شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

جابر بنُ الحجاج التَّيمْيّ

1 المشاركات 05.0 / 5

الحجج البالغة

سعى الإمام الحسين عليه السّلام قبل أن تقع معركة طفّ كربلاء.. أن يُتمّ كلَّ الحجج البالغة على جيش عبيدالله بن زياد، بل وعلى قائدهم في تلك الساحة عمر بن سعد.. فخطب صلوات الله عليه، وكان فيما قاله:
أيُّها الناس، اسمَعوا قولي ولا تَعجَلوا حتّى أعِظَكم بما هو حقٌّ لكم علَيّ، وحتّى أعتذرَ إليكم مِن مَقْدَمي عليكم..(1)
وكانت له سلام الله عليه خُطَبُه، إلاّ أنّ القوم أقبلوا يزحفون نحوه ليقاتلوه، وكأنّهم كما وصفهم الأديب الشاعر:

وقـامَ لســانُ اللهِ يخطـبُ واعظـاً   فصُمُّوا لِمـا عن قُدْسِ أنـوارِه عَمُـوا
وقـال: آنسبوني مَن أنَا اليومَ وانظُروا   حـلالٌ لكم منّـي دَمـي، أم مُحَـرَّمُ ؟
فـمـا وَجَـدوا إلاّ السِّـهـامَ بنحـرِهِ   تُـراشُ جوابـاً، والعـوالي تُقَـوَّمُ(2)

واستدعى سيّدُ شباب أهل الجنّة عليه السّلام عمرَ بن سعد يُحاججه؛ ليوقفَه هو وأصحابه على بيّنةٍ من الأمور، فدُعي له عمرُ وكان كارهاً لا يُحبّ أن يأتيه، فقال له الإمام الحسين عليه السّلام:

ـ أيْ عمر! أتزعمُ أنّك تقتلُني ويُولّيك الدعيُّ بلادَ الريّ وجُرجان! واللهِ لا تتهنّأ بذلك، عهدٌ معهود، فاصنَعْ ما أنت صانع، فإنّك لا تَفرحُ بعدي بدنيا ولا آخرة، وكأنّي برأسك على قصبةٍ يتراماه الصبيانُ بالكوفة ويتّخذونه غَرَضاً بينهم!
فصرف عمر بن سعد بوجهه عنه مغضباً(3).

لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيّاً   ولكنْ لا حياةَ لِمَن تُنادي!

      

الالتحام

وبعد سُوَيعة تقدّم عمر بن سعد نحو عسكر الإمام الحسين عليه السّلام ورمى بسهمٍ وقال: اشَهدوا لي عند الأمير ( أي عبيدالله ) أنّي أوّلُ مَن رمى! ثمّ رمى أصحابُه، فكان أن أُصيب أصحاب الإمام الحسين عليه السّلام.. حتّى وقع العديد منهم، فاستنهضهم سيّدُ الشهداء سلام الله عليه للموت الذي لابدّ منه، فقاموا على جراحهم وحملوا حملةً واحدة، كان نتيجتها خمسين شهيداً(4).

يـا ليتَـني كنتُ الفِـداءَ لأنْفُسٍ   فَدَتِ آبـنَ بنتِ نبيِّها بحيـاتـها
ولَكَم مَرَرْتُ بكـربـلا مُتمثِّـلاً   شهداءَها صرعى على رَبَواتِها!
فوَقَفتُ واستَوقَفتُ فيها عُصـبةً   وَقَفوا نَواظرَهم على عَبَراتِها(5)

        

جابر

وكان في جملة شهداء الحملة الأولى يومَ عاشوراء: جابر بن الحجّاج، مولى عامر بن نَهْشل التَّيْميّ ـ تَيم الله بن ثعلبة، وكان رجلاً شهماً وفارساً شجاعاً(6).
قال بعض المؤرّخين: حَضَر جابرُ بن الحجّاج مع الإمام الحسين عليه السّلام في كربلاء، وقُتل بين يديه، وكانت شهادته قبل الظهر في الحملة الأولى(7).
فرضوان الله تعالى عليه في المخلصين الأوفياء، وفي المجاهدين السعداء، وفي زمرة الأصحاب الشهداء، الذين نزورهم بهذه العبارات الجليلة المجلِّلة:
السلامُ على الأرواح المُنيخة بقبرِ أبي عبدِالله الحسينِ عليه السّلام، السلامُ عليكم يا طاهرينَ مِن الدَّنَس، السلامُ عليكم يا مَهْدِيّين، السلامُ عليكم يا أبرارَ الله، السلامُ عليكم وعلى الملائكةِ الحافّين بقبورِكم أجمعين. جَمَعَنا اللهُ وإيّاكُم في مُسْتَقرِّ رحمتهِ، وتحتَ عرشِه، إنه أرحمُ الراحمين، والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه(8).

---------------
1 ـ تاريخ الطبريّ 242:6 ؛ زهر الآداب للحصريّ 62:1.
2 ـ من قصيدةٍ للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ـ قمر بن هاشم للسيّد عبدالرزّاق المقرّم.
3 ـ مقتل الحسين عليه السّلام للخوارزميّ 8:2 ؛ مقتل العوالم للشيخ عبدالله البحرانيّ 84؛ تظلّم الزهراء عليها السّلام للحائريّ 110.
4 ـ الخطط المقريزيّة 287:2 ؛ اللهوف في قتلى الطفوف للسيّد ابن طاووس 43 ـ 44؛ بحار الأنوار للشيخ المجلسيّ 12:45 ـ عن محمّد بن أبي طالب؛ مقتل العوالم 84.
5 ـ من قصيدةٍ للشيخ عبدالحسين الأعسم ـ الدرّ النضيد في مراثي السبط الشهيد للسيّد محسن الأمين العامليّ 61 ـ 62.
6 ـ إبصار العين في أنصار الحسين عليه السّلام للشيخ محمّد السماويّ 112.
7 ـ الحدائق الورديّة للمحليّ 211.
8 ـ من زيارةٍ للإمام الحسين عليه السّلام في النصف من رجب ـ كتب الزيارات.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية