فأنت عدّو بني هاشم في الجاهلية والإسلام. ثمّ إنّك تعلم وكلّ هؤلاء الرّهْط يعلمُون أنَّك هجوتَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بسبعين بيتاً من الشعر فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:
[أللّهمّ إنّي لا أقول الشعر ولا ينبغي لي، أللّهم العنه بكل حرفٍ ألف لعنة] فعليك إذا من الله ما لا يحصى من اللعن.
وأمّا ما ذكرت من أمر عثمان، فأنت سعَّرت عليه الدنيا ناراً، ثمّ لحقت بفلسطين، فلمّا أتاك قتلُه، قلت: أنا أبو عبد الله إذا نكأتُ قَرْحة أدميتُها. ثمّ حبست نفسك إلى معاوية، وبعت دينك بدنياه، فلسنا نلومك على بُغض، ولا نعاتبك على ودّ.
وبالله ما نصرت عثمان حيّاً ولا غضبت له مقتولاً، ويحك يا بن العاص ألستَ القائل في بني هاشم لما خرجت من مكة إلى النجاشي:
تقول ابنتي أين هذا الرحيل |
وما السّيْرُ منّي بمستنكر |
|
فقلت: ذريني فإني امرؤْ |
أُريدُ النجاشيَّ في جعفرِ |
|
لأكويهُ عنده كيَّةً |
أُقِيمُ بها نخوة الأصعَرِ |
|
وشاني أحمدَ من بينهمْ |
وأقوَلُهم فيه بالمنكرِ |
|
وأجري إلى عتبةٍ جاهداً |
ولو كان كالذهبِ الأحمرِ |
|
ولا انثني عن بني هاشم |
وما اسْطعتُ في الغَيْب والمحْضَرِ |
|
فإنْ قبل العتْبَ منيّ لَهُ |
وإلا لَوَيْتُ له مِشفري |
فهذا جوابك هل سمعته؟. وأمّا أنت يا وليد، فو الله ما ألومك على بغض عليّ، وقد جلدك ثمانين في الخمر، وقَتَل أباك بين يدي رسول الله صبراً، وأنت الّذي سمّاه الله الفاسق، وسمّى عليًّا المؤمن، حيث تفاخرتما فقلت له:
أسكت يا عليّ، فأنا أشجع منك جناناً، وأطول منك لساناً، فقال لك عليٌّ:[أسكت يا وليد، فأنا مؤمن وأنت فاسق] فأنـزل الله تعالى في موافقة قوله:( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ ) ثمّ أنزل فيك علي موافقة قوله أيضاً( إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) (١) .
____________________
(١) سورة الحجرات: الآية ٦.
ويحك يا وليد مهما نسيتَ، فلا تنسَ قول الشاعر فيك وفيه:(أي في عليّ)
أنزل الله والكتاب عزيزٌ |
في عليّ وفي الوليد قرآناً |
|
فتبوّأ الوليد إذ ذاك فِسْقاً |
وعليّ مُبَوّأ إيماناً |
|
ليس من كان مؤمناً -عمرَك الله - |
كمن كان فاسقاً خوَّانا |
|
سوف يُدعى الوليد بعد قليل |
وعليُّ إلى الحساب عيانا |
|
فعليٌّ يُجزى بذاك جناناً |
ووليدٌ يجزى بذاكَ هوانَا |
|
ربّ جد لعقبة بن أبانٍ |
لابس في بلادنا تُبّانا |
وما أنت وقريش؟ إنّما أنت علج من أهل صَفوريّة، وأُقسم بالله لأنت أكبر في الميلاد، وأسنّ ممن تدعي إليه.
وأمّا أنت يا عتبة: فو الله ما أنت بحصيف فأجيبك، ولا عاقل فأُحاورك وأُعاتبك، وما عندك خير يُرْجَى، ولا شر يتقى، وما عقلك وعقل أمَتك إلّا سواء، وما يضر عليًّا لو سببته على رؤوس الأشهاد.
وأمّا وعيدك إيّاي بالقتل فهلّا قتلت اللحيانيّ إذ وجدته على فراشك؟ أمّا تستحي من قول نصر بن حجاج فيك:
يا للرجال وحادثِ الأزمان |
ولَسُبّةٍ تخزي أبا سفيان |
|
نُبَّئتُ عتبةَ خانه في عِرسِه |
جبْسٌ لئيمُ الأصل من لحيان |
وبعد هذا ما أربأ بنفسي عن ذكره لفحشه، فكيف يخاف أحدٌ سيفك، ولم تقتل فاضحك وكيف ألومك على بغض عليٍّ، وقد قتل خالك الوليد مبارزة يوم بدْر، وشَرَك حمزة في قتل جدّك عتبة، وأوْحَدك من أخيك حنظله في مقام واحد.
وأمّا أنت يا مغيرة: فلم تكن بخليق أن تقع في هذا وشِبْهه، وإنّما مثلك مثَلُ البعوضة اذ قالت للنخلة: إستمسكي، فإني طائرة عنك، فقالت النخلة: وهل علمتُ بكِ واقعةً علي فأعلم بك طائرةً عني؟!.
والله ما نشعرُ بعداوتك إيّانا، ولا اغتمْمْنا إذ علمنا بها، ولا يشق علينا كلامُك، وإن حدَّ الله في الزّنا لثابت عليك، ولقد درأ عمر حقاً الله سائله عنه.
ولقد سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هل ينظر الرجل إلى المرأة يريد أن يتزوجها؟ فقال:[لا بأس بذلك يا مغيرة ما لم ينو الزنا] . لعلمه بأنّك زانٍ.
وأما فخركم علينا بالإمارة، فانّ الله تعالى يقول:( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ) (١) .
ثمّ قام الحسن فنفض ثوبه، وانصرف، فتعلّق عمرو بن العاص بثوبه، وقال: يا أمير المؤمنين، قد شهدتُ قوله وقذفه أمّي بالزنا، وأنا مطالب له بحدّ القذف.
فقال معاوية: خلَّ عنه لا جزاك الله خيراً. فتركه
فقال معاوية: قد أنبأتكم إنّه ممن لا تُطاق عارضتُه، ونهيتكم أن تسبّوه فعصيتموني، والله ما قام حتّى أظلم عليَّ البيت، قوموا عنّي فلقد فضحكم الله وأخزاكم بترككم الحزم، وعُدولكم عن رأي الناصح المشفق والله المستعان.
٢٣- وجاء في فضائل أهل البيت من كتاب فضائل الصحابة لأبي عبد الله أحمد بن محمّد بن حنبل ص ١١٦ في الحديث ١٦٧ ط. فجر الإسلام قال:
القطيعي: حدّثنا إبراهيم (بن عبد الله)، حدّثنا حجاج (بن المنهال) حدّثنا حمّاد (بن سَلَمَة) عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس:
أنّ الوليد بن عقبة قال لعليّ: ألست أبسط منك لساناً، وأحدّ منك سناناً، واملأ منك حشواً؟(٢) فأنـزل الله عزّ وجلّ:( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ ) .
٢٤- وأورد أبو الفرج الأصفهاني - صاحب كتاب (الأغاني) ج٤ ص ١٨٥، وورد في تفسير الخازن ج٣ ص ٤٧٠ قال:
كان بين عليٍّ والوليد تنازع وكلامٌ في شيء، فقال الوليد لعليّ: أسكت فانّك صبيّ وأنا شيخ، والله إني أبسط منك لساناً، وأحدّ منك سناناً، وأشجع منك جناناً، واملأ منك حشواً في الكتيبة. فقال له عليّ:[ أسكت فإنّك فاسق] فأنـزل الله هذه الآية.
____________________
(١) سورة الإسراء: الآية ١٦.
(٢) للملاحظة: لقد أسقط من الرواية فقال له عليّ:[أسكت يا فاسق] فأنـزل الله عزّ وجل( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا... ) .
٢٥- روى محمّد بن عليّ بن الحسين الفقيه في المجلس ٧٤ من أماليه ص ٤٤٠ ط٤، قال:
حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان، قال: حدّثنا الحسن بن علي السكري قال: حدّثنا محمّد بن زكريّا الجوهري قال: حدّثنا عبد الله بن ضحّاك قال: حدّثنا هشام بن محمّد عن أبيه:
قال هشام وأخبرني ببعضه أبو مخنف لوط بن يحيى وغير واحد من العلماء في كلام (قالوا:)
كان بين الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام وبين الوليد بن عقبة (كلام) فقال له الحسن عليه السّلام: لا ألومك أن تسبَّ عليًّا عليه السّلام وقد جلدك في الخمر ثمانين سوطاً وقتل أباك صبراً بأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في يوم بدر.
وقد سمّى الله (عليّاً) في غير آية مؤمناً، وسمّاك فاسقاً، وقد قال الشاعر فيك وفي عليّ عليه السّلام:
أنزل الله في الكتاب علينا |
في عليٍّ وفي الوليد قرآناً |
|
فتبوّأ الوليد منـزل كفر |
وعليّ تبوّأ الإيمانا |
|
ليس من كان مؤمناً يعبد الله |
كمن كان فاسقاً خوَّانا |
|
سوف يُدعى الوليد بعد قليل |
وعليّ إلى الجزاء عياناً |
|
فعليٌّ هناك يُجزي جناناً |
وهناك الوليد يجزى هوانا |
٢٦- روى أحمد بن أعثم الكوفي في كتابه (الفتوح) ج٢ ص ٣٥٤ ط. الهند قال:
وكان في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، جرى بين الوليد (ابن عقبة) وعليّ كلام، فقال (الوليد) لعليّ: أنا أحدّ منك سناناً وأسلط منك لساناً، واملأ منك حشواً للكتيبة. فقال عليٌّ:[ أسكت فإنّما أنت فاسق] ، فغضب الوليد من ذلك وشكى إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم (عليّاً) بذلك فنـزلت فيه هذه الآية( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ ) يعني (الله تعالى بالفاسق) الوليد بن عقبة.
٢٧- روى السيّد شرف الدين في كتابه (المراجعات) ص ٤٧ المراجعة ١٢ قال:
نـزلت هذه الآية في أمير المؤمنين والوليد بن عقبة بن أبي معيط بلا نزاع، وهذا هو الّذي أخرجه المحدّثون، وصرّح به المفسّرون. أخرج الإمام أبو الحسن عليّ بن أحمد الواحدي في معنى الآية في كتابه (أسباب النـزول) بالإسناد إلى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال الوليد بن عقبة بن أبي معيط لعليّ: أنا أحد منك سناناً وأبسط منك لساناً، واملأ للكتيبة منك، فقال له عليٌّ:[أُسكت فإنّما أنت فاسق] فنـزل( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ ) قال: يعني بالمؤمن عليّاً، وبالفاسق الوليد بن عقبة.
٢٨- وورد في كتاب عليٌّ إمام المتّقين للشرقاوي - من الكتّاب المتأخرين في مصر ج١ ص ٦١ قال:
وشجر بين عليّ بن أبي طالب، وبين الوليد بن عقبة بن أبي معيط من فتيان قريش، خلاف يوم بدر، وكان عليٌّ بطل بدر من نحو العشرين.
فقال الوليد: (أسكت فإنّك صبي، أنا أشبُّ منك شباباً، وأجلد منك جلداً، وأذرب منك لساناً، وأحد منك سناناً، وأشجع منك جناناً ). فنـزلت الآية الكريمة( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ ) .
سورة السجدة الآية ٢٤
( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أئمَّة يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ )
أخرج السيوطي الشافعي في كتابه (الاناقة في رتبة الخلافة) - المخطوط - الورقة ٦٦ - أ و ٦٦-ب قال:
وأخرج البخاري في التاريخ والنسائي والطيالسي والبزار، وأبو يعلي عن أنس: أنَّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:
[الأئمّة من قريش] .
وقال السيوطي: وأخرج الطبراني عن عبد الله بن خطب قال خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال:
[ألست أولى بكم من أنفسكم ؟.قالوا: بلى يا رسول الله. قال صلّى الله عليه وسلّم:فإنّي سائلكم عن اثنين: عن القرآن وعن عترتي، ألا لا تقدّموا (عليهم) فتضلّوا، ولا تخلّفوا عنها فتهلكوا].
وروى الإمام أحمد بن حنبل في فضائل أهل البيت عليهم السّلام من كتاب فضائل الصحابة ص ١٩٣ في الحديث ٢٩٢ ط. فخر الإسلام قال:
أحمد بن حنبل: حدّثنا حسين بن محمّد، وأبو نعيم، قالا: حدّثنا فطر، عن أبي الطفيل، قال:
جمع عليٌّ الناس في الرحبة ثمّ قال:[أنشد بالله كلّ امريءٍ سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول يوم غدير خمّ ما سمع لما قام.
فقام ثلاثون من الناس - قال أبو نعيم: فقام أناس كثير - فشهدوا حين قال للناس:
أتعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال:من كنت مولاه فهذا مولاه، أللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه].
للملاحظة: يرى الإنسان المنصف، الّذي لم ينصب العداء لآل النبيّ (ص) - كيف تخرج الأحاديث، وكيف تكتب فقول رسول الله (ص):من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه...........
