النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء ١

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين0%

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 427

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد فخر الدين
تصنيف: الصفحات: 427
المشاهدات: 91528
تحميل: 4412


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 427 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 91528 / تحميل: 4412
الحجم الحجم الحجم
النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وفي البرهان (تفسير القرآن) وغاية المرام (للبحراني) عن الصدوق بإسناده عن أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) ، قال:[إنّ رهطاً من اليهود أسلموا منهم عبد الله بن سلام وأسد وثعلبة وابن يامين وابن صوريا فأتوا النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقالوا: يا نبيّ الله إنّ موسى أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيّك يا رسول الله؟ ومن وليّنا بعدك؟ فنزلت هذه الآية: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمنوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) .

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قوموا فقاموا وأتوا المسجد فإذا سائل خارج فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا سائل هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم هذا الخاتم. قال: من أعطاكه؟، قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلّي، قال: على أيّ حال أعطاك؟ قال: كان راكعاً فكبّر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وكبّر أهل المسجد.

فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: (عليّ وليّكم بعدي) قالوا: رضينا بالله ربّاً، وبمحمّد نبياًّ، وبعليّ بن أبي طالب وليّاً، فأنزل الله عزّ وجلّ: ( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمنوا فإن حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) ] الحديث.

٤٠١

وفي تفسير القميّ قال: حدّثني أبي، عن صفوان، عن أبان بن عثمان، عن أبي حمزة الثماليّ، عن أبي جعفرعليه‌السلام :[بينا رسول الله جالس وعنده قوم من اليهود فيهم عبد الله بن سلام إذ نزلت هذه الآية فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى المسجد فأستقبله سائل فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال نعم ذلك المصلّي، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فإذا هو عليّ عليه‌السلام ] .

أقول: ورواه العيّاشي في تفسيره، عنهعليه‌السلام .

وأورد السيد الطباطبائي في تفسير الميزان: ج ٦ ص ١٩ وفي بيان ما جاء برسالة الإمام علي الهاديعليه‌السلام ، قال الطباطبائي: وجدنا شواهد هذا الحديث نصّاً في كتاب الله مثل قوله:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمنوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) . ثمّ اتّفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنينعليه‌السلام : أنّه تصدّق بخاتمه وهو راكع فشكر الله ذلك له، وأنزل الآية فيه؛ ثمّ وجدنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة:[من كنت مولاه فعليّ مولاه، أللّهم وال من والاه وعاد من عاداه] - وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[عليّ يقضي ديني، وينجز موعدي، وهو خليفتي عليكم بعدي] وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم حين استخلفه على المدينة فقال:[يا رسول الله أتخلّفني على النساء والصبيان؟ فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي]؟.

فعلمنا أنَّ الكتاب شهد بتصديق هذه الأخبار، وتحقيق هذه الشواهد فيلزم الأمّة الإقرار بها إذا كانت هذه الأخبار وافقت القرآن فلمّا وجدنا ذلك موافقاً لكتاب الله، ووجدنا كتاب الله موافقاً لهذه الأخبار، وعليها دليلاً كان الاقتداء فرضاً لا يتعدّاه إلّا أهل العناد والفساد.

وفي الاحتجاج في حديث عن أمير المؤمنينعليه‌السلام :[قال المنافقون لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: هل بقي لربّك علينا بعد الّذي فرض علينا شيء آخر يفترضه فتذكر فتسكن أنفسنا إلى أنّه لم يبق غيره؟ فأنزل الله في ذلك: ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ) يعني الولاية فأنزل الله: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمنوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) ] . وليس بين الأمّة خلاف أنّه لم يؤت الزكاة يومئذ وهو راكع غير رجل واحد، الحديث.

٤٠٢

وأورد الطباطبائي في الميزان: ج ٦ ص ٢١ قال: وعن الجمع بين الصحاح الستّة لزرّين من الجزء الثالث في تفسير سورة المائدة قوله تعالى:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ) الآية. من صحيح النسائيّ عن ابن سلام: قال أتيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقلنا: إنَّ قومنا حادّونا لماّ صدّقنا الله ورسوله، وأقسموا أن لا يكلّموننا فأنزل الله تعالى:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمنوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) الآية.

ثمَّ أذّن بلال لصلاة الظهر فقام الناس يصلّون فمن بين ساجد وراكع وسائل إذ سائل يسأل، وأعطى عليٌّ خاتمه وهو راكع فأخبر السائل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقرأ علينا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم :( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمنوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴿٥٥﴾ وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمنوا فإن حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) .

وذكر السيد الطباطبائي في الميزان: ج ٦ ص ٢٥ قال: أقول: والروايات في نزول الآيتين في قصّة التصدّق بالخاتم كثيرة أخرجنا عدّة منها من كتاب غاية المرام (للسيد هاشم) البحرانيّ، وهي موجودة في الكتب المنقول عنها، وقد اقتصرنا على ما نقل عليه من اختلاف اللحن في سرد القصّة.

