النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء ١

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين18%

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 427

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 427 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 96205 / تحميل: 4765
الحجم الحجم الحجم
النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

قصّة بعض الفضلاء

ومنها : قصّة تغيّر الأمر الإلهي في قبض روح بعض الفضلاء من أهل السنّة ، كما حكاه الشعراني في (لواقح الأنوار ) بترجمة الشيخ محمد الشريبي ، إذ قال :

( وأخبرني والده الشيخ أحمد ـ أيضاً ـ وصدّقه على ذلك الإمام العالم العلاّمة شهاب الدين البهوني الحنبلي ، قال : مرضت مرّةً حتّى أشرفت على الموت ، وحضرني عزرائيل ، ورأيته جالساً عندي لقبض روحي ، فدخل عليّ والدي ، فقال لعزرائيل : راجع ربّك فإنّ ذلك الأمر تغيَّر ، فخرج عزرائيل وأنا أعيش إلى الآن ، والحكاية لها أكثر من ثلاثين سنة )(١) .

تبدّل حال الرجل

ومنها : تبدّل حال الرّجل من الشقاوة إلى السعادة ، كما ذكر القاضي ثناء الله في (تفسيره ) بعد ذكر مذهب ابن مسعود وعمر ، قال :

( ويوافق مذهب عمر وابن مسعود ( رضي الله عنهما ) ما ذكر في المقامات المجدديّة : أنّ المجدّدرضي‌الله‌عنه نظر ببصيرة الكشف مكتوباً في ناصية ملاّ طاهر اللاّهوري ( شقيّ ) ، وكان ملاّ طاهر معلّماً لابنيه الكريمين محمّد سعيد ومحمّد معصوم ( رضي الله عنهما ) ، فذكر المجدّدرضي‌الله‌عنه ما أبصر لولديه الشريفين ، فالتمسا منه ( رضي الله عنهم ) أن يدعو الله سبحانه أن يمحو عنه الشقاوة ويثبت مكانه السعادة ، فقال المجدّدرضي‌الله‌عنه : نظرت في اللّوح المحفوظ ، فإذا فيه : إنّه قضاءٌ مبرم لا يمكن ردّه ، فألجأه ولداه الكريمان في الدعاء لمّا التمسا منه ، فقال المجدّدرضي‌الله‌عنه : تذكّرت ما قال غوث الثقلين السيّد السند محي الدين عبد القادر الجيليرضي‌الله‌عنه : إنّ القضاء المبرم أيضاً يردّ بدعوتي ، فدعوت الله سبحانه ، وقلت : اللّهمّ رحمتك واسعة وفضلك غير مقتصرٍ على أحد ، أرجوك وأسألك من فضلك العظيم أن تجيب دعوتي في محو كتاب الشقاء من ناصية ملاّ طاهر وإثبات السعادة مكانه ، كما أجبت دعوة السيّد السندرضي‌الله‌عنه قال : فكأنّي أنظر إلى ناصية ملاّ طاهر

ـــــــــــــــــ

(١) لواقح الأنوار ـ ترجمة الشيخ محمّد الشريبي .

٢٢١

إنّه مُحِي منها كلمة ( شقيّ ) وكُتب مكانه ( سعيد ) وما ذلك على الله بعزيز ) .

قصّة أبي رومي

ومنها : قصّة أبي رومي ، التي رووها عن ابن عباس ، كما في (الدر المنثور ) قال :

( أخرج ابن مردويه والديلمي عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه قال : كان أبو رومي من شرّ أهل زمانه ، وكان لا يدع شيئاً من المحارم إلاّ ارتكبه ، وكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : لئن رأيت أبا رومي في بعض أزقّة المدينة لأضربنّ عنقه .

وإنّ بعض أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاه ضيف له ، فقال لامرأته : اذهبي إلى أبي رومي فخذي لنا منه بدرهم طعاماً حتّى ييسّر الله تعالى فقالت له : إنّك لتبعثني إلى أبي رومي وهو أفسق أهل المدينة ؟!

فقال : اذهبي فليس عليك منه بأس إنْ شاء الله تعالى ، فانطلقت فضربت عليه الباب ، فقال : من هذا ؟

قالت : فلانة

قال : ما كنت لنا بزوّارة ؟!

ففتح لها الباب فأخذها بكلام رفث ، ومدّ يده إليها فأخذتها رعدة شديدة ، فقال : ما شأنك ؟

قالت : إنّ هذا عمل ما عملته قطّ

قال أبو رومي : ثكلت أبا رومي أُمّه ، هذا عمل عَمِله وهو صغير لا تأخذه رعدة ولا يبالي على أبي رومي ، عهد الله إن عاد لشيء من هذا أبداً .

فلمّا أصبح غدا على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : مرحباً يا أبا رومي وأخذ يوسّع له المكان ، وقال له : يا أبا رومي ما عملت البارحة ؟

فقال : ما عسى أن أعمل يا نبيّ الله ، أنا شرّ أهل الأرض ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله قد حوّل مكتبك إلى الجنّة فقال :( يَمْحُوا اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ) ) .

٢٢٢

وأخرج يعقوب بن سفيان وأبو نعيم عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه قال : كان أبو رومي من شرّ أهل زمانه ، وكان لا يدع شيئاً من المحارم إلاّ ارتكبه ، فلمّا أصبح غدا على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلمّا رآه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعيد قال : مرحباً يا أبا رومي وأخذ يوسّع له المكان ، فقال له : يا أبا رومي ، ما عملت البارحة ؟

قال : ما عسى أن أعمل يا نبيّ الله ، أنا شرّ أهل الأرض

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله جعل مكتبك إلى الجنّة ، فقال :( يَمْحُوا اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمّ الْكِتَابِ ) (١) .

وبعد :

فهل يبقى المعاندون يشنّعون على الإماميّة رواياتهم في البداء وعقيدتهم في هذه الحقيقة الدينيّة ؟

وهل يستمرّون على التبحّج بكلام سليمان ابن جرير الزيدي(٢) وأمثاله من أعداء أهل البيت ؟

ـــــــــــــــــ

(١) الدر المنثور ٤ : ٦٦٣ .

(٢) انظر الملل والنحل ١ : ١٥٩ ـ ١٦٠ .

٢٢٣

الميثـاق والصّـور

رأي السيّد المرتضى في خبر الميثاق

لقد نسب الشيخ عبد العزيز الدهلوي صاحب كتاب (التحفة الإثني عشريّة ) ـ تبعاً لشيخه الكابلي صاحب (الصواقع ) ـ إلى السيّد المرتضى ـ رضي الله عنه ـ الحكم بوضع خبر الميثاق ، وقد أجاب عن ذلك علماؤنا الأعلام في ردودهم على كتاب (التحفة ) بالجملة والتفصيل ، وكان مجمل كلامهم : إنّ السيّد المرتضى لم يكذّب أخبار الميثاق المرويّة بالطرق المختلفة والأسانيد المتكثّرة ، ونحن نذكر أوّلاً كلام (التحفة ) ثمّ نعقّبه بنصّ عبارة السيّد المرتضىرحمه‌الله ؛ ليتّضح واقع الحال ، ويظهر كذب الدهلوي فيما نُسب إلى السيّد من المقال :

قال الدهلوي في (التحفة ) عند تعداد موارد غلوّ الإماميّة في الأئمّة المعصومين عليهم الصلاة والسلام :

( الثاني ـ قولهم : إنّ الله تعالى أخذ من الملائكة والأنبياء الميثاق على ولاية الأئمّة وطاعتهم .

وهذا ـ أيضاً ـ خلاف العقل تماماً ؛ لأنّ أخذ الميثاق من الأنبياء على ذلك ـ مع العلم القطعي بعدم معاصرتهم للأئمّة ـ عبث محض ، إذ الغرض من أخذ الميثاق هو النصرة والإعانة وبيان المناقب ونشر المدائح ، وأيّ فائدةٍ في ذلك مع عدم اتّحاد الزمان

وأمّا أخذ الميثاق منهم على بيان وصف خاتم الأنبياء كما في القرآن المجيد ؛ فلأنّ نصوص نبوّته وصفاته ونعوته نازلة في الكتب السماويّة ومصرَّح بها فيها ، ووجود أهل الكتاب في زمانه وإظهار تلك النصوص على يده مقطوع به ، فلذا أخذ الميثاق من الأنبياء على تفهيم تلك النصوص وتبليغها إلى أُممهم ، وأخذ ذلك الميثاق من الأُمم أيضاً ؛ حتّى تبقى تلك النصوص قرناً بعد قرن ، من دون تغيير وتبديل ، إلى أنْ يأتي وقت الحاجة إلى إظهارها والاحتجاج بها .

٢٢٤

بخلاف إمامة الأئمّة ، فلا هي ممّا نزل في كتب الأنبياء ، ولا هي ممّا أُبلغ به الأُمم ، ولا ممّا وقعت الحاجة إلى إظهاره ؛ لأنّ الإمامة إنّما تثبت بالنصّ من النبي ؛ لكونها نيابةً عنه ، ولم يراجع أهل الكتاب بشأنها ولم يكن لقولهم فيها اعتبار ، ولو كان أخذ الميثاق في هذا الأمر ضروريّاً ، لأُخذ من أبي بكر وعمر وعثمان ، بل كان على النبيّ أنْ يأخذ منهم كتاباً في أنْ ليس لهم حقٌّ في الإمامة ، ويستشهد على ذلك الثقات ، ويودعه عند الأمير ، لا أنْ يأخذ الميثاق من موسى وعيسى وهارون ، الذين ليس لهم ولا لأتباعهم دخلٌ في غصب الإمامة من الأئمّة أو تقريرها والتسليم بها .

ومستمسك هؤلاء في هذا الغلوّ الباطل ، ما رواه محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : إنّ الله أخذ ميثاق النبيّين بولاية عليّ بن أبي طالب .

وما رواه محمّد بن بابويه في كتاب التوحيد ، عن داود الرّقي ، عن أبي عبد الله في خبرٍ طويل ، قال : ( لمّا أراد الله أن يخلق الخلق نشرهم بين يديه ، وقال : من أنا ؟

فكان أوّل من نطق رسول الله وأمير المؤمنين والأئمّة ـعليهم‌السلام ـ فقالوا : أنت ربّنا

فحمّلهم العلم والدين ثمّ قال للملائكة : هؤلاء حملة علمي وديني وأمانتي من خلقي ، ثمّ قال لبني آدم : أقرّوا لله بالربوبيّة ولهؤلاء النّفر بالطاعة ، فقالوا : نعم ربّنا أقررنا ) .

