ارشاد القلوب الجزء ١

ارشاد القلوب0%

ارشاد القلوب مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: كتب الأخلاق
ISBN: ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤
الصفحات: 381

ارشاد القلوب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الحسن بن أبي الحسن محمّد الديلمي
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: ISBN: ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤
الصفحات: 381
المشاهدات: 84200
تحميل: 18566


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 84200 / تحميل: 18566
الحجم الحجم الحجم
ارشاد القلوب

ارشاد القلوب الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
ISBN: ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أعلى درجة ، ولهذا فضّل معتقد البلوى نعمة على غيره .

وروي أنّ أوّل مَن يدخل الجنة الحامدون ، وعلى كل حال فله الحمد على ما دفع(١) ، وله الشكر على ما يقع(٢) ، وروي أنّ الله تعالى أوحى إلى موسىعليه‌السلام :يا موسى ارحم عبادي المبتلى منهم والمعافى ، قال : يا رب قد عرفت رحمة المبتلي فما بال المعافى ؟ قال : لقلّة شكره .

وقوله تعالى :( وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها ) (٣) أي لا تقوموا بشكرها كلها ، وذلك صحيح لأنّ في اللحظة الواحدة ينظر الإنسان نظرات لا تحصى ، وتسمع أذنه حروفاً لا تُحصى ، ويتكلّم بلسانه بحروف لا تحصى ، وتسكن منه عروق لا يعلم عددها ، وتتحرّك منه عروق لا يعلم عددها ، ويتنفّس بأنفاس لا تحصى ، ويتناول من الهوى أنفاساً لا تحصى ، وكذلك تتحرّك جوارحه بحركات كثيرة ، فهذا في اللحظة الواحدة فكيف في يومه وسنته وطول عمره ؟! صدق الله العلي العظيم .

____________

(١) في ( ب ) : ما وقع .

(٢) في ( ج ) : نفع .

(٣) إبراهيم : ٣٤ .

٢٤١

الباب الثامن والثلاثون : في مدح الموقنين

قال الله تعالى :( والذين يؤمنون بما أُنزل إليك وما أُنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون ) (١) .

فمدح الموقنين بالآخرة يعني المطمئنّين بما وعد الله فيها من ثواب وتوعّد من عقاب ، كأنّهم قد شاهدوا ذلك ، كما روي أنّ سعد بن معاذ دخل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :كيف أصبحت يا سعد ؟ فقال : بخير يا رسول الله ، أصبحت بالله مؤمناً موقناً ، فقال :يا سعد إنّ لكل قول حقيقة ، فما مصداق ما تقول ؟

فقال : يا رسول الله ما أصبحت فظننت أنّي أمسي ، ولا أمسيت فظننت أنْ أُصبح ، ولا مددت خطوة فظننت أنّي أتبعها بأخرى ، وكأنّي بكل أمة جاثية ، وكل أمة معها كتابها ونبيّها وإمامها تدعى إلى حسابها ، وكأنّي بأهل الجنّة وهم يتنعّمون ، وبأهل النار وهم يعذّبون ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :يا سعد عرفت

____________

(١) البقرة : ٤ .

٢٤٢

فالزم .

فلمّا صحّ يقينه كالمشاهدة أمره باللزوم ، واليقين هو مطالعة أحوال الآخرة على سبيل المشاهدة ، كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً فدلّ على أنّه مشاهد(١) الآخرة مع الغيب عنها .

وقالعليه‌السلام :ما منكم إلاّ ومَن قد عاين الجنّة والنار إن كنتم تصدقون بالقرآن وصدقعليه‌السلام لأنّ اليقين بالقرآن يقين بكل ما تضمّنه من وعد ووعيد ، وهو أيضاً في قلب العارف كالعلم البديهي الذي لا يندفع ، ولأجل هذا منعنا من أنّ المؤمن يكفر بعد المعرفة .

فإن عارض أحد بقوله تعالى :( إنّ الذين آمنوا ثم كفروا ) (٢) قلنا : آمنوا بألسنتهم دون قلوبهم كما قال تعالى :( قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ) (٣) ، فالإسلام نطق باللسان ، والإيمان نطق باللسان واعتقاد بالقلب ، فلما علم سبحانه انّه لم يعتقدوا ما نطقوا به حقاً نفى عنهم أنّهم مؤمنون .

