النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء ٢

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين0%

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 416

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد فخر الدين
تصنيف: الصفحات: 416
المشاهدات: 71105
تحميل: 4088


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 416 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 71105 / تحميل: 4088
الحجم الحجم الحجم
النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

سورة التوبة الآية ١٩

( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )

قال الشرقاوي في كتابه: عليّ إمام المتّقين:

قال أحد الصحابة لعليّ: أنا خير منك فأنا أسقي الحجيج، وافتخر الآخر بأنّ له ولقومه عمارة البيت الحرام، فقال لهما عليّ: إنّه أسبقهما إلى الإسلام والهجرة والجهاد في سبيل الله.

ثمّ روى للنبيّ ما حدث فنـزلت الآية الكريمة( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) سورة التوبة الآية ١٩.

من كتاب، عليّ إمام المتّقين للشرقاوي: ج ١ ص ٦٢.

وجاء في كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت (ع)، للحسين بن الحكم الحبري، الكوفيّ ص ٥٩: وقوله( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) نزلت في ابن أبي طلحة (طلحة بن أبي شيبة)،( كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) الآية نزلت في ابن أبي طالب عليه السلام.

أخرج الشيخ الأميني في كتاب الغدير: ج ٢ ص ٧٢:

( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ ) .

أخرج الطبري في تفسيره: ج ١٠ ص ٥٩ بإسناده عن أنس أنّه قال: قعد العبّاس وشيبة (ابن عثمان) صاحب البيت يفتخران، فقال له العبّاس: أنا أشرف منك أنا عمّ رسول الله ووصيّ أبيه وساقي الحجيج. فقال شيبة: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته، وخازنه أفلا ائتمنك كما ائتمنني. فهما على ذلك يتشاجران حتّى أشرف عليهما عليٌ، فقال له العباس: إنَّ شيبة فاخرني فزعم أنَّه أشرف منّي، فقال: فما قلت له يا عمّاه؟ قال: قلت: أنا عمُّ رسول الله ووصيّ أبيه وساقي الحجيج أنا أشرف منك. فقال لشيبة: ماذا قلت أنت يا شيبة؟ قال قلت: أنا أشرف منك أنا أمين الله على بيته وخازنه أفلا ائتمنك كما ائتمنني. قال: فقال لهما: اجعلاني معكما فخراً، قالا: نعم. قال: فأنا أشرف منكما أنا أوّل من آمن بالوعيد من ذكور هذه الأمّة وهاجر وجاهد.

٢٠١

وانطلقوا ثلاثتهم إلى النبيّ فأخبر كلّ واحد منهم بمفخره فما أجابهم النبيّ بشيء فانصرفوا عنه، فنـزل جبرئيل عليه السلام بالوحي بعد أيّام فيهم، فأرسل النبيُّ إليهم ثلاثتهم حتّى أتوه فقرأ عليهم:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) الآية.

حديث هذه المفاخرة ونزول الآية فيها أخرجه كثير من الحفّاظ والعلماء مجملاً ومفصلاً منهم:

الواحدي في (أسباب النـزول) ص ١٨٢ نقلاً عن الحسن والشعبي والقرظي.

القرطبي في تفسيره: ج ٨ ص ٩١ عن السدّي.

الرازي في تفسيره: ج ٤ ص ٤٢٢.

الخازن في تفسيره: ج ٢ ص ١٢٢، قال: وقال الشعبي، ومحمد بن كعب القرظي: نزلت في عليّ بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطّلب، وطلحة بن أبي شيبة، افتخروا فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيدي مفاتيحه. وقال العباس: وأنا صاحب السقاية والقيام عليها. وقال عليّ: ما أدري ما تقولون، لقد صلّيت إلى القبلة ستّة أشهر قبل النّاس، وأنا صاحب الجهاد. فأنزل الله هذه الآية.

ومنهم: أبو البركات النفسي: ج ٢ ص ٢٢١.

الحمويني في (الفرائد) في الباب الواحد والأربعين بإسناده عن أنس.

إبن الصبّاغ المالكي في (الفصول المهمّة)ص ١٢٣، من طريق الواحدي عن الحسن والشعبي والقرظي جمال الدين محمّد بن يوسف الزرندي في (نظم درر السمطين).

الكنجي في (الكفاية) ص ٢٣٨، من طريق ابن جرير، وابن عساكر، عن أنس بلفظه المذكور أعلاه.

إبن كثير الشامي في تفسيره: ج ٢ ص ٣٤١، عن الحافظ عبد الرزّاق بإسناده عن الشعبي، ومن طريق ابن جرير، عن محمّد بن كعب القرظي، وعن السدّي وفيه: إفتخر عليّ والعباس، وشيبة، كما مرَّ ومن طريق الحافظ عبد الرزّاق أيضا عن الحسن، ومحمّد بن ثور عن معمَّر عن الحسن.

الحافظ السيوطي في الدرّ المنثور: ج ٣ ص ٢١٨ من طريق الحافظ ابن مردويه، عن ابن عباس، ومن طريق الحفّاظ عبد الرزّاق، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن منذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن الشعبي، وعن ابن مردويه عن الشعبي، وعن عبد الرزّاق، وعن الحسن، ومن طريق ابن أبي شيبة، وأبي الشيخ، وابن مردويه، عن عبيد الله بن عبيده، ومن طريق الفرياني، عن ابن سيرين، وعن ابن جرير، عن محمّد بن كعب القرظي، ومن طريق ابن جرير، وأبي الشيخ، عن الضحّاك، وعن الحافظين أبي نعيم؟، وابن عساكر بإسنادهما عن أنس باللفظ المذكور.