في هذه الرواية والرواية السابقة لم يذكر أخذ الميثاق من الملائكة ، وإنّما الغرض من الرواية الثانية مجرّد إظهار فضل الأئمّة ، وشرفهم عند الملائكة ، ومن الواضح أنْ لا معنى لأخذ الميثاق من الملائكة ، ولذا لم يدخل الملائكة في أخذ ميثاقٍ من المواثيق ؛ لأنّ الميثاق إنّما يؤخذ من المكلَّفين ؛ لأنّهم الذين يحتمل منهم الطاعة والعصيان ، بخلاف الملائكة فإنّهم :

( لاَ يَعْصُونَ اللّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)

فأيّ فائدةٍ في أخذ الميثاق منهم ؟

وأيضاً ، فلم يذكر في الرواية الأخيرة أخذ الميثاق من الأنبياء ، إلاّ أنْ يستفاد ذلك من عموم لفظ ( بني آدم ) ولكنْ قد أشتهر أنّه : ما من عام إلاّ وقد خصّ منه البعض .

٢٢٥

وأيضاً ، فإنّ هذه الرواية فيها أخذ ميثاق الطاعة للنبيّ والأمير والأئمّة فقط ، فلابدَّ وأنْ يكون وجوب الطاعة للأنبياء أُولي العزم وغيرهم ـ الذي لا شكّ في ثبوته ـ قد وقع بطريق البداء !

والرواية التي تعجب هؤلاء القوم ، تجدها في مجاميع الشيخ ابن بابويه ، فقد روى ابن بابويه في خبرٍ طويل عن ابن عبّاس عن النبي ، أنّه لمّا أُسري به وكلّمه ربّه ، قال بعد كلامٍ : إنّك رسولي إلى خلقي وإنّ عليّاً وليّ المؤمنين ، أخذت ميثاق النبيّين وملائكتي وجميع خلقي بولايته .

وأحوال الصفّار وابن بابويه ورجالهما ـ خصوصاً محمّد بن مسلم وغيره ـ معروفة ، وركّة ألفاظ هذه الأخبار تشهد بكونها كذباً وافتراءً ، ومع هذا ، فإنّ أهل السنّة ـ والحمد لله ـ في غنىً عن توهين وتضعيف هذه الأخبار أو تأويل هذه المفتريات ؛ لأنّ الشريف المرتضى ـ الملقَّب بزعم الشيعة بـ ( علم الهدى ) ـ قد أثبت جدارته بهذا اللقب في كتابه (الدرر والغرر ) بتكذيب خبر الميثاق بكلّ جزمٍ وحتم ، وكفى الله المؤمنين القتال )(١) .

التحقيق فيما نُسب إلى السيّد المرتضى

حاصل هذا الكلام دعوى موافقة السيّد المرتضى العامّةَ في إنكار أخذ الميثاق على ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام من الأنبياء والملائكة ، وهل هذا إلاّ محض البهتان وصريح الإفك وواضح الهذيان ؟

وتوضيح ذلك :

أوّلاً : إنّ السيّد المرتضى لم يذكر في كتابه (الدرر والغرر ) خبر الميثاق أصلاً ، فضلاً عن أن يكذّب أو يصدّق به ، نعم ، قد ذكر السيّد قوله تعالى( وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) وأنكر أن يكون المراد منها أنّ الله تعالى أخذ من جميع ذريّة آدم الذين في ظهره الميثاق على الإقرار بمعرفته تعالى ، وأنّه أشهدهم على ذلك ، وإنّما ذكر للآية تأويلاً آخر ، وأيّ ربطٍ لذلك بتكذيب أخبار الميثاق ؟!

ــــــــــــــ

(١) التحفة الاثني عشريّة : ١٦١ .

٢٢٦

وثانياً : إنّه على فرض أنّ السيّد ينكر وقوع أخذ الميثاق في عالم الأرواح ، فأين الدليل من كلامه على إنكار أخذ الميثاق على الإطلاق ، كما يدّعيه الدهلوي ؟

وكيف يثبت بذلك تضعيف خبر الصفّار وخبر ابن بابويه ، الدالّين على مطلق أخذ ميثاق ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟

فظهر أنّ نسبة تكذيب أخبار الميثاق على الإطلاق إلى السيّد المرتضى كذب بحت وبهتان صريح ، وهذا كتاب (الغرر والدرر ) موجود بين أيدي الناس ، ونسخه شائعة في البلاد ...

وبعد ، فإنّ العلماء قد اختلفوا في معنى الآية المباركة على قولين ، فذهب الأكثر إلى الأخذ بظاهرها ، وقالوا : بأنّ ذريّة آدم كانوا في عالم الأرواح ذوي عقولٍ ـ كما هم في هذا العالم ـ وقد أخذ منهم الميثاق ، وقال جماعة ـ منهم السيّد المرتضى ـ بتأويل الآية على معنىً آخر ، وهذا نصُّ عبارة السيّد في الكتاب المذكور :

( إنّه تعالى ، لمّا خلقهم وركّبهم تركيباً يدلّ على معرفته ، ويشهد بقدرته ووجوب عبادته ، وأراهم العبر والآيات والدلائل في غيرهم وفي أنفسهم ، كان بمنزلة المشهد لهم على أنفسهم ، وكانوا ـ في مشاهدة ذلك ومعرفته وظهوره فيهم على الوجه الذي أراده الله تعالى وتعذر امتناعهم منه وانفكاكهم من دلالته ـ بمنزلة المقرّ المعترف ، وإن لم يكن هناك إشهاد ولا اعتراف على الحقيقة ، ويجري ذلك مجرى قوله تعالى :( ثُمّ اسْتَوَى‏ إِلَى السّماءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَللأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) وإن لم يكن منه تعالى قول على الحقيقة ولا منهما جواب ، ومثله قوله تعالى :( شَاهِدِينَ عَلَى‏ أَنْفُسِهِم بِالْكُفْرِ ) ونحن نعلم أنّ الكفّار لم يعترفوا بالكفر بألسنتهم ، وإنّما لما يظهر منهم ظهوراً لا يتمكّنون من دفعه كانوا بمنزلة المعترفين به )(١) .

فدلَّ هذا الكلام منه على أنّه غير منكرٍ لأصل الميثاق ، وإنّما له كلامٌ في كيفيّته ، وله رأيٌ في تأويل الآية .

ـــــــــــــــــ

(١) الغرر والدرر أمالي السيّد المرتضى ١ : ٣٠ .

٢٢٧

رأي الغزالي في خبر الميثاق

وهذا بخلاف الغزّالي مثلاً ـ من علماء القوم ـ فإنّه ينكر أصل الميثاق ، كما في كتابه (المضنون به على أهله ) :

 ( فقيل له ـ أي للغزالي ـ : إن كانت الأرواح حادثة مع الأجساد ، فما معنى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ، وقولهعليه‌السلام : أنا أوّل الأنبياء خلقاً وآخرهم بعثاً ، وقالعليه‌السلام : كنت نبيّاً وآدم بين الماء والطين ؟

فقالرضي‌الله‌عنه : شيء من هذه لا يدلّ على قدم الروح ، بل يدلّ على حدوثه وكونه مخلوقاً ، نعم ، ربّما يدلّ بظاهره على تقدّم وجوده على الجسد ، وأمر الظواهر ضعيف وتأويلها يمكن ، والبرهان القاطع لا يدرء بالظواهر ، بل يسلّط على تأويل الظواهر ، كما في ظواهر التشبيه في حقّ الله .

وأمّا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ، فأراد بالأرواح أرواح الملائكة ، وبالأجساد أجساد العالم من العرش والكرسي والسماوات والكواكب والماء والهواء والأرض ، كما أنّ أجساد الآدميّين بجملتهم صغيرة بالإضافة إلى الأرض ، وجرم الأرض أصغر من الشمس بكثير ، ثمّ لا نسبة لجرم الشمس إلى فلكه ، ولا لفلكه إلى السماوات التي فوقه ، ثمّ كلّ ذلك اتّسع له الكرسي ، إذ وسع كرسيّه السماوات والأرض ، والكرسي صغير بالإضافة إلى العرش ، فإذا تفكّرت في جميع ذلك ، استحقرت جميع أجساد الآدميّين ، ولم تفهمها من مطلق لفظ الأجساد .

فكذلك فاعلم وتحقّق : أنّ أرواح البشر بالإضافة إلى أرواح الملائكة كأجسادهم بالإضافة إلى أجساد العالم ، ولو انفتح لك باب معرفة أرواح الملائكة لرأيت الأرواح البشريّة كسراج اقتبس من نار عظيمة طبّق العالم ، وتلك النار العظيمة هي الروح الأخير من أرواح الملائكة ، ولأرواح الملائكة ترتيب ، ولكلّ واحد انفراد بمرتبة ، ولا يجتمع في مرتبة واحدة اثنان ، بخلاف

٢٢٨

الأرواح البشريّة المتكثّرة مع اتّحاد النوع والمرتبة ، أمّا الملائكة فكلّ واحدٍ نوعٌ برأسه وهو كلّ ذلك النوع ، وإليه الإشارة بقوله تعالى :( وَإِنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ ) وبقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الراكع منهم لا يسجد ، والقائم منهم لا يركع ، وإنّه ما من واحد إلاّ له مقام معلوم ، فلا تفهمنّ إذاً من الأرواح والأجساد المطلقة أرواح الملائكة .

وأمّا قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : أنا أوّل الأنبياء خلقاً وآخرهم بعثاً ؛ فالخلق هاهنا هو الإيجاد ، فإنّه قبل أن ولدته أُمّه ليس موجوداً مخلوقاً ، ولكنّ الغايات والكمالات سابقة في التقدير لاحقة في الوجود ، وهو معنى قولهم : أوّل الفكرة آخر العمل بيانه : أنّ المقدّر المهندس أوّل ما يتمثّل صورته في تقديره ، وهي دار كاملة ، وآخر ما يوجد في أثر أعماله هي الدار الكاملة ؛ فالدار الكاملة أوّل الأشياء في ذهنه تقديراً وآخرها وجوداً ؛ لأنّ ما قبلها من ضرب اللبنات وبناء الحيطان وتركيب الجذوع وسيلة إلى غاية الكمال وهي الدار ، فالغاية هي الدار ، ولأجلها تُقدّر الآلات والأعمال )(١) .

فإن لم يتيسّر الوقوف على كتاب الغزالي ، فقد نقل المتأخّرون مقالته في كتبهم ، ففي (المواهب اللدنيّة ) ـ مثلاً ـ جاء محصّل المقالة المذكورة ، حيث قال :

( فإن قلت : إنّ النبوّة وصف ، ولابدّ أن يكون الموصوف به موجوداً ، وإنّما يكون بعد بلوغ أربعين سنة أيضاً ، فكيف يوصف به قبل وجوده وإرساله ؟

ـــــــــــــــــ

(١) المضنون به على أهله وهذا الكلام موجود في رسالته ( الأجوبة الغزالية في المسائل الأخروية ) ضمن ( مجموعة رسائل الإمام الغزالي ) : ١٧٨ ـ ١٨٠ .

٢٢٩

قلت : أجاب الغزالي في كتابالنفخ والتسوية عن هذا وعن قوله ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ : أنا أوّل الأنبياء خلقاً وآخرهم بعثاً ، بأنّ المراد بالخلق هنا التقدير دون الإيجاد ، فإنّه قبل أنْ ولدته أُمّه لم يكن موجوداً مخلوقاً ، ولكن الغايات والكمالات سابقة في التقدير لاحقة في الوجود )(١) .