فأوّل مقامات الإيمان المعرفة ثم اليقين ثم التصديق ثم الإخلاص ثم الشهادة بذلك كلّه ، والإيمان اسم لهذه الأُمور كلّها ، فأوّلها النظر بالفكر في الأدلّة ونتيجته المعرفة ، فإذا حصلت لزم التصديق ، وإذا حصل التصديق والمعرفة أنتجا اليقين ، فإذا صحّ اليقين جالت أنوار السعادة في القلب بتصديق ما وعد به من رزق في الدنيا وثواب في الآخرة ، وخشعت الجوارح من مخافة ما توعد من العقاب ، وقامت بالعمل والزجر عن المحارم .

وحاسب العقل النفس على التقصير في الذكر والتنبيه على الفكر ، فأصبح صاحب هذه الحال نطقه ذكراً ، وصمته فكراً ، ونظره اعتباراً ، واليقين يدعو إلى قصر

____________

(١) في ( ج ) : يشاهد .

(٢) النساء : ١٣٧ .

(٣) النساء : ١٣٧ .

٢٤٣

الأمل ، وقصر الأمل يدعو إلى الزهد ، والزهد ينتج النطق بالحكمة لخلوّ البال من هموم الدنيا ؛ لقولهعليه‌السلام : مَن زهد في الدنيا استراح قلبه وبدنه ، ومَن رغب فيها تعب قلبه وبدنه فلا يبقى له نظر إلاّ إلى الله ولا رجوع إلاّ إليه ، كما مدح الله سبحانه إبراهيمعليه‌السلام بقوله :( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ) (١) .

وعلى قدر يقين العبد يكون إخلاصه وتقواه ، وهذه الأحوال الصحيحة توجب لصاحبها حالاً لا يراها بين اليقظة والنوم ، ويحصل باليقين ارتفاع معارضات الوساوس النفسانية لأنّه رؤية العيان بحقائق الإيمان .

وهو أيضاً ارتفاع الريب بمشاهدة الغيب ، وهو سكون النفس دون جولان الموارد ، ومتى استكمل القلب حقائق اليقين صار البلاء عنده نعمة ، والرخاء مصيبة حتّى اأنّه يستعذب البلاء ، ويستوحش لمطالعة العافية .

____________

(١) هود : ٧٥ .

٢٤٤

الباب التاسع والثلاثون : في الصبر وفضله

قال الله تعالى :( واصبر وما صبرك إلاّ بالله ) (١) .

وقال سبحانه :( واصبر على ما أصابك ) (٢) .

وقال الله تعالى :( واستعينوا بالصبر والصلاة ) (٣) فجعل الصبر معونة على الصلاة ، بل هو معونة على كل طاعة ، وترك كل معصية وبليّة .

وقال سبحانه :( وبشّر الصابرين ) (٤) يعني بعظيم الثواب وحسن الجزاء ، وأوجب صلاته ورحمته عليهم ، فقال :( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) (٥) .

وقال سبحانه :( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) (٦) .

____________

(١) النحل : ١٢٧ .

(٢) لقمان : ١٧ .

(٣) البقرة : ٤٥ .

(٤) البقرة : ١٥٥ .

(٥) البقرة : ١٥٥ .

(٦) الرعد : ٢٤ .

٢٤٥

فسلّم على الصابرين ، وجعل لهم عقبى الدار الآخرة ، والصبر على ثلاثة أقسام : صبر على الطاعة ، وصبر عن المعصية ، وصبر على المصيبة .

وقال عليعليه‌السلام :الصبر مطيّة لا تكبوا بصاحبها (١) .

والصبر على المصيبة مصيبة للشامت ، ولا شك أنّ الصابر محرز أجرها ، ويكبت عدوّه بصبره ، ويسلم من ضرر الجزع بشق ثوب أو ألم في بدنه ، والجازع يدخل عليه بجزعه ثلاث آفات : يحبط أجره ، ويشمت عدوّه ، ويدخل الضرر على نفسه بما يلحقه من الألم ، وصبر الصابر مصيبة للشامت .

وينبغي للعاقل أن تحدث له المصيبة موعظة ؛ لأنّ من الجائز أن يكون موضع المفقود ، فهو أحق بالحمد لله والثناء عليه ، ويحدث في نفسه الاستعداد بمثل ما نزل بغيره من موت أو بلية يستدفعها بالدعاء .

