آمنت بالحسين
آمنت بالحسين
المرحوم محمد مهدي الجواهري في رثاء شهيد كربلاء
|
فِـدَاءً لـمثواكَ مـن iiمَـضْجَعِ تَــنَـوَّرَ بـالأبـلَجِ iiالأروَعِ(1) بـأعبقَ مـن نَـفحاتِ iiالـجِنانِ رُوْحَـاً ومـن مِسْكِها iiأَضْوَعِ(2) وَرَعْـيَاً لـيومِكَ يومِ (الطُّفوف) وسَـقْيَاً لأرضِـكَ مِن مَصْرَعِ(3) وحُـزْناً عـليكَ بِحَبْسِ iiالنفوس عـلى نَـهْجِكَ النَّيِّرِ iiالمَهْيَعِ(4) وصَـوْنَاً لـمجدِكَ مِـنْ أَنْ iiيُذَال بـما أنـتَ تـأباهُ مِنْ iiمُبْدَعِ(5) فـيا أيُّـها الـوِتْرُ في iiالخالدِينَ فَــذَّاً ، إلـى الآنَ لـم iiيُـشْفَعِ ويـا عِـظَةَ الـطامحينَ iiالعِظامِ لـلاهـينَ عــن غَـدِهِمْ iiقُـنَّعِ تـعاليتَ مـن مُـفْزِعٍ iiللحُتوفِ وبُــورِكَ قـبرُكَ مـن iiمَـفْزَعِ تـلـوذُ الـدُّهورُ فَـمِنْ iiسُـجَّدٍ عـلـى جـانبيه ومـن iiرُكَّـعِ شَـمَمْتُ ثَـرَاكَ فَـهَبَّ iiالـنَّسِيمُ نَـسِـيمُ الـكَرَامَةِ مِـنْ بَـلْقَعِ وعَـفَّرْتُ خَـدِّي بحيثُ iiاستراحَ خَــدٌّ تَـفَـرَّى ولـم يَـضْرَعِ وحـيثُ سـنابِكُ خـيلِ iiالـطُّغَاةِ جـالـتْ عـليهِ ولـم iiيَـخْشَعِ وَخِـلْتُ وقـد طـارتِ iiالذكرياتُ بِـروحـي إلـى عَـالَمٍ iiأرْفَـعِ وطُـفْتُ بـقبرِكَ طَـوْفَ الخَيَالِ بـصـومعةِ الـمُـلْهَمِ iiالـمُبْدِعِ كـأنَّ يَـدَاً مِـنْ وَرَاءِ iiالضَّرِيحِ حـمراءَ ( مَـبْتُورَةَ الإصْبَعِ)(6) تَـمُـدُّ إلـى عَـالَمٍ iiبـالخُنُوعِ وَالـضَّيْمِ ذي شَـرَقٍ iiمُتْرَعِ(7) تَـخَـبَّطَ فـي غـابةٍ iiأطْـبَقَتْ عـلى مُـذْئِبٍ منه أو iiمُسْبِعِ(8) لِـتُبْدِلَ مـنهُ جَـدِيبَ iiالـضَّمِيرِ بـآخَـرَ مُـعْـشَوْشِبٍ iiمُـمْرِعِ وتـدفعَ هـذي النفوسَ iiالصغارَ خـوفـاً إلــى حَــرَمٍ iiأَمْـنَعِ ********** تـعاليتَ مـن صـاعِقٍ iiيـلتظي فَــإنْ تَــدْجُ داجِـيَةٌ iiيَـلْمَعِ تـأرّمُ حِـقداً عـلى iiالصاعقاتِ لـم تُـنْءِ ضَـيْراً ولم iiتَنْفَعِ(9) ولـم تَـبْذُرِ الـحَبَّ إثرَ iiالهشيمِ وقــد حَـرَّقَـتْهُ ولـم iiتَـزْرَعِ ولـم تُـخْلِ أبراجَها في السماء ولـم تـأتِ أرضـاً ولـم iiتُدْقِعِ ولـم تَـقْطَعِ الـشَّرَّ مـن جِذْمِهِ وغِــلَّ الـضمائرِ لـم iiتَـنْزعِ ولـم تَـصْدِمِ الـناسَ فـيما iiهُمُ عـليهِ مِـنَ الـخُلُقِ iiالأوْضَـعِ تـعـاليتَ مـن "فَـلَكٍ" iiقُـطْرُهُ يَـدُورُ عـلى