وخلاصة القول: ممّا أوردنا من الأحاديث النبويّة الشريفة، الموضحة والمبيّنة لنا ما يوجب سلامة إيماننا ولزوم إتباع ما أمرنا الله سبحانه وتعالى ورسوله صلّى الله عليه وآله، وما يجب علينا الأخذ به لطريق الحقّ والهدي وسلامة الإيمان والعقيدة الحقّة الواجبة اتّباعها:
أنّ الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام هو الخليفة الحقّ من بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله، وأنّ الإمام عليّ عليه السّلام هو أمير المؤمنين حقّاً، وليست لأحد من قبله، ولا لأحد من بعده، وأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أبلغنا بالقبول والرضا بخلافة الإمام عليّ عليه السّلام، وهي من علامة المؤمن، كما أمر الله تعالى نبيّه بإبلاغها( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) وفي هذه الآية إبلاغ المسلمين بولاية الإمام عليّ عليه السّلام فلا يحلّ لمؤمن فسخها أو عدم الأخذ بها.
وأنَّ الولاية لله ولرسوله ولأمير المؤمنين في قوله:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (١) .
والولاية للإمام عليّ عليه السّلام، هي التكليف والواجب الخامس الّذي أمر الله المسلمين به، من بعد ما أمرهم تعالى بالصّلاة والزكاة والحج والصوم.
وبالولاية التي أمرنا الله بها، قال:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) (٢) .
واتّباع الإمام عليّ عليه السّلام بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، هو النجاة وهو الصراط المستقيم وهو إمام أولياء الله ونور أهل طاعته.
ووجوب محبّة الإمام عليّ عليه السّلام، ففي محبّته دلالة طُهر الولادة.
واعتراف عمر بن الخطّاب لعبد الله بن عباس:
لقد كان عليٌّ فيكم أولى بهذا الأمر منّي ومن أبي بكر.
وهنا يقرّ بـمظلوميّة الإمام عليّ، وفيها أنَّ الإمام عليّ هو الخليفة الحقّ بعد النبي.
____________________
(١) سورة المائدة: الآية ٥٥.
(٢) سورة المائدة: الآية ٣.
وإقرار المرء على نفسه حجّة.
فالإنقلاب الّذي حصل بعد وفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وقوله سبحانه وتعالى:( أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ) (١) يبرّره عمر بقوله: إنّا والله ما فعلناه عن عداوة، ولكن استصغرناه وحسبنا أن لا يجتمع عليه العرب وقريش لما قد وترها.
فهذا عذرٌ أقبح من الفعل، فهل هذ الفعل هو المكافئة للإمام عليّ عليه السّلام لجهاده المشركين، أم أنّه لعلّة في نفسه قضاها، أم أنَّ عمر ومن معه، حالوا دون خلافة الإمام عليٍّ، لإرضاء الموتورين، وكسبهم لجانبهم بإبعاد الإمام عليّ؟.....! وأنّ الله سبحانه وتعالى قد أمر نبيّه، بقيام الإمام عليّ بإبلاغ سورة براءة. فيا عجباً لا يتّقون الله ولا يخشونه، وأمره سبحانه واجب الاتباع. ولا اعتراض على حكمه.
ثمّ أليس الله بأحكم الحاكمين وهو العليم، الّذي لا تخفى عليه خافية.
أليس الله جعل من عيسى نبيّاً؟( فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ﴿٢٩﴾ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّـهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) (٢) والله سبحانه وتعالى يقول:( يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (٣)
فهل إختيار الله تعالى لعباده أنبياءً فيه منقصة؟ أو فيه محل للطعن؟ فيا عجباً باختيار الله عليًّا وليّاً وهو لم يبلغ الأربعين، وينكره الجاحدون؟
ومصادر أخرى أوردت نزول آية( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) :
السيّد عبد الله بن حمزة، في فضائل الصحابة، من كتاب (الشافي): ج١ ص ١٠٦ ط١.
الجشمي في تفسيره للآية الكريمة في (تنبيه الغافلين) ص ١٧٥ طبعة اليمن.
تفسير الطبري: ج١٩، ص ٧٤، حيث قام ببتر من حديث النبيّ (ص) وأبهم مضمونه.
تفسير البرهان: ج٣ ص-١٩٠ للسيد البحراني.
الطبراني في المعجم الكبير: ج١٠ ص ١٨٣.
____________________
(١) سورة آل عمران: الآية ١٤٤.
(٢) سورة مريم: الآيتان ٢٩-٣٠.
(٣) سورة مريم: ١٢.
أبو نعيم في (دلائل النبوّة).
الذهبي (سير أعلام النبلاء): ج١ ص ٦٣.
البيهقي في (السنن الكبرى).
السيّد هاشم البحراني في (غاية المرام) ص ٣٢٩.
محمّد بن عبد الله الاسكافي في نقضه على عثمانيّة الجاحظ ص ٣٠٣.
محمّد بن جرير الطبري في كتابه (تهذيب الآثار) الورق ٢/ب والأمر الواضح من النواصب للنبي وآله أن حالوا بين الكتاب ونشره.
محمّد بن أبي حاتم محمّد بن إدريس الحنظلي في كتابه (أعلام النبوة) في الفصل ٥ ص ٢١٢.
البيهقي في كتابه (دلائل النبوة): ج١ ص ٤٢٨.
السيّد عبد الحسين شرف الدين في كتابه (المراجعات) ص ١٨٧ وفي طبعة أخرى ص ١٢٣.
الحلبي في سيرته: ج١ ص ٣٨١، وأتبع سيرة ابن تيميّه في نصبه.
ابن حجر في كتابه (فتح الباري): ج١ ص ٢٥ وصفه لإعراض البخاري عن ذكر الحديث فقال ابن حجر: لا يستغرب إعراضه عن هذا الحديث.
العلامة النقشبندي في (مناقب العشرة) ص ١٥ مخطوط.
