النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء ٣

مؤلف: محمد فخر الدين
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 329
مؤلف: محمد فخر الدين
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 329
أبي إسحاق، عن البرّاء قال: بعثَ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جيشين، وأمّرَ على أحدِهما علىّ بن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد وقال: إذا كان القتال فعليّ. قال: فافتَتَح عليّ حصناً فأخذ منه جارية، فكتب معي خالد كتاباً إلى النبيّ بشيء.
قال: فقدِمت على النبيّ فقرأ الكتاب فتغيّر لونه، ثمّ قال: ( ما ترى في رجلٍ يُحبّ الله ورسوله ويُحبّه الله ورسوله ).
قال: ( قلت: أعوذ بالله مِن غضَب الله ومِن غضب رسوله وإنّما أنا رسول )، فسكت .
هذا حديث حسن (1) .
لا يخفى ما في هذه الاحاديث مِن الدلالة على عظمة عليّ (عليه السلام) وقُربه من الله ورسوله ومنزلته لديهما، فيكون بهذا أولى بالخلافة مِن غيره.
1 - أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوب، ثنا سعيد بن مسعود، ثنا عبد الله بن موسى، أنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن مريم وهاني بن هاني، عن عليّ قال:
( لما خرجنا مِن مكّة اتبعتنا ابنة حمزة فنادت يا عم، فأخذْتُ بيدها فناولتها فاطمة قلت: دونك ابنة عمّك، فلمّا قدمنا المدينة اختصمنا فيها أنا وزيد وجعفر فقُلت: أنا أخذتها وهي ابنة عمّي، وقال زيد ابنة أخي، وقال جعفر ابنة عمّي وخالتها عندي.
فقال رسول الله لجعفر أشبهت خَلْقي وخُلُقي، وقال لزيد أنتَ أخونا ومولانا، وقال لي أنت منّي وأنا منْك، ادفعوها إلى خالتها فإنّ الخالة أمّ. فقلت: ألا تزوّجها يا رسول الله؟ قال: إنّها ابنة أخي مِن الرضاعة ).
هذا حديثٌُ صحيح الإسناد ولم يُخرجاه بهذه الألفاظ، إنّما اتفقا على حديث أبي إسحاق عن البرّاء مختصراً (2) .
____________________
(1) سنن الترمذي ج5 حديث 3809.
(2) المستدرك من الصحيحين 3/ 120، ورواه في مسند احمد مسند علي 115.
2 - حدّثنا إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن حبشي ابن جنادة قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ( عليٌّ منّي وأنا مِن عليّ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو عليّ ).
هذا حديثٌ حسنٌ غريب (1) .
اعلم أنّ النصوص التي تدلّ على هذا الموضوع مِن طُرُق القوم فوق حدّ الاستفاضة ولا يبعد بلوغها حدّ التواتر معنى.
ثمّ أنّ المراد مِن قوله (صلى الله عليه وآله ( عليٌ منّي وأنا مِن عليّ )، أنّ وجوده الشريف مع وجود عليّ واحد؛ لأنّه المُتفاهم مِن هذا الاستعمال عُرفاً. وهذا منتهى درجة العظمة والشرافة لعليّ (عليه السلام)، بحيث لا يُتَصوّر فوقها مرتبة، وبعد موت النبيّ وجوده الشريف باقٍ لا يحتاج إلى غيره.
1 - حدّثنا أبو بكر بن إسحاق، أنا زياد بن الخلل القشيري، ثنا كثير بن يحيى، ثنا عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عبّاس: أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: ( أيّكم يتولاّني في الدنيا والآخرة، فقال لكلّ رجلٍ منهم أيتولاني في الدنيا والآخرة، فقال لا، مرّ على أكثرهم، فقال عليّ: أنا أتولاّك في الدنيا والآخرة. فقال: أنت وليّي في الدنيا والآخرة ).
هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يُخرجاه (2) .
وقريب منه غيره مِن الأحاديث الواردة في يوم الدار وبعضها صريحة في
____________________
(1) سنن الترمذي ج5 حديث 3803.
(2) المستدرك من الصحيحين 3/ 135، ورواه في فرائد السمطين 21.
خلافته وإمامته (عليه السلام) (1) .
فإذا كان وليّ النبيّ في الدارين فيكون أولى بخلافته والنيابة عنه في الأُمّة.
1 - حدّثنا يُوسف بن موسى القطّان البغدادي، عن عليّ بن فام، عن عليّ بن صالح بن حي، عن حكيم بن جُبير، عن جميع بن عُمير التيمي، عن ابن عمر قال: آخى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بين أصحابه، فجاء عليّ تَدمَع عيناه فقال:
( يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تُؤاخ بيني وبين أحد. فقال له رسول الله: أنت أخي في الدنيا والآخرة ).
هذا حديثٌ حسنٌ غريب (2) .
قد ذكر القوم حديث المؤاخاة بطُرُق عديدة بحيث لا يَبْعُد دعوى استفاضتها بل تواترها ولو من حيث المعنى أو الإجمال، فيكون ممّا لا ينبغي الإشكال في سنده لما عرفت (3) .
كما أنّه لا إشكال في دلالته على علوّ مقامه وعظمته وشرافته، حيث أنّه
____________________
(1) مثل ما رُوي في ينابيع المودّة ص 105 عن مسند احمد بسنده عن عبّاد بن عبد الله الأسدي عن عليّ قال: ( لما نزلت ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) جمع النبيّ أهل بيته، فاجتمع ثلاثون نفراً، فأكلوا وشربوا ثلاثاً ثمّ قال لهم: مَن يضمن عنّي ديني ومواعيدي يكون معي في الجنّة، ويكون خليفتي في أهلي. فقال عليّ: أنا يا رسول الله ). وروي أصل قصّة يوم الدار في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3/ 222، تاريخ الطبري 2/ 319 - 321، ينابيع المودّة 105، كفاية الطالب 205.
(2) سُنن الترمذي ج5 حديث 804، الصواعق المحرقة 72.
(3) فانّه رواه احمد في الفضائل 106 - 107، وابن سعد في الطبقات 3/ 14، وابن الجوزي في تذكرة الخواص 19 وابن المغازلي في المناقب 38 وغيرهم من أئمّة الحديث.
وقد ذكرنا هذا الحديث وكلّ ما نذكره في التعليق في كتاب جامع فضائل أهل البيت.
مختار النبيّ الأعظم للأُخوّة من بين الأصحاب حتّى الكبار منهم.
ويُستفاد منه أنّه لا يكون احدٌ منهم أفضل منه وإلاّ اختاره لنفسه الشريفة، ولا المساوي له وإلاّ اختاره في مرّة أُخرى لوقوعها مرّتين.
1 - حدّثنا القاسم بن دينار الكوفي، عن أبي نعيم، عن عبد السلام بن حرب، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب، عن سعيد بن أبي وقاص أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لعليّ: ( أنت منّي بمنزلة هارون مِن موسى ).
هذا حديثٌ حسنٌ صحيح (1) .
2 - عن أسماء بنت عُميس أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لعليّ ( أنت منّي بمنزلة هارون مِن موسى، إلاّ أنّه ليس بعدي نبيّ ).
رواه احمد والطبراني، ورجال احمد رجال الصحيح غير فاطمة بنت علي وهي ثقة (2) .
3 - عن عليّ أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: ( خلقتك أنْ تكون خليفتي. قال: أتخلّف عنك يا رسول الله. قال: ألا ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون مِن موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ).
رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجالُ الصحيح (3) .
أقول: حديث المنزلة مثل حديث الغدير مِن المتواترات (4) وجمعه يحتاج إلى
____________________
(1) سُنن الترمذي ج5 حديث 3813، ورواه مسلم في صحيحه 15/ 176.
(2) مجمع الزوائد 9/ 109.
(3) المصدر 9/ 110.
(4) قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 13/ 211: قال النبيّ في الخبر المجمع على =
تأليف كتاب أو كُتُب كما صنَع ذلك بعض الأصحاب. ومقتضى عموم المنزلة، أنْ يكون جميع ما في هارون مِن المقامات متوفّرة لعليّ (عليه السلام)، ومِن جملة تلك المقامات الخلافة عنه في الأُمّة كما نصّ عليها الكتاب الكريم. ويؤيّده استثناء النبوّة منه فقط، فيكشف ذلك عن عمومه ودخول سائر مقاماته فيه.
وعلى فرض تسليم إجماله وعدم عمومه فخلافة هارون مِن أشهر أوصافه، فيكون دخولها فيه مِن القدر المتيقّن ولا يُمكن إخراجها. ولعَمري هذا واضح لا يحتاج إلى مزيد تأمّل وبيان لِمَن كان له الاستعداد لأخذ الأنوار الإلهيّة.
1 - حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن يعقوب الحافظ، حدّثني أبي ومحمّد بن نعيم، قالا ثنا قُتيبة بن سعيد، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن حصين قال: بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سريّة واستعمل عليهم عليّ بن أبي طالب، مضى عليّ في السريّة فأصاب جارية، فأنكروا ذلك عليه، فتعاقد أربعةٌ مِن أصحاب رسول الله إذا لقينا النبيّ أخبرناه بما صنع عليّ.
قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا مِن سفر بدأوا برسول الله فنظروا عليه ثمّ انصرفوا إلى رحالهم، فلمّا قدِمت السريّة سلّموا على رسول الله، فقام أحدٌ الأربعة فقال: يا رسول الله إنّ علياً صنع كذا وكذا. فأعرض عنه، ثمّ قام الثاني فقال مثل ذلك
____________________
= روايته بين سائر فرق الإسلام ( أنت منّي بمنزلة هارون مِِن موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ) فأثبت له جميع مراتب هارون مِن موسى، فإذن هو وزير رسول الله وشادّ أزره، ولولا أنّه خاتم النبيّين لكان شريكاً في أمره.
وقال في الاستيعاب 3/ 34 روى قوله لعلي: ( أنتَ منّي بمنزلة هارون مِن موسى ) جماعة من الصحابة وهو من أثبت الآثار وأصحّها.
فأعرض عنه، ثمّ قام الثالث فقال مثل ذلك، فأعرض عنه، ثمّ قام الرابع فقال: يا رسول الله ألم تر إلي أنّ عليّاً صنع كذا وكذا. فأقبل رسول الله والغضب في وجهه فقال: ( ما تريدون مِن عليّ، إنّ عليّاً منّي وأنا منه ووليّ كلّ مؤمن ).
هذا حديثٌ صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه (1) .
