كلمات.. في سِيرة الإمام الحسين عليه السلام
كلمات.. في سِيرة الإمام الحسين عليه السلام
• في
( تاريخ الطبري 266:5 ) عن عبدالرحمان بن عبيد أبي الكنود قال: لما بلغ
عبدَالله بن جعفر بن أبي طالب مقتلُ ابنَيهِ مع الحسين، دخل عليه بعض
مَواليه ـ والناسُ يُعزّونه ـ فقال له: هذا ما لَقِينا ودخل علينا من
الحسين! قال: فحذفه عبدالله ابن جعفر بنعاله، ثمّ قال له: يا ابن اللخناء!
أللحسين تقول هذا ؟! واللهِ لو شهدتُه لأَحبَبتُ ألاّ أُفارقه حتّى أُقتَلَ
معه.
ثمّ قال: واللهِ إنّه لمِمّا يُسخّي بنفسي عنهما، ويُهوّن علَيّ المصابَ
بهما، أنّهما أُصيبا مع أخي وابن عمي، مُواسِيَينِ له صابرَينِ معه.
ثمّ أقبل على جلسائه فقال: الحمدُ لله عزّوجلّ على مصرع الحسين، إلاّ تكنْ
آسَتْ حسيناً يدي، فقد آساه وُلْدي.
• وفي
( شرح نهج البلاغة 297:6 ) روى ابن أبي الحديد المعتزلي أنّ معاوية قال
لعبدالله بن جعفر: أنت ابن ذي الجَناحَين ( أي جعفر الطيّار رضوان الله
عليه )، وسيّدُ بني هاشم، فردّ عليه عبدالله قائلاً: كلا! بل سيّدُ بني
هاشمٍ حسنٌ وحسين، لا ينازعهما في ذلك أحد.
• وكتب
أبو طالب الآملي في ( تيسير المطالب:97 ): عن مدرك بن أبي راشد قال: كنّا
في حِيطان ابن عبّاس ( أي بساتينه ) فجاء الحسن والحسين عليهما السلام
وأطافا بالبستان... ثمّ جيء ابن عبّاس بدابّة الحسين فأمسك له بالركاب
وسوّى عليه. قال مدرك: قلتُ له: أنت أسَنّ منهما، أتُمسِك لهما ؟! فقال: يا
لُكَع! أوَ ما تدري مَن هذان؟! هذانِ ابنا رسول الله صلّى الله عليه وآله،
وهذا ممّا أنعم الله تعالى به علَيّ أن أمسكَ لهما وأُسوّيَ عليهما.
• وفي
( شرح نهج البلاغة 129:7 ) أنّ بنات مروان الحمار آخر حكّام بني أميّة
أُدخلن ونساؤه على صالح بن عليّ بعد سقوط الدولة الأمويّة أسيرات، فقالت
ابنة مروان الكبرى له: يا عمَّ أمير المؤمنين... نحن بناتك وبنات أخيك
وابنِ عمّك، فَلْيَسْعْنا من عدلكم ما وَسِعَنا من جَوركم.
قال صالح : إذاً لا نستبقي منكم أحداً! لأنّكم قد قتلتم إبراهيم الإمام،
وزيد بن علي، ومسلم بن عقيل، وقتلتم خيرَ أهل الأرضِ حسيناً وإخوته وبنيه
وأهل بيته، وسُقتُم نساءَه سبايا كما يُساق ذراري الروم على الأقتاب إلى
الشام!
قال ابن أبي الحديد: لمّا أُتي أبو العبّاس السفّاح برأس مروان، سجد، ثمّ
قال: الحمد لله الذي لم يُبقِ ثأرنا قِبلَك وقبلَ رهطك... وقد قتلتُ
بالحسين ألفاً من بني أُميّة، وأحرقتُ شِلوَ هشام بابن عمّي زيدِ بن عليّ
كما أحرقوا شِلوَه! وتَمثَّل:
لو يشربون دمي لم يُرْوَ شاربُهم |
|
ولا دماؤهمُ جمعـاً تُروّينـي! |
ثمّ قال: أمّا مروان فقتلناه بأخي إبراهيم، وقتلنا سائر بني أُميّة بحسينٍ
ومَن قُتِل معه وبعده من بني عمّنا أبي طالب. ( شرح نهج البلاغة 130:7 ).