سبط بن الجوزي في (التذكرة) ص ٤٤ ط.النجف.
العلامة محمّد بن يوسف الحنفي في (حياة الصحابة): ج١ ص ٨١ ط. حيدر آباد الدكن.
المختصر في أخبار البشر: ج١/ص ١١٦و١١٧، وفيه على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم.
لباب التأويل: ج٣ ص ٣٧٢ وفيه: يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم.
التاريخ الكبير: ج٣/٢ ص ٣٢، فهو قد شوّه صدر الحديث.
سمط النجوم العوالي: ج٢ ص ٤٨١و٤٨٢.
جواهر المطالب: ج١ ص ٧٠و٧٩.
تاريخ ابن الوردي: ج١ ص ١٣٨.
شرف المصطفى ورق ١٢٢، وفيه: عليّ بن أبي طالب يقضي ديني وينجز موعدي، فلم يذكر الحديث تاماً.
العلل للدار قطني: ج٣ ص ٧٥.
الكامل في التاريخ: ج٢ ص ٤١ وذكر فيه الحديث الشريف: على أن يكون وصيّي وخليفتي فيكم.
النعيم المقيم ص ٤٨٨.
تفسير القرآن العظيم: ج٣ ص ٣٤٩ وبنقله للحديث من تاريخ ابن جرير الطبري، إلّا أنّه قلّب الحديث: على أن يكون أخي وكذا وكذا - دَيْدَن الّذين لا يوالون أهل البيت.
وكثير من المصادر التي أوردت الحديث فيها مشوهاً أو مقلوباً أو مبتوراً، ليس إلّا لإرضاء السلطة وممالئتها وهم السائرون بركابها.كمن باع آخرته لدنيا غيره ودلَّ عليهم قوله سبحانه وتعالى ونهيه:
( وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) (١) .
( لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) (٢) .
صدق الله العليُّ العظيم وصدّق رسوله الكريم والعاقبة للمتّقين.
بحث وتعقيبات عن الآية ٢١٤ فيها خواطر وعبر وتذكره .
أقول: إنّ الذكرى تنفع المؤمنين، وإن كان كما قال سبحانه وتعالى( أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) (٣) . لكن علينا بيان ما ينبغي لبسطه أمام القارئ الكريم؛ أنّ الحديث في نزول آية( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (٤) رواه جمع غفير من الرواة الّذين عرفوا بسعة العلم وهم أساتذة الحديث والمراجع المقتدرين في الأثر، والمعوّل عليهم في الجرح والتعديل أوالرفض والاحتجاج.
نرى الكثير ممّن في نفسه شيء مخافة السلطة أو خشيتهم منها، أو خشيتهم من سطوة المعادين لأهل البيت(ع) والمعاندين والناصبين لهم العداء، يتلكّئون، ويتحرّجون ويتملّكهم الذعر، حينما يذكر مناقب أهل البيت، فيكتمون أو لا يفصحون عنها.
____________________
(١) سورة البقرة: الآية ٤٢.
(٢) سورة الزخرف: الآية ٧٨.
(٣) سورة الزخرف: الآية ٧٨.
(٤) سورة الشعراء: الآية ٢١٤.
فمثلاً الطبري في تاريخه (تاريخ الأمم والملوك) يذكر رواية حديث( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) .
وقول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم:[إنَّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا].
لكنّه في تفسيره (جامع البيان) يروي حديث النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مبتوراً مبهماً، فيذكر الحديث النبوي[فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي وكذا وكذا........]
ثمّ يذكر قول النبيّ (ص) للإمام عليّ (ع)[إنّ هذا أخي وكذا وكذا....] وهذه جناية وخيانة لأمانة النقل والرواية، وقد نهى سبحانه وتعالى، وقال( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) (١) وقوله تعالى
( وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) (٢)
دأب أبناء العامّة والسّنة على رفض ما يرويه أتباع آل محمّد، فيضعفون الراوي إلّا لتشيعه وإن كان معروفاً بوثاقته، فلا يحتملون منقبة لعليّ (ع)، ولا يطيقون حديثاً لفضائله وإن كان صادراً عن النبيّ (ص) خصوصياً في أنّ الإمام عليّ(ع) هو الخليفة من بعد النبيّ (ص)، ومنها وعلى سبيل المثال في رواية الطبري الواردة بتاريخه، ففي سلسلة الرواة عبد الغفّار بن القاسم، وبهذا نرى القوم قد أضعفوه، ليس إلّا لتشيّعه مع أنّ أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني الحافظ المعروف بابن عقدة قد أثنى عليه وأطراه وبالغ في مدحه كما في (لسان الميزان) ج٤ ص ٤٣ مع العلم بأن قد أسند إليه رواة الحديث، ورووا عنه من فطاحل أهل الحديث والأثر وأهل المرجع في الجرح والتعديل والرفض والاحتجاج. فقد احتج به القوم في دلائل النبوّة والخصائص النبويّة من رواياته، لكنّهم يضعّفونه في روايته لمنقبة للإمام عليّ عليه السّلام، خاصّة في دلالتها على أنّه خليفة للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم.
كثيراً ما تقوم الأيادي الآثمة بالقطع والتحريف أو الحذف وكما هو حاصل لما بعد الطبعة الأولى من تفسير الطبري في طبعة بولاق - مصر.
وكذلك ما حصل مع محمّد حسنين هيكل لكتابه (حياة محمّد) بتحريف وقطع للحديث المروي عن آية( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) فبتر حديث النبيّ (ص)
____________________
(١) سورة آل عمران: الآية ٧١.
(٢) سورة البقرة: الآية ٤٢.