2 - عن وهب بن حمزة قال: صحِبت عليّاً إلى مكّة، فرأيت منه بعض ما أكره، فقلت: لإن رجعت لا شكونّك إلى رسول الله. فلمّا قدمت لقيت رسول الله فقلت: رأيت مِن علي كذا وكذا. فقال:( لا تقل هذا فهو أولى الناس بكم بعدي ).
رواه الطبراني، وفيه دكين ذكره ابن حاتم ولم يضعّفه أحد، وبقيّة رجاله وثقوا (2) .
والروايات الواردة فيه مستفيضة مِن طُرُق القوم، بل يُمكن أداء تواترها معنىً أو إجمالا ً(3) ، فلا مَجال للإشكال فيها مِن حيث السند، كما لا ينبغي الإشكال فيها من حيث الدلالة أيضاً على خلافته (عليه السلام) وإمامته؛ لأنه الظاهر منها كما لا يَخفى.
____________________
(1) المستدرك من الصحيحين 3/ 110 - 111، روى قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أيضا في خصائص أمير المؤمنين للنسائي 26 وفرائد السمطين 14 والمناقب لابن المغازي 229 وكفاية الطالب 113 - 114.
(2) مجمع الزوائد 9/ 109.
(3) فإنّه رواه في مسند ابي داود ج 11 حديث 2752 وغيره مِن كتب الحديث. وقال في الغدير 3/ 216: اخرج أبو داود الطيالسي عن شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عبّاس أنّ رسول الله قال لعليّ: ( أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي ) (تاريخ ابن كثير 7/ 375 الإسناد كما مر غير مرة صحيح رجاله كلّهم ثقات).
في عظمته عند النبيّ:
1 - اخبرنا احمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، حدّثني أبي، ثنا عبد الله بن محمّد بن شيبة، قال ثنا جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة بن موسى عن أُمّ سلمة قالت: والذي أحلف به أنْ كان عليّ أقرب الناس عهداً برسول الله، عندنا رسول الله غداة وهو يقول: ( جاء عليّ جاء عليّ - مراراً ). فقالت فاطمة: ( كأنّك بعثته في حاجة )، فجاء بعد. قالت أُمّ سلمة: فظننت أنّ له إليه حاجة، فخرجنا مِن البيت فقعدنا عند الباب وكنت مَن أردناهم إلى الباب، فأكبّ عليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وجعل يُسارّه ويُناجيه، ثمّ قٌبِض رسول الله مِن يومه ذلك، فكان عليّ أقرب الناس عهداً به.
هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يُخرجاه (1) .
2 - عن ابي ذر قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه آله وسلّم) لعليّ: ( يا عليّ مَن فارقني فارق الله، ومن فارقك يا عليّ فارقني ).
روا البزاز ورجاله ثقات (2) .
3 - عن ابن عمر قال: كنّا نقول في زمن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): رسول الله خير الناس ثمّ أبو بكر ثمّ عمر، ولقد أوتي ابن أبي طالب ثلاثَ خصال، لإن يكون لي واحدة منهن أحبّ اليّ مِن حُمر النِّعم: زوّجه رسولُ الله ابنته وولدت له، وسدّ الأبواب إلاّ بابه في المسجد، وأعطاه الراية يوم خَيبر.
رواه احمد وأبو يعلى ورجالهما رجال صحيح (3) .
____________________
(1) المستدرك من الصحيحين 3/ 138.
(2) مجمع الزوائد 9/ 120.
(3) المصدر 9/ 135.
4 - عن أبي بكر بن خالد بن عرفطة، أنّه أتى سعد بن مالك فقال: بلغني أنّكم تعرضون على سبّ عليّ بالكوفة فهل سببته؟ قال: معاذ الله، والذي نفس سعد بيده لقد سمعت مِن رسول الله يقول في عليّ شيئاً لو وضِع المنشار على مفرقي ما سَبَبْته أبداً.
رواه أبو يعلى وإسناده حسن (1) .
5 - قال العلاّمة المعاصر السيّد علي بن طاهر الحضرمي في القول الفصل 2/ 215 طبع جاوا: أخرج ابن أبي حاتم بسندٍ صحيح عن العوّام بن حوشب عن ابن عمٍّ له قال: دخلت مع أبي على عائشة، فسألتها عن عليّ فقالت: تسألني عن رجلٍ كان من أحبّ الناس إلى رسول الله، وكانت تحته ابنته وهي أحبّ الناس إليه، لقد رأيت رسولَ الله دعا عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فألقى عليهم ثوباً فقال: ( اللهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ). فقلت أنا: يا رسول الله مِن أهل بيتك. فقال:( تنحّي فإنّك على خير ).
وهذا الخبر صحيحٌ على أصل الحنفيّة (2) .
أقول: تعرف عظمته (عليه السلام) عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مِن هذه الروايات وغيرها، ويُستفاد مِن مجموعها أنّه لا يكون أحدٌ من أصحابه مثله، فيكون أولى بالخلافة مِن غيره، لتقدّم الفاضل على المفضول وقُبح عكسه عقلاً ونقلاً.
1 - حدّثنا بكر بن محمّد الصيفي بمرو، ثنا إسحاق، ثنا القاسم بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن يعلى السلمي، ثنا عمار بن زريق، عن أبي إسحاق، عن
____________________
(1) المصدر 9/ 130.
(2) إحقاق الحق 9/ 11 - 12.
زياد بن مطرف، عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ( مَن يُريد أنْ يحيى حياتي ويَموت موتي، ويسكن جنّة الخُلد التي وعدَني ربّي، فليتولّ عليّ بن أبي طالب، فإنّه لنْ يُخرجكم مِن هُدى، ولنْ يُدخلكم في ضلالة ).
هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يُخرجاه (1) .
وهذا المعنى يُستفاد أيضاً مِن غيره من الأخبار الواردة مِن طُرُق القوم، ودلالتها على حُسن أخذه وليّاً ظاهرة.
1 - حدّثنا واصل بن عبد الأعلى، عن محمّد بن فضيل، عن عبد الله بن عبد الرحمن أبي نصر، عن مساور الحميري، عن أُمّه قالت: دخلت على أُمّ سلمة فسمعتها تقول: كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: ( لا يُحبّ عليّاً منافق ولا يبغضه مُؤمن ).
هذا حديثٌ حسن صحيح (2) .
2 - حدّثنا يحيى بن عثمان ابن أخي يحيى بن عيسى الرملي، عن يحيى ابن عيسى الرملي، عن الأعمش، عن عدِي بن ثابت، عن زر بن حبيش، عن عليّ قال: ( لقد عهد إليّ النبيّ الأُمّيّ، أنّه لا يحبّك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق ).
هذا حديثّ حسن صحيح (3) .
ويُستفاد مِن هذه الأخبار أنّ مقتضى الإيمان عدم بغضه، ومقتضى النفاق بغضه، فيكون الميزان في النفاق والإيمان حبّه وبغضه، فيكون تلوَ الرسول
____________________
(1) المستدرك من الصحيحين 3/ 128.
(2) سنن الترمذي ج5 حديث 3800.
(3) المصدر حديث 3819.
الأكرم فيهما.
وهذا يَكشف عن عُلوّ مقامه وعظمة شأنه (عليه السلام)، ومَن كان هذا مَقامه وشأنه فيكون مقدّماً على غيره في الخلافة؛ لأنّها كالنبوّة رئاسةً إلهيّة لا يليق بها إلاّ مَن كان له هذا المقام الشامخ.
1 - حدّثنا عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا عبّاس بن الفضل الأسفاطي، ثنا عليّ بن عبد الله المديني وإبراهيم بن محمّد بن عرعرة، قالا ثنا حرمي بن عمارة حدّثني الفضل بن عُميرة، أخبرني ميمون الكردي، عن أبي عثمان الهندي أنّ عليّاً قال:
( بينما رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخذ بيدي ونحن في سكك المدينة، إذ مررنا بحديقةٍ فقلت: يا رسولَ الله ما أحسنها مِن حديقة. قال: لك في الجنّة أحسن منها ).
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحُ الإسناد ولم يُخرجاه (1) .
2 - عن جابر قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ( يطلع عليكم مِن تحت هذا الصور (2) رجلٌ مِن أهل الجنّة ). قال: فطلع أبو بكر فهنّأناه بما قال رسول الله، ثمّ لبث هُنيئة ثمّ قال: ( يطلع مِن تحت الصور رجلٌ مِن أهل الجنّة )، فطلع عمر فهنّأناه بما قال رسول الله. ثمّ قال: ( يطلع مِن تحت هذا الصور رجلٌ مِن أهل الجنّة ، اللهمّ إنْ شئت جعلته عليّاً ) - ثلاث مرات -. قال: فطلع عليّ. وفي رواية: اللهمّ اجعله عليّاً.
رواه احمد وإسناده حسن (3) .
____________________
(1) المستدرك من الصحيحين 3/ 138.
(2) الصور: جماعة من النخل.
(3) مجمع الزوائد 9/ 116 - 117.
اعلم أنّ النصوص التي تدلّ على أنّه وشيعته مِن أهل الجنّة أو هُم الفائزون كثيرة تبلغ حدّ الاستفاضة أو التواتر (1) ، فيكون هو وشيعته هُم أهل الحق الناجون في القيامة.
1 - حدّثنا أبو بكر بن إسحاق، أنا محمّد بن عيسى بن السكن الواسطي، ثنا شهاب بن عباد، ثنا محمّد بن بشر، ثنا الحسن بن حي، عن أبي ربيعة الأيادي عن الحسن، عن أنس قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ( اشتاقت الجنّة إلى ثلاث: عليّ، وعمّار، وسلمان ).
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه (2) .
فإنّ أئمّة الحديث رَوَوا هذا الخبر في كُتُبِهم، (3) واعتمدوا عليه مع صحّة سند بعضهم كما عرفت، فلا مجال للتشكيك في سنده، وأمّا دلالته على اشتياق الجنّة إلى هؤلاء ظاهرة بل صريحة، وهو دليل على عظمتهم وعلوّ مرتبتهم عند الله عزّ وجل، خصوصاً عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، حيث أنّه إمامهم وأفضلهم وأشرفهم، فيكون مقدّماً عليهم وعلى غيرهم بطريقٍ أولى.
____________________
(1) فقد روى في مناقب الخوارزمي 149، تذكرة الخواص 60، ينابيع المودّة 237، مناقب ابن المغازلي 293، مقتل الخوارزمي 40 - 41، دلائل الإمامة 2.
(2) المستدرك في الصحيحين 3/ 137.