وروى الخوارزمي في كتاب (مناقب عليّ بن أبي طالب) ص ٧٩-٨٠ و٩٤ و١١٥ قال:
عن أبي هريره قال: من صام اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة كتب الله تعالى له صوم ستين سنة. وهو يومغدير خم لما أخذ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بيد عليٍّ فقال:[ من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه أللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله ].
فقال له عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كلّ مسلم.
وروى الخوارزمي في كتاب (مناقب عليّ بن أبي طالب) ص ٢٣٣ قال بإسناده:
عن سلمان المحمّدي رضي الله عنه: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لعليّ عليه السّلام:[يا عليّ تختم باليمين تكن من المقرّبين، قال: يا رسول الله ومَنْ المقرّبون، قال: جبريل وميكائيل، قال: فبم أتختّم يا رسول الله؟ قال: بالعقيق الأحمر فإنّه جبل أقرَّ لله بالعبوديّة، ولي بالنبوّة، ولك بالوصيّة، ولولدك بالإمامة، ولمحبّيك بالجنّة، ولشيعة ولدك بالفردوس].
وورد هذا الحديث في:
١ - الحاوي للفتاوي: ج٢ ص ٤٤.
٢ - العقد الثمين: ج٢ ص ١٤٥.
٣ - مناقب عليّ بن أبي طالب للمغازلي ص ٢٨١.
وروى الحافظ الحاكم الحسكاني في كتابه (شواهد التنـزيل) ج١ ص ٦٧٦ ط٣، في الحديث ٦٣٠ قال:
فرات بن إبراهيم الكوفي، قال حدّثني جعفر بن محمّد الفزاري قال: حدّثنا محمّد بن الحسين الهاشمي، عن محمّد بن حاتم، عن أبي حمزة الثمالي:
عن أبي جعفر في قوله:( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أئمَّة يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) قال:[نزلت في ولد فاطمة عليها السّلام].
وأورد الحسكاني في الحديث ٦٣١ من الشواهد ص ٦٧٦ ط٣ قال:
فرات قال: حدّثني أحمد بن محمّد بن طلحة الخراساني، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن فضّال، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدّثنا يحيى بن أبان، عن عمرو بن شمر، عن جابر:
عن أبي جعفر (في قوله تعالى)( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أئمَّة يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) قال:[نزلت في ولد فاطمة خاصةً، جعل الله منهم أئمَّة يهدون بأمره].
للملاحظة:
الحديثين ٦٣٠ و ٦٣١ للحسكاني، موجودان في تفسير سورة السجدة لفرات الكوفي، برقم ٤ والحديث التالي هو الأخير من تفسير سورة السجدة من تفسيره.
وروى الحسكاني في الشواهد ص ٦٧٧ في الحديث ٦٣٢ قال:
أخبرنا عقيل، قال: أخبرنا علي، قال: أخبرنا محمّد بن عبيد الله، قال: حدّثنا أبو عمرو بن السماك - ببغداد- قال: حدّثنا عبد الله بن ثابت المقريء، قال: حدّثني أبي، (عن هذيل) عن مقاتل، عن عطاء:
عن ابن عباس في قول الله تعالى:( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا ) قال: نـزلت هذه الآية في عليّ عليه السّلام يعني كان عليٌّ مصدّقاً بوحدانيّتي( كَمَن كَانَ فَاسِقًا ) يعني الوليد بن عقبة بن أبي معيط و(في) قوله:( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أئمَّة يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) (قال) جعل الله لبني إسرائيل بعد موت هارون وموسى من ولد هارون سبعة من الأئمّة، وكذلك جعل من ولد عليٍّ سبعة من الأئمّة، ثمّ اختار بعد السبعة من ولد هارون خمسة فجعلهم تمام الإثني عشر نقيباً، كما اختار بعد السبعة (من ولد عليٍّ) خمسة فجعلهم تمام الاثني عشر.
سورة الاحزاب
سورة الأحزاب الآية ٢٣
( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا )
روى الحافظ شهاب الدين ابن حجر الهيثمي المكّي في كتاب (الصواعق المحرقة) ص ٢٠٧ دار الكتب العلمية - بيروت، او ص ٨٠ ط. القاهرة قال:
انّه سُئل عليٌ وهو على المنبر بالكوفة، عن قوله تعالى:( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ ) الآية. فقال (ع): أللّهم غفراً، هذه الآية نـزلت فيَّ وفي عمّي حمزة وفي ابن عمّي عبيدة بن الحارث بن عبد المطّلب
فأمّا عبيدة فقضى نحبه شهيداً يوم بدر، وحمزة قضى شهيداً يوم أُحد، وأمّا أنا فأنتظر أشقاها، يخضب هذه من هذه، وأشار بيده إلى لحيته ورأسه، عهداً عهده إليّ حبيبي أبو القاسم (ص).
ثمّ قال ابن حجر: وروي أنّ عليًّا جاءه ابن ملجم يستحمله فحمله ثمّ قال رضي الله عنه.
أريد حياته ويريد قتلي : عذيري من خليلي من مراد
ثمّ قال (ع) هذا والله قاتلي، فقيل له: ألا تقتله؟ فقال: فمن يقتلني؟
روى رشيد الدين محمّد بن عليّ بن شهرآشوب في (مناقب آل أبي طالب)ج٣ ص ٩٢ ط. دار الأضواء، قال:
وعن تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان، حدّثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر، قال:( يَا أَيُّهَا الّذين آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ ) أمر الله الصحابة أن يخافوا الله، ثمّ قال:( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) يعني محمّد وأهل بيته.
قال أبو الورد: عن أبي جعفر الباقر (ع)، قال:( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا... ) ، قال: عليّ وحمزة وجعفر( فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ ) قال: عهده، وهو: حمزة، وجعفر، يعني الطيّار( وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ) قال: عليّ بن أبي طالب.
وقال المتكلّمون: ومن الدلالة على إمامة عليّ (ع) قوله( يَا أَيُّهَا الّذين آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) فوجدنا عليًّا بهذه الصفة، لقوله تعالى( وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ) يعني: الحرب( أُولَـٰئِكَ الّذين صَدَقُوا وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) فوقع الإجماع بأنّ عليًّا أولى بالإمامة من غيره، لانّه لم يفر من زحفٍ قطّ، كما فرَّ غيره في غير مواضع.