٢٠٢

ومنهم الصفوري في نزهة المجالس: ج ٢ ص ٢٤٢ ونقلاً عن شوارد الملح وموارد المنح: أنّ العباس، وحمزة رضي الله عنهما، تفاخرا فقال حمزة: أنا خير منك لأنّي على عمارة الكعبة. وقال العبّاس: أنا خيرٌ منك لأنّي على سقاية الحاجّ فقال: نخرج إلى الأبطح ونتحاكم إلى أوّل رجل نلقاه فوجدا عليّا رضي الله عنه، فتحاكما على يديه فقال: أنا خير منكما لأنّي سبقتكما إلى الإسلام. فأخبر النبيّ بذلك فضاق صدره لافتخاره على عمّيه، فأنزل الله تعالى تصديقا لكلام عليّ وبيان فضله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) الآية.

١٢-روى الحاكم الحسكاني في شواهد التنـزيل: ج ١ ص ٣٨٣ ط ٣، قال: أخبرنا ابن فنجويه، قال: حدّثنا (عبيد الله بن محمّد) بن شنبة، حدّثنا عبيد الله بن أحمد بن منصور الكسائي قال: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدّثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد:

عن الشعبي في قوله تعالى( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) قال: نزلت في عليّ والعبّاس رضي الله عنهما.

و(رواه أيضا) مروان بن معاوية، عن إسماعيل، مثله.

وأورد الحاكم الحسكاني في شواهد التنـزيل في الحديث ٣٣٤ ص ٣٨٤ قال:

أخبرنا أبو عبد الله الدينوري -قراءةً-قال: حدّثنا عبد الله بن سيف بن أحمد بن مالك، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن بختويه، قال: حدّثنا عمرو بن ثور، وإبراهيم بن سفيان، قالا: حدّثنا محمّد بن يوسف الفريابي قال: حدّثنا قيس(بن الربيع)، عن أشعث بن سوار، عن ابن سيرين قال:

قدم عليّ بن أبي طالب من المدينة إلى مكّة فقال للعبّاس: [يا عمّ ألا تهاجر؟ ألا تلحق برسول الله؟ فقال: أعمر المسجد الحرام، واحجب البيت. فأنزل الله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ]. وقال لقوم قد سمّاهم: [ألا تهاجرون؟ ألا تلحقون برسول الله)؟ فقالوا: نقيم مع إخواننا وعشائرنا ومساكننا. فأنزل الله تعالى( قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ ) ] الآية ٢٤ سورة التوبة.

وأورد الحسكاني في شواهد التنـزيل: ج ١ ص ٣٨٩ ط ٣ في الحديث ٣٣٨ قال:

٢٠٣

أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي قال: أخبرنا أبو بكر الجرجرائي قال: حدّثنا أبو أحمد البصري قال: حدّثنا أبو العبّاس الكديمي قال: حدّثنا أحمد بن معمر قال: حدّثنا الحسين بن عمرو الأسدي، عن السدّي عن أبي مالك:

عن ابن عباس (في) قوله تعالى:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) قال: افتخر العباس بن عبد المطّلب فقال: أنا عمّ محمّد، وأنا صاحب سقاية الحاجّ، وأنا أفضل من عليّ، وقال: شيبة بن عثمان: أنا أعمر بيت الله وصاحب حجابته وأنا أفضل، فسمعهما عليّ وهما يذكران ذلك، فقال: [أنا أفضل منكما، أنا المجاهد في سبيل الله ] فأنزل الله فيهم:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) يعني العباس،( وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) يعني شيبة،( كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) إلى قوله:( أَجْرٌ عَظِيمٌ ) ففضّل عليهما.

وروى الحاكم الحسكاني في شواهد التنـزيل ج ١ ص ٣٩٠ في الرقم ٣٣٩ قال:

حدّثني الحاكم الوالد أبو محمد، قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن عثمان ببغداد، قال: أخبرنا عليّ بن محمّد بن أحمد المصري قال: حدّثنا جبرون بن عيسى قال: حدّثنا يحيى بن سليمان القرشي قال: حدّثنا عبّاد بن عمد الصمد أبو معمر عن أنس بن مالك، قال:

قعد العباس بن عبد المطّلب، وشيبة صاحب البيت يفتخران حتّى أشرف عليهما عليّ بن أبي طالب فقال له العبّاس على رسلك يا ابن أخي فوقف له عليّ فقال له العبّاس: أنّ شيبة فاخرني أنّه أشرف منّي. قال: (فماذا قلت (له)يا عمّاه؟).

قال: قلت له: أنا عمّ رسول الله ووصيّ أبيه وساقي الحجيج أنا أشرف منك.

فقال (عليّ) لشيبة: (فماذا قلت يا شيبة)؟ قال: قلت له: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته وخازنه، أفلا ائتمنك (عليه) كما ائتمني؟

فقال لهما عليّ: (اجعلا لي معكما فخراً). قالا: نعم.

قال: [فأنا أشرف منكما، أنا أوّل من آمن بالوعيد من ذكور هذه الأمّة وهاجر وجاهد ].

فانطلقوا ثلاثتهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فجثّوا بين يديه فأخبر كلّ واحد منهم بمفخرته فما أجابهم رسول الله بشيء، فانصرفوا عنه فنـزل الوحي بعد أيّام فيهم فأرسل إليهم ثلاثتهم حتّى أتوه فقرأ عليهم النبيّ صلّى الله عليه واله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) إلى آخر العشر قرأها أبو معمر مختصراً.