(3) رواه في سنن الترمذي ج5 حديث 3884، كفاية الطالب 131، فرائد السمطين 63 و126 بأسانيدهم إلى أنس بن مالك.
في أنه يذود عن الحوض رايات المنافقين:
1 - أخبرنا عليّ بن عبد الرحمن بن عيسى السبيعي بالكوفة، ثنا الحسين ابن الحكم الجيزي، ثنا الحسن بن الحسين الأشقر، ثنا سعيد بن خيثم الهلالي، عن الوليد بن يسار الهمداني، عن عليّ بن طلحة قال: حججنا فمررنا على الحسن بن علي بالمدينة ومعنا معاوية بن الحديج، فقيل للحسن: إنّ هذا معاوية بن حديج الساب لعليّ، فقال: ( عليّ به، فأُتي به فقال: أنت الساب لعليّ؟ فقال: ما فعلت. فقال: ( والله إنْ لقيته - وما أحسبك تلقاه يوم القيامة - لتجده قائماً على حوضِ رسول الله يذود عنه رايات المنافقين، بيده عصا من عوسج )، حدّثنيه الصادق المصدوق وقد خاب من افترى ).
هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يُخرجاه (1) .
ونحوه غيره من الروايات المتضمّنة لهذا المعنى (2) ، وهذا أيضاً مِن فضائله (عليه السلام) العظيمة كما هو واضح.
1 - حدّثنا قتيبة، عن حاتم بن إسماعيل، عن بُكير بن مسمار، عن عامر
____________________
(1) المستدرك من الصحيحين 3/ 138.
(2) مثل ما روى الخوارزمي بإسناده إلى أبي هريرة قال: قال عليّ بن أبي طالب: ( يا رسول الله أيما أحبّ إليك، أنا أم فاطمة؟ قال: فاطمة أحبّ إليّ منك، وأنت أعزّ عليّ منها، وكأنّي بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس، وأنّ عليه الأباريق مثل عدد نجوم السماء، وأنّي وأنت والحسن والحسين وفاطمة وجعفر في الجنّة إخوانا،ً على سُررٍ متقابلين لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه ) (مقتل الخوارزمي 2 68 - 69).
ابن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه قال: أمَرَ معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما مَنَعَك أنْ تَسبّ أبا تراب. قال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلن أسبّه، لإن تكونَ لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ مِن حُمر النعم، سمِعت رسول الله يقول لعليّ وخلّفه في بعض مغازيه، فقال له عليّ:( يا رسول الله تخلّفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله: أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون مِن موسى، إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي ) .
سمعته يقول يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلاً يُحبّ الله ورسوله ويُحبّه الله ورسوله ، قال: فتطاول لها فقال: أُدعوا عليّاً قال: فأتاه وبه رمد، فبصق في عينه فدفع الراية إليه ففتح الله عليه وأُنزلت هذه الآية ( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ ) الآية، دعا رسول الله عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: هؤلاء أهلي ).
هذا حديثٌ حسنٌ غريب صحيح (1) .
2 - عن أبي سعيد الخدري قال: أخذ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الراية فهزّها ثمّ قال: مَن يأخذها بحقّها. فجاء الزبير فقال: امض، ثمّ جاء رجل آخر فقال: أنا فقال أمط، فقال رسول الله: والذي أكرم وجه محمّد لأعطينّها رجلاً لا يفر، هاك يا عليّ. فقبضها ثمّ انطلق حتّى فتح الله عليه فدك وخيبر وجاء بعجوتها وقديدها.
رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عصمة وهو ثقة يخطأ (2) .
3 - عن ابن عبّاس قال: دفع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الراية إلى عليّ بن أبي طالب وهو ابن عشرين سنة.
____________________
(1) سنن الترمذي ج5 حديث 3808، صحيح مسلم 15/ 175، المستدرك من الصحيحين 3/ 108.
(2) مجمع الزوائد 9/ 124.
رواه الطبراني وإسناده حسن (1) .
4 - أخرج احمد وأبو يعلى بسند صحيح عن عليّ (عليه السلام) قال: ما رمدّت ولا صدعت منذُ مسح رسول الله وجهي وتفل في عيني يوم خيبر حين أعطاني الراية (2) .
اعلم أنّ الأحاديث المرويّة في إعطاء النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الراية لعليّ (عليه السلام) مستفيضة بل لعلّها تبلغ حدّ التواتر ولو من حيث المعنى (3) فلا ينبغي الإشكال في سندها، ودلالتها على اختصاصه (عليه السلام) بها ظاهرة بل صريحة، خصوصاً مع تطاول الأصحاب لها وطلبهم قولاً وعملاً لها، فتكون فضيلة عظيمة له، خصوصاً مع ما فيها مِن قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ( لأعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ).
1 - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: خرج علينا عليّ بن أبي طالب في الحرّ الشديد وعليه ثياب الشتاء وخرج علينا في الشتاء وعليه ثياب الصيف، ثمّ دعا بما نشد به، ثمّ مسح العرق عن جبهته ثمّ رجع إلى بيته، فقلت لأبي: يا أبتاه أما رأيت ما صنع أمير المؤمنين، خرج علينا في الشتاء عليه ثياب الصيف وخرج علينا في الصيف وعليه ثياب الشتاء. فقال أبو يعلى: ما فظنت، فأخذ بيد
____________________
(1) المصدر 9/ 125.
(2) تاريخ الخلفاء ص 66.
(3) فإنّه روي في صحيح البخاري ج5 مناقب عليّ حديث 18، صحيح مسلم 15/ 177، مسند احمد ج1 مسند علي، سنن ابن ماجة فضل عليّ ص 29، فضائل أمير المؤمنين لابن حنبل (مخطوط) ص 199، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص6، سنن المصطفى ج1/ 57، الاستيعاب 3/ 36، مناقب الخوارزمي 224 - 225.
ابنه فأتى عليّاً فقال له الذي صنع، فقال له عليّ: ( إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّّم) كان بعثني وأنا أرمَد، فبزق في عيني ثمّ قال افتح عينيك، ففتحتهما فما اشكيتهما حتّى الساعة، ودعا لي فقال: اللهمّ أذهب عنه الحرّ والبرد، فما وجدت حرّاً ولا برداً حتّى يومي ).
رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن (1) .
لا يخفى أنّ هذا معجزة للنبيّ الأكرم وعظمة للوصيّ الأعظم حيث وقع مورداً للطفه ودعائه واستجاب الله له. والله أعلم بالشاكرين.
1 - حدّثنا أبو عليّ الحافظ، أنبأ أبو عبد الله محمّد بن احمد بن أيّوب الصفّار، وحميد بن يوسف بن يعقوب الزيّات، قالا ثنا محمّد بن احمد بن عياض ابن أبي طيبة، ثنا يحيى بن حسان، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أنس بن مالك قال: كنت أخدم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقدّم لرسول الله فرخ مشوي، فقال: ( اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي مِن هذا الطير ).
فقال: فقلت: اللهمّ اجعله رجلاً من الأنصار، فجاء عليّ فقلت: إنّ رسول الله على حاجة، ثمّ جاء فقلت: إنّ رسول الله على حاجة، ثمّ جاء فقال رسول الله: إفتح فدخل، فقال رسول الله: ( ما حبسك عليّ؟ فقال إنّ هذه أخر ثلاث كرّات يردّني أنس يزعم أنّك على حاجة ).
فقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقلت: يا رسول الله سمعت دعاءك فأحببت أنْ يكون رجلاً مِن قومي.
فقال رسول الله: ( إنّ الرجل يحبّ قومه ).
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، وقد رواه عن أنس جماعةٌ مِن أصحابه زيادةً على ثلاثين نفساً، ثمّ صحّت الرواية عن عليّ وأبي سعيد
____________________
(1) مجمع الزوائد 9/ 122.
الخدري وسفينة (1) .
هذا الحديث مثل كثير من الأحاديث الواردة في فضائل عليّ (عليه السلام)، مستفيض بحيث يُمكن دعوى التواتر فيه، ولو من حيث المعنى حتّى قال الموفق الخوارزمي: أخرج الحافظ ابن مردويه الحديث بمائة وعشرين إسناداً (2) .
وهو يدلّ على أنّه (عليه السلام) أحبّ الخلق إلى الله تعالى سِوى النبيّ الأكرم، خصوصاً مع تكرار الردّ والرجوع واعتراض الرسول على أنس واعتذاره بما اعتذر، فلا يكون مِن القضايا الاتفاقيّة، فيكون (عليه السلام) أولى بالخلافة ممّن لا يكون له هذا المقام الرفيع ولا أدنى منه.
1 - عن سعد بن أبي وقّاص قال: كنت جالساً في المسجدين أنا ورجلين معي فنلنا من عليّ، فأقبل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) غضبان يعرف في وجهه الغضب، فتعوّذت بالله مِن غضبه فقال: ( مالك ومالي، مَن آذى عليّاً فقد آذاني ).
رواه أبو يعلى والبزّاز ورجال أبي يعلى رجال الصحيح غير محمّد بن خواش وقنان وهما ثقتان (3) .
2 - عن عمرو بن شاش الأسلمي - وكان مِن أصحاب الحديبيّة - قال: خرجت مع عليّ إلى اليمن فجفاني في سفري ذلك حتّى وجدّت في نفسي عليه، فلمّا قدمت المدينة أظهرت شكايته في المسجد حتّى سمع بذلك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم، فدخلت المسجد ذات غداة ورسول الله جالس في أناس
____________________
(1) المستدرك من الصحيحن 3/ 131.
(2) مقتل الخوارزمي 1/ 45، مناقِب ابن المغازلي 435، كفاية الطالب 145، خصائص أمير المؤمنين 6 و20، انساب الأشراف 142.
(3) مجمع الزوائد 9/ 129.
من أصحابه، فلما رآني أبدَ لي عينيه - يقول حدّد إليّ النظر حتّى إذا جلست - قال: يا عمرو والله لقد آذيتني. قلت: أعوذ بالله من أذاك يا رسول الله. قال: ( بلى مَن آذى عليّاً فقد آذاني ).
روا احمد والطبراني باختصار والبزّاز أخصر منه ورجال احمد ثقات (1) .
ونحو هذين الحديثين غيرهما من الأحاديث الواردة في الباب مِن طُرُق القوم، وهي تدلّ على وحدة وجودهما (عليهما السلام، حيث رتّب على وجوده الشريف ما رتّب على وجود عليّ من الآثار، بل في جملة مِن أحاديثهم، أنّ النبيّ قال: ( أنا وعليّ من نورٍ واحد (2) . وفي جملة أُخرى منها: أنا وعليّ مِن شجرةٍ واحدة، والناس مِن أشجار شتّى ) (3) . أو نحو ذلك.