وروى العلامة الشيخ عبيد الله الحنفي آمرتسري في (أرجح المطالب) ص ٦٠ ط. لاهور - الهند قال:
رُويَ عن عكرمة قال: سئل عليّ عليه السّلام وهو على المنبر - في الكوفة- عن قوله تعالى:( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ ) فقال: [أللّهم هذه الآية نزلت فيَّ، وفي عمّي حمزة، وفي ابن عمّي عبيدة بن الحارث، فإنّه قضى نحبه يوم بدر. فأمّا عمّي حمزة فإنّه قضى نحبه يوم أحد. وأمّا أنا فأنتظر أشقاها يخضّب هذه من هذه - وأشار إلى لحيته ورأسه -.وقال: عهدٌ عَهِدَهُ إليّ أبو القاسم رسول الله صلّى الله عليه وآله ].
وروى الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في تفسيره (مجمع البيان) الجزء ٢١ من المجلد ٧و٨ ص ٣٥٠ ط. دار إحياء التراث العربي - بيروت، قال:
وقال ابن إسحاق: فمنهم من قضى نحبه من استشهد يوم بدر وأحد، ومنهم من ينتظر ما وعد الله من نصره أو شهادته، على ما مضى عليه أصحابه( وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) أي ما غيّروا العهد الّذي عاهدوا ربّهم، كما غيّر المنافقون.
قال ابن عباس من قضى نحبه، حمزة بن عبد المطّلب ومن قتل معه، وأنس بن النضر وأصحابه، وقال الكلبي: ما بدّلوا العهد بالصبر ولا نكثوه بالفرار.
وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالإسناد عن عمرو بن ثابت، عن أبي إسحاق عن عليّ (ع):
قال:[فينا نزلت ( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ ) فأنا والله المنتظر وما بدَّلت تبديلاً ].
( لِّيَجْزِيَ اللَّـهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ ) أي صدق المؤمنون في عهودهم ليجزيهم الله بصدقهم.
وروى الحافظ الشيخ سليمان بن الشيخ إبراهيم القندوزي الحنفي في كتابه (ينابيع المودّة) ص ٩٦ في الباب ٢٣ قال:
عن الحافظ أبي نعيم عن ابن عباس، وعن جعفر بن محمّد الصادق (ع)، قالا: قال عليٌّ كرّم الله وجهه:[كنّا عاهدنا الله ورسوله أنا وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحارث، على أمر وَفَيّنا به لله ولرسوله وتقدّمني أصحابي، وخُلّفت بعدهم، فأنزل الله سبحانه فينا ( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ ) حمزة وجعفر وعبيدة، ( وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) أنا المنتظر وما بدّلت تبديلاً].
وروي هذا الحديث عن الإمام أبو جعفر محمّد الباقر عليه السّلام.
وروى العلامة السيّد محمّد حسين الطباطبائي في تفسيره الميزان ج١٦- ص ٣٠٤ ط. إسماعيليان، قال:
وفي المجمع - أي تفسير الطبرسي - روى أبو القاسم الحسكاني، عن عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق، عن عليّ (ع) قال:
[فينا نزلت ( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ ) فأنا، والله المنتظر، وما بدّلت تبديلاً ].
وأورد الشيخ الأميني (عليه الرحمة) في كتابه(الغدير) ج٢ ص ٧٠ ط. مؤسسة الأعلمي - بيروت:
روايةً لأبيات شعرٍ قالها معاوية بن صعصعة، من قصيدة له، رواها نصر بن مزاحم في كتاب (صفّين) ص ٣١ يصف الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، وقد نـزلت فيه ثلاثون آية تسمّيه مؤمناً، ومنها ما يلي:
ومَن نزلتْ فيه ثلاثون آية تسمّيه |
فيها مؤمناً مخلصاً فردا |
|
سوى موجبات جئن فيه وغيره |
بها أوجب الله الولاية والودّا |
والآية الرابعة، وحسب التسلسل للشيخ الأميني في غديره هي( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) . قال:
وأخرج الخطيب الخوارزمي (الموفق بن أحمد أبو المؤيد الحنفي) (خطيب خوارزم) في كتابه (مناقب عليّ بن أبي طالب) ص ١٨ و ١٨٨ ط. تبريز وصدر الحفّاظ الكنجي في (الكفاية) ص ١٢٢ نقلاً عن ابن جرير، وغيره من المفسّرين أنّه نزل قوله( فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ ) في حمزة وأصحابه، كانوا تعاهدوا الله تعالى لا يُولّون الأدبار فجاهدوا مقبلين حتى قُتلوا، ومنهم من ينتظر، عليّ بن أبي طالب، مضى على الجهاد ولم يُبَدّل، ولم يُغيّر الأثار.
وفي الصواعق، لابن حجر ص ٨٠ سئل عليّ وهو على المنبر بالكوفة، عن قوله تعالى:( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ ) . الآية.
فقال: [أللّهم غفراً هذا الآية نزلت، فيَّ، وفي عمّي حمزة وفي ابن عمّي، عبيدة بن الحرث بن عبد المطّلب، فأمّا عبيدة فقضى نحبه شهيداً يوم بدر، وحمزة قضى نحبه يوم أُحد، وأمّا أنا فأنتظر أشقاها يخضب هذه من هذه - وأشار إلى لحيته ورأسه -عهد عهده إليَّ حبيبي أبو القاسم صلّى الله عليه وسلّم .]
روى الحافظ الحاكم عبيد الله بن عبد الله بن أحمد الحاكم الحسكاني في كتاب (شواهد التنـزيل) ج٢ ص ٣ ط ٣، في الحديث ٦٣٣ قال:
أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي، قال: أخبرنا أبو بكر الجرجرائي، قال: حدّثنا أبو أحمد البصري، قال: حدّثني محمّد بن زكريّا الغلاّبي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يزيد، قال: حدّثني سهل بن عامر البجلي عن عمرو بن ثابت، عن أبي إسحاق، عن عليّ عليه السّلام قال:[فينا نـزلت ( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ ) الآية،فأنا والله المنتظر وما بدَّلتُ تبديلاً].
وروى الحاكم الحسكاني في (شواهد التنـزيل) ج٢ ص ٣ ط ٣ في الحديث ٦٣٤ قال:
أخبرنا أبو العبّاس المحمدي، قال: أخبرنا (عليّ بن الحسين) ابن قيدة الفسوي(١) قال: أخبرنا أبو بكر ابن مؤمن، قال: حدّثنا عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقّاق - ببغداد - قال: أخبرنا عبد الله بن ثابت المقريء، قال: حدّثني أبي عن الهذيل، عن مقاتل عن الضحّاك:
عن عبد الله بن عباس في قول الله تعالى( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ ) يعني عليًّا وحمزة وجعفراً( فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ ) يعني: حمزة وجعفراً( وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ) يعني عليًّا (عليه السلام، كان) ينتظر أجله والوفاء لله بالعهد، والشهادة في سبيل الله، فو الله لقد رزق الشهادة.
