ارشاد القلوب الجزء ١

ارشاد القلوب0%

ارشاد القلوب مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: كتب الأخلاق
ISBN: ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤
الصفحات: 381

ارشاد القلوب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الحسن بن أبي الحسن محمّد الديلمي
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: ISBN: ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤
الصفحات: 381
المشاهدات: 84194
تحميل: 18566


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 84194 / تحميل: 18566
الحجم الحجم الحجم
ارشاد القلوب

ارشاد القلوب الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
ISBN: ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الألبّاء (١) ، والخالصة النجباء ، وهم الروّاغون (٢) فراراً بدينهم ، إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفقدوا ، أولئك من شيعتي الأطيبين وإخواني الأكرمين ، ألا هاهٍ شوقاً إليهم (٣) .

وعن عليّعليه‌السلام قال :قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا الشجرة وفاطمة فرعها وعليّ لقاحها والحسن والحسين ثمرتها ، وشيعتنا أغصانها ، فما من عبد أحبّنا أهل البيت وعمل بأعمالنا ، وحاسب نفسه قبل أن يحاسب إلاّ أدخله الله الجنّة (٤) .

وعن عليّعليه‌السلام انّه قال :يا نبيّ الله بيّنه لي لأهتدي بهداك لي ، فقال : يا عليّ من يهدي الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل الله فلا هادي له ، وانّه عزّ وجل هاديك ومعلّمك وحق لك أن تعي ، لقد أخذ الله ميثاقي وميثاقك وميثاق شيعتك وأهل مودّتك إلى يوم القيامة ، فهم شيعتي وذووا مودّتي وهم ذووا الألباب ، يا عليّ حق على الله أن ينزلهم في جنّاته ويسكنهم مساكن الملوك ، وحق لهم أن يطيبوا (٥) .

وبإسناده مرفوعاً إلى الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنّه سئل : أيّ الأعمال أفضل بعد المعرفة ؟ قال :ما من شيء بعد المعرفة يعدل هذه الصلاة ، ولا بعد المعرفة والصلاة شيء يعدل الزكاة ، ولا بعد الزكاة شيء يعدل الحج ، وفاتحة ذلك كلّه معرفتنا وخاتمته معرفتنا ولا شيء بعد ذلك كبرّ الإخوان ، والمواساة ببذل الدينار والدرهم فإنّهما حجران ممسوخان ، بهما امتحن الله خلقه بعد الذي عدّدت لك ، وما رأيت شيئاً أسرع غنىً ولا أنفى

____________

(١) في ( ج ) : الأولياء .

(٢) قال في البحار : أي يميلون عن الناس ومخالطتهم .

(٣) أمالي الطوسي : ٥٧٦ ح٣ مجلس ٢٣ ، عنه البحار ٦٨ : ١٧٧ ح٣٤ .

(٤) أمالي الطوسي : ٦١١ ح١٢ مجلس ٢٨ ، عنه البحار ٦٨ : ٦٩ ح١٢٦ باختلاف .

(٥) أمالي الطوسي : ٦١٢ ح١ مجلس ٢٩ ، عنه البحار ٣٨ : ٣١٦ ضمن حديث ٢١ .

٢٨١

للفقر من إدمان حج هذا البيت ، وصلاة فريضة تعدل عند الله ألف حجّة وألف عمرة مبرورات متقبّلات ، ولحجّة عند الله خير من بيت مملوء ذهباً ، لا بل خير من ملئ الدنيا ذهباً وفضّة ينفق في سبيل الله عزّ وجل والذي بعث محمداً بالحق بشيراً ونذيراً لقضاء حاجة امرئ مسلم وتنفيس كربته أفضل عند الله من حجّة وطواف ، وحجّة وطواف وعمرة حتّى عدّ عشرة ، ثمّ رفع يده .

وقال :اتّقوا الله ولا تملّوا من الخير ولا تكسلوا فإنّ الله عزّ وجل ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غنيّان عنكم وعن أعمالكم وأنتم الفقراء إلى الله عزّ وجل ، وإنّما أراد الله عزّ وجل بلطفه سبباً يدخلكم الجنّة به (١) .

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :مصافحة المؤمن بألف حسنة (٢) .

وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال :قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ لله عباداً من خلقه تفزع الناس إليهم في حوائجهم ، أولئك الآمنون من عذاب الله عزّ وجل (٣) .

وعنهعليه‌السلام ،عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من أفضل الأعمال عند الله عزّ وجل إبراد الأكباد (٤) الحارّة ، وإشباع الأكباد الجائعة ، والذي نفس محمد بيده لا يؤمن بي عبد يبيت شبعاناً وأخوه ـ أو قال : جاره ـ المسلم جائعاً (٥) .

وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :مَن كسا مؤمناً كُسي ألف حلّة ، وقُضي له ألف حاجة ، وكتب الله له عبادة سنة ، وغفر له ذنوبه كلّها وإن كانت أكثر من نجوم السماء ، وأعطاه الله يوم القيامة ثواب ألف شهيد ، وزوّجه الله تعالى ألف

____________

(١) أمالي الطوسي : ٦٩٤ ح٢١ مجلس ٣٩ ، عنه البحار ٢٧ : ٢٠٢ ح٧١ .

(٢) مستدرك الوسائل ٩ : ٥٨ ح١٠٢٠٠ عن مشكاة الأنوار .

(٣) البحار ٧٤ : ٣١٨ ح٨١ عن دعوات الراوندي .

(٤) في ( ج ) : الأفئدة .

(٥) أمالي الطوسي : ٥٩٨ ح١٥ مجلس ٢٦ ، عنه البحار ٧٤ : ٣٦٨ ح٥٨ .

٢٨٢

حوراء ، وكتب له براءة من النار وجواز على الصراط .

وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :إذا تلاقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح ، وإذا تفرّقتم فتفرّقوا بالاستغفار .

