النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء ٢

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين9%

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 416

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 416 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 78316 / تحميل: 4873
الحجم الحجم الحجم
النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

سورة التوبة الآية ١٩

( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )

قال الشرقاوي في كتابه: عليّ إمام المتّقين:

قال أحد الصحابة لعليّ: أنا خير منك فأنا أسقي الحجيج، وافتخر الآخر بأنّ له ولقومه عمارة البيت الحرام، فقال لهما عليّ: إنّه أسبقهما إلى الإسلام والهجرة والجهاد في سبيل الله.

ثمّ روى للنبيّ ما حدث فنـزلت الآية الكريمة( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) سورة التوبة الآية ١٩.

من كتاب، عليّ إمام المتّقين للشرقاوي: ج ١ ص ٦٢.

وجاء في كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت (ع)، للحسين بن الحكم الحبري، الكوفيّ ص ٥٩: وقوله( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) نزلت في ابن أبي طلحة (طلحة بن أبي شيبة)،( كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) الآية نزلت في ابن أبي طالب عليه السلام.

أخرج الشيخ الأميني في كتاب الغدير: ج ٢ ص ٧٢:

( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ ) .

أخرج الطبري في تفسيره: ج ١٠ ص ٥٩ بإسناده عن أنس أنّه قال: قعد العبّاس وشيبة (ابن عثمان) صاحب البيت يفتخران، فقال له العبّاس: أنا أشرف منك أنا عمّ رسول الله ووصيّ أبيه وساقي الحجيج. فقال شيبة: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته، وخازنه أفلا ائتمنك كما ائتمنني. فهما على ذلك يتشاجران حتّى أشرف عليهما عليٌ، فقال له العباس: إنَّ شيبة فاخرني فزعم أنَّه أشرف منّي، فقال: فما قلت له يا عمّاه؟ قال: قلت: أنا عمُّ رسول الله ووصيّ أبيه وساقي الحجيج أنا أشرف منك. فقال لشيبة: ماذا قلت أنت يا شيبة؟ قال قلت: أنا أشرف منك أنا أمين الله على بيته وخازنه أفلا ائتمنك كما ائتمنني. قال: فقال لهما: اجعلاني معكما فخراً، قالا: نعم. قال: فأنا أشرف منكما أنا أوّل من آمن بالوعيد من ذكور هذه الأمّة وهاجر وجاهد.

٢٠١

وانطلقوا ثلاثتهم إلى النبيّ فأخبر كلّ واحد منهم بمفخره فما أجابهم النبيّ بشيء فانصرفوا عنه، فنـزل جبرئيل عليه السلام بالوحي بعد أيّام فيهم، فأرسل النبيُّ إليهم ثلاثتهم حتّى أتوه فقرأ عليهم:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) الآية.

حديث هذه المفاخرة ونزول الآية فيها أخرجه كثير من الحفّاظ والعلماء مجملاً ومفصلاً منهم:

الواحدي في (أسباب النـزول) ص ١٨٢ نقلاً عن الحسن والشعبي والقرظي.

القرطبي في تفسيره: ج ٨ ص ٩١ عن السدّي.

الرازي في تفسيره: ج ٤ ص ٤٢٢.

الخازن في تفسيره: ج ٢ ص ١٢٢، قال: وقال الشعبي، ومحمد بن كعب القرظي: نزلت في عليّ بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطّلب، وطلحة بن أبي شيبة، افتخروا فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيدي مفاتيحه. وقال العباس: وأنا صاحب السقاية والقيام عليها. وقال عليّ: ما أدري ما تقولون، لقد صلّيت إلى القبلة ستّة أشهر قبل النّاس، وأنا صاحب الجهاد. فأنزل الله هذه الآية.

ومنهم: أبو البركات النفسي: ج ٢ ص ٢٢١.

الحمويني في (الفرائد) في الباب الواحد والأربعين بإسناده عن أنس.

إبن الصبّاغ المالكي في (الفصول المهمّة)ص ١٢٣، من طريق الواحدي عن الحسن والشعبي والقرظي جمال الدين محمّد بن يوسف الزرندي في (نظم درر السمطين).

الكنجي في (الكفاية) ص ٢٣٨، من طريق ابن جرير، وابن عساكر، عن أنس بلفظه المذكور أعلاه.

إبن كثير الشامي في تفسيره: ج ٢ ص ٣٤١، عن الحافظ عبد الرزّاق بإسناده عن الشعبي، ومن طريق ابن جرير، عن محمّد بن كعب القرظي، وعن السدّي وفيه: إفتخر عليّ والعباس، وشيبة، كما مرَّ ومن طريق الحافظ عبد الرزّاق أيضا عن الحسن، ومحمّد بن ثور عن معمَّر عن الحسن.

الحافظ السيوطي في الدرّ المنثور: ج ٣ ص ٢١٨ من طريق الحافظ ابن مردويه، عن ابن عباس، ومن طريق الحفّاظ عبد الرزّاق، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن منذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن الشعبي، وعن ابن مردويه عن الشعبي، وعن عبد الرزّاق، وعن الحسن، ومن طريق ابن أبي شيبة، وأبي الشيخ، وابن مردويه، عن عبيد الله بن عبيده، ومن طريق الفرياني، عن ابن سيرين، وعن ابن جرير، عن محمّد بن كعب القرظي، ومن طريق ابن جرير، وأبي الشيخ، عن الضحّاك، وعن الحافظين أبي نعيم؟، وابن عساكر بإسنادهما عن أنس باللفظ المذكور.

٢٠٢

ومنهم الصفوري في نزهة المجالس: ج ٢ ص ٢٤٢ ونقلاً عن شوارد الملح وموارد المنح: أنّ العباس، وحمزة رضي الله عنهما، تفاخرا فقال حمزة: أنا خير منك لأنّي على عمارة الكعبة. وقال العبّاس: أنا خيرٌ منك لأنّي على سقاية الحاجّ فقال: نخرج إلى الأبطح ونتحاكم إلى أوّل رجل نلقاه فوجدا عليّا رضي الله عنه، فتحاكما على يديه فقال: أنا خير منكما لأنّي سبقتكما إلى الإسلام. فأخبر النبيّ بذلك فضاق صدره لافتخاره على عمّيه، فأنزل الله تعالى تصديقا لكلام عليّ وبيان فضله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) الآية.

١٢-روى الحاكم الحسكاني في شواهد التنـزيل: ج ١ ص ٣٨٣ ط ٣، قال: أخبرنا ابن فنجويه، قال: حدّثنا (عبيد الله بن محمّد) بن شنبة، حدّثنا عبيد الله بن أحمد بن منصور الكسائي قال: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدّثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد:

عن الشعبي في قوله تعالى( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) قال: نزلت في عليّ والعبّاس رضي الله عنهما.

و(رواه أيضا) مروان بن معاوية، عن إسماعيل، مثله.

وأورد الحاكم الحسكاني في شواهد التنـزيل في الحديث ٣٣٤ ص ٣٨٤ قال:

أخبرنا أبو عبد الله الدينوري -قراءةً-قال: حدّثنا عبد الله بن سيف بن أحمد بن مالك، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن بختويه، قال: حدّثنا عمرو بن ثور، وإبراهيم بن سفيان، قالا: حدّثنا محمّد بن يوسف الفريابي قال: حدّثنا قيس(بن الربيع)، عن أشعث بن سوار، عن ابن سيرين قال:

قدم عليّ بن أبي طالب من المدينة إلى مكّة فقال للعبّاس: [يا عمّ ألا تهاجر؟ ألا تلحق برسول الله؟ فقال: أعمر المسجد الحرام، واحجب البيت. فأنزل الله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ]. وقال لقوم قد سمّاهم: [ألا تهاجرون؟ ألا تلحقون برسول الله)؟ فقالوا: نقيم مع إخواننا وعشائرنا ومساكننا. فأنزل الله تعالى( قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ ) ] الآية ٢٤ سورة التوبة.

وأورد الحسكاني في شواهد التنـزيل: ج ١ ص ٣٨٩ ط ٣ في الحديث ٣٣٨ قال:

٢٠٣

أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي قال: أخبرنا أبو بكر الجرجرائي قال: حدّثنا أبو أحمد البصري قال: حدّثنا أبو العبّاس الكديمي قال: حدّثنا أحمد بن معمر قال: حدّثنا الحسين بن عمرو الأسدي، عن السدّي عن أبي مالك:

عن ابن عباس (في) قوله تعالى:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) قال: افتخر العباس بن عبد المطّلب فقال: أنا عمّ محمّد، وأنا صاحب سقاية الحاجّ، وأنا أفضل من عليّ، وقال: شيبة بن عثمان: أنا أعمر بيت الله وصاحب حجابته وأنا أفضل، فسمعهما عليّ وهما يذكران ذلك، فقال: [أنا أفضل منكما، أنا المجاهد في سبيل الله ] فأنزل الله فيهم:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) يعني العباس،( وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) يعني شيبة،( كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) إلى قوله:( أَجْرٌ عَظِيمٌ ) ففضّل عليهما.

وروى الحاكم الحسكاني في شواهد التنـزيل ج ١ ص ٣٩٠ في الرقم ٣٣٩ قال:

حدّثني الحاكم الوالد أبو محمد، قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن عثمان ببغداد، قال: أخبرنا عليّ بن محمّد بن أحمد المصري قال: حدّثنا جبرون بن عيسى قال: حدّثنا يحيى بن سليمان القرشي قال: حدّثنا عبّاد بن عمد الصمد أبو معمر عن أنس بن مالك، قال:

قعد العباس بن عبد المطّلب، وشيبة صاحب البيت يفتخران حتّى أشرف عليهما عليّ بن أبي طالب فقال له العبّاس على رسلك يا ابن أخي فوقف له عليّ فقال له العبّاس: أنّ شيبة فاخرني أنّه أشرف منّي. قال: (فماذا قلت (له)يا عمّاه؟).

قال: قلت له: أنا عمّ رسول الله ووصيّ أبيه وساقي الحجيج أنا أشرف منك.

فقال (عليّ) لشيبة: (فماذا قلت يا شيبة)؟ قال: قلت له: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته وخازنه، أفلا ائتمنك (عليه) كما ائتمني؟

فقال لهما عليّ: (اجعلا لي معكما فخراً). قالا: نعم.

قال: [فأنا أشرف منكما، أنا أوّل من آمن بالوعيد من ذكور هذه الأمّة وهاجر وجاهد ].

فانطلقوا ثلاثتهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فجثّوا بين يديه فأخبر كلّ واحد منهم بمفخرته فما أجابهم رسول الله بشيء، فانصرفوا عنه فنـزل الوحي بعد أيّام فيهم فأرسل إليهم ثلاثتهم حتّى أتوه فقرأ عليهم النبيّ صلّى الله عليه واله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) إلى آخر العشر قرأها أبو معمر مختصراً.

٢٠٤

وجاء في تفسير الميزان للسيد محمّد حسين الطباطبائي عليه الرحمة الواسعة ج ٩ ص ٢٠٥ قال:

وكيف كان فالآية –(المراد التاسعة عشر)-وما يتلوها من الآيات تبين أنّ الزنة والقيمة إنمّا هو للعمل إذا كان حيّاً بولوج روح الإيمان فيه وأمّا الجسد الخالي الّذي لا روح فيه ولا حياة له فلا وزن له في ميزان الدين ولا قيمة له في سوق الحقائق فليس للمؤمنين أن يعتبروا مجرّد هياكل الأعمال، ويجعلوها ملاكات للفضل وأسباباً للقرب منه تعالى إلّا بعد اعتبار حياتها بالإيمان والخلوص. ومن هذه الجهة ترتبط الآية:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) وما بعدها من الآيات بالآيتين اللّتين قبلها:( مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّـهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ ) إلى آخر الآيتين.

وبذلك كلّه يظهر أوّلاً أنّ قوله:( وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) جملة حاليّة تبيّن وجه الإنكار لحكمهم بالمساواة في قوله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ ) الآية.