روى العصامي في كتاب (سمط النجوم) ج٢ ص ٤٦٩، قال: في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب، قال:
الحافظ الذهبي: سئل عليٌّ وهو على منبر الكوفة عن قوله تعالى:( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ) فقال:[أللّهم اغفر، هذه الآية نزلت: فيَّ وفي عمّي حمزة وفي ابن عمّي عبيدة بن الحارث بن عبد المطّلب، فأمّا عبيدة فقضى نحبه شهيداً يوم بدر، وأمّا حمزة فقضى نحبه شهيداً يوم أُحد، وأمّا أنا فأنتظر أشقاها يخضب هذه من هذا - وأشار إلى لحيته ورأسه -عهد عهده إليَّ حبيبي أبو القاسم صلّى الله عليه وسلّم].
روى الحافظ محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتابه (كفاية الطالب) ص ٢٤٩ ط٣، مطبعة فارابي، قال:
وروى ابن جرير الطبري وغيره من المفسّرين في قوله عزّ وجلّ:( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) .
____________________
(١) وورد في نسخة أخرى (أبو فيدة الفسوي).
قيل: نزل قوله( فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ ) في حمزة وأصحابه كانوا عاهدوا أن لا يولّوا الأدبار فجاهدوا مقبلين حتّى قتلوا،( وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ) عليّ بن أبي طالب مضى على الجهاد ولم يبدّل ولم يغيّر.
روى عيدروس بن أحمد السقاف العلوي الحسيني الأندونيسي المعروف بابن رويش في كتابه (المقتطفات) ج٢ ص ٣٣٧ ط١ مطبعة أمير، قال:
قال السّديّ: كلّ موضعٍ روى عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول: حدّثني رجل من أصحاب رسول الله، أو قال رجل من البدريين، إنّما عنى عليّ بن أبي طالب، وكان أصحابه يعرفون ذلك ولا يسألونه عن اسمه، وقد ثبت أنَّ قوله تعالى:( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ ) وقوله تعالى:( وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ ) (١) نـزلتا فيه عليه السّلام.
وعن أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة البصرة:[أنا عبد الله، وأنا أخو رسول الله، وأنا الصّدّيق الأكبر، والفاروق الأعظم، لا يقوله غيري إلّا كذّاب] ، فهو عبد الله على معنى الافتخار، كما قال:[كفى لي فخراً أن أكون لك عبداً].
وروى ابن رويش أيضاً في كتابه (المقتطفات) ج١ ص ٢١ قال قوله تعالى:( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا )
١-أخرج الخطيب الخوارزمي في المناقب (ص-١٨٨-وصدر الحفّاظ الكنجي الشافعي في الكفاية، نقلاً عن ابن جرير الطبري وغيره من المفسّرين الّذين سيلي ذكرهم، أنّه نـزل قوله تعالى:( فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ ) في حمزة وأصحابه، كانوا عاهدوا الله تعالى، لا يولّون الأدبار فجاهدوا مقبلين حتّى قتلوا.
وقوله:( وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ) أي عليّ بن أبي طالب مضى على الجهاد ولم يبدّل ولم يغيّر الآثار.
٢-أخرج ابن حجر في الصواعق: أنّه سئل الإمام عليّ وهو على منبر الكوفة عن قوله تعالى( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ ) الآية، فقال:[أللّهم غفراً، هذه الآية نزلت فيّ وفي عمّي حمزة، وفي ابن عمّي عبيده بن الحارث بن عبد المطّلب، فأمّا عبيدة فقد قضى نحبه شهيداً يوم بدر، وحمزة قضى نحبه يوم أُحد، وأمّا أنا فأنتظر أشقاها، يخضب هذه من هذه - وأشار إلى لحيته ورأسه -عهد عهده إليّ حبيبي أبو القاسم صلّى الله عليه وآله].
____________________
(١) سورة الأعراف: الآية ٤٦.
وروى العلّامة مير حامد حسين في كتابه (عبقات الأنوار في إمامة الأطهار عليهم السّلام) ص ٦٢ في جواب عمرو بن العاص على رسالة معاوية بن أبي سفيان له، ومما جاء في الرسالة: وقد علمت يا معاوية ما أنزل الله تعالى في كتابه من الآيات المتلوّات في فضائله لا يشركه فيها أحد، كقوله تعالى( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ ) (١) وقوله تعالى:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (٢) وقوله تعالى:( أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ) (٣) وقوله تعالى:( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ ) (٤) وقد قال تعالى لرسوله:( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (٥) .
وقد قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:[أما ترضى أن يكون سلمك سلمي، وحربك حربي، وتكون أخي وولي في الدنيا والآخرة؟ يا أبا الحسن : من أحبّك فقد أحبّني، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن أحبّك أدخله الله الجنّة، ومن أبغضك أدخلة الله النار ].
وكتابك يا معاوية الّذي هذا جوابه ليس ممّا ينخدع به مَنْ له عقل أو دين، والسلام.
وروى القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمّد التميمي المغربي القاهري في كتابه(شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار) ج١ ص ٣٥٣ ط٢، مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي. قال راوياً لخطبة الإمام عليّ عليه السّلام بعد مقتل عثمان، يقول الإمام عليّ (ع):
[ولو حملت نفسي على ركوب الموت لركبته، ولقد علم من حضر، ومن غاب من أصحاب محمّد صلوات الله عليه وآله أنّ الموت عندي، بمنـزله الشربة الباردة من الماء في اليوم الحار من ذي العطش الصديّ، ولقد كنت عاهدت الله أنا وعمّي حمزة وأخي جعفر وابن عمّي عبيدة، على ذلك لله ولرسوله، فتقدّموني وبقيت أنتظر أجلي، فأنزل الله عزّ وجلّ فينا: ( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) ] .
____________________
(١) سورة الإنسان: الآية ٧.
(٢) سورة المائدة: الآية ٥٥.
(٣) سورة هود: الآية ١٧.
(٤) سورة الأحزاب: الآية ٢٣.
(٥) سورة الشورى: الآية ٢٣.
مصادر أخرى أوردت الحديث:
١ - فضائل الخمسة للفيروز آبادي: ج٢ ص ٢٨٧.
٢ - الحافظ ابن حجر العسقلاني في (الكشّاف الشاف) ص ١٢٠ ط. مصر.
٣ - (الكشف والبيان) للثعلبي.
٤ - دلائل الصدق للشيخ محمّد حسن المظفر عن إحقاق الحق ج٣ ص ٢٤٧.
٥ - السيّد هاشم البحراني الباب (٢٠٣) غاية المرام ص ٤٣٢.
٦ - ابن الصباغ -الفصول المهمّة- ص ١٢ ط. النجف الأشرف إبن الصباغ المالكي.