فإنّ هذا الكلام يفيد أنّ الغزالي ينكر تقدّم خلق الأرواح على الأجساد ، ولا يسلّم بأنّ للخلق وجوداً سابقاً على ولادتهم الظاهريّة في هذا العالم ، ولا يرى خلقةً للنبيّ قبل وجوده الظاهري ، فضلاً عن القول بالوجود في عالم الذرّ .

ومن الواضح أنّ أخذ الميثاق في عالم الأرواح فرع على وجودها فيه .

فالغزالي ينكر وقوع الميثاق في ذلك العالم ، مع دلالة الأحاديث الكثيرة الواردة من طرقهم في ذلك ، وكونها مخرّجةً في كتابي البخاري ومسلم ، وفي الموطّأ لمالك(٢) ، وغيرها من كتبهم كما أنّ السيوطي أخرج ما يقارب الخمسين حديثاً في أخذ الميثاق من ذريّة آدم في عالم الأرواح ، بذيل الآية المباركة من (الدرّ المنثور )(٣) .

وقد نصَّ الشعراني في (اليواقيت ) على ابتناء كثيرٍ من الاعتقادات في إثبات الحشر والنشر على مسألة الميثاق(٤) .

وحينئذٍ ، فكلّ جوابٍ يذكرونه من طرف الغزالي ، فهو الجواب من طرف السيّد المرتضى لو صحّت النسبة إليه !

ـــــــــــــــــ

(١) شرح المواهب اللدنيّة بالمنح المحمّدية : ١ : ٣٦ .

(٢) الموطأ ٢ : ٨٩٨ ـ ٨٩٩/٢ كتاب القدر ، باب النهي عن القول بالقدر .

(٣) الدر المنثور ٣ : ٥٩٨ ـ ٦٠٧ .

(٤) اليواقيت والجواهر : ٤٣٩ ـ ٤٤٢ .

٢٣٠

رأي مجاهد في آية الميثاق

هذا ، وقد أنكر مجاهد أخذ الميثاق من الأنبياء ، والتزم بتحريف الآية المباركة الناصّة على ذلك ، كما ذكر السيوطي في (تفسيره ) إذ قال :

( أخرج عبد بن حميد والفريابي وابن جرير وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله تعالى :

( وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النّبِيّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ)

قال : هي خطأ من الكتّاب ، وهي في قراءة ابن مسعود : ميثاق الذين أُوتوا الكتاب .

وأخرج ابن جرير عن الربيع ، أنّه قرأ : وإذ أخذ الله ميثاق الذين أُوتوا الكتاب ، قال : وكذلك كان يقرؤها أُبي بن كعب ، قال الربيع : ألا ترى إنّه يقول :( ثُمّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنّ بِهِ وَلَتَنصُرُنّهُ ) لتؤمننّ بمحمّد ولتنصرنّه

قال : هم أهل الكتاب )(١) .

حول كلام الطبرسي في آية الصّور

وقد نُسب إلى الشيخ الطبرسي بل إلى الشيخ المفيد القول بأنّ ( الصور ) في قوله تعالى:

( وَنُفِخَ فِي الصّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السّماوَاتِ وَمَن فِي الأَرْض ِ ) (٢) هو ( جمع صورة ) وليس المراد ( صور إسرافيل ) .

وهذه النسبة باطلة ، وقد نشأت من الخطأ والغلط في فهم عبارة الشيخ المجلسي ...

فإنّ هذا المتوهّم قد نظر إلى قول الشيخ المجلسي :

( وأمّا الصور فيجب الإيمان به ، على ما ورد في النصوص الصريحة ، وتأويله بأنّه جمع الصورة كما

ـــــــــــــــــ

(١) الدر المنثور ٢ : ٢٥٢ .

(٢) سورة الزمر ٣٩ : ٦٨ .

٢٣١

مرَّ من الطبرسي وقد سبقه الشيخ المفيد )(١) وغفل عن كلامه السابق ، حيث قال :

( قال الطبرسي في قوله تعالى :( وَنُفِخَ فِي الصّورِ ) : اختلف في الصور .

فقيل : هو قرن ينفخ فيه عن ابن عباس وابن عمر

وقيل : هو جمع صورة ، فإنّ الله يصوّر الخلق في القبور كما صوّرهم في أرحام الأُمّهات ، ثمّ ينفخ فيهم الأرواح كما نفخ وهم في أرحام أُمّهاتهم عن الحسن وأبي عبيدة

وقيل : إنّه ينفخ إسرافيل في الصور ثلاث نفخات : النفخة الأُولى نفخة الفزع ، والثانية نفخة الصعق يصعق من في السماوات والأرض بها فيموتون ، والثالثة نفخة القيام لربّ العالمين فيحشر الناس بها من قبورهم )(٢) .

فهذا كلام صاحب (مجمع البيان ) ، وأين اختيار القول الذي نسب إليه ؟

فقول الشيخ المجلسي : ( كما مرّ من الطبرسي ) يعني : كما مرَّ نقل هذا القول ـ الذي قاله غير الطبرسي ـ من الطبرسي ، حيث نقله في تفسيره ، لا أنّه قائل به ومعتقد له .

بل لعلّ في تقديمه القول الأوّل إشارة إلى اختياره له بل إنّ كلامه في تفسير الآية المذكورة صريح في ذلك ، فإنّه قال في (مجمع البيان ) :

(( وَنُفِخَ فِي الصّورِ ) وهو قرن ينفخ فيه إسرافيل

ووجه الحكمة في ذلك : إنّها علامة جعلها الله ليعلم بها العقلاء آخر أمرهم في دار التكليف ثمّ تجديد الخلق ، فشبّه ذلك بما يتعارفونه من بوق الرحيل والنزول ، ولا تتصوّره النفوس بأحسن من هذه الطريقة

وقيل : إنّ الصّور جمع صورة ، فكأنّه ينفخ

ـــــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار ٦ : ٣٣٦ .

(٢) بحار الأنوار ٦ : ٣١٨ .

٢٣٢

في صور الخلق )(١) .

ثمّ قال ـرحمه‌الله ـ : (( فَصَعِقَ مَن فِي السّماوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ ) أي : يموت من شدّة تلك الصيحة التي يخرج من الصور جميع من في السماوات والأرض ، يُقال : صعق فلان : إذا مات بحال هائلة شبيهةٍ بالصيحة العظيمة ) .

قال : (( ثُمّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى ) يعني : نفخة البعث ، وهي النفخة الثانية

وقال قتادة في حديثٍ رفعه : إنّ ما بين النفختين أربعين سنة

وقيل : إنّ الله تعالى يفني الأجسام كلّها بعد الصعق وموت الخلق ثمّ يعيدها

وقوله :( فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ ) إخبار عن سرعة إيجادهم ؛ لأنّه سبحانه إذا نفخ النفخة الثانية أعادهم عقيب ذلك ، فيقومون من قبورهم أحياء )(٢) .

وعلى هذا المنوال كلامه في تفسيره الآخر (جوامع الجامع ) في قوله تعالى :( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصّورِ ) (٣) : ( والصور قرن ينفخ فيه إسرافيل نفختين ، فيفنى الخلق بالنفخة الأُولى ويحيون بالثانية وعن الحسن إنّه جمع صورة )(٤) .

وقد قال في (مجمع البيان ) بتفسيرها : ( وأمّا الصور فقيل فيه إنّه قرن ينفخ فيه إسرافيلعليه‌السلام نفختين ، فيفنى الخلائق كلّهم بالنفخة الأُولى ويحيون بالنفخة الثانية ، فتكون الأُولى لانتهاء الدنيا والثانية لابتداء الآخرة

وقال الحسن : هو جمع صورة ، كما أنّ السور جمع سورة ، وعلى هذا فيكون معناه : يوم ينفخ الروح في الصور .

ويؤيّد الأوّل : ما رواه أبو سعيد الخدري عن النبيّ ( صلَّى الله عليه وآله

ـــــــــــــــــ

(١) مجمع البيان في تفسير القرآن ٨ : ٤٥٩ .

(٢) مجمع البيان ٨ : ٤٦٠ .

(٣) سورة الأنعام ٦ : ٧٣ .

(٤) جوامع الجامع ١ : ٥٨٤ .

٢٣٣

وسلَّم ) إنّه قال :

( كيف أنتم وقد التقم صاحب القرن وحنا جبينه وأصغى سمعه ينتظر أنْ يُؤمر فينفخ ؟

قالوا : فكيف نقول يا رسول الله ؟

قال :قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ) .

والعرب تقول : نفخ الصور ونفخ في الصور ، قال الشاعر :

لولا ابن جعدة لم يفتح قهندزكم

ولا خراسان حتّى ينفخ الصور )(١)

وكما أيّد القول الأوّل هنا بالحديث ، كذلك أيّده به بتفسير( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصّورِ ) حيث قال : ( وقد ورد ذلك في الحديث ) أي : إنّ القول الآخر لا مؤيّد له في الأحاديث ...

وقال بتفسير( فَإِذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ ) : ( الناقور فاعول من النقر ، كهاضوم من الهضم وحاطوم من الحطم ، وهو الذي من شأنه أن ينقر فيه للتصويت به ) قال :

( معناه : إذا نفخ في الصور ، وهي كهيئة البوق ، عن مجاهد

وقيل : إنّ ذلك في النفخة الأُولى وهو أول الشدّة الهائلة العامّة

وقيل : إنّه النفخة الثانية ، وعندها يحيي الله الخلق ، وتقوم القيامة وهي صيحة الساعة ، عن الجبائي )(٢) .

وعلى الجملة ، فإنّ التتبع في كلمات الشيخ الطبرسي في المواضع المختلفة من تفسيريه ، يفيد أنّ ما نُسب إليه من إنكار الصور بالمعنى بالمذكور من غرائب التوهّمات ، بل من عجائب الافتراءات .

حول كلام المفيد في معنى ( الصور )

وأمّا ما نُسب إلى الشيخ المفيد (رحمه‌الله ) من تأويل (الصور ) ، وأنّه يقول

ـــــــــــــــــ

(١) مجمع البيان ٤ : ٩٥ .

(٢) مجمع البيان ١٠ : ١٩١ و ١٩٥ .

٢٣٤

بأنّه جمع للصّورة ، ففيه كلام كذلك ، ومجرّد قول الشيخ المجلسي ( وسبقه الشيخ المفيد ) لا يكفي ، إذ يحتمل أن يكون مراده أنّ الشيخ المفيد قد سبق الشيخ الطبرسي في نقل القول المذكور عن بعض العامّة .

ولو سلّمنا أنّ الشيخ المفيد يجوّز أنْ يكون (الصور ) جمعاً للصورة ، فإنّه لا ينكر (الصور ) بمعنى (القرن ) الذي ينفخ فيه إسرافيلعليه‌السلام ، لثبوت ذلك في الكتاب والسنّة ، غاية ما هناك أنّه جوّز في بعض تلك الأدلّة أنْ يكون (الصور ) جمعاً للصورة ، وذلك لا يلازم إنكار كون المراد هو (القرن ) في البعض الآخر كما هو واضح ...

