢

فلا تحاسدوا (١) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :ولا تحاسدوا فإنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب (٢) .

وإذا كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنينعليه‌السلام قد شهدا بأنّ الحسد يأكل الإيمان والحسنات فأيّ شيء يبقى مع العبد مع(٣) ذهاب الإيمان والحسنات ، فتحرّروا منه تستريح قلوبكم وأبدانكم من التعب والإثم ، ولقد سرّني أنّني قد مثلت في نفسي أنّ عينيّ(٤) لو تحوّلتا إلى رأس غيري لم أحسده ، إذ قد فات الأمر في ذلك ولم يبق إلاّ الصبر والاحتساب ، وأنّ الحزن والحسد بعد فوات ذلك مصيبة ثانية .

فتمثّلوا رحمكم الله آخر الأمر تستريحوا وتفوزوا ، فالعاقل يحسب آخر الأمور فيقف عندها ولا يتجاوزها ، ومتى كان الغالب على القلب الفكر وعلى اللسان الذكر ، فإنّ العبد لا يتخلّى مع ذلك لحسد ولا لشيء من المعاصي وغيرها ، وأنّ الذكر والفكر سيف قاطع لرأس كل شيطان من الجن والإنس ، وجنّة واقية من الغفلة ، وخير الذكر الخفي .

____________

(١) المجازات النبويّة : ٢١٠ ح ١٩٣ ، عنه البحار ٧٣ : ٢٥٧ ح ٣٠ .

(٢) تحف العقول : ١٠١ ، عنه البحار ٧٧ : ٢٩١ ح ٢ .

(٣) في ( ج ) : بعد .

(٤) في ( ج ) : إنّ عقلي لو تحوّل .

٢٥٣

الباب الثاني والأربعون : في فراسة المؤمن

قال الله تعالى :( إنّ في ذلك لآيات للمتوسّمين ) (١) ، قيل : المتفرّسون .

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :اتقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور الله (٢) يعني ينظر بنور وهبه الله له .

وروي عن أُويسرحمه‌الله أنّه لما قصده حيان بن هرم قال له حين رآه : السلام عليك يا أخي حيان بن هرم ، فقال له : من أين لك معرفتي ولم ترني ؟ فقال له : المؤمن ينظر بنور الله ، وإنّ أرواح المؤمنين تسام كما تسام الخيل .

والفراسة أنوار سطعت في القلوب لحقائق الإيمان ، ومعرفة تمكّنت في النفوس فصدرت من حال إلى حال حتّى شهدت الأشياء من حيث أشهدها سيّدها ومولاها ، فنطقت عن ضمائر قوم وأمسكت عن آخرين ، والفراسة أيضاً نتيجة اليقين ، وطريق المؤمنين .

____________

(١) الحجر : ٧٥ .

(٢) بصائر الدرجات : ٣٧٧ ح ١٠ ، عنه البحار ٦٧ : ٧٤ ح ٤ .

٢٥٤

وسُئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قوله تعالى :( فمَن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) (١) قال :يقذف في قلبه نوراً فينشرح ويتوسّع .

والتفرّس من خواص أهل الإيمان ، سطعت في قلبه أنواراً فأدرك بها المعاني ، ومَن غضّ بصره عن المحارم ، وأمسك نفسه عن الشهوات ، وعمّر باطنه بصفاء السريرة ومراقبة الله تعالى ، وظاهره باتباع الكتاب والسنّة ، ولم تدخل معدته الحرام ، وخرس لسانه من الكذب والغيبة ولغو القول لم تخط فراسته .

وينبغي لمن جالس أهل الصدق أن يعاملهم بالصدق ، فإنّ قلوبهم جواسيس القلوب ، وينبغي الكون معهم لقوله تعالى :( يا أيّها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) (٢) ، يعني المعلوم لهم الصدق ، وهم أهل بيت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجمعين .

والدليل على صدقهم قوله تعالى :( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً ) (٣) ، والكذب أيضاً رجس .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا أبداً ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض .

فأمر باتباعهم إلى يوم القيامة ، فدلّ ذلك على أنّ كل زمان يكون منهم من يقوم بالكتاب والعمل به في تفسيره وتفصيل حلاله وحرامه ، ولم يقل بذلك سوى الشيعة الاثنى عشرية فدلّ هذا التفصيل على صدقهم أيضاً فيجب الكون معهم ، وأنّ الصدق مفتاح كل خير ، ومغلاق باب كل سوء ، وما لزمه إلاّ كل مَن نجى من ورطات الذنوب وفضيحات العيوب .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : الصادق على شرف منجاة ، والكاذب على

____________

(١) الأنعام : ١٢٥ .

(٢) التوبة : ١١٩ .

(٣) الأحزاب : ٣٣ .