وعن أبي جعفرعليه‌السلام :مَن مشى في حاجة أخيه المؤمن أظلّه الله عزّ وجل بخمسة وسبعين ألف ملك ، ولم يرفع قدماً إلاّ كتب له بها حسنة ، وحطّ بها عنه سيّئة ، ورفع له بها درجة ، فإذا فرغ من حاجته كتب الله له بها بكلّ ما قضاه له أجر حاجّ ومعتمر .

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام :مَن مشى في حاجة أخيه المؤمن كان أحبّ إلى الله من عتق ألف نسمة ، وحمل ألف فرس في سبيل الله مسرّجة ملجّمة .

وقالعليه‌السلام :مَن سعى في حاجة أخيه المسلم طلب وجه الله ، كتب الله له ألف ألف حسنة يغفر فيها لأقاربه وجيرانه وإخوانه ومعارفه .

وقالعليه‌السلام :مَن أغاث (١) أخاه المؤمن اللهفان عند جهده فنفّس كربته وأعانه على نجاح حاجته ، كتب الله له بذلك اثنين وسبعين رحمة يعجّل الله له منها واحدة يصلح بها أمر معيشته ، ويدّخر له إحدى وسبعين رحمة لإفزاع يوم القيامة وأهواله .

وقالعليه‌السلام :أيّما مؤمن نفّس عن مؤمن كربته وهو معسر ، يسّر الله له حوائجه في الدنيا والآخرة (٢) .

وقالعليه‌السلام :مَن أشبع مؤمناً وجبت له الجنّة ، ومَن أشبع كافراً كان حقّاً على الله أن يملأ جوفه من الزقوم ، وإنّ إشباع (٣) رجل من المسلمين أحبّ إليّ

____________

(١) في ( ج ) : أعان .

(٢) الكافي ٢ : ٢٠٠ ح٥ ، عنه البحار ٧٤ : ٣٢٢ ح٨٩ .

(٣) في ( ج ) : ولئن أشبع .

٢٨٣

من إطعام (١) أفقاً من الناس ، قلت : وما الأُفق ؟ قال : مائة ألف أو يزيدون (٢) .

وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال :مَن أطعم ثلاثة نفر من المسلمين أطعمه الله عزّ وجل من ثلاث جنان في ملكوت السماوات : الفردوس ، وجنّة عدن ، وطوبى (٣) .

وقال عليّعليه‌السلام :ما من رجل يدخل بيته مؤمنان ويشبعهما إلاّ كان ذلك أفضل من عتق نسمة (٤) .

وعن عليّ بن الحسينعليه‌السلام قال :مَن أطعم مؤمناً من جوع أطعمه الله من ثمار الجنّة ، ومَن سقى مؤمناً من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم (٥) .

وقال الصادقعليه‌السلام :مَن أطعم مؤمناً حتّى يشبعه لم يدر أحد من خلق الله ما له من الأجر في الآخرة ، لا ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل إلاّ الله ربّ العالمين ، ثمّ قال :من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان ، قال تعالى : ( أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيماً ذا مقربة * أو مسكيناً ذا متربة ) (٦) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :مَن سقى مؤمناً شربة ماء من حيث يقدر على الماء أعطاه الله عزّ وجل بكلّ شربة سبعين ألف حسنة ، وإن سقاه من حيث لا يقدر على الماء فكأنّما أعتق عشر رقاب من ولد إسماعيل (٧) .

وقال الصادقعليه‌السلام :لإطعام مؤمن أحبّ إليّ من عتق عشر رقاب وعشر حجج (٨) ، ومَن كساه ثوباً كسوة شتا أو صيف كان حقّاً على الله أن يكسوه

____________

(١) في ( ج ) : أن أطعم .

(٢) الكافي ٢ : ٢٠٠ ح١و٢ ، عنه البحار ٧٤ : ٣٦٩ ح٦٣ و٦٤ ، والمحاسن ٢ : ١٤٩ ح٣١ .

(٣) الكافي ٢ : ٢٠٠ ح٣ ، عنه البحار ٧٤ : ٣٧١ ح٦٥ ، والمحاسن ٢ : ١٥٢ ح٤٤ .

(٤) المحاسن ٢ : ١٥٥ ح٥٥ ، عنه البحار ٧٥ : ٤٦٠ ح١٠ ، والكافي ٢ : ٢٠١ ح٤ .

(٥) الكافي ٢ : ٢٠١ ح٥ ، عنه البحار ٧٤ : ٣٧٣ ح٦٧ ، والمحاسن ٢ : ١٥٢ ح٤٣ .

(٦) المحاسن ٢ : ١٤٥ ح١٧ ، عنه البحار ٧١ : ٣٩٢ ح٥٧ ، والآية في سورة البلد : ١٤ـ١٦ .

(٧) الكافي ٢ : ٢٠١ ح٧ ، عنه البحار ٧٤ : ٣٧٤ ح٦٩ .

(٨) الكافي ٢ : ٢٠٤ ح٢٠ ، عنه البحار ٧٤ : ٣٧٩ ح٨٢ .

٢٨٤

من ثياب الجنّة ، وأن يهوّن عليه سكرات الموت ، وأن يوسّع عليه في قبره ، وأن تلقاه الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى ، كما قال تعالى : ( تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) (١) (٢) .

وقالعليه‌السلام :مَن كسا أحداً من فقراء المسلمين ثوباً من عرى ، أو عانه بشيء ممّا يقوته من معيشة ، وكّل الله عزّ وجل به سبعة آلاف ملك يستغفرون لكلّ ذنب عمله إلى أن ينفخ في الصور (٣) .

وقالعليه‌السلام :مَن كسا مؤمناً ثوباً من عرى كساه الله من استبرق الجنّة ، ومَن كساه ثوباً من غنى لم يزل في ستر الله عزّ وجل ما بقي من الثوب خرقة (٤) .