وينبغي للإنسان أن يطمئنّ قلبه ونفسه على البلايا والرزايا العظيمة حتّى إذا نزل به قليلها عدّه نعمة في جنب غيره ، وأحسن مقامات الإنسان أن ينظر في المصائب و البلايا وضيق المعاش والفاقة والفقر إلى من هو أكبر منه بليّة ، فيصير حاله عنده نعمة .

وينظر في عمل الخير إلى مَن هو فوقه ، فيستقلّ عمله ويزري على نفسه ، ويحثّها على اللحاق بمَن هو فوقه في صالح العمل ، وهكذا يكون مَن يريد صلاح(٢) نفسه ، وعظيم صبره ، وقلّة همّه وغمّه .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا إيمان لمَن لا صبر له (٣) .

____________

(١) كنز الكراجكي : ٥٨ ، عنه البحار ٧١ : ٩٦ ح ٦١ .

(٢) في ( ب ) : إصلاح .

(٣) الكافي ٢ : ٨٩ ح٤ ، عنه البحار ٧١ : ٨١ ح١٧ ، وكنز الكراجكي : ٥٨ .

٢٤٦

وقال :إنّا وجدنا الصبر على طاعة الله أيسر من الصبر على عذابه (١) .

وقال :اصبروا على عمل لا غنى لكم عن ثوابه ، واصبروا عن عمل لا طاقة لكم على عقابه (٢) .

وحقيقة الصبر تجرّع الغصص عند المصائب ، واحتمال البلايا والرزايا ، وغاية الصبر أن لا يفرق بين النعمة والمحنة ، ويرجح المحنة على النعمة للعلم بحسن عاقبتها ، والصبر(٣) : السكون عند البلاء مع تحمّل أثقال المحنة عند عظمها .

قال المصنف رحمة الله عليه :

صبرت ولم أُطلع هواي على صبري

وأخفيت ما بي منك عن موضع الصبرِ

مخافة أن يشكو ضميري صبابتي

إلى دمعتي سرّاً فتجري ولا أدري

قيل : أوحى الله إلى داودعليه‌السلام :تخلّقوا (٤) بأخلاقي ، فإنّ من أخلاقي أنّي أنا الصبور ، والصابر إن مات مع الصبر مات شهيداً ، وإن عاش عاش عزيزاً ، واعلموا أنّ الصبر على المطلوب عنوان الظفر ، والصبر في المحن عنوان الفرج .

وقد مدح الله سبحانه عبده أيوب :( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) (٥) .

وروي أنّه لما اشتد به البلاء قالت له امرأته يوماً : إنّ دعاء الأنبياء مستجاب فلو سألت الله كَشْف ما بك ، فقال لها :يا هذه قد متّعنا الله بالنعم سبعين سنة ، فدعينا نصبر على بلائه مثل ذلك .

وروي أنّه لما جاءت امرأته إليه وقد باعت أحد ظفائرها لقوته شقّ عليه

____________

(١) عنه مستدرك الوسائل ١١ : ٢٦١ ح ١٢٩٣٨ ، وفي البحار ٧٧ : ٣٨٠ .

(٢) عنه مستدرك الوسائل ١١ : ٢٦١ ح ١٢٩٣٩ ، وفي البحار ٧٧ : ٣٨٠ .

(٣) في ( ج ) : التصبر .

(٤) في ( ج ) : تخلّق .

(٥) ص : ٤٤ .

٢٤٧

ذلك ، فنصب نفسه بين يدي الله تعالى ثم قال :يا رب إنّك أبليتني بفقد الأهل والأولاد فصبرت ، وبالمرض الفلاني فصبرت ، ثم أعدد أمراضه ، فإذا النداء من قبل الله : يا أيوب لمن المنّة عليك في صبرك ؟

فقال :اللّهمّ لك ، اللّهمّ لك ، وصار يحثو التراب على رأسه ويبكي ويقول : اللّهم لك ، اللّهم لك ، فجاءه النداء : ( اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ) (١) ، فركض برجله فنبعت عين عظيمة ، فاغتسل منها فخرج وجسمه كاللؤلؤة البيضاء ، وجاء جراد كلّه ذهب فصاده هو وأهله ، وأحيى الله تعالى له من مات من ولده وأهله ، ورزقه من النساء اللاتي تزوجهنّ أولاداً كثيرة ، كما قال تعالى :( ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منّا وذكرى لأولي الألباب ) (٢) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :الصبر نصف الإيمان ، واليقين الإيمان كله ، ومَن صبر على المصيبة حتّى يردّها بحسن العزاء كتب الله له بكل صبرة ثلاثمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى علوّ العرش .

