هذه الفرصةُ النفيسة
الصلاة ـ يا اصدقاءنا ـ خيرُ موضوع؛ لأنها صِلة.
صلة العبد بالربّ، صلة العاجز المضطرّ بالقادر الغنيّ الكريم. إنّها صلة بالحقّ والخير والقدرة غير المتناهية، ليرتبط بها المرءُ، فيأمن التخبّط بالأوهام وينجو من خَسارات السراب.
إنّه ليس فيمن خَلَق اللهُ أرقى وعياً وأوسع بصيرة وأصدق من رسول الله صلّى الله عليه وآله. ورسول الله ـ بهذه البصيرة الفريدة ـ يرى قرّةَ عينه في الصلاة.. في الاتّصال بالله الواحد الأحد الحيّ القيّوم.. فإذا هو يقول: جَعَل اللهُ جلَّ ثناؤه قُرّةَ عيني في الصلاة، وحَبَّب إليّ الصلاةَ كما حَبَّب إلى الجائع الطعام، وإلى الظمآنِ الماء. وإنّ الجائع إذا أكل شَبِع، وإنّ الظمآن إذا شَرِب رَوِي؛ وأنا لا أشبعُ من الصلاة.
ولأنّ رسول الله يعرف ما في الصلاة من كنوز أبديّة؛ فإنّه ـ برأفته وإشفاقه ـ دلّنا عليها ونَصَحنا بالإقبال عليها، في مثل قوله: ليكُن اكثرَ همّكَ الصلاة؛ فإنّها رأسُ الإسلام بعد الإقرار بالدين.
* * *
لأهمية هذا الموضوع وضرورته وصلت إلينا تعليمات كثيرة من النبيّ وأهل بيته المعصومين.. نتعلّم منها كيف نتعامل مع هذا الموضوع الحيويّ الخطير.
يحدّثنا أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام عن تعامل النبيّ صلّى الله عليه وآله مع الصلاة: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله لا يُؤْثر على الصلاةِ عَشاءً ولا غيرَه، وكان إذا دخل وقتُها كأنّه لا يَعرف أهلاً ولا حميماً.
ويعرّفنا الإمام عليّ عليه السّلام على وسيلة القُرب من الله تعالى، فيقول: الصلاةُ قُربانُ كلِّ تقيّ. ويقول: الصلاةُ أفضلُ القُربتَين.
وأنتم ـ يا اصدقاءنا ـ تعلمون أنّ الصلاة عمود الدين. وأوضح النبيّ صلّى الله عليه وآله صورة العمود وأهميّته، فقال يعلّمنا: مَثَلُ الصلاة مَثَلُ عمود الفُسطاط؛ إذا ثَبَت العمود نَفَعَت الأطنابُ والأوتادُ والغشاء. وإذا انكسر العمود لم يَنفَعْ طُنُب ولا وَتِد ولا غِشاء.
والصلاةُ اغتسال. نظافة معنوية يومية. نظافة للقلب والعقل ولمضمون الإنسان. ما زلنا نستمع إلى النُّطق النبويّ الهادي: إذا قُمتَ إلى الصلاة وتَوجّهتَ وقرأتَ أُمَّ الكتاب وما تَيسَّر من السُّوَر، ثم ركعتَ فأتمَمتَ ركوعَها وسُجودَها، وتَشهّدتَ وسلّمت.. غفر اللهُ لك كلّ ذنبٍ فيما بَينكَ وبين الصلاةِ التي قدّمتَها إلى الصلاةِ المؤخَّرة.
إنّها ـ يا اصدقاءنا ـ فرصة نفيسة للتطهّر والاستزادة من أنوار القُرب.