وثانياً: أنّ المراد بالظلم هو ما كانوا عليه من الشرك في حال السقاية والعمارة، لاحكمهم بالمساواة بين السقاية والعمارة وبين الجهاد عن إيمان.

وثالثاً: أنّ المراد نفي أن ينفعهم العمل ويهديهم إلى السعادة الّتي هي عظم الدرجة والفوز والرحمة والرضوان والجنّة الخالدة.

وجاء في تفسير الميزان ج ٩ ص ٢١٥ قال:

وفي الدرّ المنثور أخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة وابن عساكر عن أنس قال: قعد العبّاس وشيبة صاحب البيت يفتخران فقال العبّاس: أنا أشرف منك أنا عمّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج، فقال شيبة: أنا أشرف منك أنا أمين الله على بيته وخازنه أفلا ائتمنك كما ائتمنني؟

فاطّلع عليهما عليّ فأخبراه بما قالا فقال عليّ: [أنا أشرف منكما أنا أوّل من آمن وهاجر ]، فانطلق ثلاثتهم إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فأخبروه فما أجابهم بشيء فانصرفوا فنـزل الوحي بعد أيّام فأرسل إليهم فقرأ عليهم:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) إلى آخر العشر.

٢٠٥

وفي تفسير القميّ عن أبيه عن صفوان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزلت في عليّ والعبّاس وشيبة. قال العباس: أنا أفضل لأنّ سقاية الحاجّ بيدي، وقال شيبة: أنا أفضل لانّ حجابة البيت بيدي، وقال عليّ: أنا أفضل فإنّي آمنت قبلكما ثمّ هاجرت وجاهدت فرضوا برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فأنزل الله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ -إلى قوله-إِنَّ اللَّـهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) .

وروى الحافظ أبو نعيم، أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق المعروف بأبي نعيم الاصبهاني، في كتاب: ما نزل من القرآن في عليّ عليه السلام، ص ٩٨ قال:

حدّثنا سليمان بن أحمد، قال: حدّثنا عبد الرحمان بن سليم الرازي قال: حدّثنا سهل بن عثمان، قال: حدّثنا يحيى بن زكريّا بن أبي زائده، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر (الشعبي) قال:

نزلت:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ) في عليّ عليه السلام والعباس رضي الله عنه وطلحة بن أبي شيبة.

وروى أيضا، قال: حدّثنا سليمان بن أحمد قال: حدّثنا بكر بن سهل، قال: حدّثنا عبد الغني بن سعيد، قال: حدّثنا موسى بن عبد الرحمان، عن أبي جريح، عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه.

وعن مقاتل، عن الضحّاك، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ) (قال:) نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه السلام والعباس رضي الله عنه وطلحة بن شيبة.

وكذلك فقد روى في كتاب خصائص الوحي المبين ص ٨٤ ط ١.

وروى السيوطي في تفسير الآية الكريمة في تفسيره الدرّ المنثور، قال:

وأخرج ابن مردويه عن الشعبي قال: كانت بين عليّ عليه السلام والعباس منازعة فقال العباس لعليّ عليه السلام: أنا عمّ النبيّ وأنت ابن عمّه وإليّ سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام فأنزل الله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) .

٢٠٦

وكذلك السيوطي في الدرّ المنثور: وأخرج عبد الرزّاق، وابن أبي شيبة، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي قال: نزلت هذه الآية:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) في العبّاس وعليّ عليه السلام. تكلّمنا في ذلك.

وأورد ابن المغازلي في الحديث: ٣٦٧ من كتاب مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ص ٣٢١ قال:

أخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان، حدّثنا أبو عمر محمّد بن العباس بن حيويه الخزاز إذناً، حدّثنا محمّد بن حمدويه المروزي، حدّثنا أبو الموجه حدّثنا عبدان عن أبي حمزة، عن إسماعيل:

عن عامر (الشعبي)، قال: نزلت هذه الآية:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) في عليّ والعبّاس.

وكذلك فقد روى ابن المغازلي في الحديث ٣٦٨ من كتاب المناقب ص ٣٢٢ قال: أخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد بن سهل النحوي، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن علي السقطي، حدّثنا أبو محمّد يوسف بن سهل بن الحسين القاضي، حدّثنا الحضرميّ، حدّثنا هنّاد بن أبي زياد، حدّثنا موسى بن عبيده الربذي عن عبد الله بن عبيدة الربذي قال: قال عليّ للعبّاس: يا عمَّ لو هاجرت إلى المدينة قال: أولست في أفضل من الهجرة؟. ألست أسقي حاجّ بيت الله الحرام وأعمر المسجد الحرام؟ فأنزل الله تبارك وتعالى:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) الآية.

وروى أبو حاتم عبد الرحمان بن محمّد بن إدريس الرازي في تفسير الآية الكريمة في الحديث: ١٠٠٦٤ وتاليه من تفسيره: ج ٦ ص ١٧٦٧، قال:

حدّثنا أبي حدّثنا ابن أبي عمر العدني حدّثنا سفيان، عن ابن أبي خالد وزكريّا: عن الشعبي قال: تكلّم عليّ والعبّاس وشيبة في السقاية والحجابة فأنزل الله تعالى:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ) .

(و) حدّثنا المحسن بن محمّد بن الصباح، حدّثنا مروان بن معاوية الفزاري عن إسماعيل بن أبي خالد؛ قال: قال الشعبي: نزلت سقاية الحاجّ في عبّاس وعليّ رضي الله عنهما.

وكذلك فقد روى أبو حاتم عبد الرحمان الرازي في تفسير الآية الكريمة في الحديث ١٠٠٧٢ من تفسيره ج ٦ ص ١٧٦٩-قال:

٢٠٧

قال عليّ للعبّاس: لو هاجرت إلى المدينة؟ قال(العبّاس) أولست في أفضل (من) الهجرة؟ ألست أسقي الحاجّ وأعمّر المسجد الحرام؟ فنـزلت هذه الآية، (أي):( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿١٩﴾ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّـهِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ) فجعل الله للمدينة فضل درجة على مكّة.

وروى الطبري عند تفسيره للآية الكريمة في تفسيره: ج ١٠ ص ٩٦ قال:

حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزّاق، قال: أخبرنا معمر عن عمرو، عن الحسن قال:

نزلت (الآية) في عليّ وعبّاس وعثمان وشيبة تكلّموا في ذلك فقال العبّاس: ما أراني إلّا تارك سقايتنا.فقال رسول الله: أقيموا على سقايتكم فإنّ لكم فيها خيراً.

قال(ابن يحيى: و)أخبرنا عبد الرزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن إسماعيل عن الشعبي قال: نزلت (الآية) في عليّ والعبّاس تكلّما في ذلك.

حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضل، حدّثنا أسباط عن السدّي (في قوله تعالى):( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ ) قال: إفتخر عليّ وعباس وشيبة بن عثمان، فقال العباس: أنا أفضلكم أنا أسقي حجّاج بيت الله، وقال شيبة: أنا أعمّر مسجد الله. وقال عليّ: أنا هاجرت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأجاهد معه في سبيل الله. فأنزل الله:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّـهِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿٢٠﴾ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ ) .

والنسائي روى في سننه الكبرى عن محمّد بن كعب القرظي على ما رواه عنه رزين بن معاوية العبدري في كتابه الجمع بين الصحاح الستّة كما في الفصل ٩ من كتاب الوحي المبين ص ١١٥.

وروى الواحدي والثعلبي نقلاً عن الحسن والشعبي والقرظي كما في تفسير الآية الكريمة من كتاب أسباب النـزول ص ١٨٢ والفصل: ٩ من خصائص الوحي المبين ص ١١٤ ط ٢.

٢٠٨

وروى محمّد بن سليمان الصنعائي في الحديث ٨٤ من مناقب عليّ، بسنده عن ابن سيرين، الورق ٣٤/أ وفي ط ١ ج ١ ص ١٤٩ قال:

حدّثنا عثمان بن محمّد، قال: حدّثنا جعفر، قال حدّثنا يحيى عن (أبي عبد الرحمان) المسعودي عن أبي قتيبة التميمي -واسمه ثابت بن سليم- عن محمّد بن سيرين قال في قول الله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب.

وأورد ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق، في الحديث ٩٠٩ من ترجمة أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام، قال:

أخبرنا أبو القاسم عليّ بن إبراهيم العلوي قال: قرأت على عمّي الشريف أبي البركات عقيل بن العباس، قلت له: أخبركم الحسين بن عبد الله بن محمّد بن أبي كامل.

وأخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة السلمي، أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن هشام بن سوار العبسي الداراني، أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن محمّد بن إسحاق، أنبأنا أبو علي أحمد بن محمّد بن عبد السلام البيروتي أنبأنا جبرون بن عيسى بن يزيد البلوي بمصر، أنبأنا يحيى بن سليمان، عن أبي معمر عبّاد بن عبد الصمد، عن أنس، أنّه قال:

قعد العبّاس وشيبة صاحب البيت يفتخران، فقال له العبّاس: أنا أشرف منك، أنا عمّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج، فقال شيبة: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته، وخازنه، أفلا ائتمنك كما ائتمنني؟ فهما على ذلك يتشاجران حتّى أشرف عليهما عليّ، فقال له العبّاس: على رسلك يا ابن أخ، فوقف عليّ عليه السلام، فقال له العباس: إنّ شيبة فاخرني، فزعم أنّه أشرف منّي، فقال: فما قلت له؟ قال: قلت له: أنا عمّ رسول الله ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج، أنا أشرف منك، فقال لشيبة: ماذا قلت له أنت يا شَيبة؟ قال: قلت له: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته، وخازنه أفلا ائتمنك-زاد العلوي-الله عليه، وقالا: كما ائتمنني؟ قال: فقال لهما: اجعلا لي معكما مفخراً، قالا: نعم. قال: فأنا أشرف منكما، أنا أوّل من آمن بالوعيد من ذكور هذه الأمّة، وهاجر، وجاهد، فانطلقوا -زاد العلوي ثلاثتهم -إلى النبيّ فجثوا بين يديه فأخبر كلّ واحد منهم بمفخره، فما أجابهم النبيّ بشيء، فانصرفوا عنه فنـزل الوحي -زاد العلوي: -عليه بعد أيّام فيهم فأرسل إليهم ثلاثتهم حتّى أتوه فقرأ عليهم:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) . إلى آخر العشر قرأها أبو معمر.

٢٠٩

وروى السيد هاشم البحراني في تفسيره البرهان: ج ٢ ص ١١٠ ط ٢ هذه الواقعة عند تفسيره للآية الكريمة.

وأورد الرواية في كتابه غاية المرام ص ٣٦٣.

وروى الطبرسي، عن الحاكم الحسكاني في تفسيره مجمع البيان: ج ٥ ص ٢٣ هذه المفاخرة التي دارت بين العباس، وشيبة،...

وروى محمّد بن سليمان الكوفي من كتاب مناقب عليّ عليه السلام، الورق ٣١/ب وفي ط ١ ج ١ ص ١٣٤ في الحديث ٧٤ قال:

حدّثنا أحمد بن عبدان البرذعي قال: حدّثنا سهل بن سفيان، قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن عبد ربّه قال:

سمعت سهل بن سعد الساعدي صاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: بينا العباس وشيبة يتقاولان، شيبة يقول: أنا خير منك يا عباس إذ البيت لي، وقال العبّاس: أنا خير منك إذ السقاية لي، ثمّ اتّفقوا على أن أوّل من يستقبلهم يختصمون إليه: فاستقبلهم عليّ...والخ.

