النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء ١

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين0%

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 427

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد فخر الدين
تصنيف: الصفحات: 427
المشاهدات: 91571
تحميل: 4412


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 427 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 91571 / تحميل: 4412
الحجم الحجم الحجم
النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وقد دعا - يعني، رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم - وفد نجران لذلك لما حاجّوه فيه، فقالوا: حتّى تنظر في أمرنا ثمّ نأتيك، ثمّ قال ذو رأيهم: لقد عرفتم نبوّته، وأنّه ما باهل قوم نبيّاً إلّا هلكوا، فوادعوا الرجل وانصرفوا.

فأتوه وقد خرج (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومعه الحسن والحسين وفاطمة وعليّ، وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لهم:[إذا دعوت فامّنوا].

فأبوا - النصارى - أن يلاعنوا، وصالحوه على الجزية.

وأخرج أبو جعفر محمّد بن جعفر الطبري في تفسيره، جامع البيان في تفسير القرآن: ج ٣ ص ٢١٣ قال:

حدّثني محمّد بن سنان، بإسناده المذكور، عن غلباء بن أحمد اليشكري قال: لما نزلت هذه الآية:( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ ) الآية الكريمة.

أرسل رسول اللهصلّى الله عليه وآله وسلّم إلى عليّ وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين، ودعا اليهود ليلاعنهم، فقال شاب من اليهود: ويلكم أليس عهدكم بالأمس إخوانكم الذين مسُخوا قردة وخنازير، لا تلاعنوا فتنتهوا.

وكذلك أيضاً أورد الحديث ١٧١ الحافظ الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل(١) قال:

حدّثنا محمّد بن أبي سعيد المقرئ قال: حدّثني أبو حامد أحمد بن الخليل - ببلخ - قال: حدّثنا أبو الأشعث قال: حدّثنا يزيد بن زريع، عن الكلبي، عن أبي صالح: عن ابن عباس (في) قوله (تعالى):( إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّـهِ كَمَثَلِ آدَمَ ) فبلغنا - والله أعلم - أنَّ وفد نجران قدموا على نبي الله وهو بالمدينة ومعهم السيّد والعاقب وأبو حنس وأبو الحارث - واسمه عبد المسيح - وهو رأسهم وهو الأسقف. وهو يومئذ سادة أهل نجران، فقالوا: يا محمّد لم تذكر صاحبنا؟ - وساق نحوه إلى قوله: ونزل جبرئيل فقال:( إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّـهِ ) - إلى قوله -( لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) . وساق نحوه إلى قوله: قالوا نلاعنك.

____________________

(١) شواهد التنزيل: ج ١ ص ١٨٥ ط ٣.

٢٢١

فخرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأخذ بيد عليّ بن أبي طالب ومعه فاطمة والحسن والحسين، فقال:[هؤلاء أبناؤنا ونساؤنا وأنفسنا فهّموا أن يلاعنوا.

ثمَّ إنّ أبا الحارث قال للسيّد والعاقب: والله ما نصنع بملاعنته هذا شيئاً، فصالحوه على الجزية، (فـ)قالوا: صدقت (يا)أبا الحارث فعرضوا على رسول الله الصلح والجزية فقبلها وقال:أما والّذي نفسي بيده لو لاعنوني ما أحال الله الحول وبحضرتهم منهم بشر إذاً (و) لأهلك الله الظالمين].

وكذلك فقد روى الحديث الحاكم الكبير أبو أحمد محمّد بن محمّد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري المتوفّى سنة ٣٧٧ قال في حرف الحاء في عنوان: (أبي الحسن) برقم ١٣٥٧ من كتاب الأسماء والكنى(١) قال: ولما نزلت:( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال:[أللّهم هؤلاء أهلي].

ورواه عنه بسنده ابن عساكر، في الحديث ٢٨ من ترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام من تاريخ دمشق(٢) ، بتحقيق العلّامة المحقّق الشيخ محمّد باقر المحمودي، عليه الرحمة.

روى نظام الدين الحسن بن محمّد بن الحسين النيسابوري الشافعي في تفسيره غرائب القرآن ورغائب الفرقان بهامش تفسير الطبري(٣) قال: وروي أنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم لما نزلت هذه الآية خرج وعليه صلّى الله عليه وآله وسلّم مرط من شعر أسود، وكان صلّى الله عليه وآله وسلّم قد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه صلّى الله عليه وآله وعليّعليه‌السلام خلفها وهو يقول (لهم):[إذا دعوت فأمّنوا].

فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى إنّي لأرى وجوهاً لو دعت الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصرانيٌّ إلى يوم القيامة.

وأورد النسفي، في تفسيره مدارك التنزيل وحقائق التأويل: ج ١ ص ٢٢١ قال:

وقد غدا صلّى الله عليه وآله وسلّم محتضنناً للحسين آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعليّ خلفها وهو يقول صلّى الله عليه وآله وسلّم:[إذا دعوت فأمّنوا].

وكذلك فقد روى الشيخ أحمد مصطفى المراغي في تفسيره الكبير، تفسير المراغي: ج ٣ ص ١٧١ قال:

____________________

(١) الأسماء والكنى: ج ٣ ص ٢٧١ ط ١.

(٢) تاريخ دمشق: ج ١ ص ٢٩ ط ٢.

(٣) تفسير الطبري: ج ٣ ص ٢١٣.

٢٢٢

وروي أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم اختار للمباهلة عليّاً وفاطمة وولديها (عليهم الرضوان) وخرج بهم، وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: [إن أنا دعوت فأمّنوا أنتم ].

وممن روى محمّد محمود حجازي في تفسيره الموسوم التفسير الواضح(١) قال:

وروى: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لما حاجّوه بعد هذا طلب منهم المباهلة وخرج هو، والحسن والحسين وفاطمة وعليّ، فلمّا طلب المباهلة قالوا أنظرنا.

ثمَّ قال: إنّ الكل قد أجمع على أنّهم طولبوا بالمباهلة فأبوا، وقد خرج محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وآل بيته الكرام لمباهلتهم.

