ارشاد القلوب الجزء ١

ارشاد القلوب10%

ارشاد القلوب مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: كتب الأخلاق
ISBN: ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤
الصفحات: 381

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 88180 / تحميل: 19598
الحجم الحجم الحجم
ارشاد القلوب

ارشاد القلوب الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
ISBN: ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

إرشاد القلوب ( المجلد الأوّل )

تأليف : الحسن بن أبي الحسن محمّد الديلمي

تحقيق : سيد هاشم الميلاني

الناشر : دار الأسوة للطباعة والنشر ( التابعة لمنظّمة الأوقاف والشؤون الخيرية )

المطبعة والتجليد : الأسوة

الطبعة : الثانية

تاريخ النشر : ١٤٢٤ هـ ق

عدد المطبوع : ٢٠٠٠ نسخة

 ( دوره ) ٢ ـ ٤٢ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤ ISBN

( ج ١ ) ٠ ـ ٤٣ ـ ٨٠٧٣ ـ ٩٦٤ ISBN

١

لمحة من حياة المؤلِّف (١)

اسمه واسم أبيه :

اتّفقت المصادر المترجمة له على أنّ اسمه ( الحسن ) ولكنّها اختلفت اختلافاً شديداً في اسم أبيه .

قال صاحب أعيان الشيعة في ترجمته : اقتصر بعضهم في اسم أبيه على أبي الحسن ، وبعض سمّاه محمّداً ولم يذكر أبا الحسن ، وبعض قال : الحسن بن أبي الحسن محمد ، فجعل كنية أبيه أبا الحسن واسمه محمد ، وبعضهم قال : الحسن بن أبي الحسن بن محمد .

وعنونه في الرياض مرّة الحسن بن أبي الحسن محمد ، وأخرى الحسن بن أبي الحسن بن محمد .

وعنونه صاحب أمل الآمل : الحسن بن محمد الديلمي .

____________

(١) أخذنا أكثر هذه الترجمة من مقدّمة كتاب ( أعلام الدين في صفات المؤمنين ) للمؤلّف ، والذي عنى بتحقيقه ونشره مؤسسة آل البيتعليهم‌السلام لإحياء التراث .

٢

قال صاحب الرياض : لعلّه كان في نسخة صاحب الأمل لفظة ( ابن ) بعد أبي الحسن ساقطة ، فظنّ أنّ أبا الحسن كنية والده محمد فأسقط الكنية رأساً ولعلّه سهواً .

وقال : السيد الأمين أيضاً : وفي صدر نسخ إرشاده وكذا في بعض المواضع منه : الحسن بن محمد الديلمي .

أقول : الصواب إنّه الحسن بن أبي الحسن محمد ، وأبو الحسن كنية أبيه واسم أبيه محمد ، أمّا الحسن بن أبي الحسن بن محمد فزيادة ( ابن ) قبل محمد من سهو النسّاخ ، ومثله يقع كثيراً ، فحين يرى الناظر الحسن بن أبي الحسن محمد يسبق إلى ذهنه زيادة ابن قبل محمد .

انتهى ما ذكره السيد الأمين في ج٥/٢٥٠ من أعيان الشيعة .

وعاد في ج٤/٦٢٩ أيضاً قائلاً : الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي ، يأتي في ترجمة الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي ، احتمال أن يكون أبو الحسن كنية والده واسمه ، وأن يكون محمد اسم جدّه ، فراجع .

هذا مجمل القول في اختلافهم في اسم أبيه ، والذي نطمئنّ إليه ما جاء في بداية إرشاد القلوب ، حيث يقول ما نصّه : ( يقول العبد الفقير إلى رحمة ربّه ورضوانه أبو محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي ، جامع هذه الآيات من الذكر الحكيم ) .

وقال في ص٩٧ من كتاب أعلام الدين في صفات المؤمنين : ( يقول العبد الفقير إلى رحمة الله وعفوه ، الحسن بن عليّ بن محمد بن الديلمي . ) .

وهذا ما يحلّ المشكلة في اسم أبيه ؛ إذ تبيّن من كتاب إرشاد القلوب أنّ كنية أبيه ( أبو الحسن ) ، وتبيّن من كتاب أعلام الدين أنّ اسم أبيه ( عليّ ) وعليّ يكنّى أبا الحسن ، فيكون محمد جدّاً للمؤلّف ، فالمحصل أنّ المؤلف هو : الحسن بن أبي الحسن عليّ بن محمد الديلمي .

٣

القول في طبقته وعصره :

ينقسم العلماء في تحديد طبقة المترجم له إلى قسمين :

الأوّل : يرى أنّه من المتقدّمين على الشيخ المفيد أو من معاصريه ، وهو ما ذهب إليه صاحب الرياض ، ونقله عنه السيد الأمين في الأعيان ، وهذا الرأي غير صحيح كما سيتّضح لك .

الثاني : يرى أنّ المؤلّف كان معاصراً للعلاّمة الحلّي (٧٢٦ هـ) أو الشهيد الأوّل (٧٨٦ هـ) أو متأخّراً عنهما بقليل ، وأنّه معاصر لفخر المحقّقين ابن العلاّمة الحلّي المتوفّي سنة (٧٧١) أي إنّه من أعلام المائة الثامنة ، وهذا ما ذهب إليه السيد الخوانساري في الروضات ، والشيخ آقا بزرك الطهراني في الذريعة .

وممّا يؤيّد هذا الرأي أُمور :

١ ـ إنّ الديلمي نقل في الجزء الأوّل من إرشاد القلوب في الباب الثاني والخمسون والثالث والخمسون عن كتاب ورّام ، فهو متأخّر عن الشيخ ورّام المتوفّي سنة (٦٠٥) قطعاً .

٢ ـ إنّه قال في الجزء الثاني من إرشاد القلوب : ( . فإنّ علماء الشيعة ـ رضوان الله عليهم ـ قد ألّفوا في فضائله [ أي فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ] والأدلّة على إمامته كتباً كثيرة ، من جملتها كتاب واحد من جملة تصانيف الشيخ الأعظم ، والبحر الخضم ، ينبوع الفضائل والحكم ، جمال الإسلام والمسلمين ، الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي قدّس الله روحه الزكيّة ، سمّاه كتاب الألفين ، فيه ألف دليل من الكتاب العزيز . ( فيكون إذاً متأخّراً عنه أو معاصراً له لأنّ العلاّمة توفّى سنة (٧٢٦) .

مضافاً إلى أنّه ذكر في الجزء الثاني روايات كثيرة من كتاب المناقب للخوارزمي المتوفّي سنة (٥٦٨) وذكر حكايتين من كتاب تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي المتوفّي سنة (٦٥٤) .