1 - عن عبدالله بن الرقيم الكناني قال: خرجنا إلى المدينة زمن الجمل، فلقينا سعد بن مالك بها، فقال: أمَرَ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بسدّ الأبواب الشارعة في المسجد وترك بابَ عليّ.
رواه احمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط، وزاد: قالوا: يا رسول الله سدَدْت أبوابنا كلّها إلاّ باب عليّ.
قال: ( ما سدَدْت أبوابكم ولكنّ الله سدّها ) وإسناد
____________________
(1) المصدر 9/ 128. وفي تذكرة الخواص 49 قال احمد في الفضائل ان هذا الحديث سالم من الطعن.
(2) مثل ما روي في كفاية الطالب 314، مقتل الخوارزمي 1/ 43، عبقات الأنوار - حديث النور ص 99 - 100.
(3) انظر مناقب ابن المغازلي ص 400 و90 و297، فرائد السمطين 13، شواهد التنزيل الحديث 588، كفاية الطالب 317.
احمد حسن (1) .
والأخبار الواردة في سدّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أبواب المسجد إلاّ باب عليّ (عليه السلام) عديدة، بل مستفيضة (2) مع صحّة سند بعضها، فلا إشكال فيها من جهة السدّ. ومن هنا تقدّم هذه الأحاديث على ما رُوي من أنّه سدّ الأبواب إلاّ باب أبي بكر. والحديث الأخير مع ضعفه - كما عن ابن أبي الحديد - لا يُعارض تلك لكثرتها وصحّة سندها واعتماد المشهور عليها، بل لا يُعرف الخلاف بين أصحابنا الإماميّة فيها.
وأمّا دلالتها على عظمته (عليه السلام) وعلوِّ مقامه عند الله تعالى ورسوله ممّا لا يُنكر، خصوصاً مع ما في ذيل غير واحدٍ منها مِن إسناد السدّ إلى الله كما مرّ، بل في بعضها: وإنّي والله ما سدَدْت شيئاً ولا فتحته ولكنّي أُمِرت فاتّبعت ( حم والضياء عن زيد بن أرقم ) (3) .
1 - عن سعد بن وهب قال: نشد عليّ الناس، فقام خمسة أو ستّة مِن أصحاب النبيّ، فشهدوا أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم) قال: ( مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه ).
____________________
(1) مجمع الزوائد 9/ 114.
(2) سُنن الترمذي ج5 حديث 3815، مناقب ابن المغازلي 258، كنز العمّال 6/ 152، فرائد السمطين 96 بأسانيدهم إلى ابن عبّاس وزيد بن أرقم، بل نقل في المناقب لابن المغازلي أربعة أحاديث فيه.
(3) كنز العمّال 6/ 152، وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 11/ 49: ونحوه سدّ الأبواب فانّه كان لعليّ (عليه السلام) فقلبته البكريّة إلى أبي بكر.
رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (1) .
2 - عن عمرو بن ذي مرو سعيد وزيد بن بثيع قالوا: سمعنا عليّاً يقول: ( نشدت الله رجلاً سمع رسول الله يقول يوم غدير خم )، فقام ثلاثة عشر رجلا فشهدوا أن رسول الله قال: ( ألستُ أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. فأخذ بيد عليّ فقال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من يبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله ).
رواه البزّاز ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة (2) .
3 - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت عليّاً في الرحبة يُناشد الناس: ( أنشد الله مَن سمِع رسول الله يقول في يوم غدير خم: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، لمّا قام فشهد. قال عبد الرحمن: فقام اثنا عشر بدريّاً كأنّي أنظر إلى احدهم، عليه سراويل، فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول الله يقول يوم غدير خم: ألستُ أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم وأزواجي أمّهاتهم، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فمَن كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه ).
رواه أبو يعلى ورجاله وثقوا (3) .
4 - عن ملك بن الحُويْرِث قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ( مَن كنت مولاه فعليّ مولاه ).
رواه الطبراني ورجاله وثقوا (4) .
5 - عن حبشي بن جنادة قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)
____________________
(1) مجمع الزوائد 9/ 114.
(2) مجمع الزوائد 9/ 105، مسند احمد 1119
(3) مجمع الزوائد 9/ 105، مسند احمد 1119
(1) مجمع الزوائد 9/ 106.
يقول يوم غدير خم: ( مَن كُنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصر مَن نصره، وأعن مَن أعانه ).
رواه الطبراني ورجاله وثقوا (1) .
6 - حديث ( مَن كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه ) حديثٌ صحيح لا مِرية فيه (2) .
7 - عن سعد بن أبي وقّاص أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخذ بيد عليّ فقال: ( ألستُ أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم، من كنت وليّه فعليٌّ وليّه ).
رواه البزّاز ورجاله ثقات (3) .
اعلم أنّ حديثَ غديرِ خم مِن المتواترات، وقد صرّح جمعٌ كثير مثل جلال الدين السيوطي، والذهبي، وابن الجزري، وغيرهم بتواتره، بل قد ألّف فيه بعض العلماء تآليف خاصّة به، مثل كتابَيّ الغدير وعبقات الأنوار وغيرهما، بل قلّما يوجد في الأحاديث مثله (4) .
ودلالته على خلافته (عليه السلام) ظاهرة، خصوصاً مع القرائن الداخلية والخارجية من الآيات والروايات الواردة في تفسير لفظة (المولى) وأنّ المراد بها هو الأولى بالتصرّف، كما هو أظهر معانيه عند الإطلاق وقد استعمل فيه في كثير
____________________
(1) المصدر 9/ 106.
(2) ينابيع المودّة ص 274.
(3) مجمع الزوائد 9/ 107.
(4) انظر مسند احمد ج 1 حديث 76 و97 و118 و119، وج 4/ 281 و368 و372 و370 وج 5/ 419، فضائل أمير المؤمنين لابن حنبل 1/ 45، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1/ 28 و4/ 74 و107 - 108 و19/ 217، انساب الأشراف فضائل علي 108، ينابيع المودّة 274، وقد ذكرت جميع هذه الأحاديث في كتابَي جامع فضائل أهل البيت.
وخلاصة القول: ممّا أوردنا من الأحاديث النبويّة الشريفة، الموضحة والمبيّنة لنا ما يوجب سلامة إيماننا ولزوم إتباع ما أمرنا الله سبحانه وتعالى ورسوله صلّى الله عليه وآله، وما يجب علينا الأخذ به لطريق الحقّ والهدي وسلامة الإيمان والعقيدة الحقّة الواجبة اتّباعها:
أنّ الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام هو الخليفة الحقّ من بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله، وأنّ الإمام عليّ عليه السّلام هو أمير المؤمنين حقّاً، وليست لأحد من قبله، ولا لأحد من بعده، وأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أبلغنا بالقبول والرضا بخلافة الإمام عليّ عليه السّلام، وهي من علامة المؤمن، كما أمر الله تعالى نبيّه بإبلاغها( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) وفي هذه الآية إبلاغ المسلمين بولاية الإمام عليّ عليه السّلام فلا يحلّ لمؤمن فسخها أو عدم الأخذ بها.
وأنَّ الولاية لله ولرسوله ولأمير المؤمنين في قوله:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (١) .
والولاية للإمام عليّ عليه السّلام، هي التكليف والواجب الخامس الّذي أمر الله المسلمين به، من بعد ما أمرهم تعالى بالصّلاة والزكاة والحج والصوم.
وبالولاية التي أمرنا الله بها، قال:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) (٢) .
واتّباع الإمام عليّ عليه السّلام بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، هو النجاة وهو الصراط المستقيم وهو إمام أولياء الله ونور أهل طاعته.
ووجوب محبّة الإمام عليّ عليه السّلام، ففي محبّته دلالة طُهر الولادة.
واعتراف عمر بن الخطّاب لعبد الله بن عباس:
لقد كان عليٌّ فيكم أولى بهذا الأمر منّي ومن أبي بكر.
وهنا يقرّ بـمظلوميّة الإمام عليّ، وفيها أنَّ الإمام عليّ هو الخليفة الحقّ بعد النبي.
____________________
(١) سورة المائدة: الآية ٥٥.
(٢) سورة المائدة: الآية ٣.
وإقرار المرء على نفسه حجّة.
فالإنقلاب الّذي حصل بعد وفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وقوله سبحانه وتعالى:( أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ) (١) يبرّره عمر بقوله: إنّا والله ما فعلناه عن عداوة، ولكن استصغرناه وحسبنا أن لا يجتمع عليه العرب وقريش لما قد وترها.
فهذا عذرٌ أقبح من الفعل، فهل هذ الفعل هو المكافئة للإمام عليّ عليه السّلام لجهاده المشركين، أم أنّه لعلّة في نفسه قضاها، أم أنَّ عمر ومن معه، حالوا دون خلافة الإمام عليٍّ، لإرضاء الموتورين، وكسبهم لجانبهم بإبعاد الإمام عليّ؟.....! وأنّ الله سبحانه وتعالى قد أمر نبيّه، بقيام الإمام عليّ بإبلاغ سورة براءة. فيا عجباً لا يتّقون الله ولا يخشونه، وأمره سبحانه واجب الاتباع. ولا اعتراض على حكمه.
ثمّ أليس الله بأحكم الحاكمين وهو العليم، الّذي لا تخفى عليه خافية.
أليس الله جعل من عيسى نبيّاً؟( فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ﴿٢٩﴾ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّـهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) (٢) والله سبحانه وتعالى يقول:( يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (٣)
فهل إختيار الله تعالى لعباده أنبياءً فيه منقصة؟ أو فيه محل للطعن؟ فيا عجباً باختيار الله عليًّا وليّاً وهو لم يبلغ الأربعين، وينكره الجاحدون؟
ومصادر أخرى أوردت نزول آية( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) :
السيّد عبد الله بن حمزة، في فضائل الصحابة، من كتاب (الشافي): ج١ ص ١٠٦ ط١.
الجشمي في تفسيره للآية الكريمة في (تنبيه الغافلين) ص ١٧٥ طبعة اليمن.
تفسير الطبري: ج١٩، ص ٧٤، حيث قام ببتر من حديث النبيّ (ص) وأبهم مضمونه.
تفسير البرهان: ج٣ ص-١٩٠ للسيد البحراني.
الطبراني في المعجم الكبير: ج١٠ ص ١٨٣.