٢٥٥

شفا مهواة ومهانة(١) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :لا يزال العبد يصدق حتّى يكتبه الله صدّيقاً ، ولا يزال يكذب حتّى يكتبه الله كذّاباً (٢) .

والصدق عماد الدين ونجاة المسلمين ، وهو تالي درجة النبوة ، ورأس الفتوّة ، وموجب مرافقة النبيين ، قال الله تعالى :( فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ) (٣) .

والصادق اسم لازم للصدق ، والصدّيق المبالغ فيه ، المتحرّي له في أقواله وأفعاله وكل حالاته التي تصدق قوله فعله ، ومَن أراد أن يكون الله معه فليلزم الصدق ، فإنّ الله تعالى يقول :( إنّ الله مع الصادقين ) .

والمداهن لا يشمّ رائحة الجنّة ، والصادق الذي لو كشف سرّه لما خالف ظاهره ، وقد قال الله تعالى :( فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين ) (٤) ، يعني في أنّكم أحبّاء الله وأولياؤه ؛ لأنّ الحبيب يتمنّى لقاء حبيبه .

والصدق علامة صحّة المعرفة والمهابة والمراقبة له لمشاهدته حال المخلوقين في أسرارهم وخلواتهم ، ومعاملة الله تعالى بالصدق ساعةً خير من الضرب بالسيف في سبيل الله سنةً ، ومَن عامل الله تعالى بالصدق في عباده أعطاه الله من نور الفراسة ما يبصر به كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة ، فعليكم بالصدق من حيث يضرّكم فإنّه ينفعكم ، وإيّاكم والكذب من حيث ينفعكم فإنّه يضرّكم .

وعلامة الكذب(٥) تبرّعه باليمين من غير أن يحلّفه أحد ، فإنّه لا يحلف الرجل

____________

(١) تحف العقول : ١٠١ ، عنه البحار ٧٧ : ٢٩٤ ح ٢ .

(٢) الكافي ٢ : ٣٣٨ ح ٢ ، عنه البحار ٧٢ : ٢٣٥ ح ٢ .

(٣) النساء : ٦٩ .

(٤) الجمعة : ٦ .

(٥) في ( ب ) : الكذّاب .

٢٥٦

في حديثه إلاّ لأحدى خصال ثلاث : إمّا لعلمه أنّ الناس لا يصدّقونه إلاّ إذا حلف لمهانته عندهم ، أو لتدليس كذبه عندهم ، أو لغو في النطق يتّخذ حلفه حشو في كلامه .

والصدق مجلبة للرزق ، لقولهعليه‌السلام : الصحّة والصدق يجلبان الرزق والصدق هو أصل الفراسة ، والفراسة الصادقة هي أوّل خاطر من غير معارض ، فإن عرض عارض فهو من وساوس النفس .

وجاء في قوله تعالى :( أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس ) (١) ، أي ميت الذهن ، فأحياه الله بنور الإيمان والفراسة ، وقوله :( كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) (٢) ، يعني الكافر في ظلمات كفره لا نور له ولا فراسة ولا سبب يستضيء به عند ظلمة نفسه ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار .

____________

(١) الأنعام : ١٢٢ .

(٢) الأنعام : ١٢٢ .

٢٥٧

الباب الثالث والأربعون : في حسن الخُلُق وثوابه

قال الله تعالى لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وإنّك لعلى خلق عظيم ) (١) ، مادحاً له بذلك وكفى بذلك مدحة .

وقيل : إنّ سبب نزول هذا الآية أنّه كان قد لبس برداً نجرانياً ذا حاشية قويّة ، فبينما هو يمشي إذ جذبه أعرابي من خلفه فحزّت في عنقه ، وقال له : أعطني عطائي يا محمد ، فالتفت إليه صلوات الله عليه وآله متبسّماً وأمر له بعطائه ، فنزل قوله تعالى :( وإنّك لعلى خُلُقٍ عظيم ) ، فمدحه الله بهذه مدحة لم يمدح بها أحداً من خلقه .

وسئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّ المؤمنين أفضلهم ايماناً ؟ فقال : أحسنهم خلقاً(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً(٣) .

____________

(١) القلم : ٤ .

(٢) راجع البحار ٧١ : ٣٩٥ ح ٧٠ .

(٣) أمالي الطوسي : ١٣٩ ح٤٠ مجلس : ٥ ، عنه البحار ٧١ : ٣٨٩ ح ٤٤ .

٢٥٨

وقال : إنّ الصبر والصدق وحسن الخلق والحلم من أخلاق الأنبياء(١) . وما يوضع في ميزان امرئ يوم القيامة شيء أفضل من حسن الخلق (٢) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :إنّ الخلق الحسن يذيب الخطيئة كما تذيب الشمس الجليد ، وإنّ الخلق السيئ يفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل (٣) .