وروى أيضا الحمويني في الحديث ١٧٠ في الباب ٤١ من السمط الأوّل من كتابه فرائد السمطين ج ١ ص ٢٠٣ ط بيروت قال:

أخبرني شيخنا مجد الدين أبو الفضل بن أبي الثناء بن مودود إجازة، أخبرنا أبو محمّد عبد المجيب بن أبي القاسم بن زهير الحربي إجازة، عن أبي الفضل محمّد بن ناصر السلامي إجازة، عن محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن ماشاذة إجازة عن الصاحب الأجل السعيد نظام الملك أبو علي الحسن بن عليّ بن إسحاق إجازة بجميع موسوعاته، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحَدّاد - سماعاً عليه في ذي القعدة سنة سبعين وأربعمئة - قال: أنبأنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق الإصفهاني قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن عثمان، قال: حدّثنا عليّ بن محمود (كذا) المصري قال: حدّثنا جبرون بن عيسى بن يزيد البلوي بمصر، أنبأنا يحيى بن سليمان، عن أبي معمر عبّاد بن عبد الصمد، عن أنس أنّه قال:

٢١٠

قعد العباس وشيبة صاحب البيت يفتخران، فقال له العباس: أنا أشرف منك، أنا عمّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم،ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج. فقال شيبة: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته، وخازنه، أفلا ائتمنك كما ائتمنني؟ فهما على ذلك يتشاجران حتّى أشرف عليهما عليّ. فقال له العباس: على رسلك يا ابن أخ، فوقف عليّ عليه السلام، فقال له العباس: إنّ شيبة فاخرني فزعم أنّه أشرف منّي، فقال: فما قلت له؟ قال: قلت له: أنا عمّ رسول الله، ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج، أنا أشرف منك. فقال لشيبة: ماذا قلت له أنت يا شيبة؟ قال: قلت له: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته، وخازنه، أفلا ائتمنك الله عليه كما ائتمنني؟ قال: فقال لهما: اجعلا لي معكما مفخراً. قالا: نعم. قال: فأنا أشرف منكما، أنا أوّل من آمن بالوعيد من ذكور هذه الأمّة، وهاجر، وجاهد. فانطلقوا إلى النبيّ فجثوا بين يديه فأخبر كل واحد منهم بمفخره، فما أجابهم النبيّ بشيء، فانصرفوا عنه فنـزل الوحي بعد أيّام فيهم فأرسل إليهم ثلاثتهم حتّى أتوه فقرأ عليهم:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) . إلى آخر العشر قرأها أبو معمر.

وروى الحافظ السروري في عنوان (المسابقة بالجهاد) في مناقب آل أبي طالب: ج ١، ص ٣٤٣ قال:

وروى إسماعيل بن (أبي) خالد عن عامر(الشعبي)، وابن جريح عن عطاء عن ابن عباس.

ومقاتل عن الضحّاك عن ابن عباس، وابن أبي خالد وزكريّا عن الشعبي أنّه نزلت هذه الآية في عليّ بن أبي طالب.

روى الحافظ محمّد بن يوسف الكنجي في كفاية الطالب ص ٢٣٧ بسنده عن أنس بن مالك، قال:

٢١١

قال أنس، أنّه قال: قعد العباس وشيبة صاحب البيت يفتخران، فقال له العباس: أنا أشرف منك، أنا عمّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج. فقال شيبة: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته، وخازنه، أفلا ائتمنك كما ائتمنني؟ فهما على ذلك يتشاجران حتّى أشرف عليهما عليّ، فقال له العباس: إنّ شيبة فاخرني فزعم أنّه أشرف منّي. فقال: فما قلت له أنت يا عمّاه؟ قال: قلت له: أنا عمّ رسول الله صلّى الله عليه وآله، ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج، أنا أشرف منك. فقال لشيبة: ماذا قلت أنت يا شيبة؟ قال: قلت له: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته، وخازنه أفلا ائتمنك كما ائتمنني؟ قال: فقال لهما: إجعلا لي معكما مفخراً. قالا: نعم. قال: فأنا أشرف منكما، أنا أوّل من آمن بالوعيد من ذكور هذه الأمّة، وهاجر، وجاهد. وانطلقوا ثلاثتهم إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فأخبر كلّ واحد منهم بمفخره فما أجابهم النبيّ صلّى الله عليه وآله بشيء فانصرفوا عنه، فنـزل جبرئيل عليه السلام بالوحي بعد أيّام فيهم، فأرسل النبيّ صلّى الله عليه وآله إليهم ثلاثتهم حتّى أتوه فقرأ عليهم:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) . إلى آخر العشر.

قلت: هكذا رواه ابن جرير الطبري، وذكره من طرق شتّى، وهذا سياق محدّث الشام في تاريخه معنعنا(١) .

وجاء في كتاب: ما روته العامّة من مناقب أهل البيت (ع) للشرواني ص ٧١-٧٢ في ذكره للآيات النازلة في فضل الإمام علي ّ (ع)، قال:

الثانية: قال عزّ من إسمه:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ ) الآيات.

قال في جامع الأصول في باب فضائله صلوات الله عليه من كتاب الفاء: قال: إفتخر طلحة بن شيبة بن عبد الدّار، والعبّاس بن عبد المطّلب وعليّ بن أبي طالب عليه السلام، قال طلحة: أنا صاحب البيت، ومعي مفتاحه، ولو أشأ بت فيه.

____________________

(١) وردت الرواية فيما يلي، تفسير الطبري: ج ١٠ ص ٥٩، تفسير القرطبي: ج ٨ ص ٩١، تفسير الرازي: ج ٤ ص ٤٢٢، تفسير الخازن: ج ٢ ص ٢٢١، الفصول المهمّة ص ١٢٣، تفسير ابن كثير: ج ٢ ص ٣٤١، الدرّ المنثور: ج ٣ ص ٢١٨، ينابيع المودّة ص ٩٣.

٢١٢

وقال العبّاس: أنا صاحب السقاية، ولو أشأ بت في المسجد.

قال عليّ: [ما أدري ما تقولون: لقد صلّيت إلى القبلة ستّة أشهر قبل النّاس، وأنا صاحب الجهاد ] فأنزل الله تعالى:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ ) (١) الآية.

وقال: إفتخر عليٌّ والعبّاس وشيبة، قال العباس: أنا أسقي حاجّ بيت الله، وقال شيبة: أنا أعمّر مسجد الله.

وقال عليّ: [أنا هاجرت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله ] فأنزل الله عزّ وجلّ الآية. إنتهى(٢) .

قال البغوي في كتابه تفسير القرآن: قال الحسن والشعبي ومحمّد بن كعب القرظيّ: نزلت في عليّ والعبّاس وطلحة بن شيبة افتخروا، فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيديّ مفتاحه.

وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها.

وقال عليّ: [ما أدري ما تقولون، لقد صلّيت إلى القبلة ستّة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد ] فأنزل الله عزّ وجلّ:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) (٣) .

ثمّ قال: قوله عزّ وجلّ:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّـهِ ) (٤) . من الّذين افتخروا بعمارة المسجد الحرام، وسقاية الحاج.

قال الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار: إفتخر العبّاس بن عبد المطّلب، وطلحة بن شيبة، وعليّ بن أبي طالب، فقال العبّاس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها.

وقال طلحة: أنا صاحب البيت ومعي مفتاحه.

____________________

(١) جامع الأصول: ج ٨ ص ٦٦٣.

(٢) جامع الأصول: ج ٨ ص ٦٦٤.

(٣) معلم التنـزيل: ج ٣ ص ٢٠.

(٤) سورة التوبة، الآية ٢٠.

٢١٣

وقال عليّ: [ما أدري ما تقولون: أنا صلّيت إلى هذه القبلة قبلكما، وقبل الناس أجمعين لستّة أشهر ] فنـزلت( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ ) (١) الآية.

وقال في جامع الأصول -في الباب الخامس من الفن الأوّل من الركن وهو آخر الكتاب- في ذكر جماعة ذكروا رواية ولم ترد أسمائهم، مذكوراً في الأحاديث: حديث النعمان بن بشير في الّذين تفاخروا بسقاية الحاجّ، وعمارة المسجد الحرام، والجهاد في سبيل الله: صاحب السقاية هو العباس بن عبد المطّلب، وصاحب العمارة هو عثمان بن طلحة أو شيبة بن عثمان، وصاحب الجهاد عليّ بن أبي طالب. إنتهى

ورواه السيوطي عن ابن عباس، وعن الشعبي، وعن الحسن، وعن محمّد بن كعب القرظي، وعن أنس.

وقال في الأوّل: أخرجه ابن مردويه.

وفي الثاني: أخرجه عبد الرزّاق، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه.

وقال الثالث: أخرجه عبد الرزّاق.

وفي الرابع: أخرجه ابن جرير.

وفي الخامس: أخرجه أبو نعيم، وابن عساكر.(٢)

وأورد الشيخ الطبرسي في تفسيره مجمع البيان المجلد الثالث ص ١٤ ط دار إحياء التراث العربي - بيروت - قال:

قيل: إنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه السلام والعباس بن عبد المطّلب، وطلحة بن شيبة، وذلك أنّهم افتخروا، فقال طلحة: أنا صاحب البيت وبيدي مفتاحه ولو أشاء بتّ فيه، وقال العبّاس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها، وقال عليّ (ع): [ما أدري ما تقولان، لقد صلّيت إلى القبلة ستّة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد ].

وقيل: إنّ عليّاً (ع) قال للعباس:ألا تهاجر وألا تلحق برسول الله ؟. فقال: ألست في أفضلٍ من الهجرة.

____________________

(١) ربيع الأبرار: ج ٣ ص ٤٢٣.

(٢) الدرّ المنثور: ج ٤ ص ١٤٤.

٢١٤

سورة التوبة الآيتان ٢٠-٢١

( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّـهِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿٢٠﴾ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ )

١-الحسين بن الحكم الحبري -الكوفي-جاء في كتابه ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام ص ٥٩:

وقوله:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّـهِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿٢٠﴾ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ ) نزلت في عليّ بن أبي طالب خاصّة.

وروى الطبريّ في تفسيره ج ١٠ ص ٩٦ قال:

حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزّاق، قال: أخبرنا معمر، عن عمرو، عن الحسن قال: حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضل، حدّثنا أسباط، عن السدّي (في قوله تعالى):( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ ) .

قال: إفتخر عليّ وعبّاس وشيبة بن عثمان فقال العباس: أنا أفضلكم أنا أسقي حجّاج بيت الله. وقال شيبة: أنا أُعمّر مسجد الله. وقال عليّ: أنا هاجرت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأجاهد معه في سبيل الله، فأنزل الله:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّـهِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿٢٠﴾ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ ) .

وجاء في تفسير الميزان للطباطبائي: ج ٩ ص ٢٠٤ قال:

٢١٥

بل يدلّ قوله تعالى في الآية التالية في مقام بيان أجر هؤلاء المجاهدين في سبيل الله عن إيمان:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ) على أنّ طرفي التسوية في قوله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ ) الآية كانا من أهل مكّة، وأنَّ أهل أحد الطرفين وهو الّذي آمن وجاهد كان ممّن أسلم وهاجر، وأهل الطرف الآخر أسلم ولم يهاجر فإنّ هذا هو الوجه في ذكره تعالى أوّلاً الإيمان والجهاد في أحد الطرفين ثمّ إضافة الهجرة إلى ذلك عندما أعيد ثانياً، وقد ذكر تعالى السقاية والعمارة في الجانب الآخر ولم يزد على ذلك شيئاً لا أوّلاً ولا ثانياً فما هذه القيود بلاغيّة في قوله الفصل.

ثمّ قال الطباطبائي في ج ٩ ص ٢٠٥:

قوله تعالى:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ) إلى آخر الآية بيان لحقّ الحكم الّذي عند الله في المسألة بعد إنكار المساواة، وهو أنّ الّذي آمن وهاجر وجاهد في سبيل الله ما استطاع ببذل ما عنده من مال ونفس، أعظم درجة عند الله، وإنّما عبّر في صورة الجمع - الّذين آمنوا إلخ- إشارة إلى أنّ ملاك الفَضل هو الوصف دون الشخص.