وقد اشترك في نقلها عدّة من الصحابة كأبي ذرّ وابن عبّاس وأنس بن مالك وعمّار وجابر وسلمة بن كهيل وأبي رافع وعمرو بن العاص، وعليٌّ والحسين وكذا السجّاد والباقر والصادق والهادي وغيرهم من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

وقد اتّفق على نقلها من غير ردّ أئمّة التفسير المأثور كأحمد والنسائيّ والطبريّ والطبرانيّ وعبد بن حميد وغيرهم من الحفّاظ وأئمّة الحديث وقد تسلَّم ورود الرواية المتكلّمون، وأوردها الفقهاء في مسألة الفعل الكثير من بحث الصلاة، وفي مسألة (هل تسمّى صدقة التطوّع زكاة) ولم يناقش في صحّة انطباق الآية على الرواية فحول الأدب من المفسّرين كالزمخشريّ في الكشّاف وأبي حيّان في تفسيره، ولا الرواة النقلة وهم أهل اللسان.

٤٠٣

وروى الشيرواني في كتاب ما روته العامّة من مناقب أهل البيتعليهم‌السلام ص ٩٥ قال: قال البغوي في كتابه معالم التنزيل في تفسير القرآن: قال السدّي: قوله تعالى:( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) أراد به عليّ بن أبي طالب، مرّ به سائل وهو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه(١) ، وقال في الكشّاف: قيل: انّها نزلت في عليٍّ حين سأله سائل وهو راكع فطرح له خاتمه وهو راكع(٢) انتهى. ورواه البيضاوي في تفسيره(٣) .

وقال الفخر الرازي في تفسيره: روى عكرمة، عن ابن عباس انّها في عليّ.

روى عن عبد الله بن سلام قال: لما نزلت هذه الآية قال: يا رسول الله صلّى الله عليه وآله أنا رأيت عليّاً تصدّق بخاتمه على محتاج وهو راكع فنحن نتولّاه.

____________________

(١) معالم التنزيل: ج ٢ ص ٢٧٢.

(٢) الكشاف: ج ١ ص ٦٢٣.

(٣) أنوار التنزيل: ج ١ ص ٢٨٠.

٤٠٤

وروي عن أبي ذر قال: صلّيت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله يوماً صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء فقال: أللّهم اشهد أنّي سألت في مسجد الرسول صلّى الله عليه وآله وما أعطاني أحد شيئاً. وعليّ كان راكعاً فأومأ إليه بخنصره اليمنى وكان فيها خاتم، فأقبل السائل حتّى أخذ الخاتم، فرأي النبيّ صلّى الله عليه وآله ذلك فقال:[أللّهم إنَّ أخي موسى سألك فقال: ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ﴿٢٥﴾ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ﴿٢٦﴾ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَاني ﴿٢٧﴾ يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴿٢٨﴾ وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي ﴿٢٩﴾ هَارُونَ أَخِي ﴿٣٠﴾ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ﴿٣١﴾ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) (١) : فأنزلت قرآناً: ( سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا ) (٢) أللّهم وأنا محمّد نبيّك وصفيّك، فاشرح لي صدري، ويسّر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي، عليّاً أشدد به أزري].

قال أبو ذر: فو الله ما أتم رسول الله صلّى الله عليه وآله هذه الكلمة حتّى نزل جبريلعليه‌السلام ، فقال: يا محمّد اقرأ:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ... ) انتهى كلام الرازي(٣) .

قال السيوطي: في قوله تعالى:( قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) الآيات، أخرج ابن مردويه، والخطيب، وابن عساكر عن أسماء بنت عميس قال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله بإزاء ثبير وهو يقول:[أشرق ثبير، أشرق ثبير، أللّهم إنّي أسالك بما سألك أخي موسى أن: تشرح لي صدري وأن تُيسِّر لي أمري، وأن تحلَّ عقدة من لساني ( يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴿٢٨﴾ وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي ﴿٢٩﴾ هَارُونَ أَخِي ﴿٣٠﴾ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ﴿٣١﴾ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ﴿٣٢﴾ كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا ﴿٣٣﴾ وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ﴿٣٤﴾ إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا ) ].

وأخرج السلفي في الطيوريّات بسنده رواه عن أبي جعفر محمّد بن علي قال: لما نزلت:( وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي ﴿٢٩﴾ هَارُونَ أَخِي ﴿٣٠﴾ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ) . كان رسول الله صلّى الله عليه وآله على جبل ثمّ دعا ربّه وقال:[أللّهم أشدد أزري بأخي عليّ] فأجابه إلى ذلك(٤) . انتهى.

____________________

(١) الآيات: ٢٥ - ٣٢ من سورة طه.

(٢) الآية: ٣٥ من سورة القصص.

(٣) التفسير الكبير: ج ١٢ ص ٢٦.

(٤) الدرّ المنثور: ج ٥ ص ٥٦٦.

٤٠٥

قال في جامع الأصول في جملة خبر: ثمّ أذّن بلال لصلاة الظهر فقام الناس يصلّون، فمن ساجد وراكع وسائل، إذ سأل سائل فأعطاه عليّ خاتمه وهو راكع، فأخبر السائل رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقرأ علينا رسول الله:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمنوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴿٥٥﴾ وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمنوا فإن حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) إنتهى.

وروى السيوطي في تفسيره نزولها في أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن ابن عباس بعدّة طرق في بعضها: فكبّر رسول الله صلّى الله عليه وآله عند ذلك وهو يقول:( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمنوا فإن حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) .