وكذا الشيخ سليمان العجيلي الشافعي في تفسيره الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفيّة: ج ١ ص ٢٨٣ قال بعد ذكره للواقعة وقبول النصارى بدفع الجزية:

قال صلّى الله عليه وآله وسلّم:[ والّذي نفسي بيده أنّ الهلاك قد تدلّى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم عليهم الوادي ناراً، ولاستأصل الله نجران وأهله. ].

ومنهم ابن الجوزي جمال الدين بن علي بن محمّد البغدادي في تفسيره زاد المسير في علم التفسير ص ٣٩٩ من تفسير سورة آل عمران: لما نزلت هذه الآية( تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) ، دعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عليّاً، وفاطمة، وحسناً، وحسيناً فقال:[أللّهم هؤلاء أهلي...... ].

وذكر العلامة الشيخ علي المهايمي الحنفي في تفسيره - بتغفير الرحمان وتيسير المنان: ج ١ ص ١١٤، قال:

فأتوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد غدا محتضناً الحسين، وآخذاً بيد الحسن، وفاطمة خلفه، وعليّ خلفها، وهو صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول:[إذا أنا دعوت فأمّنوا.... ]

وأورد الحافظ الكلبي، محمّد بن أحمد جزى في تفسيره التفصيل لعلوم التنزيل: ج ١ ص ١٠٩ في تفسير لآية المباهله قال:

____________________

(١) التفسير الواضح: ج ٣ ص ٥٨.

٢٢٣

ولما نزلت الآية أرسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى عليّ وفاطمة والحسن والحسين، ودعا نصارى نجران إلى الملاعنة أن يهلكهم الله، أو يمسخهم قردة وخنازير، فأبوا من الملاعنة وأعطوا الجزية.

وكذلك ممن أورد الحادث قاضي القضاة أبو السعود محمّد بن محمّد العمادي في تفسيره - إرشاد العقل السليم إلى فرايا القرآن الكريم - من ذكره تفسير آية المباهله، قال:

فأتوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقد غدا محتضناً الحسين، وأخذاً بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه، وعليّ خلفها (رضي‌الله‌عنهم ) وهو (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول:[إذا أنا دعوت فأمّنوا....].

وأورد الحافظ عبيد الله بن عبد الله بن أحمد الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل(١) عن آية المباهلة، قال:

أخبرني الحاكم الوالد، عن أبي حفص ابن شاهين، قال: أخبرنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث قال: حدّثنا يحيى بن حاتم العسكري قال: حدّثنا بشر بن مهران، قال: حدّثنا محمّد بن دينار، عن داوود بن أبي هند، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله قال:

قدم وفد أهل نجران على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم العاقب والسيّد فدعاهما إلى الإسلام، فقالا: أسلمنا قبلك، قال:[كذبتما، إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الإسلام فقالا: هات أنبئنا، قال: حبّ الصليب، وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير . فدعاهما إلى الملاعنة، فواعداه أن يفاديانه بالغداة، فغدا رسول الله وأخذ بيد عليّ وفاطمة والحسن والحسين ثمّ أرسل إليهما فأبيا أن يجيئا وأقرّا له بالخراج، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله:والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً لو فعلا لمطر الوادي عليهما ناراً]. قال جابر: فنزلت هذه الآية:( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ ) .

قال الشعبي:( أَبْنَاءَنَا ) الحسن والحسينعليهما‌السلام ،( وَنِسَاءَنَا ) فاطمة،( وَأَنفُسَنَا ) عليّ بن أبي طالب.

وبهذه المعنى من الرواية فقد روى أبو الحسن الواحدي في تفسيره أسباب النزول(٢) قال:

____________________

(١) شواهد التنزيل: ج ١ ص ١٨٧ ط ٣ في الحديث المرقم ١٧٢.

(٢) أسباب النزول: ص ٧٥ ط ١.

٢٢٤

أخبرني عبد الرحمن بن الحسن الحافظ - فيما أذن لي في روايته - حدّثني أبو حفص عمر بن أحمد الواعظ، حدّثنا عبد الرحمان بن سليمان.

والحديث رواه الحافظ أبو نعيم في أواسط الفصل (٢١) من كتاب دلائل النبوّة(١) قال: حدّثنا سليمان بن أحمد....

وكذا فقد رواه أيضاً الحمّوئي من أوائل السمط الثاني في الحديث (٣٧١) من فرائد السمطين عن عبد الحميد بن فخار، عن أبي طالب بن عبد السميع عن شاذان بن جبرئيل عن محمّد بن عبد العزيز، عن محمّد بن أحمد بن علي، عن أبي منصور محمود بن إسماعيل بن محمّد الصيرفي، عن أبي الحسين بن فاذشاه، عن سليمان بن أحمد، قال: حدّثنا أحمد بن داوود المكّي، ومحمّد بن زكريّا الغلّابي قال: حدّثنا بشر بن مهران الخصاف، قال: حدّثنا محمّد بن دينار، عن داوود بن أبي هند...

ورواه لهذا الحديث ابن المغازلي في الحديث (٣١٠) من كتاب المناقب ص ٣٦٣ قال:

أخبرنا محمّد بن أحمد بن عثمان، حدّثنا محمّد بن إسماعيل الوراق أذناً، حدّثنا أبو بكر بن أبي داوود، حدّثنا يحيى بن حاتم العسكري، حدّثنا بشر بن مهران....

وأيضاً رواه ابن البطريق في العمدة ص ٩٦ وفي الخصائص(٢) .

وقد روى حديث المباهله الحاكم في النوع السابع عشر من كتاب معرفة علوم الحديث ص ٦٢ قال: حدّثنا علي بن عبد الرحمان بن عيسى الدهقان بالكوفة، قال: حدّثنا الحسين بن الحكم....

ثم قال الحاكم: وقد تواترت الأخبار في التفاسير عن عبد الله بن عباس وغيره: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أخذ يوم المباهلة بيد عليٍّ وحسن وحسين وجعلوا فاطمة وراءهم ثمّ قال:[هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا، فهلمّوا أنفسكم وأبناءكم ونساءكم ثمّ نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين].

____________________

(١) دلائل النبوّة: ص ٢٩٧.

(٢) الخصائص: ص ٦٧ ط ١ وفي ط ٢ ص ١٠٢.