المذكور في الطبعة الأولى من قوله:[فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر وأن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم] .لكن في الطبعة التالية سنة ١٣٥٤هـ. في ص ١٣٩ يبتر الحديث ويأتي افتراءاً على لسان الإمام عليّ (ع) بقول: [أنا يا رسول الله عونك، أنا حرب على من حاربت، فابتسم بنو هاشم وقهقه بعضهم وجعل نظرهم ينتقل من أبي طالب إلى ابنه ثمّ انصرفوا مستهزئين] .
فادعى باطلاً افتراءاً لا أساس له في أي مصدر.
وهناك من أبناء القوم ممن ينكر ويطعن في مناقب وفضائل أهل البيت، ويوهن في مصادرها حتى تعسر عليه شيمته بذكر المسلّمات، وهو عنده عدم صحة الرواية أو ضعفها، إذا تضمنت فضائل ومناقب أهل البيت عليهم السّلام، كما هو المعهود عليه من مواقف ابن تيميّه، سواء في حديث الآية( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) أم في غيره من مواقف تجاه الإمام عليّ(ع) وأهل البيت الّذين أذهب الله عنهم الرِّجْسَ وطهَّرهم تطهيراً.
قال سبحانه وتعالى( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (١) فهو الطريق للحقّ والمنار للمسلمين، وقول قائلهم: حسبنا كتاب الله. فما جاء به القرآن هو الحقّ من ربّنا، ولا اجتهاد مع النص في أحاديث النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وفيما جاء في رواية حديث الآية( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) ، وكذا حديث المنـزلة[أنت منّي بمنـزلة هارون من موسى، إلا أنّه لا نبيّ بعدي] فللإمام عليّ ما للنبي(ص)، وهو بمنـزلة نفسه.
وحديث النبيّ في حجّة الوادع:
[ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم.......... ألا ومن كنت مولاه فعليّ مولاه، أللّهم وال من والاه وعادِ من عاداه].
وبايعه المسلمون، بإمرة المؤمنين، ومنهم أبا بكر وعمر وقول عمر في تهنئته للإمام عليٍّ: بخٍ بخٍ يا عليُّ.. أصبحت مولاي ومولى كل مسلم ومسلمه.
وحديث الثقلين، في قوله (ص)[أنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض].
وقوله (ص):[عليٌّ مع الحقّ والحقّ مع عليٍّ].
____________________
(١) سورة الحشر: الآية ٧.
فكلّ ما قد أمر به النبيّ (ص) من استخلاف الإمام عليّ (ع) وهو وصيّه ووارثه لا يأخذ بها القوم وليست عندهم حجّة أو أمر يطاع! لكن استخلاف أبو بكر لعمر، أمر نافذ وحجّة بالغة، وعمر نفسه يصف بيعة أبي بكر للخلافة، بأنّها فلتةٌ....ومن عاد إليها فاقتلوه.
أقول: ما لكم كيف تحكمون؟.
وروى ابن عساكر في كتابه (تاريخ دمشق) وبإسناده عن أبي رافع، قال: كنت قاعداً بعدما بايع الناس أبا بكر، فسمعت أبا بكر يقول للعباس:
أنشدك الله هل تعلم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جمع بني عبد المطّلب وأولادهم وأنت فيهم وجمعكم دون قريش فقال:[يا بني عبد المطّلب إنّه لم يبعث الله نبيّاً إلّا جعل له من أهله أخاً ووزيراً ووصيّاً وخليفة في أهله، فمن منكم يبايعني على أن يكون أخي ووزيري ووصيي وخليفتي في أهلي؟ فلم يقم منكم أحد فقال:يا بني عبد المطّلب كونوا في الإسلام رؤوساً ولا تكونوا أذناباً والله ليقومنّ قائمكم أو لتكوننّ في غيركم ثمّ لتندمنّ؟] فقام عليٌّ من بينكم فبايعه على ما شرط له ودعا إليه، أتعلم هذا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: نعم.
ها هنا يسمع أبو بكر من العباس، عم النبيّ (ص) بنعم، بعد أن ناشده الله، فهل يرعوي عمّا هو عليه ويرجع الحق إلى أهله، خاصّة وأنّه لم يكن حاضراً مع بني عبد المطّلب، فما باله؟!
وحين نزلت سورة البراءة، كما ورد في المراجع المعتمدة عند المسلمين ونذكر بعضاً منها:
روى القاضي أبي حنيفة النعمان بن محمّد التميمي المغربي - القاهري في كتابه (شرح الأخبار) ص ١٢٢ ط٢ مؤسسة النشر الإسلامي قال في الرقم (٥٠):
وبآخر رفعه إلى أبي رافع، قال: كنت جالساً عند أبي بكر، بعد أن بايعه الناس، إذ أتاه عليّ عليه السّلام والعباس يختصمان في تراث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فافتتح العباس الكلام، فقال له أبو بكر: لا تعجل، فإنّي أسالك أمراً، أناشدك الله هل تعلم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله جمع بني عبد المطّلب وأولادهم وأنت فيهم، فقال: يا بني عبد المطّلب إنّ الله لم يبعث نبيّاً إلّا جعل له أخاً ووزيراً ووارثاً ووصيّاً وخليفة في أهله، فمن يقوم منكم فيبايعني على أن يكون أخي ووزيري ووارثي ووصيّي وخليفتي في أهلي، فأمسكتم، ثمّ أعاد الثانية، فأمسكتم، ثمّ أعاد الثالثة فأمسكتم، فقال: لئن لم يقم قائمكم ليكوننَّ في غيركم ثمّ لتندمنَّ، فقام هذا (يعني عليًّا عليه السّلام) من بينكم، فبايعه إلى ما دعاكم إليه وشرط له عليكم ما شرط، أتعلم ذلك يا عباس؟
قال (العباس): نعم، هذا قول أبو بكر.