____________________
(١) سورة آل عمران: الآية ١٤٤.
(٢) سورة مريم: الآيتان ٢٩-٣٠.
(٣) سورة مريم: ١٢.
أبو نعيم في (دلائل النبوّة).
الذهبي (سير أعلام النبلاء): ج١ ص ٦٣.
البيهقي في (السنن الكبرى).
السيّد هاشم البحراني في (غاية المرام) ص ٣٢٩.
محمّد بن عبد الله الاسكافي في نقضه على عثمانيّة الجاحظ ص ٣٠٣.
محمّد بن جرير الطبري في كتابه (تهذيب الآثار) الورق ٢/ب والأمر الواضح من النواصب للنبي وآله أن حالوا بين الكتاب ونشره.
محمّد بن أبي حاتم محمّد بن إدريس الحنظلي في كتابه (أعلام النبوة) في الفصل ٥ ص ٢١٢.
البيهقي في كتابه (دلائل النبوة): ج١ ص ٤٢٨.
السيّد عبد الحسين شرف الدين في كتابه (المراجعات) ص ١٨٧ وفي طبعة أخرى ص ١٢٣.
الحلبي في سيرته: ج١ ص ٣٨١، وأتبع سيرة ابن تيميّه في نصبه.
ابن حجر في كتابه (فتح الباري): ج١ ص ٢٥ وصفه لإعراض البخاري عن ذكر الحديث فقال ابن حجر: لا يستغرب إعراضه عن هذا الحديث.
العلامة النقشبندي في (مناقب العشرة) ص ١٥ مخطوط.
سبط بن الجوزي في (التذكرة) ص ٤٤ ط.النجف.
العلامة محمّد بن يوسف الحنفي في (حياة الصحابة): ج١ ص ٨١ ط. حيدر آباد الدكن.
المختصر في أخبار البشر: ج١/ص ١١٦و١١٧، وفيه على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم.
لباب التأويل: ج٣ ص ٣٧٢ وفيه: يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم.
التاريخ الكبير: ج٣/٢ ص ٣٢، فهو قد شوّه صدر الحديث.
سمط النجوم العوالي: ج٢ ص ٤٨١و٤٨٢.
جواهر المطالب: ج١ ص ٧٠و٧٩.
تاريخ ابن الوردي: ج١ ص ١٣٨.
شرف المصطفى ورق ١٢٢، وفيه: عليّ بن أبي طالب يقضي ديني وينجز موعدي، فلم يذكر الحديث تاماً.
العلل للدار قطني: ج٣ ص ٧٥.
الكامل في التاريخ: ج٢ ص ٤١ وذكر فيه الحديث الشريف: على أن يكون وصيّي وخليفتي فيكم.
النعيم المقيم ص ٤٨٨.
تفسير القرآن العظيم: ج٣ ص ٣٤٩ وبنقله للحديث من تاريخ ابن جرير الطبري، إلّا أنّه قلّب الحديث: على أن يكون أخي وكذا وكذا - دَيْدَن الّذين لا يوالون أهل البيت.
وكثير من المصادر التي أوردت الحديث فيها مشوهاً أو مقلوباً أو مبتوراً، ليس إلّا لإرضاء السلطة وممالئتها وهم السائرون بركابها.كمن باع آخرته لدنيا غيره ودلَّ عليهم قوله سبحانه وتعالى ونهيه:
( وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) (١) .
( لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) (٢) .
صدق الله العليُّ العظيم وصدّق رسوله الكريم والعاقبة للمتّقين.
بحث وتعقيبات عن الآية ٢١٤ فيها خواطر وعبر وتذكره .
أقول: إنّ الذكرى تنفع المؤمنين، وإن كان كما قال سبحانه وتعالى( أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) (٣) . لكن علينا بيان ما ينبغي لبسطه أمام القارئ الكريم؛ أنّ الحديث في نزول آية( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (٤) رواه جمع غفير من الرواة الّذين عرفوا بسعة العلم وهم أساتذة الحديث والمراجع المقتدرين في الأثر، والمعوّل عليهم في الجرح والتعديل أوالرفض والاحتجاج.
نرى الكثير ممّن في نفسه شيء مخافة السلطة أو خشيتهم منها، أو خشيتهم من سطوة المعادين لأهل البيت(ع) والمعاندين والناصبين لهم العداء، يتلكّئون، ويتحرّجون ويتملّكهم الذعر، حينما يذكر مناقب أهل البيت، فيكتمون أو لا يفصحون عنها.
____________________
(١) سورة البقرة: الآية ٤٢.
(٢) سورة الزخرف: الآية ٧٨.
(٣) سورة الزخرف: الآية ٧٨.
(٤) سورة الشعراء: الآية ٢١٤.
فمثلاً الطبري في تاريخه (تاريخ الأمم والملوك) يذكر رواية حديث( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) .
وقول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم:[إنَّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا].
لكنّه في تفسيره (جامع البيان) يروي حديث النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مبتوراً مبهماً، فيذكر الحديث النبوي[فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي وكذا وكذا........]
ثمّ يذكر قول النبيّ (ص) للإمام عليّ (ع)[إنّ هذا أخي وكذا وكذا....] وهذه جناية وخيانة لأمانة النقل والرواية، وقد نهى سبحانه وتعالى، وقال( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) (١) وقوله تعالى
( وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) (٢)
دأب أبناء العامّة والسّنة على رفض ما يرويه أتباع آل محمّد، فيضعفون الراوي إلّا لتشيعه وإن كان معروفاً بوثاقته، فلا يحتملون منقبة لعليّ (ع)، ولا يطيقون حديثاً لفضائله وإن كان صادراً عن النبيّ (ص) خصوصياً في أنّ الإمام عليّ(ع) هو الخليفة من بعد النبيّ (ص)، ومنها وعلى سبيل المثال في رواية الطبري الواردة بتاريخه، ففي سلسلة الرواة عبد الغفّار بن القاسم، وبهذا نرى القوم قد أضعفوه، ليس إلّا لتشيّعه مع أنّ أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني الحافظ المعروف بابن عقدة قد أثنى عليه وأطراه وبالغ في مدحه كما في (لسان الميزان) ج٤ ص ٤٣ مع العلم بأن قد أسند إليه رواة الحديث، ورووا عنه من فطاحل أهل الحديث والأثر وأهل المرجع في الجرح والتعديل والرفض والاحتجاج. فقد احتج به القوم في دلائل النبوّة والخصائص النبويّة من رواياته، لكنّهم يضعّفونه في روايته لمنقبة للإمام عليّ عليه السّلام، خاصّة في دلالتها على أنّه خليفة للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم.
كثيراً ما تقوم الأيادي الآثمة بالقطع والتحريف أو الحذف وكما هو حاصل لما بعد الطبعة الأولى من تفسير الطبري في طبعة بولاق - مصر.
وكذلك ما حصل مع محمّد حسنين هيكل لكتابه (حياة محمّد) بتحريف وقطع للحديث المروي عن آية( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) فبتر حديث النبيّ (ص)
____________________
(١) سورة آل عمران: الآية ٧١.
(٢) سورة البقرة: الآية ٤٢.
المذكور في الطبعة الأولى من قوله:[فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر وأن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم] .لكن في الطبعة التالية سنة ١٣٥٤هـ. في ص ١٣٩ يبتر الحديث ويأتي افتراءاً على لسان الإمام عليّ (ع) بقول: [أنا يا رسول الله عونك، أنا حرب على من حاربت، فابتسم بنو هاشم وقهقه بعضهم وجعل نظرهم ينتقل من أبي طالب إلى ابنه ثمّ انصرفوا مستهزئين] .
فادعى باطلاً افتراءاً لا أساس له في أي مصدر.
وهناك من أبناء القوم ممن ينكر ويطعن في مناقب وفضائل أهل البيت، ويوهن في مصادرها حتى تعسر عليه شيمته بذكر المسلّمات، وهو عنده عدم صحة الرواية أو ضعفها، إذا تضمنت فضائل ومناقب أهل البيت عليهم السّلام، كما هو المعهود عليه من مواقف ابن تيميّه، سواء في حديث الآية( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) أم في غيره من مواقف تجاه الإمام عليّ(ع) وأهل البيت الّذين أذهب الله عنهم الرِّجْسَ وطهَّرهم تطهيراً.
قال سبحانه وتعالى( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (١) فهو الطريق للحقّ والمنار للمسلمين، وقول قائلهم: حسبنا كتاب الله. فما جاء به القرآن هو الحقّ من ربّنا، ولا اجتهاد مع النص في أحاديث النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وفيما جاء في رواية حديث الآية( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) ، وكذا حديث المنـزلة[أنت منّي بمنـزلة هارون من موسى، إلا أنّه لا نبيّ بعدي] فللإمام عليّ ما للنبي(ص)، وهو بمنـزلة نفسه.
وحديث النبيّ في حجّة الوادع:
[ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم.......... ألا ومن كنت مولاه فعليّ مولاه، أللّهم وال من والاه وعادِ من عاداه].
وبايعه المسلمون، بإمرة المؤمنين، ومنهم أبا بكر وعمر وقول عمر في تهنئته للإمام عليٍّ: بخٍ بخٍ يا عليُّ.. أصبحت مولاي ومولى كل مسلم ومسلمه.
وحديث الثقلين، في قوله (ص)[أنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض].
وقوله (ص):[عليٌّ مع الحقّ والحقّ مع عليٍّ].
____________________
(١) سورة الحشر: الآية ٧.
فكلّ ما قد أمر به النبيّ (ص) من استخلاف الإمام عليّ (ع) وهو وصيّه ووارثه لا يأخذ بها القوم وليست عندهم حجّة أو أمر يطاع! لكن استخلاف أبو بكر لعمر، أمر نافذ وحجّة بالغة، وعمر نفسه يصف بيعة أبي بكر للخلافة، بأنّها فلتةٌ....ومن عاد إليها فاقتلوه.
أقول: ما لكم كيف تحكمون؟.
وروى ابن عساكر في كتابه (تاريخ دمشق) وبإسناده عن أبي رافع، قال: كنت قاعداً بعدما بايع الناس أبا بكر، فسمعت أبا بكر يقول للعباس:
أنشدك الله هل تعلم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جمع بني عبد المطّلب وأولادهم وأنت فيهم وجمعكم دون قريش فقال:[يا بني عبد المطّلب إنّه لم يبعث الله نبيّاً إلّا جعل له من أهله أخاً ووزيراً ووصيّاً وخليفة في أهله، فمن منكم يبايعني على أن يكون أخي ووزيري ووصيي وخليفتي في أهلي؟ فلم يقم منكم أحد فقال:يا بني عبد المطّلب كونوا في الإسلام رؤوساً ولا تكونوا أذناباً والله ليقومنّ قائمكم أو لتكوننّ في غيركم ثمّ لتندمنّ؟] فقام عليٌّ من بينكم فبايعه على ما شرط له ودعا إليه، أتعلم هذا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: نعم.