وقد ورد أنّ مشركاً تلطّف بمؤمن فلمّا مات أوحى الله إليه :لو كان في جنّتي سكن لمشرك لأسكنتك فيها ، ولكنّها محرّمة على من مات بي مشركاً ، ولكن يا نار حاذيه ولا تؤذيه ، قال :ويؤتى رزقه طرفي النهار من حيث يشاء الله (٥) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :مَن أدخل على مؤمن سروراً خلق الله عزّ وجل من ذلك السرور تمثالا لا يزال معه في كلّ هول يبشّره بالجنّة (٦) .

____________

(١) فصلت : ٣٠ .

(٢) الكافي ٢ : ٢٠٤ ح١ ، عنه البحار ٧٤ : ٣٧٩ ح٨٣ والآية فيه تختلف .

(٣) الكافي ٢ : ٢٠٤ ح٢ ، عنه البحار ٧٤ : ٣٨٠ ح٨٤ .

(٤) الكافي ٢ : ٢٠٥ ح٥ ، عنه البحار ٧٤ : ٣٨١ ح٨٧ .

(٥) الكافي ٢ : ١٨٨ ضمن حديث ٣ ، عنه البحار ٧٤ : ٢٨٨ ح١٦ .

(٦) الكافي ٢ : ١٩١ ح١٢ باختلاف ، معالم الزلفى : ١٤١ .

٢٨٥

الباب الثامن والأربعون : في الدعاء وبركته وفضله

قال الله تعالى :( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم ) (١) .

وقال سبحانه :( أمّن يجيب المضطرّ إذا دعاه ويكشف السوء ) (٢) .

وقال سبحانه :( إنّ الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين ) (٣) يعني عن دعائي .

وقال سبحانه :( ولقد أرسلنا إلى أُمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضرّاء لعلّهم يتضرّعون * فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرّعوا ولكن قست قلوبهم ) (٤) .

وقال :( قل مَن ينجّيكم من ظلمات البرّ والبحر تدعونه تضرّعاً وخفية ) (٥) .

ومدح قوماً على الدعاء فقال :( إنّهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا

____________

(١) غافر : ٦٠ .

(٢) النمل : ٦٢ .

(٣) غافر : ٦٠ .

(٤) الأنعام : ٤٢ـ٤٣ .

(٥) الأنعام : ٦٣ .

٢٨٦

رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ) (١) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :أفضل العبادة الدعاء (٢) .

وقال :الدعاء مخّ العبادة (٣) .

وقال :إذا أذن الله لعبد في الدعاء فتح له باب الإجابة بالرحمة ، وإنّه لن يهلك مع الدعاء هالك (٤) ، وإنّ الله سبحانه وتعالى يغضب إذا ترك سؤاله ، فليسأل أحدكم ربّه حتّى شسع نعله إذا انقطع ، إنّ سلاح المؤمن الدعاء .

وقالعليه‌السلام :إنّه سبحانه يبتلي العبد حتّى يسمع دعاءه وتضرّعه (٥) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :ما كان الله ليفتح على العبد باب الدعاء ويغلق عنه باب الإجابة وهو يقول : ( اُدعوني أستجب لكم ) (٦) وما كان الله ليفتح باب التوبة فيغلق باب [الرحمة و] (٧) المغفرة ، لأنّه يقول : ( هو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيّئات ) (٨) .

وما كان الله ليفتح باب الشكر ويغلق باب الزيادة لأنّه يقول :( لئن شكرتم لأزيدنّكم ) (٩) وما كان الله ليفتح باب التوكّل ولم يجعل للمتوكّل مخرجاً فإنّه سبحانه يقول :( ومَن يتّق الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومَن يتوكّل على الله فهو حسبه ) (١٠) .

____________

(١) الأنبياء : ٩٠ .

(٢) كنز العمال ٢ : ٦٤ ح٣١٣٤ .

(٣) كنز العمال ٢ : ٦٢ ح٣١١٣ .

(٤) إلى هنا في البحار ٩٣ : ٣٠٢ ح٣٩ عن عدّة الداعي .

(٥) مجموعة ورام ١ : ٤ نحوه .

(٦) غافر : ٦٠ .

(٧) أثبتناه من ( ب ) .

(٨) غافر : ٦٠ .

(٩) إبراهيم : ٧ .

(١٠) الطلاق : ٢ـ٣ .

٢٨٧

وقالعليه‌السلام :الدعاء يردّ القضاء المبرم (١) .

وقالعليه‌السلام :مَن سرّه أن يكشف عنه البلاء فليكثر من الدعاء .

وينبغي للعبد أن يدعو بهمّ مجموع ، وقلب خاشع ، وسريرة خالصة ، وبدن خاضع ، وجوارح متذلّلة ، ويقين واثق بالإجابة ليصدق قوله تعالى :( ادعوني أستجب لكم ) ، ولا يكون قلبه متشاغلاً لغير الله تعالى .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :للدعاء شروط أربعة ، الأوّل : إحضار النيّة ، الثاني : إخلاص السريرة ، الثالث : معرفة المسؤول ، الرابع : الإنصاف في المسألة ، فإنّه روي أنّ موسى عليه‌السلام مرّ برجل ساجد يبكي ويتضرّع ويدعو ، فقال موسى : يا ربّ لو كانت حاجة هذا العبد إليّ (٢) لقضيتها ، فأوحى الله إليه : يا موسى إنّه يدعوني وقلبه مشغول بغنم له ، فلو سجد حتّى ينقطع صلبه وتتفقّأ عيناه لم أستجب له ، وفي رواية اُخرى : حتّى يتحوّل عمّا أبغض إلى ما أُحبّ .