ومَن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش (٣) ، ومَن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش (٤) .

____________

(١) ص : ٤٢ .

(٢) ص : ٤٣ .

(٣) في ( ب ) : إلى السماء .

(٤) مجموعة ورام ١ : ٤٠ .

٢٤٨

الباب الأربعون : في المراقبة

قال الله تعالى :( وكان الله على كلّ شيءٍ رقيباً ) (١) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لبعض أصحابه :اعبد الله كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فهو يراك (٢) .

وهذا إشارة إلى المراقبة ؛ لأنّ المراقبة علم العبد باطلاع الرب عليه في كل حالاته ، وملاحظة الإنسان لهذا الحال هو المراقبة ، وأعظم مصالح العبد استحضاره مع عدد أنفاسه أنّ الله تعالى عليه رقيب ومنه قريب ، يعلم أفعاله ، ويرى حركاته ، ويسمع أقواله ، ويطلع على أسراره ، وأنّه يتقلّب في قبضته ، وقلبه وناصيته بيده ، وأنّه لا طاقة له على التستّر عنه ، ولا على الخروج عن سلطانه .

قال لقمان لابنه : يا بني إذا أردت أن تعصي الله فاطلب مكاناً لا يراك فيه إشارة منه له أنّك لا تجد مكاناً لا يراك فيه فلا تعصه ، وقال تعالى :( وهو معكم أين

____________

(١) الأحزاب : ٥٢ .

(٢) راجع البحار ٧٧ : ٧٦ .

٢٤٩

ما كنتم ) (١) .

وكان بعض العلماء يرفع شاباً على تلاميذه كلهم ، فلاموه في ذلك ، فأعطى كل واحد منهم طيراً وقال : اذبحه في مكان لا يراك فيه أحد ، فجاؤوا كلهم بطيورهم وقد ذبحوها ، وجاء الشاب بطيره وهو غير مذبوح فقال : لم لا تذبحه ؟ فقال : لقولك لا تذبحه إلاّ في مكان لا يراك فيه أحد ، ولا يكون مكان إلاّ يراني فيه الواحد الأحد الفرد الصمد ، فقال له : أحسنت ، ثم قال لهم : لهذا رفعته عليكم وميّزته منكم(٢) .

ومن علامات المراقبة إيثار ما آثر الله ، وتعظيم ما عظّم الله ، وتصغير ما صغّر الله ، فالرجاء يحرّك(٣) على الطاعات ، والخوف يبعد عن المعاصي ، والمراقبة تؤدّي إلى طريق الحياء وتحمل على ملازمة الحقائق والمحاسبة على الدقائق .

وأفضل الطاعات مراقبة الحق سبحانه على دوام الأوقات ، ومن سعادة المرء أن يلزم نفسه المحاسبة والمراقبة وسياسة نفسه باطلاع الله ومشاهدته لها ، وأنّها لا تغيب عن نظره ، ولا تخرج عن علمه .

وينبغي للواعظ غيره أن يعظ نفسه قبلهم ، ولا يغرّه اجتماع الناس عليه واستماعهم منه ، فإنّهم يراقبون ظاهره والله شهيد على ما في باطنه .

روي أنّ بعضهم رأى شاباً حسن العبادة والاجتهاد فقال : يا فتى على ما بنيت أمرك ؟ فقال : على أربع خصال ، قال : وما هي ؟ قال : علمت أنّ رزقي لا يفوتني منه شيء وانّ وعد الله حق فاطمأننت إلى وعده ، والثانية علمت أنّ عملي لا يعمله غيري فأنا مشغول به ، والثالثة علمت أنّ أجلي يأتيني بغتة فبادرته ، والرابعة علمت أنّي لا أغيب عن نظر الله في سرّي وعلانيتي ، فأنا مراقبه في كل أحوالي .

____________

(١) الحديد : ٤ .

(٢) مجموعة ورام ١ : ٢٣٥ نحوه .

(٣) في ( ج ) : يحثك .