٢٢٥

ثمّ قال الحاكم: حدّثنا أبو الحسين بن مأتي من أصل كتابه، حدّثنا الحسين بن الحكم قال: حدّثنا حسن بن حسين قال: حدّثنا عيسى بن عبد الله بن عمَر بن علي، عن أبيه عن جدّه: عن عليٍّعليه‌السلام قال: ما سمّاني الحسن والحسين يا أبت حتّى توفّي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، كانا يقولان لرسول اللهصلّى الله عليه وآله وسلّم: يا أبت يا أبت. وكان الحسن يقول لي: يا أبا حسن. وكان الحسين يقول لي:

يا أبا حسين.

ومن الذين رووا حديث المباهلة ونزول الآية، الشيخ النووي الجاوي، الملقّب بسيّد علماء الحجاز في تفسيره «مراح لبيد»: ج ١ ص ١٠٢ عند تفسيره لآية المباهلة:

فأتوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد خرج من بيته إلى المسجد وعليه مرط من شعر أسود، محتضناً الحسين، آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه، وعليّ خلفهارضي‌الله‌عنهم وهو يقول لهؤلاء الأربعة.[إذا دعوت فأمّنوا....... ].

وروى الشيخ نعمة الله النخجواني الحنفي في تفسيره، الفواتح الإلهية والمفاتيح الغيبية: ج ١ ص ١١٢ قال عند تفسير آية المباهلة: وهذه الرواية كالمتّفق على صحّتها بين أهل التفسير والحديث.

وهكذا الشيخ محمّد عبده من تفسيره - تفسير القرآن الحكيم- ج ٣ ص ٣٢٢ قال:

والروايات متّفقة على أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم اختار للمباهلة عليّ وفاطمة وولدهما.

ثم ذكر الحديث ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق: ج ٣٨ ص ٣٩ في الحديث ١١٣١ عند ترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وممن أثبت أخصيّة آية المباهلة بالخمسة أصحاب الكساء عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي من تفسيره، الدرّ المنثور: ج ٤ ص ٣٨ وكذلك أورده في كتابه لباب النقول: ص ٧٥.

وفي صحيح مسلم: ج ٧ ص ١٢٠ أورد رواية سعد بن أبي وقّاص.

ورواه الترمذي في الجامع الصحيح - وهو صحيح الترمذي-: ج ٤ ص ٢٩٣ وكذلك فقد روى الترمذي في فضائل أمير المؤمنين من كتاب الفضائل: ج ٥ ص ٦٣٨ الرقم ٣٧٢٤ بصورة مطولة وقال هذا الحديث حسن صحيح.

٢٢٦

وأورد الحديث أبو البقاء الرازي في تفسيره -التبيان من إعراب القرآن- لأبي البقاء - عند تفسيره سورة آل عمران آية المباهلة، قال:

..... فأتوه صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد خرج ومعه الحسن والحسين وفاطمة وعليّ، وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم لهم:[إذا دعوت فأمّنوا ] فأبوا - النصارى- أن يلاعنوا وصالحوه على الجزية.

وأخرج الحافظ الحسكاني في: ج ١ ص ١٩١ ط ٣، بإسناده عن إ بن سعد بن أبي وقّاص، في الحديث ١٧٤ قال الحسكاني:

أخبرنا أحمد بن علي بن إبراهيم قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الزاهد، قال: أخبرنا محمّد بن إسحاق قال: حدّثنا قتيبة بن سعيد قال: حدّثنا حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن بسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال:

ولما نزلت هذه الآية:( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) دعا رسول الله عليّاً وفاطمة وحسناً وحسينا فقال:[أللّهم هؤلاء أهلي].

روى مسلم بن الحجاج في مسنده الصحيح(١) ، وأبو عيسى الترمذي في جامعة، جميعاً عن قتيبة، (وذكرا) الحديث بطوله.

وهذا مختصر، والراوي هو سعد بن أبي وقّاص الزهري.

ورواه الحاكم النيسابوري في باب مناقب أهل البيتعليه‌السلام من المستدرك: ج ٣ ص ١٥٠ قال: أخبرني جعفر بن محمّد بن نصير الخلدي ببغداد، حدّثنا موسى بن هارون، حدّثنا قتيبة بن سعيد - وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه - وأقرّه الذهبي.

ورواه أيضاً ابن عساكر بطرق في الحديث ٢٧١ ووجده في ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق(٢) ، كما ويأتي أيضاً بطرق عن المؤلّف في آية التطهير في الرقم ٦٤٤ وقال: طرقه مستوفاة من كتاب القمع.

____________________

(١) الحديث الثالث من باب مناقب عليّعليه‌السلام من صحيح مسلم: ج ٤ ص ١٢٠.

(٢) تاريخ دمشق: ج ١ ص ٢٢٥ ط ٢.

٢٢٧

ورواه أيضاً الواحدي المتوفّى عام ٤٩٨ في تفسير الآية الشريفة من تفسيره الوسيط: ج ١ ص ٤٤٤ ط ١ قال:

أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمّد الزعفراني حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن يحيى حدّثنا محمّد بن إسحاق الثقفي، حدّثنا: قتيبة، حدّثنا: حاتم بن إسماعيل عن بكير بن بسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه قال:

لما نزل قوله تعالى( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً وقال هؤلاء أهلي.

ثمّ قال الواحدي: رواه (أيضا) أحمد في مسنده: ج ١ ص ١٨٥ ط ١، عن قتيبة.

ومثله رواه أيضاً أبو القاسم اللألكائي في الحديث ٦ من باب فضائل علي برقم: ٢٦٣٤ من كتاب شرح أصول السنّة: ج ٧ ص ١٣٧٤ ط الرياض.

ورواه أيضاً أحمد بن إبراهيم الدوزقي المتوفّى عام ٢٤٦ في الحديث: ١٩ من مسند سعد بن أبي وقّاص من مسنده: ص ٥١ ط ١ قال:

حدّثنا: قتيبة بن سعيد، حدّثنا: حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن بسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه قال:

دخل سعد على رجل؟ فقال: ما يمنعك أن تسبَّ أبا فلان؟ فقال: أمَّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فلن أسبّه - لئن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليَّ من حمر النعم - سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول له - وقد خلّفه في بعض مغازيه فقال له عليّ:[يا رسول تخلفني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم -:أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبوّة بعدي؟ وسمعته يقول:

لأعطيّن الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله فتطاولنا لها فقال:أدعوا عليّاً. فأتي وبه أرمد فبصق في عينيه ودفع الراية إليه، وفتح الله عليه. ولماّ نزلت هذه الآية:( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً وقال: أللّهم هؤلاء أهلي].