وعن عمّار بن ياسر وفي آخره: فقرأها رسول الله صلّى الله عليه وآله على أصحابه ثمّ قال:[من كنت مولاه فعليّ مولاه، أللّهم وال من والاه وعاد من عاداه ].

وعن عليّ صلوات الله وسلامه عليه، وعن سلمة بن كهيل، وعن مجاهد والسدّي، وابن أبي حكيم. وعن أبي رافع وفي آخره - بعد ذكره لقراءة النبيّ صلّى الله عليه وآله الآية - أنّهعليه‌السلام قال:[ألحمد لله الذي أتم لعليّ نعمه، وهنيئاً لعليّ بفضل الله إيّاه ].

وذكر فيما رواه عن ابن عباس انّه أخرجه: عبد الرزّاق، وابن حميد، وابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه.

وفيما رواه عن عمّاررضي‌الله‌عنه أخرجه: الطبراني، وابن مردويه.

وفيما رواه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه، أخرجه: ابن حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر.

وفيما رواه عن سلمة أخرجه: ابن حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر.

وفيما رواه عن أبي رافع أخرجه: الطبراني، وابن مردويه، وأبو نعيم(١) .

وروى الشيخ الطبرسي في تفسيره مجمع البيان(٢) ، قال:

____________________

(١) الدرّ المنثور: ج ٣ ص ١٠٥ - ١٠٦.

(٢) مجمع البيان: المجلد الثاني ص ٢١٠ ط دار احياء التراث العربي -بيروت.

٤٠٦

سبب النزول: حدّثنا السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسني القايني، قال: حدّثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني (ره)، قال: حدّثني أبو الحسن محمّد بن القاسم الفقيه الصيدلاني، قال: أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد الشعراني قال: حدّثنا أبو علي أحمد بن رزين الباشاني قال: حدّثني المظفّر بن الحسين الأنصاري قال: حدّثنا السندي بن علي الوراق، قال: حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحمّاني عن قيس بن الربيع عن الأعمش، عن عباية بن ربعي قال: بينا عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا أقبل رجل متعمم بعمامة فجعل ابن عباس لا يقول قال رسول الله إلّا قال الرجل قال رسول الله، فقال ابن عباس: سألتك بالله من أنت؟ فكشف العمامة عن وجهه وقال: يا أيّها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرِّفه بنفسي أنا جندب بن جنادة البدريّ أبو ذرّ الغفاريّ سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بهاتين وإلاّ فصمّتا، ورأيته بهاتين وإلاّ فعميتا يقول:[عليٌّ قائد البررة وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله]. أما أنّي صلّيت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوماً من الأيّام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئاً، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: أللّهم اشهد أنّي سألت في مسجد رسول الله فلم يعطني أحد شيئاً. وكان عليّ راكعاً فأومأ إليه بخنصره اليمنى وكان يتختّم فيها فأقبل السائل حتّى أخذ الخاتم من خنصره، وذلك بعين رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فلمّا فرغ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال:[أللّهم إنّ أخي موسى سألك فقال: ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ﴿٢٥﴾ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ﴿٢٦﴾ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَاني ﴿٢٧﴾ يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴿٢٨﴾ وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي ﴿٢٩﴾ هَارُونَ أَخِي ﴿٣٠﴾ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ﴿٣١﴾ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: ( سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ) أللّهم وأنا محمّد نبيّك وصفيّك، أللّهم فاشرح لي صدري، ويسِّر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي، عليّاً أخي اشدد به ظهري . قال أبو ذر: فو الله ما استتّم رسول الله الكلمة حتّى نزل عليه جبرائيل من عند الله فقال: يا محمّد إقرأ، قال: وما أقرأ، قال إقرأ:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) ] الآية.

٤٠٧

وروى هذا الخبر أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بهذا الإسناد بعينه، وروى أبو بكر الرازي في كتاب أحكام القرآن على ما حكاه المغربي عنه والرمّاني والطبري: انّها نزلت في عليٍّ حين تصدّق بخاتمه وهو راكع وهو قول مجاهد والسدّي، والمرويّ عن أبي جعفرعليه‌السلام وأبي عبد اللهعليه‌السلام وجميع علماء أهل البيت. وبنفس الصفحة أعلاه قال الطبرسي: وفي رواية عطاء قال عبد الله بن سلام: يا رسول الله أنا رأيت عليّاً تصدّق بخاتمه وهو راكع، فنحن نتولّاه. وقد رواه لنا السيد أبو الحمد عن أبي القاسم الحسكاني بالإسناد المتصل المرفوع إلى أبي صالح عن ابن عباس قال: أقبل عبد الله بن سلام ومعه نفر من قومه ممّن قد آمنوا بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقالوا: يا رسول الله إنّ منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا متحدّث دون هذا المجلس وإنّ قومنا لما رأونا آمنّا بالله وبرسوله وصدّقناه رفضونا وآلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلّمونا فشقَّ ذلك علينا. فقال لهم النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية. ثمّ إنَّ النبيّ خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع فبصر بسائل فقال النبي:[هل أعطاك أحد شيئاً فقال نعم خاتم من فضّة، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:من أعطاكه قال: ذلك القائم وأومئ بيده إلى علي فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:على أيّ حال أعطاك ؟ قال أعطاني وهو راكع، فكبَّر النبيّ ثمّ قرأ( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمنوا فإن حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) ] ، فانشأ حسّان بن ثابت يقول في ذلك:

أبا حسنٍ تفديك نفسي ومُهجتي

وكلّ بطئ في الهدى ومسارع

أيذهبُ مَدْحيك والمـُحَبرّ ضائعاً

وما المدح في جنب الإله بضائع

فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعاً

زكاتاً فدتك النفس يا خيرَ راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية

وثبّتها مثنى كتاب الشرائع

٤٠٨

سورة المائدة الآية ٥٦

( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمنوا فإن حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ )

أخرج الحافظ الحسين بن الحكم الحبري في كتابه ما نزل في أهل البيتعليه‌السلام ص ٥٤ ط مهر إستوار - قم -إيران - قال: وقوله( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

وجاء في تفسير الميزان للطباطبائي: ج ٦ ص ١٦ قال: وفي البرهان وغاية المرام عن الصدوق، بإسناده عن أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) (١) .

قال: إنَّ رهطاً من اليهود أسلموا منهم عبد الله بن سلام وأسد وثعلبة وابن يامين وابن صوريا فأتوا النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقالوا يا نبيّ الله إنّ موسى أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيّك يا رسول الله؟ ومن وليّنا بعدك؟ فنزلت هذه الآية:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمنوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) . قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: قوموا فقاموا وأتو المسجد فإذا سائل خارج (من المسجد) فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم:[ياسائل هل أعطاك أحد شيئاً ؟ قال نعم هذا الخاتم، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: من أعطاكه؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلّي، قالعلى أيّ حال أعطاك ؟ قال: كان راكعاً، فكبّر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وكبّر أهل المسجد، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:عليٌّ وليّكم بعدي ، قالوا رضينا بالله ربّاً، وبمحمّد نبيّاً وبعليّ بن أبي طالب وليّاً، فأنزل الله عزّ وجلّ:( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمنوا فإن حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) ] الحديث.

وأخرج الحافظ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق المعروف بأبي نعيم الاصبهاني في كتاب ما نزل من القرآن في عليٍّعليه‌السلام ، عند الرقم ٨ ص ٦٨ ط منشورات مطبعة وزارة الارشاد الإسلامي، قال: حدّثنا أبو محمّد (عبد الله بن محمّد بن جعفر المعروف با) بن حيّان قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن محمّد بن أبي هريرة، قال: حدّثنا عبد الله بن عبد الوهّاب، قال: حدّثنا محمّد بن الأسود،

٤٠٩

قال: حدّثنا محمّد بن مروان، عن محمّد بن السائب، عن أبي صالح: عن ابن عباسرضي‌الله‌عنه قال: أقبل عبد الله بن سلام ومعه نفر من قومه ممن آمنوا بالنبي صلّى الله عليه وآله(وسلّم) حين نزلت:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) الآية. ثمّ إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله (وسلّم) خرج إلى المسجد والناس من بين قائم وراكع فبصر بسائل فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله (وسلّم):[هل أعطاك أحد شيئاً ؟ فقال: نعم خاتم. فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله (وسلّم):من أعطاكه؟ قال: ذلك القائم؟ - وأومى إلى عليّعليه‌السلام -. فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:على أيّ حال أعطاكه] ؟ قال: أعطاني وهو راكع. فكبّر. النبيّ صلّى الله عليه وآله (وسلّم) ثمّ قرأ:( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) الآية.

____________________

(١) سورة المائدة: الآية ٥٥.

٤١٠

فاستأذن حسّان بن ثابت. النبيّ صلّى الله عليه وآله أن يقول في ذلك شيئاً (فأذن له ) فقال:

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي

وكلّ بطئ في الهوى ومسارع

أيذهبُ مدحي في المحبّين ضائعاً

وما المدح في جنب الإله بضائع

فأنت الذي أعطيت مذ كنت راكعاً

زكاتاً فدتك النفس يا خير راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية

وبيّنها في محكمات الشّرائع

قال: وقيل في ذلك:

أوفي الصّلاة مع الزكاة أقامها

والله يرحم عبده الصبّارا

من ذا بخاتمه تصدّق راكعاً

وأسرّه في نفسه إسراراً

من كان بات على فراش محمّد

ومحمّد أسرى يؤمُّ الغارا

من كان جبريل يقوم يمينه

يوماً وميكال يقوم يساراً

من كان في القرآن سمّي مؤمناً

في تسع آيات جعلن كبارا

والحديث رواه بالسند المذكور أعلاه الحمّوئي في الحديث ١٥٢ في الباب ٣٩ من كتاب فرائد السمطين: ج ١، ص ١٩٣ ط بيروت، وساق الحديث إلى آخره لكنّه لم يذكر الأبيات التي أنشدها حسّان بن ثابت.

والحديث رواه أيضاً أبو نعيم عند الرقم ٧ ص ٦٤ من كتاب ما نزل من القرآن في عليٍّعليه‌السلام .

مسنداً عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وبالمضمون للحديث وإنْ تباينت الألفاظ إلى أنْ قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمنوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) و( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ) إلى آخر الآية.