وقال تعالى : إنّ العبد يدعوني للحاجة فآمر بقضائها ، فيذنب فأقول للملك : إنّ عبدي قد تعرّض لسخطي بالمعصية فاستحقّ الحرمان ، وانّه لا ينال ما عندي إلاّ بطاعتي (٣) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :إنّ العبد ليرفع يديه إلى الله تعالى ومطعمه حرام وملبسه حرام ، فكيف يُستجاب له وهذه حالته ؟! (٤) .

وقال :ثلاث خصال يدرك بها خير الدنيا والآخرة : الشكر عند النعماء ، والصبر عند الضرّاء ، والدعاء عند البلاء .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :لو أنّ الناس إذا زالت عنهم النعم ونزلت

____________

(١) البحار ٩٣ : ٢٨٩ ضمن حديث ٥ ، عن الخصال ، حديث الأربعمائة .

(٢) في ( ج ) : بيدي .

(٣) الكافي ٢ : ٢٧١ ح١٤ ، عنه البحار ٧٣ : ٣٢٩ ح١١ باختلاف .

(٤) كنز العمال ٢ : ٨١ ح٣٢٣٦ نحوه .

٢٨٨

بهم النقم ، فزعوا إلى الله بوله من نفوسهم ، وصادق من نيّاتهم ، وخالص من سرائرهم ، لردّ عليهم كلّ شارد ، ولأصلح لهم كلّ فاسد ، ولكنّهم أخلوا بشكر النعم فسلبوها ، وإنّ الله تعالى يعطي النعم بشرط الشكر لها والقيام فيها بحقوقها ، فإذا أخلّ المكلّف بذلك كان لله التغيير .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :التعلّل زكاة البدن ، والمعروف زكاة النعم ، وكلّ نعمة أُنيل منها المعروف فمأمونة السلب ، محصنة من الغير .

وقال :والله ما نزع من قوم نعماً إلاّ بذنوب اجترحوها ، فاربطوها بالشكر وقيّدوها بالطاعة ، والدعاء مفتاح الرحمة ، وسراج الزاهدين ، وشوق العابدين ، وأقرب الناس إلى الإجابة والرحمة الطائع المضطر الذي لابدّ له ممّا سأله وخصوصاً عند نفوذ الصبر .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :فعند فناء الصبر باب الفرج .

وجاءت امرأة إلى الصادقعليه‌السلام فقالت : يا ابن رسول الله إنّ ابني سافر عنّي وقد طالت غيبته وقد اشتدّ شوقي إليه فادع الله لي ، فقال لها :عليك بالصبر ، فمضت وأخذت صبراً واستعملته ، ثمّ جاءت بعد ذلك فشكت إليه فقال لها :عليك بالصبر ، فاستعملته .

ثمّ جاءت فشكت إليه طول غيبة ابنها ، فقال لها :ألم أقل لك عليك بالصبر ؟ فقالت : يا ابن رسول الله كم الصبر ، فو الله لقد فنا الصبر ، فقال :ارجعي إلى منزلك تجدي ولدك قد قدم من سفره ، فمضت فوجدته قد قدم ، فأتت به إليه ، فقالوا : يا ابن رسول الله أوحيٌ بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال :لا ولكنّه قد قال : عند فناء الصبر يأتي الفرج ، فلمّا قالت قد فنا الصبر عرفت أنّ الله قد فرّج عنها بقدوم ولدها .

والدعاء إظهار العبد الفاقة والافتقار إلى الله تعالى مع الاستكانة والتذلّل

٢٨٩

والمسكنة والخضوع ، وإذا فعل العبد ذلك فقد فعل ما عليه من العبوديّة ، ولله سبحانه المشيئة في الاستجابة على قدر ما يراه من مصلحة العبد وما يقتضيه العدل والحكمة ؛ لأنّ جوده وكرمه لا يتعدّيان حكمته ، فإنّه سبحانه لا يمنع لبخل ولعُدم بل للمصلحة وما تقتضيه الحكمة ، لا على سؤال العبد فيما يقترحه ويهواه ، ولهذا قال :( لو اتبع الحقّ أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهنّ ) (١) .

لأنّ الداعي يدعو بما يظنّه انّه مصلحة له ، والله يعمل على ما يعلم ، كمن دعا الله تعالى أن يعطيه مالا وعلم انّه يطغى به فمنعه إشفاقاً عليه ورحمة له ، فسبحان من عطاؤه كرم ، ومنعه فضل .

ومَن أكثر من الدعاء والذكر والشكر والحمد والثناء على الله أعطاه الله أفضل ما يعطي السائلين ، فإنّه تعالى يقول في بعض كتبه :( إذا شغل عبدي ذكري عن مسألته أعطيته أفضل ممّا أعطي السائلين ) .

وينبغي أن يكون الداعي بلسانه راضياً بقلبه فيما يجري له وعليه ليجمع بين الأمرين : الرجاء والرضا ، ولا ينبغي للعبد أن يملّ ، والتطويل له أفضل ما لم يتضيّق وقت فريضة .

وفي الخبر إنّ الله إذا أحبّ أن يسمع صوت عبده ودعاءه أخّر حاجته(٢) ، يقول : يا جبرئيل أخّر حاجته فإنّي اُحبّ تضرّعه وسماع صوته ، وإذا كره سماع صوت عبده قال : يا جبرئيل عجّل حاجته فإنّي أكره أن أسمع صوته(٣) .

هذا إذا كان عاصياً ، وإنّ العبد ليدعو الله تعالى وهو عليه غضبان فيردّه ، ثمّ يدعو فيردّه ، ثمّ يدعوه فيقول : أبى عبدي أن يدعو غيري فقد استجبت له(٤) .

____________

(١) المؤمنون : ٧١ .

(٢) في ( ج ) : إجابته .

(٣) كنز العمّال ٢ : ٨٥ ح٣٢٦١ ، جامع الأخبار : ٣٧٠ ح١٠٢٥ ، عدّة الداعي : ٣١ .