فإنْ كان الخصم في شكٍّ من هذا ، ذكرنا له كلام إمامه الفخر الرازي بتفسير قوله تعالى :( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصّورِ ) فإنّه يصدّق ما قلناه تماماً ، وهذا نصّه :

( المسألة الثالثة : قوله تعالى :( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصّورِ ) لا شبهة أنّ المراد منه يوم الحشر ، ولا شبهة عند أهل الإسلام أنّ الله سبحانه خلق قرناً ينفخ فيه ملك من الملائكة ، وذلك القرن مسمّى بالصور على ما ذكر الله هذا المعنى في مواضع من الكتاب الكريم ، ولكنّهم اختلفوا في المراد بالصّور في هذه الآية على قولين : الأوّل : إنّ المراد منه ذلك القرن الذي ينفخ فيه وصفته مذكورة في سائر السور ، والقول الثاني : إنّ الصور جمع صورة ، والنفخ في الصور عبارة عن النفخ في صور الموتى )(١) .

فلو فرض تفسير الشيخ المفيد لفظ (الصور ) في بعض الموارد بـ (جمع الصورة ) ، فإنّ هذا لا يستلزم كونه منكراً وجود (الصور ) بمعنى (النفخ ) ، وكيف

ـــــــــــــــــ

(١) تفسير الرازي ١٣ : ٣٣

٢٣٥

يجوز نسبة ذلك إليه ؟ والحال أنّ كلامه في (أجوبة المسائل السروية ) صريح في الاعتقاد بالصور

وهذه عبارة السؤال والجواب على ما نقل في (البحار ) :

( ما قوله ـ أدام الله تأييده ـ في عذاب القبر وكيفيّته ؟

ومتى يكون ؟

وهل تردّ الأرواح إلى الأجساد عند التعذيب أم لا ؟

وهل يكون العذاب في القبر أو يكون بين النفختين ؟

الجواب :

الكلام في عذاب القبر طريقه السمع دون العقل ، وقد ورد عن أئمّة الهدىعليهم‌السلام أنّهم قالوا :

( ليس يعذّب في القبر كلّ ميّت ، وإنّما يعذّب من جملتهم من محّض الكفر محضاً ، ولا ينعم كلّ ماض لسبيله ، وإنّما ينعم منهم من محّض الإيمان محضاً ، فأمّا سوى هذين الصنفين فإنّه يلهى عنهم )

وكذلك روي : أنّه لا يُسئَل في قبره إلاّ هذان الصنفان خاصّة ، فعلى ما جاء به الأثر من ذلك يكون الحكم ما ذكرناه .

فأمّا عذاب الكافر في قبره ، ونعيم المؤمنين فيه ، فإنّ الخبر ـ أيضاً ـ قد ورد بأنّ : الله تعالى يجعل روح المؤمن في قالب مثل قالبه في الدنيا في جنّة من جنانه ينعمه فيها إلى يوم الساعة ، فإذا نُفِخ في الصور أُنشىء جسده الذي بُلي في التراب وتمزّق ، ثمّ أعاده إليه وحشره إلى الموقف وأمر به إلى جنّة الخلد ، فلا يزال منعّماً ببقاء الله عزّ وجلّ ، غير أنّ جسده الذي يُعاد فيه لا يكون على تركيبه في الدنيا ، بل تعدّل طباعه وتحسّن صورته ، فلا يهرم مع تعديل الطباع ، ولا يمسّه نصبٌ في الجنّة ولا لغوب .

والكافر يجعل في قالب كقالبه في الدنيا ، في محلّ عذاب يعاقب به ونار يعذّب بها حتّى الساعة ، ثمّ أُنشئ جسده الذي فارقه في القبر ويعاد إليه ، ثمّ يعذّب به في الآخرة إلى الأبد ، ويركّب ـ أيضاً ـ جسده تركيباً لا يفنى معه ، وقد

٢٣٦

قال الله عزّ وجلّ اسمه :

( النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدّ الْعَذَابِ)

وقال في قصّة الشهداء :

 ( وَلاَ تَحْسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبّهِمْ يُرْزَقُونَ ) .

فدلّ أنّ العذاب والثواب يكونان قبل يوم القيامة وبعدها .

والخبر وارد بأنّه يكون مع فراق الروح الجسد من الدنيا ، والروح هاهنا عبارة عن الفعّال الجوهر البسيط ، وليس بعبارة عن الحياة التي يصحّ معها العلم والقدرة ؛ لأنّ هذه الحياة عرض لا يبقى ولا يصحّ الإعادة فيه .

فهذا ما عوّل عليه بالنقل وجاء به الخبر على ما بيّنّاه )(١) .

هذا كلام الشيخ المفيد ، وهو نصّ قاطع في أنّه غير منكر للصور ، بل ذكر عقيدته على أساس الأخبار المرويّة عن الأئمّة الأطهارعليهم‌السلام وجعلها المعوَّل عليه والمعتَمد .

ولا يتوهّم أنّ هذا الكلام أيضاً ، يحتمل كون المراد من الصور هو نفخ الأرواح في الأجساد ، وأنّ الصور جمع الصورة ؛ لأنّ هذا الإحتمال فاسد قطعاً ، وكلامه صريح في أنّ المراد من (الصور ) هو (القرن ) لا جمع الصورة ، ويدلّ على ذلك وجهان :

الأوّل : قوله : ( فإذا نفخ في الصور أُنشئ جسده ) فإنّه يدلّ بوضوحٍ على أنّ إنشاء الجسد إنّما يكون بعد نفخ الصور ، فنفخ الصور متقدّم على إنشاء الجسد الذي بلي في التراب وتمزّق ، وهذا مقتضى الشرط والجزاء ؛ فإنّ الجزاء متفرّعٌ على وجود الشرط متأخّرٌ عنه

ومن البديهي أنّه لو كان (الصور ) جمع الصّورة ، وكان المراد نفخ الأرواح في الأجساد ، لم يكن تأخّر إنشاء

ـــــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار ٦ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣ عن أجوبة المسائل السرويّة .

٢٣٧

الجسد ، وإلاّ لزم تأخّر الشيء عن نفسه ؛ لأنّ النفخ في الصور ـ على تقدير كون (الصور ) جمع الصورة ـ هو نفخ الأرواح في الأجساد ، فلابدّ من إنشاء الأجساد قبل النفخ حتى ينفخ فيها الأرواح .

الثاني : إنّ لفظة ( ثمّ ) في قوله : ( ثمّ أعاد إليه وحشره إلى الموقف ) صريحٌ في تأخّر إعادة الروح إلى الجسد ، عن نفخ الصور وإنشاء الجسد ، كما هو ظاهر لفظة ( ثمّ ) الموضوعة للتراخي والبعديّة ، ولا ريب أنّ أعادة الروح إلى الجسد هو عين نفخ الروح فيه فلو كان المراد من( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصّورِ ) هو جمع الصورة ، وكان المراد من النفخ هو نفخ الأرواح في الأجساد ، لزم تأخّر الشيء عن نفسه .

وتلخّص : أنّ الشيخ المفيد (رحمه‌الله ) يقول بوجود الصور بمعنى القرن ، وبوقوع النفخ فيه كما دلّت عليه الأدلّة ، وقد أشار إليها في جواب السؤال ونصَّ على الاعتماد عليها فلا يجوز نسبة غير ذلك إليه ألبتّة .

عقيدة الحسن البصري وأبي عبيدة

لكنّها عقيدة الحسن البصري وأبي عبيدة وغيرهما من أهل السنّة ، وقد نصّ غير واحدٍ من أعلام القوم على أنّها خلاف ما عليه أهل السنّة والجماعة :

قال العيني في (عمدة القاري ) بشرح قول البخاري : ( باب نفخ الصور ) :

( الصور ، وهو بضمّ الصاد وسكون الواو ، وذكر عن الحسن أنّه قرأها بفتح الواو جمع الصورة ، وتأوّله على أنّ المراد النفخ في الأجسام ليعاد إليها الأرواح

قال الأزهري : إنّه خلاف ما عليه أهل السنّة والجماعة )(١) .

ـــــــــــــــــ

(١) عمدة القاري بشرح البخاري ٢٣ : ٩٨ باب نفخ الصور .

٢٣٨

بل هو عقيدة جماعة

وليس هذا قول الحسن وحده ، ففي (فتح الباري ) ما نصّه :

( باب نفخ الصور ، تكرّر ذكره في القرآن ، في الأنعام والمؤمنين والنمل والزمر وقاف وغيرها ، وهو بضمّ المهملة وسكون الواو ، وثبت كذلك في القراآت المشهورة والأحاديث ، وذكر عن الحسن البصري أنّه قرأها بفتح الواو جمع صورة ، وتأوّله على أنّ المراد النفخ في الأجساد ليعاد إليها الأرواح

وقال أبو عبيدة في المجاز : يقال الصور يعني بسكون الواو جمع صورة ، كما يقال سور المدينة جمع سورة

قال الشاعر :

لمّا أتى خــبر الزبير

تواضعت صور المدينة

فيستوي معنى القراءتين .

وحكى مثله الطبري عن قوم وزاد : كالصوف جمع صوفة .

قالوا : والمراد بالنفخ في الصور ـ وهي الأجساد ـ أن تعاد فيها الأرواح ، كما قال تعالى :( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رّوحِي ) .

وتعقّب قوله : جمع ، بأنّ هذه أسماء أجناس لا جموع .

وبالغ النحّاس وغيره في الردّ على التأويل المذكور .

وقال الأزهري : إنّه خلاف ما عليه أهل السنّة والجماعة )(١) .

وقال الرازي في (تفسيره ) :

( اعلم : إنّ الله سبحانه لمّا قال :( وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) ذكر أحوال ذلك اليوم ، فقال :( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصّورِ ) وفيه ثلاثة أقوال :

أحدها : إنّ الصور آلة ، إذا نفخ فيها يظهر صوتٌ عظيم جعله الله علامةً

ـــــــــــــــــ

(١) فتح الباري في شرح البخاري ١١ : ٣٠٨ باب نفخ الصور .

٢٣٩

لخراب الدنيا وإعادة الأموات

روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّه قرن ينفخ فيها .

وثانيها : إنّ المراد من الصور مجموع الصور ، والمعنى : فإذا نفخ في الصور أرواحها ، وهو قول الحسن ، وكان يقرأ بفتح الواو ، وبالفتح والكسر عن أبي رزين ، وهو حجّة لمن فسّر الصّور بجمع صورة .

وثالثها : إنّ النفخ في الصور استعارة ، والمراد منه البعث والحشر .

والأولى الأوّل )(١) .