٢٢٨

وقد روى الحديث ابن كثير من فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام من البداية والنهاية(١) بروايته عن صحيح مسلم والترمذي وعن أحمد بن حنبل.

وأبي الخير أحمد بن إسماعيل بن يوسف الطالقاني القزويني، من كتابه: الأربعين المنتقاة من مناقب المرتضى. فقد روى الحديث بتفصيله بسندين ينتهي بهما إلى مسلم في الباب ٣٨ من المنتقى.

وقد روى الحديث أبو حيّان الأندلسي في تفسير البحر المحيط(٢) قال:

وفسّر على هذا الوجه الأبناء بالحسن والحسين، وبنسائه فاطمة والأنفس بعليّ - لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً وقال:[أللّهم هؤلاء أهلي.... ]

وكذلك نقله بنصّه في تفسيره المختصر - النهر الماد من البحر - هامش البحر المحيط: ص ٤٩٧.

وللحديث روايات عن الصحابة، ومنهم جابر بن عبد الله الانصاري.

فقد روا الحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل(٣) ، بإسناده عن جابر الأنصاري. في الحديث ١٧٥ قال:

أخبرنا جماعة منهم أبو الحسن أحمد بن محمّد بن سليمان بقراءتي عليه، قال:

أخبرنا أبو العباس الميكالي قال: حدّثنا عبدان الأهوازي قال: حدّثنا يحيى بن حاتم العسكري قال: حدّثنا بشر بن مهران قال: حدّثنا محمّد بن دينار قال: حدّثنا داود بن أبي هند عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله قال: قدم على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم العاقب والسيد، فدعاهما إلى الإسلام فتلاحيا وردّا عليه، فدعاهما إلى الملاعنة، فواعداه على أن يفاديا بالغداة، فغدا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأخذ بيد عليّ وفاطمة والحسن والحسين ثمّ أرسل إليهما، فأبيا أن يجيئا وأقرّا له بالخراج، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[والذي بعثني بالحقّ لو فعلا لأضطرم الوادي ناراً]. وفيهم نزلت( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) .

____________________

(١) البداية والنهاية: ج ١ ص ٣٣٩.

(٢) تفسير البحر المحيط: ج ٢ ص ٤٩٧.

(٣) شواهد التنزيل: ج ١ ص ١٩٢ ط ٣.

٢٢٩

قال الشعبي: قال جابر:( وَأَنفُسَنَا ) رسول الله وعليّ بن أبي طالب و( أَبْنَاءَنَا ) الحسن والحسين، و( نِسَاءَنَا ) فاطمةعليهم‌السلام .

ورواه (أيضاً) عن يحيى بن حاتم أبو بكر بن أبي داوود.

وروى الحديث الحاكم الحسكاني عن حذيفة بن اليمان، في شواهد التنزيل(١) قال:

حدّثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال: حدّثنا يحيى بن زكريّا بن أبي زائدة، عن أبيه، عن أبي إسحاق السبيعي، عن صلة بن زفر، عن حذيفة بن اليمان قال: جاء العاقب والسيّد أُسقفا نجران يدعوان النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى الملاعنة، فقال العاقب للسيّد: إنْ لاعن بأصحابه فليس بنبيّ، وإنْ لاعن بأهل بيته فهو نبيّ! فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله (وسلّم) فدعا عليّاً فأقامه عن يمينه، ثمّ دعا الحسن فأقامه عن يساره، ثمّ دعا الحسين فأقامه عن يمين عليّ، ثمّ دعا فاطمة فأقامها خلفه، فقال العاقب للسيد: لا تلاعنه، إنَّك إنْ لاعنته لانفلح نحن ولا أعقابنا فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله:

[لو لاعنوني ما بقيت بنجران عين تطرف].

وكذلك روى الحافظ الحاكم الحسكاني الحديث بإسناده عن عبد الله بن عباس، في شواهد التنزيل(٢) قال:

حدّثني الحسين بن أحمد قال: أخبرنا عبد الرحمان بن محمّد، قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن خالد قال: أخبرنا أحمد بن حرب الزاهد قال: حدّثنا صالح بن عبد الله الترمذي قال: أخبرنا محمّد بن الحسن عن الكلبي عن أبي صالح: عن ابن عباس في قوله تعالى:( إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّـهِ كَمَثَلِ آدَمَ ) فزعم أنّ وفد نجران قدموا على محمّد نبي الله (في) المدينة، منهم السيّد والحارث وعبد المسيح، فقالوا: يا محمّد لِمَ تذكر صاحبنا؟، قال:[ومن صاحبكم ؟ قالوا: عيسى بن مريم تزعم أنّه عبد، فقال رسول الله صلى الله واله وسلمهو عبد الله ورسوله.

فقالوا: هل رأيت أو سمعت فيمن خلق الله عبداً مثله؟! فأعرض نبي الله عنهم ونزل عليه جبرئيل فقال( إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّـهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَ‌ابٍ ) الآية، فغدو إلى نبي الله فقالوا: هل سمعت بمثل صاحبنا؟

____________________

(١) شواهد التنزيل: ج ١ ص ١٩٤ في الحديث ١٧٦.

(٢) شواهد التنزيل: ج ١ ص ١٩٥ في الحديث ١٧٧.

٢٣٠

قال:نعم، نبي الله آدم خلقه الله من تراب ثمّ قال له: كن فكان.

قالوا: ليس كما قلت. فأنزل الله فيه:( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) الآيات، قالوا: نعم نلاعنك.

فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بيدي ابن عمّه عليّ وفاطمة وحسن وحسين، (و) قال:هؤلاء أبناؤنا ونساؤنا وأنفسنا. فهمّوا أنْ يلاعنوه.