٢٠٤

وجاء في تفسير الميزان للسيد محمّد حسين الطباطبائي عليه الرحمة الواسعة ج ٩ ص ٢٠٥ قال:

وكيف كان فالآية –(المراد التاسعة عشر)-وما يتلوها من الآيات تبين أنّ الزنة والقيمة إنمّا هو للعمل إذا كان حيّاً بولوج روح الإيمان فيه وأمّا الجسد الخالي الّذي لا روح فيه ولا حياة له فلا وزن له في ميزان الدين ولا قيمة له في سوق الحقائق فليس للمؤمنين أن يعتبروا مجرّد هياكل الأعمال، ويجعلوها ملاكات للفضل وأسباباً للقرب منه تعالى إلّا بعد اعتبار حياتها بالإيمان والخلوص. ومن هذه الجهة ترتبط الآية:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) وما بعدها من الآيات بالآيتين اللّتين قبلها:( مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّـهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ ) إلى آخر الآيتين.

وبذلك كلّه يظهر أوّلاً أنّ قوله:( وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) جملة حاليّة تبيّن وجه الإنكار لحكمهم بالمساواة في قوله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ ) الآية.

وثانياً: أنّ المراد بالظلم هو ما كانوا عليه من الشرك في حال السقاية والعمارة، لاحكمهم بالمساواة بين السقاية والعمارة وبين الجهاد عن إيمان.

وثالثاً: أنّ المراد نفي أن ينفعهم العمل ويهديهم إلى السعادة الّتي هي عظم الدرجة والفوز والرحمة والرضوان والجنّة الخالدة.

وجاء في تفسير الميزان ج ٩ ص ٢١٥ قال:

وفي الدرّ المنثور أخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة وابن عساكر عن أنس قال: قعد العبّاس وشيبة صاحب البيت يفتخران فقال العبّاس: أنا أشرف منك أنا عمّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج، فقال شيبة: أنا أشرف منك أنا أمين الله على بيته وخازنه أفلا ائتمنك كما ائتمنني؟

فاطّلع عليهما عليّ فأخبراه بما قالا فقال عليّ: [أنا أشرف منكما أنا أوّل من آمن وهاجر ]، فانطلق ثلاثتهم إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فأخبروه فما أجابهم بشيء فانصرفوا فنـزل الوحي بعد أيّام فأرسل إليهم فقرأ عليهم:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) إلى آخر العشر.

٢٠٥

وفي تفسير القميّ عن أبيه عن صفوان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزلت في عليّ والعبّاس وشيبة. قال العباس: أنا أفضل لأنّ سقاية الحاجّ بيدي، وقال شيبة: أنا أفضل لانّ حجابة البيت بيدي، وقال عليّ: أنا أفضل فإنّي آمنت قبلكما ثمّ هاجرت وجاهدت فرضوا برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فأنزل الله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ -إلى قوله-إِنَّ اللَّـهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) .

وروى الحافظ أبو نعيم، أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق المعروف بأبي نعيم الاصبهاني، في كتاب: ما نزل من القرآن في عليّ عليه السلام، ص ٩٨ قال:

حدّثنا سليمان بن أحمد، قال: حدّثنا عبد الرحمان بن سليم الرازي قال: حدّثنا سهل بن عثمان، قال: حدّثنا يحيى بن زكريّا بن أبي زائده، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر (الشعبي) قال:

نزلت:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ) في عليّ عليه السلام والعباس رضي الله عنه وطلحة بن أبي شيبة.

وروى أيضا، قال: حدّثنا سليمان بن أحمد قال: حدّثنا بكر بن سهل، قال: حدّثنا عبد الغني بن سعيد، قال: حدّثنا موسى بن عبد الرحمان، عن أبي جريح، عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه.

وعن مقاتل، عن الضحّاك، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ) (قال:) نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه السلام والعباس رضي الله عنه وطلحة بن شيبة.

وكذلك فقد روى في كتاب خصائص الوحي المبين ص ٨٤ ط ١.

وروى السيوطي في تفسير الآية الكريمة في تفسيره الدرّ المنثور، قال:

وأخرج ابن مردويه عن الشعبي قال: كانت بين عليّ عليه السلام والعباس منازعة فقال العباس لعليّ عليه السلام: أنا عمّ النبيّ وأنت ابن عمّه وإليّ سقاية الحاجّ وعمارة المسجد الحرام فأنزل الله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) .

٢٠٦

وكذلك السيوطي في الدرّ المنثور: وأخرج عبد الرزّاق، وابن أبي شيبة، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي قال: نزلت هذه الآية:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) في العبّاس وعليّ عليه السلام. تكلّمنا في ذلك.

وأورد ابن المغازلي في الحديث: ٣٦٧ من كتاب مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ص ٣٢١ قال:

أخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان، حدّثنا أبو عمر محمّد بن العباس بن حيويه الخزاز إذناً، حدّثنا محمّد بن حمدويه المروزي، حدّثنا أبو الموجه حدّثنا عبدان عن أبي حمزة، عن إسماعيل:

عن عامر (الشعبي)، قال: نزلت هذه الآية:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) في عليّ والعبّاس.

وكذلك فقد روى ابن المغازلي في الحديث ٣٦٨ من كتاب المناقب ص ٣٢٢ قال: أخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد بن سهل النحوي، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن علي السقطي، حدّثنا أبو محمّد يوسف بن سهل بن الحسين القاضي، حدّثنا الحضرميّ، حدّثنا هنّاد بن أبي زياد، حدّثنا موسى بن عبيده الربذي عن عبد الله بن عبيدة الربذي قال: قال عليّ للعبّاس: يا عمَّ لو هاجرت إلى المدينة قال: أولست في أفضل من الهجرة؟. ألست أسقي حاجّ بيت الله الحرام وأعمر المسجد الحرام؟ فأنزل الله تبارك وتعالى:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) الآية.