٤

٣ ـ إنّ المترجم له قال في كتاب ( غرر الأخبار ) ما لفظه : ( وفي كتاب العيون والمحاسن للشيخ المفيد . وقال بعد ذكر ما جرى من بني أُمية ، ثمّ من بني العباس على المسلمين بتأثير اختلاف ملوك المسلمين شرقاً وغرباً في ضعف الإسلام وتقوية الكفّار ـ إلى قوله ـ فالكفّار اليوم دون المائة سنة قد أباحوا المسلمين قتلاً ونهباً )(١) .

فيظهر من هذا النص أنّه ألّف كتابه المذكور بعد انقراض دولة بني العباس في سنة (٦٥٦) بما يقرب من مائة سنة ، أي أواسط المائة الثامنة .

وعلى هذا يمكن حصر طبقة المترجم له والفترة التي عاش فيها من ما بعد سنة (٧٢٦) إلى ما قبل سنة (٨٤١) ( بما أنّ ابن فهد الحلّي المتوفّى سنة (٨٤١) روى عنه في كتاب عدّة الداعي ) تقريباً ، وهذا الاحتمال أقرب للواقع .

أقوال العلماء فيه :

١ ـ الشيخ الحرّ العاملي في أمل الآمل ٢/٧٧ : ( كان فاضلاً محدّثاً صالحاً ) .

٢ ـ وقال العلاّمة المجلسي في البحار ١/١٦ ، بعد ذكر مؤلّفاته : ( كلّها للشيخ العارف أبي محمد الحسن بن محمد الديلمي ) .

وفي ١/٣٣ ، بعد ذكر كتابي أعلام الدين وغرر الأخبار : ( وإن كان يظهر من الجميع ونقل الأكابر عنهما جلالة مؤلّفهما ) .

____________

(١) راجع الذريعة ١٦ : ٣٦ .

٥

٣ ـ الميرزا عبد الله أفندي في رياض العلماء ١/٣٣٨ : ( الشيخ العارف أبو محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي قدّس الله سرّه ، العالم المحدّث الجليل المعروف بالديلمي ) .

٤ ـ السيد الخوانساري في روضات الجنّات ٢/٢٩١ : ( العالم العارف الوجيه أبو محمد الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي ، الواعظ المعروف الذي هو بكلّ جميل موصوف . وبالجملة فهذا الشيخ من كبراء أصحابنا المحدّثين ) .

٥ ـ السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة ٥/٢٥٠ : ( هو عالم عارف عامل محدّث كامل وجيه ، من كبار أصحابنا الفضلاء في الفقه والحديث والعرفان والمغازي والسير ) .

٦ ـ الشيخ عباس القمّي في الكنى والألقاب ٢/٢١٢ : ( أبو محمد الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي الشيخ المحدّث الوجيه النبيه ) .

٧ ـ وقال أيضاً في الفوائد الرضوية ص٩٤ : ( قال صاحب التكملة : الحسن بن أبي الحسن الديلمي صاحب كتاب إرشاد القلوب ، كان هذا الشيخ من أهل القرن السابع ، ومن كبار أصحابنا الفضلاء في الفقه والحديث والعرفان والمغازي والسير . ) .

بعض سلوكه وأحواله :

في تواضعه لله تعالى :

قال في كتاب إرشاد القلوب ، الباب الثاني والثلاثون : ( . كنت في شبيبتي إذا دعوت بالدعاء المقدّم على صلاة الليل ، ووصلت إلى قوله :( اللّهمّ إنّ ذكر الموت وهول المطلع والوقوف بين يديك نغّصني مطعمي ومشربي ، وأغصّني بريقي ، وأقلقني عن وسادي ، ومنعني رقادي ) أخجل حيث لا أجد هذا كلّه في نفسي ،

٦

فاستخرجت له وجهاً يخرجه عن الكذب ، فأضمرت في نفسي أنّي أكاد أن يحصل عندي ذلك .

فلمّا كبرت السن ، وضعفت القوّة ، وقربت سرعة النقلة إلى دار الوحشة والغربة ما بقي يندفع هذا عن الخاطر ، فصرت ربّما أرجو أن لا أُصبح إذا أمسيت ، ولا أُمسي إذا أصبحت ، ولا إذا مددت خطوة أن أتبعها أُخرى ، ولا أن يكون في فمي لقمة أسيغها ، فصرت أقول : ( اللّهمّ إنّ ذكر الموت وهول المطلع والوقوف بين يديك نغّصني مطعمي ومشربي ، وأغصني بريقي ، وأقلقني عن وسادي ، ومنعني رقادي ، ونغّص عليّ سهادي ، وابتزّني راحة فؤادي .

إلهي وسيّدي ومولاي مخافتك أورثتني طول الحزن ، ونحول الجسد ، وألزمتني عظيم الهمّ والغمّ ودوام الكمد ، وأشغلتني عن الأهل والولد والمال والعبيد ، وتركتني مسكيناً غريباً وحيداً ، وإن كنت بفناء الأهل والولد ، ما أحسّ بدمعة ترقأ من آماقي ، وزفير يتردّد بين صدري والتراقي .

سيّدي فبرّد حزني ببرد عفوك ، ونفّس غمّي وهمّي ببسط رحمتك ومغفرتك ، فإنّي لا آمن إلاّ بالخوف منك ، ولا أعزّ إلاّ بالذلّ لك ، ولا أفوز إلاّ بالثقة بك والتوكّل عليك يا أرحم الراحمين وخير الغافرين ) .

في غربته :

قد ابتلى المؤلّف بالغربة والوحشة وضيق ذات اليد ، وهذا ما تنبّأ له والده ، قال المؤلّف في كتاب أعلام الدين ص٣٢٦ بعد ذكر عدّة آيات في الموالاة في الله والمعاداة فيه :

( يقسم بالله جلّ جلاله مملي هذا الكتاب : إنّ أوثق وأنجح ما توخّيته فيما بيني وبين الله عزّ وجلّ بعد المعرفة والولاية هذا المعنى ، ولقد فعل الله تعالى معي به كلّ

٧

خير ، وإن كان أكسبني العداوة من الناس ، فقد ألبسني ثوب الولاية لله تعالى ؛ لأنّ الله تعالى علم منّي مراعاة هذا الأمر صغيراً وكبيراً ، وما عرفني به معرفة صحيحة غير والديرحمه‌الله ، فإنّه قال لي يوماً من الأيام : يا ولدي ، أنت تريد الأشياء بيضاء نقيّة خالية من الغشّ من كلّ الناس ، وهذا أمر ما صحّ منهم لله ، ولا لرسوله ، ولا لأمير المؤمنين ، ولا لأولاده الأئمّةعليهم‌السلام ، فإذاً تعيش فريداً وحيداً غريباً فقيراً ، وكان الأمر كما قال ، ولست بحمد الله بندمان على ما فات حيث كان في ذلك حفاظ جنب الله تعالى ، وكفى به حسيباً ونصيراً ) .