وعقّبَ القاضي أبو حنيفة على موقف أبي بكر في ص ١٢٧، فقال:
وأعجب ما جاء في هذا الباب احتجاج أبي بكر على العباس بما كان من رسول الله صلّى الله عليه وآله، يوم جمع بني عبد المطّلب من إقامته عليًّا وأخذه البيعة له بالأخوة والوصاية والوراثة والوزارة والخلافة، وأمره إيّاهم بالسمع والطاعة له، وقد ذكرنا الحديث قبل هذا بتمامه وهو من مشهور الأخبار عن الخاص والعام، فإذا كان ذلك، كذلك وهو الأخ والوزير والوصي والوارث والخليفة ومستحقّ تراث رسول الله فمن أين وجب لأبي بكر وغيره أن يدَّعوا أنهم خلفاء رسول الله وأن يقوموا مقامة من بعده، وليس أحد منهم يدعي أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال له مثل ذلك ولا شيئاً ممّا قدّمنا ذكره ويأتي بعد في هذا الكتاب، ممّا يوجب إمامة عليّ عليه السّلام وما هذا إلّا كما قال الله تعالى:( فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) (١) وقوله تعالى:( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) (٢) وأكثر ممّا سمعناه وتأدّى إلينا عن المتعلّقين بهؤلاء من ضعفاء الأمّة أنَّ أحدهم إذا خوطب بمثل هذا وقامت الحجّة عليه فيه ولم يجد مدفعاً لها أن يقول: أفتكفّر أبا بكر وعمر وجميع الصحابة الّذين بايعوا لهما؟ فيقال له: فأي لُكَعْ، فلا تكفرهم أنت -إن شئت- وتخالف أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وتكذّبه، فتكون أنت الكافر. ولقد صدق من قال: إنَّ مجيء عليّ عليه السّلام مع العباس إلى أبي بكر يختصمان إليه إنّه إنّما كان لما أراده من إقامة الحجّة عليه بمثل ما أقرّ به وبأنّه لو لم يقرّ بذلك لأحتجّ به وبغيره عليه، عليٌّ صلوات الله عليه وكبته فيه وقرّر على تعدّيه، فلمّا كفاه ذلك بإقراره، سكت عنه، وكان اختصامهما في ذلك إليه كاختصام الملكين إلى داوود عليه السّلام قرّراه عليه من أمر (الـ) خطيئة والله أعلم...
وروى القاضي أبو حنيفة في كتاب (شرح الأخبار) ص ١٩٥ وما بعدها قال في الرقم (١٥٥):
بإسنادٍ آخر، عن أنس بن مالك، قال: كنا نتهيّب أن نسأل رسول الله صلّى الله عليه وآله فلمّا نزلت:( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ ) (٣) رأينا أن نفسه نعيت إليه. فقلنا: يا رسول الله
____________________
(١) سورة الحج: الآية ٤٦.
(٢) سورة محمّد: الآية ٢٤.
(٣) سورة النصر: الآية ١.
أرأيت إن كان شيء فمن نسأل بعدك؟! فقال:[أخي ووزيري وخليفتي في أهلي، وخير من أترك بعدي يقضي ديني وينجز موعدي عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه.]
وروى في الرقم (١٥٩) ص ١٩٦ قال:
وبآخر عن عمّار بن ياسر (رحمه الله) أنّه قال يوماً لقوم اجتمعوا إليه:
من أخير الناس وأفضلهم عندكم؟ قالوا: عمر أمير المؤمنين، فتح الفتوح ومصّر الأمصار، وذلك في أيّامه. فسكت. فقالوا: ما تقول يا أبا اليقظان؟ قال: أقول ما قد سمعت من رسول الله صلوات الله عليه وآله، أنّه قال:[عليٌّ خير البشر فمن أبى فقد كفر ، وسمعته صلّى الله عليه وآله يقول:ما من قوم ولَّوا أمورهم رجلاً وفيهم من هو خيرٌ منه إلّا كان أمرهم إلى سفال.]
وفي الرقم (١٦١) ص ١٩٧ قال:
وبآخر عن الحسن البصري، قال: دخلت مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله فجلست إلى عبد الله بن عمر، وذلك يوم الجمعة إلى أن طلع علينا مروان، فخطب، فصلّى، فجعل عبد الله بن عمر يقول: رحمك الله يا سلمان، ويكرر ذلك. فقلت له: يا أبا عبد الرحمان لقد ذكرت من سلمان شيئاً. قال: نعم، خرج علينا عشية بايع الناس لأبي بكر، فقال: أما والله لقد أطمعتم فيها أولاد العتل(١) ولو وليتموها أهل بيت نبيّكم، ما طمع فيها غيرهم وذكرت قوله هذا لما رأيت مروان(٢) على المنبر.
وروى أبو سعيد أحمد بن محمّد بن زياد المعروف بابن الأعرابي في كتاب (معجم الشيوخ) ج٢ الورق ١٥٥/أ و٢٢٠/ب قال:
وحدّثنا علي (بن سهل) أنبانا عفّان، أنبانا حمّاد بن سَلَمَة، عن سماك عن أنس: أنَّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعث ببراءة مع أبي بكر الصديق إلى أهل مكة فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (ردّوه) فردّوه فقال أبو بكر رضي الله عنه: مالي أنزلَ فَّي شيء؟ قال (النبي): لا، ولكنّي أمرت أن لا يبلّغها إلّا أنا أو رجل منّي. فدفعها إلى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
____________________
(١) العتل: الغليظ الجافي.
(٢) مروان. لعنه رسول الله وهو في بطن أمه، كما لعن رسول الله(ص) الحكم أبو مروان وقد نفاه رسول الله عن المدينة.
وروى الحافظ الحسكاني في كتابه (شواهد التنـزيل) ج١ ص ٣٦٦ ط٣ في الحديث المرقم ٣١٧ قال:
حدّثني الأستاذ أبو طاهر الزيادي، قال: أخبرنا أبو طاهر المحمّد آبادي قال: حدّثنا أبو قلابة الرقاشي قال: حدّثنا عبد الصمد وموسى بن إسماعيل قالا: حدّثنا حمّاد بن سَلَمَة، عن سماك بن حرب، عن أنس بن مالك: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بعث سورة براءة مع أبي بكر ثمّ أرسل (إليه) فأخذها (منه) ودفعها إلى عليٍّ وقال:[لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل من أهل بيتي].