ثمَّ إنّ الحارث قال لعبد المسيح: ما تصنع بملاعنة هذا شيئاً، لئن كان كاذباً ما ملاعنته بشيء، ولئن كان صادقاً لنهلكنّ إنْ لاعنّاه، فصالحوه على ألفي حلّة كلّ عام.

فزعم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال:والّذي نفس محمّد بيده لو لاعنوني ما حال الحول وبحضرتهم أحد الاّ أهلكه الله عزّ وجلّ].

و(له) طرق عن الكلبي، وطرق عن ابن عباس رواه عن الكلبي، حبّان بن علي العنزي ومحمّد بن فضيل ويزيد بن زريع.

ورواه الحافظ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق المعروف بابي نعيم الاصبهاني، في أواسط الفصل ٢١ من دلائل النبوّة ص ٢٩٨، قال:

حدّثنا إبراهيم بن أحمد، حدّثنا أحمد بن فرج قال: حدّثنا أبو عمر الدوري قال: حدّثنا محمّد بن مروان، عن محمّد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عباس: أنّ وفد نجران من النصارى قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم منهم السيّد- وهو الكبير- والعاقب - وهو الّذي يكون بعده وصاحب رأيهم- فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لهما:[أسلما. قالا: قد أسلمنا. قال:ما أسلمتما . قالا: بلى قد أسلمنا قبلك.قال:كذبتما منعكما من الإسلام ثلاث فيكما: عبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير، وزعمكما أنَّ لله ولداً. ونزل( إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّـهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَ‌ابٍ ثمّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) .

٢٣١

فلمّا قرأها عليهم قالوا: ما نعرف ما تقول. ونزل:( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثمّ نَبْتَهِلْ ) يقول نجتهد في الدعاء أنّ الذي جاء به محمّد هو الحقّ، هو العدل، وأنّ الذي تقولون هو الباطل، وقال لهم:إنّ الله قد أمرني إنْ لم تقبلوا هذا أنْ أباهلكم قالوا: يا أبا القاسم بل نرجع فننظر في أمرنا ثمّ نأتيك. قال: فخلا بعضهم ببعض وتصادقوا فيما بينهم فقال السيّد للعاقب: قد والله علمتم أنّ الرجل لنبي مرسل ولئن لاعنتموه إنّه لاستئصالكم، وما لاعن قوم نبيّاً قط فبقي كبيرهم ولانبت صغيرهم فإن أنتم لم تتبعوه وأبيتم إلّا إلف دينكم فواعدوه وارجعوا إلى بلادكم. وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خرج بنفر من أهله فجاء عبد المسيح بابنه وابن أخيه، وجاء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ومعه عليّ وفاطمة والحسن والحسين فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّمإن أنا دعوت فأمّنوا أنتم]. فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية....

وقريباً منه رواه محمّد بن علي بن أحمد بن حديدة الأنصاري من كتابه: المصباح المضيّ: الورق ٩٤/ب/ الذي فرغ من تأليفه سنة ٧٧٩ وتوجد نسخة منه في المكتبة الأحمديّة ضمن مكتبة الأوقاف الإسلامية في حلب برقم ٢٧٠

ورواه أيضاً ابن أبي حاتم عبد الرحمان بن محمّد بن إدريس الرازي، في تفسير آية المباهلة من تفسيره: ج ٢ ص ٦٦٧ ط المكتبة العصريّة -بيروت- قال:

حدّثنا يونس بن حبيب، حدّثنا أبو داوود، حدّثنا شعبة بن مغيرة، عن الشعبي قال: لما نزلت:( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) أخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الحسن والحسين ثمّ انطلق وقال ابن أبي حاتم: وروي عن أبي جعفر محمّد بن عليٍّ نحو ذلك.

(و) حدّثنا الأحمسي، حدّثنا وكيع، عن مبارك، عن أبي الحسن في قوله( تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) قرأها النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، ودعاهما إلى المباهلة وأخذ بيد (علي) وفاطمة والحسن والحسين. وقال أحدهما ( أي أحد علماء النجرانييّن الّذين جاؤوا للمباهلة) لصاحبه: اصعد الجبل ولا تباهله فانّك إن باهلته بؤت باللعن؟ قال: فما ترى؟ قال: أرى أن تعطيه الخراج ولا تباهله.

قال أبو محمّد (ابن أبي حاتم) وروي عن أبي جعفر (محمّد) بن علي نحو ذلك.

٢٣٢

حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيم، حدّثنا أحمد بن المفضل، حدّثنا أسباط، عن السُدّي (في تفسير قوله تعالى):( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) ،

فأخذ (رسول الله) بيد الحسن والحسين وفاطمة، وقال لعليّ: إتّبعنا، فخرج معهم ولم يخرج يومئذ النصارى، قالوا: إنّا نخاف أن يكون هذا هو النبيّ وليس دعوة الأنبياء كغيرهم فتخلّفوا فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[لو خرجوا(ما بقوا) إلّا احترقوا]، فصالحوه على صلح على أنَّ له عليهم ثمانين ألفاً.

وأورد السيد علي بن طاووس من كتاب سعد السعود أوائل الباب الثاني ص ٩١ قال:

إنّ أبا عبد الله محمّد بن العباس بن علي بن مروان المعروف بالحجّام، روى الحديث في تفسير آية المباهلة من كتابه: ما أنزل من القرآن في عليٍّ من المجلّد الأوّل من الجزء الثاني عن أحد وخمسين طريقاً.

وورد في التذكرة الحمدونيّة: ج ٧ ص ١٨٠، الحديث ٨٣٤:

سأل الرشيد موسى بن جعفر فقال: لِمَ زعمتُم أنّكم أقرب الناس إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم منّا؟ فقال:[يا أمير المؤمنين، لو أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أُنشر فخطب إليك كريمتك أكنتَ تجيبه؟ قال: سبحان الله! وكنتُ أفتخرُ بذلك على العجم والعرب فقال:لكنّه لا يخطب إليَّ ولا أزوّجه، لأنّه ولدنا ولم يلدكم].

وفي الحديث ٨٣٦: وقيل: إنّه سأله أيضا: لِمَ قلتم إنّا ذريّة رسول الله، وجَوَّزتم للناس أن ينسبوكم إليه فيقولون: يا بني رسول الله وأنتم بنو عليّ؟! وإنّما ينسب الرجل إلى أبيه دون جدّه.