وفي ص ٢١٠ ج ٩ من الميزان، قال الطباطبائي:

وفي تفسير القمّيّ قال: وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزلت هذه الآية في عليّ بن أبي طالب:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا -إلى قوله -الْفَائِزُونَ ) ثمّ وصف ما لعليّ عليه السلام عنده فقال:( يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ ) .

وأورد الشيرواني في كتاب: ما روته العامّة في مناقب أهل البيت (ع)، في الآيات النازلة في فضل الإمام عليّ عليه السلام، قال في ص ٧١:

قال البغوي في كتابه تفسير القرآن: قال الحسن والشعبي ومحمّد بن كعب القرظي: نزلت في عليّ والعبّاس وطلحة بن شيبة، افتخروا فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه.

وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها.

وقال عليّ: [ما أدري ما تقولون، لقد صلّيت إلى القبلة ستّة أشهر قبل النّاس، وأنا صاحب الجهاد ].

فأنزل الله عزّ وجلّ:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ........... ) .

ثمّ قال: قوله عزّ وجلّ:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّـهِ ) من الّذين افتخروا بعمارة المسجد الحرام وسقاية الحاج.

٢١٦

سورة التوبة الآية ٢٣

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ )

جاء في تفسير الميزان للسيد محمّد حسين الطباطبائي ج ٩ ص ٢١٦ قال:

وفي تفسير البرهان عن ابن شهر آشوب، عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ) قال: [الإيمان ولاية عليّ بن أبي طالب ].

سورة التوبة الآية ٢٦

( ثُمَّ أَنزَلَ اللَّـهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ )

أخرج الحافظ الحاكم الحسكاني في شواهد التنـزيل ج ١ ص ٣٩٥ ط ٣، قال:

أخبرنا محمّد بن عبد الله الصوفي قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن محمّد الحافظ، قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى بن أحمد، قال: حدّثنا أحمد بن عمّار، قال: حدّثنا زكريّا بن يحيى قال: حدّثنا بن مفضّل بن يونس، عن تليد بن سليمان:

عن الضحّاك بن مزاحم في قول الله تعالى:( ثُمَّ أَنزَلَ اللَّـهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) الآية، قال: نزلت في الّذين ثبتوا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم حنين: عليٌّ والعبّاس وأبو سفيان بن الحارث (بن عبد المطّلب) في نفر من بني هاشم.

وأورد الحاكم الحسكاني في الشواهد ج ١ ص ٣٩٥ ط ٣، عند الرقم ٣٤٣ قال:

أخبرني الحسين بن أحمد، قال: أخبرني عبد الرحمان بن محمّد، قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن خالد قال: حدّثنا أحمد بن حرب الزاهد قال: حدّثني صالح بن عبد الله الترمذي، عن الحسين بن محمّد، عن المسعودي، عن الحكم بن عُتَيْبة قال: أربعة لا شكّ فيهم أنّهم ثبتوا يوم حنين فيهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

وجاء في تفسير الميزان للطباطبائي ج ٩ ص ٢٣١ قال:

٢١٧

ولماّ صلّى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأصحابه الغداة انحدر في وادي حنين فخرجت عليهم كتائب هوازن(المشركون) من كلّ ناحية، وانهزمت بنو سليم(من المسلمين ممّن كانوا في جيش رسول الله (ص) ) وكانوا على المقدّمة وانهزم ما وراءهم، وخلّى الله تعالى بينهم وبين عدوّهم لإعجابهم بكثرتهم وبقى عليّ عليه السلام ومعه الراية يقاتلهم في نفر قليل ومرّ المنهزمون برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يلوون على شيء.

وكان العبّاس بن عبد المطّلب أخذ بلجام بغلة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، والفضل عن يمينه، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب عن يساره، ونوفل بن الحارث وربيعة بن الحارث في تسعة من بني هاشم، وعاشرهم أيمن بن أُمّ أيمن، وفي ذلك يقول العبّاس:

نصرنا رسول الله في الحرب تسعة

وقد فرّ مَن قد فرّ عنه فأقشعوا

وقولي إذا ما الفضل كرَّ بسيفه

على القوم أخرى يا بنيّ ليرجعوا

وعاشرنا لاقى الحمام بنفسه

لما ناله في الله لا يتوجــّـع

أقول:

فهؤلاء العشرة الذين ثبتوا مع النبيّ وعليٌّ (ع) معه الراية، وفيهم نزلت الآية الكريمة( ثُمَّ أَنزَلَ اللَّـهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ )

وجاء في تفسير الميزان ج ٩ ص ٢٢٦ قوله:

فهذا الّذي ذكرناه ممّا يقرّب إلى الاعتبار أن يكون المراد بالمؤمنين الّذين ذكر نزول السكينة عليهم هم الّذين ثبتوا مع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وأمّا سائر المؤمنين ممّن رجع بعد الانكشاف فهم تحت شمول قوله( ثُمَّ يَتُوبُ اللَّـهُ مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) يشمل من شملته العناية منهم كما يشمل من شملته العناية والتوفيق من كفّار هوازن و ثقيف ومن الطلقاء والّذين في قلوبهم مرض.

٢١٨

سورة التوبة الآية ٣٦

( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّـهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ )

أورد أبو الحسن الفقيه محمّد بن عليّ بن شاذان في المناقب المائة - المنقبة الحادية والأربعون -

ص ٢٨-٢٩ من طرق العامّة، قال:

عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول:

[معاشر الناس: إعلموا أنّ لله تعالى باباً من دخله آمن من النار، ومن الفزع الأكبر. إلى أن قال (ص): معاشر الناس: من سرّه ليقتدي بي فعليه أن يتوالى ولاية علىّ بن أبي طالب والأئمّة من ذريّتي فأنّهم خزّان علمي. فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله (ص) ما عدّة الأئمّة ؟

قال (ص):يا جابر سألتني -رحمك الله- عن الإسلام بأجمعه عدّتهم عدّة الشهور، وهو عند الله، اثنى عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض. .. الحديث ].

وأورد الطباطبائي في تفسير الميزان ج ٩ ص ٢٧٣ قال:

في تفسير العيّاشي عن أبي خالد الو اسطيّ في حديث ثمّ قال: -يعني أبا جعفر عليه السلام- حدّثني أبي عن عليّ بن الحسين عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لماّ ثقل في مرضه قال: أيّها الناس إنّ السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ثمّ قال بيده: رجب مفرد وذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم ثلاث متواليات.

أقول: وقد ورد في عدّة روايات تأويل الشهور الاثني عشر بالأئمّة الاثني عشر، وتأويل الأربعة الحرم بعليّ أمير المؤمنين وعليّ بن الحسين وعليّ بن موسى وعليّ بن محمّد عليهم السلام،وتأويل السنة برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وانطباقها على الآية بما لها من السياق لا يخلو عن خفاء.

وجاء في كتاب الدرّ الثمين -خـمسمائة آية نزلت في مولانا أمير المؤمنين (ع) - ص ١٢١ للحافظ رجب بن محمّد بن رجب البرسي قال:

٢١٩

ثمَّ سمّاه وعترته عليهم السلام الشهور والأيّام فقال:( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا ) فهؤلاء الشهور إلى آخر الدهور.

ثمَّ جعل من ولّى عن ولايته كافراً وأمر نبيّه أن لا يصلِّي عليه فقال:( وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ) الآية ٨٤ من سورة التوبة.

قال ابن عباس: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: [لو أنَّ عبداً صام النهار، وقام الليل، ثم لقي الله بغير ولايتنا، لقي الله وهو عليه غضبان ](١) .

ثمَّ قال: قال ابن عباس: الصادقون عليٌّ وعترته عليهم السلام، فالداخل- من دون الفِرَق- في زمرتهم، يحشر يوم القيامة في زمرتهم، ويدخل الجنّة بشفاعتهم.

قال جابر الجُعْفِي: سألت أبا جعفر عليه السلام عن تأويل قول الله عزّ وجلّ:( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّـهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أنفسكم ) قال: فتنفّس سيّدي الصعداء، ثمَّ قال: [يا جابر أمّا السنة فهي جدّي رسول الله (ص) وشهورها اثنى عشر شهراً، فهو أمير المؤمنين عليه السلام وأبي وأنا وابني جعفر وابنه موسى وابنه عليّ وابنه محمّد وابنه عليّ وإلى ابنه الحسن وإلى ابنه محمّد الهادي المهدي، إثنا عشر إماماً حجج الله في خلقه وأمناؤه على وحيه وعلمه. والأربعة الحرم الّذين هم الدين القيّم أربعة، منهم يخرجون باسم واحد: عليّ أمير المؤمنين وأبي عليّ بن الحسين وعليّ بن موسى وعليّ بن محمد.

فالإقرار بهؤلاء هو الدين القيم، ولا تظلموا فيهنَّ أنفسكم، أي قولوا بهم جميعاً تهتدوا، عليهم السلام ].

الغيبة للشيخ: ٩٦، وإلزام الناصب: ج ١ ص ٦٥، وتفسير نور الثقلين: ج ٢ ص ٢١٥ ج ١٤٠، والهداية الكبرى: ٣٧٧.

____________________

(١) وللمراجعة، تفسير العيّاشي: ج ٢ ص ٨٩، بحار الأنوار: ج ٢٧ ص ٢٠١، والكنى والالقاب: ج ١ ص ٣٧٠.

٢٢٠

وعن داود بن كثير عن أبي عبد الله الصادق (ع)، قال (ع):.....ثمَّ نادى يا سماعة بن مهران ائتني بسلّة الرطب، فأتاه بسلّة الرطب فتناول منها رطبة فأكلها واستخرج النواة من فمه فغرسها في الأرض ففلقت وأنبتت وأطلعت وأغذقت، فضرب بيده إلى بسرة من عذق فشقّها، فاستخرج منها رقاً أبيض ودفع إليّ وقال: إقرا. فقرأته وإذا فيه سطران: السطر الأوّل: (لا إله إلّا الله محمّد رسول الله) والثاني( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّـهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، الحسن بن عليّ، الحسين بن عليّ، عليّ بن الحسين، محمّد بن عليّ، جعفر بن محمد، موسى بن جعفر، عليّ بن موسى، محمّد بن عليّ، عليّ بن محمّد، الحسن بن عليّ، والخلف الحجّة) ثمّ قال (ع): [يا داود أتدري متى كتب هذا في هذا ؟ قلت: الله أعلم ورسوله وأنتم، قال:قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام ] عوالم العلوم: ج ١٥ ص ٢٧٤، ومناقب آل أبي طالب: ج ١ ص ٣٠٧ فصل في النكت والإشارات، وغيبة النعماني:ص ٨٧ ج ١٨.

سورة التوبة الآية ٧٤

( يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّـهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ )

روى السيد هاشم البحراني في كتابه غاية المرام ص ٤٣٩ قال:

عن أبي جعفر الطبريّ مسنداً إلى ابن عباس أنّه قال:

إنّ سادات قريش كتبت صحيفة تعاهدوا فيها على قتل عليّ، ودفعوها إلى أبي عبيدة بن الجراح -أمين قريش- فنـزلت: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلّا هو رابعهم) الآية. فطلبها النبيّ (ص) منه، فدفعها إليه.

فقال (ص): [كفرتم بعد إسلامكم ؟].

فحلفوا بالله: إنّهم لم يهمّوا بشيء منه.

فأنزل الله:

( يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ) .