وروى أبو حاتم عبد الرحمان بن محمّد بن إدريس الرازي في تفسير الآية الكريمة في الحديث: ١٠٠٦٤ وتاليه من تفسيره: ج ٦ ص ١٧٦٧، قال:

حدّثنا أبي حدّثنا ابن أبي عمر العدني حدّثنا سفيان، عن ابن أبي خالد وزكريّا: عن الشعبي قال: تكلّم عليّ والعبّاس وشيبة في السقاية والحجابة فأنزل الله تعالى:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ) .

(و) حدّثنا المحسن بن محمّد بن الصباح، حدّثنا مروان بن معاوية الفزاري عن إسماعيل بن أبي خالد؛ قال: قال الشعبي: نزلت سقاية الحاجّ في عبّاس وعليّ رضي الله عنهما.

وكذلك فقد روى أبو حاتم عبد الرحمان الرازي في تفسير الآية الكريمة في الحديث ١٠٠٧٢ من تفسيره ج ٦ ص ١٧٦٩-قال:

٢٠٧

قال عليّ للعبّاس: لو هاجرت إلى المدينة؟ قال(العبّاس) أولست في أفضل (من) الهجرة؟ ألست أسقي الحاجّ وأعمّر المسجد الحرام؟ فنـزلت هذه الآية، (أي):( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿١٩﴾ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّـهِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ) فجعل الله للمدينة فضل درجة على مكّة.

وروى الطبري عند تفسيره للآية الكريمة في تفسيره: ج ١٠ ص ٩٦ قال:

حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزّاق، قال: أخبرنا معمر عن عمرو، عن الحسن قال:

نزلت (الآية) في عليّ وعبّاس وعثمان وشيبة تكلّموا في ذلك فقال العبّاس: ما أراني إلّا تارك سقايتنا.فقال رسول الله: أقيموا على سقايتكم فإنّ لكم فيها خيراً.

قال(ابن يحيى: و)أخبرنا عبد الرزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن إسماعيل عن الشعبي قال: نزلت (الآية) في عليّ والعبّاس تكلّما في ذلك.

حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضل، حدّثنا أسباط عن السدّي (في قوله تعالى):( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ ) قال: إفتخر عليّ وعباس وشيبة بن عثمان، فقال العباس: أنا أفضلكم أنا أسقي حجّاج بيت الله، وقال شيبة: أنا أعمّر مسجد الله. وقال عليّ: أنا هاجرت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأجاهد معه في سبيل الله. فأنزل الله:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّـهِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿٢٠﴾ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ ) .

والنسائي روى في سننه الكبرى عن محمّد بن كعب القرظي على ما رواه عنه رزين بن معاوية العبدري في كتابه الجمع بين الصحاح الستّة كما في الفصل ٩ من كتاب الوحي المبين ص ١١٥.

وروى الواحدي والثعلبي نقلاً عن الحسن والشعبي والقرظي كما في تفسير الآية الكريمة من كتاب أسباب النـزول ص ١٨٢ والفصل: ٩ من خصائص الوحي المبين ص ١١٤ ط ٢.

٢٠٨

وروى محمّد بن سليمان الصنعائي في الحديث ٨٤ من مناقب عليّ، بسنده عن ابن سيرين، الورق ٣٤/أ وفي ط ١ ج ١ ص ١٤٩ قال:

حدّثنا عثمان بن محمّد، قال: حدّثنا جعفر، قال حدّثنا يحيى عن (أبي عبد الرحمان) المسعودي عن أبي قتيبة التميمي -واسمه ثابت بن سليم- عن محمّد بن سيرين قال في قول الله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب.

وأورد ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق، في الحديث ٩٠٩ من ترجمة أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام، قال:

أخبرنا أبو القاسم عليّ بن إبراهيم العلوي قال: قرأت على عمّي الشريف أبي البركات عقيل بن العباس، قلت له: أخبركم الحسين بن عبد الله بن محمّد بن أبي كامل.

وأخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة السلمي، أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن هشام بن سوار العبسي الداراني، أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن محمّد بن إسحاق، أنبأنا أبو علي أحمد بن محمّد بن عبد السلام البيروتي أنبأنا جبرون بن عيسى بن يزيد البلوي بمصر، أنبأنا يحيى بن سليمان، عن أبي معمر عبّاد بن عبد الصمد، عن أنس، أنّه قال:

قعد العبّاس وشيبة صاحب البيت يفتخران، فقال له العبّاس: أنا أشرف منك، أنا عمّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج، فقال شيبة: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته، وخازنه، أفلا ائتمنك كما ائتمنني؟ فهما على ذلك يتشاجران حتّى أشرف عليهما عليّ، فقال له العبّاس: على رسلك يا ابن أخ، فوقف عليّ عليه السلام، فقال له العباس: إنّ شيبة فاخرني، فزعم أنّه أشرف منّي، فقال: فما قلت له؟ قال: قلت له: أنا عمّ رسول الله ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج، أنا أشرف منك، فقال لشيبة: ماذا قلت له أنت يا شَيبة؟ قال: قلت له: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته، وخازنه أفلا ائتمنك-زاد العلوي-الله عليه، وقالا: كما ائتمنني؟ قال: فقال لهما: اجعلا لي معكما مفخراً، قالا: نعم. قال: فأنا أشرف منكما، أنا أوّل من آمن بالوعيد من ذكور هذه الأمّة، وهاجر، وجاهد، فانطلقوا -زاد العلوي ثلاثتهم -إلى النبيّ فجثوا بين يديه فأخبر كلّ واحد منهم بمفخره، فما أجابهم النبيّ بشيء، فانصرفوا عنه فنـزل الوحي -زاد العلوي: -عليه بعد أيّام فيهم فأرسل إليهم ثلاثتهم حتّى أتوه فقرأ عليهم:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) . إلى آخر العشر قرأها أبو معمر.

٢٠٩

وروى السيد هاشم البحراني في تفسيره البرهان: ج ٢ ص ١١٠ ط ٢ هذه الواقعة عند تفسيره للآية الكريمة.