وقريباً منه رواه النسائي في سننه الكبرى، كما رواه عنه زرّين في تفسير سورة المائدة في الجزء الثالث من كتاب الجمع بين الصحاح الستّة في الفصل الأوّل من كتاب خصائص الوحي المبين ص ٢٤ ط ١.

٤١١

أخرج الحاكم الحسكاني في الرقم ٢٤٣ من كتابه شواهد التنزيل: ص ٢٨١ ط ٣ عن الحسين بن الحكم الحبري الكوفي - قال: وبه حدّثني الحبري قال: حدّثنا حسن بن حسين قال: حدّثنا حبّان عن الكلبي، عن أبي صالح: عن ابن عباس، في قوله( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) : نزلت في عليٍّعليه‌السلام خاصّة. وقوله( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) في عليّ. وقوله:( بَلِّغْ مَا أنزل إِلَيْكَ ) (١) نزلت في عليّ، أُمِرَ رسول الله أنْ يبلّغ فيه فأخذ بيد عليّ وقال: [من كنت مولاه فعليّ مولاه].

وورد في مناقب، الموفّق بن أحمد، أخطب الخوارزمي ص ١٨٦ قال: وبسنده، عن محمّد بن السايب، عن أبي صالح، عن ابن عباس، حديث نزول الآية الكريمة:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ ) في شأن عليّ بن أبي طالب (عليه‌السلام ) وخروج النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى المسجد... وأورد الحديث.... إلى أن قال: فكبّر النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثمّ قرأ:( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمنوا فإن حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) .

أورد الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل(٢) بإسناده مرفوعاً إلى عبد الله بن عباس، قال:

أخبرنا أحمد بن محمّد بن أحمد الفقيه، قال: أخبرنا عبد الله بن محمّد بن جعفر قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن أبي هريرة قال: حدّثنا عبد الله بن عبد الوهّاب، قال حدّثنا محمّد بن الأسود عن محمّد بن مروان، عن محمّد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال:

أقبل عبد الله بن سلام ومعه نفر من قومه ممّن قد آمنوا بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقالوا يا رسول الله إنّ منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا متحدّث دون هذا المجلس، وأنّ قومنا لما رأونا آمناّ بالله وبرسوله وصدّقناه رفضونا وآلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلّمونا فشقّ ذلك علينا، فقال لهم النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمنوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) .

____________________

(١) سورة المائدة: الآية ٦٧.

(٢) شواهد التنزيل: ج ١ ص ٢٧٥ ط ٣، في الحديث ٢٤٠.

٤١٢

ثمّ إنّ النبيّ خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع فبصر بسائل، فقال له النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم):[هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم خاتم من ذهب. فقال له النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم):من أعطاكه ؟ قال: ذاك القائم وأومأ بيده إلى عليّ (عليه‌السلام ). فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:على أيّ حال أعطاك؟ ]، قال: أعطاني وهو راكع. فكبّر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ثمّ قرأ:( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمنوا فإن حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) . فأنشأ حسّان بن ثابت يقول في ذلك:

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي

وكلّ بطئ في الهوى ومسارع

أيذهبُ مدحي والمحبّرِ ضائعاً

وما المدح في جنب الإله بضائع

وأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعاً

زكاتاً فدتك النفس يا خير راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية

فبيّنها في نيّرات الشرائع

وقيل في ذلك أيضاً:

أوفي الصلاة مع الزكاة فقامها

والله يرحم عبده الصبّارا

من ذا بخاتمه تصدّق راكعاً

وأسرّه في نفسه إسراراً

من كان بات على فراش محمّد

ومحمّد يسرى وينحو الغارا

من كان جبريل يقوم يمينه

فيها وميكال يقوم يساراً

٤١٣

وأخرج أبو الفتوح الرازي في تفسير الآية الكريمة من كتاب روح الجنان(١) وهذا الحديث رواه أبو بكر بن مردويه الحافظ بن موسى الاصبهاني من كتاب الفضائل بطرق مختلفة/ عن جماعة من الصحابة، ثمّ ذكر هذه الأبيات:

أوفي الزكاة مع الصّلاة أقامها

والله يرحم عبده الصبّارا

من ذا بخاتمه تصدّق راكعاً

وأسرّه في نفسه إسراراً

من كان بات على فراش محمّد

ومحمّد يسرى وينحو الغاراً

من كان جبريل يقوم يمينه

فيها وميكال يقوم يساراً

من كان في القرآن سمّي مؤمناً

في تسع آيات جعلن كباراً

وقال الصاحب ابن عبّاد:

ولما علمت بما قد جنيت

وأشفقت من سخط العالم

نقشت شفيعي على خاتمي

إماماً تصدّق بالخاتم

وأورد الحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل(٢) عن الحسين بن الحكم الحبري وبإسناده إلى ابن عباس عباس، قال:

وبه حدّثني الحبري قال: حدّثنا حسن بن حسين، قال: حدّثنا حبّان عن الكلبي عن أبي صالح:

عن ابن عباس، في قوله( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) : (قال) نزلت في عليٍّعليه‌السلام خاصة.

وقوله( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) في عليّ.