فقال:[أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم ( وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿٨٤﴾ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيـسَىٰ ) الأنعام ٨٤ - ٨٥،وليس لعيسى أبٌ، وإنّما ألحِق بذريّة الأنبياء من قِبَل أمّه، وكذلك أُلحِقنا بذريّة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم من قِبل أُمّنا فاطمة عليها‌السلام .

وأزيدك يا أمير المؤمنين، قال الله تعالى :( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) آل عمران: ٦١،ولم يدعُ عليه‌السلام عند مباهلة النصارى غير عليّ وفاطمة والحسن والحسين، وهم الأبناء].

٢٣٣

وجاء في الدرّ الثمين للحافظ رضي الدين رجب بن محمّد بن رجب البُرسي ص ٦٣ قال: ثمّ جعله (أي عليّ) وعترتهعليهم‌السلام الحجج على خلقه فقال:( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) وكان الأبناء الحسن والحسين والنساء فاطمة الزهراء والنفس عليّعليه‌السلام فبَاهَل النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بهم الأعداء، والأبناء ابناه والنساء زوجته والنفس هو، فعليّعليه‌السلام هو الحاوي لآية المباهلة، فيه بَاهَل الله وبه احتجّ وبه أقام من الدين ما اعوج.

وأورد الحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل(١) قال: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ - قراءة عليه وأملاه - قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن عبد الرحمن بن ماتي الدهقان - بالكوفة من أصل كتابه - قال: حدّثنا الحسين بن الحكم الحبري، قال: حدّثنا حسن بن حسين العرني قال: حدّثنا حبّان بن علي العنزي، عن الكلبي، عن أبي صالح: عن ابن عباس في قوله عزَّ وجلّ( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) قال: نزلت في رسول الله وعلي( أَنفُسَنَا ) و( وَنِسَاءَنَا ) فاطمة، و( أبْنَاءَنَا ) حسن وحسين، والدعاء على الكاذبين نزلت في العاقب والسيّد وعبد المسيح وأصحابهم.

وروى الحافظ محمّد بن يوسف الكنجي في كفاية الطالب -الباب الثاني والثلاثون في قوله عزّ وجلّ في آية المباهلة ص ١٤١ قال:

أخبرنا المشايخ الحفّاظ محمّد بن أبي جعفر بن علي القرطبي ببصرى، والحسن بن سالم بن علي الوزير بمدينة الرسول صلّى الله عليه وآله والقاضي أحمد بن محمّد بدمشق، قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن علي المحتسب ومفضل المقدسي ومحمّد بن محمود الحافظ، قالوا أخبرنا أبو الحسن بن علي الطوسي وأخبرنا إبراهيم بن بركات القرشي، وعتيق بن سلامة السلمان ومحمّد بن هبة الله الشيرازي، قالوا: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن عساكر الدمشقي قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل الفراوي، أخبرنا عبد الغافر بن محمّد، أخبرنا محمّد ابن عيسى، أخبرنا إبراهيم بن محمّد، أخبرنا أبو الحسين مسلم بن الحجاج الحافظ، أخبرنا قتيبة بن سعيد، ومحمّد بن عباد، قالا: حدّثنا حاتم بن إسماعيل عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه، قال: لما نزلت هذه الآية( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ ) دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، عليّاً وفاطمة، وحسناً، وحسيناً، فقال:[أللّهم هؤلاء أهلي].

____________________

(١) شواهد التنزيل: ج ١ ص ١٨٩ ط ٣، الحديث ١٧٣.

٢٣٤

وروى الشيرازي في كتاب: ما روته العامّة من مناقب أهل البيتعليهم‌السلام ص ٨٤ قال في الآيات النازلة في فضل الإمام عليّعليه‌السلام :

قال تعالى:( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) الآية.

قال مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري في صحيحة: حدّثنا عبد الله بن معاذ، حدّثنا شعبة في هذا الإسناد حدّثنا قتيبة بن سعد ومحمّد بن عبّاد وتقاربا في اللفظ قالا: حدّثنا حاتم وهو ابن إسماعيل، عن بكير بن مسمار: عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً. فقال ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟

قال: أما ما ذكرت لثلاث قالهنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله فلن أسبّه -لئن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ الي من حمر النعم- سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله وخلّفه في بعض مغازيه فقال له عليٌّ:[يارسول الله خلّفتني في النساء والصبيان فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله:أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي .

وسمعته يقول يوم خيبر:لأعطينَّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله فقال: فتطاولنا، فقال:أدعوا عليّاً فأُتيَ به أرْمَد فبصق في عينيه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه.

ولما نزلت هذه الآية( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال:أللّهم هؤلاء أهل بيتي].

وروى هذه الرواية بألفاظها في جامع الأصول: ج ٨ ص ٦٥.

وروى مبارك بن محمّد بن الأثير الجزري في كتابه جامع الأصول: ج ٨ ص ٦٥٠ قال بروايته عن سعد بن أبي وقّاص، قال:

لما نزلت هذه الآية( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) الآية. دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال:[أللّهم هؤلاء أهل بيتي..... ] انتهى.

وقال ابن الأثير في الكامل في التاريخ: ج ٢ ص ٢٩٣:

٢٣٥

وأمّا نصارى نجران فانّهم أرسلو العاقب والسيّد في نفر منهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وأرادوا مباهلته، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله ومعه عليّ وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، فلمّا رأوهم قالوا:

هذه وجوه لو أقسمت على الله أنْ يزيل الجبال لأزالها، ولم يباهلوا.

وقال البغوي في مصابيح السنّة: ج ٤ ص ١٨٣:

عن سعد بن أبي وقّاص قال: لما نزلت هذه الآية:( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال:

[أللّهم هؤلاء أهل بيتي] انتهى.

وروى ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة ص ١٤٨ قال:

الحديث الثالث: أخرج مسلم عن سعد بن أبي وقّاص قال: لما نزلت هذه الآية:( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال:[أللّهم هؤلاء أهل بيتي] انتهى.