وقال :إنّ حسن الخلق ينبت (٤) المودّة ، وحسن البِشْر يذهب بالسخيمة ، ومن أيقن بالخلف سخت (٥) نفسه بالنفقة ، فاستنزلوا الرزق بالصدقة ، وإيّاكم أن يمنع أحدكم من [ذي] حق [حقّه] فينفق مثله في معصية .

وقال :إنّ حسن الخلق يبلغ درجة الصائم القائم (٦) .

وقالعليه‌السلام :إنّ الله يعطي العبد على حسن خلقه من الثواب كما يعطي المجاهد في سبيل الله (٧) .

وقال :الرفق يمن ، والخرق شؤم (٨) .

وقال :أقربكم منّي غداً في الموقف أصدقكم للحديث ، وأداكم للأمانة ، وأوفاكم بالعهد ، وأحسنكم خلقاً (٩) .

وقال :يا بني عبد المطلب أفشوا السلام ، وصلوا الأرحام ، وأطعموا الطعام ، وأطيبوا الكلام ، تدخلوا الجنّة بسلام (١٠) .

____________

(١) الخصال : ٢٥١ ح ١٢١ باب ٤ ، عنه البحار ٧٤ : ٣٩٤ ح ١٧ .

(٢) الكافي ٢ : ٩٩ ح ٢ ، عنه البحار ٧١ : ٣٧٤ ح ٢ .

(٣) راجع البحار ٧١ : ٣٩٥ ح ٧٤ .

(٤) في ( ج ) : يثبت .

(٥) في ( ب ) : سمحت .

(٦) الكافي ٢ : ١٠٣ ح ١٨ ، عنه البحار ٧١ : ٣٨١ ح ١٦ .

(٧) الكافي ٢ : ١٠١ ح ١٢ ، عنه البحار ٧١ : ٣٧٧ ح ١٠ .

(٨) الكافي ٢ : ١١٩ ح ٤ ، عنه البحار ٧٥ : ٥٩ ح ٢٣ .

(٩) روضة الواعظين : ٣٧٧ ، والبحار ٦٩ : ٣٨١ ح ٤١ نحوه .

(١٠) المحاسن ٢ : ١٤١ ح ٣ ، عنه البحار ٧٤ : ١٠ ح ٤٠ .

٢٥٩

وقال أبو حمزة الثمالي : قال علي بن الحسينعليه‌السلام :إنّ أحبّكم إلى الله أحسنكم خلقاً ، وأعظمكم عملاً أشدّكم فيما عند الله رغبة ، وأبعدكم من عذاب الله أشدّكم خشية ، وأكرمكم عند الله أتقاكم (١) .

وقال الصادقعليه‌السلام لجراح المدائني :ألا [أُحدّثك] (٢) بمكارم الأخلاق ؟ قال : بلى ، قال :الصفح عن الناس ، ومواساة الرجل أخاه في الله ، وذكر الله كثيراً (٣) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :أحلم الناس الذين إذا غضبوا عفوا ، وأصبرهم أكظمهم للغيظ ، وأغناهم أرضاهم بما قسّم الله ، وأحبّهم إلى الله أكثرهم ذكراً ، وأعدلهم مَن أعطى الحق من نفسه ، وأحبّ للمسلمين ما يحبّ لنفسه ، وكره لهم ما يكره لنفسه .

وقال الحسين بن عطية : قال أبو الحسنعليه‌السلام :مكارم الأخلاق عشرة ، فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن فإنّها تكون في الرجل ولا تكون في ولده ، وتكون في ولده ولا تكون فيه ، وتكون في العبد ولا تكون في الحر : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وإقراء الضيف ، وإعطاء السائل ، والمكافاة على الصنائع ، والتذمّم للجار وللصاحب ، ورأسهنّ الحياء وكثرة الذكر (٤) .

وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام :مَن صدق لسانه زكى عمله ، ومَن حسنت نيّته زيد في رزقه ، ومَن حسن برّه بأهل بيته مدّ في عمره (٥) .

وقالعليه‌السلام :لا تغتروا بصلاتهم وصيامهم ، فإنّ الرجل ربّما لهج

____________

(١) راجع البحار ١٠٤ : ٧٣ ح ٢٥ .

(٢) أثبتناه من ( ب ) ، وفي ( ألف ) و ( ج ) : أُحدّثكم .

(٣) معاني الأخبار : ١٩١ ح٢ ، عنه البحار ٦٩ : ٣٧٢ ح ١٨ .

(٤) الكافي ٢ : ٥٥ ح ١ ، عنه البحار ٧٠ : ٣٦٧ ح ١٧ .

(٥) الكافي ٢ : ١٠٥ ح ١١ ، عنه البحار ٧١ : ٨ ح ٩ .

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381