وقال ابن الأثير في (النهاية ) :

( وفيه ذكر النفخ في الصور ، هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيلعليه‌السلام عند بعث الموتى إلى المحشر

وقال بعضهم : إنّ الصور جمع صورة ، يريد صور الموتى ينفخ فيه الأرواح ، والصحيح الأوّل ؛ لأنّ الأحاديث تعاضدت عليه تارةً بالصور وتارةً بالقرن )(٢) .

وقال محمد طاهر في (مجمع البحار ) :

( ونفخ في الصور ، هو قرن ينفخ فيه إسرافيلعليه‌السلام عند بعث الموتى إلى المحشر ، وقيل : هو جمع صورة يريد صور الموتى ينفخ فيها الأرواح ، والصحيح الأوّل لتظاهر الأحاديث فيه )(٣) .

وفي (الصحاح ) :

( الصور القرن قال الراجز :

ـــــــــــــــــ

(١) تفسير الرازي ٢٣ : ١٢١ .

(٢) النهاية في غريب الحديث والأثر ( صور ) .

(٣) مجمع البحار ( صور ) .

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

عن الأصبغ بن نُباتة: عن عليٍّ في قول الله تعالى:( ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللهِ ) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[ أنت الثواب، وأصحابك الأبرار ] (١)

سورة آل عمران الآية ٢٠٠

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )

أخرج الحافظ الحاكم الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل(٢) قال:

أخبرنا أبو (محمّد) الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني قال: أخبرنا علي بن محمّد بن عبيد الحافظ قال: حدّثني الحسين بن الحكم الحبري قال: حدّثنا حسن بن حسين قال: حدّثنا حبّان، عن الكلبي عن أبي صالح:

عن ابن عباس في قوله:( ثُمَّ أنزل عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا ) ، نزلت في عليّ، غشيه النعاس يوم أحد.

وقوله:( وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) ، نزلت في رسول الله خاصّة واهل بيته.

وقوله:( الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّـهِ وَالرَّ‌سُولِ ) الآية، نزلت في عليٍّ وتسعة نفر معه بعثهم رسول الله في أثر أبي سفيان حين ارتحل، فاستجابوا لله ورسوله.

وقوله:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا اصْبِرُوا ) (أي) أنفسكم( وَصَابِرُ‌وا ) (أي في جهاد) عدوّكم( وَرَ‌ابِطُوا ) (أي) في سبيل الله، ونزلت في رسول الله وعليّ وحمزة بن عبد المطّلب.

وكذلك فقد أخرج الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل(٣) قال:

حدّثنا أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز المهلبي، أنّ أبا القاسم الطبراني كتب إليه تحت ختمه قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاّق، عن معمر، عن الزهري، (عن أنس بن مالك).

____________________

(١) تفسير العيّاشي: ج ١ /٣٥٨: ٨٣٤ وفيه: (وأنصارك الأبرار)

(٢) شواهد التنزيل: ج ١ ص ٢٠٧ ط ٣ في الحديث ١٨٨.

(٣) شواهد التنزيل: ج ١ ص ٢١٣ ط ٣ في الحديث ١٩٣.

٢٦١

عن ابن عباس قال في تفسيره:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا اصْبِرُ‌وا وَصَابِرُ‌وا ) على محّبة عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

وكذلك أيضاً روى الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل(١) قال:

أخبرونا عن أبي بكر السبيعي قال: حدّثنا علي بن محمّد الدهّان والحسين بن إبراهيم الجصّاص، قالا: حدّثنا الحسين بن الحكم(٢) قال: حدّثنا حسن بن حسين قال: حدّثنا حبّان، عن الكلبي عن أبي صالح:

عن ابن عباس (في) قوله:( اصْبِرُ‌وا ) (يعني) في أنفسكم( وَصَابِرُ‌وا ) (يعني مع) عدوّكم( وَرَ‌ابِطُوا ) في سبيل الله( وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) نزلت في رسول الله وعليّ وحمزة بن عبد المطّلب رضي الله (تعالى) عنهم.

____________________

(١) شواهد التنزيل: ج ١ ص ٢١٤ ط ٣، في الحديث ١٩٤.

(٢) رواه الحبري في آخر سورة آل عمران الورق ٨ ب.

٢٦٢

سورة النساء

سورة النساء الآية ١

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) .

أخرج الحسين بن الحكم الحبري الكوفي في كتاب (ما نزل من القرآن في أهل البيتعليهم‌السلام ) قال:

حدّثنا علي بن محمّد، قال: حدّثني الحسين بن الحكم الحبري، قال: حدّثنا حسن بن حسين، قال: حدّثنا حبّان (أو حبّاني في نسخة أخرى) عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله:( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) الآية. نزلت في رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته وذوي أرحامه، وذلك أنَّ كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلّا ما كان من سببه ونسبه.

( إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) يعني حفيظاً.

وأورد الحافظ الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل(١) قال:

أخبرنا أبو (محمّد) الحسن بن علي الجوهري قال: أبو عبـ(يـ)ـد الله محمّد بن عمران المرزباني قال، أخبرنا علي بن محمّد بن عبيد الحافظ، قال: حدّثني الحسين بن الحكم الحبري قال: حدّثنا حسن بن حسين، قال: حدّثنا حبّان، عن الكلبي عن أبي صالح:

عن ابن عباس في قوله:( ثُمَّ أنزل عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا ) (٢)

نزلت في عليّ، غشيه النعاس يوم أحد.

وقوله:( وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) (٣) نزلت في رسول الله خاصّة وأهل بيته.

____________________

(١) شواهد التنزيل: ج ١ ص ٢٠٧ ط ٣، في الحديث ١٨٨.

(٢) آل عمران: الآية ١٥٤.

(٣) آل عمران: الآية ١٨٦.

٢٦٣

وقوله:( الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ ) (١) الآية، نزلت في عليٍّ وتسعة نفر معه بعثهم رسول الله في أثر أبي سفيان حين ارتحل، فأستجابوا لله ورسوله.

وقوله:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا اصْبِرُوا ) أنفسكم( وَصَابِرُوا ) (أي في جهاد) عدوّكم( وَرَابِطُوا ) (٢) في سبيل الله، نزلت في رسول الله وعليّ وحمزة بن عبد المطّلب.

وقوله:( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ) نزلت في رسول الله وأهل بيته وذوي أرحامه، وذلك أنّ كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلّا ما كان من سببه ونسبه( إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) يعني حفيظاً.

(قال الحسكاني: هذه الأحاديث المنقولة عن تفسير الحبري) أنا جمعته وقد عرّفه بالإسناد المذكور.

وأنّ الحبري قد روى في الحديث ١٠ من تفسيره -الورق ٧/ب، مضمون حديث -الحسكاني- أعلاه- ١

سورة النساء الآية ٢٩

( وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) .

أخرج الحافظ الحاكم الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل: ج ١ ص ٢١٥ ط ٣، في الحديث المرقم ١٩٥ قال:

أخبرنا أبو العباس الفرغاني، قال: أخبرنا أبو المفضّل الشيباني، قال: حدّثنا علي بن محمّد بن مخلد أبو الطيّب الجعفي الدهّان قال: حدّثنا يحيى بن زكريا بن شيبان، قال: حدّثنا محمّد بن عمر المازني قال: حدّثنا عباد بن صهيب الكُلَيبي عن كامل أبي العلاء، عن أبي صالح:

عن ابن عباس في قول الله تعالى:( وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ) قال: لا تقتلوا أهل نبيّكم.

والحديث رواه أيضاً ابن المغازلي تحت الرقم ٣٦٢ من كتاب مناقب عليّعليه‌السلام ، ص ٣١٨ قال:

____________________

(١) آل عمران: الآية ١٧٢.

(٢) آل عمران: الآية ٢٠٠.

٢٦٤

أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبد الوهّاب إجازةً أنَّ أبا أحمد عمر بن عبد الله بن شوذب أخبرهم (قال:) حدّثنا جعفر بن محمّد الخلدي، حدّثنا قاسم بن محمّد بن حماد، حدّثنا جندل بن والق، عن محمّد بن عمر المازني، عن (عباد بن صهيب) الكليبي، عن كامل أبي علاء، عن أبي صالح (السمّان):

عن ابن عباس في قول الله عزّ وجلّ:( وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) . قال: لا تقتلوا أهل بيت نبيّكم، إنّ الله عزّ وجلّ يقول في كتابه:( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّـهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) قال: (و)كان ابناء هذه الأمّة (كذا) الحسن والحسين، ونساؤها فاطمة وأنفسهم النبيّ وعليّ.

وكذلك فقد رواه مختصرا ً فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره للآية الكريمة في الحديث ٨٤ من تفسيره ص ٢٩.

وكذلك فقد أورد الحافظ الحاكم الحسكاني في الحديث المرقم ١٩٦ ج ١ ص ٢١٦ ط ٣. قريباً منه، قال:

أخبرونا عن القاضي أبي الحسين محمّد بن عثمان النصيبي قال: أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن صالح السبيعي قال: حدّثنا علي بن جعفر بن موسى قال: حدّثني جندل بن والق قال: حدّثنا محمّد بن عمر، عن عباد، عن كامل، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قول الله (تعالى):( وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ) قال لا تقتلوا أهل بيت نبيّكم إنّ الله (تعالى) يقول:( تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) وكان أبناؤنا الحسن والحسين، وكان نساؤنا فاطمة وأنفسنا النبيّ وعليعليهم‌السلام .

والشيخ الطوسي روى الحديث في أواخر أحاديث أبي عمر بن مهدي في أواسط الجزء ١٠ من كتاب الأمالي ص ٢٧٨.

٢٦٥

سورة النساء الآية ٥٤

( فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ) .

أخرج الحافظ الحاكم الحسكاني الحديث ٢٠١ في شواهد التنزيل: ج ١ ص ٢٢٣ ط ٣ قال:

أخبرنا أبو نصر محمّد بن عبد الواحد بن أحمد اللحياني قال: أخبرنا أبو محمّد (عبد الله) بن أحمد بن أبي حامد الشيباني أخبرنا أبو علي أحمد بن محمّد بن علي الباشاني قال: حدّثني الفضل بن شاذان قال: أخبرنا محمّد بن أبي عمـ(يـ)ر الأزدي الثقة المأمون، عن هشام بن الحكم:

عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام في قوله:( وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ) قال:[جعل فيهم أئمّة من أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله ].

رواه جماعة عن جعفر.

وأخرجه أيضاً ابن المغازلي في الحديث ٣١٧ من مناقبه، كما أخرجه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص ٩٣ عند ذكره للآية الكريمة، وكذلك رواه الشيخ عبد الله في أرجح المطالب ص ٧٦.

وأورد الحافظ الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل(١) قال:

أبو النضر العيّاشي قال: حدّثنا جعفر بن أحمد، قال: حدّثني ابن شجاع عن محمّد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن قريب، عن أبي خالد الكابلي:

عن أبي جعفر في قول الله:( وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ) قلت: ما هذا الملك العظيم؟ فقال:[أن جعل فيهم أئمّة من أطاعهم أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله، فهذا ملك عظيم].