وبعد صفحات، كتب ابن أبي الحديد: قد جاءنا في بعض الروايات أنّ السفّاح (
أبا العبّاس ) لمّا أراد أن يقتل القوم الذين انضمّوا إليه من بني أميّة،
جلس يوماً على سريرٍ بهاشمية الكوفة، وجاء بنو أميّة وغيرهم من بني هاشم
والقوّادُ والكتّاب، فأجلسهم في دارٍ تتّصل بداره، وبينه وبينهم سِترٌ
مسدول، ثمّ أخرج إليهم أبا الجهم بن عطيّة وبيده كتابٌ مُلصَق، فلم يتكلّم
أحد، فدخل ثمّ خرج ثانيةً فنادى: أين رسول زيد ابن عليّ بن الحسين ؟! فلم
يُجبه أحد، فدخل ثمّ خرج ثالثةً فنادى: أين رسول يحيى بن زيد بن عليّ ؟!
فلم يَرُدَّ أحدٌ عليه، فدخل ثمّ خرج رابعة فنادى: اين رسول إبراهيم بن
محمّد الإمام ؟!
والقوم ينظر بعضهم إلى بعض وقد أيقنوا بالشرّ! ثمّ دخل وخرج فقال لهم: إنَّ
أمير المؤمنين يقول لكم: هؤلاء أهلي ولحمي، فماذا صنعتم بهم ؟! رُدّوهم إلي
أو فأقيدوني من أنفسكم.فلم ينطقوا بحرف، وخرجت الخراسانية ( جماعة تطالب
بثأر يحيى بن زيد ) بالأعمدة فشدخوهم عن آخرهم! ( شرح نهج البلاغة 165:7 ).
• ولا
يخفى على المحقّق اللبيب أنّ بني العبّاس بهذا الادّعاء أصابوا أمرين:
الأوّل ـ جذبوا قلوب البسطاء من الناس بادّعائهم الولاءَ لأهل البيت عليهم
السلام والانتقام من أعدائهم وقتلتهم.
والثاني ـ أعملوا سيوف الانتقام في بني أميّة أو بقاياهم ليستتبّ لهم
الأمر، حتّى إذا فَرَغوا من ذلك التفتوا إلى أهل البيت عليهم السلام
ومُواليهم والعلويّين حبساً وتشريداً وقتلاً في الآفاق! وتلك صفحات التاريخ
شاهدة عليهم، ناطقة بجرائمهم الكبرى!!
ونبقى مع ابن أبي الحديد حيث يقول: دخَلَت إحدى نساء بني أميّة على سليمان
بن علي وهو يقتل بني أميّة بالبصرة، فقالت له: أيُّها الأمير، إنّ العدل
لَيمَلّ من الأكثار منه والإسراف فيه، فكيف لا تملّ أنت من الجور وقطيعة
الرَّحِم ؟! فأطرق سليمان ثمّ قال لها:
سَنَنْتُم علينا القتـلَ لا تُنكرونَـهُ |
|
فذوقوا كما ذُقْنا على سالفِ الدَّهرِ |
ثمّ قال لها: يا أمة الله، ألم تحاربوا عليّاً وتدفعوا حقَّه، ألم
تَسُمُّوا حَسَناً وتَنقضوا شَرْطَه، ألم تقتلوا حسيناً وتُسيّروا رأسه،
ألم تقتلوا زيداً وتصلبوا جسده، ألم تقتلوا يحيى وتمثّلوا به، ألم تلعنوا
عليّاً على منابركم، ألم تضربوا أبانا عليَّ بن عبدالله بسياطكم، ألم
تخنقوا الإمام ( إبراهيم ) بجراب النورة في حَبْسِكم ؟! ( شرح نهج البلاغة
150:7 ).