الـمِحْوَرِ iiالأوْسَعِ فـيابنَ الـبتولِ وحَـسْبِي iiبِـهَا ضَـمَاناً عـلى كُـلِّ مـا iiأَدَّعِي ويـابنَ الـتي لـم يَـضَعْ مِثْلُها كـمِـثْلِكِ حَـمْلاً ولـم iiتُـرْضِعِ ويـابـنَ الـبَطِينِ بـلا iiبِـطْنَةٍ ويابنَ الفتى الحاسرِ iiالأنْزَعِ(10) ويـا غُـصْنَ(هاشِمَ) لـم iiيَنْفَتِحْ بـأزْهَرَ مـنكَ ولـم iiيُفْرِعِ(11) ويـا واصِـلاً مـن نشيدِ iiالخُلود خِـتَـامَ الـقـصيدةِ iiبـالمَطْلَعِ يَـسِيرُ الـوَرَى بـركابِ iiالزمانِ مِـنْ مُـسْتَقِيمٍ ومن iiأظْلَعِ(12) وأنـتَ تُـسَيِّرُ رَكْـبَ iiالـخلودِ مــا تَـسْـتَجِدُّ لــهُ يَـتْـبَعِ ********** تَـمَثَّلْتُ يـومَكَ فـي iiخـاطرِي ورَدَّدْتُ صـوتَكَ فـي مَـسْمَعِي وَمَـحَّصْتُ أمْـرَكَ لـم iiأرْتَـهِبْ بِـنَـقْلِ(الرُّوَاةِ ) ولــم أُُخْـدَعِ وقُـلْـتُ: لـعلَّ دَوِيَّ iiالـسنين بـأصـداءِ حـادثِـكَ iiالـمُفْجِعِ وَمَـا رَتَّلَ المُخْلِصُونَ الدُّعَاةُ iiمن ( مُـرْسِـلِينَ ) ومـنْ (سُـجَّعِ) ومِـنْ (نـاثراتٍ) عليكَ iiالمساءَ والـصُّـبْحَ بـالشَّعْرِ iiوالأدْمُـعِ لـعـلَّ الـسياسةَ فـيما iiجَـنَتْ عـلى لاصِـقٍ بِـكَ أو مُـدَّعِي وتـشـريدَهَا كُـلَّ مَـنْ iiيَـدَّلِي بِـحَـبْلٍ لأهْـلِـيكَ أو مَـقْـطَعِ لـعلَّ لِـذاكَ و(كَـوْنِ) iiالـشَّجِيّ وَلُـوعَـاً بـكُـلِّ شَـجٍ iiمُـوْلعِ يـداً في اصطباغِ حديثِ iiالحُسَيْن بـلـونٍ أُُرِيــدَ لَــهُ iiمُـمْتِعِ وكـانـتْ وَلَـمّـا تَـزَلْ بَـرْزَةً يـدُ الـواثِقِ الـمُلْجَأ iiالألـمعي صَـناعَاً مـتى مـا تُـرِدْ خُطَّةً وكـيفَ ومـهما تُـرِدْ iiتَـصْنَعِ ولـما أَزَحْـتُ طِـلاءَ iiالـقُرُونِ وسِـتْرَ الـخِدَاعِ عَـنِ الـمخْدَعِ أريـدُ (الـحقيقةَ) فـي iiذاتِـهَا بـغـيرِ الـطـبيعةِ لـم تُـطْبَعِ وجَـدْتُكَ فـي صـورةٍ لـم iiأُرَعْ بِـأَعْـظَـمَ مـنـهـا ولا iiأرْوَعِ ومـاذا! أأرْوَعُ مِـنْ أنْ iiيَـكُون لَـحْمُكَ وَقْـفَاً عـلى iiالـمِبْضَعِ وأنْ تَـتَّقِي - دونَ مـا iiتَـرْتَئِي ضـمـيرَكَ بـالأُسَّـلِ iiالـشُّرَّعِ وأن تُـطْعِمَ الـموتَ خيرَ iiالبنينَ مِـنَ (الأَكْـهَلِينَ) إلـى iiالرُّضَّعِ وخـيرَ بـني (الأمِّ) مِـن iiهاشِمٍ وخـيرَ بـني(الأب) مِـنْ تُـبَّعِ وخـيرَ الـصِّحابِ بخيرِ iiالصُّدُورِ كَــانُـوا وِقَــاءَكُ ، iiوالأذْرَعِ ********** وقَـدَّسْتُ ذِكـراكَ لـم iiانـتحِلْ ثِــيَـابَ الـتُّـقَاةِ ولــم iiأَدَّعِ تَـقَحَّمْتَ صَدْرِي ورَيْبُ iiالشُّكُوكِ يِـضِـجُّ بِـجُـدْرَانِهِ iiالأَرْبَــعِ وَرَانَ سَـحَابٌ صَـفِيقُ الحِجَاب عَـلَيَّ مِـنَ القَلَقِ iiالمُفْزِعِ(13) وَهَـبَّتْ رِيـاحٌ مـن iiالـطَّيِّبَاتِ و( الـطَّـيِّبِينَ ) ولــم يُـقْشَعِ إذا مـا تَـزَحْزَحَ عَـنْ مَـوْضِعٍ تَـأَبَّى وعـادَ إلى iiمَوْضِعِ(14) وجَازَ بِيَ الشَّكُّ فيما مَعَ (الجدودِ) إلــى الـشَّـكِّ فـيـما iiمـعي إلـى أن أَقَـمْتُ عَـلَيْهِ iiالـدَّلِيلَ مِــنْ (مـبـدأٍ) بِـدَمٍ iiمُـشْبَعِ فـأسْلَمَ طَـوْعَا ً إلـيكَ iiالـقِيَادَ وَأَعْـطَاكَ إذْعَـانَةَ iiالمُهْطِعِ(15) فَـنَوَّرْتَ مـا اظْـلَمَّ مِنْ iiفِكْرَتِي وقَـوَّمْتَ مـا اعْوَجَّ من iiأضْلُعِي وآمَـنْتُ إيـمانَ مَـنْ لا iiيَـرَى سِوَى العَقْل في الشَّكِّ مِنْ iiمَرْجَعِ بـأنَّ (الإبـاءَ) ووحـيَ iiالسَّمَاءِ وفَـيْضَ الـنُّبُوَّةِ ، مِـنْ iiمَـنْبَعِ تَـجَمَّعُ فـي (جـوهرٍ) iiخـالِصٍ تَـنَزَّهَ عـن ( عَرَضِ ) iiالمَطْمَعِ |
********************************
(1) الأبلج : الوضّاء الوجه . والأروع : المعجب بشجاعته أوحسنه .
(2) الرًّوح هنا نسيم الريح . وضاع : من ضاع المسك ، يضوع إذا عبقت رائحته .
(3) الطفوف : هي الأراضي المشرفة من جوانب الشّواطئ ، وهي تطلق بصورة خاصّة على ما أشرف من أراضي " الغاضريّة" ـ وهي مدينة كربلاء الآن ـ على نهر الفرات ، وفيها كان مصرع الشهيد الحسين وآله وأبنائه .
(4) المهيع : البيِّن الواضح .
(5) يُذال : يهان . المبدع : بفتح الدال من " البدعة "
(6) مبتورة الإصبع : هي يد الحسين رضي الله عنه وقد بُترت إصبعه بعد مقتله .
(7) ذو شَرَقٍ: ذو شجى وغصّة .
(8) مُذئِبٍ و مُسبِعٍ : كثير الذئاب والسباع .
(9) التأرُّم : حكُّ الأسنان بعضها ببعضٍ من الغيظ ، أي أنّك تحترق إذ ترى الصاعقات لا تدفع ضرّاً ولا تجلب نفعاً .
(10) البطنة : النهَم . الأنزع : من انحسر الشعر عن جانبي جبهته . وكان يُقال للإمام عليٍّ رضي الله عنه " الأنزع البطين"
(11) لم تُنوَّن هاشم للضّرورة فجُرًّت بالفتحة .
(12) ظلع بالظّاء : عرج وغمز في مشيه ، وضلع بالضاد : مال وجنف .
(13) ران : غطّى و أطبق .
(14) تأبى : أبى ، امتنع .
(15) المهطع : الناظر بخنوع .