ها هنا يسمع أبو بكر من العباس، عم النبيّ (ص) بنعم، بعد أن ناشده الله، فهل يرعوي عمّا هو عليه ويرجع الحق إلى أهله، خاصّة وأنّه لم يكن حاضراً مع بني عبد المطّلب، فما باله؟!
وحين نزلت سورة البراءة، كما ورد في المراجع المعتمدة عند المسلمين ونذكر بعضاً منها:
روى القاضي أبي حنيفة النعمان بن محمّد التميمي المغربي - القاهري في كتابه (شرح الأخبار) ص ١٢٢ ط٢ مؤسسة النشر الإسلامي قال في الرقم (٥٠):
وبآخر رفعه إلى أبي رافع، قال: كنت جالساً عند أبي بكر، بعد أن بايعه الناس، إذ أتاه عليّ عليه السّلام والعباس يختصمان في تراث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فافتتح العباس الكلام، فقال له أبو بكر: لا تعجل، فإنّي أسالك أمراً، أناشدك الله هل تعلم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله جمع بني عبد المطّلب وأولادهم وأنت فيهم، فقال: يا بني عبد المطّلب إنّ الله لم يبعث نبيّاً إلّا جعل له أخاً ووزيراً ووارثاً ووصيّاً وخليفة في أهله، فمن يقوم منكم فيبايعني على أن يكون أخي ووزيري ووارثي ووصيّي وخليفتي في أهلي، فأمسكتم، ثمّ أعاد الثانية، فأمسكتم، ثمّ أعاد الثالثة فأمسكتم، فقال: لئن لم يقم قائمكم ليكوننَّ في غيركم ثمّ لتندمنَّ، فقام هذا (يعني عليًّا عليه السّلام) من بينكم، فبايعه إلى ما دعاكم إليه وشرط له عليكم ما شرط، أتعلم ذلك يا عباس؟
قال (العباس): نعم، هذا قول أبو بكر.
وعقّبَ القاضي أبو حنيفة على موقف أبي بكر في ص ١٢٧، فقال:
وأعجب ما جاء في هذا الباب احتجاج أبي بكر على العباس بما كان من رسول الله صلّى الله عليه وآله، يوم جمع بني عبد المطّلب من إقامته عليًّا وأخذه البيعة له بالأخوة والوصاية والوراثة والوزارة والخلافة، وأمره إيّاهم بالسمع والطاعة له، وقد ذكرنا الحديث قبل هذا بتمامه وهو من مشهور الأخبار عن الخاص والعام، فإذا كان ذلك، كذلك وهو الأخ والوزير والوصي والوارث والخليفة ومستحقّ تراث رسول الله فمن أين وجب لأبي بكر وغيره أن يدَّعوا أنهم خلفاء رسول الله وأن يقوموا مقامة من بعده، وليس أحد منهم يدعي أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال له مثل ذلك ولا شيئاً ممّا قدّمنا ذكره ويأتي بعد في هذا الكتاب، ممّا يوجب إمامة عليّ عليه السّلام وما هذا إلّا كما قال الله تعالى:( فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) (١) وقوله تعالى:( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) (٢) وأكثر ممّا سمعناه وتأدّى إلينا عن المتعلّقين بهؤلاء من ضعفاء الأمّة أنَّ أحدهم إذا خوطب بمثل هذا وقامت الحجّة عليه فيه ولم يجد مدفعاً لها أن يقول: أفتكفّر أبا بكر وعمر وجميع الصحابة الّذين بايعوا لهما؟ فيقال له: فأي لُكَعْ، فلا تكفرهم أنت -إن شئت- وتخالف أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وتكذّبه، فتكون أنت الكافر. ولقد صدق من قال: إنَّ مجيء عليّ عليه السّلام مع العباس إلى أبي بكر يختصمان إليه إنّه إنّما كان لما أراده من إقامة الحجّة عليه بمثل ما أقرّ به وبأنّه لو لم يقرّ بذلك لأحتجّ به وبغيره عليه، عليٌّ صلوات الله عليه وكبته فيه وقرّر على تعدّيه، فلمّا كفاه ذلك بإقراره، سكت عنه، وكان اختصامهما في ذلك إليه كاختصام الملكين إلى داوود عليه السّلام قرّراه عليه من أمر (الـ) خطيئة والله أعلم...
وروى القاضي أبو حنيفة في كتاب (شرح الأخبار) ص ١٩٥ وما بعدها قال في الرقم (١٥٥):
بإسنادٍ آخر، عن أنس بن مالك، قال: كنا نتهيّب أن نسأل رسول الله صلّى الله عليه وآله فلمّا نزلت:( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ ) (٣) رأينا أن نفسه نعيت إليه. فقلنا: يا رسول الله
____________________
(١) سورة الحج: الآية ٤٦.
(٢) سورة محمّد: الآية ٢٤.
(٣) سورة النصر: الآية ١.
أرأيت إن كان شيء فمن نسأل بعدك؟! فقال:[أخي ووزيري وخليفتي في أهلي، وخير من أترك بعدي يقضي ديني وينجز موعدي عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه.]
وروى في الرقم (١٥٩) ص ١٩٦ قال:
وبآخر عن عمّار بن ياسر (رحمه الله) أنّه قال يوماً لقوم اجتمعوا إليه:
من أخير الناس وأفضلهم عندكم؟ قالوا: عمر أمير المؤمنين، فتح الفتوح ومصّر الأمصار، وذلك في أيّامه. فسكت. فقالوا: ما تقول يا أبا اليقظان؟ قال: أقول ما قد سمعت من رسول الله صلوات الله عليه وآله، أنّه قال:[عليٌّ خير البشر فمن أبى فقد كفر ، وسمعته صلّى الله عليه وآله يقول:ما من قوم ولَّوا أمورهم رجلاً وفيهم من هو خيرٌ منه إلّا كان أمرهم إلى سفال.]
وفي الرقم (١٦١) ص ١٩٧ قال:
وبآخر عن الحسن البصري، قال: دخلت مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله فجلست إلى عبد الله بن عمر، وذلك يوم الجمعة إلى أن طلع علينا مروان، فخطب، فصلّى، فجعل عبد الله بن عمر يقول: رحمك الله يا سلمان، ويكرر ذلك. فقلت له: يا أبا عبد الرحمان لقد ذكرت من سلمان شيئاً. قال: نعم، خرج علينا عشية بايع الناس لأبي بكر، فقال: أما والله لقد أطمعتم فيها أولاد العتل(١) ولو وليتموها أهل بيت نبيّكم، ما طمع فيها غيرهم وذكرت قوله هذا لما رأيت مروان(٢) على المنبر.
وروى أبو سعيد أحمد بن محمّد بن زياد المعروف بابن الأعرابي في كتاب (معجم الشيوخ) ج٢ الورق ١٥٥/أ و٢٢٠/ب قال:
وحدّثنا علي (بن سهل) أنبانا عفّان، أنبانا حمّاد بن سَلَمَة، عن سماك عن أنس: أنَّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعث ببراءة مع أبي بكر الصديق إلى أهل مكة فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (ردّوه) فردّوه فقال أبو بكر رضي الله عنه: مالي أنزلَ فَّي شيء؟ قال (النبي): لا، ولكنّي أمرت أن لا يبلّغها إلّا أنا أو رجل منّي. فدفعها إلى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
____________________
(١) العتل: الغليظ الجافي.
(٢) مروان. لعنه رسول الله وهو في بطن أمه، كما لعن رسول الله(ص) الحكم أبو مروان وقد نفاه رسول الله عن المدينة.
وروى الحافظ الحسكاني في كتابه (شواهد التنـزيل) ج١ ص ٣٦٦ ط٣ في الحديث المرقم ٣١٧ قال:
حدّثني الأستاذ أبو طاهر الزيادي، قال: أخبرنا أبو طاهر المحمّد آبادي قال: حدّثنا أبو قلابة الرقاشي قال: حدّثنا عبد الصمد وموسى بن إسماعيل قالا: حدّثنا حمّاد بن سَلَمَة، عن سماك بن حرب، عن أنس بن مالك: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بعث سورة براءة مع أبي بكر ثمّ أرسل (إليه) فأخذها (منه) ودفعها إلى عليٍّ وقال:[لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل من أهل بيتي].
ج- وروى أبو بكر ابن أبي شيبة في الحديث ٧٢ من فضائل عليّ عليه السّلام من كتاب (الفضائل) تحت الرقم ١٢١٨٤ من كتاب المصنف ج٧/الورق ١٦١/٤، وفي ط١ ج١٢/٨٤ طبعة الهند، قال:
حدّثنا عفان، قال: حدّثنا حمّاد بن سَلَمَة، عن سماك، عن أنس: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعث ببراءة (مع) أبي بكر إلى (أهل) مكة، فدعاه، فبعث عليّاً، فقال:[ لا يبلّغها إلّا رجل من أهل بيتي ].
د- وروى الحسين بن إبراهيم الجوزقاني في الحديث ١٢٧ من كتابه (الأباطيل) ج١ ص ٢٧١ ط٤، قال:
أخبرنا عبد الملك بن مكي، أخبرنا عليّ بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمّد قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر بن أعين، قال: حدّثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: حدّثنا محمّد بن جابر، عن حنش بن المعتمر:
عن عليٍّ قال:[نزلت سورة براءة، فبعث بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع أبي بكر إلى أهل مكّة، فلمّا مضى أتى جبرئيل عليه السّلام فقال: إنّه لن يبلِّغ عنك إلّا أنت أو رجل منك. فدعاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: أدرك أبا بكر فخذ الكتاب منه فاقرأه عليهم قال: فلحقت أبا بكر بذي الحليفة، فقال: هل نزل فيَّ شيء؟ قلت: لا إنّ جبرئيل أتاه بكذا وكذا....]
