في ذكرى وفاة فاطمة المعصومة سلام الله عليها
أهل البيت (عليهم السلام) رمز التحدي والثبات
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة مما لا شك فيه أن من اهداف الاسلام وكما رسالات السماء كافة هو إقامة العدل في الارض والمساواة بين الناس ورفع الظلم الطغيان والجور ومما لا شك فيه ايضا إن هذا الهدف كان في مقدمة واجبات الرسل والانبياء ومنهم سيد المرسلين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) ومن أعدوه لحمل هذا الهدف النبيل، هذا في جانب وعلى الجانب الآخر هناك من يهدف الى استعباد الناس وظلمهم وهكذا كان الصراع قائما بين الجانبين قديما وحديثا ونجد على مرّ التاريخ التفوق غالباً ما يكون عدداً وعدة لأصحاب الظلم والجور فنرى كثرة المتزلفين حولهم، وقد أشار القرآن الكريم الى هذه الحقيقة بقوله تعالى: (بل أكثرهم للحق كارهون).. في حين عاش اصحاب الحق مستضعفين مشردين في الارض هم والقلة القليلة التي اتبعتهم، وقال تعالى (وقليل من عباد الشكور) وجاء في الحديث الشريف "أمرنا صعب مستصعب لا يدركه إلا نبي أو وصي أو مؤمن إمتحن الله قلبه بالايمان".
ومن هنا ووسط هذه المعادلة غير المتكافأة فقد عانى أهل الحق ما عانوا وتحدوا الصعاب وتحدوا القتل والتشريد ولولا هذا التحدي وهذا الصبر لما بقيت القيم الحقة حتى يومنا هذا.
ومما لا يختلف فيه اثنان ان أهل البيت (عليهم السلام) كانوا أكثر أهل الحق تحديا وتضحية وتعرضا للأذى والمصاب، فمروراً برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) وفاطمة والحسن ومصاب الحسين وأهل بيته واصحابه وسبي حرم رسول الله ووصولا الى قائم آل محمد ـ عجل الله تعالى فرجه الشريف ـ وكما تحمل ابناء الرسول عبئ الجهاد والقتال والدعوة فان بناته تحملن ايضا اعباء لا تقل أهمية وخطورة، فمن موقف فاطمة الزهراء (عليها السلام) الى موقف عقيلة بني هاشم زينت (عليها السلام) ومرورا بمصاب السيدة فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) بنت الامام موسى بن جعفر (عليه السلام).
هذه السيدة المعروفة بـ(المعصومة) هي فاطمة بنت الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) واخت الامام الرضا (عليه السلام) ثامن الائمة (عليهم السلام) ذو المقام المعروف وأخت الامام القاسم (عليه السلام) الذي قرنت منزلته بمنزلة العباس بن علي وعلي الاكبر (عليهما السلام).
ولعل ابرز ما يميز حياة فاطمة المعصومة هو مصابها ومظلوميتها بمن سبقها من اجدادها من اهل الرسول وكذلك مصابها بأبيها وأخويها، فأي قلب صبور محتسب هذا الذي يتحمل ان يرى أباه وهو الامام الكاظم تنقله أيدي الطغاة من سجن الى سجن ومن طامورة الى اخرى وهو مكبل بالاصفاد حتى حزت لحمه وهو في تلك الطوامير التي لا يعرف فيها الليل من النهار.. واي قلب مستنير بنور الوحي ذلك الصابر على العائلة وأي عائلة تشردت بين سجين في سجون بغداد وبين مشرد ـ القاسم عليه السلام ـ الى ارض باخرما (جنوب الحلة) ثم المصاب الجلل بسم ابيها الامام الكاظم (عليه السلام) وملاحقة الامام الرضا عليه السلام وسمه ايضا وملاحقة العيون للقاسم الذي لم يعرف الناس اسمه ولم يعرفوه الا باسم (الغريب) ولم يفصح عن نسبته الا عند احتضاره.
وفاطمة المعصومة وسط كل هذه المصائب ومما يروى في سبب وفاة فاطمة المعصومة إنها عليها السلام لم تتحمل فراق اخيها الرضا عليه السلام الذي اخرجه المامون قسرا واكراها من المدينة لولاية العهد في خراسان فخرجت خلفه تتفقد احواله ولكنها قبل وصولها الى خراسان سمعت في مدينة ساوة (مدينة واقعة على الطريق الى خراسان) نبأ دس السم للامام الرضا عليه السلام واستشهاده فمرضت وحملت من ساوة الى مدينة قم وبقيت تحت العلاج سبعة عشر يوما حتى رفعها الله الى جواره في العاشر من ربيع الثاني في سنة 201 هـ.
فأمر موسى ابن الخزرج بتغسيلها وتكفينها وصلى عليها ودفنها في ارض كانت له وهي الان روضتها وبنى عليها سقيفة الى ان امرت زينت بنت الامام الجواد (عليه السلام) ببناء قبة عليها وهكذا ضربت السيد معصومة مثالا رائعا في التحدي والجهاد والولاء لأئمة اهل البيت عليه السلام لتكون امتدادا لجداتها فاطمة وزينب وأم كلثوم.