٢٢١

سورة التوبة - الآية ١٠٠

( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ والأنصار وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )

جاء في شواهد التنـزيل للحاكم الحسكاني ج ١ ص ٤٠٠ ط ٣، قال عند الرقم ٣٤٧:

فرات بن إبراهيم الكوفي قال: حدّثني جعفر بن محمّد بن هشام، قال: حدّثنا عبادة بن زياد قال: حدّثنا أبو معمر سعيد بن خُثَيْم، عن محمّد بن خالد الضبّي وعبد الله بن شريك العامري، عن سليم بن قيس:

عن الحسن بن عليّ عليهما السلام أنّه حمد الله وأثنى عليه وقال:( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ) الآية، [فكما أنّ للسابقين فضلهم على مَن بعدهم كذلك لأبي عليّ بن أبي طالب فضيلة على السابقين بسبقه السابقين ] في كلام طويل، والحديث رواه فرات بن إبراهيم الكوفي عند تفسيره للآية الكريمة تحت الرقم ١٨٥ من تفسيره ص ٥٧ ط ١ وفي الحديث ٣٤٨ من شواهد التنزيل ج ١ ص ٤٠٠ للحاكم الحسكاني قال:

أخبرنا عقيل قال: أخبرنا علي قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا أبو عمر عبد الملك بن علي - بكازرون-قال: حدّثنا أبو مسلم الكشي، قال: حدّثنا القعنبي، عن مالك، عن سُمَيّ، عن أبي صالح:

عن ابن عباس (من قوله تعالى):( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ) قال: نزلت في عليّ، سبق الناس كلّهم بالإيمان بالله وبرسوله، وصلّى القبلتين وبايع البيعتين، وهاجر الهجرتين، ففيه نزلت هذه الآية.

وروى النسائي في خصائص أمير المؤمنين، فقد ورد في فضائل الخمسة ج ٢، نقلا عن الخصائص، وباسناده عن عمرو بن عبّاد بن عبد الله، قال: قال عليّ: [أنا عبد الله، وأخو رسول الله (ص) وأنا الصدّيق الأكبر، لا يقولها بعدي إلّا كاذب، آمنت قبل الناس سبع سنين ].

ومن فضائل الخمسة ج ٢، ونقلا عن الكامل، حيث روى ابن عديّ من الكامل عن حذيفة قال:

٢٢٢

أخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بيد عليّ فقال:

[هذا أوّل من آمن بي، وأوّل من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصدّيق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمّة ]

وجاء في تذكرة الخواص ص ١٢٠ لسبط ابن الجوزي، باسناده عن عبد الله بن صالح العجلي عن عليّ عليه السلام من خطبة له على منبر الكوفة وفيها:

[أللّهم إنّي أوّل من أناب، وسمع وأجاب، لم يسبقني إلاّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالصّلاة ]. وأورد سبط ابن الجوزي من التذكرة ص ٢٠ ط. النجف قال علماء السير: معناه كونوا مع عليّ (ع) وأهل بيته.

وجاء من تفسير الميزان: ج ٩ ص ٣٨١، للسيد محمّد حسين الطباطبائي: قال: وفي تفسير البرهان (للسيد هاشم البحراني) عن مالك بن أنس عن أبي صالح عن ابن عباس، قال:

( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ) نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وهو أسبق الناس كلّهم بالإيمان، وصلّى على القبلتين، وبايع البيعتين بيعة بدر وبيعة الرضوان، وهاجر الهجرتين مع جعفر من مكّة إلى الحبشة ومن الحبشة إلى المدينة.

نقل ابن الصبّاغ المالكي، قول الامام الثعلبي من تفسيره للآية الكريمة( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ ) أنّه روى عن ابن عباس وجابر بن عبد الله الأنصاري، وزيد بن أرقم، ومحمّد بن المنكدر، وربيعة المرائي، أنّهم قالوا: أوّل من آمن برسول الله (ص) بعد خديجة أم المؤمنين، هو عليّ بن أبي طالب وأنّ الامام عليّ (ع) أوّل من أسلم وآمن برسول الله، يقرّ ويصرّح به الكثير من كبار علماء المسلمين، مثل البخاريّ ومسلم في الصحيح والإمام أحمد بن حنبل في مسنده، وابن عبد البر في الاستيعاب: ج ٣ ص ٣٢ والامام النسائي في الخصائص، وسبط بن الجوزي في التذكره، ص ٦٣ (من طبعة أخرى غير التي نقلتها آنفا) والحافظ الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة، باب ١٢ نقلا عن مسلم والترمذي، وابن أبي الحديد من شرح نهج البلاغة: ج ١٣ ص ٢٢٤ طبعة إحياء الكتب العربيّة، والحمويني (الحمّوئي) من فرائد السبطين، والمير السيد الهمداني في مودَّة القربى، والترمذي في الجامع: ج ٢ ص ٢١٤.

وكذلك ابن حجر الهيثمي من الصواعق المحرقة، ومحمد بن طلحة القرشي في مطالب السؤول - الفصل الاوّل - وغيرهم من كبار ومشاهير علماء أبناء السنّة والجماعة وكذا محدّثيهم، فقد ذكروا بأنّ النبيّ (ص) بعث يوم الاثنين وآمن به عليّ يوم الثلاثاء.

٢٢٣

وفي رواية وصلّى عليّ يوم الثلاثاء، وقالوا: إنّه أوّل من آمن برسول الله من الذكور.

وكما جاء في مطالب السؤول لمحمّد بن طلحة القرشي: ولماّ أنزل الوحي على رسول الله (ص) وشرّفه الله سبحانه وتعالى بالنبوّة كان عليّ (ع) يومئذ لم يبلغ الحلم وكان عمره اذ ذاك في السنة الثالثة عشر، وقيل: أقلّ من ذلك، وقيل أكثر منه وأكثر الأقوال وأشهرها: أنّه لم يكن بالغاً، فإنّه أوّل من أسلم وآمن برسول الله (ص) من الذكور، وقد ذكر الامام عليّ (ع) ذلك وأشار إليه من أبيات قالها ونقلها عنه الثقات ورواها النقلة الأثبات وهي ما يلي:

محمَّدٌ النبيُّ أخي وصنوي

وحمزة سيِّد الشهدآء عمّي

وجعفر الّذي يُضحي ويُمسي

يطير مع الملائكة ابن اُمّي

وبنت محمّد سكني وعرسي

منوطٌ لحمها بدمي ولحمي

سبقتكمُ إلى الإسلام طرّاً

غلاماً ما بلغت أوان حلمي

فأوجب لي ولايته عليكم

رسول الله يوم غدير خمِّ

فويلٌ ثمَّ ويلٌ ثمَّ ويلٌ

لمن يلقى الإله غداً بظلمي

ونقل الطبري من تاريخه: ج ٢ ص ٢٤١، والترمذي من الجامع: ج ٢ ص ٢١٥ والامام أحمد بن حنبل في مسنده: ج ٤ ص ٣٦٨ وابن الأثير في تاريخه الكامل: ج ٢ ص ٢٢، والحاكم من المستدرك: ج ٤ ص ٣٣٦، ومحمد بن يوسف القرشي الكنجي من كفاية الطالب: الباب الخامس والعشرون وغيرهم من العلماء الثقات رووا بإسنادهم عن ابن عباس:أوّل من صلّى عليّ بن أبي طالب.

وجاء في كتاب ينابيع المودّة للحافظ الشيخ سليمان القندوزي الحنفي من الفصل الرابع من ينابيعه، لماّ وصل للامام عليّ (ع) أنّ معاوية افتخر عليه بملك الشام، قال لغلامه: أكتب ما أملي، فأنشد الامام عليّ (ع):

محمَّدٌ النبيُّ أخي وصنوي

وحمزة سيِّد الشهدآء عمّي

وبعد أن ذكر الأبيات قال القندوزي: قال البيهقي: إنّ هذا الشعر ممّا يجب على كل مؤمن أن يحفظه، ليعلم مفاخر عليّ (ع) في الإسلام.

٢٢٤

وذكر الحافظ القندوزي من كتابه ينابيع المودّة من الباب الثاني عشر، فقد نقل واحداً وثلاثين خبراً ورواية عن الترمذي والحمويني وابن ماجة وأحمد بن حنبل والحافظ أبي نعيم والامام الثعلبي وابن المغازلي، وأبي المؤيّد الخوارزمي والديلمي وغيرهم بعبارات مختلفة والمعنى واحد وهو أنّ عليّا (عليه السلام) أوّل من آمن وأسلم وصلّى مع رسول الله (ص).

وينقل الرواية الشريفة من أواخر الباب من كتابه المناقب بالاسناد عن أبي زبير المكّي عن جابر بن عبد الله الأنصاري التالية: -

عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: [إن الله تبارك وتعالى اصطفاني واختارني وجعلني رسولاً وأنزل عَليَّ سيّد الكتب، فقلت: إلهي وسيّدي إنّك أرسلت موسى إلى فرعون فسألك أن تجعل معه أخاه هارون وزيراً، يشدّ به عضده، ويصدّق به قوله، وأنّي أسألك يا سيّدي وإلهي أن تجعل لي من أهلي وزيرا تشدّ به عضدي، فاجعل لي عليّاً وزيراً وأخاً، واجعل الشجاعة في قلبه، وألبسه الهيبة على عدوّه، وهو أوّل من آمن بي وصدّقني وأوّل من وحدَّ الله معي.

وأنّي سألت ذلك ربّي عزّ وجلّ فأعطانيه، فهو سيّد الأوصياء، اللحوق به سعادة، والموت في طاعته شهادة، واسمه في التوراة مقرون إلى إسمي، وزوجته الصّديقة الكبرى ابنتي، وابناه سيّدا شباب أهل الجنّة ابناي، وهو وهما والأئمّة بعدهم حجج الله على خلقه بعد النبيّين، وهم أبواب العلم في أمّتي من تبعهم نجا من النار ومن اقتدى بهم هُدي إلى صراط مستقيم لم يهب الله محبّتهم لعبد إلّا أدخله الله الجنّة ]

وجاء في كتاب ما نزل من القرآن من أهل البيت (ع)، للحسين بن الحكم الحبري الكوفي، قال:

وفي قوله( اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) الآية، نزلت في عليّ بن أبي طالب خاصّة.

وقال العلّامة الخركوشي في كتاب (شرف المصطفى) روي، أي مع محمّد وآل محمّد (صلوات الله عليهم)

وقال العلّامة محمّد صالح الكشفي الترمذي في (مناقب مرتضوي) ص ٤٣ ط يمني مطبعة محمّدي: روى عن ابن عباس: أي كونوا مع عليّ بن أبي طالب.

وقال العلامة الآلوسي في تفسيره (روح المعاني): ج ١١ ص ٤١ ط المنيريّة بمصر:

روي أنَّ المراد كونوا مع عليّ كرم الله وجهه بالخلافة.

٢٢٥

وأورد الحافظ سليمان القندوزي من الباب الثاني عشر من كتابه ينابيع المودّة، وغيره من العلماء بإسنادهم عن أنس بن مالك، أنّ النبيّ (ص) قال: [صلّت الملائكة عَليَّ وعلى عليٍّ سبع سنين، وذلك أنّه لم ترفع شهادة أن لا إله الّا الله إلى السماء إلّا منّي ومن عليّ ] وجاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ٤ ص ١٢٥ طبعة دار إحياء الكتب العربيّة، بعد ما نقل روايات كثيرة في سبق الامام علي (ع) إلى الايمان، وأخرى مخالفة، قال ابن أبي الحديد: فدلّ مجموع ما ذكرناه أنّ عليّاً عليه السلام، أوّل الناس إسلاماً، وأنّ المخالف في ذلك شاذٌ والشاذ لا يعتد به.