هـ- وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل في الحديث ٣٢١ من باب فضائل عليّ عليه السّلام، من كتاب الفضائل في الحديث ١٢٩٦ من مسند عليّ عليه السّلام، من كتاب المسند: ج١، ص ١٥١ ط١ قال: حدّثنا محمّد بن سليمان لُوين قال: حدّثنا محمّد بن جابر عن سماك، عن حنش:
عن عليٍّ (عليه السّلام) قال:[لمّا نزلت عشر آيات من براءة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، دعا أبا بكر فبعثه بها يستقرؤها على أهل مكّة، ثمّ دعاني فقال لي: أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب إلى أهل مكّة فاقراه عليهم
قال:فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله نزل فيَّ شيء؟ قال: لا ولكن جبرئيل جاءني فقال: لن يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك ].
وروى أحمد بن شعيب النسائي صاحب السنن وأحد أصحاب الصحاح في كتابه (الخصائص العلويّة) ص ٩١ وفي طبعة بيروت ص ١٤٦ قال:
أخبرنا العباس بن محمّد الدوري، حدّثنا أبو نوح قراد، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع:
عن عليٍّ (قال) :[إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث ببراءة إلى أهل مكّة مع أبي بكر، ثمّ أتبعه بعليّ فقال له: خذ الكتاب فامض به إلى أهل مكّة. قال: فلحقته وأخذت الكتاب منه. فانصرف أبو بكر وهو كئيب فقال: يا رسول الله أنزل في شيء؟ قال: لا إلّا أنّي أمرت أن أبلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي].
وما أورده الرواة من أصحاب السنن والسيرة وكتبة التاريخ، أنّه لا يبلّغ عن الله، إلّا النبيّ أو رجل منه، وهو أمر من الله سبحانه وتعالى، فأبلغ جبرئيل عليه السّلام النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، والخلافة كذلك هي جعل من الله سبحانه وتعالى.
وحديث المنـزلة[أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي] فللإمام عليّ(ع) ما للنبي، سوى النبوّة والإمام عليّ (ع) هو كنفس النبي(ص)، كما في آية المباهلة:
( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) (١) وعليٌّ نفس النبي، فهو خليفة النبيّ ووصيّه ووارثه والمبلّغ لرسالته بجعل إلهي.
وقول الإمام عليّ (ع) خطبته الشقشقيّة:
[أما والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة، وإنّه لَيَعْلَمُ أنَّ محلِّي منها محلُّ القُطب من الرَّحَى] وهنا إشارة واضحة لتقمّص أبو بكر الخلافة غصباً وهو عارف بأحقيّة الإمام عليّ بها. (نهج البلاغة ج١ ص ١١٨ ) وقوله عليه السّلام[أللّهم إنّي أستعديك على قريش ومن أعانهم، فإنّهم قطعوا رحمي، وصغَّروا عظيم منـزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمراً هو لي] شرح نهج البلاغة ج٩ ص ٢٠٠ ].
وقوله: [أللّهم أخزِ قريشاً، فإنّها منعتني حقّي، وغصبتني أمري ] شرح النهج: ج٩ ص ٢٠١.
____________________
(١) سورة آل عمران: الآية ٦١.
فكلّها موارد، يبيّن فيها غصب الخلافة منه وهي حقّه منذ نزول آية( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) وحتّى حجّة الوداع وبيعة المسلمون له بالإمارة والولاية.
وقد قال الإمام عليّ عليه السّلام، لعمر بن الخطّاب، حينما كان عمر يجاهد بقوّة لأخذ البيعة لأبي بكر،[إحلب يا عمر حلباً لك شطره] شرح النهج: ج٦ ص ١٧٩.
وللملاحظة والنظر فيما أوردت في الفقرتين السابقتين ٧و٨ يرى المنصف والمتّقي ومن يخاف يوم الحساب:
إن كان أبو بكر لم يكن حاضراً مع من دعاهم رسول الله من بني عبد المطّلب -وهذا بديهي وواقعي- فهو لم يحط علماً ساعةَ قول النبيّ للإمام عليّ (ع):[أخي ووزيري ووصيي وخليفتي ] قد يكون معذوراً في مقعد الخلافة للوهلة الأولى لكنّه بعد أن استنشد الله العباس بن عبد المطّلب - الّذي كان من بين من حضر من بني عبد المطّلب، بعد نزول آية( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) أن يخبره عن حقيقة الرواية، فأجابه العباس بـ(نعم).
فهلّا أعاد الحقّ لأهله؟....!!
وفي حجّة الوداع - وحجّة البلاغ، حيث نزلت آية( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) وفي خطبته صلّى الله عليه وآله[....... ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله......] فقام المسلمون بمبايعة الإمام عليّ (ع) -بإمرة المؤمنين- وكان عددهم مائة ألف أو يزيدون.
وكان أبو بكر وعمر ممن بايعاه: مولاي ومولى كل مسلم ومسلمة....
وبعد إبلاغ النبيّ (ص) بإمرة أمير المؤمنين عليه السّلام، نزلت آية الإكمال:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) (١) .
وما بين حجّة الوداع ووفاة النبيّ (ص) إلّا أيّاماً، انقلبوا على ما أتاهم النبي(ص)، كما أخبر الله سبحانه وتعالى في قوله( أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ) (٢) .
فنبذوا بيعتهم وراء ظهورهم، ويتقمّص أبو بكر الخلافة، الّتي وصفها عمر (كانت بيعة أبي بكر فلتةٌ وقى الله المسلمين شرّها ومن عاد إليها فاقتلوه).
____________________
(١) سورة المائدة: الآية ٣.
(٢) سورة آل عمران: الآية ١٤٤.
فما عذرهم أمام الله ورسوله، وقد أخبر عليه الصّلاة والسّلام، كيف سينقلب أصحابه من بعده، وسيدخلون جهنّم، في يوم الحساب والنبي(ص) يقول وبحسرة،[أصحابي أصحابي، فيقال له: ما تدري ما أحدثوا بعدك].
وأورد السيّد عليّ بن شهاب بن محمّد الهمداني في (مودّة القربى) قال:
عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: نصب رسول الله (ص) عليًّا علماً فقال:[من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه، واخذل من خذله وانصر من نصره، أللّهم أنت شهيدي عليهم].
قال عمر بن الخطّاب: يا رسول الله وكان في جنبي شابٌ حسن الوجه طيب الريح. قال لي: يا عمر لقد عقد رسول الله عقداً لا يحلّه إلّا منافق.
فأخذ بيدي رسول الله، فقال (ص):[يا عمر إنّه ليس من ولد آدم لكنّه جبريل أراد أن يؤكّد عليكم ما قلته في عليَّ] . وهذا الّذي رواه عمر كان في حجّة الوداع يوم نصب النبيّ عليّاً(ع) وليّاً بايعة المسلمون بإمرة المؤمنين.
ورواه عن السيّد علي الهمداني الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه (ينابيع المودّة) ص ٢٤٩
فبيعة يوم الغدير عقدٌ أمر الله به نبيّه بأخذ البيعة للإمام عليّ (ع) ولا يحلّه إلّا منافق وتنصيب عليٍّ أميراً ووليّاً، في يوم الغدير، هو الركن المكمّل لبقيّة الأركان الّتي بُني عليها الإسلام.
وأخرج محمّد كرد علي في كتاب (خطط الشام)، حديث أبي هارون العبدي: ج٥ ص ٢٥١ قال:
كنت أرى رأي الخوارج، لا أتوّلى غيرهم حتّى جلست إلى أبي سعيد الخُدري فسمعته يقول: أُمرَ الناس بخمسٍ فعملوا بأربع وتركوا واحدة.
فقال له رجل: يا أبا سعيد ما هذه الأربعة التي عملوا بها؟
قال: الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، صوم شهر رمضان.
قال (الرجل): فما الواحدة التي تركوها؟
قال (أبو سعيد): ولاية عليّ بن أبي طالب.
قال (الرجل): وإنها مفترضة معهن؟
قال (أبو سعيد): نعم.
قال (الرجل): فقد كفر الناس.
قال (أبو سعيد): فما ذنبي.
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[شرّ الناس من باع آخرته لدنياه، وأشرُّ من ذلك من باع آخرته لدنيا غيره].
وهذا الحديث الشريف، هو خير رادع لمن آمن بالله تعالى واتبع رسوله، وأوضح بيان لنا كمسلمين، فلا نرضى بكل ما قام به الخلفاء والأمراء الّذين يسعون لدنياهم، حتّى ولو خسروا آخرتهم فهل مسوغ لنا من خسران الآخرة، لدنيا غيرنا........!؟
ونورد هنا المسك الطيب الحديث النبوي الشريف، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم:
[من سرّه أن يحيى حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنّة عدن غرسها ربّي، فليوالِ عليًّا من بعدي، وليوال وليّه، وليقتد بالأئمّة من بعدي فإنّهم عترتي خُلقوا من طينتي، رزقوا فهماً وعلماً، وويل للمكذّبين بفضلهم من أمّتي القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي].
أخرج هذا الحديث، الحفّاظ والرواة وبهذا المضمون:
الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد): ج٤ ص ٤١٠.
الحافظ أبو نعيم الاصبهاني في (حلية الأولياء): ج١ ص ٨٠ وفي ظ أخرى ص ٨٦.
الحافظ محمّد بن يوسف الكنجي في (كفاية الطالب): الباب التاسع ص ٨١.
مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري: ج٣ ص ١٢٨، عن زيد بن أرقم.
كنـز العمّال: ج٦ ص ١٥٥ للمتّقى الهندي.
مجمع الزوائد: ج٩ ص ١٠٨ للحافظ الهيثمي.
الرياض النضرة: ج٢ ص ٢١٥ للطبري.
ذخائر العقبى ص ٩٢ عن ابن عباس للطبري.
الإصابة لابن حجر العقسلاني: ج٣ ص ٢٠ عن زياد بن مطرف.
ما جاء في بشارة المصطفى ص ١٧٩، وفي تأويل الآيات ج١ ص ٢١٧ في الحديث ١٠: روى ابن بابويه، عن أبي جعفر الأوّل عليه السّلام، قال:[خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم راكباً وأمير المؤمنين عليه السّلام يمشي، فقال له النبيّ (ص): يا أبا الحسن إمّا أن تركب وإمّا تنصرف فإنّ الله أمرني أن أركبُ إذا ركبتَ وأمشي إذا مشيتَ، وإنّ الله ما أكرمني بكرامة إلّا وأكرمك بمثلها، خصّني بالنبوّة والرسالة، وجعلك ولييّ ووصييّ وارتضاك لي. ما آمن بي من جحدك، ولا أقرَّ بي مَنْ أنكرك ولا تبعني من تولّى عنك ولا آمن بالله من كفر بك، وإن فضلك فضلي، وفضلي من فضل الله ومن لم يلقَ الله بولايتك لم يلق الله بشيء، ومن لقي الله بعمل غير ولايتك فقد حبط عمله، وما أقول إلّا من الله وفضل الله على العبد بموالاة محمّد الّتي هي خيرٌ من الذهب والفضّة وهي ثمن الجنّة].