٢٥٠

الباب الحادي والأربعون : في ذم الحسد

قال الله تعالى :( قل أعوذ بربّ الفلق * من شرّ ما خلق ) ، وعدّد المستعاذ منهم ، ثم ختم السورة بقوله :( ومن شرّ حاسدٍ إذا حسد ) (١) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إيّاكم وثلاث خصال فإنّهنّ رأس كل خطيئة : إيّاكم والكبر ، فإنّ إبليس حمله الكبر على ترك السجود لآدم فلعنه الله وأبعده ، وإيّاكم والحرص ، فإنّ آدم حمله الحرص على أن أكل من الشجرة ، وإيّاكم والحسد فإنّ قابيل ابن آدم حمله الحسد على قتل أخيه هابيل ، والحاسد جاحد لأنّه لم يرض بقضاء الله .

واعلم أنّ الحسود لا يسود ، وجاء في تأويل قوله تعالى :( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) (٢) ، قيل : ما بطن الحسد ، وقال تعالى في بعض كتبه [المنزلة](٣) :الحاسد عدوّ نعمتي ، والحسد يبين في الحاسد قبل المحسود .

____________

(١) الفلق : ٥ـ١ .

(٢) الأعراف : ٣٣ .

(٣) أثبتناه من ( ب ) .

٢٥١

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :لله درّ الحسد ما أعدله ، بدأ بصاحبه فقتله (١) .

وقال بعضهم : الحمد لله الذي لم يجعل في قلوب الأُمراء والولاة ما في قلب الحاسد ، فكان يهلك الناس جميعاً .

وروي أنّ في السماء الخامسة ملكاً تمرّ به الأعمال ، فربما مرّ به عمل كالشمس يضيء نوراً فيرده ويقول : هذا فيه حسد فاضربوا به وجه صاحبه ، وما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم إلاّ الحاسد ، وكل أحد في رضاه سبيل إلاّ الحاسد لا طريق إلى رضاه ؛ لأنّه لا يرضيه إلاّ زوال نعمة المحسود .

ومن علامة الحاسد أنّه يشمت بزوال نعمة الذي يحسده ومصائبه ، ومن علامته أيضاً أنّه يتملّق إذا حضر ، ويغتابه إذا غاب عنه من يحسد .

وروي أنّ موسىعليه‌السلام رأى رجلاً عند العرش فغبطه وقال : يا ربّ بم نال هذا ما هو فيه من سكناه تحت ظلال عرشك ؟ فقال : إنّه لم يكن يحسد الناس .

والحاسد إذا رأى نعمة بهت ، وإذا رأى عثرة شمت ، وينبغي لمَن أراد السلامة من الحاسد أن يكتم عنه نعمته ، وأعظم الأخلاق المذمومة الحسد والغيبة والكذب ، فإذا كان الحاسد همّه نشر خصائل المحسود فإنّه ينشر فضائله من حيث لا يعلم ، ولقد أحسن الشاعر في قوله :

وإذا أراد الله نشر فضيلةٍ

طُويت أتاحَ لها لسان حسودِ

ولقد أحسن الشاعر أيضاً :

وكيف يرجى ودّ حسود (٢) نعمة

إذا كان لا يرضيه إلاّ زوالها

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ،

____________

(١) البحار ٧٣ : ٢٤١ .

(٢) في ( ب ) : حاسد .

٢٥٢

فلا تحاسدوا (١) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :ولا تحاسدوا فإنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب (٢) .

وإذا كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنينعليه‌السلام قد شهدا بأنّ الحسد يأكل الإيمان والحسنات فأيّ شيء يبقى مع العبد مع(٣) ذهاب الإيمان والحسنات ، فتحرّروا منه تستريح قلوبكم وأبدانكم من التعب والإثم ، ولقد سرّني أنّني قد مثلت في نفسي أنّ عينيّ(٤) لو تحوّلتا إلى رأس غيري لم أحسده ، إذ قد فات الأمر في ذلك ولم يبق إلاّ الصبر والاحتساب ، وأنّ الحزن والحسد بعد فوات ذلك مصيبة ثانية .

فتمثّلوا رحمكم الله آخر الأمر تستريحوا وتفوزوا ، فالعاقل يحسب آخر الأمور فيقف عندها ولا يتجاوزها ، ومتى كان الغالب على القلب الفكر وعلى اللسان الذكر ، فإنّ العبد لا يتخلّى مع ذلك لحسد ولا لشيء من المعاصي وغيرها ، وأنّ الذكر والفكر سيف قاطع لرأس كل شيطان من الجن والإنس ، وجنّة واقية من الغفلة ، وخير الذكر الخفي .