وأورد الرواية في كتابه غاية المرام ص ٣٦٣.

وروى الطبرسي، عن الحاكم الحسكاني في تفسيره مجمع البيان: ج ٥ ص ٢٣ هذه المفاخرة التي دارت بين العباس، وشيبة،...

وروى محمّد بن سليمان الكوفي من كتاب مناقب عليّ عليه السلام، الورق ٣١/ب وفي ط ١ ج ١ ص ١٣٤ في الحديث ٧٤ قال:

حدّثنا أحمد بن عبدان البرذعي قال: حدّثنا سهل بن سفيان، قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن عبد ربّه قال:

سمعت سهل بن سعد الساعدي صاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: بينا العباس وشيبة يتقاولان، شيبة يقول: أنا خير منك يا عباس إذ البيت لي، وقال العبّاس: أنا خير منك إذ السقاية لي، ثمّ اتّفقوا على أن أوّل من يستقبلهم يختصمون إليه: فاستقبلهم عليّ...والخ.

وروى أيضا الحمويني في الحديث ١٧٠ في الباب ٤١ من السمط الأوّل من كتابه فرائد السمطين ج ١ ص ٢٠٣ ط بيروت قال:

أخبرني شيخنا مجد الدين أبو الفضل بن أبي الثناء بن مودود إجازة، أخبرنا أبو محمّد عبد المجيب بن أبي القاسم بن زهير الحربي إجازة، عن أبي الفضل محمّد بن ناصر السلامي إجازة، عن محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن ماشاذة إجازة عن الصاحب الأجل السعيد نظام الملك أبو علي الحسن بن عليّ بن إسحاق إجازة بجميع موسوعاته، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحَدّاد - سماعاً عليه في ذي القعدة سنة سبعين وأربعمئة - قال: أنبأنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق الإصفهاني قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن عثمان، قال: حدّثنا عليّ بن محمود (كذا) المصري قال: حدّثنا جبرون بن عيسى بن يزيد البلوي بمصر، أنبأنا يحيى بن سليمان، عن أبي معمر عبّاد بن عبد الصمد، عن أنس أنّه قال:

٢١٠

قعد العباس وشيبة صاحب البيت يفتخران، فقال له العباس: أنا أشرف منك، أنا عمّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم،ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج. فقال شيبة: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته، وخازنه، أفلا ائتمنك كما ائتمنني؟ فهما على ذلك يتشاجران حتّى أشرف عليهما عليّ. فقال له العباس: على رسلك يا ابن أخ، فوقف عليّ عليه السلام، فقال له العباس: إنّ شيبة فاخرني فزعم أنّه أشرف منّي، فقال: فما قلت له؟ قال: قلت له: أنا عمّ رسول الله، ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج، أنا أشرف منك. فقال لشيبة: ماذا قلت له أنت يا شيبة؟ قال: قلت له: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته، وخازنه، أفلا ائتمنك الله عليه كما ائتمنني؟ قال: فقال لهما: اجعلا لي معكما مفخراً. قالا: نعم. قال: فأنا أشرف منكما، أنا أوّل من آمن بالوعيد من ذكور هذه الأمّة، وهاجر، وجاهد. فانطلقوا إلى النبيّ فجثوا بين يديه فأخبر كل واحد منهم بمفخره، فما أجابهم النبيّ بشيء، فانصرفوا عنه فنـزل الوحي بعد أيّام فيهم فأرسل إليهم ثلاثتهم حتّى أتوه فقرأ عليهم:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) . إلى آخر العشر قرأها أبو معمر.

وروى الحافظ السروري في عنوان (المسابقة بالجهاد) في مناقب آل أبي طالب: ج ١، ص ٣٤٣ قال:

وروى إسماعيل بن (أبي) خالد عن عامر(الشعبي)، وابن جريح عن عطاء عن ابن عباس.

ومقاتل عن الضحّاك عن ابن عباس، وابن أبي خالد وزكريّا عن الشعبي أنّه نزلت هذه الآية في عليّ بن أبي طالب.

روى الحافظ محمّد بن يوسف الكنجي في كفاية الطالب ص ٢٣٧ بسنده عن أنس بن مالك، قال:

٢١١

قال أنس، أنّه قال: قعد العباس وشيبة صاحب البيت يفتخران، فقال له العباس: أنا أشرف منك، أنا عمّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج. فقال شيبة: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته، وخازنه، أفلا ائتمنك كما ائتمنني؟ فهما على ذلك يتشاجران حتّى أشرف عليهما عليّ، فقال له العباس: إنّ شيبة فاخرني فزعم أنّه أشرف منّي. فقال: فما قلت له أنت يا عمّاه؟ قال: قلت له: أنا عمّ رسول الله صلّى الله عليه وآله، ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج، أنا أشرف منك. فقال لشيبة: ماذا قلت أنت يا شيبة؟ قال: قلت له: أنا أشرف منك، أنا أمين الله على بيته، وخازنه أفلا ائتمنك كما ائتمنني؟ قال: فقال لهما: إجعلا لي معكما مفخراً. قالا: نعم. قال: فأنا أشرف منكما، أنا أوّل من آمن بالوعيد من ذكور هذه الأمّة، وهاجر، وجاهد. وانطلقوا ثلاثتهم إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فأخبر كلّ واحد منهم بمفخره فما أجابهم النبيّ صلّى الله عليه وآله بشيء فانصرفوا عنه، فنـزل جبرئيل عليه السلام بالوحي بعد أيّام فيهم، فأرسل النبيّ صلّى الله عليه وآله إليهم ثلاثتهم حتّى أتوه فقرأ عليهم:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) . إلى آخر العشر.