وقال في مدح الحزن في إرشاد القلوب ، الباب الثاني والثلاثون : ( ليس العجب من أن يكون الإنسان حزيناً بل العجب أن يخلو من الحزن ساعة واحدة . ) .

في ذمّه لعلماء السوء :

قالرحمه‌الله في الباب السابع عشر من كتاب إرشاد القلوب في ذمّ علماء السوء : ( . ومثل ذلك مثل رجل كان عطشاناً فرأى جرّة مملوّة فيها ماء ، فأراد أن يشرب منها فقال له رجل : لا تدخل يدك فيها فإنّ فيها أفعى يلسعك وقد ملأها سمّاً ، فامتنع الرجل من ذلك ، ثمّ إنّ المخبر بذلك أخذ يدخل يده فيها ، فقال العطشان : لو كان فيها سمّاً لما أدخل يده .

وكذلك حال الناس مع علماء السوء ، زهدوا الناس في الدنيا ورغبوا هم فيها ، وحسنوا إليهم أفعالهم ، ووعدوهم بالسلامة ، لا بل قالوا لهم : قد رأينا لكم المنامات بعظيم المنازل والقبول . ) .

٨

في شعره :

قال في أعلام الدين :

تخيّر قريناً من فعالك صالحاً

يُعِنْكَ على هول القيامة والقبرِ

ويسعى به نوراً لديك ورحمة

تعمّك يوم الروع في عرصة الحشرِ

وتأتي به يوم التغابن آمناً

أمانك في يمناك من روعة النشرِ

فما يصحب الإنسان من جلّ ماله

سوى صالح الأعمال أو خالص البرِّ

بهذا أتى التنزيل في كلّ سورةٍ

يفصّلها ربّ الخلائق في الذكرِ

وفي سنّة المبعوث للناس رحمةً

سلام عليه بالعشيّ وفي الفجرِ

حديثٌ رواه ابن الحصين خليفة

يحدّثه قيس بن عاصم ذو الوفرِ

قاله بعد ذكر حديث عن خليفة بن الحصين ، وقال أيضاً في إرشاد القلوب :

لا تنسوا الموت في غمٍّ ولا فرح

والأرض ذئب وعزرائيل قصّاب

وقال أيضاً :

صبرت ولم أُطلع هواي على صبري

وأخفيت ما بي منك عن موضع الصبرِ

مخافة أن يشكو ضميري صبابتي

إلى دمعتي سرّاً فيجري ولا أدري

مؤلّفاته :

١ ـ الأربعون حديثاً :

ذكره الشيخ آقا بزرك الطهراني في الذريعة ، قال : ( قال الفاضل المعاصر الشيخ علي أكبر البجنوردي : إنّه كانت عندي نسخة منه وتلفت ، وكان أوّل أحاديثه حديث جنود العقل والجهل ، وثالثها حديث الغدير )(١) .

____________

(١) الذريعة ١ : ٤١٤ .

٩

٢ ـ غرر الأخبار ودرر الآثار في مناقب الأطهار :

ذكر الشيخ آقا بزرك الطهراني في الذريعة ، وقال : ( ينقل عنه المجلسي في أوّل البحار ، وأيضاً ينقل عن الغرر المولى محمد حسين الكوهرودي المعاصر المتوفّي بالكاظمية في (١٣١٤ هـ) في تأليفاته كثيراً ، منها حديث الكساء بالترتيب الموجود في منتخب الطريحي باختلاف يسيرٍ جداً ، بأسانيد عديدة ) .

وقال أيضاً : ( وينقل في الغرر أيضاً عن كتاب ( نزهة السامع ) الملقّب بالمحبوبي جملة من مطاعن معاوية وفضائحه ، وينقل فيه أيضاً عن كتاب ( السقيفة ) رواية أبي صالح السليل أحمد بن عيسى .

وذكره الشيخ عباس القمّي في الكنى والألقاب قائلا : ( وله كتاب غرر الأخبار ودرر الآثار . قيل إنّ حديث الكساء المشهور الذي يعدّ من متفرّدات منتخب الطريحي موجود في غرر هذا الشيخ ) .

٣ ـ أعلام الدين في صفات المؤمنين :

وقد عنى بتحقيقه وطبعه مؤسسة آل البيتعليهم‌السلام لإحياء التراث .

وهو كتاب مهمّ نقل فيه تمام كتاب ( البرهان على ثبوت الإيمان ) لأبي الصلاح الحلبي ، ونقل أيضاً ( الأربعون الودعانيّة ) بكاملها ، وهي أربعون حديثاً رواها ابن ودعان الموصلي .

٤ ـ إرشاد القلوب إلى الصواب المنجي مَن عمل به من أليم العقاب :

وهو هذا الكتاب الذي بين يديك ، ويعدّ من أشهر مؤلّفاته ويعرف بإرشاد الديلمي ، نقل عنه العلاّمة المجلسي في البحار ، وقال عنه : ( وكتاب إرشاد القلوب

١٠

كتاب لطيف مشتمل على أخبار متينة غريبة )(١) .

واعتمده الشيخ الحرّ في موسوعته وسائل الشيعة ، وعنونه في الفائدة الرابعة من خاتمة الكتاب بعد أن قال : ( الفائدة الرابعة : في ذكر الكتب التي نقلت منها أحاديث هذا الكتاب ، وشهد بصحّتها مؤلّفوها وغيرهم ، وقامت القرائن على ثبوتها ، وتواترت عن مؤلّفيها ، أو علمت صحّة نسبتها إليهم ، وقامت بحيث لم يبق فيها شكّ ولا ريب ، كوجودها بخطوط أكابر العلماء ، وتكرّر ذكرها في مصنّفاتهم ، وشهادتهم بنسبتها ، وموافقة مضامينها لروايات الكتب المتواترة ، أو نقلها بخبر واحد محفوف بالقرينة ، وغير ذلك وهي . كتاب الإرشاد للديلمي الحسن بن محمد ) .