سورة الأحزاب الآية ٢٥
( وَرَدَّ اللَّـهُ الّذين كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّـهُ قَوِيًّا عَزِيزًا )
روى الحافظ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق، أبو نعيم الاصبهاني في كتاب (ما نزل من القرآن في عليّ عليه السّلام) ص ١٧١ ط١ في الحديث ٤٥ قال:
حدّثنا أبو بكر بن القمص، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن حفص (بن عمر الخثعمي الأشناني الكوفي) قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، قال: حدّثنا أبو القاسم (الفضل بن القاسم البزّار، قال: حدّثنا سفيان الثوري، عن زبيد اليامي) عن مرّة (الهمداني):
عن عبد الله (بن مسعود) أنّه كان يقرأ هذه الآية( وَكَفَى اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) بعليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
وأورد الحافظ الحاكم الحسكاني في كتابه (شواهد التنـزيل) ج٢ ص ٥ ط٣ في أحاديث يرويها نورد ما يلي منها:
أ - الحديث ٦٣٥ ص ٥ قال:
أخبرنا أبو بكر التميمي وأبو بكر السكري، قالا: أخبرنا أبو بكر ابن المقريء، قال: حدّثنا إسماعيل بن عبّاد البصري، قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، قال: حدّثنا الفضل بن القاسم، عن سفيان الثوري، عن زبيد، عن مرّة.
عن عبد الله إنّه كان يقرأ( وَكَفَى اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) بعليّ بن أبي طالب (وعبد الله هذا) هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
ب- وروى في الحديث ٦٣٦ ص ٦ من الشواهد، قال:
أخبرناه أبو سعد بن علي، قال: أخبرنا أبو الحسين الكهيلي، قال: أخبرنا أبو جعفر الحضرمي، قال: أخبرنا عبّاد بن يعقوب، قال: أخبرنا فضل بن القاسم البزّاز، قال: حدّثني سفيان الثوري، عن زبيد اليامي، عن مرّة، عن عبد الله قال: كان (عبد الله) يقرأ:( وَكَفَى اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) بعليّ بن أبي طالب( وَكَانَ اللَّـهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ) وقال أبو أحمد ابن عدي الحافظ الجرجاني، حدّثنا عليّ بن العباس، قال: حدّثنا عبّاد به.
جـ - وروى الحسكاني في الحديث ٦٣٨ ص ٦ ط٣، قال:
أخبرناه أبو عبد الله الشيرازي، قال: أخبرنا أبو بكر الجرجرائي، قال: حدّثنا أبو أحمد البصري، قال: حدّثنا الحسين بن حميد، قال: حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحمّاني، قال: حدّثنا يحيى بن يعلي الأسلمي، قال: عمّار بن زريق، عن أبي إسحاق عن زياد بن مطرف قال:
كان عبد الله بن مسعود يقرأ( وَكَفَى اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) بعليٍّ( وَكَانَ اللَّـهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ) .
وقال عمّار: وهي في مصحفه، كذلك رأيتها.
د- وروى في الحديث ٦٣٩ ص ٧ قال:
قرأت في التفسير العتيق: حدّثنا سعيد بن أبي سعيد التغلبي، عن أبيه، عن مقاتل عن الضحّاك:
عن ابن عباس في قوله تعالى:( وَكَفَى اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) قال: كفاهم الله القتال يوم الخندق بعليّ بن أبي طالب، حين قتل عمرو بن عبدودّ.
هـ- وروى في الحديث ٦٤٠ ص ٧ شرح فيه حادثة الخندق قال:
أخبرناه الحاكم الوالد رحمه الله قال: حدّثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان -ببغداد - قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن أحمد العسكري: قال: حدّثنا محمّد بن عثمان، قال: حدّثنا محمّد بن طارق، قال: حدّثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن جدّه، عن حذيفة، قال:
لما كان يوم الخندق عبر عمرو بن عبد ودّ حتّى جاء فوقع على عسكر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فنادى: البراز، فقال رسول الله[أيّكم يقوم إلى عمرو ؟ فلم يقم أحد إلاّ عليّ بن أبي طالب، فإنّه قام، فقال (له) النبي:إجلس ، ثمّ قال: النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:أيّكم يقوم إلى عمرو ؟ فلم يقم أحد، فقام إليه عليٌّ فقال:أنا له فقال النبي:إجلس ثمّ قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه:أيّكم يقوم إلى عمرو ؟ فلم يقم أحد، فقام عليٌّ فقال:أنا له فدعاه النبيّ صلّى الله عليه وآله، فقال:إنّه عمرو بن عبدودّ ، قال:وأنا عليّ بن أبي طالب فألبسه درعه ذات الفضول، وأعطاه سيفه ذا الفقار، وعمّمه بعمامته السحاب على رأسه تسعة أكوار، ثمّ قال له:تقدّم . فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لماّ ولىّ:أللّهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه .
فجاء حت ّ ى وقف على عمرو فقال: مَنْ أنت؟ فقال عمرو: ما ظننت أنّي أقف موقفاً أجهل فيه، أنا عمرو بن عبدودّ، فمن أنت؟ قال:أنا عليّ بن أبي طالب فقال: الغلام الّذي كنت أراك في حجر أبي طالب؟ قال:نعم . قال: إنَّ أباك كان لي صديقاً وأنا أكره أن أقتلك. فقال له عليٌّ:لكنّي لا أكره أن أقتلك، بلغني أنّك تعلقت بأستار الكعبة وعاهدت الله عزَّ وجلّ أن لا يخيّرك رجل بين ثلاث خلال إلّا اخترت منها خلّة ؟ قال (عمرو) صدقوا، قال (عليّ):إمّا أن ترجع من حيث جئت . قال: لا تحدّث بها قريش، قال:أو تدخل في ديننا فيكون لك ما لنا وعليك ما علينا ، قال: ولا هذه،
فقال له عليٌّ:فأنت فارس وأنا راجل، فنـزل عن فرسه وقال: ما لقيت من أحد ما لقيت من هذا الغلام!!
ثمّ ضرب وجه فرسه فأدبرت، ثمّ أقبل إلى عليٍّ، وكان رجلاً طويلاً - يداوي دبر البعيرة وهو قائم - وكان عليٌّ في تراب دق لا يثبت قدماه عليه، فجعل عليٌّ ينكص إلى ورائه يطلب جلداً من الأرض يثبت قدميه ويعلوه عمرو بالسيف وكان في درع عمرو قصر فلمّا تشاك بالضربة تلقّها عليٌّ بالترس فلحق ذباب السيف في رأس عليٍّ، حتّى قطعت تسعة أكوار حتّى خطّ السيف في رأس عليٍّ، وتسيّف عليّ رجليه بالسيف من أسفل فوقع على قفاه فثارت بينهما عجاجة فسُمع عليّ يكبّر، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله:قتله والّذي نفسي بيده.