وأورد الحسكاني الحديث ٢٠٣ من شواهده ص ٢٢٤ ط ٣، قال:

قال: حدّثنا محمّد بن الحسين، عن الحسن بن خرّزاد، عن البرقي، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيه، عن أبي خالد، به سواء.

وأورد الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل(٢) قال:

أخبرنا أبو (محمّد) الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عبـ(يـ)ـد الله محمّد بن عمران المرزباني قال: أخبرنا علي بن محمّد بن عبيد الحافظ قال: حدّثني الحسين بن الحكم الحبري قال: حدّثنا حسن بن حسين قال: حدّثنا حّبان، عن الكلبي عن أبي صالح:

____________________

(١) شواهد التنزيل: ج ١ ص ٢٢٣ ط ٣ في الحديث ٢٠٢.

(٢) شواهد التنزيل: عند الرقم ١٨٨ ج ١ ص ٢٠٧ ط ٣.

٢٦٦

عن ابن عباس في قوله:( ثُمَّ أنزل عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا ) (١)

نزلت في عليّ، غشيه النعاس يوم أحد.

وقوله:( وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) (٢) نزلت في رسول الله خاصّة وأهل بيته.

وقوله:( الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ ) (٣) الآية، نزلت في عليٍّ وتسعة نفر معه بعثهم رسول الله في أثر أبي سفيان حين ارتحل، فأستجابوا لله ورسوله.

وقوله:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا اصْبِرُوا ) (أي) أنفسكم( وَصَابِرُوا ) (أي في جهاد) عدوّكم( وَرَابِطُوا ) (٤) (أي) في سبيل الله، نزلت في رسول الله وعليّ وحمزة بن عبد المطّلب.

وقوله:( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ) (٥) نزلت في رسول الله وأهل بيته وذوي أرحامه، وذلك أنَّ كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلّا ما كان من سببه ونسبه( إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) يعني حفيظاً.

وقوله:( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللهُ ) (٦) الآية نزلت في رسول الله خاصّة ممّا أعطاه الله من الفضل.

إلى آخر الحديث... الخ.

وأورد الحافظ الشيخ رضي الدين البرسي في كتاب الدرّ الثمين ص ٧١ قال:

وبّخ أعداءه الذين حسدوه على ما فضّل الله عليه وقالوا لا تجتمع النبوّة والملك في بيت واحد فقال:( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ ) فكذّبهم وقال:( فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ) والملك العظيم هو الأمّة الباقي حكمها إلى يوم القيامة.

____________________

(١) من آل عمران: الآية ١٥٤.

(٢) آل عمران: الآية ١٨٦.

(٣) آل عمران: الآية ١٧٢.

(٤) آل عمران: الآية ٢٠٠.

(٥) النساء: الآية ١.

(٦) النساء: الآية ٥٤.

٢٦٧

سورة النساء الآية ٥٤

( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ ) .

أورد الحافظ الحاكم الحسكاني، الحديث ١٩٧ في شواهد التنزيل(١) ، قال:

أبو القاسم عبد الرحمان بن محمّد الحسني قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم الكوفي قال: حدّثني جعفر بن محمّد بن سعيد الأحمسي قال: حدّثنا الحسن بن الحسين العرنى، عن يحيى بن علي الربعي عن أبان بن تغلب.

عن جعفر بن محمّد في قوله تعالى:( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ ) قال:[نحن المحسودون].

وأخرج الحسكاني في حديثه ١٩٨ ج ١ ص ٢١٧ ط ٣، قال:

أبو النضر العيّاشي قال: حدّثنا محمّد بن حاتم قال: حدّثنا منصور بن أبي مزاحم قال: حدّثنا أبو سعيد المؤدّب: عن ابن عباس في قوله تعالى:( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ ) قال:[نحن الناس المحسودون وفضله النبوّة].

والحديث المذكور هذا هو في تفسير العيّاشي: ج ١ /٤٠٥: ١٠٠٠.

والحديث رواه السيد هاشم البحراني في تفسيره البرهان: ج ١ ص ٣٧٨ ط ٢ بروايته عن العيّاشي.

والآية ٦ التي ذكرها ابن حجر في الصواعق المحرقة ص ٩٣.

وأوردها الشيخ عبيد الله في أرجح المطالب ص ٧٦.

ووردت في الباب: ٦٠ من كتاب غاية المرام للسيد هاشم البحراني ص ٢٦٨.

وروى جمال الدين أبو الفتوح الرازي، عن أبي عبد الله المرزباني بإسناده، عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله (تعالى):( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ ) (قال:) نزلت في رسول الله وفي عليّ.

____________________

(١) شواهد التنزيل: ج ١ ص ٢١٧ ط ٣.

٢٦٨

وقد رواه عنه ابن شهر آشوب في عنوان: (فصل في حسّاده) للإمام عليعليه‌السلام ، من مناقب آل أبي طالب: ج ٣ ص ١٥.

وكذلك فقد روى الحديث ابن المغازلي في الرقم: ٣١٤ من مناقب أمير المؤمنين ص ٢٦٧ قال:

أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن الطيّب الواسطي أذنا، حدّثنا أبو القاسم الصفّار، حدّثنا عمر بن أحمد بن هارون، حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي، حدّثنا يعقوب بن يوسف، حدّثنا أبو غسان، حدّثنا مسعود بن سعيد، عن جابر:

عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر، في قوله تعالى:( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ ) فقال:[نحن الناس].

ورواه أيضاً أبو عمر بن مهدي بطريقين في أواسط أحاديثه من الجزء العاشر من أمالي الطوسي ص ٢٧٨.

ورواه أيضاً ابن بطريق في العمدة ص ٣١٧.

وكذلك فقد رواه السيد هاشم البحراني في الحديث ٢٩ من تفسير الآية من تفسيره البرهان: ج ١ ص ٣٧٩.

ورواه الشيخ المفيد في الحديث ٦ قريباً منه، من المجلس ١٩ أماليه ص ٩٩.

وأورد الحافظ الحاكم الحسكاني -حديثه المرقم ١٩٩ من كتابه شواهد التنزيل: ج ١ ص ٢١٨ ط ٣، قال:

(وعن) حمدويه قال: حدّثنا أيّوب بن نوح بن درّاج، عن محمّد بن الفضـ(يـ)ـل، عن أبي الصباح قال:

قال لي جعفر بن محمّد:[يا (أ)با الصباح أما سمعت الله يقول في كتابه يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله ؟ الآية. قلت: بلى، أصلحك الله، قال:نحن والله هم، نحن والله المحسودون].

٢٦٩

وقد روى العيّاشي في تفسيره:

ج ١ /٤٠٥: ٩٨٥، الحديث وفيه[يا أبا الصباح نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال، ولنا صفوا المال ونحن الراسخون في العلم، ونحن المحسودون الذين قال الله في كتابه: أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله]

وأخرج الحافظ الحاكم الحسكاني في الحديث المرقم ٢٠٠ في شواهد التنزيل(١) قال:

أخبرنا عمرو بن محمّد بن أحمد العدل قال: أخبرنا زاهر بن أحمد، قال: أخبرنا محمّد بن يحيى المراق قال: حدّثنا أحمد يزيد قال: حدّثنا أحمد بن يحيى قال: حدّثنا العباس بن هشام، عن أبيه قال: حدّثني أبي قال: نظر خزيمة إلى عليّ بن أبي طالب، فقال (له) عليّعليه‌السلام :[أما ترى كيف أحسد على فضل الله بموضعي من رسول الله ومارزقنيه الله من العلم فيه؟ ].

فقال خزيمة:

رأوا نعمة الله ليست عليهم

عليك وفضلاً بارعاً لا تنازعه

من الدين والدنيا جميعاً لك المنى

وفوق المنى أخلاقه وطبايعه

فعضّوا من الغيظ الطويل أكفّهم

عليك ومن لم يرض فالله خادعه

وذكر ابن الأعرابي في كتاب معجم الشيوخ الورق ٥٤/ب/ قال: أنبانا الغلابي، أنبأنا ابن عائشة، أنبأنا إسماعيل بن عمرو البجلي، عن عمرو بن موسى، عن زيد بن عليّ عن آبائه:

عن عليّ قال:[شكوت إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله‌ حسد الناس إيّاي، فقال: يا عليّ أما ترضى أنّ أوّل أربعة يدخلون الجنّة أنا وأنت والحسن والحسين، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا، وذرارينا خلف أزواجنا، وأشياعنا من ورائنا].

ورواه أيضاً أبو المعاني محمّد بن محمّد بن زيد العلوي السمر قندي -المترجم في عنوان [الحسيني] من سير أعلام النبلاء: ج ١٨، ص ٥٢٠ في المجلس: ١٣ من كتابه عيون الأخبار الورق ٤٣/ب/ قال:

حدّثنا عثمان بن محمّد بن يوسف العلّاف، حدّثنا محمّد بن عبد الله البزّاز، حدّثنا محمّد بن غالب، عن ابن عائشة...

____________________

(١) شواهد التنزيل: ج ١ ص ٢١٩ ط ٣.

٢٧٠

وكذلك فقد رواه أيضاً أحمد بن مالك القطيعي في الحديث: ١٩٠ من فضائل أمير المؤمنين ص ١٢٨ ط ١ وفي مخطوطة تركيّا الورق -١١٣/ب/ قال:

(حدّثنا) محمّد بن يونس قال: حدّثنا عبيد الله بن عائشة، قال: أخبرنا إسماعيل بن عمرو، عن عمر بن موسى، عن زيد بن علي بن حسين عن أبيه عن جدّه:

عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال:[شكوت إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حسد الناس إيّاي، فقال: أما ترضى أن تكون رابع أربعة؟! أوّل من يدخل الجنّة أنا وأنت والحسن والحسين، وأزواجنا عن أيماننا وعن شمائلنا وذرارينا خلف أزواجنا وشيعتنا من ورائنا]

وكذلك رواه العصامي في الحديث ٨٥ من باب فضائل عليّعليه‌السلام في ختام ترجمته من كتاب سمط النجوم(١) نقلاً عن أحمد في كتاب المناقب وأبي سعيد في كتاب شرف النبوّة وما يلي نصه:

عن عبد الله بن عمر قال: بينا أنا عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وجمع المهاجرين والأنصار - إلّا من كان في سرية- أقبل عليٌّ يمشي وهو متغضب فقال (رسول الله:)[من أغضب هذا فقد أغضبني. فلمّا جلس قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:ما لك يا عليُّ؟ قال:أذاني بنو عمّك ؟ قال:أما ترضى أن تكون معي في الجنّة والحسن والحسين وذريّاتنا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرياتنا، وأشياعنا عن أيماننا وشمائلنا].

وذكر في الصفحة ٢٤٣، وقال خزيمه بن ثابت ذو الشهادتين من قصيدة...

وكذلك فقد رواه الحديث بسنده الحمّوئي في الباب ٩ من السمط الثاني من كتابه فرائد السمطين: ج ٢ ط ٢، عن -العصامي -.