وقال عنه الشيخ آقا بزرك الطهراني : ( وهو كتاب جليل قرّظه السيد عليّ صدر الدين المدني المتوفّي سنة (١١٢٠) برباعيّتين ، إحداهما :

إذا ضلّت قلوب عن هداها

فلم تدر العقاب من الثوابِ

فأرشدها جزاك الله خيراً

بإرشاد القلوب إلى الصوابِ

وثانيتهما :

هذا كتاب في معانيه حسن

للديلمي أبي محمد الحسن

أشهى إلى المضني العليل من الشفا

وألذّ للعينين من غمض الوسن (٢)

وذكره إسماعيل باشا في إيضاح المكنون قائلا : ( إرشاد القلوب إلى الصواب المنجي مَن عمل به من أليم العقاب ، للشيخ أبي محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد ، الواعظ الشيعي )(٣) .

____________

(١) البحار ١ : ٣٣ .

(٢) الذريعة ١ : ٥١٧ .

(٣) إيضاح المكنون ٣ : ٦٢ .

١١

وقال السيد الخوانساري في الروضات : ( وله كتب ومصنّفات منها كتاب إرشاد القلوب في مجلّدين ، رأيت منه نسخاً كثيرة ، وينقل عنه صاحب الوسائل والبحار كثيراً ، معتمدين عليه )(١) .

يقع الكتاب في مجلّدين ، المجلّد الأوّل في المواعظ والنصائح ونحوها ، والمجلّد الثاني في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام .

قال الشيخ الحرّ بعد الثناء على المؤلّف : ( له كتاب إرشاد القلوب مجلّدان )(٢) .

وقد شكّك صاحب الرياض في نسبة المجلّد الثاني من الكتاب للديلمي ، وقال : ( وبالجملة ، المجلّد الثاني من كتاب إرشاده كثيراً ما يشتبه الحال فيه ، بل لا يعلم الأكثر أنّه المجلّد الثاني من ذلك الكتاب )(٣) .

وقال السيد الخوانساري : ( إلاّ أنّ في كون المجلّد الثاني منه المخصوص بأخبار المناقب تصنيفاً له أو جزءاً من الكتاب نظراً بيّناً ، حيث إنّ وضعه كما استفيد لنا من خطبته على خمس وخمسين باباً كلّها في الحكم والمواعظ ، فبتمام المجلّد الأوّل تتصرّم عدّة الأبواب ، مضافاً إلى أنّ في الثاني توجد نقل أبيات في المناقب عن الحافظ رجب البرسي ، مع انّه من علماء المائة التاسعة )(٤) .

وقال السيد الأمين بعد ذكره قول الميرزا الأفندي والسيد الخوانساري : ( ويرشد إليه ما ستعرف من اسمه الدال على أنّه في المواعظ خاصة )(٥) .

ويقوى هذا التشكيك أنّه لا يوجد في الجزء الثاني من الكتاب ما يدلّ على كونه للديلمي ، مع أنّه يذكر في المجلّد الأوّل عدّة مرّات عبارات تؤكّد نسبته إليه ،

____________

(١) روضات الجنّات ٢ : ٢٩١ .

(٢) أمل الآمل ٢ : ٧٧ .

(٣) رياض العلماء ١ : ٣٤٠ .

(٤) روضات الجنّات ٢ : ٢٩١ .

(٥) أعيان الشيعة ٥ : ٢٥٠ .

١٢

مثل عبارة : ( يقول العبد الفقير إلى رحمة الله ورضوانه الحسن بن محمد الديلمي تغمّده الله برحمته ) ، وغيرها ، ولكن لا توجد أيّ عبارة هكذا وعلى هذا السياق العام للكتاب في الجزء الثاني .

وأيضاً فقد ذُكر في الجزء الثاني ـ في النسخة المطبوعة في منشورات الرضي ـ بعد ذكر حديث يرفعه إلى الشيخ المفيد :

( وذكره المجلسيرحمه‌الله في المجلّد التاسع من كتاب بحار الأنوار ، والسيد البحراني في كتاب مدينة المعاجز بتغيير ما ، فمَن أراده فليراجعهما ) .

أقول : إنّ ما ذكره السيد الخوانساري من إيراد أبيات للحافظ رجب البرسي ، فإنّها جاءت في ابتداء الجزء الثاني ومعها عدّة أحاديث ، ثمّ بعد تمامها يبدأ الكتاب هكذا : ( بسم الله الرحيم الرحيم ، رُوي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :لأخي عليّ بن أبي طالب فضائل لا تحصى كثرة . ) .

فيحتمل أن تكون هذه الأشعار من زيادة النسّاخ ، مضافاً إلى أنّها لم ترد في النسخة المطبوعة في منشورات الشريف الرضي ، بل ذكر الناشر عدّة أبيات للحافظ البرسي في نهاية الكتاب .

وكذلك الحال بالنسبة إلى قوله : ( وذكره المجلسيرحمه‌الله في المجلّد التاسع من كتاب بحار الأنوار ، والسيد البحراني في كتاب مدينة المعاجز . ) فنحن نجزم بعدم كون هذه الجملة من أصل الكتاب ؛ لعدم ورودها في النسخ التي اعتمدنا عليها في تحقيق الكتاب .

وأمّا بالنسبة إلى قول السيد الأمين بأنّ اسم الكتاب يدلّ على أنّه في المواعظ خاصّة ، فإنّا لا نرى هذه الخاصية ؛ لأنّ اسم الكتاب كما عرفت هو ( إرشاد القلوب إلى الصواب المنجي مَن عمل به من أليم العقاب ) فكما أنّ العمل بالمواعظ منجي فكذلك ذكر أهل البيت وذكر فضائلهم سيّما الإمام أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة

١٣

والسلام ، فإنّهم حجج الله ، وصراطه ، وميزانه ، وأنّ حساب الخلق عليهم ، وإيابهم إليهم وفصل الخطاب عندهم .

وبعد هذا كلّه وبعد اعتراف الشيخ الحرّ بأنّ الكتاب يقع في مجلّدين ، وبعد اعتماد العلاّمة المجلسيرحمه‌الله ، والسيد هاشم البحراني في كتبهما على الجزء الثاني ، وإذعانهما بأنّه للمؤلّف بذكرهما أحاديث كثيرة عنه ؛ لا يبقى لنا مجال للتشكيك في أنّ المجلّد الثاني من كتاب إرشاد القلوب للديلمي أم لغيره ، هذا ما توصّلنا إليه من ظاهر الأمر ، والله أعلم بحقائق الأمور .