____________

(١) المجازات النبويّة : ٢١٠ ح ١٩٣ ، عنه البحار ٧٣ : ٢٥٧ ح ٣٠ .

(٢) تحف العقول : ١٠١ ، عنه البحار ٧٧ : ٢٩١ ح ٢ .

(٣) في ( ج ) : بعد .

(٤) في ( ج ) : إنّ عقلي لو تحوّل .

٢٥٣

الباب الثاني والأربعون : في فراسة المؤمن

قال الله تعالى :( إنّ في ذلك لآيات للمتوسّمين ) (١) ، قيل : المتفرّسون .

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :اتقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور الله (٢) يعني ينظر بنور وهبه الله له .

وروي عن أُويسرحمه‌الله أنّه لما قصده حيان بن هرم قال له حين رآه : السلام عليك يا أخي حيان بن هرم ، فقال له : من أين لك معرفتي ولم ترني ؟ فقال له : المؤمن ينظر بنور الله ، وإنّ أرواح المؤمنين تسام كما تسام الخيل .

والفراسة أنوار سطعت في القلوب لحقائق الإيمان ، ومعرفة تمكّنت في النفوس فصدرت من حال إلى حال حتّى شهدت الأشياء من حيث أشهدها سيّدها ومولاها ، فنطقت عن ضمائر قوم وأمسكت عن آخرين ، والفراسة أيضاً نتيجة اليقين ، وطريق المؤمنين .

____________

(١) الحجر : ٧٥ .

(٢) بصائر الدرجات : ٣٧٧ ح ١٠ ، عنه البحار ٦٧ : ٧٤ ح ٤ .

٢٥٤

وسُئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قوله تعالى :( فمَن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) (١) قال :يقذف في قلبه نوراً فينشرح ويتوسّع .

والتفرّس من خواص أهل الإيمان ، سطعت في قلبه أنواراً فأدرك بها المعاني ، ومَن غضّ بصره عن المحارم ، وأمسك نفسه عن الشهوات ، وعمّر باطنه بصفاء السريرة ومراقبة الله تعالى ، وظاهره باتباع الكتاب والسنّة ، ولم تدخل معدته الحرام ، وخرس لسانه من الكذب والغيبة ولغو القول لم تخط فراسته .

وينبغي لمن جالس أهل الصدق أن يعاملهم بالصدق ، فإنّ قلوبهم جواسيس القلوب ، وينبغي الكون معهم لقوله تعالى :( يا أيّها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) (٢) ، يعني المعلوم لهم الصدق ، وهم أهل بيت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجمعين .

والدليل على صدقهم قوله تعالى :( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً ) (٣) ، والكذب أيضاً رجس .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا أبداً ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض .

فأمر باتباعهم إلى يوم القيامة ، فدلّ ذلك على أنّ كل زمان يكون منهم من يقوم بالكتاب والعمل به في تفسيره وتفصيل حلاله وحرامه ، ولم يقل بذلك سوى الشيعة الاثنى عشرية فدلّ هذا التفصيل على صدقهم أيضاً فيجب الكون معهم ، وأنّ الصدق مفتاح كل خير ، ومغلاق باب كل سوء ، وما لزمه إلاّ كل مَن نجى من ورطات الذنوب وفضيحات العيوب .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : الصادق على شرف منجاة ، والكاذب على

____________

(١) الأنعام : ١٢٥ .

(٢) التوبة : ١١٩ .

(٣) الأحزاب : ٣٣ .

٢٥٥

شفا مهواة ومهانة(١) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :لا يزال العبد يصدق حتّى يكتبه الله صدّيقاً ، ولا يزال يكذب حتّى يكتبه الله كذّاباً (٢) .

والصدق عماد الدين ونجاة المسلمين ، وهو تالي درجة النبوة ، ورأس الفتوّة ، وموجب مرافقة النبيين ، قال الله تعالى :( فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ) (٣) .

والصادق اسم لازم للصدق ، والصدّيق المبالغ فيه ، المتحرّي له في أقواله وأفعاله وكل حالاته التي تصدق قوله فعله ، ومَن أراد أن يكون الله معه فليلزم الصدق ، فإنّ الله تعالى يقول :( إنّ الله مع الصادقين ) .