قلت: هكذا رواه ابن جرير الطبري، وذكره من طرق شتّى، وهذا سياق محدّث الشام في تاريخه معنعنا(١) .

وجاء في كتاب: ما روته العامّة من مناقب أهل البيت (ع) للشرواني ص ٧١-٧٢ في ذكره للآيات النازلة في فضل الإمام علي ّ (ع)، قال:

الثانية: قال عزّ من إسمه:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ ) الآيات.

قال في جامع الأصول في باب فضائله صلوات الله عليه من كتاب الفاء: قال: إفتخر طلحة بن شيبة بن عبد الدّار، والعبّاس بن عبد المطّلب وعليّ بن أبي طالب عليه السلام، قال طلحة: أنا صاحب البيت، ومعي مفتاحه، ولو أشأ بت فيه.

____________________

(١) وردت الرواية فيما يلي، تفسير الطبري: ج ١٠ ص ٥٩، تفسير القرطبي: ج ٨ ص ٩١، تفسير الرازي: ج ٤ ص ٤٢٢، تفسير الخازن: ج ٢ ص ٢٢١، الفصول المهمّة ص ١٢٣، تفسير ابن كثير: ج ٢ ص ٣٤١، الدرّ المنثور: ج ٣ ص ٢١٨، ينابيع المودّة ص ٩٣.

٢١٢

وقال العبّاس: أنا صاحب السقاية، ولو أشأ بت في المسجد.

قال عليّ: [ما أدري ما تقولون: لقد صلّيت إلى القبلة ستّة أشهر قبل النّاس، وأنا صاحب الجهاد ] فأنزل الله تعالى:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ ) (١) الآية.

وقال: إفتخر عليٌّ والعبّاس وشيبة، قال العباس: أنا أسقي حاجّ بيت الله، وقال شيبة: أنا أعمّر مسجد الله.

وقال عليّ: [أنا هاجرت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله ] فأنزل الله عزّ وجلّ الآية. إنتهى(٢) .

قال البغوي في كتابه تفسير القرآن: قال الحسن والشعبي ومحمّد بن كعب القرظيّ: نزلت في عليّ والعبّاس وطلحة بن شيبة افتخروا، فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيديّ مفتاحه.

وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها.

وقال عليّ: [ما أدري ما تقولون، لقد صلّيت إلى القبلة ستّة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد ] فأنزل الله عزّ وجلّ:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) (٣) .

ثمّ قال: قوله عزّ وجلّ:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّـهِ ) (٤) . من الّذين افتخروا بعمارة المسجد الحرام، وسقاية الحاج.

قال الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار: إفتخر العبّاس بن عبد المطّلب، وطلحة بن شيبة، وعليّ بن أبي طالب، فقال العبّاس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها.

وقال طلحة: أنا صاحب البيت ومعي مفتاحه.

____________________

(١) جامع الأصول: ج ٨ ص ٦٦٣.

(٢) جامع الأصول: ج ٨ ص ٦٦٤.

(٣) معلم التنـزيل: ج ٣ ص ٢٠.

(٤) سورة التوبة، الآية ٢٠.

٢١٣

وقال عليّ: [ما أدري ما تقولون: أنا صلّيت إلى هذه القبلة قبلكما، وقبل الناس أجمعين لستّة أشهر ] فنـزلت( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ ) (١) الآية.

وقال في جامع الأصول -في الباب الخامس من الفن الأوّل من الركن وهو آخر الكتاب- في ذكر جماعة ذكروا رواية ولم ترد أسمائهم، مذكوراً في الأحاديث: حديث النعمان بن بشير في الّذين تفاخروا بسقاية الحاجّ، وعمارة المسجد الحرام، والجهاد في سبيل الله: صاحب السقاية هو العباس بن عبد المطّلب، وصاحب العمارة هو عثمان بن طلحة أو شيبة بن عثمان، وصاحب الجهاد عليّ بن أبي طالب. إنتهى

ورواه السيوطي عن ابن عباس، وعن الشعبي، وعن الحسن، وعن محمّد بن كعب القرظي، وعن أنس.

وقال في الأوّل: أخرجه ابن مردويه.

وفي الثاني: أخرجه عبد الرزّاق، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه.

وقال الثالث: أخرجه عبد الرزّاق.

وفي الرابع: أخرجه ابن جرير.

وفي الخامس: أخرجه أبو نعيم، وابن عساكر.(٢)

وأورد الشيخ الطبرسي في تفسيره مجمع البيان المجلد الثالث ص ١٤ ط دار إحياء التراث العربي - بيروت - قال:

قيل: إنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه السلام والعباس بن عبد المطّلب، وطلحة بن شيبة، وذلك أنّهم افتخروا، فقال طلحة: أنا صاحب البيت وبيدي مفتاحه ولو أشاء بتّ فيه، وقال العبّاس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها، وقال عليّ (ع): [ما أدري ما تقولان، لقد صلّيت إلى القبلة ستّة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد ].

وقيل: إنّ عليّاً (ع) قال للعباس:ألا تهاجر وألا تلحق برسول الله ؟. فقال: ألست في أفضلٍ من الهجرة.

____________________

(١) ربيع الأبرار: ج ٣ ص ٤٢٣.

(٢) الدرّ المنثور: ج ٤ ص ١٤٤.

٢١٤

سورة التوبة الآيتان ٢٠-٢١

( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّـهِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿٢٠﴾ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ )

١-الحسين بن الحكم الحبري -الكوفي-جاء في كتابه ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام ص ٥٩:

وقوله:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّـهِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿٢٠﴾ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ ) نزلت في عليّ بن أبي طالب خاصّة.

وروى الطبريّ في تفسيره ج ١٠ ص ٩٦ قال:

حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزّاق، قال: أخبرنا معمر، عن عمرو، عن الحسن قال: حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضل، حدّثنا أسباط، عن السدّي (في قوله تعالى):( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّـهِ ) .