ج- وروى أبو بكر ابن أبي شيبة في الحديث ٧٢ من فضائل عليّ عليه السّلام من كتاب (الفضائل) تحت الرقم ١٢١٨٤ من كتاب المصنف ج٧/الورق ١٦١/٤، وفي ط١ ج١٢/٨٤ طبعة الهند، قال:
حدّثنا عفان، قال: حدّثنا حمّاد بن سَلَمَة، عن سماك، عن أنس: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعث ببراءة (مع) أبي بكر إلى (أهل) مكة، فدعاه، فبعث عليّاً، فقال:[ لا يبلّغها إلّا رجل من أهل بيتي ].
د- وروى الحسين بن إبراهيم الجوزقاني في الحديث ١٢٧ من كتابه (الأباطيل) ج١ ص ٢٧١ ط٤، قال:
أخبرنا عبد الملك بن مكي، أخبرنا عليّ بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمّد قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر، قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر بن أعين، قال: حدّثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: حدّثنا محمّد بن جابر، عن حنش بن المعتمر:
عن عليٍّ قال:[نزلت سورة براءة، فبعث بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع أبي بكر إلى أهل مكّة، فلمّا مضى أتى جبرئيل عليه السّلام فقال: إنّه لن يبلِّغ عنك إلّا أنت أو رجل منك. فدعاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: أدرك أبا بكر فخذ الكتاب منه فاقرأه عليهم قال: فلحقت أبا بكر بذي الحليفة، فقال: هل نزل فيَّ شيء؟ قلت: لا إنّ جبرئيل أتاه بكذا وكذا....]
هـ- وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل في الحديث ٣٢١ من باب فضائل عليّ عليه السّلام، من كتاب الفضائل في الحديث ١٢٩٦ من مسند عليّ عليه السّلام، من كتاب المسند: ج١، ص ١٥١ ط١ قال: حدّثنا محمّد بن سليمان لُوين قال: حدّثنا محمّد بن جابر عن سماك، عن حنش:
عن عليٍّ (عليه السّلام) قال:[لمّا نزلت عشر آيات من براءة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، دعا أبا بكر فبعثه بها يستقرؤها على أهل مكّة، ثمّ دعاني فقال لي: أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب إلى أهل مكّة فاقراه عليهم
قال:فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله نزل فيَّ شيء؟ قال: لا ولكن جبرئيل جاءني فقال: لن يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك ].
وروى أحمد بن شعيب النسائي صاحب السنن وأحد أصحاب الصحاح في كتابه (الخصائص العلويّة) ص ٩١ وفي طبعة بيروت ص ١٤٦ قال:
أخبرنا العباس بن محمّد الدوري، حدّثنا أبو نوح قراد، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع:
عن عليٍّ (قال) :[إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث ببراءة إلى أهل مكّة مع أبي بكر، ثمّ أتبعه بعليّ فقال له: خذ الكتاب فامض به إلى أهل مكّة. قال: فلحقته وأخذت الكتاب منه. فانصرف أبو بكر وهو كئيب فقال: يا رسول الله أنزل في شيء؟ قال: لا إلّا أنّي أمرت أن أبلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي].
وما أورده الرواة من أصحاب السنن والسيرة وكتبة التاريخ، أنّه لا يبلّغ عن الله، إلّا النبيّ أو رجل منه، وهو أمر من الله سبحانه وتعالى، فأبلغ جبرئيل عليه السّلام النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، والخلافة كذلك هي جعل من الله سبحانه وتعالى.
وحديث المنـزلة[أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي] فللإمام عليّ(ع) ما للنبي، سوى النبوّة والإمام عليّ (ع) هو كنفس النبي(ص)، كما في آية المباهلة:
( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) (١) وعليٌّ نفس النبي، فهو خليفة النبيّ ووصيّه ووارثه والمبلّغ لرسالته بجعل إلهي.
وقول الإمام عليّ (ع) خطبته الشقشقيّة:
[أما والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة، وإنّه لَيَعْلَمُ أنَّ محلِّي منها محلُّ القُطب من الرَّحَى] وهنا إشارة واضحة لتقمّص أبو بكر الخلافة غصباً وهو عارف بأحقيّة الإمام عليّ بها. (نهج البلاغة ج١ ص ١١٨ ) وقوله عليه السّلام[أللّهم إنّي أستعديك على قريش ومن أعانهم، فإنّهم قطعوا رحمي، وصغَّروا عظيم منـزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمراً هو لي] شرح نهج البلاغة ج٩ ص ٢٠٠ ].
وقوله: [أللّهم أخزِ قريشاً، فإنّها منعتني حقّي، وغصبتني أمري ] شرح النهج: ج٩ ص ٢٠١.
____________________
(١) سورة آل عمران: الآية ٦١.
فكلّها موارد، يبيّن فيها غصب الخلافة منه وهي حقّه منذ نزول آية( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) وحتّى حجّة الوداع وبيعة المسلمون له بالإمارة والولاية.
وقد قال الإمام عليّ عليه السّلام، لعمر بن الخطّاب، حينما كان عمر يجاهد بقوّة لأخذ البيعة لأبي بكر،[إحلب يا عمر حلباً لك شطره] شرح النهج: ج٦ ص ١٧٩.