١٤

منهج التحقيق

اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب على عدّة نسخ :

١ ـ النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضاعليه‌السلام في مشهد المقدّسة برقم (١٤٣٧٢) وهي التي اعتمدت عليها في استنساخ الكتاب لجودة خطّها وقلّة خطأها ، ورمزت لها بـ ( ألف ) ، ولم يرد تاريخ نسخها في آخرها لكن ذكر في فهرس المكتبة الرضويّة أنّها نسخت في القرن التاسع الهجري .

٢ ـ النسخة المحفوظة في مدرسة الشهيد المطهّري في طهران ، تحت رقم (٥٢٨٦) ولم يُعلم تاريخ نسخها لانمحاء الأسطر الأخيرة منها ، ورمزت لها بحرف ( ب ) .

٣ ـ النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي (قدّس سرّه) ، تحت رقم (٥٧٧) ، وجاء في آخرها : ( ولقد وقع الفراغ من استنساخ هذه النسخة الشريفة عصر يوم السبت ثالث عشر شهر محرّم الحرام في سنة (١١٢٧) ) ولم أعتمد عليها كثيراً إلاّ في ما لم أجده في النسختين المتقدّمتين ، فإنّه

١٥

وقع في هاتين النسختين سقط في موضعين من المجلّد الأوّل ، أحدهما : في الباب الرابع عشر ، والثاني : في الباب الثالث والعشرون .

٤ ـ النسخة المطبوعة من قِبل منشورات الشريف الرضي ، ورمزت لها بحرف ( ج ) ، وهي نسخة كثيرة الأخطاء والأغلاط ، وقد حذف الناشر من آخرها ـ للظروف التي كانت آنذاك في بغداد ـ فصلاً كاملاً في ذكر صفات أعداء أمير المؤمنينعليه‌السلام ومثالبهم والبدع التي ابتدعوها .

وممّا يؤيّد أنّ هذا الفصل من أصل الكتاب ، مجيئه أوّلاً في النسخ الخطّية ، وثانياً نَقْلُ العلاّمة المجلسيرحمه‌الله إيّاه في المجلّد الثامن من البحار ونسبته إلى المؤلّف .

٥ ـ راجعنا في بعض الأحيان إلى ما أورده العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار وذكرنا موارد الاختلاف في الهامش .

وإنّي بعد الاستنساخ والمقابلة حاولت ـ حسب وسعي وجهدي ـ في تخريج الأحاديث ، ولكن بقيت أحاديث لم أستطع تخريجها ، أو وجدت ما يشابهها فذكرت المصدر مع الإشارة إلى أنّ هذا ليس نصّ الحديث بقولي : ( نحوه ) أو ( مثله ) أو ( باختلاف ) ، وأرجعت بعضها الآخر إلى البحار ، وهو وإن كان متأخّراً إلاّ أنّي رأيت عدم الإهمال أولى من الإهمال .

وذكر المؤلّف (قدّس سرّه) في الباب الثاني والخمسون ، وكذلك في الباب الثالث والخمسون أحاديث كثيرة من كتاب ورّام بن أبي فراس ، ولكن مع الفحص الشديد ـ بحيث تصفّحت ورقة ورقة من الكتاب ـ لم أعثر على بعض الأحاديث ، ولا يبعد أن يكون هذا الكتاب ناقصاً ، مع كونه جديراً بإعادة الطبع والتحقيق لمَن يتمكّن ذلك ويُوَفَّق .

وفي الختام أسأل الله العليّ الأعلى أن يتقبّل منّا هذا القليل ، وأن ينفع به

١٦

إخواننا المؤمنين ، ويوفّقنا لخدمة هذا الدين المبين ، فهو خير ناصر ومعين ، والحمد لله ربّ العالمين .

 السيد هاشم الميلاني

 قم المقدّسة ـ ذو الحجّة ١٤١٦ هـ ق

١٧

الصفحة الأُولى من نسخة ( أ )

١٨

الصفحة الأخيرة من نسخة ( أ )

١٩

الصفحة الأُولى من نسخة ( ب )

٢٠

الصفحة الأخيرة من نسخة ( ب )

٢١

الصفحة الأُولى من نسخة ( د )

٢٢

الصفحة الأخيرة من نسخة ( د )

٢٣

 [ مقدّمة المؤلّف ]

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّدٍ خاتم النبيّين ، وعلى آله الطاهرين .

أمّا بعد ، فإنّه لمّا استولى سلطان الشهوة والغضب على الآدميين ، ومحبّة كلّ منهم لنفسه ، واشتغاله عن آخرته ورمسه ، عملت هذا الكتاب وسمّيته بـ (إرشاد القلوب إلى الصواب المُنجي مَنْ عمل به مِن أليم العقاب ) .

واعلموا رحمكم الله تعالى أنّ الله عزّ وجلّ لم يخلق العالم عبثاً فتركه سداً ، بل جعل لهم عقولاً دلّهم(١) بها على معرفته ، وأبان لهم بها شواهد قدرته ودلائل وحدانيّته ، وأعطاهم قوى مكّنهم بها من طاعته ، والانتهاء عن معصيته لئلاّ تجب لهم الحجّة عليه .

فأرسل إليهم أنبياء وختمهم بسيّد المرسلين محمد بن عبد الله الصادق الأمين ، صلوات الله وسلامه عليه وآله وعليهم أجمعين ، وأنزل عليهم كتبه بالوعد والوعيد

____________

(١) في ( ب ) : دلّوا .

٢٤

والترهيب ، فحذّر وأنذر وزجر فأعذر(١) ، فقال جلّ من قائل :

( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) (٢) .

وقال سبحانه :( وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى ) (٣) .

وقال سبحانه :( وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولاً ) (٤) .

وقال :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) (٥) .

وقال سبحانه :( ويحذّركم الله نفسه ) (٦) .

وقال :( واعلموا أنّ الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه ) (٧) .

وقال سبحانه :( وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ ) (٨) .

وقال :( واتقون يا أولي الألباب ) (٩) .

وقال تعالى :( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) (١٠) .

وقال سبحانه :( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ ) (١١) .

____________

(١) في ( ب ) : فحذروا وأنذروا وزجروا فأعذروا .

(٢) النساء : ١٦٥ .

(٣) طه : ١٣٤ .

(٤) الإسراء : ١٥ .

(٥) يونس : ٥٧ .

(٦) آل عمران : ٢٨ .

(٧) البقرة : ٢٣٥ .

(٨) البقرة : ٢٢٣ .

(٩) البقرة : ١٩٧ .

(١٠) البقرة : ٢٨١ .

(١١) البقرة : ١٢٣ .

٢٥

وقال سبحانه :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ ) (١) .

وقال سبحانه :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) (٢) .