وورد الحديث في البحار: ج٢٤ ص٦٤-٦٦، الحديث ٥٠-٥١.
وبروايته عن الشيخ الصدوق، وبإسناده عن أبي جعفر محمّد الباقر عليه السّلام عن أبيه عن جدّة عليه السّلام قال: [خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ذات يوم وهو راكب وخرج عليّ عليه السّلام وهو يمشي، فقال له: يا أبا الحسن إمّا أن تركب إذا ركبت وتمشي إذا مشيت وتجلس إذا جلست إلّا أن يكون في حد من حدود الله لا بد لك من القيام والقعود فيه، و ما أكرمني الله بكرامة إلّا وأكرمك بمثلها، خصّني الله بالنبوّة والرسالة وجعلك ولييّ في ذلك تقوم في حدوده وصعب أموره، والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً ما آمن بي من أنكرك ولا أقرّ بي من جحدك ولا آمن بالله من كفر بك، وإنّ فضلك لمن فضلي وإنّ فضلي لفضل الله وهو قول ربّي عزّ وجل: قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير ممّا يجمعون، ففضل الله نبوّة نبيّكم ورحمته ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فبذلك قال بالنبوة والولاية فليفرحوا (يعني الشيعة) هو خير ممّا يجمعون، يعني مخالفيهم من الأهل والمال والولد في دار الدنيا والله يا عليّ ما خلقت إلّا لتعبد ربّك ولتعرف بك معالم الدين ويصلح بك دارس السبيل ،
ولقد ضلّ من ضلّ عنك ولن يهتدي إلى الله من لم يهتد إليك وإلى ولايتك وهو قول ربّي عزّ وجل :( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثمّ اهْتَدَىٰ ) (١) يعني إلى ولايتك، ولقد أمرني ربّي تبارك وتعالى أن أفترض من حقّك ما افترض من حقّي وإنّ حقّك لمفروض على من آمن بي، ولولاك لم يعرف عدّو الله ومن لم يلقه بولايتك لم يلقه بشيء ولقد أنزل الله عزّ وجل إليّ :( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) (٢) يعني في ولايتك يا عليّ ( وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ ) (٣) ولو لم أبلّغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي، ومن لقي الله عزّ وجلّ بغير ولايتك فقد حبط عمله وغداً سحقاً له، وما أقول إلّا قول ربّي تبارك وتعالى وإنّ الّذي أقول لمن الله أنزله فيك ].
وروى الحافظ الحاكم الحسكاني في (شواهد التنـزيل) ج١ ص ٦٣٩ ط٣ في الحديث ٥٨٧ قال:
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمّد الحيري قال: حدّثنا جد ّ ي أحمد بن إسحاق الحيري قال: حدّثنا جعفر بن سهل قال: حدّثنا أبو زرعة وعثمان بن عبد الله القرشي قالا: أخبرنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير:
عن جابر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[يا عليُّ لو أنّ أمّتي صاموا حتّى صاروا كالأوتاد، وصلّوا حتّى صاروا كالحنايا، ثمّ أبغضوك لأكبّهم الله على مناخرهم في النار] رواه جماعة عن عثمان.
وورد في الحديث ٥٨٨ من (شواهد التنـزيل) ج١ ص ٦٣٩ ط٣، قال:
أخبرنا أبو رشيد محمّد بن أحمد بن الحسن المقرئ قال: حدّثنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن جعفر البحيري -إملاءً-، قال: أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمّد الحرشي قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم البغوي، قال: حدّثنا داوود بن عبد الحميد، قال: حدّثنا عمرو بن قيس، عن عطيّة، عن سعيد، قال:
قتل قتيل بالمدينة على عهد النبيّ عليه السّلام، فصعد المنبر خطيباً وقال:[والّذي نفس محمّد بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلّا أكبّه الله عزّ وجلّ في النّار على وجهه].
____________________
(١) سورة طه: الآية ٨٢.
(٢) سورة المائدة: الآية ٦٧.
(٣) سورة المائدة: الآية ٦٧.
وروى أيضا الحسكاني في الشواهد ج١ ص ٦٣٩ ط٣ في الحديث ٥٨٩ قال:
أخبرنا أبو سعد السعدي قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد بن ثابت الخطيب قال: حدّثنا سليمان بن أحمد بن أيّوب قال: حدّثنا الدبري قال: حدّثنا عبد الرزّاق، قال: أخبرني معمر، عن الزهري، عن جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك قالا: قال رسول الله:[يا عليُّ لو أنّ أمّتي أبغضوك لأكبّهم الله على مناخرهم في النار].
وأورد العصامي في (سمط النجوم): ج٢ ص ٥٠٦ في الحديث ١٥٢ فيما أورد في شأن عليّ عليه السّلام، قال:
وأخرج الديلمي (في مسند الفردوس) عن عليٍّ، (عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ):[لو أنّ عبداً عبد الله مثل ما قام نوح في قومه، وكان له مثل أحُد ذهباً فأنفقه في سبيل الله، ومُدّ في عمره حتّى يحجّ ألف عام على قدميه، ثمّ قتل مظلوماً بين الصفا والمروة، ثمّ لم يوالك يا عليُّ لم يشم رائحة الجنّة ولم يدخلها].
روى نور الدين أبو الحسن عليّ بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي القاهري الشافعي في (مجمع الزوائد) ج٩ ص١٧١-١٧٢ قال:
عن جابر بن عبد الله (الأنصاري) رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وآله فسمعته يقول:[أيّها الناس من أبغضنا أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهوديّاً. فقلت: يا رسول الله وإن صام وصلّى؟
قال(ص) :وإن صام وصلّى وزعم أنّه مسلم احتجز بذلك من سفك دمه وأن يؤدّي الجزية عن يدٍ وهم صاغرون (إلى أن قال ) في آخره:فاستغفرت لعليّ وشيعته ].
وورد الحديث في:
الصواعق المحرقة ص ١٠٤.
رشفة الصادي ص ٤٨.
مستدرك الصحيحين: ج٣ ص ١٤٩.
جواهر العقدين: ج٢ ص ٢٥٥.
تنـزيه الشريعة: ج١ ص ٤١٤.
الفوائد المجموعة ص ٣٩٦.
الشرف المؤبد ص ١٩١.
المجمع الكبير: ج١١ ص ١٧٧.
اللئالي المصنوعة: ج١ ص ٤٠٦.
المعجم الأوسط: ج٤ ص ٢١٢.
تاريخ جرجان ص ٣٦٩.
تاريخ دمشق: ج٢ ص-١٤٨-١٤٩.
استجلاب ارتقاء الغرف ٢٨٤.
مناقب عليّ بن أبي طالب للمغازلي.
ميزان الاعتدال: ج٢ ص ١١٦.
الضعفاء للعقيلي: ج٢ ص ١٨٠.
الموضوعات: ج٢ ص ٦.
وورد في الفردوس في ج٢ ص ٢٢٦ الحديث النبوي الشريف، وبإسناده عن عمر بن الخطّاب، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[حبُّ عليٍّ براءةٌ من النّار].
وروي هذا الحديث في -مناقب سيّدنا عليّ- ص ٣٣.
وورد في ينابيع المودة: ص ٢١١و٣٠٠.
وكذلك أيضا في (كنوز الحقائق): ج١ ص ١١٧.
وروى الموفّق بن أحمد أخطب الخطباء الخوارزمي في كتابه (مقتل الحسين): ج١ ص ٣٧، بروايته عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[جاءني جبريل عليه السّلام من عند الله عزّ وجلّ بورقة آس خضراء مكتوب فيها ببياض إنّي قد افترضت محبّة عليّ بن أبي طالب على خلقي فبلّغهم ذلك].
وورد هذا الحديث النبوي الشريف في:
١- المعجم الأوسط: ج٢ ص ٣٣٧.
٢- مناقب سيّدنا عليّ ص ٢٤.
٣- مناقب عليّ بن أبي طالب للخوارزمي ص ٢٧.
٤- تنـزيه الشريعة: ج١ ص ٣٩٧.
٥- ينابيع المودة: ص ١٦١و٢٨٣.
٦- الفردوس، الجزء ٣٤ في النسخة المخطوطة وحذف الحديث من طبعتيه، كعادة النواصب في الحذف والبتر، أو التشويه -بأياديهم الآثمة.
بل سوّلت لهم أنفسهم الإساءة ما يعملون.( إِنَّ الّذين ارْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ ) (١) الآية.
____________________
(١) سورة محمّد: الآية ٢٥.
سورة النمل
سورة النمل الآيتان ٥٠ و٥١
( وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿٥٠﴾ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ )
روى العلامة السيّد هاشم البحراني في كتابه غاية المرام ص ٤٤٥ بنقله عن كتاب(الصراط المستقيم) وبروايته من طرق العامّة قال:
أسند سليم إلى معاذ بن جبل أنّه عند وفاته دعا على نفسه بالويل والثبور.
(قال سليم): قلت (له) إنّك لتهذي)؟
قال: لا والله.
قلت: فلم ذلك؟
قال: لموالاتي فلاناً وفلاناً على أن أزوي خلافة رسول الله عن عليٍّ.
قال: قال العباس بن الحارث لما تعاقدوا عليها (على الصحيفة الّتي ذكروا فيها تعاهدهم على غصب عليٍّ حقّه بعد وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نزلت الآية الشريفة:( إِنَّ الّذين ارْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِهِم ) (١) الآية.
قال: وقد ذكرها أبو إسحاق في كتابه، وابن حنبل في مسنده والحافظ (أبو نعيم) في حليته، والزمخشري في فائقه ونزل (قول الله تعالى فيهم):
( وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا ) الآيتان: ٥٠ و٥١.
وروى التابعي سليم بن قيس الهلالي في كتابه ص ٣٤٥ ط٢ كلام معاذ بن جبل وما رآه عند الموت، قال:
عن أبان قال: سمعت سليم بن قيس يقول: سمعت عبد الرحمن بن غنم الأزدي ثمّ الثمالي ختن معاذ بن جبل - وكانت ابنته زوجة معاذ بن جبل - وكان أفقه أهل الشام وأشدّهم اجتهاداً، قال:
____________________
(١) سورة محمّد: الآية ٢٥.