وللملاحظة والنظر فيما أوردت في الفقرتين السابقتين ٧و٨ يرى المنصف والمتّقي ومن يخاف يوم الحساب:
إن كان أبو بكر لم يكن حاضراً مع من دعاهم رسول الله من بني عبد المطّلب -وهذا بديهي وواقعي- فهو لم يحط علماً ساعةَ قول النبيّ للإمام عليّ (ع):[أخي ووزيري ووصيي وخليفتي ] قد يكون معذوراً في مقعد الخلافة للوهلة الأولى لكنّه بعد أن استنشد الله العباس بن عبد المطّلب - الّذي كان من بين من حضر من بني عبد المطّلب، بعد نزول آية( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) أن يخبره عن حقيقة الرواية، فأجابه العباس بـ(نعم).
فهلّا أعاد الحقّ لأهله؟....!!
وفي حجّة الوداع - وحجّة البلاغ، حيث نزلت آية( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) وفي خطبته صلّى الله عليه وآله[....... ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله......] فقام المسلمون بمبايعة الإمام عليّ (ع) -بإمرة المؤمنين- وكان عددهم مائة ألف أو يزيدون.
وكان أبو بكر وعمر ممن بايعاه: مولاي ومولى كل مسلم ومسلمة....
وبعد إبلاغ النبيّ (ص) بإمرة أمير المؤمنين عليه السّلام، نزلت آية الإكمال:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) (١) .
وما بين حجّة الوداع ووفاة النبيّ (ص) إلّا أيّاماً، انقلبوا على ما أتاهم النبي(ص)، كما أخبر الله سبحانه وتعالى في قوله( أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ) (٢) .
فنبذوا بيعتهم وراء ظهورهم، ويتقمّص أبو بكر الخلافة، الّتي وصفها عمر (كانت بيعة أبي بكر فلتةٌ وقى الله المسلمين شرّها ومن عاد إليها فاقتلوه).
____________________
(١) سورة المائدة: الآية ٣.
(٢) سورة آل عمران: الآية ١٤٤.
فما عذرهم أمام الله ورسوله، وقد أخبر عليه الصّلاة والسّلام، كيف سينقلب أصحابه من بعده، وسيدخلون جهنّم، في يوم الحساب والنبي(ص) يقول وبحسرة،[أصحابي أصحابي، فيقال له: ما تدري ما أحدثوا بعدك].
وأورد السيّد عليّ بن شهاب بن محمّد الهمداني في (مودّة القربى) قال:
عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: نصب رسول الله (ص) عليًّا علماً فقال:[من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه، واخذل من خذله وانصر من نصره، أللّهم أنت شهيدي عليهم].
قال عمر بن الخطّاب: يا رسول الله وكان في جنبي شابٌ حسن الوجه طيب الريح. قال لي: يا عمر لقد عقد رسول الله عقداً لا يحلّه إلّا منافق.
فأخذ بيدي رسول الله، فقال (ص):[يا عمر إنّه ليس من ولد آدم لكنّه جبريل أراد أن يؤكّد عليكم ما قلته في عليَّ] . وهذا الّذي رواه عمر كان في حجّة الوداع يوم نصب النبيّ عليّاً(ع) وليّاً بايعة المسلمون بإمرة المؤمنين.
ورواه عن السيّد علي الهمداني الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه (ينابيع المودّة) ص ٢٤٩
فبيعة يوم الغدير عقدٌ أمر الله به نبيّه بأخذ البيعة للإمام عليّ (ع) ولا يحلّه إلّا منافق وتنصيب عليٍّ أميراً ووليّاً، في يوم الغدير، هو الركن المكمّل لبقيّة الأركان الّتي بُني عليها الإسلام.
وأخرج محمّد كرد علي في كتاب (خطط الشام)، حديث أبي هارون العبدي: ج٥ ص ٢٥١ قال:
كنت أرى رأي الخوارج، لا أتوّلى غيرهم حتّى جلست إلى أبي سعيد الخُدري فسمعته يقول: أُمرَ الناس بخمسٍ فعملوا بأربع وتركوا واحدة.
فقال له رجل: يا أبا سعيد ما هذه الأربعة التي عملوا بها؟
قال: الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، صوم شهر رمضان.
قال (الرجل): فما الواحدة التي تركوها؟
قال (أبو سعيد): ولاية عليّ بن أبي طالب.
قال (الرجل): وإنها مفترضة معهن؟
قال (أبو سعيد): نعم.
قال (الرجل): فقد كفر الناس.
قال (أبو سعيد): فما ذنبي.
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[شرّ الناس من باع آخرته لدنياه، وأشرُّ من ذلك من باع آخرته لدنيا غيره].
وهذا الحديث الشريف، هو خير رادع لمن آمن بالله تعالى واتبع رسوله، وأوضح بيان لنا كمسلمين، فلا نرضى بكل ما قام به الخلفاء والأمراء الّذين يسعون لدنياهم، حتّى ولو خسروا آخرتهم فهل مسوغ لنا من خسران الآخرة، لدنيا غيرنا........!؟
ونورد هنا المسك الطيب الحديث النبوي الشريف، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم:
[من سرّه أن يحيى حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنّة عدن غرسها ربّي، فليوالِ عليًّا من بعدي، وليوال وليّه، وليقتد بالأئمّة من بعدي فإنّهم عترتي خُلقوا من طينتي، رزقوا فهماً وعلماً، وويل للمكذّبين بفضلهم من أمّتي القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي].
أخرج هذا الحديث، الحفّاظ والرواة وبهذا المضمون:
الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد): ج٤ ص ٤١٠.
الحافظ أبو نعيم الاصبهاني في (حلية الأولياء): ج١ ص ٨٠ وفي ظ أخرى ص ٨٦.
الحافظ محمّد بن يوسف الكنجي في (كفاية الطالب): الباب التاسع ص ٨١.
مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري: ج٣ ص ١٢٨، عن زيد بن أرقم.
كنـز العمّال: ج٦ ص ١٥٥ للمتّقى الهندي.
مجمع الزوائد: ج٩ ص ١٠٨ للحافظ الهيثمي.
الرياض النضرة: ج٢ ص ٢١٥ للطبري.
