الشهيدة السيدة رقية (س)
الشهيدة
السيدة رقية بنت الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) هي حفيدة الرسول
الأكرم محمد (ص) هي الطفلة ذات السنوات الخمس، والتي شهدت مع والدها الحسين
والعترة الطاهرة تلك الملحمة العظيمة.. ثم تلك القسوة في التعامل معاهن
كسبايا..
الكلمات تعجز عن وصف مأساة الشهيدة السيدة رقية بنت الإمام الحسين عليهما
السلام التي تحولت الى صوت اخر للحسين عليه السلام…الى دم أخر للحسين عليه
السلام وديمومته… طفلة لأهل البيت كانت كالحسين عليه السلام في مظلوميتها…
بل هي الحسين عليه السلام في قالب طفلة، وليس هذا فحسب بل حبها لأبيها
الحسين وتعلقها به يذكرنا بحب سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها
السلام بنت محمد صلى الله عليه وأله بأبيها، بكاءها يذكرنا ببكاء الزهراء
بعد وفاة أبيها، مظلوميتها يذكرنا بمظلومية الزهراء، عليها السلام ورحيلها
الى الرفيق الأعلى يذكرنا برحيل الزهراء عليها السلام، وفي جملة واحدة كل
شيء فيها يذكرنا بفلذة كبد الرسول الأكرم صلى الله عليه وأله كما سيأتي
بالرغم من أن التاريخ لا يذكر لنا من أخبارها الكثير.. سوى قليل يمكن منه
الاستشفاف.. عظمة تلك الطفلة رغم سنيها الخمس!
من القصائد الخالدات في حقها:
رقدت به بنت الحسين فاوشكت حتى حجارة ركنها تتوقدُ
ويقول الشاعر:
كريمة سبط المصطفى مـا اجلها لـها ينحني المجد الاثيل ويخفق
يتيمة ارض الـشـام الـف تحية الـيـك وقـلبي بـالـمـودة يـنـطـق
الولادة والشهادة:
يبدو من مجمل التواريخ أن السيدة رقية (عليها السلام) ولدت ما بين عام (57
هـ و58 هـ) ووفاتها في (5 صفر 61 هـ)، وذلك بحسب الشيخ علي الرباني
الخلخالي.
وذكر عبد الوهاب بن أحمد الشافعي المصري (المتوفى عام 973 هج ) مقام السيدة
رقية (عليها السلام) في كتابه (المنن: الباب العاشر):
هذا البيت بقعة شرّفت بآل النبي (صلى الله عليه وآله) في دمشق وبنت الحسين
(عليه السلام) الشهيدة (رقية).
وقد ذكر العلامة الشيخ الحافظ سليمان القندوزي الحنفي (المتوفى عام 1294
هـ) إسم رقية (عليها السلام) عن لسان أبي عبد الله الحسين (عليه السلام):
ثم نادى (يا أم كلثوم، ويا سكينة، ويا رقية، ويا عاتكة، ويا زينب، يا أهل
بيتي عليكنّ مني السلام).
وقد ورد ذكرها في كتب أرباب المقاتل في واقعة كربلاء:
حيث ناداها الإمام الحسين (عليه السلام) ونطق بإسمها في أكثر من موضع
وحادثة، وخصوصاً في الساعات الأخيرة من عمره الشريف عندما أراد أن يودّع
أهله وعياله نادى بأعلى صوته:
(يا أختاه! يا أم كلثوم، وأنت يا زينب، وأنتِ يا رقية، وأنتِ يا فاطمة،
وأنتِ يا رباب، أنظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن عليّ جيباً، ولا تخمشن عليّ
وجهاً، ولا تقلن عليّ هجراً)
كما في (اللهوف في قتلى الطفوف).
وكذلك جاء في (مقتل أبي مخنف) الذي هو أقدم مقتل لأبي عبد الله الحسين
(عليه السلام)، نادى في يوم عاشوراء لكي يودع أهله وعياله:
(يا أم كلثوم، ويا سكينة، ويا رقية، ويا عاتكة، ويا زينب، يا أهل بيتي
عليكن مني السلام).
وفي الفصل الخامس من كتاب روائع التراث في دمشق لمؤلفه الدكتور عبد القادر
الريحاوي:
ذكر المؤلف السيدة رقية عليه السلام ضمن مجموعة العظماء المدفونين في دمشق
خلال عصور التاريخ وذلك في طبقة آل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام.
رقية في اللغة:
إن للإسم تأثيراً عميقاً على نفس الإنسان كما ثبت ذلك في علم النفس، ولذا
ورد عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (إن من حق الولد على والده
ثلاثة: يحسن إسمه، ويعلمه الكتاب، ويزوجه إذا بلغ). وأما كلمة (رقية) – كما
جاء في اللغة – فهي تصغير راقية بمعنى الارتفاع والسمو والتصغير هنا
للتحبيب.
وهكذا جميع أسماء ربائب الوحي فهي جميلة ورزينة ترمز وتشير إلى معاني
الرفعة والطهر والنقاء والخير والصلاح، وأقل ما نقول للمستهزأ بها إنه لا
يعرف العربية.
قصة الشهادة:
قصة شهادة يتيمة الحسين (عليه السلام) رقية في الخربة بدمشق تؤلم كل ذي قلب
حنون، وكل من يحمل المعاني السامية الإنسانية، ويستطيع الزائر لمقامها
المبارك أن يحسّ بمظلومية هذه اليتيمة وما جرى عليها وعلى أهل بيتها (عليهم
السلام) بمجرّد أن يدخل مقامها الشريف خاشعاً متواضعاً، فسرعان ما ينكسر
قلبه ويجري دمعه على خدّيه، إنها المظلومة التي تحرّك الضمائر الحية وتهزّ
الوجدان من الأعماق وتجعل الإنسان ينحاز إليهم ويلعن ظالميهم وغاصبي
حقوقهم.