قال: إفتخر عليّ وعبّاس وشيبة بن عثمان فقال العباس: أنا أفضلكم أنا أسقي حجّاج بيت الله. وقال شيبة: أنا أُعمّر مسجد الله. وقال عليّ: أنا هاجرت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأجاهد معه في سبيل الله، فأنزل الله:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّـهِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿٢٠﴾ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ ) .

وجاء في تفسير الميزان للطباطبائي: ج ٩ ص ٢٠٤ قال:

٢١٥

بل يدلّ قوله تعالى في الآية التالية في مقام بيان أجر هؤلاء المجاهدين في سبيل الله عن إيمان:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ) على أنّ طرفي التسوية في قوله:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ ) الآية كانا من أهل مكّة، وأنَّ أهل أحد الطرفين وهو الّذي آمن وجاهد كان ممّن أسلم وهاجر، وأهل الطرف الآخر أسلم ولم يهاجر فإنّ هذا هو الوجه في ذكره تعالى أوّلاً الإيمان والجهاد في أحد الطرفين ثمّ إضافة الهجرة إلى ذلك عندما أعيد ثانياً، وقد ذكر تعالى السقاية والعمارة في الجانب الآخر ولم يزد على ذلك شيئاً لا أوّلاً ولا ثانياً فما هذه القيود بلاغيّة في قوله الفصل.

ثمّ قال الطباطبائي في ج ٩ ص ٢٠٥:

قوله تعالى:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ) إلى آخر الآية بيان لحقّ الحكم الّذي عند الله في المسألة بعد إنكار المساواة، وهو أنّ الّذي آمن وهاجر وجاهد في سبيل الله ما استطاع ببذل ما عنده من مال ونفس، أعظم درجة عند الله، وإنّما عبّر في صورة الجمع - الّذين آمنوا إلخ- إشارة إلى أنّ ملاك الفَضل هو الوصف دون الشخص.

وفي ص ٢١٠ ج ٩ من الميزان، قال الطباطبائي:

وفي تفسير القمّيّ قال: وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزلت هذه الآية في عليّ بن أبي طالب:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا -إلى قوله -الْفَائِزُونَ ) ثمّ وصف ما لعليّ عليه السلام عنده فقال:( يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ ) .

وأورد الشيرواني في كتاب: ما روته العامّة في مناقب أهل البيت (ع)، في الآيات النازلة في فضل الإمام عليّ عليه السلام، قال في ص ٧١:

قال البغوي في كتابه تفسير القرآن: قال الحسن والشعبي ومحمّد بن كعب القرظي: نزلت في عليّ والعبّاس وطلحة بن شيبة، افتخروا فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه.

وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها.

وقال عليّ: [ما أدري ما تقولون، لقد صلّيت إلى القبلة ستّة أشهر قبل النّاس، وأنا صاحب الجهاد ].

فأنزل الله عزّ وجلّ:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ........... ) .

ثمّ قال: قوله عزّ وجلّ:( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّـهِ ) من الّذين افتخروا بعمارة المسجد الحرام وسقاية الحاج.

٢١٦

سورة التوبة الآية ٢٣

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ )

جاء في تفسير الميزان للسيد محمّد حسين الطباطبائي ج ٩ ص ٢١٦ قال:

وفي تفسير البرهان عن ابن شهر آشوب، عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ) قال: [الإيمان ولاية عليّ بن أبي طالب ].

سورة التوبة الآية ٢٦

( ثُمَّ أَنزَلَ اللَّـهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ )

أخرج الحافظ الحاكم الحسكاني في شواهد التنـزيل ج ١ ص ٣٩٥ ط ٣، قال:

أخبرنا محمّد بن عبد الله الصوفي قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن محمّد الحافظ، قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى بن أحمد، قال: حدّثنا أحمد بن عمّار، قال: حدّثنا زكريّا بن يحيى قال: حدّثنا بن مفضّل بن يونس، عن تليد بن سليمان:

عن الضحّاك بن مزاحم في قول الله تعالى:( ثُمَّ أَنزَلَ اللَّـهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) الآية، قال: نزلت في الّذين ثبتوا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم حنين: عليٌّ والعبّاس وأبو سفيان بن الحارث (بن عبد المطّلب) في نفر من بني هاشم.

وأورد الحاكم الحسكاني في الشواهد ج ١ ص ٣٩٥ ط ٣، عند الرقم ٣٤٣ قال:

أخبرني الحسين بن أحمد، قال: أخبرني عبد الرحمان بن محمّد، قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن خالد قال: حدّثنا أحمد بن حرب الزاهد قال: حدّثني صالح بن عبد الله الترمذي، عن الحسين بن محمّد، عن المسعودي، عن الحكم بن عُتَيْبة قال: أربعة لا شكّ فيهم أنّهم ثبتوا يوم حنين فيهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

وجاء في تفسير الميزان للطباطبائي ج ٩ ص ٢٣١ قال:

٢١٧

ولماّ صلّى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأصحابه الغداة انحدر في وادي حنين فخرجت عليهم كتائب هوازن(المشركون) من كلّ ناحية، وانهزمت بنو سليم(من المسلمين ممّن كانوا في جيش رسول الله (ص) ) وكانوا على المقدّمة وانهزم ما وراءهم، وخلّى الله تعالى بينهم وبين عدوّهم لإعجابهم بكثرتهم وبقى عليّ عليه السلام ومعه الراية يقاتلهم في نفر قليل ومرّ المنهزمون برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يلوون على شيء.

وكان العبّاس بن عبد المطّلب أخذ بلجام بغلة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، والفضل عن يمينه، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب عن يساره، ونوفل بن الحارث وربيعة بن الحارث في تسعة من بني هاشم، وعاشرهم أيمن بن أُمّ أيمن، وفي ذلك يقول العبّاس:

نصرنا رسول الله في الحرب تسعة

وقد فرّ مَن قد فرّ عنه فأقشعوا

وقولي إذا ما الفضل كرَّ بسيفه

على القوم أخرى يا بنيّ ليرجعوا

وعاشرنا لاقى الحمام بنفسه

لما ناله في الله لا يتوجــّـع

أقول:

فهؤلاء العشرة الذين ثبتوا مع النبيّ وعليٌّ (ع) معه الراية، وفيهم نزلت الآية الكريمة( ثُمَّ أَنزَلَ اللَّـهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ )

وجاء في تفسير الميزان ج ٩ ص ٢٢٦ قوله:

فهذا الّذي ذكرناه ممّا يقرّب إلى الاعتبار أن يكون المراد بالمؤمنين الّذين ذكر نزول السكينة عليهم هم الّذين ثبتوا مع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وأمّا سائر المؤمنين ممّن رجع بعد الانكشاف فهم تحت شمول قوله( ثُمَّ يَتُوبُ اللَّـهُ مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) يشمل من شملته العناية منهم كما يشمل من شملته العناية والتوفيق من كفّار هوازن و ثقيف ومن الطلقاء والّذين في قلوبهم مرض.

٢١٨

سورة التوبة الآية ٣٦

( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّـهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ )

أورد أبو الحسن الفقيه محمّد بن عليّ بن شاذان في المناقب المائة - المنقبة الحادية والأربعون -

ص ٢٨-٢٩ من طرق العامّة، قال:

عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول:

[معاشر الناس: إعلموا أنّ لله تعالى باباً من دخله آمن من النار، ومن الفزع الأكبر. إلى أن قال (ص): معاشر الناس: من سرّه ليقتدي بي فعليه أن يتوالى ولاية علىّ بن أبي طالب والأئمّة من ذريّتي فأنّهم خزّان علمي. فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله (ص) ما عدّة الأئمّة ؟

قال (ص):يا جابر سألتني -رحمك الله- عن الإسلام بأجمعه عدّتهم عدّة الشهور، وهو عند الله، اثنى عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض. .. الحديث ].

وأورد الطباطبائي في تفسير الميزان ج ٩ ص ٢٧٣ قال:

في تفسير العيّاشي عن أبي خالد الو اسطيّ في حديث ثمّ قال: -يعني أبا جعفر عليه السلام- حدّثني أبي عن عليّ بن الحسين عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لماّ ثقل في مرضه قال: أيّها الناس إنّ السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ثمّ قال بيده: رجب مفرد وذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم ثلاث متواليات.

أقول: وقد ورد في عدّة روايات تأويل الشهور الاثني عشر بالأئمّة الاثني عشر، وتأويل الأربعة الحرم بعليّ أمير المؤمنين وعليّ بن الحسين وعليّ بن موسى وعليّ بن محمّد عليهم السلام،وتأويل السنة برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وانطباقها على الآية بما لها من السياق لا يخلو عن خفاء.

وجاء في كتاب الدرّ الثمين -خـمسمائة آية نزلت في مولانا أمير المؤمنين (ع) - ص ١٢١ للحافظ رجب بن محمّد بن رجب البرسي قال:

٢١٩

ثمَّ سمّاه وعترته عليهم السلام الشهور والأيّام فقال:( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا ) فهؤلاء الشهور إلى آخر الدهور.

ثمَّ جعل من ولّى عن ولايته كافراً وأمر نبيّه أن لا يصلِّي عليه فقال:( وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ) الآية ٨٤ من سورة التوبة.

قال ابن عباس: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: [لو أنَّ عبداً صام النهار، وقام الليل، ثم لقي الله بغير ولايتنا، لقي الله وهو عليه غضبان ](١) .

ثمَّ قال: قال ابن عباس: الصادقون عليٌّ وعترته عليهم السلام، فالداخل- من دون الفِرَق- في زمرتهم، يحشر يوم القيامة في زمرتهم، ويدخل الجنّة بشفاعتهم.

قال جابر الجُعْفِي: سألت أبا جعفر عليه السلام عن تأويل قول الله عزّ وجلّ:( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّـهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أنفسكم ) قال: فتنفّس سيّدي الصعداء، ثمَّ قال: [يا جابر أمّا السنة فهي جدّي رسول الله (ص) وشهورها اثنى عشر شهراً، فهو أمير المؤمنين عليه السلام وأبي وأنا وابني جعفر وابنه موسى وابنه عليّ وابنه محمّد وابنه عليّ وإلى ابنه الحسن وإلى ابنه محمّد الهادي المهدي، إثنا عشر إماماً حجج الله في خلقه وأمناؤه على وحيه وعلمه. والأربعة الحرم الّذين هم الدين القيّم أربعة، منهم يخرجون باسم واحد: عليّ أمير المؤمنين وأبي عليّ بن الحسين وعليّ بن موسى وعليّ بن محمد.

فالإقرار بهؤلاء هو الدين القيم، ولا تظلموا فيهنَّ أنفسكم، أي قولوا بهم جميعاً تهتدوا، عليهم السلام ].

الغيبة للشيخ: ٩٦، وإلزام الناصب: ج ١ ص ٦٥، وتفسير نور الثقلين: ج ٢ ص ٢١٥ ج ١٤٠، والهداية الكبرى: ٣٧٧.

____________________

(١) وللمراجعة، تفسير العيّاشي: ج ٢ ص ٨٩، بحار الأنوار: ج ٢٧ ص ٢٠١، والكنى والالقاب: ج ١ ص ٣٧٠.

٢٢٠