وذكر ابن حجر الهيثمي في كتاب الصواعق المحرقة: أنّ الرشيد سأل الكاظم صلوات الله عليه: كيف قلتم إنّا ذريّة رسول الله صلّى الله عليه وآله، وأنتم أبناء عليٍّ؟ فقالعليه‌السلام :( وَمِن ذُرِّ‌يَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ) إلى قوله( وَعِيـسَىٰ ) [وليس له أبٌ. وأيضاً قال تعالى:( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ) الآية.ولم يدع صلّى الله عليه وآله عند المباهلة غير عليّ وفاطمة والحسن والحسين فكانا عليهما‌السلام هما الابن]. وانتهى الحديث مختصراً(١) .

وأورد الحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل(٢) قال:

أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله قال: أخبرنا محمّد بن إسحاق بن إبراهيم، قال: حدّثنا قتيبة بن سعيد قال: حدّثنا خالد بن عبد الله الواسطي عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري:

____________________

(١) الصواعق المحرقة: ص ١٥٦.

(٢) شواهد التنزيل: ج ١ ص ١٩٨ ط ٣، الحديث ١٧٨.

٢٣٦

أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أراد أن يلاعن أهل نجران بالحسن والحسين وفاطمةعليهم‌السلام .

والاُولى أن يستقصيه (من أراد) ما عنى الآية في تفسير القرآن وفي كتاب الإرشاد إلى اثبات نسب الأحفاد، فلذلك اختصرته في هذا الكتاب، فمن أحبَّ الوقوف عليه رجع إليه إن شاء الله.

وأورد الشيخ الطبرسي في تفسيره مجمع البيان - المجلد الأول ط دار إحياء التراث العربي بيروت- ص ٤٥١ قال:

قيل نزلت الآيات في وفد نجران العاقب والسيد ومن معهما قالوا لرسول الله هل رأيت ولدا من غير ذكر؟ فنزل( إِنَّ مَثَلَ عِيسـَىٰ عِندَ اللَّـهِ كَمَثَلِ آدَمَ ) الآيات فقرأها عليهم، عن ابن عباس وقتادة والحسن. فلمّا دعاهم رسول الله إلى المباهلة استنظروه إلى صبيحة غد من يومهم ذلك فلمّا رجعوا إلى رجالهم قال لهم الأسقف انظروا محمّدا في غد، فإنْ غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلته وإنْ غدا بأصحابه فباهلوه فإنَّه على غير شيء فلمّا كان الغد جاء النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم آخذاً بيد عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام والحسنعليه‌السلام والحسينعليه‌السلام بين يديه يمشيان وفاطمةعليه‌السلام تمشي خلفه وخرج النصارى يقدِّمهم أسقفهم فلمّا رأى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قد أقبل بمن معه يسأل عنهم فقيل له: هذا ابن عمّه وزوج ابنته وأحبَّ الخلق إليه وهذان ابنا بنته من عليعليه‌السلام وهذه الجارية ابنته فاطمة أعز الناس عليه وأقربهم إلى قلبه، وتقدّم رسول الله مجثّاً على ركبتيه، قال أبو حارثة الأسقف جثا والله كما جثا الأنبياء للمباهلة، فكعَّ(١) ولم يقدم على المباهلة، فقال السيد أدن يا أبا حارثة للمباهلة فقال: لا إنّي لأرى رجلاً جريئا على المباهلة وأنا أخاف أن يكون صادقاً، ولئن كان صادقاً لم يَحُل والله علينا الحول وفي الدنيا نصرانيٌّ يطعم الماء، فقال الأسقف: يا أبا قاسم إنّا لانباهلك ولكن نصالحك فصالحنا على ما ننهض به، فصالحهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على ألفي حلّة من حلل الأواقي قيمة الحلّة أربعون درهما فما زاد ونقص فعلى حساب ذلك وعلى عارية ثلاثين درعاً وثلاثين رمحاً وثلاثين فرساً إن كان باليمن كيد ورسول الله ضامن حتّى يؤدّيها وكتب لهم بذلك كتاباً وروي أنَّ الأسقف قال لهم:

____________________

(١) كع كمد: ضعف وجبن.

٢٣٧

إنّي لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة، وقال النبيّ:[والّذي نفسي بيده لو لاعنوني لمسخوا قردةً وخنازير ولاضطرم الوادي عليهم ناراً ولما حال الحول على النصارى حتّى هلكوا كلّهم] قالوا: فلمّا رجع وفد نجران لم يلبث السيّد والعاقب إلّا يسيرا حتّى رجعا إلى النبيّ واهدى العاقب له حلّةً وعصا وقدحاً ونعلين وأسلما.

(المعنى)

ثمَّ ردّ الله تعالى على النصارى قولهم في المسيح أنّه ابن الله فقال:( إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّـهِ كَمَثَلِ آدَمَ ) أي مثل عيسى في خلق الله إيّاه من غير أب كمثل آدم في خلق الله إيّاه من غير أب ولا أمّ فليس هو بأبدع ولا أعجب من ذلك فكيف أنكروا هذا وأقروا بذلك ثمّ بيّن سبحانه كيف خلقه فقال( خَلَقَهُ ) أي أنشأه( مِن تُرَ‌ابٍ ) وهذا إخبار عن آدم ومعناه خلق عيسى من الريح ولم يخلق قبله أحد من الريح كما خلق آدم من التراب ولم يخلق قبله أحدا من التراب ثمّ قال له أي لآدم وقيل لعيسى( كُن ) أي كن حيّا بشراً سويّاً( فَيَكُونُ ) أي فكان في الحال على ما أراد وقد مرَّ تفسير هذه الكلمة فيما قبل في سورة البقرة مشروحاً وفي هذه الآية دلالة على صحة النظر والاستدلال، لأنّ الله احتج على النصارى ودلَّ على جواز خلق عيسى من غير أب كخلقه آدم من غير أب ولا أم( الْحَقُّ مِن رَّ‌بِّكَ ) أي هذا هو الحقّ من ربِّك أضاف إلى نفسه تأكيداً وتعليلاً أي هو الحقّ، لانّه من ربّك( فَلَا تَكُن ) أيّها السامع( مِّنَ الْمُمْتَرِ‌ينَ ) وقد مرّ تفسيره في سورة البقرة( فَمَنْ حَاجَّكَ ) معناه: فمن خاصمك وجادلك يا محمّد( فِيهِ ) أي في قصّة عيسى( مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ) أي من البرهان الواضح على أنّه عبدي ورسولي، عن قتادة معناه وقيل: فمن حاجّك في الحقّ والهاء في فيه عائدة إلى قولة الحقّ من ربّكم، فقل يا محمّد لهؤلاء النصارى( تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ ) أي هلمّوا إلى حجّة أخرى ماضية فاصلة تميّز الصادق من الكاذب( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) أجمع المفسّرون على أنّ المراد بأبناؤنا الحسن والحسين قال أبو بكر الرازي هذا يدلّ على أنّ الحسن والحسين ابنا رسول الله وأنَّ ولد الإبنة ابن في الحقيقة