ونورد هنا ما يناسب الرواية، ما رواه العسكري في أواخر الباب الرابع في عنوان: (أوّل من ضرب يده على يد النبيّ في ابتداء أمر نبوّته) من كتاب الأوائل ص ١٥٠ ثمّ قال.

أخبرنا أبو أحمد عن أبي بكر ابن دريد، عن عليٍّ العكلي عن أبي خالد، عن الهيثم بن عدي قال: قام أبو الهيثم بن التّيهان خطيباً بين يدي عليّ بن أبي طالب...

إنَّ أبا الهيثم بن التّيهان قام خطيباً بين يدي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فقال: إنَّ حسد قريش إيّاك على وجهين: أمّا خيارهم فتمنّوا أن يكونوا مثلك منافسة في الملا (كذا) وارتفاع الدرجة.

____________________

(١) سمط النجوم: ج ٢ ص ٤٩٤.

٢٧١

وأمّا شرارهم فحسدو(ك) حسداً أثقل القلوب وأحبط الأعمال وذلك أنّهم رأوا عليك نعمة قدّمها إليك الحظّ وأخرّهم عنها الحرمان فلم يرضوا أن يلحقوا حتّى طلبوا أن يسبقوك فبعدت والله عليهم الغاية وقطعت المضمار، فلمّا تقدّمتهم بالسبق وعجزوا عن اللحاق، بلغوا منك ما رأيت وكنت والله أحقّ قريش بشكر قريش نصرت نبيّهم حيّاً وقضيت عنه الحقوق ميتاً، والله ما بغيهم إلّا على أنفسهم ولا نكثوا إلّا بيعة الله، يد الله فوق أيديهم فيها، ونحن معاشر الأنصار أيدينا وألسنتنا معك، فأيدينا على من شهد، وألسنتنا على من غاب.

وهكذا روى الحديث عنه السيد ابن طاووس في الإقبال كما في الباب ١٥ من البحار: ج ٨ ص ٩٩.

وكذلك فقد رواه السيد طاب ذكراه في أواخر كتاب الطرائف المخطوط ص ٣٧٩.

وقد أورده ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق(١) من ترجمة أمير المؤمنين والحديث ١٢٨ من باب الأربعة من كتاب الخصال: ص ٢٥٤.

وفيما يلي ما رواه أبو الوفاء ريحان بن عبد الواحد الخوارزمي في الحديث: ١٤١٣ من الباب ٨٨ في ذم الحسد من المناقب والمثالب: ص ٣٩٥ قال: وقال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه يوماً حين اشتدَّ الأمر بينه وبين معاوية.

[لست أجد لهؤلاء القوم مساغاً إلى محاربتي من طريق الكتاب والشرع إلّا ما داخلهم من الحسد، فلي سابق في الإسلام وموضعي من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وما رزقني الله تعالى من العلم].

فقال خزيمة (بن ثابت ذو الشهادتين): يا أمير المؤمنين.

رأوا نعمة الله ليست عليهم

عليك وفضلاً بارعاً لا تنازعه

من الدين والدنيا جميعاً لك المنى

وفوق المنى أخلاقه وطبايعه

فعضّوا على الغيظ الطويل أكفّهم

عليك ومن لم يرض فالله خادعه

____________________

(١) تاريخ دمشق: ج ٢ ص ٣٢٩ ط ٢.

٢٧٢

وروى الحديث أيضاً الثعلبي بسنده في تفسير آية المودة من تفسيره: ج ٤/الورق ٣٢٨/ب/.

ورواه أيضاً سبط بن الجوزي في كتابه تذكرة الخواص: ص ٣٢٣.

ورواه أيضاً محمّد بن سليمان الكوفي في الحديث: ٢٩٥ من مناقب علي الورق ٩٦ب/ ومن ط ١: ج ١ ص ٣٢٢ قال:

(حدّثنا) محمّد بن منصور، عن الحكم بن سليمان، عن شريك، وعن مسروق، عن أبي خالد، عن زيد بن علي عن آبائه قال:

قال عليّ:[شكوت إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حسد بني أميّة والنّاس إيّاي فقال: أما ترضى [يا] عليُّ أنَّك أخي ووزيري وأوّل أربعة يدخلون الجنّة أنا وأنت والحسن والحسين وذريّتنا خلف ظهورنا ].

وقد ذكر الحديث أيضاً ابن حجر الهيثمي في كتابه -الصواعق المحرقة- ص ١٥٠ وأقرَّ واعترف أنَّ هذه الآية الكريمة، من الآيات النازلة في أهل بيت النبوّة عليهم السلام وقال: أخرج أبو الحسن ابن المغازلي، عن الباقرعليه‌السلام أنّه قال في هذه الآية:[نحن الناس والله. أي المحسودون].

وفي إسعاف الراغبين: ص ١١٨ بهامش نور الأبصار قال الصبان: وأخرج بعضهم عن الباقر في قوله تعالى:( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ ) أنّه قال:[أهل البيت هم الناس].

وكذلك فقد أورد الشيخ سليمان القندوزي في كتابه ينابيع المودّة: ص ١٣١ في تفسير قوله تعالى:( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ ) : أخرج ابن المغازلي، عن أبي صالح، عن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما قال: هذه الآية نزلت في النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وفي عليّعليه‌السلام .

وأورد الشيخ الأميني في كتابه (الغدير)(١) .

عند روايته الأشعار قالها الحمّاني في قوله:

محسَّدون ومن يعقد بحبّهم

حبل المودّة يضحى وهو محسود

____________________

(١) الغدير: ج ٣ ص ٨٨ ط الأعلمي بيروت.

٢٧٣

ولعلّ قوله: محسَّدون إشارة إلى قوله تعالى:( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ ) وقد ورد فيها أنَّهم الأئمّة من آل محمّد. قال ابن أبي الحديد في شرح النهج: ج ٢ ص ٢٣٦ أنّها نزلت في عليٍّعليه‌السلام وما خصَّ به من العلم.

وأخرج ابن حجر الهيثمي في الصواعق: ص ٩١ عن الباقرعليه‌السلام أنّه قال في هذه الآية: [نحن الناس والله ]:

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه

فالناس أعداءُ له وخصومُ

كضرائر الحسناء قلن لوجهها

حسداً وبغضاً انّه لدميمُ

وأخرج الفقيه ابن المغازلي في [المناقب] عن ابن عباس: أنّ الآية نزلت في النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وعليرضي‌الله‌عنه . وقال الصبّان في إسعاف الراغبين، هامش نور الأبصار ص ١٠٩: أخرج بعضهم عن الباقر في قوله تعالى:( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ ) . انّه قال:[أهل البيت هم الناس].

والشيخ محمّد حسن المظفَّر قد أوضح في كتاب دلائل الصدق: ص ٢٠١ قال بعد أن أورد رواية ابن المغازلي عن الإمام الباقرعليه‌السلام ، قال الشيخ المظفر: فإنّ المراد بـ( مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ ) هو: العلم والهدى والفهم والحكمة ونحوها من الصفات والفضائل التي هي شأن محمّد صلّى الله عليه وآله وعليّعليه‌السلام ، لا أمور الدنيا الدنيّة ومن المعلوم أنّ إيتاء هذا الفضل لعليّعليه‌السلام الذي حسده الناس عليه، يستدعي الأفضلّية والإمامة وإلا لما حسدوه عليه، كما أنَّ مشاركتهعليه‌السلام للنبيّ صلّى الله عليه وآله في الفضل على الرواية الثانية، دليل على أنّ فضله من نوع فضل النبيّ صلّى الله عليه وآله فيكون الأفضل والأحقّ بخلافته.

(والمراد بالرواية الثانية هي ما أخرجها ابن المغازلي عن ابن عباس قال: هذا الآية نزلت في النبيّ صلّى الله عليه وآله وفي عليّعليه‌السلام )

٢٧٤

وأورد الشيرواني في كتاب ما روته العامّة من مناقب أهل البيتعليهم‌السلام في الفصل الثالث ص ٧٠، في الآيات النازلة في فضل الإمام عليّعليه‌السلام ، قال عن الفضيلة الثانية عشر:

قال ابن حجر الهيثمي في الصواعق: الآية السادسة قوله عزّ وجلّ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ ) أخرج أبو الحسن المغازلي عن الباقرعليه‌السلام أنّه قال في هذه الآية: [نحن الناس والله ](١) انتهى.

وفي هذه الآية مع ما تقدّمها وتأخرّ عنها دلالة واضحة على أنّ الأمر والإمامة لأهل البيت وآل محمّد صلّى الله عليه وآله، مع الاستدلال عليه والتوبيخ والتهديد للكافرين.

وذكر الشيخ الطبرسي في تفسيره مجمع البيان(٢) قال:

إنّ المراد بالناس النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وآله، عن أبي جعفرعليه‌السلام والمراد: بالفضل فيه النبوّة، وفي آله الإمامة، وفي تفسير العيّاشي بإسناده عن أبي الصباح الكناني قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :[ يا أبا الصباح: نحن قوم فرض الله طاعتنا لنا الأنفال، ولنا صفو المال، ونحن الراسخون في العلم، ونحن المحسدون الذين قال الله في كتابه: أم يحسدون الناس الآية قال: والمراد بالكتاب: النبوّة، وبالحكمة: الفهم والقضاء وبالملك العظيم: افتراض الطاعة ].

سورة النساء الآية ٥٧

( وَالَّذِينَ آمنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأنْهارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا )

أخرج السيد هاشم البحراني من كتابه غاية المرام، بروايته عن ابن شهر آشوب، وبإسناده عن عبد الله بن عباس، وأبي برزة، وابن شراحيل:

قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليّ مبتدياً:

[ ( وَالَّذِينَ آمنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) أنت وشيعتك، وميعادي وميعادكم الحوض]

وروى الحافظ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق - المعروف بأبي نعيم الأصبهاني، في حلية الأولياء: ج ١ ص ٦٥ من ترجمة أمير المؤمنين الإمام عليعليه‌السلام قال:

____________________

(١) الصواعق المحرقة: ص ١٥٢

(٢) مجمع البيان: ج ٢ ص ٦١ ط- دارإحياء التراث - بيروت.

٢٧٥

حدّثنا: محمّد بن عمر بن غالب، حدّثنا: محمّد بن أحمد بن أبي خيثمة، قال: حدّثنا: عبّاد بن يعقوب، حدّثنا: موسى بن عثمان الحضرمي، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله:[ما أنزل الله آية فيها: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلّا عليّ رأسها وأميرها].

وأورد العلّامة محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي الشافعي في ميزان الاعتدال(١) بإسناده عن عكرمة عن عبد الله بن عباس، قال: سمعته يقول:[ما نزلت آية فيها ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلّا عليّ رأسها وأميرها وشريفها، ولقد عاتب الله عزّ وجلّ أصحاب محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في غير أي من القرآن وما ذكر عليّاً إلّا بخير].