وأورد الامام الحافظ أحمد بن شعيب النسائي، صاحب أحد مؤلّفي الصحاح الستّة، له كتاب (خصائص الامام عليّ (ع) ) فإنّه روى أوّل حديث في هذا الكتاب بإسناده عن زيد بن أرقم، قال: أوّل من صلّى مع رسول الله (ص) عليّ رضي الله عنه، وروى شيخ الاسلام أبو إسحاق إبراهيم بن سعد الدّين محمّد بن المؤيّد الحمويه الخراساني بإسناده في كتابه (فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين) في السمط الاوّل من الباب الثامن والخمسين، حيث روى مناشدة الامام عليّ (ع) أيام خلافة عثمان بن عفّان، في مسجد رسول الله (ص) في المدينة المنوّرة. وكانت قريش تفاخر، فأقبل القوم على الامام، فقالوا: يا أبا الحسن ما يمنعك أن تتكلّم؟ فقال: [ما من الحيّين إلّا وقد ذكر فضلاً وقال حقّاً، فأنا أسألكم يا معشر قريش والأنصار، بمن أعطاكم الله هذا الفضل، بأنفسكم وعشائركم وأهل بيوتاتكم أم بغيركم؟ قالوا: بل أعطانا الله ومنَّ به علينا بمحمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وعشيرته لا بأنفسنا وعشائرنا ولا بأهل بيوتاتنا، قال: صدقتم يا معشر قريش والأنصار، ألستم تعلمون أنّ الّذي نلتم من خير الدنيا والآخرة منّا أهل البيت خاصَّة دون غيرهم، وأنّ ابن عمّي رسول الله (ص) قال: وإنّي وأهل بيتي كنّا نوراً يسعى بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق الله عزَّ وجلَّ آدم عليه السلام بأربعة عشر ألف سنة، فلمّا خلق الله تعالى آدم عليه السلام وضع ذلك النّور في صلبه وأهبطه إلى الأرض، ثمَّ حمله في السفينة في صلب نوح عليه السلام، ثمّ قذف به في النار في صلب إبراهيم عليه السلام ثمّ لم يزل الله عزَّ وجلَّ ينقلنا في الأصلاب الكريمة إلى الأصلاب الطّاهرة من الآباء والامّهات لم يلق منهم على سفاح قطَّ. فقال أهل السابقة والقدمة وأهل بدر وأهل أحد، نعم قد سمعنا من رسول الله (ص) ثمّ قال:أنشدكم الله؟ إنّ الله عزَّ وجلَّ فضَّل في كتابه السابق على المسبوق في غير آية، وإنّي لم يسبقني إلى الله عزَّ وجلَّ وإلى رسول الله (ص) أحد من أهل الأمّة، قالوا: أللّهم نعم،

٢٢٦

قال: فأنشدكم الله؟ أتعلمون حيث نزلت( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ، السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) ؟ سئل عنها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:فقال أنزلها الله تعالى ذكره في الأنبياء وأوصيائهم، فأنا أفضل أنبياء الله ورسله وعليّ بن أبي طالب وصّيي أفضل الأوصياء: ثمّ قالوا: أللّهم نعم. قال: فأنشدكم الله أتعلمون حيث نزلت يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم؟ وحيث نزلت لم تتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة؟ قال النّاس: يا رسول الله أخاصَّة في بعض المؤمنين؟ أم عامَّة لجميعهم؟ فأمر الله عزَّ وجلَّ نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يعلّمهم ولاة أمرهم، وأن يُفسِّر لهم من الولاية ما فسَّر لهم من صلاتهم وزكاتهم وحجّهم وينصبني للنّاس بعد غدير خم ثمّ خطب وقال: أيّها الناس إنّ الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أنّ الناس مكذِّبي فأوعدني لأبلّغها أوليعذّبني، ثمّ أمر فنودي بالصّلاة جامعة ثمّ خطب فقال: أيّها الناس أتعلمون أنَّ الله عزّ وجلّ مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: قم يا عليّ فقمت فقال:من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهم وال مَن والاه، وعادِ من عاداه . فقام سلمان فقال يارسول الله ولاءً كماذا؟ فقال: ولاءٌ كولاي من كنت أولى به من نفسه. فأنزل الله تعالى ذكره: اليوم أكملت لكم دينكم الآية. فكبَّر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقال: الله أكبر تمام نبوّتي وتمام دين الله ولاية عليٍّ بعدي. فقام أبو بكر وعمر فقالا: يا رسول الله هؤلاء الآيات خاصَّة في عليّ (ع)؟ قال بلى فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة. قالا: يا رسول الله بيَّنهم لنا: قال (ص):عليٌّ وزيري ووارثي ووصييّ وخليفتي في أمَّتي ووليّ كل مؤمن بعدي، ثمّ ابني الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ تسعة من ولد ابني الحسين، واحدٌ بعد واحد، القرآن معهم وهم مع القرآن لايفارقونه ولا يفارقهم حتّى يردوا علّي الحوض. فقالوا كلّهم: أللّهم نعم قد سمعنا ذلك وشهدنا كما قلت وقال بعضهم قد حفظنا جلَّ ما قلت لم نحفظ كلّه، وهؤلاء الّذين حفظوا أخيارنا وأفاضلنا فقال عليُّ عليه السلام: صدقتم ليس كلّ النّاس يستوون في الحفظ.

أنشد الله عزّ وجلّ مَن حفظ ذلك من رسول الله (ص) لما قام فأخبر به ؟

٢٢٧

فقام زيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمّار فقالوا نشهد لقد حفظنا قول رسول الله وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: [أيّها الناس :إنّ الله عزَّ وجلَّ أمر أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيي وخليفتي والّذي فرض الله عزَّ وجلَّ على المؤمنين في كتابه طاعته، فقَّرب بطاعته طاعتي وأمركم بولايته، وإنّي راجعت ربّي خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني لأبلّغها أو ليعذّبني، يا أيّها الناس: إنّ الله أمركم في كتابه بالصّلاة فقد بيّنها لكم والزكاة والصوم والحج فبيّنها لكم وفسّرتها. وأمركم بالولاية وإنّي أشهدكم أنَّها لهذا خاصّة، ووضع يده على عليّ بن أبي طالب، قال: ثمّ لابنه بعده ثمّ للأوصياء من بعدهم من ولدهم لايفارقون القرآن ولايفارقهم حتّى يردوا عليّ حوضي. أيّها الناس: قد بيّنت لكم مفزعكم بعدي وإمامكم ووليّكم وهاديكم وهو أخي عليّ بن أبي طالب، وهو فيكم بمنزلتي فيكم، فقلّدوه دينكم وأطيعوه في جميع أموركم، فإنّ عنده جميع ما علّمني الله من علمه وحكمته فسلوه وتعلّموا منه ومن أوصيائه بعده، ولاتعلّموهم ولا تتقدّموهم ولا تخلّفوا عنهم فإنّهم مع الحقّ والحقُّ معهم لايزايلونه، ولا يزايلهم ]. ثمّ جلسوا الحديث. هذا لفظ الحمويني ومن كتاب سليم نفسه ومع إختلاف يسير و زيادات.

عن كتاب الغدير: ج ١ ص ٢٠٥.

روى العلّامة الكنجي الشافعي في (كفاية الطالب) في الباب الخامس والعشرين بإسناده عن ابن عباس، قال: [اوّل من صلّى عليّ عليه السلام ] ثمّ نقل اختلاف الأقوال في ذلك وخصَم النـزاع بقوله: والمختار من الروايات عندي قول ابن عباس، ويدلّ عليه قول عبد الرحمن بن حَنْبل الجُمَحيّ حين بويع عليّ (ع):

لَعمري لقد بايعتُم ذا حَفيظةٍ

على الدِّين معروفَ العَفافِ موفَّقا

عفيفاً عن الفحشاء أبيضَ ماجداً

صَدوقاً وللجبّار قِدْماً مصدِّقا

أبا حسنٍ فارضَوا به وتمسَّكوا

فليس لمن فيه يرى العيب منطقا

عليٌّ وصيُّ المصطفى وابن عمّه

وأوّلُ من صلّى لذي العرش واتّقى

وقال الفضل بن العباس في قصيده له:

وكان وليّ الأمر بعد محمّد

عليّ وفي كلّ المواطن صاحبه

وصيّ رسول الله حقّا وصهره

وأوّلُ مَن صلّى وما ذمّ جانبه

٢٢٨

وقال خزيمة ذو الشهادتين:

إذا نحن بايعنا عليّاً فحسبنا

أبو حسنٍ ممّا نخاف من الفتنْ

وأوّلُ من صلّى من الناس واحداً

سوى خيرةِ النسوان والله ذو المننْ

ويعني بقوله خيرة النسوان، خديجة بنت خويلد أم المؤمنين زوجة النبيّ (ص) وفي هذا الأمر -حول إيمان الإمام عليّ (ع) وأنّه أوّل من أسلم وآمن- نقل الحافظ سليمان القندوزي الحنفي في الباب الثاني عشر من ينابيع المودّة روايات كثيرة جداً في أنّ أوّل من صلّى وآمن هو عليّ بن أبي طالب (ع) حيث روى: أنشد بعض أهل الكوفة، أيّام صفِّين في مدحه للإمام عليّ (ع):

أنت الإمام الّذي نرجو بطاعته

يوم النشور من الرحمن غفرانا

أوضحت من ديننا ما كان مشتبها

جزاك ربّك عنّا فيه إحسانا

نفسي فداءٌ لخير النّاس كلّهم

بعد النبيّ عليٌّ الخير مولانا

أخي النبيّ ومولى المؤمنين معاً

وأوّل النّاس تصديقاً وإيمانا

وأخرج السيد الطباطبائي في تفسير الميزان ج ٩ ص ٣٨١ قال:

وفي تفسير البرهان (للسيد هاشم البحراني) عن مالك بن أنس عن أبي صالح عن ابن عباس قال:( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ ) نزلت في أمير المؤمنين (ع) وهو أسبق الناس كلّهم بالإيمان، وصلّى على القبلتين، وبايع البيعتين -بيعة بدر وبيعة الرضوان- وهاجر الهجرتين مع جعفر من مكّة إلى الحبشة ومن الحبشة إلى المدينة.

جاء في الحديث ١٢٥ في فضائل أهل البيت من فضائل الصحابه لأحمد بن حنبل ص ٩٢ قال:

أحمد بن حنبل حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن أبي حمزة، عن زيد بن أرقم قال:

أوّل من أسلم مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عليّ بن أبي طالب وفي الحديث ١٢٨ قال:

أحمد بن حنبل: حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا شعبة، عن سلمة بن كهيل قال:

٢٢٩

سمعت حبّة العرني، يقول: سمعت عليّا يقول:

[أنا أوّلُ رجلٍ صلّى -أو أسلم- مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ].

وأورد الشيخ الطبرسي في تفسيره المجلد الثالث ص ٦٥ ط دار إحياء التراث العربي - بيروت، قال:

وأورد الشيخ الطبرسي في تفسيره (مجمع البيان) المجلد الثالث، الجزء ١١ ص ٦٥ ط دار إحياء التراث العربي - بيروت قال:

واختلف في أوّل من أسلم من المهاجرين فقيل أوّل من آمن خديجة بنت خويلد ثم عليّ بن أبي طالب (ع) وهو قول ابن عباس وجابر بن عبد الله وأنس وزيد بن أرقم ومجاهد وقتادة وابن إسحاق و غيرهم، قال أنس: بُعث النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم الإثنين وصلّى عليّ عليه السلام وأسلم يوم الثلاثاء، وقال مجاهد وابن إسحاق: أنّه أسلم وهو ابن عشر سنين وكان مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، أخذه من أبي طالب وضمّه إلى نفسه، يربيّه في حجره وكان معه حتّى بعث نبيّاً، وقال الكلبي: أنّه أسلم وله تسع سنين وقيل: إثنتى عشرة سنة عن أبي الأسود، قال السيد أبو طالب الهروي: وهو الصحيح. وفي تفسير الثعلبي روى إسماعيل بن إياس بن عفيف عن أبيه عن جدّه عفيف قال: كنت امرءاً تاجراً فقدمت مكّة أيّام الحج فنـزلت على العباس بن عبد المطّلب، وكان العبّاس لي صديقاً وكان يختلف إلى اليمن يشتري العطر فيبيعه أيّام الموسم فبينما أنا والعباس بمنى إذ جاء رجل شاب حين حلقت الشمس في السماء فرمى ببصره إلى السماء ثمّ استقبل الكعبة فقام مستقبلها فلم يلبث حتّى جاء غلام فقام عن يمينه، فلم يلبث أن جاءت امرأة فقامت خلفهما، فركع الشاب فركع الغلام والمرأة، فخرَّ الشاب ساجداً فسجدا معه فرفع الشاب فرفع الغلام والمرأة فقلت: يا عباس أمر عظيم، فقال: أمر عظيم فقلت: ويحك ما هذا فقال: هذا ابن أخي محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب يزعم أنّ الله بعثه رسولاً وأنّ كنوز كسرى وقيصر ستفتح عليه، وهذا الغلام عليّ بن أبي طالب وهذه المرأة خديجة بنت خويلد وزوجة محمّد تابعاه على دينه، وأيم الله ما على ظهر الأرض كلّها أحد على هذا الدّين غير هؤلاء فقال عفيف الكندي: -بعدما أسلم ورسخ الإسلام في قلبه- ياليتني كنت رابعاً.