ذخائر العقبى ص ٩٢ عن ابن عباس للطبري.
الإصابة لابن حجر العقسلاني: ج٣ ص ٢٠ عن زياد بن مطرف.
ما جاء في بشارة المصطفى ص ١٧٩، وفي تأويل الآيات ج١ ص ٢١٧ في الحديث ١٠: روى ابن بابويه، عن أبي جعفر الأوّل عليه السّلام، قال:[خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم راكباً وأمير المؤمنين عليه السّلام يمشي، فقال له النبيّ (ص): يا أبا الحسن إمّا أن تركب وإمّا تنصرف فإنّ الله أمرني أن أركبُ إذا ركبتَ وأمشي إذا مشيتَ، وإنّ الله ما أكرمني بكرامة إلّا وأكرمك بمثلها، خصّني بالنبوّة والرسالة، وجعلك ولييّ ووصييّ وارتضاك لي. ما آمن بي من جحدك، ولا أقرَّ بي مَنْ أنكرك ولا تبعني من تولّى عنك ولا آمن بالله من كفر بك، وإن فضلك فضلي، وفضلي من فضل الله ومن لم يلقَ الله بولايتك لم يلق الله بشيء، ومن لقي الله بعمل غير ولايتك فقد حبط عمله، وما أقول إلّا من الله وفضل الله على العبد بموالاة محمّد الّتي هي خيرٌ من الذهب والفضّة وهي ثمن الجنّة].
وورد الحديث في البحار: ج٢٤ ص٦٤-٦٦، الحديث ٥٠-٥١.
وبروايته عن الشيخ الصدوق، وبإسناده عن أبي جعفر محمّد الباقر عليه السّلام عن أبيه عن جدّة عليه السّلام قال: [خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ذات يوم وهو راكب وخرج عليّ عليه السّلام وهو يمشي، فقال له: يا أبا الحسن إمّا أن تركب إذا ركبت وتمشي إذا مشيت وتجلس إذا جلست إلّا أن يكون في حد من حدود الله لا بد لك من القيام والقعود فيه، و ما أكرمني الله بكرامة إلّا وأكرمك بمثلها، خصّني الله بالنبوّة والرسالة وجعلك ولييّ في ذلك تقوم في حدوده وصعب أموره، والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً ما آمن بي من أنكرك ولا أقرّ بي من جحدك ولا آمن بالله من كفر بك، وإنّ فضلك لمن فضلي وإنّ فضلي لفضل الله وهو قول ربّي عزّ وجل: قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير ممّا يجمعون، ففضل الله نبوّة نبيّكم ورحمته ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فبذلك قال بالنبوة والولاية فليفرحوا (يعني الشيعة) هو خير ممّا يجمعون، يعني مخالفيهم من الأهل والمال والولد في دار الدنيا والله يا عليّ ما خلقت إلّا لتعبد ربّك ولتعرف بك معالم الدين ويصلح بك دارس السبيل ،
ولقد ضلّ من ضلّ عنك ولن يهتدي إلى الله من لم يهتد إليك وإلى ولايتك وهو قول ربّي عزّ وجل :( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثمّ اهْتَدَىٰ ) (١) يعني إلى ولايتك، ولقد أمرني ربّي تبارك وتعالى أن أفترض من حقّك ما افترض من حقّي وإنّ حقّك لمفروض على من آمن بي، ولولاك لم يعرف عدّو الله ومن لم يلقه بولايتك لم يلقه بشيء ولقد أنزل الله عزّ وجل إليّ :( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) (٢) يعني في ولايتك يا عليّ ( وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ ) (٣) ولو لم أبلّغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي، ومن لقي الله عزّ وجلّ بغير ولايتك فقد حبط عمله وغداً سحقاً له، وما أقول إلّا قول ربّي تبارك وتعالى وإنّ الّذي أقول لمن الله أنزله فيك ].
وروى الحافظ الحاكم الحسكاني في (شواهد التنـزيل) ج١ ص ٦٣٩ ط٣ في الحديث ٥٨٧ قال:
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمّد الحيري قال: حدّثنا جد ّ ي أحمد بن إسحاق الحيري قال: حدّثنا جعفر بن سهل قال: حدّثنا أبو زرعة وعثمان بن عبد الله القرشي قالا: أخبرنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير:
عن جابر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[يا عليُّ لو أنّ أمّتي صاموا حتّى صاروا كالأوتاد، وصلّوا حتّى صاروا كالحنايا، ثمّ أبغضوك لأكبّهم الله على مناخرهم في النار] رواه جماعة عن عثمان.
وورد في الحديث ٥٨٨ من (شواهد التنـزيل) ج١ ص ٦٣٩ ط٣، قال:
أخبرنا أبو رشيد محمّد بن أحمد بن الحسن المقرئ قال: حدّثنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن جعفر البحيري -إملاءً-، قال: أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمّد الحرشي قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم البغوي، قال: حدّثنا داوود بن عبد الحميد، قال: حدّثنا عمرو بن قيس، عن عطيّة، عن سعيد، قال:
قتل قتيل بالمدينة على عهد النبيّ عليه السّلام، فصعد المنبر خطيباً وقال:[والّذي نفس محمّد بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلّا أكبّه الله عزّ وجلّ في النّار على وجهه].
____________________
(١) سورة طه: الآية ٨٢.
(٢) سورة المائدة: الآية ٦٧.
(٣) سورة المائدة: الآية ٦٧.
وروى أيضا الحسكاني في الشواهد ج١ ص ٦٣٩ ط٣ في الحديث ٥٨٩ قال:
أخبرنا أبو سعد السعدي قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد بن ثابت الخطيب قال: حدّثنا سليمان بن أحمد بن أيّوب قال: حدّثنا الدبري قال: حدّثنا عبد الرزّاق، قال: أخبرني معمر، عن الزهري، عن جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك قالا: قال رسول الله:[يا عليُّ لو أنّ أمّتي أبغضوك لأكبّهم الله على مناخرهم في النار].