____________________

(١) روح الجنان: ج ٤ ص ٢٤٩.

(٢) شواهد التنزيل: ج ١ ص ٢٩١ ط ٣ الحديث برقم ٢٤٣.

٤١٤

وقوله:( بَلِّغْ مَا أنزل إِلَيْكَ ) نزلت في عليّ، أُمِرَ رسول الله أن يبلّغ فيه فأخذ بيد عليّ وقال:[من كنت مولاه فعليّ مولاه].

وقوله:( لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّـهُ لَكُمْ ) نزلت في عليٍّ وأصحابه منهم عثمان بن مضعون، وعماّر، حرّموا على أنفسهم الشهوات وهموّا بالإخصاء.

وأورد الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل(١) قال: أخبرنا أبو العباس المحمّدي قال: أخبرنا عليّ بن الحسين قال: أخبرنا محمّد بن عبيد الله، قال: حدّثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبيد الله الدقاق المعروف بابن السمّاك -ببغداد- قال: حدّثنا عبد الله بن ثابت المقرئ قال: حدّثني أبي عن الهذيل، عن مقاتل، عن الضحّاك: عن ابن عباس قال:( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ ) يعني يحب الله( وَرَسُولَهُ ) يعني محمّداً( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) يعني ويحبّ عليّ بن أبي طالب( فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) يعني شيعة الله وشيعة محمّد وشيعة عليّ هم الغالبون -يعني العالون- على جميع العباد، الظاهرون على المخالفين لهم.

(ثمَّ) قال ابن عباس: فبدأ الله في هذه الآية بنفسه ثمّ ثنّى بمحمّد، ثمّ ثلّث بعليّ (ثمَّ قال): فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[رحم الله عليّاً. أللّهم أدر الحقّ معه حيث دار] قال ابن مؤمن: لاخلاف بين المفسِّرين أنّ هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين (عليّعليه‌السلام ).

وأورد الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل(٢) ، قال: حدّثنا أبو علي حسين بن أحمد بن خشنام قال: أخبرنا أبو محمّد عبد الرحمان بن محمّد الهروي قال: حدّثنا أبو عمرو إسماعيل بن عبد الله قال: حدّثنا أحمد بن حرب، قال: أخبرنا صالح بن عبد الله قال: حدّثنا محمّد بن الفصـ(يـ)ـل عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: أتى عبد الله بن سلام ورهط معه من أهل الكتاب، نبي الله، عند صلاة الظهر فقالوا: يا رسول الله (إنّ) بيوتنا قاصية ولا نجد مسجداً دون هذا المسجد، وإنّ قومنا لماّ رأونا قد صدّقنا الله ورسوله وتركنا دينهم، أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا يكلِّمونا، فشقّ ذلك علينا، فبينما هم يشكون إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذ نزلت هذه الآية( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية إلى قوله( الْغَالِبُونَ ) .

____________________

(١) شواهد التنزيل: ج ١ ص ٢٩١ ط ٣ في الحديث ٢٤٤.

(٢) شواهد التنزيل: الحديث ٢٤٥ في ج ١ ص ٢٩٢ ط ٣.

٤١٥

فلمّا قرأها عليهم قالوا: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين، فأذّن بلال بالصلاة وخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى المسجد والناس يصلّون بين راكع وساجد وقائم وقاعد، وإذا مسكين يسأل، فدعاه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال:[هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم قال:ماذا ؟ قال: خاتم من فضّة.

قال:من أعطاكه ؟ قال: ذاك الرجل القائم فاذا هو عليّ بن أبي طالب.

قال:على أيّ حال أعطاكه؟ ]، قال: أعطانيه وهو راكع.

فزعموا أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كبّر عند ذلك، وقال: يقول الله تعالى:( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمنوا فإن حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) .

وقد أورد السيّد الأجلّ المرشد بالله يحيى بن الموفّق بالله في ما ذكره في فضائل عليّعليه‌السلام في أماليه -الصفحة ١٣٧ ومابعدها، قال: وأخبرنا محمّد بن علي المكفوف -بقراءتي عليه- قال: أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن جعفر بن حيّان، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن أبي هريرة، قال: حدّثنا عبد الله بن عبد الوهّاب قال: حدّثنا محمّد بن الأسود، عن محمّد بن مروان، عن محمّد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: أقبل عبد الله بن سلام ومعه نفر من قومه ممّن قد آمنوا بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقالوا: يا رسول الله إنَّ منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا متحدّث دون هذا المجلس، وإنّ قومنا لما رأونا آمنّا بالله وبرسوله وصدّقناه رفضونا وآلوا على أنفسهم، أن لا يجلسونا ولا يناكحونا ولا يكلّمونا فشقّ ذلك علينا، فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمنوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) .

ثمَّ إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع وبصر بسائل، فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:[هل أعطاك أحد شيئاً؟ فقال: نعم خاتم من ذهب.

فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:من أعطاكه ؟ قال: ذاك القائم وأومأ بيده إلى عليّعليه‌السلام .

فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:على أيّ حال أعطاك؟ قفال: أعطاني وهو راكع.

فكبّر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ثمّ قرأ:( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمنوا فإن حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) ] .