(٤) مجموعة ورام ١ : ٧ نحوه .

٢٩٠

فلا تيأسوا من تأخير الإجابة ، وقد كان بين إجابة موسى وهارون في فرعون أربعين سنة من حين قال الله لهما :( قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا ) (١) .

وروي أنّ تاجراً كان في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسافر من المدينة إلى الشام ولا يصحب القوافل توكّلا على الله ، فعرض له لصّ في طريقه وصاح به ، فوقف فقال له : خذ المال ودعني ، فقال : لا غنى لي عن نفسك ، فقال : دعني أتوضّأ وأُصلّي أربع ركعات ، فقال : افعل ما شئت ، فتوضّأ وصلّى ثمّ رفع يديه إلى السماء وقال :

( يا ودود يا ودود ، يا ذا العرش المجيد ، يا مبدئ يا معيد ، يا ذا البطش الشديد ، يا فعّالا لما يريد ، أسألك بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك ، وأسألك بقدرتك التي قدّرت بها على جميع خلقك ، وبرحمتك التي وسعت كلّ شيء ، لا إله إلاّ أنت ، يا مغيث أغثني ، يا مغيث صلّ على محمّد وآل محمد وأغثني ) .

فإذا هو بفارس على فرس أشهب عليه ثياب خضر وبيده رمح ، فشدّ على اللص فطعنه طعنة فقتله ، ثمّ قال للتاجر : اعلم إنّي ملك من السماء الثالثة حين دعوت سمعنا أبواب السماء قد فتحت ، فنزل جبرئيلعليه‌السلام وأمرني بقتله ، واعلم يا عبد الله أنّه ما دعا بدعائك هذا مكروب ولا محزون إلاّ فرّج الله عنه وأغاثه ، فرجع التاجر إلى المدينة سالماً ، فأخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك فقال له :لقد لقّنك الله أسماءه الحسنى التي إذا دُعي بها أجاب وإذا سُئل بها أعطى .

قال مصنّف هذا الكتاب شمله الله تعالى بواسع رحمته : إنّ من شرائط الدعاء وآدابه استحضار العبد ذهنه وفطنته ، وأن لا يكون قلبه متشاغلا بغير الله ، فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :إنّ الله لا يستجيب دعاء عبد وقلب لاه (٢) .

____________

(١) راجع الكافي ٢ : ٤٨٩ ح٥ ، والآية في سورة يونس : ٨٩ .

(٢) الدعوات : ٣٠ ح٦١ ، عنه البحار ٩٣ : ٣١٣ ضمن حديث ١٧ .

٢٩١

ومن شرائطه أن يكون مطعم العبد وملبسه من حلال ، فإنّ الله سبحانه قال :( إنّما يتقبّل الله من المتّقين ) (١) ، وقال رجل للصادقعليه‌السلام : إنّا ندعوا الله فلا يستجيب لنا ، قال :إنّكم تدعون مَن لا تهابونه وتعصونه ، فكيف يستجيب لكم ؟! .

وروى عثمان بن عيسى عمّن حدّثه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : آيتين في كتاب الله أطلبهما ولا أجدهما ، قال :ما هما ؟ قلت : قول الله عزّ وجل :( أُدعوني أستجب لكم ) (٢) فندعوه فلا نرى إجابة ، قال :أفترى الله أخلف وعده ؟ قلت : لا ، قال :فممّ ذلك ؟ قلت : لا أدري ، فقال :ولكنّي أُخبرك ، مَن أطاع الله فيما أمره ثمّ دعاه من جهة الدعاء أجابه .

قلت : وما جهة الدعاء ؟ قال :تبدأ فتحمد الله وتذكر نعمه عندك ، ثمّ تشكره ثمّ تصلّي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ تذكر ذنوبك فتقرّ بها ، ثمّ تستغفر الله منها ، فهذا جهة الدعاء ، قال :وما الآية الأخرى ؟

قلت : قول الله تعالى :( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه ) (٣) وإنّي أنفق ولا أرى خلفاً ، قال :أفترى الله أخلف وعده ؟ قلت : لا ، قال :فممّ ؟ قلت : لا أدري ، قال :لو أنّ أحدكم اكتسب المال من حلّه وأنفقه في حقّه ، لم ينفق رجل درهماً إلاّ أخلفه الله عليه (٤) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :ما من عبد دعا الله سبحانه دعوة ليس فيها قطيعة رحم ولا إثم إلاّ أعطاه الله بها إحدى خصال ثلاث : أمّا أن تعجّل دعوته ، وأمّا أن تؤخّر له ، وأمّا أن تدفع عنه من السوء مثلها ، قالوا : يا رسول الله

____________

(١) المائدة : ٢٧ .

(٢) غافر : ٦٠ .

(٣) سبأ : ٣٩ .

(٤) الكافي ٢ : ٤٨٦ ح٨ ، عدّة الداعي : ٢١ .

٢٩٢

إذن نُكْثِر ، قال :الله أكثر ، وفي رواية :الله أكثر وأطيب ـ ثلاث مرّات(١) .

وفيما أوحى الله إلى موسىعليه‌السلام :ما خلقت خلقاً أحبّ إليّ من عبدي المؤمن ، وإنّي إنّما ابتليته لما هو خير له ، وعافيته لما هو خير له ، وأنا أعلم بما يصلح عبدي ، فليصبر على بلائي وليشكر على نعمائي أثبته في الصدّيقين عندي إن عمل برضائي وأطاع أمري (٢) .

وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام :يقول الله عزّ وجل : يا عبادي أطيعوني فيما أمرتكم ولا تعلموني بما يصلحكم ، فإنّي أعلم به ولا أبخل عليكم بمصالحكم (٣) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :يا عباد الله أنتم كالمرضى وربّ العالمين كالطبيب ، فصلاح المرضى فيما يعلمه الطبيب ويدبّره ، لا فيما يشتهيه المريض ويقترحه ، ألا فسلّموا الله أمره تكونوا من الفائزين (٤) .

وعن الصادقعليه‌السلام :عجبت للمؤمن لا يقضي الله بقضاء إلاّ كان خيراً له ، وإن قرض بالمقاريض كان خيراً له ، وإن ملك مشارق الأرض ومغاربها كان خيراً له (٥) .

وفيما أوحى الله إلى داودعليه‌السلام : مَن انقطع إليّ كفيته ، ومَن سألني أعطيته ، ومَن دعاني أجبته ، وإنّما أؤخّر دعوته وهي معلّقة وقد استجبتها حتّى يتمّ قضائي ، فإذا تمّ قضائي أنفذت ما سأل قل للمظلوم : إنّما أُؤخّر دعوتك وقد استجبتها لك على من ظلمك لضروب

____________

(١) كنز العمّال ٢ : ٧٠ ح٣١٧١ ، دعوات الراوندي : ١٩ ح١٢ ، عنه البحار ٩٣ : ٣٦٦ ح١٦ ، جامع الأخبار : ٣٦٩ ح١٠٢٢ .

(٢) أمالي المفيد : ٦٣ ، عنه البحار ٦٧ : ٢٣٥ ح٥٢ ، وأمالي الطوسي : ٢٣٨ ح١٣ مجلس ٩ .

(٣) مجموعة ورام ٢ : ١٠٨ ، عدّة الداعي : ٣٧ .

(٤) الاحتجاج ١ : ٨٥ ، احتجاجه في تحويل القبلة ، عنه البحار ٨٤ : ٦١ ضمن حديث ١٢ ، مجموعة ورام ٢ : ١١٧ .

(٥) الكافي ٢ : ٦٢ ح٨ ، عنه البحار ٧٢ : ٣٣١ ح١٥ ، مجموعة ورام ٢ : ١٨٤ .

٢٩٣

كثيرة غابت عنك ، وأنا أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين ، امّا أن يكون قد ظلمت رجلاً فدعا عليك فتكون هذه بهذه لا لك ولا عليك ، وأمّا أن تكون لك درجة في الجنّة لا تبلغها عندي إلاّ بظلمه لك ؛ لأنّي أختبر عبادي في أموالهم وأنفسهم وربّما أمرضت العبد فقلّت صلاته وخدمته ، ولصوته إذا دعاني في كربته أحبّ إليّ من صلاة المصلّين .

ولربّما صلّى العبد فأضرب بها وجهه ، وأحجب عنّي صوته ، أتدري من ذلك يا داود ؟ ذلك الذي يكثر الالتفات إلى حرم المؤمنين بعين الفسق ، وذلك الذي حدّثته نفسه لو ولّي أمراً لضرب فيه الرقاب ظلماً .

يا داود نح على خطيئتك كالمرأة الثكلى على ولدها ، لو رأيت الذين يأكلون الناس بألسنتهم وقد بسطتها بسط الأديم ، وضربت نواحي ألسنتهم بمقامع من نار ثمّ سلّطت عليهم موبخاً لهم يقول : يا أهل النار هذا فلان السليط فاعرفوه ، كم من ركعة طويلة فيها بكى وخشيته ما تساوي عند الله فتيلاً ، حين نظرت في قلبه فوجدته إن سلّم من صلاته وبرزت له امرأة وعرضت عليه نفسها أجابها ، وإن عامله مؤمن خاتله(١) .

وقالعليه‌السلام في صفة رفع اليدين بالدعاء :هكذا الرغبة ، وبسط راحتيه باطنهما إلى السماء ، وهكذا الرهبة وجعل ظهرهما إلى السماء ، وقال :هكذا التضرّع ورفع إصبعيه السبابتين وحرّكهما يميناً وشمالاً ، وقال :هكذا التبتّل ورفع سبابتيه عالياً ونصبهما ، وقال :هكذا الابتهال وبسط يديه رافعاً لهما ، وقال :مَن ابتهل منكم فمع الدمعة يجريها على خدّيه ، وينبغي للداعي أن يكون متطهّراً مستقبل القبلة (٢) .

ومن آداب الدعاء المواضع الشريفة ، والأوقات الشريفة ، وعقيب الصلاة ،

____________

(١) البحار ١٤ : ٤٢ ح٣٤ ، عن عدّة الداعي : ٣٨ .

(٢) مكارم الأخلاق : ٢٧٢ في الأوقات المرجوّة لإجابة الدعاء .

٢٩٤

وأن يكون في يده خاتم عقيق أو ذي فص عقيق ، فقد روي انّه لا ترد يد فيها عقيق ، وقال : ما رفع إلى الله كفّ أحبّ إليه من كف فيها عقيق ، وانّه لا يفتقر كفّ فيها عقيق ، وهو أمن في السفر(١) .

وقال الصادقعليه‌السلام :صلاة ركعتين بخاتم عقيق أفضل من سبعين ركعة بغيره .

وقالعليه‌السلام :العقيق أوّل جبل أقرّ لله تعالى بالعبوديّة والوحدانيّة ، ولمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوّة ، ولعليّ بالولاية ، آلى (٢) الله على نفسه أنّه لا يرد كفّاً رفعت إليه بالعقيق ولا يعذّبها .

وكان قد أضرّ رجل فشكا إلى الله تعالى ، فرأى في منامه قائلاً يقول له : قل يا قريب يا مجيب يا سميع يا بصير يا لطيف يا خبير ، يا لطيفاً لما يشاء ، صلّ على محمد وآل محمد وردّ عليّ بصري ، فردّ الله تعالى عليه بصره .