وقال سبحانه :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً ) (٣) .

وقال عزّ وجلّ :( يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ ) (٤) .

وقال سبحانه :( فاتقوا النّار التي وقودها الناس والحجارة ) (٥) .

وقال جلّ من قائل :( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ) (٦) .

وقال سبحانه :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) (٧) .

وقال جلّ وعزّ من قائل :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) (٨) .

وقال سبحانه :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ) (٩) .

____________

(١) لقمان : ٣٣ .

(٢) الحج : ١ .

(٣) النساء : ١ .

(٤) الزمر : ١٦ .

(٥) البقرة : ٢٤ .

(٦) الأنبياء : ١ ـ ٢ .

(٧) النور : ٢١ .

(٨) التحريم : ٦ .

(٩) الأحزاب : ٧٠ .

٢٦

وقال :( يا أيّها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدّمت لغدٍ واتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون ) (١) .

وقال :( واتقوا الله إنّ الله شديد العقاب ) (٢) .

وقال :( يا أيّها الإنسان ما غرّك بربّك الكريم ) (٣) .

وقال :( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ) (٤) .

وقال :( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ) (٥) .

وقال :( أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ) (٦) .

وقال :( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ ) (٧) .

وقال :( فأمّا مَن طغى * وآثر الحياة الدنيا * فإنّ الجحيم هي المأوى * وأمّا مَن خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى * فإنّ الجنّة هي المأوى ) (٨) .

وقال :( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ) (٩) .

وقال :( وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ) (١٠) .

وقال :( وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (١١) .

____________

(١) الحشر : ١٨ .

(٢) المائدة : ٢ .

(٣) الانفطار : ٦ .

(٤) الحديد : ١٦ .

(٥) المؤمنون : ١١٥ .

(٦) القيامة : ٣٦ـ٣٧ .

(٧) الأعراف : ٩٧ـ٩٨ .

(٨) النازعات : ٣٧ـ٤١ .

(٩) فاطر : ٣٧ .

(١٠) الزمر : ٥٤ .

(١١) النور : ٣١ .

٢٧

وقال :( يا أيّها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبةً نصوحاً ) (١) .

وقال :( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) (٢) .

ثم خوّفهم سبحانه وتعالى أحوال القيامة وزلزالها وعظيم أخطارها ، وسمّاها لهم بعظيم الأسماء وكثير(٣) البلاء وطول العناء ، ليحذروها ويعتدّوا لها بعظيم الزاد ، وحسن الارتياد(٤) .

سّماها الواقعة ، والراجفة ، والطّامة ، والصّاخّة ، والحاقّة ، والساعة ، ويوم النشور ، ويوم الحسرة ، ويوم الندامة ، ويوم المسألة ، ويوم الندم ، ويوم الفصل ، ويوم الحق ، ويوم الحساب ، ويوم المحاسبة ، ويوم التلاق ، وقال :( يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلاّ مَن أتى الله بقلبٍ سليم ) (٥) .

وقال :( وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاّ مَنْ شَاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ * وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) (٦) .

وقال :( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ) (٧) .

وقال :( وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ) (٨) .

____________

(١) التحريم : ٨ .

(٢) المائدة : ٧٤ .

(٣) في ( ج ) : كبير .

(٤) في ( ب ) و( ج ) : الازدياد .

(٥) الشعراء : ٨٨ و٨٩ .

(٦) النمل : ٨٧ ـ ٨٨ .

(٧) الأحقاف : ٣٥ .

(٨) ق : ٤١ و٤٢ .

٢٨

وقال :( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً * فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) (١) .

وقال :( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ) (٢) .

وقال :( يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ * وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً * يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ ) (٣) .

وقال :( يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَهِيلاً ) (٤) .

وقال :( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً * السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً ) (٥) .

وقال :( إلى ربّك يومئذٍ المساق ) (٦) .

وقال :( إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ * يُنَبَّأُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ) (٧) .

وقال :( هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ) (٨) .

وقال :( هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ * فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ ) (٩) .

وقال :( إنّ يوم الفصل كان ميقاتاً * يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجاً * وفتحت السماء فكانت أبواباً * وسيّرت الجبال فكانت سراباً * إنّ جهنّم كانت مرصاداً

____________

(١) الطور : ٩ ـ ١١ .

(٢) القلم : ٤٢ ـ ٤٣ .

(٣) المعارج : ٨ ـ ١٤ .

(٤) المزمل : ١٤ .

(٥) المزمل : ١٧ ـ ١٨ .

(٦) القيامة : ٣٠ .

(٧) القيامة : ١٢ و١٣ .

(٨) المرسلات : ٣٥ ـ ٣٦ .

(٩) المرسلات : ٣٨ ـ ٣٩ .

٢٩

* للطاغين مآباً * لابثين فيها أحقاباً * لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً * إلاّ حميماً وغسّاقاً * جزآءً وفاقاً ) (١) .

وقال :( يوم يقوم الروح والملائكة صفّاً لا يتكلّمون إلاّ مَن أذن له الرحمن وقال صواباً * ذلك اليوم الحق فمَن شاء اتخذ إلى ربّه مآباً * إنّا أنذرناكم عذاباً قريباً يوم ينظر المرء ما قدّمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً ) (٢) .

وقال :( يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة * قلوب يومئذٍ واجفة * أبصارها خاشعة ) (٣) .

وقال :( يوم يتذكّر الإنسان ما سعى * وبرّزت الجحيم لمَن يرى ) (٤) .

وقال :( يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ * فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ ) (٥) .

وقال :( يوم نقول لجهنّم هل امتلأت وتقول هل من مزيد ) (٦) .

وقال :( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصَاهَا ) (٧) .

وكرّر سبحانه وتعالى ذكرها في مواضع كثيرة ، ولم تخل سورة من القرآن إلاّ وذكرها فيها ليكون ذلك أبلغ في تخويف الناس ، وأوكد في وجوب الحجّة عليهم ، وتبصرة لهم وشفقة عليهم ، وإنذاراً وإعذاراً إليهم وموعظة لهم .

____________

(١) النبأ : ١٧ ـ ٢٦ .

(٢) النبأ : ٣٨ ـ ٤٠ .

(٣) النازعات : ٦ ـ ٩ .

(٤) النازعات : ٣٥ ـ ٣٦ .

(٥) القارعة : ٤ ـ ١١ .

(٦) ق : ٣٠ .

(٧) الكهف : ٤٩ .

٣٠

فتدبروها وفرّغوا قلوبكم لها ، ولا تكونوا من الغافلين ، فإنّ الله تعالى يقول :( أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها ) (١) .