• وروى
الهيثمي الشافعي في ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 194:9 ) عن حبيب بن يسار
أنّه قال: لمّا أُصيب الحسين بن عليّ عليه السلام قام زيد بن أرقم على باب
المسجد فقال: أفَعَلتُموها ؟! أشهد لَسمِعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه
وآله يقول: « اللهمّ إنّي أستَودِعُكَهما ( أي الحسن والحسين عليهما السلام
) وصالحَ المؤمنين ( أي أمير المؤمنين عليه السلام )».
• وفي
كتابه (الأخبار الطِّوال:262 ) كتب ابن قتيبة الدينوري: إنّ عبيد الله بن
الحرّ ندم على تركه إجابةَ الحسين حين دعاه في منطقة قصر بني مُقاتل إلى
نصرته، فقال بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام آسفاً:
فيالَكِ حسرةً ما دُمـتُ حيّـاً |
|
تَردَّدُ بين حَلْقـي والتراقـي |
حسينٌ حين يطلب بَذْلَ نَصري |
|
على أهل العـداوةِ والشِّقـاقِ |
فما أنسى غداةَ يقول حُزنـاً: |
|
أتَترُكني وتُزمِعُ لا نطلاقِ ؟! |
فلو فَلَق التلهّفُ قلـبَ حـيٍّ |
|
لَهَمَّ القلـبُ منّـي بانفـلاقِ! |
ثمّ مضى نحو أرض الجبل مُغاضِباً لعبيدالله بن زياد، واتّبعه أُناس من
صعاليك الكوفة ( أي من ضعفتها وفقرائها ).
• وروى
ابن شهرآشوب في ( مناقب آل أبي طالب 186:2 ) عن قُرّة بن أعيَن عن خاله
قال: كنتُ عند أبي رجاء العطاردي فقال: لا تذكروا أهل البيت إلاّ بخير.
فدخل عليه رجلٌ من حاضري كربلاء، وكان يسبّ الحسينَ عليه السلام! فأهوى
اللهُ عليه نجمَينِ فعَمِيَت عيناه!
وفي رواية الهيثمي الشافعي عن أبي رجاء العطاردي هكذا: قال: لا تسبّوا
عليّاً ولا أحداً من أهل البيت؛ فإنّ لنا جاراً مِن بَلَهْجيم قال: ألم
تَرَوا إلى هذا... الحسين بن عليّ قتله الله!! فرماه الله بكوكبين في
عينيه، فطمس الله بصره!! ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 196:9 ).
• وروى
ابن عبدربّه في ( العقد الفريد 386:4 ) عن الزهريّ في روايةٍ طويلة أنّه
قال لعبدالملك بن مروان: إنّه لم يُرفع تلك الليلةَ التي قُتل الحسين في
صبيحتها حَجَرُ في بيت المَقْدِس إلاّ وُجد تحته دمٌ عبيط.
وتلك عِبَر!
وقد قلّ المُعتبِر! حيث إنّ البعض ما زال لم يَرْعَ لِحُرم الله تعالى
حرمة، ولم يَرَ لأولياء الله تعالى كرامة، فيضيّق على مجالس العزاء
الحسيني، ويحارب الشعائر الحسينيّة، في حين يُبيح لأهل الخرافات والضلالات
كامل الحرّية ليمارسوا الطقوس الهجينة التي لا تنتمي إلى دِينٍ ولا إلى
عقل، تحت عنوان حرية الأديان والأفكار، بينما لا يُطبَّق هذا الشعار مع
شيعة أهل البيت عليهم السلام في كثيرٍ من الدول الإسلاميّة!