فكان أوّل من ابتدر العجاج عمر بن الخطّاب فإذا عليٌّ يمسح سيفه بدرع عمرو، فكبّر عمر بن الخطّاب فقال: يا رسول الله قتله، فحزّ عليٌّ رأسه ثمّ أقبل يخطر في مشيته، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله:يا عليُّ إنّ هذه مشية يكرهها الله عزّ وجلّ إلاّ في هذا الموضع.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله لعليّ:ما منعك من سلبه فقد كان ذا سلب ؟ فقال: يا رسول الله:إنّه تلقّاني بعورته فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:أبشر يا عليّ: فلو وزن اليوم عملك بعمل أُمّه محمّد لرجح عملك بعملهم وذلك أنّه لم يبق بيت من بيوت المشركين إلّا وقد دخله وهن بقتل عمرو، ولم يبق بيت من بيوت المسلمين إلّا وقد عزّ بقتل عمرو].
و- وروى الحافظ الحاكم الحسكاني في الشواهد، في الحديث ٦٤١ ج٢ ص ١٠ ط٣ قال:
وأخبرنا الحاكم الوالد رحمه الله قال: حدّثنا أبو حفص قال: حدّثنا أحمد بن محمّد سعيد، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن بزيع، قال: حدّثني يوسف بن كليب المسعودي، قال: حدّثني سعيد بن عمرو بن سعيد الثقفي، قال: حدّثني عبد الله بن محمّد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جدّه، عن عليٍّ، قال:
خرج عمرو بن عبد ودّ يوم الخندق معلّماً مع جماعة من قريش فأتوا نُقْرَة من نُقر الخندق فأقحموا خيلهم فعبروه وأتوا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ودعا عمرو البراز فنهضت إليه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله:[يا عليُّ إنّه عمرو ،قلت: يا رسول الله وانّي عليٌّ!! فخرجت إليه ودعوت بدعاء علّمنيه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أللّهم بك أصول وبك أجول وبك أدرء في نحره، فنازلته، وثار العجاج فضربني ضربة في رأسي فعملت فضربته فجندلته وولّت خيله (منهزمة)].
ز- وروى الحسكاني في الشواهد ج٢ ص ١٠ في الحديث ٦٤٢ قال:
أخبرنا أبو سعد السعدي قراءةً (عليه) غير مرّة، قال: حدّثنا أبو محمّد لؤلؤ بن عبد الله القيصري - ببغداد - سنة سبع وستين قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد النصيبي، قال: حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن شداد بالعسكر، قال: حدّثني محمّد بن سنان الحنظلي، قال: حدّثني إسحاق بن بشر القرشي، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال:
[لمبارزة عليّ بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من عمل أمّتي إلى يوم القيامة].
ولقد استقصيت هذا الباب في (باب الشجاعة) في كتاب (الخصائص)، وبالله التوفيق.
وروى الشيخ أبو الفضل بن الحسن الطبرسي في تفسيره (مجمع البيان) المجلد ٧و٨ الجزء ٢١ ص ٣٤٢ ط. دار إحياء التراث العربي - بيروت قال:واصفاً قدوم المشركين نحو المدينة، حتّى وقفوا على الخندق فقالوا: والله إنّ هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها، ثمّ تيمّموا مكاناً ضيفاً من الخندق فضربوا خيولهم فاقتحموا فجالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع، وخرج عليّ بن أبي طالب (ع) في نفر من المسلمين حتى أخذ عليهم الثغرة التي منها اقحموا واقبلت الفرسان نحوهم وكان عمرو بن عبد ودّ فارس قريش وكان قد قاتل يوم بدر حتّى ارتث واثبته الجراح ولم يشهد أحداً، فلمّا كان يوم الخندق خرج مُعْلِماً ليرى مشهده، وكان يعد بألف فارس وكان يسمّى فارس يليل لأنّه أقبل في ركب من قريش حتّى إذا كانوا بيليل وهو واد قريب من بدر، عرضت لهم بنو بكر في عدد فقال لأصحابه إمضوا فمضوا فقام في وجوه بني بكر حتّى منعهم من أن يصلوا إليه فعرف بذلك وكان اسم الموضع الّذي حفر فيه الخندق المذاد وكان أوّل من طفره عمرو وأصحابه فقيل في ذلك.
عَمْرٌو بن عَبْدٍ كان أَوَّلَ فارسٍ |
جَزَعَ المذَاد وكانَ فارِسَ يَلْيَل |
وذكر ابن إسحاق أنّ عمرو بن عبد ود كان ينادي من يبارز فقام عليّ (ع) وهو مقنّع في الحديد فقال:[ أنا له يا نبي الله، فقال إنّه عمرو إجلس ونادى عمرو ألا رجل؟ وهو يٌؤنّبهم ويقول: أين جنّتكم الّتي تزعمون من قتل منكم دخلها، فقام عليّ (ع) فقال:أنا له يا رسول الله ثمّ نادى الثالثة، فقال:
ولقد بُحِحْتُ مِنَ النِّداءِ |
بجمعكم: هَلْ من مبارز |
|
ووقفتُ إذ جَبُنَ المشَجَّعُ |
مَوْقِفَ البَطلِ المناجِز |
|
إِنَّ السَّماحَةَ والشُّجاعَةَ |
في الفَتى خَيرُ الغَرائِز |
فقام عليٌّ فقال:يا رسول الله أنا فقال:إنّه عمرو فقال:وإن كان عمراً فاستأذن رسول الله، فأذن له رسول الله، وفيما رواه لنا السيّد أبو محمّد الحسيني القايني، عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني بالإسناد عن عمرو بن ثابت عن أبيه، عن جدّه، عن حذيفة، قال فألبسه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم درعه ذات الفضول وأعطاه سيفه ذا الفقار، وعمّمه عمامة السحاب على رأسه تسعة أكوار، ثمّ قال له:تقدّم . فقال لما ولىّ:أللّهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه ، قال: ابن إسحاق فمشى إليه (عليٌّ) وهو يقول:
لا تَعْجَلَّنَّ فقد أتاك |
مُجيبُ صُوْتِكَ غَيْرَ عَاجزِ |
|
ذو نِيّةٍ وبصيرة |
والصِدقُ مُنجي كلِّ فائز |
|
إنّي لأرجو أَنْ أُقِيمَ |
عليك نائِحَة الجنائز |
|
من ضربةٍ نحْلاءَ |
يَبْقى ذكْرُها عِنْدَ الهزاهزِ |
قال له عمرو من أنت؟ قال:أنا عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف .
فقال غيرك يا ابن أخي من أعمامك من هو أسنُّ منك فإنّي أكره أن أهريق دمك. فقال عليّ (ع):لكنّي والله ما أكره أن أهريق دمك فغضب ونـزل وسلَّ سيفه كأنّه شعلة نار ثمّ أقبل نحو عليّ مغضباً فاستقبله عليّ بِدَرقَته فضربه عمرو بالدرقة فقدّها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجَّه وضربه عَلىّ على حبل العاتق فسقط، وفي رواية حذيفة وتسيف عليٌّ رجليه بالسيف من أسفل فوقع على قفاه وثارت بينهما عجاجة فسُمع عليٌّ يكبّر فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:قتله والّذي نفسي بيده فكان أوّل من ابتدر العجاج عمر بن الخطّاب، فاذا عليٌّ يمسح سيفه بدرع عمرو، فكبّر عمر بن الخطّاب، وقال يا رسول الله قتله، فحزَّ عليٌّ رأسه وأقبل نحو رسول الله ووجهه يتهلل فقال عمر بن الخطّاب: هلاّ استلبته درعه فانّه ليس للعرب درع خير منها، فقال:ضربته فاتّقاني بسوأته فاستحيت ابن عمّي أن أستلبه قال حذيفة: فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:أبشر يا عليّ فلو وزن اليوم عملك بعمل أمّة محمّد لرجح عملك بعملهم، وذلك أنّه لم يبق بيت من بيوت المشركين إلّا وقد دخله وهن بقتل عمرو، ولم يبق بيت من بيوت المسلمين إلّا وقد دخله عزّ بقتل عمرو ] وعن الحاكم أبي القاسم أيضا بالإسناد عن سفيان الثوري عن زبيد الثاني عن مرّة عن عبد الله بن مسعود، قال كان يقرأ( وَكَفَى اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) بعليٍّ وخرج أصحابه منهزمين حتى ظفرت خيولهم الخندق وتبادر المسلمون فوجدوا نوفل بن عبد العزّى جوف الخندق فجعلوا يرمونه بالحجارة، فقال لهم قتلة أجمل من هذه ينـزل بعضكم أقاتله، فقتله الزبير بن العوّام، وذكر ابن إسحاق أنّ عليًّا (ع) طعنه في ترقوته حتى أخرجها من مراقه، فمات في الخندق، وبعث المشركون إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يشترون جيفته بعشرة آلاف، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: [هو لكم لا نأكل ثمن الموتى ] وذكر عليّ (ع) أبياتاً منها:
نَصَرَ الحِجارة مِنْ سفاهَة رَأيهِ |
ونَصَرْتُ رَبَّ مُحمدٍ بِصَوابٍ |
|
فَضَرِبتُه وتركتُهُ مُتَجَدَّلاً |
كالجذْع بَيْنَ دَكادكٍ وروابي |
|
وعَفَفْتُ عن أَثوابهِ ولوْ |
أنّني كُنتُ المقطرَ بَزَّني أثوابي |
وروى عمرو بن عبيد عن الحسن البصري قال: إنّ عليّاً (ع) لما قتل عمرو بن عبد ودّ حمل رأسه فألقاه بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقام أبو بكر وعمر فقَّبلا رأس عليّ (ع) وروي عن أبي بكر، بن عياش أنّه قال: ضرب عليٌّ ضربة ما كان في الإسلام أعزّ منها، يعني ضربة عمرو بن عبدودّ، وضُرِبَ ضربة ما كان في الإسلام ضربةً أشام منها، يعني ضربة ابن ملجم عليه لعائن الله.
وروى الحافظ عليّ بن الحسن بن هبة الله أبو القاسم الدمشقي الشافعي المشهور بابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق، عند الحديث الرقم ٩٢٧ ج٢ ص ٤٢٠ ط٢، قال:
أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء، أنبأنا منصور بن الحسين وأحمد بن محمود قالا: أنبأنا أبو بكر المقريء، أنبأنا إسماعيل بن عبّاد البصري أنبانا عبّاد بن يعقوب، أنبأنا الفضل بن القاسم، عن سفيان الثوري، عن زبيد، عن مرّة:
عن عبد الله (بن مسعود) أنّه كان يقرأ:( وَكَفَى اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) بعليّ بن أبي طالب.
وروى ابن عساكر في كتابه (تاريخ دمشق) ج ٥٠ ص ٣٣ الحديث ٥٨٥٨ ط. دار الفكر، والمصورة الأردنية ج١٤ ص ٢٤٣ ط١ قال:
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، حدّثنا أبو منصور بن خبرون، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا الظاهري، حدّثنا لؤلؤ بن عبد الله القيصي، حدّثنا أبو إسحق إبراهيم بن محمّد النصيبـي الصوفي - بالموصل - حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن شداد، قال: حدّثني محمّد بن سنان الحنظلي، حدّثني إسحاق بن بشر القرشي، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال:[لمبارزة عليّ بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من عمل أمّتي إلى يوم القيامة ].
وروى الحاكم الحافظ أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن محمّد، النيسابوري في كتاب (المغازي) من المستدرك على الصحيحين ج٣ ص ٣٢ قال:
حدّثنا لؤلؤ بن عبد الله المقتدري في قصر الخليفة - ببغداد - حدّثنا أبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبد الوهّاب المصري بدمشق، حدّثنا أحمد بن عيسى الخشّاب - بتنيس - حدّثنا عمرو بن أبي سَلَمَة، حدّثنا سفيان الثوري، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، قال رسول الله:[لمبارزة عليّ بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من أعمال أمّتي إلى يوم القيامة ].
وروى ابن أبي الحديد في كتاب شرح المختار -الرقم- ٢٣٠- في باب قصار كلام أمير المؤمنين من نهج البلاغة، ج٥ ص ٥١٣ وفي ط. الحديث بمصر ج١٩ ص ٦٠ قال:
فأمّا الخرجة الّتي خرجها (عليٌّ) يوم الخندق إلى عمرو بن عبد ودّ فإنّها أجلُّ من أن يقال: جليلة، وأعظم من أن يقال عظيمة، وما هي إلّا كما قال شيخنا أبو الهذيل – (العلّاف وهو محمّد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول البصري - المتوفي سنة ٢٧٧ بسرّ من رآى) - وقد سأله سائل: أيّما أعظم منـزلة عند الله عليٌّ أم أبو بكر؟ فقال: يا ابن أخي والله لمبارزة عليّ عمراً يوم الخندق تعدل أعمال المهاجرين والأنصار وطاعتهم كلّها وتربى عليها فضلاً عن أبي بكر وحده.