وأورد العصامي في (سمط النجوم): ج٢ ص ٥٠٦ في الحديث ١٥٢ فيما أورد في شأن عليّ عليه السّلام، قال:
وأخرج الديلمي (في مسند الفردوس) عن عليٍّ، (عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ):[لو أنّ عبداً عبد الله مثل ما قام نوح في قومه، وكان له مثل أحُد ذهباً فأنفقه في سبيل الله، ومُدّ في عمره حتّى يحجّ ألف عام على قدميه، ثمّ قتل مظلوماً بين الصفا والمروة، ثمّ لم يوالك يا عليُّ لم يشم رائحة الجنّة ولم يدخلها].
روى نور الدين أبو الحسن عليّ بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي القاهري الشافعي في (مجمع الزوائد) ج٩ ص١٧١-١٧٢ قال:
عن جابر بن عبد الله (الأنصاري) رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وآله فسمعته يقول:[أيّها الناس من أبغضنا أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهوديّاً. فقلت: يا رسول الله وإن صام وصلّى؟
قال(ص) :وإن صام وصلّى وزعم أنّه مسلم احتجز بذلك من سفك دمه وأن يؤدّي الجزية عن يدٍ وهم صاغرون (إلى أن قال ) في آخره:فاستغفرت لعليّ وشيعته ].
وورد الحديث في:
الصواعق المحرقة ص ١٠٤.
رشفة الصادي ص ٤٨.
مستدرك الصحيحين: ج٣ ص ١٤٩.
جواهر العقدين: ج٢ ص ٢٥٥.
تنـزيه الشريعة: ج١ ص ٤١٤.
الفوائد المجموعة ص ٣٩٦.
الشرف المؤبد ص ١٩١.
المجمع الكبير: ج١١ ص ١٧٧.
اللئالي المصنوعة: ج١ ص ٤٠٦.
المعجم الأوسط: ج٤ ص ٢١٢.
تاريخ جرجان ص ٣٦٩.
تاريخ دمشق: ج٢ ص-١٤٨-١٤٩.
استجلاب ارتقاء الغرف ٢٨٤.
مناقب عليّ بن أبي طالب للمغازلي.
ميزان الاعتدال: ج٢ ص ١١٦.
الضعفاء للعقيلي: ج٢ ص ١٨٠.
الموضوعات: ج٢ ص ٦.
وورد في الفردوس في ج٢ ص ٢٢٦ الحديث النبوي الشريف، وبإسناده عن عمر بن الخطّاب، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[حبُّ عليٍّ براءةٌ من النّار].
وروي هذا الحديث في -مناقب سيّدنا عليّ- ص ٣٣.
وورد في ينابيع المودة: ص ٢١١و٣٠٠.
وكذلك أيضا في (كنوز الحقائق): ج١ ص ١١٧.
وروى الموفّق بن أحمد أخطب الخطباء الخوارزمي في كتابه (مقتل الحسين): ج١ ص ٣٧، بروايته عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[جاءني جبريل عليه السّلام من عند الله عزّ وجلّ بورقة آس خضراء مكتوب فيها ببياض إنّي قد افترضت محبّة عليّ بن أبي طالب على خلقي فبلّغهم ذلك].
وورد هذا الحديث النبوي الشريف في:
١- المعجم الأوسط: ج٢ ص ٣٣٧.
٢- مناقب سيّدنا عليّ ص ٢٤.
٣- مناقب عليّ بن أبي طالب للخوارزمي ص ٢٧.
٤- تنـزيه الشريعة: ج١ ص ٣٩٧.
٥- ينابيع المودة: ص ١٦١و٢٨٣.
٦- الفردوس، الجزء ٣٤ في النسخة المخطوطة وحذف الحديث من طبعتيه، كعادة النواصب في الحذف والبتر، أو التشويه -بأياديهم الآثمة.
بل سوّلت لهم أنفسهم الإساءة ما يعملون.( إِنَّ الّذين ارْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ ) (١) الآية.
____________________
(١) سورة محمّد: الآية ٢٥.
سورة النمل
سورة النمل الآيتان ٥٠ و٥١
( وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿٥٠﴾ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ )
روى العلامة السيّد هاشم البحراني في كتابه غاية المرام ص ٤٤٥ بنقله عن كتاب(الصراط المستقيم) وبروايته من طرق العامّة قال:
أسند سليم إلى معاذ بن جبل أنّه عند وفاته دعا على نفسه بالويل والثبور.
(قال سليم): قلت (له) إنّك لتهذي)؟
قال: لا والله.
قلت: فلم ذلك؟
قال: لموالاتي فلاناً وفلاناً على أن أزوي خلافة رسول الله عن عليٍّ.
قال: قال العباس بن الحارث لما تعاقدوا عليها (على الصحيفة الّتي ذكروا فيها تعاهدهم على غصب عليٍّ حقّه بعد وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نزلت الآية الشريفة:( إِنَّ الّذين ارْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِهِم ) (١) الآية.
قال: وقد ذكرها أبو إسحاق في كتابه، وابن حنبل في مسنده والحافظ (أبو نعيم) في حليته، والزمخشري في فائقه ونزل (قول الله تعالى فيهم):
( وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا ) الآيتان: ٥٠ و٥١.
وروى التابعي سليم بن قيس الهلالي في كتابه ص ٣٤٥ ط٢ كلام معاذ بن جبل وما رآه عند الموت، قال:
عن أبان قال: سمعت سليم بن قيس يقول: سمعت عبد الرحمن بن غنم الأزدي ثمّ الثمالي ختن معاذ بن جبل - وكانت ابنته زوجة معاذ بن جبل - وكان أفقه أهل الشام وأشدّهم اجتهاداً، قال:
____________________
(١) سورة محمّد: الآية ٢٥.