٤١٦

فأنشأ حسّان بن ثابت يقول في ذلك:

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي

وكلّ بطئ في الهوى ومسارع

أيذهبُ مدحي المحبّرِ ضائعاً

وما المدح في جنب الإله بضائع

فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعاً

زكاتاً فدتك النفس يا خير راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية

وبيّنها في محكمات الشرائع

وقيل في ذلك:

أوفي الزكاة مع الصلاة فقامها

والله يرحم عبده الصبّارا

من ذا بخاتمه تصدّق راكعاً

وأسرّه في نفسه إسراراً

من كان بات على فراش محمّد

ومحمّد أسرى يؤمُّ الغارا

من كان جبريل يقوم يمينه

فيها وميكال يقوم يسارا

من كان في القرآن سمّي مؤمناً

في تسع آيات جعلن كبارا

وأورد الخطيب الخوارزمي، من جواب مكاتبة معاوية الي عمرو بن العاص.

وجواب عمرو بن العاص إلى معاوية قال: قال عمرو بن العاص: لقد علمت يا معاوية ما أنزل في كتابه من الآيات المتلوّات في فضائله التي لا يشركه فيها أحد كقوله تعالى( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمنوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) ( أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ ) وقد قال الله تعالى( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ ) وقد قال تعالى لرسوله:( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) .

وعنه بإسناده إلى أبي صالح عن ابن عباس قال: أقبل عبد الله بن سلام ومعه نفر من قومه ممّن قد آمن بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقالوا: يا رسول الله إنّ منازلنا بعيدة، وليس لنا مجلس ولا متحدّث دون هذا المجلس، وإنّ قومنا لما رأونا قد آمنّا بالله ورسوله وقد صدّقناه رفضونا، وآلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلّمونا، وقد شقّ ذلك علينا، فقال لهم النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمنوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) .

٤١٧

ثمّ إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع وبصر بسائل، فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:[هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم خاتم من ذهب، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّممن أعطاكه؟ فقال: ذلك القائم -وأومأ بيده إلى عليّ بن أبي طالب - فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:على أيّ حال أعطاك؟ قال: أعطاني وهو راكع، فكبّر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ثمّ قرأ:( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمنوا فإن حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) ] .

سورة المائدة الآية ٦٠

( قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللهِ مَن لَّعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ )

أورد السيد هاشم البحراني في كتابة غاية المرام(١) نقلاً عن صاحب ( المناقب الناضرة في العترة الطاهرة ) بإسناده المذكور - عن محمّد المسكوي، عن سليمان الأعمش - هو أبو محمّد سليمان بن مهران الكاهلي الأسدي الكوفي والملقّب بـ ( الأعمش )، وهو من كبار التابعين - قال:

بعث إليّ المنصور في جوف الليل فجزعت وقلت في نفسي ما بعث إليَّ في هذه الساعة إلّا لخبر، ولا شكّ أنّه يسألني عن فضائل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، فإنْ أخبرته يقتلني، فنهضت وتطهّرت ولبست ثياباً نظيفة جعلتها أكفاني، وتحنّطت وكتبت وصيّتي، وسرت اليه فوجدت عنده عمرو بن عبيد، فحمدت الله وقلت وجدت رجلاً عون صدق، فلمّا صرت بين يديه قال لي: أدن منّي يا سليمان فدنوت منه فلمّا قربت منه أقبلت إلى عمرو بن عبيد أساله ففاح له منّي ريح الحنوط فقال لي المنصور: ياسليمان ما هذه الرائحة والله لئن لم تصدّقني لأقتلنَّك. فقلت: يا أمير المؤمنين لماّ أتاني رسولك في جوف الليل قلت ما بعث إليّ في هذا الوقت الّا ليسألني عن فضائل أهل البيت فإنْ أخبرته قتلني، فكتبت وصيّتي، ولبست ثياباً جعلتها أكفاني، وتحنّطت، وكان (المنصور) متّكئاً فاستوى جالساً وقال: لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.

____________________

(١) غاية المرام: ص ٦٥٦.

٤١٨

ثمَّ قال: يا سليمان ما اسمي؟ قلت: أمير المؤمنين عبد الله بن محمّد بن عليّ، بن عبد الله بن العبّاس. قال: صدقت. قال: فأخبرني كم حديثاً تروي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في فضائل أهل البيت؟ فقلت: يسيراً قال: على كم ذلك؟ قلت: عشرة آلاف حديث ومازاد. قال: يا سليمان لأحدّثك في فضائلهم حديثين يأكلان الأحاديث إن حلفت أن لا ترويهما لأحد من الشيعة. فقلت: والله لا أخبر بهما أحداً. وحلفت له بنعمته. فقال: إسمع يا سليمان، كنت هارباً من مروان، أدور في البلاد، وأتقرَّب إلى الناس بفضائل عليّ بن أبي طالب، وكانوا يأتونني ويزورونني ويطعمونني حتّى وردت بلاد الشام وأنا في خَلِق كساء ما عليّ غيره، فسمعت الأذان في مسجد فدخلت لأصلّي وفي نفسي أن أكلّم الناس في عشاء أتعشّى به، فصلّيت وراء الإمام، فلمّا سلَّم اتّكأ على الحائط وأهل المسجد حضور ما رأيت أحداً يتكلّم توقيراً لإمامهم، وأنا جالس، فاذا صبيّان دخلا المسجد، فلمّا نظر اليهما الإمام قال مرحباً بكما ومرحباً بمن سُمّيتما بإسمهما. فقلت في نفسي قد أصبت حاجتي، وكان إلى جنبي شابٌّ فقلت له: من يكون ذان الصبيان، ومن الشيخ؟ فقال: هو جدّهما وليس في المدينة من يحبّ عليّاً سواه؟ فلذلك قد سمّاهما حسناً وحسيناً، فملت بوجهي إلى الشيخ وقلت له: هل لك في حديث أُقرَّ به عينيك؟ فقال: ما أحوجني إلى ذلك، فإنّ أقررت عيني أقررت عينك. فقلت: حدّثني جدّي عن أبيه، قال: كنّا ذات يوم عند رسول الله، اذ أقبلت فاطمة وهي تبكي، فقال لها النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ما يبكيك يا قرَّة عيني؟