والمداهن لا يشمّ رائحة الجنّة ، والصادق الذي لو كشف سرّه لما خالف ظاهره ، وقد قال الله تعالى :( فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين ) (٤) ، يعني في أنّكم أحبّاء الله وأولياؤه ؛ لأنّ الحبيب يتمنّى لقاء حبيبه .

والصدق علامة صحّة المعرفة والمهابة والمراقبة له لمشاهدته حال المخلوقين في أسرارهم وخلواتهم ، ومعاملة الله تعالى بالصدق ساعةً خير من الضرب بالسيف في سبيل الله سنةً ، ومَن عامل الله تعالى بالصدق في عباده أعطاه الله من نور الفراسة ما يبصر به كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة ، فعليكم بالصدق من حيث يضرّكم فإنّه ينفعكم ، وإيّاكم والكذب من حيث ينفعكم فإنّه يضرّكم .

وعلامة الكذب(٥) تبرّعه باليمين من غير أن يحلّفه أحد ، فإنّه لا يحلف الرجل

____________

(١) تحف العقول : ١٠١ ، عنه البحار ٧٧ : ٢٩٤ ح ٢ .

(٢) الكافي ٢ : ٣٣٨ ح ٢ ، عنه البحار ٧٢ : ٢٣٥ ح ٢ .

(٣) النساء : ٦٩ .

(٤) الجمعة : ٦ .

(٥) في ( ب ) : الكذّاب .

٢٥٦

في حديثه إلاّ لأحدى خصال ثلاث : إمّا لعلمه أنّ الناس لا يصدّقونه إلاّ إذا حلف لمهانته عندهم ، أو لتدليس كذبه عندهم ، أو لغو في النطق يتّخذ حلفه حشو في كلامه .

والصدق مجلبة للرزق ، لقولهعليه‌السلام : الصحّة والصدق يجلبان الرزق والصدق هو أصل الفراسة ، والفراسة الصادقة هي أوّل خاطر من غير معارض ، فإن عرض عارض فهو من وساوس النفس .

وجاء في قوله تعالى :( أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس ) (١) ، أي ميت الذهن ، فأحياه الله بنور الإيمان والفراسة ، وقوله :( كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) (٢) ، يعني الكافر في ظلمات كفره لا نور له ولا فراسة ولا سبب يستضيء به عند ظلمة نفسه ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار .

____________

(١) الأنعام : ١٢٢ .

(٢) الأنعام : ١٢٢ .

٢٥٧

الباب الثالث والأربعون : في حسن الخُلُق وثوابه

قال الله تعالى لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وإنّك لعلى خلق عظيم ) (١) ، مادحاً له بذلك وكفى بذلك مدحة .

وقيل : إنّ سبب نزول هذا الآية أنّه كان قد لبس برداً نجرانياً ذا حاشية قويّة ، فبينما هو يمشي إذ جذبه أعرابي من خلفه فحزّت في عنقه ، وقال له : أعطني عطائي يا محمد ، فالتفت إليه صلوات الله عليه وآله متبسّماً وأمر له بعطائه ، فنزل قوله تعالى :( وإنّك لعلى خُلُقٍ عظيم ) ، فمدحه الله بهذه مدحة لم يمدح بها أحداً من خلقه .

وسئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّ المؤمنين أفضلهم ايماناً ؟ فقال : أحسنهم خلقاً(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً(٣) .

____________

(١) القلم : ٤ .

(٢) راجع البحار ٧١ : ٣٩٥ ح ٧٠ .

(٣) أمالي الطوسي : ١٣٩ ح٤٠ مجلس : ٥ ، عنه البحار ٧١ : ٣٨٩ ح ٤٤ .

٢٥٨

وقال : إنّ الصبر والصدق وحسن الخلق والحلم من أخلاق الأنبياء(١) . وما يوضع في ميزان امرئ يوم القيامة شيء أفضل من حسن الخلق (٢) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :إنّ الخلق الحسن يذيب الخطيئة كما تذيب الشمس الجليد ، وإنّ الخلق السيئ يفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل (٣) .

وقال :إنّ حسن الخلق ينبت (٤) المودّة ، وحسن البِشْر يذهب بالسخيمة ، ومن أيقن بالخلف سخت (٥) نفسه بالنفقة ، فاستنزلوا الرزق بالصدقة ، وإيّاكم أن يمنع أحدكم من [ذي] حق [حقّه] فينفق مثله في معصية .