فافتحوا أقفالها بالتدبّر والتفكر والتبصّر والاعتبار ، فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :أتتكم الفتن كقطع الليل المظلم ، قالوا : يا رسول الله ففيم النجاة ؟

قال :عليكم بالقرآن ، فإنّه مَن جعله أمامه قاده إلى الجنّة ، ومن جعله خلفه ساقه (٢) إلى النار ، وهو أوضح دليل إلى خير سبيل ، مَن قال به صدق ، ومَن حكم به عدل ، ومَن أخذ به أوجز ، (٣) ومَن عمل به وفّق (٤) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام مادحاً للمؤمن العامل به :قد ألزم الكتاب زمامه فهو قائده ودليله ، يحلّ حيث حلّ ثقله ، وينزل حيث كان منزله ، لا يدع للخير غاية إلاّ أمّها ، ولا منزلة إلاّ قصدها (٥)

وقالعليه‌السلام :القرآن ظاهره أنيق ، (٦) وباطنه عميق ، لا تفنى عجائبه ، ولا تنقضي غرائبه ، ولا تكشف الظلمات إلاّ به (٧)

فتفكّروا وانزجروا بقوله تعالى :

( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ) (٨) .

وقال سبحانه :( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا

____________

(١) محمد : ٢٤ .

(٢) في ( ج ) : قاده .

(٣) في ( ب ) : أُجر .

(٤) راجع الكافي ٢ : ٥٩٨ ح٢ بتفصيل أكثر .

(٥) نحوه في البحار : ٢ : ٥٦ ضمن حديث ٣٦ .

(٦) أنيق : حسن معجب .

(٧) نهج البلاغة : خطبة ١٨ ، عنه البحار : ٢ :٢٨٤ ح١ .

(٨) غافر : ١٨ .

٣١

يُؤْمِنُونَ ) (١) .

وقال :( أَزِفَتِ الآَزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ ) (٢) .

وقال :( وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ ) (٣) .

وقال تعالى :( أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين ) (٤) .

وقال :( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) (٥) .

وقال :( يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ ) (٦) .

وقال :( يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً * السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً ) (٧) .

فاحذروا عباد الله يوم يشيب فيه رؤوس الصغار ، ويسكر الكبار ، وتضع(٨) الحبالى ، وقال :

( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ) (٩) .

____________

(١) مريم : ٣٩ .

(٢) النجم : ٥٧ ـ ٥٨ .

(٣) إبراهيم : ٤٤ ـ ٤٥ .

(٤) المطففين : ٤ ـ ٦ .

(٥) آل عمران : ٣٠ .

(٦) الحج : ٢ .

(٧) المزمّل : ١٧ ـ ١٨ .

(٨) في ( ألف ) : يوضع .

(٩) آل عمران : ١٠٦ .

٣٢

وقال :( يومئذ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم * فمَن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره * ومَن يعمل مثقال ذرّةٍ شرّاً يره ) (١) .

وقال :( يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ) (٢) .

وقال :( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) (٣) .

وقال :( يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) (٤) .

وقال :( يوم ينظر المرء ما قدّمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً ) (٥) .

وقال :( يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) (٦) .

وقال :( وجيء يومئذ بجهنّم يومئذ يتذكر الإنسان وأنّى له الذكرى * يقول يا ليتني قدّمت لحياتي * فيومئذٍ لا يعذّب عذابه أحد * ولا يوثق وثاقه أحد ) (٧) .

وقال :( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) (٨) .

وقال :( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً * وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً ) (٩) .

( . . وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ

____________

(١) الزلزلة : ٦ ـ ٨ .

(٢) الطور : ٤٦ .

(٣) عبس : ٣٤ و٣٧ .

(٤) النحل : ١١١ .

(٥) النبأ : ٤٠ .

(٦) غافر : ٥٢ .

(٧) الفجر : ٢٣ ـ ٢٦ .

(٨) إبراهيم : ٤٨ .

(٩) الكهف : ٤٧ ـ ٤٨ .

٣٣

زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ) (١) .

وقال :( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) (٢) .

وقال :( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (٣) .

وقال :( ويخافون يوماً كان شرّه مستطيراً ) (٤) .

وقال :( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) (٥) .

وقال :( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) (٦) .

وأكّده بالقسم بنفسه فقال :( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (٧) .

وقال :( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ) (٨) .

وقال :( وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) (٩) .

وقال :( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) (١٠) .

____________

(١) الأنعام : ٩٤ .

(٢) الأنبياء : ١٠٤ .

(٣) النور : ٢٤ .

(٤) الإنسان : ٧ .

(٥) الأنبياء : ٤٧ .

(٦) لقمان : ١٦ .

(٧) الحجر : ٩٢ و٩٣ .

(٨) الأعراف : ٦ و٧ .

(٩) يس : ١٢ .

(١٠) المجادلة : ٦ .

٣٤

وقال :( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ) (١) .

ثمّ إنّه سبحانه لم يؤيّس مَن أساء إلى نفسه وظلمها من رحمته ، ووعده بقبول التوبة والمحبّة عليها إذا تاب وأناب ، فقال سبحانه :( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً ) (٢) .

وقال :( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (٣) .

وقال :( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (٤) .

وقال :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً ) (٥) .

ودعاهم سبحانه بألطف الكلام وأرجاه وأقربه إلى قلوبهم ، تلطّفاً منه ورحمة وترغيباً ، فقال سبحانه :

( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (٦) .

وقال :( إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمَن يشاء ) (٧) .

____________

(١) الفرقان : ٢٧ .

(٢) النساء : ١١٠ .

(٣) الأنعام : ٥٤ .

(٤) آل عمران : ١٣٥ .

(٥) النساء : ٦٤ .

(٦) الزمر : ٥٣ .

(٧) النساء : ٤٨ .

٣٥

وقال سبحانه :( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ ) (١) .

وقال سبحانه :( ادعوني أستجب لكم ) (٢) .

فوعدهم بالإجابة ومدحهم سبحانه في كتابه : العاملين بالطاعات ، المسارعين إلى الخيرات ، ليرغّب العباد في عملها ، كما رهّب في فعل السيّئات ليتناهى الناس عنها ، فقال :

( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) (٣) .

وقال سبحانه :( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ) (٤) .

وقال سبحانه :( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً ) (٥) .

وقال سبحانه :( الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (٦) .

وقال سبحانه :( قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) (٧) .

وقال :( يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ) (٨) .

وقال :( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ

____________

(١) آل عمران : ١٣٣ .

(٢) غافر : ٦٠ .