٢٣٨

وقال ابن أبي علان وهو أحد أئمّة المعتزلة هذا يدل على أنّ الحسن والحسين كانا مكلّفين في تلك الحال لأنّ المباهلة لا تجوز إلّا مع البالغين، وقال أصحابنا أنّ صغر السن ونقصانها عن حدّ بلوغ الحلم لا ينافي كمال العقل وإنّما جعل بلوغ الحلم حداً لتعلّق الأحكام الشرعيّة وقد كان سنّهما في تلك الحال سناًّ يمتنع معها أن يكونا كاملي العقل، على أنّ عندنا يجوز أن يخرق الله العادات للائمّة ويخصّهم بما لا يزكّهم فيه غيرهم ولو صحّ أنّ كمال العقل غير معتاد في تلك السن لجاز ذلك فيهم إبانة لهم عمّن سواهم ودلالة على مكانهم من الله تعالى واختصاصهم. ومما يؤيّده من الأخبار قول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم[ إبناي هذان إمامان قاما أو قعدا ]، ( وَنِسَاءَنَا ) اتّفقوا على أنّ المراد به فاطمةعليه‌السلام لانّه لم يحضر المباهلة غيرها من النساء، وهذا يدلّ على تفضيل الزهراء على جميع النساء ويعضده ما جاء في الخبر أنَّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال:[فاطمة بضعة منّي يريبني ما رابها]، وقال:[إنّ الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضائها] وصحّ عن حذيفة انّه قال سمعت النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول:[أتاني ملك فبشّرني أنّ فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة ونساء أمّتي] وعن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت سرَّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى فاطمة شيئاً فضحكت فسألتها فقالت: قال لي[ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء هذه الأمّة أو نساء المؤمنين] فضحكت لذلك( وَنِسَاءَكُمْ ) أي من شئتم من نسائكم( وَأَنفُسَنَا ) يعني عليّاً خاصّة ولا يجوز أن يكون المعنيّ به النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لانّه هو الداعي ولا يجوز أن يدعوا الإنسان نفسه وإنمّا يصح أن يدعوا غيره وإذا كان قوله وأنفسنا لابد أن يكون إشارة إلى غير الرسول وجب أن يكون إشارة إلى عليّ لانّه لا أحد يدّعي دخول غير أمير المؤمنين عليعليه‌السلام وزوجته وولديه في المباهلة وهذا يدّل على غاية الفضل وعلو الدرجة والبلوغ منه إلى حيث لا يبلغه أحد إذ جعله الله نفس الرسول وهذا مالا يدانيه فيه أحد ولا يقاربه، ومما يعضده من الروايات ما صحَّ عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم انّه سئل عن بعض أصحابه فقال له قائل فعليّ فقال:[ما سألتني، عن الناس. ولم تسألني عن نفسي] وقوله لبريدة الأسلمي:[لا يا بريدة لا تبغض عليّاً فانّه منّي وأنا منه إنّ الناس خلقوا من شجر شتّى، وخلقت أنا وعليّ من شجرة واحدة] وقولهعليه‌السلام بأُحد: وقد ظهرت نكايته في المشركين ووقايته إيّاه بنفسه حتّى قال جبرائيل:[إنّ هذا لهي المواساة فقال: يا جبرائيل انّه منّي وأنا منه فقال جبرائيل: وأنا منكما] ( وَأَنفُسَكُمْ ) يعني من شئتم من رجالكم( ثُمَّ نَبْتَهِلْ ) أي نتضرع في الدعاء.

٢٣٩

عن ابن عباس وقيل نلتعن فنقول لعن الله الكاذب( فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) منّا وفي هذه الآية دلالة على أنَّهم علموا أنَّ الحقّ مع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لانّهم امتنعوا عن المباهلة وأقرّوا بالذّل والخزي لقبول الجزية فلو لم يعلموا ذلك لباهلوه فكان يظهر ما زعموا من بطلان قوله في الحال، ولو لم يكن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم متيقناً بنزول العقوبة بعدوّه دونه لما أدخل أولاده وخواصّ أهله في ذلك مع شدّة إشفاقه عليهم.

سورة آل عمران الآية ٦٨

( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمنوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ )

أورد أبو العباس القلقشندي الشافعي في موسوعته(١) :

رسالة الإمام علي عليه‌السلام إلى معاوية بن أبي سفيان مندداً فيها لمعاوية وذاكراً فيها بعض خصائص فضيلته ومنزلته وما يقابلها من رذائل معاوية وآثامه وسوء فعاله وما هم عليه آل أبي سفيان، ومما جاء في الرسالة:[ وكتاب الله يجمع لنا ماشذّ عنّا وهو قوله سبحانه وتعالى : ( وَأُولُو الْأَرْ‌حَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّـهِ ) .

وقوله تعالى :

( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمنوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) .

فنحن مرَّة أولى بالقرابة وتارة أولى بالطاعة].

وجاء في شرح نهج البلاغة لـعبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي: ج ٣ ص ٤٤٧ طبعة بيروت، رسالة الإمام عليعليه‌السلام .

وقد أورد هذه الرسالة للإمام عليعليه‌السلام ، شهاب الدين النويري في نهاية الأدب: ج ٧، ص ٢٣٣.

وكذلك أيضاً فقد أوردها أبو محمّد أحمد بن أعثم الكوفي في كتابه، الفتوح: ج ٢ ص ٩٦١.

____________________

(١) الموسومة الكبيرة - صبح الأعشى - في ج ١ ص ٢٢٩.

٢٤٠