وقال :إنّ حسن الخلق يبلغ درجة الصائم القائم (٦) .

وقالعليه‌السلام :إنّ الله يعطي العبد على حسن خلقه من الثواب كما يعطي المجاهد في سبيل الله (٧) .

وقال :الرفق يمن ، والخرق شؤم (٨) .

وقال :أقربكم منّي غداً في الموقف أصدقكم للحديث ، وأداكم للأمانة ، وأوفاكم بالعهد ، وأحسنكم خلقاً (٩) .

وقال :يا بني عبد المطلب أفشوا السلام ، وصلوا الأرحام ، وأطعموا الطعام ، وأطيبوا الكلام ، تدخلوا الجنّة بسلام (١٠) .

____________

(١) الخصال : ٢٥١ ح ١٢١ باب ٤ ، عنه البحار ٧٤ : ٣٩٤ ح ١٧ .

(٢) الكافي ٢ : ٩٩ ح ٢ ، عنه البحار ٧١ : ٣٧٤ ح ٢ .

(٣) راجع البحار ٧١ : ٣٩٥ ح ٧٤ .

(٤) في ( ج ) : يثبت .

(٥) في ( ب ) : سمحت .

(٦) الكافي ٢ : ١٠٣ ح ١٨ ، عنه البحار ٧١ : ٣٨١ ح ١٦ .

(٧) الكافي ٢ : ١٠١ ح ١٢ ، عنه البحار ٧١ : ٣٧٧ ح ١٠ .

(٨) الكافي ٢ : ١١٩ ح ٤ ، عنه البحار ٧٥ : ٥٩ ح ٢٣ .

(٩) روضة الواعظين : ٣٧٧ ، والبحار ٦٩ : ٣٨١ ح ٤١ نحوه .

(١٠) المحاسن ٢ : ١٤١ ح ٣ ، عنه البحار ٧٤ : ١٠ ح ٤٠ .

٢٥٩

وقال أبو حمزة الثمالي : قال علي بن الحسينعليه‌السلام :إنّ أحبّكم إلى الله أحسنكم خلقاً ، وأعظمكم عملاً أشدّكم فيما عند الله رغبة ، وأبعدكم من عذاب الله أشدّكم خشية ، وأكرمكم عند الله أتقاكم (١) .

وقال الصادقعليه‌السلام لجراح المدائني :ألا [أُحدّثك] (٢) بمكارم الأخلاق ؟ قال : بلى ، قال :الصفح عن الناس ، ومواساة الرجل أخاه في الله ، وذكر الله كثيراً (٣) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :أحلم الناس الذين إذا غضبوا عفوا ، وأصبرهم أكظمهم للغيظ ، وأغناهم أرضاهم بما قسّم الله ، وأحبّهم إلى الله أكثرهم ذكراً ، وأعدلهم مَن أعطى الحق من نفسه ، وأحبّ للمسلمين ما يحبّ لنفسه ، وكره لهم ما يكره لنفسه .

وقال الحسين بن عطية : قال أبو الحسنعليه‌السلام :مكارم الأخلاق عشرة ، فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن فإنّها تكون في الرجل ولا تكون في ولده ، وتكون في ولده ولا تكون فيه ، وتكون في العبد ولا تكون في الحر : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وإقراء الضيف ، وإعطاء السائل ، والمكافاة على الصنائع ، والتذمّم للجار وللصاحب ، ورأسهنّ الحياء وكثرة الذكر (٤) .

وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام :مَن صدق لسانه زكى عمله ، ومَن حسنت نيّته زيد في رزقه ، ومَن حسن برّه بأهل بيته مدّ في عمره (٥) .

وقالعليه‌السلام :لا تغتروا بصلاتهم وصيامهم ، فإنّ الرجل ربّما لهج

____________

(١) راجع البحار ١٠٤ : ٧٣ ح ٢٥ .

(٢) أثبتناه من ( ب ) ، وفي ( ألف ) و ( ج ) : أُحدّثكم .

(٣) معاني الأخبار : ١٩١ ح٢ ، عنه البحار ٦٩ : ٣٧٢ ح ١٨ .

(٤) الكافي ٢ : ٥٥ ح ١ ، عنه البحار ٧٠ : ٣٦٧ ح ١٧ .

(٥) الكافي ٢ : ١٠٥ ح ١١ ، عنه البحار ٧١ : ٨ ح ٩ .

٢٦٠