وروي أنّ أبا طالب قال لعليّ عليه السلام: أي بنيّ ما هذا الدّين الّذي أنت عليه؟ قال: يا أبه أمنت بالله ورسوله وصدّقته فيما جاء به وصلّيت معه فقال له: إنّ محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يدعوا إلّا إلى خير فالزمه.

٢٣٠

وروى عبد الله بن موسى عن العلاء بن صالح عن المنهال بن عمرو عن عبّاد بن عبد الله، قال: سمعت عليّاً (ع) يقول: [أنا عبد الله وأخو رسوله، وأنا الصدّيق الأكبر، لا يقولها بعدي إلّا كذّاب مفتر، صلّيت قبل الناس بسبع سنين. ]

وفي مسند السيد أبي طالب الهروي مرفوعاً إلى أبي أيّوب، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: [صلّت الملائكة عَلَيَّ وعلى عليّ سبع سنين وذلك أنّه لم يصلّ فيها أحدٌ غيري وغيره ].

وروى العلامة جمال الدين بن مكرم في (مختصر تاريخ دمشق) ج ١٧ ص ١١٨ -المخطوط - بإسناده عن عبد الرحمن بن عوف في قوله تعالى:( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ) قال: هم عشرة من قريش، كان أوّلهم إسلاماً عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).

وروى كذلك العلامة عبد القادر الحسيني الطبري الشافعي المكّي، إمام مسجدي الحرام والقدس، في كتابه (عيون المسائل في أعيان الرسائل) ص ٨٤ ط مصر سنة ١٣١٦ هـ قال:

روى الواحدي بسنده إلى أبي سعيد، وقال الثعلبي في تفسير قوله تعالى:( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ والأنصار ) هو: عليّ بن أبي طالب، وبذلك قال ابن عباس، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وزيد بن أرقم، ومحمّد بن المنكدر، وربيعة وأورد العلّامة المظفّر في كتابه (دلائل الصدق) ج ٢ ص ١٥٦ و ٢٧٠ بروايته عن (كشف الغمّة) لابن مردويه.

روى ابن المغازلي في كتابه: المناقب ص ١٣ في الحديث ١٧ بإسناده إلى عبد الرحمن بن سعيد مولى أبي تراب الأنصاري قال قال رسول الله (صلّى الله عليه واله): [صلّت الملائكة عَليَّ وعلى عليّ سبع سنين، وذلك أنّه لم يصلّ معي أحدٌ غيره ]. وأورد في ص ١٤ في الحديث ١٩ وبإسناده إلى أنس بن مالك بهذا المعنى.

وأورد الحافظ ابن حجر الهيثمي في كتابه (الصواعق المحرقة) ص ١٢٣ ط. مصر، قال:

أخرج الديلمي عن عائشة، والطبراني، وابن مردويه، بروايتهم وإسنادهم إلى ابن عباس، قال:

أنَّ النبيّ (صلّى الله عليه واله) قال: [ألسبق ثلاثة: فالسابق إلى موسى، يوشع بن نون. والسابق إلى عيسى، مؤمن آل ياسين. والسابق إلى (محمّد صلّى الله عليه وآله)، عليّ بن أبي طالب عليه السلام ].

٢٣١

وروى العلامة سبط بن الجوزي في (التذكرة) (تذكرة الخواص) ص ٢١ ط-النجف وبإسناده عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أوّل من صلّى مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عليّ بن أبي طالب، وفيه نزلت هذه الآية.

وممن أورد هذا المعنى:

العلّامة محبّ الدين الطبري في (الرياض النضرة) ص ١٥٨ ط. مصر.

وكذلك ابن كثير الدمشقي في تفسيره: ج ٤ ص ٢٨٣ ط مصر

وكذا السيوطي في تفسيره: الدرّ المنثور ج ٦ ص ١٥٤ ط مصر.

سورة التوبة الآية ١١٩

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) .

الحسين بن الحكم الحبري الكوفي: ورد في كتابه ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام، ص ٥٩:

وفي قوله( اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) نزلت في عليّ بن أبي طالب خاصّة، ورواه الحبري في أوّل سورة التوبة من تفسيره عن حسن بن حسين عن حبّان عن الكلبي عن أبي صالح: عن ابن عباس في قوله( اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) نزلت في عليّ بن أبي طالب خاصّة.

وجاء في الدرّ المنثور: ج ٣ ص ٢٩٠ لجلال الدين السيوطي أنّ الآية في عليّ بن أبي طالب.

لقد ذكر الكثير من العلماء المفسّرين من أهل السّنة والجماعة، أنّ المقصود في الآية الكريمة، من الصادقين النبيّ محمّد (ص) والإمام عليّ (ع)، وممن صرّح بذلك: ما ذُكر في الأعلى ١، ٢

وجلال السيوطي في الدرّ المنثور والحافظ أبو نعيم في كتابه ما نزل من القرآن في عليّ عليه السلام، والخطيب الخوارزمي في المناقب، والحافظ سليمان القندوزي في كتابه: ينابيع المودّة الباب ٣٩، وشيخ الاسلام الحمويني في فرائد السمطين، ومحمّد بن يوسف الكنجي الشافعي في كفاية الطالب، الباب ٦٢ عن تاريخ دمشق لابن عساكر وهؤلاء كلّهم اتّفقوا على أنّ المقصود في الآية الكريمة هم رسول الله والأئمّة من أهل بيته وعترته منهم.

٢٣٢

العلامة سبط الجوزي من (التذكرة) ص ٢٠ ط النجف: قال علماء السيرة معناه كونوا مع عليّ (ع) وأهل بيته.

العلامة الخركوشي في كتابه: شرف ا لمصطفى روي، أي مع محمّد (ص) وآل محمّد (صلوات الله عليهم).

وقال العلّامة محمّد صالح الكشفي الترمذي في: المناقب المرتضوي ص ٤٣ ط. بمبيء، مطبعة محمّدي،: روي عن ابن عباس: أي كونوا مع عليّ بن أبي طالب.

العلامة الآلوسي في تفسيره: روح المعاني ج ١١/ ص ٤١ ط. المنيريّة بمصر: روي أنّ المراد كونوا مع علي كرم الله وجهه بالخلافة.

(نقلا من كتاب ليالي بيشاور ص ٤٠٧).

الحافظ أبو نعيم، أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق المعروف بأبي نعيم الأصبهاني في الحديث ٢٣:

حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن مخلّد، قال حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، قال حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن ميمون، قال: حدّثنا محمّد بن مروان، عن محمّد بن السائب عن أبي صالح.

عن ابن عباس رضي الله عنه:( اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )

قال:هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام خاصّة.

الحديث ٢٤:

حدّثنا سليمان بن أحمد قال: حدّثنا محمّد بن عثمان، قال حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن ميمون، قال: حدّثنا محمّد بن الزبرقان، عن السرّي عن محمّد بن السائب الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس مثله.

الحديث ٢٥:

حدّثنا محمّد بن عمر بن سالم، قال: حدّثنا محمّد بن الحارث، قال حدّثنا أحمد بن الحجّاج، قال: حدّثنا عمّي محمّد بن الصّلت، قال: حدّثنا أبي:

٢٣٣

عن جعفر بن محمّد في قوله عزّ وجلّ( اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) قال: محمّد وعلي صلّى الله عليهما.

الخوارزمي في كتابه مناقب أمير المؤمنين، أواخر الفصل ١٧ ص ١٩٨، ط الغري، قال: وأنبأني أبو العلاء الحافظ الحسن بن أحمد العطّار الهمداني إجازه: أخبرني الحسن بن أحمد المقريء

أخبرني أحمد بن عبد الله الحافظ، أخبرني محمّد بن أحمد بن عليّ بن مخلد، أخبرني محمّد بن عثمان، حدّثني إبراهيم بن محمّد بن ميمون، حدّثني محمّد بن مروان، عن محمّد بن السائب المثلة.

ورواه السيد هاشم البحراني في تفسير الآية الكريمة من تفسير البرهان: ج ٢ ص ١٧٠ ط ٢

الثعلبي: أبو إسحاق أحمد بن محمّد من تفسيره ج ١/ الورق. قال: أخبرني عبد الله بن محمّد بن عبد الله، حدّثنا محمّد بن عثمان بن الحسن حدّثنا محمّد بن الحسين بن صالح، حدّثنا عليّ بن جعفر بن موسى حدّثنا جندل بن والق، حدّثنا محمّد بن عمر المازني حدّثنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنه في هذه الآية:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) قال: مع عليّ بن أبي طالب وأصحابه.

أنبأنا عبد الله بن حامد، حدّثنا محمّد بن عثمان، حدّثنا محمّد بن الحسين، حدّثنا عليّ بن العباس المقانعي حدّثنا جعفر بن محمّد بن الحسن، حدّثنا أحمد بن صبيح الأسدي حدّثنا مفصل بن صالح.

عن أبي جعفر (ع) في قوله( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) : [يعني مع آل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ].

الحافظ ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق: ج ٢ ص ٤٢١، في الحديث ٩٣٠ من ترجمة أمير المؤمنين قال:

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا عاصم بن الحسن، أنبأنا أبو عمر بن مهدي، أنبأنا أبو العباس بن عقدة، أنبأنا يعقوب بن يوسف بن زياد، أنبأنا عيسى بن حمّاد، عن أبيه عن جابر: عن أبي جعفر في قوله:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) قال (ع): [مع عليّ بن أبي طالب ].

رشيد الدين بن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب: ج ٣ ص ٣ (أنّ عليّا هو الصدق والصادق)

٢٣٤

وقال: ذكره الثعلبي في تفسيره عن جابر عن أبي جعفر (ع) وعن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.

وذكره إبراهيم الثقفي عن ابن عباس، والسدّي وجعفر بن محمّد عن أبيه قال: وفي تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان:

حدّثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر قال:( اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) أمر الله الصحابه أن يخافوا ثمَّ قال:( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) يعني محمّد وآل بيته.

وعن الخركوشي والثعلبي في كتاب شرف النبيّ والكشف قالا: روى الأصمعيّ عن أبي عمرو بن العلاء عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام) في هذه الآيه قال: محمّد وعليّ.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: [فنحن الصادقون عترته، وأنا أخوه في الدنيا والآخره ].

العلّامة الطباطبائي في تفسير الميزان ج ٩ ص ٤٠٨ قال:

وفي تفسير البرهان عن ابن شهر آشوب من تفسير أبي يوسف بن يعقوب بن سفيان، حدّثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله ) ، قال: أمر الله الصحابه أن يخافو الله. ثمَّ قال:( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) يعني مع محمّد وأهل بيته عليهم السلام.

أقول: وفي هذا المعنى روايات كثيرة عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام وقد روي في الدرّ المنثور عن ابن مردويه عن ابن عبّاس. وأيضا عن ابن عساكر عن أبي جعفر في قوله:( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) قالا: [مع عليّ بن أبي طالب ].