وروي أنّ شاباً تعلّق بأستار الكعبة باكياً وقال : إلهي ليس لك شريك فيؤتى ، ولا وزير فيرشى ، ولا حاجب فينادى ، إن أطعتك فلك الحمد والفضل ، وإن عصيتك فلك الحجّة ، فبإثبات حجّتك عليّ وقطع حجّتي اغفر لي ، فسمع هاتفاً يقول : أنت معتوق من النار ، وخير الدعاء ما هيّجته الأحزان ، وحرّكته الأشجان ، وشفيع المذنبين دموعهم(٣) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :عليكم بالبكاء من خشية الله ، يبنى لكم بكلّ دمعة ألف بيت في الجنّة ، وما من شيء أحبّ إلى الله من قطرة دمع من خشية الله ، وقطرة دم جرت في سبيل الله ، وإذا أراد الله بعبد خيراً نصب في قلبه نائحة من الحزن ، وانّ الله يحبّ كلّ قلب حزين ، وخير الدعاء الخفي ، قال الله تعالى : ( ادعوا

____________

(١) عدّة الداعي : ١٢٩ .

(٢) في ( ج ) : قدر .

(٣) هكذا وفي ( ألف ) : ذنوبهم .

٢٩٥

ربّكم تضرّعاً وخفيةً ) (١) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :خير العبادة أخفاها (٢) .

وقال :خير الذكر الخفي (٣) .

وقال :دعاء السرّ يزيد على الجهر سبعين ضعفاً (٤) .

وأثنى الله سبحانه على زكرياعليه‌السلام بقوله :( إذ نادى ربّه نداءً خفيّاً ) (٥) ، وسمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقواماً يجاهرون بالدعاء ، فقال :أربعوا (٦) بأصواتكم فإنّ ربّكم ليس بأصمّ (٧) .

____________

(١) الأعراف : ٥٥ .

(٢) قرب الإسناد : ١٣٥ ح٤٧٥ ، وفيه : أعظم العبادة أجراً .

(٣) كنز العمّال ١ : ٤١٧ ح١٧٧١ .

(٤) البحار ٩٣ : ٣١٢ ضمن حديث ١٧ ، عن الدعوات : ١٨ ح٧ .

(٥) مريم : ٣ .

(٦) في ( ج ) : لا ترفعوا .

(٧) كنز العمال ٢ : ٨٢ ح٣٢٤٣ نحوه .

٢٩٦

الباب التاسع والأربعون : في فضيلة الفقر وحسن عاقبته

الشاهد على فضيلة الفقراء على الأغنياء قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :يدخل الفقراء الجنّة قبل الأغنياء بنصف يوم ، ومقداره خمسمائة عام (١) .

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام :إنّ الفقراء المؤمنين يتقلّبون في رياض الجنّة قبل أغنيائهم بأربعين خريفاً ، ثمّ قال :سأضرب لكم مثلاً ، إنّما مثل ذلك سفينتين مرّ بهما ناخس (٢) ، فنظر في إحداهما فلم يجد فيها شيئاً فقال : أسربوها ، ونظر في الأُخرى فإذا هي موفورة فقال : احبسوها (٣) .

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام :إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب كلاهما من أهل الجنّة فقير وغني ، فيقول الفقير : يا ربّ على ما أُحاسب ، فو عزّتك لقد علمت أنّي ما وليت ولاية لأعدل فيها أو أجور ، ولم تملكني مالاً فأعطي حقّه أو أمنعه ، ولقد كان يأتيني رزقي كفافا ً .

____________

(١) كنز العمال ٦ : ٤٦٨ ح١٦٥٨٠ .

(٢) في ( ب ) : ناظر .

(٣) الكافي ٢ : ٢٦٠ ح١ ، عنه البحار ٧٢ : ٦ ح٤ ، عدّة الداعي : ١١٦ .

٢٩٧

فيقول الله : صدق عبدي أدخلوه الجنّة ، ويبقى الغني حتّى يسيل منه العرق ما لو شرب منه أربعون بعيراً لأصدرها ، ثمّ يدخل الجنّة فيقول له الفقير : ما أخّرك ؟ فيقول : طول الحساب ، ما زال يحاسبني بالشيء بعد الشيء ويغفره الله لي ، ثمّ يحاسبني بآخر حتّى تغمّدني الله برحمته ، فمن أنت؟ فيقول له : أنا الفقير الذي كنت واقفاً معك في الحساب ، فيقول له الغني : لقد غيّرك النعيم بعدي (١) وهذا من أعظم نعم الله تعالى على الفقير ، خفّة حسابه ودخوله الجنّة قبل الغني .

ومن سعادة الفقير وراحته أنّه لا يطالب في الدنيا بخراج ، ولا في الآخرة بحساب ، ولا يشتغل قلبه عن الله تعالى بهموم الغني من حراسة المال ، والخوف من السلطان ، ومن اللصوص والحاسد ، وكيف يدبره وكيف ينميه ومقاسات عمارة الأملاك والوكلاء والأكاري ، وقسمة الزروع ، وتعب الأسفار ، وغرق المراكب ، وتمنّي الورّاث موته ليرثوه ، وإذا خلا من آفة تذهبه حال حياته كان حسرة له عند الموت ، وطول حسابه في الآخرة ، ويرثه منه إمّا من يتزوّج بامرأته أو امرأة ابنه أو زوج ابنته ، لابدّ من أحد هؤلاء يرثه ويحصل هو التعب والهموم وشغله به عن العبادة ، وتحظى به أعداؤه الذين لا يغنون عنه شيئاً .

ولا يزال الغني مخاطراً بنفسه وبالمال في البراري والقفار ، إن كان في بحر غرق هو والمال ، وإن كان في برّ أخذه منه القطّاع أخذوه وقتلوه ، فهو لا يزال على خطر به وبنفسه ، والفقير قد انقطع إلى الله وقنع بما يسدّ فورته ، ويواري عورته .