وأورد الحافظ رضي الدين البرسي في الدرِّ الثمين(٢) قال:

ثمَّ ذكر مقام أولياءهعليهم‌السلام فقال:( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) يعني بعليّعليه‌السلام .

( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) بعد إيمانهم( سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأنْهارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) بإيمانهم وتقواهم.

سورة النساء الآية ٥٩

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ )

فانّهم فسّروا أولوا الأمر بعليعليه‌السلام (٣) .

كما روى شيخ الإسلام أبو إسحاق إبراهيم بن سعد الدين ابن الحموية بإسناده في فرائد السمطين في السمط الأوّل من الباب الثامن والخمسين عن مناشدة الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام في المسجد النبويّ في خلافة عثمان وجماعة يتحدّثون، وفي الحلقة أكثر من مائتى رجل فيهم عليّ بن أبي طالب وسعد ابن أبي وقّاص، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحه، والزبير والمقداد وهاشم بن عتبة، وابن عمر، والحسن، والحسين، وابن عباس، ومحمّد بن أبي بكر، وعبد الله بن جعفر...

____________________

(١) ميزان الاعتدال: ج ٣ ص ٣١١.

(٢) الدرِّ الثمين: ص ٧٢.

(٣) كتاب العقائد الجعفرية: جعفر كاشف الغطاء، ص ٤١.

٢٧٦

فقال الإمام عليّ مناشداً:[أسألكم يا معشر قريش والأنصار..... إلى أن قال:فأنشدكم الله أتعلمون حيث نزلت: يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم؟ وحيث نزلت لم يتّخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجةً؟ قال الناس:يا رسول الله أخاصّة في بعض المؤمنين؟ أم عامّة لجميعهم؟ فأمر الله عزّ وجلّ نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يعلّمهم ولاة أمرهم، وأنْ يفسّر لهم من الولاية ما فسّر لهم من صلاتهم وزكاتهم وحجّهم وينصبني للناس بعد غديرهم. ثمّ خطب وقال:أيّها الناس إنّ الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أنَّ الناس مكذِّبي فأوعدني لأبلّغها أو ليعذّبني ثمّ أمر فنودي بالصلاة جامعة ثمّ خطب فقال: أيّها الناس أتعلمون أنّ الله عزّ وجلّ مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال قم يا عليّ. فقمت فقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه. فقام سلمان قال: يا رسول الله ولاءٌ كماذا؟ فقال ولاءٌ كولاي، من كنت أولى به من نفسه: فأنزل الله تعالى ذكره: اليوم أكملت لكم دينكم. الآية. فكبّر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقال: الله أكبر على تمام نبوّتي وتمام دين الله ولاية عليّ بعدي. فقام أبو بكر وعمر فقالا: يا رسول الله هولاء الآيات خاصّة في عليٍّ عليه‌السلام قال: بلى فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة قالا: يا رسول الله بيّنهم لنا. قال: عليّ أخي ووزيري ووارثي ووصيّي خليفتي في أمّتي وولىيّ كلّ مؤمن بعدي، ثمّ ابنى الحسن ثمّ الحسين ثمّ تسعة من ولد الحسين واحدً بعد واحد، القرآن معهم وهم مع القرآن لا يفارقونه حتّى يردوا علىّ الحوض. فقالوا كلّهم:أللّهم نعم: قد سمعنا ذلك وشهدنا كما قلت]. (١) .

وفي تفسير البرهان عن ابن شهر آشوب عن أنس بن مالك عمّن سمّى عن أبي صالح عن ابن عباس، في قوله تعالى( وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ ) يعني محمّداً( وَالصِّدِّيقِينَ ) يعني عليّاً وكان أوّل من صدّق( وَالشُّهَدَاءِ ) يعني عليّاً وجعفراً وحمزة والحسن والحسينعليهم‌السلام (٢) .

في تفسير البرهان، عن ابن بابويه بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري:

____________________

(١) كتاب الغدير: ج ١ ص ٢٠٦.

(٢) تفسير الميزان: ج ٤ ص ٤١٤.

٢٧٧

لماّ أنزل الله عزّ وجلّ على نبيّه محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) قلت: يا رسول الله عرفنا الله ورسوله فمن أولى الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: [هم خلفائي يا جابر وأئمّة المسلمين من بعدي: أوّلهم عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ علي بن الحسين، ثمّ محمّد بن علي المعروف في التوراة بالباقر، ستدركه يا جابر، فإذا لقيته فأقرأه منّي السّلام، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ عليّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثمّ سميِّ محمّد وكنيي حجّة الله في أرضه وبقيّته في عباده ابن الحسن بن عليّ ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيه على القول بإمامته إلّا من امتحن الله قلبه للأيمان.

قال جابر: فقلت له يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: أي والذي بعثني بالنبوّة إنّهم يستضيئون بنوره، وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشّمس وانْ تجلاها سحاب، يا جابر هذا من مكنون سرّ الله ومخزون علم الله، فأكتمه إلّا عن أهله].

(تفسير الميزان ج ٤ ص ٤٠٨) - للسيد الطباطبائي.(١)

وفي تفسير العيّاشي: عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) قال:[هي في عليٍّ وفي الأئمّة جعلهم الله مواضع الأنبياء، غير أنّهم لا يحلّون شيئاً ولا يحرّمونه].

وفي تفسير العيّاشي: في رواية أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال:[نزلت يعني: آية( أَطِيعُوا اللهَ )

في عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قلت له: إنّ الناس يقولون لنا: فما منعه أن يسمي عليّاً وأهل بيته في كتابه ؟ فقال أبو جعفر عليه‌السلام:قولوا لهم: إنّ الله أنزل على رسوله الصّلاة ولم يسم ثلاثاً ولا أربعاً حتّى كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هو الذي فسّر ذلك. وأنزل الحجّ ولم ينزّل طوفوا أسبوعاً حتّى فسّر ذلك لهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والله أنزل ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) تنزلت في عليٍّ والحسن والحسين عليهم‌السلام. وقال في عليٍّ من كنت مولاه فعليّ مولاه، وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم :

____________________

(١) كفاية الأثر: ٥٣، وأعلام الورى: ٣٧٥، وكمال الدين ج ١ ص ٢٥٣، وكشف الغمّة: ج ٣ ص ٢٩٩، ومناقب آل أبي طالب: ج ١ ص ٢٨٢.

٢٧٨

أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي إنّي سالت الله أن لا يفرّق بينهما حتّى يوردهما عليّ الحوض، فأعطاني ذلك، وقال: فلا تعلّموهم فانّهم أعلم منكم، إنّهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلال، ولو سكت رسول الله ولم يبيّن أهلها لأدّعى آل عباس وآل عقيل وآل فلان، ولكن أنزل الله في كتابه: ( إِنَّمَا يُرِ‌يدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّ‌جْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَ‌كُمْ تَطْهِيرً‌ا ) فكان عليّ والحسن والحسين وفاطمة عليهم‌السلام بتأويل هذه الآية، فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بيد عليّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم فأدخلهم تحت الكساء في بيت أمّ سلمة، وقال: اللّهم إنّ لكلّ نبي ثقلاً وأهلاً فهؤلاء ثقلي وأهلي، وقالت أمّ سلمة: ألست من أهلك؟ قال: إنّك إلى خير ولكن هؤلاء ثقلي وأهلي].

وفي تفسير البرهان عن ابن شهر آشوب عن تفسير مجاهد: أنّها نزلت في أمير المؤمنين حين خلَّفه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالمدينة فقال يا رسول الله:[أتخلّفني على النساء والصبيان؟ فقال: يا أمير المؤمنين أما ترضى أن تكون منّى بمنزلة هارون من موسى؟ حين قال له: ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ ) فقال الله: وأولي الأمر منكم.

قال: عليّ بن أبي طالب ولاّه الله أمر الأمّة بعد محمّد، وحين خلّفه رسول الله بالمدينة فأمر العباد بطاعته وترك خلافه].

وجاء في تفسير العيّاشي: عن عمر بن سعيد عن أبي الحسنعليه‌السلام مثله.

وفيه: عليّ بن أبي طالب والأوصياء من بعده، وعن ابن شهر أشوب: سال الحسن بن صالح عن الصادقعليه‌السلام ذلك فقال:[الأئمّة من أهل البيت] ثمّ قال: أقول: وروى مثله الصدوق عن أبي بصير عن الباقرعليه‌السلام وفيه قال: [الأئمّة من ولد عليّ وفاطمة إلى أن تقوم السّاعة].

وفي (الكافي) بإسناده عن بريد بن معاوية قال: تلا أبو جعفرعليه‌السلام : [( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) فإن خفتم تنازعاً في الأمور فارجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولى الأمر منكم].

٢٧٩

ونقل السيد أمير محمّد الكاظمي القزويني في كتابه: نقض الصواعق ص ٢٧٨، ما قاله قطب العارفين، وشيخ المؤرِّخين، البحّاثة عند أعلام السنّة، صاحب الفتوحات المكيّة، ابن عربي في الباب: ٣٦٦، ص ١٢٨، من اليواقيت والجواهر، للعارف عبد الوهّاب الشَعراني في المبحث ٦٥ من النسخة المطبوعة سنة ١٣١٧هـ أنّ الأئمّة من أهل البيت النبوي اثنا عشر إماما، وإنّ آخرهم المهديّ، وهو حيّ موجود، وقد اجتمع معه الكثير من علماء السنّة وسوف يخرج في آخر الزمان، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً(١) .

قال في ذلك الكتاب ما لفظه: واعلموا أنّه لابد من خروج المهديعليه‌السلام لكن لا يخرج حتّى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلاً، ولو لم يكن من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم، حتّى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من ولد فاطمةعليه‌السلام جدّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب، ووالده الحسن العسكري ابن الإمام علي النقيّ (النون) ابن الإمام محمّد التّقي (بالتاء) ابن الإمام عليّ الرضا ابن الإمام موسى الكاظم، ابن الإمام جعفر الصادق، ابن الإمام محمّد الباقر، ابن زين العابدين عليّ، ابن الإمام الحسين ابن الإمام عليّ بن أبي طالب، يواطئ اسمه اسم الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم يبايعه المسلمون بين الركن والمقام.

وهذا يتّفق مع ما أخرجه البخاري في صحيحة: ج ٤ ص ١٥٤ في باب (الأمراء من قريش ) في أوّل كتاب الأحكام. ومسلم في الباب نفسه، وغيرهم من أهل الصحاح كما مرّ عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:[لا يزال هذا الأمر من قريش ما بقى اثنان] وفي بعض الرواية:[من بني هاشم] كما جاء في ينابيع المودّة.

روى أحمد بن حنبل في مسنده: ج ٥ ص ٨٦، روى بسند عن جابر بن سمرة فقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[لا يزال الدين قائماً حتّى يكون اثنا عشر خليفة من قريش].

وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل: ج ٥ ص ٩٢، روى بسنده عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أو قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش].

____________________

(١) الفتوحات المكية: ج ٣ ص ٣٣٧ طبعة بيروت.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427