الشوكاني من تفسيره: فتح القدير، ج ٢ ص ٤١٤.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس، قال: [مع عليّ بن أبي طالب ]، يعني في قوله عزّ وجلّ:( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) .

إبن شهر آشوب جاء بكتابه، مناقب آل أبي طالب: ج ٣ ص ٩٢ ط. دار الأضواء:

ما أخرجه الكلبي وأبو صالح عن ابن عباس من قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) أي: [كونوا مع عليّ بن أبي طالب (ع) ] ثمَّ قال: وذكره الثعلبي في تفسيره عن جابر عن أبي جعفر (ع) وعن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. وذكره إبراهيم الثقفي عن ابن عباس، والسدّي، وجعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السلام.

٢٣٥

وعن تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان: حدّثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر، قال:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله ) ، أمر الله الصحابة أن يخافو الله، ثمَّ قال( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) يعني مع محمّد وأهل بيته.

قال أبو الورد: عن أبي جعفر الباقر (ع) قال:[( مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا ) (١) قال: عليّ وحمزة وجعفر ( فَمِنْهُمْ مَنْ قَـضَى نَحْبَهُ ) (٢) قال: عهده، وهو: حمزة وجعفر يعني الطيّار ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) (٣) قال :عليّ بن أبي طالب ].

وقال المتكلّمون: ومن الدلالة على إمامة عليّ (ع) قوله:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (٤) . فوجدنا عليّا بهذه الصفة لقوله تعالى:( وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ) (٥) يعني الحرب( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ ) (٦) فوقع الإجماع بأنَّ عليّا أولى بالإمامة من غيره: لأنّه لم يفرّ من زحفٍ قطّ.كما فرّ غيره في غير موضع.

الطبرسي، من تفسيره: مجمع البيان ج ٣ ص ١٠٤ ط. مؤسسة التأريخ العربي - بيروت:

قيل المراد بالصادقين هم الّذين ذكرهم الله في كتابه، وهو قوله تعالى:( مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ) (٧) منهم من قضى نحبه يعني حمزة بن عبد المطّلب، وجعفر بن أبي طالب، ومنهم من ينتظر يعني: عليّ بن أبي طالب.

وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، قال: كونوا مع الصادقين مع عليّ وأصحابه. وروى جابر عن أبي جعفر (ع) في قوله تعالى:( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) قال: [مع آل محمّد (ص) ].

السيد شرف الدين الموسوي من كتابه: المراجعات ص ٣٩.

____________________

(١) سورة الأحزاب: الآية ٢٣.

(٢) سورة الأحزاب: الآية ٢٣.

(٣) سورة الأحزاب: الآية ٢٣.

(٤) سورة التوبة: الآية ١١٩.

(٥) سورة البقرة: الآية ١٧٧.

(٦) سورة البقرة: الآية ١٧٧.

(٧) سورة الأحزاب: الآية ٢٣.

٢٣٦

ذكر قوله عزّ وجلّ( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) ، الصادقون هنا: رسول الله والأئمّة من عترته الطاهرة بحكم صحاحنا المتواترة. وهو الذي أخرجه الحافظ أبو نعيم، وموفّق بن أحمد ونقله ابن حجر في تفسير الآية الخامسة من الباب الحادي عشر من صواعقة ص ٩٠ عن الإمام زين العابدين وما ذكره في المراجعة السادسة ص ٢٣: وكان الامام أبو محمّد عليّ بن الحسين زين العابدين، وسيّد الساجدين (ع)، إذا تلا قوله تعالى( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) يدعوا الله عزّ وجلّ دعاءا طويلاً ويشتمل على طلب اللّحوق بدرجة الصادقين والدرجات العليّة، ويتضمن وصف المحن وما انتحلته المبتدعه المفارقة لأئمّة الدّين والشجرة النبويّة ثمّ يقول: وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا واحتجّوا بمتشابه القرآن فتأوّلوا بآرائهم، وإتّهموا مأثور الخبر فينا.

إلى أن قال: فإلى من يفزع خلف هذه الأمّة؟ وقد درست أعلام هذه الملّة ودانت الأمّة بالفرقة والإختلاف، يكفّر بعضهم بعضاً، والله تعالى يقول:( وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ ) (١) فمن الموثوق به على إبلاغ الحجّة وتأويل الحكم؟ إلاّ أعدال الكتاب وأبناء أئمّة الهدى، ومصابيح الدُّجى، الّذين احتجّ الله بهم على عباده، ولم يدع الخلق سُدى من غير حجّه، هل تعرفونهم أو تجدونهم إلاّ من فروع الشجرة المباركة، وبقايا الصفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهّرهم تطهيراً، وبرّأهم من الآفات وافترض مودّتهم في الكتاب.

العلّامة الشيخ الأميني في كتابه الغدير: ج ٢ ص ٣٥٤ ط. منشورات الأعلمي بيروت:

ومن شعر العبديّ:

آلُ النبيِّ محمّدٍ

أهلُ الفضائل والمناقبْ

المرشدون من العَمى

والمنقذون من اللوازبْ

الصّادقون النّاطقون

السّابقون إلى الرغائبْ

فولاهمُ فرضٌ من الرَّ

حمنِ في القرآنِ واجبْ

إلى آخره من القصيدة

____________________

(١) الآية ١٠٥ من سورة آل عمران.

٢٣٧

قوله الصادقون: إشارة إلى ما روي من قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) سورة التوبة: الآية ١١٩، من طريق الحافظ أبي نعيم وابن مردويه وابن عساكر وآخرين كثيرين عن جابر وابن عباس: أي كونوا مع عليّ بن أبي طالب، ورواه الكنجي الشافعي في (كفاية الطالب) ص ١١١. والحافظ السيوطي في الدرّ المنثور: ج ٣ ص ٢٩٠ وقال سبط ابن الجوزي الحنفي من تذكرته ص ١٠: قال علماء السير: معناه كونوا مع عليّ وأهل بيته، قال ابن عباس: عليٌ سيّد الصادقين.

الفيروز آبادي في كتابه فضائل الخمسة: ج ١، ص ٣٢٩.

أبو عبد الله محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي من كتابه، كفاية الطالب ص ٤٦: [سبّاق الأمم ثلاثةٌ لم يشركوا بالله طرفة عين: عليّ بن أبي طالب وصاحب ياسين، ومؤمن آل فرعون، فهم الصدّيقون: حبيب النجّار مؤمن آل ياسين، وحزقيل مؤمن آل فرعون وعليّ بن أبي طالب وهو أفضلهم ]، ثمَّ قال. هذا سندٌ اعتمد عليه الدار قطني واحتَّج به.

ورواه باللفظ الاوّل الحافظ السيوطي في الدرّ المنثور: ج ٦ ص ١٥٤ وابن حجر في الصواعق المحرقة ص ٧٤ وسبط ابن الجوزي في تذكره الخواص ص ١١.

وروي الحافظ المزّي في ترجمة الامام الصادق (ع) في كتابه تهذيب الكمال: ج ٥، ص ٨٤ ط ١ قال:

وقال محمّد بن الصّلت الأسدي، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد من قوله تعالى:( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) قال: [مع ]محمّد وعليّ.

وروى شيخ الاسلام أبو إسحاق إبراهيم بن سعد الدين محمّد بن المؤيّد الحمويه الخراساني، (الحمويني، الحمّوئي) الشافعي، في كتابه: فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين، من الباب ٦٨ في الحديث ٣١١ ج ١ ص ٣٧٠ قال:

٢٣٨

أخبرنا محمّد بن الحسين بن عبد الكريم الكرجي بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم محمّد بن علي الطوسي إجازة، قال: أنبأنا جدّي لأمّي أبو العباس محمّد بن العباس العصاري، قال أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمّد الثعلبي، قال: أخبرني عبد الله بن محمّد بن عبد الله، حدّثنا محمّد بن عثمان بن الحسن، حدّثنا محمّد بن الحسين بن صالح، حدّثنا عليّ بن جعفر بن موسى، حدّثنا جندل بن والق، حدّثنا محمّد بن عمر المازني، حدّثنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: في هذه الآية( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) قال:عليّ بن أبي طالب وأصحابه.

وبه أخبرنا الثعلبي قال: أنبأنا عبد الله بن حامد، حدّثنا محمّد بن عثمان، حدّثنا محمّد بن الحسين، حدّثنا عليّ بن عباس المقانعي، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الحسن، حدّثنا أحمد بن صبيح الأسدي، حدّثنا مفضل بن صالح عن أبي جعفر(ع) في قوله (تعالى):( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (قال: يعني) [مع آل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ].

ورواه السيد هاشم البحراني من الباب ٧٧ من كتابه غاية المرام، ص ٣٧٥ عن الثعلبي.

وكذلك فقد رواه السيد البحراني من الباب ٤٢ من غاية المرام ص ٢٤٨ بتسعة طرق.

وروى الشيخ الطوسي في الجزء التاسع من أماليه ج ١ ص ٢٦١، قال:

برواية أبو عمر بن مهدي، أنبأنا أبو العباس بن عقدة، أنبأنا يعقوب بن يوسف بن زياد، أنبأنا حسين بن حمّادة، عن أبيه عن جابر: عن أبي جعفر في قوله:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) قال(ع): [مع عليّ بن أبي طالب ].

وروى جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر كمال الدين السيوطي الشافعي، من تفسيره للآية الكريمة من كتاب التفسير الدرّ المنثور ج ٣ ص ٢٩٠ قال: عن ابن عساكر عن أبي جعفر، وعن ابن مردويه عن ابن عباس في قوله:( اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (قال: يعني) [مع عليّ بن أبي طالب ].

وجاء من كتاب (الدرّ الثمين، خمسمائة آية في أمير المؤمنين (ع) ) للحافظ رجب بن محمّد بن رجب البرسي، ص ١١٩ قال:

٢٣٩

ثمَّ جعله وعترته الصادقين وأمر عباده أن يكونوا معهم فقال:( اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) روى عبد الله بن عمر عن السدّي عن ابن عباس قال:

[الصادقين عليّ بن أبي طالب وعترته عليهم السلام ].

وقال الكليني: نزلت في عليّ عليه السلام خاصّة.

وأخرج الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل: ج ١ ط ٣ عدّة روايات فيمن نزلت الآية( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )

ففي الحديث الرقم ٣٥٢ ص ٤٠٥ قال:

أخبرنا أبو الحسن الفارسي قال: أخبرنا أبو بكر بن الجعابي قال: حدّثنا محمّد بن الحارث، قال: حدّثنا أحمد بن الحجّاج، قال: حدّثنا محمّد بن الصّلت قال: حدّثني أبي:

عن جعفر بن محمد(ع) من قوله:( اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) قال: [(يعني مع)محمّد وعليّ ].

وفي الرقم ٣٥٣ ص ٤٠٦ قال: أخبرونا عن أبي بكر محمّد بن الحسين بن صالح السبيعي قال: حدّثنا عليّ بن محمّد الدهّان، والحسين بن إبراهيم الجصّاص، قالا: حدّثنا حسين بن الحكم، قال: حدّثنا حسن بن حسين عن حبّان بن علي عن الكلبي، عن أبي صالح:

عن ابن عباس في قوله:( اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) نزلت في عليّ بن أبي طالب خاصّة.

وأورد الحسكاني في الحديث رقم ٣٥٤ ص ٤٠٧ قال:

ورواه بإسناد آخر عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، من هذه الآية:( اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) قال:مع عليّ وأصحاب عليّ .

وله طرق عن الكلبي من (تفسير) العتيق.

وأورد في الحديث رقم ٣٥٥ ص ٤٠٧ قال:

وقال: حدّثنا عليّ بن العباس المقانعي (قال:) حدّثنا جعفر بن محمّد بن الحسن، قال: حدّثنا أحمد بن صبيح الأسدي قال: حدّثنا مفضّل بن صالح عن جابر:

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416