وقال بعض العلماء : استراح الفقير من ثلاثة أشياء وبلى بها الغني ، قيل : وما هي ؟ قال : جور السلطان ، وحسد الجيران ، وتملّق الإخوان(٢) .

وقال بعضهم : اختار الفقراء ثلاثة أشياء : اليقين ، وفراغ القلب ، وخفّة

____________

(١) أمالي الصدوق : ٢٩٤ ح١١ مجلس ٥٧ ، عنه البحار ٧٢ : ٣٥ ح٢٨ ، روضة الواعظين : ٤٥٥ .

(٢) عدّة الداعي : ١٠٧ .

٢٩٨

الحساب ، واختار الأغنياء ثلاثة أشياء : تعب النفس ، وشغل القلب ، وشدّة الحساب(١) .

ولا شك أنّ الفقر حلية الأولياء وشعار الصالحين ، ففيما أوحى الله إلى موسىعليه‌السلام :وإذا رأيت الفقر مقبلاً فقل : مرحباً بشعار الصالحين ، وإذا رأيت الغنى مقبلاً فقل : ذنب عجّلت عقوبته (٢) .

ثمّ انظر في قصص الأنبياء وخصائصهم وما كانوا فيه من ضيق العيش ، فهذا موسى كليم الله الذي اصطفاه لوحيه وكلامه كان يرى خضرة البقل من صفاق بطنه من هزاله ، وما طلب حين آوى إلى الظلّ بقوله :( ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خير فقير ) (٣) إلاّ خبزاً يأكله ، لأنّه كان يأكل بقلة الأرض ، وروي انّهعليه‌السلام قال يوماً :ربّ انّي جائع ، فقال تعالى : أنا أعلم بجوعك ، قال : يا ربّ أطعمني ، قال : إلى أن أُريد (٤) .

وفيما أوحى الله إلى موسىعليه‌السلام :الفقير مَن ليس له مثلي كفيل ، والمريض مَن ليس له مثلي طبيب ، والغريب مَن ليس له مثلي مونس ـ ويُروى حبيب(٥) ـيا موسى ارض بكسرة من شعير تسدّ بها جوعتك ، وبخرقة تواري بها عورتك ، واصبر على المصائب ، وإذا رأيت الدنيا مقبلة عليك فقل : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، عقوبة عجّلت في الدنيا ، وإذا رأيت الدنيا مدبرة عنك فقل : مرحباً بشعار الصالحين ، يا موسى لا تعجبنّ بما أُوتي فرعون وما متّع به ، فإنّما هي زهرة الحياة الدنيا (٦) .

____________

(١) عدّة الداعي : ١٠٦ .

(٢) البحار ٧٢ : ٥٥ ضمن حديث ٨٥ ، عن عدّة الداعي : ١١٧ .

(٣) القصص : ٢٤ .

(٤) البحار ١٣ : ٣٦١ ح٧٥ ، عن عدّة الداعي : ١١٧ .

(٥) في ( ج ) : ويُروى أنّه قال .

(٦) البحار ١٣ : ٣٦١ ح٧٦ ، عن عدّة الداعي : ١١٨ .

٢٩٩

وأمّا عيسى بن مريم روح الله وكلمته فإنّه كان يقول :خادمي يداي ، ودابتي رجلاي ، وفراشي الأرض ، ووسادي الحجر ، ودفائي في الشتاء مشارق الأرض ، وسراجي بالليل القمر ، وإدامي الجوع ، وشعاري الخوف ، ولباسي الصوف ، وفاكهتي وريحانتي ما أنبتت الأرض للوحوش والأنعام ، أبيت وليس لي شيء ، وأصبح وليس لي شيء ، وليس على وجه الأرض أحد أغنى منّي (١) .

وأمّا نوحعليه‌السلام مع كونه شيخ المرسلين ، وعمّر في الدنيا مديداً ، ففي بعض الروايات أنّه عاش ألفي عام وخمسمائة عام ، ومضى من الدنيا ولم يبن فيها بيتاً ، وكان إذا أصبح يقول لا أمسي ، وإذا أمسى يقول لا أصبح(٢) .

وكذلك نبيّنا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّه خرج من الدنيا ولم يضع لبنة على لبنة ، ورأى رجلاً من أصحابه يبني بيتاً بجصّ وآجر ، فقال : الأمر أعجل من هذا(٣) .

وأمّا إبراهيمعليه‌السلام أبو الأنبياء فقد كان لباسه الصوف ، وأكله الشعير ، وأمّا يحيى بن زكرياعليه‌السلام فكان لباسه الليف ، وأكله ورق الشجر ، وأمّا سليمانعليه‌السلام فقد كان مع ما هو فيه من الملك يلبس الشعر ، وإذا جنّه الليل شدّ يديه إلى عنقه ، فلا يزال قائماً حتّى يصبح باكياً ، وكان قوته من سفائف الخوص يعملها بيده ، وإنّما سأل الملك لأجل القوّة والغلبة على ملوك الكفّار ليقهرهم بذلك ، وقيل : سأل الله القناعة .

وأمّا سيّد المرسلين محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد عرفت ما كان من طعامه ولباسه ، وقيل : إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصابه يوماً الجوع فوضع حجراً على بطنه ، ثمّ قال :ألا ربّ مكرم لنفسه وهو لها مهين ، ألا ربّ مهين لنفسه وهو لها مكرم ، ألا

____________

(١) البحار ٧٢ : ٥٥ ضمن حديث ٨٥ ، عن عدّة الداعي : ١١٨ .

(٢) البحار ٧٠ : ٣٢١ ح٣٨ ، عن عدّة الداعي : ١١٨ .

(٣) البحار ٧٦ : ١٥٥ ح٣٧ ، عن عدّة الداعي : ١١٩ .

٣٠٠