شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

شَوْذَب

1 المشاركات 05.0 / 5

مَن هو شوذب ؟

شيخ كبير، مَولى شاكر بن عبدالله الهَمْدانيّ الشاكريّ، يُحسَب في عرب الجنوب. وكان من رجال الشيعة ووجوهها، ومن المخلصين، وكانت دارُه مَألَفَ الشيعة، يتحدّثون فيها حول فضائل أهل البيت عليهم السّلام. قال المحليّ: وكان شوذب يجلس للشيعة فيأتونه للحديث، وكان وجهاً فيهم(1).
وإلى ذلك كان شَوذَب من الفرسان المعدودين، ومن الثوّار المتحمّسين المخلصين، وكان حافظاً للحديث حاملاً له عن أمير المؤمنين عليٍّ عليه السّلام(2).

 

الصُّحبة المُوفَّقة

صَحِب شَوذَب عابسَ بن شبيب الشاكريّ مولاه من الكوفة إلى مكّة، وذلك بعد قدوم مسلم بن عقيل رضوان الله عليه الكوفة، وكان عابسٌ مُوفَداً في ذلك بكتابِ مسلمٍ إلى الإمام الحسين عليه السّلام عن أهل الكوفة.. فبقي شَوذَب مع عابس، حتّى قَدِما معاً إلى كربلاء.
ولمّا التحم القتال.. دعاه عابس؛ لسيتخبره عمّا في نفسه، فأجابه بحقيقتها.
عابس: يا شَوذب، ما في نفسِك أن تصنع ؟
شَوذَب: ما أصنع ؟! ( بتعجّب )، أُقاتِلُ معك حتّى أُقتَل.
عابس: ذاك الظنُّ بك، فتَقَدّمْ بين يَدَي أبي عبدالله حتّى يَحتسبَك كما احتَسَبَ غيرَك مِن أصحابه، وحتّى أحتسبَك أنا، فإنّ هذا يومٌ ينبغي لنا أن نطلب فيه الأجر بكلّ ما نَقْدِر عليه؛ فإنّه لا عمَلَ بعد اليوم، وإنّما هو الحساب.
فتقدّم شَوذب فسلّم على الإمام الحسين عليه السّلام، قائلاً:
السّلامُ عليك يا أبا عبدالله ورحمة الله وبركاته، أستَودعُك الله..
ثمّ مضى شَوذَب فقاتل حتّى قُتِل شهيداً رحمةُ الله عليه(3).

 

هكذا كانوا

وبعد أن اطمأنّ عابس، ورأى صاحبَه شهيداً مضرَّجاً بدمه، وقف أمام سيّد شباب أهل الجنّة أبي عبدالله الحسين عليه السّلام يقول له:
يا أبا عبدالله، أما واللهِ ما أمسى على وجه الأرض قريبٌ ولا بعيد أعزَّ ولا أحبَّ إليّ منك، ولو قَدِرتُ على أن أدفَعَ عنك الضيمَ أو القتل بشيءٍ أعزَّ علَيّ من نفسي ودمي لَفَعلتُ. السلام عليك يا أبا عبدالله، أشهَدُ أنّي على هُداك وهُدى أبيك.
ثمّ مضى بالسيف نحوَهم،.. فقاتل حتّى استُشهِد(4).
وهكذا كان أصحاب الإمام الحسين صلوات الله عليه، يتقدّمون إلى المنيّة وكأنّها غايتُهم وقد طابت لهم بين يَدَي إمامهم وسيّدهم سيّدِ الشهداء سلام الله عليه.. وهم هكذا يصورّ الشاعر حالَهم وحالَه عليه السّلام:

كـأنّـي بـه فـي ثُلّةٍ مِـن رجـالِهِ   كمـا حُفَّ بالليثِ الأُسـودُ الحَـوارِدُ
إذا اعتَقَلوا سُمْـرَ الـرمـاحِ وجَرَّدوا   سيُـوفـاً أعـارَتْها البطونُ الأسـاوِدُ
فليـس لـها إلاّ الصـدورَ مـراكـزٌ   وليـس لـها إلاّ الـنحـورَ مَغـامِـدُ
يُلاقُـون شـدّاتِ الكُـمـاةِ بـأنْفُـسٍ   إذا غَضِبتْ هـانَتْ عليـها الشـدائـدُ
إلى أن ثَوَوا فـي التُّربِ صرعى كأنّهم   نخيـلٌ أمــالَتْـهُنّ أيـدٍ عَـواضِـدُ
أولئك أربـابُ الحِفـاظِ سَمَـتْ بِهِـم   إلى الغايةِ القُصوى النفوسُ المَواجِدُ(5)

فسلام الله عزّوجلّ على أولئك الشهداء الأبرار، وسلام الإمام المهديّ عليهم أيضاً ما توالى الليلُ والنهار، حيث يقول في زيارته لهم:

السلام على عابسِ بن أبي شبيبٍ الشاكريّ. السلامُ على شَوْذَبٍ مولى شاكر...
السلام عليكم يا خير أنصار، السلام عليكم بما صَبَرتُم فنِعْمَ عُقبى الدار، بوّأكُمُ اللهُ مُبَوّأَ الأبرار..(6).

----------------
1 ـ الحدائق الورديّة للمحليّ 207.
2 ـ ذكره الطبريّ في ( تاريخه 443:5 ـ 444 )، والشيخ الطوسيّ في ( رجاله 75 )، والخوارزميّ في ( مقتل الحسين عليه السّلام 22:2 )، والشيخ المجلسيّ في ( بحار الأنوار 28:45 ـ 29 ، 73 ).. فيما سمّاه الشيخ الطبرسيّ في ( إعلام الورى بأعلام الهدى 45 ): شَوْذان. وذكره أيضاً: الشيخ محمّد السماويّ في كتابه ( إبصار العين في أنصار الحسين عليه السّلام 76 ).. وآخرون.
3 ـ تاريخ الطبريّ 254:5 ؛ بحار الأنوار 28:45 ـ 29، عن محمّد بن أبي طالب؛ الإرشاد للشيخ المفيد 238؛ إبصار العين 76؛ العيون العبرى في مقتل سيد الشهداء للسيّد إبراهيم الميانجيّ 135.
4 ـ بحار الأنوار 29:45 ؛ تاريخ الطبريّ 254:6 ؛ العيون العبرى 135 ـ 136.
5 ـ من قصيدة للشيخ شرف الدين جعفر الخطيّ البحرانيّ ـ الدرّ النضيد في مراثي السبط الشهيد، للسيّد محسن الأمين 131 ـ 132.
6 ـ إقبال الأعمال للسيّد ابن طاووس 577.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية