لحظةُ تأمُّل!
تأمَّلْ ـ يا أخي ـ موضع قدميك من الأرض.. تجد أنّهما دائماً فوق الأرض، والأرضُ من تحتهما.
وهذه إشارة من ربِّك أنّ مرتبة الأرض أن تكون تحت قدميك دائماً، وأن تكون أنت ـ أيّها الإنسان ـ فوقَها دائماً.
والمعنى من هذه الإشارة.. كأنّ الله جلّ وعلا يريد أن يقول لك: أيّها الإنسان، جعلتُ كلَّ شيء مادّي تحت قدميك. أي أنّك أعلى مرتبة من الماديات كلِّها. كُن أعلى من الأرض والثروة.. أعلى من الدنيا. ولا تَهبِط بنفسك، فتجعلها هي أعلى منك. انظُرْ إلى موضع قدميك.. تجدها فوق الأرض، مع أن قدميك أسفلُ شيء فيك! إنّ مرتبتك فوق كل شيء مادّي، فلا تَنزِل عن مرتبتك، ولا تجعل الدنيا فوقك، بل اجعلها تحت قدميك؛ فإنّ تركيب خِلقتك يستلزم هذا!
* * *
هذه الاشارة الجميلة نجد إيحاءها مكنوناً في مثل قوله سبحانه: « طه ». وفي قراءةٍ: طَأْها!
و « طَأْها ».. أي ضَعْها تحت قدميك. ضَع الأرض تحت قدميك، فذلك هو وَضعُها الصحيح منك؛ لأنك أكرم من أن تكون الأرض فوقَك، بل أنت فوقَها دائماً.
وعكسُ ذلك يُعتبر انقلاباً، وقلباً لكل حقائق الإنسان. نقرأ قوله تعالى: أفَمَن يمشي مُكِبّاً على وجههِ أهدى، أمَّن يمشي سَوِيّاً على صراطٍ مستقيم ؟! .
أي أنّ أيّ وضعٍ آخر ـ غير وضع الأرض تحت قدميك ـ يُعتبر قلباً للتركيب الصحيح للإنسان.
هذه حقيقة حياتيّة.. يجب أن يذكرها الإنسان دائماً. فإن نَسِيَها في زحمة الحياة اليومية فلينظُرْ إلى موضع قدميه.
ينبغي للإنسان أن يتذكّر أنّ الأرض بما فيها والدنيا بحذافيرها إنّما خُلقت لتكون تحت قدميه لا ليكون هو تحتها. وأنّه ينبغي للإنسان دائماً أن يريد ما هو أعلى منه « يُريدونَ وجهَ الله »، فيرتفع بذلك إلى أعلى. ولا ينبغي له أن يريد ما هو أسفلُ منه.. « منكم مَن يريد الدنيا » فيهبط إلى ما هو أسفل من الدنيا.