معركة أحد وشهادة حمزة (عليه السلام)
معركة أحد وشهادة حمزة(عليه السلام)
منتدى زمرّد الإسلامي
موقع أحد:
في الخامس عشر من شهر شوال سنة ( 3 هـ ) وقعت غزوة أحد ، وأحُد : جبلٌ يبعد عن المدينة المنوَّرة ميلين أو ثلاثة .
ولمَّا كانت نتائج معركة بَدْرٍ قاسية على مشركي مكّة ، فقريش لا يقرّ لها قرار حتى تثأر لكرامتها ، ولمن قُتِل من أشرافها ، فمضت تستعدُّ لقتال المسلمين ، وتجهِّز لأخذ الثأر ، ومحو العار .
فخرجت قريش بثلاثة آلاف رجل ، يقودهم أبو سفيان نحو المدينة ، فتعبَّأ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مع أصحابه ، وسَوَّى الصفوف ، وأعطى الراية بيد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
ثمّ وضع مجموعة من الرماة خلف الجيش ، وأوصاهم بالثبات وعدم ترك أماكنهم ، وأكَّد على ذلك ، حتّى روي أنّه ( صلى الله عليه وآله ) أوصاهم بأنْ يلزموا مراكزهم ولا يتركوها ، حتى في حالة النصر أو الهزيمة .
فنشبَتْ الحرب بين الجانبين ، فَصَاحَ طَلْحَة بن أبي طلحة ، وهو صاحب لواء المشركين : مَنْ يُبارز ؟
فبرز إليه الإمام علي ( عليه السلام ) ، فبدره بضربة على رأسه فقتله ، ثمّ تقدَّم بلواء المشركين أخوه والنساء خلفه ، يحرِّضن ويضرِبْن بالدفوف ، فتقدَّم نحوه حمزة عم النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وضربه ضربة واحدة وصلت إلى رئته ، فمات .
وفي إرشاد المفيد : كان أصحاب اللواء يوم أُحُد تسعة ، قتلهم الإمام علي ( عليه السلام ) عن آخرهم .
وفي تاريخ الطبري : لمّا قُتل أصحاب اللواء انكشف المشركون منهزمين ، وانتقضت صفوفهم ، ونساؤهم يَدعين بالوَيل بعد الفرح وضرب الدفوف .
وقال الواقدي : لمّا انهزم المشركون، تبعهم المسلمون يضعون السلاح فيهم حيث شاءوا ، حتى أخرجوهم من المعسكر ، وانشغلوا بجمع الغنائم .
فلمّا رآهم الرماة الذين أوصاهم الرسول بعدم ترك أماكنهم قال بعضهم لبعضٍ : لمَ تقيمون هنا في غير شيء ، لقد هزم الله العدو ، وهؤلاء إخوانكم مشغولون بجمع الغنائم ، فاذهبوا واغنموا معهم .
فقال بعضهم : ألم تعلموا أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال لكم : (( احمُوا ظُهُورَنا ، وإنْ غَنِمْنا فلا تشرِكُونا )) .
فقال الآخرون : لم يرد رسول الله هذا .
وأخيراً ذهبوا إلى معسكر المشركين يجمعون الغنائم ، وتركوا أماكنهم من الجبل ، ولمّا نظر خالد بن الوليد إلى خلاء أماكنهم كرَّ بالخيل إلى موضع الرماة ، وحملوا عليهم ، فرماهم القوم حتى أصيبوا .
وعندما وجد المشركون خيلهم تقاتل رجعوا من هزيمتهم ، وكرُّوا على المسلمين من أمامهم ، وهم مشغولون بجمع الغنائم ، فأصبح المسلمون وسط الحلقة ، وانتقضت سيوفهم ، وأخذ يضرب بعضهم بعضاً من العجلة والدهشة !!
فتفرَّق أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) عنه ، وأخذ المشركون يحملون عليه يريدون قتله ، ويقول ابن الأثير في ذلك : قاتل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يومَ أحُد قِتالاً شديداً ، فرَمَى بالنبل حتى انتهى ، وانكسر قوسه ، وانقطع وتره .
وفي رواية الشيخ المفيد : كُسِر أنفُه ورباعيته السُفلى ، وسال الدم على وجهه الكريم .
شهادة حمزة ( عليه السلام ) :
قالت هند بنت عتبة - زوجة أبي سفيان – لِـ( وَحْشي ) : إن أنت تَمكَّنْتَ من قتل محمد ، أو علي ، أو حمزة بن عبد المطلب ، سأعطيك جائزة ، فأوعدها بقتل حمزة .
ويقول وحشي : واللهِ إنّي لأنظر إلى حمزة يَهدُّ الناس بسيفه ، ما يلقي أحداً يمرُّ به إلاّ قتله ، فهززت حربتي فرميتُه ، فوقعت في أربيته (أصل الفخذ) ، حتى خرجت من بين رجليه ، فوقع ، فأمهلته حتى مات ، وأخذت حربتي وانهزمت من المعسكر .
وروي أنّ هند وقعت على القتلى ، ولمّا وصلت إلى حمزة بقرتْ كبده ، فلاكته ، فلم تستطع أن تَسيغه ، فلفِظَتْه ، ثمّ قطعت أنفه وأذنيه ، وجعلت ذلك كالسوار في يديها ، وقلائِد في عنقها .
وبعد انصراف جيش المشركين بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الإمام علياً ( عليه السلام ) وقال له : (( أُخرُجْ في آثَار القَوم ، فإن كَانُوا قد اجتنبوا الخَيل ، وامتطوا الإبل فإنَّهم يريدون مكّة ، وإن ركبوا الخيل وسَاقوا الإبل ، فهم يُريدون المَدينة ، فوَ الله لَئِن أرادوها لأسِيرَنَّ إليهم فيها ، ثمّ لأُنَاجِزَنَّهم )) .
فقال الإمام علي ( عليه السلام ) : (( فخرَجْتُ في آثارهم ، فرأيتهم امتطوا الإبل، واجتنبوا الخيل )) .
وروي أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعد انتهاء المعركة ، أخذ عمه حمزَة بن عبد المطلب ، ووضعه إلى القبلة ، ووقف على جنازته ، وانتحب حتى نشق ، أي : شهق ، حتى بلغ به الغشي .
وكان ( صلى الله عليه وآله ) يقول : (( يَا عَمّ رسول الله ، وأسد الله ، يا حمزة ، يا فاعِلَ الخيرات ، يا حمزة ، يا كاشف الكربات ، يا حمزة ، يا ذابّ يا مانع عن وجه رسول الله )) .
وبعد أن عاد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأصحابه إلى المدينة ، استقبَلَتْه فاطمة ( عليها السلام ) ، ومعها إناء فيه ماء ، فغسل وجهه ، ولحقه الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وقد خضَّب الدم يده إلى كتفه ، ومعه سيفه ذو الفقار ، فناوله فاطمة وقال ( عليه السلام ) لها :
(( خُذي هَذا السَّيف ، فقد صدَّقني )) .
وقال لَهَا الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : (( خُذيهِ يا فَاطِمة ، فقَدْ أدَّى بَعلُك ما عليه ، وقد قتل اللهُ بِسيفِه صَنادِيد قُريش )) .