(٣) الطلاق : ٢ ـ ٣ .

(٤) الطلاق : ٤ .

(٥) الطلاق : ٥ .

(٦) يونس : ٦٣ ـ ٦٤ .

(٧) يونس : ٥٨ .

(٨) الزخرف : ٦٨ ـ ٧٠ .

٣٦

* مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ) (١) .

فلم يقنط أحداً من فضله ورحمته ، وبسط العفو والرحمة ، ووعد وتوّعد ليكون العبد مترجّحاً بين الخوف والرجاء ، كما روي أنّه لو وُزن خوف العبد ورجاؤه لم يرجح أحدهما على الآخر .

فإذا عظم الخوف كان أدعى إلى السلامة ، فإنّه روي أنّ الله تعالى أنزل في بعض كتبه :وعزّتي وجلالي لا أجمع لعبدي المؤمن بين خوفين وأمنين ، إذا خافني في الدنيا أمنته في الآخرة ، وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة (٢) .

والدليل على ذلك من القرآن المجيد كثير ، منه قوله تعالى :( ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ ) (٣) .

وقوله تعالى :( وأمّا مَن خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى * فإنّ الجنّة هي المأوى ) (٤) .

وقوله تعالى :( ولمَن خاف مقام ربّه جنّتان ) (٥) .

وقوله تعالى :( إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) (٦) .

وقوله تعالى :( وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ( يعني عن وجه السلامة )* قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ( يعني خائفين )* فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ) (٧) .

وقوله تعالى :( قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ

____________

(١) ق : ٣١ ـ ٣٣ .

(٢) الخصال : ٧٩ ح ١٢٧; عنه البحار ٧٠ :٣٧٩ ح ٢٨ .

(٣) إبراهيم : ١٤ .

(٤) النازعات : ٤٠ ـ ٤١ .

(٥) الرحمن : ٤٦ .

(٦) فاطر : ٢٨ .

(٧) الطور : ٢٥ ـ ٢٧ .

٣٧

الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ) (١) ، يعني مدحهم بذلك .

وقال سبحانه :( ويدعوننا رغباً ورهباً ) (٢) .

وقال سبحانه عن هابيل يروي قوله لأخيه :( إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) (٣) .

وقال :( وأمّا مَن خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى * فإنّ الجنّة هي المأوى ) (٤) .

وقال :( واتقون يا أُولي الألباب ) (٥) .

والآيات في ذلك كثيرة ، يعتبر بها ويتفكّر فيها مَن أسعده الله تعالى بالذكر ، وأيقظه بالتبصرة ، ولم يخلد إلى الأماني والكلام به ، فإنّ قوماً غرّتهم أماني المغفرة والعفو خرجوا من الدنيا بغير زاد مبلغ ، ولا عمل نافع ، فخسرت تجارتهم ، وبارت صفقتهم ، وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ، فلنسأل من الله توفيقاً وتسديداً يوقظنا به من الغفلة ، ويرشدنا إلى طريق الهدى والرشاد .

يقول العبد الفقير إلى رحمة ربّه ورضوانه ، أبو محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي ، جامع هذه الآيات من الذكر الحكيم :

إنّما بدأت بالموعظة من كتاب الله تعالى لأنّه أحسن الذكر ، وأبلغ الموعظة ، وسأُتبعه إن شاء الله بكلام عن سيّدنا ومولانا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المؤيّد بالوحي ، المسدّد بالعصمة ، الجامع من الإيجاز والبلاغة ما لم يبلغه أحد من العالمين ، فقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :أوتيت جوامع الكلم .

____________

(١) المائدة : ٢٣ .

(٢) الأنبياء : ٩٠ .

(٣) المائدة : ٢٨ .

(٤) النازعات : ٤٠ و٤١ .

(٥) البقرة : ١٩٧ .

٣٨

وقد صدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّه إذا فكّر العبد في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أكثروا من ذكر هادم اللذّات ) علم أنه قد أتى بهذه اللفظة على جوامع العظة ، وبلاغة التذكرة ، دلّ على ذلك قول الله تعالى في امتنانه على إبراهيم وذرّيّته عليه وعليهم السلام :( إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ) (١) .

وفي قولهعليه‌السلام :( إيّاك وما يُعتذر منه ) فقد دخل في هذه اللفظة جميع آداب الدنيا ، وفي قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) زجر(٢) عن كلّ الشبهات ، وقوله :( الأمور ثلاثة : أمر استبان رشده فاتبعوه ، وأمر استبان غيّه فاجتنبوه ، وأمر اشتبه عليكم فردّوه إلى الله ) ، وفي قوله :( إيّاك وما يسوء الأدب ) فقد استوفى بهذا كلّ مكروه ومذموم .

وفي أحاديثهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المواعظ والزواجر ما هو أبلغ من كلّ كلام مخلوق ، وأنا أذكر إن شاء الله من ذلك ما تيسّر إيراده بحذف الأسانيد لشهرتها في كتب أسانيدها ، وأُتبع ذلك بكلام أهل بيتهعليهم‌السلام ومَن تابعهم من الصالحين .

قال أنس بن مالك : جاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله ، أشكو إليك قسوة قلبي ، فقال له :اطلع إلى القبور ، واعتبر بيوم النشور .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :عودوا المرضى ، واتبعوا الجنائز ، يذكركم الآخرة (٣) وقد حثّ الله تعالى في الموعظة وندب إليها وأمر نبيّه بها ، فقال : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) (٤) .

____________

(١) ص : ٤٦ .

(٢) في ( ج ) : زجر نفسه .

(٣) راجع البحار ٨١ : ٢٦٦ ح ٢٤ .

(٤) النحل : ١٢٥ .

٣٩

وقال سبحانه :( وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً ) (١) .

وقال :( وذكّر فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين ) (٢) .

وقال :( وذكّرهم بأيّام الله ) (٣) ، يعني يوم القيامة ، ويوم الموت ، ويوم الحساب ، ويوم مساءلة القبر ، ويوم النشور ، وسلامة هذه الأيّام سأل الله عيسىعليه‌السلام بقوله :( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ) ، وإذا كان قوله : يوم ولدت وقد سأل [ أنواع الشكر على ](٤) سلامته منه يدلّ على شدّة المشقّة فيه أيضاً .

قال مصنّف هذا الكتاب : وقد رتّبت هذا الكتاب على خمسة وخمسون باباً .

____________

(١) النساء : ٦٣ .

(٢) الذاريات : ٥٥ .

(٣) إبراهيم : ٥ .

(٤) أثبتناه من ( ج ) و( ب ) .

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381