قالت: يا أباه... الحسن والحسين خرجا البارحة ولم أعلم أين باتا، وإنّ عليّاً يمسى على الله الدالية يسقى البستان منذ خمسة أيّام.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[لا تبكي يا فاطمة فإنّ الذي خلقهما ألطف منّي ومنك بهما، ورفع يده إلى السماء وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم):أللّهم إن كانا أخذا برّاً وبحراً فاحفظهما وسلِّمهما. فهبط جبرائيل وقال: يا محمّد لا تهتم ولا تحزن هما فاضلان في الدنيا والآخرة، وأنَّهما في حديقة بني النجّار باتا، وقد وكّل الله بهما ملكاً يحفظهما. فقام رسول الله، وجبرائيل عن يمينه، ومعه جماعة من أصحابه حتّى أتوا إلى الحديقة وإذا الحسن معانق للحسين والملك الموكّل بهما إحدى جناحيه تحتهما والأخرى فوقهما، فانكبّ الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عليهما يقبّلهما، فانتبها من نومهما، فحمل النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الحسن، وحمل جبرائيل الحسين، حتّى خرجا من الحديقة والنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول:

٤١٩

لأشرفهما اليوم كما أكرمهما الله تعالى. فاستقبله أبو بكر وقال: يا رسول الله ناولني أحدهما لأحمله عنك. فقال النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)نِعمَ الحمولة ونعم المطيّة وأبوهما خير منهما ، حتّى أتى المسجد فقال لبلال: هلمّ إليَّ الناس، فاجتمعوا فقام النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وقال:يامعاشر المسلمين ألآ أدلَّكم على خير الناس جدّاً وجدّة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم:هذان الحسن والحسين جدّهما رسول الله وجدتهما خديجة ، ثمّ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم):ألآ أدلّكم على خير الناس أباً وأمّاً؟ قالوا: بلى يا رسول الله.

قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم):هذان الحسن والحسين، أبوهما عليّ بن أبي طالب، وأمّهما فاطمة بنت محمّد، سيّدة نساء العالمين. (ثمَّ) قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ألا أدلّكم على خير الناس خالاً وخالة؟

قالوا: بلى يا رسول الله. فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم):هذان الحسن والحسين خالهما القاسم ابن رسول الله، وخالتهما زينب بنت رسول الله. ثمّ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم):ألا أدلّكم على خير الناس عمّاً وعمَّة؟

قالوا: بلى يا رسول الله. قال:هذان الحسن والحسين عمّهما جعفر الطيّار، وعمَّتهما أم هاني بنت أبي طالب. ثمّ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم):أللّهم إنّك تعلم أنَّ الحسن والحسين في الجنّة وجدّهما وجدَّتهما في الجنّة وأباهما وأمّهما في الجنّة، وخالهما وخالتهما في الجنّة، وعمُّهما وعمَّتهما في الجنّة، أللّهم وأنت تعلم أنَّ من يحبِّهما في الجنّة، ومن يبغضهما في النار .

قال المنصور: فلمّا جئت الشيخ بهذا الحديث قال: من أين أنت؟ فقلت: من الكوفة. قال: عربيّ أو موالي؟ فقلت: عربيّ. قال: وأنت تحدِّث بمثل هذا الحديث وأنت على مثل هذه الحالة؟

-ورأى كِسائي خَلِقاً- فخلع عليّ وحملني على بغلته، وقال: قد أقررت عيني لأرشدنّك إلى فتى تقرُّ به عينك.

ثمَّ أرشدني إلى باب دار بقربه، فأتيت الدار التي وصفها لي، فاذا بشابّ صبيح الوجه. فلمّا نظر إليَّ قال: والله إنّي لاعرف الكسوة والبغلة، أما كساك أبو فلان خلعته، وحملك على بغلته، إلّا وأنت تحبّ الله ورسوله، فأنزلني وحدّثته في فضائل عليّ بن أبي طالب، وقلت له: أخبرني والدي عن جدّي عن أبيه، قال: كنّا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذات يوم، إذ أقبلت فاطمة والحسن والحسين على كتفيها وهي تبكي فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):ما يبكيك يا فاطمة؟

٤٢٠